مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مأساة جسيمة
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | شباط (‏فبراير)‏ ٢٢
    • مأساة جسيمة

      إريكa في الشهر السادس من عمره.‏ لكن وزنه وطوله لا يتعديان وزن وطول طفل في شهره الاول او الثاني.‏ ومع ان وزنه اقل من الوزن الطبيعي فساقاه ومعدته منتفخة ووجهه متورم.‏ لونه شاحب،‏ شعره قاسٍ وجاف،‏ وجلده متشقق.‏ ويبدو ضيق الخلق جدا.‏ وعندما يفحص الطبيب عيني إريك،‏ يتوخى الحذر الشديد لأن نسيج العين يمكن ان يتمزق بسهولة.‏ وحالة إريك هذه اخّرت على الارجح نموه العقلي.‏ والمحزن ان وضع هذا الطفل ليس فريدا على الاطلاق.‏

      ‏«انه مسؤول عن اكثر من نصف وفيات الاطفال حول العالم —‏ نسبة لم يسببها اي مرض معدٍ منذ ضرب الطاعون الاسود.‏ لكنه ليس مرضا معديا.‏ وتأثيراته المهلكة تمتد الى ملايين الاحياء فيصيرون معوَّقين جسديا،‏ معرضين على الدوام للامراض،‏ ومعوَّقين عقليا ايضا.‏ انه يعرّض للخطر النساء والعائلات،‏ وأخيرا يهدّد بقاء مجتمعات بكاملها».‏ —‏ حالة اطفال العالم (‏بالانكليزية)‏،‏ اصدار صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة.‏

      فأي اعتلال تصفه هذه الكلمات؟‏ انه سوء التغذية —‏ وخصوصا سوء التغذية الناجم عن نقص الپروتينات والطاقة،‏ الذي وصفته منظمة الصحة العالمية انه «الحالة الطارئة غير المعلنة».‏ وما مدى جسامة هذه المأساة؟‏ تعلن منظمة الصحة العالمية ان سوء التغذية «ساهم في وفاة ما لا يقل عن نصف الاولاد الذين يموتون كل سنة البالغ عددهم ٤‏,١٠ ملايين».‏

      يشمل سوء التغذية انواعا عديدة من الامراض،‏ بدءا من النقص في التغذية الذي يسببه نقص مادة او اكثر من المواد المغذِّية —‏ مثل النقص في الڤيتامينات والمعادن —‏ وصولا الى السمنة والامراض المزمنة الاخرى المتعلقة بالنظام الغذائي.‏ لكن كما تذكر منظمة الصحة العالمية،‏ سوء التغذية الناجم عن نقص الپروتينات والطاقة هو «اكثر انواع سوء التغذية اهلاكا».‏ وضحاياه الرئيسيون هم الاولاد دون الخامسة من عمرهم.‏

      فكّر لحظة في إيريك،‏ المذكور في مستهل المقالة،‏ وفي ملايين الاولاد الذين يعانون سوء التغذية.‏ ليسوا هم سبب الوضع الذي يعانونه،‏ ولا يستطيعون الهروب من واقعهم.‏ اخبرت الخبيرة بتغذية الاطفال خيورخينا توسّاينت مجلة استيقظ!‏:‏ «الذين يعانون ويدفعون الثمن هم اقل الناس ملامة والاكثر ضعفا».‏

      قد يفترض البعض ان المشكلة لا مفر منها —‏ فبكل بساطة،‏ لا يوجد طعام كافٍ للجميع.‏ لكن المفارقة هي اننا،‏ بحسب منظمة الصحة العالمية،‏ «نعيش اليوم في عالم تفيض فيه الخيرات».‏ فهنالك طعام يكفي لكل البشر على الارض،‏ ويفيض ايضا.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ فإن سوء التغذية هو المرض الاسهل من حيث الوقاية والارخص من حيث العلاج.‏ أفلا تجعلك هذه الوقائع تشعر بالاستياء؟‏

      مَن الذي يُصاب؟‏

      لا يصيب سوء التغذية الاولاد فقط.‏ فبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في تموز (‏يوليو)‏ ٢٠٠١،‏ «ينتشر سوء التغذية بحيث يصيب حوالي ٨٠٠ مليون شخص —‏ ٢٠ في المئة من الناس في العالم النامي».‏ ويعني ذلك ان ١ من كل ٨ اشخاص في العالم يعانون منه.‏

      وفي حين ان اكبر عدد من الناس الذين يعانون النقص في التغذية موجود في آسيا —‏ بالدرجة الاولى في المناطق الجنوبية والوسطى —‏ فإن اكبر نسبة سكانية تعاني النقص في التغذية هي في افريقيا.‏ ويليهما في القائمة بعض البلدان النامية في اميركا اللاتينية وفي المنطقة الكاريبية.‏

      وهل البلدان المتقدمة معفاة من سوء التغذية؟‏ كلا.‏ فبحسب التقرير حالة انعدام الامن الغذائي في العالم ٢٠٠١ (‏بالانكليزية)‏،‏ هنالك ١١ مليون شخص في البلدان الصناعية يعانون سوء التغذية.‏ كما ان هنالك ٢٧ مليونا يعانون النقص في التغذية يعيشون في البلدان التي تتقدم لتصبح صناعية،‏ وخصوصا في بلدان اوروپا الشرقية وفي جمهوريات الاتحاد السوڤياتي السابق.‏

      فلماذا تفاقمت مشكلة سوء التغذية الى هذا الحد؟‏ هل هنالك اليوم ما يمكن ان يحسِّن حالة الذين يعانون النقص في التغذية؟‏ وهل ستُحرَّر ارضنا يوما من سوء التغذية؟‏ ستعالج المقالتان التاليتان هذه الاسئلة.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ليس اسمه الحقيقي.‏

      ‏[الجدول/‏الخريطة في الصفحة ٤]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      البلدان حيث السكان معرضون لخطر التغذية غير الملائمة

      خطر كبير

      خطر معتدل

      خطر ضئيل

      لا خطر او المعلومات غير مكتملة

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      في انتظار مؤن الاغاثة في السودان

      ‏[مصدر الصورة]‏

      UN/DPI Photo by Eskinder Debebe

  • اسباب عميقة الجذور،‏ تأثيرات واسعة النطاق
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | شباط (‏فبراير)‏ ٢٢
    • اسباب عميقة الجذور،‏ تأثيرات واسعة النطاق

      ‏«كنت جائعا فشكلتم لجنة للتحقق من اسباب جوعي.‏ كنت مشردا فملأتم تقريرا عن مصيبتي.‏ كنت مريضا فعقدتم ندوة عن حالة المحرومين.‏ تقصيتم كل اوجه بليتي لكنني ما زلت جائعا،‏ مشردا،‏ ومريضا».‏ —‏ كاتب مجهول الهوية.‏

      رغم الجهود الحثيثة التي بذلتها الوكالات العالمية لتزيل سوء التغذية،‏ لم تحقق الانجازات آمال الناس.‏ على سبيل المثال،‏ في سنة ١٩٩٦،‏ وضعت قمة الاغذية العالمية التي عقدتها منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (‏الفاو)‏ هدفا يقضي بخفض عدد الذين يعانون النقص في التغذية الى النصف —‏ نحو ٤٠٠ مليون شخص —‏ بحلول سنة ٢٠١٥.‏a

      والجدير بالثناء انه أُحرز بعض التقدم.‏ لكن للاسف،‏ يعترف التقرير الذي اصدرته الفاو مؤخرا،‏ حالة انعدام الامن الغذائي في العالم ٢٠٠١:‏ «من الواضح انه كان هنالك تباطؤ في تخفيض عدد الذين يعانون النقص في التغذية في العالم».‏ لذلك يبدو ان هدف القمة لا يزال بعيد المنال.‏ وفي الواقع،‏ يعترف التقرير بأن «عدد الذين يعانون النقص في التغذية ازداد كثيرا في معظم البلدان النامية».‏

      فلماذا يصعب جدا التغلب على هذا العدو؟‏ لإيجاد الجواب،‏ سنحدِّد اولا ما هو سوء التغذية ثم نفحص تأثيراته الواسعة النطاق وأسبابه العميقة الجذور.‏

      ما هو سبب سوء التغذية؟‏

      ينجم سوء التغذية عن نقص في امتصاص خلايا الجسم للمواد المغذِّية،‏ وسببه عادة اتحاد عاملين:‏ (‏١)‏ تناول كمية غير كافية من الپروتينات،‏ السُّعرات الحرارية،‏ الڤيتامينات،‏ والمعادن و (‏٢)‏ الاخماج المتكررة.‏

      ان امراضا مثل الإسهال،‏ الحصبة،‏ الملاريا،‏ والامراض التنفسية تؤثر في الجسم كثيرا وتسبب خسارة المواد المغذِّية.‏ كما انها تخفض الشهية مؤدية بالتالي الى سوء التغذية.‏ من جهة اخرى،‏ ان الاكثر تعرّضا للاخماج هو الولد الذي يعاني النقص في التغذية.‏ وهكذا تتشكل حلقة مفرغة تزيد من نسبة الوفيات التي يؤدي اليها سوء التغذية الناجم عن نقص الپروتينات والطاقة.‏

      ولماذا يتعرض الاولاد اكثر من غيرهم لخطر سوء التغذية؟‏ لأنهم يكونون في مرحلة النمو السريع الذي يتطلب كمية اكبر من السُّعرات الحرارية والپروتينات.‏ ولأسباب مماثلة،‏ تتعرض الحوامل والمرضعات لسوء التغذية.‏

      في اغلب الاحيان،‏ تبدأ مشاكل الطفل حتى قبل الولادة.‏ فإذا كانت الام تعاني النقص في التغذية او سوء التغذية قبل الحمل وأثناءه،‏ يكون وزن الطفل عند ولادته منخفضا.‏ كما ان الفِطَام المبكر،‏ عادات التغذية الرديئة،‏ والافتقار الى العادات الصحية يمكن ان تؤدي الى سوء التغذية.‏

      والنقص في المواد المغذِّية الضرورية يحول دون نمو الطفل بشكل ملائم.‏ فيبكي كثيرا ويكون عرضة للمرض.‏ وفيما تسوء حالته،‏ تصير خسارة وزنه واضحة اكثر،‏ تغور عيناه ويافوخه (‏البقعة اللينة في اعلى الرأس)‏،‏ تفقد انسجته وجلده ليونتها،‏ وتنخفض قدرة جسمه على المحافظة على حرارته.‏

      هنالك اوجه اخرى للنقص في التغذية يمكن ان تؤخر ايضا نمو الطفل.‏ مثلا،‏ ان عدم تناول ما يكفي من المعادن،‏ وخصوصا الحديد واليود والزنك،‏ وما يكفي من الڤيتامينات،‏ وخصوصا ڤيتامين أ،‏ يمكن ان يكون له هذا التأثير.‏ يذكر صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة (‏اليونيسف)‏ ان النقص في الڤيتامين أ يؤثر في حوالي ١٠٠ مليون طفل صغير في العالم ويسبّب العمى.‏ كما انه يضعف الجهاز المناعي،‏ فتضعف مقاومة الطفل للاخماج.‏

      تأثيرات واسعة النطاق

      يسبب سوء التغذية مشاكل صحية خطيرة للجسم،‏ وخصوصا جسم الطفل.‏ فقد يتأثر كل عضو وجهاز —‏ بما في ذلك القلب،‏ الكليتان،‏ المعدة،‏ الامعاء،‏ الرئتان،‏ والدماغ.‏

      وقد اظهرت دراسات مختلفة ان هنالك رابطا بين النمو الجسدي البطيء عند الطفل وبين الخلل في النمو العقلي والانجاز الدراسي والفكري الرديء.‏ ويدعو تقرير من الامم المتحدة هذه التأثيرات اخطر النتائج الطويلة الامد لسوء التغذية.‏

      والاولاد الذين يبقون على قيد الحياة رغم معاناتهم سوء التغذية يقاسون آثاره حتى سن الرشد.‏ لهذا السبب تحسرت اليونيسف قائلة:‏ «ان استنزاف العقل البشري على هذا النطاق الواسع —‏ لأسباب يمكن منع حدوثها منعا كليا تقريبا —‏ انما هو هدر مفرط وشائن».‏ وعواقب سوء التغذية الطويل الامد هي مصدر قلق كبير.‏ فثمة ابحاث حديثة تربط النقص في التغذية في مرحلة الطفولة باستعداد المرء للاصابة بالامراض المزمنة في سن الرشد مثل مرض القلب،‏ الداء السكري،‏ وارتفاع ضغط الدم.‏

      لكنّ سوء التغذية الخطير ليس المشكلة الاوسع انتشارا بحسب اعتراف اليونيسف:‏ «اكثر من ثلاثة ارباع الوفيات المرتبطة بسوء التغذية لا ينجم عن سوء التغذية الخطير بل الخفيف او المعتدل»‏‏.‏ (‏إمالة الحروف لنا)‏ فالاولاد الذين يعانون سوء التغذية الخفيف او المعتدل يمكن ان يواجهوا مضاعفات صحية طويلة الامد.‏ لذلك من الحيوي ان تُميَّز اعراض النقص في التغذية عند الاطفال لكي يُزوَّد العلاج المناسب.‏ —‏ انظر الاطار في الصفحة ٧.‏

      اسباب عميقة الجذور

      كما ذُكر آنفا،‏ ان السبب المباشر لسوء التغذية هو النقص في الطعام.‏ لكن هنالك اسباب اعمق اجتماعية،‏ اقتصادية،‏ ثقافية،‏ وبيئية.‏ وأهمها الفقر،‏ الذي يؤثر في ملايين الناس،‏ وخصوصا في البلدان النامية.‏ والفقر ليس احد اسباب سوء التغذية فحسب بل هو ايضا من عواقبه،‏ اذ ان النقص في التغذية يضعف انتاجية الناس،‏ جاعلا الفقر يتافقم.‏

      وهنالك عوامل مساهمة اخرى.‏ فالافتقار الى المعرفة يولد عادات اكل رديئة.‏ والاخماج كما رأينا تلعب دورا.‏ هنالك ايضا اسباب اجتماعية وثقافية،‏ مثل التوزيع غير المتساوي للطعام و التحامل على النساء.‏ فغالبا ما تأكل النساء بعد الرجال وأقل منهم.‏ كما ان النساء يُحرَمن ايضا فرص التعلّم التي تساعدهن على الاعتناء بأولادهن بشكل افضل.‏

      بالاضافة الى ذلك،‏ تسبب العوامل البيئية انخفاضا في انتاج الطعام.‏ ومن بينها الكوارث الطبيعية والحروب.‏ وبحسب التقرير حالة انعدام الامن الغذائي في العالم ٢٠٠١،‏ اصيب ٢٢ بلدا بالجفاف،‏ ١٧ بالاعاصير المدارية او الفيضانات،‏ ١٤ بالحروب الاهلية او النزاعات،‏ ٣ بفصول الشتاء الباردة جدا،‏ و ٢ بالزلازل،‏ وذلك من تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٩ حتى حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠١ فقط.‏

      العلاج والوقاية

      كيف يمكن ان يُعالَج الطفل المصاب بسوء التغذية؟‏ اذا عانى الطفل نقصا حادا في التغذية،‏ فالافضل ان يدخل المستشفى للمعالجة الاولية.‏ وبحسب كتيّب للاطباء اصدرته منظمة الصحة العالمية،‏ يقيِّم الاطباء حالة الطفل ويعالجون اي خمج او تجفاف.‏ وقد يبدأون بعدئذ بتغذيته تدريجيا،‏ وغالبا باستخدامهم الانبوب في البداية.‏ وقد تستغرق هذه المرحلة الاولية اسبوعا.‏

      بعد ذلك تأتي مرحلة اعادة التأهيل.‏ فيُعطى الولد مجددا حليب الام ويُشجع ان يتناول منه قدر المستطاع.‏ والدعم العاطفي والجسدي مهم في هذه المرحلة.‏ فالعناية والحنان يمكن ان يكون لهما تأثير مدهش على نمو الولد.‏ ويحصل ذلك حين تنال الام دروسا تثقيفية تعلمها الاعتناء بطفلها باتباع نظام غذائي ملائم وعادات صحية جيدة،‏ بحيث تتفادى انتكاسة الولد.‏ بعد ذلك،‏ يخرج الطفل من المستشفى.‏ لكن من المهم ان يُعاد لاحقا الى المستشفى او العيادة لمتابعة سير العلاج.‏

      لكن لا شك ان درهم وقاية خير من قنطار علاج.‏ لذلك نرى انه في بلدان كثيرة،‏ تعمل المنظمات الحكومية وغير الحكومية على انشاء برامج لتدعيم الاغذية التي يستهلكها العموم.‏ وتساهم المجتمعات ايضا في الوقاية من سوء التغذية بطرائق عديدة.‏ فهي تهيئ مثلا برامج تثقيفية حول التغذية،‏ حماية مخزون مياه الشرب،‏ انشاء المراحيض،‏ الحفاظ على نظافة الجوار،‏ رعاية حملات تلقيح،‏ والاهتمام بنمو الاولاد.‏

      لكن ماذا يمكن فعله على صعيد فردي للوقاية من سوء التغذية؟‏ في الاطار في الصفحة ٨ بعض الاقتراحات المساعدة.‏ بالاضافة الى هذه الاقتراحات،‏ تنصح الخبيرة بتغذية الاطفال خيورخينا توسّاينت ان تعود الام الى طبيب الاطفال او العيادة الصحية بعد سبعة ايام من ولادة طفلها،‏ وحين يبلغ الطفل شهرا من العمر،‏ ثم شهريا.‏ وينبغي ان تطلب الام العناية الصحية المتخصصة اذا عانى الطفل اعراض تجفاف،‏ اسهالا حادا،‏ او حمى.‏

      رغم ان هذه النصائح تساعد في تحسين نظام الاطفال الغذائي،‏ ينبغي الاعتراف ان سوء التغذية هو مشكلة كبيرة،‏ كبيرة جدا بحيث لا تستطيع الجهود البشرية ان تحلها.‏ تعترف دائرة المعارف البريطانية:‏ «يبقى تزويد مخزون ملائم من الطعام والثقافة المتعلقة بالتغذية لكل الناس مشكلة ملحة».‏ فهل من امل ان تنتهي يوما ما هذه «الحالة الطارئة غير المعلنة»؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a لمزيد من المعلومات عن قمة الاغذية العالمية،‏ انظر عدد ٨ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٧ من استيقظ!‏،‏ الصفحات ١٢-‏١٤‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      هل يعاني طفلك سوء التغذية؟‏

      كيف يقيِّم اخصائيو الصحة صحة الطفل الغذائية؟‏ قد يحللون مختلف الادلة والاعراض،‏ يطرحون الاسئلة حول عادات الاكل،‏ ويطلبون اجراء تحليل مخبري.‏ لكنهم في اغلب الاحيان يعتمدون على القياسات.‏ فيأخذون قياسات جسم الطفل ويقارنونها بالمقاييس المعروفة.‏ ويساعدهم ذلك على تحديد نوع سوء التغذية ومدى خطورته.‏

      ان القياسات الاهم هي الوزن،‏ الطول،‏ ومحيط الذراع.‏ ومقارنة الوزن بالعمر تُظهر درجة النقص في التغذية؛‏ فإذا كان خطيرا،‏ يكون الطفل هزيلا ويبدو نحيلا جدا.‏ ويُعتبر المرض خطيرا اذا كان وزن الطفل اقل من الوزن الطبيعي بنسبة ٤٠ في المئة،‏ معتدلا اذا كان بين ٢٥ و ٤٠ في المئة اقل من الطبيعي،‏ وخفيفا اذا كان اقل من الوزن الطبيعي بـ‍ ١٠ الى ٢٥ في المئة.‏ وإذا كانت نسبة الطول الى العمر متدنية جدا فقد يدل ذلك على نقص مزمن في التغذية —‏ ويتوقف نمو الولد.‏

      ومن اخطر اشكال سوء التغذية الناجم عن نقص الپروتينات والطاقة:‏ الضَّوى marasmus،‏ الكواشركور،‏ ومزيج من الاثنين.‏ يظهر الضَّوى (‏الهزال التدريجي)‏ عند الاطفال الرضع الذين تتراوح اعمارهم بين ٦ و ١٨ شهرا.‏ انه يبرز ببطء بسبب نقص مزمن في السُّعرات الحرارية والمواد المغذِّية،‏ ويتطور نتيجة الرضاعة غير الكافية او استعمال بدائل لحليب الام مخففة جدا.‏ فيخسر الطفل كثيرا من وزنه،‏ وتكون عضلاته هزيلة جدا بحيث يلتصق جلده بعظمه،‏ ويتأخر نموه.‏ ويكون الطفل ذا وجه مثل «وجه شخص مسن»،‏ وكذلك يكون ضيق الخلق وكثير البكاء.‏

      اما الكلمة كواشركور،‏ المأخوذة من احدى اللهجات الافريقية،‏ فتعني «الطفل المُبعَد».‏ وتشير الى كون الولد مُبعَدا عن ثدي امه ليحل مكانه شقيق مولود حديثا.‏ تَظهر هذه الحالة بعد الفِطَام.‏ وفي حين انها تشمل نقصا في السُّعرات الحرارية،‏ فهي ناجمة عن نقص حاد في الپروتينات.‏ فتؤدي الى احتباس السوائل في الجسم،‏ بحيث تبدو يدا الطفل وقدماه وبطنه منتفخة.‏ وأحيانا يتأثر الوجه ايضا،‏ فيبدو منتفخا.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ تظهر تشققات في الجلد وتطرأ تغييرات في لون الشعر وملمسه.‏ والاطفال الذين يعانون هذه الحالة يتورم كبدهم ويبدون حزانى لا شيء يثير اهتمامهم.‏ هكذا كانت حالة إريك المذكور سابقا،‏ الذي ارضعته امه في الشهر الاول من حياته فقط؛‏ ثم اعطته حليب بقر مخفف جدا.‏ وفي شهره الثالث أُعطي حساء الخضر بالاضافة الى الماء والسكر وتُرك في عناية الجارة.‏

      النوع الثالث من سوء التغذية الناجم عن نقص الپروتينات والطاقة يشمل سمات من الضَّوى والكواشركور على السواء.‏ وكل هذه الحالات يمكن ان تكون مميتة اذا لم تعالج في الوقت المناسب.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨]‏

      احمي طفلك من سوء التغذية!‏

      ▪ من الضروري تحسين نظام الام الغذائي.‏ وينبغي ان تزيد الحوامل والمرضعات من استهلاك السُّعرات الحرارية والپروتينات.‏ فالپروتينات خصوصا تساعد في انتاج حليب الام.‏ لذلك عندما يكون هنالك القليل من الطعام،‏ اعطوا الاولوية للنساء اللواتي بلغن سن الانجاب وللاولاد الصغار.‏

      ▪ في معظم الحالات،‏ افضل طعام للطفل هو حليب الام.‏ والارضاع مهم خصوصا في الايام الاولى التي تلي الولادة لأن حليب الام يحتوي على اجسام مضادة تحمي الطفل من الاخماج.‏ وخلال الاشهر الاربعة الاولى تقريبا،‏ يزود حليب الثدي كل المواد المغذِّية التي يحتاج اليها الطفل لكي ينمو كما ينبغي.‏

      ▪ بين الشهر الرابع والسادس يبقى حليب الام الطعام الاساسي،‏ ولكن يصبح الطفل مستعدا ان يتناول اطعمة اخرى.‏ فأطعميه تدريجيا الفواكه والخضر المهروسة.‏ دعي الطفل يجرّب كل مرة صنفا جديدا واحدا من الطعام.‏ وبعد يومين او ثلاثة،‏ بعد ان يكون قد تعود على هذا الصنف،‏ دعيه يتذوق صنفا آخر.‏ لا شك انه عليك ان تتحلي بالصبر وتحاولي مرارا كثيرة قبل ان يقبل الطفل صنفا جديدا من الطعام.‏ وعند تحضير الطعام،‏ تذكري ان يكون كل شيء نظيفا،‏ نظيفا،‏ ثم نظيفا!‏ اغسلي الطعام والاواني جيدا!‏

      ▪ بين الشهر الخامس والتاسع،‏ يصير الطفل عادة بحاجة الى سعرات حرارية وپروتينات اكثر من التي يزودها الحليب.‏ قدمي له باستمرار وإصرار اطعمة اخرى.‏ قد تطعمينه في البداية اطعمة الاطفال المؤلفة من الحبوب والخضر،‏ يليها لاحقا اللحم والمنتجات المشتقة من الحليب.‏ وفي حين تكون الاطعمة في البداية مصفّاة،‏ يمكن ان تكون مفرومة ناعما عندما يبلغ الطفل شهره السادس.‏ ليس ضروريا اضافة الملح او السكر ولا ينصح بها.‏

      ▪ بعد ثمانية اشهر،‏ لا يعود حليب الام عماد نظام الطفل الغذائي،‏ بل يصير مكمِّلا غذائيا.‏ فيبدأ الطفل بتناول الاطعمة التي تتناولها العائلة.‏ ينبغي ان يكون الطعام نظيفا جدا،‏ وينبغي ان يُفرم جيدا لكي يسهل مضغه.‏ يشمل النظام الغذائي المثالي الفواكه والخضر،‏ الحبوب والبقول،‏ اللحوم ومشتقات الحليب.‏b ويحتاج الاولاد بشكل خصوصي الى الاطعمة الغنية بالڤيتامين أ.‏ وما يلي امثلة عن هذه الاطعمة:‏ حليب الام،‏ الخضر ذات الاوراق الخضراء الدكناء،‏ والفواكه البرتقالية والصفراء اللون مثل المنڠا،‏ الجزر،‏ والپپّايا.‏ ويحتاج الاولاد دون الثالثة من العمر الى تناول الطعام خمس الى ست مرات يوميا.‏

      ▪ كلما ازدادت اصناف الاطعمة وتنوعت طرائق تحضيرها وخلطها توفرت المواد المغذِّية التي تحمي الطفل.‏ وينبغي ان تركز الام على تزويد الطفل بطعام ذي نوعية جيدة،‏ غير مجبرة اياه على الاكل بعد ان يشبع وغير ممسكة الطعام عنه عندما يبدو انه يريد المزيد.‏

      ‏[الحاشية]‏

      b تجد المزيد من المعلومات في مقالة «‏الاطعمة المغذية في متناولكم‏»،‏ في عدد ٨ ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠٢ من استيقظ!‏.‏

  • ‏«الحالة الطارئة غير المعلنة» ستنتهي قريبا!‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | شباط (‏فبراير)‏ ٢٢
    • ‏«الحالة الطارئة غير المعلنة» ستنتهي قريبا!‏

      ‏«بالمقارنة مع الماضي القريب نسبيا،‏ نحن نعيش اليوم في عالم من الوفرة.‏ .‏ .‏ .‏ فهنالك،‏ نظريا،‏ فائض من الطعام للجميع».‏ هذا ما يرد في دراسة اصدرتها منظمة الصحة العالمية.‏ ما هي اذًا المشكلة الحقيقية التي تسبب سوء التغذية؟‏

      تذكر منظمة الصحة العالمية:‏ «المشكلة هي ان الطعام لا يُنتَج او يوزَّع بشكل متساوٍ».‏ وتضيف:‏ «كثيرا ما يقف الفقراء في البلدان النامية الخصبة كمتفرجين،‏ ايديهم خالية ومِعَدهم خاوية،‏ فيما الحصاد الوافر والمحاصيل الهائلة تُصدَّر لجني الاموال.‏ فيؤدي ذلك الى ارباح قصيرة الامد للبعض،‏ وخسارة طويلة الامد لكثيرين».‏ وتظهر دراسة حديثة اجرتها منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (‏الفاو)‏ ان ‹الخمس الاغنى من الناس› على الارض ‹يأكلون ٤٥ في المئة من كل اللحوم والاسماك؛‏ والخمس الافقر يحصل فقط على ٥ في المئة›.‏

      من جهة اخرى،‏ يقول صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة (‏اليونيسف)‏:‏ «الافتقار الى ثقافة جيدة ومعلومات صحيحة هو ايضا من اسباب سوء التغذية».‏ ويضيف:‏ «دون التخطيط لنشر المعلومات ووضع برامج تثقيفية افضل تصل الى اكبر عدد من الناس لا يمكن تطوير الادراك،‏ المهارات،‏ وطرائق التصرف اللازمة لمكافحة سوء التغذية».‏ لكن النقص في الطعام يضعف بدوره صحة المرء وقدرته على نيل ثقافة افضل،‏ ما يشكّل حلقة مفرغة اخرى.‏

      العدل والاهتمام غير الاناني بالآخرين

      رغم هذه العقبات المثبِّطة،‏ لا يزال بعض الخبراء في هذا المجال متفائلين.‏ مثلا،‏ عبَّر مدير عام الفاو جاك ضْيوف عن الامل التالي:‏ «ارى عالما يحصل فيه كل رجل،‏ امرأة،‏ وولد يوميا على حاجته من الطعام المغذي والآمن.‏ وأرى عالما ضاقت فيه الهوة الكبيرة بين الغنى والفقر.‏ ارى تسامحا لا عدم مساواة؛‏ سلاما لا نزاعا اهليا؛‏ استدامة البيئة لا تدهورا بيئيا؛‏ ازدهارا عاما لا يأسا موهِنا».‏

      لكن كما رأينا،‏ ان تحقيق هذه الآمال لا يقتصر على زيادة الانتاج وتوزيع الطعام.‏ فما يلزم هو العدل والاهتمام غير الاناني بالآخرين.‏ لكن هذه السمات النبيلة ليست من ميزات الروح التجارية العصرية.‏

      فهل يمكن ازالة اعاقات كبيرة مثل الطمع،‏ الفقر،‏ النزاعات،‏ والانانية وبالتالي تحرير الارض من سوء التغذية؟‏ ام ان ذلك حلم مستحيل؟‏

      الحل الحقيقي الوحيد

      بحسب الكتاب المقدس،‏ ليست المشاكل المسبّبة لسوء التغذية مدعاة للدهشة.‏ تذكر كلمة اللّٰه:‏ «في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة حرجة.‏ فإن الناس يكونون محبين لأنفسهم،‏ محبين للمال،‏ .‏ .‏ .‏ بلا حنو،‏ غير مستعدين لقبول اي اتفاق،‏ .‏ .‏ .‏ غير محبين للصلاح،‏ .‏ .‏ .‏ لهم شكل التعبد للّٰه ولكنهم منكرون قوته».‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      فهل يمكن ان يستأصل الجنس البشري مثل هذه المواقف المتأصلة عميقا دون مساعدة اللّٰه؟‏ لا يبدو الامر مرجحا.‏ فربما لاحظت ان بعض ذوي السلطة لديهم نوايا حسنة احيانا اذ يرغبون في حل المشاكل الاجتماعية للجنس البشري،‏ لكن انانية البعض الآخر،‏ محبتهم للمال،‏ ونقصهم تعرقل وتشل اصدق الجهود.‏ —‏ ارميا ١٠:‏٢٣‏.‏

      رغم ذلك،‏ ليس الحل حلما مستحيلا.‏ فالكتاب المقدس يعد بأن ملكوت اللّٰه سيضع حدّا لمشكلة الظلم وكذلك لكل البلايا التي تصيب الجنس البشري اليوم.‏

      تقدم لنا اشعياء ٩:‏٦-‏٧ هذا الرجاء الرائع:‏ «يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام.‏ لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن الى الابد.‏ غيرة رب الجنود تصنع هذا».‏

      ان هذه المملكة هي الملكوت نفسه الذي يطلبه الناس حين يتلون الصلاة الربانية،‏ ويلتمسون من اللّٰه:‏ «ليأتِ ملكوتك».‏ (‏متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ لاحظ ان اشعيا ذكر ان «غيرة رب الجنود تصنع هذا».‏ نعم،‏ لطالما اهتم يهوه اللّٰه اهتماما شديدا بتزويد الناس حاجاتهم.‏ وقد صمَّم هذه الارض لتنتج ما يكفي من الطعام للجميع.‏

      يقول المزمور ٦٥:‏٩-‏١٣ عنه:‏ «تعهدت الارض وجعلتها تفيض.‏ تغنيها جدا.‏ سواقي اللّٰه ملآنة ماء.‏ تهيئ طعامهم لأنك هكذا تُعِدُّها.‏ اروِ اتلامها مهِّد اخاديدها.‏ بالغيوث تحللها.‏ تبارك غلتها.‏ .‏ .‏ .‏ اكتست المروج غنما والاودية تتعطف بُرًّا».‏

      نعم،‏ ان الخالق،‏ يهوه،‏ هو افضل معيل للجنس البشري.‏ فهو «الذي يعطي خبزا لكل بشر لأن الى الابد رحمته».‏ —‏ مزمور ١٣٦:‏٢٥‏.‏

      يمكننا ان نثق ان ملكوت اللّٰه تحت رئاسة المسيح سيعتني بكل الناس.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «تكون حفنة بُر في الارض في رؤوس الجبال».‏ لكن سيكون هنالك ايضا توزيع منصف لأن «[يسوع المسيح] ينجِّي الفقير المستغيث والمسكين اذ لا معين له.‏ .‏ .‏ .‏ ويخلّص انفس الفقراء».‏ (‏مزمور ٧٢:‏١٢،‏ ١٣،‏ ١٦‏)‏ فتشجع!‏ هذه «الحالة الطارئة غير المعلنة» ستُحل قريبا مرة وإلى الابد.‏

  • ‏«الحالة الطارئة غير المعلنة» ستنتهي قريبا!‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | شباط (‏فبراير)‏ ٢٢
    • ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ١٠]‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة