-
القيادة الجيدة: اين يمكن ايجادها؟برج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ آذار (مارس)
-
-
القيادة الجيدة: اين يمكن ايجادها؟
«كل بيت يبنيه احد، ولكن باني كل شيء هو اللّٰه»، يذكر الكتاب المقدس. (عبرانيين ٣:٤؛ كشف ٤:١١) وبما ان الاله الحقيقي يهوه هو خالقنا، فإنه «يعرف جبلتنا». (مزمور ١٠٣:١٤) وهو على علم تام بضعفاتنا وحاجاتنا. ولأنه اله محب، فهو يرغب في اشباع هذه الحاجات. (مزمور ١٤٥:١٦؛ ١ يوحنا ٤:٨) وهي تشمل الحاجة الى القيادة الجيدة.
اعلن يهوه بواسطة النبي اشعيا: «هاءنذا جعلته للشعوب شاهدا للشعوب قائدا وآمرا». (اشعياء ٥٥:٤، الترجمة اليسوعية الجديدة) فالحل للأزمة القيادية التي نشهدها اليوم يشمل تحديد هوية هذا القائد المعيَّن مباشرة من الاله الكلّي القدرة وقبول قيادته. اذًا، مَن هو هذا القائد والآمر المنبأ به؟ ما هي اوراق اعتماده كقائد؟ الى اين يقودنا؟ وماذا يجب ان نفعل للاستفادة من قيادته؟
ظهور القائد الموعود به
قبل نحو ٥٠٠,٢ سنة، ظهر الملاك جبرائيل للنبي دانيال وأخبره: «اعلم وافهم انه من خروج الامر لتجديد اورشليم وبنائها الى المسيح الرئيس [«المسيَّا القائد»، عج] سبعة اسابيع واثنان وستون اسبوعا يعود ويبنى سوق وخليج في ضيق الازمنة». — دانيال ٩:٢٥.
من الواضح ان الملاك كان يُعِلم دانيال بالوقت المحدد لمجيء القائد الذي اختاره يهوه. ‹فالمسيَّا القائد› سيظهر في نهاية ٦٩ اسبوعا او ٤٨٣ سنة، ابتداء من سنة ٤٥٥ قم حين خرج الامر لتجديد اورشليم.a (نحميا ٢:١-٨) وماذا حدث في نهاية هذه الفترة؟ يروي لوقا، احد كتبة الاناجيل: «في السنة الخامسة عشرة من ملك القيصر طيباريوس، حين كان بنطيوس بيلاطس حاكما على اليهودية، وهيرودس حاكم اقليم على الجليل [٢٩ بم]، . . . كان اعلان اللّٰه الى يوحنا بن زكريا في البرية. فجاء الى كل الكورة المحيطة بالأردن، يكرز بالمعمودية رمزا الى التوبة لمغفرة الخطايا». وفي ذلك الوقت، «كان الشعب في ترقب» للمسيَّا القائد. (لوقا ٣:١-٣، ١٥) ورغم ان الجموع جاءت الى يوحنا، لم يكن هو هذا القائد.
بعد ذلك، جاء يسوع الناصري الى يوحنا نحو تشرين الاول (اكتوبر) سنة ٢٩ بم ليعتمد منه. وشهد يوحنا قائلا: «رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء، واستقر عليه. حتى انا لم اكن اعرفه، لكن الذي ارسلني لأعمِّد بماء هو قال لي: ‹مَن ترى الروح نازلا ومستقرا عليه، فهذا هو الذي يعمد بروح قدس›. وأنا رأيت ذلك، وشهدت ان هذا هو ابن اللّٰه». (يوحنا ١:٣٢-٣٤) فعندما اعتمد يسوع اصبح القائد الممسوح — المسيَّا او المسيح.
نعم، لقد تبيَّن ان ‹قائد وآمر الشعوب› هو يسوع المسيح. وعندما نتأمل في صفاته كقائد، سرعان ما ندرك ان قيادته تفوق الى حد بعيد المتطلبات العصرية للقائد المثالي.
المسيَّا — قائد مثالي
ان القائد الكفؤ يمنح الناس الذين يرعاهم توجيهات واضحة ويساعدهم ان يملكوا شخصيا القوة والتصميم اللازمين ليتمكنوا من حلّ مشاكلهم بنجاح. ‹فهذا مطلب اساسي للقائد الناجح في القرن الـ ٢١›، كما يقول كتاب القيادة في القرن الـ ٢١: حوار مع ١٠٠ من افضل القادة (بالانكليزية). ويا لفعالية يسوع في إعداد سامعيه لمعالجة الحالات اليومية! تأملوا في اشهر محاضرة له — الموعظة على الجبل. ان الكلمات المسجلة في متى، الاصحاحات ٥ الى ٧ غنية بالنصائح العملية.
على سبيل المثال، تأملوا في نصيحة يسوع المتعلقة بحلّ الخلافات الشخصية. قال: «اذا كنت تُحضِر قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لأخيك شيئا عليك، فاترك قربانك هناك امام المذبح واذهب؛ صالح اخاك اولا، وحينئذ ارجع وقدم قربانك». (متى ٥:٢٣، ٢٤) انّ اخذ المبادرة في صنع السلام مع الآخرين يأتي في المقام الاول. فهو اهمّ حتى من تأدية واجب ديني كتقديم القرابين الى مذبح الهيكل في اورشليم الذي تطلبته شريعة موسى. وإلا فأعمال العبادة تكون غير مقبولة لدى اللّٰه. ان نصيحة يسوع هذه لا تزال عملية في ايامنا كما كانت قبل قرون.
وساعد يسوع ايضا سامعيه على تجنب شرك الفساد الادبي. فقد حذَّرهم: «سمعتم انه قيل: ‹لا تزن›. اما انا فأقول لكم ان كل من يداوم على النظر الى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه». (متى ٥:٢٧، ٢٨) يا له من تحذير مناسب! فلِمَ نسمح بأن تراودنا افكار نجسة تؤدي بنا الى ارتكاب الزنى؟ قال يسوع انه من القلب تخرج العهارة والزنى. (متى ١٥:١٨، ١٩) اذًا، من الحكمة ان نحفظ قلبنا. — امثال ٤:٢٣.
وتتضمن الموعظة على الجبل ايضا نصائح ممتازة حول محبة المرء لأعدائه، الاعراب عن السخاء، امتلاك نظرة لائقة الى الامور المادية والروحية، وما شابه. (متى ٥:٤٣-٤٧؛ ٦:١-٤، ١٩-٢١، ٢٤-٣٤) كما اظهر يسوع للحاضرين كيف يطلبون مساعدة اللّٰه بتعليمهم كيف يصلّون. (متى ٦:٩-١٣) فالمسيَّا القائد يقوّي اتباعه ويعدّهم لمعالجة المشاكل الشائعة بين الجنس البشري.
وفي هذه الموعظة ايضا، يستهلّ يسوع اقواله ست مرات بعبارة «سمعتم انه قيل» او «قيل ايضا»، ولكنه بعد ذلك يعرض فكرة اخرى بالقول: «اما انا فأقول لكم». (متى ٥:٢١، ٢٢، ٢٧، ٢٨، ٣١-٣٤، ٣٨، ٣٩، ٤٣، ٤٤) وذلك يدل على ان سامعيه اعتادوا التصرف بطريقة معينة، وفقا للتقاليد الفريسية الشفهية. إلا ان يسوع كان يظهر لهم آنذاك طريقة مختلفة — طريقة تُظهِر جوهر الشريعة الموسوية. فكان يُدخِل تغييرا بطريقة تسهِّل على اتباعه قبول هذا التغيير. نعم، دفع يسوع الناس الى صنع تغييرات مدهشة في حياتهم من الناحية الروحية والادبية. وهذه احدى سمات القائد الحقيقي.
ثمة كتاب دراسي حول موضوع الادارة يلفت الانتباه الى صعوبة إحداث تغيير كهذا. يقول: «يحتاج العامل المحدِث للتغيير [القائد] الى حساسية العامل الاجتماعي، بصيرة الاختصاصي في علم النفس، قدرة عدّاء الماراثون على الاحتمال . . .، الاعتماد على النفس الذي يتصف به الناسك، والصبر الذي يعرب عنه القديس. إلا ان نجاحه ليس مضمونا حتى لو تحلّى بكل هذه الصفات».
«على القادة ان يتصرفوا كما يودّون ان يتصرف اتباعهم»، هذا ما ذكرته مقالة بعنوان «القيادة: هل ميزات الشخصية مهمة؟» (بالانكليزية). حقا، ان القائد الجيد يمارس ما يعظ به. وكم انطبق ذلك على يسوع المسيح! نعم، علَّم يسوع الذين معه ان يكون متواضعين، ولكنه لقَّنهم ايضا درسا عمليا بغسل اقدامهم. (يوحنا ١٣:٥-١٥) ولم يرسل تلاميذه للكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه فحسب، بل ايضا بذل نفسه بنشاط في هذا العمل. (متى ٤:١٨-٢٥؛ لوقا ٨:١-٣؛ ٩:١-٦؛ ١٠:١-٢٤؛ يوحنا ١٠:٤٠-٤٢) كما رسم يسوع المثال في مسألة اتباع القيادة. قال عن نفسه: «لا يقدر الابن ان يعمل شيئا من تلقاء ذاته، إلا ما يرى الآب يعمله». — يوحنا ٥:١٩.
ان هذا التأمل في ما قاله وفعله يسوع يُظهِر بوضوح انه القائد المثالي. وفي الواقع، ان ما يتحلى به يفوق كل المقاييس البشرية للقيادة الجيدة. فيسوع شخص كامل. وهو ايضا ابدي اذ نال الخلود بعد موته وقيامته. (١ بطرس ٣:١٨؛ كشف ١:١٣-١٨) فأيّ قائد بشري يمكن ان يضاهيه في هذه المؤهلات؟
ماذا يجب ان نفعل؟
كملك في ملكوت اللّٰه، سيغدق المسيَّا القائد البركات على البشر الطائعين. تعد الاسفار المقدسة: «الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر». (اشعياء ١١:٩) «الودعاء . . . يرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة». (مزمور ٣٧:١١) «يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون مَن يرعب». (ميخا ٤:٤) «اللّٰه نفسه يكون معهم. وسيمسح كل دمعة من عيونهم، والموت لا يكون في ما بعد، ولا يكون نوح ولا صراخ ولا وجع في ما بعد. فالأمور السابقة قد زالت». — كشف ٢١:٣، ٤.
يشهد العالم اليوم ازمة قيادية. إلا ان يسوع المسيح يقود الودعاء الى عالم جديد سلمي حيث يتّحد البشر الطائعون في عبادة يهوه اللّٰه ويتقدمون نحو الكمال. فكم هو حيوي ان نقضي الوقت في نيل المعرفة عن الاله الحقيقي وعن القائد الذي عيَّنه ونعمل بانسجام مع هذه المعرفة! — يوحنا ١٧:٣.
ان احدى الطرائق الفضلى لإظهار التقدير لشخص ما هي الاقتداء به. أفلا ينبغي لنا الاقتداء بأعظم قائد في التاريخ البشري، يسوع المسيح؟ فكيف يمكننا ذلك؟ وكيف يؤثر قبول قيادته في حياتنا؟ ستناقش المقالتان التاليتان هذين السؤالين وأسئلة اخرى.
[الحاشية]
a انظروا الصفحات ١٨٦-١٩٢ من كتاب انتبهوا لنبوة دانيال!، اصدار شهود يهوه.
[الصورة في الصفحة ٤]
انبأ دانيال بمجيء القائد الذي اختاره اللّٰه
[الصور في الصفحة ٧]
تعاليم يسوع أعدَّت الناس لمعالجة مشاكل الحياة
[الصورة في الصفحة ٧]
يسوع سيقود البشر الطائعين الى عالم جديد سلمي
-
-
هل تعتبرون المسيح حقا قائدا لكم؟برج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ آذار (مارس)
-
-
هل تعتبرون المسيح حقا قائدا لكم؟
«لا تُدعَوا ‹قادة›، لأن قائدكم واحد، وهو المسيح». — متى ٢٣:١٠.
١ مَن وحده هو قائد المسيحيين الحقيقيين؟
يوم الثلاثاء في ١١ نيسان القمري، زار يسوع المسيح الهيكل للمرة الاخيرة. فبعد ثلاثة ايام كان سيُقتل. وفي ذلك اليوم علَّم يسوع درسا مهمًّا لتلاميذه والجموع المحتشدة هناك. فقد قال: «لا تُدعَوا رابي، لأن معلمكم واحد، وأنتم جميعا اخوة. ولا تَدْعُوا احدا ابا لكم على الارض، لأن اباكم واحد، وهو السماوي. ولا تُدعَوا ‹قادة›، لأن قائدكم واحد، وهو المسيح». (متى ٢٣:٨-١٠) ويتَّضح من هذه الكلمات ان يسوع المسيح هو قائد المسيحيين الحقيقيين.
٢، ٣ كيف يؤثر في حياتنا الاستماع ليهوه وقبول القائد الذي عيَّنه؟
٢ وما اعظم الفوائد التي سنجنيها اذا تبعنا قيادة يسوع في حياتنا! انبأ يهوه اللّٰه عن مجيء هذا القائد عندما اعلن بفم النبي اشعيا: «ايها العطاش جميعا هلموا الى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا [«حليبا»، الترجمة اليسوعية الجديدة]. . . . استمعوا لي استماعا وكلوا الطيب ولتتلذذ بالدسم انفسكم. . . . هوذا قد جعلته شارعا للشعوب رئيسا وموصيا [«قائدا وآمرا»، يج] للشعوب». — اشعياء ٥٥:١-٤.
٣ استخدم اشعيا السوائل الشائعة — الماء، الحليب، والخمر — كاستعارات لإظهار التأثير الذي يتركه في حياتنا الشخصية الاستماع ليهوه واتِّباع القائد والآمر الذي عيَّنه لنا. انه تأثير منعش كشرب كأس ماء باردة في يوم حار. فعطشنا للحق والبر يُروى. وكما يقوّي الحليب الاطفال ويساعدهم على النمو، يقوّينا «حليب الكلمة» ويساعدنا على النمو روحيا في علاقتنا باللّٰه. (١ بطرس ٢:١-٣) ومَن يُنكر ان الخمر تجلب الفرح في الاحتفالات؟! على نحو مماثل، فإن عبادة الاله الحق واتِّباع خطوات القائد الذي عيَّنه لا يجعلاننا ‹إلا فرِحين› في حياتنا. (تثنية ١٦:١٥) فمن الحيوي اذًا ان نُظهِر — صغارا كنا او كبارا، رجالا او نساء — اننا نعتبر المسيح حقا قائدا لنا. ولكن كيف يمكن ان نُظهِر في حياتنا اليومية ان المسيَّا هو قائدنا؟
ايها الاحداث استمروا في ‹التقدّم في الحكمة›
٤ (أ) ماذا حدث عندما زار يسوع اورشليم في الفصح وهو بعمر ١٢ سنة؟ (ب) ما مدى المعرفة التي امتلكها يسوع عندما كان عمره ١٢ سنة؟
٤ تأملوا في المثال الذي رسمه قائدنا للاحداث. صحيح اننا لا نعرف سوى القليل عن طفولة يسوع، لكنَّ حادثة واحدة تكشف الكثير عنه. فعندما كان يسوع بعمر ١٢ سنة، اصطحبه والداه في رحلتهما السنوية للاحتفال بالفصح في اورشليم، حيث دخل في نقاش من الاسفار المقدسة. في هذه الحادثة، غادر والداه اورشليم دون ان ينتبها انه ليس معهما. وبعد ثلاثة ايام، وجد يوسف ومريم القلِقان يسوع في الهيكل، «جالسا وسط المعلمين، يسمعهم ويسألهم». وكان «كل الذين يسمعونه مبهوتين من فهمه وأجوبته». تخيّلوا، لم يكن بإمكان يسوع وهو في الـ ١٢ من عمره ان يطرح اسئلة مثيرة للتفكير حول الامور الروحية فحسب، بل ايضا ان يجيب عن الاسئلة ببراعة. ولا شك ان التدريب الابوي كان خير مساعد له. — لوقا ٢:٤١-٥٠.
٥ كيف يمكن للاحداث تقييم موقفهم من الدرس العائلي في الكتاب المقدس؟
٥ اذا كنتم احداثا يربيهم والدون هم خدام منتذرون للّٰه، فهنالك على الارجح برنامج قانوني لدرس عائلي في الكتاب المقدس في بيتكم. فما هو موقفكم من الدرس العائلي؟ لمَ لا تتأملون في اسئلة كالتالية: ‹هل ادعم من كل قلبي ترتيب درس الكتاب المقدس في عائلتي؟ هل أُظهِر التعاون بعدم فعل شيء يعيق عقد الدرس في وقته المحدَّد؟›. (فيلبي ٣:١٦) ‹هل مشاركتي في الدرس فعّالة؟ عند اللزوم، هل اطرح اسئلة عن مواد الدرس وأعلِّق على انطباقها؟ وفيما اتقدَّم روحيا، هل انمّي شهية «للطعام القوي الذي للناضجين»؟›. — عبرانيين ٥:١٣، ١٤.
٦، ٧ الى ايّ حدّ هو مهم ان يكون لدى الاحداث برنامج يومي لقراءة الكتاب المقدس؟
٦ من المهم ايضا ان يكون لديكم برنامج يومي لقراءة الكتاب المقدس. رنم صاحب المزمور: «طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الاشرار . . . لكن في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج [«يتأمل»، ترجمة تفسيرية] نهارا وليلا». (مزمور ١:١، ٢) كان يشوع، خليفة موسى، ‹يتأمل في سفر الشريعة ليل نهار›. وهذا ما مكَّنه من التصرف بحكمة والنجاح في تنفيذ التعيين الذي اعطاه اياه اللّٰه. (يشوع ١:٨، تف) قال قائدنا يسوع المسيح: «مكتوب: ‹لا يحيَ الانسان بالخبز وحده، بل بكل قول يخرج من فم يهوه›». (متى ٤:٤) فإذا كنا بحاجة الى الطعام الجسدي يوميا، فكم بالاحرى نحتاج الى الطعام الروحي قانونيا!
٧ عندما ادركت نيكول البالغة من العمر ١٣ سنة حاجتها الروحية، ابتدأت تقرأ الكتاب المقدس يوميا.a انها الآن في الـ ١٦ من عمرها، وقد قرأت الكتاب المقدس بكامله مرة واحدة، ووصلت الى نصفه تقريبا في قراءتها الثانية له. وهي تتبع طريقة بسيطة. تقول: «اصمِّم ان اقرأ اصحاحا واحدا على الاقل كل يوم». وكيف تساعدها قراءة الكتاب المقدس يوميا؟ تجيب عن هذا السؤال قائلة: «هنالك اليوم الكثير من العشراء الاردياء. ففي المدرسة وخارجها، اواجه يوميا ضغوطا تمتحن ايماني. وتساعدني قراءة الكتاب المقدس يوميا ان اتذكّر بسرعة وصايا ومبادئ الكتاب المقدس التي تشجِّعني على مقاومة هذه الضغوط. ونتيجة لذلك، اشعر انني اقرب الى يهوه ويسوع».
٨ ماذا اعتاد يسوع ان يفعل في المجمع، وكيف يمكن للاحداث الاقتداء به؟
٨ اعتاد يسوع الاستماع والاشتراك في قراءة الاسفار المقدسة عندما يكون في المجمع. (لوقا ٤:١٦؛ اعمال ١٥:٢١) فكم يستفيد الاحداث عندما يقتدون بمثاله بحضورهم قانونيا الاجتماعات المسيحية، حيث يُقرأ الكتاب المقدس ويُدرَس! يعبِّر ريتشارد البالغ ١٤ سنة من عمره عن تقديره لهذه الاجتماعات قائلا: «الاجتماعات مهمة في نظري. فهناك يجري تذكيري دائما بما هو خير وما هو شر، بما هو فاسد ادبيا وما هو غير فاسد، بما ينسجم مع المثال الذي تركه المسيح وما لا ينسجم. فلست مضطرا ان اكتشف ذلك من اختباري المرير». نعم، ان «شهادات [«مذكِّرات»، عج] الرب صادقة تصيِّر الجاهل حكيما». (مزمور ١٩:٧) ونيكول ايضا مصمِّمة على حضور الاجتماعات الخمسة جميعها كل اسبوع. كما انها تقضي ساعتين او ثلاث في الاستعداد لها. — افسس ٥:١٥، ١٦.
٩ كيف يمكن للاحداث ان يستمروا في ‹التقدم في الحكمة›؟
٩ تتيح فترة الحداثة الفرصة لاكتساب ‹المعرفة عن الإله الحق الوحيد، وعن الذي أرسله، يسوع المسيح›. (يوحنا ١٧:٣) ربما تعرفون احداثا يقضون الكثير من الوقت في قراءة المجلات الهزلية، مشاهدة التلفزيون، اللعب بألعاب الڤيديو، او تصفح المعلومات في الإنترنت. ولكن لماذا تقتدون بهم في حين تستطيعون الاقتداء بمثال قائدكم؟! فعندما كان صبيا، سُرَّ بالتعلم عن يهوه. وماذا كانت النتيجة؟ بسبب محبته للامور الروحية، «استمر . . . يتقدم في الحكمة». (لوقا ٢:٥٢) وهذا ما يمكنكم انتم ايضا ان تفعلوه.
«اخضعوا بعضكم لبعض»
١٠ ماذا يجعل العائلة مصدرا للسلام والسعادة؟
١٠ يمكن ان يكون البيت إما ملاذا للسلام والطمأنينة او ساحة نزاع ومخاصمة. (امثال ٢١:١٩؛ ٢٦:٢١) فستنعم عائلتنا بالسلام والسعادة اذا قبلنا المسيح قائدا لنا. فهو المثال الذي ينبغي ان نحتذي به في علاقاتنا العائلية. تقول الاسفار المقدسة: «اخضعوا بعضكم لبعض في خوف المسيح. لتخضع الزوجات لأزواجهن كما للرب، لأن الزوج رأس زوجته كما ان المسيح ايضا رأس الجماعة، وهو مخلِّص هذا الجسد. . . . ايها الازواج، كونوا دائما محبين لزوجاتكم، كما احب المسيح ايضا الجماعة وأسلم نفسه لأجلها». (افسس ٥:٢١-٢٥) وكتب الرسول بولس الى الجماعة في كولوسي: «ايها الاولاد، اطيعوا والديكم في كل شيء، فهذا مرضي جدا في الرب». — كولوسي ٣:١٨-٢٠.
١١ كيف يُظهِر الزوج انه يعتبر المسيح حقا قائدا له؟
١١ يعني اتِّباع مشورة الكتاب المقدس الآنفة الذكر ان يأخذ الزوج القيادة في العائلة، ان تدعمه زوجته بولاء، وأن يطيع الاولاد والديهم. لكنَّ رئاسة الرجل لا تجلب السعادة إلا اذا مارسها كما يجب. فالزوج الحكيم يجب ان يتعلم كيف يمارس رئاسته تمثلا برأسه وقائده، المسيح يسوع. (١ كورنثوس ١١:٣) فرغم ان يسوع لاحقا صار «رأسا فوق كل شيء للجماعة»، فهو «لم يأتِ» الى الارض «ليُخدم، بل ليَخدم». (افسس ١:٢٢؛ متى ٢٠:٢٨) كذلك، لا يمارس الزوج المسيحي رئاسته من اجل المنفعة الشخصية، بل من اجل الاعتناء بمصالح زوجته وأولاده — نعم، عائلته بكاملها. (١ كورنثوس ١٣:٤، ٥) وهو يسعى الى الاقتداء بالصفات الالهية التي اعرب عنها رأسه يسوع المسيح. فهو كيسوع وديع ومتَّضع القلب. (متى ١١:٢٨-٣٠) وعندما يخطئ، لا يصعب عليه قول عبارات مثل: «انا آسف» او «معك حق». ومثاله الحسن يسهِّل على زوجته ان تكون «معينا»، «مكمِّلا»، و «شريكة» له، متعلِّمة منه وعاملة معه جنبا الى جنب. — تكوين ٢:٢٠، عج؛ ملاخي ٢:١٤، تف.
١٢ ماذا يساعد الزوجة على الاذعان لمبدإ الرئاسة؟
١٢ والزوجة بدورها يجب ان تكون خاضعة لزوجها. ولكنها اذا تأثرت بروح العالم، فستبدأ بالاستخفاف بمبدإ الرئاسة ولن تروق لها فكرة الخضوع لرجل. ان الاسفار المقدسة تطلب من الزوجة الخضوع لزوجها، إلا انها لا تقول للرجل ان يكون مستبدا. (افسس ٥:٢٤) كما يُحمِّل الكتاب المقدس الزوج او الاب مسؤولية العائلة، وتطبيق مشورة الكتاب المقدس يساهم في ترويج السلام والتنظيم في العائلة. — فيلبي ٢:٥.
١٣ ايّ مثال للخضوع رسمه يسوع للاولاد؟
١٣ يجب ان يطيع الاولاد والديهم. وقد رسم يسوع مثالا رائعا في هذا المجال. فبعد الحادثة التي حصلت مع يسوع عندما كان بعمر ١٢ سنة، حين تُرك ثلاثة ايام في الهيكل، «نزل مع [والديه] وجاء الى الناصرة، وبقي خاضعا لهما». (لوقا ٢:٥١) وخضوع الاولاد لوالديهم يساهم في ترويج السلام والانسجام في العائلة. فالعائلة تنعم بالسعادة عندما يذعن كل فرد فيها لقيادة المسيح.
١٤، ١٥ ماذا يساعدنا على النجاح عندما نواجه ظرفا صعبا في المنزل؟ أعطوا مثالا لذلك.
١٤ حتى عندما تكون هنالك ظروف صعبة في المنزل، فإن مفتاح النجاح هو الاقتداء بيسوع وقبول ارشاده. مثلا، عندما تزوج جيري البالغ من عمره ٣٥ سنة لانا، التي كانت امًّا لفتاة مراهقة، نشأت مشكلة لم يتصور كلاهما قط انها ستنشأ. يوضح جيري: «كنت اعرف ان نجاحي كرأس يتطلب مني ان اطبِّق مبادئ الكتاب المقدس نفسها التي تجلب السعادة في العائلات الاخرى. ولكن سرعان ما اكتشفت ان عليَّ تطبيقها بمزيد من الحكمة والتمييز». فابنة زوجته اعتبرته شخصا ابعدها عن امها واستاءت منه كثيرا. وكان جيري بحاجة الى التمييز ليدرك ان هذا الموقف هو وراء ما تقوله الفتاة وتفعله. وكيف عالج هذه المشكلة؟ يجيب جيري: «اتفقت مع لانا ان تهتم هي في الوقت الحاضر على الاقل بالتأديب، احد اوجه تربية الاولاد، فيما احصر انا اهتمامي في تنمية علاقة جيدة مع الفتاة. وبعد فترة، جلبت هذه الطريقة نتائج جيدة».
١٥ فعندما نواجه ظروفا صعبة في المنزل، يلزمنا التمييز لنعرف لماذا يقول ويفعل افراد العائلة امورا معيَّنة. كما تلزمنا الحكمة لتطبيق المبادئ الالهية كما يجب. مثلا، ميَّز يسوع لماذا لمسته المرأة المصابة بنزف دموي، وعاملها بحكمة ورأفة. (لاويين ١٥:٢٥-٢٧؛ مرقس ٥:٣٠-٣٤) فالحكمة والتمييز هما من مميِّزات قائدنا. (امثال ٨:١٢) وسنكون سعداء اذا اقتدينا به.
«داوموا أولا على طلب الملكوت»
١٦ ماذا ينبغي ان يحتل المركز الرئيسي في حياتنا، وكيف اظهر يسوع ذلك بمثاله؟
١٦ اوضح يسوع بشكل قاطع ماذا ينبغي ان يحتل المركز الرئيسي في حياة الذين يقبلون قيادته. قال: «داوموا أولا على طلب ملكوت [اللّٰه] وبره». (متى ٦:٣٣) وقد اظهر بمثاله كيف نفعل ذلك. فعند نهاية فترة الـ ٤٠ يوما التي قضاها بعد معموديته في الصوم والتأمل والصلاة، واجه اغراء. فقد عرض عليه الشيطان ابليس ان يجعله حاكما على «جميع ممالك العالم». تخيّلوا حياته التي كان سيعيشها لو قبِل عرض ابليس. لكنه كان يركِّز على فعل مشيئة ابيه. كما ادرك ان هذه الحياة في عالم الشيطان ستكون قصيرة. فرفض عرض الشيطان فورا وقال: «مكتوب: ‹يهوه الهك تعبد، وله وحده تؤدي خدمة مقدسة›». بعيد ذلك، «ابتدأ يسوع يكرز ويقول: ‹توبوا، فقد اقترب ملكوت السموات›». (متى ٤:٢، ٨-١٠، ١٧) وظل باقي حياته الارضية ينادي كامل الوقت بملكوت اللّٰه.
١٧ كيف يمكن ان نُظهِر ان مصالح الملكوت تحتل المقام الاول في حياتنا؟
١٧ ينبغي ان نقتدي بقائدنا ولا نسمح لعالم الشيطان ان يغرينا بجعل الاعمال والمهن ذات الدخل العالي هدفنا الرئيسي في الحياة. (مرقس ١:١٧-٢١) فكم من الحماقة ان نعلق في شرك المساعي العالمية بحيث تصير مصالح الملكوت امرا ثانويا في حياتنا! فقد عهد يسوع إلينا بالكرازة بالملكوت وعمل التلمذة. (متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠) نعم، قد تكون لدينا عائلة او مسؤوليات اخرى للاعتناء بها، ولكن ألسنا سعداء لأننا ننتهز الفرصة في الامسيات ونهايات الاسابيع للقيام بمسؤوليتنا المسيحية ان نكرز ونعلِّم؟ وكم نتشجع عندما نعرف ان نحو ٠٠٠,٧٨٠ تمكنوا في سنة الخدمة ٢٠٠١ من العمل كفاتحين، او خدام كامل الوقت!
١٨ ماذا يساعدنا ان نفرح في الخدمة؟
١٨ تصوِّر روايات الاناجيل يسوع على انه صاحب همة عالية ولديه مشاعر رقيقة. ففور ادراك حاجات الآخرين الروحية، كان يشفق عليهم ويساعدهم بكل اندفاع. (مرقس ٦:٣١-٣٤) ونحن نحس بالفرح عندما يكون دافعنا الى الخدمة المحبة للآخرين والرغبة الصادقة في مساعدتهم. ولكن كيف يمكن ان ننمي هذه الرغبة؟ يقول شاب اسمه جايسون: «عندما كنت مراهقا، لم تكن الخدمة نشاطي المفضَّل». فماذا ساعده على تنمية المحبة لهذا العمل؟ يجيب جايسون: «كانت عائلتي دائما تخصِّص ايام السبت صباحا لخدمة الحقل. وهذا ما ساعدني، لأنني كلما رأيت الفائدة التي اجنيها من الخدمة، تمتعت بها اكثر». ونحن ايضا ينبغي ان نشترك باجتهاد في الخدمة قانونيا.
١٩ علامَ ينبغي ان نعقد العزم بشأن قيادة المسيح؟
١٩ انه لمنعش ومكافئ حقا ان نقبل قيادة المسيح. عندئذ تصير الحداثة وقتا للتقدم في المعرفة والحكمة. وتصير الحياة العائلية مصدرا للسلام والسعادة، والخدمة نشاطا يجلب الفرح والاكتفاء. فلنعقد العزم على البرهان اننا نعتبر المسيح حقا قائدا لنا في حياتنا اليومية وفي قراراتنا. (كولوسي ٣:٢٣، ٢٤) لكنَّ يسوع المسيح يقودنا من خلال وسيلة اخرى: الجماعة المسيحية. وستناقش المقالة التالية كيف يمكننا الاستفادة من هذا التدبير.
[الحاشية]
a جرى تغيير بعض الاسماء.
-
-
المسيح يقود جماعتهبرج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ آذار (مارس)
-
-
المسيح يقود جماعته
«ها انا معكم كل الايام الى اختتام نظام الاشياء». — متى ٢٨:٢٠.
١، ٢ (أ) بماذا وعد يسوع المُقام تلاميذه وهو يعطيهم الامر بالتلمذة؟ (ب) كيف قاد يسوع الجماعة المسيحية الباكرة بفعّالية؟
قبل صعود قائدنا المُقام يسوع المسيح الى السماء، ظهر لتلاميذه وقال لهم: «دُفعَت اليَّ كل سلطة في السماء وعلى الارض. فاذهبوا وتلمذوا اناسا من جميع الامم، وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلِّموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به. وها انا معكم كل الايام الى اختتام نظام الاشياء». — متى ٢٣:١٠؛ ٢٨:١٨-٢٠.
٢ لم يعيِّن يسوع لتلاميذه هذا العمل المنقذ للحياة فحسب، بل وعدهم ايضا ان يكون معهم. وتاريخ المسيحية الباكرة، كما هو مسجَّل في سفر الاعمال في الكتاب المقدس، يُثبِت بشكل قاطع ان المسيح استخدم السلطة المعطاة له لقيادة الجماعة الحديثة العهد. فقد ارسل الروح القدس، «المعين» الموعود به، لتقوية أتباعه وتوجيههم. (يوحنا ١٦:٧؛ اعمال ٢:٤، ٣٣؛ ١٣:٢-٤؛ ١٦:٦-١٠) كما استخدم يسوع المُقام الملائكة الذين تحت امرته لدعم تلاميذه. (اعمال ٥:١٩؛ ٨:٢٦؛ ١٠:٣-٨، ٢٢؛ ١٢:٧-١١؛ ٢٧:٢٣، ٢٤؛ ١ بطرس ٣:٢٢) وعلاوة على ذلك، زوَّد قائدنا الارشاد للجماعة بتدبير رجال اكفاء ليخدموا كهيئة حاكمة. — اعمال ١:٢٠، ٢٤-٢٦؛ ٦:١-٦؛ ٨:٥، ١٤-١٧.
٣ اية اسئلة ستُناقَش في هذه المقالة؟
٣ ولكن ماذا عن وقتنا، «اختتام نظام الاشياء»؟ كيف يقود يسوع الجماعة المسيحية اليوم؟ وكيف يمكن ان نُظهِر اننا نقبل قيادته؟
السيد لديه عبد امين
٤ (أ) مَن يؤلفون «العبد الامين الفطين»؟ (ب) بماذا عهد السيد الى العبد؟
٤ قال يسوع وهو يعطي النبوة عن علامة حضوره: «مَن هو العبد الامين الفطين الذي اقامه سيده على خدم بيته ليعطيهم طعامهم في حينه؟ يا لسعادة ذلك العبد، اذا جاء سيده ووجده يفعل هكذا! الحق اقول لكم: انه يقيمه على جميع ممتلكاته». (متى ٢٤:٤٥-٤٧) ان ‹السيد› هو قائدنا يسوع المسيح. وقد اقام «العبد الامين الفطين» — صف المسيحيين الممسوحين على الارض — على كل مصالحه الارضية.
٥، ٦ (أ) ماذا تمثِّل «المناير الذهبية السبع» و«النجوم السبعة» التي رآها الرسول يوحنا في رؤيا؟ (ب) ماذا يعني وجود «النجوم السبعة» في يد يسوع اليمنى؟
٥ يُظهِر سفر الكشف في الكتاب المقدس ان العبد الامين الفطين هو تحت سيطرة يسوع المسيح المباشرة. ففي رؤيا عن «يوم الرب»، رأى الرسول يوحنا «سبع مناير ذهبية، وفي وسط المناير شبه ابن انسان . . . معه في يده اليمنى سبعة نجوم». وقد اوضح يسوع هذه الرؤيا ليوحنا قائلا: «اما السر المقدس للنجوم السبعة التي رأيت على يدي اليمنى، وللمناير الذهبية السبع فهو: النجوم السبعة تمثل ملائكة الجماعات السبع، والمناير السبع تمثل سبع جماعات». — كشف ١:١، ١٠-٢٠.
٦ تمثِّل «المناير الذهبية السبع» كل الجماعات المسيحية الحقة الموجودة في «يوم الرب»، الذي ابتدأ سنة ١٩١٤. ولكن ماذا عن «النجوم السبعة»؟ في الاتمام الاول، رمزت الى كل النظار الممسوحين المولودين من الروح الذين اعتنوا بجماعات القرن الاول.a والنظار كانوا في يد يسوع اليمنى، اي تحت سيطرته وتوجيهه. نعم، كان المسيح يسوع قائد صف العبد. ولكنَّ النظار الممسوحين الآن قليلون في العدد. فكيف يمكن لقيادة المسيح ان تشمل اكثر من ٠٠٠,٩٣ جماعة لشهود يهوه حول الارض؟
٧ (أ) كيف يستخدم يسوع الهيئة الحاكمة لقيادة الجماعات حول الارض؟ (ب) لماذا يمكن القول ان النظار المسيحيين معيَّنون من الروح القدس؟
٧ كما في القرن الاول، يخدم الآن فريق صغير من الرجال المؤهلين من بين النظار الممسوحين كهيئة حاكمة، ممثِّلين صف العبد الامين الفطين. ويستخدم قائدنا هذه الهيئة الحاكمة لتعيين رجال مؤهلين — سواء كانوا ممسوحين بالروح او لا — كشيوخ في الجماعات المحلية. ويلعب الروح القدس، الذي منح يهوه ليسوع سلطة استخدامه، دورا مهما في هذا المجال. (اعمال ٢:٣٢، ٣٣) فبادئ ذي بدء، يجب ان يبلغ هؤلاء النظار المؤهلات المرسومة في كلمة اللّٰه الموحى بها من الروح القدس. (١ تيموثاوس ٣:١-٧؛ تيطس ١:٥-٩؛ ٢ بطرس ١:٢٠، ٢١) وتجري التوصيات والتعيينات بعد الصلاة وبإرشاد الروح القدس. كما ان الافراد المعيَّنين يبرهنون انهم ينتجون ثمر هذا الروح. (غلاطية ٥:٢٢، ٢٣) لذلك فإن مشورة بولس التالية تنطبق على كل الشيوخ، سواء كانوا ممسوحين او لا: «انتبهوا لأنفسكم ولجميع الرعية التي عيَّنكم فيها الروح القدس نظارا». (اعمال ٢٠:٢٨) وهؤلاء الرجال المعيَّنون ينالون الارشاد من الهيئة الحاكمة ويرعون الجماعة طوعا. وبهذه الطريقة، يكون المسيح اليوم معنا ويقود الجماعة بفعّالية.
٨ كيف يستخدم المسيح الملائكة لقيادة أتباعه؟
٨ يستخدم يسوع ايضا ملائكة حرفيين لقيادة أتباعه اليوم. ففي مَثل الحنطة والزوان، يأتي وقت الحصاد عند «اختتام نظام الاشياء». ومَن يستخدمهم السيد للقيام بعمل الحصاد؟ قال المسيح: «الحصّادون هم الملائكة». وأضاف: «يرسل ابن الانسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر والمتعدين على الشريعة». (متى ١٣:٣٧-٤١) فكما وجَّه ملاك خطى فيلبُّس لإيجاد الخصي الحبشي، هنالك وفرة من الادلة اليوم تثبت ان المسيح يستخدم ملائكته لتوجيه عمل المسيحيين الحقيقيين لإيجاد المستقيمي القلوب. — اعمال ٨:٢٦، ٢٧؛ كشف ١٤:٦.
٩ (أ) ايّ وسيلتَين يستخدمهما المسيح لقيادة الجماعة المسيحية اليوم؟ (ب) ايّ سؤال ينبغي ان نفكر فيه اذا اردنا ان نستفيد من قيادة المسيح؟
٩ فكم هو مطمئن ان نعرف ان يسوع المسيح يقود تلاميذه اليوم بواسطة الهيئة الحاكمة، الروح القدس، والملائكة! حتى لو عُزل مؤقتا البعض من عبّاد يهوه عن الهيئة الحاكمة بسبب الاضطهاد او ما شابه، يظلون تحت قيادة المسيح بواسطة الروح القدس والدعم الملائكي. ولكننا لا نستفيد من قيادته إلا عندما نقبلها. فكيف نُظهِر اننا نقبل قيادة المسيح؟
«أطيعوا . . . كونوا مذعنين»
١٠ كيف يمكن ان نُظهِر الاحترام للشيوخ المعيَّنين في الجماعة؟
١٠ يعطي قائدنا الجماعات «عطايا في رجال» — «بعضا كمبشرين، وبعضا كرعاة ومعلمين». (افسس ٤:٨، ١١، ١٢) وموقفنا وتصرفاتنا معهم تكشف بوضوح اذا كنا نقبل قيادة المسيح. فيجب ان ‹نُظهِر اننا شاكرون› لأن المسيح اعطانا رجالا مؤهلين روحيا. (كولوسي ٣:١٥) كما انهم يستحقون احترامنا. كتب الرسول بولس: «ليُحسَب الشيوخ الذين يشرفون حسنا مستحقين كرامة مضاعفة». (١ تيموثاوس ٥:١٧) فكيف يمكن ان نُظهِر شكرنا وتقديرنا لهؤلاء الشيوخ، او النظار، في الجماعة؟ يجيب بولس: «أطيعوا الذين يتولَّون القيادة بينكم وكونوا مذعنين». (عبرانيين ١٣:١٧) نعم، يجب ان نذعن، او نخضع، لهم.
١١ لماذا العيش وفق انتذارنا يتطلب الاحترام لترتيب الشيوخ؟
١١ ان قائدنا كامل. أما الرجال الذين اعطانا اياهم فليسوا كاملين. لذلك قد يخطئون احيانا. رغم ذلك، من المهم ان نبقى اولياء لترتيب المسيح. فالعيش وفق انتذارنا ومعموديتنا يعني في الواقع ان نعترف بأن السلطة المعيَّنة من الروح في الجماعة هي شرعية ونذعن لها طوعا. ومعموديتنا ‹باسم الروح القدس› هي إعلان جهري اننا نعترف بالروح القدس وبالدور الذي يلعبه في مقاصد يهوه. (متى ٢٨:١٩) كما تعني هذه المعمودية اننا نتعاون مع الروح وأننا لا نفعل ايّ شيء لإعاقة عمله بين أتباع المسيح. وبما ان الروح القدس يلعب دورا حيويا في التوصية بالشيوخ وتعيينهم، فهل يمكن حقا ان نتمِّم انتذارنا اذا لم نذعن لترتيب الشيوخ في الجماعة؟
١٢ اية امثلة لعدم احترام السلطة يذكرها يهوذا، وماذا تعلِّمنا؟
١٢ تحتوي الاسفار المقدسة على امثلة تعلِّمنا قيمة الطاعة والاذعان. اشار التلميذ يهوذا الى ثلاثة امثلة تحذيرية في معرض حديثه عن الذين تكلموا بالاهانة على الرجال المعيَّنين في الجماعة. قال: «ويل لهم، لأنهم سلكوا في سبيل قايين، واندفعوا في ضلالة بلعام لقاء أجر، وهلكوا في كلام تمرد قورح!». (يهوذا ١١) لقد تجاهل قايين مشورة يهوه الحبية واتَّبع عمدا مسلك البغض القتّال. (تكوين ٤:٤-٨) وحاول بلعام ان يلعن شعب اللّٰه ليحصل على مكافأة مالية رغم ان اللّٰه حذَّره مرارا من فعل ذلك. (عدد ٢٢:٥-٢٨، ٣٢-٣٤؛ تثنية ٢٣:٥) ورغم انه كان لدى قورح مركز محترم في اسرائيل، لم يقنعْ به. بل اشعل الثورة على خادم اللّٰه موسى، احلم رجل على وجه الارض. (عدد ١٢:٣؛ ١٦:١-٣، ٣٢، ٣٣) ونتيجة لما فعله قايين وبلعام وقورح، حلّت بهم الكارثة. فيا له من درس لا يُنسى نتعلمه من هذه الامثلة، ان نصغي الى مشورة الذين يستخدمهم يهوه في مراكز المسؤولية ونحترمهم!
١٣ اية بركات تنبأ بها النبي اشعيا للذين يذعنون لترتيب الشيوخ؟
١٣ ومَن يرفض الاستفادة من هذا الترتيب الرائع للاشراف الذي اسَّسه قائدنا في الجماعة المسيحية؟! انبأ النبي اشعيا ببركات هذا الترتيب قائلا: «هوذا بالعدل يملك ملك ورؤساء بالحق يترأسون. ويكون انسان كمخبإ من الريح وستارة من السيل كسواقي ماء في مكان يابس كظل صخرة عظيمة في ارض معيية». (اشعياء ٣٢:١، ٢) فكل شيخ يجب ان يكون «كمخبإ» يزوِّد الحماية والامان. فلنصلِّ ولنبذل الجهد لنكون طائعين ومذعنين للسلطة المعيَّنة من اللّٰه في الجماعة، حتى لو كان الاذعان لها صعبا علينا.
اذعان الشيوخ لقيادة المسيح
١٤، ١٥ كيف يُظهِر الذين يأخذون القيادة في الجماعة انهم يذعنون لقيادة المسيح؟
١٤ يجب على كل مسيحي، وخصوصا الشيوخ، ان يتبع قيادة المسيح. ورغم ان النظار او الشيوخ لديهم الى حد ما سلطة في الجماعة، فهم لا يسعون ان ‹يسودوا على ايمان رفقائهم المؤمنين› بالسيطرة على حياتهم. (٢ كورنثوس ١:٢٤) انهم يصغون الى كلمات يسوع: «انتم تعرفون ان حكام الامم يسودون عليهم وأن العظماء يتسلطون عليهم. فليس الامر كذلك في ما بينكم». (متى ٢٠:٢٥-٢٧) وفيما يتمِّم الشيوخ مسؤوليتهم، يحاولون بإخلاص خدمة الآخرين.
١٥ يجري حثّ المسيحيين: «اذكروا الذين يتولَّون القيادة بينكم، . . . وإذ تنظرون في ما يؤول اليه سلوكهم، اقتدوا بإيمانهم». (عبرانيين ١٣:٧) ولا يُطلَب منا ذلك لأن الشيوخ هم قادتنا. فقد قال يسوع: «قائدكم واحد، وهو المسيح». (متى ٢٣:١٠) فإيمانهم هو ما ينبغي الاقتداء به لأنهم يقتدون بقائدنا الحقيقي، المسيح. (١ كورنثوس ١١:١) وإليكم بعض الطرائق التي بها يسعى الشيوخ الى الاقتداء بالمسيح في علاقتهم بأفراد الجماعة الآخرين.
١٦ كيف عامل يسوع أتباعه رغم السلطة التي مُنحت له؟
١٦ رغم ان يسوع اسمى من البشر الناقصين في كل المجالات وقد منحه ابوه سلطة لا تُضاهى، كان محتشما في تعاملاته مع تلاميذه. فلم يمطر سامعيه بوابل من المعرفة بهدف إثارة اعجابهم، بل كان متفهِّما وأشفق على أتباعه وأخذ حاجاتهم البشرية في الاعتبار. (متى ١٥:٣٢؛ ٢٦:٤٠، ٤١؛ مرقس ٦:٣١) ولم يطلب قط من تلاميذه اكثر مما يستطيعون ان يفعلوا، ولم يحمِّلهم قط اكثر مما يستطيعون ان يتحملوا. (يوحنا ١٦:١٢) كما انه كان ‹وديعا ومتضع القلب›. فلا عجب انه كان سبب انتعاش لكثيرين! — متى ١١:٢٨-٣٠.
١٧ كيف ينبغي ان يقتدي الشيوخ بالمسيح في إظهار الاحتشام في علاقتهم بأفراد الجماعة؟
١٧ فإذا اعرب المسيح الذي هو قائدنا عن الاحتشام، فكم بالاحرى ينبغي ان يفعل ذلك الذين يأخذون القيادة في الجماعة! نعم، انهم يحرصون لئلا يسيئوا استعمال السلطة الموكَلة اليهم. وهم لا ‹يأتون ببلاغة الكلام›، محاولين اثارة إعجاب الآخرين. (١ كورنثوس ٢:١، ٢) بل يحاولون التكلم بحق الاسفار المقدسة ببساطة وإخلاص. وعلاوة على ذلك، يحاولون ان يكونوا متعقلين في ما يتوقعونه من الآخرين ويأخذون حاجاتهم في الاعتبار. (فيلبي ٤:٥) وإذ يدركون ان لكل شخص حدوده، يلتمسون الاعذار بمحبة لإخوتهم. (١ بطرس ٤:٨) أفليس الشيوخ المتواضعون والودعاء منعشين حقا؟ انهم كذلك فعلا.
١٨ ماذا يمكن ان يتعلم الشيوخ من معاملة يسوع للاولاد؟
١٨ كان من السهل على الجميع، حتى الاقلّ شأنا، الاقتراب الى يسوع. تأملوا في تجاوبه عندما انَّب تلاميذه الناس لأنهم «يُحضِرون اليه اولادا صغارا». قال يسوع: «دعوا الاولاد الصغار يأتون اليّ؛ لا تحاولوا منعهم». ثم «ضمّ الاولاد بذراعيه، وأخذ يباركهم واضعا يديه عليهم». (مرقس ١٠:١٣-١٦) كان يسوع رقيقا ولطيفا، لذلك انجذب اليه الناس ولم يخافوا منه. حتى الاولاد شعروا بالراحة معه. وعلى نحو مماثل، فإن الشيوخ ايضا يسهل الاقتراب اليهم. وإذ يُظهِرون المودة المخلصة واللطف، يشعر الآخرون، حتى الاولاد، بالراحة معهم.
١٩ ماذا يشمل امتلاك «فكر المسيح»، وأيّ جهد يتطلبه ذلك؟
١٩ وكلّما ازدادت معرفة الشيوخ للمسيح يسوع، اقتدوا به اكثر. سأل بولس: «مَن عرف فكر يهوه حتى يعلِّمه؟». ثم اضاف: «أما نحن فلنا فكر المسيح». (١ كورنثوس ٢:١٦) ويشمل امتلاك فكر المسيح معرفة طريقة تفكيره وكل نواحي شخصيته بحيث نعرف ماذا يفعل في حالة معيَّنة. تخيَّلوا انكم تعرفون قائدنا الى هذا الحد! ان ذلك يتطلب الانتباه بدقة لروايات الاناجيل وملء عقولنا قانونيا بفهم حياة يسوع ومثاله. وعندما يبذل الشيوخ جهدهم لاتِّباع قيادة المسيح الى هذا الحد، يسهل اكثر على افراد الجماعة الاقتداء بإيمانهم. ويحس الشيوخ بالاكتفاء اذ يرون الآخرين يتبعون بفرح خطوات القائد.
ابقوا تحت قيادة المسيح
٢٠، ٢١ علامَ ينبغي ان نصمِّم فيما نتطلع قُدُما الى العالم الجديد الموعود به؟
٢٠ من المهم ان نبقى جميعا تحت قيادة المسيح. وإذ نقترب من نهاية نظام الاشياء هذا، فإن حالتنا شبيهة بحالة الاسرائيليين عندما كانوا في سهول موآب سنة ١٤٧٣ قم. فقد كانوا على عتبة ارض الموعد عندما اعلن اللّٰه بفم النبي موسى: «انت [يشوع] تُدخِل هذا الشعب الارضَ التي اقسم الرب لآبائهم ان يعطيهم اياها». (تثنية ٣١:٧، ٨، الترجمة اليسوعية الجديدة) كان يشوع القائد المعيَّن. لذلك كان على الاسرائيليين ان يذعنوا لقيادته لكي يدخلوا ارض الموعد.
٢١ واليوم ايضا، يقول لنا الكتاب المقدس: «قائدكم واحد، وهو المسيح». ان المسيح ولا احد سواه هو مَن سيقودنا الى العالم الجديد الموعود به الذي يسكن فيه البرّ. (٢ بطرس ٣:١٣) فلنصمِّم اذًا على الاذعان لقيادته في كل مجالات حياتنا.
[الحاشية]
a لا تمثِّل «النجوم» هنا ملائكة حرفيين. فحتما ما كان يسوع ليستخدم شخصا بشريا لتسجيل معلومات من اجل نقلها الى مخلوقات روحانية غير منظورة. لذلك لا بد ان «النجوم» تمثِّل نظار الجماعات البشر، الشيوخ الذين يعتبرهم يسوع رسلا له. وعددهم، الذي هو سبعة، يدل على التمام بحسب مقياس اللّٰه.
-