مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • لماذا يشعر كثيرون بالوحدة؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • لماذا يشعر كثيرون بالوحدة؟‏

      يشعر اناس كثيرون في هذه الايام بالوحدة مهما اختلفت اعمارهم وأعراقهم وطبقاتهم الاجتماعية ومعتقداتهم الدينية.‏ فهل شعرت يوما بالوحدة؟‏ هل تشعر بالوحدة الآن؟‏ جميعنا احسسنا في وقت من الاوقات بالحاجة الى الرفقة،‏ الى شخص يصغي الى شكوانا ويُطَمئِن بالنا،‏ او ربما يتجاوب بصدق مع عمق مشاعرنا وأفكارنا ويتفهم شخصيتنا.‏ فنحن بحاجة الى شخص يهتمّ بما يخالجنا من احاسيس.‏

      ولكن اذا كان المرء وحيدا فهذا لا يعني بالضرورة انه يشعر بالوحدة.‏ فيمكن ان يبقى الشخص وحيدا فترةً طويلة ويتمتع بكل ما يفعل،‏ دون ان يشعر بالوحدة على الاطلاق.‏ وفي المقابل،‏ يوجد اشخاص لا يطيقون البقاء وحيدين.‏ في الاستعمال الشائع،‏ تشير كلمة وحيد الى مَن لا يوجد احد معه،‏ ولا تتضمن بالضرورة فكرة التعاسة.‏ أما عبارة الشاعر بالوحدة فتوحي بشخص يتألم لأنه وحيد،‏ وهي مماثلة لكلمة مستوحش التي تشير الى مَن يفتقد وجود رفيق يستأنس به ويرتاح قلبه اليه ويسعد بصحبته.‏ وتبقى اخيرا كلمة مستوحد او متوحد التي تشير عادةً الى مَن يتعمد الانفراد بنفسه والانعزال عن غيره.‏

      الشعور بالوحدة انما هو احساس غامر يمكن ان يولّد ألمًا عميقا في النفس.‏ انه احساس بالفراغ والعزلة وبنبذ الآخرين.‏ وقد تصير عواطف الشاعر بالوحدة مرهفة وينتابه خوف شديد من حالته.‏ فهل شعرتَ يوما هكذا؟‏ وما اسباب الشعور بالوحدة؟‏

      يختلف تجاوب الناس مع مشاكلهم وظروفهم وأوضاعهم.‏ فربما تشعر بأنك منبوذ من الناس حولك بسبب شكلك او عرقك او دِينك.‏ كما ان تغيُّر محيطك (‏الذهاب الى مدرسة جديدة،‏ الابتداء بعمل جديد،‏ او الانتقال للعيش في حيّ او مدينة او بلد آخر)‏ يمكن ان يولّد شعورا بالوحدة بسبب اضطرارك الى ترك اصدقائك القدامى.‏ ولا شك ان وفاة احد الوالدين او رفيق الزواج يمكن ان تُغرق المرء في الشعور بالوحدة سنين عديدة على الارجح.‏ كما ان حلقة الاصدقاء والمعارف تتغير عندما نكبر في السن،‏ وقد يقلّ عددهم او لا يبقى احد منهم حيا.‏

      ولا ينجح الزواج دائما في طرد الشعور بالوحدة.‏ فسوء التفاهم المتبادل او عدم الانسجام قد يسبّب اجهادا ينتج شعورا بعدم الامان،‏ حتى انه قد يؤدي الى تباعُد رفقاء الزواج والاولاد.‏ وبالاضافة الى الشعور بالوحدة الناجم عن موت شخص عزيز او الطلاق او عدم التواصل العاطفي او الانعزال،‏ يوجد نوع من الشعور بالوحدة له اثر بالغ فينا جميعا.‏ وينتابنا عندما تتدهور علاقتنا باللّٰه ونشعر بأننا مبتعدون عنه.‏

      فهل مررت بأيّ من الحالات المذكورة اعلاه؟‏ وهل يمكن التغلب على الشعور بالوحدة؟‏

  • التغلب على الشعور بالوحدة
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • التغلب على الشعور بالوحدة

      ليس من السهل التغلب على الشعور بالوحدة.‏ فالمسألة تمسّ اعماق النفس.‏ ولكن كيف يمكن للمرء ان يتغلب على الشعور بالوحدة؟‏ وماذا فعل البعض ليتخلصوا من هذا الشعور القوي؟‏

      التغلب على الشعور بالوحدة

      تحب هيلينa ان تبقى وحدها عند اتخاذ بعض القرارات،‏ لكنها تشعر بأن الوحدة قد تنطوي على مخاطر.‏ ففي صغرها كان ينقصها التواصل الجيد مع والديها.‏ وبما انها لم تكن تعرف كيف تجذب انتباههما اليها،‏ حبست نفسها في غرفتها.‏ ذكرت:‏ «في البداية صرت اعاني اضطرابات في الاكل،‏ ووقعت في فخ الكآ‌بة.‏ ورحت اقول لنفسي:‏ ‹لماذا أقلق بشأن مشاكل والديَّ ما داما لا يقلقان بشأني؟‏›.‏ ثم ظننتُ ان الزواج قد يملأ الفراغ الذي احس به.‏ لذا صرت اسعى الى الزواج لأهرب من حالتي.‏ ولكني عدت فقلت في نفسي:‏ ‹لماذا ادمّر حياة شخص آخر؟‏ عليّ اولا ان اصحح طريقة تفكيري›.‏ فصلّيت الى يهوه وطلبت منه المساعدة،‏ وأفصحت له عن كل ما يؤلمني.‏

      ‏«وجدتُ في الكتاب المقدس كلمات معزية كثيرة،‏ مثل اشعياء ٤١:‏١٠‏:‏ ‹لا تخف لأني معك.‏ لا تتلفت لأني الهك.‏ قد ايدتك وأعنتك وعضدتك بيمين بري›.‏ ساعدتني هذه الكلمات كثيرا لأني كنت اشعر ان لا اب لي.‏ أما اليوم فأنا اواظب على قراءة الكتاب المقدس وأصلّي الى ابي السماوي.‏ لقد تعلّمت التغلب على شعوري بالوحدة».‏

      عندما يموت شخص عزيز،‏ ينتاب المرء حزن شديد يمكن ان يؤدي الى الشعور بالوحدة.‏ وصفت لويسا (‏١٦ سنة)‏ معاناتها بالقول:‏ «قُتل ابي عندما كنتُ في الخامسة من عمري.‏ فصرت ابحث عن العزاء عند جدتي،‏ لكني لم اشعر قط انها تحبني.‏ كما انني لم أحظَ بالكثير من العطف في طفولتي حين كنت بأمس الحاجة اليه.‏ لذا حاولتُ الانتحار ثلاث مرات حين كنت بين الثامنة والتاسعة من العمر،‏ اذ ظننتُ ان هذا افضل لعائلتي لأن امي تشقى كثيرا في تأمين الطعام لي ولأخواتي الثلاث.‏ في ذلك الوقت بدأت اعاشر شهود يهوه.‏ فأولتني شابة وزوجها اهتماما اصيلا.‏ وكانا يقولان لي:‏ ‹نحن نعزّك،‏ ونحن بحاجة اليك›.‏ وكانت الكلمات ‹نحن بحاجة اليك› تمنحني قوة كبيرة.‏ لا استطيع في بعض الاحيان ان اعبّر عن مشاعري امام شخص آخر،‏ ولكن عندما اقرأ المقالات الصادرة في برج المراقبة و استيقظ!‏،‏ أعبّر ليهوه عن الشكر لأني صرت أشعر من خلال هاتين المجلتين انه يحبني.‏ لقد قمت بتغييرات كثيرة.‏ فبإمكاني ان أبتسم الآن،‏ وبإمكاني ان اعبّر لأمي عن مشاعر الحزن والفرح التي تخالجني.‏ تعاودني احيانا ذكريات الماضي،‏ لكنها لا تترك فيَّ الاثر الذي كانت تتركه حين حاولت الانتحار او حين لم اعد اتكلم مع احبائي.‏ وأنا اتذكر دائما ما قاله المرنم الملهم داود:‏ ‹من اجل اخوتي وأصحابي لأقولنَّ سلام›».‏ —‏ مزمور ١٢٢:‏٨‏.‏

      مارتا امرأة مطلَّقة منذ ٢٢ سنة تحملت خلالها مسؤولية تربية ولد وحدها.‏ تذكر:‏ «تعاودني مشاعر الوحدة وعدم القيمة حين افكر في امر فشلت فيه».‏ وكيف تواجه هذه المشاعر؟‏ تجيب:‏ «وجدتُ ان افضل طريقة للتغلب عليها هي إخبار يهوه اللّٰه عنها على الفور.‏ وعندما اصلّي،‏ اعرف انه معي.‏ وهو يفهمني اكثر مما افهم نفسي.‏ كما ابحث عن وسائل أُظهر بها اهتمامي بالآخرين.‏ وعملي التبشيري كامل الوقت وسيلة فعالة جدا لمحاربة المشاعر السلبية.‏ فعندما يتحدث المرء الى الآخرين عن بركات ملكوت اللّٰه ويدرك ان سامعيه لا يملكون ايّ رجاء وأنهم لا يرون في الافق حلا لمشاكلهم،‏ يجد اسبابا قوية ليرغب في العيش ويواصل حربه على مشاعره السلبية».‏

      تبلغ إلبا من العمر ٩٣ سنة،‏ ولها ابنة وحيدة مرسَلة في بلد اجنبي.‏ تروي لنا الطريقة التي تعتمدها لكي تتغلب على الشعور بالوحدة:‏ «عندما تلقَّت ابنتي وزوجها دعوة لحضور مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس،‏ رأيتُ وجهيهما يشرقان فرحا،‏ وكنتُ انا ايضا فرِحة من اجلهما.‏ ولكن عندما تسلَّما لاحقا تعيينا للخدمة في بلد اجنبي،‏ بدأت اشعر بالانانية بعض الشيء.‏ فقد ادركتُ انهما لن يعودا قريبَين مني،‏ وانتابني بعض الحزن.‏ بدا الوضع اشبه بما حصل مع يفتاح وابنته الوحيدة كما هو مذكور في سفر القضاة الاصحاح ١١‏.‏ فصلّيت الى يهوه بدموع طالبةً منه الغفران.‏ بقيت ابنتي وزوجها على اتصال دائم بي بعد رحيلهما.‏ أعرف انهما مشغولان جدا،‏ لكنهما يخصصان الوقت أينما كانا لمكاتبتي وإطلاعي على أخبارهما وسرد الاختبارات التي تحصل معهما في خدمة الحقل.‏ انني أقرأ رسائلهما مرارا وتكرارا.‏ وبهذه الطريقة اشعر كما لو أنهما يكلّمانني كل اسبوع،‏ وأنا شاكرة جدا على ذلك.‏ كما ان الشيوخ المسيحيين في جماعتي يولوننا نحن المسنين والمرضى عناية خصوصية،‏ اذ يحرصون على تأمين المواصلات لنا لحضور اجتماعات الجماعة وعلى توفير اية امور اخرى نحتاج اليها.‏ وأنا اعتبر اخوتي وأخواتي الروحيين بركة من يهوه».‏

      يمكنك انت ايضا التغلب على الشعور بالوحدة

      سواء كنت صغيرا او كبيرا،‏ عازبا او متزوجا،‏ ولدا أبواه على قيد الحياة أو يتيما،‏ هناك طرائق تمكّنك من التغلب على الشعور بالوحدة مهما كان سببه.‏ تقول هوكابد،‏ فتاة عمرها ١٨ سنة هجر ابوها عائلته المؤلفة من ستة افراد ليسافر الى بلد آخر:‏ «أفصِحْ عما يزعجك!‏ فمن المهم جدا ان نعبّر عن مشاعرنا.‏ وإذا لم نفعل ذلك،‏ فلن يفهمنا احد».‏ وهي تنصح ايضا:‏ «لا تفكّر كثيرا بنفسك.‏ اطلب المساعدة من اشخاص ناضجين لا من احداث قد تكون حالتهم اسوأ من حالتك».‏ وتقول لويسا المذكورة آنفا:‏ «الصلاة القلبية ليهوه تمنحنا العون الذي نحتاج اليه للخروج مما قد يبدو لنا طريقا مسدودا».‏ ويقول خورخيه،‏ الذي ماتت زوجته،‏ عن طريقته في محاربة الشعور بالوحدة:‏ «المثابرة ضرورية.‏ وقد استفدتُ كثيرا من إظهار الاهتمام بخير الآخرين.‏ فعندما تتحدث الى الناس و ‹تشاطرهم مشاعرهم›،‏ يمكن ان تصير المحادثة مفيدة،‏ وهذا ما يساعدك على اكتشاف الصفات الجميلة عند الآخرين».‏ —‏ ١ بطرس ٣:‏٨‏.‏

      امور كثيرة يمكن فعلها لمحاربة الشعور بالوحدة.‏ ولكن هل سيحلّ يوم لا يشعر فيه احد بالوحدة؟‏ اذا كان الجواب نعم،‏ فكيف سيحصل ذلك؟‏ ستجيب المقالة التالية عن هذين السؤالين.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a بعض الاسماء جرى تغييرها.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٨]‏

      ‏«الصلاة القلبية ليهوه تمنحنا العون الذي نحتاج اليه للخروج مما قد يبدو لنا طريقا مسدودا».‏ —‏ لويسا

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٧]‏

      ما يمكنك فعله للتغلب على الشعور بالوحدة

      ◼ أدركْ ان وضعك الحالي قابل للتغيير ولن يلازمك الى الابد،‏ وأن كثيرين غيرك يعانون هذه المشكلة.‏

      ◼ لا تتطلب من نفسك امورا غير معقولة.‏

      ◼ اِرْضَ بما انت عليه عموما.‏

      ◼ اتَّبع نظاما صحيحا للاكل وممارسة التمارين،‏ ونَمْ جيدا.‏

      ◼ استخدم الوقت الذي تقضيه وحدك في فعل امور مميزة وتعلّم مهارات جديدة.‏

      ◼ احذر من ان تدين الناس الذين تقابلهم على اساس تجاربك الماضية.‏

      ◼ أعزَّ اصدقاءك وقدِّر صفاتهم الفريدة.‏ اسعَ الى توسيع حلقة اصدقائك.‏ اطلب الاقتراحات من ذوي الخبرة الاكبر سنا.‏

      ◼ اظهر اهتماما بالآخرين:‏ ابتسمْ لهم،‏ قل لهم كلمة جميلة،‏ أو اخبرهم بفكرة من الكتاب المقدس.‏ فالشاعر بالوحدة يرتاح اذا احس ان الآخرين بحاجة اليه.‏

      ◼ لا تتخيل نفسك على علاقة بنجوم السينما او التلفزيون او بشخصيات بارزة على صفحات الإنترنت والكتب الادبية.‏

      ◼ اذا كنت متزوجا،‏ فلا تتوقع من رفيق زواجك ان يشبع كل حاجاتك العاطفية.‏ تعلَّم الاخذ والعطاء،‏ وليكن كل واحد معينا ومشجِّعا للآخر.‏

      ◼ تعلَّم التحدث الى الآخرين وأصغِ اليهم.‏ ركّز على الآخرين واهتماماتهم.‏ كن متعاطفا معهم.‏

      ◼ لا تنكر انك تعاني مشكلة الشعور بالوحدة،‏ وتحدَّث في الامر الى صديق ناضج يمكنك الوثوق به.‏ لا تترك نفسك تتألم بصمت.‏

      ◼ لا تفرط في شرب الكحول،‏ او لا تشرب على الاطلاق.‏ فحتى لو شربتَ لتنسى،‏ لن تلبث المشاكل ان تعود.‏

      ◼ لا تكن متكبرا.‏ سامح الذين يجرحونك،‏ وحاول تحسين علاقتك بهم.‏ لا تتطرف في ارتيابك من الآخرين،‏ بل امنحهم بعض الثقة.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦]‏

      كيف يمكن للمرء ان يتغلب على الشعور بالوحدة؟‏

  • حين لا يشعر احد بالوحدة في ما بعد
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • حين لا يشعر احد بالوحدة في ما بعد

      يذكر الكتاب المقدس في تكوين ٢:‏١٨ انه بعد خلق الانسان الاول،‏ «قال الرب الاله ليس جيدا ان يكون آدم وحده.‏ فأصنع له معينا نظيره».‏ فقد خُلق البشر ليعيشوا معا ويعتمدوا واحدهم على الآخر.‏

      وأفضل صديق لنا هو يهوه اللّٰه.‏ وقد اعتبر الرسول بولس يهوه ‹ابا المراحم الرقيقة وإله كل تعزية،‏ الذي يعزينا في كل ضيقتنا›.‏ (‏٢ كورنثوس ١:‏٣،‏ ٤‏)‏ فيهوه يحزن عندما يتألم ايٌّ من عبّاده،‏ لأنه اله التعاطف.‏ «يعرف جبلتنا.‏ يذكر اننا تراب نحن».‏ (‏مزمور ١٠٣:‏١٤‏)‏ أفلا تشعر بالانجذاب الى يهوه اللّٰه وتندفع الى شكره على رعايته الحبية واللطيفة والمتفهمة؟‏

      يهوه يدعم الشاعرين بالوحدة

      مرَّ كثيرون من خدام اللّٰه في الماضي بظروف شعروا فيها بالوحدة.‏ فكان يهوه مصدر دعم وتشجيع لهم.‏ إليك على سبيل المثال ارميا الذي دُعي وهو شاب ليكون نبيا.‏ فبين الكتبة الـ‍ ٤٠ للكتاب المقدس،‏ ربما كان ارميا الوحيد الذي عبَّر بإسهاب عما يخالجه من مشاعر.‏ فقد أحس بالخجل،‏ وشعر بأنه غير اهل للتعيين الاول الذي تلقاه من اللّٰه.‏ (‏ارميا ١:‏٦‏)‏ وكان عليه ان يتكل على يهوه كليا لكي ينجح في تعيينه.‏ فكان يهوه معه «كجبار قدير».‏ —‏ ارميا ١:‏١٨،‏ ١٩؛‏ ٢٠:‏١١‏.‏

      قبل ارميا بنحو ٣٠٠ سنة،‏ اقسمت الملكة ايزابل ان تقتل ايليا بعدما سمعت بموت انبياء البعل.‏ فهرب ايليا مسافة ٤٥٠ كيلومترا الى جبل حوريب في شبه جزيرة سيناء.‏ وهناك،‏ دخل الى مغارة ليقضي ليلته فيها،‏ فإذا بيهوه اللّٰه يسأله:‏ «ما لك ههنا يا ايليا».‏ قال له ايليا انه يشعر بأنه العابد الوحيد له في كل اسرائيل،‏ وأنه النبي الوحيد الغيور على خدمته.‏ فأكد له يهوه انه ليس وحده.‏ فهو معه،‏ ومعه ايضا ٠٠٠‏,٧ شخص من إخوته الاسرائيليين مع انه لا يعرفهم.‏ لقد قوّى يهوه ايليا وهدَّأ روعه وبنى ايمانه وحرّك مشاعره وشجعه على عدم الاستسلام في تعيينه.‏ (‏١ ملوك ١٩:‏٤،‏ ٩-‏١٢،‏ ١٥-‏١٨‏)‏ فإذا حدث ان شعرنا كإيليا بالوحدة او بعدم القيمة،‏ يمكننا ان نصلي الى يهوه ليقوّينا.‏ كما يمكن للشيوخ المسيحيين بتمييزهم ان يعزّوا المؤمنين ويساعدوهم لكي يروا انهم يلعبون دورا هاما في اتمام قصد اللّٰه.‏ —‏ ١ تسالونيكي ٥:‏١٤‏.‏

      نرى من هذين المثالين ومن امثلة اخرى ان يهوه مستعد ليمنح الدعم والتعزية للشاعرين بالوحدة.‏ نعم،‏ فيهوه «ملجأ للمنسحق.‏ ملجأ في ازمنة الضيق».‏ —‏ مزمور ٩:‏٩؛‏ ٤٦:‏١؛‏ ناحوم ١:‏٧‏.‏

      رجل متعاطف ذو مشاعر رقيقة

      يسوع المسيح هو افضل مثال لمَن يملك مشاعر متزنة ويقتدي بيهوه.‏ يصف لوقا رد فعل يسوع عندما رأى موكبا جنائزيا في مدينة نايين:‏ ‹كان ميت محمولا خارجا،‏ ابن هو الولد الوحيد لأمه.‏ فلما رآها الرب،‏ اشفق عليها،‏ وقال لها:‏ «كفي عن البكاء».‏ ثم اقترب ولمس النعش،‏ فوقف الحاملون،‏ فقال:‏ «ايها الشاب،‏ لك اقول:‏ قُم!‏».‏ فاستوى الميت جالسا وابتدأ يتكلم،‏ فدفعه الى أمه›.‏ (‏لوقا ٧:‏١٢-‏١٥‏)‏ لقد تحركت مشاعر يسوع،‏ اذ كان انسانا رؤوفا.‏ تخيَّل السعادة التي احست بها الارملة الشاعرة بالوحدة حين رد يسوع الحياة الى ابنها!‏ فلم تعد تشعر بالوحدة بعد ذلك.‏

      يمكننا ان نشعر بالطمأنينة حين ندرك ان يسوع «يتعاطف معنا في ضعفاتنا».‏ وهو يتعاطف دون شك مع المستقيمين الشاعرين بالوحدة.‏ فبواسطته «ننال رحمة ونجد نعمة للعون في حينه».‏ (‏عبرانيين ٤:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ وبالتمثل بيسوع،‏ يمكن ان نتعاطف مع الحزانى والمرضى والشاعرين بالوحدة.‏ وعندما نساعد الآخرين يقلّ احتمال شعورنا بالوحدة.‏ ولكن توجد ايضا طريقة اخرى تساعدنا على التغلب على مشاعر الوحدة السلبية.‏

      كلمة يهوه تساعدنا لنتغلب على الشعور بالوحدة

      لقد وجد كثيرون انهم يستمدون ‹الرجاء من التعزية من الاسفار المقدسة›.‏ فكلمة اللّٰه حافلة بالنصائح العملية التي يمكن ان تساعدنا لنتغلب على الشعور بالوحدة.‏ (‏روما ١٥:‏٤؛‏ مزمور ٣٢:‏٨‏)‏ مثلا،‏ تحثنا كلمة اللّٰه ‹ألا نفكر عن انفسنا اكثر مما ينبغي ان نفكر›.‏ (‏روما ١٢:‏٣‏)‏ ولتطبيق هذه النصيحة،‏ قد يلزم ان نعدّل طريقة تفكيرنا.‏ فالتواضع وامتلاك نظرة واقعية الى حدودنا يساعداننا دون شك على إبقاء توقعاتنا متزنة ومنطقية.‏ كما تنصحنا كلمة اللّٰه بأن ننمي اهتماما شخصيا اصيلا بالآخرين.‏ (‏فيلبي ٢:‏٤‏)‏ فالحياة اخذ وعطاء.‏ وعندما تعطي من نفسك تنال من الآخرين.‏ وهذا التفاعل مع الآخرين يساهم في ملء الفراغ الذي نشعر به ويجعل حياتنا ذات معنى.‏

      ويشجعنا الكتاب المقدس كمسيحيين ‹ألا نتخلى عن اجتماعنا›.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ لذا يحسن بنا ان ننخرط في نشاطات ايجابية كحضور اجتماعات شهود يهوه بانتظام.‏ ولا شك ان الاجتماعات المسيحية تساهم في تقويتنا روحيا وعاطفيا وجسديا.‏ كما ان التكلم الى الآخرين عن بشارة ملكوت اللّٰه يملأ حياتنا بنشاط مفيد وممتع.‏ ويُبقي اعيننا مركزة في الاتجاه الصحيح ويقوّي ايماننا ويحمي رجاءنا.‏ —‏ افسس ٦:‏١٤-‏١٧‏.‏

      اقترِب الى يهوه في الصلاة.‏ فقد حث داود:‏ «ألقِ على الرب همك فهو يعولك».‏ (‏مزمور ٥٥:‏٢٢‏)‏ كما انك ستشعر بالسعادة حين تدرس كلمة اللّٰه.‏ (‏مزمور ١:‏١-‏٣‏)‏ وإذا انتابتك مشاعر الوحدة،‏ فتأمل في رعاية يهوه الحبية كما تكشفها كلمته.‏ كتب صاحب المزمور:‏ «لصقت بالتراب نفسي فأحيِني حسب كلمتك».‏ —‏ مزمور ١١٩:‏٢٥‏.‏

      حين لا يقول احد:‏ «انا اشعر بالوحدة»‏

      لقد وعدَنا يهوه اللّٰه بعالم جديد خالٍ من الهموم والتثبطات والمشاعر السلبية.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «سيمسح كل دمعة من عيونهم،‏ والموت لا يكون في ما بعد،‏ ولا يكون نوح ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.‏ فالامور السابقة قد زالت».‏ (‏كشف ٢١:‏٤‏)‏ نعم،‏ فالآلام الجسدية والنفسية وعذابات الضمير التي نشعر بها اليوم ستكون بين الامور التي ستزول.‏

      وعندئذ ستكون الارض مأهولة بأناس محبّين يغنون حياتنا.‏ وسيزيل يهوه بواسطة ملكوته السماوي برئاسة يسوع المسيح شعور الوحدة الى الابد.‏ وستكون هنالك امور جديدة ورائعة لنقوم بها في الارض الفردوسية.‏ لقد دنا اليوم الذي لن يقول فيه احد:‏ «انا اشعر بالوحدة».‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة