-
حمّى اليانصيب — قمار العالماستيقظ! ١٩٩١ | ايار (مايو) ٨
-
-
حمّى اليانصيب — قمار العالم
«ان كل ما تحتاجون اليه هو دولار وحلم.» وكان الحلم ان تربحوا جائزة اليانصيب لنيويورك البالغة ٤٥ مليون دولار اميركي. دولار اشترى محاولة في الربح. والحالمون اتوا بالملايين. واذ وقفوا في الصف لشراء بطاقاتهم، تحادثوا عن اليخوت ومعاطف فرو المِنْك والقصور — اشياء سيشترونها اذا ربحوا الجائزة المالية. وفي احدى المراحل، في كل انحاء الولاية، انقضّوا على شراء البطاقات بنسبة ٠٠٠,٢٨ في الدقيقة. وفي الايام الثلاثة الاخيرة قبل السحب، اشتروا ٤,٣٧ مليون بطاقة.
وفي اليابان تكون التجارة ناشطة دائما عند الـ ٠٠٠,١٠ حجيرة اليانصيب المرخَّص لها حيث يحتشد الناس لشراء بطاقات من اجل Takarakuji (اليانصيب) الضخم لنهاية السنة. وفي احدى حجيرات طوكيو حيث كما يقال جرى بيع خمس بطاقات للجائزة الاولى في السنوات السابقة، كان نحو ٣٠٠ شخص واقفين في الصف عندما فُتحت الحجيرة للتجارة. واحدى الشابات، التي اعتقدت ان الحظ يحالف الذين يصلون باكرا، كانت تقف من الساعة ٠٠:١ بعد منتصف الليل. والجائزة الكبرى المطموع بها للسنة الماضية: رقم قياسي بلغ ١٠٠ مليون ين (٢٨٥,٧١٤ دولارا اميركيا، في الولايات المتحدة).
وفي احدى عواصم افريقيا الغربية، ان ما يدعوه المحليون منطقة شركة اللوتو يكون دائما مكتظا بأناس اتوا لشراء بطاقات وللمضاربة في الاعداد المستقبلية. وتباع قائمات طويلة من اعداد رابحة في الماضي لاولئك الذين يأملون ان يجدوا فيها دلالة الى مجموعة ارقام مستقبلية. وبالنسبة الى اولئك الذين يؤمنون بالمعرفة الخفية، يكون انبياء اللوتو حاضرين للتنبؤ، من اجل أجر، بأرقام للمراهنة عليها.
ظواهر في اماكن منعزلة؟ كلا على الاطلاق. ان حمّى اليانصيب وباء. فهي تُلهب كل قارّة. وتشتعل في البلدان الغنية والفقيرة. انها تثير الصغير والكبير من كل مستويات المجتمع الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية.
نعم، ألعاب اليانصيب تجارة كبيرة، والتجارة رائجة. ففي الولايات المتحدة وحدها، كسبت ألعاب اليانصيب الدولي ٥,١٨ ألف مليون دولار اميركي في سنة ١٩٨٩. ومنذ ٢٧ سنة فقط، كان هذا الرقم صفرا. ولكنَّ ألعاب اليانصيب الآن هي الشكل الاكبر الثاني للمقامرة في الولايات المتحدة، والصناعة تنمو بنسبة ٥,١٧ في المئة كل سنة، بمقدار سرعة صناعة الكمپيوتر.
وعالميا بلغ مجموع مبيعات اليانصيب في سنة ١٩٨٨، بحسب الارقام الاخيرة المتوافرة من مجلة تجارة المقامرة والمراهنة، ٣٨,٥٦ ألف مليون دولار اميركي، رقم ضخم. وذلك يعادل اكثر من عشرة دولارات اميركية لكل رجل، امرأة، وولد على الارض! وهذا في مجرد سنة واحدة!
وفيما لا يمكن لاحد ان ينكر ان ألعاب اليانصيب تزدهر، يحتج كثيرون بقوة ضدها. والمقالتان التاليتان تبحثان في الشعبية المتزايدة لألعاب اليانصيب والجدال من ورائها. واذ تتأملون في الوقائع، ستتمكنون من تقرير ما اذا كانت ألعاب اليانصيب لكم. فهل من الحكمة الاشتراك في ذلك؟ الى اي حد يكون الربح سهلا؟ هل يمكن ان تخسروا اكثر من المال؟
-
-
ألعاب اليانصيب — لماذا هي شعبية جدا؟استيقظ! ١٩٩١ | ايار (مايو) ٨
-
-
ألعاب اليانصيب — لماذا هي شعبية جدا؟
لماذا يشترك الناس في اليانصيب؟ «انه مسلٍّ، انه لهو،» قالت الناطقة بلسان مجلس اليانصيب. ربما يكون الامر كذلك، ولكنَّ الاغراء الرئيسي بالتأكيد هو الجائزة المالية. فكل شخص تقريبا يمكنه ان يستعمل قليلا من المال الاضافي. وألعاب اليانصيب تعد بالكثير من المال. وفي عدم يقينية عالم اليوم، عالم الاسعار المتصاعدة، الانهيارات في سوق الاسهم المالية، والاعمال الفاشلة، يعتقد الملايين من الناس ان ربح اليانصيب هو الطريقة الوحيدة التي يمكن تصورها لكي يصيروا اغنياء على نحو لا يصدق.
وبالاضافة الى الاغراء، فان ألعاب اليانصيب غير معقَّدة ومن السهل الاشتراك فيها. وهنالك اشكال مختلفة، كاللوتو، المراهنة على ارقام معينة والألعاب التي فيها تحكّون الورقة لتكتشفوا الاعداد المخفية، ولكن هذه كلها تشارك في وجهين بارزين. الاول هو ان المشتركين يربحون عندما تماثل الاعداد على بطاقاتهم تلك التي يسحبها المنظِّمون. والثاني، بخلاف اشكال المقامرة الاخرى، لا يتطلب مهارة او معرفة خصوصية للربح. فالربح او الخسارة هي مسألة صدفة بحتة.
ويشترك الناس ايضا في ألعاب اليانصيب لانه من السهل شراء البطاقات. فمعظم الاميركيين يمكنهم شراؤها من دكان البقول المحلي. وفي اي مكان إن لم تكن حجيرة اليانصيب قريبة، يمكن ان يضع المشتركون رهانهم بواسطة البريد، الهاتف، التلكس، او الفاكس.
ما هو الجديد بشأن ألعاب اليانصيب؟
هل ألعاب اليانصيب جديدة؟ كلا على الاطلاق. ففي المهرجانات في روما القديمة، منح الامبراطوران نيرون وأوغسطوس العبيد والملكية كجوائز. واحدى الجوائز النقدية القياسية الاولى جرى دفعها على الارجح في سنة ١٥٣٠ من قِبَل اليانصيب في فلورنسا، ايطاليا. وفي القرون التي تلت، ازدهرت ألعاب اليانصيب في اوروپا. ونمت ألعاب اليانصيب في اميركا الباكرة ايضا، اذ درّت مالا ساعد في تمويل جيمس تاون، الجيش القاري، وبناء الجامعات الرفيعة، مثل هارڤرد، دارتمث، ييل، وكولومبيا.
ولكن في القرن الـ ١٩، وقعت التجارة في مشكلة. فالمعارضون لاموا بعنف المقامرة الجماعية ووجهوا التهمة بأنه جرى التلاعب بالسحب. وشاعت في ألعاب اليانصيب الرشوة، الفساد، والتورط في الجريمة. والمروِّجون الخصوصيون كسبوا ارباحا هائلة. ونتيجة لذلك، جرى حظر ألعاب اليانصيب في الولايات المتحدة، فرنسا، وبريطانيا.
نهاية القصة؟ على نحو واضح لا. واستمرت ألعاب اليانصيب في النمو في اي مكان — ايطاليا، مثلا، واوستراليا. ابتكر كارلوس الثالث لاسپانيا لعبةَ يانصيب في ١٧٦٣؛ وجرى تأسيس صياغتها الحديثة بموجب قانون في ١٨١٢. كان هنالك مال يجب كسبه، لذلك سار بلد بعد آخر مع تيار اليانصيب. وفي سنة ١٩٣٣، رفعت فرنسا حظرها واسست الـ Loterie nationale. وفي ثلاثينات الـ ١٩٠٠ ايضا، انشأت ايرلندا Irish Hospitals’ Sweepstake الشهير الذي لها. وابتدأ Takarakuji اليابان في سنة ١٩٤٥. ووافقت بريطانيا على المقامرة على مباريات كرة القدم وسحب السندات الحكومية ذات الجوائز التي تُوزَّع بالقرعة، ألعاب يانصيب في الواقع وإن لم تكن بالاسم. وفي سنة ١٩٦٤ عادت الولايات المتحدة الى التجارة.
وبعدئذ، في سبعينات الـ ١٩٠٠، حوَّل تطوُّران عملية اليانصيب. الاول كان ادخال اجهزة الكمپيوتر المتصلة بنهايات طرفية لنقل المعلومات. فصار ممكنا الآن تنظيم ألعاب ذات حجوم كبيرة وتردُّد عال يتمكن فيها المشتركون من اختيار اعدادهم الخاصة. ولم يعد ضروريا ان ينتظروا اسابيع او اشهرا ليروا ما اذا ربحوا؛ فيمكن ان يكتشف المشتركون ذلك في ايام، ساعات، او حتى دقائق.
والتطور الثاني كان ادخال اللوتو، لعبة تكون فيها احتمالات عدم الربح كبيرة. وفي اللوتو، عندما لا يجري ربح الجائزة، تُنقل الى الالعاب المتعاقبة. لذلك يمكن ان تزداد الجائزة المالية الى ملايين الدولارات. وباللوتو، ترتفع المبيعات، وتصير التجارة كبيرة، كبيرة حقا.
اغراء للمروِّجين
لماذا تروِّج الحكومات المقامرة؟ لانها طريقة سهلة لتدرّ المال دون رفع الضرائب. وفي حين ان المكنات الشقبية والروليت تعيد في الجائزة مالا مقداره ٩٥ في المئة مما تتلقى، فألعاب اليانصيب تردُّ اقل من ٥٠ في المئة. مثلا، في الولايات المتحدة في سنة ١٩٨٨، جرى ردُّ نحو ٤٨ سنتا لكل دولار لليانصيب في الجوائز و ١٥ سنتا أُنفقت على الترويج، المبيعات، والادارة. والـ ٣٧ سنتا الباقية جرى استعمالها لتمويل التحسينات العامة، التعليم، الاعتناء بالصحة، والمساعدة للاكبر سنا. وعلى نطاق قومي، عادل ذلك ٢,٧ آلاف مليون دولار اميركي.
ولكنّ الحكومات لا تنظم ألعاب اليانصيب لمجرد كسب المال. فإن لم تدخل في التجارة، يمكن ان تخسر المال. فمواطنوها يمكن ان يشتركوا في مكان آخر. لذلك عندما يبدأ احد البلدان او احدى الولايات باليانصيب، تصير المناطق المجاورة تحت ضغط فعل الامر نفسه. وهذا التأثير المتزايد بسرعة واضح في الولايات المتحدة. ففي سنة ١٩٦٤ كان هنالك يانصيب دولي واحد؛ وفي سنة ١٩٨٩ صار هنالك ٣٠.
احلام الغنى
طبعا، هنالك اناس كثيرون يحاولون الحصول على قطعة دولار للاستهلاك. لذلك كيف يُقنع المروِّجون الشعب بانفاق المال على ألعاب اليانصيب؟ الاعلان! استدعاء محترفي الاقناع!
هل تشدد الاعلانات على ان جزءا (ولو كان صغيرا) من العائدات سيساعد في تمويل التعليم او تزويد الاعتناء بالاكبر سنا؟ لا! نادرا ما يذكر هذا الامر. وعوضا عن ذلك، تشدد الاعلانات على مقدار متعة ربح ملايين الدولارات. وهنا بعض الامثلة:
▫ «نمط حياة الاغنياء والمشاهير الذي لا يصدق يمكن ان يكون نمط حياتكم فورا . . . عندما تشتركون في لوتو ٤٩⁄٦ كندا الشهير لملايين الدولارات.»
▫ «يانصيب فلوريدا . . . اغتنوا في يانصيب اميركا الاكبر.»
▫ «يجري كسب المال في المانيا — أحرزوا ثروة وصيروا مليونيرا بين عشية وضحاها.»
بيع صعب؟ طبعا هو كذلك! فتتوقف عادة الجهود لتخفيف الاعلان عندما لا تُباع البطاقات. وفي الواقع، يلتفت المروِّجون الى ألعاب وتسويق اشدّ من اي وقت لجذب مشتركين جدد وللحفاظ على اهتمام القدامى. فلا بد للمروِّجين ان يقدموا باستمرار شيئا يبدو جديدا. قال مدير يانصيب أوريڠون جيمس دايڤي: «لدينا افكار تتعلق بالمقامرة، نحن ننظم ألعابا اولمپية. وفي عيد الميلاد ننظم Holiday Cash. و بـ Lucky Stars نستخدم ابراج الناس التنجيمية. ونجد انه اذا ادرتم لعبتين او ثلاثا، اربع او خمس ألعاب في الوقت نفسه، تبيعون بطاقات اكثر.»
ولكنَّ الجاذبية الاكبر بكثير هي الجائزة الضخمة. ففي اللوتو، عندما ترتفع الجائزة المالية، كما ارتفعت عندما بلغت ١١٥ مليون دولار اميركي في پنسلڤانيا في سنة ١٩٨٩، تصير خبرا هاما. فيندفع الناس الى شراء البطاقات في ما دعاه احد المؤلفين «جنون المقامر المتزايد.» وفي وسط الهستيريا، فحتى اولئك الذين لا يشتركون عادة في اليانصيب يحاولون الحصول على اموالهم.
[الاطار في الصفحة ٦]
حمّى المقامرة والدين
«علَّمتني الكنيسة الكاثوليكية ان اقامر. البنڠو والبيع اليانصيبي لا يختلفان حتما عن ألعاب اليانصيب. واذا اتخذت الكنيسة الكاثوليكية القيادة واوقفت كل المقامرة، سأعيد النظر في فكرة الاحجام عن الاشتراك في اليانصيب. واذا كنت جشعا، يكون الامر لان ذلك تقريبا سرّ مقدس في الكنيسة.» — من قارئ الى مجلة U.S. Catholic.
«بعد قداس الاحد، فان العمل الثاني الذي يجري الاهتمام به اكثر في الكنائس الكاثوليكية هو ألعاب البنڠو الاسبوعية، بحسب دراسة لابرشيات كاثوليكية بواسطة جامعة نوتردام.» ولكن، يدعي العديد من الكهنة ان معظم اولئك الذين يذهبون الى ألعاب البنڠو لا يذهبون الى الكنيسة. — The Sunday Star-Ledger، نيوجيرزي، الولايات المتحدة الاميركية.
«جلب القديس پانكراس الحظ السعيد لمدريد» كان عنوانا رئيسيا في الصحيفة الاسبوعية الاسپانية ABC، الطبعة الاممية. وتابعت المقالة: «‹انه القديس پانكراس› صرخ مرة بعد اخرى المستخدَمان في متجر اليانصيب . . . حيث باعا السلسلة الوحيدة لـ ٢١٥١٥، الـ ‹gordo› [الكبيرة] التي تساوي ٢٥٠ مليون [بيزيتا، او في الوقت الحاضر، ٠٠٠,٥٠٠,٢ دولار اميركي، في الولايات المتحدة]، التي وُزِّعت في مدريد. واعترف [المستخدَمان] بأنهما صلَّيا الى القديس، الذي تمثاله يشرف على مؤسستهما والذي عليه وضعا غُصَيْنا من البقدونس، لكي ينالا نصيبا جيدا في بيع ‹gordo› عيد الميلاد.»
«اذ حاولوا ان يجدوا طرائق لشرح نصيبهم الجيد، مال الرابحون القدامى الى الاعتقاد بأن اللّٰه والقدر اختاراهم ليربحوا المال. . . . ‹نريد ان نؤمن بأن النصيب الجيد والنصيب السيئ يُنسبان الى شيء ما، ليسا صدفة،› قال الدكتور جاك. أ. كاپتشان، پروفسور في علم النفس في جامعة ميامي. ‹وماذا هنالك شيء آخر لننسب إليه ذلك سوى اللّٰه؟›» — ذا نيويورك تايمز.
ماذا يقول الكتاب المقدس عن الحظ السعيد؟ لغير المؤمنين في اسرائيل، قال يهوه: «انتم الذين تركوا الرب ونسوا جبل قدسي ورتبوا (لاله الحظ السعيد) مائدة وملأوا (لاله النصيب) خمرا ممزوجة.» — اشعياء ٦٥:١١.
فكم من الرابحين القليلين نسبيا يتوقفون للتفكير ان نصيبهم الجيد الفريد مؤسس على النصيب السيئ لملايين الخاسرين؟ هل تعكس المقامرة ‹محبة القريب› بطريقة ما؟ وهل يكون معقولا او مؤسسا على الكتاب المقدس الاعتقاد ان الرب المتسلط في الكون ينهمك في رذائل انانية كالمقامرة؟ — متى ٢٢:٣٩.
-
-
ألعاب اليانصيب — مَن يربح؟ ومَن يخسر؟استيقظ! ١٩٩١ | ايار (مايو) ٨
-
-
ألعاب اليانصيب — مَن يربح؟ ومَن يخسر؟
ان الحجَّة الاساسية لمصلحة ألعاب اليانصيب الحكومية هي انها تدرّ ملايين الدولارات على الحكومة، المال الذي لا يمكن على الارجح الحصول عليه إلاّ برفع الضرائب. ‹وكم يكون ذلك سهلا!› يقول المؤيدون. فذلك كضريبة لا احد ملزم ان يدفعها، انه طوعي. وفي الواقع، يتوق الناس الى الدفع؛ وهم ينتظرون في الصف ليدفعوا!
ولكن ما هي بعض التهم ضد ألعاب اليانصيب؟
احداها هي ان اعلانات اليانصيب غالبا ما تكون على نسق واحد او مجرد خداع صريح. انها تروِّج الفكرة انكم ستربحون. ونموذجي هو اعلان اليانصيب الكندي الذي يذكر: «نحن نجعله سهلا ان . . . تربحوا!!»
ولكن الى ايّ حدّ يكون سهلا ان تربحوا؟ يشترك علي في يانصيب المانيا الغربية. فالاعلان يعبِّر بحماسة: «فرص ربحكم لا تصدق.» ولكن ينوح علي: «لقد اشتركت في اليانصيب طوال عشر سنوات، ولم أربح شيئا. ولا اعرف شخصا آخر ربح اي شيء ايضا.»
مقابل كل رابح كبير، هنالك ملايين مثل علي، خاسرون يستخدمون اموالهم اسبوعا بعد آخر، سنة بعد اخرى، لكنهم لا ينالون شيئا عوضا. وفي الولايات المتحدة، فإن اولئك الذين يربحون مليون دولار اميركي هم ٠٠٠٠٠٨,. في المئة من ٩٧ مليون مقامر باليانصيب هناك.
واحتمالات ربح الجائزة الكبرى ليست مجرد واحد في المليون (تقريبا، احتمالات اصابة شخص بصاعقة)؛ فيمكن ان تكون واحدا في ملايين كثيرة. مثلا، عندما اتضح ان الجائزة صارت اكبر جرى بيع بطاقات اكثر، فقفزت احتمالات ربح لعبة لوتو نيويورك من ١ في ٦ ملايين الى ١ في ٩,١٢ مليونا!
فلا عجب ان يتهم الناس ألعاب اليانصيب بأنها بمكر تبيع المشترين المتهورين الغافلين عن الفرص الكثيرة غير المؤاتية لهم. والدكتور ڤاليري لورنتس، مدير مركز الولايات المتحدة القومي للمقامرة المَرَضية، يذكر ببساطة: «ألعاب اليانصيب؟ انها اكبر رهان مصاص موجود. فالفرص هي غير مؤاتية لكم على نحو كبير جدا.»
وماذا اذا ربحتم مليون دولار؟ لن تحصلوا عليها كلها. فبعد ان يأخذ رجل الضرائب حصته، يتسلم الرابحون في الولايات المتحدة ٠٠٠,٣٥ دولار اميركي كل سنة طوال ٢٠ سنة. اي ٠٠٠,٧٠٠ دولار اميركي، وتهبط قيمتها ايضا بسبب التضخم المالي خلال الـ ٢٠ سنة.
التأثير في الفقراء
نقد آخر هو ان المنفقين الكبار هم اناس فقراء، اقل اناس يمكنهم تحمل ذلك. ويحتج مروِّجو اليانصيب ان هذا غير صحيح وان الدراسات تظهر ان اليانصيب شعبي اكثر بين الناس ذوي الدخل المتوسط. وألعاب اليانصيب طوعية، يقولون؛ ولا يجري اجبار احد على الاشتراك فيها. ومع ذلك، تشعل الاعلانات على نحو عمدي رغبات المشتركين، وكثيرون هم اناس فقراء. وقال امين صندوق متجر في فلوريدا: «لدينا فريق ثابت من الناس نراه كل اسبوع. البعض يشترون ١٠ بطاقات كل يوم. والبعض يشترون ١٠٠ كل اسبوع. ليس لديهم مال للطعام، ولكنهم يشتركون في ‹اللوتو.›»
وفي بعض البلدان الاقل تطورا، غالبا ما تكون الحالة اسوأ ايضا. فمؤخرا اعادت الحكومة الاندونيسية النظر بدقة في يانصيب الـ پوركاس لكرة القدم الذي لها عندما اخبرت وسائل الاعلام ان القرى كلها صارت «مجنونة بالپوركاس.» واخبرت مجلة اسبوع آسيا: «الصحف [الاندونيسية] ملآنة بروايات مروِّعة: رجال يضربون نساءهم او اولادهم؛ اولاد يسرقون المال من والديهم؛ اولاد ينفقون المال المكتسب بصعوبة المخصص لرسوم المدرسة — كل ذلك من اجل الـ پوركاس.»
وبانتشار ألعاب اليانصيب عالميا، يتعرَّف المزيد من الناس بالمقامرة. ويصير البعض، لا الفقراء فقط، مقامرين مكرَهين — مدمنين على اليانصيب. يترأس آرني وكسلر المجلس حول المقامرة الاكراهية في نيوجيرزي، الولايات المتحدة الاميركية. ويقول: «يعتقد المشرِّعون انهم وجدوا طريقة سهلة، بلا جهد لزيادة المال، في حين انهم، في الواقع، يدمِّرون الكثير من العائلات، والكثير من الاعمال، والكثير من الكائنات البشرية، والكثير من الارواح.»
مسألة قيم
وأمر مهم رئيسي آخر هو ان ألعاب اليانصيب الحكومية غيَّرت مواقف الناس من المقامرة. وألعاب اليانصيب «3 play» او «Lucky Numbers» التي تديرها الدولة اليوم تقدم احتمالا بنسبة الف الى واحد ولكنها تعيد فقط نحو ٥٠ في المئة في الجائزة المالية. وقبل ان تدخل الحكومة في التجارة، كانت اللعبة «رديئة،» ابتزازا غير شرعي، رذيلة. والآن تدعى اللعبة نفسها تسلية، لهوا، عملا ذا مسؤولية مدنية!
طبعا، ان الفرق المهم بين اللعبة غير الشرعية للمراهنة على ارقام معينة وألعاب اليانصيب الحكومية هو انه بدلا من ان تذهب الارباح الى جيوب المجرمين، فانها تدعم المشاريع الحكومية. ومع ذلك، يقلق مراقبون كثيرون بشأن تأثير ألعاب اليانصيب في قيم المجتمع الاخلاقية المفترض ان تكون مفيدة له.
وذلك لان ألعاب اليانصيب تغذي الامل والميل الى الصيرورة غنيا دون جهد. قال پول دوورين، محرر مجلة تجارة المقامرة والمراهنة،: «في الماضي، قالت الدولة انه اذا عملتم بكدّ، تفعلون حسنا. والآن، قولها هو ‹اشترِ بطاقة فتصير مليونيرا.› انها رسالة غريبة تبعثها الدولة.» وكتب جورج ويل في نيوزويك: «كلما اعتقد الناس بأهمية الحظ، الصدفة، العشوائية، القضاء والقدر، قلَّ الاعتقاد بأهمية الفضائل القاسية كالكدّ، حسن التدبير، تأجيل الارضاء، الاجتهاد، والجِدّ.»
وثمة مفهوم آخر، رئيسي للمجتمع البشري، هو هذا: لا يجب على الافراد ان يحاولوا الربح من سوء نصيب الآخرين. ولكنَّ مروِّجي ألعاب اليانصيب يشجعون على الفكرة انه من حق الفرد ان يربح ويتمتع من خلال خسائر الآخرين. ان مثل هذا التفكير هو اناني؛ انه يزدري بنصح الكتاب المقدس: «تحب قريبك كنفسك.» — متى ٢٢:٣٩.
وعلى الرغم من اصوات الاعتراض، تستمر ألعاب اليانصيب في الازدياد على نحو مثير في كل انحاء الارض. فثمة زائر لافريقيا الغربية لاحظ مئات الناس محتشدين حول مبنى اليانصيب الدولي. «لماذا يبدد كل هؤلاء الناس اموالهم في اليانصيب،» سأل احدَ المقيمين، معلِّقا، «وخصوصا لانهم اناس فقراء؟»
«يا صديقي، انهم يشتركون في اليانصيب لان ذلك يمنحهم املا،» اجاب المقيم. «بالنسبة الى كثيرين منهم، انه الامل الوحيد الذي لديهم في الحياة.»
ولكن هل ربح اليانصيب هو امل حقا؟ انه بالحري وهم، سراب، حلم مستبعَد تحقيقه. وبالتأكيد فان المسيحي ذا الضمير الحي لا يبدِّد وقته وموارده في السعي الباطل الى غنى المقامرة. فكم يكون من الافضل اتِّباع مشورة الرسول بولس الذي كتب ان الناس الحكماء ‹لا يلقون رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على اللّٰه الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع.› — ١ تيموثاوس ٦:١٧.
[النبذة في الصفحة ٨]
«يعتقد المشرِّعون انهم وجدوا طريقة سهلة، بلا جهد لزيادة المال، في حين انهم، في الواقع، يدمِّرون الكثير من العائلات، والكثير من الاعمال، والكثير من الكائنات البشرية، والكثير من الارواح»
[الاطار في الصفحة ٩]
افضل النصائح للمقامرين
«ليست هنالك ابتسامة باردة اكثر من تلك التي لوكيل مراهنات يهنِّئ زبونا رابحا . . . نادر هو وكيل المراهنات الذي يمنع مقامرا من المراهنة لان زبونه يخسر كثيرا جدا. . . . واذكروا ايضا ان المقامرين الناجحين هم نادرون كوكلاء المراهنات الفقراء.» — ڠراهام روك، ذا تايمز، لندن.
«الجائزة المضمونة البالغة ٤٥ مليون دولار اميركي في سحب اللوتو هذه الليلة هي الاكبر في تاريخ ولاية نيويورك. ولكنَّ احتمالات عدم ربحها بِرَهْن دولار اميركي واحد هي بنسبة ٥٨٢,٩١٣,١٢ الى ١.» — ذا نيويورك تايمز.
«المغفَّل وماله يفترقان بسرعة.» قول شائع منذ القرن الـ ١٦. — اقتباسات مألوفة، بواسطة جون بارتلت.
«ايها المقامر، لا تبتهج؛ من يربح اليوم يخسر غدا.» — مثل اسپاني.
-