مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • دعوة حبِّية للمتعبين
    برج المراقبة ١٩٩٥ | ١٥ آب (‏اغسطس)‏
    • دعوة حبِّية للمتعبين

      ‏«تعالَوا إِليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وأنا (‏انعشكم)‏.‏» —‏ متى ١١:‏٢٨‏.‏

      ١ ماذا رأى يسوع في الجليل في جولته الكرازية الثالثة؟‏

      نحو بداية السنة ٣٢ ب‌م،‏ كان يسوع في جولته الكرازية الثالثة في مقاطعة الجليل.‏ وكان يطوف المدن والقرى،‏ «يعلِّم في مجامعها.‏ ويكرز ببشارة الملكوت.‏ ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.‏» وفيما كان يفعل ذلك،‏ رأى الجموع و «تحنَّن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها.‏» —‏ متى ٩:‏٣٥،‏ ٣٦‏.‏

      ٢ كيف ساعد يسوع الناس؟‏

      ٢ لكنَّ يسوع فعل اكثر من مجرد التحنُّن على الجموع.‏ فبعدما اوصى تلاميذه ان يصلّوا الى «رب الحصاد،‏» يهوه اللّٰه،‏ ارسلهم ليساعدوا الناس.‏ (‏متى ٩:‏٣٨؛‏ ١٠:‏١‏)‏ ثم قدَّم للناس تأكيده الشخصي للطريق الى الراحة والتعزية الحقيقيتين.‏ ووجَّه اليهم هذه الدعوة المبهجة للقلب:‏ «تعالَوا إِليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وأنا (‏انعشكم)‏.‏ احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني.‏ لأَني وديع ومتواضع القلب.‏ فتجدوا (‏انتعاشا)‏ لنفوسكم.‏» —‏ متى ١١:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      ٣ لماذا دعوة يسوع جذَّابة اليوم بشكل مساوٍ؟‏

      ٣ نحن اليوم نعيش في وقت يشعر فيه كثيرون بأنهم مثقَلون كثيرا بالاعباء والاحمال.‏ (‏رومية ٨:‏٢٢؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١‏)‏ وبالنسبة الى البعض،‏ ان مجرد كسب رزقهم يستهلك الكثير جدا من وقتهم وطاقتهم بحيث يبقى القليل لعائلتهم،‏ اصدقائهم،‏ او ايّ امر آخر.‏ وكثيرون مثقَلون بعبء مرض خطير،‏ بلايا،‏ كآ‌بة،‏ ومشاكل جسدية وعاطفية اخرى.‏ وإذ يشعر البعض بالضغط،‏ يحاولون ان يجدوا الراحة بالانغماس في السعي وراء الملذات،‏ الاكل،‏ شرب الكحول،‏ وحتى اساءة استعمال المخدرات.‏ وهذا،‏ طبعا،‏ انما يلقيهم في دوَّامة تزيدهم مشاكل وضغوطا.‏ (‏رومية ٨:‏٦‏)‏ فمن الواضح ان دعوة يسوع الحبِّية تبدو اليوم جذَّابة تماما كما كانت آنذاك.‏

      ٤ اية اسئلة يجب ان نتأمل فيها لنستفيد من دعوة يسوع الحبِّية؟‏

      ٤ ولكن،‏ لأية امور أُخضع الشعب في زمن يسوع حتى بدَوا «منزعجين ومنطرحين،‏» مما دفع يسوع الى التحنُّن عليهم؟‏ ماذا كانت الاعباء والاحمال التي أُجبروا على حملها؟‏ وكيف كانت دعوة يسوع ستساعدهم؟‏ ان الاجوبة عن هذه الاسئلة يمكن ان تكون خير مساعد لنا على الاستفادة من دعوة يسوع الحبِّية للمتعبين.‏

      ‏‹المتعبون والثقيلو الاحمال›‏

      ٥ لماذا كان ملائما ان يذكر الرسول متى هذه الحادثة في خدمة يسوع؟‏

      ٥ من المثير للاهتمام ان متى وحده ذكر هذه الحادثة في خدمة يسوع.‏ ولأَنَّ متى،‏ المعروف ايضا باسم لاوي،‏ كان جابي ضرائب،‏ كان مطلعا جيدا على عبء خصوصي كان الناس يحملونه.‏ (‏متى ٩:‏٩؛‏ مرقس ٢:‏١٤‏)‏ يقول كتاب الحياة اليومية في زمن يسوع:‏ «ان الضرائب التي [كان على اليهود] ان يدفعوها في شكل مال وأَمتعة كانت ثقيلة الوطأة للغاية،‏ وكانت اثقل ايضا بسبب تزامن نوعين من الضرائب بالنسبة اليهم،‏ الضرائب المدنية والضرائب الدينية؛‏ ولم يكن ايّ منهما زهيدا.‏»‏

      ٦ (‏أ)‏ ماذا كان نظام الضرائب المستعمل في زمن يسوع؟‏ (‏ب)‏ لماذا كانت لجباة الضرائب سمعة رديئة جدا؟‏ (‏ج)‏ بأيّ شيء شعر بولس بالحاجة الى تذكير رفقائه المسيحيين؟‏

      ٦ وما جعل كل ذلك عبأ بشكل خصوصي كان نظام الضرائب في ذلك الوقت.‏ فالرسميون الرومان أَحالوا حق جباية الضرائب في المقاطعات الى مَن يدفعون لهم اكثر.‏ وهؤلاء بدورهم استخدموا اناسا في المجتمعات المحلية للاشراف على العمل الفعلي لجباية الضرائب.‏ وكل واحد في النظام الهرمي شعر بأنه مبرَّر كاملا ان يضيف عمولته الخاصة،‏ او حصته.‏ مثلا،‏ روى لوقا انه كان هنالك «رجل اسمه زكا وهو رئيس للعشارين وكان غنيا.‏» (‏لوقا ١٩:‏٢‏)‏ من الواضح ان ‹رئيس العشارين› زكا والذين تحت اشرافه زادوا ثرواتهم مسببين الشقاء للناس.‏ والاساءة والفساد اللذان احدثهما نظام كهذا جعلا الناس يصنِّفون جباة الضرائب بين الخطاة والزواني،‏ وربما كانوا يستحقون ذلك في معظم الحالات.‏ (‏متى ٩:‏١٠؛‏ ٢١:‏٣١،‏ ٣٢؛‏ مرقس ٢:‏١٥؛‏ لوقا ٧:‏٣٤‏)‏ وبما ان الناس شعروا بعبء يكاد لا يُطاق،‏ لا عجب ان الرسول بولس شعر بالحاجة الى تذكير رفقائه المسيحيين بأَن لا يستاءوا من النير الروماني بل ان ‹يعطوا الجميع حقوقهم.‏ الجزية لمن له الجزية.‏ الجباية لمن له الجباية.‏› —‏ رومية ١٣:‏٧أ‏؛‏ قارنوا لوقا ٢٣:‏٢‏.‏

      ٧ كيف زادت قوانين الرومان الجنائية عبء الناس؟‏

      ٧ وذكَّر بولس المسيحيين ايضا بأن يقدِّموا «الخوف لمن له الخوف والاكرام لمن له الاكرام.‏» (‏رومية ١٣:‏٧ب‏)‏ كان الرومان معروفين بقوانينهم الجنائية الوحشية والقاسية.‏ والتعذيب،‏ الجلد،‏ مدة السجن القاسية،‏ وأحكام الاعدام كانت تُستعمل تكرارا لاخضاع الناس.‏ (‏لوقا ٢٣:‏٣٢،‏ ٣٣؛‏ اعمال ٢٢:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وحتى القادة اليهود أُعطوا سلطة تأدية عقاب كهذا حسبما يرونه مناسبا.‏ (‏متى ١٠:‏١٧؛‏ اعمال ٥:‏٤٠‏)‏ لقد كان نظام كهذا بالتأكيد قمعيا الى ابعد حد،‏ او حتى ظالما،‏ لكل من يعيش في ظله.‏

      ٨ كيف حمَّل القادة الدينيون الشعب عبأً؟‏

      ٨ لكنَّ ما كان اسوأ من الضرائب والقوانين الرومانية هو العبء الذي وضعه القادة الدينيون في ذلك الوقت على عامة الشعب.‏ وفي الواقع،‏ يبدو ان هذا ما كان اهتمام يسوع الرئيسي عندما وصف الناس بأنهم ‹متعبون وثقيلو الاحمال.‏› وقال يسوع ان القادة الدينيين،‏ عوضا عن منح الشعب المظلوم الرجاء والعزاء،‏ «يحزمون احمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على اكتاف الناس وهم لا يريدون ان يحرِّكوها باصبعهم.‏» (‏متى ٢٣:‏٤؛‏ لوقا ١١:‏٤٦‏)‏ ولا يسع المرء إِلَّا ان يلاحظ في الاناجيل الوصف الواضح للقادة الدينيين —‏ وخصوصا الكتبة والفريسيين —‏ كفريق متعجرف،‏ عديم الرحمة،‏ وريائي.‏ فقد ازدروا بعامة الشعب باعتبارهم جهالا ونجسين،‏ واحتقروا الغرباء في وسطهم.‏ يقول تعليق على موقفهم:‏ «مَن يحمِّل حصانا فوق طاقته يكون في هذه الايام عرضة للاتهام امام القانون.‏ فما القول في مَن حمَّل ‹شعب الارض› الذين لا تدريب دينيا لهم ٦١٣ وصية؛‏ ثم دانهم كملحدين دون ان يحرك ساكنا لمساعدتهم؟‏» ان العبء الحقيقي لم يكن دون شك الناموس الموسوي بل المقدار الكبير من التقاليد المفروضة على الشعب.‏

      سبب حقيقي للمشقة

      ٩ ماذا كان الفرق بين احوال الشعب في زمن يسوع وتلك التي في ايام الملك سليمان؟‏

      ٩ كان العبء المادي على الشعب ثقيل الوطأة احيانا بحيث كان هنالك فقر واسع الانتشار.‏ فكان على الاسرائيليين ان يدفعوا الضرائب المعقولة التي اوردها الناموس الموسوي.‏ ثم اثناء حكم سليمان اهتم الشعب بالمشاريع المكلِّفة المتعلقة بالامة،‏ كبناء الهيكل ومبانٍ اخرى.‏ (‏١ ملوك ٧:‏١-‏٨؛‏ ٩:‏١٧-‏١٩‏)‏ ومع ذلك يخبرنا الكتاب المقدس ان الشعب كانوا «يأكلون ويشربون ويفرحون .‏ .‏ .‏ وسكن يهوذا واسرائيل آمنين كل واحد تحت كرمته وتحت تينته من دان الى بئر سبع كل ايام سليمان.‏» (‏١ ملوك ٤:‏٢٠،‏ ٢٥‏)‏ فما الذي سبَّب الفرق؟‏

      ١٠ ماذا كان سبب حالة اسرائيل بحلول القرن الاول؟‏

      ١٠ طالما بقيت الامة ثابتة الى جانب العبادة الحقة،‏ تمتعت برضى يهوه وبوركت بالامن والازدهار على الرغم من النفقة الضخمة للامة.‏ لكنَّ يهوه حذَّرهم انهم اذا ‹انقلبوا من ورائه ولم يحفظوا وصاياه،‏› فسيعانون تغييرات خطيرة.‏ وفي الواقع،‏ كان اسرائيل سيصير «مثلا وهزأة في جميع الشعوب.‏» (‏١ ملوك ٩:‏٦،‏ ٧‏)‏ وسارت الامور على هذا النحو تماما.‏ فخضعت اسرائيل للسيطرة الاجنبية،‏ والمملكة التي كانت ذات مرة مجيدة انحطت الى منزلة مستعمَرة.‏ فيا للثمن الذي دفعته نتيجة اهمال التزاماتها الروحية!‏

      ١١ لماذا شعر يسوع بأن الناس «كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها»؟‏

      ١١ كل ذلك يساعدنا ان نفهم لماذا شعر يسوع بأَن الناس الذين رآهم كانوا «منزعجين ومنطرحين.‏» فهؤلاء كانوا اسرائيليين،‏ شعبا ليهوه،‏ حاولوا عموما ان يعيشوا وفق شرائع اللّٰه ويمارسوا عبادتهم بطريقة مقبولة.‏ ومع ذلك،‏ لم يكونوا مستغَلين ومظلومين من السلطات السياسية والتجارية وحسب بل ايضا من القادة الدينيين المرتدين بينهم.‏ فكانوا «كغنم لا راعي لها» لانه لم يكن لديهم مَن يعتني بهم او يدافع عنهم.‏ وكانوا يحتاجون الى المساعدة للتغلب على وقائع مؤلمة جدا.‏ وكم كانت دعوة يسوع الحبِّية واللطيفة في حينها!‏

      دعوة يسوع اليوم

      ١٢ اية ضغوط يشعر بها خدام اللّٰه وأشخاص مخلصون آخرون اليوم؟‏

      ١٢ ان الامور مماثلة اليوم من نواحٍ عديدة.‏ فالناس المخلصون الذين يحاولون ان يكسبوا رزقهم باستقامة يجدون انه من الصعب تحمُّل ضغوط نظام الاشياء الفاسد ومطالبه.‏ وحتى الذين نذروا حياتهم ليهوه ليسوا محصَّنين.‏ فالتقارير تُظهر ان البعض بين خدام يهوه يجدون انه يصير صعبا عليهم بشكل متزايد ان يتمموا كل مسؤولياتهم،‏ مع انهم يرغبون في ذلك.‏ وهم يشعرون بأنهم مثقلون بالعبء،‏ متعبون،‏ مرهقون.‏ حتى ان البعض يشعرون بأنهم سيرتاحون اذا ضربوا بكل شيء عرض الحائط واختفوا عن الانظار بحيث يستطيعون ان يستجمعوا افكارهم.‏ فهل شعرتم هكذا يوما ما؟‏ هل تعرفون احدا قريبا منكم في هذه الحالة؟‏ نعم،‏ ان دعوة يسوع المبهجة للقلب لها معنى كبير لنا اليوم.‏

      ١٣ لماذا يمكننا ان نكون على يقين من ان يسوع يمكنه ان يساعدنا على ايجاد الراحة والانتعاش؟‏

      ١٣ ذكر يسوع قبل اعلان دعوته الحبِّية:‏ «كل شيء قد دُفع اليّ من ابي.‏ وليس احد يعرف الابن إلا الآب.‏ ولا احد يعرف الآب إلا الابن ومَن اراد الابن ان يعلن له.‏» (‏متى ١١:‏٢٧‏)‏ وبسبب هذه العلاقة الحميمة بين يسوع وأبيه،‏ نحن على يقين من انه اذا قبلنا دعوة يسوع وصرنا تلاميذه،‏ يمكننا ان ندخل في علاقة وثيقة وشخصية بيهوه،‏ «اله كل تعزية.‏» (‏٢ كورنثوس ١:‏٣‏؛‏ قارنوا يوحنا ١٤:‏٦‏.‏)‏ وعلاوة على ذلك،‏ بما ان ‹كل شيء قد دُفع الى› يسوع المسيح،‏ فهو وحده لديه القوة والسلطة لتخفيف اعبائنا.‏ اية اعباء؟‏ تلك التي تفرضها الانظمة السياسية،‏ التجارية،‏ والدينية الفاسدة،‏ بالاضافة الى العبء الذي تفرضه خطيتنا ونقصنا الموروثان.‏ فيا له من تفكير مشجع ومطَمئن،‏ تفكير صائب من البداية!‏

      ١٤ من ايّ تعب كان يمكن ليسوع ان يزوِّد الانتعاش؟‏

      ١٤ ثم تابع يسوع قائلا:‏ «تعالَوا إِليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وأنا (‏انعشكم)‏.‏» (‏متى ١١:‏٢٨‏)‏ لم يكن يسوع بالتأكيد يتكلم ضد العمل الشاق،‏ لانه غالبا ما نصح تلاميذه بأن يجتهدوا في العمل الذي بين ايديهم.‏ (‏لوقا ١٣:‏٢٤‏)‏ لكنَّ الكلمة ‹يتعب› (‏‹يكدح،‏› الملكوت ما بين السطور‏)‏ تتضمَّن عملا طويل الامد ومرهقا،‏ وغالبا دون نتيجة مجدية.‏ والعبارة ‹ثقيل الحمل› تحمل فكرة كون المرء مثقلا بعبء فوق القدرة الطبيعية.‏ ويمكن تشبيه الفرق بذاك الذي بين رجل يحفر من اجل كنز مخفى وآخر يحفر خنادق في معسكر للعمل الالزامي.‏ انهما يقومان بالعمل الشاق نفسه.‏ الاول يتولى المهمة بتوق،‏ أما الآخر فمهمته كدّ لا نهاية له.‏ فما يصنع الفرق هو وجود قصد من العمل او عدمه.‏

      ١٥ (‏أ)‏ ايّ سؤالَين يجب ان نطرحهما على انفسنا اذا شعرنا بأننا نحمل عبأً يثقل كاهلنا؟‏ (‏ب)‏ ماذا يمكن القول عن مصدر اعبائنا؟‏

      ١٥ هل تشعرون بأنكم ‹متعبون وثقيلو الاحمال،‏› بأن هنالك الكثير من المطالب التي تستنزف وقتكم وطاقتكم؟‏ هل تبدو اعباؤكم اثقل من ان تحملوها؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فقد يساعدكم ان تسألوا نفسكم،‏ ‹لاجل ماذا انا اتعب؟‏ ايّ نوع من الاحمال احمله؟‏› في هذا الصدد،‏ لاحظ احد المعلِّقين على الكتاب المقدس قبل اكثر من ٨٠ سنة:‏ «اذا تأملنا في اعباء الحياة نجد انها تُقسم الى فئتين؛‏ ويمكن ان ندعوهما الاعباء المفروضة ذاتيا والاعباء المحتومة علينا:‏ تلك الناشئة عن اعمالنا،‏ وغير الناشئة عنها.‏» ثم اضاف:‏ «يُدهش كثيرين منا،‏ بعد فحص صارم للذات،‏ ان يكتشفوا ان نسبة كبيرة من اعبائنا مفروضة ذاتيا.‏»‏

      ١٦ اية اعباء قد نفرضها على انفسنا بشكل غير حكيم؟‏

      ١٦ وما هي بعض الاعباء التي قد نضعها على انفسنا؟‏ نحن نعيش اليوم في عالم مادي،‏ يحب الملذات،‏ وفاسد ادبيا.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏)‏ وحتى المسيحيون المنتذرون هم تحت ضغط دائم ان يتكيَّفوا وفق موضات العالم وأنماط حياته.‏ وكتب الرسول يوحنا عن «شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة.‏» (‏١ يوحنا ٢:‏١٦‏)‏ هذه هي عوامل قوية يمكن ان تؤثر فينا بسهولة.‏ ومن المعروف ان البعض كانوا مستعدين ان يرزحوا تحت دَين ثقيل لكي يتمتعوا اكثر بالملذات العالمية او ليحافظوا على نمط حياة معيَّن.‏ ثم يجدون انه يجب ان يقضوا الكثير من الوقت في العمل،‏ او ان يتخذوا وظائف عديدة ليحصلوا على المال لتسديد ديونهم.‏

      ١٧ اية حالة قد تصعِّب تحمُّل الحمل،‏ وكيف يمكن معالجة ذلك؟‏

      ١٧ في حين انَّ الشخص قد يفكِّر انه ليس خطأ ان يملك بعض الاشياء التي يملكها الآخرون او يفعل شيئا مما يفعله الآخرون،‏ من المهم ان يحلِّل ما اذا كان يزيد على حمله بشكل غير ضروري.‏ (‏١ كورنثوس ١٠:‏٢٣‏)‏ وبما ان الشخص لا يمكن ان يحمل إلا كمية محدودة،‏ فلا بد من حذف شيء لاخذ حمل آخر.‏ وتكرارا،‏ تُحذف اولا الامور اللازمة لخيرنا الروحي —‏ الدرس الشخصي للكتاب المقدس،‏ حضور الاجتماعات،‏ وخدمة الحقل.‏ وتكون النتيجة خسارة القوة الروحية مما،‏ بدوره،‏ يجعل تحمُّل الحمل اصعب ايضا.‏ حذَّر يسوع المسيح من خطر كهذا عندما قال:‏ «احترزوا لانفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة.‏ .‏ .‏ .‏ كالفخ.‏» (‏لوقا ٢١:‏٣٤،‏ ٣٥؛‏ عبرانيين ١٢:‏١‏)‏ ومن الصعب ان يدرك المرء وجود فخ ويهرب منه اذا كان مثقلا بحمل ومتعبا.‏

      الراحة والانتعاش

      ١٨ ماذا قدَّم يسوع للذين يأتون اليه؟‏

      ١٨ لذلك،‏ بطريقة حبِّية،‏ قدَّم يسوع العلاج:‏ «تعالَوا إِليّ .‏ .‏ .‏ وأنا (‏انعشكم)‏.‏» (‏متى ١١:‏٢٨‏)‏ ان الكلمتين «انعش» هنا و «انتعاش» في العدد ٢٩ تأتيان من الكلمتين اليونانيتين اللتين تقابلان الكلمة التي تستعملها الترجمة السبعينية لتنقل الكلمة العبرانية مقابل «سبت» او «حفظ السبت.‏» (‏خروج ١٦:‏٢٣‏)‏ وهكذا،‏ لم يَعِد يسوع ان الذين يأتون اليه لن يعملوا في ما بعد،‏ لكنه وعد انه سينعشهم بحيث يكونون مستعدين للعمل الذي يجب ان ينجزوه انسجاما مع قصد اللّٰه.‏

      ١٩ كيف ‹يأتي المرء الى يسوع›؟‏

      ١٩ ولكن كيف ‹يأتي المرء الى يسوع›؟‏ قال يسوع لتلاميذه:‏ «إِنْ اراد احد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني (‏باستمرار)‏.‏» (‏متى ١٦:‏٢٤‏)‏ لذلك يشمل الاتيان الى يسوع إِخضاع المرء مشيئته لمشيئة اللّٰه والمسيح،‏ قابلا حملا معيَّنا من المسؤولية،‏ وفاعلا ذلك باستمرار.‏ فهل هذا مجهد جدا؟‏ هل الثمن غال جدا؟‏ لنتأمل في ما قاله يسوع بعد اعطائه الدعوة الحبِّية للمتعبين.‏

  • ‏«نيري هيِّن وحملي خفيف»‏
    برج المراقبة ١٩٩٥ | ١٥ آب (‏اغسطس)‏
    • ‏«نيري هيِّن وحملي خفيف»‏

      ‏«احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني.‏» —‏ متى ١١:‏٢٩‏.‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ ماذا اختبرتم في الحياة مما يجلب لكم الانتعاش؟‏ (‏ب)‏ ماذا يجب ان يفعل المرء لينال الانتعاش الذي وعد به يسوع؟‏

      الاستحمام بماء بارد عند نهاية يوم حارّ ورطب،‏ او النوم نوما مريحا بعد يوم طويل ومتعب —‏ كم هو منعش!‏ كذلك هو الامر عندما يُرفع عبء ثقيل الوطأة او تُغفر الخطايا والتعديات.‏ (‏امثال ٢٥:‏٢٥؛‏ اعمال ٣:‏١٩‏)‏ ان الانتعاش الذي تسببه اختبارات مبهجة كهذه يبعث فينا النشاط،‏ فنتقوى لفعل المزيد.‏

      ٢ جميع الذين يشعرون بأنهم ثقيلو الاحمال ومتعبون يمكن ان يأتوا الى يسوع،‏ لأنه وعدهم بالانتعاش.‏ ولكن،‏ لايجاد الانتعاش المنشود،‏ هنالك امر يجب ان يكون المرء مستعدا للقيام به.‏ قال يسوع:‏ «احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني.‏ .‏ .‏ .‏ فتجدوا (‏انتعاشا)‏ لنفوسكم.‏» (‏متى ١١:‏٢٩‏)‏ فما هو هذا النير؟‏ وكيف يجلب الانتعاش؟‏

      نير هيِّن

      ٣ (‏أ)‏ ايّ نوعَين من الانيار كانا يُستعملان في ازمنة الكتاب المقدس؟‏ (‏ب)‏ ايّ معنى مجازي يرتبط بالنير؟‏

      ٣ كان يسوع وسامعوه يعرفون جيدا ما هو النير لأنهم كانوا يعيشون في مجتمع زراعي.‏ ومن حيث الاساس،‏ النير هو قطعة خشبية طويلة مقعَّرة في موضعَين في الجانب السفلي ليوافقا عنقَي حيوانَين يُستخدمان للجرّ،‏ وعادة ثورَين،‏ ليُقرَن بينهما لجرّ محراث،‏ او عربة،‏ او ثقل آخر.‏ (‏١ صموئيل ٦:‏٧‏)‏ وكانت الانيار تُستعمل ايضا للبشر.‏ وهذه كانت قطعا خشبية بسيطة تُحمل على الكتفين مع حمل معلَّق بكل طرف.‏ وبواسطتها كان العمَّال يتمكنون من حمل احمال ثقيلة.‏ (‏ارميا ٢٧:‏٢؛‏ ٢٨:‏١٠،‏ ١٣‏)‏ وبسبب ارتباط النير بحمل الاعباء والكد،‏ غالبا ما يُستعمل مجازيا في الكتاب المقدس ليرمز الى السيطرة والسلطة.‏ —‏ تثنية ٢٨:‏٤٨؛‏ ١ ملوك ١٢:‏٤؛‏ اعمال ١٥:‏١٠‏.‏

      ٤ الى ماذا يرمز النير الذي يقدِّمه يسوع للذين يأتون اليه؟‏

      ٤ ما هو اذًا النير الذي دعا يسوع الآتين اليه بهدف الانتعاش ان يحملوه؟‏ تذكَّروا انه قال:‏ «احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني.‏» (‏متى ١١:‏٢٩‏)‏ والمتعلِّم هو تلميذ.‏ لذلك فإن حمل نير يسوع يعني ان يصير المرء تلميذا له.‏ (‏فيلبي ٤:‏٣‏)‏ لكنَّ ذلك يتطلب اكثر من مجرد المعرفة العقلية لتعاليمه.‏ فهو يتطلب اعمالا تنسجم معها —‏ القيام بالعمل الذي قام به والعيش كما عاش هو.‏ (‏١ كورنثوس ١١:‏١؛‏ ١ بطرس ٢:‏٢١‏)‏ ويتطلب الاذعانَ الطوعي لسلطته ولاولئك الذين فوَّض اليهم السلطة.‏ (‏افسس ٥:‏٢١؛‏ عبرانيين ١٣:‏١٧‏)‏ ويعني ان يصير المرء مسيحيا منتذرا ومعتمدا يقبل كل الامتيازات والمسؤوليات التي ترافق انتذارا كهذا.‏ هذا هو النير الذي يقدِّمه يسوع لكل الذين يأتون اليه من اجل التعزية والانتعاش.‏ فهل ترغبون في قبوله؟‏ —‏ يوحنا ٨:‏٣١،‏ ٣٢‏.‏

      ٥ لماذا حَمل نير يسوع ليس اختبارا مؤلما؟‏

      ٥ ايجاد الانتعاش بحَمل نير —‏ أليس ذلك تناقضا؟‏ في الواقع،‏ ليس الامر كذلك لأن يسوع قال ان نيره «هيِّن.‏» وهذه الكلمة تعني رقيقا،‏ لطيفا،‏ مقبولا.‏ (‏متى ١١:‏٣٠؛‏ لوقا ٥:‏٣٩؛‏ رومية ٢:‏٤؛‏ ١ بطرس ٢:‏٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وبما ان يسوع كان نجارا محترفا،‏ فقد صنع على الارجح محاريث وأَنيارا،‏ وكان يعرف كيف يسوِّي النير بشكل ملائم بحيث ينجَز اكبر قدر من العمل بأكثر راحة ممكنة.‏ وربما كان يبطِّن الانيار بقماش او جلد.‏ والكثير منها كان مصنوعا بهذه الطريقة لئلا يحتكّ بالعنق كثيرا.‏ وبالطريقة نفسها،‏ ان النير المجازي الذي يقدِّمه لنا يسوع هو «هيِّن.‏» فعلى الرغم من ان كون المرء تلميذا له يشمل بعض الالتزامات والمسؤوليات،‏ فإن ذلك ليس اختبارا مؤلما او مضايقا ولكنه منعش.‏ وكذلك فإن وصايا ابيه السماوي،‏ يهوه،‏ لا تشكِّل عبأً.‏ —‏ تثنية ٣٠:‏١١؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٣‏،‏ ع‌ج‏.‏

      ٦ ماذا يمكن ان يكون يسوع قد عنى عندما قال:‏ «احملوا نيري عليكم»؟‏

      ٦ هنالك امر آخر يجعل نير يسوع ‹هيِّنا،‏› او سهل الحمل.‏ فعندما قال:‏ «احملوا نيري عليكم،‏» كان يمكن ان يعني امرا من اثنين.‏ فإِذا فكَّر في النير المزدوج،‏ اي النوع الذي يربط معا حيوانَين يُستخدمان لجرّ حمل،‏ فحينئذ كان يدعونا الى ان نكون تحت النير نفسه معه.‏ ويا لها من بركة —‏ ان يكون يسوع بجانبنا يجرّ حملنا معنا!‏ ومن ناحية اخرى،‏ اذا فكَّر يسوع في النير الذي يستعمله العامل العادي،‏ فحينئذ كان يقدِّم لنا الوسيلة التي بها يمكننا ان نجعل ايّ حمل يجب حمله اسهل او يمكن التحكُّم فيه اكثر.‏ وفي كلتا الحالتين،‏ نيره هو مصدر انتعاش حقيقي لأنه يؤكد لنا:‏ «لأني وديع ومتواضع القلب.‏»‏

      ٧،‏ ٨ ايّ خطإ يرتكبه البعض عندما يشعرون بأنهم مجهَدون؟‏

      ٧ ماذا يجب ان نفعل اذًا اذا شعرنا بأن حِمل مشاكل الحياة الذي نحمله اصبح لا يطاق وبأننا مجهَدون الى اقصى حد؟‏ قد يشعر البعض خطأً بأن نير كونهم تلميذا ليسوع المسيح صعب جدا او مجهِد جدا،‏ مع ان اهتمامات الحياة اليومية هي ما يُرهقهم.‏ وبعض الافراد في هذه الحالة يتوقفون عن حضور الاجتماعات المسيحية،‏ او يمتنعون عن الاشتراك في الخدمة،‏ شاعرين ربما بأنهم ينالون شيئا من الراحة.‏ لكنَّ ذلك خطأ خطير.‏

      ٨ نحن ندرك ان النير الذي يقدِّمه يسوع «هيِّن.‏» ولكن إِنْ لم نضعه كما يجب،‏ يمكن ان يسبِّب قروحا بالاحتكاك.‏ وفي هذه الحالة يجب ان نلقي نظرة عن كثب الى النير الذي على اكتافنا.‏ فإذا كان النير،‏ لسبب ما،‏ في حالة سيئة او لا يلائمنا جيدا،‏ فإن استعماله لن يتطلب فقط المزيد من الجهد من جهتنا ولكنه سيسبِّب ايضا شيئا من الالم نتيجة لذلك.‏ وبكلمات اخرى،‏ اذا بدأت النشاطات الثيوقراطية تبدو كعبء بالنسبة الينا،‏ يجب ان نفحص لنرى ما اذا كنا نزاولها بطريقة صائبة.‏ فما هو دافعنا الى ما نفعله؟‏ هل نكون على اتم استعداد عندما نذهب الى الاجتماعات؟‏ هل نكون مستعدين جسديا وعقليا عندما ننهمك في خدمة الحقل؟‏ هل نتمتع بعلاقة وثيقة وسليمة بالآخرين في الجماعة؟‏ وقبل كل شيء،‏ كيف حال علاقتنا الشخصية بيهوه اللّٰه وابنه يسوع المسيح؟‏

      ٩ لماذا لا يجب ان يكون النير المسيحي ابدا عبأً لا يطاق؟‏

      ٩ عندما نقبل من كل القلب النير الذي يقدِّمه يسوع ونتعلَّم ان نحمله بطريقة لائقة،‏ لا يكون هنالك سبب ليبدو يوما ما عبأً لا يطاق.‏ وفي الواقع،‏ اذا كنا نستطيع ان نتخيَّل الوضع —‏ يسوع تحت النير نفسه معنا —‏ فلن يصعب علينا ان نرى مَن يحمل حقا معظم العبء.‏ يشبه ذلك طفلا في اول مشيه يستند الى مقبض عربته،‏ معتقدا انه هو مَن يدفعها،‏ ولكنَّ الوالد في الواقع هو طبعا مَن يفعل ذلك.‏ وكأب محب،‏ يدرك يهوه اللّٰه جيدا نقائصنا وضعفاتنا،‏ ويتجاوب مع حاجاتنا بواسطة يسوع المسيح.‏ قال بولس:‏ «يملأ الهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع.‏» —‏ فيلبي ٤:‏١٩‏؛‏ قارنوا اشعياء ٦٥:‏٢٤‏.‏

      ١٠ ماذا كان اختبار واحدة ممن يتخذون عمل التلمذة جدِّيا؟‏

      ١٠ كثيرون من المسيحيين المنتذرين صاروا يقدِّرون ذلك من تجربتهم الخاصة.‏ جِني،‏ مثلا،‏ تجد ان الخدمة كفاتحة اضافية كل شهر،‏ والعمل كامل الوقت في عمل دنيوي متعب،‏ يجعلانها في حالة اجهاد شديد.‏ ولكنها تشعر بأن عمل الفتح يساعدها حقا على المحافظة على اتزانها.‏ فمساعدة الناس على تعلُّم حق الكتاب المقدس ورؤيتهم يغيِّرون حياتهم لنيل رضى اللّٰه —‏ هذا ما يجلب لها اعظم فرح في حياتها الناشطة.‏ وهي توافق من كل القلب على كلمات الامثال التي تقول:‏ «بركة الرب هي تغني ولا يزيد معها تعبا.‏» —‏ امثال ١٠:‏٢٢‏.‏

      حمل خفيف

      ١١،‏ ١٢ ماذا عنى يسوع عندما قال:‏ «حملي خفيف»؟‏

      ١١ بالاضافة الى وعدنا بنير «هيِّن،‏» يؤكِّد لنا يسوع:‏ «حملي خفيف.‏» ان النير ‹الهيِّن› يجعل العمل اسهل؛‏ وإِذا كان الحمل مخفَّفا ايضا،‏ فالعمل متعة حقا.‏ ولكن،‏ في ايّ امر كان يسوع يفكِّر عندما ذكر هذه العبارة؟‏

      ١٢ تأملوا في ما يفعله المزارع عندما يريد ان يغيِّر عمل حيوانَيه،‏ لنقُل من حرث حقل الى جرّ عربة.‏ يرفع اولا المحراث ثم يعلِّق العربة.‏ فمن غير المعقول ان يربط المحراث والعربة كليهما بالحيوانَين.‏ وبطريقة مماثلة،‏ لم يكن يسوع يقول للناس ان يضعوا حمله فوق حملهم.‏ قال لتلاميذه:‏ «لا يقدر خادم ان يخدم سيدَين.‏» (‏لوقا ١٦:‏١٣‏)‏ وهكذا،‏ كان يسوع يقدِّم للناس اختيارا.‏ فهل يفضِّلون الاستمرار في حمل حملهم الثقيل الوطأة،‏ ام انهم يُنزلون ذاك ويقبلون ما يقدِّمه؟‏ لقد قدَّم لهم يسوع الحافز الحبِّي:‏ «حملي خفيف.‏»‏

      ١٣ ايّ حمل كان الناس في زمن يسوع يحملونه،‏ وبأية نتيجة؟‏

      ١٣ في زمن يسوع كان الناس يجاهدون تحت حمل ثقيل الوطأة مفروض عليهم من الحكام الرومان الظالمين والقادة الدينيين المرائين المتمسكين بالشكليات.‏ (‏متى ٢٣:‏٢٣‏)‏ وسعيًا الى التخلص من الحمل الروماني،‏ حاول بعض الناس ان يأخذوا الامور على عاتقهم.‏ فتورَّطوا في النزاعات السياسية،‏ انما ليصل بهم الامر الى عاقبة وخيمة.‏ (‏اعمال ٥:‏٣٦،‏ ٣٧‏)‏ وعقد آخرون العزم على تحسين حالتهم بالانغماس في المساعي المادية.‏ (‏متى ١٩:‏٢١،‏ ٢٢؛‏ لوقا ١٤:‏١٨-‏٢٠‏)‏ وعندما قدَّم لهم يسوع السبيل الى الراحة بدعوتهم ليصيروا تلاميذه،‏ لم يكن الجميع مستعدين للقبول.‏ فكانوا متردِّدين ان يُنزلوا حملهم،‏ مع انه ثقيل الوطأة،‏ ويحملوا حمله.‏ (‏لوقا ٩:‏٥٩-‏٦٢‏)‏ يا له من خطإ مأساوي!‏

      ١٤ كيف يمكن ان تثقل كاهلنا هموم الحياة والرغبات المادية؟‏

      ١٤ إِن لم نكن منتبهين،‏ يمكن ان نرتكب الخطأ نفسه اليوم.‏ والصيرورة تلاميذ ليسوع تحرِّرنا من السعي وراء الاهداف والقِيَم نفسها التي يسعى وراءها اهل العالم.‏ ومع اننا لا نزال مضطرين الى العمل بكدّ للحصول على الضرورات اليومية،‏ فنحن لا نجعل هذه الامور محور حياتنا.‏ لكنَّ هموم الحياة وإِغراء الرفاهية المادية يمكن ان تُحكِم سيطرتها علينا.‏ ويمكن ان تخنق هذه الرغبات ايضا الحق الذي قبلناه بتوق اذا سمحنا لها بذلك.‏ (‏متى ١٣:‏٢٢‏)‏ ويمكن ان نصير مشغولين جدا بتحقيق رغبات كهذه بحيث تصير مسؤولياتنا المسيحية التزامات متعبة نريد ان ننجزها بسرعة وبشكل روتيني.‏ ولا يمكن بالتأكيد ان نتوقع ايّ انتعاش من خدمتنا للّٰه اذا قمنا بها بهذه الروح.‏

      ١٥ ايّ تحذير اعطاه يسوع في ما يتعلق بالرغبات المادية؟‏

      ١٥ اشار يسوع الى ان حياة الاكتفاء لا تأتي من السعي الى انجاز كل حاجاتنا،‏ بل من التحقق من الامور الاكثر اهمية في الحياة.‏ نصح:‏ «لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون.‏ ولا لأجسادكم بما تلبسون.‏ أليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس.‏» ثم لفت الانتباه الى طيور السماء وقال:‏ «انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن.‏ وأبوكم السماوي يقوتها.‏» ثم قال مشيرا الى زنابق الحقل:‏ «لا تتعب ولا تغزل.‏ ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.‏» —‏ متى ٦:‏٢٥-‏٢٩‏.‏

      ١٦ ماذا اظهر الاختبار في ما يتعلق بتأثيرات المساعي المادية؟‏

      ١٦ هل يمكن ان نتعلَّم شيئا من هذه الدروس العملية البسيطة؟‏ انه اختبار شائع انه كلما سعى الشخص جاهدا الى تحسين حالته المادية،‏ صار متورِّطا اكثر في المساعي العالمية وصار العبء على كتفَيه اثقل.‏ والعالم ملآن بالمتعهدين الذين دفعوا لقاء نجاحاتهم المادية عائلات محطَّمة،‏ زيجات مدمَّرة،‏ صحة متدهورة،‏ وغيرها.‏ (‏لوقا ٩:‏٢٥؛‏ ١ تيموثاوس ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ قال ذات مرة ألبرت آينشتاين الحائز جائزة نوبل:‏ «الممتلكات،‏ النجاح الظاهري،‏ الشهرة،‏ الترف —‏ كانت هذه على الدوام امورا جديرة بالازدراء في عيني.‏ اعتقد ان طريقة الحياة البسيطة والمتواضعة هي الافضل لكل شخص.‏» وهذا انما يكرِّر نصيحة الرسول بولس البسيطة:‏ ‹التعبد التقوي مع الاكتفاء ربح عظيم.‏› —‏ ١ تيموثاوس ٦:‏٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

      ١٧ اية طريقة حياة ينصح بها الكتاب المقدس؟‏

      ١٧ هنالك عنصر مهم لا يجب ان نتغاضى عنه.‏ فمع ان «طريقة الحياة البسيطة والمتواضعة» لها فوائد عديدة،‏ إلا انها ليست بحدّ ذاتها ما يجلب الاكتفاء.‏ فكثيرون تكون طريقة حياتهم بسيطة بحكم الظروف،‏ ولكنهم ليسوا مكتفين او سعداء على الاطلاق.‏ ولا يحثنا الكتاب المقدس على التخلي عن المتعة المادية والعيش عيشة النسَّاك.‏ فالتشديد هو على التعبد التقوي لا على الاكتفاء.‏ وفقط عندما نقرن الاثنين نحصل على ‹ربح عظيم.‏› ايّ ربح؟‏ في ما بعد في تلك الرسالة نفسها،‏ يشير بولس الى ان الذين ‹لا يلقون رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على اللّٰه سيدَّخرون لانفسهم اساسا حسنا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الابدية.‏› —‏ ١ تيموثاوس ٦:‏١٧-‏١٩‏.‏

      ١٨ (‏أ)‏ كيف يجد المرء الانتعاش الحقيقي؟‏ (‏ب)‏ كيف ينبغي ان ننظر الى التغييرات التي قد نضطر الى صنعها؟‏

      ١٨ سنبلغ الانتعاش اذا تعلَّمنا ان نُنزل حملنا الشخصي الثقيل الوطأة ونحمل الحمل الخفيف الذي يقدِّمه يسوع.‏ ان كثيرين من الذين اعادوا تنظيم حياتهم بحيث يستطيعون ان يشتركوا بشكل اكمل في خدمة الملكوت وجدوا الطريق الى حياة من السعادة والاكتفاء.‏ طبعا،‏ يلزم الايمان والشجاعة ليتخذ المرء خطوة كهذه،‏ وقد تكون هنالك عوائق في الطريق.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يذكِّرنا:‏ «مَن يرصد الريح لا يزرع ومَن يراقب السحب لا يحصد.‏» (‏جامعة ١١:‏٤‏)‏ ان الكثير من الامور لا تعود صعبة جدا عندما نصمِّم على فعلها.‏ ويبدو ان الجزء الاصعب هو التصميم.‏ فقد نرهق انفسنا بالمجاهدة لقبول فكرة المهمة الصعبة او مقاومتها.‏ فإذا اعددنا اذهاننا وقبلنا التحدي،‏ فقد تدهشنا البركة التي تنتج من ذلك.‏ حثنا المرنم الملهم:‏ «ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب.‏» —‏ مزمور ٣٤:‏٨؛‏ ١ بطرس ١:‏١٣‏.‏

      ‏‹الانتعاش لنفوسكم›‏

      ١٩ (‏أ)‏ ماذا يمكن ان نتوقع فيما تستمر الاحوال العالمية في التدهور؟‏ (‏ب)‏ ونحن تحت نير يسوع،‏ ممَّ نكون على يقين؟‏

      ١٩ ذكَّر الرسول بولس التلاميذ في القرن الاول:‏ «بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت اللّٰه.‏» (‏اعمال ١٤:‏٢٢‏)‏ وينطبق ذلك اليوم ايضا.‏ فإذ تستمر الاحوال العالمية في التدهور،‏ تقوى ايضا الضغوط على جميع المصمِّمين ان يحيوا حياة البرّ والتعبد التقوي.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٢؛‏ رؤيا ١٣:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ ولكننا نشعر كما شعر بولس عندما قال:‏ «مكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين.‏ متحيِّرين لكن غير يائسين.‏ مضطهدين لكن غير متروكين.‏ مطروحين لكن غير هالكين.‏» والسبب هو اننا نستطيع ان نتكل على يسوع المسيح لمنحنا القوة فوق ما هو عادي.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏٧-‏٩‏)‏ وبقبولنا نير التلمذة من كل القلب،‏ سنتمتع بإتمام وعد يسوع:‏ ‹تجدون (‏انتعاشا)‏ لنفوسكم.‏› —‏ متى ١١:‏٢٩‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة