مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • سبعون تلميذا ينطلقون الى الكرازة
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • بعض المبشرين السبعين يخبرون يسوع بفرح عن حملتهم الكرازية

      اَلْفَصْلُ ٧٢

      سَبْعُونَ تِلْمِيذًا يَنْطَلِقُونَ إِلَى ٱلْكِرَازَةِ

      لوقا ١٠:‏​١-‏٢٤

      • يَسُوعُ يَخْتَارُ ٧٠ تِلْمِيذًا وَيُرْسِلُهُمْ لِيَكْرِزُوا

      تُشَارِفُ سَنَةُ ٣٢ ب‌م عَلَى نِهَايَتِهَا،‏ مُؤْذِنَةً بِٱنْقِضَاءِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا عَلَى مَعْمُودِيَّةِ يَسُوعَ.‏ لَقَدْ حَضَرَ هُوَ وَتَلَامِيذُهُ مُؤَخَّرًا عِيدَ ٱلْخِيَامِ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ وَلَا يَزَالُونَ فِي تِلْكَ ٱلنَّوَاحِي عَلَى ٱلْأَغْلَبِ.‏ (‏لوقا ١٠:‏٣٨؛‏ يوحنا ١١:‏١‏)‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ يَصْرِفُ يَسُوعُ مُعْظَمَ ٱلشُّهُورِ ٱلسِّتَّةِ ٱلْبَاقِيَةِ مِنْ خِدْمَتِهِ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ وَمِنْطَقَةِ بِيرْيَا عَبْرَ نَهْرِ ٱلْأُرْدُنِّ لِيُوفِيَ هٰذِهِ ٱلْمَنَاطِقَ حَقَّهَا مِنَ ٱلْبِشَارَةِ.‏

      فِي وَقْتٍ سَابِقٍ،‏ بَعْدَ فِصْحِ سَنَةِ ٣٠ ب‌م،‏ أَمْضَى يَسُوعُ بِضْعَةَ أَشْهُرٍ يَكْرِزُ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ وَغَادَرَهَا مُجْتَازًا بِٱلسَّامِرَةِ.‏ وَحِينَ قَصَدَ ٱلْيَهُودِيَّةَ مُجَدَّدًا لِلِٱحْتِفَالِ بِفِصْحِ سَنَةِ ٣١ ب‌م،‏ حَاوَلَ يَهُودٌ فِي أُورُشَلِيمَ قَتْلَهُ.‏ لِذَا طِيلَةَ ٱلسَّنَةِ وَٱلنِّصْفِ ٱلتَّالِيَةِ،‏ أَمْضَى مُعْظَمَ وَقْتِهِ يَكْرِزُ فِي ٱلْجَلِيلِ شَمَالًا حَيْثُ ٱنْضَمَّ إِلَيْهِ أَتْبَاعٌ كَثِيرُونَ.‏ كَمَا دَرَّبَ رُسُلَهُ هُنَاكَ وَأَوْصَاهُمْ:‏ «اِكْرِزُوا قَائِلِينَ:‏ ‹قَدِ ٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ ٱلسَّمٰوَاتِ‏›».‏ (‏متى ١٠:‏​٥-‏٧‏)‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَهُوَ بِصَدَدِ تَنْظِيمِ حَمْلَةٍ كِرَازِيَّةٍ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏

      وَلِلشُّرُوعِ فِي ٱلْحَمْلَةِ،‏ يَخْتَارُ ٧٠ تِلْمِيذًا وَيُرْسِلُهُمُ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ،‏ مُؤَلِّفًا ٣٥ فَرِيقًا مِنَ ٱلْمُبَشِّرِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ.‏ وَهُمْ سَيَكْرِزُونَ فِي مُقَاطَعَةٍ حَيْثُ «ٱلْحَصَادُ كَثِيرٌ،‏ وَلٰكِنَّ ٱلْعُمَّالَ قَلِيلُونَ».‏ (‏لوقا ١٠:‏٢‏)‏ وَسَيَسْبُقُونَ يَسُوعَ إِلَى أَمَاكِنَ يُخَطِّطُ لِزِيَارَتِهَا لَاحِقًا.‏ وَسَيَشْفُونَ ٱلْمَرْضَى وَيَنْشُرُونَ ٱلرِّسَالَةَ عَيْنَهَا ٱلَّتِي يُنَادِي بِهَا هُوَ.‏

      وَلٰكِنْ لَنْ يُرَكِّزَ ٱلتَّلَامِيذُ خِدْمَتَهُمْ فِي ٱلْمَجَامِعِ.‏ فَيَسُوعُ يَحُضُّهُمْ أَنْ يَزُورُوا ٱلنَّاسَ فِي بُيُوتِهِمْ،‏ قَائِلًا:‏ «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا فَقُولُوا أَوَّلًا:‏ ‹سَلَامٌ لِهٰذَا ٱلْبَيْتِ!‏›.‏ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ٱبْنُ سَلَامٍ،‏ يَحِلُّ سَلَامُكُمْ عَلَيْهِ».‏ وَمَا رِسَالَتُهُمْ؟‏ «قَدِ ٱقْتَرَبَ مِنْكُمْ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ».‏ —‏ لوقا ١٠:‏​٥-‏٩‏.‏

      إِنَّ ٱلتَّوْجِيهَاتِ وَٱلتَّحْذِيرَاتِ ٱلَّتِي يُعْطِيهَا يَسُوعُ لِلـ‍ ٧٠ شَبِيهَةٌ بِٱلَّتِي أَعْطَاهَا لِلرُّسُلِ ٱلِـ‍ ١٢ قَبْلَ نَحْوِ سَنَةٍ.‏ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ لَنْ يُقَابَلُوا دَوْمًا بِٱلتَّرْحَابِ.‏ غَيْرَ أَنَّ جُهُودَهُمْ سَتُعِدُّ أَصْحَابَ ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ وَتُشَوِّقُهُمْ إِلَى لِقَاءِ ٱلسَّيِّدِ،‏ يَسُوعَ،‏ وَٱلتَّعَلُّمِ مِنْهُ حِينَ يَأْتِي بُعَيْدَ ذٰلِكَ.‏

      سُرْعَانَ مَا يَعُودُ ٱلْمُبَشِّرُونَ بِٱلْمَلَكُوتِ ٱلـ‍ ٧٠ إِلَى يَسُوعَ وَفِي جَعْبَتِهِمْ أَخْبَارٌ سَارَّةٌ،‏ قَائِلِينَ:‏ «يَا رَبُّ،‏ حَتَّى ٱلشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِٱسْمِكَ».‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَفْرَحُ بِهٰذَا ٱلتَّقْرِيرِ ٱلرَّائِعِ،‏ إِذْ يُجِيبُ:‏ «اِبْتَدَأْتُ أَرَى ٱلشَّيْطَانَ وَقَدْ سَقَطَ مِثْلَ ٱلْبَرْقِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ.‏ هَا أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ ٱلسُّلْطَةَ لِتَدُوسُوا ٱلْحَيَّاتِ وَٱلْعَقَارِبَ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ».‏ —‏ لوقا ١٠:‏​١٧-‏١٩‏.‏

      فَهُوَ يُؤَكِّدُ لِأَتْبَاعِهِ أَنَّهُمْ سَيَدُوسُونَ مَجَازِيًّا ٱلْحَيَّاتِ وَٱلْعَقَارِبَ،‏ أَيْ سَيَتَغَلَّبُونَ عَلَى مَا قَدْ يُؤْذِيهِمْ.‏ وَيُؤَكِّدُ لَهُمْ أَيْضًا سُقُوطَ ٱلشَّيْطَانِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ هٰذَا وَيُسَاعِدُهُمْ أَنْ يُمَيِّزُوا مَا ٱلْمُهِمُّ حَقًّا فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ،‏ مُوضِحًا:‏ «لَا تَفْرَحُوا بِهٰذَا،‏ أَنَّ ٱلْأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ،‏ بَلِ ٱفْرَحُوا لِأَنَّ أَسْمَاءَكُمْ قَدْ كُتِبَتْ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ».‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢٠‏.‏

      بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ يَتَهَلَّلُ يَسُوعُ وَيُسَبِّحُ أَبَاهُ عَلَانِيَةً لِأَنَّهُ يَسْتَخْدِمُ هٰؤُلَاءِ ٱلْخُدَّامَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ فِي إِنْجَازِ أَعْمَالٍ جَبَّارَةٍ.‏ ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ وَيُخْبِرُهُمْ:‏ «سَعِيدَةٌ هِيَ ٱلْعُيُونُ ٱلَّتِي تُبْصِرُ مَا تُبْصِرُونَ.‏ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ:‏ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَٱلْمُلُوكِ رَغِبُوا أَنْ يَرَوْا مَا تُبْصِرُونَ وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا،‏ وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُونَ وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا».‏ —‏ لوقا ١٠:‏​٢٣،‏ ٢٤‏.‏

  • السامري المحب لقريبه
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • سامري يقترب من رجل جريح بعدما اجتاز كاهن ولاوي في الجانب المقابل من الطريق

      اَلْفَصْلُ ٧٣

      اَلسَّامِرِيُّ ٱلْمُحِبُّ لِقَرِيبِهِ

      لوقا ١٠:‏​٢٥-‏٣٧

      • اَلسَّبِيلُ إِلَى نَيْلِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ

      • سَامِرِيٌّ يُبَرْهِنُ أَنَّهُ قَرِيبٌ مُحِبٌّ

      بَيْنَمَا لَا يَزَالُ يَسُوعُ قُرْبَ أُورُشَلِيمَ،‏ يَأْتِي إِلَيْهِ عَدَدٌ مِنَ ٱلْيَهُودِ،‏ بَعْضُهُمْ لِيَتَعَلَّمُوا مِنْهُ وَآخَرُونَ لِيَمْتَحِنُوهُ.‏ فَيَسْأَلُهُ أَحَدُهُمْ وَهُوَ وَاسِعُ ٱلِٱطِّلَاعِ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ مَاذَا أَفْعَلُ لِأَرِثَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ؟‏».‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢٥‏.‏

      يَسْتَشِفُّ يَسُوعُ أَنَّ وَرَاءَ سُؤَالِهِ نِيَّةً مُبَيَّتَةً.‏ فَلَرُبَّمَا يَقْصِدُ جَرَّهُ إِلَى إِعْطَاءِ جَوَابٍ يُغِيظُ ٱلْيَهُودَ.‏ وَيُدْرِكُ أَيْضًا أَنَّ لَدَى ٱلرَّجُلِ رَأْيًا مُسْبَقًا فِي ٱلْمَوْضُوعِ.‏ فَيُجِيبُهُ بِحِكْمَةٍ،‏ مُحَاوِلًا حَفْزَهُ أَنْ يُفْصِحَ هُوَ عَنْ رَأْيِهِ.‏

      فَيَسْأَلُهُ يَسُوعُ:‏ «مَا ٱلْمَكْتُوبُ فِي ٱلشَّرِيعَةِ؟‏ كَيْفَ تَقْرَأُ؟‏».‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلرَّجُلَ مُتَبَحِّرٌ فِي شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ،‏ يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا فِي جَوَابِهِ وَيَقْتَبِسُ مِنَ ٱلتَّثْنِيَةِ ٦:‏٥ وَٱللَّاوِيِّينَ ١٩:‏​١٨‏،‏ قَائِلًا:‏ «‹تُحِبُّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ وَبِكُلِّ عَقْلِكَ›،‏ وَ ‹قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ›».‏ (‏لوقا ١٠:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ فَهَلْ إِجَابَتُهُ صَحِيحَةٌ؟‏

      يُخْبِرُهُ يَسُوعُ:‏ «أَجَبْتَ بِٱلصَّوَابِ.‏ ‹اِسْتَمِرَّ فِي فِعْلِ ذٰلِكَ فَتَحْيَا›».‏ لٰكِنَّ ٱلرَّجُلَ لَا يَكْتَفِي بِهٰذَا ٱلْقَدْرِ.‏ فَهُوَ لَا يَبْحَثُ بِصِدْقٍ عَنْ إِجَابَةٍ.‏ بَلْ يَسْعَى «أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ»،‏ أَيْ أَنْ يَنَالَ تَصْدِيقًا عَلَى صِحَّةِ آرَائِهِ وَيُجِيزَ بِٱلتَّالِي طَرِيقَتَهُ فِي مُعَامَلَةِ ٱلْغَيْرِ.‏ لِذَا يَسْأَلُ:‏ «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟‏».‏ (‏لوقا ١٠:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وَهٰذَا ٱلسُّؤَالُ عَلَى بَسَاطَتِهِ يَحْمِلُ ٱلْكَثِيرَ فِي طَيَّاتِهِ.‏ لِمَاذَا؟‏

      يَعْتَقِدُ ٱلْيَهُودُ أَنَّ ‹ٱلْقَرِيبَ› هُوَ فَقَطْ مَنْ يَحْفَظُ ٱلتَّقَالِيدَ ٱلْيَهُودِيَّةَ،‏ وَيَبْدُو لَهُمْ أَنَّ ٱللَّاوِيِّينَ ١٩:‏١٨ تُؤَيِّدُ هٰذِهِ ٱلْفِكْرَةَ.‏ حَتَّى إِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ مُخَالَطَةَ غَيْرِ ٱلْيَهُودِ ‹لَا تَحِلُّ لَهُمْ›.‏ (‏اعمال ١٠:‏٢٨‏)‏ وَعَلَيْهِ فَإِنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ،‏ وَرُبَّمَا بَعْضَ تَلَامِيذِ يَسُوعَ،‏ يَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَهُمْ أَبْرَارًا حِينَ يُحْسِنُونَ مُعَامَلَةَ رَفِيقِهِمِ ٱلْيَهُودِيِّ.‏ وَلَا يَجِدُونَ ضَيْرًا فِي إِسَاءَةِ مُعَامَلَةِ شَخْصٍ غَيْرِ يَهُودِيٍّ لِأَنَّهُ لَا يُصَنَّفُ ‹قَرِيبًا› لَهُمْ.‏

      فَكَيْفَ لِيَسُوعَ أَنْ يُصَحِّحَ هٰذِهِ ٱلنَّظْرَةَ ٱلْخَاطِئَةَ دُونَ أَنْ يَجْرَحَ مَشَاعِرَ ٱلرَّجُلِ وَٱلْيَهُودِ ٱلْآخَرِينَ؟‏ مِنْ خِلَالِ قِصَّةٍ هَادِفَةٍ.‏ يَرْوِي قَائِلًا:‏ «كَانَ إِنْسَانٌ نَازِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا،‏ فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ،‏ فَعَرَّوْهُ وَٱنْهَالُوا عَلَيْهِ ضَرْبًا،‏ ثُمَّ مَضَوْا وَقَدْ تَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيِّتٍ».‏ وَيُتَابِعُ:‏ «اِتَّفَقَ أَنَّ كَاهِنًا كَانَ نَازِلًا فِي تِلْكَ ٱلطَّرِيقِ،‏ وَلٰكِنَّهُ حِينَ رَآهُ،‏ ٱجْتَازَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْمُقَابِلِ.‏ وَكَذٰلِكَ لَاوِيٌّ أَيْضًا،‏ حِينَ وَصَلَ إِلَى ٱلْمَكَانِ وَرَآهُ،‏ ٱجْتَازَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْمُقَابِلِ.‏ إِلَّا أَنَّ سَامِرِيًّا مَارًّا فِي ٱلطَّرِيقِ أَتَى إِلَيْهِ،‏ وَلَمَّا رَآهُ،‏ أَشْفَقَ عَلَيْهِ».‏ —‏ لوقا ١٠:‏​٣٠-‏٣٣‏.‏

      لَا شَكَّ أَنَّ ٱلرَّجُلَ يَعْلَمُ أَنَّ ٱلْعَدِيدَ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ وَمُسَاعِدِيهِمِ ٱللَّاوِيِّينَ يَسْكُنُونَ فِي أَرِيحَا.‏ وَلِلْعَوْدَةِ إِلَيْهَا مِنَ ٱلْهَيْكَلِ،‏ يَنْزِلُونَ فِي طَرِيقٍ يَمْتَدُّ مَسَافَةَ ٢٣ كِيلُومِتْرًا تَقْرِيبًا.‏ وَهٰذَا ٱلطَّرِيقُ مَحْفُوفٌ بِٱلْمَخَاطِرِ يَكْمُنُ فِيهِ قُطَّاعُ ٱلطُّرُقِ لِلْمَارَّةِ.‏ لِذَا يُتَوَقَّعُ مِنْ أَيِّ كَاهِنٍ أَوْ لَاوِيٍّ يَجِدُ رَفِيقًا يَهُودِيًّا فِي مَأْزِقٍ عَلَى هٰذَا ٱلطَّرِيقِ أَنْ يَهُبَّ إِلَى نَجْدَتِهِ.‏ لٰكِنَّ أَيًّا مِنْهُمَا لَمْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فِي قِصَّةِ يَسُوعَ،‏ فِي حِينِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ ٱلسَّامِرِيِّينَ ٱلَّذِينَ يَحْتَقِرُهُمُ ٱلْيَهُودُ تَحَنَّنَ عَلَيْهِ.‏ —‏ يوحنا ٨:‏٤٨‏.‏

      وَكَيْفَ مَدَّ لَهُ ٱلسَّامِرِيُّ يَدَ ٱلْمُسَاعَدَةِ؟‏ يَمْضِي يَسُوعُ قَائِلًا:‏ «اِقْتَرَبَ مِنْهُ وَضَمَدَ جُرُوحَهُ،‏ سَاكِبًا عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا.‏ ثُمَّ أَرْكَبَهُ عَلَى بَهِيمَتِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ وَٱعْتَنَى بِهِ.‏ وَفِي ٱلْغَدِ،‏ أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ ٱلْفُنْدُقِ وَقَالَ:‏ ‹اِعْتَنِ بِهِ،‏ وَمَهْمَا تُنْفِقْ فَوْقَ هٰذَا،‏ فَأَنَا أُوفِيكَ عِنْدَ رُجُوعِي›».‏ —‏ لوقا ١٠:‏​٣٤،‏ ٣٥‏.‏

      بَعْدَ رِوَايَةِ هٰذِهِ ٱلْقِصَّةِ،‏ يَطْرَحُ ٱلْمُعَلِّمُ ٱلْبَارِعُ يَسُوعُ عَلَى ٱلرَّجُلِ سُؤَالًا يَحُثُّهُ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ:‏ «أَيُّ هٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةِ يَبْدُو لَكَ أَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ ٱللُّصُوصِ؟‏».‏ وَرُبَّمَا كَيْ يَتَفَادَى ٱلرَّجُلُ أَنْ يَقُولَ:‏ «اَلسَّامِرِيُّ»،‏ يُجِيبُ:‏ «اَلَّذِي عَامَلَهُ بِرَحْمَةٍ».‏ عِنْدَئِذٍ،‏ يُبْرِزُ يَسُوعُ ٱلْعِبْرَةَ مِنَ ٱلْقِصَّةِ قَائِلًا:‏ «اِذْهَبْ وَٱفْعَلْ أَنْتَ هٰكَذَا».‏ —‏ لوقا ١٠:‏​٣٦،‏ ٣٧‏.‏

      لَقَدِ ٱسْتَخْدَمَ يَسُوعُ أُسْلُوبًا تَعْلِيمِيًّا وَلَا أَرْوَعَ.‏ فَلَوْ أَجَابَ مُبَاشَرَةً أَنَّ ٱلْقَرِيبَ يَشْمُلُ غَيْرَ ٱلْيَهُودِ أَيْضًا،‏ لَمَا تَقَبَّلَ ٱلرَّجُلُ وَٱلْيَهُودُ ٱلْآخَرُونَ ٱلْفِكْرَةَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ.‏ لٰكِنَّهُ رَوَى قِصَّةً بَسِيطَةً تَفَاصِيلُهَا مَأْلُوفَةٌ لِسَامِعِيهِ،‏ فَٱتَّضَحَتْ إِجَابَةُ ٱلسُّؤَالِ «مَنْ هُوَ قَرِيبِي؟‏» بِشَكْلٍ لَا يَقْبَلُ ٱلْجَدَلَ.‏ فَٱلْقَرِيبُ ٱلْحَقِيقِيُّ هُوَ مَنْ يُظْهِرُ لِغَيْرِهِ ٱلْمَحَبَّةَ وَٱللُّطْفَ حَسْبَمَا تُوصِي ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ.‏

  • الضيافة والصلاة
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • مريم تجلس عند قدمي يسوع فيما هو يسدي مشورة الى مرثا

      اَلْفَصْلُ ٧٤

      اَلضِّيَافَةُ وَٱلصَّلَاةُ

      لوقا ١٠:‏٣٨–‏١١:‏١٣

      • يَسُوعُ يَزُورُ مَرْثَا وَمَرْيَمَ

      • أَهَمِّيَّةُ ٱلْمُثَابَرَةِ عَلَى ٱلصَّلَاةِ

      يَتَوَجَّهُ يَسُوعُ إِلَى قَرْيَةِ بَيْتَ عَنْيَا ٱلْوَاقِعَةِ عَلَى ٱلْمُنْحَدَرِ ٱلشَّرْقِيِّ لِجَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ،‏ عَلَى بُعْدِ نَحْوِ ٣ كِيلُومِتْرَاتٍ مِنْ أُورُشَلِيمَ.‏ (‏يوحنا ١١:‏١٨‏)‏ فَيَقْصِدُ بَيْتَ أَصْدِقَائِهِ لِعَازَرَ وَأُخْتَيْهِ مَرْثَا وَمَرْيَمَ ٱلَّذِينَ يَسْتَقْبِلُونَهُ بِتَرْحَابٍ كَبِيرٍ.‏

      إِنَّ ٱسْتِضَافَةَ ٱلْمَسِيَّا فِي بَيْتِهِمْ لَشَرَفٌ عَظِيمٌ.‏ لِذَا تَنْكَبُّ مَرْثَا عَلَى إِعْدَادِ وَلِيمَةٍ فَاخِرَةٍ ٱحْتِفَاءً بِهِ.‏ وَفِيمَا تَشْتَغِلُ هِيَ بِٱلطَّعَامِ،‏ تَجْلِسُ أُخْتُهَا مَرْيَمُ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ تَسْمَعُ لَهُ.‏ فَيَمُرُّ ٱلْوَقْتُ وَتَقُولُ لَهُ مَرْثَا:‏ «يَا رَبُّ،‏ أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟‏ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي».‏ —‏ لوقا ١٠:‏٤٠‏.‏

      غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ لَا يَنْتَقِدُ مَرْيَمَ،‏ بَلْ يُسْدِي مَشُورَةً إِلَى مَرْثَا لِأَنَّهَا مُهْتَمَّةٌ أَكْثَرَ مِنَ ٱللَّازِمِ بِٱلطَّعَامِ وَٱلتَّحْضِيرَاتِ.‏ يُخَاطِبُهَا قَائِلًا:‏ «مَرْثَا،‏ مَرْثَا،‏ أَنْتِ تَحْمِلِينَ هَمًّا وَتَضْطَرِبِينَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ‏.‏ وَإِنَّمَا ٱلْحَاجَةُ إِلَى قَلِيلٍ،‏ أَوْ إِلَى وَاحِدٍ.‏ فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ،‏ وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».‏ (‏لوقا ١٠:‏​٤١،‏ ٤٢‏)‏ وَقَصْدُهُ أَنْ لَا حَاجَةَ إِلَى صَرْفِ وَقْتٍ طَوِيلٍ فِي تَجْهِيزِ أَصْنَافٍ كَثِيرَةٍ.‏ فَوَجْبَةٌ بَسِيطَةٌ تَفِي بِٱلْغَرَضِ.‏

      وَلٰكِنْ مَا مِنْ شَكٍّ أَنَّ نَوَايَا مَرْثَا صَافِيَةٌ،‏ فَهِيَ تَسْعَى إِلَى ٱلْإِعْرَابِ عَنْ كَرَمِ ٱلضِّيَافَةِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱنْشِغَالَهَا ٱلْمُفْرِطَ بِإِعْدَادِ ٱلْمَائِدَةِ فَوَّتَ عَلَيْهَا سَمَاعَ إِرْشَادٍ قَيِّمٍ مِنِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ.‏ أَمَّا مَرْيَمُ فَٱتَّخَذَتْ خِيَارًا سَدِيدًا،‏ حَسْبَمَا يُوضِحُ يَسُوعُ،‏ خِيَارًا يَعُودُ عَلَيْهَا بِفَوَائِدَ أَبَدِيَّةٍ وَيُعَلِّمُنَا دَرْسًا قَيِّمًا لِلْغَايَةِ.‏

      فِي مُنَاسَبَةٍ أُخْرَى،‏ يُعْطِي يَسُوعُ دَرْسًا ثَانِيًا لَا يَقِلُّ عَنِ ٱلْأَوَّلِ أَهَمِّيَّةً.‏ يَطْلُبُ مِنْهُ أَحَدُ تَلَامِيذِهِ:‏ «يَا رَبُّ،‏ عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا عَلَّمَ يُوحَنَّا أَيْضًا تَلَامِيذَهُ».‏ (‏لوقا ١١:‏١‏)‏ لَقَدْ عَلَّمَ يَسُوعُ عَنِ ٱلصَّلَاةِ قَبْلَ نَحْوِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ.‏ (‏متى ٦:‏​٩-‏١٣‏)‏ وَلٰكِنْ لَعَلَّ هٰذَا ٱلتِّلْمِيذَ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا آنَذَاكَ.‏ فَيُكَرِّرُ يَسُوعُ ٱلنِّقَاطَ ٱلرَّئِيسِيَّةَ،‏ ثُمَّ يُزَوِّدُ مَثَلًا يُبْرِزُ أَهَمِّيَّةَ ٱللَّجَاجَةِ فِي ٱلصَّلَاةِ.‏

      يُخْبِرُ:‏ «مَنْ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ صَدِيقٌ فَيَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ وَيَقُولُ لَهُ:‏ ‹يَا صَدِيقُ،‏ أَقْرِضْنِي ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ،‏ لِأَنَّ صَدِيقًا لِي أَتَى إِلَيَّ مِنْ سَفَرٍ وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُقَدِّمُ لَهُ›،‏ فَيُجِيبُ ذَاكَ مِنَ ٱلدَّاخِلِ قَائِلًا:‏ ‹كُفَّ عَنْ إِزْعَاجِي!‏ فَٱلْبَابُ مُقْفَلٌ ٱلْآنَ،‏ وَصِغَارِي مَعِي فِي ٱلْفِرَاشِ،‏ فَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ وَأُعْطِيَكَ›؟‏ أَقُولُ لَكُمْ:‏ وَإِنْ كَانَ لَا يَقُومُ وَيُعْطِيهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ،‏ فَإِنَّهُ لِلَجَاجَتِهِ ٱلْجَرِيئَةِ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ».‏ —‏ لوقا ١١:‏​٥-‏٨‏.‏

      لَا يُلَمِّحُ يَسُوعُ أَنَّ يَهْوَهَ يَسُدُّ أُذُنَيْهِ عَنِ ٱلْتِمَاسَاتِ خُدَّامِهِ،‏ كَٱلصَّدِيقِ فِي ٱلْمَثَلِ.‏ وَلٰكِنْ إِنْ تَجَاوَبَ هٰذَا ٱلصَّدِيقُ وَلَوْ رَغْمًا عَنْهُ مَعَ لَجَاجَةِ صَدِيقِهِ،‏ فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى أَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ ٱلْمُحِبُّ يَسْتَجِيبُ ٱلتَّضَرُّعَاتِ ٱلصَّادِقَةَ ٱلَّتِي يَرْفَعُهَا خُدَّامُهُ ٱلْأَوْلِيَاءُ!‏ يُتَابِعُ يَسُوعُ:‏ «أَقُولُ لَكُمْ:‏ دَاوِمُوا عَلَى ٱلسُّؤَالِ تُعْطَوْا،‏ دَاوِمُوا عَلَى ٱلطَّلَبِ تَجِدُوا،‏ دَاوِمُوا عَلَى ٱلْقَرْعِ يُفْتَحْ لَكُمْ.‏ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَنَالُ،‏ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ،‏ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ».‏ —‏ لوقا ١١:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      ثُمَّ يُشَدِّدُ عَلَى ٱلْفِكْرَةِ بِإِظْهَارِ ٱلتَّبَايُنِ بَيْنَ أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ وَٱلْآبَاءِ ٱلْبَشَرِ،‏ قَائِلًا:‏ «أَيُّ أَبٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ٱبْنُهُ سَمَكَةً،‏ أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ ٱلسَّمَكَةِ؟‏ أَوْ إِذَا سَأَلَ أَيْضًا بَيْضَةً،‏ يُعْطِيهِ عَقْرَبًا؟‏ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ كَيْفَ تُعْطُونَ أَوْلَادَكُمْ عَطَايَا صَالِحَةً،‏ فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى ٱلْآبُ فِي ٱلسَّمَاءِ يُعْطِي رُوحًا قُدُسًا لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!‏».‏ (‏لوقا ١١:‏​١١-‏١٣‏)‏ فَيَا لَهُ مِنْ تَأْكِيدٍ رَائِعٍ أَنَّ أَبَانَا ٱلسَّمَاوِيَّ يُعِيرُنَا أُذُنًا صَاغِيَةً وَيُلَبِّي حَاجَاتِنَا!‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة