مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بيليز
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠١٠
    • رحلات الادغال تعطي ثمرها

      في حين انصبت الجهود للمناداة بالكرازة في مدينة بيليز والمدن الكبرى في البلد،‏ لم تُغطَّ المقاطعات الريفية بشكل منتظم.‏ فكان المرسلون الاولون قد استخدموا القوارب لبلوغ البلدات الجنوبية،‏ ولكن في وقت لاحق شُقَّت طريق تصل محافظتي ستان كريك وتوليدو الجنوبيتين بباقي البلد.‏ وبعد ذلك،‏ في اوائل عام ١٩٧١،‏ نظَّم الفرع رحلات تبشيرية سنوية دُعيت رحلات الادغال،‏ لنقل رسالة الملكوت الى هنود المايا —‏ الكيكتشي والموپان —‏ في المناطق النائية من الغابات المطيرة في بيليز.‏

      وقد تمكن الاخوة والاخوات من الوصول الى البلدات والقرى من دانڠريڠا الى پونتا ڠوردا بسيارات مستأجرة وقوارب من جذوع الاشجار المجوفة،‏ حتى انهم بلغوا بارانكو الواقعة في اقصى الجنوب قرب الحدود الغواتيمالية.‏ وفي بعض الرحلات،‏ كان فريق من الاخوة يستقل شاحنة ڤان ويرافقهم شخصان او اربعة على دراجاتهم النارية ويتوقفون كل ليلة في قرية مختلفة.‏ فيكرز الفريق خلال النهار في القرية فيما يشق ركاب الدراجات اثنين اثنين الدروب الوعرة صعودا نحو المزارع المنعزلة.‏

      اما في محيط پونتا ڠوردا فحمل الاخوة حقائب الظهر وراحوا يكرزون من قرية الى قرية.‏ وغالبا ما كان عليهم التحدث الى الزعيم (‏الآلكالدِه)‏ في المكان المخصَّص لاجتماع شيوخ القرية (‏الكابيلدو)‏ قبل نقل البشارة الى باقي القرويين.‏

      يروي المرسل راينر تومپسون:‏ «ذات مرة،‏ وصل الاخوة الى احدى القرى والرجال لا يزالون مجتمعين في الكابيلدو يناقشون مسألة حصاد الذرة.‏ وبعد ان انتهوا طلبوا من الاخوة ان يرنموا احدى ترانيم الملكوت.‏ لكنَّ هؤلاء كانوا منهكي القوى ويتضورون جوعا،‏ ولم يكن في متناول ايديهم كتاب ترانيم.‏ رغم ذلك،‏ انشدوا ترنيمة بكل جوارحهم وأدخلوا الفرح الى قلب المستمعين».‏ ومع الوقت،‏ تشكّلت جماعتان في مانڠو كريك ولاحقا في سان انطونيو،‏ احدى كبرى قرى المايا.‏

      يوضح سانتياڠو سوسا:‏ «اضطررنا في بعض الاوقات ان نمشي ليلا من قرية الى اخرى بغية التقيد ببرنامج عملنا.‏ وقد تعلمنا ان نسير في وسط الدرب الواحد خلف الآخر لنتدارك خطر الافاعي المتغلغلة بين الاشجار الكثيفة على جانبي الطريق.‏ كما تعلمنا ان نطفئ ظمأنا من ساق النباتات كلما نفد منا الماء».‏

      كان الفريق احيانا يُقسَّم الى مجموعات من شخصين او اربعة للمناداة بالبشارة في مختلف انحاء القرية،‏ ليلتقوا مجددا في المساء حول وجبة طعام اعدّها اثنان منهم لم يذهبا الى الكرازة.‏ يتذكر سانتياڠو وهو يضحك ضحكة خافتة:‏ «كان العشاء احيانا غريبا عجيبا!‏ فالبعض منا لم تكن لديهم ادنى فكرة عن الطهي.‏ فذات مرة،‏ نظرت الى الطبق المعدّ وسألت الطاهي:‏ ‹ما هذا؟‏›.‏ فأجابني:‏ ‹لا ادري ولكنه طعام›.‏ وحين رأينا ان الطاهي نفسه لا يعرف ماذا اعدّت يداه ارتأينا ان نحوّل كلبا هزيلا شاردا الى حقل تجارب ونعطيه شيئا من الطعام ليتذوقه.‏ فرفض الكلب ان يقضم منه ولو قضمة واحدة يسدّ بها جوعه!‏».‏

      هنود الكيكتشي يعتنقون الحق

      انتقل رودولفو كوكوم وزوجته اوفيليا من كوروزال الى قرية بعيدة في الجنوب يقطنها هنود الكيكتشي تدعى كريك ساركو.‏ كانت اوفيليا قد ترعرعت في ربوع هذه القرية التي لم يزرها الشهود إلّا في رحلات الادغال السنوية.‏ وحين كانت في الرابعة عشرة من عمرها تقريبا،‏ وجدت كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية تحت شجرة برتقال وراحت تقرأه.‏ وكم تعطشت الى معرفة المزيد!‏ لكنها لم تشفِ غليلها إلّا بعد ان تزوجت وسكنت مع زوجها رودولفو في كوروزال،‏ حيث درسَا الكتاب المقدس مع فاتحين خصوصيين هما مارثيال ومانويلا كاي.‏

      وفي عام ١٩٨١،‏ انتقل الزوجان كوكوم الى كريك ساركو وأرادا الاتصال بالشهود.‏ فذهب رودولفو الى پونتا ڠوردا للبحث عنهم في رحلة استغرقت على الاقل ست ساعات اما سيرا على الاقدام او على متن مركب عبر به النهر والبحر.‏ وأخيرا وصل الى پونتا ڠوردا والتقى دونالد نيبرودجي،‏ فاتح رتّب ان يدرس مع الزوجين بالمراسلة.‏ لكن المشكلة هي انه لم يوجد مكتب بريد في كريك ساركو.‏

      يروي دونالد:‏ «سألت في مكتب البريد بپونتا ڠوردا كيف يمكنني ان ابعث رسائل الى كريك ساركو،‏ فقيل لي ان الكاهن يقصد المنطقة مرة في الاسبوع».‏ وهكذا،‏ راح الكاهن ينقل مراسلاتنا ذهابا وإيابا طوال ستة اشهر تقريبا دون ان يدرك انه كان يعمل ساعي بريد لشهود يهوه.‏

      ويضيف دونالد:‏ «حين اكتشف الكاهن الامر استاء كثيرا ورفض ان يحمل بعد ذلك اية رسالة تخصنا».‏

      خلال تلك الاشهر الستة،‏ سافر دونالد عدة مرات الى كريك ساركو ليدرس مع الزوجين كوكوم.‏ ومع رحلة الادغال التالية،‏ بدأ رودولفو يشترك في خدمة الحقل.‏ يقول دونالد:‏ «اصطحبناه معنا اربعة ايام وبشرنا في قرى عديدة.‏ فأحرز تقدما ملحوظا بفضل معاشرة الاخوة اثناء الرحلة».‏

      يوضح رودولفو:‏ «بدأنا انا وأوفيليا نكرز بمفردنا لأهالي قريتنا ونخبرهم بما تعلمناه.‏ فواجه الذين درست معهم مقاومة اشد من تلك التي واجهناها.‏ حتى ان بعضهم حُرموا حقهم من المواد الغذائية والادوية والثياب المتبرَّع بها للقرية.‏ وقد قاومتنا حماتي ايضا مقاومة شديدة.‏ فأدركنا انا وأوفيليا اننا لن نحرز اي تقدُّم روحي في كريك ساركو.‏ وبما اننا رغبنا في حضور الاجتماعات،‏ انتقلنا الى پونتا ڠوردا حيث تابعنا درس الكتاب المقدس،‏ تقدمنا روحيا،‏ واعتمدنا عام ١٩٨٥».‏ واليوم تحضر عائلة كوكوم مع جماعة ليديڤيل،‏ حيث يخدم رودولفو خادما مساعدا.‏

  • بيليز
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠١٠
    • مقاطعة غير معينة تنتج ثمرا

      تزدان محافظة توليدو الجنوبية بتلالها المتموجة وغابتها المطيرة الكثيفة.‏ وتتناثر في ربوعها قرى يقطنها هنود الكيكتشي والموپان في بيوت ارضها ترابية وسقفها من القش.‏ ويعيش معظم القرويين في تلك البقاع حياة شاقة،‏ فهم يكدحون لإنجاز اعمال المزارع المرهقة بمجارفهم البدائية البسيطة.‏ وخلال ايام القحط،‏ يعتمدون على سواعدهم لنقل الماء الى الحقل لزراعة الذرة،‏ الفاصولياء،‏ والكاكاو.‏ وتنكب نساء كثيرات على اعمال التطريز المشهورة في تراث هنود الكيكتشي وصنع السلال التي تُباع لحوانيت التذكارات في كل انحاء البلد.‏ لكن هذه الضياع تشهد نزوح شبابها الذين يؤمّون المدن المكتظة طلبا للعلم او سعيا وراء لقمة العيش.‏

      عام ١٩٩٥،‏ دُعي فرانك وأليس كاردوزا ليخدما في محافظة توليدو كفاتحين خصوصيَّين وقتيَّين خلال شهري نيسان (‏ابريل)‏ وأيار (‏مايو)‏ بغية المساهمة في توزيع نشرة اخبار الملكوت رقم ٣٤ بعنوان «لماذا الحياة ملآنة جدا بالمشاكل؟‏».‏ يتذكر فرانك:‏ «لقد اشتركت في احدى رحلات الادغال السنوية الى هذه المنطقة،‏ ورأيت ان يد المساعدة تُمد بشكل افضل الى شعب المايا اذا ما انتقل احد الى هنا.‏ فاقترح الفرع عليّ استئجار منزل للمبيت،‏ انشاء فريق لدرس الكتاب المقدس،‏ وإلقاء الخطاب الخصوصي في سان انطونيو.‏ وكان علينا توزيع اخبار الملكوت هناك وفي ثماني قرى اخرى».‏

      فعقدت عائلة كاردوزا درس الكتاب الاسبوعي في الطابق السفلي المستأجر المؤلف من غرفة واحدة فقط.‏ وفي غضون اسابيع قليلة،‏ بدأت ثلاث او اربع عائلات تحضر الاجتماعات.‏ وقد رافق هؤلاء المهتمون عائلة كاردوزا الى پونتا ڠوردا لحضور مدرسة الخدمة الثيوقراطية واجتماع الخدمة على متن شاحنة مهترئة راحت تشق طريقها عبر الدروب الترابية الوعرة في رحلة تستغرق ساعة من الوقت.‏ في ذلك الشهر الاول،‏ ألقى فرانك الخطاب الخصوصي في سان انطونيو.‏ فكان هاسوس ايتش الذي يحضر للمرة الاولى يصغي بانتباه شديد لكل كلمة يتفوه بها الخطيب.‏ وقد تأثر جدا لاكتشافه ان عقيدة نار الهاوية التي تعلمها في الكنيسة الناصرية تتأصل جذورها في الوثنية وأن الهاوية في الكتاب المقدس ما هي سوى المدفن العام للجنس البشري.‏ فأخذ فرانك جانبا بعد الاجتماع وانهال عليه بوابل من الاسئلة.‏ وإثر ذلك،‏ باشر بدرس الكتاب المقدس واعتمد في السنة التالية.‏

      عند انتهاء فترة الشهرين التي خدم فيها الزوجان كاردوزا كفاتحين خصوصيَّين وقتيَّين،‏ وجدا نفسيهما امام قرار صعب.‏ يتذكر فرانك:‏ «عقدنا دروسا كثيرة بحيث لم يطاوعنا قلبنا وضميرنا ان نعود ادراجنا الى بيتنا المريح في ليديڤيل.‏ ورأينا انه في حال بقينا في سان انطونيو نستطيع ان نوفر لأنفسنا ظروفا معيشية افضل،‏ وذلك باستئجار الطابق العلوي بدلا من السفلي في البيت الذي سكنّاه.‏ وفي مقدوري ان اركِّب مغسلة صغيرة،‏ قناة لتجميع مياه الامطار،‏ وربما في وقت لاحق مرحاضا مزوّدا بسيفون.‏ كما يمكنني ان اجهّزه بالامدادات الكهربائية اللازمة.‏ فصلينا الى يهوه بشأن هذه المسألة،‏ وكلنا ثقة بأن جماعة ستتشكل في هذه المنطقة اذا ما بارك هو جهودنا.‏ ثم كتبنا الى الفرع وأعلمناهم عن استعدادنا للبقاء في سان انطونيو كفاتحَين عاديين».‏

      وسرعان ما تبين ان القرار الذي اتخذه الزوجان حظي ببركة يهوه.‏ فبعد ستة اشهر فقط،‏ اي في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏،‏ عُقد اول اجتماع عام في بيتهما المستأجر.‏ وبحلول نيسان (‏ابريل)‏ من العام التالي،‏ بدأ عقد مدرسة الخدمة الثيوقراطية واجتماع الخدمة في سان انطونيو.‏ فكم تنفس الفريق الصغير الصعداء لأنه لم يعد عليه قطع مسافة ٦٥ كيلومترا ذهابا وإيابا الى پونتا ڠوردا لحضور الاجتماعات!‏

      ‏«تهديداته لم توقف مسيرتي في الحق»‏

      ما لبث تلامذة الكتاب المقدس المخلصون في سان انطونيو ان احرزوا تقدما ملحوظا وعمقت محبتهم للحق بشكل مؤثر فعلا.‏ يوضح فرانك:‏ «النساء في هذه القرى خجولات جدا،‏ وهن بحكم الاعراف خاضعات لآبائهن وأزواجهن.‏ وليس من عاداتهن التحدث الى الغرباء.‏ لذا لم يكن من السهل عليهن بتاتا الاشتراك في الكرازة من باب الى باب».‏

      لنأخذ مثلا فتاة العشرين ربيعا پريسيليان شو.‏ فرغم انها كانت لا تزال ناشرة غير معتمدة،‏ اتقدت رغبة في الكرازة لجيرانها في المنطقة.‏ وذات مرة،‏ وقعت في ورطة فيما كانت تقوم ببعض الزيارات المكررة بصحبة زوجة اخيها أماليا شو.‏

      تتذكر پريسيليان:‏ «لم اخبر ابي انني ذاهبة للكرازة لأنه سبق ان منعني عن فعل ذلك وكنت اخافه كثيرا.‏ وفي صبيحة ذلك الاحد رأيناه فجأة يقف امام الكنيسة المعمدانية التي كان يرتادها.‏ فانحنينا وتوارينا خلف النباتات كي لا يرانا.‏ لكنني ما لبثت ان قلت لأماليا:‏ ‹انت تعلمين ان يهوه يراقبنا.‏ لذا ليس ابي من يجب ان نخافه،‏ بل يهوه›».‏

      ولا حاجة للقول ان والد پريسيليان استشاط غضبا حين رآهما.‏ ولكن لاحقا بات عليها مواجهة قضية اخطر.‏ فقد راح يقاومها بشراسة كي لا تغدو شاهدة ليهوه.‏ فبقيت تصلي بحرارة حتى اليوم السابق للمحفل الذي نوت ان تعتمد فيه.‏ واستجمعت اخيرا الشجاعة لتطلع والدها على قرارها.‏

      فقالت له:‏ «سأذهب غدا الى مدينة بيليز».‏

      فسألها:‏ «وما حاجتك الى الذهاب الى تلك المدينة؟‏».‏

      اجابت:‏ «سأعتمد في المحفل الذي سيُعقد فيها.‏ فأنا سأفعل ما يريده يهوه مني.‏ انا احبك يا ابي،‏ ولكن ينبغي ان احب يهوه ايضا».‏

      فردّ عليها غاضبا:‏ «هل انت جدية في ما تقولينه؟‏».‏

      قالت پريسيليان:‏ «نعم،‏ فالآية في اعمال ٥:‏٢٩ تقول ان عليّ ان اطيع اللّٰه لا الناس».‏

      فغادر والدها المكان والشرر يتطاير من عينيه.‏ وتتذكر ما حدث لاحقا فتقول:‏ «لم اشعر بالامان حتى استقللت الشاحنة وانطلقنا الى وجهتنا لحضور المحفل.‏ صحيح انني لم استطع التكهن بما قد يفعله بي حين اعود،‏ غير انني علمت يقينا انني سأكون حينذاك اختا معتمدة،‏ ولن آبه حتى لو قتلني لأنني أكون قد فعلت الصواب».‏

      رغم ان والدها لم يؤذها لدى عودتها الى المنزل،‏ لكنه هددها لاحقا بالقتل.‏ تقول:‏ «حين رأى ان تهديداته لم توقف مسيرتي في الحق،‏ لان موقفه تجاهي».‏

      مقاوم يقف الى جانب يهوه

      في خضم الازدهار الروحي الذي شهده فريق الناشرين الغيارى المشكَّل حديثا في سان انطونيو،‏ تلقى الزوجان كاردوزا فجأة رسالة من مجلس القرية تعلمهما بوجوب مغادرتهما المنطقة.‏ في وقت سابق،‏ كان فرانك قد حصل على اذن من المجلس للاقامة في سان انطونيو عندما دفع بعض الرسوم المتوجبة عليه.‏ والآن ثمة عضو بارز في القرية ينوي طرده وزوجته.‏ فدافع عنه ثلاثة من الذين يدرس معهم الكتاب المقدس في اجتماع عقده المجلس.‏ ثم تكلم صاحب البيت الذي يسكن فيه فرانك وأنذر اعضاء المجلس انهم سيضطرون الى دفع ايجار البيت عوض فرانك اذا ما ترك المنزل هو وزوجته.‏ بعدئذ،‏ قدَّم فرانك رسالة من دائرة الاراضي مفادها ان كل من يستأجر ملكية خاصة لا يمكن ان يُطلَب منه المغادرة.‏ وفي نهاية المطاف،‏ سمح المجلس لآل كاردوزا بالبقاء.‏

      اما الشخص الذي حرّض على طردهما فكان باسيليو أه،‏ زعيم سابق في القرية يُحسب له حساب في المعترك السياسي.‏ فاستغل كل نفوذه ولم يعدم وسيلة ليقاوم شهود يهوه في سان انطونيو.‏ وحين سعى الفريق الصغير ليجدوا ملكية يبنون فيها قاعة ملكوت،‏ انذرهم قائلا:‏ «لن تروا اليوم الذي تنشئون فيه قاعة ملكوت في هذه القرية!‏».‏ رغم ذلك،‏ حصل الاخوة على الملكية وأقاموا فيها قاعة ملكوت جمعت بين البساطة والاناقة.‏ وعندما آن يوم التدشين في كانون الاول ‏(‏ديسمبر)‏ ١٩٩٨،‏ دُهش الجموع لرؤيتهم باسيليو بين الحاضرين.‏ فما الذي اتى به يا تُرى؟‏

      لقد كان ابنان من ابناء باسيليو المتزوجين يتخبطان في المشاكل العائلية.‏ فطلب من الكنيسة مرتين ان تمد لهما يد المساعدة،‏ لكنها لم تحرِّك ساكنا.‏ ولما بدأ ابناه يدرسان الكتاب المقدس مع شهود يهوه،‏ لاحظت والدتهما ماريا التحسن الملموس الذي طرأ على عائلتيهما بعدما اجريا تعديلات مهمة في حياتهما.‏ فطلبت هي الاخرى درسا في الكتاب المقدس.‏

      تقول:‏ «رغبت من كل قلبي ان اعرف يهوه اللّٰه وقلت لزوجي انه علينا الذهاب الى قاعة الملكوت لنتعلم المزيد عنه».‏ رغم ان باسيليو لم يكن قد تخلص من مشاعر الضغينة تجاه الشهود وبالتحديد تجاه «ذلك الغريب» —‏ كما كان يدعو فرانك كاردوزا —‏ فقد تأثر بما شهده من تحسن ملحوظ في حياة ولديه اللذين دأبا على تطبيق حقائق الكتاب المقدس.‏ فقرر ان يباحث الشهود هو بنفسه.‏ وبعد عدة جلسات وافق على درس الكتاب المقدس.‏ ومن اختار ليعقد الدرس معه؟‏ لا احد سوى «ذلك الغريب» فرانك كاردوزا!‏

      يوضح باسيليو:‏ «ما قرأته في الكتاب المقدس غيّر رأيي.‏ لقد اعتنقت الكاثوليكية طوال ٦٠ سنة وأشعلت البخور امام الاصنام في الكنيسة.‏ اما اليوم فما اتعلمه عن يهوه مسطَّر في كلمته،‏ الكتاب المقدس.‏ وأنا اشعر بالخجل لانني كنت فظا مع فرانك كاردوزا،‏ الذي هو اليوم اخ لي.‏ ولست خائفا من الاقرار بخطإي.‏ لقد نبعت تصرفاتي من غيرتي على امور ظننتها لمصلحة قريتي وديني.‏ لكنني توقفت الآن عن ممارسة تقاليد المايا المتعلقة بالشفاء الارواحي الشائع في قرانا،‏ ولم اعد متورطا في الحركات السياسية لشعب المايا».‏ واليوم باسيليو وزوجته ماريا هما ناشران معتمدان يخدمان يهوه بفرح.‏

      يذيع صيت شهود يهوه لتحلّيهم بروح المحبة والفرح والغيرة.‏ ففي المناطق النائية في بيليز يسير الناشرون ثلاث ساعات او اكثر في التلال الشديدة الانحدار لبلوغ اصحاب البيوت،‏ وهم يبذلون قصارى جهدهم ايضا كي لا يفوّتوا اي اجتماع.‏ خذ مثلا اندريا ايتش،‏ التي عُيّنت لتلعب في احدى الامسيات دور صاحبة البيت في احد مواضيع مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏ في ذلك اليوم،‏ كانت قد قطعت ثلاثة الى خمسة كيلومترات عبر الادغال لتجمع الاڤوكادو مع ابنائها.‏ وفيما هي منكبة على مهمتها،‏ أُصيبت بـ‍ ٢٣ لسعة زنبور.‏ لكن ذلك لم يحل دون عودتها الى البيت وإعداد وجبة طعام لعائلتها،‏ ثم الذهاب الى الاجتماع والقيام بالدور الموكل اليها.‏ ورغم ما سببته اللسعات من انتفاخ في وجهها،‏ فقد انارته اشراقة الفرح والحبور.‏ فيا له من مثال مشجع!‏ وكم من المشجع ايضا ان نرى اخوتنا وأخواتنا الاعزاء من شعب المايا وهم يشعون سعادة لاتحادهم في عبادة الاله الحقيقي يهوه في المحافل،‏ رغم عناء السفر بالشاحنة او الباص ربما يوما كاملا!‏

  • بيليز
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠١٠
    • ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٢٢٧،‏ ٢٢٨]‏

      رحلات الادغال —‏ الكرازة في الغابة المطيرة

      تروي مارثا سيمونس:‏ «في آذار (‏مارس)‏ ١٩٩١،‏ اجتمع ٢٣ اخا وأختا من كل انحاء البلد في پونتا ڠوردا للانطلاق في مغامرة مدتها عشرة ايام والمناداة بالبشارة في اعماق الغابة المطيرة.‏ فشملت اغراضنا اضافة الى الملابس والبطانيات والاراجيح الشبكية مطبوعات بالانكليزية والاسبانية والكيكتشي.‏ وحملنا ايضا طعاما يتضمن قطعا من الحلوى تكفي لكامل الرحلة.‏

      «في صبيحة اليوم التالي،‏ ركبنا البحر المتموّج في قارب خشبي صُنع بتجويف شجرة السِّيبة (‏او شجرة القطن الحريري)‏ الضخمة.‏ وحين بلغنا قرية كريك ساركو انزلنا حمولتنا وأقمنا فيها مخيّمنا.‏ فبدأ الاخوة يثبّتون الاراجيح فيما راحت الاخوات يطبخن احد الاطباق المفضلة لدينا —‏ طبق ذيل الخنزير —‏ الذي هو عبارة عن يخنة مؤلفة من المنيهوت،‏ اليام،‏ موز الجنة،‏ جوز الهند،‏ البيض المسلوق،‏ وطبعا ذيل خنزير.‏ وما ان تناهت الى مسامع هنود الكيكتشي اننا وصلنا حتى تدفقوا نحونا ليلقوا علينا التحية.‏ وهكذا كرزنا لكامل القرويين في غضون ساعتين.‏ تلك الليلة،‏ نام الاخوة في الاراجيح تحت مركز الشرطة الذي رفعته بعض الدعائم عن سطح الارض.‏ اما الاخوات فنمن في الكابيلدو المسقوف بالقش والمخصَّص لاجتماع شيوخ القرية.‏

      «وفي اليوم التالي،‏ نقلنا متاعنا مجددا الى المركب وتابعنا طريقنا عبر النهر فصادفنا امكنة اكتست بغطاء كثيف من جذور نبات القَرَام اضفى عليها جوا مظلما ومخيفا.‏ وبعد نحو نصف ساعة،‏ ترجلنا من القارب ومشينا ساعة ونصفا عبر الادغال باتجاه قرية ساندايوود.‏ فرأينا هناك أناسا صغار القدّ،‏ شعرهم اسود وأملس،‏ وبشرتهم سمراء داكنة.‏ كان معظمهم حفاة القدمين وارتدت النساء التنانير المحلية وتزينت بحلى من الخرز.‏ اما البيوت المسقوفة بالقش وذات الارض الترابية فلم تحوِ تقسيمات داخلية او اثاثا غير الاراجيح الشبكية.‏ وفي الخارج يرى الناظر بقرب البيوت موقد طبخ للعموم.‏

      «كان الناس وديين جدا،‏ واهتموا كثيرا بما قلناه.‏ وقد تأثروا خصوصا حين اريناهم المطبوعات بالكيكتشي وأشرنا الى الآيات في كتبنا المقدسة بتلك اللغة ايضا.‏

      «صباح اليوم التالي،‏ استيقظنا على اصوات الديوك وطيور الغابة وقرود السَّتَنْتور.‏ فتناولنا فطورا شهيا ومغذيا قمنا بعده بزيارات مكررة لكل مَن ابدى اهتماما برسالتنا في اليوم السابق.‏ وباشرنا دروسا عديدة في الكتاب المقدس،‏ ثم شجعنا التلامذة على الاستمرار في الدرس بمفردهم حتى نعود اليهم في السنة المقبلة.‏ وبعد مغادرتنا القرية،‏ تتالت الايام على هذا المنوال ونحن نتوغل في الغابة المطيرة وننتقل بين القرى النائية.‏

      «بعدنا قضينا عشرة ايام سعيدة في الغابة،‏ عدنا ادراجنا وفي جعبتنا ذكريات مؤثرة عن المسافات الطويلة التي قطعناها والقرى العديدة التي زرناها والناس الذين التقيناهم.‏ وصلينا الى يهوه ملتمسين منه حماية البذور التي زرعناها حتى عودتنا في السنة التالية.‏ كانت اجسامنا منهكة القوى وأرجلنا يضنيها الالم،‏ لكن قلوبنا فاضت بالشكر ليهوه لأننا اشتركنا في رحلة الادغال هذه السنة».‏

      ‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ٢٣٥،‏ ٢٣٦]‏

      افراد من المايا يأتون الى محبة يهوه

      هورهيه ونيكولاس شو (‏مع اختهما پريسيليان)‏

      تاريخ الولادة:‏ ١٩٦٩ و ١٩٧١

      تاريخ المعمودية:‏ ١٩٩٧

      بيئتهما:‏ تقتضي تقاليد المايا احترام الوالدين وإطاعتهما طاعة مطلقة،‏ حتى من قبل الراشدين المتزوجين.‏

      ◼ حين تعرّف نيكولاس وهورهيه بيهوه اللّٰه وعمقت محبتهما له،‏ بدآ يشتركان في النشاطات المسيحية.‏ فعارضهما ابوهما وقاومهما مقاومة ضارية.‏

      يقول نيكولاس:‏ «اوضحت لأبي انني اتعلم امورا مفيدة.‏ فلم يشاركني فرحي وحماستي بسبب انتمائه الى الكنيسة المعمدانية.‏ ولأنني لم ارغب في جرح مشاعره توقفت عدة مرات عن درس الكتاب المقدس.‏ لكنني ادركت انني لا ارسم المثال الجيد لأولادي وأنا اعاقر الكحول مع ابي.‏ حتى ان التعاسة خيّمت عليهم وعلى زوجتي وغيّبت كل ابتسامة عن وجوههم.‏

      «ما ان بدأت ادرس الكتاب المقدس وأحضر الاجتماعات المسيحية بانتظام حتى بدأ الحق يصوغني ويحررني من مسلكي الرديء.‏ فصرت أكدّ في عملي لأعيل عائلتي،‏ واستخدمت كل مدخولي لسدّ حاجاتهم.‏ واليوم صارت خدمة يهوه شغلنا الشاغل وبات صدى الضحكات السعيدة يُسمع في ارجاء بيتنا».‏

      عاش ايضا اخوه هورهيه الوضع نفسه.‏ فقد قاست عائلته بسبب ادمانه الكحول وكلامه البذيء وغيابه الدائم عن البيت في نهايات الاسابيع.‏ ولكن سرعان ما تحسن سلوكه تحسنا ملحوظا بفضل درس الكتاب المقدس.‏

      يخبر هورهيه:‏ «كلما احرزت تقدّما روحيا ازدادت مقاومة ابي لي.‏ فدعانا الانبياء الدجالين وهددنا بسكينه الكبير اكثر من مرة.‏ وكان الاخ كاردوزا الذي درست معه الكتاب المقدس قد حاول إعدادنا مسبقا لهذه المقاومة.‏ فسألني مرة:‏ ‹ماذا لو طلب منك ابوك ان تغادر ارض العائلة؟‏›.‏ فأجبته:‏ ‹ابي يحبني ولن يفعل ذلك بي›.‏ ولكن المحزن ان هذا ما حدث بالضبط.‏

      «إلا انني احببت الحقائق التي كنت اتعلمها فانعكس ذلك ايجابا على حياتي وصرت اتحسن شيئا فشيئا.‏ وقد أتت شخصيتي المسيحية الجديدة على عائلتي ببركات كثيرة.‏ فساد بيتنا جو من الاحترام والسعادة.‏ وأنا اليوم اخدم فاتحا عاديا بفضل بركة يهوه،‏ وهذا النشاط يفرحني جزيل الفرح».‏

      ‏[الصورة]‏

      فرانك كاردوزا شهد لهورهيه

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة