مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • حين لا يكون النجاح حقيقيا
    استيقظ!‏ ٢٠٠٨ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏
    • حين لا يكون النجاح حقيقيا

      في اوائل عشريناتها،‏ لمع اسمها في عالم الغناء وتنعّمت بثروة كبيرة،‏ انجاز عظيم لا تحقّقه في هذه السن الباكرة سوى قلة قليلة من الناس.‏ لكن المشاكل بدأت تعترض سبيلها.‏ فبعد فشل زواجها مرتين،‏ اضطرت ان تخضع لعلاج في مراكز إعادة تأهيل المدمنين على الكحول والمخدِّرات.‏ حقا،‏ لقد انقلبت حياتها رأسا على عقب!‏

      من المؤسف ان قصة هذه المرأة تتكرر يوما بعد يوم،‏ فأخبار المشاهير المأساوية غالبا ما تتصدر العناوين في وسائل الاعلام.‏ حتى في عالم المال والاعمال الاكثر تحفظا،‏ تنغّص المشاكل في كثير من الاحيان حياة الذين يبدون ناجحين في هذا المجال.‏ ذكر تقرير في احدى الصحف حول حياة ابرز شخصيات المال في مدينة نيويورك:‏ «ان الاصرار على تحقيق ارباح طائلة يحطّم الحياة المهنية،‏ يمزّق العائلات،‏ ويؤمّن زبائن كُثُر لتجار المخدِّرات .‏ .‏ .‏ وفي حين تمنح العلاوات الهائلة المسؤولين في مصارف وول ستريت شعورا بالحصانة المادية،‏ ينسحق آخرون عاطفيا من جراء الضغط الكبير عليهم وتنحطّ معنويات البعض الى الحضيض».‏

      فهل يمكن ان تكون هذه المشاكل ناجمة عن السعي في الاتجاه الخاطئ وراء السعادة والنجاح؟‏ صحيح اننا نحتاج الى مقدار من الامن المادي،‏ ولكن هل نجاحنا في الحياة منوط بتكديس الثروات؟‏ تثبت الدراسات عكس ذلك.‏ على سبيل المثال،‏ اظهرت دراسة في الصين انه حين ارتفع معدل الدخل في الآونة الاخيرة بنسبة ٢٥٠ في المئة،‏ صار الناس اقل اكتفاء في الحياة.‏

      اذًا،‏ لا بد ان يقترن النجاح الحقيقي بأمر يفوق في اهميته المهن الدنيوية وثمن المنزل او السيارة او حتى ساعة اليد.‏ أليس من الأَولى ان يرتبط بما هو عليه الشخص ككل،‏ بما في ذلك مبادئه وقصده في الحياة؟‏ فقد يكون الشخص ذكيا ونافذا في المجتمع،‏ لكنه في الوقت نفسه عديم الاخلاق ويعيش حياة خالية من المحبة والاصدقاء الحقيقيين.‏ وقد يتمتع آخر بالشهرة والثروة،‏ ولكن حين يتأمل في حياته يتساءل:‏ ‹ما الجدوى من كل هذا؟‏ وما معنى حياتي؟‏›.‏

      من المنطقي اذًا ان تكون حياة الاشخاص الناجحين متمحورة حول امور اكثر اهمية،‏ كالعيش بموجب مبادئ سليمة توجّههم.‏ وهم يتمتعون بالتالي بسلام داخلي واحترام الذات ويكسبون احترام الآخرين.‏ كما ان لديهم هدفا في الحياة يسمو فوق اهتمامهم بأنفسهم،‏ قصدا يضفي معنى لوجودهم ويمنحهم شعورا بالاكتفاء.‏ ولكن قد يتساءل البعض:‏ ‹ما هي هذه المبادئ؟‏ وما هو هذا القصد؟‏›.‏ هل نستطيع ان نجد الجواب من تلقاء ذاتنا ام علينا اللجوء الى مصدر آخر؟‏ ستتناول المقالتان التاليتان هذه المسألة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٣]‏

      نظرة مشوّهة الى النجاح

      يقول الباحثون في حقل الطب ان عددا متزايدا من الرياضيين الشبان الذين يسعون الى التفوّق يتناولون عقاقير منشّطة يُحتمل ان تسبب لهم الاذى.‏ تذكر الرسالة الاخبارية آخر اخبار الثقافة (‏بالانكليزية)‏ على الانترنت:‏ «سُئل تلاميذ احدى الكليات في استطلاع أُجري مؤخرا:‏ ‹اذا كان تناول الإستروئيدات يؤهلك للفوز او الانضمام الى فريق رياضي،‏ فهل تتناولها حتى لو علمت انك ستُصاب بمرض ما خلال خمس سنوات؟‏›،‏ فردّت الغالبية الساحقة بالايجاب.‏ وحين سئلوا إن كانوا يتناولونها ‹حتى لو علموا انهم سيموتون بعد خمس سنوات›،‏ ظلّ ٦٥ في المئة منهم على رأيهم».‏

  • اين نجد ارشادا جديرا بالثقة؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٨ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏
    • اين نجد ارشادا جديرا بالثقة؟‏

      مَن يرسم لنا الطريق الى النجاح الحقيقي،‏ النجاح المرتبط بما هو عليه الشخص ككل لا بأمور الحياة الدنيوية؟‏ فكما ذُكر في المقالة السابقة،‏ لا بد ان يكون النجاح الحقيقي مقترنا على الاقل بمبادئ اخلاقية سليمة وهدف نبيل في الحياة،‏ امور لا تمت بأية صلة الى الشهرة والثروة والنفوذ.‏

      فأين نجد مبادئ سليمة وأجوبة شافية حول القصد من الحياة؟‏ هل يمكن ان نجدها من تلقاء انفسنا؟‏ لنفكر بطريقة واقعية.‏ فكبشر ناقصين،‏ من السهل ان نستسلم للرغبات الخاطئة التي تؤدي بنا الى اتّباع مسلك خاطئ.‏ (‏تكوين ٨:‏٢١‏)‏ لذا يلهث الملايين وراء تفاهات يدعوها الكتاب المقدس «شهوة الجسد وشهوة العيون والتباهي بالمعيشة».‏ (‏١ يوحنا ٢:‏١٦‏)‏ لكن هذه المساعي لا توصلهم الى طريق النجاح الحقيقي،‏ بل هي مظاهر خداعة تخيِّب الامل وتجلب الشقاء.‏ فلسبب وجيه اذًا يلتفت كثيرون الى الخالق بحثا عن اجوبة حول الاسئلة العميقة في الحياة.‏a

      هل ينبغي ان نلتفت الى اللّٰه؟‏

      لماذا من المنطقي ان نلتفت الى خالقنا؟‏ لأنه يعرف لماذا صنعنا وبالتالي ما يجب ان يكون قصدنا في الحياة.‏ كما انه يعلم كيف صنعنا،‏ اي ما هي تركيبتنا الجسدية والعقلية والعاطفية.‏ لذا فهو يعرف حق المعرفة المبادئ الفضلى التي يجب ان نسترشد بها.‏ علاوة على ذلك،‏ بما ان اللّٰه مجسّم المحبة فهو يريدنا ان نحقّق النجاح والسعادة الحقيقيين.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٨‏)‏ وأين نجد ارشاده الحبي؟‏ في الكتاب المقدس الذي اعدّه اللّٰه لنا مستخدما نحو ٤٠ كاتبا.‏b (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ ولكن كيف نتأكد ان الارشاد الوارد في هذا الكتاب جدير بالثقة؟‏

      ذكر يسوع المسيح،‏ ابرز ممثل للّٰه:‏ «الحكمة تتبرر بأعمالها»،‏ اي بنتائجها.‏ (‏متى ١١:‏١٩؛‏ يوحنا ٧:‏٢٩‏)‏ فالحكمة الالهية تقودنا الى طريق النجاح والسعادة الابدية،‏ اي الى «كل سبيل صالح»،‏ في حين توقعنا الحكمة البشرية التي تتجاهل طرق اللّٰه في الفشل والتعاسة.‏ —‏ امثال ٢:‏٨،‏ ٩؛‏ ارميا ٨:‏٩‏.‏

      تأمل مثلا في حركة الهپِّيين التي ظهرت على المسرح العالمي في ستينات القرن العشرين.‏ فكثيرون من الهپِّيين تمردوا على سلطة الجيل الاسبق والقيم المتعارَف عليها،‏ وروّجوا الكثير من العادات السيئة كتعاطي المخدِّرات والحرية الجنسية،‏ كما انهم شجعوا على العيش كل يوم بيومه.‏ ولكن هل عكست طريقة الحياة هذه الحكمة الحقيقية؟‏ هل منحت الناس قصدا حقيقيا في الحياة ومبادئ اخلاقية تبعث في النفوس السلام الداخلي والسعادة الدائمة؟‏ يشهد التاريخ انها لم تغيّر الناس نحو الافضل،‏ بل ساهمت في الانحطاط المتواصل في آداب المجتمع.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      بالتباين مع الفلسفات البشرية،‏ تخطّت حكمة الكتاب المقدس حدود الزمن.‏ (‏اشعيا ٤٠:‏٨‏)‏ وفيما تقرأ المقالة التالية،‏ ستدرك على الارجح صحة ذلك.‏ فهي تتناول ستة مبادئ من الكتاب المقدس ساعدت الملايين من كل الامم تقريبا ان يبلغوا السعادة والنجاح الحقيقيين بصرف النظر عن مستواهم الاجتماعي او المادي.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a انظر الاطار ‏«آراء تحطّ من قدر النجاح».‏

      b انظر عدد تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٠٠٧ الخاص من هذه المجلة الذي يعالج السؤال التالي:‏ «هل الكتاب المقدس جدير بثقتك؟‏».‏ فالمقالات في هذا العدد تقدّم ادلة اثرية وتاريخية وعلمية وغيرها من البراهين التي تثبت ان الكتاب المقدس هو حقا موحى به من اللّٰه.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      آراء تحطّ من قدر النجاح

      يؤكد كثيرون ان لا وجود للّٰه وأن الحياة نتاج عملية تطور مجردة من الذكاء.‏ ولكن لو ان وجهة النظر هذه صحيحة لَكانت الحياة وليدة سلسلة من الصدف الكيميائية والبيولوجية،‏ ولَكان بحث الانسان عن قصد في الحياة وعن مبادئ موحَّدة فارغا تماما وعديم الجدوى.‏

      ويعتقد آخرون ان اللّٰه خلقنا ثم تخلّى عنا،‏ ما يعني اننا يتامى روحيا وحياتنا تفتقر الى قصد حقيقي وقيم صائبة.‏ ولكن فكِّر في ما يلي:‏ لقد منح اللّٰه كل الحيوانات حكمة غريزية تمكّنها من اتمام دورها في الطبيعة،‏ وهذا ما جعل حكمة اللّٰه العميقة تتجلى في العالم حولنا.‏ فهل يمكن لهذا الخالق نفسه ان يصنعنا نحن البشر ثم يتخلّى عنا ويتركنا نتخبط وحدنا في الظلام؟‏ كلا على الاطلاق!‏ —‏ روما ١:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      فعلا،‏ ان الفلسفات الالحادية التي تروّج الآراء المذكورة اعلاه تشوّه المفهوم الحقيقي للنجاح.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥]‏

      حكمة الكتاب المقدس تتبرر بنتائجها الجيدة

  • النجاح في ست خطوات
    استيقظ!‏ ٢٠٠٨ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏
    • النجاح في ست خطوات

      يحرز المرء النجاح الحقيقي حين يتّبع الطريقة الفضلى في الحياة التي تقوم على تطبيق مقاييس اللّٰه وتنسجم مع القصد الذي رسمه لنا.‏ وكل مَن يعيش حياة كهذه يشبه،‏ بحسب الكتاب المقدس،‏ «شجرة مغروسة عند جداول المياه،‏ تعطي ثمرها في حينه وورقها لا يذبل،‏ وكل ما يفعله ينجح».‏ —‏ مزمور ١:‏٣‏.‏

      فرغم اننا ناقصون ونقترف الاخطاء،‏ بإمكاننا ان نحقّق نجاحا باهرا في حياتنا.‏ فهل ترغب في ذلك؟‏ اليك ستة مبادئ من الكتاب المقدس تساعدك على بلوغ هذا الهدف.‏ وهذه المبادئ تقدّم دليلا دامغا يثبت ان تعاليم الاسفار المقدسة تعكس فعلا الحكمة الالهية.‏ —‏ يعقوب ٣:‏١٧‏.‏

      ١ حافظ على نظرة متزنة الى المال

      ‏«محبة المال اصل لكل انواع الاذية،‏ وهي التي مال وراءها البعض .‏ .‏ .‏ وطعنوا انفسهم طعنا بأوجاع كثيرة».‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٠‏)‏ لاحظ ان المشكلة ليست في المال بحدّ ذاته الذي نحتاج اليه جميعا لنعتني بأنفسنا وبعائلاتنا،‏ بل في محبة المال.‏ وفي الحقيقة،‏ ان هذه المحبة تجعل من المال سيّدا للانسان او حتى إلها له.‏

      وكما ذكرت المقالة الاولى في هذه السلسلة،‏ فإن الذين يركضون بجشع وراء الغنى ظنّا منهم انه مفتاح النجاح هم في الحقيقة يسعون وراء سراب ليس إلا.‏ فهم لا يجلبون على انفسهم خيبات الامل فحسب،‏ بل يُبتلون ايضا بأوجاع كثيرة.‏ مثلا،‏ حين يتفرغ المرء لجمع المال غالبا ما تتقوض علاقته بعائلته وأصدقائه.‏ وقد يُحرم من النوم الهانئ إما بسبب انشغاله بالعمل او جراء القلق والهمّ.‏ تقول الجامعة ٥:‏١٢‏:‏ «نوم العامل حلو،‏ سواء أكل قليلا ام كثيرا.‏ ووفر الغني لا يدعه ينام».‏

      وليس المال سيدا قاسيا فحسب،‏ بل مخادع ايضا.‏ فقد تحدث يسوع المسيح عن «قوة الغنى الخادعة».‏ (‏مرقس ٤:‏١٩‏)‏ وبكلمات اخرى،‏ يخال المرء ان الغنى سيدخل السعادة الى قلبه،‏ لكن هذه الآمال ليست سوى وهم خادع.‏ فالغنى يخلق في المرء شهوة عارمة الى الحصول على المزيد والمزيد.‏ تقول الجامعة ٥:‏١٠‏:‏ «مَن يحب الثروة لا يشبع من دخل».‏

      باختصار،‏ ان محبة المال لها تأثير هدّام يؤدي في نهاية المطاف الى التثبط والاحباط،‏ او حتى الى ارتكاب الجرائم.‏ (‏امثال ٢٨:‏٢٠‏)‏ بالمقابل،‏ يرتبط تحقيق السعادة والنجاح ارتباطا وثيقا بالعطاء،‏ المسامحة،‏ الطهارة الادبية،‏ المحبة،‏ وسدّ الحاجات الروحية.‏

      ٢ كن محبا للعطاء

      ‏«السعادة في العطاء اكثر منها في الاخذ».‏ (‏اعمال ٢٠:‏٣٥‏)‏ صحيح ان العطاء بين الحين والآخر يمنحنا لحظات من الفرح،‏ لكن الاتصاف بالكرم يولّد فينا احساسا دائما بالسعادة.‏ ويمكن الاعراب عن الكرم بطرائق عديدة،‏ لكن افضلها هو العطاء من انفسنا.‏ وغالبا ما يحظى هذا النوع من العطاء بتقدير عميق.‏

      استنتج الباحث ستيڤن پوست بعد مراجعة عدة دراسات حول محبة الغير والسعادة والصحة ان الاعراب عن المحبة غير الانانية ومدّ يد العون للآخرين يطيلان العمر ويعزّزان الاحساس بالسعادة.‏ كما انهما يحسّنان الصحة الجسدية والعقلية،‏ ويساهمان بالتالي في تخفيف الشعور بالكآ‌بة.‏

      كما ان الذين يعربون عن الكرم حسب مواردهم لا يكابدون اية خسارة مادية.‏ فالامثال ١١:‏٢٥ تقول:‏ «النفس السخية تزداد ثراء،‏ والمروي يُروى ايضا».‏ (‏ترجمة تفسيرية‏)‏ انسجاما مع هذه الكلمات،‏ فإن محبي العطاء الذين لا يتوقعون شيئا بالمقابل يحظون بالمحبة والتقدير،‏ وخصوصا محبة وتقدير اللّٰه.‏ —‏ عبرانيين ١٣:‏١٦‏.‏

      ٣ كن متسامحا

      ‏«استمروا .‏ .‏ .‏ مسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد سبب للتشكي من آخر.‏ كما سامحكم يهوه،‏ هكذا افعلوا انتم ايضا».‏ (‏كولوسي ٣:‏١٣‏)‏ اصبحت المسامحة في ايامنا من العادات البالية،‏ فغالبية الناس يؤثِرون ردّ الصاع بالصاع عوض اظهار الرحمة.‏ والنتيجة ان الاهانة تجّر الاهانة والعنف يولّد المزيد من العنف.‏

      وفي كثير من الاحيان لا يقتصر الاذى على ذلك فحسب.‏ فقد ذكر تقرير نُشر في صحيفة ذا ڠازِت الصادرة في مونتريال بكندا (‏بالانكليزية)‏:‏ «أُجريت دراسة شملت اكثر من ٦٠٠‏,٤ شخص تتراوح اعمارهم بين ١٨ و ٣٠ سنة،‏ فوجد [الباحثون] انه كلما كان الشخص عدائيا وحقودا وكثير الامتعاض أُصيبت رئتاه بقصور في أداء وظائفها الطبيعية».‏ حتى ان الاذى الذي يلحق برئتيه قد يكون اكبر منه لدى المدخنين!‏ حقا،‏ لا يجعل التسامح علاقتنا بالآخرين اكثر سلاسة فحسب،‏ بل هو ايضا دواء ناجع.‏

      ولكن كيف تغدو اكثر تسامحا؟‏ في البداية،‏ افحص نفسك بصدق.‏ ألا تسيء الى الآخرين احيانا؟‏ ألا تقدّر مسامحتهم لك؟‏ فلمَ لا تغفر لهم على الدوام معربا بذلك عن الرحمة؟‏ (‏متى ١٨:‏٢١-‏٣٥‏)‏ ومن المهم ايضا ان تنمّي صفة ضبط النفس.‏ حاول ان «تعدّ الى العشرة»،‏ اي ان تتريث قليلا حتى تتمالك نفسك.‏ واعتبر ضبط النفس علامة قوة لا ضعف.‏ تقول الامثال ١٦:‏٣٢‏:‏ «البطيء الغضب خير من الجبار».‏ أفلا تعتقد ان كون المرء ‹خيرا من الجبار› هو سمة من سمات النجاح؟‏

      ٤ عِش بموجب مقاييس اللّٰه

      ‏«وصية يهوه طاهرة تنير العينين».‏ (‏مزمور ١٩:‏٨‏)‏ تُظهر هذه الآية ان مقاييس اللّٰه تؤول الى خيرنا الجسدي والعقلي والعاطفي.‏ فهي تحمينا مثلا من عادات سيئة كتعاطي المخدِّرات والسكر والفساد الادبي ومشاهدة الفن الاباحي.‏ (‏٢ كورنثوس ٧:‏١؛‏ كولوسي ٣:‏٥‏)‏ فهذه العادات قد تدفع المرء الى ارتكاب الجرائم وتوقعه في مشاكل كثيرة كالفقر،‏ المرض،‏ الاضطرابات العقلية والعاطفية،‏ فقدان الثقة،‏ تمزُّق العائلات،‏ حتى الموت المبكر.‏

      بالمقابل،‏ ينعم الذين يعيشون بموجب مقاييس اللّٰه بعلاقات جيدة ومستقرة مع الآخرين،‏ ويشعرون بسلام داخلي واحترام ذاتي.‏ فاللّٰه يقول عن نفسه في اشعيا ٤٨:‏١٧،‏ ١٨‏:‏ «انا يهوه الهك،‏ معلمك لتنتفع،‏ وأمشيك في الطريق الذي يجب ان تسلك فيه».‏ ويضيف قائلا:‏ «ليتك تصغي الى وصاياي،‏ فيكون سلامك كالنهر،‏ وبرّك كأمواج البحر».‏ نعم،‏ يعرف خالقنا مصلحتنا جيدا وهو يرغب ان ‹يمشّينا في طريق› النجاح الحقيقي.‏

      ٥ أعرب عن المحبة غير الانانية

      ‏«المحبة تبني».‏ (‏١ كورنثوس ٨:‏١‏)‏ تخيل عالما لا يعرف المحبة.‏ لا شك ان حياتك فيه ستكون فارغة وتعيسة!‏ كتب الرسول المسيحي بولس بوحي من اللّٰه:‏ ‹إن لم تكن لي محبة [للآخرين] فلست شيئا ولا استفيد اي شيء›.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٣:‏٢،‏ ٣‏.‏

      لا يتحدث الرسول بولس هنا عن المحبة القائمة على الانجذاب الجنسي التي لها اهميتها بالطبع،‏ بل عن محبة أمتن وأشمل لا تبلى مع الزمن،‏ محبة توجّهها المبادئ الالهية.‏a (‏متى ٢٢:‏٣٧-‏٣٩‏)‏ وهذه المحبة ليست سلبية بل ايجابية،‏ اي ان الشخص الذي يتحلى بها لا يقف مكتوف اليدين منتظرا ان يظهرها له الآخرون،‏ بل يبادر الى الاعراب عنها.‏ وقد اردف بولس قائلا ان هذه المحبة صبورة ولطيفة،‏ لا تغار ولا تتباهى ولا تتكبر.‏ كما انها تهتم دون انانية بخير الآخرين،‏ ولا تستاء بسرعة بل تسامح عن طيب خاطر.‏ أضِف الى ذلك ان هذه المحبة بناءة،‏ وهي تساهم في علاقات ناجحة مع الآخرين،‏ ولا سيما افراد العائلة.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٣:‏٤-‏٨‏.‏

      وتتطلب المحبة من الوالدين ان يظهروا مودة حارة لأولادهم ويرسموا لهم قواعد ادبية وسلوكية واضحة تستند على الكتاب المقدس.‏ وحين يترعرع الاولاد في جوّ كهذا،‏ ينتابهم احساس بالامن والاستقرار العائلي ويشعرون بعمق محبة وتقدير والديهم.‏ —‏ افسس ٥:‏٣٣–‏٦:‏٤؛‏ كولوسي ٣:‏٢٠‏.‏

      خذ على سبيل المثال شابا في الولايات المتحدة يُدعى جاك نشأ في عائلة يطبّق افرادها مبادئ الكتاب المقدس.‏ فبعدما غادر جاك منزل عائلته،‏ كتب رسالة الى والديه ذكر فيها:‏ «لطالما سعيت بجدّ الى تطبيق الوصية [الواردة في الكتاب المقدس]:‏ ‹أكرم أباك وأمك .‏ .‏ .‏ لكي يحالفك التوفيق›.‏ (‏تثنية ٥:‏١٦‏)‏ وها انا اليوم احيا حياة ناجحة وأدرك اكثر من اي وقت مضى ان كل ذلك ثمرة جهودكما الحبية والمخلصة.‏ اشكركما على دعمكما لي وعلى جهودكما الشاقة في تربيتي».‏ فإذا كنت والدا،‏ فأية احاسيس تنتابك في حال تلقيت رسالة كهذه؟‏ أفلن يرقص قلبك فرحا؟‏

      ومن ميزات المحبة المؤسسة على مبدإ انها «تفرح بالحق»،‏ الحق الالهي المسطّر في الكتاب المقدس.‏ ‏(‏١ كورنثوس ١٣:‏٦؛‏ يوحنا ١٧:‏١٧‏)‏ على سبيل المثال،‏ يقرّر زوجان تعصف المشاكل بزواجهما ان يقرآ معا كلمات يسوع في مرقس ١٠:‏٩‏:‏ «ما جمعه اللّٰه في نير واحد [نير الزواج] فلا يفرقه انسان».‏ فيتفحصان حالتهما القلبية ويتساءلان:‏ هل ‹يفرحان فعلا بحق الكتاب المقدس؟‏›،‏ هل ينظران الى الزواج من منظار اللّٰه باعتباره رباطا مقدسا؟‏،‏ هل هما مستعدّان ان يبذلا الجهد لحلّ مشاكلهما بروح المحبة؟‏ اذا فعلا ذلك،‏ ينعمان بزواج ناجح ويفرحان بثمرة جهودهما.‏

      ٦ ادرك حاجتك الروحية

      ‏«سعداء هم الذين يدركون حاجتهم الروحية».‏ (‏متى ٥:‏٣‏)‏ بخلاف الحيوانات،‏ يستطيع البشر استيعاب الامور الروحية وتقديرها.‏ لذلك تتبادر الى ذهنهم اسئلة مثل:‏ ما القصد من الحياة؟‏ هل يوجد خالق؟‏ ماذا يحدث لنا عندما نموت؟‏ وماذا يحمل المستقبل في طياته؟‏

      وجد ملايين الاشخاص المخلصين حول العالم اجوبة عن هذه الاسئلة في الكتاب المقدس.‏ فالسؤال الاخير مثلا مرتبط بقصد اللّٰه للبشر.‏ وما هو هذا القصد؟‏ ان تتحوَّل الارض الى فردوس يقطن فيه مدى الدهر اشخاص يحبون اللّٰه ومقاييسه.‏ يقول المزمور ٣٧:‏٢٩‏:‏ «الابرار يرثون الارض،‏ ويسكنونها الى الابد».‏

      فمن الواضح ان خالقنا لا يريدنا ان نعيش حياة ناجحة ٧٠ او ٨٠ سنة فقط،‏ بل الى الابد!‏ لذا الآن هو الوقت لتتعلم عن الخالق.‏ فقد ذكر يسوع:‏ «هذا يعني الحياة الابدية:‏ ان يستمروا في نيل المعرفة عنك،‏ انت الاله الحق الوحيد،‏ وعن الذي ارسلته،‏ يسوع المسيح».‏ (‏يوحنا ١٧:‏٣‏)‏ وفيما تكتسب هذه المعرفة وتطبّقها في حياتك،‏ ستلمس لمس اليد ان «بركة يهوه هي تغني،‏ وهو لا يزيد معها عناء».‏ —‏ امثال ١٠:‏٢٢‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a عندما ترد كلمة «محبة» في الاسفار اليونانية المسيحية،‏ او «العهد الجديد»،‏ تكون في معظم الاحيان ترجمة للكلمة اليونانية أَغاپِه.‏ و أَغاپِه هي محبة ادبية يتعمّد المرء ان يعرب عنها بناء على مبدإ او واجب او من باب اللياقة.‏ لكنها ليست مجردة من العواطف بل يمكن ان تكون حارة وشديدة.‏ —‏ ١ بطرس ١:‏٢٢‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      وصفات اخرى تعزّز النجاح

      ◼ نمِّ خوفا سليما من اللّٰه.‏ «مخافة يهوه بداية الحكمة».‏ —‏ امثال ٩:‏١٠‏.‏

      ◼ انتقِ اصدقاءك بحكمة.‏ «السائر مع الحكماء يصير حكيما،‏ ومعاشر الاغبياء يُضرّ».‏ —‏ امثال ١٣:‏٢٠‏.‏

      ◼ تجنب الافراط في الاكل والشرب.‏ «السكير والشره يفتقران».‏ —‏ امثال ٢٣:‏٢١‏.‏

      ◼ لا تثأر لنفسك.‏ «لا تبادلوا احدا سوءا بسوء».‏ —‏ روما ١٢:‏١٧‏.‏

      ◼ اعمل باجتهاد.‏ «إن كان احد لا يريد ان يعمل،‏ فلا يأكل».‏ —‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏١٠‏.‏

      ◼ طبّق القاعدة الذهبية.‏ «كل ما تريدون ان يفعل الناس بكم،‏ افعلوا هكذا انتم ايضا بهم».‏ —‏ متى ٧:‏١٢‏.‏

      ◼ اضبط لسانك.‏ «من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة،‏ فليردع لسانه عما هو رديء».‏ —‏ ١ بطرس ٣:‏١٠‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨]‏

      المحبة دواء ناجع

      كتب الطبيب والمؤلف دِين اورنش:‏ «المحبة والالفة هما الداء والدواء،‏ مصدر الحزن والسعادة،‏ وسبب الالم والشفاء.‏ وإذا اكتُشِف عقار جديد له التأثير نفسه،‏ فسيصفه كل اطباء البلد لمرضاهم،‏ وإلا فسيُعتبَر ذلك سوء سلوك مهني».‏

      ‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحة ٩]‏

      من اليأس الى النجاح

      عندما اندلعت الحرب في دول البلقان،‏ التحق ميلانكو بالجيش.‏ وبسبب بطولاته الحربية أُطلق عليه اللقب «رامبو»،‏ على اسم احد ابطال الافلام العنيفة.‏ ولكن مع الوقت أُصيب بخيبة امل جراء الرياء والفساد المتفشيين في الجيش.‏ كتب قائلا:‏ «دفعني ذلك الى ارتكاب شتّى الرذائل مثل الادمان على الكحول،‏ التدخين،‏ تعاطي المخدِّرات،‏ المقامرة،‏ والاختلاط الجنسي.‏ لقد كنت عالقا في دوامة تشدّني الى الاسفل دون اي امل بالخروج منها».‏

      وفي تلك المرحلة الحرجة من حياته،‏ بدأ ميلانكو يقرأ الكتاب المقدس.‏ وذات يوم فيما كان يزور احد اقاربه،‏ وقع نظره على احدى مجلات برج المراقبة التي يصدرها شهود يهوه.‏ فأُعجب بالمعلومات التي قرأها وسرعان ما بدأ يدرس الكتاب المقدس مع الشهود.‏ فأرشده الحق الذي تعلّمه الى سبيل السعادة والنجاح الحقيقي.‏ يذكر ميلانكو:‏ «لقد أمدّني ذلك بالقوة،‏ فأقلعت عن كل عاداتي السيئة ولبست شخصية جديدة ثم اعتمدت كشاهد ليهوه.‏ وبسبب ما اتحلّى به الآن من وداعة ولطف،‏ ما عاد معارفي السابقون يدعونني ‹رامبو›،‏ بل باسم تحببي أُطلق عليّ في طفولتي».‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة