عَلَى ٱلْجَانِبِ ٱلشَّرْقِيِّ مِنْ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ،‏ أَطْعَمَ يَسُوعُ ٱلْآلَافَ بِأُعْجُوبَةٍ ثُمَّ نَجَحَ فِي ٱلْإِفْلَاتِ مِنْهُمْ حِينَ أَرَادُوا تَنْصِيبَهُ مَلِكًا.‏ وَفِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ،‏ مَشَى عَلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْهَائِجِ وَأَنْقَذَ بُطْرُسَ ٱلَّذِي مَشَى هُوَ أَيْضًا عَلَى ٱلْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَعْزَعَ إِيمَانُهُ وَيَأْخُذَ فِي ٱلْغَرَقِ.‏ كَمَا هَدَّأَ ٱلرِّيحَ،‏ فَحَالَ رُبَّمَا دُونَ أَنْ يَتَحَطَّمَ ٱلْمَرْكَبُ بِتَلَامِيذِهِ.‏

إِنَّهُ ٱلْآنَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ مِنْ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ،‏ فِي مِنْطَقَةِ كَفَرْنَاحُومَ.‏ وَحِينَ يَجِدُهُ ٱلَّذِينَ أَطْعَمَهُمْ عَجَائِبِيًّا،‏ يَسْأَلُونَهُ:‏ «مَتَى وَصَلْتَ إِلَى هُنَا؟‏».‏ فَيُوَبِّخُهُمْ لِأَنَّهُمْ يُفَتِّشُونَ عَنْهُ عَلَى أَمَلِ أَنْ يُطْعِمَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى،‏ وَيَحُضُّهُمْ:‏ «اِعْمَلُوا لَا لِلطَّعَامِ ٱلَّذِي يَفْنَى،‏ بَلْ لِلطَّعَامِ ٱلَّذِي يَبْقَى لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ».‏ فَيَسْتَفْسِرُونَ مِنْهُ:‏ «مَاذَا نَفْعَلُ لِنَعْمَلَ أَعْمَالَ ٱللّٰهِ؟‏».‏ —‏ يوحنا ٦:‏​٢٥-‏٢٨‏.‏

وَلَعَلَّهُمْ يُفَكِّرُونَ بِٱلْأَعْمَالِ أَوِ ٱلْفَرَائِضِ ٱلَّتِي تَتَطَلَّبُهَا ٱلشَّرِيعَةُ.‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ يَتَحَدَّثُ عَنْ عَمَلٍ أَكْثَرَ أَهَمِّيَّةٍ،‏ مُوضِحًا:‏ «هٰذَا هُوَ عَمَلُ ٱللّٰهِ،‏ أَنْ تُمَارِسُوا ٱلْإِيمَانَ بِٱلَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ».‏ إِلَّا أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلنَّاسَ لَا يُؤْمِنُونَ بِيَسُوعَ رَغْمَ كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ.‏ حَتَّى إِنَّهُمْ يَطْلُبُونَ مِنْهُ آيَةً لِيُؤْمِنُوا بِهِ،‏ قَائِلِينَ:‏ «أَيَّ عَمَلٍ تَعْمَلُ؟‏ آبَاؤُنَا أَكَلُوا ٱلْمَنَّ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ،‏ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:‏ ‹أَعْطَاهُمْ خُبْزًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ لِيَأْكُلُوا›».‏ —‏ يوحنا ٦:‏​٢٩-‏٣١؛‏ مزمور ٧٨:‏٢٤‏.‏

وَرَدًّا عَلَى طَلَبِهِمْ آيَةً،‏ يَلْفِتُ يَسُوعُ ٱنْتِبَاهَهُمْ إِلَى ٱلْمَصْدَرِ ٱلْحَقِيقِيِّ لِلطَّعَامِ ٱلْمُزَوَّدِ عَجَائِبِيًّا،‏ قَائِلًا:‏ «إِنَّ مُوسَى لَمْ يُعْطِكُمُ ٱلْخُبْزَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ،‏ لٰكِنَّ أَبِي هُوَ يُعْطِيكُمُ ٱلْخُبْزَ ٱلْحَقَّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ.‏ فَخُبْزُ ٱللّٰهِ هُوَ مَنْ يَنْزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَيُعْطِي حَيَاةً لِلْعَالَمِ».‏ وَإِذْ لَا يَسْتَوْعِبُونَ ٱلْفِكْرَةَ يَلْتَمِسُونَ:‏ «يَا رَبُّ،‏ أَعْطِنَا عَلَى ٱلدَّوَامِ هٰذَا ٱلْخُبْزَ».‏ (‏يوحنا ٦:‏​٣٢-‏٣٤‏)‏ وَلٰكِنْ عَنْ أَيِّ «خُبْزٍ» يَتَحَدَّثُ يَسُوعُ؟‏

يُوضِحُ:‏ «أَنَا هُوَ خُبْزُ ٱلْحَيَاةِ‏.‏ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ فَلَنْ يَجُوعَ أَبَدًا،‏ وَمَنْ يُمَارِسُ ٱلْإِيمَانَ بِي فَلَنْ يَعْطَشَ أَبَدًا.‏ وَلٰكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ:‏ إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ .‏ .‏ .‏ إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ،‏ لَا لِأَعْمَلَ مَشِيئَتِي،‏ بَلْ مَشِيئَةَ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي.‏ وَهٰذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي،‏ أَلَّا أَخْسَرَ شَيْئًا مِنْ كُلِّ مَا أَعْطَانِي،‏ بَلْ أَنْ أُقِيمَهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ.‏ لِأَنَّ هٰذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ أَبِي،‏ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى ٱلِٱبْنَ وَيُمَارِسُ ٱلْإِيمَانَ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ».‏ —‏ يوحنا ٦:‏​٣٥-‏٤٠‏.‏

يُثِيرُ كَلَامُ يَسُوعَ حَفِيظَةَ ٱلْيَهُودِ،‏ فَيَبْدَأُونَ بِٱلتَّذَمُّرِ عَلَيْهِ.‏ فَكَيْفَ يَجْرُؤُ عَلَى ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّهُ «ٱلْخُبْزُ ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ»؟‏!‏ (‏يوحنا ٦:‏٤١‏)‏ فَهُوَ فِي نَظَرِهِمْ إِنْسَانٌ عَادِيٌّ وُلِدَ مِنْ أَبَوَيْنِ بَشَرِيَّيْنِ مِنْ مَدِينَةِ ٱلنَّاصِرَةِ فِي ٱلْجَلِيلِ.‏ فَيَسْأَلُونَ:‏ «أَلَيْسَ هٰذَا هُوَ يَسُوعَ ٱبْنَ يُوسُفَ،‏ ٱلَّذِي نَحْنُ نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ؟‏».‏ —‏ يوحنا ٦:‏٤٢‏.‏

يُجِيبُهُمْ:‏ «كُفُّوا عَنِ ٱلتَّذَمُّرِ فِي مَا بَيْنَكُمْ.‏ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ ٱلْآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي،‏ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ.‏ إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ:‏ ‹وَيَكُونُونَ كُلُّهُمْ مُتَعَلِّمِينَ مِنْ يَهْوَهَ›.‏ فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ ٱلْآبِ وَتَعَلَّمَ يَأْتِي إِلَيَّ.‏ لَيْسَ أَنَّ أَحَدًا رَأَى ٱلْآبَ إِلَّا ٱلَّذِي مِنَ ٱللّٰهِ،‏ فَهٰذَا قَدْ رَأَى ٱلْآبَ.‏ اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ مَنْ يُؤْمِنْ فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ».‏ —‏ يوحنا ٦:‏​٤٣-‏٤٧؛‏ اشعيا ٥٤:‏١٣‏.‏

حِينَ تَحَدَّثَ يَسُوعُ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ مَعَ نِيقُودِيمُوسَ،‏ رَبَطَ بَيْنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ وَٱلْإِيمَانِ بِٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ،‏ ذَاكِرًا:‏ «لَا يَهْلِكُ كُلُّ مَنْ يُمَارِسُ ٱلْإِيمَانَ بِهِ [أَيْ بِمَوْلُودِ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدِ]،‏ بَلْ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ».‏ (‏يوحنا ٣:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏ لٰكِنَّهُ ٱلْآنَ يُخَاطِبُ جُمْهُورًا أَكْبَرَ كَاشِفًا لَهُمْ دَوْرَهُ فِي نَيْلِهِمِ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ،‏ حَيَاةً لَنْ يُؤَمِّنَهَا لَهُمْ لَا ٱلْمَنُّ وَلَا ٱلْخُبْزُ ٱلْحَرْفِيُّ.‏ فَمَا سَبِيلُهُمْ إِلَيْهَا إِذًا؟‏ يُكَرِّرُ يَسُوعُ:‏ «أَنَا هُوَ خُبْزُ ٱلْحَيَاةِ».‏ —‏ يوحنا ٦:‏٤٨‏.‏

يَسْتَمِرُّ هٰذَا ٱلْأَخْذُ وَٱلرَّدُّ فِي مَوْضُوعِ ٱلْخُبْزِ ٱلنَّازِلِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَيَصِلُ إِلَى ذُرْوَتِهِ فِيمَا يُعَلِّمُ يَسُوعُ بِمَجْمَعٍ فِي كَفَرْنَاحُومَ.‏

فِي مَجْمَعٍ بِكَفَرْنَاحُومَ،‏ يُعَلِّمُ يَسُوعُ أَنَّهُ ٱلْخُبْزُ ٱلْحَقِيقِيُّ ٱلنَّازِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ.‏ وَكَلَامُهُ كَمَا يَتَّضِحُ تَتِمَّةٌ لِحَدِيثِهِ مَعَ مَنْ أَتَوْا مِنَ ٱلنَّاحِيَةِ ٱلشَّرْقِيَّةِ لِبَحْرِ ٱلْجَلِيلِ ٱلَّذِينَ أَطْعَمَهُمْ بِأُعْجُوبَةٍ سَمَكًا وَخُبْزًا.‏

يُتَابِعُ يَسُوعُ ٱلْمُنَاقَشَةَ قَائِلًا:‏ «آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا ٱلْمَنَّ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ وَمَعَ ذٰلِكَ مَاتُوا».‏ وَيُوضِحُ بِٱلْمُقَابِلِ:‏ «أَنَا هُوَ ٱلْخُبْزُ ٱلْحَيُّ ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ.‏ إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هٰذَا ٱلْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى ٱلْأَبَدِ.‏ وَٱلْخُبْزُ ٱلَّذِي سَأُعْطِيهِ أَنَا إِنَّمَا هُوَ جَسَدِي مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ ٱلْعَالَمِ».‏ —‏ يوحنا ٦:‏​٤٨-‏٥١‏.‏

فِي رَبِيعِ سَنَةِ ٣٠ ب‌م،‏ أَخْبَرَ يَسُوعُ نِيقُودِيمُوسَ أَنَّ ٱللّٰهَ أَحَبَّ ٱلْعَالَمَ كَثِيرًا حَتَّى إِنَّهُ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ مُخَلِّصًا.‏ وَٱلْآنَ يُشَدِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ أَكْلِ جَسَدِهِ‏،‏ أَيِ ٱلْإِيمَانِ بِٱلذَّبِيحَةِ ٱلَّتِي سَيُقَدِّمُهَا.‏ فَهٰذَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.‏

وَلٰكِنْ يَسْتَاءُ ٱلنَّاسُ مِنْ كَلَامِهِ وَيَتَسَاءَلُونَ:‏ «كَيْفَ يَقْدِرُ هٰذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟‏».‏ (‏يوحنا ٦:‏٥٢‏)‏ وَكَيْ يُفْهِمَهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَحَدَّثُ حَرْفِيًّا بَلْ مَجَازِيًّا،‏ يُتَابِعُ مُؤَكِّدًا:‏

‏«إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ،‏ فَلَا حَيَاةَ لَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ.‏ مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ .‏ .‏ .‏ فَإِنَّ جَسَدِي طَعَامٌ حَقٌّ،‏ وَدَمِي شَرَابٌ حَقٌّ.‏ مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي يَبْقَى فِي ٱتِّحَادٍ بِي».‏ —‏ يوحنا ٦:‏​٥٣-‏٥٦‏.‏

لَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ تَزِيدُ مُسْتَمِعِيهِ ٱلْيَهُودَ نُفُورًا وَٱمْتِعَاضًا.‏ فَلَعَلَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُشَجِّعُ عَلَى أَكْلِ لُحُومِ ٱلْبَشَرِ أَوِ ٱنْتِهَاكِ شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي تُحَرِّمُ ٱلدَّمَ.‏ (‏تكوين ٩:‏٤؛‏ لاويين ١٧:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ لَا يَقْصِدُ ٱلْمَعْنَى ٱلْحَرْفِيَّ لِلْكَلَامِ.‏ بَلْ يُظْهِرُ أَنَّ نَيْلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ٱلْإِيمَانِ بِٱلذَّبِيحَةِ ٱلَّتِي سَيُقَدِّمُهَا،‏ حِينَ يَبْذُلُ جَسَدَهُ ٱلْبَشَرِيَّ ٱلْكَامِلَ وَيَسْكُبُ دَمَهُ ٱلَّذِي يُمَثِّلُ حَيَاتَهُ.‏ غَيْرَ أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ تَلَامِيذِهِ لَا يَفْهَمُونَ هٰذَا ٱلتَّعْلِيمَ،‏ فَيَقُولُونَ:‏ «هٰذَا ٱلْكَلَامُ فَظِيعٌ.‏ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟‏».‏ —‏ يوحنا ٦:‏٦٠‏.‏

يُدْرِكُ يَسُوعُ أَنَّ عَدَدًا مِنْ تَلَامِيذِهِ يَتَذَمَّرُونَ.‏ فَيَسْأَلُهُمْ:‏ «أَهٰذَا يُعْثِرُكُمْ؟‏ فَكَيْفَ إِذَا رَأَيْتُمُ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ مِنْ قَبْلُ؟‏ .‏ .‏ .‏ اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَهُوَ حَيَاةٌ.‏ وَلٰكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ».‏ إِذَّاكَ يَتَخَلَّى عَنْهُ تَلَامِيذُ كَثِيرُونَ وَيَتَوَقَّفُونَ عَنِ ٱتِّبَاعِهِ.‏ —‏ يوحنا ٦:‏​٦١-‏٦٤‏.‏

فَيَسْأَلُ يَسُوعُ رُسُلَهُ ٱلِـ‍ ١٢:‏ «هَلْ تُرِيدُونَ أَنْ تَذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا؟‏».‏ يُجِيبُ بُطْرُسُ:‏ «يَا رَبُّ،‏ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟‏ عِنْدَكَ كَلَامُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ،‏ وَنَحْنُ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ قُدُّوسُ ٱللّٰهِ».‏ (‏يوحنا ٦:‏​٦٧-‏٦٩‏)‏ يَا لَهٰذَا ٱلتَّعْبِيرِ ٱلرَّائِعِ عَنِ ٱلْوَلَاءِ وَٱلْإِخْلَاصِ!‏ فَبُطْرُسُ وَٱلرُّسُلُ ٱلْآخَرُونَ مُصَمِّمُونَ عَلَى ٱلِٱلْتِصَاقِ بِيَسُوعَ،‏ رَغْمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا آنَذَاكَ مَا يَعْنِيهِ بِٱلضَّبْطِ.‏

وَفِي حِينِ يُسَرُّ يَسُوعُ بِجَوَابِ بُطْرُسَ،‏ يَذْكُرُ:‏ «أَمَا ٱخْتَرْتُكُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ؟‏ وَمَعَ ذٰلِكَ فَوَاحِدٌ مِنْكُمْ هُوَ مُفْتَرٍ».‏ (‏يوحنا ٦:‏٧٠‏)‏ إِنَّهُ يَقْصِدُ يَهُوذَا ٱلْإِسْخَرْيُوطِيَّ.‏ فَلَعَلَّهُ بَدَأَ يَلْمُسُ فِيهِ بَوَادِرَ ٱلِٱنْحِرَافِ إِلَى طَرِيقِ ٱلسُّوءِ.‏

مَعَ ذٰلِكَ،‏ يَشْعُرُ يَسُوعُ حَتْمًا بِٱلْفَرَحِ وَٱلرِّضَى إِذْ يَرَى أَنَّ بُطْرُسَ وَٱلرُّسُلَ ٱلْآخَرِينَ لَا يَعْدِلُونَ عَنِ ٱتِّبَاعِهِ وَٱلنُّهُوضِ بِعَمَلِهِ ٱلْمُنْقِذِ لِلْحَيَاةِ.‏