-
ايّ رجاء هنالك بحياة اطول؟استيقظ! ١٩٩٥ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
ايّ رجاء هنالك بحياة اطول؟
«الانسان مولود المرأة قليل الايام وشبعان تعبا.» — كلمات ايوب المسجَّلة في ايوب ١٤:١.
كم من مرة وُصف قِصَر الحياة بلغة شعرية! وكأيوب، قال كاتب من القرن الاول: «ان [حياتكم] بخار يظهر قليلا ثم يضمحل.» — يعقوب ٤:١٤.
وهل لاحظتم انتم ايضا ان الحياة قصيرة على نحو يُرثى له؟ قبل ٤٠٠ سنة تقريبا، كتب وليَم شكسپير: «ايها النور المستعار هنيهة. ما الحياة؟ إنْ هي إلا ظل عابر.» وفي القرن الماضي، سأل احد رؤساء الهنود الاميركيين: «ما هي الحياة؟» ثم اجاب: «انها وميض ذبابة سراج الليل في الظلام.»
كم يتوقع البشر ان يكون طول حياتهم؟ وصف النبي موسى الحالة في ايامه منذ ٥٠٠,٣ سنة تقريبا: «ايام سنينا هي سبعون سنة. وإن كانت مع القوة فثمانون سنة وأفخرها تعب وبَلِيَّة. لأنها تُقرَض سريعا فنطير.» — مزمور ٩٠:١٠.
سبعون سنة — اي مجرد ٥٦٧,٢٥ يوما. و ٨٠ سنة تتألف من ٢١٩,٢٩ يوما فقط. انها لقليلة حقا! فهل من امر يمكن فعله لإطالة الحياة البشرية؟
هل يمكن ان يساعد علم الطب؟
ذكرت مجلة العِلم: «ازداد العمر المتوقَّع عند الولادة [في الولايات المتحدة] من ٤٧ سنة في السنة ١٩٠٠ الى ٧٥ سنة تقريبا في السنة ١٩٨٨.» ونتيجة انخفاض نسبة وفيات الاطفال من جراء تحسين العناية الصحية والتغذية، يمكن الآن ان يتوقع الناس في الولايات المتحدة ان يحيوا تقريبا المدة التي ذكرها موسى. ولكن هل هنالك زيادات مثيرة متوقعة على صعيد طول حياة معظم الناس؟
على نحو يثير الاهتمام، قال ليونارد هايفليك، خبير بارز في مجال التقدم في السنّ، في كتابه كيف ولماذا نشيخ: «ان ما أُحرِز من تقدُّم في الابحاث الطبية الاحيائية وما جرى تحقيقه في العناية الطبية المحسَّنة في هذا القرن كان لهما بالتأكيد تأثير في طول عمر الانسان، إنما فقط بجعل مزيد من الناس يناهزون الحدّ الاقصى الثابت لمدى حياة البشر.» لذلك اوضح: «لقد ازداد العمر المتوقَّع، أما مدى الحياة فلم يزدَد؛ ومهم جدا تمييز هذا من ذاك.»
وما هو «الحدّ الاقصى الثابت» لمدى حياة الانسان؟ يقول البعض انه من غير المؤكَّد ان يكون احد في الآونة الاخيرة قد تجاوز الـ ١١٥ من العمر. لكنَّ مجلة العِلم قالت: «ابتداء من سنة ١٩٩٠، ان اكبر معمِّر أُثبت عمره عاش اكثر بقليل من ١٢٠ سنة.» وفي اوائل هذه السنة قام وزير الصحة الفرنسي مع حشد من المراسلين الصحفيين والمصوِّرين بزيارة جانّ كالمان من مدينة آرْل الفرنسية، احياءً لذكرى ميلادها الـ ١٢٠. وموسى ايضا عاش حتى الـ ١٢٠ من العمر، وهذا اكثر بكثير من المعدل. — تثنية ٣٤:٧.
وهل يقدِّم العلماء رجاء بأن الناس يمكن عموما ان يعيشوا مدة حياة طويلة كهذه او اكثر؟ كلا، معظمهم لا يفعل ذلك. قال عنوان رئيسي في ديترويت نيوز: «يقول الباحثون ان ٨٥ سنة يمكن ان تكون الحدّ الاقصى لمعدل مدى الحياة.» وفي المقالة قال س. جاي أولشانسكي، مرجع مُعتَبر في مجال التقدُّم في السنّ: «حالما يتجاوز الناس الـ ٨٥ من العمر، يموتون من قصور اعضاء متعدِّدة. انهم يتوقَّفون عن التنفُّس. وبصورة رئيسية يموتون من الشيخوخة. ولا علاج لذلك.» ثم اضاف: «وإن لم تُعكس عملية شيخوخة الخلايا البشرية، فلن يعود هنالك مزيد من الزيادات المثيرة في العمر المتوقَّع.»
وذكرت مجلة العِلم انه ربما «تجري الآن مناهزة الحدّ الاقصى لطول العمر وأنه يُستبعَد حدوث انخفاضات مهمة اضافية في معدل الوفيات.» ويُقال انه اذا امكن ازالة كل اسباب الموت المبلَّغ بها في شهادات الوفيات، فسيزداد العمر المتوقَّع اقل من ٢٠ سنة.
لذلك فإن علماء كثيرين لا يعتبرون طول حياة الانسان امرا غريبا او عرضة للتغيُّر. ولكن لماذا من المنطقي ان نؤمن بأن البشر سيحيون اخيرا حياة اطول بكثير؟
-
-
مصمَّمون لنعيش الى الابداستيقظ! ١٩٩٥ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
مصمَّمون لنعيش الى الابد
الجسم البشري مصمَّم بطريقة رائعة. ونموُّه إنما هو اعجوبة. هتف كاتب قديم: «اني قد امتزتُ عجبا.» (مزمور ١٣٩:١٤) وإذ يدرك تماما بعض العلماء العصريين عجائب الجسم البشري يجدون التقدُّم في السنّ والموت لغزا. فهل هما كذلك بالنسبة اليكم؟
كتب عالِم الاحياء ستيڤن أوستاد من جامعة هارڤرد: «يدهشني ان عددا متزايدا من الناس لا يدركون ان [التقدُّم في السنّ] هو لغز احيائي اساسي لأنه امر يواجهنا على الدوام.» فواقع ان كل فرد يشيخ، كما ذكر أوستاد، «يجعل [التقدُّم في السنّ] يبدو محيِّرا اقلّ.» ولكن، عندما تفكرون مليا في الامر، هل تجدون التقدُّم في السنّ والموت امرَين منطقيَّين؟
في السنة الماضية، اعترف الدكتور ليونارد هايفليك في كتابه كيف ولماذا نشيخ بروائع حياة البشر ونموّهم وكتب: «بعد ان صنعَت الطبيعة العجائب التي تنقلنا من الحبل الى الولادة ثم الى البلوغ الجنسي والرشد، اختارت ان لا تبتكر ما يبدو آلية ابسط تُبقي هذه العجائب الى الابد. وهذه البصيرة حيَّرت طوال عقود الاختصاصيين في علم الشيخوخة الاحيائية [الذين يدرسون الاوجه البيولوجية للتقدُّم في السنّ].»
فهل التقدُّم في السنّ والموت يحيِّرانكم انتم ايضا؟ وأيّ قصد يخدمان؟ علَّق هايفليك: «في الواقع، يبدو ان كل الحوادث البيولوجية من الحبل الى البلوغ لها قصد، أما التقدُّم في السنّ فليس له قصد. وليس واضحا سبب وجوب حدوث التقدُّم في السنّ. ومع اننا نعرف الكثير عن بيولوجيا التقدُّم في السنّ . . .، يلزمنا بعدُ ان نواجه النتيجة المحتومة للتقدُّم في السنّ العديم القصد الذي يليه الموت.»
أمِن المحتمل انه لم يُقصد ان نشيخ ونموت بل ان نحيا الى الابد على الارض؟
الرغبة في العيش
تدركون بالتأكيد ان كل شخص تقريبا يستاء من الشيخوخة والموت. وفي الواقع، يخيف توقُّع ذلك كثيرين من الناس. كتب الطبيب شيروِن ب. نولَند في كتابه كيف نموت: «لا يبدو ان احدا منا قادر نفسيا على مواجهة فكرة حالة موته، فكرة عدم الوعي الدائم حيث لا خلاء او فراغ — حيث لا وجود إلّا للعدم.» وهل تعرفون احدا يريد ان يشيخ، يمرض، ويموت؟
ولكن اذا كانت الشيخوخة والموت امرَين طبيعيَّين وجزءا من خطة رئيسية، أفلا نرحِّب بهما؟ ولكننا لا نفعل ذلك. ولماذا؟ الجواب موجود في طريقة صُنعنا. يقول الكتاب المقدس: ‹وضع [اللّٰه] الابدية ايضا في اذهاننا.› (جامعة ٣:١١، باينتون) وبسبب هذه الرغبة في مستقبل لا نهاية له، يبحث الناس لزمن طويل عما يُدعى نبع الشباب. فهم يريدون ان يبقوا شبَّانا الى الابد. وهذا يثير السؤال، هل لدينا امكانية العيش حياة اطول؟
مصمَّمة لاصلاح نفسها
كتب عالِم الاحياء أوستاد في مجلة التاريخ الطبيعي، عارضًا وجهة النظر الشائعة: «لقد اعتدنا ان ننظر الى انفسنا والحيوانات الاخرى كما ننظر الى الآلات: لا مفرّ من ان نبلى.» ولكنَّ ذلك ليس صحيحا. «فالعضويات البيولوجية تختلف جوهريا عن الآلات،» كما يقول أوستاد. «انها تصلح نفسها: الجروح تلتئم، العظام تُجبَر، المرض يزول.»
لذلك ينشأ السؤال المثير للاستغراب، لماذا نشيخ؟ وكما سأل أوستاد: «لماذا اذًا يجب ان تكون [العضويات البيولوجية] عرضة لأن تبلى تماما كما تبلى الآلات؟» وبما ان انسجة الجسم تستبدل نفسها بأخرى، ألا يمكن ان تستمر في ذلك الى الابد؟
في مجلة ديسْكَڤر، ناقش عالِم الاحياء المؤيِّد للتطور جارِد دايمُند المقدرة المدهشة للعضويات على إصلاح نفسها. وكتب: «في ما يتعلق بأجسادنا، ان ابرز مثال ملموس لضبط الضرر هو التئام الجروح الذي به نُصلح الضرر الذي يصيب جلدنا. وحيوانات كثيرة يمكن ان تحرز نتائج مذهلة اكثر منا بكثير: فالعظايات يمكنها ان تجدِّد اذنابَها المبتورة، نجوم البحر والسرطانات اطرافَها، وقثائيات البحر امعاءَها.»
وفي ما يتعلق باستبدال الاسنان، ذكر دايمُند: «في مدى حياتهم يُنمي البشر مجموعتين، الفيلة ستّ مجموعات، وأسماك القرش عددا غير محدود.» ثم اوضح: «يتواصل الاستبدال القانوني ايضا على مستوى مجهري. فنحن نستبدل الخلايا التي تبطِّن امعاءنا مرة كل بضعة ايام، والتي تبطِّن المثانة مرة كل شهرين، وخلايا دمنا الحمراء مرة كل اربعة اشهر.
«وعلى مستوى الجزيئات تخضع جزيئاتنا الپروتينية لتغيُّر مستمر بمعدل خاص بكل پروتين؛ وبذلك نتجنب تراكم الجزيئات المتلَفة. لذلك اذا قارنتم اليوم شكل الشخص الذي تحبونه بشكله قبل شهر، فقد يبدو باقيا على حاله، لكنَّ الكثير من الجزيئات الفردية التي تشكِّل ذلك الجسم الحبيب تكون مختلفة.»
ان معظم خلايا الجسم تُستبدل دوريا بخلايا حديثة التشكُّل. لكنَّ بعض الخلايا، كعصبونات الدماغ، لا يمكن ابدا ان تُستبدَل. ولكن اوضح هايفليك: «اذا كان كل جزء من الخلية يُستبدل بغيره فلا تعود الخلية القديمة هي نفسها. فالعصبونات التي وُلدتم بها قد يبدو اليوم انها الخلايا نفسها، لكنَّ الحقيقة هي ان الكثير من الجزيئات التي كانت تشكِّلها عندما وُلدتم . . . يمكن ان تكون قد استُبدلت بجزيئات جديدة. لذلك فالخلايا التي لا تنقسم قد لا تكون الخلايا نفسها التي وُلدتم بها!» وذلك لأن مكوِّنات الخلايا تُستبدل بغيرها. لذلك فإن استبدال المواد التي تشكِّل الجسد بأخرى يمكن نظريا ان يُبقينا احياء الى الابد!
تذكروا ان الدكتور هايفليك تكلَّم عن «العجائب التي تنقلنا من الحبل الى الولادة.» فما هي بعضها؟ فيما نفحصها بإيجاز، تأملوا في امكانية تحقيق ما دعاه «آلية ابسط تُبقي هذه العجائب الى الابد.»
الخلية
يتألف الشخص الراشد من نحو ١٠٠ تريليون (٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,١٠٠) خلية، كل منها معقَّد اكثر من ان يُفهم. ولتوضيح التعقيد، قارنت مجلة نيوزويك الخلية بمدينة مسوَّرة. قالت المجلة: «ان محطات توليد الطاقة تولِّد الطاقة للخلية.» ثم اضافت: «وتُنتج المصانع پروتينات، وهي وحدات اساسية للتجارة الكيميائية. وتوجِّه انظمة النقل المعقَّدة مواد كيميائية معيَّنة من نقطة الى اخرى داخل الخلية وخارجها. ويضبط حراس عند الحواجز اسواق التصدير والاستيراد، ويراقبون العالم الخارجي لالتقاط اشارات الخطر. وتقف جيوش بيولوجية مدرَّبة متأهِّبةً لمحاربة الغزاة. وتحافظ حكومة جينية مركزية على النظام.»
تأمَّلوا كيف اتيتم الى الوجود — بخلاياكم البالغة نحو ١٠٠ تريليون خلية. لقد ابتدأتم كخلية واحدة تشكَّلت عندما اتَّحدت نُطفة من ابيكم ببُييضة من امكم. عند ذلك الاتِّحاد، رُسمت الخطط داخل DNA (مختصر العبارة الانكليزية التي تقابل الحمض الريبي النووي المنقوص الاكسجين) تلك الخلية المتشكِّلة حديثا لانتاج ما صار اخيرا انتم — انسان جديد وفريد كليا. ويُقال انه «لو كُتبت» التعليمات الموجودة داخل الـ DNA، «لملأت ألف كتاب من ٦٠٠ صفحة.»
ومع الوقت، ابتدأت تلك الخلية الاولية بالانقسام، مشكِّلةً خليَّتين، ثم اربع خلايا، ثماني خلايا، وهكذا دواليك. وأخيرا، بعد نحو ٢٧٠ يوما — الفترة التي نمَت خلالها انواع مختلفة جدا من آلاف الملايين من الخلايا داخل امكم لتشكِّل طفلا — وُلدتم انتم. ويبدو كما لو انه كانت لتلك الخلية الاولى غرفة ضخمة ملآنة كتبا فيها تعليمات مفصَّلة عن كيفية صنعكم. لكنَّ الامر الرائع ايضا هو ان هذه التعليمات المعقَّدة نُقلت الى كل خلية تالية. نعم، ما يدعو الى العجب هو ان كل خلية في جسمكم لديها المعلومات نفسها التي احتوتها البُييضة الملقَّحة الاولية!
وتأملوا في هذا ايضا. بما ان كل خلية لديها المعلومات لتنتج كل انواع الخلايا، فعندما حان الوقت لصنع خلايا القلب، مثلا، كيف كُبتت التعليمات لصنع كل الخلايا الاخرى؟ عملت الخلية، كما يظهر، كالمقاول وكأنَّ لديها خزانة كاملة من المخطَّطات لصنع طفل، فاختارت من خزانة ملفّاتها مخطَّط صنع خلايا القلب. واختارت خلية اخرى مخطَّطا مختلفا يحتوي على التعليمات لانتاج الخلايا العصبية، وأخذت اخرى ايضا مخطَّط صنع خلايا الكبد، وهكذا دواليك. وبالتأكيد، ان قدرة الخلية هذه التي لا تفسير لها بعدُ على اختيار التعليمات اللازمة لانتاج نوع معين من الخلايا وفي الوقت نفسه كَبْت كل التعليمات الاخرى هي عجيبة اخرى من «العجائب [الكثيرة] التي تنقلنا من الحبل الى الولادة.»
ولكن، هنالك المزيد ايضا. مثلا، يلزم ان تُنبَّه خلايا القلب لكي تتقلَّص بانتظام. لذلك أُنشئ داخل القلب جهاز معقَّد يولِّد دُفعات كهربائية لجعل القلب يدقّ بمعدَّل صحيح ليدعم الجسم في النشاط الذي ينهمك فيه. ان هذا حقا لأعجوبة في التصميم! ولا عجب ان الاطباء قالوا عن القلب: «انه فعَّال اكثر من اية آلة من ايّ نوع ابتكرها الانسان حتى الآن.»
الدماغ
والعجيبة الاعظم هي نموّ الدماغ — الجزء الاكثر غموضا للاعجوبة البشرية. بعد الحبل بثلاثة اسابيع، تبتدئ خلايا الدماغ بالتشكُّل. وفي النهاية، يحتشد في الدماغ البشري نحو ١٠٠ بليون خلية عصبية، تُدعى عصبونات — بقدر ما هنالك نجوم في درب التبَّانة.
«كلٌّ منها يتلقَّى معلومات تصله من نحو ٠٠٠,١٠ عصبون آخر في الدماغ،» اخبرت مجلة تايم، «ويُرسل رسائل الى نحو الف عصبون آخر.» وإذ علَّق عالِم الاعصاب جيرالد إدِلمان على المجموعات الممكن تكوينها combinations قال: «ان جزءا من الدماغ بحجم رأس عود الثقاب يحتوي على نحو بليون توصيلة connection يمكن ان تكوِّن مجموعات بطرائق لا يمكن وصفها إلّا بـ لامتناهية — واحد تليه ملايين الاصفار.»
اية سعة كامنة يمنح ذلك الدماغ؟ قال عالِم الفلك كارل ساڠَن ان الدماغ البشري باستطاعته ان يخزِّن معلومات «تملأ نحو ٢٠ مليون مجلَّد، مقدار ما يوجد في اكبر مكتبات العالم.» وأضاف المؤلف جورج ليونارد معلنًا: «ربما يمكننا الآن، في الواقع، ان نقترح فرضيَّة تفوق حدّ التصديق: ان سعة الدماغ الابداعية القصوى قد تكون عمليا غير محدودة.»
لذلك لا يجب ان يدهشنا ما قيل في ما يلي: «ان الدماغ،» كما قال عالِم الاحياء الجزيئية جيمس واطسون، المشارك في اكتشاف البنية الفيزيائية للـ DNA، «هو اكثر الامور تعقيدا التي اكتشفناها حتى الآن في كوننا.» وقال طبيب الاعصاب ريتشارد رستاك، الذي يستاء من مقارنة الدماغ بالكمپيوتر: «كون الدماغ فريدا ينشأ من واقع انه ليس هنالك في ايّ مكان من الكون المعروف شيء يشبهه ولو قليلا.»
وبحسب احد التقديرات، يقول علماء الاعصاب انه خلال مدى حياتنا الحاضر نستعمل مجرد جزء صغير من قدرة دماغنا الكامنة، نحو ٠٠٠,١٠/١، او ١٠٠/١ من ١ في المئة فقط. فكِّروا في ذلك. هل من المنطقي ان نُمنح دماغا لديه مثل هذه الامكانيات العجيبة اذا لم يكن ليُستعمل كاملا؟ أليس من المنطقي ان يكون البشر، الذين لديهم المقدرة على التعلُّم الى ما لا نهاية، قد صُمِّموا في الواقع ليعيشوا الى الابد؟
اذا كان ذلك صحيحا، فلماذا نشيخ؟ ما الخطأ الذي يجري؟ ولماذا نموت بعد نحو ٧٠ او ٨٠ سنة، مع ان اجسادنا مصمَّمة بشكل واضح لتبقى الى الابد؟
[الرسم في الصفحة ٦]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
الخلية — اعجوبة في التصميم
الغشاء الخلَوي — Cell Membrane
الغلاف الذي يضبط ما يدخل الخلية ويخرج منها
النواة Nucleus
محاطة بغشاء مزدوج، وهي مركز القيادة الذي يوجِّه نشاطات الخلية
الجسيمات الريبية Ribosomes
البُنى التي يتمّ عليها تجميع الحموض الامينية لتركيب الپروتينات
الصبغيات Chromosomes
تحتوي على DNA الخلية، مخطَّطها الوراثي الرئيسي
النُّوَيّة Nucleolus
موقع تجميع الجسيمات الريبية
الشبكة الپلازمية الداخلية Endoplasmic Reticulum
صفائح من الاغشية تخزِّن او تنقل الپروتينات التي تصنعها الجسيمات الريبية الملتصقة بها (بعض الجسيمات الريبية تسبح طليقةً في الخلية)
الحُبَيبات الخيطية Mitochondria
مراكز انتاج الـ ATP، الجزيئات التي تزوِّد الخلية بالطاقة
جسم ڠُولْجي Golgi Body
مجموعة اكياس غشائية مسطَّحة توضِّب وتوزِّع الپروتينات التي تصنعها الخلية
المُرَيْكِزان Centrioles
يقعان قرب النواة ويقومان بدور مهم في تكاثر الخلية
-
-
لماذا نشيخ ونموت؟استيقظ! ١٩٩٥ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
لماذا نشيخ ونموت؟
«باستثناء الاكتشاف ان التغييرات المرتبطة بالسنّ تحدث داخل الخلايا الفردية،» كما يعترف الدكتور ليونارد هايفليك، «لا نعرف اليوم عن السبب الرئيسي للتقدُّم في السنّ اكثر مما كنا نعرف قبل قرن.» وفي الواقع يقول: «لا نعرف ايّ سبب وجيه لوجوب حدوث التقدُّم في السنّ.»
كشفت تجارب المختبرات التي أُجريت قبل نحو ٣٠ سنة انه عندما توضع خلايا بشرية طبيعية مأخوذة من جنين في مُستنبَت في افضل الظروف، يتبع الموت بعد ٥٠ انقساما للخلايا تقريبا. ومن ناحية اخرى، تنقسم الخلايا المأخوذة من رجل طاعن في السنّ بين مرتين وعشر مرات فقط قبل ان تموت. لذلك علَّق كتاب الآلة المذهلة الذي اعدَّته الجمعية الجغرافية القومية: «ان الدليل التجريبي يؤيِّد الفكرة ان الموت مبرمج في كلٍّ منا عند الولادة.»
ولكن هل توقُّف انقسام الخلية هو امر محتوم؟ كلا، ليس الامر كذلك. «وفي الواقع،» كما ارتأى الخبيران بالتقدُّم في السنّ، الپروفسوران روبرت م. ساپولسْكي وكايلِب إ. فينش، «يبدو ان عدم التقدُّم في السنّ كان الحالة الاصلية للكائنات الحية على الارض.» والمثير للسخرية هو ان بعض الخلايا البشرية الشاذة اليوم لا تشيخ.
وكتاب آلة الجسم الذي حرَّره الدكتور كريستيان بارنار، الذي اجرى اول عملية زرع قلب من انسان الى انسان، اوضح: «ان اكتشاف ‹الخلايا الخالدة› طرح معضلة رئيسية مزعجة على علماء الاحياء المهتمين بالهرم، الى ان صار واضحا ان خلايا كهذه شاذة.» نعم، ان بعض سلالات الخلايا السرطانية يمكن ان تُدعم في مُستنبت دائم بواسطة ما يبدو انقسامات لانهائية! وذكرت دائرة معارف الكتاب العالمي: «اذا استطاع العلماء ان يحدِّدوا كيف تبقى مثل هذه الخلايا الشاذة على قيد الحياة، فقد يفهمون بدقة وعمق عملية شيخوخة الخلايا.» وهكذا تستطيع بعض الخلايا السرطانية اليوم على ما يظهر ان تتكاثر الى ما لا نهاية في المختبر، أما الخلايا الطبيعية في المُستنبَتات فتشيخ وتموت.
آلية ذات عيب
بكلمات كتاب آلة الجسم، هل تقدُّم البشر في السنّ وموتهم هما نتيجة «خسارة مجموعة الخلايا [الطبيعية] القدرةَ على التكاثر»؟ اذا كان الامر كذلك قال الكتاب، «فمن المهم تحديد وفهم الآلية التي تتحكَّم في هذه القدرة المتكرِّرة والمحدودة بغية معالجتها سعيا الى زيادة مدى حياة الانسان.»
وكما تتذكَّرون من المقالة السابقة، تكلَّم الدكتور هايفليك عن «العجائب التي تنقلنا من الحبل الى الولادة ثم الى البلوغ الجنسي والرشد.» ثم اشار الى «آلية ابسط تُبقي هذه العجائب الى الابد.»
وعلى الرغم من سنوات من الجهود المتضافرة، فشل العلماء في اكتشاف آلية تُبقي الحياة الى الابد. يعترف كتاب الآلة المذهلة: «تبقى اسباب التقدُّم في السنّ لغزا.»
لكنَّ سبب التقدُّم في السنّ والموت ليس في الواقع سرًّا. والجواب موجود.
ما هو الجواب؟
ان الشخص الذي لديه الجواب هو مَن تُنسب اليه «العجائب التي تنقلنا من الحبل الى الولادة،» خالقنا الكلي الحكمة، يهوه اللّٰه. «عندك ينبوع الحياة،» يقول عنه الكتاب المقدس. «اعلموا ان (يهوه) هو اللّٰه. هو صنعنا.» — مزمور ٣٦:٩؛ ١٠٠:٣.
فكِّروا كيف برمج يهوه اللّٰه بشكل رائع نموّكم في الرحم، مؤلِّفا اذا جاز التعبير كتابا من التعليمات لجعلكم انسانا فريدا! كتب احد المرنمين الملهمين في الكتاب المقدس: «انتَ اقتنيت كُليتيَّ. نسجتني في بطن امي.» وأضاف: «لم تختفِ عنك عظامي حينما صُنعتُ في الخفاء . . . رأتْ عيناك اعضائي وفي سفرك كلها كُتبت.» (مزمور ١٣٩:١٣، ١٥، ١٦) فمن الواضح ان كياننا البشري المصمَّم بشكل رائع ليس من نتاج الصدفة!
ولكن، اذا كان يهوه اللّٰه قد خلقنا كاملين بحيث يمكننا ان نحيا الى الابد، فلماذا نشيخ ونموت؟ ان الجواب موجود في تحريم فُرض على الانسان الاول، آدم، الذي وضعه اللّٰه في موطن جميل على الارض. فقد اوصاه اللّٰه: «من جميع شجر الجنة تأكل أكلا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتا تموت.» — تكوين ٢:١٦، ١٧.
وماذا حدث؟ بدلا من ان يطيع آدم اباه السماوي، عصاه وانضمّ الى زوجته، حواء، في الاكل من الشجرة. وبأنانية تمسَّكا بوعد باطل من متمرِّد ملائكي. (تكوين ٣:١-٦؛ رؤيا ١٢:٩) لذلك ماتا كما حذَّر اللّٰه. ورغم ان آدم وحواء صُمِّما بإمكانية العيش الى الابد، فقد كان ذلك متوقِّفا على طاعتهما للّٰه. وبعصيانهما اخطأا. ولكونهما خاطئَين نقلا الى كل ذريتهما العيب المميت الذي في جسمهما. «وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس.» — رومية ٥:١٢؛ ايوب ١٤:٤.
لكنَّ ذلك لا يعني انه ليس هنالك رجاء بقَهْر التقدُّم في السنّ والموت. ولا يجب ان يكون من الصعب ان نؤمن بأن خالقنا الكلي الحكمة يستطيع ان يشفي ايّ شذوذ وراثي ويزوِّد الطاقة كي تستمر حياتنا الى الابد. ولكن كيف سيفعل ذلك؟ وماذا يجب ان نفعل لنتمتع بوعوده بالحياة الابدية؟
-
-
كيف يمكنكم ان تحيوا الى الابداستيقظ! ١٩٩٥ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
كيف يمكنكم ان تحيوا الى الابد
بما ان الجسم البشري لديه امكانية العيش حياة اطول من التي يتمتع بها البشر اليوم، يضع البعض ثقتهم بالعِلم ليكتشفوا كيف يمكنهم ان يحيوا الى الابد. «عندما ننال معرفة اكمل عن مواد الجسم الكيميائية وكيفية تفاعلها،» كتب الدكتور ألڤِن سيلڤِرسْتاين، «سنحلّ لغز جوهر الحياة. وسنفهم . . . كيف يشيخ الانسان.»
وما هي العاقبة؟ سيؤدِّي ذلك الى «عصر جديد في تاريخ الانسان،» كما قال سيلڤِرسْتاين. «فلن يعود هنالك ‹مسنّون› في ما بعد، لأن المعرفة التي ستجعل قَهْر الموت ممكنا ستجلب ايضا الشباب الابدي.»
هل سيحقِّق البشر ذلك؟ يحث الكتاب المقدس: «لا تتَّكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده. تخرج روحه فيعود الى ترابه. في ذلك اليوم نفسه تهلك افكاره.» (مزمور ١٤٦:٣، ٤) وتماما كما رأينا، عجز البشر عن تحديد العيب المتأصِّل الذي يؤدِّي الى التقدُّم في السنّ والموت، فكم بالاحرى إصلاحه. ان خالقنا وحده يستطيع ذلك.
ولكن، هل قَصْد اللّٰه هو حقا ان يحيا البشر الى الابد على الارض؟
قصد اللّٰه
اين وضع يهوه اللّٰه الزوجين البشريين الاولين لكي يعيشا؟ لقد وضعهما في فردوس ارضي. وجرت توصيتهما ان ‹يثمرا ويكثرا ويملأا الارض ويخضعاها.› (تكوين ١:٢٨) نعم، كان قصد اللّٰه ان تصير الارض كلها اخيرا مسكنا لعائلة بشرية بارة تحيا معا بسلام وسعادة. — اشعياء ٤٥:١٨.
وعلى الرغم من ان عقوبة الموت فُرضت على آدم بسبب عدم طاعته، لم يتغيَّر قصد اللّٰه الاصلي ان يحيا البشر الى الابد في الفردوس على الارض. (تكوين ٣:١٧-١٩) يقول اللّٰه: «قد تكلمت . . . فأفعله.» (اشعياء ٤٦:١١؛ ٥٥:١١) وأظهر اللّٰه ان قصده في ما يتعلق بالارض لم يتغيَّر عندما قال: «الصديقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد.» — مزمور ٣٧:٢٩.
ولكون اللّٰه خالقنا، يستطيع ان يُصلح العيب الذي يجعل البشر يشيخون ويموتون. وعلى ايّ اساس يفعل هذا؟ بما ان ذلك العيب موروث من الرجل الاول آدم، زوَّد اللّٰه حياة ابنه، يسوع المسيح، البشرية الكاملة ذبيحة فدائية، «لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.» — يوحنا ٣:١٦؛ متى ٢٠:٢٨.
وهكذا يحلّ يسوع المسيح فعليا محل آدم الاول كأب، او مانح حياة، لنا. لهذا السبب يُدعى يسوع في الكتاب المقدس «آدم الاخير.» (١ كورنثوس ١٥:٤٥) لذلك بدلا من ان يُحكَم على البشر الطائعين بالموت بصفتهم اولاد آدم الخاطئ، يمكن ان يُحسبوا اهلًا لنيل الحياة الابدية بصفتهم اولاد ‹ابيهم الابدي،› يسوع المسيح. — اشعياء ٩:٦.
طبعا، ان «ملك الدهور» و«ابا ربنا يسوع المسيح» هو يهوه اللّٰه. (١ تيموثاوس ١:١٧؛ رؤيا ١٥:٣؛ كولوسي ١:٣) لكنَّ يسوع المسيح، فضلا عن انه زُوِّد ليكون لنا «ابا ابديا» و‹مخلِّصا،› هو ايضا «رئيس السلام.» (لوقا ٢:١١) وكممثِّل لابيه، سيمارس المسيح سلطة رئاسية لجلب السلام الى الارض. — مزمور ٧٢:١-٨؛ ١١٠:١، ٢؛ عبرانيين ١:٣، ٤.
وتحت حكم يسوع المسيح، سيُسترد الفردوس الارضي المفقود. وسيحدث ذلك، كما قال يسوع، «في التجديد متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده.» (متى ١٩:٢٨) وأتباع المسيح الامناء — وجملةً عددهم ٠٠٠,١٤٤ — سيبسطون حكمهم معه على الارض الفردوسية. (٢ تيموثاوس ٢:١١، ١٢؛ رؤيا ٥:١٠؛ ١٤:١، ٣) وسيستفيد الملايين من هذا الحكم البار بالتمتع بالحياة على الارض في الفردوس. وسيكون بينهم المجرم الذي مات الى جانب يسوع والذي وعده يسوع: «تكون معي في الفردوس.» — لوقا ٢٣:٤٣.
وهكذا حتى الموتى الاثمة سيُقامون ويُمنحون الفرصة ليصيروا اهلًا للحياة الابدية على الارض. (اعمال ٢٤:١٥) يصف الكتاب المقدس بشكل جميل ازالة المرض والشيخوخة والموت قائلا: «اللّٰه نفسه يكون معهم الها لهم. وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الامور الاولى قد مضت.» — رؤيا ٢١:٣، ٤.
كيف تحيون الى الابد
طبعا، تريدون ان تكونوا بين الذين سيرثون الارض ويسكنونها الى الابد. اذا كان الامر كذلك، يجب ان تبلغوا مطالب العيش الى الابد في الفردوس. اعلن يسوع المسيح مطلبا اساسيا في الصلاة الى ابيه السماوي قائلا: «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.» — يوحنا ١٧:٣.
يسرّ شهود يهوه ان يساعدوكم على نيل هذه المعرفة المانحة الحياة. اطلبوا منهم ذلك، وسيزورونكم مجانا في وقت مناسب ويناقشون كيف يقصد اللّٰه ان يرفع الجنس البشري الى الكمال الروحي والجسدي. وكونوا على يقين من ان خالقنا الكلي القدرة قادر تماما على اصلاح العيب المتأصِّل الذي يسبِّب الشيخوخة والموت. وسيأتي الوقت، وهو قريب، حين لن تعود الحياة قصيرة الى هذا الحد. وسيبارك يهوه شعبه بـ «حياة الى الابد.» — مزمور ١٣٣:٣.
[الصورة في الصفحة ١٠]
تحت رياسة المسيح، ستُقهَر الشيخوخة والموت
-