مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • سر السعادة الحقيقية
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع يصحح رأي امرأة منحت امه مريم اكراما خصوصيا

      اَلْفَصْلُ ٧٥

      سِرُّ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ

      لوقا ١١:‏​١٤-‏٣٦

      • إِخْرَاجُ ٱلشَّيَاطِينِ «بِإِصْبَعِ ٱللّٰهِ»‏

      • سِرُّ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ

      كَرَّرَ يَسُوعُ لِتَوِّهِ إِرْشَادَهُ بِشَأْنِ ٱلصَّلَاةِ.‏ وَثَمَّةَ حَوَادِثُ تَتَكَرَّرُ أَيْضًا خِلَالَ مَجْرَى خِدْمَتِهِ.‏ فَفِي ٱلْجَلِيلِ،‏ ٱتُّهِمَ بَاطِلًا أَنَّهُ يَجْتَرِحُ ٱلْعَجَائِبَ بِسُلْطَةِ رَئِيسِ ٱلشَّيَاطِينِ.‏ وَهَا ٱلتَّارِيخُ يُعِيدُ نَفْسَهُ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏

      فَبَعْدَمَا يَطْرُدُ مِنْ رَجُلٍ شَيْطَانًا يُعِيقُهُ عَنِ ٱلْكَلَامِ،‏ تَتَعَجَّبُ ٱلْجُمُوعُ فِي حِينِ يَتَّهِمُهُ مُنْتَقِدُوهُ:‏ «إِنَّهُ يُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ بِبِيلَزَبُوبَ رَئِيسِ ٱلشَّيَاطِينِ».‏ (‏لوقا ١١:‏١٥‏)‏ أَمَّا آخَرُونَ فَيُرِيدُونَ أَدِلَّةً أُخْرَى تُثْبِتُ هُوِيَّتَهُ،‏ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ آيَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ.‏

      يُدْرِكُ يَسُوعُ أَنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ ٱمْتِحَانَهُ،‏ فَيُجِيبُهُمْ كَمَا أَجَابَ مُنْتَقِدِيهِ فِي ٱلْجَلِيلِ أَنَّ كُلَّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَسْقُطُ.‏ وَيُحَاجُّ قَائِلًا:‏ «فَإِنْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا مُنْقَسِمًا عَلَى نَفْسِهِ،‏ فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟‏».‏ ثُمَّ يَذْكُرُ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ:‏ «إِنْ كُنْتُ بِإِصْبَعِ ٱللّٰهِ أُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ،‏ فَقَدْ أَدْرَكَكُمْ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ».‏ —‏ لوقا ١١:‏​١٨-‏٢٠‏.‏

      إِنَّ عِبَارَةَ «إِصْبَعِ ٱللّٰهِ» يُفْتَرَضُ أَنْ تُعِيدَ إِلَى أَذْهَانِ ٱلسَّامِعِينَ مَا حَدَثَ فِي مَهْدِ تَارِيخِ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ.‏ فَعِنْدَمَا ٱجْتَرَحَ مُوسَى عَجِيبَةً فِي بَلَاطِ فِرْعَوْنَ،‏ هَتَفَ ٱلْحَاضِرُونَ:‏ «هٰذِهِ إِصْبَعُ ٱللّٰهِ!‏».‏ كَمَا نُقِشَتِ ٱلْوَصَايَا ٱلْعَشْرُ «بِإِصْبَعِ ٱللّٰهِ» عَلَى لَوْحَيْ حَجَرٍ.‏ (‏خروج ٨:‏١٩؛‏ ٣١:‏١٨‏)‏ وَعَلَى ٱلْمِنْوَالِ نَفْسِهِ،‏ فَإِنَّ «إِصْبَعَ ٱللّٰهِ»،‏ أَيْ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ أَوْ قُوَّتَهُ ٱلْفَعَّالَةَ،‏ هُوَ مَا يُمَكِّنُ يَسُوعَ مِنْ إِخْرَاجِ ٱلشَّيَاطِينِ وَشِفَاءِ ٱلْمَرْضَى.‏ فَلَا عَجَبَ أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ قَدْ أَدْرَكَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُقَاوِمِينَ.‏ فَمَلِكُهُ ٱلْمُعَيَّنُ يَسُوعُ قَائِمٌ فِي وَسْطِهِمْ يَصْنَعُ هٰذِهِ ٱلْآيَاتِ.‏

      وَقُدْرَةُ يَسُوعَ عَلَى طَرْدِ ٱلْأَبَالِسَةِ تُبَرْهِنُ سَطْوَتَهُ عَلَى ٱلشَّيْطَانِ،‏ تَمَامًا مِثْلَمَا يَتَغَلَّبُ رَجُلٌ قَوِيٌّ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ يَحْرُسُ قَصْرَهُ مُدَجَّجًا بِٱلسِّلَاحِ.‏ وَمَرَّةً أُخْرَى،‏ يُعِيدُ يَسُوعُ ٱلْمَثَلَ عَنِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ رُوحٌ نَجِسٌ.‏ فَحِينَ لَا يَمْلَأُ ٱلْفَرَاغَ بِأُمُورٍ صَالِحَةٍ بَنَّاءَةٍ،‏ يَعُودُ إِلَيْهِ ٱلرُّوحُ مَعَ سَبْعَةٍ آخَرِينَ.‏ فَتَصِيرُ آخِرَتُهُ أَسْوَأَ مِنْ بِدَايَتِهِ.‏ (‏متى ١٢:‏​٢٢،‏ ٢٥-‏٢٩،‏ ٤٣-‏٤٥‏)‏ وَهٰذَا مَا يَصِحُّ فِي أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ.‏

      وَبَيْنَمَا يَسُوعُ يَتَكَلَّمُ،‏ تَهْتِفُ ٱمْرَأَةٌ بَيْنَ سَامِعِيهِ:‏ «يَا لَسَعَادَةِ ٱلرَّحِمِ ٱلَّذِي حَمَلَكَ وَٱلثَّدْيَيْنِ ٱللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا!‏».‏ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَفَوَّهَتْ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ لِأَنَّ أَيَّ أُمٍّ يَهُودِيَّةٍ تَتَمَنَّى أَنْ تَحْمِلَ فِي أَحْشَائِهَا نَبِيًّا،‏ وَلَا سِيَّمَا ٱلْمَسِيَّا.‏ فَلَعَلَّهَا تَعْتَقِدُ أَنَّ مَرْيَمَ فِي مُنْتَهَى ٱلسَّعَادَةِ لِأَنَّهَا أَنْجَبَتْ مُعَلِّمًا بَارِعًا مِثْلَ يَسُوعَ.‏ غَيْرَ أَنَّهُ يُوضِحُ لَهَا سِرَّ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ قَائِلًا:‏ «بَلْ يَا لَسَعَادَةِ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَيَحْفَظُونَهَا!‏».‏ (‏لوقا ١١:‏​٢٧،‏ ٢٨‏)‏ فَيَسُوعُ لَمْ يُشَجِّعْ وَلَا مَرَّةً عَلَى مَنْحِ مَرْيَمَ إِكْرَامًا خُصُوصِيًّا‏.‏ بَلْ يُبَيِّنُ هُنَا أَنَّ سَبِيلَ أَيِّ رَجُلٍ أَوِ ٱمْرَأَةٍ إِلَى ٱلسَّعَادَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ لَيْسَ مَنُوطًا بِٱلرَّوَابِطِ ٱلْعَائِلِيَّةِ أَوِ ٱلْإِنْجَازَاتِ،‏ بَلْ بِخِدْمَةِ ٱللّٰهِ بِأَمَانَةٍ وَوَلَاءٍ.‏

      وَمِثْلَمَا فَعَلَ فِي ٱلْجَلِيلِ،‏ يُوَبِّخُ ٱلَّذِينَ يَطْلُبُونَ آيَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ قَائِلًا إِنَّهُمْ لَنْ يُعْطَوْا سِوَى «آيَةِ يُونَانَ».‏ وَيُونَانُ آيَةٌ لِسَبَبَيْنِ:‏ فَقَدْ بَقِيَ فِي بَطْنِ ٱلسَّمَكَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ،‏ وَكَرَزَ بِجُرْأَةٍ لِأَهْلِ نِينَوَى فَٱنْدَفَعُوا إِلَى ٱلتَّوْبَةِ.‏ وَلٰكِنْ يُتَابِعُ يَسُوعُ:‏ «هٰهُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ».‏ (‏لوقا ١١:‏​٢٩-‏٣٢‏)‏ وَهُوَ أَيْضًا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ٱلَّذِي أَتَتْ مَلِكَةُ سَبَأَ بِكُلِّ مَجْدِهَا لِتَسْمَعَ حِكْمَتَهُ.‏

      ثُمَّ يَقُولُ:‏ «لَا يُوقِدُ أَحَدٌ سِرَاجًا وَيَضَعُهُ فِي قَبْوٍ أَوْ تَحْتَ مِكْيَالٍ،‏ بَلْ عَلَى ٱلْمَنَارَةِ».‏ (‏لوقا ١١:‏٣٣‏)‏ وَرُبَّمَا يَقْصِدُ أَنَّ تَعْلِيمَ هٰؤُلَاءِ ٱلنَّاسِ وَٱجْتِرَاحَ ٱلْعَجَائِبِ أَمَامَهُمْ هُمَا بِمَثَابَةِ إِخْفَاءِ ضَوْءِ ٱلسِّرَاجِ.‏ فَهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَغْزَى أَعْمَالِهِ لِأَنَّ عُيُونَهُمْ لَيْسَتْ مُرَكَّزَةً عَلَى ٱلْهَدَفِ ٱلصَّحِيحِ.‏

      فَقَدْ أَخْرَجَ مُنْذُ هُنَيْهَةٍ شَيْطَانًا مِنْ رَجُلٍ أَخْرَسَ وَحَلَّ عُقْدَةَ لِسَانِهِ.‏ أَفَلَا يَجِبُ أَنْ يَدْفَعَ ذٰلِكَ ٱلنَّاسَ إِلَى تَمْجِيدِ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ وَإِخْبَارِ ٱلْآخَرِينَ بِأَفْعَالِهِ؟‏!‏ لِذَا يُحَذِّرُ يَسُوعُ كُلَّ مَنْ يَنْتَقِدُهُ:‏ «تَنَبَّهْ إِذًا،‏ لِئَلَّا يَكُونَ ٱلنُّورُ ٱلَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً.‏ فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ بِكَامِلِهِ نَيِّرًا لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ،‏ فَإِنَّهُ يَكُونُ كُلُّهُ نَيِّرًا كَمَا حِينَمَا يُنِيرُ لَكَ ٱلسِّرَاجُ بِأَشِعَّتِهِ».‏ —‏ لوقا ١١:‏​٣٥،‏ ٣٦‏.‏

  • على مائدة فريسي
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع يدين رياء الفريسيين وتقاليدهم الدينية

      اَلْفَصْلُ ٧٦

      عَلَى مَائِدَةِ فَرِّيسِيٍّ

      لوقا ١١:‏​٣٧-‏٥٤

      • يَسُوعُ يَدِينُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلْمُنَافِقِينَ خِلَالَ وَجْبَةِ غَدَاءٍ

      يُلَبِّي يَسُوعُ وَهُوَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ دَعْوَةَ فَرِّيسِيٍّ إِلَى وَجْبَةِ غَدَاءٍ.‏ (‏لوقا ١١:‏​٣٧،‏ ٣٨‏)‏ وَقَبْلَ ٱلْأَكْلِ،‏ يَتْبَعُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ طَقْسًا يَقْضِي بِغَسْلِ ٱلْيَدَيْنِ حَتَّى ٱلْمِرْفَقِ.‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ لَا يَحْذُو حَذْوَهُمْ.‏ (‏متى ١٥:‏​١،‏ ٢‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ هٰذَا ٱلطَّقْسَ لَا يَتَعَارَضُ مَعَ شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ،‏ لٰكِنَّهُ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ لَيْسَ مَطْلَبًا إِلٰهِيًّا.‏

      يَسْتَغْرِبُ ٱلْفَرِّيسِيُّ تَصَرُّفَ يَسُوعَ ٱلَّذِي يَلْمُسُ ذٰلِكَ فَيَقُولُ:‏ «أَنْتُمُ ٱلْآنَ،‏ أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ،‏ تُطَهِّرُونَ خَارِجَ ٱلْكَأْسِ وَٱلصَّحْنِ،‏ وَأَمَّا دَاخِلُكُمْ فَمَمْلُوءٌ نَهْبًا وَشَرًّا.‏ يَا عَدِيمِي ٱلتَّعَقُّلِ!‏ أَلَيْسَ ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلْخَارِجَ صَنَعَ ٱلدَّاخِلَ أَيْضًا؟‏».‏ —‏ لوقا ١١:‏​٣٩،‏ ٤٠‏.‏

      أَسَاسُ ٱلْمَسْأَلَةِ إِذًا هُوَ ٱلرِّيَاءُ ٱلدِّينِيُّ،‏ لَا غَسْلُ ٱلْيَدَيْنِ قَبْلَ ٱلْأَكْلِ.‏ فَٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى مُمَارَسَةِ هٰذَا ٱلطَّقْسِ،‏ لٰكِنَّهُمْ بِٱلْمُقَابِلِ لَا يُنَقُّونَ قُلُوبَهُمْ مِنَ ٱلْخُبْثِ وَٱلشَّرِّ.‏ لِذَا يَحُثُّهُمْ يَسُوعُ:‏ «أَعْطُوا مَا فِي ٱلدَّاخِلِ صَدَقَةً،‏ وَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ آخَرَ يَكُونُ طَاهِرًا لَكُمْ».‏ (‏لوقا ١١:‏٤١‏)‏ فَيَا لَهُ مِنْ نُصْحٍ سَدِيدٍ!‏ فَٱلْعَطَاءُ يَجِبُ أَنْ يَنْبَعَ مِنْ قَلْبٍ يَفِيضُ بِٱلْمَحَبَّةِ،‏ لَا مِنْ رَغْبَةٍ فِي كَسْبِ ٱسْتِحْسَانِ ٱلنَّاسِ عَبْرَ ٱلتَّظَاهُرِ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَى.‏

      وَلَا يُنْكِرُ يَسُوعُ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْأَشْخَاصَ يُعْطُونَ،‏ لٰكِنَّهُ يُوضِحُ عَيْبَهُمْ قَائِلًا:‏ «إِنَّكُمْ تُقَدِّمُونَ عُشْرَ ٱلنَّعْنَعِ وَٱلسَّذَابِ وَسَائِرِ ٱلْبُقُولِ،‏ وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ ٱلْعَدْلِ وَمَحَبَّةِ ٱللّٰهِ!‏ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تَعْمَلُوا هٰذِهِ،‏ وَلَا تُهْمِلُوا تِلْكَ».‏ (‏لوقا ١١:‏٤٢‏)‏ فَشَرِيعَةُ ٱللّٰهِ تَنُصُّ عَلَى تَقْدِيمِ عُشْرِ ٱلْغِلَالِ.‏ (‏تثنية ١٤:‏٢٢‏)‏ وَهٰذِهِ تَشْمُلُ أَعْشَابًا أَوْ نَبَتَاتٍ تُسْتَخْدَمُ فِي تَتْبِيلِ ٱلطَّعَامِ،‏ مِثْلَ ٱلنَّعْنَعِ وَٱلسَّذَابِ.‏ وَفِي حِينِ يَحْرِصُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ حِرْصًا شَدِيدًا عَلَى تَقْدِيمِ عُشْرِهَا،‏ يَتَنَاسَوْنَ ٱلْوَصَايَا ٱلْأَهَمَّ فِي ٱلشَّرِيعَةِ مِثْلَ إِجْرَاءِ ٱلْعَدْلِ وَٱلسُّلُوكِ بِٱحْتِشَامٍ أَمَامَ ٱللّٰهِ.‏ —‏ ميخا ٦:‏٨‏.‏

      يُتَابِعُ يَسُوعُ:‏ «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ،‏ لِأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ ٱلْمَقَاعِدَ ٱلْأَمَامِيَّةَ فِي ٱلْمَجَامِعِ،‏ وَٱلتَّحِيَّاتِ فِي سَاحَاتِ ٱلْأَسْوَاقِ!‏ وَيْلٌ لَكُمْ،‏ لِأَنَّكُمْ مِثْلُ ٱلْقُبُورِ ٱلتَّذْكَارِيَّةِ غَيْرِ ٱلظَّاهِرَةِ،‏ يَمْشِي ٱلنَّاسُ عَلَيْهَا وَلَا يَعْلَمُونَ!‏».‏ (‏لوقا ١١:‏​٤٣،‏ ٤٤‏)‏ فَقَدْ يَتَعَثَّرُ ٱلنَّاسُ بِقُبُورٍ كَهٰذِهِ وَيُمْسُونَ نَجِسِينَ.‏ وَيَتَطَرَّقُ يَسُوعُ إِلَى هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةِ لِيُبْرِزَ أَنَّ نَجَاسَةَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ مُبَطَّنَةٌ.‏ —‏ متى ٢٣:‏٢٧‏.‏

      إِذَّاكَ،‏ يَحْتَجُّ رَجُلٌ مُتَضَلِّعٌ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ قَائِلًا:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ إِنَّكَ بِقَوْلِكَ هٰذَا تُهِينُنَا نَحْنُ أَيْضًا».‏ وَلٰكِنْ كَيْ يُدْرِكَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ وَأَمْثَالُهُ أَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ فِي مُسَاعَدَةِ ٱلنَّاسِ،‏ يَذْكُرُ يَسُوعُ:‏ «وَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا أَيُّهَا ٱلْمُتَضَلِّعُونَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ،‏ لِأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ ٱلنَّاسَ أَحْمَالًا يَصْعُبُ حَمْلُهَا،‏ وَأَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ لَا تَمَسُّونَ ٱلْأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ!‏ وَيْلٌ لَكُمْ،‏ لِأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ ٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلتَّذْكَارِيَّةَ،‏ وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ!‏».‏ —‏ لوقا ١١:‏​٤٥-‏٤٧‏.‏

      وَهٰذِهِ «ٱلْأَحْمَالُ» هِيَ ٱلتَّقَالِيدُ ٱلشَّفَهِيَّةُ وَتَفَاسِيرُ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي يَبْتَدِعُهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ.‏ فَهُمْ يُثْقِلُونَ بِهَا كَاهِلَ ٱلنَّاسِ وَيُعَقِّدُونَ حَيَاتَهُمْ.‏ وَيُشِيرُ يَسُوعُ أَيْضًا أَنَّ أَسْلَافَهُمْ قَتَلُوا أَنْبِيَاءَ ٱللّٰهِ مِنْ هَابِيلَ فَصَاعِدًا.‏ وَمَعَ أَنَّ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ يَبْنُونَ لِهٰؤُلَاءِ ٱلْأَنْبِيَاءِ قُبُورًا مُتَظَاهِرِينَ بِإِكْرَامِهِمْ،‏ فَٱلْحَقِيقَةُ أَنَّهُمْ يَسِيرُونَ عَلَى نَهْجِ أَسْلَافِهِمْ فِي ٱلْمَوَاقِفِ وَٱلتَّصَرُّفَاتِ.‏ حَتَّى إِنَّهُمْ يَسْعَوْنَ لِقَتْلِ نَبِيِّ ٱللّٰهِ ٱلْأَبْرَزِ.‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ سَيُحَاسِبُ ٱللّٰهُ هٰذَا ٱلْجِيلَ،‏ وَهِيَ نُبُوَّةٌ تَتَحَقَّقُ سَنَةَ ٧٠ ب‌م،‏ أَيْ بَعْدَ نَحْوِ ٣٨ سَنَةً.‏

      يُوَاصِلُ يَسُوعُ:‏ «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُتَضَلِّعُونَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ،‏ لِأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ ٱلْمَعْرِفَةِ،‏ فَلَمْ تَدْخُلُوا أَنْتُمْ،‏ وَٱلدَّاخِلُونَ أَعَقْتُمُوهُمْ!‏».‏ (‏لوقا ١١:‏٥٢‏)‏ فَبَدَلَ أَنْ يُؤَدِّيَ هٰؤُلَاءِ وَاجِبَهُمْ وَيُفَسِّرُوا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ لِلنَّاسِ،‏ يُغْلِقُونَ عَلَيْهِمْ بَابَ ٱلْمَعْرِفَةِ وَٱلْفَهْمِ.‏

      فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ رَدًّا عَلَى هٰذِهِ ٱلْإِدَانَةِ ٱلصَّرِيحَةِ؟‏ فِيمَا يَهُمُّ يَسُوعُ بِٱلْمُغَادَرَةِ،‏ يَشْرَعُونَ بِغَضَبٍ فِي ٱسْتِفْزَازِهِ وَإِمْطَارِهِ بِوَابِلٍ مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ.‏ وَلَيْسَ دَافِعُهُمُ ٱلتَّعَلُّمَ بَلْ جَرُّهُ إِلَى ٱلتَّفَوُّهِ بِكَلَامٍ يُسَوِّغُ لَهُمُ ٱعْتِقَالَهُ.‏

  • مخاطر السعي وراء الغنى
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • رجل غني عيشه رغد يفكر في الخيرات الكثيرة التي ادخرها لنفسه

      اَلْفَصْلُ ٧٧

      مَخَاطِرُ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ ٱلْغِنَى

      لوقا ١٢:‏​١-‏٣٤

      • مَثَلُ ٱلرَّجُلِ ٱلْغَنِيِّ

      • يَسُوعُ يَسْتَشْهِدُ بِٱلْغِرْبَانِ وَٱلزَّنَابِقِ

      • ‹قَطِيعٌ صَغِيرٌ› سَيَرِثُ ٱلْمَلَكُوتَ

      بَيْنَمَا يَسُوعُ يَتَغَدَّى فِي بَيْتِ ٱلْفَرِّيسِيِّ،‏ يَتَجَمْهَرُ ٱلْآلَافُ خَارِجًا فِي ٱنْتِظَارِهِ،‏ وَهُوَ مَشْهَدٌ تَكَرَّرَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فِي ٱلْجَلِيلِ.‏ (‏مرقس ١:‏٣٣؛‏ ٢:‏٢؛‏ ٣:‏٩‏)‏ فَكَثِيرُونَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ يَتَطَلَّعُونَ إِلَى رُؤْيَتِهِ وَسَمَاعِهِ،‏ مُظْهِرِينَ مَوْقِفًا مُخْتَلِفًا كُلَّ ٱلِٱخْتِلَافِ عَنْ مَوْقِفِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ.‏

      وَمَا يَقُولُهُ بِدَايَةً يَرِنُّ فِي آذَانِ تَلَامِيذِهِ:‏ «اِحْذَرُوا خَمِيرَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ،‏ ٱلَّذِي هُوَ ٱلرِّيَاءُ».‏ لَقَدْ وَجَّهَ هٰذَا ٱلتَّنْبِيهَ مِنْ قَبْلُ،‏ وَلٰكِنْ مَا لَاحَظَهُ خِلَالَ ٱلْغَدَاءِ زَادَ هٰذِهِ ٱلْمَشُورَةَ إِلْحَاحًا.‏ (‏لوقا ١٢:‏١؛‏ مرقس ٨:‏١٥‏)‏ فَٱلْفَرِّيسِيُّونَ يُحَاوِلُونَ إِخْفَاءَ خُبْثِهِمْ وَشَرِّهِمْ تَحْتَ سِتَارِ ٱلْوَرَعِ وَٱلتَّقْوَى،‏ لٰكِنَّهُمْ خَطَرٌ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِهِ.‏ يُوضِحُ يَسُوعُ:‏ «مَا مِنْ مَكْتُومٍ لَنْ يُكْشَفَ،‏ وَمَا مِنْ خَفِيٍّ لَنْ يُعْرَفَ».‏ —‏ لوقا ١٢:‏٢‏.‏

      بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ يُكَرِّرُ أَفْكَارًا رَئِيسِيَّةً تَنَاوَلَهَا سَابِقًا،‏ رُبَّمَا لِأَنَّ عَدِيدِينَ بَيْنَ ٱلْجَمْعِ هُمْ مِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَبِٱلتَّالِي لَمْ يَسْمَعُوا تَعَالِيمَهُ فِي ٱلْجَلِيلِ.‏ فَيَحُثُّ مُسْتَمِعِيهِ جَمِيعًا:‏ «لَا تَخَافُوا مِنَ ٱلَّذِينَ يَقْتُلُونَ ٱلْجَسَدَ،‏ وَبَعْدَ ذٰلِكَ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَفْعَلُوا أَكْثَرَ».‏ (‏لوقا ١٢:‏٤‏)‏ وَكَمَا فِي ٱلسَّابِقِ،‏ يُشَدِّدُ كَمْ مُهِمٌّ أَنْ يَتَّكِلَ أَتْبَاعُهُ عَلَى ٱللّٰهِ فِي تَأْمِينِ حَاجَاتِهِمْ،‏ يَعْتَرِفُوا بِٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ،‏ وَيَثِقُوا بِقُدْرَةِ ٱللّٰهِ عَلَى دَعْمِهِمْ خِلَالَ ٱلِٱضْطِهَادِ.‏ —‏ متى ١٠:‏​١٩،‏ ٢٠،‏ ٢٦-‏٣٣؛‏ ١٢:‏​٣١،‏ ٣٢‏.‏

      بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ يَطْرَحُ رَجُلٌ بَيْنَ ٱلْجَمْعِ قَضِيَّةً شَخْصِيَّةً تَشْغَلُ بَالَهُ،‏ فَيَقُولُ:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ قُلْ لِأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي ٱلْمِيرَاثَ».‏ (‏لوقا ١٢:‏١٣‏)‏ مِنَ ٱلْمُفْتَرَضِ أَلَّا يَنْشَأَ أَيُّ خِلَافٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ إِنْ هُوَ ٱحْتَكَمَ إِلَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي تَنُصُّ أَنْ يَنَالَ ٱلْبِكْرُ نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ مِنَ ٱلْمِيرَاثِ.‏ (‏تثنية ٢١:‏١٧‏)‏ وَلٰكِنْ يَبْدُو أَنَّهُ يُطَالِبُ بِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ ٱلشَّرْعِيِّ.‏ فَيَرْفُضُ يَسُوعُ بِحِكْمَةٍ ٱلِٱنْحِيَازَ إِلَى أَيٍّ مِنَ ٱلطَّرَفَيْنِ،‏ وَيَسْأَلُهُ:‏ ‹يَا إِنْسَانُ،‏ مَنْ عَيَّنَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟‏›.‏ —‏ لوقا ١٢:‏١٤‏.‏

      ثُمَّ يُوَجِّهُ ٱلْحَضَّ ٱلتَّالِيَ إِلَى ٱلْجَمِيعِ:‏ «أَبْقُوا عُيُونَكُمْ مَفْتُوحَةً وَٱحْتَرِسُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ،‏ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لِأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ».‏ (‏لوقا ١٢:‏١٥‏)‏ فَمَهْمَا حَصَّلَ ٱلْمَرْءُ مِنْ ثَرَوَاتٍ،‏ أَفَلَنْ يُوَدِّعَ ٱلْحَيَاةَ يَوْمًا وَيَتْرُكَ كُلَّ شَيْءٍ وَرَاءَهُ؟‏!‏ وَتَشْدِيدًا عَلَى هٰذِهِ ٱلنُّقْطَةِ،‏ يَرْوِي يَسُوعُ مَثَلًا لَا يُنْسَى يُظْهِرُ أَيْضًا أَهَمِّيَّةَ ٱلصِّيتِ ٱلْحَسَنِ لَدَى ٱللّٰهِ.‏

      يُخْبِرُ:‏ «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَنْتَجَتْ أَرْضُهُ بِوَفْرَةٍ.‏ فَرَاحَ يَفْتَكِرُ فِي نَفْسِهِ،‏ قَائِلًا:‏ ‹مَاذَا أَفْعَلُ،‏ إِذْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ مَحَاصِيلِي؟‏›.‏ وَقَالَ:‏ ‹أَفْعَلُ هٰذَا:‏ أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْهَا،‏ وَهُنَاكَ أَجْمَعُ كُلَّ ٱلْحُبُوبِ وَٱلْخَيْرَاتِ ٱلَّتِي لَدَيَّ،‏ وَأَقُولُ لِنَفْسِي:‏ «يَا نَفْسُ،‏ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُذَّخَرَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ.‏ فَٱسْتَرِيحِي وَكُلِي وَٱشْرَبِي وَتَمَتَّعِي»›.‏ وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ قَالَ لَهُ:‏ ‹يَا عَدِيمَ ٱلتَّعَقُّلِ،‏ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ مِنْكَ.‏ فَلِمَنْ تَكُونُ هٰذِهِ ٱلَّتِي ٱدَّخَرْتَهَا؟‏›.‏ هٰذَا شَأْنُ مَنْ يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا لِلّٰهِ».‏ —‏ لوقا ١٢:‏​١٦-‏٢١‏.‏

      فَتَلَامِيذُ يَسُوعَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ ٱلسَّامِعِينَ قَدْ يُغْرَوْنَ بِٱلرَّكْضِ وَرَاءَ ٱلثَّرْوَةِ أَوْ تَكْدِيسِهَا،‏ أَوْ قَدْ تُلْهِيهِمْ مَشَاغِلُ ٱلْحَيَاةِ عَنْ خِدْمَةِ يَهْوَهَ.‏ مِنْ هُنَا،‏ يُعِيدُ يَسُوعُ ذِكْرَ مَشُورَةٍ رَائِعَةٍ أَعْطَاهَا فِي ٱلْمَوْعِظَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ قَبْلَ عَامٍ وَنِصْفٍ تَقْرِيبًا:‏

      ‏«لَا تَحْمِلُوا هَمًّا بَعْدُ مِنْ جِهَةِ نُفُوسِكُمْ مَاذَا تَأْكُلُونَ،‏ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَجْسَادِكُمْ مَاذَا تَلْبَسُونَ .‏ .‏ .‏ لَاحِظُوا جَيِّدًا أَنَّ ٱلْغِرْبَانَ لَا تَزْرَعُ وَلَا تَحْصُدُ،‏ وَلَيْسَ لَهَا عَنْبَرٌ وَلَا مَخْزَنٌ،‏ وَٱللّٰهُ يَقُوتُهَا.‏ فَكَمْ أَنْتُمْ بِٱلْحَرِيِّ أَثْمَنُ مِنَ ٱلطُّيُورِ؟‏ .‏ .‏ .‏ لَاحِظُوا جَيِّدًا كَيْفَ تَنْمُو ٱلزَّنَابِقُ.‏ إِنَّهَا لَا تَتْعَبُ وَلَا تَغْزِلُ،‏ وَلٰكِنْ أَقُولُ لَكُمْ:‏ وَلَا سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ تَسَرْبَلَ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا .‏ .‏ .‏ فَلَا تَطْلُبُوا بَعْدُ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ،‏ وَلَا تَكُونُوا فِي حَيْرَةٍ وَهَمٍّ .‏ .‏ .‏ [فَإِنَّ] أَبَاكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هٰذِهِ.‏ إِنَّمَا دَاوِمُوا عَلَى طَلَبِ مَلَكُوتِهِ،‏ وَهٰذِهِ تُزَادُ لَكُمْ».‏ —‏ لوقا ١٢:‏​٢٢-‏٣١؛‏ متى ٦:‏​٢٥-‏٣٣‏.‏

      وَمَنْ سَيَطْلُبُ وَيَرِثُ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ‏؟‏ ‹قَطِيعٌ صَغِيرٌ›،‏ أَيْ عَدَدٌ قَلِيلٌ نِسْبِيًّا مِنَ ٱلبَشَرِ ٱلْأَتْقِيَاءِ،‏ حَسْبَمَا يَكْشِفُ يَسُوعُ.‏ وَيَتَبَيَّنُ لَاحِقًا أَنَّ ٱلْعَدَدَ هُوَ ٠٠٠‏,١٤٤.‏ وَمَاذَا بِٱنْتِظَارِهِمْ؟‏ يُؤَكِّدُ لَهُمْ:‏ «إِنَّ أَبَاكُمْ رَضِيَ أَنْ يُعْطِيَكُمُ ٱلْمَلَكُوتَ».‏ فَهٰؤُلَاءِ لَنْ يَصُبُّوا ٱهْتِمَامَهُمْ عَلَى تَجْمِيعِ كُنُوزٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ حَيْثُ يَسْرِقُ ٱلسَّارِقُونَ،‏ بَلْ سَيُوَجِّهُونَ قُلُوبَهُمْ إِلَى كَنْزٍ «لَا يَنْفَدُ أَبَدًا فِي ٱلسَّمٰوَاتِ» حَيْثُ سَيَحْكُمُونَ مَعَ ٱلْمَسِيحِ.‏ —‏ لوقا ١٢:‏​٣٢-‏٣٤‏.‏

  • ايها الوكيل الامين ابقَ مستعدا!‏
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • رجلان معهما سراج يترقبان عودة سيدهما

      اَلْفَصْلُ ٧٨

      أَيُّهَا ٱلْوَكِيلُ ٱلْأَمِينُ ٱبْقَ مُسْتَعِدًّا!‏

      لوقا ١٢:‏​٣٥-‏٥٩

      • عَلَى ٱلْوَكِيلِ ٱلْأَمِينِ أَنْ يَبْقَى مُسْتَعِدًّا

      • يَسُوعُ يُحْدِثُ ٱنْقِسَامًا

      لَقَدْ أَوْضَحَ يَسُوعُ أَنَّ مُجَرَّدَ ‹قَطِيعٍ صَغِيرٍ› لَهُ نَصِيبٌ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ.‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢‏)‏ لٰكِنَّ هٰذِهِ ٱلْمُكَافَأَةَ ثَمِينَةٌ وَلَا يُسْتَهَانُ بِهَا.‏ لِهٰذَا ٱلسَّبَبِ،‏ يُشَدِّدُ كَمْ مُهِمٌّ أَنْ يَتَبَنَّى ٱلْمَرْءُ ٱلْمَوْقِفَ ٱلصَّائِبَ إِنْ هُوَ أَرَادَ أَنْ يَرِثَ ٱلْمَلَكُوتَ.‏

      وَعَلَيْهِ،‏ يَحُثُّ تَلَامِيذَهُ أَنْ يَبْقَوْا عَلَى أَتَمِّ ٱلِٱسْتِعْدَادِ لِرُجُوعِهِ،‏ قَائِلًا:‏ «لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً،‏ وَكُونُوا أَنْتُمْ مِثْلَ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَعُودُ مِنَ ٱلْعُرْسِ،‏ حَتَّى إِذَا وَصَلَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ حَالًا.‏ يَا لَسَعَادَةِ أُولٰئِكَ ٱلْعَبِيدِ ٱلَّذِينَ مَتَى جَاءَ ٱلسَّيِّدُ وَجَدَهُمْ سَاهِرِينَ!‏».‏ —‏ لوقا ١٢:‏​٣٥-‏٣٧‏.‏

      لَا يَصْعُبُ عَلَى ٱلتَّلَامِيذِ أَنْ يَسْتَشِفُّوا أَيُّ مَوْقِفٍ يُبْرِزُهُ يَسُوعُ.‏ فَٱلْخَدَمُ فِي ٱلْمَثَلِ يَتَرَقَّبُونَ عَوْدَةَ سَيِّدِهِمْ وَمُتَأَهِّبُونَ لَهَا.‏ يَذْكُرُ:‏ «إِنْ جَاءَ [ٱلسَّيِّدُ] فِي ٱلْهَزِيعِ ٱلثَّانِي [مِنْ حَوَالَيِ ٱلتَّاسِعَةِ مَسَاءً إِلَى مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ]،‏ أَوْ حَتَّى فِي ٱلثَّالِثِ [مِنْ مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ إِلَى نَحْوِ ٱلثَّالِثَةِ صَبَاحًا]،‏ وَوَجَدَهُمْ هٰكَذَا [مُسْتَعِدِّينَ]،‏ فَيَا لَسَعَادَتِهِمْ!‏».‏ —‏ لوقا ١٢:‏٣٨‏.‏

      وَلٰكِنْ لَيْسَ ٱلْهَدَفُ مِنْ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ مُجَرَّدَ إِسْدَاءِ نُصْحٍ لِلْخَدَمِ أَوِ ٱلْعُمَّالِ حَوْلَ ٱلِٱجْتِهَادِ.‏ وَيَتَّضِحُ ذٰلِكَ حِينَ يُبْرِزُ يَسُوعُ دَوْرَهُ فِي ٱلْمَثَلِ بِصِفَتِهِ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ.‏ يَقُولُ لِتَلَامِيذِهِ:‏ «اِبْقَوْا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ،‏ لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ».‏ (‏لوقا ١٢:‏٤٠‏)‏ فَهُوَ سَيَأْتِي فِي وَقْتٍ مَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ وَيُرِيدُ مِنْ أَتْبَاعِهِ،‏ وَلَا سِيَّمَا «ٱلْقَطِيعُ ٱلصَّغِيرُ»،‏ أَنْ يَكُونُوا عَلَى أُهْبَةِ ٱلِٱسْتِعْدَادِ.‏

      يَرْغَبُ بُطْرُسُ أَنْ يَضَعَ ٱلنِّقَاطَ عَلَى ٱلْحُرُوفِ،‏ فَيَسْتَفْهِمُ:‏ «يَا رَبُّ،‏ أَتَقُولُ هٰذَا ٱلْمَثَلَ لَنَا أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا؟‏».‏ وَعِوَضَ أَنْ يُعْطِيَهُ يَسُوعُ جَوَابًا مُبَاشِرًا،‏ يَرْوِي مَثَلًا آخَرَ فِي هٰذَا ٱلسِّيَاقِ قَائِلًا:‏ «مَنْ هُوَ ٱلْوَكِيلُ ٱلْأَمِينُ ٱلْفَطِينُ،‏ ٱلَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى هَيْئَةِ خَدَمِهِ لِيُدَاوِمَ عَلَى إِعْطَائِهِمْ حِصَّتَهُمْ مِنَ ٱلطَّعَامِ فِي حِينِهَا؟‏ يَا لَسَعَادَةِ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدِ،‏ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ وَوَجَدَهُ يَفْعَلُ هٰكَذَا!‏ بِٱلْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ مُمْتَلَكَاتِهِ».‏ —‏ لوقا ١٢:‏​٤١-‏٤٤‏.‏

      اِتَّضَحَ فِي ٱلْمَثَلِ ٱلْأَوَّلِ أَنَّ «ٱلسَّيِّدَ» هُوَ يَسُوعُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ.‏ وَمَنْطِقِيًّا،‏ يَتَأَلَّفُ «ٱلْوَكِيلُ ٱلْأَمِينُ» مِنْ أَفْرَادٍ يَنْتَمُونَ إِلَى «ٱلْقَطِيعِ ٱلصَّغِيرِ» ٱلَّذِي سَيَرِثُ ٱلْمَلَكُوتَ.‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢‏)‏ وَيُوضِحُ يَسُوعُ هُنَا أَنَّ أَعْضَاءً مِنْ هٰذَا «ٱلْقَطِيعِ ٱلصَّغِيرِ» سَيُعِيلُونَ «هَيْئَةَ خَدَمِهِ» رُوحِيًّا،‏ بِإِعْطَائِهِمْ «حِصَّتَهُمْ مِنَ ٱلطَّعَامِ فِي حِينِهَا».‏ وَبِمَا أَنَّ بُطْرُسَ وَٱلتَّلَامِيذَ ٱلْآخَرِينَ يَرَوْنَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ مَنْ يُعَلِّمُهُمْ وَيُطْعِمُهُمْ رُوحِيًّا ٱلْآنَ،‏ يَسْتَخْلِصُونَ حَتْمًا أَنَّ ‹ٱلْوَكِيلَ ٱلْأَمِينَ› سَيُقَامُ لَاحِقًا.‏ فَعِنْدَ مَجِيءِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ،‏ سَيَكُونُ هُنَاكَ تَرْتِيبٌ جَارٍ لِتَزْوِيدِ أَتْبَاعِهِ،‏ «هَيْئَةِ خَدَمِهِ»،‏ بِٱلطَّعَامِ ٱلرُّوحِيِّ.‏

      ثُمَّ يُبَيِّنُ يَسُوعُ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى لِمَ عَلَى تَلَامِيذِهِ أَنْ يَبْقَوْا سَاهِرِينَ وَمُنْتَبِهِينَ.‏ فَمِنَ ٱلْوَارِدِ أَنْ يُصْبِحُوا مُتَكَاسِلِينَ،‏ وَقَدْ يُقَاوِمُونَ رُفَقَاءَهُمْ أَيْضًا.‏ يُحَذِّرُهُمْ:‏ «إِنْ قَالَ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ:‏ ‹سَيِّدِي يَتَأَخَّرُ فِي مَجِيئِهِ›،‏ وَٱبْتَدَأَ يَضْرِبُ ٱلْغِلْمَانَ وَٱلْجَوَارِيَ،‏ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ،‏ يَأْتِي سَيِّدُ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لَا يَتَرَقَّبُهُ وَفِي سَاعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا،‏ وَيُعَاقِبُهُ عِقَابًا شَدِيدًا وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ غَيْرِ ٱلْأُمَنَاءِ».‏ —‏ لوقا ١٢:‏​٤٥،‏ ٤٦‏.‏

      بَعْدَ ذٰلِكَ يَقُولُ:‏ «جِئْتُ لِأُوقِدَ نَارًا عَلَى ٱلْأَرْضِ».‏ فَهُوَ يُثِيرُ مَسَائِلَ تُشْعِلُ جِدَالَاتٍ حَامِيَةً وَتَنْسِفُ ٱلتَّعَالِيمَ وَٱلتَّقَالِيدَ ٱلْبَاطِلَةَ،‏ مَا يُحْدِثُ شِقَاقًا حَتَّى بَيْنَ أَقْرَبِ ٱلْأَقْرَبِينَ،‏ إِذْ «يَنْقَسِمُ ٱلْأَبُ عَلَى ٱلِٱبْنِ وَٱلِٱبْنُ عَلَى ٱلْأَبِ،‏ وَٱلْأُمُّ عَلَى ٱلِٱبْنَةِ وَٱلِٱبْنَةُ عَلَى أُمِّهَا،‏ وَٱلْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَٱلْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».‏ —‏ لوقا ١٢:‏​٤٩،‏ ٥٣‏.‏

      لَقَدْ قَصَدَ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ خُصُوصًا بِكُلِّ مَا ذَكَرَهُ آنِفًا.‏ لٰكِنَّهُ يَتَوَجَّهُ ٱلْآنَ بِحَدِيثِهِ إِلَى ٱلْجَمْعِ.‏ فَمُعْظَمُهُمْ يَتَعَامَوْنَ بِكُلِّ عِنَادٍ عَنِ ٱلْأَدِلَّةِ ٱلَّتِي تُثْبِتُ أَنَّهُ ٱلْمَسِيَّا.‏ فَيَقُولُ لَهُمْ:‏ «مَتَى رَأَيْتُمْ سَحَابَةً تَطْلُعُ فِي ٱلْمَغَارِبِ،‏ قُلْتُمْ عَلَى ٱلْفَوْرِ:‏ ‹عَاصِفَةُ مَطَرٍ آتِيَةٌ›،‏ فَيَكُونُ هٰكَذَا.‏ وَمَتَى رَأَيْتُمْ رِيحًا جَنُوبِيَّةً تَهُبُّ،‏ قُلْتُمْ:‏ ‹سَتَكُونُ مَوْجَةُ حَرٍّ›،‏ فَتَكُونُ.‏ يَا مُرَاؤُونَ،‏ تَعْرِفُونَ أَنْ تَفْحَصُوا مَظْهَرَ ٱلْأَرْضِ وَٱلسَّمَاءِ،‏ وَأَمَّا هٰذَا ٱلْوَقْتُ ٱلْخُصُوصِيُّ،‏ فَكَيْفَ لَا تَعْرِفُونَ أَنْ تَفْحَصُوهُ؟‏».‏ (‏لوقا ١٢:‏​٥٤-‏٥٦‏)‏ فَهُمْ كَمَا يَتَّضِحُ أَبْعَدُ مَا يَكُونُ عَنِ ٱلِٱسْتِعْدَادِ وَٱلتَّرَقُّبِ.‏

  • امَّة غير تائبة تستحق الهلاك
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع يشفي امرأة في السبت ورئيس المجمع يستنكر ذلك

      اَلْفَصْلُ ٧٩

      أُمَّةٌ غَيْرُ تَائِبَةٍ تَسْتَحِقُّ ٱلْهَلَاكَ

      لوقا ١٣:‏​١-‏٢١

      • مَأْسَاتَانِ يُعَلِّمُ يَسُوعُ مِنْ خِلَالِهِمَا دَرْسًا مُهِمًّا

      • اِمْرَأَةٌ تُشْفَى مِنْ إِعَاقَتِهَا فِي ٱلسَّبْتِ

      لَمْ يُوَفِّرْ يَسُوعُ جُهْدًا فِي حَفْزِ ٱلنَّاسِ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ فِي عَلَاقَتِهِمْ بِٱللّٰهِ.‏ وَتَسْنَحُ لَهُ فُرْصَةٌ أُخْرَى ٱلْآنَ أَثْنَاءَ حَدِيثِهِ مَعَ ٱلْجَمْعِ خَارِجَ بَيْتِ ٱلْفَرِّيسِيِّ.‏

      فَبَعْضُهُمْ يَأْتِي عَلَى ذِكْرِ مَأْسَاةِ «ٱلْجَلِيلِيِّينَ ٱلَّذِينَ مَزَجَ [ٱلْحَاكِمُ ٱلرُّومَانِيُّ بُنْطِيُوسُ] بِيلَاطُسُ دَمَهُمْ بِدَمِ ذَبَائِحِهِمْ».‏ (‏لوقا ١٣:‏١‏)‏ فَمَا رَأْيُهُمْ فِي ذٰلِكَ؟‏

      يُحْتَمَلُ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْجَلِيلِيِّينَ قُتِلُوا حِينَ ٱحْتَجَّ آلَافُ ٱلْيَهُودِ عَلَى ٱسْتِخْدَامِ بِيلَاطُسَ أَمْوَالًا مِنْ خِزَانَةِ ٱلْهَيْكَلِ،‏ رُبَّمَا أَخَذَهَا بِٱلتَّعَاوُنِ مَعَ ٱلْمَسْؤُولِينَ فِيهِ،‏ لِإِنْشَاءِ قَنَاةٍ تُوصِلُ ٱلْمَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ وَلَعَلَّ ٱلَّذِينَ يَسْرُدُونَ ٱلْحَادِثَةَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ٱلْجَلِيلِيِّينَ وَاجَهُوا هٰذَا ٱلْمَصِيرَ عِقَابًا عَلَى أَعْمَالِهِمِ ٱلشِّرِّيرَةِ.‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ لَا يُوَافِقُهُمُ ٱلرَّأْيَ.‏

      فَيَسْأَلُهُمْ:‏ «أَتَظُنُّونَ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلْجَلِيلِيِّينَ لِأَنَّهُمْ عَانَوْا ذٰلِكَ؟‏».‏ وَبَعْدَمَا يَرُدُّ بِٱلنَّفْيِ،‏ يَسْتَغِلُّ ٱلْحَادِثَةَ لِيُحَذِّرَ ٱلْيَهُودَ قَائِلًا:‏ «إِنْ لَمْ تَتُوبُوا،‏ فَكُلُّكُمْ كَذٰلِكَ سَتَهْلِكُونَ».‏ (‏لوقا ١٣:‏​٢،‏ ٣‏)‏ ثُمَّ يَسْتَشْهِدُ بِمَأْسَاةٍ أُخْرَى رُبَّمَا حَصَلَتْ مُؤَخَّرًا خِلَالَ تَشْيِيدِ تِلْكَ ٱلْقَنَاةِ.‏

      يَقُولُ:‏ «أُولٰئِكَ ٱلثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ٱلَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمِ ٱلْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ فَقَتَلَهُمْ،‏ أَتَظُنُّونَ أَنَّهُمْ كَانُوا مَدْيُونِينَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلنَّاسِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟‏».‏ (‏لوقا ١٣:‏٤‏)‏ فَقَدْ يَظُنُّ ٱلْجَمْعُ أَنَّ هٰؤُلَاءِ مَاتُوا لِأَنَّهُمُ ٱرْتَكَبُوا شُرُورًا.‏ غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ يُخَالِفُهُمُ ٱلرَّأْيَ مُجَدَّدًا.‏ فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ «ٱلْوَقْتَ وَٱلْحَوَادِثَ غَيْرَ ٱلْمُتَوَقَّعَةِ» وَارِدَةٌ،‏ وَإِلَيْهَا أَيْضًا تُعْزَى هٰذِهِ ٱلْمَأْسَاةُ عَلَى ٱلْأَغْلَبِ.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ وَلٰكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ ٱلنَّاسُ دَرْسًا مِنْ هٰذَا ٱلْحَدَثِ.‏ يُخْبِرُهُمْ يَسُوعُ:‏ «إِنْ لَمْ تَتُوبُوا،‏ فَسَتَهْلِكُونَ كُلُّكُمْ مِثْلَهُمْ».‏ (‏لوقا ١٣:‏٥‏)‏ فَلِمَ يُشَدِّدُ عَلَى هٰذَا ٱلدَّرْسِ ٱلْآنَ؟‏

      غصن شجرة تين مورق لكنه دون ثمر

      لِأَنَّهُ قَطَعَ شَوْطًا كَبِيرًا فِي خِدْمَتِهِ وَٱلتَّجَاوُبُ مَعَ رِسَالَتِهِ ضَعِيفٌ نِسْبِيًّا.‏ وَيُوضِحُ ذٰلِكَ بِٱلْمَثَلِ ٱلتَّالِي:‏ «كَانَ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ،‏ فَجَاءَ يَطْلُبُ ثَمَرًا عَلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ.‏ فَقَالَ لِلْكَرَّامِ:‏ ‹هَا إِنَّ لِي ثَلَاثَ سِنِينَ آتِي وَأَطْلُبُ ثَمَرًا عَلَى شَجَرَةِ ٱلتِّينِ هٰذِهِ فَلَا أَجِدُ.‏ اِقْطَعْهَا!‏ لِمَاذَا تُعَطِّلُ ٱلْأَرْضَ؟‏›.‏ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ:‏ ‹يَا سَيِّدُ،‏ ٱتْرُكْهَا هٰذِهِ ٱلسَّنَةَ أَيْضًا،‏ حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلًا.‏ فَإِنْ أَنْتَجَتْ ثَمَرًا فِي مَا بَعْدُ،‏ فَذٰلِكَ حَسَنٌ،‏ وَإِلَّا فَتَقْطَعُهَا›».‏ —‏ لوقا ١٣:‏​٦-‏٩‏.‏

      فَعَلَى مَرِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ،‏ سَعَى يَسُوعُ لِغَرْسِ ٱلْإِيمَانِ فِي قُلُوبِ ٱلْيَهُودِ.‏ غَيْرَ أَنَّ خِدْمَتَهُ ٱلدَّؤُوبَةَ لَمْ تَأْتِ بِثَمَرٍ كَثِيرٍ،‏ إِذْ إِنَّ قَلِيلِينَ نِسْبِيًّا بَاتُوا مِنْ تَلَامِيذِهِ‏.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ يُكَثِّفُ جُهُودَهُ ٱلْآنَ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ مِنْ خِدْمَتِهِ،‏ كَمَا لَوْ أَنَّهُ يَحْفِرُ حَوْلَ شَجَرَةِ ٱلتِّينِ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَيُغَذِّيهَا بِٱلسَّمَادِ عَبْرَ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلتَّعْلِيمِ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ وَبِيرْيَا.‏ وَهَلْ مِنْ ثَمَرٍ؟‏ مُجَرَّدُ عَدَدٍ صَغِيرٍ مِنَ ٱلْيَهُودِ يَتَجَاوَبُونَ.‏ فَٱلْأُمَّةُ عُمُومًا تَأْبَى أَنْ تَتُوبَ وَبِٱلتَّالِي تَسْتَحِقُّ ٱلْهَلَاكَ.‏

      وَهٰذَا ٱلْإِمْعَانُ فِي ٱلْعِنَادِ مِنْ قِبَلِ ٱلْأَغْلَبِيَّةِ سُرْعَانَ مَا يَتَجَلَّى مُجَدَّدًا فِي ٱلسَّبْتِ.‏ فَفِيمَا يُعَلِّمُ فِي أَحَدِ ٱلْمَجَامِعِ،‏ يَرَى ٱمْرَأَةً مُنْحَنِيَةً مُنْذُ ١٨ سَنَةً بِفِعْلِ شَيْطَانٍ.‏ فَيَرْأَفُ بِهَا وَيَقُولُ لَهَا:‏ «يَا ٱمْرَأَةُ،‏ أَنْتِ فِي حِلٍّ مِنْ مَرَضِكِ».‏ (‏لوقا ١٣:‏١٢‏)‏ ثُمَّ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهَا،‏ فَتَسْتَقِيمُ فِي ٱلْحَالِ وَتَرُوحُ تُمَجِّدُ ٱللّٰهَ.‏

      رجل اسرائيلي يمضي بثوره من المربط

      وَإِذَا بِرَئِيسِ ٱلْمَجْمَعِ يَقُولُ مُمْتَعِضًا:‏ «هُنَاكَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي ٱلْعَمَلُ فِيهَا،‏ فَفِي هٰذِهِ تَعَالَوْا وَٱبْرَأُوا،‏ لَا فِي يَوْمِ ٱلسَّبْتِ».‏ (‏لوقا ١٣:‏١٤‏)‏ فَهُوَ لَا يُنْكِرُ قُدْرَةَ يَسُوعَ عَلَى ٱلشِّفَاءِ،‏ بَلْ يَسْتَنْكِرُ مَجِيءَ ٱلنَّاسِ لِهٰذِهِ ٱلْغَايَةِ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ.‏ فَيَرُدُّ يَسُوعُ بِحُجَّةٍ دَامِغَةٍ:‏ «يَا مُرَاؤُونَ،‏ أَلَا يَفُكُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ ٱلْمَرْبِطِ وَيَمْضِي بِهِ لِيَسْقِيَهُ؟‏ فَهٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي هِيَ ٱبْنَةٌ لِإِبْرَاهِيمَ وَقَدْ قَيَّدَهَا ٱلشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً،‏ أَمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ تُحَلَّ مِنْ هٰذَا ٱلْقَيْدِ فِي يَوْمِ ٱلسَّبْتِ؟‏».‏ —‏ لوقا ١٣:‏​١٥،‏ ١٦‏.‏

      إِذَّاكَ يَشْعُرُ مُعَارِضُوهُ بِٱلْخِزْيِ،‏ أَمَّا ٱلْجُمُوعُ فَتَفْرَحُ بِٱلْأُمُورِ ٱلْمَجِيدَةِ ٱلَّتِي يَفْعَلُهَا.‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ يُكَرِّرُ هُنَا فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ مَثَلَيْنِ نَبَوِيَّيْنِ عَنِ ٱلْمَلَكُوتِ قَالَهُمَا مِنْ عَلَى مَرْكَبٍ عِنْدَ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ.‏ —‏ متى ١٣:‏​٣١-‏٣٣؛‏ لوقا ١٣:‏​١٨-‏٢١‏.‏

  • الحظائر والراعي الفاضل
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • راعٍ فتح الباب وقطيع كبير من الخراف يدخل الحظيرة

      اَلْفَصْلُ ٨٠

      اَلْحَظَائِرُ وَٱلرَّاعِي ٱلْفَاضِلُ

      يوحنا ١٠:‏​١-‏٢١

      • يَسُوعُ يَتَحَدَّثُ عَنِ ٱلْحَظَائِرِ وَٱلرَّاعِي ٱلْفَاضِلِ

      يُوَاصِلُ يَسُوعُ ٱلتَّعْلِيمَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ وَيَتَطَرَّقُ ٱلْآنَ إِلَى صُورَةٍ بَيَانِيَّةٍ مَأْلُوفَةٍ لِسَامِعِيهِ:‏ اَلْخِرَافِ وَٱلْحَظِيرَةِ.‏ فَلَطَالَمَا شُبِّهَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱلَّذِينَ هُمْ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ بِقَطِيعٍ مِنَ ٱلْخِرَافِ.‏ فَلَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ كَلِمَاتِ دَاوُدَ:‏ ‏«‏يَهْوَهُ رَاعِيَّ،‏ فَلَا يُعْوِزُنِي شَيْءٌ.‏ فِي مَرَاعٍ خَصِيبَةٍ يُرْبِضُنِي».‏ (‏مزمور ٢٣:‏​١،‏ ٢‏)‏ كَذٰلِكَ مَا حَضَّ عَلَيْهِ فِي مَزْمُورٍ آخَرَ،‏ قَائِلًا:‏ «هَلُمَّ .‏ .‏ .‏ نَجْثُو أَمَامَ يَهْوَهَ صَانِعِنَا.‏ لِأَنَّهُ هُوَ إِلٰهُنَا،‏ وَنَحْنُ شَعْبُ مَرْعَاهُ».‏ —‏ مزمور ٩٥:‏​٦،‏ ٧‏.‏

      إِنَّ هٰؤُلَاءِ «ٱلْخِرَافَ» هُمْ ضِمْنَ «حَظِيرَةٍ» مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ وُلِدُوا تَحْتَ عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ وَهٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةُ كَانَتْ بِمَثَابَةِ سِيَاجٍ يَقِيهِمْ مِنْ رَذَائِلِ ٱلْأُمَمِ غَيْرِ ٱلْخَاضِعَةِ لِهٰذَا ٱلتَّرْتِيبِ.‏ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَسَاءُوا مُعَامَلَةَ رَعِيَّةِ ٱللّٰهِ.‏ يَذْكُرُ يَسُوعُ:‏ «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ إِنَّ ٱلَّذِي لَا يَدْخُلُ حَظِيرَةَ ٱلْخِرَافِ مِنَ ٱلْبَابِ،‏ بَلْ يَصْعَدُ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ،‏ فَذَاكَ سَارِقٌ وَنَاهِبٌ.‏ وَأَمَّا ٱلَّذِي يَدْخُلُ مِنَ ٱلْبَابِ فَهُوَ رَاعِي ٱلْخِرَافِ».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​١،‏ ٢‏.‏

      رُبَّمَا تُذَكِّرُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلسَّامِعِينَ بِٱلدَّجَّالِينَ ٱلَّذِينَ ٱدَّعَوْا أَنَّهُمُ ٱلْمَسِيَّا،‏ أَوِ ٱلْمَسِيحُ.‏ فَهٰؤُلَاءِ أَشْبَهُ بِٱلسَّارِقِينَ وَٱلنَّاهِبِينَ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَتْبَعَهُمُ ٱلنَّاسُ،‏ بَلْ يَتْبَعُوا «رَاعِيَ ٱلْخِرَافِ» ٱلَّذِي يَقُولُ عَنْهُ يَسُوعُ:‏

      ‏«لَهُ يَفْتَحُ ٱلْبَوَّابُ،‏ وَٱلْخِرَافُ تَسْمَعُ صَوْتَهُ،‏ فَيَدْعُو خِرَافَهُ ٱلْخَاصَّةَ بِأَسْمَائِهَا وَيُخْرِجُهَا.‏ وَمَتَى أَخْرَجَ كُلَّ خِرَافِهِ،‏ يَذْهَبُ أَمَامَهَا،‏ فَتَتْبَعُهُ لِأَنَّهَا تَعْرِفُ صَوْتَهُ.‏ أَمَّا ٱلْغَرِيبُ فَلَا تَتْبَعُهُ أَبَدًا،‏ بَلْ تَهْرُبُ مِنْهُ،‏ لِأَنَّهَا لَا تَعْرِفُ صَوْتَ ٱلْغُرَبَاءِ».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​٣-‏٥‏.‏

      فِي وَقْتٍ أَبْكَرَ،‏ أَدَّى يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ دَوْرَ ٱلْبَوَّابِ حِينَ عَرَّفَ بِيَسُوعَ أَنَّهُ ٱلرَّاعِي ٱلَّذِي يَجِبُ أَنْ تَتْبَعَهُ «ٱلْخِرَافُ» ٱلْخَاضِعَةُ لِلشَّرِيعَةِ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ فَإِنَّ عَدَدًا مِنْ هٰذِهِ ٱلْخِرَافِ،‏ فِي ٱلْجَلِيلِ وَكَذٰلِكَ هُنَا فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ،‏ مَيَّزَتْ صَوْتَ يَسُوعَ.‏ فَإِلَى أَيْنَ «يُخْرِجُهَا»؟‏ وَمَاذَا يَحِلُّ بِهَا حِينَ تَتْبَعُهُ؟‏ لَعَلَّ ٱلْحَيْرَةَ تَأْخُذُ بَعْضَ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ إِلَى هٰذَا ٱلْمَثَلِ لِأَنَّهُمْ «لَمْ يَعْرِفُوا مَعْنَى مَا كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏٦‏.‏

      لِذَا يُفَسِّرُ لَهُمْ:‏ «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ أَنَا بَابُ ٱلْخِرَافِ.‏ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ أَتَوْا لِيَكُونُوا مَكَانِي هُمْ سَارِقُونَ وَنَاهِبُونَ،‏ وَلٰكِنَّ ٱلْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.‏ أَنَا هُوَ ٱلْبَابُ.‏ مَنْ يَدْخُلُ مِنِّي يَخْلُصُ،‏ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​٧-‏٩‏.‏

      يَعْرِفُ ٱلسَّامِعُونَ أَنَّ يَسُوعَ لَيْسَ ٱلْبَابَ إِلَى عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّذِي مَضَتْ عَلَيْهِ قُرُونٌ.‏ فَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلْخِرَافَ ٱلَّتِي «يُخْرِجُهَا» سَتَدْخُلُ حَظِيرَةً أُخْرَى جَدِيدَةً.‏ وَمَاذَا سَيُعْطِيهَا؟‏

      يَذْكُرُ مُلْقِيًا ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلضَّوْءِ عَلَى دَوْرِهِ:‏ «أَنَا أَتَيْتُ لِتَكُونَ لِلْخِرَافِ حَيَاةٌ وَلِتَكُونَ لَهُمْ بِوَفْرَةٍ.‏ أَنَا هُوَ ٱلرَّاعِي ٱلْفَاضِلُ،‏ وَٱلرَّاعِي ٱلْفَاضِلُ يَبْذُلُ نَفْسَهُ عَنِ ٱلْخِرَافِ».‏ (‏يوحنا ١٠:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ وَكَانَ قَدْ طَمْأَنَ تَلَامِيذَهُ سَابِقًا بِٱلْقَوْلِ:‏ «لَا تَخَفْ أَيُّهَا ٱلْقَطِيعُ ٱلصَّغِيرُ،‏ لِأَنَّ أَبَاكُمْ رَضِيَ أَنْ يُعْطِيَكُمُ ٱلْمَلَكُوتَ».‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢‏)‏ فَيَسُوعُ سَيَقْتَادُ ٱلَّذِينَ يُؤَلِّفُونَ «ٱلْقَطِيعَ ٱلصَّغِيرَ» إِلَى حَظِيرَةٍ جَدِيدَةٍ ‹لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَبِوَفْرَةٍ›.‏ فَمَا أَعْظَمَ ٱلْبَرَكَةَ ٱلَّتِي يَحْظَوْنَ بِهَا!‏

      وَلٰكِنْ فِي جَعْبَةِ يَسُوعَ ٱلْمَزِيدُ بَعْدُ.‏ يُخْبِرُ:‏ «لِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَظِيرَةِ،‏ لَا بُدَّ لِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا،‏ فَتَسْمَعُ صَوْتِي،‏ فَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ،‏ وَرَاعٍ وَاحِدٌ».‏ (‏يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏ بِمَا أَنَّ ‹ٱلْخِرَافَ ٱلْأُخَرَ› لَيْسَتْ «مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَظِيرَةِ»،‏ أَيْ مِنَ «ٱلْقَطِيعِ ٱلصَّغِيرِ» ٱلَّذِي سَيَرِثُ ٱلْمَلَكُوتَ،‏ فَهِيَ إِذًا مِنْ حَظِيرَةٍ أُخْرَى.‏ وَمَعَ أَنَّ رَجَاءَ ٱلْخِرَافِ فِي هَاتَيْنِ ٱلْحَظِيرَتَيْنِ مُخْتَلِفٌ،‏ تَسْتَفِيدُ جَمِيعُهَا مِنْ دَوْرِ يَسُوعَ ٱلَّذِي يَذْكُرُ:‏ «لِهٰذَا يُحِبُّنِي ٱلْآبُ،‏ لِأَنِّي أَبْذُلُ نَفْسِي».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏١٧‏.‏

      عِنْدَئِذٍ يَقُولُ كَثِيرُونَ بَيْنَ ٱلْجَمْعِ:‏ «بِهِ شَيْطَانٌ وَهُوَ مَجْنُونٌ»،‏ فِي حِينِ يُظْهِرُ آخَرُونَ أَنَّهُمْ يُصْغُونَ بِٱهْتِمَامٍ وَيَرْغَبُونَ فِي ٱتِّبَاعِ ٱلرَّاعِي ٱلْفَاضِلِ.‏ فَيُعَبِّرُونَ:‏ «لَيْسَ هٰذَا كَلَامَ مَنْ بِهِ شَيْطَانٌ.‏ أَيَسْتَطِيعُ شَيْطَانٌ أَنْ يَفْتَحَ أَعْيُنَ ٱلْعُمْيَانِ؟‏».‏ (‏يوحنا ١٠:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ وَهُمْ يُشِيرُونَ كَمَا يَتَّضِحُ إِلَى ٱلرَّجُلِ ٱلْأَعْمَى بِٱلْوِلَادَةِ ٱلَّذِي شَفَاهُ يَسُوعُ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ.‏

  • ‏«انا والآب واحد»؟‏
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يهود يلتقطون حجارة لرجم يسوع ويحاولون القبض عليه لكنه يفلت منهم

      اَلْفَصْلُ ٨١

      ‏«أَنَا وَٱلْآبُ وَاحِدٌ»؟‏

      يوحنا ١٠:‏​٢٢-‏٤٢

      • «أَنَا وَٱلْآبُ وَاحِدٌ»‏

      • يَسُوعُ يَدْحَضُ ٱلتُّهْمَةَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلّٰهِ

      يَحْضُرُ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنْ أَجْلِ ٱلِٱحْتِفَالِ بِعِيدِ ٱلتَّكْرِيسِ (‏أَوْ حَانُوكَاه)‏ ٱلَّذِي يُحْيِي ذِكْرَى إِعَادَةِ تَكْرِيسِ ٱلْهَيْكَلِ.‏ فَقَبْلَ مَا يَزِيدُ عَنْ قَرْنٍ،‏ عَمَدَ ٱلْمَلِكُ ٱلسُّورِيُّ أَنْطْيُوخُوسُ ٱلرَّابِعُ أَبِيفَانُوسُ إِلَى بِنَاءِ مَذْبَحٍ وَثَنِيٍّ فَوْقَ ٱلْمَذْبَحِ ٱلْعَظِيمِ فِي هَيْكَلِ ٱللّٰهِ.‏ وَلٰكِنْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ ٱسْتَعَادَ أَبْنَاءُ كَاهِنٍ يَهُودِيٍّ ٱلسَّيْطَرَةَ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَأَعَادُوا تَكْرِيسَ ٱلْهَيْكَلِ لِيَهْوَهَ.‏ وَمُذَّاكَ يُقِيمُ ٱلْيَهُودُ ٱحْتِفَالًا سَنَوِيًّا فِي ٢٥ كِسْلُو،‏ ٱلشَّهْرِ ٱلْمُوَافِقِ لِأَوَاخِرِ تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (‏نُوفَمْبِر)‏ وَأَوَائِلِ كَانُونَ ٱلْأَوَّلِ (‏دِيسَمْبِر)‏.‏

      إِنَّهُ فَصْلُ ٱلشِّتَاءِ،‏ وَيَسُوعُ يَتَمَشَّى فِي ٱلْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ.‏ فَيُحِيطُ بِهِ ٱلْيَهُودُ وَيَسْأَلُونَهُ:‏ «إِلَى مَتَى تُبْقِي نُفُوسَنَا فِي حَيْرَةٍ؟‏ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ ٱلْمَسِيحَ،‏ فَقُلْ لَنَا صَرَاحَةً».‏ (‏يوحنا ١٠:‏​٢٢-‏٢٤‏)‏ فَيُجِيبُهُمْ:‏ «قُلْتُ لَكُمْ،‏ وَلٰكِنَّكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ».‏ لَمْ يَكْشِفْ لَهُمْ يَسُوعُ بِٱلْفَمِ ٱلْمَلْآنِ أَنَّهُ ٱلْمَسِيحُ،‏ مِثْلَمَا فَعَلَ مَعَ ٱلْمَرْأَةِ ٱلسَّامِرِيَّةِ عِنْدَ ٱلْبِئْرِ.‏ (‏يوحنا ٤:‏​٢٥،‏ ٢٦‏)‏ لٰكِنَّهُ أَخْبَرَهُمْ ضِمْنًا مَنْ هُوَ حِينَ ذَكَرَ:‏ «مِنْ قَبْلِ أَنْ وُجِدَ إِبْرَاهِيمُ كُنْتُ أَنَا».‏ —‏ يوحنا ٨:‏٥٨‏.‏

      فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتَنِعَ ٱلنَّاسُ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُ ٱلْمَسِيحُ بِمُقَارَنَةِ أَعْمَالِهِ بِمَا قَالَتِ ٱلنُّبُوَّاتُ أَنَّ ٱلْمَسِيحَ سَيُنْجِزُهُ.‏ وَلِهٰذَا ٱلسَّبَبِ عَيْنِهِ،‏ أَوْصَى تَلَامِيذَهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ أَلَّا يُخْبِرُوا أَحَدًا أَنَّهُ ٱلْمَسِيَّا.‏ غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ ٱلْآنَ لِهٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودِ ٱلْعِدَائِيِّينَ بِدُونِ لَفٍّ وَدَوَرَانٍ:‏ «اَلْأَعْمَالُ ٱلَّتِي أَعْمَلُهَا بِٱسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي.‏ وَلٰكِنَّكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​٢٥،‏ ٢٦‏.‏

      فَلِمَ لَا يُؤْمِنُونَ أَنَّهُ ٱلْمَسِيحُ؟‏ يُوضِحُ:‏ «[أَنْتُمْ] لَا تُؤْمِنُونَ،‏ لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي.‏ خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي،‏ وَأَنَا أَعْرِفُهَا وَهِيَ تَتْبَعُنِي.‏ وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً،‏ فَلَنْ تَهْلِكَ أَبَدًا،‏ وَلَنْ يَخْطَفَهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.‏ مَا أَعْطَانِي أَبِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ سَائِرِ ٱلْأَشْيَاءِ».‏ ثُمَّ يُبْرِزُ كَمْ حَمِيمَةٌ عَلَاقَتُهُ بِأَبِيهِ قَائِلًا:‏ «أَنَا وَٱلْآبُ وَاحِدٌ».‏ (‏يوحنا ١٠:‏​٢٦-‏٣٠‏)‏ وَلٰكِنْ بِمَا أَنَّهُ هُنَا عَلَى ٱلْأَرْضِ وَأَبَاهُ فِي ٱلسَّمَاءِ،‏ فَهُوَ حَتْمًا لَا يَعْنِي أَنَّهُمَا وَاحِدٌ حَرْفِيًّا.‏ بَلْ هَدَفُهُمَا وَاحِدٌ؛‏ إِنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي رِبَاطٍ مَتِينٍ.‏

      يُثِيرُ كَلَامُهُ هٰذَا ثَائِرَةَ ٱلْيَهُودِ،‏ فَيَلْتَقِطُونَ مَرَّةً ثَانِيَةً حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ.‏ لٰكِنَّهُ لَا يَهَابُهُمْ قَائِلًا:‏ «أَرَيْتُكُمْ أَعْمَالًا حَسَنَةً كَثِيرَةً مِنْ عِنْدِ ٱلْآبِ.‏ فَلِأَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟‏».‏ فَيَرُدُّونَ:‏ «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لِأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ،‏ بَلْ لِأَجْلِ تَجْدِيفٍ،‏ لِأَنَّكَ .‏ .‏ .‏ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلٰهًا».‏ (‏يوحنا ١٠:‏​٣١-‏٣٣‏)‏ غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَدَّعِ قَطُّ أَنَّهُ إِلٰهٌ.‏ فَلِمَ يُوَجِّهُونَ إِلَيْهِ هٰذِهِ ٱلتُّهْمَةَ؟‏

      لِأَنَّهُ يَنْسُبُ إِلَى نَفْسِهِ سُلُطَاتٍ هِيَ بِرَأْيِهِمْ حُكْرٌ عَلَى ٱللّٰهِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ فِي سِيَاقِ حَدِيثِهِ عَنِ «ٱلْخِرَافِ»،‏ ذَكَرَ:‏ «أَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً».‏ وَهُوَ أَمْرٌ يَفُوقُ إِمْكَانَاتِ ٱلْبَشَرِ.‏ (‏يوحنا ١٠:‏٢٨‏)‏ إِلَّا أَنَّهُمْ يَتَنَاسَوْنَ ٱعْتِرَافَهُ ٱلصَّرِيحَ أَنَّ سُلْطَتَهُ هِيَ مِنَ ٱلْآبِ.‏

      فَيَسْأَلُهُمْ لِيَدْحَضَ هٰذِهِ ٱلتُّهْمَةَ ٱلْكَاذِبَةَ:‏ «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي شَرِيعَتِكُمْ [فِي ٱلْمَزْمُورِ ٨٢:‏٦‏]:‏ ‹أَنَا قُلْتُ:‏ «إِنَّكُمْ آلِهَةٌ»›؟‏ فَإِنْ دَعَا ‹آلِهَةً› أُولٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَارَتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ .‏ .‏ .‏ أَفَتَقُولُونَ لِي،‏ أَنَا ٱلَّذِي قَدَّسَنِي ٱلْآبُ وَأَرْسَلَنِي إِلَى ٱلْعَالَمِ:‏ ‹إِنَّكَ تُجَدِّفُ›،‏ لِأَنِّي قُلْتُ:‏ أَنَا ٱبْنُ ٱللّٰهِ؟‏».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​٣٤-‏٣٦‏.‏

      فَإِذَا كَانَتِ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تَدْعُو حَتَّى ٱلْقُضَاةَ ٱلْبَشَرَ ٱلظَّالِمِينَ «آلِهَةً»،‏ فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى يَسُوعُ؟‏!‏ كَيْفَ لَهُمْ أَنْ يَلُومُوهُ عَلَى قَوْلِهِ «أَنَا ٱبْنُ ٱللّٰهِ»؟‏!‏ يَذْكُرُ يَسُوعُ نُقْطَةً إِضَافِيَّةً لِيُقْنِعَهُمْ:‏ «إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي،‏ فَلَا تُؤْمِنُوا بِي.‏ وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُهَا،‏ وَلَوْ كُنْتُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِي،‏ فَآ‌مِنُوا بِٱلْأَعْمَالِ،‏ لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتَظَلُّوا عَارِفِينَ أَنَّ ٱلْآبَ هُوَ فِي ٱتِّحَادٍ بِي وَأَنَا فِي ٱتِّحَادٍ بِٱلْآبِ».‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​٣٧،‏ ٣٨‏.‏

      رَدًّا عَلَى ذٰلِكَ،‏ يُحَاوِلُ ٱلْيَهُودُ ٱلْقَبْضَ عَلَيْهِ.‏ لٰكِنَّهُ يَنْجَحُ مُجَدَّدًا فِي ٱلْإِفْلَاتِ مِنْ يَدِهِمْ.‏ فَيُغَادِرُ أُورُشَلِيمَ وَيَتَّجِهُ عَبْرَ نَهْرِ ٱلْأُرْدُنِّ إِلَى حَيْثُ شَرَعَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ قَبْلَ نَحْوِ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ،‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة