-
العدل للجميع هل يأتي يوما ما؟برج المراقبة ١٩٨٩ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
العدل للجميع هل يأتي يوما ما؟
ان زوّار أولد بايلي التاريخي اللندني، مبنى المحكمة الجنائية الرئيسي، يرون في الاعلى تمثال امرأة ترمز الى العدل. في اليد الواحدة تمسك كفتي ميزان، مشيرة الى ان الدليل سيوزَن باعتناء. ويدها الاخرى تمسك سيفا لتحمي البريء ولتعاقب المذنب. وفي اماكن كثيرة اخرى يمكنكم ان تروا اشكالا مختلفة لهذا الرمز، وأحيانا «بعدل» معصوب العينين ليمثِّل عدم المحاباة.a
ولكن قد تسألون: ‹هل ما ترمز اليه، العدل للجميع، موجود حقا في ايّ بلد؟› طبعا، في كل بلد هنالك قوانين، بالاضافة الى اولئك الذين ينفِّذونها. ثم هنالك قضاة ومحاكم. وبالتأكيد، حاول كثيرون من الرجال ذوي المبادئ دعم حقوق الانسان والتأكد ان هنالك عدلا متساويا للجميع. ومع ذلك يتضح ان معظم جهودهم قد فشلت. ويوميا تقريبا نرى، نسمع، او نقرأ عن الفساد، الجور، والظلم.
تأملوا في مَثل امرأة أُحيلت الى المحكمة. وقبل اثبات ذنبها او براءتها اخبرها القاضي انه «سيهتم» بالتهمة الموجَّهة ضدها اذا التقته في فندق، ومن الواضح لاجل علاقة محرَّمة. نعم، ان اولئك الذين يُفترض ان يصونوا العدل برهنوا غالبا على انهم فاسدون او غير مؤهلين. وأخبرت مجلة التايم عن حالة في الولايات المتحدة حيث جرى اتهام ثلاثة اخماس قضاة المحكمة العليا بالمسلك غير الاخلاقي في مساعدة قاضٍ رفيق.
وفضلا عن ذلك، عندما يعلم الناس بالمجرمين الذين يداومون على الهرب من العقاب يصير الكثيرون ساخرين تماما ويجدونه اسهل ان ينتهكوا هم انفسهم القانون. (جامعة ٨:١١) وعن هولندا نقرأ: «كثيرون من الهولنديين يلومون السياسيين على تشجيعهم الإباحية التي تولِّد الجريمة. وآخرون يتَّهمون المحاكم، وخصوصا القضاة . . . الذين يستمرون في منح احكام مخفَّفة، وأحيانا متساهلة على نحو منافٍ للعقل.» إلا ان حاجتنا اليائسة الى العدل تشمل اكثر من اصلاح وكالات تنفيذ القانون والنظام القضائي.
انتم تعرفون انه في بلدان كثيرة تزداد الاقلية الثرية غنى في حين تواجه الجماهير الفقيرة ظلما اقتصاديا. وظلم كهذا يسود عندما تكون لدى الناس بسبب لون بشرتهم، خلفيتهم العرقية، لغتهم، جنسهم، او دينهم، فرصة ضئيلة ليحسِّنوا حالهم وحتى ليعيلوا انفسهم. والنتيجة هي ان الملايين يتلفهم الفقر، الجوع، والمرض. وبينما يستفيد اناس كثيرون في البلدان الغنية من الاجراءات الطبية المتقدمة تتألم ملايين لا تحصى وتموت لانها لا تقدر ان تحصل على الادوية الاساسية او حتى المياه النظيفة. وحدِّثوهم عن العدل! انه ظلم من المهد الى اللحد. — جامعة ٨:٩.
وماذا عن المظالم الظاهرية التي تبدو فوق السيطرة البشرية؟ فكِّروا في الاطفال المولودين بعيوب خلقية — العمى، التخلف العقلي، او التشوُّه؟ هل تشعر المرأة بمعنى العدل اذا خرج طفلها مشلولا او ميتا فيما تحتضن النساء الاخريات في الجوار اطفالا اصحَّاء؟ وكما ستُظهر المناقشة التالية، فان مثل هذه المظالم الواضحة سيجري تقويمها.
ولكن، في هذه المرحلة من الوقت، ألا توافقون على التعليق في الجامعة ١:١٥؟ فهنا اعترف ملك حكيم وذو خبرة، من وجهة النظر البشرية: «الاعوج لا يمكن ان يُقوَّم والنقص لا يمكن ان يُجبَر.»
والرجل الاكثر شهرة ايضا كان يسوع المسيح. ففي لوقا ١٨:١-٥ نقرأ مَثَله عن قاضٍ «لا يخاف اللّٰه ولا يهاب انسانا.» فاستمرت ارملة تلتمس من ذلك القاضي العدل الذي يخوِّلها القانون الحق فيه. ولكنّ يسوع قال ان القاضي الشرير ساعدها فقط لأن التماسها اصبح ازعاجا. لذلك يمكن القول ان يسوع كان مدركا ان المظالم كثُرت. وفي الواقع، عُذِّب هو نفسه لاحقا وأُعدم بتهمة ملفَّقة، إخفاق جسيم آخر للعدل!
يعتقد كثيرون ان هنالك الها مهتما بالظلم. فخلال قداس في احد بلدان اميركا الوسطى قال البابا يوحنا بولس الثاني: «عندما تتصرفون بقسوة نحو انسان، عندما تعتدون على حقوقه، عندما ترتكبون مظالم فظيعة ضده، عندما تُخضعونه للتعذيب، تقتحمون وتخطفونه او تعتدون على حقه في الحياة، فأنتم ترتكبون جريمة واساءة عظمى الى اللّٰه.» كلام جميل. ولكنّ المظالم مستمرة. فسوء التغذية في ذلك البلد يصيب ٨ من ١٠ اولاد تحت الخامسة من العمر. واثنان في المئة من الناس يملكون ٨٠ في المئة من الارض القابلة للزراعة.
اذاً، هل هنالك حقا اله يُعنى بصدق بمظالم رهيبة كهذه، اله يهتم حتى بالمظالم التي تؤثر فيكم؟ هل سيتأكد يوما ما من اتيان العدل؟
[الحاشية]
a صورة غلافنا هي من جستيسيا فاونتن في فرانكفورت آم ماين، المانيا. والتمثال في هذه الصفحة هو على مبنى بلدي في بروكلين، نيويورك، الولايات المتحدة الاميركية.
-
-
الى من يمكننا ان نتطلع من اجل العدل الحقيقي؟برج المراقبة ١٩٨٩ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
الى من يمكننا ان نتطلع من اجل العدل الحقيقي؟
«أديّان كل الارض لا يصنع عدلا.» — تكوين ١٨:٢٥.
١ و ٢ كيف يكون رد فعل اناس كثيرين تجاه المظالم السائدة؟
ربما تدركون بحزن ان المظالم تكثر. فكيف تتجاوبون شخصيا مع النقص السائد في العدل الحقيقي؟
٢ بعض الناس يكون رد فعلهم الشك في وجود اله عادل. وقد يدَّعون ايضا انهم لاأدريون. وعلى الارجح سمعتم بهذا التعبير. انه يشير الى شخص يشعر «بأن اية حقيقة مطلقة (كاللّٰه) هي مجهولة وعلى الارجح لا سبيل الى معرفتها.»a وعالِم الاحياء توماس ه. هاكسلي، المؤيد لنظرية التطور الداروينية في القرن الـ ١٩، هو اول من استعمل الكلمة «لا أدري» بهذه الطريقة.
٣ و ٤ ما هي خلفية الكلمة «لاادري»؟
٣ ولكن، من اين اشتق هاكسلي التعبير «لاادري»؟ في الواقع، اعتمد على تعبير استخدمه بمعنى آخر محام في القرن الاول، الرسول بولس. وقد ورد في احد الخطابات الاوسع شهرة على الاطلاق. وهذا الخطاب مناسب اليوم لانه يقدم لنا اساسا سليما لنعرف كيف ومتى سيسود العدل للجميع، وعلاوة على ذلك، كيف يمكننا ان نستفيد منه شخصيا.
٤ ان الكلمة «لاادري» («مجهول») أُخذت من ذِكر بولس لمذبح كُتب عليه «لاله مجهول.» وذلك الخطاب المختصر سجَّله الطبيب لوقا في الاصحاح ال ١٧ من السفر التاريخي اعمال الرسل. والاصحاح يُظهر اولا كيف حدث ان صار بولس في اثينا. وفي الإطار المرفق (الصفحة ٦) يمكنكم ان تقرأوا معلومات لوقا التمهيدية ونص الخطاب بكامله.
٥ ماذا كان الوضع الذي فيه ألقى بولس خطابه على الاثينويين؟ (اقرأوا الاعمال ١٧:١٦-٣١.)
٥ خطاب بولس قوي فعلا ويستحق تفكيرنا الدقيق. واذ كان، كما نحن، محاطا بالمظالم الفاضحة يمكننا ان نتعلم من ذلك الكثير. لاحظوا اولا الوضع، الذي يمكنكم ان تقرأوه في الاعمال ١٧:١٦-٢١ . كان الاثينويون فخورين بالعيش في مركز شهير للعلم حيث تعلَّم سقراط، افلاطون، وأرسطو. وكانت اثينا ايضا مدينة متديِّنة جدا. ففي كل مكان حوله تمكَّن بولس من ان يرى اصناما — تلك التي لاله الحرب آريز، او مارس؛ لزيوس؛ لأسكليبيوس، اله الطب؛ لاله البحر الهائج، پوسيدون؛ لديونيسوس، أثينا، إيروس، وغيرها.
٦ كيف تُقارن منطقتكم بما وجده بولس في اثينا؟
٦ ولكن، ماذا لو فحص بولس بلدتكم او منطقتكم؟ قد يرى الكثير من الاصنام او التماثيل الدينية، حتى في بلدان العالم المسيحي. وفي مكان آخر، يمكنه ان يرى اكثر. يقول احد كتب دليل السياحة: «الآلهة الهندية، بخلاف ‹اخوتها› اليونانية المتقلِّبة، هي أُحادية الزواج، وبعض اعظم القوى تأثيرا نُسبت الى زوجاتها . . . وهنالك، بدون مبالغة، ملايين من الآلهة التي تُعنى بكل اشكال الحياة والطبيعة.»
٧ ماذا كانت عليه الآلهة اليونانية القديمة؟
٧ وقد وُصفت آلهة يونانية عديدة بأنها حقيرة وفاسدة ادبيا جدا. وسلوكها يكون مخزيا للبشر، نعم، اجراميا في معظم البلدان اليوم. اذاً، لديكم كل سبب للتساؤل، ايّ نوع من العدل ربما توقعه اليونانيون آنذاك من آلهة كهذه. ومع ذلك، رأى بولس ان الاثينويين كانوا متعبِّدين لها على نحو خصوصي. واذ كان ممتلئا من قناعات بارة بدأ يشرح الحقائق الرفيعة للمسيحية الاصيلة.
حضور متحدٍّ
٨ (أ) اية معتقدات ووجهات نظر وسمت الابيكوريين؟ (ب) وبماذا آمن الرواقيون؟
٨ بعض اليهود واليونانيين اصغوا باهتمام، ولكن كيف كان رد فعل الفلاسفة الابيكوريين والرواقيين ذوي النفوذ؟ كما سترون، كانت افكارهم مماثلة للمعتقدات الشائعة اليوم من نواحٍ عديدة، حتى تلك التي تُلقَّن للاحداث في المدرسة. لقد حثَّ الابيكوريون على العيش بهدف نيل ما يمكن من المتعة، وخصوصا المتعة العقلية. وفلسفتهم «لنأكل ونشرب لاننا غدا نموت» اتَّسمت بانعدام المبدإ والفضيلة. (١ كورنثوس ١٥:٣٢) ولم يؤمنوا بأن آلهة خلقت الكون؛ بل اعتقدوا ان الحياة اتت بالصدفة في كون منجز من غير تفكير. وبالاضافة الى ذلك، لم تكن الآلهة مهتمة بالبشر. وماذا عن الرواقيين؟ لقد شدَّدوا على المنطق، اذ اعتقدوا ان المادة والقوة كانتا مبدأين اساسيين في الكون. وتصوَّر الرواقيون الها غير شخصي عوض الايمان باله كشخص. وشعروا ايضا بأن القدَر يتحكَّم في الشؤون البشرية.
٩ لماذا كانت حالة بولس حالة تحدٍّ للكرازة فيها؟
٩ فكيف تجاوب فلاسفة كهؤلاء مع تعليم بولس العلني؟ اختلاط الفضول بالتكبّر العقلي كان ميزة اثينوية آنذاك، وقد بدأ هؤلاء الفلاسفة يجادلون بولس. وأخيرا اخذوه الى أريوس باغوس. وفوق سوق اثينا، ولكن تحت قلعة اثينا الضخمة، كانت هنالك تلة صخرية دعيت باسم اله الحرب، مارس، او آريز، وبالتالي تلة مارس، او أريوس باغوس. وفي الازمنة القديمة كان اعضاء المحكمة او المجلس يجتمعون هناك. وربما أُخذ بولس الى محكمة العدل، التي ربما اقترنت بمنظر قلعة اثينا المؤثر وهيكل الاهتها اثينا الشهير الى جانب الهياكل والتماثيل الاخرى. والبعض يعتقدون ان الرسول كان في خطر لان الشريعة الرومانية منعت ادخال آلهة جديدة. ولكن حتى ولو أُخذ بولس الى أريوس باغوس لمجرد ايضاح معتقداته او لاظهار ما اذا كان معلما كفءا فانه واجه حضورا هائلا. فهل تمكَّن من تقديم رسالته الحيوية دون تنفيرهم منها؟
١٠ كيف استخدم بولس اللباقة في التمهيد لمعلوماته؟
١٠ لاحظوا من الاعمال ١٧:٢٢، ٢٣ بأية لباقة وحكمة ابتدأ بولس. وعندما اعترف كم كان الاثينويون متديِّنين وكم كان لديهم من اصنام ربما اعتبر بعض مستمعيه الامر تملُّقا. وبدلا من مهاجمة ايمانهم بتعدد الآلهة ركَّز بولس على مذبح كان قد رآه، مذبح مخصَّص «لاله مجهول.» والدليل التاريخي يُظهر ان مذابح كهذه وُجدت مما يجب ان يقوّي ثقتنا برواية لوقا. وقد استخدم بولس هذا المذبح كنقطة انطلاق. والاثينويون كانوا يقدِّرون المعرفة والمنطق. ومع ذلك اعترفوا بأنه يوجد اله كان بالنسبة اليهم ‹مجهولا› (باليونانية، أغنوسطس). فكان من المنطقي ان يدَعوا بولس يوضحه لهم. وهل كان يمكن لاحد ان يجد خطأ في هذا التفكير؟
هل اللّٰه لا سبيل الى معرفته؟
١١ بأية طريقة جعل بولس حضوره يفكرون في الاله الحقيقي؟
١١ حسنا، ماذا كان عليه هذا ‹الاله المجهول›؟ «الاله» الذي صنع العالم وكل ما فيه. ولا احد ينكر ان الكون موجود، ان النباتات والحيوانات موجودة، اننا نحن البشر موجودون. والقدرة والذكاء، نعم، الحكمة الظاهرة في كل ذلك تشير الى انه من نتاج خالق حكيم وقدير لا من نتاج الصدفة. وفي الواقع، ان طريقة تفكير بولس صحيحة اكثر ايضا في زمننا. — رؤيا ٤:١١؛ ١٠:٦.
١٢ و ١٣ اي دليل عصري يدعم النقطة التي ذكرها بولس؟
١٢ منذ وقت غير طويل، في كتاب في مركز الاشياء الضخمة، كتب الفلكي البريطاني السّر برنارد لوڤيل عن التعقيد البالغ لاشكال الحياة الأبسط على الارض. وناقش ايضا ما اذا كان من الممكن ان تكون حياة كهذه قد حدثت بالصدفة. واستنتاجه: «ان احتمال . . . حدوث صدفة تؤدي الى تكوين احدى جزيئيات البروتيين الاصغر ضئيل على نحو لا يمكن تصوره. وضمن الشروط الحدِّية للزمان والمكان التي نأخذها بعين الاعتبار هو في الواقع صفر.»
١٣ او تأملوا في الطرف الآخر — كوننا. لقد استعمل الفلكيون تركيبات الكترونية ليدرسوا اصله. فماذا وجدوا؟ في اللّٰه والفلكيون كتب روبرت جاسترو: «الآن نرى كيف ان الدليل الفلكي يقود الى نظرة الكتاب المقدس عن اصل العالم.» «بالنسبة الى العالِم الذي عاش بايمانه بقوة المنطق تنتهي القصة كحلم مزعج. فقد تسلَّق جبال الجهل؛ وهو على وشك ان يقهر اعلى قمة؛ وفيما يجرُّ نفسه فوق الصخرة الاخيرة تُحيّيه زمرة من اللاهوتيين [الاشخاص الذين يؤمنون بالخلق] الذين كانوا يجلسون هناك لقرون.» — قارنوا مزمور ١٩:١.
١٤ اي منطق دعم كلام بولس بأن اللّٰه لا يسكن في هياكل بشرية الصنع؟
١٤ وهكذا يمكننا ان نرى كم كان تعليق بولس صحيحا في الاعمال ١٧:٢٤، الذي يقودنا الى فكرته التالية في العدد ٢٥ . فالاله القدير الذي استطاع ان يخلق «العالم وكل ما فيه» هو بالتأكيد اعظم من الكون المادي. (عبرانيين ٣:٤) لذلك لا يكون منطقيا التفكير انه محدود بالسكن في هياكل، وبالتخصيص تلك التي بناها اناس اعترفوا علنا بأنه كان ‹مجهولا› بالنسبة اليهم. فيا لها من نقطة قوية تُقدَّم للفلاسفة الذين ربما كانوا في تلك اللحظة عينها ينظرون خطفا الى الهياكل العديدة فوقهم مباشرة! — ١ ملوك ٨:٢٧؛ اشعياء ٦٦:١.
١٥ (أ) لماذا كانت اثينا في اذهان حضور بولس؟ (ب) كون اللّٰه هو المعطي يجب ان يقود الى اي استنتاج؟
١٥ على الارجح كان مستمعو بولس قد قدَّموا التعبد في قلعة اثينا لاحد تماثيل إلاهتهم الواقية، اثينا. وأثينا المبجَّلة في هيكل الإلاهة اثينا كانت من العاج والذهب. وثمة تمثال آخر لاثينا بلغ ارتفاعه ٧٠ قدما ويمكن رؤيته من السفن في البحر. وقد قيل ان الصنم المعروف بأثينا پولياس سقط من السماء؛ وكان الناس يُحضرون له قانونيا رداء جديدا مصنوعا باليد. ولكن اذا كان الاله الذي لا يعرفه هؤلاء الناس هو الاسمى وقد خلق الكون، فلماذا يحتاج الى ان يُخدم بأشياء قد يجلبها الناس؟ فهو يعطينا ما نحتاج اليه: ‹حياتنا،› ‹النَفَس› الذي نحتاج اليه لدعمها، و «كل شيء،» بما في ذلك الشمس، المطر، والارض الخصبة حيث ينمو طعامنا. (اعمال ١٤:١٥-١٧؛ متى ٥:٤٥) انه المعطي، والناس هم الآخذون. وبكل تأكيد لا يعتمد المعطي على الآخذين.
من انسان واحد — كل انسان
١٦ اي ادعاء صنعه بولس بشأن اصل الانسان؟
١٦ وبعد ذلك، في الاعمال ١٧:٢٦، يعلن بولس حقيقة يجب ان يفكِّر فيها كثيرون من الناس، وخصوصا بكل هذا الظلم العرقي الظاهر اليوم. فقد قال ان الخالق «صنع من (انسان) واحد كل امة من الناس يسكنون على كل وجه الارض.» والفكرة بأن الجنس البشري وحدة او اخوَّة (مع ما يتضمنه ذلك للعدل) كانت امرا ليتأمل فيه اولئك الناس لان الاثينويين ادَّعوا بأنهم من اصل خصوصي يفرزهم عن باقي الجنس البشري. إلا ان بولس قبِل رواية التكوين عن الانسان الاول، آدم، الذي صار الجد الاعلى لنا جميعا. (رومية ٥:١٢؛ ١ كورنثوس ١٥:٤٥-٤٩) ومع ذلك قد تتساءلون: ‹هل يمكن دعم فكرة كهذه في عصرنا العلمي الحديث؟›
١٧ (أ) كيف تشير بعض الادلة العصرية الى الاتجاه نفسه الذي اشار اليه بولس؟ (ب) اية علاقة لذلك بالعدل؟
١٧ تشير نظرية التطور الى ان الانسان تطوَّر في اماكن وأنواع مختلفة. ولكن في وقت باكر من السنة الماضية خصصت النيوزويك قسمها العلمي لـ «البحث عن آدم وحواء.» وركَّزت على التطورات الاخيرة في حقل علم الوراثة. وفيما لا يوافق جميع العلماء، كما نتوقع، تشير الصورة المنبثقة الى الاستنتاج ان كل البشر لهم سَلَف وراثي مشترك. وبما اننا جميعا اخوة، كما قال الكتاب المقدس منذ زمن طويل، ألا يجب ان يكون هنالك عدل للجميع؟ ألا يحق لنا جميعا ان ننال معاملة منصفة بصرف النظر عن لون بشرتنا، نوع شعرنا، او الخصائص السطحية الاخرى؟ (تكوين ١١:١؛ اعمال ١٠:٣٤، ٣٥) غير اننا لا نزال في حاجة الى ان نعرف كيف ومتى سيأتي العدل للجنس البشري.
١٨ اي اساس كان هنالك لعبارة بولس عن تعاملات اللّٰه مع الناس؟
١٨ حسنا، في العدد ٢٦، اشار بولس الى انه يُتوقَّع ان تكون لدى الخالق مشيئة، او قصد عادل، للجنس البشري. وقد عرف الرسول انه عندما تعامل اللّٰه مع امة اسرائيل قرر اين يجب ان يعيشوا وكيف يمكن ان تعاملهم الامم الاخرى. (خروج ٢٣:٣١، ٣٢؛ عدد ٣٤:١-١٢؛ تثنية ٣٢:٤٩-٥٢) وطبعا، ربما طبَّق حضور بولس بكبرياء تعليقاته على انفسهم اولا. وفي الواقع، سواء عرفوا ذلك او لا، عبَّر يهوه اللّٰه نبويا عن مشيئته بشأن الوقت، او المرحلة في التاريخ، حين تصير اليونان الدولة العالمية العظمى الخامسة. (دانيال ٧:٦؛ ٨:٥-٨، ٢١؛ ١١:٢، ٣) وبما ان هذا الشخص يمكنه ان يدير الامم ايضا، أليس معقولا ان نرغب في التعلّم عنه؟
١٩ لماذا نقطة بولس في الاعمال ١٧:٢٧ معقولة؟
١٩ وليس الامر كما لو ان اللّٰه تركنا في جهل عنه، نتلمَّس طريقنا على نحو اعمى. لقد اعطى الاثينويين وايانا اساسا للتعلم عنه. وفي رومية ١:٢٠ كتب بولس لاحقا: «اموره [اللّٰه] غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته.» اذاً، ليس اللّٰه حقا بعيدا عنا اذا اردنا ان نجده ونتعلم عنه. — اعمال ١٧:٢٧.
٢٠ كيف يصح انه باللّٰه «نحيا ونتحرك ونوجد»؟
٢٠ والتقدير يجب ان يدفعنا الى ذلك، كما تقترح الاعمال ١٧:٢٨. فاللّٰه اعطانا الحياة. وفي الواقع، لدينا اكثر من حياة بسيطة كالحياة التي للشجرة. فنحن، ومعظم الحيوانات، لدينا قدرة حياة اسمى تمكِّننا من التحرك. ألسنا سعداء بذلك؟ ولكنّ بولس يمضي بالمسألة الى ابعد من ذلك. فنحن موجودون ككائنات ذكية بشخصيات. وأدمغتنا المعطاة من اللّٰه تمكِّننا من التفكير، من ادراك المبادئ المجرَّدة (كالعدل الحقيقي)، ومن الرجاء — نعم، من التطلع الى الاتمام المستقبلي لمشيئة اللّٰه. وكما يمكنكم ان تقدِّروا، لا بد ان بولس ادرك ان هذا الامر سيكون اكثر من ان يقبله الفلاسفة الابيكوريون والرواقيون. ولمساعدتهم اقتبس من بعض الشعراء اليونانيين الذين عرفوهم واحترموهم، الشعراء الذين قالوا على نحو مشابه: «لاننا ايضا ذريته.»
٢١ بأية طريقة يجب ان يؤثر فينا كوننا ذرية اللّٰه؟
٢١ واذا قدَّر الناس اننا ذرية اللّٰه العلي او نتاجه يليق بهم في النهاية ان يتطلعوا اليه من اجل التوجيه حول كيفية العيش. ويجب ان تُعجبوا بجرأة بولس اذ وقف تقريبا في ظل قلعة اثينا. لقد حاجَّ بشجاعة بأن خالقنا هو بالتأكيد اعظم من ايّ تمثال بشري الصنع وأعظم حتى من التمثال العاجي والذهبي في هيكل الإلاهة اثينا. وجميعنا نحن الذين نقبل كلام بولس يجب ان نوافق كذلك على ان اللّٰه ليس كأيّ من الاصنام التي يعبدها الناس اليوم. — اشعياء ٤٠:١٨-٢٦.
٢٢ كيف تكون التوبة ذات علاقة بنيلنا العدل؟
٢٢ ليس ذلك مجرد نقطة تقنية ليقبلها المرء عقليا فيما يستمر في العيش كما في السابق. وأوضح بولس ذلك في العدد ٣٠: «فاللّٰه الآن يأمر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل [لتصوُّرهم ان اللّٰه مثل صنم ضعيف او انه يقبل العبادة من خلاله].» وهكذا اذ كان يتقدم الى الذروة نحو خاتمته القوية قدَّم بولس نقطة رائعة — التوبة! لذلك اذا كنا نتطلع الى اللّٰه من اجل العدل الحقيقي يعني ذلك انه يجب ان نتوب. فماذا يتطلب هذا الامر منا؟ وكيف سيزوِّد اللّٰه العدل للجميع؟
[الحاشية]
a كالكثيرين اليوم، لاحظ هاكسلي مظالم العالم المسيحي. وفي مقالة عن اللاأدرية كتب: «لو امكننا فقط ان نرى . . . سيول الرياء والوحشية، الاكاذيب، القتل، انتهاك كل واجب للانسانية، التي تدفقت من هذا المصدر على مرّ تاريخ الامم المسيحية، لصارت تصوراتنا الاردأ عن الهاوية شاحبة امام المشهد.»
-
-
الى من يمكننا ان نتطلع من اجل العدل الحقيقي؟برج المراقبة ١٩٨٩ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
[الاطار في الصفحة ٦]
العدل للجميع — اعمال، الاصحاح ١٧
«١٦ وبينما بولس ينتظرهما في اثينا احتدَّت روحه فيه اذ رأى المدينة مملوءة اصناما. ١٧ فكان يكلِّم في المجمع اليهود المتعبِّدين والذين يصادفونه في السوق كل يوم. ١٨ فقابله قوم من الفلاسفة الابيكوريين والرواقيين وقال بعضٌ تُرى ماذا يريد هذا المهذار ان يقول. وبعضٌ إنه يظهر مناديا بآلهة غريبة. لانه كان يبشِّرهم بيسوع والقيامة. ١٩ فأخذوه وذهبوا به الى أريوس باغوس قائلين هل يمكننا ان نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلم به. ٢٠ لانك تأتي الى مسامعنا بأمور غريبة فنريد ان نعلم ما عسى ان تكون هذه. ٢١ أما الاثينويون اجمعون والغرباء المستوطنون فلا يتفرَّغون لشيء آخر إلا لأن يتكلموا او يسمعوا شيئا حديثا.
٢٢ فوقف بولس في وسط أريوس باغوس وقال. ايها الرجال الاثينويون اراكم من كل وجه كأنكم متديِّنون كثيرا. ٢٣ لانني بينما كنت اجتاز وأنظر الى معبوداتكم وجدت ايضا مذبحا مكتوبا عليه. لاله مجهول. فالذي تتَّقونه وأنتم تجهلونه هذا انا انادي لكم به. ٢٤ الاله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا اذ هو رب السماء والارض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالايادي. ٢٥ ولا يُخدم بأيادي الناس كأنه محتاج الى شيء. اذ هو يعطي الجميع حياة (ونَفَسا) وكل شيء. ٢٦ وصنع من (انسان) واحد كل امة من الناس يسكنون على كل وجه الارض وحتم بالاوقات المعيَّنة وبحدود مسكنهم. ٢٧ لكي يطلبوا اللّٰه لعلَّهم يتلمَّسونه فيجدوه مع انه عن كل واحد منا ليس بعيدا. ٢٨ لاننا به نحيا ونتحرك ونوجد. كما قال بعض شعرائكم ايضا لاننا ايضا ذريته. ٢٩ فاذ نحن ذرية اللّٰه لا ينبغي ان نظن ان اللاهوت شبيه بذهب او فضة او حجر نقش صناعة واختراع انسان. ٣٠ فاللّٰه الآن يأمر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل. ٣١ لانه اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة (بالبر) برجل قد عيَّنه مقدِّما للجميع (ضمانا) اذ اقامه من الاموات.»
[الاطار في الصفحة ٧]
الكون خُلق
في سنة ١٩٨٠ كتب الدكتور جون أ. أوكيف، من ناسا (وكالة الفضاء والطيران الاميركية): «اؤيد وجهة نظر جاسترو بأن علم الفلك العصري وجد دليلا يُركن اليه على ان الكون خُلق منذ حوالى خمس عشرة الى عشرين بليون سنة.» «وأجد انه من المثير جدا ان نرى كيف ان الدليل على الخلق . . . وسم بوضوح كل شيء حولنا: الصخور، السماء، الموجات اللاسلكية، وقوانين الفيزياء الاساسية جدا.»
[الاطار في الصفحة ٩]
«البحث عن آدم وحواء»
تحت هذا العنوان قالت مقالة في النيوزويك جزئيا: «لقد اعلن المنقِّب المتمرس ريتشارد ليكي في سنة ١٩٧٧: ‹لا يوجد مركز واحد وُلد فيه الانسان الحديث.› أما الآن فيميل علماء الوراثة الى الاعتقاد خلافا لذلك . . . ‹اذا صحَّت، وأراهن بمالي عليها، تكون هذه الفكرة في غاية الاهمية،› يقول ستيفن جاي ڠولد، عالم احافير وكاتب مقالات في هارڤارد. ‹وهي تجعلنا ندرك ان جميع الكائنات البشرية، بالرغم من الفوارق في المظهر الخارجي، هم حقا اعضاء كيان واحد له اصله الحديث جدا في مكان واحد. فهنالك نوع من الاخوَّة البيولوجية التي هي اعمق بكثير مما ادركناه في ايّ وقت مضى.›» — ١١ كانون الثاني ١٩٨٨.
-
-
العدل للجميع بواسطة الديَّان المعيَّن من اللّٰهبرج المراقبة ١٩٨٩ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
العدل للجميع بواسطة الديَّان المعيَّن من اللّٰه
«لأن الآب يحب الابن . . . قد أعطى كل الدينونة للابن.» — يوحنا ٥:٢٠، ٢٢.
١ كيف تواجهون اسئلة مماثلة لتلك التي واجهها بعض الناس في القرن الاول؟
كم مهم العدل بالنسبة اليكم؟ وكم تبذلون من الجهد لتتيقَّنوا نيل العدل الحقيقي وحتى العيش عندما يسود الارض كلها؟ عليكم واجب التفكير في هذين السؤالين، كما فعل بعض الرجال والنساء البارزين في اثينا، اليونان.
٢ و ٣ (أ) ماذا ادّى الى دعوة بولس مستمعيه الاثينويين ان يتوبوا؟ (ب) لماذا بدت التوبة غريبة عند ذلك الحضور؟
٢ لقد سمعوا خطاب الرسول المسيحي بولس الذي لا يُنسى للمحكمة الشهيرة لأريوس باغوس. فقد حاجَّ اولا بوجود اله واحد، الخالق، الذي جميعنا مديونون له بالحياة. وهذا ما ادّى الى الاستنتاج المنطقي اننا مسؤولون امام هذا الاله. وعند هذه النقطة اعلن بولس: «اللّٰه الآن يأمر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل [كما عن عبادة الناس للاصنام].» — اعمال الرسل ١٧:٣٠.
٣ وفي الواقع، كانت التوبة فكرة مروِّعة لذلك الحضور. ولماذا ذلك؟ لقد عرف اليونانيون القدماء التوبة بمعنى الشعور بالندم على عمل او قول. ولكنّ الكلمة، كما يبيِّن احد القواميس، «لم تقترح قط تبدُّلا في الموقف الادبي كله، تغيُّرا عميقا في اتجاه الحياة، تحوُّلا يؤثر في كامل السلوك.»
٤ بأي منطق جرى دعم تعليق بولس عن التوبة؟
٤ ومع ذلك يمكنكم ان تروا دون شك لماذا تكون توبة عميقة كهذه ملائمة. تابعوا منطق بولس. كل الناس مديونون بحياتهم للّٰه، لذلك جميعهم مسؤولون امامه. اذاً، من الصواب والعدل ان يتوقع اللّٰه منهم ان يطلبوه، ان يجدوا المعرفة عنه. واذا كان اولئك الاثينويون لا يعرفون مبادئه ومشيئته يلزمهم ان يتعلَّموا هذه الامور ومن ثم يتوبوا لكي تنسجم حياتهم معها. وهذا لا يتوقف على مجرد كم كان الامر ملائما لفعل ذلك. ويمكننا ان نرى السبب من ذروة بولس القوية: «لانه اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة (بالبر) برجل قد عيَّنه مقدِّما للجميع (ضمانا) اذ اقامه من الاموات.» — اعمال ١٧:٣١.
٥ كيف كان رد فعل الحضور بالنسبة الى خطاب بولس، ولماذا؟
٥ وهذا العدد المليء بالمعنى والمقنع جدا يستحق فحصنا الدقيق، لانه يثير الامل بالعدل الكامل في وقتنا. لاحظوا العبارات: «اقام يوما،» «يدين المسكونة،» «(بالبر،)» «برجل قد عيَّنه،» «مقدِّما للجميع (ضمانا)،» «اقامه.» وهذه الكلمة «اقامه» سبَّبت رد فعل قويا من قبل حضور بولس. وكما تُظهر الاعداد ٣٢-٣٤، فان البعض استهزأوا. وآخرون تركوا المناقشة. غير ان قليلين صاروا مؤمنين تائبين. لذلك فلنكن أحكم من اغلبية الحضور الاثينويين، لان الامر بغاية الاهمية اذا كنا نتوق الى العدل الحقيقي. ولفهم المعنى الكامل للعدد ٣١ انظروا اولا الى العبارة: «هو فيه مزمع ان يدين المسكونة.» فمن يكون «هو،» وما هي مقاييسه، وخصوصا تلك المتعلقة بالعدل؟
٦ كيف يمكننا ان نتعلم عن الشخص الذي اقام يوما ليدين الارض؟
٦ حسنا، تُظهر الاعمال ١٧:٣٠ الشخص الذي كان بولس يشير اليه — الاله الذي يأمر الجميع ان يتوبوا، مانح حياتنا، الخالق. وطبعا، يمكننا ان نعرف الكثير عن اللّٰه من اعماله الخلقية. ولكنّ مقياسه للعدل ظاهر خصوصا من مصدر آخر، الكتاب المقدس، الذي يحتوي على سجل تعاملاته مع الناس كموسى وعلى شرائع اللّٰه لاسرائيل.
ايّ نوع من الدينونة والعدل؟
٧ اية شهادة يزوِّدها موسى عن يهوه والعدل؟
٧ قد تدركون انه لعقود حظي موسى بتعاملات لصيقة مع يهوه اللّٰه، لصيقة الى حد قول اللّٰه انه تكلم مع موسى «فما الى فم.» (عدد ١٢:٨) وموسى عرف كيف عامله يهوه وكيف تعامل اللّٰه ايضا مع البشر الآخرين ومع جميع الامم. وقرب نهاية حياته قدَّم موسى هذا الوصف المطَمْئن: «هو الصخر الكامل صنيعه. ان جميع سبله عدل. اله امانة لا جور فيه (بارّ) وعادل هو.» — تثنية ٣٢:٤.
٨ لماذا يجب ان ننتبه الى ما قاله أليهو في قضية العدل؟
٨ تأملوا ايضا في شهادةٍ من أليهو، رجل اشتهر بحكمته وبصيرته. ويمكنكم ان تتأكَّدوا انه لم يكن شخصا توصَّل الى استنتاجات متهوِّرة. على العكس، ففي احدى القضايا جلس لأكثر من اسبوع يستمع الى مجادلات شفهية طويلة من كلا الجانبين. والآن، انطلاقا من خبرة أليهو الخاصة ومن درسه لطرائق اللّٰه، اية نتيجة توصَّل اليها عن اللّٰه؟ أعلن: «لاجل ذلك اسمعوا لي يا ذوي الألباب. حاشا للّٰه من الشر وللقدير من الظلم. لانه يجازي الانسان على فعله ويُنيل الرجل كطريقه. فحقا ان اللّٰه لا يفعل سوءا والقدير لا يعوِّج القضاء.» — ايوب ٣٤:١٠-١٢.
٩ و ١٠ لماذا يجب ان تشجعنا مقاييس اللّٰه للقضاة البشر؟ (لاويين ١٩:١٥)
٩ اسألوا نفسكم: ألا يصف ذلك كاملا ما نريده من القاضي، ان يعامل كل شخص حسب اعماله، او افعاله، دون محاباة او تعويج للعدل؟ واذا كنتم لتواجهوا قاضيا بشريا، ألا تشعرون بالراحة اذا كان على هذا النحو؟
١٠ يشير الكتاب المقدس الى يهوه بصفته «ديَّان كل الارض.» (تكوين ١٨:٢٥) ولكنه احيانا كان يستخدم قضاة بشرا. وماذا توقَّع من القضاة الاسرائيليين الذين يمثِّلونه؟ في التثنية ١٦:١٩، ٢٠ نقرأ عن توجيهات اللّٰه التي كانت بمثابة وصف لعمل القضاة: «لا تحرِّف القضاء ولا تنظر الى الوجوه ولا تأخذ رشوة لان الرشوة تُعمي اعين الحكماء وتعوِّج كلام الصدِّيقين. العدلَ العدلَ تتَّبع لكي تحيا.» والتماثيل العصرية التي تمثِّل العدل ربما تصف عدلها بشوق كمعصوب العينين لتدل على عدم المحاباة، ولكن يمكنكم ان تروا ان اللّٰه ذهب الى ابعد من ذلك. لقد طلب من القضاة البشر الذين كانوا ليمثِّلوه وينفِّذوا شرائعه عدم محاباة كهذه.
١١ ماذا يمكن ان نستنتج من مراجعة معلومات الكتاب المقدس هذه عن العدل؟
١١ وهذه التفاصيل عن نظرة اللّٰه الى العدل تتصل مباشرة بذروة خطاب بولس. ففي الاعمال ١٧:٣١ اعلن بولس ان اللّٰه «اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة (بالبر).» وهذا تماما ما يمكننا توقعه من اللّٰه — العدل، البر، عدم المحاباة. ومع ذلك قد يقلق بعض الناس لانه حسب العدد ٣١ سيستخدم اللّٰه ‹رجلا› ليدين كل البشر. فمن هو هذا ‹الرجل،› وأيّ تأكيد لدينا انه سيتقيَّد بمقاييس اللّٰه الرفيعة للعدل؟
١٢ و ١٣ كيف نعرف اي «رجل» سيستخدمه اللّٰه للقيام بالدينونة؟
١٢ تخبرنا الاعمال ١٧:١٨ ان بولس كان «يبشِّرهم بيسوع والقيامة.» لذلك، عند نهاية خطابه، عرف الحضور ان بولس عنى يسوع المسيح عندما قال ان اللّٰه ‹سيدين المسكونة (بالبر) برجل قد عيَّنه، واللّٰه اقامه من الاموات.›
١٣ ويسوع اعترف بأن اللّٰه قد عيَّنه ديَّانا يلائم المقياس الالهي. ففي يوحنا ٥:٢٢ قال: «لان الآب لا يدين احدا بل قد اعطى كل الدينونة للابن.» وبعد ذكر قيامة مقبلة لاولئك الذين هم في القبور التذكارية اضاف يسوع: «أنا لا اقدر ان افعل من نفسي شيئا. كما اسمع ادين ودينونتي (بارة) لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي ارسلني.» — يوحنا ٥:٣٠؛ مزمور ٧٢:٢-٧.
١٤ اي نوع من المعاملة يمكننا توقعه من يسوع؟
١٤ كم ينسجم هذا التأكيد جيدا مع ما قرأناه في الاعمال ١٧:٣١! فهنالك ايضا اعطى بولس تأكيدا ان الابن «يدين المسكونة (بالبر).» وذلك طبعا لا يقترح عدلا صارما، متصلِّبا، عديم الشعور، أليس كذلك؟ وبالاحرى، تشمل الدينونة البارة تلطيف العدل بالرحمة والتفهُّم. ولا نتغاضَ عن هذا الامر: رغم ان يسوع هو في السماء الآن، فقد كان بشرا. لذلك يمكنه ان يكون متعاطفا. وفي عبرانيين ٤:١٥، ١٦ يشير بولس الى ذلك في وصف يسوع كرئيس كهنة.
١٥ كيف يختلف يسوع عن القضاة البشر؟
١٥ وفيما تقرأون عبرانيين ٤:١٥، ١٦ فكِّروا في الراحة التي سنشعر بها اذ يكون لنا يسوع قاضيا: «لان ليس لنا رئيس كهنة [وقاضٍ] غير قادر ان يرثي لضعفاتنا بل مجرَّب في كل شيء مثلنا بلا خطية. فلنتقدم بثقة الى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه.» وفي المحاكم اليوم غالبا ما يكون مخيفا ان يُستدعى المرء الى منصة القضاء. ولكن، في قضية المسيح كقاضٍ، يمكننا ان ‹نتقدم بثقة لكي ننال رحمة، نعمة، وعونا في حينه.› ولكن، في ما يتعلق بالوقت، لديكم سبب وجيه لتسألوا، ‹متى سيدين يسوع الجنس البشري بالبر؟›
‹يوم› للدينونة — متى؟
١٦ و ١٧ كيف نعرف ان الدينونة من السماء جارية الآن؟
١٦ تذكَّروا ان بولس قال ان اللّٰه «اقام يوما» ليدين العالم بواسطة قاضيه المعيَّن. وفي توقُّع ‹يوم› الدينونة هذا يقوم يسوع بعمل دينونة حيوي اليوم، نعم، الآن. ولماذا يمكننا ان نقول ذلك؟ قبل وقت غير طويل من توقيفه والحكم عليه ظلما بالموت كان ان اعطى يسوع نبوة تاريخية تشمل يومنا. ونجد ذلك في متى الاصحاح ٢٤. لقد وصف يسوع حوادث العالم التي تسم الفترة المسمّاة «(اختتام نظام الاشياء).» والحروب، النقص في الاغذية، الزلازل، والضيقات الاخرى التي تحدث حول الارض منذ الحرب العالمية الاولى تدل على ان نبوة يسوع يجري اتمامها الآن وأنه قريبا «يأتي المنتهى.» (متى ٢٤:٣-١٤) وشهود يهوه لعقود يوضحون ذلك من الكتاب المقدس. واذا اردتم المزيد من الادلة التي تُظهر لماذا نعرف اننا في الايام الاخيرة لهذا النظام غير العادل يمكن لشهود يهوه ان يزوِّدوا مثل هذا الامر.
١٧ مع ذلك افحصوا النصف الأخير من متى الاصحاح ٢٥، الذي هو جزء من نبوة يسوع عن الايام الاخيرة. فمتى ٢٥:٣١، ٣٢ تنطبق على وقتنا: «ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده [في السماء]. ويجتمع امامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء.» والآن انظروا الى حيث يخبر يسوع بنتيجة عمل فرزه، او دينونته. العدد ٤٦: «فيمضي هؤلاء [الناس الذين يدينهم كمشبَّهين بالجداء] الى (قطع) ابدي والابرار [الخراف] الى حياة ابدية.»
١٨ الى ماذا ستؤدي الدينونة في وقتنا؟
١٨ وهكذا نعيش في وقت دينونة عصيب. واولئك الذين ‹يطلبون اللّٰه ويجدونه› اليوم سيدانون ‹كخراف› مؤهَّلة للنجاة من نهاية النظام الحاضر والدخول الى العالم الجديد الذي سيلي. وحينئذ تتحقق ٢ بطرس ٣:١٣: «بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر.» ذلك سيكون ‹اليوم› الذي تنطبق فيه كاملا كلمات بولس في الاعمال ١٧:٣١، الوقت الذي ستُدان فيه الارض بالبر.
١٩ و ٢٠ مَن سيتأثر بيوم الدينونة المقبل؟
١٩ ويوم الدينونة هذا سيشمل اكثر من مجرد «الخراف» الناجين الذين سبق ان دينوا كمستحقين ان يدخلوا الى العالم الجديد. وتذكَّروا انه بعد ان قال ان اباه قد اعطى الدينونة له تكلم يسوع عن قيامة مقبلة. وأيضا في الاعمال ١٠:٤٢ قال الرسول بطرس ان يسوع المسيح «هو المعيَّن من اللّٰه ديَّانا للأحياء والاموات.»
٢٠ وهكذا فان ذلك ‹اليوم المقام› المذكور في الاعمال ١٧:٣١ حين «يدين [اللّٰه بواسطة يسوع المسيح] المسكونة (بالبر)» سيكون وقتا لإقامة الاموات. ويا لفرح رؤية القدرة الالهية تُمارس للتغلب على الموت، الذي كثيرا ما كان نيله الظلم الاكبر. فبعض الناس، كما حدث ليسوع نفسه، اعدمتهم بطريقة غير عادلة حكومات او جيوش غازية. وآخرون خسروا حياتهم بسبب حوادث غير متوقَّعة كالأعاصير، الزلازل، الحرائق العرَضية، وما شابه ذلك من الكوارث. — جامعة ٩:١١.
المظالم الماضية يجري حلّها
٢١ كيف سيجري التغلب على المظالم الماضية في العالم الجديد؟
٢١ تصوَّروا كوننا قادرين على رؤية احبائنا يُعادون الى الحياة! وهكذا ستكون للكثيرين فرصتهم الاولى ‹ليطلبوا اللّٰه ويجدوه،› وحينئذ ستكون لهم امامهم «الحياة الابدية» التي يمكن ان تكون مكافأة «الخراف.» وبعض المقامين، بالاضافة الى الناجين من هذا النظام غير العادل، كانوا ضحايا المظالم الظاهرة كالتشوُّه الخلقي، العمى، الصمم، او الإعاقات النطقية. فهل تليق امور كهذه ‹بأرض جديدة يسكن فيها البر›؟ لقد استخدم يهوه اشعياء ليقدِّم نبوات مختلفة سيكون لها اتمام حرفي عظيم خلال يوم الدينونة المقبل. لاحظوا ما يمكننا توقعه: «حينئذ تتفقَّح عيون العمي وآذان الصم تتفتَّح. حينئذ يقفز الاعرج كالأُيَّل ويترنَّم لسان الاخرس.» — اشعياء ٣٥:٥، ٦.
٢٢ لماذا اشعياء الاصحاح ٦٥ مشجع جدا في ما يتعلق بالعدل؟
٢٢ وماذا عن المظالم الاخرى التي تسبب الآن الكثير جدا من الشقاء؟ يحتوي اشعياء الاصحاح ٦٥ على بعض الاجوبة المشجِّعة بصورة مبهجة. ومقارنة اشعياء ٦٥:١٧ بـ ٢ بطرس ٣:١٣ تدل على ان هذا الاصحاح يشير ايضا الى وقت ‹سموات جديدة وأرض جديدة،› نظام جديد بار. ومع ذلك، ماذا سيمنع اشرارا قليلين من افساد السلام والعدل؟ ان المضي قليلا في اشعياء ٦٥ يُريح مما قد يبدو مشكلة.
٢٣ بالنسبة الى بعض الافراد ستكون ليوم الدينونة اية نتيجة محتملة؟
٢٣ خلال يوم الدينونة المستمر هذا سيواصل يسوع عمل دينونته الافراد لرؤية ما اذا كانوا مؤهَّلين للحياة الابدية. والبعض لن يكونوا كذلك. فبعد منحهم متَّسعا من الوقت، وربما ايضا «مئة سنة،» ليطلبوا اللّٰه سيُظهر البعض انهم يرفضون ان يمارسوا البر. وعلى نحو عادل سيخسرون الحياة في ذلك العالم الجديد، كما يمكننا ان نرى من اشعياء ٦٥:٢٠: «والخاطئ يُلعن ابن مئة سنة.» ومثل هؤلاء المحكوم عليهم كغير مستحقين للحياة سيكونون اقلية. ولدينا كل سبب لنتوقع اننا — وغالبية الآخرين — سنكون مبتهجين بأن نتعلم ونمارس البر. — اشعياء ٢٦:٩.
٢٤ ماذا ستكون الحالة بالنسبة الى الظلم الاقتصادي؟
٢٤ هل يعني ذلك انه لن تكون هنالك مظالم مستمرة حتى ولا مظالم اقتصادية؟ نعم! واشعياء ٦٥:٢١-٢٣ تشير الى هذا الواقع: «يبنون بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها. لا يبنون وآخر يسكن ولا يغرسون وآخر يأكل. لانه كأيام شجرة ايام شعبي ويستعمل مختاريَّ عمل ايديهم. لا يتعبون باطلا ولا يلدون للرعب لانهم نسل مبارَكي (يهوه) وذريتهم معهم.» فيا له من تغيير عن اليوم! ويا لها من بركة!
٢٥ ما هو رجاؤكم وتصميمكم ازاء العدل من الديّان المعيَّن من اللّٰه؟
٢٥ لذلك يمكن لجميع الذين يتوقون الى العدل الدائم ان يتشجعوا. فهو سيأتي بكل تأكيد — سريعا. والآن، خلال الوقت القصير الباقي في وقت الدينونة هذا، هو الوقت للانضمام الى شهود يهوه في طلب اللّٰه وايجاده بفوائد ابدية.
-