-
«وقت القبول»نبوة اشعيا — نور لكل الجنس البشري الجزء ٢
-
-
«وقت القبول»
١، ٢ (أ) اية بركة تمتع بها اشعيا؟ (ب) مَن هم المشمولون بالكلمات النبوية المسجَّلة في النصف الاول من اشعياء الاصحاح ٤٩؟
لطالما تمتع جميع البشر الامناء برضى اللّٰه وحمايته. لكنَّ يهوه لا يمنح رضاه عشوائيا. فيجب ان يتأهل الشخص ليحصل على هذه البركة الفريدة. كان اشعيا احد الاشخاص الذين حصلوا عليها. فقد نال حظوة لدى اللّٰه، واستخدمه يهوه لإخبار الآخرين بمشيئته. وأحد الامثلة لنيل حظوة كهذه مسجَّل في النصف الاول من الاصحاح ٤٩ من نبوة اشعيا.
٢ هذه الكلمات موجَّهة نبويا الى نسل ابراهيم. وفي الاتمام الاولي، هذا النسل هو امة اسرائيل التي تحدَّرت من ابراهيم. ولكن من الواضح ان الكثير من التعابير ينطبق على نسل ابراهيم الذي طال انتظاره: المسيَّا الموعود به. وتنطبق الكلمات الملهمة ايضا على اخوة المسيَّا الروحيين، الذين صاروا جزءا من نسل ابراهيم الروحي ومن «اسرائيل اللّٰه». (غلاطية ٣:٧، ١٦، ٢٩؛ ٦:١٦) وهذا الجزء من نبوة اشعيا يصف خصوصا العلاقة المميزة التي تربط يهوه بابنه الحبيب يسوع المسيح. — اشعياء ٤٩:٢٦.
معيَّن ومحميّ من يهوه
٣، ٤ (أ) ايّ دعم يلاقيه المسيَّا؟ (ب) الى مَن يتحدث المسيَّا؟
٣ يحظى المسيَّا بقبول اللّٰه او رضاه. ويعطيه يهوه السلطة وأوراق الاعتماد اللازمة ليتمِّم مهمته. لذلك من الملائم ان يقول المسيَّا المستقبلي: «اسمعي لي ايتها الجزائر واصغوا ايها الامم من بعيد. الرب من البطن دعاني. من احشاء امي ذكر اسمي». — اشعياء ٤٩:١.
٤ هنا يوجِّه المسيَّا ملاحظاته الى شعوب من «بعيد». فمع ان الشعب اليهودي هو مَن وُعد بالمسيَّا، ستتبارك بخدمته جميع الامم. (متى ٢٥:٣١-٣٣) وينبغي ‹للجزائر والامم›، مع انها ليست في عهد مع يهوه، ان تصغي الى مسيَّا اسرائيل لأنه أُرسل لخلاص جميع البشر.
٥ كيف يسمّى المسيَّا حتى قبل ولادته كإنسان؟
٥ تقول النبوة ان يهوه سيسمِّي المسيَّا قبل ولادته كإنسان. (متى ١:٢١؛ لوقا ١:٣١) ويسوع، قبل وقت طويل من ولادته، دعي اسمه «عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام». (اشعياء ٩:٦) ويتبيَّن ايضا ان الاسم عمانوئيل، على الارجح اسم ابنٍ لإشعيا، هو اسم نبوي للمسيَّا. (اشعياء ٧:١٤؛ متى ١:٢١-٢٣) حتى الاسم الذي سيُعرف به المسيَّا — يسوع — يُنبَأ به قبل ولادته. (لوقا ١:٣٠، ٣١) وهذا الاسم يُشتق من كلمة عبرانية تعني «يهوه خلاص». فمن الواضح ان يسوع لم يعيِّن نفسه مسيحا.
٦ بأية طريقة يكون فم المسيَّا كسيف حاد، وكيف يُخفى المسيَّا او يخبَّأ؟
٦ تمضي كلمات المسيَّا النبوية قائلة: «وجعل فمي كسيف حاد. في ظل يده خبَّأني وجعلني سهما مبريًّا. في كِنانته اخفاني». (اشعياء ٤٩:٢) عندما يبدأ مسيَّا يهوه، يسوع، بخدمته الارضية سنة ٢٩ بم، يتبيَّن فعلا ان كلماته وأعماله هي كالاسلحة الحادة والمبريّة، اذ انها قادرة على التأثير في قلوب سامعيه تأثيرا قويا. (لوقا ٤:٣١، ٣٢) وتثير كلماته وأعماله غضب عدو يهوه الكبير، الشيطان، وعملائه. ومن وقت ولادة يسوع يحاول الشيطان قتله، لكنَّ يسوع هو كالسهم المخفى في كِنانة يهوه، اي جعبة سهامه.a فيمكنه ان يعتمد على حماية ابيه الاكيدة. (مزمور ٩١:١؛ لوقا ١:٣٥) وفي الوقت المعيَّن، يبذل يسوع حياته من اجل الجنس البشري. ولكن سيحين الوقت الذي يخرج فيه يسوع كمحارب سماوي جبار مسلَّح بمعنى مختلف: سيف ماضٍ يخرج من فمه. وهذه المرة يمثِّل السيف الماضي سلطة يسوع ان يتلفظ بالاحكام ضد اعداء يهوه وينفذها. — كشف ١:١٦.
جهود خادم اللّٰه لا تذهب سدى
٧ على مَن تنطبق كلمات يهوه في اشعياء ٤٩:٣، ولماذا؟
٧ والآن يتفوَّه يهوه بهذه الكلمات النبوية: «انت عبدي [«خادمي»، عج] اسرائيل الذي به اتمجد». (اشعياء ٤٩:٣) يشير يهوه الى امة اسرائيل بصفتها عبده او خادمه. (اشعياء ٤١:٨) لكنَّ يسوع المسيح هو خادم اللّٰه الابرز. (اعمال ٣:١٣) ولا احد من مخلوقات اللّٰه يقدر ان يعكس ‹مجد› يهوه افضل من يسوع. لذلك، مع ان هذه الكلمات موجَّهة حرفيا الى اسرائيل، فانطباقها الاساسي هو على يسوع. — يوحنا ١٤:٩؛ كولوسي ١:١٥.
٨ كيف يتجاوب شعب المسيَّا معه، ولكن الى مَن يتطلع المسيَّا للحكم بمسألة نجاحه؟
٨ ولكن أليس صحيحا ان يسوع احتقره ورفضه معظم شعبه؟ بلى. فغالبية امة اسرائيل لا تعترف بيسوع خادما معيَّنا من اللّٰه. (يوحنا ١:١١) وكل ما يفعله يسوع على الارض قد يبدو تافها او عديم القيمة في نظر معاصريه. وهذا الفشل الظاهري في خدمته تلمِّح اليه الكلمات التالية التي يتفوَّه بها المسيَّا: «عبثا تعبتُ باطلا وفارغا افنيتُ قدرتي». (اشعياء ٤٩:٤ أ) لكنَّ المسيَّا لا يقول ذلك لأنه تثبَّط. تأملوا في ما يقوله بعد ذلك: «لكنَّ حقي [«حكمي»، يس] عند الرب وعملي [«أجري»، يج] عند الهي». (اشعياء ٤٩:٤ ب) فاللّٰه، لا البشر، هو الذي يحكم بمسألة نجاح المسيَّا.
٩، ١٠ (أ) ما هو تفويض يهوه الى المسيَّا، وأية نتائج يحققها؟ (ب) كيف يمكن ان يتشجع المسيحيون اليوم باختبارات المسيَّا؟
٩ يهتم يسوع خصوصا بحيازة رضى اللّٰه، اي قبوله. ففي النبوة يقول المسيَّا: «والآن قال الرب جابلي من البطن عبدا له لإرجاع يعقوب اليه فينضم اليه اسرائيل فأتمجد في عيني الرب وإلهي يصير قوتي». (اشعياء ٤٩:٥) يأتي المسيَّا ليعيد قلوب بني اسرائيل الى ابيهم السماوي. ولا يتجاوب إلا القليل منهم. لكنَّ اجره الحقيقي عند يهوه اللّٰه. فنجاحه لا يقاس حسب شروط البشر، بل حسب معايير يهوه.
١٠ واليوم، قد يشعر أتباع يسوع احيانا بأنهم يتعبون عبثا. فقد تبدو نتائج خدمتهم في بعض الاماكن ضئيلة مقارنةً بمقدار العمل والجهد المبذول. ومع ذلك يحتملون، متشجعين بمثال يسوع. ويتقوون ايضا بكلمات الرسول بولس الذي كتب: «إذًا، يا إخوتي الأحباء، كونوا راسخين، غير متزعزعين، مشغولين جدا بعمل الرب كل حين، عالمين أن كدكم ليس عبثا في الرب». — ١ كورنثوس ١٥:٥٨.
‹نور للامم›
١١، ١٢ كيف كان المسيَّا «نورا للامم»؟
١١ في نبوة اشعيا، يشجِّع يهوه المسيَّا بتذكيره ان كونه خادما للّٰه ‹ليس امرا تافها› (ع ج). فيجب على يسوع ان ‹يقيم اسباط يعقوب ويرد محفوظي اسرائيل›. ويمضي يهوه موضحا: «جعلتك نورا للامم لتكون خلاصي الى اقصى الارض». (اشعياء ٤٩:٦) فكيف يكون يسوع نورا للشعوب «الى اقصى الارض» فيما اقتصرت خدمته الارضية على اسرائيل؟
١٢ يُظهر سجل الكتاب المقدس ان ‹نور اللّٰه للامم› لم ينطفئ برحيل يسوع عن المسرح الارضي. فبعد نحو ١٥ سنة من موت يسوع، اقتبس المرسَلان بولس وبرنابا كلمات النبوة في اشعياء ٤٩:٦ وطبَّقاها على تلاميذ يسوع، اخوته الروحيين. اوضحا قائلَين: «بهذه الكلمات أوصانا يهوه: ‹قد أقمتك نورا للأمم، لتكون خلاصا إلى أقصى الأرض›». (اعمال ١٣:٤٧) ورأى بولس، قبل موته، بشارة الخلاص متوفرة لا لليهود فقط، بل ايضا لـ «كل الخليقة التي تحت السماء». (كولوسي ١:٦، ٢٣) واليوم، تواصل بقية اخوة المسيح الممسوحين هذا العمل. وبدعم «جمع كثير» يبلغ عددهم الملايين، يخدمون ‹كنور للامم› في اكثر من ٢٣٠ بلدا حول العالم. — كشف ٧:٩.
١٣، ١٤ (أ) ايّ رد فعل للعمل الكرازي واجهه المسيَّا وأتباعه؟ (ب) ايّ تغيُّر في الاوضاع حدث؟
١٣ لقد كان يهوه فعلا مانح القوة الداعمة لخادمه المسيَّا، اخوة المسيَّا الممسوحين، وجميع افراد الجمع الكثير الذين يواصلون معهم عمل الكرازة بالبشارة. حقا، ان تلاميذ يسوع تعرَّضوا كسيدهم للاستهزاء والمقاومة. (يوحنا ١٥:٢٠) لكنَّ يهوه، في وقته المعين، يجعل دائما الاوضاع تتغير ليخلّص خدامه الاولياء ويكافئهم. وعن المسيَّا، الذي هو «مهان النفس» و «مكروه الامة»، يعد يهوه: «ينظر ملوك فيقومون. رؤساء فيسجدون. لأجل الرب الذي هو امين وقدوس اسرائيل الذي قد اختارك». — اشعياء ٤٩:٧.
١٤ كتب الرسول بولس لاحقا الى المسيحيين في فيلبي عن هذا التغيُّر المنبإ به في الاوضاع. فقد قال عن يسوع انه أُذلّ على خشبة آلام، لكنَّ اللّٰه رفَّعه لاحقا. وأعطى يهوه خادمه ‹مركزا أعلى وأنعم عليه بالاسم الذي يعلو كل اسم آخر، لكي تنحني باسم يسوع كل ركبة›. (فيلبي ٢:٨-١١) وحُذِّر أتباع المسيح الامناء من اضطهادات ستأتي عليهم هم ايضا. لكنهم كالمسيَّا متيقنون من حيازتهم قبول يهوه. — متى ٥:١٠-١٢؛ ٢٤:٩-١٣؛ مرقس ١٠:٢٩، ٣٠.
«الوقت المقبول خصوصا»
١٥ ايّ «وقت» خصوصي يؤتى على ذكره في نبوة اشعيا، وإلى ماذا يشير ضمنا؟
١٥ بعد ذلك تذكر نبوة اشعيا هذا الكلام البالغ الاهمية. يقول يهوه للمسيَّا: «في وقت القبول استجبتك وفي يوم الخلاص اعنتك. فأحفظك وأجعلك عهدا للشعب». (اشعياء ٤٩:٨ أ) هنالك نبوة مماثلة مسجلة في المزمور ٦٩:١٣-١٨. ويشير صاحب المزمور الى ‹وقت قبول› باستعمال عبارة «وقت رضى». وتشير هاتان العبارتان ضمنا الى ان قبول يهوه وحمايته يُمنَحان بطريقة خصوصية، انما فقط خلال فترة محددة ووقتية.
١٦ ماذا كان وقت قبول يهوه بالنسبة الى اسرائيل القديمة؟
١٦ ومتى كان وقت القبول هذا؟ كانت هاتان الكلمتان في الاصل جزءا من نبوة ردّ، وأنبأتا بعودة اليهود من السبي. وقد شهدت امة اسرائيل وقت قبول حين تمكنوا من ‹استرداد الارض› وإعادة تملُّك ما لهم من ‹املاك داهمها الدمار›. (اشعياء ٤٩:٨ ب، تف) فلم يعودوا «اسرى» في بابل. وخلال رحلة العودة الى موطنهم، حرص يهوه ألا ‹يجوعوا› او ‹يعطشوا› او «يضربهم حر ولا شمس». وجرى الاسرائيليون المشتَّتون العائدون الى موطنهم «من بعيد . . . من الشمال ومن المغرب». (اشعياء ٤٩:٩-١٢) ولكن رغم هذا الاتمام الاولي المذهل، يُظهر الكتاب المقدس ان هنالك انطباقات واسعة لهذه النبوة.
١٧، ١٨ ايّ وقت قبول عيَّنه يهوه في القرن الاول؟
١٧ اولا، في وقت ولادة يسوع، هتف ملائكة بالسلام وبرضى يهوه نحو الناس. (لوقا ٢:١٣، ١٤) ولم يُمنح هذا الرضى للناس عموما، بل فقط للذين مارسوا الايمان بيسوع. ولاحقا، قرأ يسوع علنا النبوة في اشعياء ٦١:١، ٢ وطبَّقها على نفسه كمنادٍ «بسنة يهوه المقبولة». (لوقا ٤:١٧-٢١) وقال الرسول بولس عن المسيح انه نال حماية خصوصية من يهوه في ايام جسده. (عبرانيين ٥:٧-٩) اذًا ينطبق وقت القبول هذا على رضى يهوه على يسوع خلال حياته كإنسان.
١٨ ولكن هنالك انطباق آخر لهذه النبوة. فبعدما اقتبس بولس كلمات اشعيا بشأن وقت القبول، مضى قائلا: «هوذا الآن الوقت المقبول خصوصا. هوذا الآن يوم الخلاص». (٢ كورنثوس ٦:٢) كتب بولس هذه الكلمات بعد ٢٢ سنة من موت يسوع. ومن الواضح ان يهوه، بولادة الجماعة المسيحية في يوم الخمسين من سنة ٣٣ بم، اطال سنة القبول هذه لتشمل أتباع المسيح الممسوحين.
١٩ كيف يمكن ان يستفيد المسيحيون اليوم من وقت قبول يهوه؟
١٩ وماذا عن أتباع يسوع اليوم الذين ليسوا ممسوحين كورثة لملكوت اللّٰه السماوي؟ هل بإمكان هؤلاء، ذوي الرجاء الارضي، ان يستفيدوا من هذا الوقت المقبول؟ نعم. فسفر الكشف في الكتاب المقدس يُظهر انه الآن وقت قبول ورضى من جهة يهوه نحو الجمع الكثير الذين سيأتون «من الضيق العظيم» ليتمتعوا بالحياة على ارض فردوسية. (كشف ٧:١٣-١٧) اذًا بإمكان جميع المسيحيين ان يستفيدوا من هذه الفترة المحدودة التي فيها يعرب يهوه عن رضاه وقبوله للبشر الناقصين.
٢٠ كيف يمكن للمسيحيين ان يتجنبوا إخطاء القصد من نعمة يهوه؟
٢٠ ثمة تحذير ذكره الرسول بولس قبل اعلان وقت يهوه المقبول. فقد ناشد المسيحيين ‹ألا يقبلوا نعمة اللّٰه ويخطئوا القصد منها›. (٢ كورنثوس ٦:١) لذلك يستفيد المسيحيون من كل فرصة سانحة لإرضاء اللّٰه وفعل مشيئته. (افسس ٥:١٥، ١٦) ويحسن بهم اتِّباع تحذير بولس: «احترزوا، أيها الإخوة، لئلا ينشأ في أحدكم قلب شرير عديم الإيمان بالابتعاد عن اللّٰه الحي؛ بل واظبوا على حث بعضكم بعضا كل يوم، ما دام يدعى ‹اليوم›، لئلا يقسى أحد منكم بالقوة الخادعة للخطية». — عبرانيين ٣:١٢، ١٣.
٢١ بأيّ كلام مفرح يُختتم الجزء الاول من اشعياء الاصحاح ٤٩؟
٢١ مع انتهاء العبارات النبوية بين يهوه ومسيَّاه، يتلفظ اشعيا بكلام مفرح: «ترنمي ايتها السموات وابتهجي ايتها الارض لِتُشِد الجبال بالترنم لأن الرب قد عزَّى شعبه وعلى بائسيه يترحم». (اشعياء ٤٩:١٣) فما اجمل كلمات التعزية هذه للاسرائيليين القدماء ولخادم يهوه العظيم، يسوع المسيح، وكذلك لخدام يهوه الممسوحين ورفقائهم ‹الخراف الاخر› اليوم! — يوحنا ١٠:١٦ .
-
-
«وقت القبول»نبوة اشعيا — نور لكل الجنس البشري الجزء ٢
-
-
[الصورة في الصفحة ١٣٩]
المسيَّا هو ‹كسهم مبري› في كِنانة يهوه
-