مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • حياتكم —‏ ما القصد منها؟‏
    برج المراقبة ١٩٩٧ | ١٥ شباط (‏فبراير)‏
    • حياتكم —‏ ما القصد منها؟‏

      ‏«قلبي يلهج بالحكمة .‏ .‏ .‏ حتى ارى ما هو الخير لبني البشر .‏ .‏ .‏ مدة ايام حياتهم.‏» —‏ جامعة ٢:‏٣‏.‏

      ١،‏ ٢ لماذا ليس من الخطإ ان يهتم المرء بنفسه بشكل معقول؟‏

      ألستم مهتمين بنفسكم؟‏ بلى،‏ وهذا امر طبيعي.‏ لذلك نحن نأكل يوميا،‏ وننام عندما نتعب،‏ ونحب ان نكون في رفقة الاصدقاء والاحبَّاء.‏ وأحيانا نلعب،‏ ونسبح،‏ ونفعل امورا اخرى نتمتع بها،‏ مما يعكس اهتماما متَّزنا بأنفسنا.‏

      ٢ ومثل هذا الاهتمام بالنفس ينسجم مع ما دفع اللّٰهُ سليمان الى كتابته:‏ «ليس للانسان خير من ان يأكل ويشرب ويُري نفسه خيرا في تعبه.‏» ثم اضاف سليمان بناءً على خبرته:‏ «رأيت هذا ايضا انه من يد اللّٰه.‏ لأنه من يأكل ومن يلتذّ غيري.‏» —‏ جامعة ٢:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      ٣ اية اسئلة محيِّرة يجد معظم الناس انه لا يمكن الاجابة عنها؟‏

      ٣ ولكنكم تعرفون ان الحياة ليست كلها اكلا،‏ وشربا،‏ ونوما،‏ وفعل شيء من الخير.‏ فنحن نعاني الآلام،‏ وخيبات الامل،‏ وأمورا تقلقنا.‏ ويبدو اننا مشغولون اكثر من ان نفكر مليًّا في معنى حياتنا.‏ أليس الامر كذلك بالنسبة اليكم؟‏ كتب ڤرْمُنت رويْستر،‏ محرر سابق في ذا وول ستريت جورنال (‏بالانكليزية)‏‏،‏ بعد ان لاحظ وفرة معرفتنا ومهاراتنا:‏ «انه لأمر عجيب.‏ فعند التأمل في الانسان نفسه،‏ في معضلاته،‏ في مكانه في هذا الكون،‏ نجد اننا لم نتقدم سوى القليل منذ بدء الزمان.‏ فما زالت لدينا اسئلة عمَّن نحن ولماذا نحن موجودون وإلى اين نتَّجه.‏»‏

      ٤ لماذا ينبغي ان يرغب كلٌّ منا في التمكُّن من الاجابة عن اسئلة تشملنا؟‏

      ٤ كيف تجيبون عن هذه الاسئلة:‏ مَن نحن؟‏ لماذا نحن هنا؟‏ وإلى اين نتَّجه؟‏ في تموز الماضي،‏ مات السيد رويْستر.‏ أتظنّون انه وجد اجوبة ترضيه؟‏ وفي ما يتعلق بنقطة بحثنا،‏ هل من طريقة لتجدوها انتم؟‏ وكيف يمكن لذلك ان يساعدكم على التمتع بحياة اوفر سعادةً ومعنى؟‏ لنرَ ذلك.‏

      مصدر اساسي للبصيرة

      ٥ لماذا يحسن بنا ان نتطلع الى اللّٰه عند طلب البصيرة في الاسئلة المتعلقة بمعنى الحياة؟‏

      ٥ لو كنا نبحث من ذاتنا عن قصد لحياتنا قد نصيب القليل او لا شيء من النجاح،‏ شأننا في هذا شأن معظم الرجال والنساء،‏ وحتى اولئك الواسعي الاطلاع والخبرة.‏ ولكننا لم نُترك وحدنا.‏ فقد زوَّد خالقنا المساعدة.‏ فكروا في الامر،‏ أليس هو المصدر الاصلي للبصيرة والحكمة،‏ اذ هو كائن «منذ الازل الى الابد» ويملك معرفة كاملة عن الكون والتاريخ؟‏ (‏مزمور ٩٠:‏١،‏ ٢‏)‏ فقد خلق البشر وراقب التاريخ البشري بكامله،‏ ولذلك فهو مَن ينبغي ان نتطلع اليه طلبا للبصيرة،‏ لا الى البشر الناقصين بمعرفتهم ومفاهيمهم المحدودة.‏ —‏ مزمور ١٤:‏١-‏٣؛‏ رومية ٣:‏١٠-‏١٢‏.‏

      ٦ (‏أ)‏ كيف زوَّد الخالق البصيرة اللازمة؟‏ (‏ب)‏ ما علاقة سليمان بذلك؟‏

      ٦ لا يمكننا ان نتوقع ان يهمس الخالق في اذننا كاشفا لنا معنى الحياة،‏ ولكنه زوَّد مصدرا للبصيرة —‏ كلمته الموحى بها.‏ (‏مزمور ٣٢:‏٨؛‏ ١١١:‏١٠‏)‏ وسفر الجامعة ذو قيمة خصوصية في هذا الصدد.‏ فقد ألهم اللّٰه كاتبه بحيث «فاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق.‏» (‏١ ملوك ٣:‏٦-‏١٢؛‏ ٤:‏٣٠-‏٣٤‏)‏ وكان ‹لحكمة سليمان› اثر بالغ في ملكة زائرة بحيث قالت انه لم يُخبَر بالنصف وإنه ما اسعد سامعي حكمته.‏a (‏١ ملوك ١٠:‏٤-‏٨‏)‏ ونحن ايضا يمكننا ان نحرز البصيرة والسعادة من الحكمة الالهية التي زوَّدها خالقنا بواسطة سليمان.‏

      ٧ (‏أ)‏ ماذا استنتج سليمان بشأن معظم النشاطات تحت السموات؟‏ (‏ب)‏ ايّ امر يوضح تقييمات سليمان الواقعية؟‏

      ٧ يعكس سفر الجامعة الحكمة المعطاة من اللّٰه،‏ التي اثَّرت في قلب سليمان وعقله.‏ ولأن سليمان كان يملك الوقت والموارد والبصيرة،‏ تفحَّص «كل ما عُمِل تحت السموات.‏» فرأى ان معظمه «باطل وقبض الريح،‏» وهذا تقييم موحى به يجب ألّا يغيب عن ذهننا عندما نفكر في قصدنا في الحياة.‏ (‏جامعة ١:‏١٣،‏ ١٤،‏ ١٦‏)‏ لقد كان سليمان يتكلم بصراحة وواقعية.‏ وعلى سبيل المثال،‏ تَفكَّروا في كلماته المسجَّلة في الجامعة ١:‏١٥،‏ ١٨‏.‏ انتم تعلمون ان الانسان جرَّب على مر القرون مختلف اشكال الحكومات،‏ محاوِلا بإخلاص احيانا ان يحلّ المشاكل ويحسِّن حياة البشر.‏ ولكن هل قوَّم ايّ منها حقا كل الامور ‹العوجاء› في هذا النظام الناقص؟‏ ولربما رأيتم انه كلما عظمت معرفة الانسان،‏ ادرك اكثر انه في مدى الحياة القصير،‏ يستحيل تصحيح الامور كاملا.‏ وإدراك ذلك مثبِّط لكثيرين،‏ ولكن ليس بالضرورة لنا نحن.‏

      ٨ اية دورات موجودة منذ القِدم؟‏

      ٨ والامر الآخر الذي يجب التأمل فيه هو الدورات المتكرِّرة التي تؤثر فينا،‏ كشروق الشمس وغروبها او حركات الرياح والمياه.‏ لقد كانت موجودة في زمن موسى،‏ وسليمان،‏ وناپوليون،‏ وفي زمن اسلافنا.‏ وهي مستمرة.‏ وعلى نحو مماثل،‏ «جيل يمضي وجيل يجيء.‏» (‏جامعة ١:‏٤-‏٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ ومن وجهة النظر البشرية،‏ لم يتغير شيء.‏ فالناس قديما وفي عصرنا لديهم نشاطات وآمال ومطامح وإنجازات متماثلة.‏ وحتى اذا صار احد افراد الجنس البشري مشهورا او كان بارزا بجماله او قدرته،‏ فأين هو هذا الشخص الآن؟‏ لقد رحل وذكره نُسي على الارجح.‏ ووجهة النظر هذه ليست متشائمة.‏ فمعظم الناس لا يعرفون حتى اسماء اجداد والديهم او اين وُلدوا او دُفِنوا.‏ فيمكنكم ان تدركوا لماذا رأى سليمان بواقعية ان مشاريع البشر وجهودهم انما هي باطلة.‏ —‏ جامعة ١:‏٩-‏١١‏.‏

      ٩ كيف يساعدنا احراز بصيرة واقعية في حالة الجنس البشري؟‏

      ٩ وبدل ان تثبِّطنا هذه البصيرة الالهية في جوهر حالة البشر،‏ يمكن ان يكون لها اثر ايجابي،‏ اذ تمنعنا من ان نقيِّم بشكل خاطئ الاهداف او المساعي التي سرعان ما تمضي وتُنسى.‏ ويلزم ان تساعدنا على تقييم ما نجنيه من الحياة وما نحاول إنجازه.‏ لإيضاح ذلك،‏ بدل ان نكون زهَّادا،‏ يمكننا ان نفرح بالاكل والشرب باتِّزان.‏ (‏جامعة ٢:‏٢٤‏)‏ وكما سنرى،‏ يصل سليمان الى استنتاج ايجابي ومتفائل جدا.‏ واستنتاجه باختصار هو انه ينبغي ان نقدِّر تقديرا عميقا علاقتنا بخالقنا،‏ الذي يمكنه ان يساعدنا على حيازة مستقبل ذي قصد وسعيد الى الابد.‏ ذكر سليمان بتشديد:‏ «فلنسمع ختام الامر كله.‏ اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأن هذا هو [«التزام،‏» ع‌ج‏] الانسان كله.‏» —‏ جامعة ١٢:‏١٣‏.‏

      القصد على ضوء دورات الحياة

      ١٠ بأية طريقة شبّه سليمان الحيوانات بالبشر؟‏

      ١٠ ان الحكمة الالهية التي يعكسها سفر الجامعة يمكن ان تساعدنا ايضا عند التأمل في قصدنا في الحياة.‏ كيف؟‏ ذلك لأن سليمان ركَّز بواقعية على حقائق اخرى ربما نادرا ما نفكِّر فيها.‏ تتناول احداها التشابهات بين البشر والحيوانات.‏ شبَّه يسوع أتباعه بالخراف،‏ ولكنَّ الناس عموما لا يحبون تشبيههم بالحيوانات.‏ (‏يوحنا ١٠:‏١١-‏١٦‏)‏ غير ان سليمان اثار بعض الحقائق التي لا سبيل الى انكارها:‏ «اللّٰه يمتحن [بني البشر] ليريهم انه كما البهيمة هكذا هم.‏ لأن ما يحدث لبني البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم.‏ موت هذا كموت ذاك .‏ .‏ .‏ فليس للانسان مزيَّة على البهيمة لأن كليهما باطل.‏ .‏ .‏ .‏ كان كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كلاهما.‏» —‏ جامعة ٣:‏١٨-‏٢٠‏.‏

      ١١ (‏أ)‏ كيف يمكن وصف دورة الحياة النموذجية عند الحيوان؟‏ (‏ب)‏ ما رأيكم في هذا التحليل؟‏

      ١١ فكِّروا في حيوان تحبون مشاهدته،‏ ربما في وبر او ارنب.‏ (‏تثنية ١٤:‏٧؛‏ مزمور ١٠٤:‏١٨؛‏ امثال ٣٠:‏٢٦‏)‏ او قد تتخيَّلون سنجابا؛‏ وهنالك اكثر من ٣٠٠ نوع منه حول العالم.‏ فما هي دورة حياته؟‏ بعد ولادته،‏ تحتضنه امه بضعة اسابيع.‏ ثم سرعان ما ينمو فروه ويصير بإمكانه ان يجرؤ على الخروج.‏ وقد ترونه يعدو هنا وهناك ويتعلم كيف يجد طعامه.‏ ولكن غالبا ما يبدو انه يلهو فقط ويتمتع بحداثته.‏ وبعد ان يكبر سنة او نحو ذلك،‏ يعثر على رفيق.‏ وبعد ذلك يجب ان يبني جحرا او وجارا ويعتني بذريته.‏ وإذا وجد السنجاب ما يكفي من العنبيات،‏ والثمار الجوزية،‏ والحبوب،‏ فقد تكبر عائلته ويتسنّى لها ان توسع بيتها.‏ ولكن في مجرد سنوات قليلة،‏ يكبر الحيوان في السن ويصير معرضا اكثر للحوادث والامراض.‏ وفي نحو العاشرة من عمره يموت.‏ هذه هي دورة حياة السنجاب،‏ مع فوارق طفيفة بين انواعه.‏

      ١٢ (‏أ)‏ من حيث الواقع،‏ لماذا تشبه دورة حياة كثيرين من البشر دورة حياة الحيوان العادي؟‏ (‏ب)‏ ماذا قد يخطر ببالنا عندما نرى في المرة المقبلة الحيوان الذي كنا نفكِّر فيه؟‏

      ١٢ لا يعترض معظم الناس على هذه الدورة عند الحيوان،‏ وهم لا يتوقعون بالتأكيد ان يكون للسنجاب قصد عقلاني في الحياة.‏ ولكن ألا تجدون ان حياة كثيرين من البشر لا تختلف كثيرا عن ذلك؟‏ فهم يولدون ويجري الاعتناء بهم وهم اطفال.‏ وكأحداث،‏ يأكلون ويشربون ويلهون.‏ ولا يمضي وقت طويل حتى يصيرون راشدين،‏ فيجدون رفيقا،‏ ويبحثون عن مكان يعيشون فيه ووسيلة لكسب لقمة عيشهم.‏ وإذا نجحوا،‏ فقد تكبر عائلتهم ويوسِّعون بيتهم (‏عشهم)‏ الذي يربّون فيه ذريتهم.‏ ولكنَّ العقود تمرّ سريعا،‏ فيشيخون.‏ وقد يموتون بعد او قبل ٧٠ او ٨٠ سنة ملآنة ‹تعبا وبلية.‏› (‏مزمور ٩٠:‏٩،‏ ١٠،‏ ١٢‏)‏ وقد تخطر ببالكم هذه الوقائع التي تحث على التفكير عندما ترون في المرة المقبلة سنجابا (‏او حيوانا آخر كنتم تفكِّرون فيه)‏.‏

      ١٣ اية عاقبة تصحّ في الحيوانات والبشر على السواء؟‏

      ١٣ يمكنكم ان تروا لماذا شبَّه سليمان حياة الناس بالحيوانات.‏ كتب:‏ «لكل شيء زمان .‏ .‏ .‏ للولادة وقت وللموت وقت.‏» والحادثة الاخيرة،‏ الموت،‏ هي نفسها عند الانسان والبهيمة،‏ «موت هذا كموت ذاك.‏» ثم اضاف:‏ «كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كلاهما.‏» —‏ جامعة ٣:‏١،‏ ٢،‏ ١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ١٤ كيف يحاول بعض البشر ان يعدِّلوا دورة الحياة العادية،‏ ولكن ايّ اثر يكون لذلك؟‏

      ١٤ لا يلزم ان نعتبر هذا التقييم الواقعي تفكيرا سلبيا.‏ صحيح ان البعض يحاولون ان يغيِّروا الحالة،‏ كما بزيادة عملهم لتحسين وضعهم المادي ليكونوا اغنى من والديهم.‏ وقد يصرفون سنوات اضافية في تحصيل العلم لكي يبلغوا مستوًى معيشيا اعلى فيما يحاولون ان يزيدوا فهمهم للحياة.‏ او قد يركِّزون على التمارين الرياضية او الحميات ليحسِّنوا صحتهم ويطيلوا حياتهم قليلا.‏ وهذه الجهود يمكن ان تعود بشيء من الفائدة.‏ ولكن من يمكنه ان يضمن ان مثل هذه الجهود ستنجح؟‏ وإن نجحت،‏ فلكم من الوقت؟‏

      ١٥ ايّ تقييم صريح يصحّ في حياة معظم الناس؟‏

      ١٥ سأل سليمان:‏ «لأنه توجد امور كثيرة تزيد الباطل.‏ فأيّ فضل للانسان.‏ لأنه من يعرف ما هو خير للانسان في الحياة مدة ايام حياة باطلِه التي يقضيها كالظل.‏ لأنه من يخبر الانسان بما يكون بعده تحت الشمس.‏» (‏جامعة ٦:‏١١،‏ ١٢‏)‏ فلأن الموت ينهي بسرعة نسبيا جهود الانسان،‏ هل هنالك فائدة تُذكر من الكفاح لكسب المزيد من الامور المادية او من قضاء سنوات دراسية طويلة للحصول بشكل رئيسي على مزيد من الممتلكات؟‏ وبما ان الحياة قصيرة جدا وتمضي كالظل،‏ يدرك كثيرون انه لا وقت لإعادة توجيه جهودهم نحو هدف بشري آخر عندما يحسّون بالفشل؛‏ ولا يمكن ان يكون الانسان على يقين ممَّا سيحلّ بأولاده «بعده.‏»‏

      آن الاوان لصنع صيت حسن

      ١٦ (‏أ)‏ ايّ امر ينبغي ان نفعله لا يمكن ان تفعله الحيوانات؟‏ (‏ب)‏ اية حقيقة اخرى ينبغي ان تؤثر في تفكيرنا؟‏

      ١٦ بخلاف الحيوانات،‏ نملك نحن البشر القدرة على التفكير في الامور التالية،‏ ‹ما معنى وجودي؟‏ هل هو مجرد دورة ثابتة،‏ فيها وقت للولادة ووقت للموت؟‏› في هذا الصدد،‏ تذكَّروا صحة ما قاله سليمان عن الانسان والبهيمة:‏ «الى التراب يعود كلاهما.‏» فهل يعني هذا ان الموت ينهي كاملا حياة المرء؟‏ يظهر الكتاب المقدس ان البشر لا يملكون نفسا خالدة تبقى حية بعد موت الجسد.‏ فالبشر هم انفس،‏ والنفس التي تخطئ تموت.‏ (‏حزقيال ١٨:‏٤،‏ ٢٠‏)‏ اوضح سليمان بالتفصيل:‏ «الاحياء يعلمون انهم سيموتون.‏ أما الموتى فلا يعلمون شيئا وليس لهم اجر بعد لأن ذكرهم نُسي.‏ كل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك لأنه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في الهاوية التي انت ذاهب اليها.‏» —‏ جامعة ٩:‏٥،‏ ١٠‏.‏

      ١٧ ايّ امر ينبغي ان تجعلنا الجامعة ٧:‏١،‏ ٢ نفكر فيه؟‏

      ١٧ نظرا الى هذا الواقع المحتوم،‏ تأملوا في ما يقال هنا:‏ «الصيت خير من الدهن الطيِّب ويوم الممات خير من يوم الولادة.‏ الذهاب الى بيت النوح خير من الذهاب الى بيت الوليمة لأن ذاك نهاية كل انسان والحي يضعه في قلبه.‏» (‏جامعة ٧:‏١،‏ ٢‏)‏ لا خلاف حول كون الموت «نهاية كل حي.‏» فلم يتمكن ايّ انسان من شرب اكسير الحياة،‏ اكل مزيج من الڤيتامينات،‏ اتِّباع اية حمية،‏ او الانهماك في اية تمارين رياضية تعطي حياة ابدية.‏ وعادة ‹يُنسى ذكرهم› بعد موتهم بوقت غير طويل.‏ اذًا،‏ لماذا الصيت «خير من الدهن الطيِّب ويوم الممات خير من يوم الولادة»؟‏

      ١٨ لماذا يمكن ان نكون على يقين من ان سليمان كان يؤمن بالقيامة؟‏

      ١٨ كما ذُكر،‏ كان سليمان واقعيا.‏ فقد عرف عن اسلافه،‏ ابراهيم،‏ وإسحاق،‏ ويعقوب،‏ الذين صنعوا لأنفسهم دون شك صيتا حسنا لدى خالقنا.‏ فإذ عرف يهوه اللّٰه ابراهيم حق المعرفة،‏ وعده بأن يباركه ونسله.‏ (‏تكوين ١٨:‏١٨،‏ ١٩؛‏ ٢٢:‏١٧‏)‏ اجل،‏ كان لإبراهيم صيت حسن لدى اللّٰه،‏ بحيث صار صديقه.‏ (‏٢ أخبار الايام ٢٠:‏٧؛‏ اشعياء ٤١:‏٨‏،‏ ع‌ج‏؛‏ يعقوب ٢:‏٢٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وقد عرف ابراهيم ان حياته وحياة ابنه ليستا مجرد جزء من دورة لا تنتهي من الولادة والموت.‏ فالامر يشمل بالتأكيد اكثر من ذلك.‏ فقد كان لديهما التوقُّع الاكيد للعيش ثانيةً،‏ لا لأنهما يملكان نفسا خالدة،‏ بل لأنهما سيُقامان من الموت.‏ فقد كان ابراهيم مقتنعا بأن ‹اللّٰه قادر على اقامة [اسحاق] حتى من الاموات.‏› —‏ عبرانيين ١١:‏١٧-‏١٩‏.‏

      ١٩ اية بصيرة يمكن ان ننالها من ايوب في ما يتعلق بمعنى الجامعة ٧:‏١‏؟‏

      ١٩ هذا هو المفتاح لنفهم كيف ان «الصيت خير من الدهن الطيِّب ويوم الممات خير من يوم الولادة.‏» فسليمان،‏ كأيوب قبله،‏ كان مقتنعا بأن الذي خلق الحياة البشرية يمكنه ان يردّها.‏ فيمكنه ان يعيد الى الحياة البشر الذين ماتوا.‏ (‏ايوب ١٤:‏٧-‏١٤‏)‏ قال ايوب الامين:‏ «تدعو [يا يهوه] فأنا اجيبك.‏ تشتاق الى عمل يدك.‏» (‏ايوب ١٤:‏١٥‏)‏ فكروا في ذلك!‏ ان خالقنا ‹يشتاق› الى خدامه الاولياء الذين ماتوا.‏ (‏«ترغب في رؤية عمل يديك مرة اخرى.‏» —‏ الكتاب المقدس الاورشليمي.‏‏)‏ وبتطبيق ذبيحة يسوع المسيح الفدائية،‏ يستطيع الخالق ان يقيم البشر من الاموات.‏ (‏يوحنا ٣:‏١٦؛‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏)‏ فمن الواضح ان البشر يمكن ان يكونوا مختلفين عن الحيوانات التي تموت.‏

      ٢٠ (‏أ)‏ متى يكون يوم الممات خيرا من يوم الولادة؟‏ (‏ب)‏ كيف لا بد ان تكون قيامة لعازر قد اثَّرت في كثيرين؟‏

      ٢٠ وهذا يعني ان يوم ممات الانسان يمكن ان يكون خيرا من يوم ولادته،‏ اذا كان الانسان قد صنع حتى ذلك الحين صيتا حسنا لدى يهوه،‏ الذي يمكنه ان يقيم الامناء الذين يموتون.‏ وسليمان الاعظم،‏ يسوع المسيح،‏ اثبت ذلك.‏ فعلى سبيل المثال،‏ اقام لعازر الامين معيدا اياه الى الحياة.‏ (‏لوقا ١١:‏٣١؛‏ يوحنا ١١:‏١-‏٤٤‏)‏ وكما يمكنكم ان تتصوَّروا،‏ كثيرون من الذين شهدوا عودة لعازر الى الحياة تأثروا جدا،‏ وآمنوا بابن اللّٰه.‏ (‏يوحنا ١١:‏٤٥‏)‏ وهل تظنون انهم شعروا بأنهم دون قصد في الحياة،‏ لا يملكون اية فكرة عمن هم وإلى اين هم ذاهبون؟‏ على العكس،‏ كان بإمكانهم ان يروا انه لا داعي الى ان يكونوا مجرد حيوانات تولد،‏ وتعيش بعض الوقت،‏ ثم تموت.‏ وقصدهم في الحياة كان له ارتباط مباشر ووثيق بمعرفة ابي يسوع وفعل مشيئته.‏ وماذا عنكم انتم؟‏ هل ساعدتكم هذه المناقشة ان تروا،‏ او ان تروا بأكثر وضوح،‏ كيف يمكن وينبغي ان يكون لحياتكم قصد حقيقي؟‏

      ٢١ اية اوجه تتعلق بامتلاك معنى في حياتنا نريد بعد ان نتفحَّصها؟‏

      ٢١ لكنَّ امتلاك قصد اصيل وذي معنى في الحياة يعني اكثر بكثير من التفكير في الموت والعيش من جديد في ما بعد.‏ انه يشمل ما نفعله بحياتنا على اساس يومي.‏ وهذا ايضا اوضحه سليمان في سفر الجامعة،‏ كما سنرى في المقالة التالية.‏

  • ‏«التزام الانسان كله»‏
    برج المراقبة ١٩٩٧ | ١٥ شباط (‏فبراير)‏
    • ‏«التزام الانسان كله»‏

      ‏«اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأنَّ هذا هو [«التزام،‏» ع‌ج] الانسان كله.‏» —‏ جامعة ١٢:‏١٣‏.‏

      ١،‏ ٢ لماذا يليق بنا ان نتأمل في التزامنا تجاه اللّٰه؟‏

      ‏«ماذا يطلبه منك الرب»؟‏ طرح نبي قديم هذا السؤال.‏ ثم حدَّد ما يطلبه يهوه —‏ صنْع الحق،‏ محبة الرحمة،‏ والسلوك بتواضع مع اللّٰه.‏ —‏ ميخا ٦:‏٨‏.‏

      ٢ في زمن الفردية والاستقلالية هذا،‏ لا يرتاح كثيرون للفكرة ان اللّٰه يطلب منهم شيئا.‏ فهم لا يريدون ان يكونوا ملتزمين بشيء.‏ ولكن ماذا عن الاستنتاج الذي توصَّل اليه سليمان في سفر الجامعة؟‏ «فلنسمع ختام الأمر كله.‏ اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأنَّ هذا هو [«التزام،‏» ع‌ج‏] الانسان كله.‏» —‏ جامعة ١٢:‏١٣‏.‏

      ٣ لماذا يجب ان نفكر جديًّا في سفر الجامعة؟‏

      ٣ مهما كانت ظروفنا ونظرتنا الى الحياة،‏ يمكن ان نحصد فوائد جمّة اذا تأمَّلنا في الامور التي ادَّت الى هذا الاستنتاج.‏ لقد تأمَّل الملك سليمان،‏ كاتب هذا السفر الموحى به،‏ في بعض امور حياتنا اليومية.‏ وقد يسارع البعض الى الاستنتاج ان تحليله سلبي من حيث الاساس.‏ ولكنه موحى به من اللّٰه ويمكن ان يساعدنا على تقييم نشاطاتنا وأولوياتنا،‏ ونتيجة لذلك،‏ سيزداد فرحنا.‏

      مواجهة اهتمامات الحياة الرئيسية

      ٤ اي امر تفحَّصه وناقشه سليمان في سفر الجامعة؟‏

      ٤ تفحَّص سليمان بعمق ‹عناء [«شغل،‏» ع‌ج‏] بني البشر.‏› «وجَّهتُ قلبي للسؤال والتفتيش بالحكمة عن كل ما عُمِل تحت السموات.‏» وبالتعبير «شغل،‏» لم يعنِ سليمان بالضرورة الوظيفة،‏ او المهنة،‏ بل بالاحرى كل حقول شغل الرجال والنساء طوال حياتهم.‏ (‏جامعة ١:‏١٣‏)‏ فلنتأمل في بعض الاهتمامات،‏ او الاشغال،‏ الرئيسية ثم نقارنها بنشاطاتنا وأولوياتنا.‏

      ٥ ما هو احد اشغال البشر الاساسية؟‏

      ٥ لا شك ان المال هو في صميم الكثير من اهتمامات البشر ونشاطاتهم.‏ ولا احد يمكن ان يقول بحق ان سليمان كان يستهين بالمال كما يفعل بعض الاغنياء.‏ فقد اعترف دون تردد بالحاجة الى شيء من المال؛‏ فامتلاك ما يكفي من الموارد المالية هو افضل من الاضطرار الى العيش حياة التقشُّف او الفقر.‏ (‏جامعة ٧:‏١١،‏ ١٢‏)‏ ولكن لا بد انكم لاحظتم ان المال،‏ مع ما يشتريه من ممتلكات،‏ يمكن ان يصير الهدف الرئيسي في الحياة —‏ للفقراء كما للاغنياء.‏

      ٦ ماذا يمكن ان نتعلم عن المال من احد امثال يسوع ومن تجربة سليمان الخاصة؟‏

      ٦ تذكَّروا مثَل يسوع عن الرجل الغني الذي لم يكتفِ قط وعمل لكسب المزيد.‏ لقد اعتبره اللّٰه غبيا.‏ ولماذا؟‏ لأنَّ ‹حياتنا ليست من اموالنا.‏› (‏لوقا ١٢:‏١٥-‏٢١‏)‏ وخبرة سليمان —‏ وهي على الارجح اوسع من خبرتنا —‏ تؤكد كلمات يسوع.‏ اقرأوا الوصف في جامعة ٢:‏٤-‏٩‏.‏ لقد انكبّ سليمان لبعض الوقت على كسب ثروة.‏ فبنى بيوتا وحدائق خلَّابة.‏ وكان في وسعه ان يتَّخذ لنفسه رفيقات جميلات وقد فعل ذلك.‏ فهل نال اكتفاء عميقا،‏ شعورا بالانجاز،‏ ومعنى حقيقيا في حياته من جراء الغنى وما مكَّنه الغنى من فعله؟‏ اجاب بصراحة:‏ «ثم التفتُّ انا الى كل اعمالي التي عملَتها يداي وإلى التعب الذي تعبته في عمله فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس.‏» —‏ جامعة ٢:‏١١؛‏ ٤:‏٨‏.‏

      ٧ (‏أ)‏ ماذا تبرهن التجارب في ما يتعلق بقيمة المال؟‏ (‏ب)‏ ماذا رأيتم شخصيا ممَّا يثبت استنتاج سليمان؟‏

      ٧ انه امر واقعي،‏ حقيقة تبرهنت في حياة كثيرين.‏ ويجب ان نقرّ بأن امتلاك المزيد من المال لا يحلّ بحد ذاته كل المشاكل.‏ يمكن ان يحلّ بعضها،‏ كتسهيل الحصول على الطعام واللباس.‏ ولكنَّ الانسان لا يلبس سوى لباس واحد كل مرة ولا يتمتع إلا بمقدار معيَّن من الطعام والشراب.‏ وقد قرأتم عن اغنياء حياتهم ملطَّخة بالطلاق،‏ اساءة استعمال الكحول او المخدِّرات،‏ والخلافات مع الاقرباء.‏ قال المليونير الكبير ج.‏ پ.‏ ڠَتي:‏ «ليست للمال بالضرورة اية علاقة بالسعادة.‏ ربما كانت له علاقة بالتعاسة.‏» ولسبب وجيه،‏ صنَّف سليمان محبة الفضة مع الامور الباطلة.‏ قابلوا هذا الواقع بما لاحظه سليمان:‏ «نوم المشتغل حلو إن اكل قليلا او كثيرا ووَفْر الغني لا يريحه حتى ينام [«لا يدعه ينام،‏» الترجمة اليسوعية‏].‏» —‏ جامعة ٥:‏١٠-‏١٢‏.‏

      ٨ لأيّ سبب لا يجب ان يُبالَغ في تقدير اهمية المال؟‏

      ٨ والمال والممتلكات لا تجلب ايضا شعورا بالاكتفاء للمستقبل.‏ فلو كان لديكم مزيد من المال والممتلكات،‏ لازداد على الارجح قلقكم بشأن حمايتها،‏ ولمَا عرفتم ايضا ما يجلبه الغد.‏ فهل تخسرونها كلها،‏ ومعها حياتكم؟‏ (‏جامعة ٥:‏١٣-‏١٧؛‏ ٩:‏١١،‏ ١٢‏)‏ ولأنَّ الامر كذلك،‏ لا يجب ان يصعب علينا ان نرى لماذا ينبغي ان يكون لحياتنا وأشغالنا معنى اسمى وأكثر دواما من المال والممتلكات.‏

      العائلة،‏ الشهرة،‏ والنفوذ

      ٩ لماذا من الصواب ان ترِد الحياة العائلية في فحص سليمان؟‏

      ٩ ان تحليل سليمان للحياة شمل مسألة الانشغال بعائلة.‏ يشدِّد الكتاب المقدس على الحياة العائلية،‏ بما في ذلك فرح انجاب الاولاد وتربيتهم.‏ (‏تكوين ٢:‏٢٢-‏٢٤؛‏ مزمور ١٢٧:‏٣-‏٥؛‏ امثال ٥:‏١٥،‏ ١٨-‏٢٠؛‏ ٦:‏٢٠؛‏ مرقس ١٠:‏٦-‏٩؛‏ افسس ٥:‏٢٢-‏٣٣‏)‏ ولكن هل هذا اهم اوجه الحياة؟‏ يبدو ان كثيرين يظنون ذلك،‏ بسبب تشديد بعض الحضارات على الزواج والاولاد والرُّبُط العائلية.‏ ولكنَّ الجامعة ٦:‏٣ تظهر انه حتى امتلاك مئة ولد ليس مفتاح الاكتفاء في الحياة.‏ تخيَّلوا كيف ضحَّى والدون كثيرون من اجل اولادهم ليمنحوهم بداية جيدة ويجعلوا حياتهم اسهل.‏ ومع ان هذا الامر نبيل،‏ لا شك ان خالقنا لم يقصد ان يكون الهدفُ الاساسي لوجودنا هو مجرد نقل الحياة الى الجيل المقبل،‏ كما تفعل الحيوانات غريزيا لاستمرار نوعها.‏

      ١٠ لماذا قد يتبيَّن ان التشديد المفرط على العائلة هو باطل؟‏

      ١٠ وقد اثار سليمان بتمييز بعض الحقائق عن الحياة العائلية.‏ مثلا،‏ قد يشدد الانسان على تزويد حاجات اولاده وحفدته.‏ ولكن هل يكونون حكماء؟‏ ام هل يتصرفون بجهل في ما جاهد لكي يجمعه من اجلهم؟‏ اذا حدث الامر الاخير،‏ فكم يكون هذا ‹باطلا وشرا عظيما›!‏ —‏ جامعة ٢:‏١٨-‏٢١؛‏ ١ ملوك ١٢:‏٨؛‏ ٢ أخبار الايام ١٢:‏١-‏٤،‏ ٩‏.‏

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ على اية مساعٍ في الحياة ركَّز البعض؟‏ (‏ب)‏ لماذا يمكن القول ان السعي الى البروز هو «قبض الريح»؟‏

      ١١ وفي الطرف الآخر،‏ انتقص البعض من اهمية الحياة العائلية الطبيعية لصالح تصميمهم على احراز الشهرة او النفوذ على الآخرين.‏ وقد تكون هذه الغلطة شائعة اكثر بين الذكور.‏ هل رأيتم ذلك بين رفقاء صفكم،‏ رفقائكم في العمل،‏ او جيرانكم؟‏ فكثيرون يجاهدون ليلاحَظوا،‏ ليصيروا اشخاصا معتبَرين،‏ او ليبسطوا نفوذهم على الآخرين.‏ ولكن الى ايّ حدّ هذا الامر ذو معنى حقا؟‏

      ١٢ فكِّروا كيف يجاهد البعض ليصيروا مشهورين،‏ سواء على مستوى ضيق او واسع.‏ ونرى ذلك في المدرسة،‏ في جوارنا،‏ وفي مختلف الفرق الاجتماعية.‏ وهذه هي القوة التي تدفع ايضا الذين يريدون ان يصيروا معروفين في مجال الفن،‏ والتسلية،‏ والسياسية.‏ ولكن أليس هذا جهدا باطلا من حيث الاساس؟‏ لقد دعاه سليمان بحق «قبض الريح.‏» (‏جامعة ٤:‏٤‏)‏ وحتى اذا صار الحدث بارزا في نادٍ،‏ او في فريق رياضي،‏ او في فرقة موسيقية —‏ او اذا صار رجل او امرأة مشهورا في شركة من الشركات او في مجتمع معيَّن —‏ فكم شخصا في الواقع يعرف ذلك؟‏ هل معظم الناس في الجهة الاخرى من الارض (‏او حتى في البلد نفسه)‏ يعرفون ان هذا الشخص موجود؟‏ ام انهم يواصلون حياتهم غافلين كاملا عما احرزه او احرزته من شهرة يسيرة؟‏ ويصحّ الامر نفسه في ايّ نفوذ او سلطة ينالها المرء في العمل،‏ في بلدة،‏ او ضمن فريق.‏

      ١٣ (‏أ)‏ كيف تساعدنا الجامعة ٩:‏٤،‏ ٥ على امتلاك نظرة لائقة الى الجهاد لاجل البروز او النفوذ؟‏ (‏ب)‏ اية وقائع ينبغي ان نواجهها اذا كانت هذه الحياة هي كل ما هنالك؟‏ (‏انظروا الحاشية.‏)‏

      ١٣ وماذا ينتج في النهاية من شهرة او سلطة كهذه؟‏ اذ يمضي جيل ويأتي آخر،‏ يزول عن المسرح الاشخاص البارزون او ذوو النفوذ ويُنسَون.‏ ويصحّ ذلك في البنَّائين،‏ الموسيقيين وغيرهم من الفنانين،‏ المصلحين الاجتماعيين،‏ وهلم جرّا،‏ تماما كما يصحّ في معظم القادة السياسيين والعسكريين.‏ ومن هذه الاشغال،‏ كم فردا تعرفون ممَّن عاشوا بين سنتي ١٧٠٠ و ١٨٠٠؟‏ لقد احسن سليمان تقييم الامور اذ قال:‏ «الكلب الحي خير من الاسد الميت.‏ لأنَّ الاحياء يعلمون انهم سيموتون.‏ أما الموتى فلا يعلمون شيئا .‏ .‏ .‏ ذكرهم نُسي.‏» (‏جامعة ٩:‏٤،‏ ٥‏)‏ وإذا كانت هذه الحياة هي كل ما هنالك،‏ فالسعي الى البروز او النفوذ هو حقا باطل.‏a

      محور تركيزنا والتزامنا

      ١٤ لماذا ينبغي ان يساعدنا شخصيا سفر الجامعة؟‏

      ١٤ لم يعلِّق سليمان على النشاطات والاهداف والملذَّات الكثيرة التي تتمحور حولها حياة الناس.‏ غير ان ما كتبه كافٍ.‏ ولا يلزم ان يبدو تأمُّلنا في السفر كئيبا او سلبيا،‏ لأننا راجعنا بواقعية سفرا من الكتاب المقدس اوحى به يهوه اللّٰه عمدا لفائدتنا.‏ فيمكن ان يساعد كلًّا منا على تقويم نظرته الى الحياة وما يركِّز عليه.‏ (‏جامعة ٧:‏٢؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ والامر كذلك خصوصا نظرا الى الاستنتاجات التي ساعد يهوه سليمان على التوصُّل اليها.‏

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ ماذا كانت نظرة سليمان الى التمتُّع بالحياة؟‏ (‏ب)‏ ايّ امر ملائم ذكر سليمان انه من المقوِّمات الاساسية للتمتُّع بالحياة؟‏

      ١٥ ان احدى النقاط التي اثارها سليمان تكرارا هي ان خدَّام الاله الحقيقي ينبغي ان يجدوا الفرح في نشاطاتهم امامه.‏ «عرفتُ انه ليس لهم خير الا ان يفرحوا ويفعلوا خيرا في حياتهم.‏ وأيضا ان يأكل كل انسان ويشرب ويرى خيرا من كل تعبه فهو عطية اللّٰه.‏» (‏جامعة ٢:‏٢٤؛‏ ٣:‏١٢،‏ ١٣؛‏ ٥:‏١٨؛‏ ٨:‏١٥‏)‏ لاحظوا ان سليمان لم يكن يشجع على المرح الصاخب؛‏ ولا أيَّد الموقف القائل ‹لنأكل ونشرب ونمرح لأننا غدا نموت.‏› (‏١ كورنثوس ١٥:‏١٤،‏ ٣٢-‏٣٤‏)‏ فقد عنى انه ينبغي ان نجد الفرح في الملذَّات الطبيعية،‏ كالاكل والشرب،‏ فيما ‹نفعل خيرا في حياتنا.‏› وهذا يجعل حياتنا دون شك مركَّزة على مشيئة الخالق،‏ الذي يقرِّر ما هو خير حقا.‏ —‏ مزمور ٢٥:‏٨؛‏ جامعة ٩:‏١؛‏ مرقس ١٠:‏١٧،‏ ١٨؛‏ رومية ١٢:‏٢‏.‏

      ١٦ كتب سليمان:‏ «اذهب كل خبزك بفرح واشرب خمرك بقلب طيِّب لأن اللّٰه منذ زمان قد رضي عملك.‏» (‏جامعة ٩:‏٧-‏٩‏)‏ نعم،‏ ان الرجل،‏ او المرأة،‏ الذي يعيش حقا حياة غنية ومانحة للاكتفاء هو نشيط في الاعمال التي تسرّ يهوه.‏ وهذا يتطلب منا ان نأخذ يهوه في الاعتبار بشكل مستمر.‏ وكم تختلف هذه النظرة عن نظرة غالبية الناس،‏ الذين يحيون حياتهم على اساس التفكير البشري!‏

      ١٧،‏ ١٨ (‏أ)‏ كيف يتجاوب كثيرون مع وقائع الحياة؟‏ (‏ب)‏ اية نتيجة ينبغي ألا تغيب ابدا عن ذهننا؟‏

      ١٧ مع ان بعض الاديان يعلِّم عن الحياة الاخرى،‏ كثيرون يعتقدون ان هذه الحياة هي حقا كل ما يمكن ان يكونوا على يقين منه.‏ ولربما رأيتموهم يتجاوبون كما وصف سليمان:‏ «لأنَّ القضاء على العمل الرديء لا يُجرى سريعا فلذلك قد امتلأ قلب بني البشر فيهم لفعل الشر.‏» (‏جامعة ٨:‏١١‏)‏ وحتى الذين لا يصيرون منغمسين في الافعال الشريرة يبدو انهم مهتمون بشكل رئيسي بالوقت الحاضر.‏ وهذا هو احد الاسباب التي لأجلها تتعاظم في نظرهم اهمية المال،‏ الممتلكات،‏ الأُبَّهة،‏ السلطة على الآخرين،‏ العائلة،‏ او المصالح المماثلة الاخرى.‏ ولكنَّ سليمان لم يدَع الامر ينتهي عند هذا الحد.‏ فقد اضاف:‏ «الخاطئ وإن عمل شرا مئة مرة وطالت ايامه إلا اني اعلم انه يكون خير للمتَّقين اللّٰه [«الاله الحقيقي،‏» ع‌ج‏] الذين يخافون قدامه.‏ ولا يكون خير للشرير وكالظل لا يطيل ايامه لأنه لا يخشى قدام اللّٰه.‏» (‏جامعة ٨:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ من الواضح ان سليمان كان مقتنعا انه سيكون لنا خير في النهاية اذا كنا ‹نتَّقي الاله الحقيقي.‏› ايّ مقدار من الخير؟‏ يمكننا ان نجد الجواب في التباين الذي صنعه.‏ فيهوه يمكنه ان ‹يطيل ايامنا.‏›‏

      ١٨ ان الذين لا يزالون شبانا نسبيا ينبغي خصوصا ان يفكِّروا في الواقع الاكيد انه سيكون لهم خير اذا اتَّقوا اللّٰه.‏ وكما ربما رأيتم شخصيا،‏ قد يتعثَّر اسرع العدَّائين ويخسر السباق.‏ وقد يُهزم الجيش القوي.‏ ورجل الاعمال الحذر قد يجد نفسه فقيرا.‏ والكثير من الامور الاخرى غير الاكيدة تجعل الحياة متقلِّبة جدا.‏ ولكن يمكنكم ان تكونوا على يقين تام من هذا الامر:‏ ان المسلك الحكيم والآمن اكثر هو ان تتمتعوا بالحياة وأنتم تفعلون الخير ضمن شرائع اللّٰه الادبية وبحسب مشيئته.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ وهذا يشمل ان يتعلَّم المرء ما هي مشيئة اللّٰه من الكتاب المقدس،‏ ينذر حياته له،‏ ويصير مسيحيا معتمدا.‏ —‏ متى ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ١٩ كيف يمكن ان يستخدم الاحداث حياتهم،‏ ولكن ما هو المسلك الحكيم؟‏

      ١٩ لن يجبر الخالق الاحداث او غيرهم على اتِّباع ارشاده.‏ فيمكنهم ان يغوصوا في الثقافة،‏ بحيث يبقون ربما طوال حياتهم تلاميذ لكتب التعليم البشري التي لا يحصى لها عدد.‏ وسيتبيَّن اخيرا ان هذا تعب للجسد.‏ او يمكنهم ان يسلكوا في طرق قلبهم البشري الناقص او يتبعوا ما يروق العين.‏ وهذا سيجلب الغم حتما،‏ وسيتبيَّن اخيرا ان الحياة التي تُقضى على هذا النحو هي باطلة.‏ (‏جامعة ١١:‏٩–‏١٢:‏١٢؛‏ ١ يوحنا ٢:‏١٥-‏١٧‏)‏ لذلك يناشد سليمان الاحداث —‏ وهي مناشدة ينبغي ان نتأمل فيها بجدية،‏ مهما كان عمرنا:‏ «فاذكر خالقك في ايام شبابك قبل ان تأتي ايام الشر او تجيء السنون اذ تقول ليس لي فيها سرور.‏» —‏ جامعة ١٢:‏١‏.‏

      ٢٠ ما هي النظرة المتَّزنة الى الرسالة التي ينقلها سفر الجامعة؟‏

      ٢٠ اذًا،‏ ماذا نستنتج؟‏ ما هو الاستنتاج الذي توصَّل اليه سليمان؟‏ لقد رأى،‏ او تفحَّص،‏ «كل الاعمال التي عُمِلت تحت الشمس فإذا الكل باطل وقبض الريح.‏» (‏جامعة ١:‏١٤‏)‏ وليست الكلمات التي نجدها في سفر الجامعة كلمات رجل متهكِّم او عديم الاكتفاء.‏ انها جزء من كلمة اللّٰه الموحى بها وتستحق اعتبارنا.‏

      ٢١،‏ ٢٢ (‏أ)‏ اية اوجه للحياة اخذها سليمان في الاعتبار؟‏ (‏ب)‏ ايّ استنتاج حكيم توصَّل اليه؟‏ (‏ج)‏ كيف اثَّر فيكم فحص محتويات سفر الجامعة؟‏

      ٢١ لقد راقب سليمان كدّ البشر،‏ كفاحاتهم،‏ ومطامحهم.‏ وفكَّر مليًّا في مآ‌ل الامور في مجرى الحياة الطبيعي،‏ العاقبة المثبِّطة والفارغة التي خبرها كثيرون من البشر.‏ وقد تأمل في حقيقة النقص البشري والموت الناتج عنه.‏ وأخذ في الاعتبار المعرفة المعطاة من اللّٰه عن حالة الموتى والتوقُّعات لأية حياة مقبلة.‏ وهذه الامور كلها وزنها رجلٌ زاد اللّٰه حكمتَه،‏ نعم،‏ احد احكم البشر الذين عاشوا على الاطلاق.‏ ثم أُدرجت النتيجة التي توصَّل اليها في الاسفار المقدسة لفائدة جميع الذين يريدون حياة ذات معنى حقا.‏ أفلا ينبغي ان نوافق؟‏

      ٢٢ «فلنسمع ختام الامر كله.‏ اتَّقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأنَّ هذا هو [«التزام،‏» ع‌ج‏] الانسان كله.‏ لأنَّ اللّٰه يحضر كل عمل الى الدينونة على كل خفي إن كان خيرا او شرا.‏» —‏ جامعة ١٢:‏١٣،‏ ١٤‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة