-
ما يعنيه ملكوت اللّٰه لكثيرينبرج المراقبة ١٩٩٢ | ١٥ آذار (مارس)
-
-
كيف جرى النظر الى الملكوت
ربط البعض ملكوت اللّٰه بالكنيسة الكاثوليكية. فبعدما قبِل الاساقفة الامبراطور قسطنطين بصفته رئيسهم في مجمع نيقية في السنة ٣٢٥ بم، صارت الكنيسة متورطة في السياسة، وجرى اخبار الناس ان الملكوت قد اتى. وتوضح دائرة المعارف البريطانية انه وفقا للاهوت اوغسطين (٣٥٤-٤٣٠ بم)، «ملكوت اللّٰه قد بدأ في هذا العالم مع تأسيس الكنيسة» وهو «حاضر الآن في الاسرار المقدسة للكنيسة.»
وينظر آخرون الى ملكوت اللّٰه كإنجاز بشري. تقول دائرة المعارف نفسها: «كنائس الاصلاح . . . اصبحت سريعا كنائس اقليمية متسمة بالاعراف، وهذه بدورها قمعت انتظار وقت النهاية» في ما يتعلق بإتيان ملكوت اللّٰه. وكتب ه. ج. وَلْز: «لقد حوَّل الناس محور حياتهم من ملكوت اللّٰه واخوَّة الجنس البشري الى تلك الحقائق الفعَّالة اكثر حسب الظاهر، فرنسا وانكلترا، روسيا المقدسة، اسپانيا، پروسيا . . . فكانوا آلهة اوروپا الحقيقيين والفعَّالين.»
وفي الازمنة العصرية ايضا، جُعل الملكوت دنيويا. توضح دائرة المعارف البريطانية: «مميَّز هو الموقف الاساسي ان الانسان نفسه يجب ان يعدَّ المجتمع الكامل المستقبلي بطريقة بنَّاءة وتنظيمية وأن ‹الامل› و ‹الانتظار› تحل محلهما المبادرة البشرية.» وفي ما يتعلق بـ «الانجيل الاجتماعي،» يتابع العمل المرجعي نفسه: «اعتبرت هذه الحركةُ رسالةَ ملكوت اللّٰه المسيحية على نحو رئيسي دافعا لاعادة تنظيم احوال المجتمع الدنيوية بمعنى ملكوت للّٰه اخلاقي.»
وكثيرون من اليهود نظروا ايضا الى الملكوت بصفته انجازا بشريا. ففي سنة ١٩٣٧، قال مؤتمر لربّينيي الاصلاح في كولومبس، اوهايو، الولايات المتحدة الاميركية: «نحن نعتبره واجبنا التاريخي ان نتعاون مع كل البشر في تأسيس ملكوت اللّٰه، الاخوَّة العالمية، العدل، الحق والسلام على الارض. وهذا هو هدفنا المسيَّاني.»
والنظرة الاخرى الجاري التمسك بها في كل مكان هي ان ملكوت اللّٰه حالة المرء القلبية. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، اعلن المحفل المعمداني الجنوبي للسنة ١٩٢٥: «ملكوت اللّٰه هو مُلك اللّٰه في قلب وحياة الفرد في كل علاقة بشرية، وفي كل شكل ومؤسسة للمجتمع المنظَّم . . . وملكوت اللّٰه سيكون تاما عندما يجري استئسار كل فكرة ومشيئة للانسان الى مشيئة المسيح.»
-
-
ما يمكن ان يعنيه لكم ملكوت اللّٰهبرج المراقبة ١٩٩٢ | ١٥ آذار (مارس)
-
-
فالملكوت ليس الكنيسة، والاسفار المقدسة لا تزوِّد الاساس لنظرة دنيوية اليه. وبالاضافة الى ذلك، لا يمكن لحكومة معطاة من اللّٰه ان تكون مجرد شيء داخل قلب الشخص. وبما ان ملكوت اللّٰه حكومة، فهو لا يصير شيئا في قلبنا عندما نعتنق المسيحية. ولكن لماذا يعتقد البعض ان الملكوت حالة تشمل القلب؟
الملكوت داخلنا؟
يشعر البعض بأن الملكوت هو في قلبنا بسبب الطريقة التي بها نقل بعض تراجمة الكتاب المقدس لوقا ١٧:٢١. فبحسب الترجمة العربية الپروتستانتية، قال يسوع هنا: «ملكوت اللّٰه داخلكم.»
ومن هذا القبيل يذكر قاموس المفسِّر للكتاب المقدس: «على الرغم من الاشارة اليها تكرارا كمثال لـ ‹مذهب التصوُّف› او ‹الاستبطانية› الذي ليسوع، إلا ان هذا التفسير يرتكز خصوصا على الترجمة القديمة، ‹داخلك،› . . . المفهومة بالمعنى العصري غير الملائم ‹انت› بصيغة المفرد؛ و ‹انتم› . . . هي بصيغة الجمع (يسوع يخاطب الفريسيين — العدد ٢٠) . . . فالنظرية ان ملكوت اللّٰه هو حالة داخلية للعقل، او للخلاص الشخصي، تتعارض مع قرينة هذه الآية، ومع كامل عرض الفكرة في العهد الجديد ايضا.»
ان حاشية لوقا ١٧:٢١ في الترجمة العربية الپروتستانتية تُظهر انه كان يمكن ان تُنقل كلمات يسوع الى: «ملكوت اللّٰه بينكم.» وتقول ترجمات اخرى للكتاب المقدس: «ملكوت اللّٰه بينكم» او «في وسطكم.» (الكتاب المقدس الانكليزي الجديد؛ الكتاب المقدس الاورشليمي؛ الترجمة القانونية المنقحة) وبحسب ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة، قال يسوع: «ملكوت اللّٰه في وسطكم.» فلم يعنِ يسوع ان الملكوت هو في قلوب الفريسيين المتكبرين الذين كان يخاطبهم. وانما، بصفته المسيّا والملك المعيَّن المنتظر منذ زمن بعيد، كان يسوع في وسطهم. ولكن كان سيمرّ بعض الوقت قبل ان يأتي ملكوت اللّٰه.
-