-
حين لا يكون النجاح حقيقيااستيقظ! ٢٠٠٨ | تشرين الثاني (نوفمبر)
-
-
حين لا يكون النجاح حقيقيا
في اوائل عشريناتها، لمع اسمها في عالم الغناء وتنعّمت بثروة كبيرة، انجاز عظيم لا تحقّقه في هذه السن الباكرة سوى قلة قليلة من الناس. لكن المشاكل بدأت تعترض سبيلها. فبعد فشل زواجها مرتين، اضطرت ان تخضع لعلاج في مراكز إعادة تأهيل المدمنين على الكحول والمخدِّرات. حقا، لقد انقلبت حياتها رأسا على عقب!
من المؤسف ان قصة هذه المرأة تتكرر يوما بعد يوم، فأخبار المشاهير المأساوية غالبا ما تتصدر العناوين في وسائل الاعلام. حتى في عالم المال والاعمال الاكثر تحفظا، تنغّص المشاكل في كثير من الاحيان حياة الذين يبدون ناجحين في هذا المجال. ذكر تقرير في احدى الصحف حول حياة ابرز شخصيات المال في مدينة نيويورك: «ان الاصرار على تحقيق ارباح طائلة يحطّم الحياة المهنية، يمزّق العائلات، ويؤمّن زبائن كُثُر لتجار المخدِّرات . . . وفي حين تمنح العلاوات الهائلة المسؤولين في مصارف وول ستريت شعورا بالحصانة المادية، ينسحق آخرون عاطفيا من جراء الضغط الكبير عليهم وتنحطّ معنويات البعض الى الحضيض».
فهل يمكن ان تكون هذه المشاكل ناجمة عن السعي في الاتجاه الخاطئ وراء السعادة والنجاح؟ صحيح اننا نحتاج الى مقدار من الامن المادي، ولكن هل نجاحنا في الحياة منوط بتكديس الثروات؟ تثبت الدراسات عكس ذلك. على سبيل المثال، اظهرت دراسة في الصين انه حين ارتفع معدل الدخل في الآونة الاخيرة بنسبة ٢٥٠ في المئة، صار الناس اقل اكتفاء في الحياة.
اذًا، لا بد ان يقترن النجاح الحقيقي بأمر يفوق في اهميته المهن الدنيوية وثمن المنزل او السيارة او حتى ساعة اليد. أليس من الأَولى ان يرتبط بما هو عليه الشخص ككل، بما في ذلك مبادئه وقصده في الحياة؟ فقد يكون الشخص ذكيا ونافذا في المجتمع، لكنه في الوقت نفسه عديم الاخلاق ويعيش حياة خالية من المحبة والاصدقاء الحقيقيين. وقد يتمتع آخر بالشهرة والثروة، ولكن حين يتأمل في حياته يتساءل: ‹ما الجدوى من كل هذا؟ وما معنى حياتي؟›.
من المنطقي اذًا ان تكون حياة الاشخاص الناجحين متمحورة حول امور اكثر اهمية، كالعيش بموجب مبادئ سليمة توجّههم. وهم يتمتعون بالتالي بسلام داخلي واحترام الذات ويكسبون احترام الآخرين. كما ان لديهم هدفا في الحياة يسمو فوق اهتمامهم بأنفسهم، قصدا يضفي معنى لوجودهم ويمنحهم شعورا بالاكتفاء. ولكن قد يتساءل البعض: ‹ما هي هذه المبادئ؟ وما هو هذا القصد؟›. هل نستطيع ان نجد الجواب من تلقاء ذاتنا ام علينا اللجوء الى مصدر آخر؟ ستتناول المقالتان التاليتان هذه المسألة.
[الاطار في الصفحة ٣]
نظرة مشوّهة الى النجاح
يقول الباحثون في حقل الطب ان عددا متزايدا من الرياضيين الشبان الذين يسعون الى التفوّق يتناولون عقاقير منشّطة يُحتمل ان تسبب لهم الاذى. تذكر الرسالة الاخبارية آخر اخبار الثقافة (بالانكليزية) على الانترنت: «سُئل تلاميذ احدى الكليات في استطلاع أُجري مؤخرا: ‹اذا كان تناول الإستروئيدات يؤهلك للفوز او الانضمام الى فريق رياضي، فهل تتناولها حتى لو علمت انك ستُصاب بمرض ما خلال خمس سنوات؟›، فردّت الغالبية الساحقة بالايجاب. وحين سئلوا إن كانوا يتناولونها ‹حتى لو علموا انهم سيموتون بعد خمس سنوات›، ظلّ ٦٥ في المئة منهم على رأيهم».
-
-
اين نجد ارشادا جديرا بالثقة؟استيقظ! ٢٠٠٨ | تشرين الثاني (نوفمبر)
-
-
اين نجد ارشادا جديرا بالثقة؟
مَن يرسم لنا الطريق الى النجاح الحقيقي، النجاح المرتبط بما هو عليه الشخص ككل لا بأمور الحياة الدنيوية؟ فكما ذُكر في المقالة السابقة، لا بد ان يكون النجاح الحقيقي مقترنا على الاقل بمبادئ اخلاقية سليمة وهدف نبيل في الحياة، امور لا تمت بأية صلة الى الشهرة والثروة والنفوذ.
فأين نجد مبادئ سليمة وأجوبة شافية حول القصد من الحياة؟ هل يمكن ان نجدها من تلقاء انفسنا؟ لنفكر بطريقة واقعية. فكبشر ناقصين، من السهل ان نستسلم للرغبات الخاطئة التي تؤدي بنا الى اتّباع مسلك خاطئ. (تكوين ٨:٢١) لذا يلهث الملايين وراء تفاهات يدعوها الكتاب المقدس «شهوة الجسد وشهوة العيون والتباهي بالمعيشة». (١ يوحنا ٢:١٦) لكن هذه المساعي لا توصلهم الى طريق النجاح الحقيقي، بل هي مظاهر خداعة تخيِّب الامل وتجلب الشقاء. فلسبب وجيه اذًا يلتفت كثيرون الى الخالق بحثا عن اجوبة حول الاسئلة العميقة في الحياة.a
هل ينبغي ان نلتفت الى اللّٰه؟
لماذا من المنطقي ان نلتفت الى خالقنا؟ لأنه يعرف لماذا صنعنا وبالتالي ما يجب ان يكون قصدنا في الحياة. كما انه يعلم كيف صنعنا، اي ما هي تركيبتنا الجسدية والعقلية والعاطفية. لذا فهو يعرف حق المعرفة المبادئ الفضلى التي يجب ان نسترشد بها. علاوة على ذلك، بما ان اللّٰه مجسّم المحبة فهو يريدنا ان نحقّق النجاح والسعادة الحقيقيين. (١ يوحنا ٤:٨) وأين نجد ارشاده الحبي؟ في الكتاب المقدس الذي اعدّه اللّٰه لنا مستخدما نحو ٤٠ كاتبا.b (٢ تيموثاوس ٣:١٦، ١٧) ولكن كيف نتأكد ان الارشاد الوارد في هذا الكتاب جدير بالثقة؟
ذكر يسوع المسيح، ابرز ممثل للّٰه: «الحكمة تتبرر بأعمالها»، اي بنتائجها. (متى ١١:١٩؛ يوحنا ٧:٢٩) فالحكمة الالهية تقودنا الى طريق النجاح والسعادة الابدية، اي الى «كل سبيل صالح»، في حين توقعنا الحكمة البشرية التي تتجاهل طرق اللّٰه في الفشل والتعاسة. — امثال ٢:٨، ٩؛ ارميا ٨:٩.
تأمل مثلا في حركة الهپِّيين التي ظهرت على المسرح العالمي في ستينات القرن العشرين. فكثيرون من الهپِّيين تمردوا على سلطة الجيل الاسبق والقيم المتعارَف عليها، وروّجوا الكثير من العادات السيئة كتعاطي المخدِّرات والحرية الجنسية، كما انهم شجعوا على العيش كل يوم بيومه. ولكن هل عكست طريقة الحياة هذه الحكمة الحقيقية؟ هل منحت الناس قصدا حقيقيا في الحياة ومبادئ اخلاقية تبعث في النفوس السلام الداخلي والسعادة الدائمة؟ يشهد التاريخ انها لم تغيّر الناس نحو الافضل، بل ساهمت في الانحطاط المتواصل في آداب المجتمع. — ٢ تيموثاوس ٣:١-٥.
بالتباين مع الفلسفات البشرية، تخطّت حكمة الكتاب المقدس حدود الزمن. (اشعيا ٤٠:٨) وفيما تقرأ المقالة التالية، ستدرك على الارجح صحة ذلك. فهي تتناول ستة مبادئ من الكتاب المقدس ساعدت الملايين من كل الامم تقريبا ان يبلغوا السعادة والنجاح الحقيقيين بصرف النظر عن مستواهم الاجتماعي او المادي.
[الحاشيتان]
a انظر الاطار «آراء تحطّ من قدر النجاح».
b انظر عدد تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧ الخاص من هذه المجلة الذي يعالج السؤال التالي: «هل الكتاب المقدس جدير بثقتك؟». فالمقالات في هذا العدد تقدّم ادلة اثرية وتاريخية وعلمية وغيرها من البراهين التي تثبت ان الكتاب المقدس هو حقا موحى به من اللّٰه.
[الاطار في الصفحة ٥]
آراء تحطّ من قدر النجاح
يؤكد كثيرون ان لا وجود للّٰه وأن الحياة نتاج عملية تطور مجردة من الذكاء. ولكن لو ان وجهة النظر هذه صحيحة لَكانت الحياة وليدة سلسلة من الصدف الكيميائية والبيولوجية، ولَكان بحث الانسان عن قصد في الحياة وعن مبادئ موحَّدة فارغا تماما وعديم الجدوى.
ويعتقد آخرون ان اللّٰه خلقنا ثم تخلّى عنا، ما يعني اننا يتامى روحيا وحياتنا تفتقر الى قصد حقيقي وقيم صائبة. ولكن فكِّر في ما يلي: لقد منح اللّٰه كل الحيوانات حكمة غريزية تمكّنها من اتمام دورها في الطبيعة، وهذا ما جعل حكمة اللّٰه العميقة تتجلى في العالم حولنا. فهل يمكن لهذا الخالق نفسه ان يصنعنا نحن البشر ثم يتخلّى عنا ويتركنا نتخبط وحدنا في الظلام؟ كلا على الاطلاق! — روما ١:١٩، ٢٠.
فعلا، ان الفلسفات الالحادية التي تروّج الآراء المذكورة اعلاه تشوّه المفهوم الحقيقي للنجاح.
[الصورة في الصفحة ٥]
حكمة الكتاب المقدس تتبرر بنتائجها الجيدة
-
-
النجاح في ست خطواتاستيقظ! ٢٠٠٨ | تشرين الثاني (نوفمبر)
-
-
النجاح في ست خطوات
يحرز المرء النجاح الحقيقي حين يتّبع الطريقة الفضلى في الحياة التي تقوم على تطبيق مقاييس اللّٰه وتنسجم مع القصد الذي رسمه لنا. وكل مَن يعيش حياة كهذه يشبه، بحسب الكتاب المقدس، «شجرة مغروسة عند جداول المياه، تعطي ثمرها في حينه وورقها لا يذبل، وكل ما يفعله ينجح». — مزمور ١:٣.
فرغم اننا ناقصون ونقترف الاخطاء، بإمكاننا ان نحقّق نجاحا باهرا في حياتنا. فهل ترغب في ذلك؟ اليك ستة مبادئ من الكتاب المقدس تساعدك على بلوغ هذا الهدف. وهذه المبادئ تقدّم دليلا دامغا يثبت ان تعاليم الاسفار المقدسة تعكس فعلا الحكمة الالهية. — يعقوب ٣:١٧.
١ حافظ على نظرة متزنة الى المال
«محبة المال اصل لكل انواع الاذية، وهي التي مال وراءها البعض . . . وطعنوا انفسهم طعنا بأوجاع كثيرة». (١ تيموثاوس ٦:١٠) لاحظ ان المشكلة ليست في المال بحدّ ذاته الذي نحتاج اليه جميعا لنعتني بأنفسنا وبعائلاتنا، بل في محبة المال. وفي الحقيقة، ان هذه المحبة تجعل من المال سيّدا للانسان او حتى إلها له.
وكما ذكرت المقالة الاولى في هذه السلسلة، فإن الذين يركضون بجشع وراء الغنى ظنّا منهم انه مفتاح النجاح هم في الحقيقة يسعون وراء سراب ليس إلا. فهم لا يجلبون على انفسهم خيبات الامل فحسب، بل يُبتلون ايضا بأوجاع كثيرة. مثلا، حين يتفرغ المرء لجمع المال غالبا ما تتقوض علاقته بعائلته وأصدقائه. وقد يُحرم من النوم الهانئ إما بسبب انشغاله بالعمل او جراء القلق والهمّ. تقول الجامعة ٥:١٢: «نوم العامل حلو، سواء أكل قليلا ام كثيرا. ووفر الغني لا يدعه ينام».
وليس المال سيدا قاسيا فحسب، بل مخادع ايضا. فقد تحدث يسوع المسيح عن «قوة الغنى الخادعة». (مرقس ٤:١٩) وبكلمات اخرى، يخال المرء ان الغنى سيدخل السعادة الى قلبه، لكن هذه الآمال ليست سوى وهم خادع. فالغنى يخلق في المرء شهوة عارمة الى الحصول على المزيد والمزيد. تقول الجامعة ٥:١٠: «مَن يحب الثروة لا يشبع من دخل».
باختصار، ان محبة المال لها تأثير هدّام يؤدي في نهاية المطاف الى التثبط والاحباط، او حتى الى ارتكاب الجرائم. (امثال ٢٨:٢٠) بالمقابل، يرتبط تحقيق السعادة والنجاح ارتباطا وثيقا بالعطاء، المسامحة، الطهارة الادبية، المحبة، وسدّ الحاجات الروحية.
٢ كن محبا للعطاء
«السعادة في العطاء اكثر منها في الاخذ». (اعمال ٢٠:٣٥) صحيح ان العطاء بين الحين والآخر يمنحنا لحظات من الفرح، لكن الاتصاف بالكرم يولّد فينا احساسا دائما بالسعادة. ويمكن الاعراب عن الكرم بطرائق عديدة، لكن افضلها هو العطاء من انفسنا. وغالبا ما يحظى هذا النوع من العطاء بتقدير عميق.
استنتج الباحث ستيڤن پوست بعد مراجعة عدة دراسات حول محبة الغير والسعادة والصحة ان الاعراب عن المحبة غير الانانية ومدّ يد العون للآخرين يطيلان العمر ويعزّزان الاحساس بالسعادة. كما انهما يحسّنان الصحة الجسدية والعقلية، ويساهمان بالتالي في تخفيف الشعور بالكآبة.
كما ان الذين يعربون عن الكرم حسب مواردهم لا يكابدون اية خسارة مادية. فالامثال ١١:٢٥ تقول: «النفس السخية تزداد ثراء، والمروي يُروى ايضا». (ترجمة تفسيرية) انسجاما مع هذه الكلمات، فإن محبي العطاء الذين لا يتوقعون شيئا بالمقابل يحظون بالمحبة والتقدير، وخصوصا محبة وتقدير اللّٰه. — عبرانيين ١٣:١٦.
٣ كن متسامحا
«استمروا . . . مسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد سبب للتشكي من آخر. كما سامحكم يهوه، هكذا افعلوا انتم ايضا». (كولوسي ٣:١٣) اصبحت المسامحة في ايامنا من العادات البالية، فغالبية الناس يؤثِرون ردّ الصاع بالصاع عوض اظهار الرحمة. والنتيجة ان الاهانة تجّر الاهانة والعنف يولّد المزيد من العنف.
وفي كثير من الاحيان لا يقتصر الاذى على ذلك فحسب. فقد ذكر تقرير نُشر في صحيفة ذا ڠازِت الصادرة في مونتريال بكندا (بالانكليزية): «أُجريت دراسة شملت اكثر من ٦٠٠,٤ شخص تتراوح اعمارهم بين ١٨ و ٣٠ سنة، فوجد [الباحثون] انه كلما كان الشخص عدائيا وحقودا وكثير الامتعاض أُصيبت رئتاه بقصور في أداء وظائفها الطبيعية». حتى ان الاذى الذي يلحق برئتيه قد يكون اكبر منه لدى المدخنين! حقا، لا يجعل التسامح علاقتنا بالآخرين اكثر سلاسة فحسب، بل هو ايضا دواء ناجع.
ولكن كيف تغدو اكثر تسامحا؟ في البداية، افحص نفسك بصدق. ألا تسيء الى الآخرين احيانا؟ ألا تقدّر مسامحتهم لك؟ فلمَ لا تغفر لهم على الدوام معربا بذلك عن الرحمة؟ (متى ١٨:٢١-٣٥) ومن المهم ايضا ان تنمّي صفة ضبط النفس. حاول ان «تعدّ الى العشرة»، اي ان تتريث قليلا حتى تتمالك نفسك. واعتبر ضبط النفس علامة قوة لا ضعف. تقول الامثال ١٦:٣٢: «البطيء الغضب خير من الجبار». أفلا تعتقد ان كون المرء ‹خيرا من الجبار› هو سمة من سمات النجاح؟
٤ عِش بموجب مقاييس اللّٰه
«وصية يهوه طاهرة تنير العينين». (مزمور ١٩:٨) تُظهر هذه الآية ان مقاييس اللّٰه تؤول الى خيرنا الجسدي والعقلي والعاطفي. فهي تحمينا مثلا من عادات سيئة كتعاطي المخدِّرات والسكر والفساد الادبي ومشاهدة الفن الاباحي. (٢ كورنثوس ٧:١؛ كولوسي ٣:٥) فهذه العادات قد تدفع المرء الى ارتكاب الجرائم وتوقعه في مشاكل كثيرة كالفقر، المرض، الاضطرابات العقلية والعاطفية، فقدان الثقة، تمزُّق العائلات، حتى الموت المبكر.
بالمقابل، ينعم الذين يعيشون بموجب مقاييس اللّٰه بعلاقات جيدة ومستقرة مع الآخرين، ويشعرون بسلام داخلي واحترام ذاتي. فاللّٰه يقول عن نفسه في اشعيا ٤٨:١٧، ١٨: «انا يهوه الهك، معلمك لتنتفع، وأمشيك في الطريق الذي يجب ان تسلك فيه». ويضيف قائلا: «ليتك تصغي الى وصاياي، فيكون سلامك كالنهر، وبرّك كأمواج البحر». نعم، يعرف خالقنا مصلحتنا جيدا وهو يرغب ان ‹يمشّينا في طريق› النجاح الحقيقي.
٥ أعرب عن المحبة غير الانانية
«المحبة تبني». (١ كورنثوس ٨:١) تخيل عالما لا يعرف المحبة. لا شك ان حياتك فيه ستكون فارغة وتعيسة! كتب الرسول المسيحي بولس بوحي من اللّٰه: ‹إن لم تكن لي محبة [للآخرين] فلست شيئا ولا استفيد اي شيء›. — ١ كورنثوس ١٣:٢، ٣.
لا يتحدث الرسول بولس هنا عن المحبة القائمة على الانجذاب الجنسي التي لها اهميتها بالطبع، بل عن محبة أمتن وأشمل لا تبلى مع الزمن، محبة توجّهها المبادئ الالهية.a (متى ٢٢:٣٧-٣٩) وهذه المحبة ليست سلبية بل ايجابية، اي ان الشخص الذي يتحلى بها لا يقف مكتوف اليدين منتظرا ان يظهرها له الآخرون، بل يبادر الى الاعراب عنها. وقد اردف بولس قائلا ان هذه المحبة صبورة ولطيفة، لا تغار ولا تتباهى ولا تتكبر. كما انها تهتم دون انانية بخير الآخرين، ولا تستاء بسرعة بل تسامح عن طيب خاطر. أضِف الى ذلك ان هذه المحبة بناءة، وهي تساهم في علاقات ناجحة مع الآخرين، ولا سيما افراد العائلة. — ١ كورنثوس ١٣:٤-٨.
وتتطلب المحبة من الوالدين ان يظهروا مودة حارة لأولادهم ويرسموا لهم قواعد ادبية وسلوكية واضحة تستند على الكتاب المقدس. وحين يترعرع الاولاد في جوّ كهذا، ينتابهم احساس بالامن والاستقرار العائلي ويشعرون بعمق محبة وتقدير والديهم. — افسس ٥:٣٣–٦:٤؛ كولوسي ٣:٢٠.
خذ على سبيل المثال شابا في الولايات المتحدة يُدعى جاك نشأ في عائلة يطبّق افرادها مبادئ الكتاب المقدس. فبعدما غادر جاك منزل عائلته، كتب رسالة الى والديه ذكر فيها: «لطالما سعيت بجدّ الى تطبيق الوصية [الواردة في الكتاب المقدس]: ‹أكرم أباك وأمك . . . لكي يحالفك التوفيق›. (تثنية ٥:١٦) وها انا اليوم احيا حياة ناجحة وأدرك اكثر من اي وقت مضى ان كل ذلك ثمرة جهودكما الحبية والمخلصة. اشكركما على دعمكما لي وعلى جهودكما الشاقة في تربيتي». فإذا كنت والدا، فأية احاسيس تنتابك في حال تلقيت رسالة كهذه؟ أفلن يرقص قلبك فرحا؟
ومن ميزات المحبة المؤسسة على مبدإ انها «تفرح بالحق»، الحق الالهي المسطّر في الكتاب المقدس. (١ كورنثوس ١٣:٦؛ يوحنا ١٧:١٧) على سبيل المثال، يقرّر زوجان تعصف المشاكل بزواجهما ان يقرآ معا كلمات يسوع في مرقس ١٠:٩: «ما جمعه اللّٰه في نير واحد [نير الزواج] فلا يفرقه انسان». فيتفحصان حالتهما القلبية ويتساءلان: هل ‹يفرحان فعلا بحق الكتاب المقدس؟›، هل ينظران الى الزواج من منظار اللّٰه باعتباره رباطا مقدسا؟، هل هما مستعدّان ان يبذلا الجهد لحلّ مشاكلهما بروح المحبة؟ اذا فعلا ذلك، ينعمان بزواج ناجح ويفرحان بثمرة جهودهما.
٦ ادرك حاجتك الروحية
«سعداء هم الذين يدركون حاجتهم الروحية». (متى ٥:٣) بخلاف الحيوانات، يستطيع البشر استيعاب الامور الروحية وتقديرها. لذلك تتبادر الى ذهنهم اسئلة مثل: ما القصد من الحياة؟ هل يوجد خالق؟ ماذا يحدث لنا عندما نموت؟ وماذا يحمل المستقبل في طياته؟
وجد ملايين الاشخاص المخلصين حول العالم اجوبة عن هذه الاسئلة في الكتاب المقدس. فالسؤال الاخير مثلا مرتبط بقصد اللّٰه للبشر. وما هو هذا القصد؟ ان تتحوَّل الارض الى فردوس يقطن فيه مدى الدهر اشخاص يحبون اللّٰه ومقاييسه. يقول المزمور ٣٧:٢٩: «الابرار يرثون الارض، ويسكنونها الى الابد».
فمن الواضح ان خالقنا لا يريدنا ان نعيش حياة ناجحة ٧٠ او ٨٠ سنة فقط، بل الى الابد! لذا الآن هو الوقت لتتعلم عن الخالق. فقد ذكر يسوع: «هذا يعني الحياة الابدية: ان يستمروا في نيل المعرفة عنك، انت الاله الحق الوحيد، وعن الذي ارسلته، يسوع المسيح». (يوحنا ١٧:٣) وفيما تكتسب هذه المعرفة وتطبّقها في حياتك، ستلمس لمس اليد ان «بركة يهوه هي تغني، وهو لا يزيد معها عناء». — امثال ١٠:٢٢.
[الحاشية]
a عندما ترد كلمة «محبة» في الاسفار اليونانية المسيحية، او «العهد الجديد»، تكون في معظم الاحيان ترجمة للكلمة اليونانية أَغاپِه. و أَغاپِه هي محبة ادبية يتعمّد المرء ان يعرب عنها بناء على مبدإ او واجب او من باب اللياقة. لكنها ليست مجردة من العواطف بل يمكن ان تكون حارة وشديدة. — ١ بطرس ١:٢٢.
[الاطار في الصفحة ٧]
وصفات اخرى تعزّز النجاح
◼ نمِّ خوفا سليما من اللّٰه. «مخافة يهوه بداية الحكمة». — امثال ٩:١٠.
◼ انتقِ اصدقاءك بحكمة. «السائر مع الحكماء يصير حكيما، ومعاشر الاغبياء يُضرّ». — امثال ١٣:٢٠.
◼ تجنب الافراط في الاكل والشرب. «السكير والشره يفتقران». — امثال ٢٣:٢١.
◼ لا تثأر لنفسك. «لا تبادلوا احدا سوءا بسوء». — روما ١٢:١٧.
◼ اعمل باجتهاد. «إن كان احد لا يريد ان يعمل، فلا يأكل». — ٢ تسالونيكي ٣:١٠.
◼ طبّق القاعدة الذهبية. «كل ما تريدون ان يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا انتم ايضا بهم». — متى ٧:١٢.
◼ اضبط لسانك. «من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة، فليردع لسانه عما هو رديء». — ١ بطرس ٣:١٠.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٨]
المحبة دواء ناجع
كتب الطبيب والمؤلف دِين اورنش: «المحبة والالفة هما الداء والدواء، مصدر الحزن والسعادة، وسبب الالم والشفاء. وإذا اكتُشِف عقار جديد له التأثير نفسه، فسيصفه كل اطباء البلد لمرضاهم، وإلا فسيُعتبَر ذلك سوء سلوك مهني».
[الاطار/الصورتان في الصفحة ٩]
من اليأس الى النجاح
عندما اندلعت الحرب في دول البلقان، التحق ميلانكو بالجيش. وبسبب بطولاته الحربية أُطلق عليه اللقب «رامبو»، على اسم احد ابطال الافلام العنيفة. ولكن مع الوقت أُصيب بخيبة امل جراء الرياء والفساد المتفشيين في الجيش. كتب قائلا: «دفعني ذلك الى ارتكاب شتّى الرذائل مثل الادمان على الكحول، التدخين، تعاطي المخدِّرات، المقامرة، والاختلاط الجنسي. لقد كنت عالقا في دوامة تشدّني الى الاسفل دون اي امل بالخروج منها».
وفي تلك المرحلة الحرجة من حياته، بدأ ميلانكو يقرأ الكتاب المقدس. وذات يوم فيما كان يزور احد اقاربه، وقع نظره على احدى مجلات برج المراقبة التي يصدرها شهود يهوه. فأُعجب بالمعلومات التي قرأها وسرعان ما بدأ يدرس الكتاب المقدس مع الشهود. فأرشده الحق الذي تعلّمه الى سبيل السعادة والنجاح الحقيقي. يذكر ميلانكو: «لقد أمدّني ذلك بالقوة، فأقلعت عن كل عاداتي السيئة ولبست شخصية جديدة ثم اعتمدت كشاهد ليهوه. وبسبب ما اتحلّى به الآن من وداعة ولطف، ما عاد معارفي السابقون يدعونني ‹رامبو›، بل باسم تحببي أُطلق عليّ في طفولتي».
-