-
ايوب كرَّم اسم يهوهبرج المراقبة ٢٠٠٩ | ١٥ نيسان (ابريل)
-
-
أَيُّوبُ كَرَّمَ ٱسْمَ يَهْوَه
«لِيَكُنِ ٱسْمُ يَهْوَهَ مُبَارَكًا!». — اي ١:٢١.
١ مَنْ كَتَبَ سِفْرَ أَيُّوبَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، وَمَتَى؟
كَانَ مُوسَى ٱبْنَ ٤٠ سَنَةً تَقْرِيبًا حِينَ فَرَّ مِنْ مِصْرَ هَرَبًا مِنْ سُخْطِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي مِدْيَانَ. (اع ٧:٢٣، ٢٩) وَخِلَالَ إِقَامَتِهِ هُنَاكَ، لَرُبَّمَا سَمِعَ بِتَجَارِبِ أَيُّوبَ ٱلَّذِي كَانَ يَعِيشُ فِي أَرْضِ عُوصَ ٱلْقَرِيبَةِ. وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ، عِنْدَمَا مَرَّ هُوَ وَأُمَّةُ إِسْرَائِيلَ بِٱلْقُرْبِ مِنْ عُوصَ نَحْوَ نِهَايَةِ رِحْلَتِهِمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، رُبَّمَا عَلِمَ بِمَا حَصَلَ مَعَ أَيُّوبَ فِي سِنِيهِ ٱلْأَخِيرَةِ. وَيَقُولُ ٱلتَّقْلِيدُ ٱلْيَهُودِيُّ إِنَّ مُوسَى كَتَبَ سِفْرَ أَيُّوبَ بَعْدَ مَوْتِهِ.
٢ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ يُقَوِّي سِفْرُ أَيُّوبَ إِيمَانَ خُدَّامِ يَهْوَه فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ؟
٢ يُقَوِّي سِفْرُ أَيُّوبَ إِيمَانَ خُدَّامِ ٱللّٰهِ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ. فَٱلرِّوَايَةُ تَفْتَحُ أَعْيُنَ ذِهْنِنَا لِنَفْهَمَ أَحْدَاثًا ذَاتَ أَبْعَادٍ خَطِيرَةٍ وَقَعَتْ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَتُشَدِّدُ عَلَى ٱلْقَضِيَّةِ ٱلْعُظْمَى، قَضِيَّةِ سُلْطَانِ ٱللّٰهِ ٱلْكَوْنِيِّ. كَمَا أَنَّهَا تُعَمِّقُ فَهْمَنَا لِمَا تَشْمُلُهُ ٱلْمُحَافَظَةُ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ، وَتُسَاعِدُنَا أَنْ نُدْرِكَ لِمَ يَسْمَحُ يَهْوَه أَحْيَانًا بِأَنْ يَتَأَلَّمَ خُدَّامُهُ. عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، يُظْهِرُ سِفْرُ أَيُّوبَ أَنَّ خَصْمَ يَهْوَه ٱلرَّئِيسِيَّ وَعَدُوَّ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ هُوَ ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ. وَيُبَيِّنُ أَيْضًا أَنَّ ٱلْبَشَرَ ٱلنَّاقِصِينَ كَأَيُّوبَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَبْقَوْا أَوْلِيَاءَ لِيَهْوَه رَغْمَ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ وَٱلْمِحَنِ. فَلْنَتَأَمَّلْ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمَوْصُوفَةِ فِي هذَا ٱلسِّفْرِ.
اَلشَّيْطَانُ يُجَرِّبُ أَيُّوبَ
٣ مَاذَا نَعْرِفُ عَنْ أَيُّوبَ، وَلِمَاذَا ٱسْتَهْدَفَهُ ٱلشَّيْطَانُ؟
٣ كَانَ أَيُّوبُ رَجُلًا ثَرِيًّا ذَا نُفُوذٍ وَرَأْسَ عَائِلَةٍ فَاضِلًا. كَمَا كَانَ عَلَى مَا يَتَّضِحُ مُشِيرًا مُحْتَرَمًا وَنَصِيرًا لِكُلِّ مُحْتَاجٍ. وَٱلْأَهَمُّ مِنْ ذلِكَ أَنَّهُ ٱتَّقَى ٱللّٰهَ. فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ رَجُلٌ ‹بِلَا لَوْمٍ وَمُسْتَقِيمٌ، يَخَافُ ٱللّٰهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ›. وَهذَا ٱلتَّعَبُّدُ لِلّٰهِ — لَا غِنَاهُ وَنُفُوذُهُ — هُوَ مَا جَعَلَهُ هَدَفًا لِهُجُومِ ٱلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ. — اي ١:١؛ ٢٩:٧-١٦؛ ٣١:١.
٤ مَا هِيَ ٱلِٱسْتِقَامَةُ؟
٤ تَصِفُ مُقَدِّمَةُ ٱلرِّوَايَةِ ٱجْتِمَاعًا فِي ٱلسَّمَاءِ مَثَلَ فِيهِ ٱلْمَلَائِكَةُ أَمَامَ يَهْوَه. وَقَدْ حَضَرَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا وَرَاحَ يُوَجِّهُ ٱلتُّهَمَ إِلَى أَيُّوبَ. (اِقْرَأْ ايوب ١:٦-١١.) وَمَعَ أَنَّهُ أَتَى عَلَى ذِكْرِ مُقْتَنَيَاتِ أَيُّوبَ، فَقَدْ كَانَ هَدَفُهُ ٱلتَّشْكِيكَ فِي ٱسْتِقَامَةِ خَادِمِ ٱللّٰهِ هذَا. وَتَحْمِلُ كَلِمَةُ «ٱسْتِقَامَةٍ» فِكْرَةَ كَوْنِ ٱلشَّخْصِ صَادِقًا، بِلَا لَوْمٍ، بَارًّا، وَلَا عَيْبَ فِيهِ. وَهِيَ تَعْنِي بِمَفْهُومِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلتَّعَبُّدَ ٱلْقَلْبِيَّ ٱلتَّامَّ لِيَهْوَه.
٥ مَاذَا ٱدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ بِشَأْنِ أَيُّوبَ؟
٥ اِدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ أَنَّ أَيُّوبَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا، بَلْ يَعْبُدُ ٱللّٰهَ عَنْ أَنَانِيَّةٍ. فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ هذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْأَمِينَ لَنْ يَبْقَى وَلِيًّا إِلَّا إِذَا ٱسْتَمَرَّ ٱللّٰهُ فِي مُبَارَكَتِهِ وَحِمَايَتِهِ. وَلِلْإِجَابَةِ عَنْ هذَا ٱلِٱتِّهَامِ، سَمَحَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ بِمُهَاجَمَتِهِ. فَتَوَالَتِ ٱلْمَصَائِبُ عَلَى أَيُّوبَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَعَلِمَ بِسَلْبِ مَوَاشِيهِ أَوْ مَوْتِهَا، وَمَقْتَلِ مُعْظَمِ غِلْمَانِهِ، وَمَصْرَعِ أَوْلَادِهِ ٱلْعَشَرَةِ. (اي ١:١٣-١٩) فَهَلِ ٱسْتَسْلَمَ أَيُّوبُ لِهُجُومِ ٱلشَّيْطَانِ؟ يُخْبِرُنَا ٱلسِّجِلُّ ٱلْمُوحَى بِهِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ مَا أَصَابَهُ: «يَهْوَهُ أَعْطَى، وَيَهْوَهُ أَخَذَ. فَلْيَكُنِ ٱسْمُ يَهْوَهَ مُبَارَكًا!». — اي ١:٢١.
٦ (أ) مَاذَا حَدَثَ فِي ٱجْتِمَاعٍ آخَرَ فِي ٱلسَّمَاءِ؟ (ب) فِي مَنْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يُفَكِّرُ عِنْدَمَا شَكَّكَ فِي ٱسْتِقَامَةِ أَيُّوبَ؟
٦ وَبَعْدَ فَتْرَةٍ، كَانَ هُنَاكَ ٱجْتِمَاعٌ آخَرُ فِي ٱلسَّمَاءِ. وَمَرَّةً أُخْرَى وَجَّهَ ٱلشَّيْطَانُ ٱلتُّهَمَ إِلَى أَيُّوبَ قَائِلًا: «جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ. وَلٰكِنْ مُدَّ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، وَٱنْظُرْ إِنْ كَانَ لَا يَلْعَنُكَ فِي وَجْهِكَ». لَاحِظْ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ وَسَّعَ هُنَا دَائِرَةَ ٱتِّهَامَاتِهِ. فَبِقَوْلِهِ: «كُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ»، شَكَّكَ فِي ٱسْتِقَامَةِ أَيِّ «إِنْسَانٍ» يَعْبُدُ يَهْوَه، لَا فِي ٱسْتِقَامَةِ أَيُّوبَ فَقَطْ. فَسَمَحَ لَهُ ٱللّٰهُ بِأَنْ يَضْرِبَ أَيُّوبَ بِمَرَضٍ مُؤْلِمٍ. (اي ٢:١-٨) لكِنَّ تَجَارِبَ أَيُّوبَ لَمْ تَتَوَقَّفْ عِنْدَ هذَا ٱلْحَدِّ.
تَحْلِيلُ أَحْدَاثِ ٱلرِّوَايَةِ
٧ كَيْفَ شَكَّلَتْ زَوْجَةُ أَيُّوبَ وَزَائِرُوهُ ضَغْطًا عَلَيْهِ؟
٧ فِي ٱلْبِدَايَةِ، عَانَتْ زَوْجَةُ أَيُّوبَ مِنَ ٱلْمَصَائِبِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي عَانَاهَا زَوْجُهَا. فَلَا بُدَّ أَنَّهَا فُجِعَتْ بِمَوْتِ أَوْلَادِهَا وَضَيَاعِ ثَرْوَةِ ٱلْعَائِلَةِ. كَمَا آلَمَهَا دُونَ رَيْبٍ أَنْ تَرَى زَوْجَهَا يُقَاسِي مَرَضًا مُضْنِيًا. فَصَرَخَتْ فِي وَجْهِهِ قَائِلَةً: «أَإِلَى ٱلْآنَ أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِٱسْتِقَامَتِكَ؟ اِلْعَنِ ٱللّٰهَ وَمُتْ!». ثُمَّ جَاءَ لِمُوَاسَاةِ أَيُّوبَ ثَلَاثَةُ مُعَزِّينَ مَزْعُومِينَ: أَلِيفَازُ وَبِلْدَدُ وَصُوفَرُ. لكِنَّهُمْ حَلَّلُوا ٱلْأُمُورَ تَحْلِيلًا مُضَلِّلًا فَكَانُوا ‹مُعَزِّينَ مُتْعِبِينَ›. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، لَمَّحَ بِلْدَدُ أَنَّ أَوْلَادَ أَيُّوبَ أَخْطَأُوا وَنَالُوا جَزَاءَهُمُ ٱلْمُسْتَحَقَّ. كَمَا أَشَارَ أَلِيفَازُ ضِمْنًا أَنَّ آلَامَ أَيُّوبَ إِنَّمَا هِيَ عِقَابٌ عَلَى خَطَايَا سَابِقَةٍ. حَتَّى إِنَّهُ شَكَّكَ فِي أَهَمِّيَّةِ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى ٱللّٰهِ! (اي ٢:٩، ١١؛ ٤:٨؛ ٨:٤؛ ١٦:٢؛ ٢٢:٢، ٣) لكِنَّ أَيُّوبَ حَافَظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ تَحْتَ هذَا ٱلضَّغْطِ ٱلْهَائِلِ وَبَقِيَ أَمِينًا رَغْمَ كُلِّ مَا أَصَابَهُ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَلُومًا حِينَ أَخَذَ ‹يُبَرِّرُ نَفْسَهُ دُونَ ٱللّٰهِ›. — اي ٣٢:٢.
٨ أَيُّ مِثَالٍ رَائِعٍ رَسَمَهُ أَلِيهُو لِلْمُشِيرِينَ ٱلْيَوْمَ؟
٨ بَعْدَئِذٍ، تُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ عَنْ أَلِيهُو ٱلَّذِي جَاءَ أَيْضًا لِزِيَارَةِ أَيُّوبَ. وَقَدْ أَصْغَى هذَا ٱلرَّجُلُ إِلَى حُجَجِ أَيُّوبَ وَأَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ. وَكَانَ أَوْفَرَ مِنْهُمْ حِكْمَةً رَغْمَ أَنَّهُ ٱلْأَصْغَرُ سِنًّا. وَبِعَكْسِ مُعَزِّي أَيُّوبَ ٱلْمَزْعُومِينَ، خَاطَبَهُ بِلُطْفٍ مُنَادِيًا إِيَّاهُ بِٱسْمِهِ. كَمَا مَدَحَهُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ. لكِنَّهُ قَالَ لَهُ أَيْضًا إِنَّهُ رَكَّزَ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْبَغِي عَلَى تَبْرِئَةِ نَفْسِهِ. ثُمَّ أَكَّدَ لَهُ أَنَّ خِدْمَةَ ٱللّٰهِ بِأَمَانَةٍ لَا تَذْهَبُ سُدًى أَبَدًا. (اِقْرَأْ ايوب ٣٦:١، ١١.) فَيَا لَهُ مِنْ مِثَالٍ رَائِعٍ لِلْمُشِيرِينَ ٱلْيَوْمَ! فَقَدْ تَحَلَّى أَلِيهُو بِٱلصَّبْرِ، أَصْغَى بِٱنْتِبَاهٍ، قَدَّمَ ٱلْمَدْحَ حَيْثُمَا أَمْكَنَ، وَأَسْدَى مَشُورَةً بَنَّاءَةً. — اي ٣٢:٦؛ ٣٣:٣٢.
٩ كَيْفَ سَاعَدَ يَهْوَه أَيُّوبَ؟
٩ وَفِي ٱلنِّهَايَةِ، حَصَلَ مَعَ أَيُّوبَ أَمْرٌ يَفُوقُ ٱلتَّصَوُّرَ! فَٱلسِّجِلُّ يَقُولُ: «أَجَابَ يَهْوَهُ أَيُّوبَ مِنْ عَاصِفَةِ ٱلرِّيحِ». وَقَدْ طَرَحَ عَلَيْهِ سِلْسِلَةً مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ قَوَّمَ بِهَا تَفْكِيرَهُ بِلُطْفٍ، وَلكِنْ بِحَزْمٍ. فَقَبِلَ أَيُّوبُ ٱلتَّوْبِيخَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ، وَٱعْتَرَفَ قَائِلًا: «أَنَا قَدْ صَغِرْتُ . . . أَتُوبُ فِي ٱلتُّرَابِ وَٱلرَّمَادِ». وَبَعْدَمَا فَرَغَ يَهْوَه مِنَ ٱلْكَلَامِ مَعَ أَيُّوبَ، عَبَّرَ عَنْ غَضَبِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُمْ ‹لَمْ يَقُولُوا ٱلْحَقَّ›. وَقَالَ لَهُمْ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى أَيُّوبَ لِيُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِهِمْ. ثُمَّ «فَكَّ يَهْوَهُ أَيُّوبَ مِنْ أَسْرِهِ حِينَ صَلَّى لِأَجْلِ أَصْحَابِهِ، وَأَخَذَ يَهْوَهُ يَزِيدُ كُلَّ مَا كَانَ لِأَيُّوبَ مُضَاعَفًا». — اي ٣٨:١؛ ٤٠:٤؛ ٤٢:٦-١٠.
مَا مَدَى مَحَبَّتِنَا لِيَهْوَه؟
١٠ لِمَاذَا لَمْ يَتَجَاهَلْ يَهْوَه ٱلشَّيْطَانَ أَوْ يُهْلِكْهُ؟
١٠ بِمَا أَنَّ يَهْوَه هُوَ خَالِقُ ٱلْكَوْنِ وَٱلْمُتَسَلِّطُ عَلَى كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ، فَلِمَاذَا لَمْ يَتَجَاهَلِ ٱدِّعَاءَاتِ إِبْلِيسَ؟ لَقَدْ عَلِمَ ٱللّٰهُ أَنَّ ٱلْمَسْأَلَةَ ٱلْمَطْرُوحَةَ لَا تُبَتُّ بِتَجَاهُلِ ٱلشَّيْطَانِ وَلَا بِإِهْلَاكِهِ. فَإِبْلِيسُ ٱدَّعَى أَنَّ خَادِمَ يَهْوَه ٱلْأَمِينَ أَيُّوبَ لَنْ يَبْقَى وَلِيًّا إِذَا خَسِرَ مَا يَتَمَتَّعَ بِهِ مِنْ رَخَاءٍ. لكِنَّ أَيُّوبَ بَقِيَ عَلَى وَلَائِهِ تَحْتَ ٱلتَّجْرِبَةِ. ثُمَّ زَعَمَ ٱلشَّيْطَانُ أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ يَتَخَلَّى عَنِ ٱللّٰهِ إِذَا مَسَّهُ أَلَمٌ جَسَدِيٌّ. فَتَأَلَّمَ أَيُّوبُ لكِنَّهُ لَمْ يَكْسِرِ ٱسْتِقَامَتَهُ. وَهكَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَاذِبٌ فِي حَالَةِ أَيُّوبَ ٱلَّذِي حَافَظَ عَلَى أَمَانَتِهِ رَغْمَ أَنَّهُ إِنْسَانٌ نَاقِصٌ. فَمَا ٱلْقَوْلُ فِي بَاقِي عُبَّادِ ٱللّٰهِ؟
١١ كَيْفَ دَحَضَ يَسُوعُ كَامِلًا ٱدِّعَاءَاتِ ٱلشَّيْطَانِ؟
١١ إِنَّ كُلَّ خَادِمٍ لِلّٰهِ يُحَافِظُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ رَغْمَ كُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ يُثْبِتُ فِي حَالَتِهِ هُوَ أَيْضًا كَذِبَ ٱتِّهَامَاتِ ذَاكَ ٱلْعَدُوِّ ٱلَّذِي لَا يَلِينُ. وَقَدْ دَحَضَ يَسُوعُ كَامِلًا مَزَاعِمَ الشَّيْطَانِ حِينَ جَاءَ إِلَى ٱلْأَرْضِ. فَكَأَبِينَا ٱلْأَوَّلِ آدَمَ، كَانَ يَسُوعُ إِنْسَانًا كَامِلًا. وَبِأَمَانَتِهِ حَتَّى ٱلْمَوْتِ، أَثْبَتَ بِشَكْلٍ قَاطِعٍ كَذِبَ ٱلشَّيْطَانِ وَبُطْلَ ٱدِّعَاءَاتِهِ. — رؤ ١٢:١٠.
١٢ أَيُّ فُرْصَةٍ وَمَسْؤُولِيَّةٍ مَوْضُوعَةٌ أَمَامَ كُلِّ خَادِمٍ لِيَهْوَه؟
١٢ عَلَى ٱلرَّغْمِ مِنْ ذلِكَ، لَا يَنْفَكُّ ٱلشَّيْطَانُ يُجَرِّبُ عُبَّادَ يَهْوَه. وَلَدَى كُلٍّ مِنَّا فُرْصَةٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ أَنْ نُثْبِتَ بِٱسْتِقَامَتِنَا أَنَّنَا نَخْدُمُ يَهْوَه عَنْ مَحَبَّةٍ، لَا لِغَايَاتٍ أَنَانِيَّةٍ. فَكَيْفَ نَنْظُرُ إِلَى هذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ؟ إِنَّنَا نَعْتَبِرُ خِدْمَةَ يَهْوَه بِوَلَاءٍ شَرَفًا كَبِيرًا. وَمِنَ ٱلْمُعَزِّي أَيْضًا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ يَهْوَه يُعْطِينَا ٱلْقُدْرَةَ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ، وَيَضَعُ حُدُودًا لِلتَّجْرِبَةِ كَمَا فَعَلَ فِي قَضِيَّةِ أَيُّوبَ. — ١ كو ١٠:١٣.
اَلشَّيْطَانُ — خَصْمٌ وَمُرْتَدٌّ وَقِحٌ
١٣ أَيَّةُ تَفَاصِيلَ يَكْشِفُهَا سِفْرُ أَيُّوبَ عَنِ ٱلشَّيْطَانِ؟
١٣ نَجِدُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ عَنْ مُقَاوَمَةِ ٱلشَّيْطَانِ لِيَهْوَه. وَيُنْبِئُنَا أَحَدُهَا، سِفْرُ ٱلرُّؤْيَا، بِتَبْرِئَةِ سُلْطَانِ يَهْوَه وَهَلَاكِ ٱلشَّيْطَانِ. كَمَا تُعْطِينَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ تَفَاصِيلَ عَنْ دَوْرِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلشَّنِيعِ فِي ٱلتَّشْكِيكِ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه وَتَضْلِيلِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ. فَسِفْرُ أَيُّوبَ يُلْقِي ضَوْءًا عَلَى تَمَرُّدِ ٱلشَّيْطَانِ. فَهُوَ لَمْ يَأْتِ لِتَسْبِيحِ يَهْوَه عِنْدَمَا حَضَرَ ٱلِٱجْتِمَاعَيْنِ فِي ٱلسَّمَاءِ. بَلْ كَانَتْ نِيَّتُهُ خَبِيثَةً وَغَايَتُهُ شِرِّيرَةً، بِدَلِيلِ أَنَّهُ «خَرَجَ . . . مِنْ حَضْرَةِ يَهْوَهَ» بَعْدَ أَنِ ٱتَّهَمَ أَيُّوبَ وَأُذِنَ لَهُ بِتَجْرِبَتِهِ. — اي ١:١٢؛ ٢:٧.
١٤ أَيُّ مَوْقِفٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنْ أَيُّوبَ؟
١٤ وَهكَذَا يُظْهِرُ سِفْرُ أَيُّوبَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ هُوَ عَدُوُّ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ ٱلَّذِي لَا يَعْرِفُ ٱلرَّحْمَةَ. فَبَيْنَ ٱلِٱجْتِمَاعِ ٱلْأَوَّلِ ٱلْمَذْكُورِ فِي أَيُّوبَ ١:٦ وَٱلثَّانِي ٱلْمَذْكُورِ فِي أَيُّوبَ ٢:١، مَرَّتْ فَتْرَةٌ غَيْرُ مُحَدَّدَةٍ تَعَرَّضَ فِيهَا أَيُّوبُ لِتَجْرِبَةٍ قَاسِيَةٍ ٱسْتَطَاعَ يَهْوَه أَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا عَنْ أَمَانَةِ أَيُّوبَ: «هُوَ حَتَّى ٱلْآنَ مُتَمَسِّكٌ بِٱسْتِقَامَتِهِ، مَعَ أَنَّكَ تُحَرِّضُنِي عَلَيْهِ لِأَبْتَلِعَهُ بِلَا سَبَبٍ». وَرَغْمَ ذلِكَ لَمْ يَعْتَرِفِ ٱلشَّيْطَانُ بِبُطْلِ ٱدِّعَاءَاتِهِ، بَلْ طَالَبَ بِإِخْضَاعِ أَيُّوبَ لِتَجْرِبَةٍ قَاسِيَةٍ أُخْرَى. وَبِذلِكَ يَكُونُ إِبْلِيسُ قَدْ جَرَّبَهُ عِنْدَمَا كَانَ ثَرِيًّا وَحِينَ أَصْبَحَ عَلَى ٱلْحَضِيضِ. فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَا يَتَرَأَّفُ عَلَى ٱلْفُقَرَاءِ أَوِ ٱلْمَنْكُوبِينَ. وَهُوَ يَكْرَهُ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ. (اي ٢:٣-٥) لكِنَّ أَمَانَةَ أَيُّوبَ أَظْهَرَتْ كَذِبَ ٱلشَّيْطَانِ.
١٥ كَيْفَ يَتَشَبَّهُ ٱلْمُرْتَدُّونَ ٱلْعَصْرِيُّونَ بِٱلشَّيْطَانِ؟
١٥ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ أَوَّلَ مَخْلُوقٍ ٱرْتَدَّ عَنْ يَهْوَه. وَٱلْمُرْتَدُّونَ ٱلْعَصْرِيُّونَ يُعْرِبُونَ عَنْ خِصَالِهِ. فَقَدْ تُسَمِّمُ رُوحُ ٱلِٱنْتِقَادِ عَقْلَهُمْ بِحَيْثُ تَسْتَحْوِذُ عَلَيْهِمِ ٱلنَّظْرَةُ ٱلسَّلْبِيَّةُ إِلَى أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ، ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ، أَوِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ. وَبَعْضُ ٱلْمُرْتَدِّينَ يُعَارِضُونَ ٱسْتِعْمَالَ ٱلِٱسْمِ ٱلْإِلهِيِّ، يَهْوَه. وَلَا يَهُمُّهُمُ ٱلتَّعَلُّمُ عَنْ يَهْوَه أَوْ خِدْمَتُهُ. وَهُمْ يَسْتَهْدِفُونَ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ لِزَعْزَعَةِ إِيمَانِهِمْ، تَمَثُّلًا بِأَبِيهِمِ ٱلشَّيْطَانِ. (يو ٨:٤٤) فَلَا عَجَبَ أَنْ يَتَجَنَّبَ خُدَّامُ يَهْوَه أَيَّ ٱحْتِكَاكٍ بِهِمْ. — ٢ يو ١٠، ١١.
أَيُّوبُ كَرَّمَ ٱسْمَ يَهْوَه
١٦ أَيُّ مَوْقِفٍ مِنْ يَهْوَه أَعْرَبَ عَنْهُ أَيُّوبُ؟
١٦ اِسْتَعْمَلَ أَيُّوبُ ٱسْمَ يَهْوَه وَسَبَّحَهُ. حَتَّى عِنْدَمَا سَحَقَهُ نَبَأُ مَصْرَعِ أَوْلَادِهِ، لَمْ يَنْسِبْ إِلَى ٱللّٰهِ شَيْئًا قَبِيحًا. وَرَغْمَ أَنَّهُ ظَنَّ خَطَأً أَنَّ ٱللّٰهَ مَسْؤُولٌ عَنِ ٱلْفَاجِعَةِ ٱلَّتِي حَلَّتْ بِهِ، دَافَعَ عَنِ ٱسْمِ يَهْوَه. وَقَدْ أَكَّدَ فِي أَحَدِ أَمْثَالِهِ: «هَا إِنَّ مَخَافَةَ يَهْوَهَ هِيَ ٱلْحِكْمَةُ، وَٱلْحَيَدَانَ عَنِ ٱلشَّرِّ هُوَ ٱلْفَهْمُ». — اي ٢٨:٢٨.
١٧ مَا ٱلَّذِي مَكَّنَ أَيُّوبَ مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ؟
١٧ فَمَا ٱلَّذِي مَكَّنَ أَيُّوبَ مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ؟ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ نَمَّى عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِيَهْوَه قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ بِهِ ٱلْمَصَائِبُ. فَرَغْمَ أَنَّهُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ شَكَّكَ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه، عَقَدَ ٱلْعَزْمَ عَلَى ٱلْبَقَاءِ وَلِيًّا. فَقَدْ قَالَ: «حَتَّى أَلْفِظَ آخِرَ أَنْفَاسِي لَا أَنْزِعُ ٱسْتِقَامَتِي عَنِّي!». (اي ٢٧:٥) وَكَيْفَ نَمَّى أَيُّوبُ هذِهِ ٱلْعَلَاقَةَ ٱلْوَثِيقَةَ بِيَهْوَه؟ لَا شَكَّ أَنَّهُ فَكَّرَ مَلِيًّا فِي مَا سَمِعَهُ عَنْ تَعَامُلَاتِ ٱللّٰهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَنْسِبَائِهِ ٱلْبَعِيدِينَ. كَمَا كَانَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَتَبَيَّنَ ٱلْكَثِيرَ مِنْ صِفَاتِ يَهْوَه بِٱلتَّأَمُّلِ فِي ٱلْخَلِيقَةِ. — اِقْرَأْ ايوب ١٢:٧-٩، ١٣، ١٦.
١٨ (أ) كَيْفَ أَظْهَرَ أَيُّوبُ تَعَبُّدَهُ لِيَهْوَه؟ (ب) كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَيُّوبَ ٱلْحَسَنِ؟
١٨ إِنَّ مَا عَرَفَهُ أَيُّوبُ عَنْ يَهْوَه وَلَّدَ عِنْدَهُ ٱلرَّغْبَةَ فِي إِرْضَائِهِ. فَكَانَ يُقَرِّبُ ٱلذَّبَائِحَ بِٱنْتِظَامٍ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ أَفْرَادُ عَائِلَتِهِ قَدْ «لَعَنُوا ٱللّٰهَ فِي قُلُوبِهِمْ» أَوْ فَعَلُوا أَمْرًا لَا يُرْضِيهِ. (اي ١:٥) كَمَا ٱسْتَمَرَّ فِي مُبَارَكَةِ يَهْوَه حَتَّى تَحْتَ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ. (اي ١٠:١٢) فَيَا لَهُ مِنْ مِثَالٍ حَسَنٍ لَنَا! فَنَحْنُ أَيْضًا يَجِبُ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي نَيْلِ ٱلْمَعْرِفَةِ ٱلدَّقِيقَةِ عَنْ يَهْوَه وَمَقَاصِدِهِ. وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّبِعَ رُوتِينًا رُوحِيًّا نَافِعًا يَشْمُلُ نَشَاطَاتٍ مِثْلَ ٱلدَّرْسِ، حُضُورِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ، ٱلصَّلَاةِ، وَٱلْكِرَازَةِ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. كَمَا يَنْبَغِي أَنْ نَفْعَلَ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا لِإِعْلَانِ ٱسْمِ يَهْوَه. وَٱسْتِقَامَةُ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ تُفَرِّحُ قَلْبَهُ مِثْلَمَا فَرَّحَتْهُ ٱسْتِقَامَةُ أَيُّوبَ. وَهذَا مَا سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
-
-
استقامتك تفرِّح قلب يهوهبرج المراقبة ٢٠٠٩ | ١٥ نيسان (ابريل)
-
-
اِسْتِقَامَتُكَ تُفَرِّحُ قَلْبَ يَهْوَه
«يَا ٱبْنِي، كُنْ حَكِيمًا وَفَرِّحْ قَلْبِي، لِأُجِيبَ مَنْ يُعَيِّرُنِي». — ام ٢٧:١١.
١، ٢ (أ) مَاذَا ٱدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ بِحَسَبِ سِفْرِ أَيُّوبَ؟ (ب) كَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱسْتَمَرَّ يُعَيِّرُ يَهْوَه بَعْدَ زَمَنِ أَيُّوبَ؟
سَمَحَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ بِٱمْتِحَانِ ٱسْتِقَامَةِ خَادِمِهِ ٱلْوَلِيِّ أَيُّوبَ. فَخَسِرَ أَيُّوبُ مَوَاشِيَهُ وَأَوْلَادَهُ وَصِحَّتَهُ. لكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَمْ يَقْصِدْ أَيُّوبَ وَحْدَهُ حِينَ شَكَّكَ فِي ٱسْتِقَامَتِهِ قَائِلًا: «جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ». فَهذَا ٱلِٱدِّعَاءُ أَثَارَ قَضِيَّةً تَجَاوَزَتْ بِأَبْعَادِهَا أَيُّوبَ ٱلْفَرْدَ، وَلَا تَزَالُ قَائِمَةً بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ مِنْ مَوْتِهِ. — اي ٢:٤.
٢ فَبَعْدَ تَجَارِبِ أَيُّوبَ بِنَحْوِ ٦٠٠ سَنَةٍ، أُوحِيَ إِلَى سُلَيْمَانَ أَنْ يَكْتُبَ: «يَا ٱبْنِي، كُنْ حَكِيمًا وَفَرِّحْ قَلْبِي، لِأُجِيبَ مَنْ يُعَيِّرُنِي». (ام ٢٧:١١) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ آنَذَاكَ كَانَ لَا يَزَالُ يُشَكِّكُ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه. كَمَا أَنَّ ٱلرَّسُولَ يُوحَنَّا، فِي إِحْدَى ٱلرُّؤَى ٱلَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ، رَأَى ٱلشَّيْطَانَ يَتَّهِمُ خُدَّامَ ٱللّٰهِ عَقِبَ طَرْدِهِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فِي وَقْتٍ مَا بَعْدَ تَأْسِيسِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ سَنَةَ ١٩١٤. وَلَا يَزَالُ ٱلشَّيْطَانُ يُشَكِّكُ فِي ٱسْتِقَامَةِ خُدَّامِ ٱللّٰهِ حَتَّى ٱلْيَوْمِ فِي هذِهِ ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ! — رؤ ١٢:١٠.
٣ أَيَّةُ دُرُوسٍ قَيِّمَةٍ نَسْتَخْلِصُهَا مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ؟
٣ تَأَمَّلْ فِي ثَلَاثَةِ دُرُوسٍ مُهِمَّةٍ نَسْتَخْلِصُهَا مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ. أَوَّلًا، تَكْشِفُ تَجَارِبُ أَيُّوبَ ٱلْقِنَاعَ عَنْ عَدُوِّ ٱلْبَشَرِ ٱلْحَقِيقِيِّ وَمَصْدَرِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلَّتِي يُعَانِيهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ: اَلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ. ثَانِيًا، يُمْكِنُنَا ٱلْمُحَافَظَةُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ تَجَارِبَ إِذَا نَمَّيْنَا عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِٱللّٰهِ. ثَالِثًا، يُسَاعِدُنَا ٱللّٰهُ عَلَى ٱحْتِمَالِ ٱلتَّجَارِبِ وَٱلْمِحَنِ، مِثْلَمَا سَاعَدَ أَيُّوبَ. وَهُوَ يَمُدُّنَا بِهذَا ٱلدَّعْمِ ٱلْيَوْمَ بِوَاسِطَةِ كَلِمَتِهِ وَهَيْئَتِهِ وَرُوحِهِ ٱلْقُدُسِ.
لَا تَنْسَ مَنِ ٱلْعَدُوُّ
٤ مَنِ ٱلْمَلُومُ عَلَى أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرَةِ؟
٤ كَثِيرُونَ لَا يُؤْمِنُونَ بِوُجُودِ ٱلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ. لِذلِكَ لَا يُدْرِكُونَ أَنَّهُ ٱلسَّبَبُ ٱلْحَقِيقِيُّ وَرَاءَ أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلَّتِي تُرْعِبُهُمْ. طَبْعًا، إِنَّ ٱلْكَثِيرَ مِنْ وَيْلَاتِ ٱلْبَشَرِ يَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّتَهَا ٱلْإِنْسَانُ نَفْسُهُ. فَأَبَوَانَا ٱلْأَوَّلَانِ آدَمُ وَحَوَّاءُ ٱخْتَارَا ٱلِٱسْتِقْلَالَ عَنْ خَالِقِهِمَا، وَمُنْذُ ذلِكَ ٱلْحِينِ، تَسْلُكُ ٱلْأَجْيَالُ ٱلْمُتَعَاقِبَةُ مَسْلَكًا فِي غَايَةِ ٱلْحَمَاقَةِ وَٱلتَّهَوُّرِ. لكِنَّ إِبْلِيسَ هُوَ ٱلَّذِي خَدَعَ حَوَّاءَ وَجَعَلَهَا تَتَمَرَّدُ عَلَى ٱللّٰهِ. وَهُوَ ٱلَّذِي أَنْشَأَ بَيْنَ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ ٱلنَّاقِصِ وَٱلْفَانِي نِظَامًا عَالَمِيًّا يَخْضَعُ لِسَيْطَرَتِهِ. وَلِأَنَّهُ «إِلٰهُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا»، يَعْكِسُ ٱلْمُجْتَمَعُ ٱلْبَشَرِيُّ ٱلصِّفَاتِ نَفْسَهَا ٱلَّتِي يُعْرِبُ هُوَ عَنْهَا: اَلْكِبْرِيَاءَ، ٱلنَّزْعَةَ إِلَى ٱلْخِصَامِ، ٱلْغَيْرَةَ، ٱلْجَشَعَ، ٱلْخِدَاعَ، وَٱلتَّمَرُّدَ. (٢ كو ٤:٤؛ ١ تي ٢:١٤؛ ٣:٦؛ اِقْرَأْ يعقوب ٣:١٤، ١٥.) وَهذِهِ ٱلصِّفَاتُ تُؤَدِّي إِلَى ٱلنِّزَاعَاتِ ٱلسِّيَاسِيَّةِ وَٱلدِّينِيَّةِ وَٱلْبُغْضِ وَٱلْفَسَادِ وَٱلْفَوْضَى ٱلَّتِي تَلْعَبُ دَوْرًا كَبِيرًا فِي شَقَاءِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ.
٥ مَاذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَفْعَلَ بِمَعْرِفَتِنَا ٱلثَّمِينَةِ؟
٥ مَا أَثْمَنَ ٱلْمَعْرِفَةَ ٱلَّتِي نَمْتَلِكُهَا كَخُدَّامٍ لِيَهْوَه! فَنَحْنُ نَعْرِفُ مَنِ ٱلْمَسْؤُولُ عَنْ أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمُتَدَهْوِرَةِ. أَفَلَا يَدْفَعُنَا ذلِكَ إِلَى ٱلِٱشْتِرَاكِ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ لِنُخْبِرَ ٱلنَّاسَ مَنْ هُوَ أَصْلُ مَشَاكِلِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ؟ أَوَلَسْنَا سُعَدَاءَ أَنْ نَكُونَ إِلَى جَانِبِ ٱلْإِلهِ ٱلْحَقِّ، يَهْوَه، وَنَشْرَحَ لِلْآخَرِينَ كَيْفَ سَيُهْلِكُ ٱلشَّيْطَانَ وَيُنْهِي ٱلْوَيْلَاتِ ٱلَّتِي تَبْتَلِي ٱلْعَالَمَ؟
٦، ٧ (أ) مَنِ ٱلْمَسْؤُولُ عَنِ ٱضْطِهَادِ ٱلْعُبَّادِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ؟ (ب) كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَلِيهُو؟
٦ لَيْسَ ٱلشَّيْطَانُ مَسْؤُولًا عَنِ ٱلْكَثِيرِ مِنْ مَآسِي ٱلْعَالَمِ فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا عَنِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ. فَهُوَ مُصَمِّمٌ عَلَى ٱمْتِحَانِنَا. قَالَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ لِلرَّسُولِ بُطْرُسَ: «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ! هَا إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَدْ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَٱلْحِنْطَةِ». (لو ٢٢:٣١) وَيَنْطَبِقُ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ عَلَيْنَا أَيْضًا، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسِيرُ عَلَى خُطَى يَسُوعَ سَيَتَعَرَّضُ لِلتَّجَارِبِ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى. فَقَدْ شَبَّهَ بُطْرُسُ إِبْلِيسَ ‹بِأَسَدٍ زَائِرٍ يَطْلُبُ أَنْ يَلْتَهِمَ أَحَدًا›. كَمَا قَالَ بُولُسُ «إِنَّ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَحْيَوْا بِتَعَبُّدٍ لِلّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ سَيُضْطَهَدُونَ أَيْضًا». — ١ بط ٥:٨؛ ٢ تي ٣:١٢.
٧ فَكَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا نُدْرِكُ مَنْ هُوَ عَدُوُّنَا ٱلْحَقِيقِيُّ؟ عِنْدَمَا تَحِلُّ فَاجِعَةٌ بِأَحَدِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ، لَا يَجِبُ أَنْ نَسْتَنْتِجَ أَنَّهَا عِقَابٌ مِنَ ٱللّٰهِ، بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ أَنَّ مَصْدَرَهَا هُوَ ٱلشَّيْطَانُ. وَعِوَضَ ٱلِٱبْتِعَادِ كَمُعَزِّي أَيُّوبَ ٱلزَّائِفِينَ عَنِ ٱلْأَخِ ٱلَّذِي أَلَمَّتْ بِهِ ٱلْمُصِيبَةُ، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِأَلِيهُو ٱلَّذِي خَاطَبَ أَيُّوبَ كَصَدِيقٍ حَقِيقِيٍّ، وَذلِكَ بِٱلتَّكَاتُفِ مَعَ أَخِينَا فِي صِرَاعِهِ مَعَ عَدُوِّنَا ٱلْمُشْتَرَكِ، ٱلشَّيْطَانِ. (ام ٣:٢٧؛ ١ تس ٥:٢٥) وَيَنْبَغِي أَلَّا نَأْلُوَ جُهْدًا فِي مُسَاعَدَتِهِ عَلَى ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ وَتَفْرِيحِ قَلْبِ يَهْوَه.
٨ لِمَاذَا فَشِلَ ٱلشَّيْطَانُ فِي مَنْعِ أَيُّوبَ مِنْ إِكْرَامِ يَهْوَه؟
٨ ضَرَبَ ٱلشَّيْطَانُ أَيُّوبَ أَوَّلَ مَا ضَرَبَهُ فِي مَوَاشِيهِ. وَكَانَتْ ذَاتَ قِيمَةٍ كَبِيرَةٍ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَصْدَرَ رِزْقِهِ. وَقَدِ ٱسْتَخْدَمَهَا أَيُّوبُ أَيْضًا فِي ٱلْعِبَادَةِ. فَكَانَ يُقَدِّسُ أَوْلَادَهُ ثُمَّ «يُبَكِّرُ صَبَاحًا وَيُقَرِّبُ مُحْرَقَاتٍ عَلَى عَدَدِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ أَيُّوبَ كَانَ يَقُولُ: ‹لَعَلَّ بَنِيَّ أَخْطَأُوا وَلَعَنُوا ٱللّٰهَ فِي قُلُوبِهِمْ›. هٰكَذَا كَانَ أَيُّوبُ يَفْعَلُ دَائِمًا». (اي ١:٤، ٥) وَهذَا يَعْنِي أَنَّ أَيُّوبَ قَرَّبَ ٱلذَّبَائِحَ لِيَهْوَه بِٱنْتِظَامٍ. لكِنَّ ذلِكَ أَصْبَحَ غَيْرَ مُمْكِنٍ حَالَمَا ٱبْتَدَأَتْ تَجَارِبُهُ، إِذْ لَمْ تَعُدْ لَدَيْهِ «نَفَائِسُ» يُكْرِمُ بِهَا يَهْوَه. (ام ٣:٩) غَيْرَ أَنَّهُ ظَلَّ قَادِرًا عَلَى إِكْرَامِ يَهْوَه بِشَفَتَيْهِ، وَهذَا مَا فَعَلَهُ!
نَمِّ عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِيَهْوَه
٩ مَا هُوَ أَثْمَنُ شَيْءٍ لَدَيْنَا؟
٩ سَوَاءٌ كُنَّا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ، شُبَّانًا أَوْ مُسِنِّينَ، أَصِحَّاءَ أَوْ مَرْضَى، يُمْكِنُنَا تَنْمِيَةُ عَلَاقَةٍ وَثِيقَةٍ بِيَهْوَه. وَهذِهِ ٱلْعَلَاقَةُ تُمَكِّنُنَا مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا وَتَفْرِيحِ قَلْبِ يَهْوَه مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ تَجَارِبَ. حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ وَقَفُوا مَوْقِفًا شُجَاعًا وَحَافَظُوا عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ رَغْمَ مَعْرِفَتِهِمِ ٱلْمَحْدُودَةِ لِلْحَقِّ.
١٠، ١١ (أ) كَيْفَ وَاجَهَتْ إِحْدَى أَخَوَاتِنَا ٱمْتِحَانَاتِ ٱلِٱسْتِقَامَةِ؟ (ب) كَيْفَ دَحَضَتْ هذِهِ ٱلْأُخْتُ ٱدِّعَاءَ ٱلشَّيْطَانِ؟
١٠ تَأَمَّلْ فِي ٱخْتِبَارِ ٱلْأُخْتِ ڤالنتينا ڠارنوفسْكايا، إِحْدَى ٱلشُّهُودِ ٱلْكَثِيرِينَ فِي رُوسِيَا ٱلَّذِينَ حَافَظُوا كَأيُّوبَ ٱلْأَمِينِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ تَحْتَ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ. فَعَامَ ١٩٤٥، بَشَّرَهَا أَحَدُ ٱلْإِخْوَةِ وَهِيَ فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهَا تَقْرِيبًا. ثُمَّ عَادَ مَرَّتَيْنِ لِمُنَاقَشَةِ مَوَاضِيعَ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَلَمْ تَرَهُ ثَانِيَةً قَطُّ. رَغْمَ ذلِكَ، بَدَأَتْ ڤالنتينا بِٱلْكِرَازَةِ لِجِيرَانِهَا. فَٱعْتُقِلَتْ وَحُكِمَ عَلَيْهَا بِٱلسَّجْنِ ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ فِي أَحَدِ مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ. وَمَا كَادَتْ تَخْرُجُ مِنَ ٱلْمُعَسْكَرِ عَامَ ١٩٥٣ حَتَّى ٱسْتَأْنَفَتْ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ. فَٱعْتُقِلَتْ ثَانِيَةً، وَسُجِنَتْ هذِهِ ٱلْمَرَّةَ عَشْرَ سَنَوَاتٍ. وَقَدْ نُقِلَتْ إِلَى مُعَسْكَرٍ فِيهِ أَخَوَاتٌ لَدَيْهِنَّ كِتَابٌ مُقَدَّسٌ. وَكَمْ كَانَتْ لَحْظَةً مُؤَثِّرَةً حِينَ أَرَتْهَا إِحْدَاهُنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ! فَلَمْ يَسْبِقْ لَهَا أَنْ رَأَتْ غَيْرَهُ إِلَّا بَيْنَ يَدَيِ ٱلْأَخِ ٱلَّذِي بَشَّرَهَا عَامَ ١٩٤٥.
١١ بَعْدَ أَنْ أُطْلِقَ سَرَاحُ ڤالنتينا عَامَ ١٩٦٧، تَمَكَّنَتْ أَخِيرًا أَنْ تَعْتَمِدَ فِي ٱلْمَاءِ رَمْزًا إِلَى ٱنْتِذَارِهَا لِيَهْوَه. وَٱسْتَغَلَّتْ حُرِّيَّتَهَا لِلِٱشْتِرَاكِ بِغَيْرَةٍ فِي ٱلْخِدْمَةِ حَتَّى سَنَةِ ١٩٦٩، حِينَ ٱعْتُقِلَتْ مُجَدَّدًا وَحُكِمَ عَلَيْهَا هذِهِ ٱلْمَرَّةَ بِٱلسَّجْنِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ. وَبَلَغَ مَجْمُوعُ مَا قَضَتْهُ فِي ٱلسُّجُونِ وَمُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ ٢١ سَنَةً. لكِنَّهَا لَمْ تَتَوَقَّفْ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ. وَعِنْدَ وَفَاتِهَا عَامَ ٢٠٠١، كَانَتْ قَدْ سَاعَدَتْ ٤٤ شَخْصًا عَلَى تَعَلُّمِ ٱلْحَقِّ. لَقَدْ كَانَتْ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِلتَّضْحِيَةِ بِكُلِّ شَيْءٍ، بِمَا فِي ذلِكَ حُرِّيَّتُهَا، فِي سَبِيلِ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهَا. قَالَتْ ڤالنتينا فِي أَوَاخِرِ حَيَاتِهَا: «لَمْ أَمْتَلِكْ قَطُّ بَيْتًا أَعِيشُ فِيهِ. فَكُلُّ مُمْتَلَكَاتِي كَانَتْ فِي حَقِيبَةٍ وَاحِدَةٍ. لكِنِّي شَعَرْتُ بِٱلسَّعَادَةِ وَٱلِٱكْتِفَاءِ لِأَنِّي أَخْدُمُ يَهْوَه». فَيَا لَلْجَوَابِ ٱلَّذِي دَحَضَتْ بِهِ ٱدِّعَاءَ ٱلشَّيْطَانِ أَنَّ ٱلْبَشَرَ لَا يَبْقَوْنَ أَوْلِيَاءَ لِلّٰهِ تَحْتَ ٱلتَّجَارِبِ! (اي ١:٩-١١) وَيُمْكِنُنَا أَنْ نَكُونَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهَا فَرَّحَتْ قَلْبَ يَهْوَه وَأَنَّهُ يَتُوقُ إِلَى إِقَامَتِهَا هِيَ وَجَمِيعِ ٱلَّذِينَ مَاتُوا أُمَنَاءَ. — اي ١٤:١٥.
١٢ مَا دَوْرُ ٱلْمَحَبَّةِ فِي عَلَاقَتِنَا بِيَهْوَه؟
١٢ إِنَّ صَدَاقَتَنَا مَعَ يَهْوَه نَابِعَةٌ مِنْ مَحَبَّتِنَا لَهُ. فَنَحْنُ نُقَدِّرُ صِفَاتِهِ وَنَفْعَلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا لِنَعِيشَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ مَقَاصِدِهِ. وَخِلَافًا لِمَا ٱدَّعَاهُ إِبْلِيسُ، نُحِبُّ يَهْوَه بِمِلْءِ إِرَادَتِنَا دُونَ قَيْدٍ وَلَا شَرْطٍ. وَهذِهِ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلنَّابِعَةُ مِنَ ٱلْقَلْبِ تَمُدُّنَا بِٱلْقُوَّةِ لِنُحَافِظَ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ تَحْتَ ٱلتَّجْرِبَةِ. وَيَهْوَه بِدَوْرِهِ سَيَدْعَمُنَا، لِأَنَّهُ «يَحْرُسُ طَرِيقَ أَوْلِيَائِهِ». — ام ٢:٨؛ مز ٩٧:١٠.
١٣ كَيْفَ يَنْظُرُ يَهْوَه إِلَى مَا نَفْعَلُهُ فِي خِدْمَتِهِ؟
١٣ تَدْفَعُنَا ٱلْمَحَبَّةُ إِلَى إِكْرَامِ ٱسْمِ يَهْوَه مَهْمَا كَانَتْ قُدُرَاتُنَا مَحْدُودَةً. فَهُوَ يَرَى دَوَافِعَنَا ٱلْجَيِّدَةَ وَلَا يَدِينُنَا إِذَا عَجِزْنَا عَنْ إِنْجَازِ كُلِّ مَا نَرْغَبُ فِي فِعْلِهِ. فَلَيْسَ ٱلْمُهِمُّ مَا نَفْعَلُهُ فَقَطْ، بَلْ مَا يَدْفَعُنَا إِلَى فِعْلِهِ أَيْضًا. لَقَدْ تَكَلَّمَ أَيُّوبُ أَمَامَ مُتَّهِمِيهِ عَنْ مَحَبَّتِهِ لِطُرُقِ يَهْوَه رَغْمَ ٱلْفَاجِعَةِ ٱلَّتِي أَلَمَّتْ بِهِ وَٱلْآلَامِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي تَحَمَّلَهَا. (اِقْرَأْ ايوب ١٠:١٢؛ ٢٨:٢٨.) وَفِي ٱلْإِصْحَاحِ ٱلْأَخِيرِ مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ، عَبَّرَ ٱللّٰهُ عَنْ غَضَبِهِ عَلَى أَلِيفَازَ وَبِلْدَدَ وَصُوفَرَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ٱلْحَقَّ. كَمَا أَظْهَرَ رِضَاهُ عَنْ أَيُّوبَ إِذْ دَعَاهُ «خَادِمِي» أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ يَتَشَفَّعُ لِأَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ. (اي ٤٢:٧-٩) فَلْنَقْتَدِ بِمِثَالِهِ لِكَيْ يَرْضَى عَنَّا يَهْوَه!
يَهْوَه يَدْعَمُ خُدَّامَهُ ٱلْأُمَنَاءَ
١٤ كَيْفَ سَاعَدَ يَهْوَه أَيُّوبَ عَلَى تَقْوِيمِ تَفْكِيرِهِ؟
١٤ حَافَظَ أَيُّوبُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ رَغْمَ كَوْنِهِ إِنْسَانًا نَاقِصًا يَرْتَكِبُ ٱلْأَخْطَاءَ. فَتَحْتَ ٱلضَّغْطِ ٱلشَّدِيدِ لَمْ يَرَ ٱلْأُمُورَ دَائِمًا بِٱلْمِنْظَارِ ٱلصَّحِيحِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، قَالَ لِيَهْوَه: «أَسْتَغِيثُ بِكَ فَلَا تُجِيبُنِي، . . . وَتُعَادِينِي بِكُلِّ مَا أُوتِيَتْ يَدُكَ مِنْ قُوَّةٍ». كَمَا أَنَّهُ ٱهْتَمَّ أَكْثَرَ مِنَ ٱللَّازِمِ بِتَبْرِيرِ نَفْسِهِ حِينَ قَالَ: «لَسْتُ مُخْطِئًا» وَ ‹رَاحَتَايَ لَا عُنْفَ فِيهِمَا، وَصَلَاتِي نَقِيَّةٌ›. (اي ١٠:٧؛ ١٦:١٧؛ ٣٠:٢٠، ٢١) لكِنَّ يَهْوَه سَاعَدَهُ بِلُطْفٍ طَارِحًا عَلَيْهِ سِلْسِلَةَ أَسْئِلَةٍ جَعَلَتْهُ يَكُفُّ عَنِ ٱلتَّرْكِيزِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرَى بِأَكْثَرِ وُضُوحٍ عَظَمَةَ ٱللّٰهِ وَصِغَرَ ٱلْإِنْسَانِ. فَقَبِلَ أَيُّوبُ ٱلْإِرْشَادَ وَقَوَّمَ تَفْكِيرَهُ. — اِقْرَأْ ايوب ٤٠:٨؛ ٤٢:٢، ٦.
١٥، ١٦ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ يُسَاعِدُ يَهْوَه خُدَّامَهُ ٱلْيَوْمَ؟
١٥ يُرْشِدُ يَهْوَه أَيْضًا خُدَّامَهُ ٱلْيَوْمَ إِرْشَادًا لَطِيفًا وَلكِنْ حَازِمٌ. كَمَا يُزَوِّدُ شَعْبَهُ بِوَسَائِلِ مُسَاعَدَةٍ قَيِّمَةٍ. فَذَبِيحَةُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفِدَائِيَّةُ تُشَكِّلُ ٱلْأَسَاسَ لِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا، وَبِفَضْلِهَا يُمْكِنُنَا ٱلتَّمَتُّعُ بِعَلَاقَةٍ وَثِيقَةٍ بِٱللّٰهِ رَغْمَ نَقْصِنَا. (يع ٤:٨؛ ١ يو ٢:١) فَضْلًا عَنْ ذلِكَ، يُمْكِنُنَا أَثْنَاءَ ٱلتَّجَارِبِ أَنْ نُصَلِّيَ إِلَيْهِ طَالِبِينَ دَعْمَ وَمَعُونَةَ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ. وَلَدَيْنَا أَيْضًا كَامِلُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّذِي نَسْتَطِيعُ بِقِرَاءَتِهِ وَٱلتَّأَمُّلِ فِيهِ أَنْ نَسْتَعِدَّ لِٱمْتِحَانَاتِ ٱلْإِيمَانِ. فَٱلدَّرْسُ يُسَاعِدُنَا عَلَى فَهْمِ قَضِيَّتَيِ ٱلسُّلْطَانِ ٱلْكَوْنِيِّ وَٱسْتِقَامَتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ.
-