مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ايوب كرَّم اسم يهوه
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١٥ نيسان (‏ابريل)‏
    • أَيُّوبُ كَرَّمَ ٱسْمَ يَهْوَه

      ‏«لِيَكُنِ ٱسْمُ يَهْوَهَ مُبَارَكًا!‏».‏ —‏ اي ١:‏٢١‏.‏

      ١ مَنْ كَتَبَ سِفْرَ أَيُّوبَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ وَمَتَى؟‏

      كَانَ مُوسَى ٱبْنَ ٤٠ سَنَةً تَقْرِيبًا حِينَ فَرَّ مِنْ مِصْرَ هَرَبًا مِنْ سُخْطِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي مِدْيَانَ.‏ (‏اع ٧:‏٢٣،‏ ٢٩‏)‏ وَخِلَالَ إِقَامَتِهِ هُنَاكَ،‏ لَرُبَّمَا سَمِعَ بِتَجَارِبِ أَيُّوبَ ٱلَّذِي كَانَ يَعِيشُ فِي أَرْضِ عُوصَ ٱلْقَرِيبَةِ.‏ وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ،‏ عِنْدَمَا مَرَّ هُوَ وَأُمَّةُ إِسْرَائِيلَ بِٱلْقُرْبِ مِنْ عُوصَ نَحْوَ نِهَايَةِ رِحْلَتِهِمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ،‏ رُبَّمَا عَلِمَ بِمَا حَصَلَ مَعَ أَيُّوبَ فِي سِنِيهِ ٱلْأَخِيرَةِ.‏ وَيَقُولُ ٱلتَّقْلِيدُ ٱلْيَهُودِيُّ إِنَّ مُوسَى كَتَبَ سِفْرَ أَيُّوبَ بَعْدَ مَوْتِهِ.‏

      ٢ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ يُقَوِّي سِفْرُ أَيُّوبَ إِيمَانَ خُدَّامِ يَهْوَه فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ؟‏

      ٢ يُقَوِّي سِفْرُ أَيُّوبَ إِيمَانَ خُدَّامِ ٱللّٰهِ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ.‏ فَٱلرِّوَايَةُ تَفْتَحُ أَعْيُنَ ذِهْنِنَا لِنَفْهَمَ أَحْدَاثًا ذَاتَ أَبْعَادٍ خَطِيرَةٍ وَقَعَتْ فِي ٱلسَّمَاءِ،‏ وَتُشَدِّدُ عَلَى ٱلْقَضِيَّةِ ٱلْعُظْمَى،‏ قَضِيَّةِ سُلْطَانِ ٱللّٰهِ ٱلْكَوْنِيِّ.‏ كَمَا أَنَّهَا تُعَمِّقُ فَهْمَنَا لِمَا تَشْمُلُهُ ٱلْمُحَافَظَةُ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ،‏ وَتُسَاعِدُنَا أَنْ نُدْرِكَ لِمَ يَسْمَحُ يَهْوَه أَحْيَانًا بِأَنْ يَتَأَلَّمَ خُدَّامُهُ.‏ عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ،‏ يُظْهِرُ سِفْرُ أَيُّوبَ أَنَّ خَصْمَ يَهْوَه ٱلرَّئِيسِيَّ وَعَدُوَّ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ هُوَ ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ.‏ وَيُبَيِّنُ أَيْضًا أَنَّ ٱلْبَشَرَ ٱلنَّاقِصِينَ كَأَيُّوبَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَبْقَوْا أَوْلِيَاءَ لِيَهْوَه رَغْمَ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ وَٱلْمِحَنِ.‏ فَلْنَتَأَمَّلْ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمَوْصُوفَةِ فِي هذَا ٱلسِّفْرِ.‏

      اَلشَّيْطَانُ يُجَرِّبُ أَيُّوبَ

      ٣ مَاذَا نَعْرِفُ عَنْ أَيُّوبَ،‏ وَلِمَاذَا ٱسْتَهْدَفَهُ ٱلشَّيْطَانُ؟‏

      ٣ كَانَ أَيُّوبُ رَجُلًا ثَرِيًّا ذَا نُفُوذٍ وَرَأْسَ عَائِلَةٍ فَاضِلًا.‏ كَمَا كَانَ عَلَى مَا يَتَّضِحُ مُشِيرًا مُحْتَرَمًا وَنَصِيرًا لِكُلِّ مُحْتَاجٍ.‏ وَٱلْأَهَمُّ مِنْ ذلِكَ أَنَّهُ ٱتَّقَى ٱللّٰهَ.‏ فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ رَجُلٌ ‹بِلَا لَوْمٍ وَمُسْتَقِيمٌ،‏ يَخَافُ ٱللّٰهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ›.‏ وَهذَا ٱلتَّعَبُّدُ لِلّٰهِ —‏ لَا غِنَاهُ وَنُفُوذُهُ —‏ هُوَ مَا جَعَلَهُ هَدَفًا لِهُجُومِ ٱلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ.‏ —‏ اي ١:‏١؛‏ ٢٩:‏٧-‏١٦؛‏ ٣١:‏١‏.‏

      ٤ مَا هِيَ ٱلِٱسْتِقَامَةُ؟‏

      ٤ تَصِفُ مُقَدِّمَةُ ٱلرِّوَايَةِ ٱجْتِمَاعًا فِي ٱلسَّمَاءِ مَثَلَ فِيهِ ٱلْمَلَائِكَةُ أَمَامَ يَهْوَه.‏ وَقَدْ حَضَرَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا وَرَاحَ يُوَجِّهُ ٱلتُّهَمَ إِلَى أَيُّوبَ.‏ (‏اِقْرَأْ ايوب ١:‏٦-‏١١‏.‏‏)‏ وَمَعَ أَنَّهُ أَتَى عَلَى ذِكْرِ مُقْتَنَيَاتِ أَيُّوبَ،‏ فَقَدْ كَانَ هَدَفُهُ ٱلتَّشْكِيكَ فِي ٱسْتِقَامَةِ خَادِمِ ٱللّٰهِ هذَا.‏ وَتَحْمِلُ كَلِمَةُ «ٱسْتِقَامَةٍ» فِكْرَةَ كَوْنِ ٱلشَّخْصِ صَادِقًا،‏ بِلَا لَوْمٍ،‏ بَارًّا،‏ وَلَا عَيْبَ فِيهِ.‏ وَهِيَ تَعْنِي بِمَفْهُومِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلتَّعَبُّدَ ٱلْقَلْبِيَّ ٱلتَّامَّ لِيَهْوَه.‏

      ٥ مَاذَا ٱدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ بِشَأْنِ أَيُّوبَ؟‏

      ٥ اِدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ أَنَّ أَيُّوبَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا،‏ بَلْ يَعْبُدُ ٱللّٰهَ عَنْ أَنَانِيَّةٍ.‏ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ هذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْأَمِينَ لَنْ يَبْقَى وَلِيًّا إِلَّا إِذَا ٱسْتَمَرَّ ٱللّٰهُ فِي مُبَارَكَتِهِ وَحِمَايَتِهِ.‏ وَلِلْإِجَابَةِ عَنْ هذَا ٱلِٱتِّهَامِ،‏ سَمَحَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ بِمُهَاجَمَتِهِ.‏ فَتَوَالَتِ ٱلْمَصَائِبُ عَلَى أَيُّوبَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ،‏ فَعَلِمَ بِسَلْبِ مَوَاشِيهِ أَوْ مَوْتِهَا،‏ وَمَقْتَلِ مُعْظَمِ غِلْمَانِهِ،‏ وَمَصْرَعِ أَوْلَادِهِ ٱلْعَشَرَةِ.‏ (‏اي ١:‏١٣-‏١٩‏)‏ فَهَلِ ٱسْتَسْلَمَ أَيُّوبُ لِهُجُومِ ٱلشَّيْطَانِ؟‏ يُخْبِرُنَا ٱلسِّجِلُّ ٱلْمُوحَى بِهِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ مَا أَصَابَهُ:‏ «يَهْوَهُ أَعْطَى،‏ وَيَهْوَهُ أَخَذَ.‏ فَلْيَكُنِ ٱسْمُ يَهْوَهَ مُبَارَكًا!‏».‏ —‏ اي ١:‏٢١‏.‏

      ٦ (‏أ)‏ مَاذَا حَدَثَ فِي ٱجْتِمَاعٍ آخَرَ فِي ٱلسَّمَاءِ؟‏ (‏ب)‏ فِي مَنْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يُفَكِّرُ عِنْدَمَا شَكَّكَ فِي ٱسْتِقَامَةِ أَيُّوبَ؟‏

      ٦ وَبَعْدَ فَتْرَةٍ،‏ كَانَ هُنَاكَ ٱجْتِمَاعٌ آخَرُ فِي ٱلسَّمَاءِ.‏ وَمَرَّةً أُخْرَى وَجَّهَ ٱلشَّيْطَانُ ٱلتُّهَمَ إِلَى أَيُّوبَ قَائِلًا:‏ «جِلْدٌ بِجِلْدٍ،‏ وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ.‏ وَلٰكِنْ مُدَّ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ،‏ وَٱنْظُرْ إِنْ كَانَ لَا يَلْعَنُكَ فِي وَجْهِكَ».‏ لَاحِظْ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ وَسَّعَ هُنَا دَائِرَةَ ٱتِّهَامَاتِهِ.‏ فَبِقَوْلِهِ:‏ «كُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ»،‏ شَكَّكَ فِي ٱسْتِقَامَةِ أَيِّ «إِنْسَانٍ» يَعْبُدُ يَهْوَه،‏ لَا فِي ٱسْتِقَامَةِ أَيُّوبَ فَقَطْ.‏ فَسَمَحَ لَهُ ٱللّٰهُ بِأَنْ يَضْرِبَ أَيُّوبَ بِمَرَضٍ مُؤْلِمٍ.‏ (‏اي ٢:‏١-‏٨‏)‏ لكِنَّ تَجَارِبَ أَيُّوبَ لَمْ تَتَوَقَّفْ عِنْدَ هذَا ٱلْحَدِّ.‏

      تَحْلِيلُ أَحْدَاثِ ٱلرِّوَايَةِ

      ٧ كَيْفَ شَكَّلَتْ زَوْجَةُ أَيُّوبَ وَزَائِرُوهُ ضَغْطًا عَلَيْهِ؟‏

      ٧ فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ عَانَتْ زَوْجَةُ أَيُّوبَ مِنَ ٱلْمَصَائِبِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي عَانَاهَا زَوْجُهَا.‏ فَلَا بُدَّ أَنَّهَا فُجِعَتْ بِمَوْتِ أَوْلَادِهَا وَضَيَاعِ ثَرْوَةِ ٱلْعَائِلَةِ.‏ كَمَا آلَمَهَا دُونَ رَيْبٍ أَنْ تَرَى زَوْجَهَا يُقَاسِي مَرَضًا مُضْنِيًا.‏ فَصَرَخَتْ فِي وَجْهِهِ قَائِلَةً:‏ «أَإِلَى ٱلْآنَ أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِٱسْتِقَامَتِكَ؟‏ اِلْعَنِ ٱللّٰهَ وَمُتْ!‏».‏ ثُمَّ جَاءَ لِمُوَاسَاةِ أَيُّوبَ ثَلَاثَةُ مُعَزِّينَ مَزْعُومِينَ:‏ أَلِيفَازُ وَبِلْدَدُ وَصُوفَرُ.‏ لكِنَّهُمْ حَلَّلُوا ٱلْأُمُورَ تَحْلِيلًا مُضَلِّلًا فَكَانُوا ‹مُعَزِّينَ مُتْعِبِينَ›.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ لَمَّحَ بِلْدَدُ أَنَّ أَوْلَادَ أَيُّوبَ أَخْطَأُوا وَنَالُوا جَزَاءَهُمُ ٱلْمُسْتَحَقَّ.‏ كَمَا أَشَارَ أَلِيفَازُ ضِمْنًا أَنَّ آلَامَ أَيُّوبَ إِنَّمَا هِيَ عِقَابٌ عَلَى خَطَايَا سَابِقَةٍ.‏ حَتَّى إِنَّهُ شَكَّكَ فِي أَهَمِّيَّةِ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى ٱللّٰهِ!‏ (‏اي ٢:‏٩،‏ ١١؛‏ ٤:‏٨؛‏ ٨:‏٤؛‏ ١٦:‏٢؛‏ ٢٢:‏٢،‏ ٣‏)‏ لكِنَّ أَيُّوبَ حَافَظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ تَحْتَ هذَا ٱلضَّغْطِ ٱلْهَائِلِ وَبَقِيَ أَمِينًا رَغْمَ كُلِّ مَا أَصَابَهُ،‏ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَلُومًا حِينَ أَخَذَ ‹يُبَرِّرُ نَفْسَهُ دُونَ ٱللّٰهِ›.‏ —‏ اي ٣٢:‏٢‏.‏

      ٨ أَيُّ مِثَالٍ رَائِعٍ رَسَمَهُ أَلِيهُو لِلْمُشِيرِينَ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٨ بَعْدَئِذٍ،‏ تُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ عَنْ أَلِيهُو ٱلَّذِي جَاءَ أَيْضًا لِزِيَارَةِ أَيُّوبَ.‏ وَقَدْ أَصْغَى هذَا ٱلرَّجُلُ إِلَى حُجَجِ أَيُّوبَ وَأَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ.‏ وَكَانَ أَوْفَرَ مِنْهُمْ حِكْمَةً رَغْمَ أَنَّهُ ٱلْأَصْغَرُ سِنًّا.‏ وَبِعَكْسِ مُعَزِّي أَيُّوبَ ٱلْمَزْعُومِينَ،‏ خَاطَبَهُ بِلُطْفٍ مُنَادِيًا إِيَّاهُ بِٱسْمِهِ.‏ كَمَا مَدَحَهُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ.‏ لكِنَّهُ قَالَ لَهُ أَيْضًا إِنَّهُ رَكَّزَ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْبَغِي عَلَى تَبْرِئَةِ نَفْسِهِ.‏ ثُمَّ أَكَّدَ لَهُ أَنَّ خِدْمَةَ ٱللّٰهِ بِأَمَانَةٍ لَا تَذْهَبُ سُدًى أَبَدًا.‏ (‏اِقْرَأْ ايوب ٣٦:‏١،‏ ١١‏.‏‏)‏ فَيَا لَهُ مِنْ مِثَالٍ رَائِعٍ لِلْمُشِيرِينَ ٱلْيَوْمَ!‏ فَقَدْ تَحَلَّى أَلِيهُو بِٱلصَّبْرِ،‏ أَصْغَى بِٱنْتِبَاهٍ،‏ قَدَّمَ ٱلْمَدْحَ حَيْثُمَا أَمْكَنَ،‏ وَأَسْدَى مَشُورَةً بَنَّاءَةً.‏ —‏ اي ٣٢:‏٦؛‏ ٣٣:‏٣٢‏.‏

      ٩ كَيْفَ سَاعَدَ يَهْوَه أَيُّوبَ؟‏

      ٩ وَفِي ٱلنِّهَايَةِ،‏ حَصَلَ مَعَ أَيُّوبَ أَمْرٌ يَفُوقُ ٱلتَّصَوُّرَ!‏ فَٱلسِّجِلُّ يَقُولُ:‏ «أَجَابَ يَهْوَهُ أَيُّوبَ مِنْ عَاصِفَةِ ٱلرِّيحِ».‏ وَقَدْ طَرَحَ عَلَيْهِ سِلْسِلَةً مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ قَوَّمَ بِهَا تَفْكِيرَهُ بِلُطْفٍ،‏ وَلكِنْ بِحَزْمٍ.‏ فَقَبِلَ أَيُّوبُ ٱلتَّوْبِيخَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ،‏ وَٱعْتَرَفَ قَائِلًا:‏ «أَنَا قَدْ صَغِرْتُ .‏ .‏ .‏ أَتُوبُ فِي ٱلتُّرَابِ وَٱلرَّمَادِ».‏ وَبَعْدَمَا فَرَغَ يَهْوَه مِنَ ٱلْكَلَامِ مَعَ أَيُّوبَ،‏ عَبَّرَ عَنْ غَضَبِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُمْ ‹لَمْ يَقُولُوا ٱلْحَقَّ›.‏ وَقَالَ لَهُمْ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى أَيُّوبَ لِيُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِهِمْ.‏ ثُمَّ «فَكَّ يَهْوَهُ أَيُّوبَ مِنْ أَسْرِهِ حِينَ صَلَّى لِأَجْلِ أَصْحَابِهِ،‏ وَأَخَذَ يَهْوَهُ يَزِيدُ كُلَّ مَا كَانَ لِأَيُّوبَ مُضَاعَفًا».‏ —‏ اي ٣٨:‏١؛‏ ٤٠:‏٤؛‏ ٤٢:‏٦-‏١٠‏.‏

      مَا مَدَى مَحَبَّتِنَا لِيَهْوَه؟‏

      ١٠ لِمَاذَا لَمْ يَتَجَاهَلْ يَهْوَه ٱلشَّيْطَانَ أَوْ يُهْلِكْهُ؟‏

      ١٠ بِمَا أَنَّ يَهْوَه هُوَ خَالِقُ ٱلْكَوْنِ وَٱلْمُتَسَلِّطُ عَلَى كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ،‏ فَلِمَاذَا لَمْ يَتَجَاهَلِ ٱدِّعَاءَاتِ إِبْلِيسَ؟‏ لَقَدْ عَلِمَ ٱللّٰهُ أَنَّ ٱلْمَسْأَلَةَ ٱلْمَطْرُوحَةَ لَا تُبَتُّ بِتَجَاهُلِ ٱلشَّيْطَانِ وَلَا بِإِهْلَاكِهِ.‏ فَإِبْلِيسُ ٱدَّعَى أَنَّ خَادِمَ يَهْوَه ٱلْأَمِينَ أَيُّوبَ لَنْ يَبْقَى وَلِيًّا إِذَا خَسِرَ مَا يَتَمَتَّعَ بِهِ مِنْ رَخَاءٍ.‏ لكِنَّ أَيُّوبَ بَقِيَ عَلَى وَلَائِهِ تَحْتَ ٱلتَّجْرِبَةِ.‏ ثُمَّ زَعَمَ ٱلشَّيْطَانُ أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ يَتَخَلَّى عَنِ ٱللّٰهِ إِذَا مَسَّهُ أَلَمٌ جَسَدِيٌّ.‏ فَتَأَلَّمَ أَيُّوبُ لكِنَّهُ لَمْ يَكْسِرِ ٱسْتِقَامَتَهُ.‏ وَهكَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَاذِبٌ فِي حَالَةِ أَيُّوبَ ٱلَّذِي حَافَظَ عَلَى أَمَانَتِهِ رَغْمَ أَنَّهُ إِنْسَانٌ نَاقِصٌ.‏ فَمَا ٱلْقَوْلُ فِي بَاقِي عُبَّادِ ٱللّٰهِ؟‏

      ١١ كَيْفَ دَحَضَ يَسُوعُ كَامِلًا ٱدِّعَاءَاتِ ٱلشَّيْطَانِ؟‏

      ١١ إِنَّ كُلَّ خَادِمٍ لِلّٰهِ يُحَافِظُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ رَغْمَ كُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ يُثْبِتُ فِي حَالَتِهِ هُوَ أَيْضًا كَذِبَ ٱتِّهَامَاتِ ذَاكَ ٱلْعَدُوِّ ٱلَّذِي لَا يَلِينُ.‏ وَقَدْ دَحَضَ يَسُوعُ كَامِلًا مَزَاعِمَ الشَّيْطَانِ حِينَ جَاءَ إِلَى ٱلْأَرْضِ.‏ فَكَأَبِينَا ٱلْأَوَّلِ آدَمَ،‏ كَانَ يَسُوعُ إِنْسَانًا كَامِلًا.‏ وَبِأَمَانَتِهِ حَتَّى ٱلْمَوْتِ،‏ أَثْبَتَ بِشَكْلٍ قَاطِعٍ كَذِبَ ٱلشَّيْطَانِ وَبُطْلَ ٱدِّعَاءَاتِهِ.‏ —‏ رؤ ١٢:‏١٠‏.‏

      ١٢ أَيُّ فُرْصَةٍ وَمَسْؤُولِيَّةٍ مَوْضُوعَةٌ أَمَامَ كُلِّ خَادِمٍ لِيَهْوَه؟‏

      ١٢ عَلَى ٱلرَّغْمِ مِنْ ذلِكَ،‏ لَا يَنْفَكُّ ٱلشَّيْطَانُ يُجَرِّبُ عُبَّادَ يَهْوَه.‏ وَلَدَى كُلٍّ مِنَّا فُرْصَةٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ أَنْ نُثْبِتَ بِٱسْتِقَامَتِنَا أَنَّنَا نَخْدُمُ يَهْوَه عَنْ مَحَبَّةٍ،‏ لَا لِغَايَاتٍ أَنَانِيَّةٍ.‏ فَكَيْفَ نَنْظُرُ إِلَى هذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ؟‏ إِنَّنَا نَعْتَبِرُ خِدْمَةَ يَهْوَه بِوَلَاءٍ شَرَفًا كَبِيرًا.‏ وَمِنَ ٱلْمُعَزِّي أَيْضًا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ يَهْوَه يُعْطِينَا ٱلْقُدْرَةَ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ،‏ وَيَضَعُ حُدُودًا لِلتَّجْرِبَةِ كَمَا فَعَلَ فِي قَضِيَّةِ أَيُّوبَ.‏ —‏ ١ كو ١٠:‏١٣‏.‏

      اَلشَّيْطَانُ —‏ خَصْمٌ وَمُرْتَدٌّ وَقِحٌ

      ١٣ أَيَّةُ تَفَاصِيلَ يَكْشِفُهَا سِفْرُ أَيُّوبَ عَنِ ٱلشَّيْطَانِ؟‏

      ١٣ نَجِدُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ عَنْ مُقَاوَمَةِ ٱلشَّيْطَانِ لِيَهْوَه.‏ وَيُنْبِئُنَا أَحَدُهَا،‏ سِفْرُ ٱلرُّؤْيَا،‏ بِتَبْرِئَةِ سُلْطَانِ يَهْوَه وَهَلَاكِ ٱلشَّيْطَانِ.‏ كَمَا تُعْطِينَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ تَفَاصِيلَ عَنْ دَوْرِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلشَّنِيعِ فِي ٱلتَّشْكِيكِ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه وَتَضْلِيلِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ.‏ فَسِفْرُ أَيُّوبَ يُلْقِي ضَوْءًا عَلَى تَمَرُّدِ ٱلشَّيْطَانِ.‏ فَهُوَ لَمْ يَأْتِ لِتَسْبِيحِ يَهْوَه عِنْدَمَا حَضَرَ ٱلِٱجْتِمَاعَيْنِ فِي ٱلسَّمَاءِ.‏ بَلْ كَانَتْ نِيَّتُهُ خَبِيثَةً وَغَايَتُهُ شِرِّيرَةً،‏ بِدَلِيلِ أَنَّهُ «خَرَجَ .‏ .‏ .‏ مِنْ حَضْرَةِ يَهْوَهَ» بَعْدَ أَنِ ٱتَّهَمَ أَيُّوبَ وَأُذِنَ لَهُ بِتَجْرِبَتِهِ.‏ —‏ اي ١:‏١٢؛‏ ٢:‏٧‏.‏

      ١٤ أَيُّ مَوْقِفٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنْ أَيُّوبَ؟‏

      ١٤ وَهكَذَا يُظْهِرُ سِفْرُ أَيُّوبَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ هُوَ عَدُوُّ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ ٱلَّذِي لَا يَعْرِفُ ٱلرَّحْمَةَ.‏ فَبَيْنَ ٱلِٱجْتِمَاعِ ٱلْأَوَّلِ ٱلْمَذْكُورِ فِي أَيُّوبَ ١:‏٦ وَٱلثَّانِي ٱلْمَذْكُورِ فِي أَيُّوبَ ٢:‏١‏،‏ مَرَّتْ فَتْرَةٌ غَيْرُ مُحَدَّدَةٍ تَعَرَّضَ فِيهَا أَيُّوبُ لِتَجْرِبَةٍ قَاسِيَةٍ ٱسْتَطَاعَ يَهْوَه أَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا عَنْ أَمَانَةِ أَيُّوبَ:‏ «هُوَ حَتَّى ٱلْآنَ مُتَمَسِّكٌ بِٱسْتِقَامَتِهِ،‏ مَعَ أَنَّكَ تُحَرِّضُنِي عَلَيْهِ لِأَبْتَلِعَهُ بِلَا سَبَبٍ».‏ وَرَغْمَ ذلِكَ لَمْ يَعْتَرِفِ ٱلشَّيْطَانُ بِبُطْلِ ٱدِّعَاءَاتِهِ،‏ بَلْ طَالَبَ بِإِخْضَاعِ أَيُّوبَ لِتَجْرِبَةٍ قَاسِيَةٍ أُخْرَى.‏ وَبِذلِكَ يَكُونُ إِبْلِيسُ قَدْ جَرَّبَهُ عِنْدَمَا كَانَ ثَرِيًّا وَحِينَ أَصْبَحَ عَلَى ٱلْحَضِيضِ.‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَا يَتَرَأَّفُ عَلَى ٱلْفُقَرَاءِ أَوِ ٱلْمَنْكُوبِينَ.‏ وَهُوَ يَكْرَهُ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ.‏ (‏اي ٢:‏٣-‏٥‏)‏ لكِنَّ أَمَانَةَ أَيُّوبَ أَظْهَرَتْ كَذِبَ ٱلشَّيْطَانِ.‏

      ١٥ كَيْفَ يَتَشَبَّهُ ٱلْمُرْتَدُّونَ ٱلْعَصْرِيُّونَ بِٱلشَّيْطَانِ؟‏

      ١٥ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ أَوَّلَ مَخْلُوقٍ ٱرْتَدَّ عَنْ يَهْوَه.‏ وَٱلْمُرْتَدُّونَ ٱلْعَصْرِيُّونَ يُعْرِبُونَ عَنْ خِصَالِهِ.‏ فَقَدْ تُسَمِّمُ رُوحُ ٱلِٱنْتِقَادِ عَقْلَهُمْ بِحَيْثُ تَسْتَحْوِذُ عَلَيْهِمِ ٱلنَّظْرَةُ ٱلسَّلْبِيَّةُ إِلَى أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ،‏ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ،‏ أَوِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ وَبَعْضُ ٱلْمُرْتَدِّينَ يُعَارِضُونَ ٱسْتِعْمَالَ ٱلِٱسْمِ ٱلْإِلهِيِّ،‏ يَهْوَه.‏ وَلَا يَهُمُّهُمُ ٱلتَّعَلُّمُ عَنْ يَهْوَه أَوْ خِدْمَتُهُ.‏ وَهُمْ يَسْتَهْدِفُونَ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ لِزَعْزَعَةِ إِيمَانِهِمْ،‏ تَمَثُّلًا بِأَبِيهِمِ ٱلشَّيْطَانِ.‏ (‏يو ٨:‏٤٤‏)‏ فَلَا عَجَبَ أَنْ يَتَجَنَّبَ خُدَّامُ يَهْوَه أَيَّ ٱحْتِكَاكٍ بِهِمْ.‏ —‏ ٢ يو ١٠،‏ ١١‏.‏

      أَيُّوبُ كَرَّمَ ٱسْمَ يَهْوَه

      ١٦ أَيُّ مَوْقِفٍ مِنْ يَهْوَه أَعْرَبَ عَنْهُ أَيُّوبُ؟‏

      ١٦ اِسْتَعْمَلَ أَيُّوبُ ٱسْمَ يَهْوَه وَسَبَّحَهُ.‏ حَتَّى عِنْدَمَا سَحَقَهُ نَبَأُ مَصْرَعِ أَوْلَادِهِ،‏ لَمْ يَنْسِبْ إِلَى ٱللّٰهِ شَيْئًا قَبِيحًا.‏ وَرَغْمَ أَنَّهُ ظَنَّ خَطَأً أَنَّ ٱللّٰهَ مَسْؤُولٌ عَنِ ٱلْفَاجِعَةِ ٱلَّتِي حَلَّتْ بِهِ،‏ دَافَعَ عَنِ ٱسْمِ يَهْوَه.‏ وَقَدْ أَكَّدَ فِي أَحَدِ أَمْثَالِهِ:‏ «هَا إِنَّ مَخَافَةَ يَهْوَهَ هِيَ ٱلْحِكْمَةُ،‏ وَٱلْحَيَدَانَ عَنِ ٱلشَّرِّ هُوَ ٱلْفَهْمُ».‏ —‏ اي ٢٨:‏٢٨‏.‏

      ١٧ مَا ٱلَّذِي مَكَّنَ أَيُّوبَ مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ؟‏

      ١٧ فَمَا ٱلَّذِي مَكَّنَ أَيُّوبَ مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ؟‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ نَمَّى عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِيَهْوَه قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ بِهِ ٱلْمَصَائِبُ.‏ فَرَغْمَ أَنَّهُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ شَكَّكَ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه،‏ عَقَدَ ٱلْعَزْمَ عَلَى ٱلْبَقَاءِ وَلِيًّا.‏ فَقَدْ قَالَ:‏ «حَتَّى أَلْفِظَ آخِرَ أَنْفَاسِي لَا أَنْزِعُ ٱسْتِقَامَتِي عَنِّي!‏».‏ (‏اي ٢٧:‏٥‏)‏ وَكَيْفَ نَمَّى أَيُّوبُ هذِهِ ٱلْعَلَاقَةَ ٱلْوَثِيقَةَ بِيَهْوَه؟‏ لَا شَكَّ أَنَّهُ فَكَّرَ مَلِيًّا فِي مَا سَمِعَهُ عَنْ تَعَامُلَاتِ ٱللّٰهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَنْسِبَائِهِ ٱلْبَعِيدِينَ.‏ كَمَا كَانَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَتَبَيَّنَ ٱلْكَثِيرَ مِنْ صِفَاتِ يَهْوَه بِٱلتَّأَمُّلِ فِي ٱلْخَلِيقَةِ.‏ —‏ اِقْرَأْ ايوب ١٢:‏٧-‏٩،‏ ١٣،‏ ١٦‏.‏

      ١٨ (‏أ)‏ كَيْفَ أَظْهَرَ أَيُّوبُ تَعَبُّدَهُ لِيَهْوَه؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَيُّوبَ ٱلْحَسَنِ؟‏

      ١٨ إِنَّ مَا عَرَفَهُ أَيُّوبُ عَنْ يَهْوَه وَلَّدَ عِنْدَهُ ٱلرَّغْبَةَ فِي إِرْضَائِهِ.‏ فَكَانَ يُقَرِّبُ ٱلذَّبَائِحَ بِٱنْتِظَامٍ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ أَفْرَادُ عَائِلَتِهِ قَدْ «لَعَنُوا ٱللّٰهَ فِي قُلُوبِهِمْ» أَوْ فَعَلُوا أَمْرًا لَا يُرْضِيهِ.‏ (‏اي ١:‏٥‏)‏ كَمَا ٱسْتَمَرَّ فِي مُبَارَكَةِ يَهْوَه حَتَّى تَحْتَ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ.‏ (‏اي ١٠:‏١٢‏)‏ فَيَا لَهُ مِنْ مِثَالٍ حَسَنٍ لَنَا!‏ فَنَحْنُ أَيْضًا يَجِبُ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي نَيْلِ ٱلْمَعْرِفَةِ ٱلدَّقِيقَةِ عَنْ يَهْوَه وَمَقَاصِدِهِ.‏ وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّبِعَ رُوتِينًا رُوحِيًّا نَافِعًا يَشْمُلُ نَشَاطَاتٍ مِثْلَ ٱلدَّرْسِ،‏ حُضُورِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ،‏ ٱلصَّلَاةِ،‏ وَٱلْكِرَازَةِ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ نَفْعَلَ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا لِإِعْلَانِ ٱسْمِ يَهْوَه.‏ وَٱسْتِقَامَةُ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ تُفَرِّحُ قَلْبَهُ مِثْلَمَا فَرَّحَتْهُ ٱسْتِقَامَةُ أَيُّوبَ.‏ وَهذَا مَا سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.‏

  • استقامتك تفرِّح قلب يهوه
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١٥ نيسان (‏ابريل)‏
    • اِسْتِقَامَتُكَ تُفَرِّحُ قَلْبَ يَهْوَه

      ‏«يَا ٱبْنِي،‏ كُنْ حَكِيمًا وَفَرِّحْ قَلْبِي،‏ لِأُجِيبَ مَنْ يُعَيِّرُنِي».‏ —‏ ام ٢٧:‏١١‏.‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ مَاذَا ٱدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ بِحَسَبِ سِفْرِ أَيُّوبَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱسْتَمَرَّ يُعَيِّرُ يَهْوَه بَعْدَ زَمَنِ أَيُّوبَ؟‏

      سَمَحَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ بِٱمْتِحَانِ ٱسْتِقَامَةِ خَادِمِهِ ٱلْوَلِيِّ أَيُّوبَ.‏ فَخَسِرَ أَيُّوبُ مَوَاشِيَهُ وَأَوْلَادَهُ وَصِحَّتَهُ.‏ لكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَمْ يَقْصِدْ أَيُّوبَ وَحْدَهُ حِينَ شَكَّكَ فِي ٱسْتِقَامَتِهِ قَائِلًا:‏ «جِلْدٌ بِجِلْدٍ،‏ وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ».‏ فَهذَا ٱلِٱدِّعَاءُ أَثَارَ قَضِيَّةً تَجَاوَزَتْ بِأَبْعَادِهَا أَيُّوبَ ٱلْفَرْدَ،‏ وَلَا تَزَالُ قَائِمَةً بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ مِنْ مَوْتِهِ.‏ —‏ اي ٢:‏٤‏.‏

      ٢ فَبَعْدَ تَجَارِبِ أَيُّوبَ بِنَحْوِ ٦٠٠ سَنَةٍ،‏ أُوحِيَ إِلَى سُلَيْمَانَ أَنْ يَكْتُبَ:‏ «يَا ٱبْنِي،‏ كُنْ حَكِيمًا وَفَرِّحْ قَلْبِي،‏ لِأُجِيبَ مَنْ يُعَيِّرُنِي».‏ (‏ام ٢٧:‏١١‏)‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ آنَذَاكَ كَانَ لَا يَزَالُ يُشَكِّكُ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه.‏ كَمَا أَنَّ ٱلرَّسُولَ يُوحَنَّا،‏ فِي إِحْدَى ٱلرُّؤَى ٱلَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ،‏ رَأَى ٱلشَّيْطَانَ يَتَّهِمُ خُدَّامَ ٱللّٰهِ عَقِبَ طَرْدِهِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فِي وَقْتٍ مَا بَعْدَ تَأْسِيسِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ سَنَةَ ١٩١٤.‏ وَلَا يَزَالُ ٱلشَّيْطَانُ يُشَكِّكُ فِي ٱسْتِقَامَةِ خُدَّامِ ٱللّٰهِ حَتَّى ٱلْيَوْمِ فِي هذِهِ ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ!‏ —‏ رؤ ١٢:‏١٠‏.‏

      ٣ أَيَّةُ دُرُوسٍ قَيِّمَةٍ نَسْتَخْلِصُهَا مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ؟‏

      ٣ تَأَمَّلْ فِي ثَلَاثَةِ دُرُوسٍ مُهِمَّةٍ نَسْتَخْلِصُهَا مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ.‏ أَوَّلًا،‏ تَكْشِفُ تَجَارِبُ أَيُّوبَ ٱلْقِنَاعَ عَنْ عَدُوِّ ٱلْبَشَرِ ٱلْحَقِيقِيِّ وَمَصْدَرِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلَّتِي يُعَانِيهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ:‏ اَلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ.‏ ثَانِيًا،‏ يُمْكِنُنَا ٱلْمُحَافَظَةُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ تَجَارِبَ إِذَا نَمَّيْنَا عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِٱللّٰهِ.‏ ثَالِثًا،‏ يُسَاعِدُنَا ٱللّٰهُ عَلَى ٱحْتِمَالِ ٱلتَّجَارِبِ وَٱلْمِحَنِ،‏ مِثْلَمَا سَاعَدَ أَيُّوبَ.‏ وَهُوَ يَمُدُّنَا بِهذَا ٱلدَّعْمِ ٱلْيَوْمَ بِوَاسِطَةِ كَلِمَتِهِ وَهَيْئَتِهِ وَرُوحِهِ ٱلْقُدُسِ.‏

      لَا تَنْسَ مَنِ ٱلْعَدُوُّ

      ٤ مَنِ ٱلْمَلُومُ عَلَى أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرَةِ؟‏

      ٤ كَثِيرُونَ لَا يُؤْمِنُونَ بِوُجُودِ ٱلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ.‏ لِذلِكَ لَا يُدْرِكُونَ أَنَّهُ ٱلسَّبَبُ ٱلْحَقِيقِيُّ وَرَاءَ أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلَّتِي تُرْعِبُهُمْ.‏ طَبْعًا،‏ إِنَّ ٱلْكَثِيرَ مِنْ وَيْلَاتِ ٱلْبَشَرِ يَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّتَهَا ٱلْإِنْسَانُ نَفْسُهُ.‏ فَأَبَوَانَا ٱلْأَوَّلَانِ آدَمُ وَحَوَّاءُ ٱخْتَارَا ٱلِٱسْتِقْلَالَ عَنْ خَالِقِهِمَا،‏ وَمُنْذُ ذلِكَ ٱلْحِينِ،‏ تَسْلُكُ ٱلْأَجْيَالُ ٱلْمُتَعَاقِبَةُ مَسْلَكًا فِي غَايَةِ ٱلْحَمَاقَةِ وَٱلتَّهَوُّرِ.‏ لكِنَّ إِبْلِيسَ هُوَ ٱلَّذِي خَدَعَ حَوَّاءَ وَجَعَلَهَا تَتَمَرَّدُ عَلَى ٱللّٰهِ.‏ وَهُوَ ٱلَّذِي أَنْشَأَ بَيْنَ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ ٱلنَّاقِصِ وَٱلْفَانِي نِظَامًا عَالَمِيًّا يَخْضَعُ لِسَيْطَرَتِهِ.‏ وَلِأَنَّهُ «إِلٰهُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا»،‏ يَعْكِسُ ٱلْمُجْتَمَعُ ٱلْبَشَرِيُّ ٱلصِّفَاتِ نَفْسَهَا ٱلَّتِي يُعْرِبُ هُوَ عَنْهَا:‏ اَلْكِبْرِيَاءَ،‏ ٱلنَّزْعَةَ إِلَى ٱلْخِصَامِ،‏ ٱلْغَيْرَةَ،‏ ٱلْجَشَعَ،‏ ٱلْخِدَاعَ،‏ وَٱلتَّمَرُّدَ.‏ (‏٢ كو ٤:‏٤؛‏ ١ تي ٢:‏١٤؛‏ ٣:‏٦‏؛‏ اِقْرَأْ يعقوب ٣:‏١٤،‏ ١٥‏.‏‏)‏ وَهذِهِ ٱلصِّفَاتُ تُؤَدِّي إِلَى ٱلنِّزَاعَاتِ ٱلسِّيَاسِيَّةِ وَٱلدِّينِيَّةِ وَٱلْبُغْضِ وَٱلْفَسَادِ وَٱلْفَوْضَى ٱلَّتِي تَلْعَبُ دَوْرًا كَبِيرًا فِي شَقَاءِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ.‏

      ٥ مَاذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَفْعَلَ بِمَعْرِفَتِنَا ٱلثَّمِينَةِ؟‏

      ٥ مَا أَثْمَنَ ٱلْمَعْرِفَةَ ٱلَّتِي نَمْتَلِكُهَا كَخُدَّامٍ لِيَهْوَه!‏ فَنَحْنُ نَعْرِفُ مَنِ ٱلْمَسْؤُولُ عَنْ أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمُتَدَهْوِرَةِ.‏ أَفَلَا يَدْفَعُنَا ذلِكَ إِلَى ٱلِٱشْتِرَاكِ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ لِنُخْبِرَ ٱلنَّاسَ مَنْ هُوَ أَصْلُ مَشَاكِلِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ؟‏ أَوَلَسْنَا سُعَدَاءَ أَنْ نَكُونَ إِلَى جَانِبِ ٱلْإِلهِ ٱلْحَقِّ،‏ يَهْوَه،‏ وَنَشْرَحَ لِلْآخَرِينَ كَيْفَ سَيُهْلِكُ ٱلشَّيْطَانَ وَيُنْهِي ٱلْوَيْلَاتِ ٱلَّتِي تَبْتَلِي ٱلْعَالَمَ؟‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ مَنِ ٱلْمَسْؤُولُ عَنِ ٱضْطِهَادِ ٱلْعُبَّادِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَلِيهُو؟‏

      ٦ لَيْسَ ٱلشَّيْطَانُ مَسْؤُولًا عَنِ ٱلْكَثِيرِ مِنْ مَآ‌سِي ٱلْعَالَمِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ أَيْضًا عَنِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ.‏ فَهُوَ مُصَمِّمٌ عَلَى ٱمْتِحَانِنَا.‏ قَالَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ لِلرَّسُولِ بُطْرُسَ:‏ «سِمْعَانُ،‏ سِمْعَانُ!‏ هَا إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَدْ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَٱلْحِنْطَةِ».‏ (‏لو ٢٢:‏٣١‏)‏ وَيَنْطَبِقُ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ عَلَيْنَا أَيْضًا،‏ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسِيرُ عَلَى خُطَى يَسُوعَ سَيَتَعَرَّضُ لِلتَّجَارِبِ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى.‏ فَقَدْ شَبَّهَ بُطْرُسُ إِبْلِيسَ ‹بِأَسَدٍ زَائِرٍ يَطْلُبُ أَنْ يَلْتَهِمَ أَحَدًا›.‏ كَمَا قَالَ بُولُسُ «إِنَّ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَحْيَوْا بِتَعَبُّدٍ لِلّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ سَيُضْطَهَدُونَ أَيْضًا».‏ —‏ ١ بط ٥:‏٨؛‏ ٢ تي ٣:‏١٢‏.‏

      ٧ فَكَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا نُدْرِكُ مَنْ هُوَ عَدُوُّنَا ٱلْحَقِيقِيُّ؟‏ عِنْدَمَا تَحِلُّ فَاجِعَةٌ بِأَحَدِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ لَا يَجِبُ أَنْ نَسْتَنْتِجَ أَنَّهَا عِقَابٌ مِنَ ٱللّٰهِ،‏ بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ أَنَّ مَصْدَرَهَا هُوَ ٱلشَّيْطَانُ.‏ وَعِوَضَ ٱلِٱبْتِعَادِ كَمُعَزِّي أَيُّوبَ ٱلزَّائِفِينَ عَنِ ٱلْأَخِ ٱلَّذِي أَلَمَّتْ بِهِ ٱلْمُصِيبَةُ،‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِأَلِيهُو ٱلَّذِي خَاطَبَ أَيُّوبَ كَصَدِيقٍ حَقِيقِيٍّ،‏ وَذلِكَ بِٱلتَّكَاتُفِ مَعَ أَخِينَا فِي صِرَاعِهِ مَعَ عَدُوِّنَا ٱلْمُشْتَرَكِ،‏ ٱلشَّيْطَانِ.‏ (‏ام ٣:‏٢٧؛‏ ١ تس ٥:‏٢٥‏)‏ وَيَنْبَغِي أَلَّا نَأْلُوَ جُهْدًا فِي مُسَاعَدَتِهِ عَلَى ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ وَتَفْرِيحِ قَلْبِ يَهْوَه.‏

      ٨ لِمَاذَا فَشِلَ ٱلشَّيْطَانُ فِي مَنْعِ أَيُّوبَ مِنْ إِكْرَامِ يَهْوَه؟‏

      ٨ ضَرَبَ ٱلشَّيْطَانُ أَيُّوبَ أَوَّلَ مَا ضَرَبَهُ فِي مَوَاشِيهِ.‏ وَكَانَتْ ذَاتَ قِيمَةٍ كَبِيرَةٍ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَصْدَرَ رِزْقِهِ.‏ وَقَدِ ٱسْتَخْدَمَهَا أَيُّوبُ أَيْضًا فِي ٱلْعِبَادَةِ.‏ فَكَانَ يُقَدِّسُ أَوْلَادَهُ ثُمَّ «يُبَكِّرُ صَبَاحًا وَيُقَرِّبُ مُحْرَقَاتٍ عَلَى عَدَدِهِمْ جَمِيعًا؛‏ لِأَنَّ أَيُّوبَ كَانَ يَقُولُ:‏ ‹لَعَلَّ بَنِيَّ أَخْطَأُوا وَلَعَنُوا ٱللّٰهَ فِي قُلُوبِهِمْ›.‏ هٰكَذَا كَانَ أَيُّوبُ يَفْعَلُ دَائِمًا».‏ (‏اي ١:‏٤،‏ ٥‏)‏ وَهذَا يَعْنِي أَنَّ أَيُّوبَ قَرَّبَ ٱلذَّبَائِحَ لِيَهْوَه بِٱنْتِظَامٍ.‏ لكِنَّ ذلِكَ أَصْبَحَ غَيْرَ مُمْكِنٍ حَالَمَا ٱبْتَدَأَتْ تَجَارِبُهُ،‏ إِذْ لَمْ تَعُدْ لَدَيْهِ «نَفَائِسُ» يُكْرِمُ بِهَا يَهْوَه.‏ (‏ام ٣:‏٩‏)‏ غَيْرَ أَنَّهُ ظَلَّ قَادِرًا عَلَى إِكْرَامِ يَهْوَه بِشَفَتَيْهِ،‏ وَهذَا مَا فَعَلَهُ!‏

      نَمِّ عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِيَهْوَه

      ٩ مَا هُوَ أَثْمَنُ شَيْءٍ لَدَيْنَا؟‏

      ٩ سَوَاءٌ كُنَّا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ،‏ شُبَّانًا أَوْ مُسِنِّينَ،‏ أَصِحَّاءَ أَوْ مَرْضَى،‏ يُمْكِنُنَا تَنْمِيَةُ عَلَاقَةٍ وَثِيقَةٍ بِيَهْوَه.‏ وَهذِهِ ٱلْعَلَاقَةُ تُمَكِّنُنَا مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا وَتَفْرِيحِ قَلْبِ يَهْوَه مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ تَجَارِبَ.‏ حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ وَقَفُوا مَوْقِفًا شُجَاعًا وَحَافَظُوا عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ رَغْمَ مَعْرِفَتِهِمِ ٱلْمَحْدُودَةِ لِلْحَقِّ.‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ كَيْفَ وَاجَهَتْ إِحْدَى أَخَوَاتِنَا ٱمْتِحَانَاتِ ٱلِٱسْتِقَامَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ دَحَضَتْ هذِهِ ٱلْأُخْتُ ٱدِّعَاءَ ٱلشَّيْطَانِ؟‏

      ١٠ تَأَمَّلْ فِي ٱخْتِبَارِ ٱلْأُخْتِ ڤالنتينا ڠارنوفسْكايا،‏ إِحْدَى ٱلشُّهُودِ ٱلْكَثِيرِينَ فِي رُوسِيَا ٱلَّذِينَ حَافَظُوا كَأيُّوبَ ٱلْأَمِينِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ تَحْتَ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ.‏ فَعَامَ ١٩٤٥،‏ بَشَّرَهَا أَحَدُ ٱلْإِخْوَةِ وَهِيَ فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهَا تَقْرِيبًا.‏ ثُمَّ عَادَ مَرَّتَيْنِ لِمُنَاقَشَةِ مَوَاضِيعَ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ وَلَمْ تَرَهُ ثَانِيَةً قَطُّ.‏ رَغْمَ ذلِكَ،‏ بَدَأَتْ ڤالنتينا بِٱلْكِرَازَةِ لِجِيرَانِهَا.‏ فَٱعْتُقِلَتْ وَحُكِمَ عَلَيْهَا بِٱلسَّجْنِ ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ فِي أَحَدِ مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ.‏ وَمَا كَادَتْ تَخْرُجُ مِنَ ٱلْمُعَسْكَرِ عَامَ ١٩٥٣ حَتَّى ٱسْتَأْنَفَتْ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ فَٱعْتُقِلَتْ ثَانِيَةً،‏ وَسُجِنَتْ هذِهِ ٱلْمَرَّةَ عَشْرَ سَنَوَاتٍ.‏ وَقَدْ نُقِلَتْ إِلَى مُعَسْكَرٍ فِيهِ أَخَوَاتٌ لَدَيْهِنَّ كِتَابٌ مُقَدَّسٌ.‏ وَكَمْ كَانَتْ لَحْظَةً مُؤَثِّرَةً حِينَ أَرَتْهَا إِحْدَاهُنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ!‏ فَلَمْ يَسْبِقْ لَهَا أَنْ رَأَتْ غَيْرَهُ إِلَّا بَيْنَ يَدَيِ ٱلْأَخِ ٱلَّذِي بَشَّرَهَا عَامَ ١٩٤٥.‏

      ١١ بَعْدَ أَنْ أُطْلِقَ سَرَاحُ ڤالنتينا عَامَ ١٩٦٧،‏ تَمَكَّنَتْ أَخِيرًا أَنْ تَعْتَمِدَ فِي ٱلْمَاءِ رَمْزًا إِلَى ٱنْتِذَارِهَا لِيَهْوَه.‏ وَٱسْتَغَلَّتْ حُرِّيَّتَهَا لِلِٱشْتِرَاكِ بِغَيْرَةٍ فِي ٱلْخِدْمَةِ حَتَّى سَنَةِ ١٩٦٩،‏ حِينَ ٱعْتُقِلَتْ مُجَدَّدًا وَحُكِمَ عَلَيْهَا هذِهِ ٱلْمَرَّةَ بِٱلسَّجْنِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ.‏ وَبَلَغَ مَجْمُوعُ مَا قَضَتْهُ فِي ٱلسُّجُونِ وَمُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ ٢١ سَنَةً.‏ لكِنَّهَا لَمْ تَتَوَقَّفْ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ.‏ وَعِنْدَ وَفَاتِهَا عَامَ ٢٠٠١،‏ كَانَتْ قَدْ سَاعَدَتْ ٤٤ شَخْصًا عَلَى تَعَلُّمِ ٱلْحَقِّ.‏ لَقَدْ كَانَتْ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِلتَّضْحِيَةِ بِكُلِّ شَيْءٍ،‏ بِمَا فِي ذلِكَ حُرِّيَّتُهَا،‏ فِي سَبِيلِ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهَا.‏ قَالَتْ ڤالنتينا فِي أَوَاخِرِ حَيَاتِهَا:‏ «لَمْ أَمْتَلِكْ قَطُّ بَيْتًا أَعِيشُ فِيهِ.‏ فَكُلُّ مُمْتَلَكَاتِي كَانَتْ فِي حَقِيبَةٍ وَاحِدَةٍ.‏ لكِنِّي شَعَرْتُ بِٱلسَّعَادَةِ وَٱلِٱكْتِفَاءِ لِأَنِّي أَخْدُمُ يَهْوَه».‏ فَيَا لَلْجَوَابِ ٱلَّذِي دَحَضَتْ بِهِ ٱدِّعَاءَ ٱلشَّيْطَانِ أَنَّ ٱلْبَشَرَ لَا يَبْقَوْنَ أَوْلِيَاءَ لِلّٰهِ تَحْتَ ٱلتَّجَارِبِ!‏ (‏اي ١:‏٩-‏١١‏)‏ وَيُمْكِنُنَا أَنْ نَكُونَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهَا فَرَّحَتْ قَلْبَ يَهْوَه وَأَنَّهُ يَتُوقُ إِلَى إِقَامَتِهَا هِيَ وَجَمِيعِ ٱلَّذِينَ مَاتُوا أُمَنَاءَ.‏ —‏ اي ١٤:‏١٥‏.‏

      ١٢ مَا دَوْرُ ٱلْمَحَبَّةِ فِي عَلَاقَتِنَا بِيَهْوَه؟‏

      ١٢ إِنَّ صَدَاقَتَنَا مَعَ يَهْوَه نَابِعَةٌ مِنْ مَحَبَّتِنَا لَهُ.‏ فَنَحْنُ نُقَدِّرُ صِفَاتِهِ وَنَفْعَلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا لِنَعِيشَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ مَقَاصِدِهِ.‏ وَخِلَافًا لِمَا ٱدَّعَاهُ إِبْلِيسُ،‏ نُحِبُّ يَهْوَه بِمِلْءِ إِرَادَتِنَا دُونَ قَيْدٍ وَلَا شَرْطٍ.‏ وَهذِهِ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلنَّابِعَةُ مِنَ ٱلْقَلْبِ تَمُدُّنَا بِٱلْقُوَّةِ لِنُحَافِظَ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ تَحْتَ ٱلتَّجْرِبَةِ.‏ وَيَهْوَه بِدَوْرِهِ سَيَدْعَمُنَا،‏ لِأَنَّهُ «يَحْرُسُ طَرِيقَ أَوْلِيَائِهِ».‏ —‏ ام ٢:‏٨؛‏ مز ٩٧:‏١٠‏.‏

      ١٣ كَيْفَ يَنْظُرُ يَهْوَه إِلَى مَا نَفْعَلُهُ فِي خِدْمَتِهِ؟‏

      ١٣ تَدْفَعُنَا ٱلْمَحَبَّةُ إِلَى إِكْرَامِ ٱسْمِ يَهْوَه مَهْمَا كَانَتْ قُدُرَاتُنَا مَحْدُودَةً.‏ فَهُوَ يَرَى دَوَافِعَنَا ٱلْجَيِّدَةَ وَلَا يَدِينُنَا إِذَا عَجِزْنَا عَنْ إِنْجَازِ كُلِّ مَا نَرْغَبُ فِي فِعْلِهِ.‏ فَلَيْسَ ٱلْمُهِمُّ مَا نَفْعَلُهُ فَقَطْ،‏ بَلْ مَا يَدْفَعُنَا إِلَى فِعْلِهِ أَيْضًا.‏ لَقَدْ تَكَلَّمَ أَيُّوبُ أَمَامَ مُتَّهِمِيهِ عَنْ مَحَبَّتِهِ لِطُرُقِ يَهْوَه رَغْمَ ٱلْفَاجِعَةِ ٱلَّتِي أَلَمَّتْ بِهِ وَٱلْآلَامِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي تَحَمَّلَهَا.‏ (‏اِقْرَأْ ايوب ١٠:‏١٢؛‏ ٢٨:‏٢٨‏.‏‏)‏ وَفِي ٱلْإِصْحَاحِ ٱلْأَخِيرِ مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ،‏ عَبَّرَ ٱللّٰهُ عَنْ غَضَبِهِ عَلَى أَلِيفَازَ وَبِلْدَدَ وَصُوفَرَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ٱلْحَقَّ.‏ كَمَا أَظْهَرَ رِضَاهُ عَنْ أَيُّوبَ إِذْ دَعَاهُ «خَادِمِي» أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ يَتَشَفَّعُ لِأَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ.‏ (‏اي ٤٢:‏٧-‏٩‏)‏ فَلْنَقْتَدِ بِمِثَالِهِ لِكَيْ يَرْضَى عَنَّا يَهْوَه!‏

      يَهْوَه يَدْعَمُ خُدَّامَهُ ٱلْأُمَنَاءَ

      ١٤ كَيْفَ سَاعَدَ يَهْوَه أَيُّوبَ عَلَى تَقْوِيمِ تَفْكِيرِهِ؟‏

      ١٤ حَافَظَ أَيُّوبُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ رَغْمَ كَوْنِهِ إِنْسَانًا نَاقِصًا يَرْتَكِبُ ٱلْأَخْطَاءَ.‏ فَتَحْتَ ٱلضَّغْطِ ٱلشَّدِيدِ لَمْ يَرَ ٱلْأُمُورَ دَائِمًا بِٱلْمِنْظَارِ ٱلصَّحِيحِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ قَالَ لِيَهْوَه:‏ «أَسْتَغِيثُ بِكَ فَلَا تُجِيبُنِي،‏ .‏ .‏ .‏ وَتُعَادِينِي بِكُلِّ مَا أُوتِيَتْ يَدُكَ مِنْ قُوَّةٍ».‏ كَمَا أَنَّهُ ٱهْتَمَّ أَكْثَرَ مِنَ ٱللَّازِمِ بِتَبْرِيرِ نَفْسِهِ حِينَ قَالَ:‏ «لَسْتُ مُخْطِئًا» وَ ‹رَاحَتَايَ لَا عُنْفَ فِيهِمَا،‏ وَصَلَاتِي نَقِيَّةٌ›.‏ (‏اي ١٠:‏٧؛‏ ١٦:‏١٧؛‏ ٣٠:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ لكِنَّ يَهْوَه سَاعَدَهُ بِلُطْفٍ طَارِحًا عَلَيْهِ سِلْسِلَةَ أَسْئِلَةٍ جَعَلَتْهُ يَكُفُّ عَنِ ٱلتَّرْكِيزِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرَى بِأَكْثَرِ وُضُوحٍ عَظَمَةَ ٱللّٰهِ وَصِغَرَ ٱلْإِنْسَانِ.‏ فَقَبِلَ أَيُّوبُ ٱلْإِرْشَادَ وَقَوَّمَ تَفْكِيرَهُ.‏ —‏ اِقْرَأْ ايوب ٤٠:‏٨؛‏ ٤٢:‏٢،‏ ٦‏.‏

      ١٥،‏ ١٦ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ يُسَاعِدُ يَهْوَه خُدَّامَهُ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ١٥ يُرْشِدُ يَهْوَه أَيْضًا خُدَّامَهُ ٱلْيَوْمَ إِرْشَادًا لَطِيفًا وَلكِنْ حَازِمٌ.‏ كَمَا يُزَوِّدُ شَعْبَهُ بِوَسَائِلِ مُسَاعَدَةٍ قَيِّمَةٍ.‏ فَذَبِيحَةُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفِدَائِيَّةُ تُشَكِّلُ ٱلْأَسَاسَ لِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا،‏ وَبِفَضْلِهَا يُمْكِنُنَا ٱلتَّمَتُّعُ بِعَلَاقَةٍ وَثِيقَةٍ بِٱللّٰهِ رَغْمَ نَقْصِنَا.‏ (‏يع ٤:‏٨؛‏ ١ يو ٢:‏١‏)‏ فَضْلًا عَنْ ذلِكَ،‏ يُمْكِنُنَا أَثْنَاءَ ٱلتَّجَارِبِ أَنْ نُصَلِّيَ إِلَيْهِ طَالِبِينَ دَعْمَ وَمَعُونَةَ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَلَدَيْنَا أَيْضًا كَامِلُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّذِي نَسْتَطِيعُ بِقِرَاءَتِهِ وَٱلتَّأَمُّلِ فِيهِ أَنْ نَسْتَعِدَّ لِٱمْتِحَانَاتِ ٱلْإِيمَانِ.‏ فَٱلدَّرْسُ يُسَاعِدُنَا عَلَى فَهْمِ قَضِيَّتَيِ ٱلسُّلْطَانِ ٱلْكَوْنِيِّ وَٱسْتِقَامَتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة