مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • قطف القمح في السبت
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • سرعان ما يترك يسوع وتلاميذه اورشليم ليعودوا الى الجليل.‏ انه الربيع،‏ وفي الحقول هنالك سنابل قمح في السويقات.‏

  • ماذا يحلّ في السبت؟‏
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • ماذا يحلّ في السبت؟‏

      في سبت آخر يزور يسوع مجمعا قرب بحر الجليل.‏ ويكون هناك رجل يده اليمنى يابسة.‏ والكتبة والفريسيون يراقبون بدقة ليروا ما اذا كان يسوع سيشفيه.‏ وأخيرا يسألون:‏ «هل يحلّ الابراء في السبوت.‏»‏

      يعتقد القادة الدينيون اليهود ان الشفاء يحلّ في السبت اذا كانت الحياة في خطر فقط.‏ فهم يعلِّمون،‏ على سبيل المثال،‏ انه لا يحلّ في السبت ان يُجبر عظم او يُعصب التواء مفصل.‏ ولذلك يسأل الكتبة والفريسيون يسوع محاولين ان يشتكوا عليه.‏

      ولكنّ يسوع يعرف افكارهم.‏ وفي الوقت نفسه يدرك انهم قد تبنّوا رأيا متطرفا غير مؤسس على الاسفار المقدسة في ما يتعلق بما يشكل انتهاكا لمطلب يوم السبت الذي يمنع العمل.‏ وهكذا يُعدّ يسوع المسرح لمجابهة مثيرة بقوله للرجل الذي يده يابسة:‏ «قم وقف في الوسط.‏»‏

      والآن،‏ اذ يلتفت الى الكتبة والفريسيين،‏ يقول يسوع:‏ «اي انسان منكم يكون له خروف واحد فان سقط هذا في السبت في حفرة أفما يُمسكه ويقيمه.‏» وبما ان الخروف يمثل استثمارا ماليا فلم يكونوا ليتركوه في الحفرة حتى اليوم التالي،‏ ربما ليمرض ويسبب لهم خسارة.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ تقول الاسفار المقدسة:‏ «الصدّيق يراعي نفس بهيمته.‏»‏

      واذ يرسم تناظرا يتابع يسوع:‏ «فالانسان كم هو افضل من الخروف.‏ اذًا يحلّ فعل الخير في السبوت.‏» واذ يكون القادة الدينيون غير قادرين على دحض تفكير منطقي ورؤوف كهذا يبقون ساكتين.‏

      بغضب وأيضا بحزن على حماقتهم المستعصية ينظر يسوع حوله.‏ ثم يقول للرجل:‏ «مُدَّ يدك.‏» فيمدّ يده وتشفى.‏

      وعوضا عن ان يكونوا سعداء لان يد الرجل عادت صحيحة،‏ يخرج الفريسيون ويتآ‌مرون فورا مع حزب الهيرودسيين لكي يقتلوا يسوع.‏ ومن الواضح ان هذا الحزب السياسي يشمل اعضاء من الصدوقيين الدينيين.‏ وعادة يقاوم هذا الحزب السياسي والفريسيون واحدهم الآخر علنا،‏ لكنهم يتَّحدون بقوة في مقاومتهم ليسوع.‏ متى ١٢:‏​٩-‏١٤؛‏ مرقس ٣:‏​١-‏٦؛‏ لوقا ٦:‏​٦-‏١١؛‏ امثال ١٢:‏​١٠؛‏ خروج ٢٠:‏​٨-‏١٠‏.‏

  • إتمام نبوة اشعياء
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • إتمام نبوة اشعياء

      بعد ان يعلم يسوع ان الفريسيين وأتباع حزب هيرودس يخططون لقتله ينصرف مع تلاميذه الى بحر الجليل.‏ هنا تحتشد اليه جموع كثيرة من جميع انحاء فلسطين وحتى من خارج تخومها.‏ فيشفي كثيرين،‏ وتكون النتيجة ان جميع اولئك المصابين بأمراض خطيرة يندفعون اليه ليلمسوه.‏

      ولان الجموع غفيرة جدا يقول يسوع لتلاميذه ان تلازمه سفينة دائما.‏ فبالابتعاد عن الشاطئ يمكنه ان يمنع الجموع عن زحمه.‏ ويمكنه ان يعلّمهم من السفينة او يسافر الى منطقة اخرى على موازاة الشاطئ لمساعدة الناس هناك.‏

      يشير التلميذ متّى الى ان نشاط يسوع يتمم «ما قيل باشعياء النبي.‏» ثم يقتبس متّى النبوة التي يتممها يسوع:‏

      ‏«هوذا فتاي الذي اخترته.‏ حبيبي الذي سرَّت به نفسي.‏ اضع روحي عليه فيخبر الامم (‏بالعدل)‏.‏ لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته.‏ قصبة مرضوضة لا يقصف.‏ وفتيلة مدخنة لا يطفئ.‏ حتى يُخرج (‏العدل)‏ الى النصرة.‏ وعلى اسمه يكون رجاء الامم.‏»‏

      طبعا،‏ ان يسوع هو الخادم الحبيب الذي يسرّ به اللّٰه.‏ ويسوع يبيِّن ما هو العدل الحقيقي الذي تخفيه التقاليد الدينية الباطلة.‏ فالفريسيون،‏ بسبب تطبيقهم الجائر لشريعة اللّٰه،‏ لا يأتون حتى لمساعدة شخص مريض في السبت!‏ وبتبيان عدل اللّٰه،‏ يحرر يسوع الناس من عبء التقاليد الجائرة،‏ ولاجل ذلك يحاول القادة الدينيون ان يقتلوه.‏

      وماذا يعني انه ‹لا يخاصم ولا يرفع صوته بحيث يُسمع في الشوارع›؟‏ عند شفاء الناس ‹يوصيهم يسوع بشدة ان لا يُظهروه.‏› فهو لا يريد ان يحصل على اعلان صاخب عن نفسه في الشوارع او ان تُنقل اخبار محرّفة باثارة من فم الى فم.‏

      وايضا يحمل يسوع رسالته المعزية الى اشخاص هم مجازيا كقصبة مرضوضة وملتوية ومسحوقة تحت الاقدام.‏ وهم كفتيلة مدخِّنة يوشك بصيص حياتها الاخير ان يهمد.‏ فيسوع لا يقصف القصبة المرضوضة او يطفئ الفتيلة الخامدة المدخِّنة.‏ لكنه،‏ بحنان ومحبة،‏ يقدم العون بطريقة بارعة للودعاء.‏ حقا،‏ ان يسوع هو الشخص الذي عليه يمكن ان يكون رجاء الامم!‏ متى ١٢:‏​١٥-‏٢١؛‏ مرقس ٣:‏​٧-‏١٢؛‏ اشعياء ٤٢:‏​١-‏٤‏.‏

  • اختيار رسله
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • اختيار رسله

      كان قد مضى حوالي سنة ونصف منذ ان قدَّم يوحنا المعمدان يسوع كحمل اللّٰه وابتدأ يسوع خدمته الجهرية.‏ في ذلك الوقت كان اندراوس،‏ سمعان بطرس،‏ يوحنا،‏ وربما يعقوب (‏اخو يوحنا)‏،‏ بالاضافة الى فيلبس ونثنائيل (‏يُدعى ايضا برثولماوس)‏،‏ قد صاروا تلاميذه الاولين.‏ وبعد مدة انضمَّ اليهم كثيرون آخرون في اتِّباع المسيح.‏

      ان يسوع مستعد الآن لانتقاء رسله.‏ وهؤلاء سيكونون عشراءه الاحماء الذين سيُعطَون تدريبا خصوصيا.‏ ولكن قبل انتقائهم يذهب يسوع الى جبل ويقضي الليل كله في الصلاة،‏ طالبا على الارجح الحكمة وبركة اللّٰه.‏ وعندما يصير النهار يدعو تلاميذه ومن بينهم يختار ١٢.‏ ولكن بما انهم يستمرون متعلمين من يسوع فهم لا يزالون يُدعون تلاميذ ايضا.‏

      ان الستة الذين ينتقيهم يسوع،‏ المذكورين آنفا،‏ هم اولئك الذين صاروا تلاميذه الاولين.‏ ومتّى،‏ الذي دعاه يسوع من مكان جبايته،‏ يجري انتقاؤه ايضا.‏ والمختارون الخمسة الآخرون هم يهوذا (‏يُدعى ايضا تَدَّاوس)‏،‏ يهوذا الاسخريوطي،‏ سمعان القانوي،‏ توما،‏ ويعقوب بن حلفى.‏ ويعقوب هذا يُدعى ايضا يعقوب الصغير ربما لكونه اما اقصر بالقامة الجسدية أو اصغر سنا من الرسول يعقوب الآخر.‏

      الى الآن كان هؤلاء الـ‍ ١٢ مع يسوع لبعض الوقت،‏ وهو يعرفهم جيدا.‏ وفي الواقع،‏ ان عددا منهم هم اقرباؤه.‏ فيعقوب وأخوه يوحنا هما بشكل واضح ابنا خالة يسوع.‏ ومن المحتمل ان حلفى كان اخا يوسف،‏ ابي يسوع بالتبنِّي.‏ فابن حلفى،‏ الرسول يعقوب،‏ يكون ايضا ابن عم يسوع.‏

      وطبعا،‏ ليست لدى يسوع اية مشكلة في تذكر اسماء رسله.‏ ولكن هل يمكنكم انتم ان تتذكروهم؟‏ حسنا،‏ تذكروا فقط ان هنالك اثنين يُسمَّيان سمعان واثنين يُسمَّيان يعقوب واثنين يُسمَّيان يهوذا،‏ وان سمعان له اخ هو اندراوس،‏ ويعقوب له اخ هو يوحنا.‏ هذا هو المفتاح لتتذكروا ثمانية رسل.‏ والاربعة الآخرون يشملون جابي ضرائب (‏متّى)‏،‏ واحدا شك في ما بعد (‏توما)‏،‏ واحدا جرت دعوته من تحت شجرة (‏نثنائيل)‏،‏ وصديقه فيلبس.‏

      ان احد عشر رسولا هم من الجليل،‏ مقاطعة موطن يسوع.‏ نثنائيل هو من قانا.‏ فيلبس وبطرس واندراوس هم في الاصل من بيت صيدا،‏ وبطرس واندراوس انتقلا في ما بعد الى كفرناحوم،‏ حيث سكن متّى على ما يظهر.‏ يعقوب ويوحنا كانا في مهنة صيد السمك وسكنا ايضا على الارجح في كفرناحوم او قربها.‏ ويبدو ان يهوذا الاسخريوطي،‏ الذي خان يسوع في ما بعد،‏ هو الرسول الوحيد من اليهودية.‏ مرقس ٣:‏​١٣-‏١٩؛‏ لوقا ٦:‏​١٢-‏١٦‏.‏

  • اشهر موعظة أُعطيت على الاطلاق
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • اشهر موعظة أُعطيت على الاطلاق

      المشهد هو واحد من المشاهد الاكثر جدارة بأن تُذكر في تاريخ الكتاب المقدس:‏ يسوع يجلس في منحدر جبل،‏ ملقيا موعظته الشهيرة على الجبل.‏ المكان هو قرب بحر الجليل،‏ وربما في جوار كفرناحوم.‏ بعد قضاء الليل كله في الصلاة،‏ اختار يسوع الآن ١٢ من تلاميذه ليكونوا رسلا.‏ ثم،‏ معهم جميعا،‏ ينزل الى هذا الموضع السهل من الجبل.‏

      والآن،‏ قد تفكرون،‏ يجب ان يكون يسوع تعبا جدا ويرغب في شيء من النوم.‏ ولكنّ جموعا كثيرة اتت،‏ بعضهم من اليهودية واورشليم على بعد ٦٠ الى ٧٠ ميلا (‏١٠٠ الى ١١٠ كلم)‏.‏ وآخرون اتوا من ساحل صور وصيداء الواقعتين شمالا.‏ لقد اتوا ليسمعوا يسوع ويشفوا من امراضهم.‏ وكان هنالك ايضا اشخاص معذَّبون من الابالسة،‏ الملائكة الاشرار للشيطان.‏

      واذ ينزل يسوع يقترب اليه الاشخاص المرضى ليلمسوه فيشفيهم جميعا.‏ وبعد ذلك يبدو ان يسوع يتسلق موضعا اعلى في الجبل.‏ وهنا يجلس ويبدأ بتعليم الجموع المنتشرة في الموضع السهل امامه.‏ تأملوا في ذلك!‏ لا يوجد الآن حتى ولا شخص واحد بين الحاضرين جميعا يشكو من عجز خطير!‏

      ويتشوق الشعب الى سماع المعلم القادر على انجاز هذه العجائب المذهلة.‏ إلا ان يسوع يلقي موعظته بشكل رئيسي لفائدة تلاميذه المجتمعين على الارجح حوله وأقرب ما يمكن اليه.‏ ولكن لنتمكن من الاستفادة نحن ايضا سجَّلها متى ولوقا كلاهما.‏

      وطول رواية متى للموعظة هو حوالي اربعة اضعاف طول رواية لوقا.‏ وفضلا عن ذلك،‏ فان اجزاء مما يسجله متى يقدمها لوقا كأمور قالها يسوع في وقت آخر اثناء خدمته،‏ كما يمكن ملاحظته بمقارنة متى ٦:‏٩-‏١٣ بلوقا ١١:‏١-‏٤‏،‏ ومتى ٦:‏​٢٥-‏٣٤ بلوقا ١٢:‏​٢٢-‏٣١‏.‏ ومع ذلك لا يجب ان يكون ذلك مدهشا.‏ فمن الواضح ان يسوع علَّم الامور نفسها اكثر من مرة،‏ وقد اختار لوقا ان يسجِّل بعض هذه التعاليم في مكان مختلف.‏

      وما يجعل موعظة يسوع قيِّمة للغاية ليس فقط عمق محتوياتها الروحية وانما البساطة والوضوح الذي به يقدم هذه الحقائق.‏ وهو يعتمد على الاختبارات العادية ويستعمل امورا مألوفة عند الشعب،‏ جاعلا بالتالي افكاره مفهومة بسهولة من جميع الذين يطلبون حياة افضل في طريق اللّٰه.‏

      من هم السعداء حقا؟‏

      كل فرد يريد ان يكون سعيدا.‏ واذ يدرك يسوع ذلك يبتدئ موعظته على الجبل واصفا اولئك الذين هم سعداء حقا.‏ وكما يمكننا ان نتصور،‏ يجذب ذلك فورا انتباه حضوره الكثير العدد.‏ ورغم ذلك،‏ لا بد ان تبدو كلماته الافتتاحية متناقضة لكثيرين.‏

      يبتدئ يسوع موجها تعليقاته الى تلاميذه:‏ «طوباكم ايها المساكين لان لكم ملكوت اللّٰه.‏ طوباكم ايها الجياع الآن لانكم تُشبعون.‏ طوباكم ايها الباكون الآن لانكم ستضحكون.‏ طوباكم اذا ابغضكم الناس .‏ .‏ .‏ افرحوا في ذلك اليوم وتهللوا.‏ فهوذا اجركم عظيم في السماء.‏»‏

      هذه رواية لوقا لمقدمة موعظة يسوع.‏ ولكن حسب سجل متى يقول يسوع ايضا ان الودعاء والرحماء والانقياء القلب وصانعي السلام هم سعداء.‏ وهؤلاء هم سعداء،‏ يذكر يسوع،‏ لانهم يرثون الارض،‏ ويُرحمون،‏ ويعاينون اللّٰه،‏ وأبناء اللّٰه يُدعون.‏

      ولكنَّ ما يعنيه يسوع بكون المرء سعيدا ليس مجرد كونه جذلا او مرحا،‏ كما عندما يلهو.‏ فالسعادة الحقيقية هي اعمق،‏ حاملة فكرة القناعة،‏ الشعور بالاكتفاء والانجاز في الحياة.‏

      فاولئك الذين هم سعداء حقا،‏ يُظهر يسوع،‏ هم اناس يدركون حاجتهم الروحية،‏ وتحزنهم حالتهم الخاطئة،‏ ويأتون الى معرفة اللّٰه وخدمته.‏ وحتى اذا جرى ابغاضهم او اضطهادهم من اجل صنع مشيئة اللّٰه يكونون سعداء اذ يعرفون انهم يسرّون اللّٰه وسينالون مكافأته للحياة الابدية.‏

      ولكنّ كثيرين من سامعي يسوع،‏ تماما كبعض الناس اليوم،‏ يعتقدون ان الازدهار والتمتع بالملذات هو ما يجعل الشخص سعيدا.‏ يعرف يسوع خلافا لذلك.‏ واذ يلفت الانتباه الى تباين لا بد ان يدهش كثيرين من سامعيه يقول:‏

      ‏«ويل لكم ايها الاغنياء.‏ لانكم قد نلتم عزاءكم.‏ ويل لكم ايها الشباعى لانكم ستجوعون.‏ ويل لكم ايها الضاحكون الآن لانكم ستحزنون وتبكون.‏ ويل لكم اذا قال فيكم جميع الناس حسنا.‏ لانه هكذا كان آباؤهم يفعلون بالانبياء الكذبة.‏»‏

      فماذا يعني يسوع؟‏ ولماذا امتلاك الغنى والسعي وراء الملذّات بضحك والتمتع باستحسان الناس يجلب الويل؟‏ لانه عندما يمتلك الشخص هذه الاشياء ويتعلق بها تُستثنى من حياته خدمة اللّٰه،‏ التي تجلب وحدها السعادة الحقيقية.‏ وفي الوقت نفسه،‏ لم يعنِ يسوع ان مجرد كون الشخص فقيرا وجائعا وحزينا يجعله سعيدا.‏ ولكن،‏ في الغالب،‏ يمكن ان يتجاوب مثل هؤلاء الاشخاص المحرومين مع تعاليم يسوع،‏ وبذلك يتباركون بالسعادة الحقيقية.‏

      بعد ذلك يقول يسوع مخاطبا تلاميذه:‏ «انتم ملح الارض.‏» انه طبعا لا يعني انهم حرفيا ملح.‏ فالملح هو حافظ.‏ وتوضع كومة كبيرة منه قرب المذبح في هيكل يهوه،‏ والكهنة القائمون بالخدمة هناك استخدموه لتمليح التقدمات.‏

      ان تلاميذ يسوع هم «ملح الارض» بمعنى أن لهم تأثيرا حافظا في الناس.‏ وفي الواقع،‏ ان الرسالة التي يحملونها ستحفظ حياة جميع الذين يتجاوبون معها!‏ وهي ستجلب لحياة مثل هؤلاء الاشخاص صفات الاستمرار والولاء والامانة،‏ مانعة ايّ فساد روحي وأدبي فيهم.‏

      ‏«انتم نور العالم،‏» يقول يسوع لتلاميذه.‏ فالسراج لا يوضع تحت المكيال بل على المنارة،‏ ولذلك يقول يسوع:‏ «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس.‏» ويفعل تلاميذ يسوع ذلك بشهادتهم العلنية،‏ بالاضافة الى خدمتهم كأمثلة مضيئة للسلوك الذي ينسجم مع مبادئ الكتاب المقدس.‏

      مقياس رفيع لأتباعه

      يعتبر القادة الدينيون يسوع متعديا على ناموس اللّٰه حتى انهم مؤخرا تآ‌مروا ليقتلوه.‏ ولذلك اذ يتابع يسوع موعظته على الجبل يشرح:‏ «لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس او الانبياء.‏ ما جئت لانقض بل لاكمّل.‏»‏

      يملك يسوع الاعتبار الاسمى لناموس اللّٰه ويشجع الآخرين على حيازة الاعتبار عينه ايضا.‏ وفي الواقع،‏ يقول:‏ «فمن نقض احدى هذه الوصايا الصغرى وعلّم الناس هكذا يدعى اصغر في ملكوت السموات،‏» مما يعني ان شخصا كهذا لن يدخل الملكوت اطلاقًا.‏

      وبعيدًا عن الاحتقار لناموس اللّٰه يدين يسوع حتى المواقف التي تساهم في نقض الشخص له.‏ فبعد الاشارة الى ان الناموس يقول،‏ «لا تقتل،‏» يضيف يسوع:‏ «وأما انا فأقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم.‏»‏

      وبما ان استمرار الغضب على عشير ما خطير جدا،‏ وربما يقود ايضا الى القتل،‏ يوضح يسوع الحد الذي يجب على المرء ان يصل اليه تحقيقا للسلام.‏ يأمر:‏ «فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت أن لاخيك شيئا عليك فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولاً اصطلح مع اخيك.‏ وحينئذ تعال وقدم قربانك.‏»‏

      واذ يلفت الانتباه الى الوصية السابعة من الوصايا العشر يتابع يسوع:‏ «قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن.‏» ولكنّ يسوع يدين حتى الموقف الثابت من الزنا.‏ «اقول لكم ان كل من ينظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه.‏»‏

      لا يتكلم يسوع هنا عن مجرد فكرة عابرة فاسدة ادبيا بل عن الاستمرار في النظر‏.‏ فنظر مستمر كهذا يثير الرغبة الشهوانية التي،‏ ان سنحت الفرصة،‏ يمكن ان تبلغ الذروة في الزنا.‏ وكيف يمكن للشخص ان يمنع حدوث ذلك؟‏ يوضح يسوع كيف يمكن ان تكون الاجراءات الصارمة ضرورية اذ يقول:‏ «فان كانت عينك اليمنى تُعثرك فاقلعها وألقها عنك.‏ .‏ .‏ .‏ وان كانت يدك اليمنى تُعثرك فاقطعها وألقها عنك.‏»‏

      غالبا ما يرغب الناس في ان يضحوا بعضو حرفي مريض بغية انقاذ حياتهم.‏ ولكن،‏ حسب قول يسوع،‏ من الحيوي اكثر ايضا ان ‹يُلقوا› أي شيء،‏ حتى ولو كان شيئا ثمينا كالعين او اليد،‏ لكي يتجنبوا التفكير الفاسد والاعمال الفاسدة ادبيا.‏ وإلا،‏ يشرح يسوع،‏ فان اشخاصا كهؤلاء سيلقون في جهنم (‏كومة نفايات مشتعلة قرب اورشليم)‏،‏ التي ترمز الى الهلاك الابدي.‏

      ويناقش يسوع ايضا كيفية التعامل مع الناس الذين يسببون الأذى والاساءة.‏ ومشورته هي:‏ «لا تقاوموا الشر.‏ بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر ايضا.‏» لا يعني يسوع ان الشخص لا يجب ان يدافع عن نفسه او عائلته اذا هوجم.‏ فاللطمة لا يُقصد بها اذية الشخص الآخر جسديا،‏ بل بالحري الاهانة.‏ ولذلك فان ما يقوله يسوع هو انه اذا حاول احد ان يثير القتال او الجدال،‏ إن باللطم الحرفي باليد المفتوحة او باللسع بكلمات مهينة،‏ فمن الخطإ الانتقام.‏

      وبعد لفت الانتباه الى ناموس اللّٰه لمحبة المرء قريبه يصرّح يسوع:‏ ‹أما انا فأقول لكم أحبوا اعداءكم.‏ وصلّوا لاجل الذين يضطهدونكم.‏› واذ يزوّد سببا قويا لذلك يضيف:‏ «[وهكذا تكونون] ابناء ابيكم الذي في السموات.‏ فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين.‏»‏

      ويختتم يسوع هذا الجزء من موعظته بالنصح:‏ «فكونوا انتم كاملين كما أن اباكم الذي في السموات هو كامل.‏» ولا يعني يسوع انه يمكن للناس ان يكونوا كاملين بالمعنى المطلق.‏ وبالأحرى يمكنهم،‏ تمثلاً باللّٰه،‏ ان يوسعوا محبتهم لتشمل حتى اعداءهم.‏ ورواية لوقا المناظرة تسجل كلمات يسوع:‏ «فكونوا رحماء كما أن اباكم ايضا رحيم.‏»‏

      الصلاة،‏ والثقة باللّٰه

      فيما يواصل يسوع موعظته يدين رياء الناس الذين يعرضون تقواهم المزعومة.‏ «متى صنعت صدقة،‏» يقول،‏ «فلا تصوِّت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون.‏»‏

      ويتابع يسوع،‏ «ومتى صلّيت فلا تكن كالمرائين.‏ فانهم يحبّون ان يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس.‏» ويأمر بالاحرى:‏ «متى صليت فادخل الى مخدعك وأغلق بابك وصلِّ الى ابيك الذي في الخفاء.‏» ويسوع نفسه قدم صلوات علنية،‏ ولذلك فهو لا يدينها.‏ وما يشجبه هو الصلوات التي تقال للتأثير في السامعين وكسب تملّقات اعجابهم.‏

      وينصح يسوع ايضا:‏ «حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالامم.‏» لا يعني يسوع ان التكرار بحد ذاته خطأ.‏ فذات مرة استخدم تكرارا هو نفسه «الكلام بعينه» عندما صلى.‏ ولكنّ ما يرفضه هو قول عبارات مستظهَرة ‹تكرارا،‏› بالطريقة التي يفعلها اولئك الذين يمسُّون السُّبحة بأصابعهم فيما يكررون صلواتهم حفظا.‏

      ولمساعدة سامعيه على الصلاة يزوّد يسوع صلاة نموذجية تشمل سبعة التماسات.‏ فالثلاثة الاولى تعترف بحق بسلطان اللّٰه ومقاصده.‏ انها طلبات من اجل تقديس اسم اللّٰه،‏ واتيان ملكوته،‏ وفعل مشيئته.‏ والاربعة المتبقية هي طلبات شخصية،‏ اي من اجل الطعام اليومي،‏ ومن اجل غفران الخطايا،‏ وعدم التجربة فوق الاحتمال،‏ والنجاة من الشرير.‏

      واذ يتابع يسوع يتحدث عن فخ التشديد غير الملائم على الممتلكات المادية.‏ ويحث:‏ «لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يُفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون.‏» فليست كنوز كهذه فانية فحسب ولكنها لا تبني اي استحقاق عند اللّٰه.‏

      لذلك يقول يسوع:‏ «بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء.‏» ويكون ذلك بوضع خدمة اللّٰه اولا في حياتكم.‏ ولا احد يمكنه سلب الاستحقاق المتجمع على هذا النحو عند اللّٰه او مكافأته العظيمة.‏ ثم يضيف يسوع:‏ «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا.‏»‏

      واذ يتحدث يسوع ايضا عن فخ المادية يعطي الايضاح:‏ «سراج الجسد هو العين.‏ فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيِّرا.‏ وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما.‏» فالعين التي تعمل كما ينبغي هي للجسد كسراج مضيء في مكان مظلم.‏ ولكن لكي ترى على نحو صحيح يجب ان تكون العين بسيطة،‏ اي يجب ان تركِّز على شيء واحد.‏ والعين غير المركَّزة تؤدي الى تقدير خاطئ للامور والى وضع المساعي المادية امام خدمة اللّٰه بنتيجة صيرورة ‹الجسد كله› مظلما.‏

      يبلغ يسوع ذروة هذه القضية بالايضاح القوي:‏ «لا يقدر احد ان يخدم سيدين.‏ لانه إما ان يُبغض الواحد ويحب الآخر او يلازم الواحد ويحتقر الآخر.‏ لا تقدرون ان تخدموا اللّٰه والمال.‏»‏

      بعد اعطاء هذه المشورة يؤكد يسوع لسامعيه انه لا يلزمهم ان يقلقوا بشأن حاجاتهم المادية اذا وضعوا خدمة اللّٰه اولا.‏ «انظروا الى طيور السماء،‏» يقول،‏ «انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن.‏ وابوكم السماوي يقوتها.‏» ثم يسأل:‏ «ألستم انتم بالحري أفضل منها.‏»‏

      بعد ذلك يشير يسوع الى زنابق الحقل ويقول انه «ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.‏ فان كان،‏» يتابع،‏ «عشب الحقل .‏ .‏ .‏ يُلبسه اللّٰه هكذا أفليس بالحري جدا يُلبسكم انتم يا قليلي الايمان.‏» ولذلك يختتم يسوع:‏ «لا تهتموا قائلين ماذا نأكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس.‏ .‏ .‏ .‏ لان اباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون الى هذه كلها.‏ لكن اطلبوا اولا ملكوت اللّٰه وبره وهذه كلها تزاد لكم.‏»‏

      الطريق الى الحياة

      الطريق الى الحياة هو ذاك الذي للتقيّد بتعاليم يسوع.‏ ولكن ليس من السهل فعل ذلك.‏ والفريسيون،‏ مثلا،‏ يميلون الى ان يدينوا الآخرين بقسوة،‏ وعلى الارجح يتمثَّل بهم كثيرون.‏ وهكذا اذ يواصل يسوع موعظته على الجبل يعطي هذا التحذير:‏ «لا تدينوا لكي لا تُدانوا.‏ لانكم بالدينونة التي بها تدينون تُدانون.‏»‏

      من الخطر ان نتبع قيادة الفريسيين الانتقاديين جدا.‏ وبحسب رواية لوقا،‏ يوضح يسوع هذا الخطر قائلا:‏ «هل يقدر اعمى ان يقود اعمى.‏ أما يسقط الاثنان في حفرة.‏»‏

      وكون المرء انتقاديا للآخرين اكثر من اللازم،‏ مكبِّرا اخطاءهم ومضايقا اياهم،‏ هو اساءة خطيرة.‏ ولذلك يسأل يسوع:‏ «كيف تقول لاخيك دعني أُخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك.‏ يا مرائي أَخرج اولا الخشبة من عينك.‏ وحينئذ تُبصر جيدا ان تُخرج القذى من عين اخيك.‏»‏

      لا يعني ذلك ان تلاميذ يسوع لا يجب ان يستعملوا التمييز في ما يتعلق بالناس الآخرين،‏ لانه يقول:‏ «لا تعطوا القدس للكلاب.‏ ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير.‏» ان الحقائق من كلمة اللّٰه مقدسة.‏ وهي كدرر مجازية.‏ ولكن اذا كان بعض الافراد،‏ الذين هم كالكلاب او الخنازير،‏ لا يُظهرون ايّ تقدير لهذه الحقائق الثمينة يجب على تلاميذ يسوع ان يتركوا هؤلاء الناس ويفتشوا عن اولئك الذين يكونون اكثر تقبلا.‏

      رغم ان يسوع ناقش الصلاة سابقا في موعظته على الجبل،‏ يشدد الآن على الحاجة الى المواظبة عليها.‏ «اسألوا تعطوا،‏» يحث.‏ ولكي يوضح استعداد اللّٰه لاستجابة الصلوات يسأل يسوع:‏ «اي انسان منكم اذا سأله ابنه خبزا يعطيه حجرا.‏ .‏ .‏ .‏ فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري ابوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه.‏»‏

      ثم يزوّد يسوع ما قد صار قاعدة شهيرة للسلوك تُدعى عموما القاعدة الذهبية.‏ يقول:‏ «فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم.‏» والعيش بحسب هذه القاعدة يشمل تصرفا ايجابيا في فعل الخير للآخرين،‏ معاملينهم كما تريدون ان تُعاملوا.‏

      أمّا ان الطريق الى الحياة ليس سهلا فيظهره ارشاد يسوع:‏ «ادخلوا من الباب الضيق.‏ لانه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك.‏ وكثيرون هم الذين يدخلون منه.‏ ما اضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة.‏ وقليلون هم الذين يجدونه.‏»‏

      ان خطر كون المرء على ضلال هو كبير،‏ ولذلك يحذر يسوع:‏ «احترزوا من الانبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة.‏» وتماما كما ان الاشجار الجيدة والاشجار الردية يمكن معرفتها من ثمارها،‏ يذكر يسوع،‏ فان الانبياء الكذبة يمكن معرفتهم من سلوكهم وتعاليمهم.‏

      واذ يتابع يسوع يشرح انه ليس ما يقوله الشخص يجعله تلميذا له بل ما يفعله‏.‏ فبعض الناس يدّعون ان يسوع هو ربهم،‏ ولكن اذا كانوا لا يفعلون ارادة ابيه،‏ يقول:‏ «اصرّح لهم اني لم اعرفكم قط.‏ اذهبوا عني يا فاعلي الاثم.‏»‏

      وأخيرا يعطي يسوع الخاتمة الجديرة بالذكر لموعظته.‏ يقول:‏ «كل من يسمع اقوالي هذه ويعمل بها اشبّهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.‏ فنزل المطر وجاءت الانهار وهبَّت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط.‏ لانه كان مؤسسا على الصخر.‏»‏

      ومن ناحية اخرى يعلن يسوع:‏ «كل من يسمع اقوالي هذه ولا يعمل بها يُشبَّه برجل جاهل بنى بيته على الرمل.‏ فنزل المطر وجاءت الانهار وهبَّت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط.‏ وكان سقوطه عظيما.‏»‏

      وعندما يُكمل يسوع موعظته تبهت الجموع من طريقة تعليمه،‏ لانه يعلمهم كمن له سلطان وليس كقادتهم الدينيين.‏

  • الايمان العظيم لقائد مئة
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الايمان العظيم لقائد مئة

      بالقاء يسوع موعظته على الجبل يصل تقريبا الى منتصف الطريق في خدمته الجهرية.‏ ويعني ذلك انه تبقى لديه سنة وتسعة اشهر فقط او ما يقارب ذلك لاتمام عمله على الارض.‏

      يدخل يسوع الآن مدينة كفرناحوم،‏ ما يشبه القاعدة الاساسية لنشاطاته.‏ وهنا يقترب منه شيوخ اليهود بطلب.‏ لقد ارسلهم قائد في الجيش الروماني وهو اممي،‏ رجل من عرق مختلف عن اليهود.‏

      فالخادم المحبوب لقائد المئة يوشك ان يموت من داء خطير،‏ وهو يريد ان يشفي يسوع خادمه.‏ ويلتمس اليهود باجتهاد لاجل القائد:‏ «انه مستحق ان يُفعل له هذا،‏» يقولون،‏ «لانه يحبّ امّتنا وهو بنى لنا المجمع.‏»‏

      دون تردد يذهب يسوع مع الرجال.‏ ولكن اذ يقتربون يرسل قائد المئة اصدقاء ليقولوا:‏ «يا سيد لا تتعب.‏ لاني لست مستحقا ان تدخل تحت سقفي.‏ لذلك لم احسب نفسي اهلا ان آتي اليك.‏»‏

      يا له من تعبير متواضع لقائد معتاد ان يأمر الآخرين!‏ ولكنه ربما يفكر ايضا في يسوع،‏ مدركا ان العادة تمنع اليهودي عن ان تكون له علاقات اجتماعية بغير اليهود.‏ وحتى بطرس قال:‏ «انتم تعلمون كيف هو محرَّم على رجل يهودي ان يلتصق بأحد اجنبي او يأتي اليه.‏»‏

      وربما لانه لا يريد ان يعاني يسوع نتائج مخالفته هذه العادة يجعل القائد اصدقاءه يطلبون منه:‏ «قل كلمة فيبرأ غلامي.‏ لاني انا ايضا انسان مرتب تحت سلطان.‏ لي جند تحت يدي.‏ وأقول لهذا اذهب فيذهب ولآخر ائت فيأتي ولعبدي افعل هذا فيفعل.‏»‏

      عندما يسمع يسوع ذلك يتعجب.‏ «الحق اقول لكم،‏» يقول،‏ «لم اجد ولا في اسرائيل ايمانا بمقدار هذا.‏» وبعد ان يشفي خادم القائد يستخدم يسوع المناسبة ليروي كيف سيحظى ذوو الايمان غير اليهود بالبركات التي يرفضها اليهود العديمو الايمان.‏

      ‏«ان كثيرين،‏» يقول يسوع،‏ «سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع ابرهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات.‏ وأما بنو الملكوت فيُطرحون الى الظلمة الخارجية.‏ هناك يكون البكاء وصرير الاسنان.‏»‏

      و «بنو الملكوت» الذين «يُطرحون الى الظلمة الخارجية» هم اليهود الطبيعيون الذين لا يقبلون الفرصة الممنوحة لهم اولا ليكونوا حكاما مع المسيح.‏ ويمثل ابرهيم واسحق ويعقوب ترتيب ملكوت اللّٰه.‏ وهكذا يروي يسوع كيف سيجري الترحيب بالامم للاتّكاء كما لو انه على المائدة السماوية «في ملكوت السموات.‏» لوقا ٧:‏​١-‏١٠؛‏ متى ٨:‏​٥-‏١٣؛‏ اعمال ١٠:‏​٢٨‏.‏

  • يسوع يزيل حزن ارملة
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • يسوع يزيل حزن ارملة

      بعد ابراء غلام قائد المئة بوقت قصير يمضي يسوع الى نايين،‏ مدينة على بعد اكثر من ٢٠ ميلا (‏٣٢ كلم)‏ الى الجنوب الغربي من كفرناحوم.‏ فيرافقه تلاميذه وجمع كثير.‏ والوقت هو نحو المساء على الارجح حين يقتربون من ضواحي نايين.‏ هنا يلتقون موكب جنازة.‏ فجثة شاب هي محمولة الى خارج المدينة للدفن.‏

      ان حالة الامّ بصورة خاصة مأساوية،‏ لأنها ارملة وهذا هو ولدها الوحيد.‏ فعندما مات زوجها استطاعت ان تتعزى اذ كان لها ابنها.‏ وصارت آمالها ورغباتها وطموحاتها متعلقة بمستقبله.‏ أما الآن فلا احد هنالك تتعزى به.‏ فحزنها عظيم فيما يرافقها سكان البلدة الى مكان الدفن.‏

      عندما يرى يسوع المرأة يتأثر قلبيا من كآ‌بتها الشديدة.‏ وهكذا بحنان،‏ ولكن بثبات يمنح الثقة،‏ يقول لها:‏ «لا تبكي.‏» فيلفت اسلوبه وعمله انتباه الجمع.‏ ولذلك عندما يتقدم ويلمس النعش الذي تُحمل عليه الجثة يقف الحاملون.‏ ولا بدّ ان الجميع يتساءلون عما سيفعل.‏

      صحيح ان اولئك الذين يرافقون يسوع قد رأوه يشفي بطريقة عجائبية اشخاصا كثيرين من الامراض.‏ ولكن يظهر انهم لم يروه قط يقيم احدا من الاموات.‏ فهل يمكنه فعل امر كهذا؟‏ يأمر يسوع مخاطبا الجسد:‏ «ايها الشاب لك اقول قم.‏» فيجلس الشاب!‏ ويبتدئ يتكلم،‏ فيدفعه يسوع الى امه.‏

      عندما يرى الناس ان الشاب حي حقا يبدأون بالقول:‏ «قد قام فينا نبي عظيم.‏» وآخرون يقولون:‏ «افتقد اللّٰه شعبه.‏» وسرعان ما يخرج الخبر عن هذا العمل المدهش في كل اليهودية وفي جميع الكورة المحيطة.‏

      لا يزال يوحنا المعمدان في السجن،‏ وهو يريد ان يعلم المزيد عن الاعمال التي يقدر يسوع ان ينجزها.‏ وتلاميذ يوحنا يخبرونه عن هذه العجائب.‏ فما هو تجاوبه؟‏ لوقا ٧:‏​١١-‏١٨‏.‏

  • هل كان يوحنا ينقصه الايمان؟‏
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • هل كان يوحنا ينقصه الايمان؟‏

      يوحنا المعمدان،‏ الذي كان في السجن لنحو سنة الآن،‏ يتسلَّم الخبر عن قيامة ابن الارملة في نايين.‏ لكنّ يوحنا يريد ان يسمع مباشرة من يسوع عن مغزى هذا،‏ ولذلك يرسل اثنين من تلاميذه ليستفسر:‏ «انت هو الآتي ام ننتظر آخر.‏»‏

      قد يبدو ذلك سؤالا غريبا،‏ وخصوصا لان يوحنا رأى روح اللّٰه ينزل على يسوع وسمع صوت رضى اللّٰه عند تعميد يسوع قبل سنتين تقريبا.‏ وسؤال يوحنا قد يجعل البعض يستنتجون ان ايمانه قد ضعف.‏ ولكنّ الامر ليس كذلك.‏ فيسوع لم يكن ليتكلم على نحو رفيع جدا عن يوحنا،‏ الامر الذي يفعله في هذه المناسبة،‏ لو ابتدأ يوحنا يشك.‏ فلماذا يطرح يوحنا هذا السؤال؟‏

      قد يريد يوحنا مجرد اثباتٍ من يسوع انه المسيّا.‏ فسيكون ذلك مقويا جدا ليوحنا اذ تفتر همته في السجن.‏ ولكن،‏ كما يتضح،‏ هنالك لسؤال يوحنا اكثر من ذلك.‏ فهو على ما يظهر يريد ان يعرف ان كان هنالك شخص آخر آتٍ،‏ كخلَف،‏ سيكمل اتمام جميع الامور التي أُنبئ بأن المسيّا سينجزها.‏

      بحسب نبوات الكتاب المقدس التي يُلمّ بها يوحنا سيكون الشخص الممسوح من اللّٰه ملكا،‏ منقذا.‏ ومع ذلك،‏ لا يزال يوحنا سجينا حتى بعد معمودية يسوع بشهور عديدة.‏ ولذلك فان يوحنا على ما يظهر يسأل يسوع:‏ ‹هل انت حقا الشخص الذي سيؤسس ملكوت اللّٰه في سلطة ظاهرة،‏ ام هنالك شخص مختلف،‏ خلَف،‏ يجب ان ننتظره لاتمام جميع النبوات الرائعة المتعلقة بمجد المسيّا؟‏›‏

      وبدلا من القول لتلميذي يوحنا،‏ ‹طبعا انا هو الشخص الذي كان سيأتي!‏› يقدم يسوع في تلك الساعة عينها عرضا رائعا بشفاء اناس كثيرين،‏ مبرئا اياهم من جميع انواع الامراض والعلل.‏ وبعدئذ يقول للتلميذين:‏ «اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما.‏ ان العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون.‏»‏

      وبكلمات اخرى،‏ ان سؤال يوحنا قد يدل على التوقع ان يسوع سيفعل اكثر مما يفعله وربما سيحرر يوحنا نفسه.‏ ولكنّ يسوع يخبر يوحنا ان لا يتوقع اكثر من العجائب التي ينجزها يسوع.‏

      عندما يُغادر تلميذا يوحنا يلتفت يسوع الى الجموع ويقول لهم ان يوحنا هو «رسول» يهوه المنبأ به في ملاخي ٣:‏١‏،‏ ع‌ج،‏ وهو ايضا النبي ايليا المنبأ به في ملاخي ٤:‏​٥ و ٦‏.‏ وبذلك يعظم يوحنا بصفته معادلا لايّ نبي عاش قبله،‏ موضحا:‏ «الحق اقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء اعظم من يوحنا المعمدان.‏ ولكنّ الاصغر في ملكوت السموات اعظم منه.‏ ومن ايام يوحنا المعمدان الى الآن ملكوت السموات (‏هو الهدف الذي يندفع نحوه الناس)‏.‏»‏

      يُظهر يسوع هنا ان يوحنا لن يكون في الملكوت السماوي،‏ لان الاصغر هناك اعظم من يوحنا.‏ فيوحنا هيَّأ الطريق ليسوع،‏ ولكنه يموت قبل ان يختم المسيح العهد،‏ او الاتفاق،‏ مع تلاميذه ليكونوا حكاما معاونين معه في ملكوته.‏ من اجل ذلك يقول يسوع ان يوحنا لن يكون في الملكوت السماوي.‏ فيوحنا،‏ عوضا عن ذلك،‏ سيكون احد الرعايا الارضيين لملكوت اللّٰه.‏ لوقا ٧:‏​١٨-‏٣٠؛‏ متى ١١:‏​٢-‏١٥‏.‏

  • المتكبرون والمتواضعون
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • المتكبرون والمتواضعون

      بعد ذكر فضائل يوحنا المعمدان يلفت يسوع الانتباه الى الناس المتكبرين المتقلبين الذين هم حوله.‏ «هذا الجيل،‏» يصرّح،‏ «يشبه اولادا جالسين في الاسواق يُنادون الى اصحابهم ويقولون زمَّرنا لكم فلم ترقصوا.‏ نُحنا لكم فلم تلطموا.‏»‏

      فماذا يعني يسوع؟‏ يوضح قائلا:‏ «جاء يوحنا لا يأكل ولا يشرب.‏ فيقولون فيه شيطان.‏ جاء ابن الانسان يأكل ويشرب.‏ فيقولون هوذا انسان أكول وشرّيب خمر.‏ محب للعشارين والخطاة.‏»‏

      من المستحيل ارضاء الناس.‏ فلا شيء يسرهم.‏ لقد عاش يوحنا حياة تقشف لانكار الذات كنذير،‏ انسجاما مع اعلان الملاك انه «خمرا ومسكرا لا يشرب.‏» ومع ذلك يقول الناس ان به شيطانا.‏ ومن ناحية اخرى،‏ يعيش يسوع كالناس الآخرين،‏ غير ممارس ايّ تقشف،‏ فيُتَّهم بالافراط.‏

      ما أصعب ارضاء الناس!‏ انهم كرفقاء اللعب،‏ الذين بعضهم يرفضون التجاوب بالرقص عندما يزمّر الاولاد الآخرون او بالحزن عندما ينوح رفقاؤهم.‏ ولكنّ يسوع يقول:‏ «الحكمة (‏تتبرَّر بأعمالها)‏.‏» نعم،‏ ان الدليل —‏ الاعمال —‏ يوضح ان الاتهامات ضد يوحنا ويسوع كليهما هي باطلة.‏

      ويتابع يسوع خاصّا بالتوبيخ مدن كورزين وبيت صيدا وكفرناحوم الثلاث،‏ حيث انجز معظم قواته.‏ فلو قام بتلك الاعمال في مدينتي صور وصيداء الفينيقيتين،‏ يقول يسوع،‏ لتابت هاتان المدينتان في المسوح والرماد.‏ واذ يدين كفرناحوم،‏ التي كانت كما يتضح مقره الرئيسي في فترة خدمته،‏ يصرّح يسوع:‏ «ان ارض سدوم تكون لها حالة اكثر احتمالا يوم الدين ممَّا لكِ.‏»‏

      ثم يحمد يسوع علنا اباه السماوي.‏ ويندفع الى فعل ذلك لان اللّٰه يُخفي حقائق روحية ثمينة عن الحكماء والفهماء ولكنه يعلن هذه الامور الرائعة للمتواضعين،‏ للاطفال،‏ اذا جاز التعبير.‏

      وأخيرا،‏ يقدم يسوع الدعوة الجذابة:‏ «تعالوا اليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم.‏ احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني.‏ لاني وديع ومتواضع القلب.‏ فتجدوا راحة لنفوسكم.‏ لان نيري هيِّن وحملي خفيف.‏»‏

      وكيف يمنح يسوع الراحة؟‏ يفعل ذلك بتزويد الحرية من التقاليد المستعبِدة التي بها وضع القادة الدينيون عبءا على الناس،‏ بما في ذلك،‏ مثلا،‏ فرائض حفظ السبت المقيِّدة.‏ وأيضا يُظهر الطريق الى الراحة لاولئك الذين يشعرون بثقل السيطرة الساحق من قبل السلطات السياسية ولاولئك الذين يشعرون بثقل خطاياهم من خلال ضمير متألم.‏ فيعلن لاولئك المتألمين كيف يمكن غفران خطاياهم وكيف يمكنهم ان يتمتعوا بعلاقة ثمينة مع اللّٰه.‏

      ان النير الهيِّن الذي يقدمه يسوع هو ذاك الذي للانتذار الكامل للّٰه،‏ متمكنين من خدمة ابينا السماوي الرؤوف والرحوم.‏ والحمل الخفيف الذي يقدمه يسوع لاولئك الذين يأتون اليه هو ذاك الذي لاطاعة مطالب اللّٰه من اجل الحياة،‏ التي هي وصاياه المسجلة في الكتاب المقدس.‏ واطاعة هذه ليست ثقيلة ابدا.‏ متى ١١:‏​١٦-‏٣٠؛‏ لوقا ١:‏​١٥؛‏ ٧:‏​٣١-‏٣٥؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٣‏.‏

  • درس في الرحمة
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • درس في الرحمة

      ربما كان يسوع لا يزال في نايين،‏ حيث اقام مؤخرا ابن ارملة،‏ او ربما كان يزور مدينة مجاورة.‏ والفريسي الذي يُدعى سمعان يرغب في النظر عن كثب الى الشخص الذي ينجز اعمالا جديرة بالملاحظة كهذه.‏ ولذلك يدعو يسوع الى تناول الطعام معه.‏

      واذ ينظر يسوع الى المناسبة كفرصة لمساعدة اولئك الحاضرين يقبل الدعوة،‏ تماما كما قبل دعوات ليأكل مع جباة الضرائب والخطاة.‏ ومع ذلك،‏ عندما يدخل بيت سمعان،‏ لا يلقى يسوع الاهتمام الودّي الذي يُمنح عادة للضيوف.‏

      فالارجل اللابسة نعالا تصير حارة ووسخة نتيجة السير في الطرقات المغبرة،‏ وهو عمل ضيافة عادي ان تُغسل اقدام الضيوف بالماء البارد.‏ ولكنّ قدمي يسوع لا تُغسلان عندما يصل.‏ ولا ينال قبلة ترحيب،‏ قاعدة من قواعد السلوك الشائعة.‏ وطيب الضيافة العادي لا يزوَّد لاجل شعره.‏

      وفي اثناء الطعام،‏ فيما الضيوف متكئون على المائدة،‏ تدخل الغرفة بهدوء امرأة غير مدعوة.‏ فهي معروفة في المدينة بأنها تحيا حياة فاسدة ادبيا.‏ وعلى الارجح سمعت بتعاليم يسوع،‏ بما فيها دعوته ‹جميع الثقيلي الاحمال ان يأتوا اليه من اجل الراحة.‏› واذ تأثرت بعمق بما رأته وسمعته فتشت الآن عن يسوع.‏

      تقف المرأة وراء يسوع عند المائدة وتركع عند قدميه.‏ واذ تسقط دموعها على قدميه تمسحهما بشعرها.‏ وتأخذ ايضا طيبا من قارورتها،‏ وفيما تقبِّل قدميه بحنان تسكب الطيب عليهما.‏ ويراقب سمعان بعدم رضى.‏ «لو كان هذا نبيا،‏» يفكر،‏ «لعلم مَن هذه الامرأة التي تلمسه وما هي.‏ انها خاطئة.‏»‏

      واذ يدرك يسوع تفكيره يقول:‏ «يا سمعان عندي شيء اقوله لك.‏»‏

      ‏«قل يا معلم،‏» يجيب.‏

      ‏«كان لمداين مديونان،‏» يبدأ يسوع.‏ «على الواحد خمسمئة دينار وعلى الآخر خمسون.‏ واذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعا.‏ فقل.‏ ايهما يكون اكثر حبا له.‏»‏

      ‏«اظن،‏» يقول سمعان،‏ ربما بمظهر اللامبالاة تجاه السؤال الذي يبدو غير متعلق بالامر،‏ «الذي سامحه بالاكثر.‏»‏

      ‏«بالصواب حكمت،‏» يقول يسوع.‏ وبعدئذ اذ يلتفت الى المرأة يقول لسمعان:‏ «أتنظر هذه المرأة.‏ اني دخلت بيتك وماء لاجل رجليَّ لم تُعطِ.‏ وأما هي فقد غسلت رجليَّ بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها.‏ قبلة لم تقبّلني.‏ وأما هي فمنذ دخلتُ لم تكفَّ عن تقبيل رجليَّ.‏ بزيت لم تدهن رأسي.‏ وأما هي فقد دهنت بالطيب رجليَّ.‏»‏

      اعطت المرأة بذلك دليلا على التوبة القلبية عن ماضيها الفاسد ادبيا.‏ وهكذا يختتم يسوع،‏ قائلا:‏ «من اجل ذلك اقول لك قد غُفرت خطاياها الكثيرة لانها احبَّت كثيرا.‏ والذي يُغفر له قليل يُحب قليلا.‏»‏

      ان يسوع لا يعذر ولا يتغاضى بطريقة ما عن الفساد الادبي.‏ وبالاحرى،‏ يكشف هذا الحادث عن تفهمه الرؤوف للناس الذين يرتكبون الاخطاء في الحياة ولكنهم بعدئذ يُظهرون اسفهم عليها وهكذا يأتون الى المسيح من اجل الراحة.‏ واذ يزوِّد المرأة راحة حقيقية يقول يسوع:‏ «مغفورة لك خطاياك.‏ .‏ .‏ .‏ ايمانك قد خلَّصك.‏ اذهبي بسلام.‏» لوقا ٧:‏​٣٦-‏٥٠؛‏ متى ١١:‏​٢٨-‏٣٠‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة