مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • التماس يتردد صداه حول العالم
    برج المراقبة ٢٠٠٨ | ١ كانون الثاني (‏يناير)‏
    • التماس يتردد صداه حول العالم

      تخيَّل مئات ملايين الاشخاص،‏ لا بل البلايين،‏ يلتمسون جميعا الامر عينه من اسمى سلطة في الكون.‏ ولكن قلة منهم يعرفون بالضبط ماهية الشيء الذي يطلبونه.‏ قد تستغرب حدوث ذلك،‏ لكنّ هذا الواقع يتكرر يوميا.‏ فماذا يلتمس كل هؤلاء الناس؟‏ اتيان ملكوت اللّٰه.‏

      استنادا الى احد التقديرات،‏ تزعم ٠٠٠‏,٣٧ ديانة تقريبا انها مسيحية تتبع قيادة يسوع المسيح.‏ ويعتنق هذه الديانات المختلفة اكثر من بليوني شخص.‏ وأعداد هائلة منهم ترفع الى اللّٰه صلاة تُعرف عموما بصلاة الأبانا او الصلاة الربانية.‏ فهل تعرف هذه الصلاة؟‏ لقد علّمها يسوع لأتباعه مستهلا اياها بالكلمات التالية:‏ «أبانا الذي في السموات،‏ ليتقدس اسمك.‏ ليأت ملكوتك.‏ لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض».‏ —‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      مرّت قرون عديدة مذّاك والمتعبدون يكرّرون بتوقير هذه الكلمات في الكنائس.‏ كما انهم يتلونها مع عائلاتهم او حين يكونون بمفردهم،‏ في السراء والضراء على السواء.‏ وهم يردِّدونها بإخلاص وبحرارة ايضا.‏ اما كثيرون غيرهم فيحفظونها عن ظهر قلب ويعيدونها مرة بعد مرة دون ان يفكروا حقا في معناها.‏ غير ان معتنقي المسيحية هؤلاء ليسوا الوحيدين الذين يرجون ويصلّون من اجل اتيان ملكوت اللّٰه.‏

      التماس يتعدّى الدين المسيحي

      في الدين اليهودي،‏ يتلو المتفجعون صلاة مشهورة تُدعى قاديش.‏ وهم يردِّدونها عادة حين يغيّب الموت احد احبائهم،‏ مع انها لا ترتبط مباشرة بالموت او الحزن.‏ تقول هذه الصلاة:‏ «ليؤسس [اللّٰه] ملكوته في ايامك .‏ .‏ .‏ وليُجرِ ذلك سريعا».‏a وثمة ايضا صلاة قديمة تُتلى في المجامع تتحدث عن الرجاء بملكوت المسيّا المتحدر من بيت داود.‏

      وتروق فكرة ملكوت اللّٰه اشخاصا آخرين ايضا ليسوا مسيحيين.‏ فبحسب ذا تايمز اوف إنديا (‏بالانكليزية)‏،‏ ذكر زعيم ديني بارز من الهند عاش في القرن الـ‍ ١٩ وكان مهتما بالتوفيق بين الهندوسية والاسلام والمسيحية:‏ «لن يتحقق ملكوت اللّٰه الحقيقي ما لم يتحد الشرق والغرب معا».‏ كما وجّهت مؤخرا مديرة كلية اسلامية في ستراثفيلد بأوستراليا الكلمات التالية الى احدى الصحف:‏ «على غرار كل المسلمين،‏ انا أومن [بأن] يسوع سيعود ويؤسس ملكوت اللّٰه الحقيقي».‏

      نعم،‏ ان الذين يرجون ويطلبون اليوم اتيان ملكوت اللّٰه يُعدّون بالبلايين.‏ ولكن تأمل في هذا الواقع المثير للاهتمام.‏

      انت تعرف على الارجح اننا نحن شهود يهوه،‏ ناشري هذه المجلة،‏ نذهب من بيت الى بيت في منطقتك لنناقش مواضيع من الكتاب المقدس مع الناس.‏ والآن،‏ عند كتابة هذه المقالة،‏ نحن نقوم بهذا العمل حول العالم في ٢٣٦ بلدا وبأكثر من ٤٠٠ لغة.‏ اما محور كرازتنا فهو ملكوت اللّٰه،‏ الامر الذي يبرزه العنوان الكامل لهذه المجلة:‏ برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه.‏ ونحن نسأل الناس في الغالب ما اذا كانوا يصلّون من اجل هذا الملكوت.‏ فيرد كثيرون جدا منهم بالايجاب.‏ ولكن حين يُسألون ما هو الملكوت،‏ تجيب غالبيتهم بأنهم لا يعرفون او يعطون جوابا مبهما وغير اكيد.‏

      فلماذا يلتمس اناس كثر شيئا لا يعرفون ما هو؟‏ هل لأن ملكوت اللّٰه مفهوم معقد ومبهم؟‏ كلا!‏ فالكتاب المقدس يحتوي تفسيرا واضحا وشاملا للملكوت.‏ كما تزودك رسالته في هذا الخصوص رجاء حقيقيا في هذه الاوقات العصيبة.‏ لذلك سنقرأ في المقالة التالية كيف يوضح الكتاب المقدس هذا الرجاء.‏ ثم سنرى متى ستُستجاب صلاة يسوع من اجل اتيان الملكوت.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a على غرار الصلاة النموذجية التي علّمها يسوع،‏ يُطلب ايضا في صلاة قاديش تقديس اسم اللّٰه.‏ ورغم الجدل القائم حول ما اذا كانت هذه الصلاة ترقى الى ايام المسيح او حتى قبل ذلك،‏ لا ينبغي ان نستغرب اوجه الشبه بين الصلاتين.‏ فيسوع لم يقصد ان يستحدث صلاة جديدة،‏ اذ ان كل طلب في صلاته مؤسس بشكل راسخ على الاسفار المقدسة التي كانت في متناول جميع اليهود آنذاك.‏ فهو كان يشجع رفقاءه اليهود ان يقدّموا طلبات يُفترض انهم كانوا يشملونها بصلواتهم منذ امد بعيد.‏

  • ما هو ملكوت اللّٰه؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٨ | ١ كانون الثاني (‏يناير)‏
    • ما هو ملكوت اللّٰه؟‏

      ماذا كان محور كرازة يسوع؟‏ انه ملكوت اللّٰه،‏ كما ذكر هو نفسه.‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ ولا بد ان هذا المحور تردّد كثيرا على لسانه خلال حديثه مع الناس.‏ فهل اثار كلامه استغرابهم وسألوه ما هو هذا الملكوت؟‏ كلا.‏ فالاناجيل لا تأتي على ذكر شيء كهذا.‏ اذًا،‏ هل كان ملكوت اللّٰه مفهوما مألوفا لديهم؟‏

      في الحقيقة،‏ ان الاسفار القديمة الموحى بها التي اعتُبرت مقدسة في نظر اليهود تحدثت عن الملكوت.‏ فوصفته بتعابير محددة شديدة الوضوح وكشفت الامور التي سينجزها.‏ واليوم،‏ بإمكاننا معرفة المزيد عن هذا الملكوت بالطريقة نفسها،‏ اي من خلال الكتاب المقدس.‏ فلنتأمل في سبع حقائق يعلِّمها الكتاب المقدس عن هذا الموضوع.‏ لقد كانت الحقائق الثلاث الاولى متوفرة لليهود العائشين في ايام يسوع وقبل ذلك ايضا.‏ وكُشفت الثلاث التالية على لسان المسيح او رسله خلال القرن الاول.‏ اما الحقيقة الاخيرة فتوضّحت في ايامنا هذه.‏

      ١-‏ ملكوت اللّٰه حكومة (‏مملكة)‏ حقيقية ستدوم الى الابد.‏ كشفت النبوة الاولى المدوَّنة في الكتاب المقدس ان اللّٰه سيرسل منقذا للبشر الامناء.‏ وهذا المنقذ،‏ الذي يُدعى ‹النسل›،‏ سينهي كل المحن الفظيعة التي ابتدأت بتمرد آدم وحواء والشيطان.‏ ‏(‏تكوين ٣:‏١٥‏)‏ وبعد فترة طويلة،‏ أُخبر الملك داود الامين شيئا مثيرا عن هذا ‹النسل› او المسيّا،‏ وهو انه سيتولى حكم مملكة.‏ وهذه المملكة او الحكومة تتميز عن كل الممالك الاخرى بأنها ستدوم الى الابد.‏ —‏ ٢ صموئيل ٧:‏١٢-‏١٤‏.‏

      ٢-‏ ملكوت اللّٰه سيضع حدا لكل الحكومات البشرية.‏ نال النبي دانيال رؤيا عن مجيء دول متعاقبة تحكم العالم على مر التاريخ وصولا الى يومنا هذا.‏ لاحظ الذروة المثيرة لهذه الرؤيا:‏ «في ايام هؤلاء الملوك [آخر الملوك البشر]،‏ يقيم إله السماء مملكة لن تنقرض ابدا.‏ وملكها لا يُترك لشعب آخر.‏ فتسحق وتفني كل هذه الممالك،‏ وهي تثبت الى الدهر».‏ اذًا،‏ ستُدمَّر كل ممالك او حكومات هذا العالم الى الابد،‏ وستبيد معها الحروب وأعمال الظلم والفساد.‏ وكما تُظهر هذه النبوة،‏ سيحكم ملكوت اللّٰه الارض بكاملها عما قريب.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤،‏ ٤٥‏)‏ ولن تكون هذه الحكومة حقيقية فحسب بل هي الوحيدة التي تبقى لتحكم الارض.‏a

      ٣-‏ ملكوت اللّٰه سينهي الحروب والامراض والمجاعات والموت ايضا.‏ تكشف نبوات مثيرة في الكتاب المقدس ما سيفعله ملكوت اللّٰه هنا على الارض.‏ فهذه المملكة ستحقق امورا وقفت امامها كل الحكومات البشرية عاجزة،‏ وستنجز ما لا يمكن ان تنجزه اي منها.‏ تخيَّل مثلا ان كل اسلحة الحرب ستُدمَّر الى الابد.‏ يقول السجل ان يهوه هو «مسكِّن الحروب الى اقصى الارض».‏ (‏مزمور ٤٦:‏٩‏)‏ ولن يكون هنالك اطباء او مستشفيات او امراض من اي نوع كان،‏ اذ «لا يقول ساكن:‏ ‹انا مريض›».‏ (‏اشعيا ٣٣:‏٢٤‏)‏ ولن نسمع في ما بعد عن مجاعات او اشخاص يعانون من سوء التغذية او النقص في الطعام لأن ‹وفرة من القمح تكون في الارض›.‏ (‏مزمور ٧٢:‏١٦‏)‏ اما المآ‌تم والمقابر والمشارح والسهر قرب جثة الميت وما يرافق ذلك كله من معاناة وألم فستزول الى الابد لأن الموت،‏ عدونا الذي لا يشفق ولا يرحم،‏ سيُهزَم اخيرا.‏ فاللّٰه سوف «يبتلع الموت الى الابد،‏ ويمسح السيد الرب يهوه الدموع عن كل الوجوه».‏ —‏ اشعيا ٢٥:‏٨‏.‏

      ٤-‏ لهذا الملكوت حاكم اختاره اللّٰه.‏ لم يجعل المسيّا من نفسه حاكما ولا انتقاه البشر الناقصون.‏ فيهوه اللّٰه هو مَن اختاره شخصيا،‏ وهذا ما يشير اليه اللقبان المسيّا والمسيح اللذان يعنيان كلاهما «الممسوح».‏ فيهوه مسح او عيّن هذا الملك ليشغل مركزا خصوصيا.‏ يقول اللّٰه عنه:‏ «هوذا خادمي الذي اعضده!‏ مختاري الذي عنه رضيت نفسي!‏ قد وضعت روحي عليه.‏ فيبدي العدل للأمم».‏ (‏اشعيا ٤٢:‏١؛‏ متى ١٢:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ وهل هنالك مَن يعرف اكثر من خالقنا اي نوع من الحكام نحن بحاجة اليه؟‏

      ٥-‏ اثبت حاكم ملكوت اللّٰه اهليته امام كل الجنس البشري.‏ لقد تبين ان يسوع الناصري هو المسيّا المنبأ به.‏ فهو كان من سلسلة النسب التي حدّدها اللّٰه.‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٨؛‏ ١ اخبار الايام ١٧:‏١١؛‏ متى ١:‏١‏)‏ وتمّم خلال حياته على الارض نبوات كثيرة عن المسيّا دُوِّنت قبل مجيئه بقرون.‏ كما حُدِّدت هويته من السماء بأنه المسيّا.‏ فكيف حدث ذلك؟‏ لقد تكلّم اللّٰه من السماء وقال ان يسوع هو ابنه؛‏ وأشارت الملائكة ايضا اليه بأنه المسيّا المنبأ به؛‏ كما صنع هو بنفسه عجائب كانت دون شك بقدرة اللّٰه،‏ وقد شهدها في الغالب مئات لا بل آلاف الاشخاص.‏b علاوة على ذلك،‏ اظهر يسوع مرة بعد اخرى اي نوع من الحكام سيكون.‏ فهو لم يمتلك القدرة على مساعدة الناس فحسب،‏ بل رغب ايضا في ذلك.‏ (‏متى ٨:‏١-‏٣‏)‏ كما كان شخصا متعاطفا،‏ شجاعا،‏ متواضعا،‏ وغير اناني.‏ وسجل حياته على الارض مدوَّن في صفحات الكتاب المقدس ليتمكن الجميع من قراءته.‏

      ٦-‏ يملك مع المسيح في ملكوت اللّٰه حكام معاونون عددهم ٠٠٠‏,١٤٤.‏ قال يسوع ان آخرين،‏ بمن فيهم رسله،‏ سيحكمون معه في السماء.‏ ودعا هذا الفريق «القطيع الصغير».‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢‏)‏ وفي وقت لاحق،‏ أُخبر الرسول يوحنا ان عدد هذا القطيع سيبلغ ٠٠٠‏,١٤٤ شخص.‏ وهم سينالون تعيينا مثيرا في السماء،‏ اذ سيحكمون كملوك ويخدمون ككهنة مع المسيح.‏ —‏ رؤيا ٥:‏٩،‏ ١٠؛‏ ١٤:‏١،‏ ٣‏.‏

      ٧-‏ ان ملكوت اللّٰه،‏ الذي يحكم الآن في السماء،‏ هو على وشك ان يبدأ حكمه على الارض بأسرها.‏ هذه الحقيقة هي احدى اروع الحقائق التي يمكن ان نتعلَّمها.‏ فالكتاب المقدس يتضمن وفرة من الادلة تثبت ان يسوع مُنح سلطته كملك في السماء.‏ انه يحكم هناك الآن،‏ في ايامنا هذه،‏ وقريبا جدا سيوسّع نطاق حكمه ليشمل الارض بأسرها ويتمّم النبوات الرائعة التي ذُكرت اعلاه.‏ ولكن كيف يمكننا التأكد من ان ملكوت اللّٰه يحكم الآن؟‏ ومتى سيبدأ حكمه على الارض؟‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a ان هذه النبوة ونبوات مماثلة تُظهر ان ملكوت اللّٰه ليس موجودا في قلوبنا،‏ كما تعلَّم كثيرون.‏ انظر المقالة «قراؤنا يسألون» على الصفحة ١٣.‏

      b انظر مثلا متى ٣:‏١٧؛‏ لوقا ٢:‏١٠-‏١٤؛‏ يوحنا ٦:‏٥-‏١٤‏.‏

  • متى سيأتي ملكوت اللّٰه؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٨ | ١ كانون الثاني (‏يناير)‏
    • متى سيأتي ملكوت اللّٰه؟‏

      ‏«يا رب،‏ أفي هذا الوقت ترد المملكة الى اسرائيل؟‏».‏ (‏اعمال ١:‏٦‏)‏ طرح الرسل هذا السؤال على يسوع لأنهم كانوا متشوقين ان يعرفوا الوقت الذي سيؤسس فيه ملكوته.‏ واليوم ايضا،‏ بعد نحو ٠٠٠‏,٢ سنة،‏ لا يزال الناس يتحرقون شوقا الى معرفة متى سيأتي ملكوت اللّٰه.‏

      وبما ان كرازة يسوع تمحورت حول الملكوت،‏ فقد يخطر في بالك انه ناقش هذا السؤال.‏ وهذا ما فعله دون شك!‏ فيسوع تحدث مرارا كثيرة عن فترة زمنية محددة دعاها ‹حضوره›.‏ (‏متى ٢٤:‏٣٧‏)‏ وحضوره هذا يرتبط ارتباطا وثيقا بتأسيس الملكوت المسيَّاني.‏ فما هو هذا الحضور؟‏ لنتأمل في اربع حقائق يكشفها الكتاب المقدس عن حضور المسيح.‏

      ١-‏ يبدأ حضور المسيح بعد فترة طويلة من موته.‏ اعطى يسوع مثلا شبّه فيه نفسه برجل «سافر الى ارض بعيدة ليحرز سلطة ملكية».‏ (‏لوقا ١٩:‏١٢‏)‏ فكيف تمّ هذا المثل النبوي؟‏ كما تبيّن،‏ مات يسوع وأُقيم ثم سافر الى «ارض بعيدة»،‏ اي الى السماء.‏ وما كان سيعود بسلطة ملكية إلا «بعد زمان طويل»،‏ كما انبأ هو بنفسه في مثل مشابه.‏ —‏ متى ٢٥:‏١٩‏.‏

      بعد مرور عدة سنوات على صعود يسوع الى السماء،‏ كتب الرسول بولس قائلا:‏ «قرّب [يسوع] ذبيحة واحدة عن الخطايا الى مدى الدهر وجلس عن يمين اللّٰه،‏ منتظرا منذ ذلك الحين ان يوضَع اعداؤه موطئا لقدميه».‏ (‏عبرانيين ١٠:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ اذًا،‏ انتظر يسوع سنوات طويلة بعد وصوله الى السماء.‏ وقد انتهت هذه السنوات اخيرا حين نصّب يهوه اللّٰه ابنه ملكا على الملكوت المسيَّاني الموعود به منذ زمن طويل.‏ فابتدأ حينئذ حضور المسيح.‏ ولكن هل كان في مقدور البشر على الارض ان يروا هذا الحدث البالغ الاهمية؟‏

      ٢-‏ حضور المسيح غير منظور للبشر.‏ تذكَّر ان يسوع تحدث عن علامة حضوره.‏ (‏متى ٢٤:‏٣‏)‏ فلو كان حضوره منظورا للبشر،‏ فما الحاجة الى علامة؟‏ لإيضاح ذلك،‏ تخيَّل انك ذاهب في رحلة الى البحر.‏ قد ترى على طول الطريق لافتات،‏ او علامات،‏ ترشدك الى المكان المنشود.‏ ولكن حين تصل الى الشاطئ وترى البحر ممتدا امامك حتى الافق البعيد،‏ هل تتوقع ان تجد هناك لافتة عليها سهم كبير وكلمة «البحر» مكتوبة بحروف واضحة؟‏ قطعا لا!‏ فما حاجتك الى لافتة تدلك على ما يمكن ان تراه بأم عينيك؟‏

      وحين وصف يسوع علامة حضوره،‏ لم يقصد الاشارة الى شيء سيكون بمقدور البشر ان يروه بأعينهم،‏ بل اراد ان يساعدهم على تمييز حدث سيجري في السماء.‏ لذلك قال:‏ «لا يأتي ملكوت اللّٰه على وجه لافت».‏ (‏لوقا ١٧:‏٢٠‏)‏ ولكن كيف سيستنتج العائشون على الارض من هذه العلامة ان حضور المسيح قد بدأ؟‏

      ٣-‏ يتسم حضور يسوع بحدوث مشاكل صعبة جدا هنا على الارض.‏ قال يسوع ان حضوره كملك في السماء يتسم بحدوث اضطرابات على الارض كالحروب والمجاعات والزلازل والاوبئة والتعدي على الشريعة.‏ (‏متى ٢٤:‏٧-‏١٢؛‏ لوقا ٢١:‏١٠،‏ ١١‏)‏ ومَن مسبِّب كل هذا البؤس؟‏ يوضح الكتاب المقدس ان الشيطان،‏ «حاكم هذا العالم»،‏ مملوّ غضبا لعلمه ان له زمانا قصيرا بعدما ابتدأ حضور المسيح كملك.‏ (‏يوحنا ١٢:‏٣١؛‏ رؤيا ١٢:‏٩،‏ ١٢‏)‏ ونحن نشهد في وقتنا الحاضر وفرة من هذه الادلة المنظورة على سخط الشيطان وحضور المسيح.‏ فمنذ سنة ١٩١٤ بشكل خاص،‏ سنة يعترف المؤرخون انها نقطة تحوّل في العالم،‏ اصبحنا نرى هذه الادلة على نطاق عالمي وبشكل لم يسبق له مثيل.‏

      قد تظن ان الكلمات المذكورة آنفا هي اخبار سيئة،‏ لكنها ليست كذلك.‏ فهي تعني ان الملكوت المسيَّاني يحكم الآن في السماء.‏ وقريبا جدا ستمارس هذه المملكة حكمها على الارض بأسرها.‏ ولكن كيف سيعرف الناس عن هذا الملكوت لكي يرضوا بحكمه ويصبحوا من رعاياه؟‏

      ٤-‏ يتميز حضور يسوع بعمل كرازة عالمي النطاق.‏ قال يسوع ان حضوره يكون مثل «ايام نوح».‏a (‏متى ٢٤:‏٣٧-‏٣٩‏)‏ ونوح لم يكن مجرد شخص قام ببناء الفلك،‏ بل كان ايضا ‹كارزا بالبر›.‏ (‏٢ بطرس ٢:‏٥‏)‏ فقد حذّر الناس من دينونة اللّٰه الوشيكة.‏ كذلك قال يسوع ان أتباعه على الارض سينجزون عملا مماثلا خلال حضوره.‏ تنبأ قائلا:‏ «يكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم،‏ ثم تأتي النهاية».‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      كما رأينا في المقالة السابقة،‏ سيدمر ملكوت اللّٰه كل حكومات هذا العالم.‏ وعمل الكرازة ينبّه الناس الى ان هذه الحكومة السماوية ستبدأ عملها قريبا،‏ ما يتيح الفرصة امام الجميع ان ينجوا من الدمار الآتي ويصبحوا من رعايا هذا الملكوت.‏ لذلك ينشأ سؤال مهم:‏ كيف ستتجاوب مع هذا العمل؟‏

      هل تعتبر ملكوت اللّٰه خبرا سارا؟‏

      تمنح الرسالة التي كرز بها يسوع رجاء ما بعده رجاء.‏ فبعد التمرّد في جنة عدن الذي حدث قبل آلاف السنين،‏ عزم يهوه اللّٰه على تأسيس حكومة تضع الامور في نصابها الصحيح وتعيد البشر الامناء الى الحالة التي قصدها اللّٰه لهم في الاصل:‏ العيش حياة ابدية على ارض فردوسية.‏ فأي خبر يفرحك اكثر من معرفة ان هذه الحكومة الموعود بها منذ زمن طويل تحكم الآن في السماء؟‏ فهي ليست مفهوما غامضا وصعبا بل هي واقع ملموس.‏

      ان ملك اللّٰه المعيّن يحكم الآن في وسط اعدائه.‏ (‏مزمور ١١٠:‏٢‏)‏ وفي هذا العالم الفاسد البعيد عن اللّٰه،‏ ينفّذ المسيّا رغبة ابيه ان يبحث عن كل الذين يريدون ان يعرفوا اللّٰه على حقيقته ويعبدوه «بالروح والحق».‏ (‏يوحنا ٤:‏٢٤‏)‏ ورجاء العيش الى الابد في ظل حكم ملكوت اللّٰه متاح لكل الناس بصرف النظر عن عرقهم او عمرهم او خلفيتهم الاجتماعية.‏ (‏اعمال ١٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏)‏ لذلك نحثّك ان تغتنم الفرصة الرائعة السانحة امامك وتتعلّم عن ملكوت اللّٰه الآن لتتمتع بالعيش الى الابد في ظل حكمه البار.‏ —‏ ١ يوحنا ٢:‏١٧‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a تساهم عبارة يسوع في تصويب الفكرة الخاطئة التي قد تُستوحى من الطريقة التي تنقل بها بعض ترجمات الكتاب المقدس خطأ كلمة «حضور».‏ فعدد من هذه الترجمات تنقلها الى «مجيء» او «رجوع» اللتين تشيران ضمنا الى حدث يدوم فترة وجيزة.‏ ولكن لاحظ ان يسوع لم يشبّه حضوره بالطوفان في ايام نوح،‏ اي بحادثة محددة،‏ بل شبّهه ‹بأيام نوح›،‏ اي بفترة من الزمن انتهت بحدث بالغ الاهمية.‏ وكما كانت الحال في تلك الايام السالفة،‏ يكون الناس خلال فترة حضور المسيح منهمكين جدا في شؤون الحياة اليومية الى حد انهم لن ينتبهوا الى التحذير.‏

      ‏[الصور في الصفحتين ٨ و ٩]‏

      الاخبار السيئة التي نسمعها كل يوم تبرهن ان امورا افضل تلوح في الافق

      ‏[مصدر الصورة]‏

      ‏o‏t‏o‏h‏p‏ ‏y‏m‏r‏A‏ ‎.‏s‏‎.‏u‏ :‏n‏u‏g‏ ‏t‏f‏a‏r‏c‏r‏i‏a‏i‏t‏n‏A

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة