-
الخطف — تجارة عالميةاستيقظ! ١٩٩٩ | كانون الاول (ديسمبر) ٢٢
-
-
الخطف — تجارة عالمية
خلال العقد الماضي، اكتسحت موجة كبيرة من عمليات الخطف العالم بأسره. ووفقا لأحد التقارير، أُخذ حوالي الف رهينة في ٧٣ بلدا بين سنتي ١٩٦٨ و ١٩٨٢. لكن في اواخر تسعينات الـ ١٩٠٠، قدِّر ان ما يتراوح بين ٠٠٠,٢٠ و٠٠٠,٣٠ شخص يُخطفون كل سنة.
ويبدو ان الخطف جريمة رائجة بين المجرمين حول العالم، والخاطفون متأهبون لاختطاف اي شيء يتحرك. ففي احدى المناسبات خُطف طفل لم يكد يكمل يوما واحدا من عمره. وفي ڠواتيمالا خُطفت امرأة في كرسي بدواليب عمرها ٨٤ سنة واحتُجزت مدة شهرين. وفي ريو دي جانيرو، يخطف قطاع الطرق الناس من على الطريق للحصول على فدية لا تتعدى قيمتها ١٠٠ دولار اميركي احيانا.
حتى الحيوانات لا تبدو في منأى عن الخطر. فمنذ سنوات، خطف مجرمون وقحون في تايلند فيلا يُستخدم للعمل يزن ستة اطنان وطالبوا بفدية قيمتها ٥٠٠,١ دولار اميركي. ويقال ان العصابات الاجرامية في المكسيك تشجع اعضاءها الصغار ان يتمرنوا على خطف الحيوانات الاليفة ليحرزوا خبرة وافية قبل الشروع في الخطف الحقيقي.
في الماضي، كان المجرمون يستهدفون الاغنياء بشكل رئيسي، لكنَّ الزَّمن تغيَّر. يذكر تقرير من وكالة انباء رويتر: «صار الخطف حدثا يوميا في ڠواتيمالا، حيث يحنّ الناس الى الايام الغابرة، ايام كان الثوار اليساريون يستهدفون فقط بعض رجال الاعمال. أما الآن فالاغنياء والفقراء، الصغار والكبار على السواء هم صيد حلال بالنسبة الى عصابات الخطف».
تستقطب عمليات الخطف الكبرى اهتمام وسائل الاعلام، فيما تُحلّ معظم العمليات الاخرى دون تغطية اعلامية. وفي الواقع، ان الدول «لا تحبِّذ نشر اخبار الخطف» وذلك لعدة اسباب. وستناقش المقالة التالية عددا من هذه الاسباب.
[الخريطة في الصفحة ٣]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
المكسيك
صار الخطف يُعتبر «صناعة صغيرة» اذ بلغ عدد المخطوفين نحو ٠٠٠,٢ شخص سنويا.
بريطانيا العظمى
زاد التأمين ضد الخطف في شركة لويدز اللندنية بنسبة ٥٠ في المئة سنويا منذ سنة ١٩٩٠.
روسيا
في منطقة القوقاز في روسيا الجنوبية وحدها، ارتفع عدد المخطوفين من ٢٧٢ في سنة ١٩٩٦ الى ٥٠٠,١ في سنة ١٩٩٨.
الفيليپين
بحسب مجلة «اسبوع آسيا» (بالانكليزية)، «الفيليپين هي على الارجح مركز عمليات الخطف في آسيا». وينشط فيها أكثر من ٤٠ عصابة خطف منظَّمة.
البرازيل
وفقا لأحد التقارير، جمع الخاطفون في سنة واحدة هناك ٢,١ بليون دولار اميركي من اموال الفديات.
كولومبيا
في السنوات الاخيرة كان عدد المخطوفين يصل الى الآلاف كل سنة. وفي ايار (مايو) ١٩٩٩، خطف الثوار مئة من ابناء احدى الابرشيات خلال القداس.
-
-
الخطف — ارهاب يُستغَل لجني الاموالاستيقظ! ١٩٩٩ | كانون الاول (ديسمبر) ٢٢
-
-
الخطف — ارهاب يُستغَل لجني الاموال
«ليس الخطف كالتعدي على الممتلكات. انه عمل منحرف وحشي ولامبالٍ يُرتكب بحق العائلة التي تشكل نواة المجتمع»، كما يقول مارك بلِس، في كتابه تجارة الخطف (بالانكليزية). فالخطف يسبِّب لأعضاء العائلة اضطرابا عاطفيا. فهم يتأرجحون، دقيقة بعد دقيقة وساعة بعد ساعة، بين الامل واليأس فيما يكافحون مشاعر الذنب، البغض، والعجز. وقد يستمر الكابوس اياما وأسابيع وشهورا وأحيانا سنين.
ويستغل الخاطفون مشاعر العائلة في سعيهم العديم الشفقة وراء المال. فقد اجبرت عصابة من الخاطفين ضحيتها على كتابة رسالة مفتوحة الى الصحافة ضمنتها ما يلي: «اطلب من الصحافة ان تنشر رسالتي في كل مكان حتى لا يكون الذنب ذنب الخاطفين وحدهم اذا لم ارجع، بل ذنب عائلتي ايضا اذ تكون قد اثبتت انها تفضِّل المال عليّ». ومارس خاطفون ايطاليون الضغط للحصول على فدية مالية بقطع اجزاء من جسم الضحية وإرسالها الى الاقرباء او محطات التلفزيون. وتوصل خاطف مكسيكي الى حد تعذيب ضحاياه اثناء التفاوض مع عائلاتهم عبر الهاتف.
من جهة اخرى، يحاول بعض الخاطفين ان يكسبوا رضى ضحاياهم. على سبيل المثال، خُطف رجل اعمال في الفيليپين واحتُجز في فندق ترِف في مانيلا، حيث وفَّر له الخاطفون الكحول والبغايا لقضاء الوقت حتى تُدفع الفدية. لكنَّ معظم الضحايا يُحتجزون ولا يلقون سوى اهتمام ضئيل بحاجاتهم الجسدية او الصحية. ويُعامَل كثيرون بوحشية. وفي جميع الاحوال، لا مفر من ان يستبد الرعب بالضحية بسبب جهلها لما سيحل بها.
التغلب على الجرح النفسي
حتى بعد ان يُطلق سراح الضحايا، قد يحملون معهم ندوبا عاطفية. عبَّرت ممرضة سويدية خُطفت في الصومال عن رأيها قائلة: «اهم ما ينبغي القيام به هو التحدث الى الاصدقاء والاقرباء والحصول على مساعدة اختصاصيين اذا احتجتم اليها».
وقد طوَّر المعالجون الاختصاصيون طريقة لمساعدة مثل هؤلاء الضحايا. فبمعاونة اشخاص مختصين يحلِّل الضحايا اختباراتهم خلال جلسات قصيرة متعددة تُعقد قبل لقاء عائلاتهم والعودة الى الحياة الطبيعية. يقول ريڠمور ڠلبرڠ، خبير بمعالجة الازمات في الصليب الاحمر: «ان المعالجة بُعيد الحادث تقلِّل من خطر الاصابة بأذى دائم».
نتائج اضافية
لا تؤثر عمليات الخطف في الضحايا وعائلاتهم فقط. فالخوف من الخطف يمكن ان يشلّ السياحة ويشكِّل عائقا في وجه الاستثمارات؛ كما انه يخلق شعورا بعدم الامن في المجتمع. ففي غضون اشهر قليلة سنة ١٩٩٧، غادرت الفيليپين ست شركات عالمية بسبب التهديد بالخطف. وقالت امرأة فيليپينية تعمل لمجموعة تُدعى «مواطنون ضد الجريمة»: «نحن نعيش كابوسا».
وتقول مقالة في مجلة جمهورية آريزونا (بالانكليزية): «بين المديرين التنفيذيين المكسيكيين، يصير الخوف من الخطف خوفا هستيريًّا مبرَّرا». وتخبر المجلة البرازيلية ڤيجا (بالپرتغالية) ان الخاطفين والسارقين حلّوا محل الوحوش في كوابيس الاولاد البرازيليين. وفي تايوان تُعلِّم المدارس التدابير الوقائية من الخطف، وفي الولايات المتحدة جُهزت روضات الاطفال بكاميرات لضبط الامن ومنع عمليات الخطف.
ازدهار المستشارين الامنيين
ازدهرت شركات الامن الخاصة بسبب ازدياد عمليات الخطف وما يحيط بها من مسائل دقيقة. ففي المدينة البرازيلية ريو دي جانيرو، هنالك اكثر من ٥٠٠ شركة امن يبلغ دخلها ٨,١ بليون دولار اميركي.
ويزداد عدد شركات الامن العالمية التي تعلِّم التدابير الوقائية من الخطف، تنشر تقارير عن المناطق الخطرة، وتفاوض في الفدية. وهي تقدِّم النصح للعائلات والشركات، وتطلعهم على اساليب الخاطفين وتساعدهم على التكيف نفسيا. حتى ان بعض هذه الشركات تحاول القبض على الخاطفين وإعادة الفدية المالية بعد اطلاق سراح الرهينة. لكنها لا تقدم خدماتها مجانا.
ورغم هذه الجهود، تزداد عمليات الخطف في بلدان عديدة. يقول ريتشارد جونسون، نائب رئيس شركة «سايتلن وشركاؤه» معلقا على الحالة في اميركا اللاتينية: «كل التوقعات تشير الى ان عمليات الخطف ستتزايد».
اسباب التزايد
يقترح الخبراء جملة من الاسباب لموجة الخطف العارمة في الآونة الاخيرة. احد هذه الاسباب هو الحالة الاقتصادية الميؤوس منها في بعض المناطق. قال عامل اغاثة في بلدة نالتشيك، في روسيا: «ان افضل طريقة للحصول على المال هي استخدام هذه الوسيلة المشهورة، الخطف». ويُقال انه في بعض الجمهوريات السوڤياتية السابقة، تُستعمل عمليات الخطف لتمويل الجيوش الخاصة التابعة للقواد العسكريين المحليين.
وإذ يزداد عدد الذين يسافرون بهدف العمل او السياحة بشكل لم يسبق له مثيل، تنفتح امام الخاطفين ابواب جديدة في بحثهم عن ضحية. ففي غضون خمس سنوات، تضاعف عدد الاجانب المخطوفين. وبين سنتي ١٩٩١ و١٩٩٧، خُطف سائحون في ٢٦ بلدا تقريبا.
ومن اين يأتي كل هؤلاء الخاطفين؟ عندما تهدأ بعض المعارك العسكرية، تخلِّف وراءها جنودا سابقين عاطلين عن العمل وجيوبهم فارغة. ولدى امثال هؤلاء كل المهارات اللازمة ليتعاطوا هذه التجارة الرابحة.
وعلى نحو مماثل، ان اتّباع تدابير امنية اكثر فعالية لحماية المصارف من السرقة واتخاذ اجراءات صارمة ضد تجارة المخدِّرات دفعا المجرمين الى الخطف كمصدر دخل بديل. اوضح مايك أكرمان، خبير بحوادث الخطف: «كلما صعَّبنا حدوث الجرائم ضد الممتلكات في اقسام المجتمع كافة، ازدادت الجرائم ضد الناس». وما يمكن ايضا ان يغري البعض بالقيام بعمليات الخطف هو الاعلان عن دفع فدية مالية باهظة.
الدوافع ليست دائما متشابهة
معظم الخاطفين يريدون المال، ولا شيء سوى المال. وتتراوح قيمة الفدية المطلوبة بين مجرد دولارات قليلة والرقم القياسي البالغ ٦٠ مليون دولار اميركي، الذي دُفع لتحرير احد اقطاب تجارة العقارات في هونڠ كونڠ الذي لم يُطلق سراحه قط رغم دفع الفدية.
من جهة اخرى، استخدم بعض الخاطفين ضحاياهم للحصول على الشهرة، الطعام، الدواء، اجهزة الراديو، السيارات، بالاضافة الى المدارس الجديدة، الطرقات، والمستشفيات. وقد أُطلق سراح مدير تنفيذي خُطف في آسيا بعد ان أُعطي الخاطفون ثيابا رياضية وكرات للعبة كرة السلة. كما تلجأ بعض الفِرَق الى الخطف لإخافة وتهديد المستثمرين والسُّيّاح الاجانب لمنعهم من استثمار الارض والثروات الطبيعية.
اذًا الدوافع متوفرة، والوسائل متوفرة، حتى الخاطفون والضحايا المحتملون موجودون. فهل الحلول متوافرة ايضا بهذا القدر؟ ما هو بعضها، وهل تستطيع فعلا حل المشكلة؟ قبل الاجابة عن هذه الاسئلة، لنفحص بعض الاسباب الاساسية والاعمق لازدهار تجارة الخطف.
[الاطار في الصفحة ٥]
اذا خُطِفتم
يقدِّم الذين درسوا الموضوع الاقتراحات التالية للمعرَّضين للخطف.
• كونوا متعاونين؛ تجنبوا المعاندة. فغالبا ما يتعرض الرهائن العدائيون للمعاملة القاسية، ويتعرضون اكثر لأن يُقتلوا او يُعاقبوا دون سواهم.
• لا تدعوا الذعر يسيطر عليكم. ابقوا في ذهنكم ان معظم الضحايا يخرجون من الخطف سالمين.
• اخترعوا نظاما لتبقوا على علم بالوقت.
• حاولوا ان تؤسسوا نوعا من الروتين اليومي.
• قوموا بالتمارين الرياضية ولو كانت الفرص المتاحة لكم لتتحركوا محدودة.
• كونوا شديدي الانتباه؛ حاولوا ان تتذكروا التفاصيل، الاصوات، والروائح. اعرفوا التفاصيل عن خاطفيكم.
• اشتركوا في محادثات صغيرة اذا امكن وحاولوا ان يكون بينكم وبين الخاطفين تواصل. فعلى الارجح لن يعمدوا الى ايذائكم او قتلكم اذا عرفوكم كفرد.
• اجعلوهم يدركون حاجاتكم بطريقة مهذبة.
• لا تحاولوا ابدا ان تفاوضوهم بشأن فديتكم.
• اذا جرت محاولة لإنقاذكم، فانبطحوا ارضا وانتظروا بهدوء ريثما تنتهي العملية.
[الاطار في الصفحة ٦]
التأمين ضد الخطف — موضوع مثير للجدل
كان التأمين احدى الصناعات التي ازدهرت بازدياد عمليات الخطف. ففي تسعينات الـ ١٩٠٠، زاد التأمين ضد الخطف في شركة لويدز اللندنية ٥٠ في المئة سنويا. ويقدم المزيد والمزيد من الشركات مثل هذا التأمين. ويغطي التأمين نفقات الاستعانة بخبير بمفاوضة الخاطفين، دفع الفدية، وأحيانا جهود اختصاصيين لاستعادة الفدية. لكنَّ موضوع التأمين موضوع مثير جدا للجدل.
فمعارضو التأمين ضد الخطف يدّعون ان التأمين يحوِّل الجريمة الى تجارة وأن كسب المال من قضايا الخطف منافٍ للاخلاق. ويقولون ايضا ان الشخص المؤمَّن عليه قد يهمل سلامته وإن التأمين سيسهِّل على الخاطفين ابتزاز المال، فيزدهر بالتالي هذا النشاط الاجرامي. حتى ان البعض يخافون ان يشجع وجودُ التأمين الاشخاصَ على تدبير خطفهم ليحصلوا على مال التأمين. والتأمين ضد الخطف محظَّر في المانيا، إيطاليا، وكولومبيا.
اما مؤيِّدو التأمين ضد الخطف فيشيرون الى ان هذا التأمين، مثل اي تأمين آخر، يجعل كثيرين يدفعون ما يخسره قليلون. وهم يحاجون ان التأمين يمنح نوعا من الامان، اذ يمكِّن العائلات والشركات المؤمَّن عليها من الاستعانة باختصاصيين مؤهلين يستطيعون ان يخففوا التوتر، يفاوضوا من اجل فدية اقل، ويسهلوا القبض على الخاطفين.
[الاطار في الصفحة ٧]
متلازمة ستوكهولم
سنة ١٩٧٤ اتخذ خطف پاتي هارست، ابنة بليونير الصحافة رندولف أ. هارست، منحى مفاجئا عندما انحازت الفتاة الى خاطفيها واشتركت معهم في عملية سطو مسلَّح. وفي حادثة اخرى، سامح لاعب كرة قدم اسپاني خاطفيه ووجه اليهم تمنياته الطيبة.
في اوائل سبعينات الـ ١٩٠٠، دُعيت هذه الظاهرة متلازمة ستوكهولم بعد عملية احتجاز رهائن في مصرف في ستوكهولم، السويد، حدثت سنة ١٩٧٣. ففي تلك الحادثة، طور بعض الرهائن علاقة صداقة مميزة بخاطفيهم. وقد حمى هذا التقارب المخطوفين، كما يوضح كتاب السلوك الاجرامي (بالانكليزية): «كلما توطدت العلاقة بين الخاطف والمخطوف، ازداد الودّ بينهما. وتشير هذه الظاهرة انه مع مرور الوقت لن يعمد المسيء على الارجح الى ايذاء الرهينة».
قالت ضحية انكليزية في الشيشان جرى اغتصابها: «اعتقد انه عندما بدأ الحارس يعرفنا افراديا ادرك ان من الخطإ اغتصابي. فتوقف الاغتصاب واعتذر».
-
-
الخطف — اسبابه الاساسيةاستيقظ! ١٩٩٩ | كانون الاول (ديسمبر) ٢٢
-
-
الخطف — اسبابه الاساسية
اصبح الخطف وباء عصريا. وكذلك الجريمة، الاغتصاب، السرقة، التحرش بالاولاد، والابادة الجماعية. فلماذا اصبحت الحياة خطرة الى حد ان الناس يخافون غالبا المجازفة والخروج من بيوتهم ليلا؟
ان الاسباب الاساسية لوباء النشاط الاجرامي هذا، بما في ذلك عمليات الخطف، مردّها الى عيوب تمتد جذورها عميقا في المجتمع البشري. فهل تعلمون ان الكتاب المقدس تنبّأ بهذه الاوقات الخطرة منذ ٠٠٠,٢ سنة تقريبا؟ تأملوا من فضلكم في ما أُنبئ به في ٢ تيموثاوس ٣:٢-٥.
«الناس يكونون محبين لأنفسهم، محبين للمال، مغرورين، متكبرين، مجدفين، عاصين لوالديهم، غير شاكرين، غير أولياء، بلا حنو، غير مستعدين لقبول أي اتفاق، مفترين، بلا ضبط نفس، شرسين، غير محبين للصلاح، خائنين، جامحين، منتفخين بالكبرياء، محبين للملذات دون محبة للّٰه، لهم شكل التعبد للّٰه ولكنهم منكرون قوته».
انتم توافقون على الارجح ان هذه الكلمات المدوَّنة منذ وقت طويل تصف تماما الحالة كما هي اليوم. ففي مدى حياتنا انفجرت العيوب الفاسدة في المجتمع البشري انفجارا عنيفا. ولسبب وجيه، سُجل الوصف المذكور اعلاه لسلوك البشر المزري في الكتاب المقدس مرفقا بالكلمات: «في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة حرجة». (٢ تيموثاوس ٣:١) فلنتأمل في مجرد ثلاثة من عيوب المجتمع الرئيسية التي ساهمت في وباء الخطف.
مشاكل في تنفيذ القانون
«لأن القضاء على العمل الرديء لا يُجرى سريعا فلذلك قد امتلأ قلب بني البشر فيهم لفعل الشر». — جامعة ٨:١١.
يفتقر الكثير من هيئات الشرطة الى الامكانيات لمكافحة وباء النشاط الاجرامي. ولذلك يصير الخطف في بلدان عديدة جريمة مربحة. ففي سنة ١٩٩٦، لم يحاكَم سوى ٢ في المئة من كل الخاطفين الكولومبيين. وفي المكسيك، دُفع سنة ١٩٩٧ ما لا يقل عن ٢٠٠ مليون دولار اميركي كفديات مالية. حتى ان بعض الخاطفين في الفيليپين قبلوا ان تُدفع الفدية بالشيكات.
وبالاضافة الى ذلك، يشكِّل الفساد المتفشي داخل الوكالات المسؤولة عن تنفيذ القانون عائقا في وجه مكافحة الجريمة. فقد اتُّهم بالخطف رؤساء نخبة من الفرق التي تكافح الخطف في المكسيك، كولومبيا، والجمهوريات السوڤياتية السابقة. يقول رئيس مجلس الشيوخ في الفيليپين، بلاس اوپلي، في مجلة اسبوع آسيا (بالانكليزية) ان الاحصاءات الرسمية تُظهر ان رجالا من الجيش او الشرطة متقاعدين او لا يزالون يزاولون عملهم متورطون في ٥٢ في المئة من عمليات الخطف في الفيليپين. وقيل ان خاطفا مكسيكيا مشهورا تمت حمايته بواسطة «جدار من الحصانة الرسمية بُني على الرشى المقدمة لشرطيين ومدَّعين عامين محليين او تابعين للولاية او فدراليين».
الفقر والظلم الاجتماعي
«رجعت ورأيت كل المظالم التي تُجرى تحت الشمس فهوذا دموع المظلومين ولا معزٍّ لهم ومن يد ظالميهم قهر». — جامعة ٤:١.
يواجه كثيرون اليوم اوضاعا اقتصادية واجتماعية ميؤوسا منها، وهم غالبا مَن يقومون بعمليات الخطف. وفي عالم تتسع فيه باستمرار الهوة بين الغني والفقير وتندر امكانيات كسب المال بطريقة شريفة، سيبقى الخطف اغراء. وما دام الظلم موجودا، يبقى الخطف وسيلة انتقام لاستقطاب الانتباه حول ما يعتبر حالة لا تُحتمل.
الجشع والنقص في المحبة
«محبة المال أصل لكل أنواع الأذية». (١ تيموثاوس ٦:١٠) «بسبب ازدياد التعدي على الشريعة، تبرد محبة الأكثرين». — متى ٢٤:١٢.
على مرّ التاريخ دفعت محبة المال الناس الى القيام بأمور شائنة. وربما لا توجد جريمة اخرى تضاهي الخطف من حيث استغلال مشاعر البشر من قلق، وأسى، ويأس لجني المال. ويدفع الجشع — محبة المال — كثيرين الى معاملة شخص غريب بوحشية وتعذيبه وجعل عائلته تقاسي محنة شديدة طوال اسابيع، شهور، وأحيانا سنين.
ومن الواضح ان المجتمع الذي يصب كل اهتمامه على المال ويدوس القيم الانسانية انما هو مجتمع مصاب بآفة. ويزوِّد هذا الوضع دون شك ارضا خصبة لكل انواع الجرائم، بما فيها الخطف.
فهل يعني ذلك اننا في ما يدعوه الكتاب المقدس «الايام الاخيرة»؟ وإذا كان الامر كذلك، فماذا يعني ذلك للأرض ولنا؟ وهل مِن حلّ للمشاكل الرهيبة التي تواجه الجنس البشري، بما فيها الخطف؟
[الاطار/الصورة في الصفحة ٨]
لا شيء جديدا
فرضت الشريعة الموسوية عقوبة الموت على الخاطفين منذ القرن الـ ١٥ قم. (تثنية ٢٤:٧) وخُطف يوليوس قيصر للحصول على فدية في القرن الاول قبل الميلاد، كما خُطف ملك انكلترا ريتشارد الاول، الملقب بقلب الاسد، في القرن الـ ١٢ بم. اما اكبر فدية قُدمت على الاطلاق فقد بلغت ٢٤ طنا من الذهب والفضة قدمها الإنكاويون للفاتح الاسپاني فرانسيسكو پيزارو مقابل اطلاق سراح رئيسهم الاسير أتاولپا سنة ١٥٣٣. ورغم ذلك، شنقه الفاتحون.
-
-
الخطف — هل مِن حلّ؟استيقظ! ١٩٩٩ | كانون الاول (ديسمبر) ٢٢
-
-
الخطف — هل مِن حلّ؟
«بلغت عمليات الخطف حدًّا لا يُحتمل بالنسبة الى البلد بأسره، وينبغي للمجتمع بكامله ان يكافح هذا الشر». هذا ما هتف به رئيس وزراء الشيشان واعدا باستئصال بلوى الخطف من جمهوريته الروسية حيث يستفحل هذا الوباء.
استئصال الخطف؟ هدفٌ جدير بالثناء، لكنَّ السؤال المطروح هو كيف؟
الجهود المبذولة
عيَّنت السلطات الكولومبية ٠٠٠,٢ عميل سري، ٢٤ مدعيا عاما، ومنسقا تنحصر مهمتهم في مكافحة الخطف. وفي ريو دي جانيرو، البرازيل، شارك حوالي ٠٠٠,١٠٠ شخص في مسيرة شعبية احتجاجا على عمليات الخطف الكثيرة التي تجتاح المدينة. وفي البرازيل وكولومبيا، ردَّت فِرَق شبه عسكرية بخطف اقرباء الخاطفين. ولجأ بعض الفيليپينيين الى تنفيذ ما هو عدالة برأيهم، فعاقبوا الخاطفين بالموت دون محاكمة قانونية.
في ڠواتيمالا جعلت السلطات عقوبة الخطف الاعدام، وعمد رئيس الجمهورية الى تعبئة الجيش لإيقاف وباء الخطف. وفي ايطاليا، اتَّخذت الحكومة اجراءات صارمة لمنع عمليات الخطف، بجعل دفع الفدية غير قانوني وبمصادرة المال والممتلكات لمنع الاقرباء من الدفع. ويتباهى الرسميون الايطاليون بأن هذه الاجراءات ساهمت في انخفاض عمليات الخطف. لكنَّ النقاد يشيرون الى ان العائلات تحاول بسبب هذه الاجراءات حل القضايا سرا وهذا ما يخفض عدد عمليات الخطف المعلَن رسميا. ويقدِّر المستشارون الامنيون الخاصون ان عدد عمليات الخطف في ايطاليا تضاعف في الواقع منذ ثمانينات الـ ١٩٠٠.
اقتراحات كثيرة — حلول قليلة
معظم عائلات الضحايا المخطوفين يرى انه لا يوجد سوى حل واحد، ألا وهو دفع الفدية لتحرير احبائهم بأقصى سرعة ممكنة. لكنَّ الخبراء يحذّرون من ان الخاطفين قد يجدون العائلة لقمة سائغة ويعاودون الكرَّة اذا طلبوا فدية باهظة وحصلوا عليها بسرعة كبيرة. او قد يطلبون فدية ثانية قبل اطلاق سراح الضحية.
وتدفع بعض العائلات فديات باهظة لتجد في النهاية ان الضحية ماتت. لذلك يقول الخبراء ان المرء لا ينبغي ابدا ان يدفع فدية او يدخل في مفاوضات قبل الحصول على اثبات يؤكد ان الضحية حية. وقد يكون الاثبات مثلا جوابا عن سؤال لا احد يعرفه سوى الضحية. وتطلب بعض العائلات صورة للضحية وهي تمسك بصحيفة حديثة.
وماذا عن عمليات الانقاذ؟ غالبا ما يرافقها خطر كبير. يقول الخبير بحوادث الخطف براين جنكنز: «تسع وسبعون في المئة من كل الرهائن يُقتلون خلال محاولات الانقاذ في اميركا اللاتينية». لكنَّ هذه العمليات تنجح في بعض الاحيان.
فلا عجب اذًا ان تركِّز حلول كثيرة على الوقاية من الخطف. والسلطات ليست الوحيدة التي تحاول منع عمليات الخطف. فالصحف تعلِّم الناس كيف يحمون انفسهم من الخطف، كيف يرمون انفسهم من سيارة تتحرك، وكيف يتفوقون نفسيا على خاطفيهم بدهاء. وتعطي مراكز تعليم فنون القتال دروسا في الدفاع عن النفس عند التعرض للخطف. كما تبيع الشركات اجهزة ارسال بالغة الصغر، تبلغ قيمة كل منها ٠٠٠,١٥ دولار اميركي، يمكن زرعها في اسنان الاولاد لمساعدة الشرطة على تعقُّبهم اذا خُطفوا. وينتج صانعو السيارات سيارات «مضادة للخطف»، لمَن يستطيع شراءها، مزوَّدة بأوعية غاز مسيل للدموع، فتحات لاطلاق الرصاص، نوافذ مضادة للرصاص، اطر لا تُمزَّق، وأوعية تلقي طبقة رقيقة من الزيت.
ويجد بعض الاغنياء الحل في استخدام حرس. لكن في ما يتعلق بالوضع في المكسيك، يقول احد خبراء الامن فرنسيسكو ڠوميس ليرما: ‹لا فائدة من وضع حرس لأنهم يلفتون الانظار وقد يكونون متواطئين مع الخاطفين›.
ان مشكلة الخطف معقدة ومترسخة الى حد ان كل ما يبذله الجنس البشري من جهود لإزالتها يبدو عقيما. فهل يعني ذلك انه لا يوجد حل حقيقي؟
الحل موجود
اشارت هذه المجلة مرارا وتكرارا الى الحل الوحيد الحقيقي لمثل هذه المشاكل التي تواجه البشر. وهذا الحل هو ما اشار اليه ابن اللّٰه، يسوع المسيح، عندما علَّم اتباعه ان يصلّوا: «ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض». — متى ٦:١٠.
من الواضح اننا نحتاج الى حكومة عالمية بارة تُعنى بشؤون شتى الناس على الارض — نعم، ملكوت اللّٰه الذي تكلم عنه يسوع. وبما ان البشر لم ينجحوا في تأسيس مثل هذه الحكومة، فمن الحكمة ان نتطلع الى خالقنا، يهوه اللّٰه. فكلمته، الكتاب المقدس، تقول انه قصد ان يحقق ذلك. — مزمور ٨٣:١٨.
وسجَّل النبي دانيال قصد يهوه فكتب: «في ايام هؤلاء الملوك يقيم اله السموات مملكة لن تنقرض ابدا . . . تسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت الى الابد». (دانيال ٢:٤٤) ويصف الكتاب المقدس كيف ستتّخذ حكومة اللّٰه هذه خطوات تدريجية لاستئصال كل النشاط الاجرامي، بما فيه الخطف.
التعليم الملائم ضروري
انتم توافقون بلا شك ان غرس مجموعة من القيم السليمة في الناس ضروري لحل مشكلة الخطف. تأملوا مثلا في التأثير الذي يمكن ان يشعر به المجتمع البشري اذا التفت الجميع الى النصيحة التالية الموجودة في الكتاب المقدس: «لتكن سيرتكم خالية من محبة المال، وكونوا قانعين بالأمور الحاضرة». (عبرانيين ١٣:٥) «لا يكن عليكم لأحد شيء، إلا أن يحب بعضكم بعضا». — روما ١٣:٨.
ويمكنكم نيل لمحة الى ما يمكن ان تكون عليه الحياة بالتأمل في البرنامج التعليمي الذي يديره شهود يهوه في اكثر من ٢٣٠ بلدا في كل انحاء الارض. فلهذا البرنامج تأثير مفيد في كثيرين ممَّن كانوا سابقا جشعين او مجرمين خطرين. قال خاطف سابق: «مع مرور الوقت، ادركت ان ارضائي اللّٰه يتوقف على خلع الشخصية القديمة ولبس الجديدة — الوديعة والمشابهة لشخصية المسيح يسوع».
ولكن حتى افضل البرامج التعليمية لن يصلح كل المجرمين، ربما ولا حتى معظمهم. فماذا سيحصل للذين يرفضون ان يتغيروا؟
ازالة فاعلي السوء
لن يُسمح لمن يفعلون السوء عمدا بأن يكونوا من رعايا ملكوت اللّٰه. يقول الكتاب المقدس: «أم إنكم لستم تعلمون أن الأثمة لا يرثون ملكوت اللّٰه؟ لا تضلوا. لا عاهرون، . . . ولا جشعون، . . . ولا مبتزون يرثون ملكوت اللّٰه». (١ كورنثوس ٦:٩، ١٠) ‹المستقيمون يسكنون الارض . . . اما الاشرار فينقرضون من الارض›. — امثال ٢:٢١، ٢٢.
ووفقا لشريعة اللّٰه في الازمنة القديمة، كان ينبغي ان يعاقب الخاطف غير التائب بالموت. (تثنية ٢٤:٧) والجشعون، كالخاطفين مثلا، لن يكون لهم مكان في ملكوت اللّٰه. ربما يتملص المجرمون اليوم من العدالة البشرية، لكنهم لن يستطيعوا التملُّص من عدالة اللّٰه. فينبغي ان يغيِّر كل الاشرار طرقهم اذا ارادوا العيش تحت ظل الحكم البار لملكوت يهوه.
ان بقاء الظروف التي تسبِّب النشاط الاجرامي سيؤدي لا محالة الى بقاء الجريمة. لكنَّ ملكوت اللّٰه لن يسمح بذلك اذ يعد الكتاب المقدس ان الملكوت ‹سيسحق ويفني كل هذه الممالك›، بما فيها كل فاعلي السوء. وتكمل نبوة الكتاب المقدس ان ملكوت اللّٰه سيثبت الى الابد. (دانيال ٢:٤٤) فتصوَّروا فقط التغييرات التي ستحصل!
عالم جديد بار
تأملوا في نبوة اخرى من نبوات الكتاب المقدس. انها نبوة تصف المستقبل بشكل جميل كما يلي: «يبنون بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها. لا يبنون وآخر يسكن ولا يغرسون وآخر يأكل. لأنه كأيام شجرة ايام شعبي ويستعمل مختاريَّ عمل ايديهم». — اشعياء ٦٥:٢١، ٢٢.
سيُجري ملكوت اللّٰه تغييرات جذرية في الكوكب بأسره. وسيتمكن كل الاحياء من التمتع كاملا بالحياة، مطورين مقدراتهم الطبيعية بالانهماك في عمل يجلب الاكتفاء وفي تسلية سليمة. وبسبب الاحوال التي ستسود آنذاك حول العالم، لن تخطر فكرة خطف الجيران على بال احد. وسيسود الامن بكل معنى الكلمة. (ميخا ٤:٤) وهكذا، سيكون ملكوت اللّٰه قد حوَّل الخطف من تهديد عالمي كما هو اليوم الى فصل من التاريخ طواه النسيان. — اشعياء ٦٥:١٧.
-