-
مثلان عن الكرْميسوع: الطريق والحق والحياة
-
-
اَلْفَصْلُ ١٠٦
مَثَلَانِ عَنِ ٱلْكَرْمِ
متى ٢١:٢٨-٤٦ مرقس ١٢:١-١٢ لوقا ٢٠:٩-١٩
مَثَلٌ عَنِ ٱبْنَيْنِ
مَثَلٌ عَنْ فَلَّاحِي ٱلْكَرْمِ
لَا يَزَالُ يَسُوعُ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَقَدْ جَاوَبَ لِتَوِّهِ كِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ وَشُيُوخَ ٱلشَّعْبِ بِذَكَاءٍ بَعْدَمَا سَأَلُوهُ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ يَتَصَرَّفُ. وَجَوَابُهُ هٰذَا أَرْبَكَهُمْ وَأَسْكَتَهُمْ. وَمِنْ ثُمَّ يَتَكَلَّمُ بِمَثَلٍ يَكْشِفُ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالَ عَلَى حَقِيقَتِهِمْ.
يَقُولُ: «كَانَ لِإِنْسَانٍ ٱبْنَانِ فَجَاءَ إِلَى ٱلْأَوَّلِ وَقَالَ يَا ٱبْنِي ٱذْهَبِ ٱلْيَوْمَ ٱعْمَلْ فِي كَرْمِي. فَأَجَابَ وَقَالَ مَا أُرِيدُ. وَلٰكِنَّهُ نَدِمَ أَخِيرًا وَمَضَى. وَجَاءَ إِلَى ٱلثَّانِي وَقَالَ كَذٰلِكَ. فَأَجَابَ وَقَالَ هَا أَنَا يَا سَيِّدُ. وَلَمْ يَمْضِ. فَأَيُّ ٱلِٱثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ ٱلْأَبِ». (متى ٢١:٢٨-٣١، ترجمة فاندايك) هَلْ مِنْ شَكٍّ فِي ٱلْجَوَابِ؟ طَبْعًا ٱلِٱبْنُ ٱلْأَوَّلُ هُوَ مَنْ عَمِلَ أَخِيرًا إِرَادَةَ أَبِيهِ.
بِنَاءً عَلَى ذٰلِكَ، يَقُولُ يَسُوعُ لِمُقَاوِمِيهِ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ جُبَاةَ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْعَاهِرَاتِ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ». فَمَعَ أَنَّ جُبَاةَ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْعَاهِرَاتِ لَمْ يَعْبُدُوا ٱللّٰهَ فِي ٱلْبِدَايَةِ، تَابُوا لَاحِقًا تَمَامًا كَٱلِٱبْنِ ٱلْأَوَّلِ وَصَارُوا يَعْبُدُونَهُ. بِٱلْمُقَابِلِ، يُشْبِهُ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ٱلِٱبْنَ ٱلثَّانِيَ. فَهُمْ يَدَّعُونَ عِبَادَةَ ٱللّٰهِ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ بَعِيدُونَ عَنْهَا. يَذْكُرُ يَسُوعُ: «يُوحَنَّا [ٱلْمَعْمَدَانُ] جَاءَكُمْ بِطَرِيقِ ٱلْبِرِّ، فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ. أَمَّا جُبَاةُ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْعَاهِرَاتُ فَآمَنُوا بِهِ، وَأَنْتُمْ رَأَيْتُمْ هٰذَا، وَلَمْ تَشْعُرُوا بَعْدَ ذٰلِكَ بِأَسَفٍ لِتُؤْمِنُوا بِهِ». — متى ٢١:٣١، ٣٢.
ثُمَّ يُقَدِّمُ مَثَلًا آخَرَ يَفْضَحُ مِنْ خِلَالِهِ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ. فَهُمْ بِحَسَبِ هٰذَا ٱلْمَثَلِ لَمْ يَفْشَلُوا فِي عِبَادَةِ ٱللّٰهِ فَحَسْبُ، بَلْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ أَشْرَارٌ أَيْضًا. يَقُولُ: «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَقَامَ حَوْلَهُ سِيَاجًا، وَحَفَرَ حَوْضًا لِمِعْصَرَةِ ٱلْخَمْرِ وَشَيَّدَ بُرْجًا، وَأَجَّرَهُ لِفَلَّاحِينَ، وَسَافَرَ. وَلَمَّا آنَ ٱلْأَوَانُ، أَرْسَلَ إِلَى ٱلْفَلَّاحِينَ عَبْدًا، لِيَأْخُذَ مِنَ ٱلْفَلَّاحِينَ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ ٱلْكَرْمِ. فَأَخَذُوهُ وَضَرَبُوهُ وَصَرَفُوهُ فَارِغًا. فَعَادَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدًا آخَرَ، وَهٰذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَأَهَانُوهُ. وَأَرْسَلَ آخَرَ، وَهٰذَا أَيْضًا قَتَلُوهُ، وَكَثِيرِينَ آخَرِينَ، فَضَرَبُوا بَعْضَهُمْ وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ». — مرقس ١٢:١-٥.
هَلْ يَفْهَمُ ٱلسَّامِعُونَ مَغْزَى ٱلْمَثَلِ؟ لَرُبَّمَا هُمْ يَذْكُرُونَ أَنَّ إِشَعْيَا ٱنْتَقَدَ أُمَّةَ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: «إِنَّ كَرْمَ يَهْوَهِ ٱلْجُنُودِ هُوَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ يَهُوذَا. وَقَدْ رَجَا عَدْلًا فَإِذَا كَسْرٌ لِلشَّرِيعَةِ». (اشعيا ٥:٧) وَٱلْمَثَلُ ٱلَّذِي يُقَدِّمُهُ يَسُوعُ شَبِيهٌ بِمَا كَتَبَهُ إِشَعْيَا. فَرَبُّ ٱلْبَيْتِ فِي كِلَا ٱلْمَثَلَيْنِ هُوَ يَهْوَهُ وَٱلْكَرْمُ هُوَ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي سَيَّجَ حَوْلَهَا وَحَمَاهَا بِوَاسِطَةِ شَرِيعَتِهِ. وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْبِيَاءَ لِكَيْ يُوَجِّهَهَا وَيُسَاعِدَهَا لِتُنْتِجَ ثَمَرًا جَيِّدًا.
غَيْرَ أَنَّ «ٱلْفَلَّاحِينَ» أَسَاءُوا مُعَامَلَةَ ‹ٱلْعَبِيدِ› ٱلَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ وَقَتَلُوهُمْ. «وَبَقِيَ لَهُ [صَاحِبِ ٱلْكَرْمِ] وَاحِدٌ، ٱبْنٌ حَبِيبٌ. فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ أَخِيرًا، قَائِلًا: ‹سَيَحْتَرِمُونَ ٱبْنِي›. وَلٰكِنَّ أُولٰئِكَ ٱلْفَلَّاحِينَ قَالُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ: ‹هٰذَا هُوَ ٱلْوَارِثُ. تَعَالَوْا نَقْتُلُهُ، فَيَكُونَ ٱلْمِيرَاثُ لَنَا›. فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ». — مرقس ١٢:٦-٨.
فَيَسْأَلُ يَسُوعُ: «مَاذَا يَفْعَلُ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ؟». (مرقس ١٢:٩) يُجِيبُهُ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ: «لِأَنَّهُمْ أَرْدِيَاءُ سَيُهْلِكُهُمْ هَلَاكًا رَدِيًّا وَيُؤَجِّرُ ٱلْكَرْمَ لِفَلَّاحِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ ٱلثِّمَارَ فِي أَوَانِهَا». — متى ٢١:٤١.
وَهٰكَذَا، دُونَ أَنْ يَدْرُوا، يَدِينُونَ ذَاتَهُمْ. فَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ‹فَلَّاحُونَ› فِي «كَرْمِ» يَهْوَهَ، أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ. وَٱلثَّمَرُ ٱلَّذِي يُفْتَرَضُ أَنْ يُقَدِّمُوهُ لِلّٰهِ يَشْمُلُ ٱلْإِيمَانَ بِٱبْنِهِ، ٱلْمَسِيَّا. لِذَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مُبَاشَرَةً وَيَقُولُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ هٰذِهِ ٱلْآيَةَ: ‹اَلْحَجَرُ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ هُوَ صَارَ حَجَرَ ٱلزَّاوِيَةِ ٱلرَّئِيسِيَّ. مِنْ يَهْوَهَ كَانَ هٰذَا، وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا›؟». (مرقس ١٢:١٠، ١١) ثُمَّ يَذْكُرُ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ: «لِهٰذَا أَقُولُ لَكُمْ: مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تُنْتِجُ ثِمَارَهُ». — متى ٢١:٤٣.
وَبِمَا أَنَّ ٱلْكَتَبَةَ وَكِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ يُدْرِكُونَ أَنَّ يَسُوعَ «قَالَ هٰذَا ٱلْمَثَلَ عَلَيْهِمْ»، يُصَمِّمُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى أَنْ يَقْتُلُوا «ٱلْوَارِثَ» ٱلشَّرْعِيَّ يَسُوعَ. (لوقا ٢٠:١٩) غَيْرَ أَنَّهُمْ يَخَافُونَ مِنَ ٱلْجُمُوعِ لِأَنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَهُ نَبِيًّا. فَيُبَيِّتُونَ ٱلْمَسْأَلَةَ حَتَّى وَقْتٍ لَاحِقٍ.
-
-
ملك يوجِّه دعوات الى وليمة عرسيسوع: الطريق والحق والحياة
-
-
اَلْفَصْلُ ١٠٧
مَلِكٌ يُوَجِّهُ دَعَوَاتٍ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ
مَثَلُ وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ
خِدْمَةُ يَسُوعَ تُشْرِفُ عَلَى نِهَايَتِهَا، وَهُوَ لَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ بِأَمْثَالٍ يَفْضَحُ مِنْ خِلَالِهَا ٱلْكَتَبَةَ وَكِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ. لِذَا هُمْ مُصَمِّمُونَ عَلَى قَتْلِهِ. (لوقا ٢٠:١٩) وَهَا هُوَ ٱلْآنَ يُقَدِّمُ مَثَلًا آخَرَ يُشَهِّرُهُمْ:
«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱلسَّمٰوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ وَلِيمَةَ عُرْسٍ لِٱبْنِهِ. وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا ٱلْمَدْعُوِّينَ إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ، فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا». (متى ٢٢:٢، ٣) بِمَا أَنَّ يَسُوعَ يَسْتَهِلُّ مَثَلَهُ بِٱلْحَدِيثِ عَنْ «مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ»، فَمِنَ ٱلْمَنْطِقِيِّ أَنْ يَكُونَ ‹ٱلْمَلِكُ› هُوَ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ. وَمَنْ يُمَثِّلُ ٱبْنُ ٱلْمَلِكِ وَٱلْمَدْعُوُّونَ إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ؟ مِنَ ٱلْبَيِّنِ أَنَّ ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ هُوَ ٱبْنُ يَهْوَهَ، يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلَّذِي يُقَدِّمُ ٱلْمَثَلَ. أَمَّا ٱلْمَدْعُوُّونَ فَوَاضِحٌ أَنَّهُمُ ٱلْأَشْخَاصُ ٱلَّذِينَ سَيَكُونُونَ مَعَ ٱلِٱبْنِ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ.
وَلٰكِنْ مَنْ هُمْ أَوَّلُ ٱلْمَدْعُوِّينَ؟ طَوَالَ خِدْمَةِ يَسُوعَ، كَانَ هُوَ وَتَلَامِيذُهُ يُبَشِّرُونَ ٱلْيَهُودَ بِٱلْمَلَكُوتِ. (متى ١٠:٦، ٧؛ ١٥:٢٤) فَقَدْ وَافَقَتْ هٰذِهِ ٱلْأُمَّةُ عَلَى عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ عَامَ ١٥١٣ قم، فَكَانَتِ ٱلْأَوْلَوِيَّةُ لَهُمْ لِيُؤَلِّفُوا «مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ». (خروج ١٩:٥-٨) وَمَتَى دُعُوا إِلَى «وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ»؟ مَنْطِقِيًّا وُجِّهَتْ هٰذِهِ ٱلدَّعْوَةُ عَامَ ٢٩ بم حِينَ بَدَأَ يَسُوعُ يُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ.
وَمَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ مُعْظَمِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟ كَمَا قَالَ يَسُوعُ، «لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا». فَأَغْلَبُ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ وَٱلشَّعْبِ رَفَضُوا ٱلِٱعْتِرَافَ بِيَسُوعَ بِصِفَتِهِ ٱلْمَسِيَّا وَٱلْمَلِكَ ٱلَّذِي عَيَّنَهُ ٱللّٰهُ.
مَعَ ذٰلِكَ، يُظْهِرُ يَسُوعُ أَنَّ ٱلْيَهُودَ سَيَحْظَوْنَ بِفُرْصَةٍ أُخْرَى. يَذْكُرُ: «وَأَرْسَلَ [ٱلْمَلِكُ] ثَانِيَةً عَبِيدًا آخَرِينَ، قَائِلًا: ‹قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: «هَا إِنِّي قَدْ هَيَّأْتُ غَدَائِي. ثِيرَانِي وَحَيَوَانَاتِي ٱلْمُسَمَّنَةُ قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ»›. وَلٰكِنَّهُمْ مَضَوْا غَيْرَ مُكْتَرِثِينَ، وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ، وَٱلْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَأَهَانُوهُمْ وَأَسَاءُوا إِلَيْهِمْ وَقَتَلُوهُمْ». (متى ٢٢:٤-٦) تُشْبِهُ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثُ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ مَا حَصَلَ حِينَ تَأَسَّسَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ. آنَذَاكَ كَانَتِ ٱلْفُرْصَةُ لَا تَزَالُ مُتَاحَةً أَمَامَ ٱلْيَهُودِ لِيَكُونُوا فِي ٱلْمَلَكُوتِ. غَيْرَ أَنَّ مُعْظَمَهُمْ رَفَضُوا ٱلدَّعْوَةَ. وَلَمْ يَكْتَفُوا بِذٰلِكَ فَقَطْ، بَلْ أَسَاءُوا إِلَى ‹عَبِيدِ ٱلْمَلِكِ› أَيْضًا. — اعمال ٤:١٣-١٨؛ ٧:٥٤، ٥٨.
وَمَاذَا حَصَدَتِ ٱلْأُمَّةُ بِٱلنَّتِيجَةِ؟ يَقُولُ ٱلْمَسِيحُ: «سَخِطَ ٱلْمَلِكُ وَأَرْسَلَ جَيْشَهُ وَأَهْلَكَ أُولٰئِكَ ٱلْقَتَلَةَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ». (متى ٢٢:٧) وَبِٱلْفِعْلِ هٰذَا مَا حَصَلَ لَهُمْ سَنَةَ ٧٠ بم حِينَ دَمَّرَ ٱلرُّومَانُ «مَدِينَتَهُمْ» أُورُشَلِيمَ.
وَلٰكِنْ هَلْ رَفْضُهُمُ ٱلدَّعْوَةَ يَعْنِي أَنَّ ٱلْمَلِكَ لَنْ يَدْعُوَ أَحَدًا آخَرَ؟ كَلَّا. فَيَسُوعُ يُكْمِلُ: «ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: ‹وَلِيمَةُ ٱلْعُرْسِ مُعَدَّةٌ، وَلٰكِنَّ ٱلْمَدْعُوِّينَ مَا كَانُوا مُسْتَحِقِّينَ. فَٱذْهَبُوا إِلَى ٱلطُّرُقِ ٱلْمُؤَدِّيَةِ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ، وَٱدْعُوا إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ كُلَّ مَنْ تَجِدُونَهُ›. فَخَرَجَ أُولٰئِكَ ٱلْعَبِيدُ إِلَى ٱلطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ مَنْ وَجَدُوا، أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ. فَٱمْتَلَأَتْ قَاعَةُ ٱلْعُرْسِ بِٱلْمُتَّكِئِينَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ». — متى ٢٢:٨-١٠.
بِحَسَبِ ٱلسِّجِلِّ، بَدَأَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ بَعْدَ فَتْرَةٍ يُسَاعِدُ ٱلْأُمَمِيِّينَ، أَيْ مَنْ لَيْسُوا يَهُودًا بِٱلْوِلَادَةِ أَوْ مُتَهَوِّدِينَ، لِيَصِيرُوا مَسِيحِيِّينَ حَقِيقِيِّينَ. وَسَنَةَ ٣٦ بم، نَالَ ٱلضَّابِطُ ٱلرُّومَانِيُّ كَرْنِيلِيُوسُ وَعَائِلَتُهُ رُوحَ ٱللّٰهِ فَحَظُوا بِٱلفُرْصَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ ٱلَّذِي أَتَى يَسُوعُ عَلَى ذِكْرِهِ. — اعمال ١٠:١، ٣٤-٤٨.
لٰكِنَّ يَسُوعَ يُشِيرُ أَنَّ «ٱلْمَلِكَ» لَنْ يَقْبَلَ فِي ٱلنِّهَايَةِ جَمِيعَ ٱلْمَدْعُوِّينَ إِلَى ٱلْوَلِيمَةِ. يَذْكُرُ: «وَلَمَّا دَخَلَ ٱلْمَلِكُ لِيَتَفَقَّدَ ٱلضُّيُوفَ، أَبْصَرَ إِنْسَانًا لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ عُرْسٍ. فَقَالَ لَهُ: ‹يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ ثَوْبُ عُرْسٍ؟›. فَسَكَتَ. حِينَئِذٍ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِخَدَمِهِ: ‹قَيِّدُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَلْقُوهُ فِي ٱلظُّلْمَةِ ٱلْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلْأَسْنَانِ›. فَإِنَّ ٱلْمَدْعُوِّينَ كَثِيرُونَ، أَمَّا ٱلْمُخْتَارُونَ فَقَلِيلُونَ». — متى ٢٢:١١-١٤.
لَعَلَّ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ لَمْ يَفْهَمُوا كَامِلًا مَعْنَى أَوِ ٱنْطِبَاقَاتِ ٱلْمَثَلِ. إِلَّا أَنَّ ٱلشَّيْءَ ٱلْأَكِيدَ أَنَّهُمْ غَاضِبُونَ وَعَازِمُونَ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ هٰذَا ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي لَمْ يَكُفَّ عَنْ إِحْرَاجِهِمْ قَطُّ.
-
-
يسوع يُحبط محاولات للايقاع بهيسوع: الطريق والحق والحياة
-
-
اَلْفَصْلُ ١٠٨
يَسُوعُ يُحْبِطُ مُحَاوَلَاتٍ لِلْإِيقَاعِ بِهِ
متى ٢٢:١٥-٤٠ مرقس ١٢:١٣-٣٤ لوقا ٢٠:٢٠-٤٠
مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ
اَلزَّوَاجُ فِي ٱلْقِيَامَةِ
اَلْوَصِيَّتَانِ ٱلْعُظْمَيَانِ
أَعْدَاءُ يَسُوعَ ٱلدِّينِيُّونَ حَانِقُونَ عَلَيْهِ. فَقَدْ تَكَلَّمَ لِلتَّوِّ بِأَمْثَالٍ تَفْضَحُ شُرُورَهُمْ. فَيَتَشَاوَرُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ مَعًا لِكَيْ يُوقِعُوهُ بِٱلْكَلَامِ وَيُسَلِّمُوهُ إِلَى ٱلْحَاكِمِ ٱلرُّومَانِيِّ. فَيَرْشُونَ بَعْضَ تَلَامِيذِهِمْ وَيُرْسِلُونَهُمْ لِيَنْصِبُوا لَهُ فَخًّا. — لوقا ٦:٧.
فَيَسْأَلُونَهُ بِتَمَلُّقٍ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْرِفُ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ بِٱلصَّوَابِ وَلَا تُحَابِي، بَلْ تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ ٱنْسِجَامًا مَعَ ٱلْحَقِّ: أَيَحِلُّ لَنَا أَنْ نَدْفَعَ ٱلضَّرِيبَةَ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟». (لوقا ٢٠:٢١، ٢٢) لَا يَخْفَى عَلَى يَسُوعَ رِيَاؤُهُمْ وَمَكْرُهُمْ. فَإِذَا أَجَابَ: ‹لَا يَحِلُّ دَفْعُ هٰذِهِ ٱلضَّرِيبَةِ›، فَقَدْ يُتَّهَمُ بِٱلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْفِتْنَةِ ضِدَّ رُومَا. وَإِذَا قَالَ: ‹اِدْفَعُوا هٰذِهِ ٱلضَّرِيبَةَ›، فَلَعَلَّ ٱلشَّعْبَ ٱلْمُسْتَاءَ مِنَ ٱلْحُكْمِ ٱلرُّومَانِيِّ يُسِيءُ فَهْمَهُ وَيَنْقَلِبُ عَلَيْهِ. فَبِمَ يُجِيبُ إِذًا؟
يَرُدُّ: «لِمَ تَمْتَحِنُونَنِي، يَا مُرَاؤُونَ؟ أَرُونِي نَقْدَ ضَرِيبَةِ ٱلرَّأْسِ». فَيُحْضِرُونَ إِلَيْهِ دِينَارًا. فَيَسْأَلُهُمْ: «لِمَنْ هٰذِهِ ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ؟». يُجِيبُونَ: «لِقَيْصَرَ». فَيَرُدُّ: «أَوْفُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ، وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ»! أَوَلَيْسَ جَوَابُهُ هٰذَا ضَرْبَةَ مُعَلِّمٍ؟! — متى ٢٢:١٨-٢١.
لَا عَجَبَ أَنْ يُصْعَقَ ٱلرِّجَالُ مِنْ هٰذَا ٱلْجَوَابِ ٱلذَّكِيِّ. فَيَتْرُكُونَهُ عِنْدَئِذٍ وَلَا يَقُولُونَ شَيْئًا. لٰكِنَّ ٱلْيَوْمَ لَمْ يَنْتَهِ بَعْدُ وَمَكَايِدُ خُصُومِهِ لَمْ تَنْتَهِ هِيَ ٱلْأُخْرَى. وَٱلْآنَ، بَعْدَمَا فَشِلَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ، يَأْتِي دَوْرُ فَرِيقٍ دِينِيٍّ آخَرَ لِيُوقِعَ بِيَسُوعَ.
هٰذَا ٱلْفَرِيقُ هُوَ بِدْعَةُ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْقِيَامَةِ. فَيَقْتَرِبُونَ مِنْ يَسُوعَ وَيَسْأَلُونَهُ عَنِ ٱلْقِيَامَةِ وَوَاجِبِ أَخِي ٱلزَّوْجِ ٱلْمُتَوَفَّى، قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: ‹إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلَادٌ، يَقْتَرِنُ أَخُوهُ بِزَوْجَتِهِ وَيُقِيمُ نَسْلًا لِأَخِيهِ›. فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. وَتَزَوَّجَ ٱلْأَوَّلُ وَمَاتَ وَلَيْسَ لَهُ نَسْلٌ، فَتَرَكَ زَوْجَتَهُ لِأَخِيهِ. وَحَدَثَ كَذٰلِكَ أَيْضًا مَعَ ٱلثَّانِي وَٱلثَّالِثِ، إِلَى ٱلسَّبْعَةِ جَمِيعًا. وَآخِرَ ٱلْكُلِّ مَاتَتِ ٱلْمَرْأَةُ. فَفِي ٱلْقِيَامَةِ، لِمَنْ مِنَ ٱلسَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ». — متى ٢٢:٢٤-٢٨.
فَيَقْتَبِسُ يَسُوعُ مِنْ كِتَابَاتِ مُوسَى ٱلَّتِي يُؤْمِنُونَ بِهَا وَيَقُولُ: «أَلَيْسَ لِهٰذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لَا تَعْرِفُونَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ وَلَا قُدْرَةَ ٱللّٰهِ؟ لِأَنَّهُمْ حِينَ يَقُومُونَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، لَا يَتَزَوَّجُ ٱلرِّجَالُ وَلَا تُزَوَّجُ ٱلنِّسَاءُ، بَلْ يَكُونُونَ مِثْلَ ٱلْمَلَائِكَةِ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ. أَمَّا أَنَّ ٱلْأَمْوَاتَ يَقُومُونَ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي ٱلرِّوَايَةِ عَنِ ٱلْعُلَّيْقَةِ، كَيْفَ قَالَ ٱللّٰهُ لَهُ: ‹أَنَا إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ›؟ فَهُوَ لَيْسَ إِلٰهَ أَمْوَاتٍ، بَلْ أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ تَضِلُّونَ كَثِيرًا». (مرقس ١٢:٢٤-٢٧؛ خروج ٣:١-٦) فَذَهِلَتِ ٱلْجُمُوعُ مِنْ هٰذَا ٱلْجَوَابِ.
وَبَعْدَمَا أَسْكَتَ يَسُوعُ كِلَا ٱلْفَرِيقَيْنِ، ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ، يَتَحَالَفُونَ مَعًا وَيَأْتُونَ لِيَمْتَحِنُوهُ مَرَّةً جَدِيدَةً. فَيَسْأَلُهُ أَحَدُ ٱلْكَتَبَةِ: «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ ٱلْعُظْمَى فِي ٱلشَّرِيعَةِ؟». — متى ٢٢:٣٦.
فَيُجِيبُ: «اَلْأُولَى هِيَ: ‹اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ، يَهْوَهُ إِلٰهُنَا، يَهْوَهُ وَاحِدٌ، وَتُحِبُّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ وَبِكُلِّ عَقْلِكَ وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ›. وَٱلثَّانِيَةُ هِيَ هٰذِهِ: ‹تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ›. وَلَيْسَ مِنْ وَصِيَّةٍ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ». — مرقس ١٢:٢٩-٣١.
وَعِنْدَمَا يَسْمَعُ ٱلْكَاتِبُ جَوَابَ يَسُوعَ يَقُولُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَحْسَنْتَ إِذْ قُلْتَ بِٱلْحَقِّ: ‹وَاحِدٌ هُوَ، وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ›. وَمَحَبَّتُهُ بِكُلِّ ٱلْقَلْبِ وَبِكُلِّ ٱلْفَهْمِ وَبِكُلِّ ٱلْقُوَّةِ وَمَحَبَّةُ ٱلْقَرِيبِ كَٱلنَّفْسِ، أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ ٱلْمُحْرَقَاتِ وَٱلذَّبَائِحِ». أَمَّا يَسُوعُ فَيَرُدُّ عَلَى هٰذَا ٱلْجَوَابِ ٱلْمُلْفِتِ قَائِلًا: «لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ». — مرقس ١٢:٣٢-٣٤.
ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مَضَتْ (٩، ١٠، و ١١ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ) وَيَسُوعُ يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ. وَٱلْبَعْضُ، مِثْلَ هٰذَا ٱلْكَاتِبِ، يَفْرَحُونَ بِمَا يَسْمَعُونَ. أَمَّا ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ‹فَلَا يَجْرُؤُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدُ أَنْ يَسْأَلَهُ›.
-
-
تشهير المقاومين الدينيينيسوع: الطريق والحق والحياة
-
-
اَلْفَصْلُ ١٠٩
تَشْهِيرُ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلدِّينِيِّينَ
متى ٢٢:٤١–٢٣:٢٤ مرقس ١٢:٣٥-٤٠ لوقا ٢٠:٤١-٤٧
اِبْنُ مَنْ هُوَ ٱلْمَسِيحُ؟
يَسُوعُ يَفْضَحُ رِيَاءَ مُقَاوِمِيهِ
تَبُوءُ جُهُودُ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلدِّينِيِّينَ بِٱلْفَشَلِ. فَلَا يَنْجَحُونَ فِي تَشْوِيهِ صُورَةِ يَسُوعَ وَلَا ٱلْإِيقَاعِ بِهِ وَتَسْلِيمِهِ إِلَى ٱلرُّومَانِ. (لوقا ٢٠:٢٠) وَٱلْآنَ، فِيمَا لَا يَزَالُ فِي ٱلْهَيْكَلِ فِي ١١ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ، يَأْخُذُ ٱلْمُبَادَرَةَ وَيَكْشِفُ هُوِيَّتَهُ ٱلْحَقِيقِيَّةَ. فَيَسْأَلُهُمْ هُوَ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ: «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي ٱلْمَسِيحِ؟ اِبْنُ مَنْ هُوَ؟». (متى ٢٢:٤٢) طَبْعًا، لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ أَنَّ ٱلْمَسِيحَ أَوِ ٱلْمَسِيَّا هُوَ مِنْ سُلَالَةِ دَاوُدَ، وَهٰذَا مَا يُجِيبُونَ بِهِ. — متى ٩:٢٧؛ ١٢:٢٣؛ يوحنا ٧:٤٢.
فَيَسْأَلُ مُجَدَّدًا: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِٱلْوَحْيِ ‹رَبًّا›، قَائِلًا: ‹قَالَ يَهْوَهُ لِرَبِّي: «اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي إِلَى أَنْ أَضَعَ أَعْدَاءَكَ تَحْتَ قَدَمَيْكَ»›؟ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ ‹رَبًّا›، فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ ٱبْنَهُ؟». — متى ٢٢:٤٣-٤٥.
يَلْزَمُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلصَّمْتَ. فَهُمْ يَتَوَقَّعُونَ أَنْ يَكُونَ ٱلْمَسِيَّا إِنْسَانًا مُتَحَدِّرًا مِنْ دَاوُدَ يُحَرِّرُهُمْ مِنْ نِيرِ ٱلرُّومَانِ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي يَقْتَبِسُهَا يَسُوعُ مِنَ ٱلْمَزْمُورِ ١١٠:١، ٢ تُؤَكِّدُ أَنَّ ٱلْمَسِيَّا لَيْسَ مُجَرَّدَ حَاكِمٍ بَشَرِيٍّ. فَهُوَ رَبُّ دَاوُدَ. وَسَيُمَارِسُ سُلْطَتَهُ بَعْدَ أَنْ يَجْلِسَ عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ. وَهٰكَذَا يُفْحِمُ يَسُوعُ مُقَاوِمِيهِ مَرَّةً أُخْرَى.
وَمِنْ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ بِٱلْحَدِيثِ إِلَى ٱلرُّسُلِ وَكَثِيرِينَ غَيْرِهِمْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ مُحَذِّرًا إِيَّاهُمْ مِنَ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ. صَحِيحٌ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ‹جَلَسُوا عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى› لِيُعَلِّمُوا شَرِيعَةَ ٱللّٰهِ، لٰكِنَّ يَسُوعَ يَطْلُبُ مِنْ مُسْتَمِعِيهِ: «اِفْعَلُوا كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ لَكُمْ وَٱحْفَظُوهُ، وَلٰكِنْ لَا تَفْعَلُوا حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلَا يَفْعَلُونَ». — متى ٢٣:٢، ٣.
بَعْدَئِذٍ يَتَكَلَّمُ بِأَمْثِلَةٍ تَكْشِفُ رِيَاءَهُمْ. فَيَقُولُ: «هُمْ يُعَرِّضُونَ ٱلْعُلَبَ ٱلْمُحْتَوِيَةَ عَلَى آيَاتٍ ٱلَّتِي يَلْبَسُونَهَا كَتَعَاوِيذَ». وَضَعَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ عَلَى جِبَاهِهِمْ أَوْ أَذْرُعِهِمْ عُلَبًا صَغِيرَةً نِسْبِيًّا تَحْتَوِي عَلَى مَقَاطِعَ صَغِيرَةٍ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ. أَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ فَكَبَّرُوا هٰذِهِ ٱلْعُلَبَ لِيُوحُوا أَنَّهُمْ غَيُورُونَ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ. هٰذَا وَقَدْ كَانُوا «يُطِيلُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ». صَحِيحٌ أَنَّ ٱللّٰهَ أَوْصَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَصْنَعُوا أَهْدَابًا لِثِيَابِهِمْ، إِلَّا أَنَّ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ قَصَدُوا أَنْ يُطِيلُوا هٰذِهِ ٱلْأَهْدَابَ كَثِيرًا. (عدد ١٥:٣٨-٤٠) كُلُّ ذٰلِكَ يَفْعَلُونَهُ «لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ ٱلنَّاسُ». — متى ٢٣:٥.
وَٱلْجَمِيعُ عُرْضَةٌ أَنْ يَقَعُوا فِي فَخِّ ٱلْبُرُوزِ، حَتَّى تَلَامِيذُ يَسُوعَ. لِذَا يَنْصَحُهُمْ: «لَا تُدْعَوْا رَابِّي، لِأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ. وَلَا تَدْعُوا أَحَدًا أَبًا لَكُمْ عَلَى ٱلْأَرْضِ، لِأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، وَهُوَ ٱلسَّمَاوِيُّ. وَلَا تُدْعَوْا ‹قَادَةً›، لِأَنَّ قَائِدَكُمْ وَاحِدٌ، وَهُوَ ٱلْمَسِيحُ». ثُمَّ يُرْدِفُ وَيُخْبِرُهُمْ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَيَتَصَرَّفُوا، فَيَقُولُ: «اَلْأَعْظَمُ بَيْنَكُمْ فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا. مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ». — متى ٢٣:٨-١٢.
بَعْدَمَا يَقُولُ هٰذَا، يَتْلُو سِلْسِلَةَ وَيْلَاتٍ عَلَى ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلْمُرَائِينَ: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ، لِأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمٰوَاتِ قُدَّامَ ٱلنَّاسِ، فَلَا أَنْتُمْ تَدْخُلُونَ، وَلَا تَسْمَحُونَ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلدُّخُولَ أَنْ يَدْخُلُوا!». — متى ٢٣:١٣.
ثُمَّ يَدِينُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ لِأَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ ٱعْتِبَارًا لِوُجْهَةِ نَظَرِ يَهْوَهَ، بَلْ يَسُنُّونَ قَوَانِينَ ٱعْتِبَاطِيَّةً كَمَا يَشَاءُونَ. فَيَقُولُونَ مَثَلًا: «مَنْ حَلَفَ بِٱلْهَيْكَلِ فَلَيْسَ ذٰلِكَ بِشَيْءٍ، أَمَّا مَنْ حَلَفَ بِذَهَبِ ٱلْهَيْكَلِ فَهُوَ مُلْزَمٌ». أَوَلَيْسَتْ مَقَايِيسُهُمْ مُشَوَّهَةً تَمَامًا؟! فَهُمْ يُعَلِّقُونَ أَهَمِّيَّةً عَلَى ذَهَبِ ٱلْهَيْكَلِ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى ٱلْهَيْكَلِ نَفْسِهِ حَيْثُ يَسْتَطِيعُونَ عِبَادَةَ يَهْوَهَ وَٱلتَّقَرُّبَ مِنْهُ. هٰذَا عَدَا عَنْ أَنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَ «أَثْقَلَ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ، أَيِ ٱلْعَدْلَ وَٱلرَّحْمَةَ وَٱلْأَمَانَةَ». — متى ٢٣:١٦، ٢٣؛ لوقا ١١:٤٢.
وَيُكْمِلُ يَسُوعُ وَاصِفًا ٱلْفَرِّيسِيِّينَ أَنَّهُمْ ‹قَادَةٌ عُمْيَانٌ يُصَفُّونَ مِنَ ٱلْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ ٱلْجَمَلَ›. (متى ٢٣:٢٤) فَمَعَ أَنَّهُمْ يُصَفُّونَ خَمْرَهُمْ مِنَ ٱلْبَعُوضَةِ لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ بِحَسَبِ ٱلشَّرِيعَةِ، يَتَجَاهَلُونَ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَثْقَلَ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ كَمَا لَوْ أَنَّهُمْ يَبْتَلِعُونَ جَمَلًا. وَٱلْجَمَلُ حَيَوَانٌ نَجِسٌ هُوَ ٱلْآخَرُ بِفَارِقٍ وَحِيدٍ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْبَعُوضَةِ بِأَشْوَاطٍ! — لاويين ١١:٤، ٢١-٢٤.
-
-
اليوم الاخير في الهيكليسوع: الطريق والحق والحياة
-
-
اَلْيَوْمُ ٱلْأَخِيرُ فِي ٱلْهَيْكَلِ
متى ٢٣:٢٥–٢٤:٢ مرقس ١٢:٤١–١٣:٢ لوقا ٢١:١-٦
يَسُوعُ لَا يَكُفُّ عَنْ إِدَانَةِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ
اَلْهَيْكَلُ سَيُدَمَّرُ
أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ تَتَبَرَّعُ بِفَلْسَيْنِ
إِنَّهَا إِطْلَالَةُ يَسُوعَ ٱلْأَخِيرَةُ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَهُوَ لَا يَكُفُّ عَنْ فَضْحِ رِيَاءِ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ، دَاعِيًا إِيَّاهُمْ عَلَى ٱلْمَلَإِ بِٱلْمُرَائِينَ. وَهَا هُوَ ٱلْآنَ يَقُولُ لَهُمْ: «تُطَهِّرُونَ خَارِجَ ٱلْكَأْسِ وَٱلصَّحْنِ، وَهُمَا فِي ٱلدَّاخِلِ مَمْلُوآنِ نَهْبًا وَتَطَرُّفًا! أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّ ٱلْأَعْمَى، طَهِّرْ أَوَّلًا دَاخِلَ ٱلْكَأْسِ وَٱلصَّحْنِ حَتَّى يَصِيرَ خَارِجُهُمَا طَاهِرًا أَيْضًا». (متى ٢٣:٢٥، ٢٦) بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمَجَازِيَّةِ، يُشِيرُ يَسُوعُ أَنَّ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ مُتَزَمِّتُونَ فِي مَا يَخْتَصُّ بِٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ وَٱلطُّقُوسِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِٱلتَّطْهِيرِ، لٰكِنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَ أَهَمِّيَّةَ تَنْمِيَةِ صِفَاتٍ حَسَنَةٍ وَيَفْشَلُونَ فِي تَطْهِيرِ قَلْبِهِمِ ٱلْمَجَازِيِّ.
وَيَظْهَرُ رِيَاؤُهُمْ أَيْضًا فِي أَنَّهُمْ مُسْتَعِدُّونَ أَنْ يَبْنُوا قُبُورًا لِلْأَنْبِيَاءِ وَيُزَيِّنُوهَا مَعَ أَنَّهُمْ «أَبْنَاءُ ٱلَّذِينَ قَتَلُوا ٱلْأَنْبِيَاءَ» كَمَا يَقُولُ ٱلْمَسِيحُ. (متى ٢٣:٣١) وَأَعْمَالُهُمْ تُؤَكِّدُ صِحَّةَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ. أَوَلَمْ يُحَاوِلُوا مِرَارًا أَنْ يَقْتُلُوا يَسُوعَ؟! — يوحنا ٥:١٨؛ ٧:١، ٢٥.
بَعْدَئِذٍ يَتَحَدَّثُ عَنْ نِهَايَةِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ فِي حَالِ لَمْ يَتُوبُوا، قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ سُلَالَةُ ٱلْأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ ٱلْهَلَاكِ فِي وَادِي هِنُّومَ؟». (متى ٢٣:٣٣) وَبِإِشَارَتِهِ إِلَى وَادِي هِنُّومَ ٱلْمُجَاوِرِ حَيْثُ تُحْرَقُ ٱلنُّفَايَاتُ، يُصَوِّرُ يَسُوعُ ٱلْهَلَاكَ ٱلْأَبَدِيَّ ٱلَّذِي سَيَلْقَاهُ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْأَشْرَارُ.
ثُمَّ يُشِيرُ يَسُوعُ إِلَى تَلَامِيذِهِ. فَهُمْ سَيُمَثِّلُونَهُ بِصِفَتِهِمْ «أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَمُرْشِدِينَ». فَكَيْفَ سَيُعَامَلُونَ؟ يَتَوَجَّهُ إِلَى ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ بِٱلْقَوْلِ: «بَعْضَ [تَلَامِيذِي] تَقْتُلُونَ وَتُعَلِّقُونَ عَلَى خَشَبَةٍ، وَبَعْضَهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ وَتَضْطَهِدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ بَارٍّ أُرِيقَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ ٱلْبَارِّ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا، ٱلَّذِي قَتَلْتُمُوهُ». وَيُحَذِّرُ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هٰذَا كُلَّهُ سَيَأْتِي عَلَى هٰذَا ٱلْجِيلِ». (متى ٢٣:٣٤-٣٦) وَهٰذَا مَا يَحْصُلُ بِٱلْفِعْلِ عَامَ ٧٠ بم حِينَ تُدَمِّرُ ٱلْجُيُوشُ ٱلرُّومَانِيَّةُ أُورُشَلِيمَ وَيَهْلَكُ مِئَاتُ آلَافِ ٱلْيَهُودِ.
وَحِينَ يُفَكِّرُ يَسُوعُ فِي هٰذَا ٱلْمُسْتَقْبَلِ ٱلْقَاتِمِ يَعْتَصِرُ ٱلْأَلَمُ قَلْبَهُ. فَيَحْزَنُ وَيَقُولُ: «يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا! كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلَادَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا! وَلَمْ تُرِيدُوا. هَا هُوَ بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ». (متى ٢٣:٣٧، ٣٨) لَا بُدَّ أَنَّ سَامِعِيهِ يَرُوحُونَ يَتَسَاءَلُونَ: ‹عَنْ أَيِّ «بَيْتٍ» يَتَكَلَّمُ؟ هَلْ يُعْقَلُ أَنَّهُ يَقْصِدُ هٰذَا ٱلْهَيْكَلَ ٱلْمَهِيبَ، ٱلْهَيْكَلَ ٱلَّذِي يَحْمِيهِ ٱللّٰهُ نَفْسُهُ؟!›.
بَعْدَ هٰذَا يُكْمِلُ: «أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ تَرَوْنِي أَبَدًا مِنَ ٱلْآنَ حَتَّى تَقُولُوا: ‹مُبَارَكٌ ٱلْآتِي بِٱسْمِ يَهْوَهَ!›». (متى ٢٣:٣٩) يَقْتَبِسُ ٱلْمَسِيحُ هُنَا مِنَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلنَّبَوِيَّةِ فِي ٱلْمَزْمُورِ ١١٨:٢٦: «مُبَارَكٌ ٱلْآتِي بِٱسْمِ يَهْوَهَ. بَارَكْنَاكُمْ مِنْ بَيْتِ يَهْوَهَ». وَبِٱلطَّبْعِ حَالَمَا يُدَمَّرُ هٰذَا ٱلْهَيْكَلُ ٱلْحَرْفِيُّ، لَنْ يَأْتِيَهُ أَحَدٌ بِٱسْمِ يَهْوَهَ.
يَتَوَجَّهُ يَسُوعُ ٱلْآنَ إِلَى قِسْمٍ مِنَ ٱلْهَيْكَلِ حَيْثُ صَنَادِيقُ ٱلْخِزَانَةِ. هٰذِهِ ٱلصَّنَادِيقُ عَلَى شَكْلِ بُوقٍ بِفُتْحَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ فَوْقُ يُسْقِطُ فِيهَا ٱلنَّاسُ تَبَرُّعَاتِهِمْ. فَيَجْلِسُ مُقَابِلَ ٱلصَّنَادِيقِ وَيَرَى ٱلْعَدِيدَ مِنَ ٱلْيَهُودِ يَتَبَرَّعُونَ، بِمَنْ فِيهِمْ أَغْنِيَاءُ «يُلْقُونَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلنُّقُودِ». ثُمَّ يَنْظُرُ وَإِذَا بِأَرْمَلَةٍ فَقِيرَةٍ تُلْقِي «فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ». (مرقس ١٢:٤١، ٤٢) وَهُوَ دُونَ شَكٍّ مُدْرِكٌ كَمِ ٱللّٰهُ مَسْرُورٌ بِهٰذَا ٱلتَّبَرُّعِ.
فَيَدْعُو تَلَامِيذَهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةَ ٱلْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ ٱلَّذِينَ أَلْقَوْا فِي صَنَادِيقِ ٱلْخِزَانَةِ». وَهَلْ هٰذَا مَعْقُولٌ؟! يَشْرَحُ: «كُلُّهُمْ أَلْقَوْا مِنْ فَضْلَتِهِمْ. أَمَّا هِيَ فَمِنْ عَوَزِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا تَمْلِكُ، كُلَّ مَعِيشَتِهَا». (مرقس ١٢:٤٣، ٤٤) فَيَا لَلْفَرْقِ ٱلشَّاسِعِ بَيْنَ أَفْكَارِهَا وَتَصَرُّفَاتِهَا وَأَفْكَارِ وَتَصَرُّفَاتِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ!
وَٱلْآنَ يُغَادِرُ يَسُوعُ ٱلْهَيْكَلَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأَخِيرَةِ. وَفِيمَا هُوَ ذَاهِبٌ بِرِفْقَةِ تَلَامِيذِهِ، يَقُولُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: «يَا مُعَلِّمُ، ٱنْظُرْ! أَيُّ حِجَارَةٍ وَأَيُّ أَبْنِيَةٍ هٰذِهِ!». (مرقس ١٣:١) وَبِٱلْفِعْلِ، فَإِنَّ بَعْضَ ٱلْحِجَارَةِ فِي جُدْرَانِ ٱلْهَيْكَلِ ضَخْمَةٌ لِلْغَايَةِ تُشِيدُ بِقُوَّةِ وَمَتَانَةِ هٰذَا ٱلْبِنَاءِ. وَعَلَيْهِ، لَا بُدَّ أَنَّ كَلِمَاتِ يَسُوعَ تَبْدُو غَرِيبَةً جِدًّا إِذْ يَقُولُ: «أَتَرَى هٰذِهِ ٱلْأَبْنِيَةَ ٱلْعَظِيمَةَ؟ لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ إِلَّا وَيُنْقَضُ». — مرقس ١٣:٢.
بَعْدَئِذٍ يَجْتَازُ هُوَ وَرُسُلُهُ وَادِيَ قِدْرُونَ وَيَصْعَدُونَ جَبَلَ ٱلزَّيْتُونِ. وَفِي مَرْحَلَةٍ مَا، يَأْتِيهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ رُسُلِهِ هُمْ بُطْرُسُ وَأَنْدَرَاوُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا. وَمِنْ حَيْثُ هُمْ جَالِسُونَ، يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُعَايِنُوا ٱلْهَيْكَلَ ٱلْمَهِيبَ وَيَتَأَمَّلُوهُ مِنْ فَوْقُ.
-