-
حياتكم — ما القصد منها؟برج المراقبة ١٩٩٧ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
حياتكم — ما القصد منها؟
«قلبي يلهج بالحكمة . . . حتى ارى ما هو الخير لبني البشر . . . مدة ايام حياتهم.» — جامعة ٢:٣.
١، ٢ لماذا ليس من الخطإ ان يهتم المرء بنفسه بشكل معقول؟
ألستم مهتمين بنفسكم؟ بلى، وهذا امر طبيعي. لذلك نحن نأكل يوميا، وننام عندما نتعب، ونحب ان نكون في رفقة الاصدقاء والاحبَّاء. وأحيانا نلعب، ونسبح، ونفعل امورا اخرى نتمتع بها، مما يعكس اهتماما متَّزنا بأنفسنا.
٢ ومثل هذا الاهتمام بالنفس ينسجم مع ما دفع اللّٰهُ سليمان الى كتابته: «ليس للانسان خير من ان يأكل ويشرب ويُري نفسه خيرا في تعبه.» ثم اضاف سليمان بناءً على خبرته: «رأيت هذا ايضا انه من يد اللّٰه. لأنه من يأكل ومن يلتذّ غيري.» — جامعة ٢:٢٤، ٢٥.
٣ اية اسئلة محيِّرة يجد معظم الناس انه لا يمكن الاجابة عنها؟
٣ ولكنكم تعرفون ان الحياة ليست كلها اكلا، وشربا، ونوما، وفعل شيء من الخير. فنحن نعاني الآلام، وخيبات الامل، وأمورا تقلقنا. ويبدو اننا مشغولون اكثر من ان نفكر مليًّا في معنى حياتنا. أليس الامر كذلك بالنسبة اليكم؟ كتب ڤرْمُنت رويْستر، محرر سابق في ذا وول ستريت جورنال (بالانكليزية)، بعد ان لاحظ وفرة معرفتنا ومهاراتنا: «انه لأمر عجيب. فعند التأمل في الانسان نفسه، في معضلاته، في مكانه في هذا الكون، نجد اننا لم نتقدم سوى القليل منذ بدء الزمان. فما زالت لدينا اسئلة عمَّن نحن ولماذا نحن موجودون وإلى اين نتَّجه.»
٤ لماذا ينبغي ان يرغب كلٌّ منا في التمكُّن من الاجابة عن اسئلة تشملنا؟
٤ كيف تجيبون عن هذه الاسئلة: مَن نحن؟ لماذا نحن هنا؟ وإلى اين نتَّجه؟ في تموز الماضي، مات السيد رويْستر. أتظنّون انه وجد اجوبة ترضيه؟ وفي ما يتعلق بنقطة بحثنا، هل من طريقة لتجدوها انتم؟ وكيف يمكن لذلك ان يساعدكم على التمتع بحياة اوفر سعادةً ومعنى؟ لنرَ ذلك.
مصدر اساسي للبصيرة
٥ لماذا يحسن بنا ان نتطلع الى اللّٰه عند طلب البصيرة في الاسئلة المتعلقة بمعنى الحياة؟
٥ لو كنا نبحث من ذاتنا عن قصد لحياتنا قد نصيب القليل او لا شيء من النجاح، شأننا في هذا شأن معظم الرجال والنساء، وحتى اولئك الواسعي الاطلاع والخبرة. ولكننا لم نُترك وحدنا. فقد زوَّد خالقنا المساعدة. فكروا في الامر، أليس هو المصدر الاصلي للبصيرة والحكمة، اذ هو كائن «منذ الازل الى الابد» ويملك معرفة كاملة عن الكون والتاريخ؟ (مزمور ٩٠:١، ٢) فقد خلق البشر وراقب التاريخ البشري بكامله، ولذلك فهو مَن ينبغي ان نتطلع اليه طلبا للبصيرة، لا الى البشر الناقصين بمعرفتهم ومفاهيمهم المحدودة. — مزمور ١٤:١-٣؛ رومية ٣:١٠-١٢.
٦ (أ) كيف زوَّد الخالق البصيرة اللازمة؟ (ب) ما علاقة سليمان بذلك؟
٦ لا يمكننا ان نتوقع ان يهمس الخالق في اذننا كاشفا لنا معنى الحياة، ولكنه زوَّد مصدرا للبصيرة — كلمته الموحى بها. (مزمور ٣٢:٨؛ ١١١:١٠) وسفر الجامعة ذو قيمة خصوصية في هذا الصدد. فقد ألهم اللّٰه كاتبه بحيث «فاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق.» (١ ملوك ٣:٦-١٢؛ ٤:٣٠-٣٤) وكان ‹لحكمة سليمان› اثر بالغ في ملكة زائرة بحيث قالت انه لم يُخبَر بالنصف وإنه ما اسعد سامعي حكمته.a (١ ملوك ١٠:٤-٨) ونحن ايضا يمكننا ان نحرز البصيرة والسعادة من الحكمة الالهية التي زوَّدها خالقنا بواسطة سليمان.
٧ (أ) ماذا استنتج سليمان بشأن معظم النشاطات تحت السموات؟ (ب) ايّ امر يوضح تقييمات سليمان الواقعية؟
٧ يعكس سفر الجامعة الحكمة المعطاة من اللّٰه، التي اثَّرت في قلب سليمان وعقله. ولأن سليمان كان يملك الوقت والموارد والبصيرة، تفحَّص «كل ما عُمِل تحت السموات.» فرأى ان معظمه «باطل وقبض الريح،» وهذا تقييم موحى به يجب ألّا يغيب عن ذهننا عندما نفكر في قصدنا في الحياة. (جامعة ١:١٣، ١٤، ١٦) لقد كان سليمان يتكلم بصراحة وواقعية. وعلى سبيل المثال، تَفكَّروا في كلماته المسجَّلة في الجامعة ١:١٥، ١٨. انتم تعلمون ان الانسان جرَّب على مر القرون مختلف اشكال الحكومات، محاوِلا بإخلاص احيانا ان يحلّ المشاكل ويحسِّن حياة البشر. ولكن هل قوَّم ايّ منها حقا كل الامور ‹العوجاء› في هذا النظام الناقص؟ ولربما رأيتم انه كلما عظمت معرفة الانسان، ادرك اكثر انه في مدى الحياة القصير، يستحيل تصحيح الامور كاملا. وإدراك ذلك مثبِّط لكثيرين، ولكن ليس بالضرورة لنا نحن.
٨ اية دورات موجودة منذ القِدم؟
٨ والامر الآخر الذي يجب التأمل فيه هو الدورات المتكرِّرة التي تؤثر فينا، كشروق الشمس وغروبها او حركات الرياح والمياه. لقد كانت موجودة في زمن موسى، وسليمان، وناپوليون، وفي زمن اسلافنا. وهي مستمرة. وعلى نحو مماثل، «جيل يمضي وجيل يجيء.» (جامعة ١:٤-٧، عج) ومن وجهة النظر البشرية، لم يتغير شيء. فالناس قديما وفي عصرنا لديهم نشاطات وآمال ومطامح وإنجازات متماثلة. وحتى اذا صار احد افراد الجنس البشري مشهورا او كان بارزا بجماله او قدرته، فأين هو هذا الشخص الآن؟ لقد رحل وذكره نُسي على الارجح. ووجهة النظر هذه ليست متشائمة. فمعظم الناس لا يعرفون حتى اسماء اجداد والديهم او اين وُلدوا او دُفِنوا. فيمكنكم ان تدركوا لماذا رأى سليمان بواقعية ان مشاريع البشر وجهودهم انما هي باطلة. — جامعة ١:٩-١١.
٩ كيف يساعدنا احراز بصيرة واقعية في حالة الجنس البشري؟
٩ وبدل ان تثبِّطنا هذه البصيرة الالهية في جوهر حالة البشر، يمكن ان يكون لها اثر ايجابي، اذ تمنعنا من ان نقيِّم بشكل خاطئ الاهداف او المساعي التي سرعان ما تمضي وتُنسى. ويلزم ان تساعدنا على تقييم ما نجنيه من الحياة وما نحاول إنجازه. لإيضاح ذلك، بدل ان نكون زهَّادا، يمكننا ان نفرح بالاكل والشرب باتِّزان. (جامعة ٢:٢٤) وكما سنرى، يصل سليمان الى استنتاج ايجابي ومتفائل جدا. واستنتاجه باختصار هو انه ينبغي ان نقدِّر تقديرا عميقا علاقتنا بخالقنا، الذي يمكنه ان يساعدنا على حيازة مستقبل ذي قصد وسعيد الى الابد. ذكر سليمان بتشديد: «فلنسمع ختام الامر كله. اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأن هذا هو [«التزام،» عج] الانسان كله.» — جامعة ١٢:١٣.
القصد على ضوء دورات الحياة
١٠ بأية طريقة شبّه سليمان الحيوانات بالبشر؟
١٠ ان الحكمة الالهية التي يعكسها سفر الجامعة يمكن ان تساعدنا ايضا عند التأمل في قصدنا في الحياة. كيف؟ ذلك لأن سليمان ركَّز بواقعية على حقائق اخرى ربما نادرا ما نفكِّر فيها. تتناول احداها التشابهات بين البشر والحيوانات. شبَّه يسوع أتباعه بالخراف، ولكنَّ الناس عموما لا يحبون تشبيههم بالحيوانات. (يوحنا ١٠:١١-١٦) غير ان سليمان اثار بعض الحقائق التي لا سبيل الى انكارها: «اللّٰه يمتحن [بني البشر] ليريهم انه كما البهيمة هكذا هم. لأن ما يحدث لبني البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم. موت هذا كموت ذاك . . . فليس للانسان مزيَّة على البهيمة لأن كليهما باطل. . . . كان كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كلاهما.» — جامعة ٣:١٨-٢٠.
١١ (أ) كيف يمكن وصف دورة الحياة النموذجية عند الحيوان؟ (ب) ما رأيكم في هذا التحليل؟
١١ فكِّروا في حيوان تحبون مشاهدته، ربما في وبر او ارنب. (تثنية ١٤:٧؛ مزمور ١٠٤:١٨؛ امثال ٣٠:٢٦) او قد تتخيَّلون سنجابا؛ وهنالك اكثر من ٣٠٠ نوع منه حول العالم. فما هي دورة حياته؟ بعد ولادته، تحتضنه امه بضعة اسابيع. ثم سرعان ما ينمو فروه ويصير بإمكانه ان يجرؤ على الخروج. وقد ترونه يعدو هنا وهناك ويتعلم كيف يجد طعامه. ولكن غالبا ما يبدو انه يلهو فقط ويتمتع بحداثته. وبعد ان يكبر سنة او نحو ذلك، يعثر على رفيق. وبعد ذلك يجب ان يبني جحرا او وجارا ويعتني بذريته. وإذا وجد السنجاب ما يكفي من العنبيات، والثمار الجوزية، والحبوب، فقد تكبر عائلته ويتسنّى لها ان توسع بيتها. ولكن في مجرد سنوات قليلة، يكبر الحيوان في السن ويصير معرضا اكثر للحوادث والامراض. وفي نحو العاشرة من عمره يموت. هذه هي دورة حياة السنجاب، مع فوارق طفيفة بين انواعه.
١٢ (أ) من حيث الواقع، لماذا تشبه دورة حياة كثيرين من البشر دورة حياة الحيوان العادي؟ (ب) ماذا قد يخطر ببالنا عندما نرى في المرة المقبلة الحيوان الذي كنا نفكِّر فيه؟
١٢ لا يعترض معظم الناس على هذه الدورة عند الحيوان، وهم لا يتوقعون بالتأكيد ان يكون للسنجاب قصد عقلاني في الحياة. ولكن ألا تجدون ان حياة كثيرين من البشر لا تختلف كثيرا عن ذلك؟ فهم يولدون ويجري الاعتناء بهم وهم اطفال. وكأحداث، يأكلون ويشربون ويلهون. ولا يمضي وقت طويل حتى يصيرون راشدين، فيجدون رفيقا، ويبحثون عن مكان يعيشون فيه ووسيلة لكسب لقمة عيشهم. وإذا نجحوا، فقد تكبر عائلتهم ويوسِّعون بيتهم (عشهم) الذي يربّون فيه ذريتهم. ولكنَّ العقود تمرّ سريعا، فيشيخون. وقد يموتون بعد او قبل ٧٠ او ٨٠ سنة ملآنة ‹تعبا وبلية.› (مزمور ٩٠:٩، ١٠، ١٢) وقد تخطر ببالكم هذه الوقائع التي تحث على التفكير عندما ترون في المرة المقبلة سنجابا (او حيوانا آخر كنتم تفكِّرون فيه).
١٣ اية عاقبة تصحّ في الحيوانات والبشر على السواء؟
١٣ يمكنكم ان تروا لماذا شبَّه سليمان حياة الناس بالحيوانات. كتب: «لكل شيء زمان . . . للولادة وقت وللموت وقت.» والحادثة الاخيرة، الموت، هي نفسها عند الانسان والبهيمة، «موت هذا كموت ذاك.» ثم اضاف: «كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كلاهما.» — جامعة ٣:١، ٢، ١٩، ٢٠.
١٤ كيف يحاول بعض البشر ان يعدِّلوا دورة الحياة العادية، ولكن ايّ اثر يكون لذلك؟
١٤ لا يلزم ان نعتبر هذا التقييم الواقعي تفكيرا سلبيا. صحيح ان البعض يحاولون ان يغيِّروا الحالة، كما بزيادة عملهم لتحسين وضعهم المادي ليكونوا اغنى من والديهم. وقد يصرفون سنوات اضافية في تحصيل العلم لكي يبلغوا مستوًى معيشيا اعلى فيما يحاولون ان يزيدوا فهمهم للحياة. او قد يركِّزون على التمارين الرياضية او الحميات ليحسِّنوا صحتهم ويطيلوا حياتهم قليلا. وهذه الجهود يمكن ان تعود بشيء من الفائدة. ولكن من يمكنه ان يضمن ان مثل هذه الجهود ستنجح؟ وإن نجحت، فلكم من الوقت؟
١٥ ايّ تقييم صريح يصحّ في حياة معظم الناس؟
١٥ سأل سليمان: «لأنه توجد امور كثيرة تزيد الباطل. فأيّ فضل للانسان. لأنه من يعرف ما هو خير للانسان في الحياة مدة ايام حياة باطلِه التي يقضيها كالظل. لأنه من يخبر الانسان بما يكون بعده تحت الشمس.» (جامعة ٦:١١، ١٢) فلأن الموت ينهي بسرعة نسبيا جهود الانسان، هل هنالك فائدة تُذكر من الكفاح لكسب المزيد من الامور المادية او من قضاء سنوات دراسية طويلة للحصول بشكل رئيسي على مزيد من الممتلكات؟ وبما ان الحياة قصيرة جدا وتمضي كالظل، يدرك كثيرون انه لا وقت لإعادة توجيه جهودهم نحو هدف بشري آخر عندما يحسّون بالفشل؛ ولا يمكن ان يكون الانسان على يقين ممَّا سيحلّ بأولاده «بعده.»
آن الاوان لصنع صيت حسن
١٦ (أ) ايّ امر ينبغي ان نفعله لا يمكن ان تفعله الحيوانات؟ (ب) اية حقيقة اخرى ينبغي ان تؤثر في تفكيرنا؟
١٦ بخلاف الحيوانات، نملك نحن البشر القدرة على التفكير في الامور التالية، ‹ما معنى وجودي؟ هل هو مجرد دورة ثابتة، فيها وقت للولادة ووقت للموت؟› في هذا الصدد، تذكَّروا صحة ما قاله سليمان عن الانسان والبهيمة: «الى التراب يعود كلاهما.» فهل يعني هذا ان الموت ينهي كاملا حياة المرء؟ يظهر الكتاب المقدس ان البشر لا يملكون نفسا خالدة تبقى حية بعد موت الجسد. فالبشر هم انفس، والنفس التي تخطئ تموت. (حزقيال ١٨:٤، ٢٠) اوضح سليمان بالتفصيل: «الاحياء يعلمون انهم سيموتون. أما الموتى فلا يعلمون شيئا وليس لهم اجر بعد لأن ذكرهم نُسي. كل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك لأنه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في الهاوية التي انت ذاهب اليها.» — جامعة ٩:٥، ١٠.
١٧ ايّ امر ينبغي ان تجعلنا الجامعة ٧:١، ٢ نفكر فيه؟
١٧ نظرا الى هذا الواقع المحتوم، تأملوا في ما يقال هنا: «الصيت خير من الدهن الطيِّب ويوم الممات خير من يوم الولادة. الذهاب الى بيت النوح خير من الذهاب الى بيت الوليمة لأن ذاك نهاية كل انسان والحي يضعه في قلبه.» (جامعة ٧:١، ٢) لا خلاف حول كون الموت «نهاية كل حي.» فلم يتمكن ايّ انسان من شرب اكسير الحياة، اكل مزيج من الڤيتامينات، اتِّباع اية حمية، او الانهماك في اية تمارين رياضية تعطي حياة ابدية. وعادة ‹يُنسى ذكرهم› بعد موتهم بوقت غير طويل. اذًا، لماذا الصيت «خير من الدهن الطيِّب ويوم الممات خير من يوم الولادة»؟
١٨ لماذا يمكن ان نكون على يقين من ان سليمان كان يؤمن بالقيامة؟
١٨ كما ذُكر، كان سليمان واقعيا. فقد عرف عن اسلافه، ابراهيم، وإسحاق، ويعقوب، الذين صنعوا لأنفسهم دون شك صيتا حسنا لدى خالقنا. فإذ عرف يهوه اللّٰه ابراهيم حق المعرفة، وعده بأن يباركه ونسله. (تكوين ١٨:١٨، ١٩؛ ٢٢:١٧) اجل، كان لإبراهيم صيت حسن لدى اللّٰه، بحيث صار صديقه. (٢ أخبار الايام ٢٠:٧؛ اشعياء ٤١:٨، عج؛ يعقوب ٢:٢٣، عج) وقد عرف ابراهيم ان حياته وحياة ابنه ليستا مجرد جزء من دورة لا تنتهي من الولادة والموت. فالامر يشمل بالتأكيد اكثر من ذلك. فقد كان لديهما التوقُّع الاكيد للعيش ثانيةً، لا لأنهما يملكان نفسا خالدة، بل لأنهما سيُقامان من الموت. فقد كان ابراهيم مقتنعا بأن ‹اللّٰه قادر على اقامة [اسحاق] حتى من الاموات.› — عبرانيين ١١:١٧-١٩.
١٩ اية بصيرة يمكن ان ننالها من ايوب في ما يتعلق بمعنى الجامعة ٧:١؟
١٩ هذا هو المفتاح لنفهم كيف ان «الصيت خير من الدهن الطيِّب ويوم الممات خير من يوم الولادة.» فسليمان، كأيوب قبله، كان مقتنعا بأن الذي خلق الحياة البشرية يمكنه ان يردّها. فيمكنه ان يعيد الى الحياة البشر الذين ماتوا. (ايوب ١٤:٧-١٤) قال ايوب الامين: «تدعو [يا يهوه] فأنا اجيبك. تشتاق الى عمل يدك.» (ايوب ١٤:١٥) فكروا في ذلك! ان خالقنا ‹يشتاق› الى خدامه الاولياء الذين ماتوا. («ترغب في رؤية عمل يديك مرة اخرى.» — الكتاب المقدس الاورشليمي.) وبتطبيق ذبيحة يسوع المسيح الفدائية، يستطيع الخالق ان يقيم البشر من الاموات. (يوحنا ٣:١٦؛ اعمال ٢٤:١٥) فمن الواضح ان البشر يمكن ان يكونوا مختلفين عن الحيوانات التي تموت.
٢٠ (أ) متى يكون يوم الممات خيرا من يوم الولادة؟ (ب) كيف لا بد ان تكون قيامة لعازر قد اثَّرت في كثيرين؟
٢٠ وهذا يعني ان يوم ممات الانسان يمكن ان يكون خيرا من يوم ولادته، اذا كان الانسان قد صنع حتى ذلك الحين صيتا حسنا لدى يهوه، الذي يمكنه ان يقيم الامناء الذين يموتون. وسليمان الاعظم، يسوع المسيح، اثبت ذلك. فعلى سبيل المثال، اقام لعازر الامين معيدا اياه الى الحياة. (لوقا ١١:٣١؛ يوحنا ١١:١-٤٤) وكما يمكنكم ان تتصوَّروا، كثيرون من الذين شهدوا عودة لعازر الى الحياة تأثروا جدا، وآمنوا بابن اللّٰه. (يوحنا ١١:٤٥) وهل تظنون انهم شعروا بأنهم دون قصد في الحياة، لا يملكون اية فكرة عمن هم وإلى اين هم ذاهبون؟ على العكس، كان بإمكانهم ان يروا انه لا داعي الى ان يكونوا مجرد حيوانات تولد، وتعيش بعض الوقت، ثم تموت. وقصدهم في الحياة كان له ارتباط مباشر ووثيق بمعرفة ابي يسوع وفعل مشيئته. وماذا عنكم انتم؟ هل ساعدتكم هذه المناقشة ان تروا، او ان تروا بأكثر وضوح، كيف يمكن وينبغي ان يكون لحياتكم قصد حقيقي؟
٢١ اية اوجه تتعلق بامتلاك معنى في حياتنا نريد بعد ان نتفحَّصها؟
٢١ لكنَّ امتلاك قصد اصيل وذي معنى في الحياة يعني اكثر بكثير من التفكير في الموت والعيش من جديد في ما بعد. انه يشمل ما نفعله بحياتنا على اساس يومي. وهذا ايضا اوضحه سليمان في سفر الجامعة، كما سنرى في المقالة التالية.
-
-
«التزام الانسان كله»برج المراقبة ١٩٩٧ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
«التزام الانسان كله»
«اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأنَّ هذا هو [«التزام،» عج] الانسان كله.» — جامعة ١٢:١٣.
١، ٢ لماذا يليق بنا ان نتأمل في التزامنا تجاه اللّٰه؟
«ماذا يطلبه منك الرب»؟ طرح نبي قديم هذا السؤال. ثم حدَّد ما يطلبه يهوه — صنْع الحق، محبة الرحمة، والسلوك بتواضع مع اللّٰه. — ميخا ٦:٨.
٢ في زمن الفردية والاستقلالية هذا، لا يرتاح كثيرون للفكرة ان اللّٰه يطلب منهم شيئا. فهم لا يريدون ان يكونوا ملتزمين بشيء. ولكن ماذا عن الاستنتاج الذي توصَّل اليه سليمان في سفر الجامعة؟ «فلنسمع ختام الأمر كله. اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأنَّ هذا هو [«التزام،» عج] الانسان كله.» — جامعة ١٢:١٣.
٣ لماذا يجب ان نفكر جديًّا في سفر الجامعة؟
٣ مهما كانت ظروفنا ونظرتنا الى الحياة، يمكن ان نحصد فوائد جمّة اذا تأمَّلنا في الامور التي ادَّت الى هذا الاستنتاج. لقد تأمَّل الملك سليمان، كاتب هذا السفر الموحى به، في بعض امور حياتنا اليومية. وقد يسارع البعض الى الاستنتاج ان تحليله سلبي من حيث الاساس. ولكنه موحى به من اللّٰه ويمكن ان يساعدنا على تقييم نشاطاتنا وأولوياتنا، ونتيجة لذلك، سيزداد فرحنا.
مواجهة اهتمامات الحياة الرئيسية
٤ اي امر تفحَّصه وناقشه سليمان في سفر الجامعة؟
٤ تفحَّص سليمان بعمق ‹عناء [«شغل،» عج] بني البشر.› «وجَّهتُ قلبي للسؤال والتفتيش بالحكمة عن كل ما عُمِل تحت السموات.» وبالتعبير «شغل،» لم يعنِ سليمان بالضرورة الوظيفة، او المهنة، بل بالاحرى كل حقول شغل الرجال والنساء طوال حياتهم. (جامعة ١:١٣) فلنتأمل في بعض الاهتمامات، او الاشغال، الرئيسية ثم نقارنها بنشاطاتنا وأولوياتنا.
٥ ما هو احد اشغال البشر الاساسية؟
٥ لا شك ان المال هو في صميم الكثير من اهتمامات البشر ونشاطاتهم. ولا احد يمكن ان يقول بحق ان سليمان كان يستهين بالمال كما يفعل بعض الاغنياء. فقد اعترف دون تردد بالحاجة الى شيء من المال؛ فامتلاك ما يكفي من الموارد المالية هو افضل من الاضطرار الى العيش حياة التقشُّف او الفقر. (جامعة ٧:١١، ١٢) ولكن لا بد انكم لاحظتم ان المال، مع ما يشتريه من ممتلكات، يمكن ان يصير الهدف الرئيسي في الحياة — للفقراء كما للاغنياء.
٦ ماذا يمكن ان نتعلم عن المال من احد امثال يسوع ومن تجربة سليمان الخاصة؟
٦ تذكَّروا مثَل يسوع عن الرجل الغني الذي لم يكتفِ قط وعمل لكسب المزيد. لقد اعتبره اللّٰه غبيا. ولماذا؟ لأنَّ ‹حياتنا ليست من اموالنا.› (لوقا ١٢:١٥-٢١) وخبرة سليمان — وهي على الارجح اوسع من خبرتنا — تؤكد كلمات يسوع. اقرأوا الوصف في جامعة ٢:٤-٩. لقد انكبّ سليمان لبعض الوقت على كسب ثروة. فبنى بيوتا وحدائق خلَّابة. وكان في وسعه ان يتَّخذ لنفسه رفيقات جميلات وقد فعل ذلك. فهل نال اكتفاء عميقا، شعورا بالانجاز، ومعنى حقيقيا في حياته من جراء الغنى وما مكَّنه الغنى من فعله؟ اجاب بصراحة: «ثم التفتُّ انا الى كل اعمالي التي عملَتها يداي وإلى التعب الذي تعبته في عمله فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس.» — جامعة ٢:١١؛ ٤:٨.
٧ (أ) ماذا تبرهن التجارب في ما يتعلق بقيمة المال؟ (ب) ماذا رأيتم شخصيا ممَّا يثبت استنتاج سليمان؟
٧ انه امر واقعي، حقيقة تبرهنت في حياة كثيرين. ويجب ان نقرّ بأن امتلاك المزيد من المال لا يحلّ بحد ذاته كل المشاكل. يمكن ان يحلّ بعضها، كتسهيل الحصول على الطعام واللباس. ولكنَّ الانسان لا يلبس سوى لباس واحد كل مرة ولا يتمتع إلا بمقدار معيَّن من الطعام والشراب. وقد قرأتم عن اغنياء حياتهم ملطَّخة بالطلاق، اساءة استعمال الكحول او المخدِّرات، والخلافات مع الاقرباء. قال المليونير الكبير ج. پ. ڠَتي: «ليست للمال بالضرورة اية علاقة بالسعادة. ربما كانت له علاقة بالتعاسة.» ولسبب وجيه، صنَّف سليمان محبة الفضة مع الامور الباطلة. قابلوا هذا الواقع بما لاحظه سليمان: «نوم المشتغل حلو إن اكل قليلا او كثيرا ووَفْر الغني لا يريحه حتى ينام [«لا يدعه ينام،» الترجمة اليسوعية].» — جامعة ٥:١٠-١٢.
٨ لأيّ سبب لا يجب ان يُبالَغ في تقدير اهمية المال؟
٨ والمال والممتلكات لا تجلب ايضا شعورا بالاكتفاء للمستقبل. فلو كان لديكم مزيد من المال والممتلكات، لازداد على الارجح قلقكم بشأن حمايتها، ولمَا عرفتم ايضا ما يجلبه الغد. فهل تخسرونها كلها، ومعها حياتكم؟ (جامعة ٥:١٣-١٧؛ ٩:١١، ١٢) ولأنَّ الامر كذلك، لا يجب ان يصعب علينا ان نرى لماذا ينبغي ان يكون لحياتنا وأشغالنا معنى اسمى وأكثر دواما من المال والممتلكات.
العائلة، الشهرة، والنفوذ
٩ لماذا من الصواب ان ترِد الحياة العائلية في فحص سليمان؟
٩ ان تحليل سليمان للحياة شمل مسألة الانشغال بعائلة. يشدِّد الكتاب المقدس على الحياة العائلية، بما في ذلك فرح انجاب الاولاد وتربيتهم. (تكوين ٢:٢٢-٢٤؛ مزمور ١٢٧:٣-٥؛ امثال ٥:١٥، ١٨-٢٠؛ ٦:٢٠؛ مرقس ١٠:٦-٩؛ افسس ٥:٢٢-٣٣) ولكن هل هذا اهم اوجه الحياة؟ يبدو ان كثيرين يظنون ذلك، بسبب تشديد بعض الحضارات على الزواج والاولاد والرُّبُط العائلية. ولكنَّ الجامعة ٦:٣ تظهر انه حتى امتلاك مئة ولد ليس مفتاح الاكتفاء في الحياة. تخيَّلوا كيف ضحَّى والدون كثيرون من اجل اولادهم ليمنحوهم بداية جيدة ويجعلوا حياتهم اسهل. ومع ان هذا الامر نبيل، لا شك ان خالقنا لم يقصد ان يكون الهدفُ الاساسي لوجودنا هو مجرد نقل الحياة الى الجيل المقبل، كما تفعل الحيوانات غريزيا لاستمرار نوعها.
١٠ لماذا قد يتبيَّن ان التشديد المفرط على العائلة هو باطل؟
١٠ وقد اثار سليمان بتمييز بعض الحقائق عن الحياة العائلية. مثلا، قد يشدد الانسان على تزويد حاجات اولاده وحفدته. ولكن هل يكونون حكماء؟ ام هل يتصرفون بجهل في ما جاهد لكي يجمعه من اجلهم؟ اذا حدث الامر الاخير، فكم يكون هذا ‹باطلا وشرا عظيما›! — جامعة ٢:١٨-٢١؛ ١ ملوك ١٢:٨؛ ٢ أخبار الايام ١٢:١-٤، ٩.
١١، ١٢ (أ) على اية مساعٍ في الحياة ركَّز البعض؟ (ب) لماذا يمكن القول ان السعي الى البروز هو «قبض الريح»؟
١١ وفي الطرف الآخر، انتقص البعض من اهمية الحياة العائلية الطبيعية لصالح تصميمهم على احراز الشهرة او النفوذ على الآخرين. وقد تكون هذه الغلطة شائعة اكثر بين الذكور. هل رأيتم ذلك بين رفقاء صفكم، رفقائكم في العمل، او جيرانكم؟ فكثيرون يجاهدون ليلاحَظوا، ليصيروا اشخاصا معتبَرين، او ليبسطوا نفوذهم على الآخرين. ولكن الى ايّ حدّ هذا الامر ذو معنى حقا؟
١٢ فكِّروا كيف يجاهد البعض ليصيروا مشهورين، سواء على مستوى ضيق او واسع. ونرى ذلك في المدرسة، في جوارنا، وفي مختلف الفرق الاجتماعية. وهذه هي القوة التي تدفع ايضا الذين يريدون ان يصيروا معروفين في مجال الفن، والتسلية، والسياسية. ولكن أليس هذا جهدا باطلا من حيث الاساس؟ لقد دعاه سليمان بحق «قبض الريح.» (جامعة ٤:٤) وحتى اذا صار الحدث بارزا في نادٍ، او في فريق رياضي، او في فرقة موسيقية — او اذا صار رجل او امرأة مشهورا في شركة من الشركات او في مجتمع معيَّن — فكم شخصا في الواقع يعرف ذلك؟ هل معظم الناس في الجهة الاخرى من الارض (او حتى في البلد نفسه) يعرفون ان هذا الشخص موجود؟ ام انهم يواصلون حياتهم غافلين كاملا عما احرزه او احرزته من شهرة يسيرة؟ ويصحّ الامر نفسه في ايّ نفوذ او سلطة ينالها المرء في العمل، في بلدة، او ضمن فريق.
١٣ (أ) كيف تساعدنا الجامعة ٩:٤، ٥ على امتلاك نظرة لائقة الى الجهاد لاجل البروز او النفوذ؟ (ب) اية وقائع ينبغي ان نواجهها اذا كانت هذه الحياة هي كل ما هنالك؟ (انظروا الحاشية.)
١٣ وماذا ينتج في النهاية من شهرة او سلطة كهذه؟ اذ يمضي جيل ويأتي آخر، يزول عن المسرح الاشخاص البارزون او ذوو النفوذ ويُنسَون. ويصحّ ذلك في البنَّائين، الموسيقيين وغيرهم من الفنانين، المصلحين الاجتماعيين، وهلم جرّا، تماما كما يصحّ في معظم القادة السياسيين والعسكريين. ومن هذه الاشغال، كم فردا تعرفون ممَّن عاشوا بين سنتي ١٧٠٠ و ١٨٠٠؟ لقد احسن سليمان تقييم الامور اذ قال: «الكلب الحي خير من الاسد الميت. لأنَّ الاحياء يعلمون انهم سيموتون. أما الموتى فلا يعلمون شيئا . . . ذكرهم نُسي.» (جامعة ٩:٤، ٥) وإذا كانت هذه الحياة هي كل ما هنالك، فالسعي الى البروز او النفوذ هو حقا باطل.a
محور تركيزنا والتزامنا
١٤ لماذا ينبغي ان يساعدنا شخصيا سفر الجامعة؟
١٤ لم يعلِّق سليمان على النشاطات والاهداف والملذَّات الكثيرة التي تتمحور حولها حياة الناس. غير ان ما كتبه كافٍ. ولا يلزم ان يبدو تأمُّلنا في السفر كئيبا او سلبيا، لأننا راجعنا بواقعية سفرا من الكتاب المقدس اوحى به يهوه اللّٰه عمدا لفائدتنا. فيمكن ان يساعد كلًّا منا على تقويم نظرته الى الحياة وما يركِّز عليه. (جامعة ٧:٢؛ ٢ تيموثاوس ٣:١٦، ١٧) والامر كذلك خصوصا نظرا الى الاستنتاجات التي ساعد يهوه سليمان على التوصُّل اليها.
١٥، ١٦ (أ) ماذا كانت نظرة سليمان الى التمتُّع بالحياة؟ (ب) ايّ امر ملائم ذكر سليمان انه من المقوِّمات الاساسية للتمتُّع بالحياة؟
١٥ ان احدى النقاط التي اثارها سليمان تكرارا هي ان خدَّام الاله الحقيقي ينبغي ان يجدوا الفرح في نشاطاتهم امامه. «عرفتُ انه ليس لهم خير الا ان يفرحوا ويفعلوا خيرا في حياتهم. وأيضا ان يأكل كل انسان ويشرب ويرى خيرا من كل تعبه فهو عطية اللّٰه.» (جامعة ٢:٢٤؛ ٣:١٢، ١٣؛ ٥:١٨؛ ٨:١٥) لاحظوا ان سليمان لم يكن يشجع على المرح الصاخب؛ ولا أيَّد الموقف القائل ‹لنأكل ونشرب ونمرح لأننا غدا نموت.› (١ كورنثوس ١٥:١٤، ٣٢-٣٤) فقد عنى انه ينبغي ان نجد الفرح في الملذَّات الطبيعية، كالاكل والشرب، فيما ‹نفعل خيرا في حياتنا.› وهذا يجعل حياتنا دون شك مركَّزة على مشيئة الخالق، الذي يقرِّر ما هو خير حقا. — مزمور ٢٥:٨؛ جامعة ٩:١؛ مرقس ١٠:١٧، ١٨؛ رومية ١٢:٢.
١٦ كتب سليمان: «اذهب كل خبزك بفرح واشرب خمرك بقلب طيِّب لأن اللّٰه منذ زمان قد رضي عملك.» (جامعة ٩:٧-٩) نعم، ان الرجل، او المرأة، الذي يعيش حقا حياة غنية ومانحة للاكتفاء هو نشيط في الاعمال التي تسرّ يهوه. وهذا يتطلب منا ان نأخذ يهوه في الاعتبار بشكل مستمر. وكم تختلف هذه النظرة عن نظرة غالبية الناس، الذين يحيون حياتهم على اساس التفكير البشري!
١٧، ١٨ (أ) كيف يتجاوب كثيرون مع وقائع الحياة؟ (ب) اية نتيجة ينبغي ألا تغيب ابدا عن ذهننا؟
١٧ مع ان بعض الاديان يعلِّم عن الحياة الاخرى، كثيرون يعتقدون ان هذه الحياة هي حقا كل ما يمكن ان يكونوا على يقين منه. ولربما رأيتموهم يتجاوبون كما وصف سليمان: «لأنَّ القضاء على العمل الرديء لا يُجرى سريعا فلذلك قد امتلأ قلب بني البشر فيهم لفعل الشر.» (جامعة ٨:١١) وحتى الذين لا يصيرون منغمسين في الافعال الشريرة يبدو انهم مهتمون بشكل رئيسي بالوقت الحاضر. وهذا هو احد الاسباب التي لأجلها تتعاظم في نظرهم اهمية المال، الممتلكات، الأُبَّهة، السلطة على الآخرين، العائلة، او المصالح المماثلة الاخرى. ولكنَّ سليمان لم يدَع الامر ينتهي عند هذا الحد. فقد اضاف: «الخاطئ وإن عمل شرا مئة مرة وطالت ايامه إلا اني اعلم انه يكون خير للمتَّقين اللّٰه [«الاله الحقيقي،» عج] الذين يخافون قدامه. ولا يكون خير للشرير وكالظل لا يطيل ايامه لأنه لا يخشى قدام اللّٰه.» (جامعة ٨:١٢، ١٣) من الواضح ان سليمان كان مقتنعا انه سيكون لنا خير في النهاية اذا كنا ‹نتَّقي الاله الحقيقي.› ايّ مقدار من الخير؟ يمكننا ان نجد الجواب في التباين الذي صنعه. فيهوه يمكنه ان ‹يطيل ايامنا.›
١٨ ان الذين لا يزالون شبانا نسبيا ينبغي خصوصا ان يفكِّروا في الواقع الاكيد انه سيكون لهم خير اذا اتَّقوا اللّٰه. وكما ربما رأيتم شخصيا، قد يتعثَّر اسرع العدَّائين ويخسر السباق. وقد يُهزم الجيش القوي. ورجل الاعمال الحذر قد يجد نفسه فقيرا. والكثير من الامور الاخرى غير الاكيدة تجعل الحياة متقلِّبة جدا. ولكن يمكنكم ان تكونوا على يقين تام من هذا الامر: ان المسلك الحكيم والآمن اكثر هو ان تتمتعوا بالحياة وأنتم تفعلون الخير ضمن شرائع اللّٰه الادبية وبحسب مشيئته. (جامعة ٩:١١) وهذا يشمل ان يتعلَّم المرء ما هي مشيئة اللّٰه من الكتاب المقدس، ينذر حياته له، ويصير مسيحيا معتمدا. — متى ٢٨:١٩، ٢٠.
١٩ كيف يمكن ان يستخدم الاحداث حياتهم، ولكن ما هو المسلك الحكيم؟
١٩ لن يجبر الخالق الاحداث او غيرهم على اتِّباع ارشاده. فيمكنهم ان يغوصوا في الثقافة، بحيث يبقون ربما طوال حياتهم تلاميذ لكتب التعليم البشري التي لا يحصى لها عدد. وسيتبيَّن اخيرا ان هذا تعب للجسد. او يمكنهم ان يسلكوا في طرق قلبهم البشري الناقص او يتبعوا ما يروق العين. وهذا سيجلب الغم حتما، وسيتبيَّن اخيرا ان الحياة التي تُقضى على هذا النحو هي باطلة. (جامعة ١١:٩–١٢:١٢؛ ١ يوحنا ٢:١٥-١٧) لذلك يناشد سليمان الاحداث — وهي مناشدة ينبغي ان نتأمل فيها بجدية، مهما كان عمرنا: «فاذكر خالقك في ايام شبابك قبل ان تأتي ايام الشر او تجيء السنون اذ تقول ليس لي فيها سرور.» — جامعة ١٢:١.
٢٠ ما هي النظرة المتَّزنة الى الرسالة التي ينقلها سفر الجامعة؟
٢٠ اذًا، ماذا نستنتج؟ ما هو الاستنتاج الذي توصَّل اليه سليمان؟ لقد رأى، او تفحَّص، «كل الاعمال التي عُمِلت تحت الشمس فإذا الكل باطل وقبض الريح.» (جامعة ١:١٤) وليست الكلمات التي نجدها في سفر الجامعة كلمات رجل متهكِّم او عديم الاكتفاء. انها جزء من كلمة اللّٰه الموحى بها وتستحق اعتبارنا.
٢١، ٢٢ (أ) اية اوجه للحياة اخذها سليمان في الاعتبار؟ (ب) ايّ استنتاج حكيم توصَّل اليه؟ (ج) كيف اثَّر فيكم فحص محتويات سفر الجامعة؟
٢١ لقد راقب سليمان كدّ البشر، كفاحاتهم، ومطامحهم. وفكَّر مليًّا في مآل الامور في مجرى الحياة الطبيعي، العاقبة المثبِّطة والفارغة التي خبرها كثيرون من البشر. وقد تأمل في حقيقة النقص البشري والموت الناتج عنه. وأخذ في الاعتبار المعرفة المعطاة من اللّٰه عن حالة الموتى والتوقُّعات لأية حياة مقبلة. وهذه الامور كلها وزنها رجلٌ زاد اللّٰه حكمتَه، نعم، احد احكم البشر الذين عاشوا على الاطلاق. ثم أُدرجت النتيجة التي توصَّل اليها في الاسفار المقدسة لفائدة جميع الذين يريدون حياة ذات معنى حقا. أفلا ينبغي ان نوافق؟
٢٢ «فلنسمع ختام الامر كله. اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأنَّ هذا هو [«التزام،» عج] الانسان كله. لأنَّ اللّٰه يحضر كل عمل الى الدينونة على كل خفي إن كان خيرا او شرا.» — جامعة ١٢:١٣، ١٤.
-