مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٩٥ ١/‏٢ ص ٢٠-‏٢٥
  • ‏«إذ لنا هذه الخدمة .‏ .‏ .‏ لا نستسلم»‏

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • ‏«إذ لنا هذه الخدمة .‏ .‏ .‏ لا نستسلم»‏
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٥
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • عروس اسپانية وتعيين اسپاني
  • الطرد
  • محاربة الكآ‌بة
  • أُعطينا لؤلؤة كثيرة الثمن
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٥
  • حياة حافلة بالمفاجآ‌ت في خدمة يهوه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠١
  • تغيير في التعيين بعمر ٨٠ سنة
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٨
  • ‏‹طوبى لجميع منتظري يهوه›‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩١
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٥
ب٩٥ ١/‏٢ ص ٢٠-‏٢٥

‏«إذ لنا هذه الخدمة .‏ .‏ .‏ لا نستسلم»‏

كما رواها رونالد تايلور

في صيف ١٩٦٣،‏ وجدت انني اجاهد لأبقى على قيد الحياة.‏ ففيما كنت اخوض في الماء عند الشاطئ،‏ دخلت غورا غادِرا ورُميتُ فجأة في مياه عميقة جدا.‏ ولأنني لا اجيد السباحة،‏ كنت على شفير الغرق على بُعد مجرد امتار قليلة من الشاطئ.‏ وكنت قد نزلت ثلاث مرات تحت الماء وابتلعت كميات كبيرة من ماء البحر عندما لاحظ صديق لي ورطتي وجرَّني الى الشاطئ.‏ وبفضل التنفس الاصطناعي العاجل،‏ نجوت.‏

لم تكن هذه المرة الاولى التي صرت اقدِّر فيها اهمية عدم الاستسلام —‏ مع ان الامور تبدو ميؤوسا منها.‏ فمن سن باكرة،‏ كان علي ان اجاهد من اجل حياتي الروحية.‏

في ايام الحرب العالمية الثانية المظلمة،‏ عثرت اولا على الحق المسيحي.‏ كنت واحدا من آلاف الاولاد الذين جرى اجلاؤهم عن لندن لينجوا من مخاطر غارات القصف.‏ ولأنني كنت بعمر ١٢ سنة فقط،‏ لم تعنِ لي الحرب الكثير؛‏ وكانت اشبه بمغامرة.‏

اعتنى بي زوجان مسنَّان في وستن-‏سوپر-‏مار،‏ في جنوبي غربي انكلترا.‏ وبعد وصولي الى بيت الزوجين،‏ سرعان ما ابتدأ يزورنا بعض الخدام الفاتحين.‏ كانوا عائلة هارڠريڤز؛‏ وكان الاربعة كلهم —‏ ريڠ،‏ مابس،‏ پاميلا،‏ وڤاليري —‏ فاتحين خصوصيين.‏ قَبِل والداي بالتربية الحق،‏ وبعد درس كتاب قيثارة اللّٰه،‏ اتخذت انا ايضا قرار خدمة يهوه.‏ وبعد ستة اسابيع فقط،‏ دُعيت الى الاشتراك في عمل الكرازة.‏

ما زلت اتذكر ذلك اليوم الاول الذي خرجت فيه في خدمة الحقل.‏ فبدون اية استعدادات،‏ أُعطيتُ عددا من الكراريس وقيل لي:‏ «اعمل في هذه الناحية من الشارع.‏» وهكذا قضيت يومي الاول في الكرازة.‏ في ذلك الوقت،‏ كثيرا ما كنا نكرز مستعملين الاسطوانات الفونوڠرافية التي تحتوي على مواعظ مؤثرة.‏ وأبدع الاوقات كانت عندما كنت اتمكن من حمل الفونوڠراف من بيت الى بيت وتشغيل المحاضرات المسجلة.‏ لقد اعتبرته امتيازا ان أُستخدم بهذه الطريقة.‏

قمت بالكثير من الشهادة في المدرسة،‏ وأتذكر انني قدمت لمدير المدرسة مجموعة من الكتب حول مواضيع من الكتاب المقدس.‏ وبعمر ١٣ سنة اعتمدت في محفل قريب في باث.‏ والمحفل الآخر الذي عُقد في الحرب ولن انساه ابدا هو ذاك الذي عُقد في ليستر سنة ١٩٤١ في قاعة دو مونتفورت.‏ فقد صعدت الى المنبر لاتسلَّم نسختي من كتاب الاولاد،‏ الذي احتوى رسالة شخصية من الاخ رذرفورد الذي كان آنذاك رئيس جمعية برج المراقبة.‏ والخطاب المؤثر الذي قُدِّم لكل الصغار الموجودين قوَّى رغبتي في خدمة يهوه الى الابد.‏

هكذا قضيت سنتين سعيدتين وأنا انمو في الحق مع والديَّ بالتربية.‏ ولكن بعمر ١٤ سنة،‏ وجب ان اعود الى لندن وأبدأ بالعمل لإعالة نفسي.‏ ومع انني اتَّحدت من جديد بعائلتي،‏ كان عليّ الآن ان اتكل على نفسي روحيا،‏ لأن لا احد في البيت يشاركني في معتقداتي.‏ وسرعان ما زوَّد يهوه المساعدة اللازمة.‏ فبعد ان مرّ على وصولي الى لندن ثلاثة اسابيع فقط،‏ زارني في بيتي اخ ليطلب من والدي ان يأذن في اخذي الى قاعة الملكوت المحلية.‏ كان الاخ جون بار،‏ الذي هو الآن عضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ وقد صار احد «آبائي» الروحيين خلال سنوات المراهقة الحرجة تلك.‏ —‏ متى ١٩:‏٢٩‏.‏

بدأت احضر في جماعة پادينڠتن،‏ التي تجتمع في كرايڤن تيرَس الى جانب البتل في لندن.‏ ولأنني كنت يتيما روحيا،‏ عُيِّن اخ ممسوح مسنّ،‏ الاخ همفريز،‏ ليعتني بي بشكل خصوصي.‏ كانت طبعا بركة عظيمة ان اتمكن من معاشرة الاخوة والاخوات الممسوحين الكثيرين الذين خدموا في تلك الجماعة.‏ فالذين امتلكوا الرجاء الارضي —‏ المدعوون يونادابيين —‏ كانوا اقلية بيننا.‏ وقد كنت في الواقع «اليونادابي» الوحيد في درس الكتاب الجَماعي حيث كنت احضر.‏ ومع انني لم اعاشر كثيرا مَن هم في سنِّي،‏ إلا ان هذه الرفقة الثمينة مع الاخوة الناضجين علَّمتني دروسا نافعة كثيرة.‏ وربما كان اهمها عدم التخلّي ابدا عن خدمة يهوه.‏

في تلك الايام،‏ كنا نخصص نهاية الاسبوع بكاملها للنشاط الكرازي.‏ وكان تعييني ان اهتم بـ‍ «السيارة المجهَّزة بمكبر للصوت،‏» التي كانت في الحقيقة دراجة ثلاثية العجلات معدَّلة لتحمل تجهيزات الصوت وبطارية سيارة.‏ وكنت اذهب كل يوم سبت بالدراجة الى زوايا شوارع مختلفة،‏ حيث كنا نضع بعض الاسطوانات الموسيقية ثم نشغِّل احد خطابات الاخ رذرفورد.‏ وكانت ايام السبت ايضا لخدمة الشارع ومعنا حقائب مجلاتنا.‏ أما الآحاد فقد خصَّصناها للخدمة من بيت الى بيت،‏ عارضين الكراريس والكتب المجلدة.‏

ان معاشرتي لاخوة غيورين اكبر سنا اضرمت فيَّ الرغبة في الفتح.‏ وقد اشتدَّت رغبتي هذه عندما اصغيت الى خطابات الفتح في المحافل الكورية.‏ وأحد المحافل التي اثرت في حياتي بعمق هو الذي عُقد في ايرلز كورت،‏ لندن،‏ سنة ١٩٤٧.‏ وبعد شهرين انخرطت في خدمة الفتح،‏ وقد جاهدت للمحافظة على روح الفتح منذ ذلك الحين.‏ والفرح الذي استمددته من ادارة دروس تقدمية في الكتاب المقدس خدم كتأكيد ان هذا هو القرار الصائب.‏

عروس اسپانية وتعيين اسپاني

في سنة ١٩٥٧،‏ فيما كنت لا ازال اخدم كفاتح في جماعة پادينڠتن،‏ التقيت اختا اسپانية جميلة تدعى رافاييلا.‏ وبعد بضعة اشهر،‏ تزوَّجنا.‏ كان هدفنا ان نخدم معا كفاتحَين،‏ ولكننا ذهبنا اولا الى مَدريد ليتسنّى لي التقاء والدَي رافاييلا.‏ وتلك الزيارة غيَّرت حياتي.‏ ففيما كنا في مَدريد،‏ طلب مني الاخ راي دوزِنبِري،‏ ناظر فرع اسپانيا،‏ ان نفكِّر في الخدمة في اسپانيا حيث كانت الحاجة ماسة الى اخوة ذوي خبرة.‏

وكيف يمكننا ان نرفض دعوة كهذه؟‏ لذلك بدأنا خدمتنا كامل الوقت معا في اسپانيا سنة ١٩٥٨.‏ في ذلك الوقت كان البلد تحت حكم فرانكو،‏ ولم يكن نشاطنا معترفا به شرعيا،‏ مما جعل عمل الكرازة صعبا جدا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كان عليَّ ان اجاهد لتعلم اللغة الاسپانية في السنتين الاولَيَين.‏ ومن جديد كانت المسألة مسألة عدم استسلام،‏ مع انني بكيت اكثر من مرة نتيجة الاحباط المطبق بسبب عجزي عن الاتصال بالاخوة في الجماعة.‏

كانت الحاجة الى نظار عظيمة جدا حتى انني صرت اعتني بفريق صغير في غضون شهر،‏ مع انني كنت لا اكاد اتكلم الاسپانية.‏ وبسبب طبيعة عملنا السرية،‏ كنا منظَّمين في فرق صغيرة تتألف من ١٥ الى ٢٠ ناشرا،‏ تعمل تقريبا كجماعات صغيرة.‏ اولا،‏ كانت ادارة الاجتماعات امرا مجهدا للاعصاب،‏ لأنني لم اكن افهم دائما اجوبة الحضور.‏ لكنَّ زوجتي كانت تجلس في المؤخرة،‏ وإذا لاحظَت ارتباكي،‏ كانت تومئ اليَّ برأسها مع تحفُّظ لتؤكد لي ان الجواب صحيح.‏

لستُ بالطبيعة صاحب موهبة في تعلم اللغات،‏ وشعرت اكثر من مرة بالرغبة في العودة الى انكلترا حيث يمكنني ان اقوم بكل شيء بشكل اسهل بكثير.‏ ولكنَّ محبة اخوتنا وأخواتنا الاسپان الاعزاء وصداقتهم عوَّضتا من البداية عن احباطاتي المتعلقة باللغة.‏ وقد باركني يهوه بامتيازات خصوصية جعلت كل ذلك يستحق العناء.‏ في سنة ١٩٥٨ دُعيت الى حضور المحفل الاممي في نيويورك كمندوب من اسپانيا.‏ ثم في سنة ١٩٦٢ نلت تدريبا قيِّما جدا في مدرسة خدمة الملكوت التي رُتِّبت لاجلنا في طنجة،‏ المغرب.‏

والمشكلة الاخرى التي واجهتها،‏ الى جانب اللغة،‏ كانت قلقي المستمر من ان تقبض عليَّ الشرطة.‏ فكأجنبي،‏ علمت ان القاء القبض عليَّ سيؤول تلقائيا الى ترحيلي.‏ وللتخفيف من الخطر،‏ عملنا اثنين اثنين.‏ وبينما كان الاول يشهد،‏ كان الآخر يستمع الى اية اشارات تنذر بالخطر.‏ وبعد زيارة بيت او بيتين،‏ وفي الغالب في اعلى المبنى السكني،‏ كنا نبتعد مبنيين او ثلاثة مبانٍ ونزور بيتين او ثلاثة بيوت.‏ وكنا نستعمل الكتاب المقدس كثيرا،‏ ونحمل فقط القليل من الكراريس المخبَّأة جيدا في معاطفنا لنقدمها للمهتمين.‏

بعد قضاء سنة في مَدريد،‏ جرى تعييننا في ڤيڠو،‏ مدينة كبيرة في شمالي غربي اسپانيا لا شهود فيها على الاطلاق.‏ اوصت الجمعية ان تقوم زوجتي،‏ خلال الشهر الاول او نحوه،‏ بمعظم الشهادة —‏ لنعطي الانطباع اننا سائحان.‏ وعلى الرغم من اقترابنا الذي لا يلفت الانظار،‏ جذبت كرازتنا الانتباه.‏ وفي غضون شهر ابتدأ الكهنة الكاثوليك يشهِّروننا على الراديو.‏ وقد حذَّروا ابناء رعيتهم ان زوجين يذهبان من بيت الى بيت ليتكلما عن الكتاب المقدس —‏ كتاب محظور تقريبا في ذلك الوقت.‏ و«الزوجان المطلوبان» يتألفان من اجنبي وزوجته الاسپانية،‏ التي تقوم بمعظم الحديث!‏

وقضى الكهنة ان مجرد التكلم مع هذين الزوجين الخطِرين هو خطية لا تغتفر إلا اذا جرى الاعتراف بها على الفور للكاهن.‏ وفعلا،‏ عند ختام محادثة ممتعة اجريناها مع سيدة،‏ قالت لنا بلهجة اعتذارية انه عليها ان تذهب وتعترف.‏ وعندما غادرنا بيتها،‏ رأيناها تسارع الى الكنيسة.‏

الطرد

بعد شهرين فقط من وصولنا الى ڤيڠو،‏ انقضَّت علينا الشرطة.‏ وكان الشرطي الذي قبض علينا وديًّا ولم يقيِّدنا اثناء توجُّهنا الى مركز الشرطة.‏ وفي المركز رأينا وجها مألوفا،‏ سيدة تضرب على الآلة الكاتبة كنا قد شهدنا لها مؤخرا.‏ وظهر عليها الارتباك عندما رأتنا نعامَل كمجرمَين وسارعت لتؤكد لنا انها لم تتَّهمنا بجريمة ما.‏ ولكننا اتُّهمنا بتعريض «وحدة اسپانيا الروحية» للخطر،‏ وبعد ستة اسابيع جرى ترحيلنا.‏

تلك كانت نكسة،‏ ولكننا لم نكن ننوي الاستسلام.‏ فكان هنالك الكثير من العمل لنقوم به في شبه جزيرة إيبيريا.‏ وبعد ثلاثة اشهر في طنجة،‏ جرى تعييننا في جبل طارق —‏ مقاطعة اخرى غير مخدومة.‏ وكما يقول الرسول بولس،‏ اذا كنا نقدِّر خدمتنا،‏ فسنستمر وسنكافأ.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏١،‏ ٧،‏ ٨‏)‏ وقد تبرهنت صحة ذلك في حالتنا.‏ فعند اول بيت زرناه في جبل طارق،‏ ابتدأنا بدرس للكتاب المقدس مع عائلة بأسرها.‏ وسرعان ما صار كل منا يدير ١٧ درسا.‏ وكثيرون ممَّن درسنا معهم صاروا شهودا،‏ وفي غضون سنتين صارت هنالك جماعة من ٢٥ ناشرا.‏

ولكن،‏ كما في ڤيڠو،‏ شنّ رجال الدين حملة ضدنا.‏ فالاسقف الانڠليكاني لجبل طارق حذر رئيس الشرطة اننا «غير مرغوب فينا،‏» وقد اثمرت اخيرا محاولاته.‏ وفي كانون الثاني ١٩٦٢ طُردنا من جبل طارق.‏ فإلى اين نذهب بعد ذلك؟‏ كانت الحاجة لا تزال ماسة في اسپانيا،‏ لذلك عدنا،‏ آملَين ان لا يكون سجلنا السابق الآن في متناول الشرطة.‏

صارت مدينة إشبيلية المشمسة موطننا الجديد.‏ وهناك تمتعنا بالعمل على نحو لصيق مع زوجين فاتحين آخرين،‏ راي وپات كيركَپ.‏ ومع ان إشبيلية كانت مدينة يقطنها نصف مليون نسمة،‏ كان هنالك ٢١ ناشرا فقط،‏ لذلك كان هنالك عمل كثير لفعله.‏ أما الآن فهنالك ١٥ جماعة و ٥٠٠‏,١ ناشر.‏ وبعد سنة،‏ حصلنا على مفاجأة سارة؛‏ لقد دعينا لنخدم في العمل الجائل في منطقة برشلونة.‏

ان العمل الدائري مختلف بعض الشيء في بلد لا يُعترف فيه بعملنا شرعيا.‏ فكل اسبوع كنا نزور فرقا صغيرة،‏ وكان لمعظمها عدد قليل جدا من الاخوة الاكفاء.‏ وكان هؤلاء الاخوة المجتهدون بحاجة الى كل التدريب والدعم اللذين يمكننا ان نعطيهم.‏ وقد احببنا هذا التعيين!‏ فبعد قضائنا سنوات عديدة في مناطق فيها قليلون او لا احد من الشهود،‏ سرَّنا ان نزور اعدادا كبيرة مختلفة من الاخوة والاخوات.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كان عمل الكرازة في برشلونة اسهل،‏ وكان اشخاص كثيرون يرغبون في درس الكتاب المقدس.‏

محاربة الكآ‌بة

ولكن بعد ستة اشهر فقط،‏ اتَّخذت حياتي منحى مأساويا.‏ فعطلتنا الاولى على شاطئ البحر كادت تصير مأساة عندما تعرَّضت للحادث الذي وصفته في البداية.‏ لقد شفيت جسديا بسرعة من صدمة كوني على شفير الغرق،‏ لكنَّ الحادثة تركت ندبة يتعذَّر محوها على جهازي العصبي.‏

لبضعة اشهر جاهدت لاستمر في العمل الدائري،‏ ولكنني اضطررت اخيرا الى العودة الى انكلترا من اجل معالجة طبية.‏ وبعد سنتين تعافيت الى حد يكفي لتمكيننا من العودة الى اسپانيا حيث استأنفنا العمل الدائري من جديد.‏ لكنَّ ذلك كان لمجرد فترة قصيرة من الوقت.‏ فقد صار والدا زوجتي مريضين جدا،‏ فتركنا الخدمة كامل الوقت للاعتناء بهما.‏

صارت الحياة اصعب عندما عانيت سنة ١٩٦٨ انهيارا عصبيا شاملا.‏ وكانت هنالك اوقات اعتقدنا فيها رافاييلا وأنا انني لن اتعافى ابدا.‏ كان الامر وكأنني اغرق من جديد ولكن بطريقة مختلفة!‏ وعدا عن ان الكآ‌بة جعلت المشاعر السلبية تكتنفني،‏ فقد سلبتني كل قوتي.‏ فعانيت نوبات من الانهاك الشديد اجبرتني ان ارتاح بشكل دائم تقريبا.‏ في ذلك الوقت لم يفهم كل الاخوة هذا النوع من المشاكل؛‏ وقد علمت طبعا ان يهوه يفهمها.‏ ونلت اكتفاء عظيما من قراءتي المقالات الرائعة في مجلتي برج المراقبة واستيقظ!‏ التي كانت متفهِّمة ومساعدة جدا للمكتئبين.‏

في اثناء ذلك الوقت الصعب،‏ كانت زوجتي نبعا مستمرا من التشجيع.‏ ومواجهة المشاكل معا انما تقوّي رباط الزواج.‏ مات والدا رافاييلا،‏ وبعد ١٢ سنة،‏ تحسنت صحتي الى حد شعرنا عنده انه يمكننا ان نعود الى الخدمة كامل الوقت.‏ وفي سنة ١٩٨١،‏ لدهشتنا وسرورنا،‏ دُعينا من جديد لنخدم في العمل الدائري.‏

حدثت تغييرات ثيوقراطية هائلة في اسپانيا منذ اختبارنا السابق في الخدمة الجائلة.‏ فقد كانت لدينا الآن حرية الكرازة،‏ ولذلك كان عليَّ ان اماشي الظروف الجديدة.‏ لكنَّ الخدمة من جديد كناظر دائرة كانت امتيازا عظيما.‏ وخدمتنا كفاتحَين على الرغم من الظروف الصعبة مكَّنتنا من تشجيع الفاتحين الذين يواجهون المشاكل.‏ وكثيرا ما تمكَّنا من مساعدة آخرين على الانضمام الى صفوف الفاتحين.‏

بعد ١١ سنة من العمل الجائل في مَدريد وبرشلونة،‏ صار ضروريا تغيير تعييناتنا من جديد بسبب صحتنا الرديئة.‏ فجرى تعييننا كفاتحَين خصوصيين في مدينة سَلَمَنْقة حيث يمكن ان اكون نافعا كشيخ.‏ والاخوة في سَلَمَنْقة جعلونا نشعر على الفور بأنه مرحَّب بنا.‏ وبعد سنة كانت ستمتحن احتمالنا ازمة اخرى.‏

صارت رافاييلا شاحبة جدا دون سبب،‏ وأظهرت الفحوص انها تعاني سرطان القولون.‏ والآن يلزم ان اكون الاقوى وأقدِّم كل ما في وسعي من دعم لزوجتي.‏ وأوّل رد فعل لنا كان عدم التصديق،‏ ثم الخوف.‏ فهل ستنجو رافاييلا؟‏ ان الثقة بيهوه كاملا،‏ في اوقات كهذه،‏ هي ما يساعدنا لنستمر.‏ ويسعدني ان اقول ان رافاييلا خضعت لعملية ناجحة،‏ ونرجو ان لا يعاودها السرطان.‏

على الرغم من ظروفنا المتقلِّبة خلال السنوات الـ‍ ٣٦ التي قضيناها في اسپانيا،‏ كان من المبهج ان نحيا في هذا الوقت من النمو الروحي.‏ لقد رأينا الفريق الصغير من نحو ٨٠٠ ناشر في سنة ١٩٥٨ ينمو ليصير جيشا من اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ ناشر اليوم.‏ وصعوباتنا فاقتها افراحنا الكثيرة —‏ مساعدة الآخرين على قبول الحق وإحراز النضج الروحي،‏ العمل معا كزوج وزوجة،‏ والشعور بأننا استخدمنا حياتنا بأفضل طريقة ممكنة.‏

يقول بولس في رسالته الثانية الى الكورنثيين:‏ «إذ لنا هذه الخدمة كما رُحِمنا لا (‏نستسلم)‏.‏» (‏٢ كورنثوس ٤:‏١‏)‏ وإذ انظر الى الوراء،‏ ادرك انه كانت هنالك عوامل كثيرة في حياتي حالت دون استسلامي.‏ فمثال الاخوة الممسوحين الامناء الذين اهتموا بي خلال سنوات نشوئي زوَّد اساسا جيدا.‏ وامتلاكي رفيقة تشاركني الاهداف الروحية نفسها هو عون رائع؛‏ فعندما كنت اشعر بالكآ‌بة،‏ كانت رافاييلا تشجعني،‏ وقد فعلتُ الامر نفسه لها.‏ وروح الفكاهة هي ايضا مقتنى ثمين.‏ فالتمكُّن من الضحك مع الاخوة —‏ والضحك على انفسنا —‏ يجعل المشاكل بطريقة ما تبدو خانقةً اقل.‏

ولكن قبل كل شيء،‏ يتطلب الاحتمال في وجه المحن قوةَ يهوه.‏ وأنا اتذكر دائما كلمات بولس:‏ «استطيع كل شيء في (‏ذاك)‏ الذي يقوِّيني.‏» فبدعم يهوه،‏ لا داعي الى ان نستسلم ابدا.‏ —‏ فيلبي ٤:‏١٣‏.‏

‏[الصورتان في الصفحة ٢٣]‏

رونالد ورافاييلا تايلور في سنة ١٩٥٨

‏[الصورتان في الصفحتين ٢٤،‏ ٢٥]‏

الاجتماع تحت الحظر في اسپانيا (‏١٩٦٩)‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة