-
الوباء ينتشراستيقظ! ١٩٩٨ | نيسان (ابريل) ٢٢
-
-
الوباء ينتشر
كان روبرت الصغير بعمر ١١ سنة فقط عندما وُجد ساقطا على وجهه تحت جسر خرِب. وكان هنالك ثُقبَا رصاصتين في الجزء الخلفي من رأسه. فقد قتله، كما اعتُقد، اعضاء من عصابة الاحداث التي ينتمي اليها.
كان ألكس البالغ من العمر خمس عشرة سنة في طريقه الى الصيرورة عضوا في عصابة وربما الى الموت المبكِّر. لكنه رأى صديقا له قد مات، ففكر في نفسه: ‹لا اريد ان ينتهي بي الامر هكذا›.
تنتشر عصابات الشوارع العنيفة، التي كانت في ما مضى مقترنة بعصابتَي لوس انجلوس المشهورتَين اللتين تُدعيان بلودز وكريپس، في كل انحاء العالم. ولكن اينما تكن العصابات، فهي تتشابه على نحو مدهش.
صعقت عصابة انكلترا المدعوة «تِدي بويْز» العالم في خمسينات الـ ١٩٠٠. قالت ذا تايمز اللندنية (بالانكليزية) ان العصابة استعملت الفؤوس، السكاكين، زناجير الدراجات، وأسلحة اخرى «لإلحاق اذى جسيم» بالناس الابرياء. ‹نشبت اعمال القتال بالسكاكين، خُرِّبت النوادي، وحُطِّمت المقاهي›. وجرى التحرُّش بالناس، سلبهم، ضربهم، وأحيانا قتلهم.
اخبرت صحيفة دي ڤيلت (بالالمانية) في هامبورڠ، المانيا، ان عصابات تستخدم «مضارب البايسبول، السكاكين، والمسدسات» تقوم في الآونة الاخيرة بمهاجمة الاحداث «الذاهبين الى ملهى الديسكو او الذاهبين الى البيت». وقالت صحيفة زوتدُيتشِه تسايتونڠ (بالالمانية) في ميونيخ ان محلوقي الرؤوس في برلين يهاجمون ايّ شخص «يُلاحَظ انه اضعف — المتشرِّدين، المعاقين، النساء المتقاعدات».
اخبر احد مراسلي استيقظ! في اسپانيا ان مشكلة عصابات المراهقين مشكلة حديثة هناك، لكنها تتفاقم. فقد نشرت صحيفة ABC (بالاسپانية) الصادرة في مدريد العنوان الرئيسي «محلوقو الرؤوس — كابوس الشوارع الجديد». وقال احد محلوقي الرؤوس السابقين من اسپانيا انهم كانوا يشتمّون رائحة «الخنازير الغرباء، البغايا، ومضاجعي النظير». وأضاف: «ليلة بدون عنف [لم] تكن لها قيمة».
وفي جنوب افريقيا قالت كَيْپ تايمز (بالانكليزية) ان الكثير من جرائم العنف هناك هو «حصيلة مجتمع عصابات متوحشة». ويقول كتاب نُشر في كَيْپ تاون ان عصابات جنوب افريقيا صارت «طُفَيْليّة» في المناطق الافقر وانها «سرقت واغتصبت اعضاء من مجتمعها وانهمكت في القتال في ما بينها من اجل المقاطعات، الاسواق، والنساء».
قالت الصحيفة البرازيلية او إستادو دي سان پاولو (بالپرتغالية) ان العصابات هناك «تتضاعف بنسب مروِّعة». وذكرت انها تهاجم العصابات المنافسة، الاحداث الاغنياء، الناس من عروق اخرى، والعمال المهاجرين الفقراء. وقالت ايضا ان عدة عصابات شكَّلت ذات يوم شبكة «سلبت الناس على الشاطئ . . .، تقاتلت في ما بينها»، وحوَّلت جادّة رئيسية في ريو دي جانيرو الى «ساحة حرب». وقال تقرير آخر من البرازيل ان عدد العصابات يزداد في المدن الكبيرة مثل سان پاولو وريو دي جانيرو وفي البلدات الاصغر على السواء.
ذكرت المجلة الكندية ماكلينز (بالانكليزية) سنة ١٩٩٥ انه بحسب تقديرات الشرطة، هنالك على الاقل ثماني عصابات شوارع نشيطة في وينِّيپيڠ، كندا. ونشرت الصحف في الولايات المتحدة صورا عن اعضاء عصابات ادخلوا ثياب العصابات وشعاراتها الى المحميات الهندية المنعزلة للجنوب الغربي الاميركي.
في مدينة نيويورك، نشبت السنة الماضية سلسلة متلاحقة من اعمال عنف لها صلة بالعصابات. وقيل ان اعضاء من عصابتَي بلودز وكريپس، المشهورتَين اصلا في لوس انجلوس، مشتركون فيها. وبحسب محافظ نيويورك، قامت الشرطة باعتقالات بلغ مجموعها ٧٠٢ في حوادث لها صلة مباشرة بعصابات الشوارع بين شهرَي تموز وأيلول.
لم تعد المشكلة تقتصر على المدن الرئيسية. فقد اخبرت صحيفة كواد-سيتي تايمز (بالانكليزية)، التي تصدر في الجزء الاوسط من الولايات المتحدة، عن «ازدياد العنف بين المراهقين، تفشِّي استعمال المخدِّرات وازدياد الشعور باليأس».
وباء مفجع
يُقال ان احدى العصابات ابتدأت كفريق من الاصدقاء. ولكن اذ ازدادت شهرة رئيسها، ازداد ايضا عنفها. كان رئيس العصابة يسكن في منزل جدته، الذي أُطلق عليه الرصاص مرارا حتى عندما كانت الجدة في الداخل. وأخبرت احدى الصحف انه وُجد اكثر من ٥٠ ثقب رصاص في المنزل. وإطلاق النار هذا كان حسبما يظهر انتقاما لأعمال كانت عصابة الحفيد مسؤولة عنها. وبالاضافة الى ذلك، دخل اخو قائد العصابة السجن بسبب نشاط له صلة بالعصابة، وابن خالته، الذي كان قد انتقل الى مكان بعيد ليتجنب العنف، وقد عاد الى البيت في زيارة، أُطلِق عليه الرصاص من شاحنة مغلقة مارّة وقُتل.
في لوس انجلوس، اطلق اعضاء عصابة النارَ على سيارة وقتلوا طفلة بريئة عمرها ثلاث سنوات كانت امها وصديق امها قد دخلا خطأ احد الشوارع. وخرقت رصاصةٌ مدرسةً وأصابت استاذا كان يحاول ان يساعد التلاميذ على تعلُّم كيفية تحسين حياتهم. وقُتل كثيرون آخرون ايضا لا علاقة لهم بالعصابات، لكنهم صاروا ضحاياها. وصارت احدى الامهات في بروكلين، نيويورك، معروفة في جوارها بوضعها الاكثر مأساوية — خسارة ابنائها الاحداث الثلاثة كلهم بسبب عنف العصابات.
ماذا يسبب وباء عنف الاحداث العالمي هذا، وكيف يمكن ان نحمي اولادنا الاعزاء منه؟ كيف تبتدئ العصابات، ولماذا ينضمّ اليها احداث كثيرون؟ ستناقش المقالتان التاليتان هذين السؤالين.
-
-
ما ينبغي ان نعرفه عن العصاباتاستيقظ! ١٩٩٨ | نيسان (ابريل) ٢٢
-
-
ما ينبغي ان نعرفه عن العصابات
قال ويْد، عضو سابق في عصابة في كاليفورنيا: «كنا اولادا نسكن في الجوار نفسه. وابتدأنا في المدرسة الابتدائية معا. نحن فقط لم نتخذ القرارات الصائبة».
غالبا ما ابتدأت العصابات بشكل عام بتشكُّل فِرَق من الجوار نفسه. فقد كان افراد في اوائل سني مراهقتهم او اصغر يتجمعون في زاوية شارع. وكانوا يفعلون الامور معا ثم اتحدوا لحماية انفسهم من فريق مجاور منظَّم اكثر. ولكن سرعان ما ابتدأ فريقهم ينحطّ الى مستوى اعنف اعضائه، وصار متورِّطا في اعمال اجرامية خطرة.
وربما اعتبرت عصابة منافسة من شارع آخر ان هذا الفريق الجديد عدوّ لها. فقاد الغضب الى العنف. واستخدم تجار المخدِّرات العصابة لبيع مخدِّرات غير شرعية. وتبعت ذلك اعمال اجرامية اخرى.
كان لُويس بعمر ١١ سنة عندما شكَّل رفقاؤه عصابة. فابتدأ بعمر ١٢ سنة يتعاطى المخدِّرات. وبعمر ١٣ سنة اعتُقل للمرة الاولى. اشترك في سرقة السيارات، عمليات السطو، وعمليات السلب المسلّح. وكان يدخل السجن مرارا بسبب القتال بين العصابات وأعمال الشغب.
قد يُدهشنا احيانا اولئك الذين ينتمون الى عصابات. فقد كانت مرثا حسنة الشكل، تلميذة في المدرسة الثانوية تفوق المستوى المتوقَّع، تحصِّل علامات جيدة وحسنة السلوك في المدرسة. لكنها كانت رئيسة عصابة تبيع الماريجوانا، الهيروئين، والكوكائين. ولم يجعلها تغيِّر حياتها إلا الخوف بعدما أُطلق الرصاص عدة مرات على صديقها وقُتل.
لماذا ينضمّون الى عصابات
من المدهش ان بعض اعضاء العصابات يقولون انهم انضموا الى عصابة من اجل الحصول على المحبة. فكانوا يبحثون عن الصحبة الوفية، عن الصداقة الحميمة التي لم يجدوها في البيت. قالت صحيفة دي تسايت (بالالمانية) الصادرة في هامبورڠ، المانيا، ان الاحداث يحاولون ان يجدوا في عصابات الشوارع الامن الذي لا يمكنهم ان يجدوه في مكان آخر. وقال إريك، عضو سابق في عصابة، انه اذا لم تجدوا المحبة في البيت، «تذهبون الى الخارج للبحث عن شيء افضل».
كتب احد الآباء، وهو عضو سابق في عصابة، عن اختباراته الباكرة في الحياة: «دخلت السجن مرارا بسبب السلوك المخلّ بالنظام والآداب العامة، القتال بين العصابات، الشغب، وأخيرا محاولة قتل شخص بإطلاق النار عليه من السيارة». ولاحقا، عندما صار ابا لابنه راميرو، لم يكن لديه الا القليل من الوقت لقضائه مع ابنه. وعندما كبر راميرو انضم هو ايضا الى عصابة، واعتقلته الشرطة بعد قتال بين العصابات. وعندما اصرّ والده ان يخرج من العصابة، صرخ: «انها عائلتي الآن».
قالت ممرضة في مستشفى في تكساس، كانت قد تحدثت الى ١١٤ حدثا من ضحايا الطلقات النارية خلال فترة تتجاوز قليلا السنة: «انه لأمر غريب. لا اعتقد انني سمعت احدا منهم يسأل عن امه او ايّ عضو من عائلته».
وعلى نحو ذي مغزى، لا ينضمّ الى العصابات مجرد الاولاد الذين من الانحاء الافقر للمدن. فقبل عدة سنوات اقتبست المجلة الكندية ماكلينز (بالانكليزية) من الشرطة قولهم انهم وجدوا اولادا من الاحياء الاغنى والافقر للمدينة في العصابة نفسها. وهؤلاء الاحداث الذين من خلفيات مختلفة يتَّحدون معا للسبب نفسه — البحث عن الشعور بالوئام العائلي الذي لم يجدوه في البيت.
في بعض المناطق يكبر الاحداث وهم يعتقدون ان العضوية في عصابة هي طريقة حياة عادية. اوضح فرناندو البالغ من العمر ست عشرة سنة: «يظنّون ان الانضمام الى عصابة سيساعدهم على حلّ مشاكلهم. ويفكِّرون: ‹سأصنع بعض الاصدقاء. انهم كبار ويحملون مسدسات. وسيحمونني، ولن يؤذيني احد›». ولكن سرعان ما يجد الاعضاء الجدد في العصابات ان وجودهم في عصابة يجعلهم هدفا لأعداء العصابة.
توجد العصابات غالبا في الاحياء التي يكون فيها المال قليلا والمسدسات كثيرة جدا. وتخبر التقارير الاخبارية عن صفوف مدرسية في مدينة كبيرة حيث يعيش ٢ من كل ٣ تلامذة في بيوت ذات والد واحد. وأحيانا، تكون والدة احدى التلميذات مدمنة على المخدِّرات وقد لا تأتي الى البيت في الليل، والتلميذة يجب ان تأخذ طفلها الذي لا اب له الى مركز الرعاية كل صباح قبل ان تذهب الى المدرسة.
قال حاكم كاليفورنيا، پيت ولسون: «نعاني مشكلة رهيبة لأن كثيرين من الاولاد يكبرون دون اب، دون مثال ذَكَر يمنحهم المحبة، التوجيه، التأديب والقِيَم — دون فهم للسبب الذي لأجله ينبغي ان يحترموا انفسهم او يحترموا الآخرين». وقال ان هذا العجز عند بعض الاحداث عن التعاطف مع الآخرين هو السبب وراء «تمكُّنهم كما يبدو من اطلاق النار على شخص وقتله دون ايّ شعور بالندم».
على الرغم من ان فقدان الوئام العائلي، فقدان التدريب الشخصي، وفقدان المثال الادبي الجيد هي عوامل رئيسية في ازدياد العصابات، هنالك عوامل اخرى ذات علاقة ايضا. وهذه تشمل البرامج والافلام التلفزيونية التي تعرض العنف كحلّ سهل للمشاكل، المجتمع الذي غالبا ما يصنِّف الفقراء كفاشلين ويذكِّرهم دائما بأنهم لا يستطيعون فعل الامور التي يفعلها الآخرون، والعدد المتزايد من العائلات ذات الوالد الواحد التي فيها يجب على ام شابة تعمل بكدّ ان تجاهد لتعيل ولدا او اكثر لا اشراف عليهم. وقد ادَّى تجمُّع معظم هذه العوامل او كلها، وربما عوامل اخرى ايضا، الى ازدياد وباء عصابات الشوارع العالمي.
من الصعب الخروج
حقا، تبتدئ وجهة نظر بعض اعضاء العصابات وشعورهم حيال عصابتهم يتغيَّران بعد مدة، فيشغلون انفسهم بنشاطات اخرى. وقد يذهب آخرون للعيش مع الاقرباء في منطقة اخرى وبذلك يتخلصون من الحياة في عصابة. لكنَّ الخروج من عصابة لا يكون في الغالب بهذه السهولة.
عموما، يلزم ان يخضع اعضاء العصابات لضرب عنيف من قِبَل اعضاء عديدين قبل ان يُسمَح لهم بترك العصابة احياء. وفي الواقع، ان الاشخاص الذين ارادوا ان يخرجوا من عصابات معينة كان عليهم فعليا ان يُقاسوا إطلاق النار عليهم. وإذا نجوا، كان يُسمح لهم بأن يتركوا! فهل يستأهل الامر ان يعاني المرء اساءة معاملة وخيمة كهذه للخروج من عصابة؟
اوضح عضو سابق في عصابة لماذا اراد ان يخرج: «خمسة من رفقائي هم الآن اموات». فعلا، يمكن ان تكون الحياة كعضو في عصابة خطرة بشكل يكاد لا يُصدَّق. اخبرت مجلة تايم (بالانكليزية) عن عضو سابق في عصابة في شيكاڠو قائلة: «في السنوات السبع من وجوده في العصابة، أُطلق عليه الرصاص في المعدة، ضُرب على رأسه بعارضة سكة حديدية، كُسرت ذراعه في قتال وسُجن مرتين بسبب سرقة السيارات . . . ولكن لأنه اقلع الآن عن اعمال الاجرام، حتى رفقاؤه السابقون مصمِّمون على ايذائه».
حياة افضل ممكنة
إيلينو، شخص برازيلي، كان سابقا عضوا في عصابة تُدعى ضاربي الرؤوس، عصابة كانت تقاتل بالسكاكين وأحيانا بالمسدسات. ولأنه كان يشعر بأنه محروم من الاشياء التي يتمتع بها غيره، وجد الاكتفاء بتحطيم الاشياء ومهاجمة الناس. ثم تحدث معه زميل في العمل عن الكتاب المقدس. ولاحقا حضر إيلينو محفلا لشهود يهوه، حيث التقى عشراء سابقين كانوا قد تركوا عصابته وأيضا عضوا سابقا من عصابة منافسة. فحيّوا واحدهم الآخر كإخوة — الامر المختلف كثيرا عما كان سيحدث في وقت ابكر.
هل يحدث ذلك حقا؟ بالتأكيد. جلس مؤخرا ممثِّل لـ استيقظ! مع اعضاء سابقين في عصابات كبرى في لوس انجلوس يخدمون الآن مع جماعات شهود يهوه. وبعد عدة ساعات من التحادث، توقَّف احدهم قليلا، اتَّكأ الى الوراء، وقال: «انظروا الى هذا! اعضاء سابقون من البلودز والكريپس يجلسون هنا وهم يحبون واحدهم الآخر كإخوة!». ووافقوا على ان تغييرهم من اعضاء عصابة قساة الى رجال لطفاء ومحبين كان نتيجة تعلُّمهم المبادئ الالهية بواسطة الدرس الدقيق للكتاب المقدس.
هل يمكن ان يحدث ذلك حقا في تسعينات الـ ١٩٠٠؟ هل يمكن لأعضاء في عصابات ان يصنعوا فعلا تغييرات كهذه الآن؟ يمكنهم ذلك اذا كانوا راغبين في التطلع الى التشجيع القوي الذي تزوِّده كلمة اللّٰه، ثم جعل حياتهم تنسجم مع مبادئ الكتاب المقدس. فإذا كنتم عضوا في عصابة، فلِمَ لا تتأملون في صنع تغيير كهذا؟
يحثنا الكتاب المقدس ان ‹نخلع من جهة التصرف السابق الانسان العتيق› و‹نلبس الانسان الجديد المخلوق بحسب اللّٰه في البر وقداسة الحق›. (افسس ٤:٢٢-٢٤) فكيف يُنمَّى هذا الانسان الجديد؟ يقول الكتاب المقدس انه ‹بالمعرفة [«بالمعرفة الدقيقة»، عج]› يمكن للانسان ان «يتجدد . . . حسب صورة خالقه [اللّٰه]». — كولوسي ٣:٩-١١.
هل يستأهل الامر محاولة صنع تغيير؟ نعم، انه يستأهل! وإذا كنتم عضوا في عصابة، فربما تحتاجون الى المساعدة على صنع تغيير كهذا. ويوجد اناس في جواركم يسرُّهم ان يساعدوكم. ومع ذلك، يكون الوالدون احيانا كثيرة في وضع يمكِّنهم من ممارسة التأثير الايجابي الاقوى في اولادهم. لذلك سنتأمل الآن في ما يمكن للوالدين ان يفعلوه لحماية اولادهم من العصابات.
-
-
حماية اولادنا من العصاباتاستيقظ! ١٩٩٨ | نيسان (ابريل) ٢٢
-
-
حماية اولادنا من العصابات
«يحتاج الاولاد الى اشخاص يعتنون بهم». — ليس ولدي — حماية الوالدين لأولادهم من الانضمام الى عصابة، بالانكليزية.
الى جانب علاقتنا باللّٰه، اولادنا هم بين اثمن ما نملكه. فينبغي ان نتحدث اليهم، نصغي اليهم، نعانقهم، ونتأكد من انهم يعرفون انهم مهمون كثيرا بالنسبة الينا. ويجب ان نعلِّمهم الامور الصالحة — ان يكونوا مستقيمين ومساعِدين، وكيف يحيون حياة سعيدة ومانحة للاكتفاء، وكيف يكونون لطفاء مع الآخرين.
وضع مدير اصلاحية للاحداث اصبعه على مشكلة كبيرة اليوم حين قال: «لا تُعلَّم القِيَم في العائلة». ولا شك في انه يلزم ان نمنح الانتباه لفعل ذلك. فيجب ان نحيا بالطريقة التي نريد ان يحيا بها اولادنا وندعهم يرون الفرح الذي يضفيه ذلك على حياتنا. وإن لم نعلِّمهم القِيَم الصحيحة، فكيف يمكن ان نتوقع منهم ان يتبعوا مثل هذه القِيَم؟
قالت توداي (بالانكليزية)، مجلة تصدر لمعلِّمي المدارس الاميركيين، ان العصابات تجذب في الغالب الاحداث الذين «يعتبرون انفسهم فاشلين» والذين «يبحثون عن الامن، الشعور بالانتماء، والقبول الاجتماعي». فإذا منحنا حقا اولادنا هذه الاشياء في البيت — الامن والشعور الحقيقي بالنجاح في العائلة وفي حياتهم الخاصة على السواء — يُحتمل اقل بكثير ان تجذبهم الوعود الكاذبة لعصابة.
يخبر قائد وحدة شرطة لمكافحة العصابات في كاليفورنيا عن تعابير الصدمة التي يراها على وجوه الوالدين عندما تطرق الشرطة بابهم لتقول ان ولدهم في مشكلة. فلا يمكنهم ان يصدِّقوا ان الولد الذي اعتقدوا انهم يعرفونه جيدا قد ارتكب خطأ. لكنَّ ولدهم كان قد وجد اصدقاء جددا وتغيَّر. والوالدون لم يلاحظوا ذلك.
اتِّخاذ الاحتياطات امر حيوي
ان الناس الذين يعيشون في مناطق حيث العصابات نشيطة يقولون ان الاحداث والاكبر سنا على السواء ينبغي ان يستعملوا الحكمة ولا يبدوا ايّ تحدٍّ او تهديد لعصابة. تجنبوا المجموعات الكبيرة لأعضاء عصابة، ولا تتشبَّهوا بهم في المظهر والتصرُّف، بما في ذلك زيّ الثياب التي يرتدونها ولونها. فتقليدهم يمكن ان يجعلكم هدفا لعصابة منافسة.
وبالاضافة الى ذلك، اذا ارتدى انسان او تصرَّف كما لو انه يريد ان يكون جزءا من عصابة، فقد يضغط عليه اعضاؤها ليصير واحدا منهم. اوضح اب لثلاثة اولاد في شيكاڠو اهمية معرفة مواقف اعضاء العصابة المحلية. فقد علَّق: ‹اذا ارتديتُ قبَّعتي مقلوبة الى اليمين، يعتقدون انني ازدري بهم›. وهذا يمكن ان يؤدي الى العنف!
نمّوا علاقة حميمة بأولادكم
قالت احدى الامهات: «يجب ان نكون عارفين اولادنا — ما يشعرون به وما يفعلونه. فإن لم نهتم اهتماما شخصيا بحياتهم، فلن نتمكن من مساعدتهم». وقالت اخرى ان مشكلة العصابات لن تتوقف حتى يوقفها الوالدون. وأضافت: «لنمنحهم المحبة. فإذا حُطِّموا، نتحطَّم نحن».
هل نعرف رفقاء اولادنا، اين يذهب اولادنا بعد المدرسة، وأين يكونون في المساء بعد حلول الظلام؟ طبعا، لا تستطيع كل ام ان تكون في البيت عندما يعود اولادها من المدرسة. لكنَّ الامهات المتوحِّدات اللواتي يجاهدن بشجاعة لدفع الايجار وإطعام اولادهنَّ قد يتمكَّنَّ من صنع ترتيبات مع امهات اخريات او شخص يثقن به للاشراف على اولادهنَّ بعد الظهر.
سُئل رجل يسكن في منطقة عصابات كبرى كيف يحمي اولاده من العصابات. فقال انه يأخذ ابنه في جولة في الجوار ليريه نتيجة اعمال العصابات. ويشير الى الكتابات المجونية على الجدران والاماكن الاخرى وإلى الابنية المتهدِّمة ويُظهر له «ان المنطقة لا تبدو آمنة وأن اعضاء العصابات يتسكَّعون فقط، ولا يفعلون شيئا في حياتهم». وأضاف: «ثم اوضح ان العيش بموجب مبادئ الكتاب المقدس يقيه من نتيجة كهذه».
ويمكن لشيء بسيط كاهتمامنا المخلص بدروس اولادنا ان يكون حماية لهم. وإذا كانت للمدرسة امسية للوالدين او وقت آخر يُدعى فيه الوالدون الى زيارة الصفوف والتحدث الى المعلِّمين، فتأكدوا ان تذهبوا. تعرَّفوا بمعلِّمي اولادكم، ودعوهم يعرفون انكم مهتمون بخير ولدكم ومهتمون بتعليمه. وإذا لم يكن للمدرسة برنامج للزيارات المدرسية، فحاولوا ان تجدوا المناسبات للتحدث الى المعلِّمين عن تقدُّم ولدكم في المدرسة وكيف يمكن ان تساعدوا.
وجد استطلاع في مدينة اميركية كبيرة انه بين التلامذة الذين كانت عائلتهم تساعدهم في الفرض المنزلي او تشجعهم على انجازه، انضمّ ٩ في المئة الى عصابة ما. ولكن في العائلات التي لم يُمنَح فيها انتباه كهذا انضمّ ضعف هذا العدد من التلامذة — ١٨ في المئة — الى عصابة ما. فإذا كانت عائلتنا مُحِبّة ومترابطة، وإذا كنا نفعل الامور المفيدة معا، فسيقلّ احتمال ان تجذب الوعود الكاذبة للعصابات اولادنا.
ما يحتاج اليه اولادنا حقا
يحتاج اولادنا الى الامور نفسها التي نحتاج اليها نحن — المحبة، اللطف، والحنان. وأولاد كثيرون لم يُلمسوا قط برقة ومحبة او يُخبَروا بأنهم حقا مهمون. فلا تكن هذه هي الحال مع اولادنا! فلنعانقهم، نَقُل لهم اننا نحبهم، ونحاول ان نتأكد من انهم يحيون وفق المقاييس الادبية التي علَّمناهم اياها. انهم بالنسبة الينا اثمن من ان نعاملهم بأية طريقة اخرى.
اوضح جيرالد، عضو سابق في عصابة: «لم يكن لي اب لأحترمه، لذلك ذهبت الى العصابات لأملأ هذا الفراغ في حياتي». فابتدأ بعمر ١٢ سنة يتعاطى المخدِّرات. ولكن عندما كان بعمر ١٧ سنة، ابتدأت امه بدرس بيتي قانوني في الكتاب المقدس مع شهود يهوه. وطبَّقت مبادئ الكتاب المقدس الرائعة في حياتها. يقول: «رأيت التغيير فيها، وفكَّرت: ‹لا بد من وجود شيء في ذلك›». فمثالها الحسن شجعه على تغيير حياته.
ينبغي ان يرى اولادنا المثال الحسن فينا — اننا نحيا بالطريقة التي نقول لهم ان يحيوا بها. وينبغي ان يكونوا قادرين على امتلاك شعور الاعتزاز بعائلتهم، لا لما تمتلكه، بل لما تفعله. وينبغي ان تجري مساعدة الاولاد بطريقة تجعلهم يشعرون بالاعتزاز بسلوكهم الادبي. يعبِّر آيرا راينِر، المدعي العام السابق لمقاطعة لوس انجلوس، عن ذلك بما يلي: «يجب ان نظهر الاهتمام الحبي بأولادنا قبل ان ينتهي بهم الامر الى العصابات».
تزويد ما يحتاجون اليه
ليست الاشياء المادية التي نزوِّدها لأولادنا هي ذات اهمية رئيسية. فما يهمّ حقا هو ان نساعدهم على النموّ الى راشدين يحبون الآخرين ويعتنون بهم ويملكون مقاييس ادبية رفيعة. يقول الكتاب المقدس ان يعقوب البار دعا اولاده «الاولاد الذين انعم اللّٰه بهم [عليَّ]». (تكوين ٣٣:٥) فإذا نظرنا الى اولادنا بهذه الطريقة — كعطايا منحنا اياها اللّٰه — نكون ميالين اكثر الى معاملتهم بمحبة وتعليمهم ان يحيوا حياة صادقة، مستقيمة، وبموجب مقاييس ادبية سامية.
لذلك سنفعل كل ما في وسعنا لنحيا حياتنا بطريقة نرسم بها المثال الصائب لأولادنا. وسنجعلهم يشعرون باعتزاز لائق وسليم بعائلتهم، لا بممتلكات العائلة المادية، بل بأي نوع من الاشخاص نحن. وهكذا، يُحتمل اقلّ ان يبحثوا عن الدعم من الذين في الشوارع.
اذ يتذكر احد الاجداد حداثته، يقول: «لم اكن قط لأفعل شيئا يجلب الخزي لعائلتي». واعترف بأنه شعر بهذه الطريقة لأنه كان يدرك المحبة التي كان يكنّها له والداه. صحيح ان بعض الامهات والآباء الذين لم يحصلوا على المحبة من والديهم قد لا يسهل عليهم الاعراب عن المحبة لأولادهم. ولكن رغم ذلك، يلزم ان يعمل الوالدون على اظهار المحبة لأولادهم.
ولماذا ذلك مهم جدا؟ لأنه كما قالت «What’s Up» (بالانكليزية)، مجلة تصدرها جمعية يوتا للباحثين في العصابات: «عندما يشعر الاحداث بالمحبة والامن — لا الامن ماليا، بل الامن عاطفيا — غالبا ما تختفي الحاجات التي تدفعهم الى الدخول في عصابات».
قد يعتقد بعض القرَّاء ان عائلات مُحِبَّة كهذه لم تعد موجودة الآن. لكنها موجودة. ويمكنكم ان تجدوا الكثير منها بين جماعات شهود يهوه حول العالم. صحيح ان هذه العائلات ليست كاملة، لكنها تتمتع بمزيَّة عظيمة: انهم يدرسون ما يقوله الكتاب المقدس عن تربية الاولاد ويجاهدون لتطبيق مبادئ الكتاب المقدس الالهية في حياتهم. وفضلا عن ذلك، يعلِّمون هذه المبادئ لأولادهم.
يوافق شهود يهوه على العبارة التي ذكرتها مجلة الجمعية الطبية الاميركية (بالانكليزية): «لا يمكن للمرء ان يرجو حيازة . . . مراهقين ‹يقولون لا فقط› دون منحهم شيئا ‹يقولون نعم› له». وبكلمات اخرى، اذا اردنا ان يقول اولادنا نعم للامور الجيدة والمفيدة، يجب ان نرشدهم في هذا الاتجاه.
لا احد منا يريد ان يضطر يوما ما الى القول، كما قال احد الآباء: ‹وجد ابني في عصابته الأُلفة والاحترام اللذين لم يشعر بهما قط من قبل›. ولا نريد يوما ما ان نسمع اولادنا يقولون، كما قال احد الاحداث: «انضممت الى العصابة لأنني احتجت الى عائلة».
فنحن الوالدين يجب ان نكون هذه العائلة. ويجب ان نفعل كل ما في وسعنا لنتأكد ان اولادنا الاعزاء يبقون جزءا حميما ومُحِبّا منها.
-
-
حماية اولادنا من العصاباتاستيقظ! ١٩٩٨ | نيسان (ابريل) ٢٢
-
-
قائمة المراجعة للوالدين المهتمين
✔ اقضوا وقتا في البيت مع اولادكم، وافعلوا الامور معا كعائلة
✔ تعرَّفوا برفقاء اولادكم وعائلاتهم، وراقبوا اين يذهب اولادكم ومع مَن
✔ دعوا اولادكم يعرفون انهم يستطيعون ان يلجأوا اليكم في ايّ وقت مهما كانت المشكلة
✔ علِّموا اولادكم ان يحترموا الناس الآخرين، حقوقهم، وآراءهم
✔ ادعموا اولادكم بالتعرُّف بمعلِّميهم، واجعلوا المعلِّمين يعرفون انكم تقدِّرونهم وتدعمون جهودهم
✔ لا تحلّوا المشاكل بالصراخ او استعمال العنف
اولادكم يحتاجون الى حنانكم الدافئ
-