-
القدرة على الحماية — «اللّٰه لنا ملجأ»اقترب الى يهوه
-
-
الفصل ٧
القدرة على الحماية — «اللّٰه لنا ملجأ»
١، ٢ ايّ خطر كان الاسرائيليون معرَّضين له عند دخولهم منطقة سيناء سنة ١٥١٣ قم، وبأية كلمات طمأنهم يهوه؟
كان الاسرائيليون في خطر عند دخولهم منطقة سيناء في اوائل سنة ١٥١٣ قم. فأمامهم رحلة مخيفة، رحلة ‹في برية عظيمة رهيبة، حيث الحيات اللادغة والعقارب›. (تثنية ٨:١٥، الترجمة اليسوعية الجديدة) وكانوا سيواجهون خطر التعرض لهجمات تشنها امم معادية. لكن يهوه الههم هو مَن وضع شعبه في هذا الظرف الصعب. فهل كان قادرا على حمايتهم؟
٢ تفوَّه يهوه بكلمات مطمئنة للغاية، اذ قال: «قد رأيتم ما صنعتُ بالمصريين وكيف حملتكم على اجنحة العقبان وأتيت بكم الي». (خروج ١٩:٤، يج) ذكَّر يهوه شعبه بأنه خلّصهم من المصريين بحملهم على العقبان، اذا جاز التعبير، من اجل ايصالهم الى بَر الامان. ولكن توجد اسباب اخرى تجعل عبارة «اجنحة العقبان» ملائمة للاشارة الى الحماية الالهية.
٣ ماذا يجعل التعبير «اجنحة العقبان» ملائما لوصف الحماية الالهية؟
٣ لا يستخدم العُقاب جناحيه الكبيرين والقويين للتحليق عاليا فقط. ففي حر النهار، تفتح العُقاب الامّ جناحيها، اللذين قد تصل بسطتهما الى اكثر من مترين، فوق فراخها الضعيفة، وهكذا يشكّلان مظلة واقية تحمي الفراخ من الشمس المحرقة. وفي احيان اخرى تطوِّق الامّ صغارها بجناحيها لتحميها من الريح الباردة. فكما يحمي طائر العُقاب صغاره، هكذا حمى يهوه وحفظ امة اسرائيل الفتيّة. وخلال وجود شعبه في البرية، كانوا سينعمون بالحماية في ظل جناحيه القويين ما داموا امناء. (تثنية ٣٢:٩-١١؛ مزمور ٣٦:٧) ولكن هل من الصواب ان نتوقع حماية اللّٰه اليوم؟
الوعد بالحماية الالهية
٤، ٥ لماذا يمكننا ان نمتلك ثقة مطلقة بوعد اللّٰه بتوفير الحماية؟
٤ لا شك ان يهوه قادر على حماية خدامه. فهو «اللّٰه الكلي القدرة» — لقب يشير الى امتلاكه قدرة لا تُقهَر. (تكوين ١٧:١، عج) وكالموج الذي لا يمنعه شيء من التقدم، لا شيء يردع قدرة يهوه حين يستخدمها عمليا. وبما انه قادر على فعل ايّ شيء تستلزمه مشيئته، فقد نتساءل: ‹هل يشاء يهوه ان يستخدم قدرته لحماية شعبه؟›.
٥ الجواب هو بكلمة واحدة: نعم! فيهوه يؤكد لنا انه سيحمي شعبه. يقول المزمور ٤٦:١: «اللّٰه لنا ملجأ وقوة. عونا في الضيقات وُجد شديدا». وبما ان اللّٰه «لا يمكن ان يكذب»، يمكننا ان نمتلك ثقة مطلقة بوعده بتوفير الحماية. (تيطس ١:٢) فلنتأمل في بعض التشابيه الحية التي يستخدمها يهوه ليصف العناية والحماية اللتين يزودهما.
٦، ٧ (أ) اية حماية كان الراعي في ازمنة الكتاب المقدس يزوّدها لخرافه؟ (ب) ايّ ايضاح يستخدمه الكتاب المقدس لإظهار رغبة يهوه القلبية في حماية خرافه والاعتناء بها؟
٦ يهوه هو راعٍ، و «نحن شعبه وغنم مرعاه». (مزمور ٢٣:١؛ ١٠٠:٣) وقليلة هي الحيوانات التي تتميز بضعفها كالخراف الداجنة. فكان على الراعي في ازمنة الكتاب المقدس ان يتحلى بالشجاعة ليحمي خرافه من الاسُود والذئاب والدببة، وكذلك من اللصوص. (١ صموئيل ١٧:٣٤، ٣٥؛ يوحنا ١٠:١٢، ١٣) ولكن في بعض الاحيان كانت حماية الخراف تستلزم اظهار الحنان. مثلا، عندما تلد نعجة صغيرها بعيدا عن الحظيرة، كان الراعي المحب يحرس الامّ خلال تلك اللحظات الصعبة ثم يحمل الصغير الضعيف ويأخذه الى الحظيرة.
«في حضنه يحملها»
٧ يؤكد لنا يهوه، عندما يشبّه نفسه براعٍ، انه يملك رغبة قلبية في حمايتنا. (حزقيال ٣٤:١١-١٦) تذكَّر الكلمات التي تصف يهوه في اشعياء ٤٠:١١ والتي نوقشت في الفصل ٢ من هذا الكتاب: «كراعٍ يرعى قطيعه. بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها». فكيف يصل الحمل الى «حضن» الراعي، اي الى طيّات لباسه الفوقاني؟ ربما يقترب الحمل من الراعي ويلامس رجله. لكنَّ الراعي هو مَن ينحني ويمسك بالحمل ويضعه في حضنه آمنا مطمئنا. فما ارق هذا التشبيه الذي يعكس رغبة راعينا العظيم في حمايتنا وحفظنا!
٨ (أ) مَن يستفيد من وعد اللّٰه بالحماية، وكيف تُظهر الامثال ١٨:١٠ ذلك؟ (ب) ماذا يشمل الاحتماء باسم اللّٰه؟
٨ لكنَّ وعد اللّٰه بالحماية هو مشروط، اذ ان الذين يقتربون اليه هم وحدهم من يتمتعون بها. تذكر الامثال ١٨:١٠: «اسم الرب [«يهوه»، عج] برج حصين. يركض اليه الصدِّيق ويتمنع». في ازمنة الكتاب المقدس، كانت الابراج تُبنى احيانا في البرية ليلجأ اليها الشخص ويأمن من الخطر. ولكن كان على هذا الشخص الواقع في خطر ان يركض الى البرج ليجد الامان هناك. هكذا هو الامر ايضا عند الاحتماء باسم اللّٰه. ويشمل الاحتماء اكثر من مجرد ترديد اسم اللّٰه، اذ ان الاسم الالهي ليس تعويذة سحرية. فيلزمنا ان نعرف ونثق بحامل هذا الاسم ونعيش بحسب مقاييسه البارة. فيا لَلطف يهوه حين يؤكد لنا انه سيكون برج حماية لنا اذا التفتنا اليه وآمنّا به!
«الهنا . . . يستطيع ان ينجِّينا»
٩ ماذا يُظهر ان وعد يهوه بالحماية لم يكن مجرد كلام؟
٩ لم يكن وعد يهوه بالحماية مجرد كلام. ففي ازمنة الكتاب المقدس، اظهر بطرائق عجائبية انه يستطيع ان يحمي شعبه. فخلال تاريخ اسرائيل، غالبا ما كانت «يد» يهوه الجبارة رادعا للأعداء الاقوياء. (خروج ٧:٤) لكنَّ يهوه استخدم ايضا قدرته على الحماية من اجل الافراد.
١٠، ١١ ايّ مثالين في الكتاب المقدس يُظهران كيف استخدم يهوه قدرته على الحماية من اجل الافراد؟
١٠ عندما رفض ثلاثة شبان عبرانيون — شدرخ وميشخ وعبدنغو — السجود لتمثال الملك نبوخذنصر الذهبي، هدد الملك الحانق بإلقائهم في اتون نار متقدة. وبلهجة استهزائية قال نبوخذنصر، اقوى حاكم على الارض: «مَن هو الاله الذي ينقذكم من يديَّ». (دانيال ٣:١٥) اعرب الشبان الثلاثة عن ثقة تامة بأن الههم قادر على حمايتهم، دون الجزم بأنه سيستخدم قدرته لإنقاذهم. وهكذا اجابوا: «هوذا يوجد الهنا الذي نعبده يستطيع ان ينجِّينا». (دانيال ٣:١٧) نعم، فأتون النار لم يكن ليستعصي على الههم الكلي القدرة، حتى بعد احمائه سبعة اضعاف اكثر مما كان معتادا ان يُحمى. وقد حماهم الههم، حتى ان الملك أُجبر على الاعتراف: «ليس اله آخر يستطيع ان ينجِّي هكذا». — دانيال ٣:٢٩.
١١ كما اعرب يهوه عن قدرة لافتة للنظر على الحماية حين نقل حياة ابنه المولود الوحيد الى رحم العذراء اليهودية مريم. فقد قال ملاك لمريم انها ‹ستحبل في رحمها وتلد ابنا›. وأوضح الملاك: «روح قدس يأتي عليك، وقدرة العلي تظللك». (لوقا ١:٣١، ٣٥) لم يسبق قط لابن اللّٰه ان كان في وضع خطر الى هذا الحد كما يبدو. فهل كانت الخطية ونقص الامّ البشرية سيؤثران في الجنين؟ وهل كان الشيطان سيتمكن من ايذاء او قتل هذا الابن قبل ان يولد؟ مستحيل! فقد وضع يهوه ما يمكن تشبيهه بجدار واقٍ حول مريم كيلا يضرَّ شيء الجنين — لا نقص، ولا قوة مؤذية، ولا انسان قاتل، ولا ايّ شيطان — من لحظة الحمل فصاعدا. واستمر يهوه يحمي يسوع في صغره. (متى ٢:١-١٥) وحتى وقت اللّٰه المعين، ما كان شيء ليؤذي ابنه الحبيب.
١٢ لماذا قام يهوه عجائبيا بحماية بعض الافراد في ازمنة الكتاب المقدس؟
١٢ فلماذا حمى يهوه بعض الافراد بطريقة عجائبية؟ في حالات كثيرة كان يهوه يحمي افرادا ليضمن شيئا اهم بكثير: تحقُّق قصده. مثلا، كان بقاء الطفل يسوع حيا ضروريا لإتمام قصد اللّٰه الذي يُفيد في النهاية كل الجنس البشري. والامثلة الكثيرة للقدرة على الحماية هي جزء من الاسفار المقدسة الملهمة، التي كُتبت «لإرشادنا، حتى باحتمالنا وبالتعزية من الاسفار المقدسة يكون لنا رجاء». (روما ١٥:٤) نعم، تقوّي هذه الامثلة ايماننا باللّٰه الكلي القدرة. ولكن اية حماية يمكن ان نتوقعها من اللّٰه اليوم؟
ما لا تعنيه الحماية الالهية
١٣ هل يهوه ملزم بأن يصنع عجائب من اجلنا؟ اوضح.
١٣ لا يعني الوعد بالحماية الالهية ان يهوه ملزم بصنع عجائب من اجلنا. فاللّٰه لا يضمن لنا حياة خالية من المشاكل في هذا النظام القديم. وقد واجه كثيرون من خدام يهوه الامناء المشقات الشديدة، بما فيها الفقر والحرب والمرض والموت. وقال يسوع بصراحة لتلاميذه ان افرادا منهم قد يُقتلون بسبب ايمانهم. ولهذا السبب شدد يسوع على ضرورة الاحتمال الى النهاية. (متى ٢٤:٩، ١٣) كما انه اذا استخدم يهوه قدرته على الإنقاذ العجائبي في كل مرة، فقد يتذرع الشيطان بذلك ليعيِّر يهوه ويشك في اصالة تعبدُّنا للّٰه. — ايوب ١:٩، ١٠.
١٤ اية امثلة تُظهر ان يهوه لا يحمي دائما كل خدامه بطرائق متشابهة؟
١٤ حتى في ازمنة الكتاب المقدس، لم يستخدم يهوه قدرته على الحماية ليصون كل فرد من خدامه من الموت المبكر. مثلا، قتل هيرودس الرسولَ يعقوب نحو سنة ٤٤ بم، ولكن بُعيد ذلك أُنقذ بطرس «من يد هيرودس». (اعمال ١٢:١-١١) ويوحنا، اخو يعقوب، بقي حيا بعد موت بطرس ويعقوب كليهما. لذلك لا يمكن ان نتوقع من الهنا ان يحمي كل خدامه بطرائق متشابهة. كما ان «الوقت والعرَض» يلاقياننا كافة. (جامعة ٩:١١) فكيف يحمينا يهوه اليوم؟
يهوه يزود الحماية الجسدية
١٥، ١٦ (أ) ما هو الدليل على ان يهوه يزود الحماية الجسدية لعبّاده كمجموعة؟ (ب) لماذا يمكننا التيقن ان يهوه سيحمي خدامه الآن وخلال «الضيق العظيم»؟
١٥ تأمل اولا في مسألة الحماية الجسدية. فكعبّاد ليهوه، يمكننا توقع هذه الحماية كمجموعة، لأنه بدون هذه الحماية نقع فريسة سهلة للشيطان. فكِّر في هذا: لا شيء يُبهِج الشيطان، «حاكم هذا العالم»، اكثر من محو العبادة الحقة. (يوحنا ١٢:٣١؛ كشف ١٢:١٧) وقد حظرت بعض اقوى الحكومات على الارض عملنا الكرازي وحاولت القضاء علينا كليا. لكنَّ شعب يهوه بقوا ثابتين واستمروا يكرزون دون تراخٍ! فلماذا عجزت امم جبارة عن ايقاف نشاط هذا الفريق الصغير نسبيا من المسيحيين الذين يبدون ضعفاء؟ لأن يهوه حفظهم بجناحيه القويين! — مزمور ١٧:٧، ٨.
١٦ وماذا عن الحماية الجسدية خلال «الضيق العظيم» القادم؟ لا يلزم ان نخاف من تنفيذ احكام اللّٰه. فيهوه «يعرف . . . ان ينقذ المتعبدين له من المحنة، وأن يحفظ الأثمة ليوم الدينونة ليُقطَعوا». (كشف ٧:١٤؛ ٢ بطرس ٢:٩) وحتى ذلك الوقت، يمكننا دائما التيقن من امرين. اولا، لن يسمح يهوه ابدا بأن يُمحى خدامه الاولياء عن وجه الارض. وثانيا، سيكافئ المحافظين على الاستقامة بحياة ابدية في عالمه الجديد البار، حتى لو اقتضى الامر ان يقيمهم من الموت. وبالنسبة الى الذين يموتون، لا يوجد مكان اكثر امانا من ذاكرة اللّٰه. — يوحنا ٥:٢٨، ٢٩.
١٧ كيف يحفظنا يهوه بواسطة كلمته؟
١٧ حتى في هذه الايام، يحفظنا يهوه بواسطة ‹كلمته› الحية، التي لها القوة الدافعة لشفاء قلوب الناس وإصلاح حياتهم. (عبرانيين ٤:١٢) فبتطبيق المبادئ الموجودة فيها، يمكننا ان ننال الحماية من الاذى الجسدي في بعض المجالات. تقول اشعياء ٤٨:١٧: «انا الرب . . . معلمك لتنتفع». ولا يوجد شك في ان العيش بانسجام مع كلمة اللّٰه يمكن ان يحسّن صحتنا ويطيل عمرنا. مثلا، لأننا نطبق مشورة الكتاب المقدس التي تأمرنا بالامتناع عن العهارة وتطهير ذواتنا من الدنس، نتجنب الممارسات النجسة التي تدمر حياة كثيرين من الفجار. (اعمال ١٥:٢٩؛ ٢ كورنثوس ٧:١) فكم نحن شاكرون على الحماية التي تزودها كلمة اللّٰه!
يهوه يحمينا روحيا
١٨ اية حماية روحية يزودها يهوه لنا؟
١٨ الاهم هو ان يهوه يزودنا بالحماية الروحية. ويحمينا إلهنا المحب من الاذى الروحي بتجهيزنا بما نحتاج اليه لاحتمال المحن وصون علاقتنا به. وبهذه الطريقة يحفظ يهوه حياتنا، لا لسنوات قليلة معدودة بل الى الابد. تأمل في بعض التدابير الالهية التي يمكن ان تحمينا روحيا.
١٩ كيف يمكن لروح يهوه ان يدعمنا لنواجه اية محنة قد تنشأ؟
١٩ يهوه هو «سامع الصلاة». (مزمور ٦٥:٢) وعندما يبدو ان ضغوط الحياة تسحقنا، يمكن ان نشعر بارتياح كبير اذا سكبنا قلوبنا له. (فيلبي ٤:٦، ٧) صحيح انه لا يزيل عنا المحن بطريقة عجائبية، لكنه يستجيب صلواتنا القلبية ويمنحنا الحكمة لنتمكن من مواجهتها. (يعقوب ١:٥، ٦) والاكثر من هذا هو ان يهوه يعطي روحا قدسا للذين يسألونه. (لوقا ١١:١٣) ويمكن لهذا الروح القوي ان يدعمنا لنواجه اية محنة او مشكلة قد تنشأ. فبإمكانه ان يبثّ فينا ‹قدرة تفوق ما هو عادي› لنحتمل، الى ان يزيل يهوه كل المشاكل المؤلمة في العالم الجديد الذي صار قريبا على الابواب. — ٢ كورنثوس ٤:٧.
٢٠ كيف يمكن ان تتجلى قدرة يهوه على الحماية من خلال رفقائنا العبّاد؟
٢٠ قد تتجلى في بعض الاحيان قدرة يهوه على الحماية من خلال رفقائنا العبّاد. فقد اجتذب يهوه شعبه وجمعهم ضمن ‹معشر اخوة› عالمي. (١ بطرس ٢:١٧؛ يوحنا ٦:٤٤) وفي هذا المحيط الدافئ من الاخوّة، نرى شهادة حية لقدرة روح اللّٰه القدس على التأثير في الناس ايجابيا. فهذه الروح تُنتج فينا ثمرا — صفات جميلة وغالية كالمحبة واللطف والصلاح. (غلاطية ٥:٢٢، ٢٣) لذلك عندما نكون في ضيق ويندفع احد الرفقاء المؤمنين الى تقديم مشورة مفيدة او قول كلمات مشجِّعة نحن بحاجة ماسة اليها، يمكننا ان نشكر يهوه على هذه التعابير عن محبته وعنايته.
٢١ (أ) ايّ طعام روحي في حينه يزوّده يهوه بواسطة «العبد الامين الفطين»؟ (ب) كيف استفدتَ شخصيا من تدابير يهوه لحمايتنا روحيا؟
٢١ يزوّد يهوه شيئا آخر لحمايتنا: طعاما روحيا في حينه. فلمساعدتنا على استمداد القوة من كلمته، فوَّض يهوه الى «العبد الامين الفطين» ان يوزّع الطعام الروحي. ويستخدم العبد الامين المطبوعات، مثل مجلتَي برج المراقبة و استيقظ!، وكذلك الاجتماعات والمحافل ليعطينا ‹الطعام في حينه›: ما نحتاج اليه، حين نحتاج اليه. (متى ٢٤:٤٥) فهل حدث مرة ان سمعت شيئا في اجتماع مسيحي — في تعليق او خطاب او حتى صلاة — منحك القوة والتشجيع اللذين كنت بحاجة اليهما تماما؟ وهل تأثرت حياتك بمقالة معينة ظهرت في احدى مجلتينا؟ تذكَّر ان يهوه يزود كل هذه التدابير ليحمينا روحيا.
٢٢ بأية طريقة يستخدم يهوه قدرته دائما، ولماذا ذلك هو الافضل لنا؟
٢٢ يهوه هو فعلا ترس «لجميع المحتمين به». (مزمور ١٨:٣٠) ونحن ندرك انه لا يستخدم قدرته ليحمينا من كل مصيبة تقع اليوم. لكنه يستخدم دائما قدرته على الحماية ليضمن تحقُّق قصده. وهذا هو الافضل لشعبه على المدى البعيد. فإذا اقتربنا الى يهوه وبقينا في محبته، فسيمنحنا حياة ابدية في كمال. وبإبقاء هذا الامل في البال، يمكن ان يبدو لنا ايّ ألم في هذا النظام ‹وجيزا وخفيفا›. — ٢ كورنثوس ٤:١٧.
-
-
القدرة على الرد — يهوه ‹يصنع كل شيء جديدا›اقترب الى يهوه
-
-
الفصل ٨
القدرة على الرد — يهوه ‹يصنع كل شيء جديدا›
١، ٢ ما الامور التي تخسرها العائلة البشرية اليوم، وكيف يؤثر ذلك فينا؟
يضيِّع الولد او يكسر لعبة يحبها كثيرا، فيبدأ بالبكاء ذارفا الدمع من عينيه الحزينتين. كم يتفتَّت القلب عند سماع صوته! ولكن هل حدث ان رأيتَ كيف يشرق وجه الولد حين يجد ابوه او امه اللعبة الضائعة ويردّها له، او حين تُرَدّ اللعبة المكسورة الى ما كانت عليه؟ بالنسبة الى الاب او الام، لم يكن ذلك بالامر الصعب. لكنَّ الولد تنفرج اسارير وجهه وتستولي عليه الدهشة. فقد رُدَّ اليه الشيء الذي ظن انه فُقد او خرب الى الابد!
٢ يملك يهوه، الاب الاسمى، القدرة على ردِّ الاشياء التي يعتبرها اولاده الارضيون مفقودة وتستحيل إعادتها. طبعا، نحن لا نشير هنا الى اللُّعب. ففي هذه ‹الازمنة الحرجة›، توجد امور اخطر بكثير يمكن ان نخسرها. (٢ تيموثاوس ٣:١-٥) ويبدو ان الكثير مما يعزّه الناس في خطر، كالبيت والممتلكات والاستخدام والصحة ايضا. كما اننا قد نشعر بالقلق حين نرى التدمير البيئي والخسارة الناتجة عنه: انقراض انواع كثيرة من الكائنات الحية. ولكن لا شيء يؤلم اكثر من موت شخص نحبه. فهَوْل الخسارة والاحساس بالعجز يمكن ان يولّدا في المرء شعورا بالانسحاق. — ٢ صموئيل ١٨:٣٣.
٣ ايّ امل معزٍّ تذكره اعمال ٣:٢١، وبأية وسيلة سيحقق يهوه ذلك؟
٣ كم هو معزٍّ اذًا ان نتعلم عن قدرة يهوه على الرد! وكما سنرى، بإمكان اللّٰه ان يردّ الى اولاده الارضيين امورا مذهلة، وهذا ما سيفعله. حتى ان الكتاب المقدس يُظهر ان قصد يهوه هو «رد كل الاشياء». (اعمال ٣:٢١) ولتحقيق ذلك، سيستخدم يهوه الملكوت المسيَّاني برئاسة ابنه يسوع المسيح. وتُظهر الادلة ان هذا الملكوت بدأ يحكم في السماء سنة ١٩١٤.a (متى ٢٤:٣-١٤) فماذا سيُرَدّ؟ لمعرفة ذلك دعنا نتأمل في بعض اعمال يهوه العظيمة المتعلقة بالرد. نحن الآن نرى ونلمس واحدا منها. أما اعمال الرد الاخرى فستحصل على نطاق واسع في المستقبل.
رد العبادة النقية
٤، ٥ ماذا حل بشعب اللّٰه سنة ٦٠٧ قم، وأيّ امل اعطاه يهوه لهم؟
٤ احد الامور التي سبق وردَّها يهوه هو العبادة النقية. ولكي نفهم ما يعنيه ذلك، لنراجع باختصار تاريخ مملكة يهوذا. فبذلك نحصل على فهم مثير لطريقة استخدام يهوه قدرته على الرد. — روما ١٥:٤.
٥ تخيَّل شعور اليهود الامناء سنة ٦٠٧ قم حين دُمِّرت اورشليم. فقد خربت مدينتهم المحبوبة وتهدَّمت اسوارها. والاسوأ هو ان الهيكل المجيد الذي بناه سليمان، المركز الوحيد لعبادة يهوه النقية في كل الارض، تحوَّل الى انقاض. (مزمور ٧٩:١) وأُخذ الناجون الى السبي في بابل، تاركين وراءهم موطنا مقفرا تجول فيه الحيوانات البرية. (ارميا ٩:١١) من وجهة نظر بشرية، بدا ان كل شيء قد فُقد. (مزمور ١٣٧:١) لكنَّ يهوه، الذي انبأ بهذا الدمار قبل وقت طويل، اعطى الامل بزمنِ ردٍّ في المستقبل.
٦-٨ (أ) ايّ محور متكرر نجده في كتابات الانبياء العبرانيين، وكيف شهدت هذه النبوات اتماما اوليا؟ (ب) كيف شهد شعب اللّٰه في الازمنة العصرية اتماما للعديد من نبوات الرد؟
٦ كان الرد محورا متكررا في كتابات الانبياء العبرانيين.b فمن خلالهم وعد يهوه بأن تُرَدّ الارض وتَخصِب وتَعمر بالسكان من جديد، ووعد بالحماية من الحيوانات البرية وهجوم الاعداء. كما انه وصف ارضهم المستردة بفردوس حقيقي! (اشعياء ٦٥:٢٥؛ حزقيال ٣٤:٢٥؛ ٣٦:٣٥) وقبل كل شيء، كانت العبادة النقية ستتأسس من جديد ويعاد بناء الهيكل. (ميخا ٤:١-٥) لقد اعطت هذه النبوات اليهود المسبيين املا، الامر الذي ساعدهم على احتمال اسرهم في بابل ٧٠ سنة.
٧ وفي النهاية حان زمن الرد. فعاد اليهود المحرَّرون من بابل الى اورشليم وأعادوا بناء هيكل يهوه هناك. (عزرا ١:١، ٢) وقد باركهم يهوه وجعل ارضهم خصبة ومثمرة عندما كانوا يلتصقون بالعبادة النقية. كما انه حماهم من الاعداء والحيوانات البرية التي اجتاحت ارضهم طوال عقود. ويا للفرح الذي شعروا به دون شك لدى رؤيتهم قدرة يهوه على الرد! لكنَّ هذه الاحداث لم تمثِّل سوى اتمام اولي ومحدود لنبوات الرد. فكان اتمام اعظم سيَظهر «في آخر الايام»، اي في ايامنا، حين يُتوَّج وريث الملك داود المنتظَر ملكا. — اشعياء ٢:٢-٤؛ ٩:٦، ٧.
٨ بُعيد تتويج يسوع في الملكوت السماوي سنة ١٩١٤، وجَّه انتباهه الى الحاجات الروحية لشعب اللّٰه الامين على الارض. فكما حرَّر الفاتح الفارسي كورش بقية من اليهود من بابل سنة ٥٣٧ قم، كذلك حرَّر يسوع بقية من اليهود الروحيين — أتباعه السائرين على خطاه — من نفوذ بابل العصرية، الامبراطورية العالمية للدين الباطل. (روما ٢:٢٩؛ كشف ١٨:١-٥) ومن سنة ١٩١٩ فصاعدا، رُدَّت العبادة النقية الى مكانها الملائم في حياة المسيحيين الحقيقيين. (ملاخي ٣:١-٥) ومنذ ذلك الوقت، صار شعب يهوه يعبدونه في هيكله الروحي المطهَّر: ترتيب اللّٰه للعبادة النقية. ولكن لماذا ذلك مهم لنا اليوم؟
الرد الروحي — لمَ هو مهم؟
٩ بعد زمن الرسل، ماذا فعلت كنائس العالم المسيحي بعبادة اللّٰه، ولكن ماذا فعل يهوه في ايامنا؟
٩ تأمل في المسألة من وجهة نظر تاريخية. فالمسيحيون في القرن الاول تمتعوا ببركات روحية كثيرة. لكنَّ يسوع والرسل انبأوا بأن العبادة الحقة ستفسد وتضيع. (متى ١٣:٢٤-٣٠؛ اعمال ٢٠:٢٩، ٣٠) وبعد زمن الرسل، نشأ العالم المسيحي. فتبنى رجال دينه التعاليم والممارسات الوثنية. كما جعلوا الاقتراب الى اللّٰه مستحيلا، واصفين اياه بثالوث غامض ومعلمين الناس الاعتراف للكهنة والصلاة الى مريم ومختلف «القديسين» بدلا من الصلاة الى يهوه. لقد مرت قرون عديدة من الفساد، فماذا فعل يهوه في ايامنا؟ في وسط هذا العالم الممتلئ ضلالا دينيا والملوَّث بالممارسات الشريرة، تدخَّل اللّٰه وردَّ العبادة النقية! ويمكننا القول دون مبالغة ان هذا الرد هو احد اهم التطورات في الازمنة العصرية.
١٠، ١١ (أ) ايّ وجهين يشتمل عليهما الفردوس الروحي، وكيف يؤثران فيك؟ (ب) ايّ نوع من الاشخاص يجمعهم يهوه الى الفردوس الروحي، وأي امتياز سيكون لهم؟
١٠ لذلك يتمتع المسيحيون الحقيقيون اليوم بفردوس روحي. فعلى ماذا يشتمل هذا الفردوس؟ انه يشتمل على وجهين رئيسيين. الاول هو عبادة الاله الحق يهوه عبادةً نقية. فقد باركَنا يهوه بطريقة عبادة خالية من الاكاذيب والتحريفات. كما باركَنا بطعام روحي. وهذا ما يمكّننا من التعلم عن ابينا السماوي وإرضائه والاقتراب اليه. (يوحنا ٤:٢٤) اما الوجه الثاني للفردوس الروحي فيتعلق بالناس. فكما انبأ اشعيا، يعلّم يهوه عبّاده «في آخر الايام» طرق السلام. لقد محا الحرب بيننا. وهو يساعدنا رغم نقائصنا على لبس «الشخصية الجديدة». ويبارك جهودنا بمنحنا روحه القدس الذي يُنتج فينا ثمرا ممتازا. (افسس ٤:٢٢-٢٤؛ غلاطية ٥:٢٢، ٢٣) لذلك عندما تعمل ايها القارئ بانسجام مع روح اللّٰه، تكون فعلا جزءا من الفردوس الروحي.
١١ يجمع يهوه الى فردوسه الروحي اشخاصا من النوع الذي يحب: اشخاصا يحبونه ويحبون السلام و «يدركون حاجتهم الروحية». (متى ٥:٣) وهؤلاء هم الاشخاص الذين سيكون لهم الامتياز ان يشهدوا ردا اروع ايضا: رد الجنس البشري والارض بكاملها.
«ها انا اصنع كل شيء جديدا»
١٢، ١٣ (أ) لماذا يجب ان تشهد نبوات الرد اتماما آخر ايضا؟ (ب) ما هو قصد يهوه نحو الارض كما ذُكر في عدن، ولماذا يعطينا ذلك املا بشأن المستقبل؟
١٢ ينطوي العديد من نبوات الرد على اكثر من رد روحي. فقد كتب اشعيا مثلا عن زمن يُشفى فيه المرضى والعرج والعمي والصم مما يعانونه، حتى الموت يُبلع الى الابد. (اشعياء ٢٥:٨؛ ٣٥:١-٧) لم تشهد هذه الوعود اتماما حرفيا في اسرائيل القديمة. ومع اننا نرى اتماما روحيا لهذه الوعود في ايامنا، يوجد سبب وجيه لنؤمن بأنها ستشهد اتماما حرفيا واسع النطاق في المستقبل. فكيف نعرف ذلك؟
١٣ كان يهوه قد اوضح في عدن ما هو قصده للارض. فقد قصد ان تسكنها عائلة سعيدة ومتحدة من الجنس البشري، دون ايّ تأثير للمرض. وكان على الرجل والمرأة ان يعتنيا بالارض وكل مخلوقاتها، وأن يحوّلا كامل الكوكب الى فردوس. (تكوين ١:٢٨) كم يختلف ذلك عن الوضع الراهن! ولكن اطمئن، فمقاصد يهوه لا تفشل ابدا. (اشعياء ٥٥:١٠، ١١) فيسوع، بصفته الملك المسيَّاني المعين من يهوه، سيقوم بإحلال هذا الفردوس العالمي. — لوقا ٢٣:٤٣.
١٤، ١٥ (أ) كيف سيصنع يهوه «كل شيء جديدا»؟ (ب) كيف ستكون الحياة في الفردوس، وما اكثر ما يروقك فيها؟
١٤ تخيَّل الارض وقد عمَّها الفردوس في طولها وعرضها! يقول يهوه عن ذلك الوقت: «ها انا اصنع كل شيء جديدا». (كشف ٢١:٥) فماذا سيعني ذلك؟ عندما يكون يهوه قد انتهى من استخدام قدرته على الإهلاك ضد هذا النظام الشرير القديم، ستبقى هنالك ‹سموات جديدة وأرض جديدة›. ويعني ذلك ان حكومة جديدة ستحكم من السماء على مجتمع ارضي جديد مؤلف من اشخاص يحبون يهوه ويفعلون مشيئته. (٢ بطرس ٣:١٣) وسيوضع الشيطان مع أبالسته في حالة عدم نشاط. (كشف ٢٠:٣) ولأول مرة بعد مرور آلاف السنين، سيتحرر الجنس البشري من تأثيره الفاسد والبغيض والسلبي. لا شك ان شعورا كبيرا بالراحة سيغمرنا.
١٥ وأخيرا سنتمكن من الاعتناء بهذا الكوكب الجميل كما قُصد في الاصل ان نفعل. والارض تتمتع بقدرات طبيعية على الرد. فيمكن للبحيرات والانهر الملوثة ان تنظّف نفسها بنفسها اذا أُزيل مصدر التلوث؛ ويمكن ان تعود الاراضي التي شوَّهتها المعارك الى حالتها الطبيعية اذا توقفت الحروب. فما اروع ان نتمكن من العمل مع الارض، مساعدين على تحويلها الى حديقة جميلة، الى جنة عدن عالمية تعجّ بالحيوانات والنباتات! وبدلا من إفناء الانواع الحيوانية والنباتية باستهتار، سيكون الانسان في سلام مع كل الخليقة على الارض. حتى الاولاد لن يخافوا من الحيوانات البرية. — اشعياء ٩:٦، ٧؛ ١١:١-٩.
١٦ ايّ رد سيؤثر في كل فرد امين؟
١٦ كما سنشهد ردًّا على صعيد شخصي. فبعد هرمجدون، سيرى الناجون شفاءات عجائبية على نطاق عالمي. لقد صنع يسوع عجائب عندما كان على الارض؛ وسيستخدم قدرته المعطاة من اللّٰه لردّ البصر الى العمي، السمع الى الصمّ، والعافية الى العُرج والمرضى. (متى ١٥:٣٠) وسيبتهج المسنون بتجدد قوتهم وصحتهم وشبابهم. (ايوب ٣٣:٢٥) فستزول التجاعيد، وتُقوَّم الاطراف، وتتحرك العضلات بمرونة وقوة متجددة. وسيشعر كل الجنس البشري الامين بأن تأثيرات الخطية والنقص تتلاشى تدريجيا وتزول. فكم سنشكر يهوه اللّٰه على قدرته الرائعة على الرد! ولكن لنركز الآن على احد الاوجه المؤثرة جدا لزمن الرد المثير هذا.
رد الحياة الى الموتى
١٧، ١٨ (أ) لماذا وبَّخ يسوع الصدوقيين؟ (ب) اية ظروف ادت الى طلب ايليا من يهوه ان ينجز قيامة؟
١٧ في القرن الاول الميلادي، وُجدت فئة من القادة الدينيين عُرفت بالصدوقيين لم تؤمن بالقيامة. وقد وبَّخهم يسوع بهذه الكلمات: «انتم تضلون، لأنكم لا تعرفون الاسفار المقدسة ولا قدرة اللّٰه». (متى ٢٢:٢٩) نعم، تكشف الاسفار المقدسة ان يهوه يملك هذه القدرة على الرد. كيف؟
١٨ تخيَّل ما حدث في ايام ايليا. كانت ارملة تحمل ابنها الوحيد وهو هامد بلا حراك بين ذراعيها. لقد كان الصبي ميتا. ولا بد ان النبي ايليا، الذي حلَّ ضيفا لدى هذه الارملة منذ بعض الوقت، صعقه ما رآه. فقد سبق ان ساهم في إنقاذ هذا الولد من المجاعة. وربما تعلَّقت نفس ايليا كثيرا بهذا الصغير. وها هي الامّ محطمة الفؤاد. فقد كان الصبي الشخص الوحيد الحي الذي يذكّرها بزوجها الراحل. وربما أملت ان يعتني بها ابنها في شيخوختها. ومن فرط اضطرابها خشيت ان يكون السبب هو معاقبتها على خطية ارتكبتها في الماضي. لم يتمكن ايليا من تحمُّل المزيد. فأخذ جثة الصبي برفق من حضن امه، وحمله الى غرفته، وطلب من يهوه اللّٰه ان يرد نفس الصبي، او حياته. — ١ ملوك ١٧:٨-٢١.
١٩، ٢٠ (أ) كيف اظهر ابراهيم انه يملك الايمان بقدرة يهوه على الرد، وماذا كان اساس هذا الايمان؟ (ب) كيف كافأ يهوه ايليا على ايمانه؟
١٩ لم يكن ايليا اول شخص يؤمن بالقيامة. فقبل قرون، آمن ابراهيم بأن يهوه يملك هذه القدرة على الرد، وذلك لسبب وجيه. فعندما كان ابراهيم في الـ ١٠٠ من العمر وسارة في الـ ٩٠، رد يهوه قواهما التناسلية الميتة، ممكِّنا سارة عجائبيا من الحمل وإنجاب ابن. (تكوين ١٧:١٧؛ ٢١:٢، ٣) وبعد فترة، حين صار الصبي بالغا، طلب يهوه من ابراهيم ان يقدم ابنه ذبيحة. فأظهر ابراهيم الايمان، حاسبا ان يهوه قادر على رد ابنه الحبيب اسحاق الى الحياة. (عبرانيين ١١:١٧-١٩) وربما هذا الايمان الشديد هو الذي جعل ابراهيم، قبل صعوده الى الجبل لتقديم ابنه، يؤكد لغلاميه انه سيعود هو وإسحاق معا. — تكوين ٢٢:٥.
«انظري. ابنك حي»
٢٠ أبقى يهوه على حياة اسحاق، لذلك لم تنشأ حاجة الى قيامة في ذلك الوقت. أما في حالة ايليا، فكان ابن الارملة ميتا — ولكن ذلك لم يكن ليستمر. فقد كافأ يهوه النبي على ايمانه بإقامة الولد! وبعد ذلك اخذ ايليا الصبي الى امه، قائلا لها هذه الكلمات التي لا تُنسى: «انظري. ابنك حي». — ١ ملوك ١٧:٢٢-٢٤.
٢١، ٢٢ (أ) ماذا كان القصد من القيامات المسجلة في الاسفار المقدسة؟ (ب) كم ستشمل القيامة في الفردوس، ومَن سيصنعها؟
٢١ وهكذا، للمرة الاولى في سجل الكتاب المقدس، نرى يهوه يستخدم قدرته ليرد حياة بشرية. وبعد ذلك، منح يهوه ايضا أليشع ويسوع وبولس وبطرس القدرة على رد الموتى الى الحياة. طبعا، مات هؤلاء المقامون من جديد في النهاية. لكنَّ روايات الكتاب المقدس هذه تعطينا نظرة مسبقة رائعة الى ما سيحصل.
٢٢ ففي الفردوس، سيتمم يسوع دوره بصفته «القيامة والحياة». (يوحنا ١١:٢٥) وسيقيم ملايين لا تحصى من الاشخاص، مانحا اياهم الفرصة ليعيشوا الى الابد في الفردوس على الارض. (يوحنا ٥:٢٨، ٢٩) تخيَّل اجتماع شمل الاحباء حين يتعانق الاصدقاء والاقرباء — بعدما فصل الموت بينهم فترة طويلة — وهم يكادون يطيرون من الفرح! ان البشرية جمعاء ستمجد يهوه بسبب قدرته على الرد.
٢٣ ماذا كان اعظم إعراب عن قدرة يهوه، وكيف يضمن ذلك رجاءنا بشأن المستقبل؟
٢٣ لقد زود يهوه ضمانة اكيدة بأن هذه الآمال ستتحقق. ففي اعظم إعراب عن القدرة، اقام ابنَه يسوع ليصير مخلوقا روحانيا جبارا، جاعلا اياه في المرتبة الثانية بعده مباشرة. وقد ظهر يسوع المقام لمئات شهود العيان. (١ كورنثوس ١٥:٥، ٦) وينبغي ان يكون هذا الدليل كافيا حتى للمتشككين. فيهوه يملك فعلا القدرة على رد الحياة.
٢٤ لماذا نحن على ثقة بأن يهوه سيقيم الموتى، وأيّ رجاء يحسن ان يقدّره كل واحد منا؟
٢٤ لا يملك يهوه القدرة فحسب على رد الموتى بل ايضا الرغبة في فعل ذلك. فقد أوحي الى الرجل الامين ايوب بأن يقول ان يهوه يشتاق الى اعادة الموتى الى الحياة. (ايوب ١٤:١٥) أفلا تنجذب الى الهنا الذي يتوق الى استخدام قدرته على الرد بهذه الطريقة الحبية؟ ولكن تذكّر ان القيامة ليست سوى وجه واحد من عمل الرد الذي سينجزه يهوه في المستقبل. وفيما تنجذب اليه اكثر فأكثر، استمِرَّ في إعزاز الرجاء الثمين بأن تكون هناك لترى يهوه ‹يصنع كل شيء جديدا›. — كشف ٢١:٥.
a بدأت «ازمنة رد كل شيء» حين تأسس الملكوت المسيَّاني برئاسة وريث من نسل الملك الامين داود. فقد سبق ان وعد يهوه داود بأن وريثا متحدرا منه سيملك الى الابد. (مزمور ٨٩:٣٥-٣٧) ولكن بعدما دمرت بابل اورشليم سنة ٦٠٧ قم، لم يجلس انسان متحدر من داود على عرش اللّٰه. لذا صار يسوع، الذي وُلد على الارض كوارث لداود، الملك المنتظَر عندما تُوِّج في السماء.
b مثلا، قام بتطوير هذا المحور موسى، اشعيا، ارميا، حزقيال، هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، ميخا، وصفنيا.
-
-
«المسيح . . . قدرة اللّٰه»اقترب الى يهوه
-
-
الفصل ٩
«المسيح . . . قدرة اللّٰه»
١-٣ (أ) اية حادثة مرعبة مر بها التلاميذ في بحر الجليل، وماذا فعل يسوع؟ (ب) لماذا يدعى يسوع بالصواب «المسيح . . . قدرة اللّٰه»؟
كان التلاميذ مرتعبين. فقد هبَّت عليهم فجأة عاصفة هوجاء وهم مبحرون في بحر الجليل. دون شك، لم تكن هذه اول مرة يتعرضون فيها لعاصفة في هذه البحيرة، فبعضهم كانوا صيادي سمك متمرسين.a (متى ٤:١٨، ١٩) لكنَّ هذه كانت «عاصفة ريح عنيفة جدا» اذ سرعان ما هاج البحر وماج من شدة قوتها. فبذلَ الرجال المستحيل ليحافظوا على ثبات المركب، انما كانت العاصفة اقوى منهم. وأخذت الامواج العاتية «تندفع على المركب» الذي ابتدأ يمتلئ بالماء. ورغم كل هذه الجلبة، كان يسوع مستغرقا في نوم عميق في المؤخَّر، من فرط ما كان متعبا اثر يوم من تعليم الجموع. فأيقظه التلاميذ الخائفون على حياتهم وتوسلوا اليه قائلين: «يا رب، خلِّصنا، نكاد نهلك!». — مرقس ٤:٣٥-٣٨؛ متى ٨:٢٣-٢٥.
٢ لم يكن يسوع خائفا، بل انتهر بملء الثقة الريح والبحر قائلا: «صه! اهدأ!». وعلى الفور اطاعته الريح والبحر. فهدأت العاصفة، وتلاشت الامواج على صفحة المياه، و «ساد سكون عظيم». عندئذ استولى على التلاميذ خوف غير عادي. وأخذوا يتهامسون قائلين: «مَن هو هذا حقا؟». نعم، ايّ انسان هو هذا الذي ينتهر الريح والبحر كما لو انه يؤنب ولدا صعب المراس؟ — مرقس ٤:٣٩-٤١؛ متى ٨:٢٦، ٢٧.
٣ لكنَّ يسوع لم يكن انسانا عاديا. فبطرائق غير مألوفة تجلَّت قدرة يهوه من خلاله وأيضا في امور صُنعت لأجله. لذلك اشار اليه الرسول بولس الملهم بالصواب على انه «المسيح . . . قدرة اللّٰه». (١ كورنثوس ١:٢٤) فبأية طرائق تَظهر قدرة اللّٰه في يسوع؟ وكيف يمكن ان يؤثر استخدام يسوع لهذه القدرة في حياتنا؟
قدرة ابن اللّٰه المولود الوحيد
٤، ٥ (أ) اية قدرة وسلطة اعطاهما يهوه لابنه المولود الوحيد؟ (ب) ماذا كان في يد هذا الابن ليتمكن من تحقيق مقاصد ابيه المتعلقة بالخلق؟
٤ لنتأمل في القدرة التي امتلكها يسوع في وجوده السابق لبشريته. استخدم يهوه «قدرته السرمدية» عندما خلق ابنه المولود الوحيد، الذي صار يُعرف باسم يسوع المسيح. (روما ١:٢٠؛ كولوسي ١:١٥) وبعد ذلك اعطى يهوه هذا الابن قدرة وسلطة هائلتَين، اذ عيَّن له مهمة تحقيق مقاصده المتعلقة بالخلق. يقول الكتاب المقدس عن الابن: «به وُجد كل شيء، وبغيره لم يوجد ايّ شيء». — يوحنا ١:٣.
٥ لا يمكن لعقولنا ان تستوعب سوى القليل القليل من ضخامة هذا التعيين. تخيَّل القدرة اللازمة للاتيان بملايين الملائكة الاقوياء، الكون المادي بكل ما فيه من بلايين المجرات، والارض بكل ما فيها من حياة وافرة ومتنوعة. ولإنجاز هذه المهمات، كان الابن المولود الوحيد يملك تحت تصرفه اشدّ قوة في الكون: روح اللّٰه القدس. وقد سُرَّ هذا الابن كثيرا بكونه الصانع الذي استخدمه يهوه لخلق سائر الاشياء. — امثال ٨:٢٢-٣١.
٦ اية قدرة وسلطة مُنحتا ليسوع بعد موته على الارض وقيامته؟
٦ وهل يمكن ان يحصل هذا الابن المولود الوحيد على المزيد من القدرة والسلطة؟ قال يسوع بعد موته على الارض وقيامته: «دُفعت اليّ كل سلطة في السماء وعلى الارض». (متى ٢٨:١٨) نعم، مُنح يسوع القدرة والحق في ممارسة سلطة شاملة. فبصفته «ملك الملوك ورب الارباب»، فُوِّض اليه ان ‹يبيد كل حكم وكل سلطة وقوة› تقاوم اباه، سواء أكانت منظورة ام غير منظورة. (كشف ١٩:١٦؛ ١ كورنثوس ١٥:٢٤-٢٦) ويهوه «لم يترك شيئا غير خاضع» ليسوع، طبعا باستثنائه هو. — عبرانيين ٢:٨؛ ١ كورنثوس ١٥:٢٧.
٧ لماذا يمكننا التيقن ان يسوع لن يسيء ابدا استعمال القدرة التي وضعها يهوه في يده؟
٧ هل يلزم ان نقلق من ان يسيء يسوع استعمال قدرته؟ كلا بالتأكيد! فيسوع يحب اباه، ولا يفعل شيئا لا يرضيه. (يوحنا ٨:٢٩؛ ١٤:٣١) ويعرف يسوع جيدا ان يهوه لا يسيء ابدا استعمال قدرته الجبارة. فقد رأى هو بنفسه ان يهوه يبحث عن فرص تتيح له ان «يُظهر قوته لأجل الذين قلبهم كامل نحوه». (٢ أخبار الايام ١٦:٩، عج) ويشاطر يسوع اباه محبتَه للجنس البشري، لذلك يمكننا الوثوق بأن يسوع سيستخدم دائما قدرته لأجل الخير. (يوحنا ١٣:١) وما فعله يسوع في الماضي يثبت صحة الامر. فلنرَ اية قدرة امتلكها حين كان على الارض وماذا كان دافعه الى استخدامها.
«مقتدر . . . في القول»
٨ بعد ان مُسح يسوع ماذا أُعطي القدرة ليفعل، وكيف استخدم هذه القدرة؟
٨ يتضح ان يسوع لم يصنع اية عجائب حين كان لا يزال صبيا ينمو في الناصرة. لكنَّ الوضع تغيَّر بعد معموديته سنة ٢٩ بم، حين كان له نحو ٣٠ سنة. (لوقا ٣:٢١-٢٣) يخبرنا الكتاب المقدس: «مسحه اللّٰه بروح قدس وقدرة، فاجتاز في الارض يفعل صلاحا ويشفي كل من قهره ابليس». (اعمال ١٠:٣٨) أوَلا تُظهر الكلمتان «يفعل صلاحا» ان يسوع استخدم قدرته بطريقة صائبة؟! لقد صار يسوع، بعد مسحه، «نبيا مقتدرا في العمل والقول». — لوقا ٢٤:١٩.
٩-١١ (أ) اين قدَّم يسوع معظم تعاليمه، وأيّ تحدٍّ واجهه؟ (ب) لماذا ذهلت الجموع من طريقة تعليم يسوع؟
٩ كيف كان يسوع مقتدرا في القول؟ غالبا ما كان يسوع يعلّم في العراء — على ضفاف البحيرات ومنحدرات التلال، وفي الشوارع وساحات الاسواق. (مرقس ٦:٥٣-٥٦؛ لوقا ٥:١-٣؛ ١٣:٢٦) وكان باستطاعة سامعيه ان يرحلوا اذا لم تستأثر كلماته باهتمامهم. وفي ذلك العصر الذي سبق ظهور الكتب المطبوعة، كان على السامعين ذوي التقدير ان يحفظوا كلامه في عقولهم وقلوبهم. لذلك لزم ان يكون تعليم يسوع مثيرا للاهتمام، مفهوما بوضوح، وسهل التذكر. لكنَّ ذلك لم يشكّل مشكلة عند يسوع. تأمل على سبيل المثال في موعظته على الجبل.
١٠ في صباح احد الايام من ربيع سنة ٣١ بم، احتشد جمع على منحدر تل قرب بحر الجليل. وكان البعض قد اتوا من اليهودية وأورشليم، الواقعتين على بُعد ١٠٠ الى ١١٠ كيلومترات. كما اتى البعض من ساحل صور وصيدون الواقعتين في الشمال. وقد اقترب مرضى كثيرون الى يسوع ليلمسوه، فشفاهم جميعا. وعندما لم يبقَ احد مصابا بمرض خطير بينهم، ابتدأ يعلّمهم. (لوقا ٦:١٧-١٩) وبعد وقت قليل، حين انهى يسوع كلامه، كان الجمع مدهوشا مما سمعه. فما السبب؟
١١ بعد سنوات، كتب احد الاشخاص الذين سمعوا هذه الموعظة: «ذهلت [الجموع] من طريقة تعليمه؛ لأنه كان يعلّمهم كمَن له سلطة». (متى ٧:٢٨، ٢٩) فحين كلَّمهم يسوع، شعروا بالسلطة التي يملكها. لقد كان يتحدث ممثِّلا اللّٰه ويرجع الى كلمة اللّٰه لدعم تعليمه. (يوحنا ٧:١٦) وكانت اقواله واضحة، ومناشداته مقنعة، وحججه لا تُدحَض. وعالجت كلماته صميم المواضيع التي تناولها، كما مسَّت صميم قلوب سامعيه. وعلَّم الجموع كيف يجدون السعادة، كيف يصلّون، كيف يطلبون ملكوت اللّٰه، وكيف يبنون مستقبلهم على اساس متين. (متى ٥:٣–٧:٢٧) ونبَّهت كلماته قلوب الجياع الى الحق والبر. فكان هؤلاء مستعدين ان ‹ينكروا› انفسهم ويتركوا كل شيء ويتبعوه. (متى ١٦:٢٤؛ لوقا ٥:١٠، ١١) فيا لها من شهادة على قوة كلمات يسوع!
‹مقتدر في العمل›
١٢، ١٣ بأيّ معنى كان يسوع «مقتدرا في العمل»، وأيّ تنوُّع تميَّزت به عجائبه؟
١٢ كان يسوع ايضا «مقتدرا في العمل». (لوقا ٢٤:١٩) فالاناجيل تتحدث عن اكثر من ٣٠ عجيبة محددة صنعها يسوع، وجميعها صُنعت بـ «قدرة يهوه».b (لوقا ٥:١٧) كما اثرت عجائب يسوع في حياة الآلاف. فاثنتان فقط من عجائبه — إطعام ٠٠٠,٥ رجل وبعد ذلك ٠٠٠,٤ رجل «ما عدا النساء والاولاد الصغار» — افادت جموعا يرجَّح ان عددهم بلغ نحو ٠٠٠,٢٠ شخص! — متى ١٤:١٣-٢١؛ ١٥:٣٢-٣٨.
«رأوا يسوع ماشيا على البحر»
١٣ صنع يسوع عجائب متنوعة جدا. فقد كانت له سلطة على الشياطين، وتمكَّن من إخراجها بكل سهولة. (لوقا ٩:٣٧-٤٣) وامتلك قدرة على العناصر المادية، اذ حوَّل الماء الى خمر. (يوحنا ٢:١-١١) كما اثار دهشة تلاميذه حين مشى على بحر الجليل اثناء هبوب ريح قوية. (يوحنا ٦:١٨، ١٩) وكانت له سلطة على الامراض، فشفى العيوب التي تصيب اعضاء الجسم، وكذلك الامراض المزمنة والعلل المميتة. (مرقس ٣:١-٥؛ يوحنا ٤:٤٦-٥٤) كما تنوَّعت طرائق صنعه عجائب الشفاء هذه. فقد شُفي البعض عن بعد في حين شعر آخرون بلمسة يسوع. (متى ٨:٢، ٣، ٥-١٣) وشُفي البعض على الفور، فيما شُفي آخرون بطريقة تدريجية. — مرقس ٨:٢٢-٢٥؛ لوقا ٨:٤٣، ٤٤.
١٤ في اية ظروف اظهر يسوع انه يملك القدرة على إبطال الموت؟
١٤ والأبرز من كل ذلك هو قدرة يسوع على إبطال الموت. فقد اقام موتى في ثلاث مناسبات مسجلة، وفيها اعاد فتاة عمرها ١٢ سنة الى والديها وولدا وحيدا الى امه الارملة وأخًا حبيبا الى اختيه. (لوقا ٧:١١-١٥؛ ٨:٤٩-٥٦؛ يوحنا ١١:٣٨-٤٤) ولم تصعب عليه اية من هذه الحالات. فالفتاة البالغة من العمر ١٢ سنة اقامها من فراش الموت بُعيد وفاتها. وأقام ابن الارملة من النعش في يوم وفاته دون شك. وأقام لعازر من القبر بعد ان مضت اربعة ايام على موته.
استخدام القوة بطريقة غير انانية، ومسؤولة، ومراعية لمشاعر الآخرين
١٥، ١٦ ما هو الدليل على ان يسوع لم يكن انانيا عند استعمال قدرته؟
١٥ هل تتخيل كم يمكن ان يساء استعمال القوة لو أُعطيت القدرة التي امتلكها يسوع لحاكم بشري ناقص؟ لكنَّ يسوع كان بلا خطية. (١ بطرس ٢:٢٢) وقد رفض ان تفسده الانانية والطموح الى السلطة والجشع، امور تدفع البشر الناقصين الى استعمال قدرتهم لإيذاء الغير.
١٦ لم يستعمل يسوع قدرته بطريقة انانية، اذ لم يستخدمها قط ليحقق فائدة شخصية. فعندما كان جائعا، رفض ان يحوّل الحجارة الى خبز ليأكل. (متى ٤:١-٤) وكانت قلة ممتلكاته دليلا على انه لم ينتفع ماديا من استخدام قدرته. (متى ٨:٢٠) وهنالك دليل آخر يُظهر ان القوات التي صنعها لم تنشأ من دوافع انانية. فعند صنع العجائب، كان يضحّي بشيء منه، لأن قوة كانت تخرج منه حين يشفي المرضى. وكان يشعر بخروج هذه القوة حتى لو تعلق الامر بعجيبة شفاء واحدة. (مرقس ٥:٢٥-٣٤) لكنه سمح للجموع بأن تلمسه، وهذا ما كان يشفيهم. (لوقا ٦:١٩) فما اروع هذا الاعراب عن روح عدم الانانية!
١٧ كيف اظهر يسوع انه يستخدم قدرته بطريقة مسؤولة؟
١٧ استخدم يسوع قدرته بطريقة مسؤولة ايضا. فهو لم يصنع قط قوات لمجرد التباهي او لفت الانظار بلا سبب. (متى ٤:٥-٧) ولم يكن مستعدا ليصنع آيات امام هيرودس لمجرد ارضاء فضوله ذي الدافع الخاطئ. (لوقا ٢٣:٨، ٩) كما ان يسوع لم يروّج للقدرة التي يملكها، بل غالبا ما امر مَن يشفيهم ألا يخبروا احدا. (مرقس ٥:٤٣؛ ٧:٣٦) فلم يرد ان يتوصل الناس الى استنتاجات عنه على اساس اخبار مثيرة متناقلة. — متى ١٢:١٥-١٩.
١٨-٢٠ (أ) ماذا كان يؤثر في طريقة استخدام يسوع لقدرته؟ (ب) ايّ شعور ينتابك حين تفكّر في الطريقة التي شفى بها يسوع رجلا اصمّ؟
١٨ كان هذا الرجل القوي يسوع مختلفا جدا عن الحكام الذين استخدموا قدرتهم دون ايّ اعتبار ولا تعاطف مع حاجات ومعاناة الآخرين. فقد اهتم بخير الناس. وكان يكفي ان يقع نظره على اشخاص مساكين حتى يتأثر بعمق ويندفع الى إراحتهم من معاناتهم. (متى ١٤:١٤) لقد كان يراعي مشاعرهم وحاجاتهم، وهذا الاهتمام الرقيق هو الذي اثَّر في طريقة استخدامه لقدرته. ونجد مثالا مؤثرا لذلك في مرقس ٧:٣١-٣٧.
١٩ ففي تلك المناسبة، وجدت جموع كثيرة يسوع وجلبوا اليه اشخاصا مرضى كثيرين، فأبرأهم جميعا. (متى ١٥:٢٩، ٣٠) لكنَّ يسوع خصَّ رجلا واحدا باهتمام مميز. كان الرجل اصمّ وعاجزا تقريبا عن الكلام. وربما احس يسوع بالتوتر او الاحراج الذي يشعر به الرجل. فتعاطف معه وانفرد به بعيدا عن الجمع. ثم استخدم يسوع بعض الاشارات ليخبر الرجل ما ينوي فعله. فقد «وضع اصبعيه في اذنَي الرجل، وبعد ان تفل، لمس لسانه».c (مرقس ٧:٣٣) بعد ذلك رفع يسوع نظره الى السماء وتنهَّد وصلى، كما لو انه يقول للرجل: ‹ما سأفعله لك هو بقوة اللّٰه›. وفي النهاية قال يسوع: «انفتح!». (مرقس ٧:٣٤) عندئذ استرد الرجل سمعه، وصار بإمكانه التكلم سويًّا.
٢٠ ألا تتأثر قلوبنا حين نفكر في ان يسوع، حتى حين استخدم قدرته المعطاة من اللّٰه لشفاء المرضى، اعرب عن التعاطف مع مشاعر هؤلاء؟ أوَلا تطمئن قلوبنا حين نعرف ان يهوه وضع الملكوت المسيَّاني بين يدَي هذا الحاكم الرؤوف الذي يراعي مشاعر الناس؟
اشارة نبوية الى امور مستقبلية
٢١، ٢٢ (أ) عجائب يسوع هي اشارة نبوية الى ماذا؟ (ب) بما ان ليسوع القدرة على التحكم في القوى الطبيعية، ماذا يمكننا توقعه في ظل حكم ملكوته؟
٢١ كانت القوات التي صنعها يسوع على الارض لمحات الى بركات مستقبلية اعظم ستحدث في مُلكه. ففي عالم اللّٰه الجديد، سيصنع يسوع العجائب من جديد، ولكن هذه المرة على نطاق عالمي! تأمل في بعض الامور الرائعة التي تنتظرنا.
٢٢ سيردّ يسوع بيئة الارض الى حالة توازن تام. انت تذكر ان قدرته على التحكم في القوى الطبيعية تجلَّت حين هدَّأ عاصفة ريح. لذلك لا بد ان الجنس البشري، في ظل حكم ملكوت المسيح، لن يخشى من الخطر الذي تسببه الاعاصير او الزلازل او الثورانات البركانية او اية كوارث طبيعية اخرى. فبما ان يسوع هو الصانع الذي استخدمه يهوه لخلق الارض والحياة عليها، فهو يفهم كاملا بنية الارض. ويعرف كيف يستخدم مواردها بالشكل الملائم. لذلك ستتحول كل الارض في ظل حكمه الى فردوس. — لوقا ٢٣:٤٣.
٢٣ كيف سيشبع يسوع كملك حاجات البشر؟
٢٣ وماذا عن حاجات البشر؟ لقد امتلك يسوع القدرة على إطعام الآلاف بسخاء، مستعينا بكميات قليلة جدا من الطعام. وهذا ما يؤكد لنا ان حكمه سيخلو من كل مجاعة. نعم، فستقضي وفرة الطعام الموزَّع بإنصاف على المجاعة الى الابد. (مزمور ٧٢:١٦) وقدرته على السيطرة على الامراض تعني لنا ان المرضى والعمي والصمّ وذوي العاهات والعرج سيشفون، وسيكون شفاؤهم تاما وإلى الابد. (اشعياء ٣٣:٢٤؛ ٣٥:٥، ٦) وتضمن لنا قدرته على إقامة الموتى ان جبروته كملك سماوي يتضمن القدرة على إقامة ملايين كثيرة من الاشخاص الذين يُسِرّ اباه ان يتذكرهم. — يوحنا ٥:٢٨، ٢٩.
٢٤ فيما نتأمل في قدرة يسوع، ماذا ينبغي ان نتذكر، ولماذا؟
٢٤ فيما نتأمل في قدرة يسوع، لنتذكر دائما ان هذا الابن يعكس مثال ابيه انعكاسا كاملا. (يوحنا ١٤:٩) لذلك يمكننا ان نكوِّن فكرة واضحة عن طريقة استخدام يهوه للقدرة من خلال استخدام يسوع لقدرته. فكِّر مثلا في الطريقة الرقيقة التي شفى بها يسوع احد البرص. فبدافع الشفقة، لمس يسوع الرجل وقال: «أريد». (مرقس ١:٤٠-٤٢) فكما لو ان يهوه يقول من خلال هذه الروايات: ‹هكذا أستخدم انا قدرتي!›. أفلا يدفعك ذلك الى تسبيح الهنا الجبار وحمده على استعمال قدرته بهذه الطريقة الحبية؟
a ليس غريبا ان تهبّ عواصف مفاجئة على بحر الجليل. فبسبب انخفاض مستوى مجتمع الماء هذا (نحو ٢٠٠ متر تحت سطح البحر)، يكون الهواء ادفأ مما هو عليه في المنطقة المحيطة، الامر الذي يولّد اضطرابات جوية. وهكذا تندفع الى وادي الاردن رياح عاتية من جبل حرمون الواقع الى الشمال. فيتحول الهدوء في اية لحظة الى عاصفة هوجاء تهب على المكان.
b بالاضافة الى ذلك، تجمع الاناجيل احيانا عجائب كثيرة ضمن وصف عام واحد. مثلا، اتت في احدى المناسبات «مدينة كلها» لرؤيته، فأبرأ «كثيرين» من المرضى. — مرقس ١:٣٢-٣٤.
c اعتُبر التَّفْل بين اليهود والامم على السواء وسيلة او اشارة الى الشفاء، وتتطرق كتابات الربانيين الى استعمال اللعاب في العلاجات. وربما تفل يسوع ليخبر الرجل بأنه سيشفيه. في كل الحالات، لم يستخدم يسوع لعابه كوسيلة طبيعية للشفاء.
-
-
‹الاقتداء باللّٰه› عند استعمال قدرتك وسلطتكاقترب الى يهوه
-
-
الفصل ١٠
‹الاقتداء باللّٰه› عند استعمال قدرتك وسلطتك
١ ايّ خطر كامن يقع فيه البشر الناقصون بسهولة؟
«ما من سلطة لا يترصَّدها شرك ماكر». هذه الكلمات، التي تفوَّهت بها شاعرة عاشت في القرن الـ ١٩، تلفت الانتباه الى خطر كامن: اساءة استعمال السلطة. والمؤسف ان البشر الناقصين يقعون بسهولة بالغة في هذا الشرك. نعم، فطوال التاريخ «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه». (جامعة ٨:٩) وممارسة السلطة دون محبة سبَّبت للجنس البشري آلاما كثيرة.
٢، ٣ (أ) ما الامر اللافت للنظر بشأن استعمال يهوه لقدرته وسلطته؟ (ب) ماذا يمكن ان تشمل القدرة والسلطة في حالتنا، وكيف ينبغي ان نستعملهما؟
٢ ولكن ألا يلفت نظرك ان يملك يهوه اللّٰه قدرة وسلطة غير محدودتَين دون ان يسيء استعمالهما على الاطلاق؟ فقد رأينا في الفصول السابقة انه يستخدم دائما قدرته — سواء كانت على الخلق او الإهلاك او الحماية او الرد — بشكل ينسجم مع مقاصده الحبية. وعندما نتأمل في الطريقة التي يستعمل بها قدرته وسلطته، نندفع الى الاقتراب اليه. وهذا بدوره يدفعنا الى ‹الاقتداء باللّٰه› عند استعمال قدرتنا وسلطتنا. (افسس ٥:١) ولكن اية قدرة وسلطة نملكهما نحن البشر الضعفاء؟
٣ تذكَّر ان الانسان خُلق «على صورة اللّٰه» وشبهه. (تكوين ١:٢٦، ٢٧) لذلك نملك نحن ايضا القدرة، على الاقل بعضا منها، كما نملك مقدارا من السلطة. ويشمل ذلك، بين امور اخرى، التمكن من العمل وتحقيق امور معينة؛ امتلاك نفوذ على الآخرين؛ امكانية ممارسة تأثير في الغير، وخصوصا الذين يحبوننا؛ التمتع بقوة جسدية؛ او اقتناء موارد مادية. يقول صاحب المزمور عن يهوه: «عندك ينبوع الحياة». (مزمور ٣٦:٩) لذلك يُعتبر يهوه، بطريقة مباشرة او غير مباشرة، ينبوع ومصدر كل قدرة وسلطة شرعية قد نمتلكهما. لذلك يحسن بنا ان نستعملهما بطرائق ترضيه. فكيف نفعل ذلك؟
المحبة هي العامل الاهم
٤، ٥ (أ) ما هو العامل الاهم لاستعمال القدرة والسلطة بشكل صائب، وكيف يَظهر ذلك في مثال اللّٰه؟ (ب) كيف تساعدنا المحبة على استعمال قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب؟
٤ العامل الاهم لاستعمال القدرة والسلطة بشكل صائب هو المحبة. أوَلا يَظهر ذلك في مثال اللّٰه؟! تذكَّر المناقشة حول صفات اللّٰه الرئيسية الاربع — القدرة والعدل والحكمة والمحبة — في الفصل ١. اية صفة من هذه الصفات الاربع هي الغالبة؟ انها المحبة، اذ تقول ١ يوحنا ٤:٨ ان «اللّٰه محبة». نعم، المحبة هي جوهر يهوه، وتؤثر في كل ما يفعله. لذلك مهما كانت الطريقة التي تتجلى بها قدرته، نجد ان المحبة هي الدافع، وأنها تؤدي في النهاية الى خير الذين يحبونه.
٥ تساعدنا المحبة نحن ايضا على استعمال قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب. فالكتاب المقدس يخبرنا ان المحبة «لطيفة» و «لا تطلب مصلحتها الخاصة». (١ كورنثوس ١٣:٤، ٥) لذلك لا تدعنا المحبة نتصرف بطريقة جافة او قاسية تجاه مَن نملك مقدارا من السلطة عليهم، بل تجعلنا نعاملهم بكرامة ونعطي حاجاتهم ومشاعرهم الاولوية على حاجاتنا ومشاعرنا. — فيلبي ٢:٣، ٤.
٦، ٧ (أ) ما هي التقوى، ولماذا تساعدنا هذه الصفة على تجنب اساءة استعمال القدرة والسلطة؟ (ب) أعطِ مثلا يُظهر ارتباط الخوف من عدم ارضاء اللّٰه بمحبتنا له.
٦ ترتبط المحبة بصفة اخرى تساعدنا على تجنب اساءة استعمال القدرة والسلطة. انها التقوى، اي خوف اللّٰه. فما قيمة هذه الصفة؟ تقول الامثال ١٦:٦: «في مخافة الرب الحيدان عن الشر». ولا شك ان اساءة استعمال القدرة والسلطة هي بين الامور الشريرة التي ينبغي ان نحيد عنها. ومخافة اللّٰه ستمنعنا من اساءة معاملة مَن نملك سلطة عليهم. ولماذا؟ احد الاسباب هو اننا نعلم اننا مسؤولون امام اللّٰه عن طريقة معاملتنا للآخرين. (نحميا ٥:١-٧، ١٥) لكنَّ التقوى تشمل اكثر من ذلك. فكلمة «اتقى» او «خاف» في اللغات الاصلية تشير غالبا الى التوقير العميق ومهابة اللّٰه. ويربط الكتاب المقدس التقوى والخوف بمحبة اللّٰه. (تثنية ١٠:١٢، ١٣) لذا تتضمن هذه المهابة التوقيرية خوفا سليما من عدم ارضاء اللّٰه — ليس لأننا نخاف من العواقب فحسب بل لأننا نحبه حقا.
٧ لإيضاح ذلك: فكِّر في العلاقة الثمينة التي تربط الصبي الصغير بأبيه. فالصبي يشعر باهتمام ابيه الحبي والرقيق نحوه. لكنَّ الصبي يعرف ايضا ما يتطلبه ابوه منه، ويعرف ان اباه سيؤدبه اذا اساء التصرف. ومع ذلك لا يعيش الصبي في خوف غير سليم من ابيه. على العكس، فهو يحب اباه حُبًّا جمًّا. ويفرح الصغير حين يفعل ما يجعل اباه راضيا عنه. هكذا هو الامر بالنسبة الى خوف اللّٰه. فلأننا نحب ابانا السماوي يهوه، نخشى ان نفعل شيئا ‹يملأ قلبه حزنا›. (تكوين ٦:٦، ترجمة تفسيرية) ونسعى جاهدين الى تفريح قلبه. (امثال ٢٧:١١) لهذا السبب يحسن بنا ان نستعمل قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب. فلنرَ كيف يمكننا فعل ذلك بطرائق عملية.
ضمن العائلة
٨ (أ) اية سلطة يملكها الازواج في العائلة، وكيف يجب ان تمارَس؟ (ب) كيف يمكن للزوج ان يُظهر انه يكرم زوجته؟
٨ لنبدأ اولا بالدائرة العائلية. تقول افسس ٥:٢٣: «الزوج رأس زوجته». فكيف يجب ان يمارس الزوج سلطته هذه المعطاة من اللّٰه؟ يأمر الكتاب المقدس الازواج ان يسكنوا مع زوجاتهم «بحسب المعرفة، معطين اياهن كرامة كإناء اضعف». (١ بطرس ٣:٧) ان الاسم اليوناني المترجم «كرامة» يعني «اعتبار، قيمة، . . . احترام». وتُنقل صيغ لهذه الكلمة الى «عطايا» و «ثمين». (اعمال ٢٨:١٠؛ ١ بطرس ٢:٧، تف) والزوج الذي يكرم زوجته لا يسيء اليها جسديا البتة، كما انه لا يذلها او يحط من قدرها، جاعلا اياها تشعر ان لا قيمة لها. على العكس، يدرك الزوج قيمتها ويعاملها باحترام. ويُظهر بالكلام والعمل — سواء كانا وحدهما او امام الآخرين — انها غالية في نظره. (امثال ٣١:٢٨) وإذا تصرف الزوج هكذا، لا يحظى بمحبة زوجته واحترامها فحسب، بل ينال ما هو اهم: رضى اللّٰه.
يستخدم الازواج والزوجات سلطتهم وقدراتهم بشكل صائب حين يعاملون بعضهم بعضا بمحبة واحترام
٩ (أ) اية قدرات تملكها الزوجات في العائلة؟ (ب) ماذا يمكن ان يساعد الزوجة على استخدام مقدراتها لتدعم زوجها، وماذا تكون النتيجة؟
٩ وللزوجات ايضا قدرات يمكن ان يمارسنها في العائلة. ويتحدث الكتاب المقدس عن نساء تقيَّات اخذن المبادرة، دون خروج عن اطار الرئاسة اللائقة، وأثَّرن في ازواجهن بطريقة ايجابية او ساعدْنَهم على تفادي اتخاذ قرارات خاطئة. (تكوين ٢١:٩-١٢؛ ٢٧:٤٦–٢٨:٢) وقد تملك الزوجة فطنة اكثر من زوجها، او ربما تتمتع بمقدرات لا يملكها هو. ومع ذلك، يجب عليها ان تحترم زوجها «احتراما عميقا» و «تخضع» له «كما للرب». (افسس ٥:٢٢، ٣٣) وعندما تفكّر الزوجة في ان هدفها هو ارضاء اللّٰه، يمكن ان يساعدها ذلك على استخدام مقدراتها لتدعم زوجها لا لتقلل من شأنه او تحاول ان تسود عليه. وهذه ‹المرأة الحكيمة› تتعاون بشكل وثيق مع زوجها لتقوية العائلة. وهي بذلك تحافظ على السلام مع اللّٰه. — امثال ١٤:١.
١٠ (أ) اية سلطة منحها اللّٰه للوالدين؟ (ب) ما معنى كلمة «تأديب»، وكيف ينبغي ان يمارَس؟ (انظر ايضا الحاشية.)
١٠ كذلك منح اللّٰه الوالدين السلطة. لذا ينصح الكتاب المقدس: «وأنتم، ايها الآباء، لا تثيروا غضب اولادكم، بل داوموا على تربيتهم في تأديب يهوه وتوجيهه الفكري». (افسس ٦:٤) يمكن ان تعني كلمة «تأديب» في الكتاب المقدس «تربية، تدريب، وإرشاد». فالاولاد بحاجة الى التأديب، وستكون حياتهم اسعد وأفضل اذا وُضعت لهم ارشادات وحدود واضحة. ويربط الكتاب المقدس هذا التأديب، او الارشاد، بالمحبة. (امثال ١٣:٢٤) لذلك ينبغي ألا تُستعمل «عصا التأديب» ابدا بطريقة تسبب الاساءة، سواء من الناحية العاطفية او الجسدية.a (امثال ٢٢:١٥؛ ٢٩:١٥) والتأديب القاسي المجرد من المحبة هو اساءة لاستعمال سلطة الوالدين، ويمكن ان يسحق روح الولد. (كولوسي ٣:٢١) أما التأديب المتَّزن الذي يمارَس بالطريقة اللائقة فيفهم منه الاولاد ان والديهم يحبونهم وأنه يهمُّهم ان يتحلى اولادهم بشخصية جيدة عندما يكبرون.
١١ كيف يمكن للاولاد ان يستعملوا قدرتهم بشكل صائب؟
١١ وماذا عن الاولاد؟ كيف يمكنهم ان يستعملوا قدرتهم بشكل صائب؟ تقول الامثال ٢٠:٢٩: «فخر الشبان قوتهم». ولا يوجد مجال يستخدم فيه الشبان قوتهم ونشاطهم افضل من خدمة ‹خالقنا›. (جامعة ١٢:١) كما يحسن بالشبان ان يذكروا ان ما يفعلونه يمكن ان يؤثر في مشاعر والديهم. (امثال ٢٣:٢٤، ٢٥) لذلك عندما يطيع الاولاد والديهم الاتقياء ويتخذون مسلكا صائبا، فإنهم بذلك يفرّحون قلوبهم. (افسس ٦:١) وهذا الامر «مَرْضيّ جدا في الرب». — كولوسي ٣:٢٠.
ضمن الجماعة
١٢، ١٣ (أ) اية نظرة ينبغي ان يملكها الشيوخ حيال سلطتهم في الجماعة؟ (ب) اوضح لماذا ينبغي ان يعامل الشيوخ الرعية برقة.
١٢ هيَّأ يهوه نظارا ليتولَّوا القيادة في الجماعة المسيحية. (عبرانيين ١٣:١٧) ويجب على هؤلاء الرجال المؤهلين ان يستعملوا سلطتهم المعطاة من اللّٰه لتقديم المساعدة اللازمة والمساهمة في خير الرعية. فهل يتيح مركز الشيوخ لهم ان يسودوا على رفقائهم المؤمنين؟ طبعا لا! فيلزم ان يملك الشيوخ نظرة متزنة ومتواضعة الى دورهم في الجماعة. (١ بطرس ٥:٢، ٣) ويأمر الكتاب المقدس النظار: ‹ارعوا جماعة اللّٰه التي اشتراها بدم ابنه›. (اعمال ٢٠:٢٨) وهذا سبب قوي ليعاملوا كل فرد في الرعية برقة.
١٣ يمكن ايضاح ذلك بهذه الطريقة. يطلب منك صديق حميم ان تعتني بشيء عزيز يملكه. وأنت تعرف ان صديقك دفع مبلغا كبيرا للحصول عليه. أفلا تُولي هذا الشيء فائق اهتمامك، وتعتني به عناية شديدة؟ كذلك ائتمن اللّٰه الشيوخ على مسؤولية الاعتناء بشيء له قيمة كبيرة: الجماعة التي يشبَّه افرادها بالخراف. (يوحنا ٢١:١٦، ١٧) وخراف يهوه عزيزة على قلبه، عزيزة جدا حتى انه اشتراها بالدم الكريم الذي لابنه المولود الوحيد يسوع المسيح. ولا يوجد ثمن اغلى يدفعه يهوه لشراء خرافه. ان الشيوخ المتواضعين يُبقون هذا الامر في البال، وعلى هذا الاساس يعاملون خراف يهوه.
قدرة «اللسان»
١٤ ماذا في قدرة اللسان ان يفعل؟
١٤ يقول الكتاب المقدس: «الموت والحياة في يد اللسان». (امثال ١٨:٢١) ولا احد ينكر ان اللسان قادر على التسبب بأذى كبير. فمَن منا لم يشعر بلسعة كلام جارح، وربما محقِّر ايضا؟! ولكن في قدرة اللسان ان يُصلِح ايضا. تقول الامثال ١٢:١٨: «اما لسان الحكماء فشفاء». نعم، يمكن ان يشبَّه الكلام الايجابي وغير المؤذي بوضع بلسم ملطِّف وشافٍ للقلب. تأمل في بعض الامثلة.
١٥، ١٦ بأية طرائق يمكن استعمال اللسان لتشجيع الآخرين؟
١٥ تحثّ ١ تسالونيكي ٥:١٤ قائلة: «عزّوا النفوس المكتئبة». نعم، حتى خدام يهوه الامناء قد يضطرون احيانا الى محاربة الكآبة. فكيف يمكن مساعدة هؤلاء؟ اذكر اطراءً محدَّدا ونابعا من القلب تساعدهم به على رؤية قيمتهم في نظر يهوه. اقرأ معهم آيات مؤثرة من الكتاب المقدس تُظهر ان يهوه يهتم فعلا لأمرهم ويحب «المنكسري القلوب» و «المنسحقي الروح». (مزمور ٣٤:١٨) وبما ان اللسان قادر على مؤاساة الآخرين، فباستخدامنا اياه على هذا النحو نُظهر اننا نقتدي بإلهنا الرؤوف، الذي «يعزِّي المنسحقين». — ٢ كورنثوس ٧:٦.
١٦ يمكننا ايضا ان نستعمل لساننا لمنح الآخرين التشجيع الضروري جدا. فهل مات شخص عزيز على قلب احد الرفقاء المؤمنين؟ يمكن لكلماتنا المتعاطفة التي تعبِّر عن الاهتمام ان تعزّي القلب المفجوع. وهل يشعر اخ مسن، او اخت مسنة، ان لا احد يحتاج اليه؟ بإمكان الشخص المتعاطف ان يؤكد لهؤلاء المسنين انهم اعزّاء وموضع تقدير. وهل يصارع احد مرضا مزمنا؟ يمكن للكلمات اللطيفة عبر الهاتف او خلال زيارة شخصية ان تساهم كثيرا في رفع معنويات المريض. وكم يُسرّ خالقنا دون شك حين نستعمل القدرة على النطق للتفوه بكلام ‹صالح للبنيان›! — افسس ٤:٢٩.
المناداة بالبشارة — وسيلة ممتازة نستعمل بها قدرتنا
١٧ بأية طريقة مهمة يمكننا ان نستعمل لساننا لفائدة الآخرين، ولماذا ينبغي ان نفعل ذلك؟
١٧ لا توجد طريقة للاستفادة من قدرة اللسان اهم من إخبار الآخرين برسالة ملكوت اللّٰه. تقول الامثال ٣:٢٧: «لا تمنع الخير عن اهله حين يكون في طاقة [اي قدرة] يدك ان تفعله». ويقع علينا التزام إخبار الآخرين بالبشارة التي تنقذ حياتهم. فليس صائبا ان نحتفظ لأنفسنا بالرسالة الملحة التي اعطانا اياها يهوه بجزيل سخائه. (١ كورنثوس ٩:١٦، ٢٢) ولكن الى ايّ حد يتوقع يهوه منا ان نشارك في هذا العمل؟
خدمة يهوه ‹بكل قوتنا›
١٨ ماذا يتوقع يهوه منا؟
١٨ تدفعنا محبتنا ليهوه الى الاشتراك بشكل كامل في الخدمة المسيحية. فماذا يتوقع يهوه منا في هذا الشأن؟ انه يتوقع شيئا يمكننا نحن جميعا ان نقدّمه، مهما كان وضعنا في الحياة: «مهما كنتم تفعلون، فاعملوه من كل النفس كما ليهوه، وليس للناس». (كولوسي ٣:٢٣) كما قال يسوع عند تحدثه عن اعظم الوصايا: «تحب يهوه الهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل عقلك وبكل قوتك». (مرقس ١٢:٣٠) نعم، يتوقع يهوه من كل واحد منا ان يحبه ويخدمه من كل النفس.
١٩، ٢٠ (أ) بما ان النفس تشمل القلب والفكر والقوة، فلماذا تُذكر هذه الاوجه الاخرى مع النفس في مرقس ١٢:٣٠؟ (ب) ماذا تعني خدمة يهوه من كل النفس؟
١٩ وماذا تعني خدمة اللّٰه من كل النفس؟ تشير النفس الى كامل الشخص، بكل قدراته الجسدية والفكرية. ولكن بما ان النفس تشمل القلب والفكر والقوة، فلماذا تُذكر هذه الاوجه الاخرى مع النفس في مرقس ١٢:٣٠؟ تأمل في هذا الايضاح. في ازمنة الكتاب المقدس، كان يمكن ان يبيع الشخص نفسه للعبودية. لكنَّ هذا لا يعني ان العبد سيخدم سيده من كل قلبه، وربما لن يستعمل كل قوته او كل طاقاته الفكرية لترويج مصالح سيده. (كولوسي ٣:٢٢) لذلك ذكر يسوع كما يَظهر هذه الامور الاخرى ليشدد على اهمية عدم التراخي في ايّ شيء عند تقديم خدمتنا للّٰه. فخدمة اللّٰه من كل النفس تعني ان نبذل من انفسنا ونستعمل قوتنا وطاقاتنا الى اقصى حد ممكن في خدمته.
٢٠ وهل تعني الخدمة من كل النفس انه يجب علينا جميعا ان نصرف نفس كمية الوقت والطاقة في الخدمة؟ هذا الامر مستحيل، لأن الظروف والقدرات تختلف من شخص الى آخر. مثلا، قد يتمكن الشاب الذي يتمتع بصحة جيدة وقوة جسدية ان يصرف في الكرازة وقتا اطول من الوقت الذي يصرفه مَن أضعفت الشيخوخة قواه. وقد يتمكن الشخص الاعزب الذي لا تقع عليه التزامات عائلية ان ينجز اكثر من الذي عنده عائلة ليعتني بها. وكم ينبغي ان نكون شاكرين اذا تمتعنا بالقوة وتوفرت لنا الظروف التي تمكّننا من فعل الكثير في الخدمة! وطبعا، لن نسمح لذلك بأن يجعلنا ننمّي روحا انتقادية، مقارنين انفسنا بالآخرين في هذا المجال. (روما ١٤:١٠-١٢) عوض ذلك، يجب ان نستعمل قدرتنا لتشجيع الآخرين.
٢١ ما هي افضل وأهم وسيلة نستعمل بها قدرتنا؟
٢١ رسم يهوه المثال الكامل في استعمال قدرته وسلطته بشكل صائب. ويحسن بنا ان نبذل قصارى جهدنا كبشر ناقصين لنقتدي به. فيمكننا ان نستعمل قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب حين نعامل مَن نملك مقدارا من السلطة عليهم بكرامة. كما انه يحسن بنا ان نتمم العمل الكرازي المنقذ للحياة، الذي امرَنا يهوه بإنجازه، من كل النفس. (روما ١٠:١٣، ١٤) وتذكَّر ان يهوه يُسرّ عندما تبذل افضل ما لديك وتخدمه من كل نفسك. أفلا يجعلك قلبك ترغب في بذل قصارى جهدك في خدمة هذا الاله المحب والمتفهِّم؟ ليست هنالك وسيلة افضل او اهم نستعمل بها قدرتنا.
a في ازمنة الكتاب المقدس، كانت الكلمة العبرانية المترجمة «عصا» تعني قضيبا او عكازا، كالذي يستعمله الراعي ليُرشِد خرافه. (مزمور ٢٣:٤) وهكذا تشير «عصا» السلطة الابوية الى الارشاد الحبي لا الى عقاب قاسٍ او وحشي.
-
-
«يحب العدل»اقترب الى يهوه
-
-
القسم ٢
«يحب العدل»
الظلم متفشٍّ في العالم اليوم، وكثيرا ما يلام اللّٰه باطلا على ذلك. لكنَّ الكتاب المقدس يعلّمنا حقيقة مشجِّعة، اذ يقول ان يهوه «يحب العدل». (مزمور ٣٧:٢٨، ترجمة تفسيرية) في هذا القسم سنتعلم كيف اثبت اللّٰه صحة هذه الكلمات، مما يعطي املا لكل الجنس البشري.
-