مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«ان اباكم رحيم»‏
    برج المراقبة ٢٠٠٧ | ١٥ ايلول (‏سبتمبر)‏
    • ‏«إِنَّ أَبَاكُمْ رَحِيمٌ»‏

      ‏«كُونُوا دَوْمًا رُحَمَاءَ،‏ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ رَحِيمٌ».‏ —‏ لوقا ٦:‏٣٦‏.‏

      ١،‏ ٢ كَيْفَ تُظْهِرُ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلَّتِي قَالَهَا يَسُوعُ لِلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَلِأَتْبَاعِهِ أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ صِفَةٌ يَنْبَغِي ٱلتَّحَلِّي بِهَا؟‏

      تَضَمَّنَتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْمُعْطَاةُ بِوَاسِطَةِ مُوسَى نَحْوَ ٦٠٠ فَرِيضَةٍ.‏ وَفِي حِينِ أَنَّهُ لَزِمَ إِتْمَامُ مَطَالِبِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ،‏ كَانَ إِظْهَارُ ٱلرَّحْمَةِ أَمْرًا بَالِغَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ أَيْضًا.‏ لَاحِظْ مَا قَالَهُ يَسُوعُ لِلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُعْرِبُوا عَنِ ٱلرَّحْمَةِ لِلْآخَرِينَ.‏ فَقَدْ وَبَّخَهُمْ فِي مُنَاسَبَتَيْنِ،‏ قَائِلًا لَهُمْ إِنَّ ٱللّٰهَ أَوْصَى:‏ «أُرِيدُ رَحْمَةً لَا ذَبِيحَةً».‏ (‏متى ٩:‏١٠-‏١٣؛‏ ١٢:‏١-‏٧؛‏ هوشع ٦:‏٦‏)‏ وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ خِدْمَتِهِ:‏ «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ،‏ لِأَنَّكُمْ تُقَدِّمُونَ عُشْرَ ٱلنَّعْنَعِ وَٱلشِّبِثِّ وَٱلْكَمُّونِ،‏ وَتَجَاهَلْتُمْ أَثْقَلَ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ،‏ أَيِ ٱلْعَدْلَ وَٱلرَّحْمَةَ وَٱلْأَمَانَةَ!‏».‏ —‏ متى ٢٣:‏٢٣‏.‏

      ٢ لَا شَكَّ أَنَّ يَسُوعَ شَدَّدَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ ٱلرَّحْمَةِ.‏ فَقَدْ قَالَ لِأَتْبَاعِهِ:‏ «كُونُوا دَوْمًا رُحَمَاءَ،‏ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ رَحِيمٌ».‏ (‏لوقا ٦:‏٣٦‏)‏ وَلكِنْ لِكَيْ ‹نَكُونَ مُقْتَدِينَ بِٱللّٰهِ› فِي هذَا ٱلْمَجَالِ،‏ يَلْزَمُ أَنْ نَعْرِفَ مَا هِيَ ٱلرَّحْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ.‏ (‏افسس ٥:‏١‏)‏ كَمَا أَنَّنَا سَنَنْدَفِعُ إِلَى إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ بِشَكْلٍ أَكْمَلَ فِي حَيَاتِنَا إِذَا أَدْرَكْنَا مَا هِيَ فَوَائِدُ هذِهِ ٱلصِّفَةِ.‏

      اَلرَّحْمَةُ لِلْمُتَضَايِقِينَ

      ٣ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَلْتَفِتَ إِلَى يَهْوَه لِنَتَعَلَّمَ مَا هِيَ ٱلرَّحْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ؟‏

      ٣ رَنَّمَ صَاحِبُ ٱلْمَزْمُورِ:‏ «يَهْوَهُ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ،‏ بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَوَافِرُ ٱللُّطْفِ ٱلْحُبِّيِّ.‏ يَهْوَهُ صَالِحٌ لِلْكُلِّ،‏ وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ».‏ (‏مزمور ١٤٥:‏٨،‏ ٩‏)‏ وَقَالَ بُولُسُ إِنَّ يَهْوَه هُوَ «أَبُو ٱلْمَرَاحِمِ ٱلرَّقِيقَةِ وَإِلٰهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ».‏ (‏٢ كورنثوس ١:‏٣‏)‏ عُمُومًا،‏ يَجْرِي إِظْهَارُ ٱلرَّحْمَةِ مِنْ خِلَالِ مُعَامَلَةِ ٱلْآخَرِينَ بِرَأْفَةٍ.‏ وَهذَا وَجْهٌ بَارِزٌ مِنْ شَخْصِيَّةِ ٱللّٰهِ.‏ لِذلِكَ فَإِنَّ مِثَالَهُ وَإِرْشَادَاتِهِ تُعَلِّمُنَا مَا هِيَ ٱلرَّحْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ.‏

      ٤ مَاذَا تُعَلِّمُنَا إِشَعْيَا ٤٩:‏١٥ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ؟‏

      ٤ يَقُولُ يَهْوَه حَسْبَمَا يَرِدُ فِي إِشَعْيَا ٤٩:‏١٥‏:‏ «هَلْ تَنْسَى ٱلْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلَا تُشْفِقَ عَلَى ٱبْنِ بَطْنِهَا؟‏».‏ إِنَّ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ ٱلْمُرْتَبِطَةَ ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِٱلْكَلِمَةِ ٱلْمُتَرْجَمَةِ هُنَا إِلَى «تُشْفِقُ» تُسْتَخْدَمُ فِي ٱلْمَزْمُورِ ١٤٥:‏٨،‏ ٩ ٱلْمُقْتَبَسَةِ آنِفًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى ٱلرَّحْمَةِ.‏ فَٱلْمَشَاعِرُ ٱلَّتِي تَدْفَعُ يَهْوَه أَنْ يَكُونَ رَحِيمًا هِيَ أَشْبَهُ بِٱلْمَشَاعِرِ ٱلرَّقِيقَةِ ٱلَّتِي تُكِنُّهَا ٱلْمُرْضِعَةُ عَادَةً لِطِفْلِهَا.‏ فَعِنْدَمَا يَكُونُ ٱلرَّضِيعُ جَائِعًا أَوْ لَدَيْهِ حَاجَةٌ أُخْرَى،‏ تَتَوَلَّدُ لَدَى ٱلْأُمِّ مَشَاعِرُ ٱلرَّأْفَةِ أَوِ ٱلْعَطْفِ،‏ مِمَّا يَدْفَعُهَا إِلَى ٱلِٱهْتِمَامِ بِحَاجَتِهِ.‏ عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ،‏ يُكِنُّ يَهْوَه ٱلْمَشَاعِرَ ٱلرَّقِيقَةَ نَفْسَهَا لِلَّذِينَ يُظْهِرُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَةَ.‏

      ٥ كَيْفَ أَظْهَرَ يَهْوَه أَنَّهُ «غَنِيٌّ بِٱلرَّحْمَةِ» فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟‏

      ٥ لكِنَّ ٱلشُّعُورَ بِٱلرَّأْفَةِ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي،‏ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ هذَا ٱلشُّعُورُ ٱلْمَرْءَ إِلَى ٱتِّخَاذِ إِجْرَاءٍ لِمُسَاعَدَةِ ٱلْمُتَضَايِقِينَ.‏ لَاحِظْ كَيْفَ تَجَاوَبَ يَهْوَه عِنْدَمَا ٱسْتُعْبِدَ عُبَّادُهُ فِي مِصْرَ مُنْذُ نَحْوِ ٥٠٠‏,٣ سَنَةٍ.‏ فَقَدْ قَالَ لِمُوسَى:‏ «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي ٱلَّذِينَ فِي مِصْرَ،‏ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ بِسَبَبِ مُسَخِّرِيهِمْ،‏ لِأَنِّي عَالِمٌ بِأَوْجَاعِهِمْ.‏ فَنَزَلْتُ لِأُنْقِذَهُمْ مِنْ أَيْدِي ٱلْمِصْرِيِّينَ وَأُصْعِدَهُمْ مِنْ تِلْكَ ٱلْأَرْضِ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ وَرَحْبَةٍ،‏ إِلَى أَرْضٍ تَفِيضُ حَلِيبًا وَعَسَلًا».‏ (‏خروج ٣:‏٧،‏ ٨‏)‏ وَبَعْدَ خُرُوجِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنْ مِصْرَ بِنَحْوِ ٥٠٠ سَنَةٍ،‏ ذَكَّرَهُمْ يَهْوَه:‏ «أَنَا ٱلَّذِي أَصْعَدَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ وَأَنْقَذَكُمْ مِنْ يَدِ مِصْرَ وَمِنْ يَدِ كُلِّ ٱلْمَمَالِكِ ٱلَّتِي ضَايَقَتْكُمْ».‏ (‏١ صموئيل ١٠:‏١٨‏)‏ وَلكِنْ بِسَبَبِ ٱنْحِرَافِهِمْ عَنْ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ،‏ كَثِيرًا مَا «ضَاقَ بِهِمِ ٱلْأَمْرُ جِدًّا».‏ غَيْرَ أَنَّ يَهْوَه تَرَأَّفَ عَلَيْهِمْ وَأَنْقَذَهُمْ تَكْرَارًا.‏ (‏قضاة ٢:‏١١-‏١٦؛‏ ٢ اخبار الايام ٣٦:‏١٥‏)‏ يُظْهِرُ مَا تَقَدَّمَ كَيْفَ يَتَجَاوَبُ ٱلْإِلهُ ٱلْمُحِبُّ مَعَ ٱلْمُحْتَاجِينَ،‏ ٱلْمُعَرَّضِينَ لِلْخَطَرِ،‏ أَوِ ٱلَّذِينَ يَمُرُّونَ بِضِيقَاتٍ.‏ حَقًّا،‏ إِنَّ يَهْوَه «غَنِيٌّ بِٱلرَّحْمَةِ».‏ —‏ افسس ٢:‏٤‏.‏

      ٦ كَيْفَ ٱقْتَدَى يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ بِأَبِيهِ فِي إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ؟‏

      ٦ عِنْدَمَا كَانَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ عَلَى ٱلْأَرْضِ،‏ ٱقْتَدَى بِأَبِيهِ كَامِلًا فِي إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ.‏ مَثَلًا،‏ لَاحِظْ كَيْفَ تَجَاوَبَ يَسُوعُ عِنْدَمَا تَوَسَّلَ إِلَيْهِ أَعْمَيَانِ أَنْ يُعِيدَ إِلَيْهِمَا بَصَرَهُمَا عَجَائِبِيًّا قَائِلَيْنِ:‏ «اِرْحَمْنَا يَا رَبُّ،‏ يَا ٱبْنَ دَاوُدَ».‏ فَقَدْ لَبَّى طَلَبَهُمَا،‏ لكِنَّهُ لَمْ يَصْنَعِ ٱلْعَجِيبَةَ بِطَرِيقَةٍ آلِيَّةٍ خَالِيَةٍ مِنَ ٱلْمَشَاعِرِ.‏ فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ إِنَّهُ «أَشْفَقَ .‏ .‏ .‏ عَلَيْهِمَا وَلَمَسَ أَعْيُنَهُمَا،‏ فَأَبْصَرَا فِي ٱلْحَالِ».‏ (‏متى ٢٠:‏٣٠-‏٣٤‏)‏ وَمَشَاعِرُ ٱلشَّفَقَةِ هذِهِ دَفَعَتْ يَسُوعَ إِلَى ٱجْتِرَاحِ عَجَائِبَ كَثِيرَةٍ جَلَبَتِ ٱلرَّاحَةَ لِلْعُمْيِ،‏ ٱلَّذِينَ تُسَيْطِرُ عَلَيْهِمِ ٱلشَّيَاطِينُ،‏ ٱلْبُرْصِ،‏ وَٱلْوَالِدِينَ ٱلَّذِينَ لَدَيْهِمْ أَوْلَادٌ يُقَاسُونَ ٱلْآلَامَ.‏ —‏ متى ٩:‏٢٧؛‏ ١٥:‏٢٢؛‏ ١٧:‏١٥؛‏ مرقس ٥:‏١٨،‏ ١٩؛‏ لوقا ١٧:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

      ٧ مَاذَا يُعَلِّمُنَا مِثَالُ يَهْوَه ٱللّٰهِ وَٱبْنِهِ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ؟‏

      ٧ يُظْهِرُ مِثَالُ يَهْوَه ٱللّٰهِ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ لَهَا وَجْهَانِ:‏ أَوَّلًا،‏ ٱمْتِلَاكُ مَشَاعِرِ ٱلرَّأْفَةِ،‏ ٱلتَّعَاطُفِ،‏ أَوِ ٱلشَّفَقَةِ تِجَاهَ ٱلْمُتَضَايِقِينَ؛‏ وَثَانِيًا،‏ ٱتِّخَاذُ ٱلْإِجْرَاءِ لِإِرَاحَتِهِمْ.‏ فَلِكَيْ يَكُونَ ٱلشَّخْصُ رَحِيمًا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوْفِيَ ٱلشَّرْطَيْنِ كِلَيْهِمَا.‏ وَفِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ غَالِبًا مَا تُشِيرُ ٱلرَّحْمَةُ إِلَى ٱلْقِيَامِ بِعَمَلِ لُطْفٍ نَحْوَ ٱلْمُحْتَاجِينَ.‏ وَلكِنْ كَيْفَ يَجْرِي ٱلْإِعْرَابُ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ عِنْدَ ٱلْحُكْمِ عَلَى شَخْصٍ خَاطِئٍ؟‏ وَهَلْ تَشْمُلُ ٱلرَّحْمَةُ أَيْضًا ٱلِٱمْتِنَاعَ عَنْ إِنْزَالِ ٱلْعِقَابِ؟‏

      اَلرَّحْمَةُ لِلْخُطَاةِ

      ٨،‏ ٩ مَاذَا شَمَلَتِ ٱلرَّحْمَةُ ٱلَّتِي أَظْهَرَهَا يَهْوَه لِدَاوُدَ بَعْدَ خَطِيَّتِهِ مَعَ بَثْشَبَعَ؟‏

      ٨ لِنَتَأَمَّلْ فِي مَا حَصَلَ بَعْدَمَا وَاجَهَ ٱلنَّبِيُّ نَاثَانُ دَاوُدَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلْقَدِيمَةِ بِشَأْنِ زِنَاهُ مَعَ بَثْشَبَعَ.‏ فَقَدْ صَلَّى دَاوُدُ ٱلتَّائِبُ:‏ «تَحَنَّنْ عَلَيَّ يَا اَللّٰهُ حَسَبَ لُطْفِكَ ٱلْحُبِّيِّ.‏ حَسَبَ كَثْرَةِ رَحْمَتِكَ ٱمْحُ مَعَاصِيَّ.‏ اِغْسِلْنِي كَثِيرًا مِنْ ذَنْبِي،‏ وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي.‏ لِأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ،‏ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِمًا.‏ إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ،‏ وَٱلشَّرَّ أَمَامَ عَيْنَيْكَ فَعَلْتُ».‏ —‏ مزمور ٥١:‏١-‏٤‏.‏

      ٩ لَقَدْ كَانَ دَاوُدُ نَادِمًا مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ.‏ لِذلِكَ غَفَرَ لَهُ يَهْوَه خَطِيَّتَهُ وَمَارَسَ ضَبْطَ ٱلنَّفْسِ عِنْدَ إِنْزَالِ ٱلْعِقَابِ بِهِ وَبِبَثْشَبَعَ.‏ فَبِحَسَبِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ،‏ كَانَ يَجِبُ قَتْلُ دَاوُدَ وَبَثْشَبَعَ كِلَيْهِمَا.‏ (‏تثنية ٢٢:‏٢٢‏)‏ وَفِي حِينِ أَنَّهُمَا لَمْ يُفْلِتَا مِنْ كُلِّ عَوَاقِبِ خَطِيَّتِهِمَا،‏ فَقَدْ أَبْقَاهُمَا يَهْوَه عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ.‏ (‏٢ صموئيل ١٢:‏١٣‏)‏ فَرَغْمَ أَنَّ رَحْمَةَ ٱللّٰهِ تَشْمُلُ غُفْرَانَ ٱلْخَطَإِ،‏ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَنْ إِنْزَالِ ٱلْعِقَابِ ٱلْمُنَاسِبِ.‏

      ١٠ رَغْمَ أَنَّ يَهْوَه رَحِيمٌ عِنْدَ ٱلْحُكْمِ عَلَيْنَا،‏ لِمَاذَا لَا يَجِبُ أَنْ نَعْتَبِرَ رَحْمَتَهُ تَحْصِيلَ حَاصِلٍ؟‏

      ١٠ بِمَا أَنَّهُ «بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ [آدَمَ] دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ» وَبِمَا أَنَّ «أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ»،‏ فَإِنَّ كُلَّ ٱلْبَشَرِ يَسْتَحِقُّونَ ٱلْمَوْتَ.‏ (‏روما ٥:‏١٢؛‏ ٦:‏٢٣‏)‏ فَكَمْ يَنْبَغِي أَنْ نُقَدِّرَ يَهْوَه لِأَنَّهُ يُظْهِرُ ٱلرَّحْمَةَ عِنْدَ ٱلْحُكْمِ عَلَيْنَا!‏ وَلكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَحْرِصَ لِئَلَّا نَعْتَبِرَ رَحْمَةَ ٱللّٰهِ تَحْصِيلَ حَاصِلٍ.‏ فَٱلتَّثْنِيَةُ ٣٢:‏٤ تَقُولُ إِنَّ «جَمِيعَ طُرُقِ [يَهْوَه] عَدْلٌ».‏ فَٱللّٰهُ لَا يَتَجَاهَلُ مَقَايِيسَهُ ٱلْكَامِلَةَ لِلْعَدْلِ عِنْدَ إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ.‏

      ١١ كَيْفَ أَخَذَ يَهْوَه ٱلْعَدْلَ فِي ٱلِٱعْتِبَارِ عِنْدَمَا عَالَجَ قَضِيَّةَ خَطِيَّةِ دَاوُدَ مَعَ بَثْشَبَعَ؟‏

      ١١ قَبْلَ تَخْفِيفِ حُكْمِ ٱلْإِعْدَامِ فِي حَالَةِ دَاوُدَ وَبَثْشَبَعَ،‏ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَغْفِرَ يَهْوَه لَهُمَا خَطِيَّتَهُمَا.‏ وَهُوَ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَى ٱلْقُضَاةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ فِعْلَ ذلِكَ.‏ فَلَوْ سَمَحَ لَهُمْ بِٱلْحُكْمِ فِي هذِهِ ٱلْقَضِيَّةِ،‏ لَمَا كَانَ لَدَيْهِمْ أَيُّ خِيَارٍ سِوَى إِصْدَارِ حُكْمِ ٱلْإِعْدَامِ،‏ إِذْ إِنَّ هذَا مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ ٱلشَّرِيعَةُ.‏ لكِنَّ يَهْوَه بِسَبَبِ عَهْدِهِ مَعَ دَاوُدَ،‏ أَرَادَ أَنْ يُحَدِّدَ هَلْ هُنَالِكَ أَسَاسٌ لِيَغْفِرَ لَهُ خَطِيَّتَهُ.‏ (‏٢ صموئيل ٧:‏١٢-‏١٦‏)‏ لِذلِكَ ٱخْتَارَ يَهْوَه ٱللّٰهُ،‏ «دَيَّانُ كُلِّ ٱلْأَرْضِ» وَ «فَاحِصُ ٱلْقَلْبِ»،‏ أَنْ يُعَالِجَ هذِهِ ٱلْمَسْأَلَةَ شَخْصِيًّا.‏ (‏تكوين ١٨:‏٢٥؛‏ ١ اخبار الايام ٢٩:‏١٧‏)‏ وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا فِي قَلْبِ دَاوُدَ،‏ تَقْيِيمِ أَصَالَةِ تَوْبَتِهِ،‏ وَمَنْحِهِ ٱلْغُفْرَانَ.‏

      ١٢ مَاذَا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ ٱلْبَشَرُ ٱلْخُطَاةُ لِلِٱسْتِفَادَةِ مِنْ رَحْمَةِ ٱللّٰهِ؟‏

      ١٢ إِنَّ ٱلرَّحْمَةَ ٱلَّتِي يُظْهِرُهَا يَهْوَه لَنَا بِإِتَاحَتِهِ ٱلْفُرْصَةَ لِنُعْفَى مِنْ عُقُوبَةِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْرُوثَةِ هِيَ مُنْسَجِمَةٌ مَعَ عَدْلِهِ.‏ فَلِكَيْ يُتِيحَ غُفْرَانَ ٱلْخَطِيَّةِ دُونَ ٱنْتِهَاكِ ٱلْعَدْلِ،‏ زَوَّدَ ذَبِيحَةَ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ لِٱفْتِدَائِنَا.‏ وَكَانَ هذَا أَعْظَمَ إِعْرَابٍ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨؛‏ روما ٦:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وَلِلِٱسْتِفَادَةِ مِنْ رَحْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي تُنْقِذُنَا مِنْ عِقَابِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْرُوثَةِ،‏ يَجِبُ أَنْ ‹نُمَارِسَ ٱلْإِيمَانَ بِٱلِٱبْنِ›.‏ —‏ يوحنا ٣:‏١٦،‏ ٣٦‏.‏

      إِلهُ رَحْمَةٍ وَعَدْلٍ

      ١٣،‏ ١٤ هَلْ تُلَطِّفُ رَحْمَةُ ٱللّٰهِ عَدْلَهُ؟‏ أَوْضِحُوا.‏

      ١٣ كَمَا رَأَيْنَا إِذًا،‏ لَا تَنْتَهِكُ رَحْمَةُ يَهْوَه مِقْيَاسَهُ لِلْعَدْلِ.‏ وَلكِنْ هَلْ تُبَدِّلُ ٱلرَّحْمَةُ شَيْئًا فِي عَدْلِ يَهْوَه كَمَا لَوْ أَنَّ فِيهِ خَطَأً بِحَاجَةٍ إِلَى تَعْدِيلٍ؟‏ وَهَلْ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱلرَّحْمَةَ تُلَطِّفُ عَدْلَهُ؟‏ كَلَّا.‏

      ١٤ قَالَ يَهْوَه لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِفَمِ ٱلنَّبِيِّ هُوشَعَ:‏ «أَخْطُبُكِ لِي إِلَى ٱلدَّهْرِ،‏ وَأَخْطُبُكِ لِي بِٱلْبِرِّ وَٱلْعَدْلِ وَٱللُّطْفِ ٱلْحُبِّيِّ وَٱلْمَرَاحِمِ».‏ (‏هوشع ٢:‏١٩‏)‏ تُظْهِرُ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ أَنَّ يَهْوَه يُمَارِسُ دَائِمًا ٱلرَّحْمَةَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ صِفَاتِهِ ٱلْأُخْرَى،‏ بِمَا فِيهَا ٱلْعَدْلُ.‏ فَهُوَ «إِلٰهٌ رَحِيمٌ وَحَنَّانٌ،‏ .‏ .‏ .‏ يَعْفُو عَنِ ٱلذَّنْبِ وَٱلتَّعَدِّي وَٱلْخَطِيَّةِ،‏ لٰكِنَّهُ لَا يُعْفِي مِنَ ٱلْعِقَابِ».‏ (‏خروج ٣٤:‏٦،‏ ٧‏)‏ إِنَّهُ إِلهُ رَحْمَةٍ وَعَدْلٍ.‏ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْهُ:‏ «هُوَ ٱلصَّخْرُ،‏ وَكَامِلٌ صَنِيعُهُ،‏ لِأَنَّ جَمِيعَ طُرُقِهِ عَدْلٌ».‏ (‏تثنية ٣٢:‏٤‏)‏ فَعَدْلُ ٱللّٰهِ كَامِلٌ،‏ تَمَامًا كَرَحْمَتِهِ.‏ وَمَا مِنْ صِفَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ هِيَ أَسْمَى مِنَ ٱلْأُخْرَى أَوْ بِحَاجَةٍ أَنْ تُلَطِّفَهَا ٱلْأُخْرَى.‏ فَٱلصِّفَتَانِ كِلْتَاهُمَا تَعْمَلَانِ مَعًا بِٱنْسِجَامٍ تَامٍّ.‏

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ ٱلْعَدْلَ ٱلْإِلهِيَّ لَيْسَ قَاسِيًا؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ أَمْرٍ يُمْكِنُ لِعُبَّادِ يَهْوَه أَنْ يَثِقُوا بِهِ عِنْدَمَا يُنَفِّذُ دَيْنُونَتَهُ فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلشِّرِّيرِ هذَا؟‏

      ١٥ إِنَّ عَدْلَ يَهْوَه لَيْسَ قَاسِيًا.‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْعَدْلَ يَنْطَوِي إِجْمَالًا عَلَى مَضَامِينَ قَانُونِيَّةٍ وَيَسْتَدْعِي عَادَةً إِنْزَالَ ٱلْعِقَابِ ٱلْمُسْتَحَقِّ بِٱلْخُطَاةِ،‏ لكِنَّ ٱلْعَدْلَ ٱلْإِلهِيَّ يَشْمُلُ أَيْضًا تَزْوِيدَ ٱلْخَلَاصِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ.‏ مَثَلًا،‏ عِنْدَمَا أُهْلِكَ ٱلْأَشْرَارُ فِي مَدِينَتَيْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ،‏ أُنْقِذَ ٱلْأَبُ ٱلْجَلِيلُ لُوطٌ وَٱبْنَتَاهُ.‏ —‏ تكوين ١٩:‏١٢-‏٢٦‏.‏

      ١٦ بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ،‏ يُمْكِنُنَا ٱلثِّقَةُ أَنَّهُ عِنْدَمَا يُنَفِّذُ يَهْوَه ٱلدَّيْنُونَةَ فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلشِّرِّيرِ ٱلْحَاضِرِ،‏ سَيُنْقِذُ ‹ٱلْجَمْعَ ٱلْكَثِيرَ› مِنْ عُبَّادِهِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلَّذِينَ «غَسَلُوا حُلَلَهُمْ وَبَيَّضُوهَا بِدَمِ ٱلْحَمَلِ».‏ وَهكَذَا،‏ سَيَنْجُونَ «مِنَ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ».‏ —‏ رؤيا ٧:‏٩-‏١٤‏.‏

      لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَكُونَ رُحَمَاءَ؟‏

      ١٧ أَيُّ سَبَبٍ جَوْهَرِيٍّ لَدَيْنَا لِنَكُونَ رُحَمَاءَ؟‏

      ١٧ يُعَلِّمُنَا مِثَالُ يَهْوَه وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مَا هِيَ ٱلرَّحْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ.‏ وَٱلْأَمْثَالُ ١٩:‏١٧ تُعْطِينَا سَبَبًا جَوْهَرِيًّا لِنَكُونَ رُحَمَاءَ حِينَ تَقُولُ:‏ «مَنْ يَتَحَنَّنُ عَلَى ٱلْمِسْكِينِ يُقْرِضُ يَهْوَهَ،‏ وَعَنْ صَنِيعِهِ يُجَازِيهِ».‏ فَيَهْوَه يُسَرُّ عِنْدَمَا نَقْتَدِي بِهِ وَبِٱبْنِهِ بِكَوْنِنَا رُحَمَاءَ فِي تَعَامُلَاتِنَا وَاحِدِنَا مَعَ ٱلْآخَرِ.‏ (‏١ كورنثوس ١١:‏١‏)‏ كَمَا أَنَّ مِثَالَنَا يُشَجِّعُ ٱلْآخَرِينَ أَنْ يَكُونُوا رُحَمَاءَ،‏ لِأَنَّ ٱلرَّحْمَةَ صِفَةٌ مُعْدِيَةٌ.‏ —‏ لوقا ٦:‏٣٨‏.‏

      ١٨ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى لِنَكُونَ رُحَمَاءَ؟‏

      ١٨ إِنَّ ٱلرَّحْمَةَ هِيَ مَزِيجٌ مِنْ صِفَاتٍ جَيِّدَةٍ عَدِيدَةٍ.‏ فَهِيَ تَشْمُلُ ٱلْحَنَانَ،‏ ٱلْمَحَبَّةَ،‏ ٱللُّطْفَ،‏ وَٱلصَّلَاحَ.‏ وَمَشَاعِرُ ٱلرَّأْفَةِ ٱلرَّقِيقَةِ أَوِ ٱلتَّعَاطُفِ هِيَ مَا يَدْفَعُ إِلَى إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ.‏ وَفِي حِينِ أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ ٱلْإِلهِيَّةَ لَا تُضْعِفُ ٱلْعَدْلَ،‏ فَإِنَّ يَهْوَه بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَيَمْنَحُ ٱلْخُطَاةَ بِصَبْرٍ وَقْتًا كَافِيًا لِيَتُوبُوا.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وَهكَذَا نَرَى أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ تَرْتَبِطُ أَيْضًا بِٱلصَّبْرِ وَطُولِ ٱلْأَنَاةِ.‏ لِذلِكَ بِمَا أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ هِيَ مَزِيجٌ مِنْ صِفَاتٍ رَائِعَةٍ —‏ بِمَا فِيهَا تِلْكَ ٱلَّتِي تُؤَلِّفُ ثَمَرَ رُوحِ ٱللّٰهِ —‏ فَٱلْإِعْرَابُ عَنْهَا يُتِيحُ لَنَا فُرْصَةً لِتَنْمِيَةِ هذِهِ ٱلصِّفَاتِ.‏ (‏غلاطية ٥:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ فَكَمْ هُوَ مُهِمٌّ إِذًا أَنْ نَسْعَى لِنَكُونَ رُحَمَاءَ!‏

      ‏«سُعَدَاءُ هُمُ ٱلرُّحَمَاءُ»‏

      ١٩،‏ ٢٠ بِأَيِّ مَعْنًى تَنْتَصِرُ ٱلرَّحْمَةُ عَلَى ٱلدَّيْنُونَةِ؟‏

      ١٩ يُخْبِرُنَا ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ ٱلرَّحْمَةُ صِفَةً بَارِزَةً فِي حَيَاتِنَا.‏ فَقَدْ كَتَبَ:‏ «اَلرَّحْمَةُ تَنْتَصِرُ عَلَى ٱلدَّيْنُونَةِ».‏ (‏يعقوب ٢:‏١٣ب‏)‏ كَانَ يَعْقُوبُ يَتَكَلَّمُ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ ٱلَّتِي يُظْهِرُهَا عَابِدُ يَهْوَه لِلْآخَرِينَ.‏ وَٱلرَّحْمَةُ تَنْتَصِرُ عَلَى ٱلدَّيْنُونَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عِنْدَمَا يَحِينُ ٱلْوَقْتُ كَيْ «يُؤَدِّيَ [ٱلْمَرْءُ] حِسَابًا عَنْ نَفْسِهِ للّٰهِ»،‏ يَأْخُذُ يَهْوَه فِي ٱلِٱعْتِبَارِ تَعَامُلَاتِهِ ٱلرَّحِيمَةَ وَيَغْفِرُ لَهُ عَلَى أَسَاسِ ذَبِيحَةِ ٱبْنِهِ ٱلْفِدَائِيَّةِ.‏ (‏روما ١٤:‏١٢‏)‏ فَلَا شَكَّ أَنَّ أَحَدَ ٱلْأَسْبَابِ ٱلَّتِي دَفَعَتْ يَهْوَه إِلَى إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ لِدَاوُدَ عِنْدَمَا أَخْطَأَ مَعَ بَثْشَبَعَ هُوَ أَنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ كَانَ شَخْصًا رَحِيمًا.‏ (‏١ صموئيل ٢٤:‏٤-‏٧‏)‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ فَإِنَّ «ٱلدَّيْنُونَةَ تَكُونُ بِلَا رَحْمَةٍ عَلَى مَنْ لَا يُمَارِسُ ٱلرَّحْمَةَ».‏ (‏يعقوب ٢:‏١٣أ‏)‏ فَٱلَّذِينَ هُمْ «بِلَا رَحْمَةٍ» يُصَنَّفُونَ بَيْنَ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلَّذِينَ يَعْتَبِرُهُمُ ٱللّٰهُ أَنَّهُمْ «يَسْتَحِقُّونَ ٱلْمَوْتَ».‏ —‏ روما ١:‏٣١،‏ ٣٢‏.‏

      ٢٠ قَالَ يَسُوعُ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ:‏ «سُعَدَاءُ هُمُ ٱلرُّحَمَاءُ،‏ فَإِنَّهُمْ يُرْحَمُونَ».‏ (‏متى ٥:‏٧‏)‏ وَهذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ تُظْهِرُ بِوُضُوحٍ أَنَّ ٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِيَنَالُوا رَحْمَةَ ٱللّٰهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ رُحَمَاءَ.‏ وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ سَنُنَاقِشُ كَيْفَ نُمَارِسُ ٱلرَّحْمَةَ فِي حَيَاتِنَا ٱلْيَوْمِيَّةِ.‏

  • كيف نمارس الرحمة؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٧ | ١٥ ايلول (‏سبتمبر)‏
    • كَيْفَ نُمَارِسُ ٱلرَّحْمَةَ؟‏

      ‏«لِنَصْنَعِ ٱلصَّلَاحَ إِلَى ٱلْجَمِيعِ،‏ وَخُصُوصًا إِلَى أَهْلِ ٱلْإِيمَانِ».‏ —‏ غلاطية ٦:‏١٠‏.‏

      ١،‏ ٢ مَاذَا يُعَلِّمُنَا مَثَلُ ٱلسَّامِرِيِّ ٱلْمُحِبِّ لِلْقَرِيبِ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ؟‏

      فِيمَا كَانَ رَجُلٌ مُتَضَلِّعٌ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ يَتَحَدَّثُ مَعَ يَسُوعَ،‏ طَرَحَ عَلَيْهِ ٱلسُّؤَالَ:‏ «مَنْ هُوَ قَرِيبِي؟‏».‏ وَفِي ٱلْإِجَابَةِ،‏ أَعْطَى يَسُوعُ ٱلْمَثَلَ ٱلتَّالِيَ:‏ «كَانَ إِنْسَانٌ نَازِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا،‏ فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ،‏ فَعَرَّوْهُ وَٱنْهَالُوا عَلَيْهِ ضَرْبًا،‏ ثُمَّ مَضَوْا وَقَدْ تَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيِّتٍ.‏ وَٱتَّفَقَ أَنَّ كَاهِنًا كَانَ نَازِلًا فِي تِلْكَ ٱلطَّرِيقِ،‏ وَلٰكِنَّهُ حِينَ رَآهُ،‏ ٱجْتَازَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْمُقَابِلِ.‏ وَكَذٰلِكَ لَاوِيٌّ أَيْضًا،‏ حِينَ وَصَلَ إِلَى ٱلْمَكَانِ وَرَآهُ،‏ ٱجْتَازَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْمُقَابِلِ.‏ إِلَّا أَنَّ سَامِرِيًّا مَارًّا فِي ٱلطَّرِيقِ أَتَى إِلَيْهِ،‏ وَلَمَّا رَآهُ،‏ أَشْفَقَ عَلَيْهِ.‏ فَٱقْتَرَبَ مِنْهُ وَضَمَدَ جُرُوحَهُ،‏ سَاكِبًا عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا.‏ ثُمَّ أَرْكَبَهُ عَلَى بَهِيمَتِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ وَٱعْتَنَى بِهِ.‏ وَفِي ٱلْغَدِ،‏ أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ ٱلْفُنْدُقِ وَقَالَ:‏ ‹اِعْتَنِ بِهِ،‏ وَمَهْمَا تُنْفِقْ فَوْقَ هٰذَا،‏ فَأَنَا أُوفِيكَ عِنْدَ رُجُوعِي›».‏ بَعْدَ ذلِكَ،‏ سَأَلَ يَسُوعُ ٱلرَّجُلَ:‏ «أَيُّ هٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةِ يَبْدُو لَكَ أَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ ٱللُّصُوصِ؟‏».‏ فَأَجَابَ ٱلرَّجُلُ:‏ «اَلَّذِي عَامَلَهُ بِرَحْمَةٍ».‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢٥،‏ ٢٩-‏٣٧أ‏.‏

      ٢ إِنَّ ٱهْتِمَامَ ٱلسَّامِرِيِّ بِٱلرَّجُلِ ٱلْجَرِيحِ يُوضِحُ مَا هِيَ ٱلرَّحْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ.‏ فَٱلسَّامِرِيُّ شَعَرَ بِٱلشَّفَقَةِ،‏ أَوِ ٱلتَّعَاطُفِ،‏ مِمَّا دَفَعَهُ إِلَى ٱتِّخَاذِ إِجْرَاءٍ لِإِرَاحَةِ ٱلضَّحِيَّةِ.‏ عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ،‏ لَمْ يَكُنِ ٱلسَّامِرِيُّ يَعْرِفُ ٱلرَّجُلَ.‏ وَهذَا مَا يُظْهِرُ أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ لَا تُعِيقُهَا ٱلْحَوَاجِزُ ٱلْقَوْمِيَّةُ أَوِ ٱلدِّينِيَّةُ أَوِ ٱلْحَضَارِيَّةُ.‏ وَبَعْدَمَا ٱنْتَهَى يَسُوعُ مِنْ مَثَلِ ٱلسَّامِرِيِّ ٱلْمُحِبِّ لِلْقَرِيبِ،‏ نَصَحَ مُسْتَمِعَهُ:‏ «اِذْهَبْ وَٱفْعَلْ أَنْتَ هٰكَذَا».‏ (‏لوقا ١٠:‏٣٧ب‏)‏ نَحْنُ أَيْضًا،‏ يُمْكِنُنَا أَنْ نُصْغِيَ إِلَى هذَا ٱلْحَضِّ وَنَسْعَى لِنَكُونَ رُحَمَاءَ مَعَ ٱلْآخَرِينَ.‏ كَيْفَ ذلِكَ؟‏ وَبِأَيَّةِ طِرَائِقَ يُمْكِنُنَا مُمَارَسَةُ ٱلرَّحْمَةِ فِي حَيَاتِنَا ٱليَوْمِيَّةِ؟‏

      ‏‹إِنْ كَانَ أَخٌ عُرْيَانًا›‏

      ٣،‏ ٤ لِمَاذَا مِنَ ٱلْمُهِمِّ خُصُوصًا أَنْ نُمَارِسَ ٱلرَّحْمَةَ ضِمْنَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟‏

      ٣ قَالَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ:‏ «مَا دَامَتْ لَنَا ٱلْفُرْصَةُ،‏ فَلْنَصْنَعِ ٱلصَّلَاحَ إِلَى ٱلْجَمِيعِ،‏ وَخُصُوصًا إِلَى أَهْلِ ٱلْإِيمَانِ».‏ (‏غلاطية ٦:‏١٠‏)‏ فَلْنُنَاقِشْ أَوَّلًا كَيْفَ يُمْكِنُنَا أَنْ نَكُونَ أَسْخِيَاءَ فِي ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ لِأَهْلِ ٱلْإِيمَانِ.‏

      ٤ كَتَبَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ،‏ مُشَجِّعًا ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ أَنْ يَكُونُوا رُحَمَاءَ وَاحِدُهُمْ مَعَ ٱلْآخَرِ:‏ «اَلدَّيْنُونَةُ تَكُونُ بِلَا رَحْمَةٍ عَلَى مَنْ لَا يُمَارِسُ ٱلرَّحْمَةَ».‏ (‏يعقوب ٢:‏١٣‏)‏ وَقَرِينَةُ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُوحَى بِهَا تَكْشِفُ لَنَا بَعْضَ ٱلطَّرَائِقِ ٱلَّتِي يُمْكِنُنَا بِوَاسِطَتِهَا أَنْ نُمَارِسَ ٱلرَّحْمَةَ.‏ مَثَلًا،‏ نَقْرَأُ فِي يَعْقُوبَ ١:‏٢٧‏:‏ «اَلدِّيَانَةُ ٱلطَّاهِرَةُ غَيْرُ ٱلْمُدَنَّسَةِ فِي نَظَرِ إِلٰهِنَا وَأَبِينَا هِيَ هٰذِهِ:‏ اَلِٱعْتِنَاءُ بِٱلْيَتَامَى وَٱلْأَرَامِلِ فِي ضِيقِهِمْ،‏ وَحِفْظُ ٱلنَّفْسِ بِلَا لَطْخَةٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ».‏ وَتَقُولُ يَعْقُوبُ ٢:‏١٥،‏ ١٦‏:‏ «إِنْ كَانَ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَيُعْوِزُهُمَا قُوتُ يَوْمِهِمَا،‏ وَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمْ:‏ ‹اِذْهَبَا بِسَلَامٍ،‏ ٱسْتَدْفِئَا وَٱشْبَعَا›،‏ وَلَمْ تُعْطُوهُمَا ضَرُورَاتِ ٱلْجَسَدِ،‏ فَمَا ٱلْمَنْفَعَةُ؟‏».‏

      ٥،‏ ٦ كَيْفَ نَكُونُ أَسْخِيَاءَ فِي ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ لِأَفْرَادِ جَمَاعَتِنَا ٱلْمَحَلِّيَّةِ؟‏

      ٥ إِنَّ ٱلِٱهْتِمَامَ بِٱلْآخَرِينَ وَمُسَاعَدَةَ ٱلْمُحْتَاجِينَ هُوَ إِحْدَى مُمَيِّزَاتِ ٱلدِّينِ ٱلْحَقِيقِيِّ.‏ فَٱلدِّينُ ٱلْحَقِيقِيُّ لَا يَسْمَحُ لَنَا أَنْ نَقْصِرَ ٱهْتِمَامَنَا بِٱلْآخَرِينَ عَلَى تَمَنِّي ٱلْخَيْرِ لَهُمْ بِٱلْكَلَامِ.‏ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَدْفَعَنَا مَشَاعِرُ ٱلْحَنَانِ إِلَى ٱتِّخَاذِ إِجْرَاءٍ لِمُسَاعَدَةِ ٱلْمُحْتَاجِينَ.‏ (‏١ يوحنا ٣:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ وَتَشْمُلُ أَعْمَالُ ٱلرَّحْمَةِ ٱلَّتِي يَنْبَغِي أَنْ نَكُونَ أَسْخِيَاءَ فِيهَا:‏ إِعْدَادَ ٱلطَّعَامِ لِشَخْصٍ مَرِيضٍ،‏ مُسَاعَدَةَ شَخْصٍ مُسِنٍّ فِي ٱلْأَعْمَالِ ٱلْمَنْزِلِيَّةِ،‏ تَأْمِينَ ٱلْمُوَاصَلَاتِ إِلَى ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ عِنْدَ ٱلضَّرُورَةِ،‏ وَعَدَمَ ‹قَبْضِ ٱلْيَدِ› عَنِ ٱلْمُسْتَحِقِّينَ.‏ —‏ تثنية ١٥:‏٧-‏١٠‏.‏

      ٦ لكِنَّ ٱلْأَهَمَّ مِنَ ٱلْعَطَاءِ ٱلْمَادِّيِّ هُوَ ٱلْعَطَاءُ ٱلرُّوحِيُّ بُغْيَةَ مُسَاعَدَةِ أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْمُتَّسِعَةِ.‏ فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَحُثُّنَا:‏ «عَزُّوا ٱلنُّفُوسَ ٱلْمُكْتَئِبَةَ،‏ ٱدْعَمُوا ٱلضُّعَفَاءَ».‏ (‏١ تسالونيكي ٥:‏١٤‏)‏ وَيُشَجِّعُ أَيْضًا «ٱلْمُسِنَّاتِ» أَنْ يَكُنَّ «مُعَلِّمَاتٍ لِمَا هُوَ صَالِحٌ».‏ (‏تيطس ٢:‏٣‏)‏ كَمَا أَنَّهُ يَقُولُ عَنِ ٱلنُّظَّارِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ:‏ «يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمْ كَمَخْبَإٍ مِنَ ٱلرِّيحِ وَسِتْرٍ مِنَ ٱلْعَاصِفَةِ».‏ —‏ اشعيا ٣٢:‏٢‏.‏

      ٧ مَاذَا نَتَعَلَّمُ عَنْ إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ؟‏

      ٧ إِضَافَةً إِلَى ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْأَرَامِلِ وَٱلْيَتَامَى وَٱلَّذِينَ يَحْتَاجُونَ إِلَى ٱلْمُسَاعَدَةِ وَٱلتَّشْجِيعِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ،‏ نَظَّمَتْ جَمَاعَاتُ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ تَرْتِيبَاتٍ لِإِرْسَالِ مُؤَنِ إِغَاثَةٍ إِلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ فِي أَمَاكِنَ أُخْرَى.‏ مَثَلًا،‏ عِنْدَمَا أَنْبَأَ ٱلنَّبِيُّ أَغَابُوسُ «أَنَّ مَجَاعَةً عَظِيمَةً تُوشِكُ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى ٱلْمَسْكُونَةِ كُلِّهَا»،‏ صَمَّمَ ٱلتَّلَامِيذُ فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ،‏ «كُلٌّ بِحَسَبِ طَاقَتِهِ،‏ أَنْ يُؤَدُّوا خِدْمَةً بِإِرْسَالِ إِعَانَةٍ إِلَى ٱلْإِخْوَةِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ».‏ وَقَدْ أُرْسِلَتْ مُؤَنُ ٱلْإِغَاثَةِ إِلَى ٱلشُّيُوخِ هُنَاكَ «بِيَدِ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ».‏ (‏اعمال ١١:‏٢٨-‏٣٠‏)‏ اَلْيَوْمَ أَيْضًا،‏ يُنَظِّمُ «ٱلْعَبْدُ ٱلْأَمِينُ ٱلْفَطِينُ» لِجَانَ إِغَاثَةٍ لِلِٱعْتِنَاءِ بِإِخْوَتِنَا ٱلَّذِينَ تَحِلُّ بِهِمْ كَوَارِثُ طَبِيعِيَّةٌ مِثْلُ ٱلْأَعَاصِيرِ،‏ ٱلزَّلَازِلِ،‏ أَوِ ٱلتّسُونَامِي.‏ (‏متى ٢٤:‏٤٥‏)‏ وَٱلتَّضْحِيَةُ بِوَقْتِنَا وَطَاقَاتِنَا وَمَوَارِدِنَا لِدَعْمِ هذَا ٱلتَّرْتِيبِ هِيَ طَرِيقَةٌ جَيِّدَةٌ لِإِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ.‏

      ‏«إِنْ كُنْتُمْ تُحَابُونَ»‏

      ٨ كَيْفَ تَتَنَافَى ٱلْمُحَابَاةُ مَعَ ٱلرَّحْمَةِ؟‏

      ٨ حَذَّرَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ مِنْ صِفَةٍ تَتَنَافَى مَعَ ٱلرَّحْمَةِ وَ «ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ»،‏ شَرِيعَةِ ٱلْمَحَبَّةِ،‏ حِينَ كَتَبَ:‏ «إِنْ كُنْتُمْ تُحَابُونَ فَإِنَّكُمْ تَعْمَلُونَ خَطِيَّةً،‏ وَٱلشَّرِيعَةُ تُوَبِّخُكُمْ كَمُتَعَدِّينَ».‏ (‏يعقوب ٢:‏٨،‏ ٩‏)‏ فَمُحَابَاةُ ٱلْأَغْنِيَاءِ أَوِ ٱلْبَارِزِينَ يُمْكِنُ أَنْ تَجْعَلَنَا نَتَصَامَمُ عَنْ «صُرَاخِ تَشَكِّي ٱلْمِسْكِين».‏ (‏امثال ٢١:‏١٣‏)‏ لِذلِكَ فَهِيَ تُعِيقُنَا عَنْ إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ.‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ نَحْنُ نُمَارِسُ ٱلرَّحْمَةَ عِنْدَمَا نُعَامِلُ ٱلْآخَرِينَ دُونَ تَحَيُّزٍ.‏

      ٩ لِمَاذَا لَيْسَ مِنَ ٱلْخَطَإِ إِظْهَارُ ٱعْتِبَارٍ خُصُوصِيٍّ لِمَنْ يَسْتَحِقُّونَهُ؟‏

      ٩ وَهَلْ كَوْنُنَا غَيْرَ مُتَحَيِّزِينَ يَعْنِي عَدَمَ إِظْهَارِ ٱعْتِبَارٍ خُصُوصِيٍّ لِشَخْصٍ مَا؟‏ كَلَّا.‏ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي فِيلِبِّي فِي مَا يَخُصُّ رَفِيقَهُ ٱلْعَامِلَ مَعَهُ أَبَفْرُودِتُسَ:‏ «قَدِّرُوا أَمْثَالَهُ».‏ وَلِمَاذَا؟‏ «لِأَنَّهُ قَارَبَ ٱلْمَوْتَ مِنْ أَجْلِ عَمَلِ ٱلرَّبِّ،‏ مُخَاطِرًا بِنَفْسِهِ،‏ لِكَيْ يُعَوِّضَ كَامِلًا عَنْ عَدَمِ وُجُودِكُمْ هُنَا لِتَخْدِمُونِي».‏ (‏فيلبي ٢:‏٢٥،‏ ٢٩،‏ ٣٠‏)‏ فَقَدِ ٱسْتَحَقَّ أَبَفْرُودِتُسُ نَيْلَ ٱعْتِبَارٍ خُصُوصِيٍّ بِسَبَبِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْأَمِينَةِ ٱلَّتِي قَامَ بِهَا.‏ كَمَا نَقْرَأُ فِي ١ تِيمُوثَاوُسَ ٥:‏١٧‏:‏ «لِيُحْسَبِ ٱلشُّيُوخُ ٱلَّذِينَ يُشْرِفُونَ حَسَنًا مُسْتَحِقِّينَ كَرَامَةً مُضَاعَفَةً،‏ وَخُصُوصًا ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِكَدٍّ فِي ٱلْكَلِمَةِ وَٱلتَّعْلِيمِ».‏ فَٱلَّذِينَ يَتَحَلَّوْنَ بِصِفَاتٍ رُوحِيَّةٍ جَيِّدَةٍ هُمْ أَيْضًا يَسْتَحِقُّونَ ٱعْتِبَارًا خُصُوصِيًّا.‏ وَإِظْهَارُ هذَا ٱلِٱعْتِبَارِ لَيْسَ مُحَابَاةً عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.‏

      ‏«اَلْحِكْمَةُ ٱلَّتِي مِنْ فَوْقُ .‏ .‏ .‏ مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً»‏

      ١٠ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَضْبُطَ لِسَانَنَا؟‏

      ١٠ كَتَبَ يَعْقُوبُ عَنِ ٱللِّسَانِ:‏ «إِنَّهُ أَذًى لَا يُضْبَطُ،‏ مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا.‏ بِهِ نُبَارِكُ يَهْوَهَ،‏ ٱلْآبَ،‏ وَبِهِ نَلْعَنُ ٱلنَّاسَ ٱلَّذِينَ وُجِدُوا ‹عَلَى شَبَهِ ٱللّٰهِ›.‏ مِنَ ٱلْفَمِ ٱلْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ».‏ وَأَضَافَ قَائِلًا:‏ «إِذَا كَانَ فِي قُلُوبِكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَنَزْعَةٌ إِلَى ٱلْخِصَامِ،‏ فَلَا تَتَبَجَّحُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى ٱلْحَقِّ.‏ لَيْسَتْ هٰذِهِ ٱلْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ،‏ بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ حَيَوَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ.‏ فَحَيْثُ تَكُونُ ٱلْغَيْرَةُ وَٱلنَّزْعَةُ إِلَى ٱلْخِصَامِ،‏ هُنَاكَ ٱلتَّشْوِيشُ وَكُلُّ رَذِيلَةٍ.‏ أَمَّا ٱلْحِكْمَةُ ٱلَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا عَفِيفَةٌ،‏ ثُمَّ مُسَالِمَةٌ،‏ مُتَعَقِّلَةٌ،‏ مُسْتَعِدَّةٌ لِلطَّاعَةِ،‏ مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَثِمَارًا صَالِحَةً،‏ لَا تُمَيِّزُ بِمُحَابَاةٍ وَلَا تُرَائِي».‏ —‏ يعقوب ٣:‏٨-‏١٠أ،‏ ١٤-‏١٧‏.‏

      ١١ كَيْفَ نَكُونُ رُحَمَاءَ فِي ٱسْتِخْدَامِ لِسَانِنَا؟‏

      ١١ وَهكَذَا نَرَى أَنَّ طَرِيقَةَ ٱسْتِخْدَامِ لِسَانِنَا تَدُلُّ هَلْ لَدَيْنَا ٱلْحِكْمَةُ ‹ٱلْمَمْلُوَّةُ رَحْمَةً› أَمْ لَا.‏ فَمَاذَا نَكْشِفُ عَنْ أَنْفُسِنَا إِذَا كُنَّا بِسَبَبِ ٱلْغَيْرَةِ أَوِ ٱلنَّزْعَةِ إِلَى ٱلْخِصَامِ نَسْتَخْدِمُ لِسَانَنَا لِلِٱفْتِخَارِ،‏ ٱلْكَذِبِ،‏ أَوِ ٱلثَّرْثَرَةِ ٱلْمُؤْذِيَةِ؟‏ يَذْكُرُ ٱلْمَزْمُورُ ٩٤:‏٤‏:‏ «يَتَبَجَّحُ جَمِيعُ مُمَارِسِي ٱلْأَذِيَّةِ».‏ فَمَا أَسْرَعَ ٱلْكَلَامَ ٱلْمُؤْذِيَ فِي تَشْوِيهِ سُمْعَةِ ٱلشَّخْصِ ٱلْحَسَنَةِ!‏ (‏مزمور ٦٤:‏٢-‏٤‏)‏ فَكِّرْ أَيْضًا فِي ٱلضَّرَرِ ٱلَّذِي يُسَبِّبُهُ «شَاهِدُ ٱلزُّورِ [ٱلَّذِي] لَا يَبُثُّ إِلَّا ٱلْأَكَاذِيبَ».‏ (‏امثال ١٤:‏٥؛‏ ١ ملوك ٢١:‏٧-‏١٣‏)‏ بَعْدَ ٱلْحَدِيثِ عَنْ إِسَاءَةِ ٱسْتِخْدَامِ ٱللِّسَانِ،‏ يَقُولُ يَعْقُوبُ:‏ «لَا يَلِيقُ،‏ يَا إِخْوَتِي،‏ أَنْ تَسْتَمِرَّ هٰذِهِ ٱلْأُمُورُ هٰكَذَا».‏ (‏يعقوب ٣:‏١٠ب‏)‏ فَٱلرَّحْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ تَتَطَلَّبُ أَنْ نَسْتَخْدِمَ لِسَانَنَا بِطَرِيقَةٍ عَفِيفَةٍ،‏ مُسَالِمَةٍ،‏ وَمُتَعَقِّلَةٍ.‏ وَقَدْ قَالَ يَسُوعُ:‏ «أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَاطِلَةٍ يَقُولُهَا ٱلنَّاسُ،‏ سَوْفَ يُؤَدُّونَ عَنْهَا حِسَابًا فِي يَوْمِ ٱلدَّيْنُونَةِ».‏ (‏متى ١٢:‏٣٦‏)‏ فَكَمْ هُوَ مُهِمٌّ أَنْ نَكُونَ رُحَمَاءَ فِي ٱسْتِخْدَامِ لِسَانِنَا!‏

      ‏«إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ»‏

      ١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ مِنْ مَثَلِ ٱلْعَبْدِ ٱلَّذِي يَدِينُ لِسَيِّدِهِ بِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ مِنَ ٱلْمَالِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا يَعْنِي أَنْ نَغْفِرَ لِأَخِينَا «إِلَى سَبْعٍ وَسَبْعِينَ مَرَّةً»؟‏

      ١٢ يُظْهِرُ لَنَا مَثَلُ يَسُوعَ عَنِ ٱلْعَبْدِ ٱلَّذِي يَدِينُ لِسَيِّدِهِ بِـ‍ ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٦٠ دِينَارٍ طَرِيقَةً أُخْرَى لِنَكُونَ رُحَمَاءَ.‏ فَقَدِ ٱلْتَمَسَ هذَا ٱلْعَبْدُ ٱلرَّحْمَةَ إِذْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَوْرِدٌ لِيُوفِيَ دَيْنَهُ.‏ «فَأَشْفَقَ» سَيِّدُهُ عَلَيْهِ وَسَامَحَهُ بِٱلدَّيْنِ.‏ لكِنَّ ٱلْعَبْدَ خَرَجَ وَوَجَدَ وَاحِدًا مِنَ ٱلْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ لَهُ عَلَيْهِ مِئَةُ دِينَارٍ،‏ فَأَلْقَاهُ فِي ٱلسِّجْنِ دُونَ رَحْمَةٍ.‏ وَعِنْدَمَا عَلِمَ ٱلسَّيِّدُ بِمَا حَصَلَ،‏ ٱسْتَدْعَى ٱلْعَبْدَ ٱلَّذِي سَامَحَهُ بِٱلدَّيْنِ وَقَالَ لَهُ:‏ «أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلشِّرِّيرُ،‏ كُلُّ ذٰلِكَ ٱلدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ،‏ حِينَ تَوَسَّلْتَ إِلَيَّ.‏ أَفَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْتَ أَيْضًا أَنْ تَرْحَمَ ٱلْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟‏».‏ عِنْدَئِذٍ،‏ سَلَّمَهُ ٱلسَّيِّدُ إِلَى ٱلسَّجَّانِينَ.‏ ثُمَّ ٱخْتَتَمَ يَسُوعُ ٱلْمَثَلَ بِٱلْقَوْلِ:‏ «هٰكَذَا يُعَامِلُكُمْ أَيْضًا أَبِي ٱلسَّمَاوِيُّ إِنْ لَمْ تَغْفِرُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لِأَخِيهِ».‏ —‏ متى ١٨:‏٢٣-‏٣٥‏.‏

      ١٣ يُظْهِرُ هذَا ٱلْمَثَلُ بِشَكْلٍ قَاطِعٍ أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ تَشْمُلُ ٱلْغُفْرَانَ.‏ فَبِمَا أَنَّ يَهْوَه سَامَحَنَا بِدَيْنِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْهَائِلِ،‏ أَفَلَا يَنْبَغِي لَنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ ‹نَغْفِرَ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ›؟‏!‏ (‏متى ٦:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ وَقَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ يَسُوعَ مَثَلَ ٱلْعَبْدِ غَيْرِ ٱلرَّحِيمِ،‏ سَأَلَهُ بُطْرُسُ:‏ «يَا رَبُّ،‏ كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟‏ أَإِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟‏».‏ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ:‏ «لَا أَقُولُ لَكَ:‏ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ،‏ بَلْ:‏ إِلَى سَبْعٍ وَسَبْعِينَ مَرَّةً».‏ (‏متى ١٨:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ نَعَمْ،‏ إِنَّ ٱلشَّخْصَ ٱلرَّحِيمَ يَكُونُ مُسْتَعِدًّا لِيَغْفِرَ «إِلَى سَبْعٍ وَسَبْعِينَ مَرَّةً»،‏ أَيْ دُونَ حُدُودٍ.‏

      ١٤ اِسْتِنَادًا إِلَى مَتَّى ٧:‏١-‏٤‏،‏ كَيْفَ يُمْكِنُنَا مُمَارَسَةُ ٱلرَّحْمَةِ يَوْمِيًّا؟‏

      ١٤ أَظْهَرَ يَسُوعُ طَرِيقَةً أُخْرَى أَيْضًا لِلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ حِينَ قَالَ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ:‏ «لَا تَدِينُوا لِكَيْلَا تُدَانُوا.‏ فَإِنَّكُمْ بِٱلدَّيْنُونَةِ ٱلَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ .‏ .‏ .‏ فَلِمَاذَا تَنْظُرُ ٱلْقَشَّةَ فِي عَيْنِ أَخِيكَ،‏ وَأَمَّا ٱلْعَارِضَةُ فِي عَيْنِكَ أَنْتَ فَلَا تَأْبَهُ لَهَا؟‏ أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لِأَخِيكَ:‏ ‹دَعْنِي أُخْرِجِ ٱلْقَشَّةَ مِنْ عَيْنِكَ›،‏ وَهَا ٱلْعَارِضَةُ فِي عَيْنِكَ أَنْتَ؟‏».‏ (‏متى ٧:‏١-‏٤‏)‏ فَيُمْكِنُنَا مُمَارَسَةُ ٱلرَّحْمَةِ يَوْمِيًّا بِٱحْتِمَالِ ضَعَفَاتِ ٱلْآخَرِينَ دُونَ إِدَانَتِهِمْ أَوِ ٱنْتِقَادِهِمْ.‏

      ‏«لِنَصْنَعِ ٱلصَّلَاحَ إِلَى ٱلْجَمِيعِ»‏

      ١٥ لِمَاذَا أَعْمَالُ ٱلرَّحْمَةِ لَيْسَتْ مَقْصُورَةً فَقَطْ عَلَى ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ؟‏

      ١٥ فِي حِينِ أَنَّ سِفْرَ يَعْقُوبَ يُشَدِّدُ عَلَى إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ،‏ فَهذَا لَا يَعْنِي أَنَّ أَعْمَالَ ٱلرَّحْمَةِ مَقْصُورَةٌ فَقَطْ عَلَى ٱلَّذِينَ هُمْ ضِمْنَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ فَكَمَا يَقُولُ ٱلْمَزْمُورُ ١٤٥:‏٩‏،‏ «يَهْوَهُ صَالِحٌ لِلْكُلِّ،‏ وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ».‏ وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَحُضُّنَا أَنْ ‹نَكُونَ مُقْتَدِينَ بِٱللّٰهِ› وَأَنْ «نَصْنَعَ ٱلصَّلَاحَ إِلَى ٱلْجَمِيعِ».‏ (‏افسس ٥:‏١؛‏ غلاطية ٦:‏١٠‏)‏ لِذلِكَ صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نُحِبُّ «ٱلْعَالَمَ وَلَا مَا فِي ٱلْعَالَمِ»،‏ إِلَّا أَنَّنَا لَسْنَا غَيْرَ مُبَالِينَ بِحَاجَاتِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْعَالَمِ.‏ —‏ ١ يوحنا ٢:‏١٥‏.‏

      ١٦ أَيُّ عَامِلَيْنِ يُؤَثِّرَانِ فِي إِظْهَارِنَا ٱلرَّحْمَةَ لِلْآخَرِينَ؟‏

      ١٦ فَنَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مُسْتَعِدُّونَ دَائِمًا لِنُقَدِّمَ أَيَّةَ مُسَاعَدَةٍ مُمْكِنَةٍ لِضَحَايَا «ٱلْحَوَادِثِ غَيْرِ ٱلْمُتَوَقَّعَةِ» أَوْ لِلَّذِينَ يَمُرُّونَ بِظُرُوفٍ عَصِيبَةٍ.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ وَلَا شَكَّ أَنَّنَا نُسَاعِدُهُمْ قَدْرَ مَا تَسْمَحُ لَنَا ظُرُوفُنَا.‏ (‏امثال ٣:‏٢٧‏)‏ كَمَا أَنَّ عَلَيْنَا ٱلْحِرْصَ عِنْدَ تَقْدِيمِ ٱلْمُسَاعَدَةِ ٱلْمَادِّيَّةِ لِئَلَّا يَكُونَ مَا نَظُنُّ أَنَّهُ عَمَلٌ خَيِّرٌ تَشْجِيعًا عَلَى ٱلْكَسَلِ.‏ (‏امثال ٢٠:‏١،‏ ٤؛‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏١٠-‏١٢‏)‏ إِذًا،‏ ٱلرَّحْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ هِيَ رَدُّ فِعْلٍ يَجْمَعُ بَيْنَ مَشَاعِرِ ٱلْحَنَانِ أَوِ ٱلتَّعَاطُفِ وَبَيْنَ ٱلتَّفْكِيرِ ٱلسَّلِيمِ.‏

      ١٧ مَا هِيَ أَفْضَلُ طَرِيقَةٍ لِإِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ لِلَّذِينَ هُمْ خَارِجَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟‏

      ١٧ إِنَّ أَفْضَلَ طَرِيقَةٍ لِإِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ لِلَّذِينَ هُمْ خَارِجَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ هِيَ إِخْبَارُهُمْ بِحَقِّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ لِمَاذَا؟‏ لِأَنَّ غَالِبِيَّةَ ٱلنَّاسِ ٱلْيَوْمَ يَتَلَمَّسُونَ طَرِيقَهُمْ فِي ٱلظُّلْمَةِ ٱلرُّوحِيَّةِ.‏ فَهُمْ ‹مُنْزَعِجُونَ وَمُنْطَرِحُونَ كَخِرَافٍ لَا رَاعِيَ لَهَا› لِأَنَّهُمْ عَاجِزُونَ عَنْ حَلِّ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلَّتِي تُوَاجِهُهُمْ وَلَا أَمَلَ لَدَيْهِمْ بِٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ (‏متى ٩:‏٣٦‏)‏ وَرِسَالَةُ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ ‹سِرَاجًا لِرِجْلِهِمْ›،‏ إِذْ تُسَاعِدُهُمْ عَلَى حَلِّ مَشَاكِلِ ٱلْحَيَاةِ.‏ كَمَا أَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ ‹نُورًا لِسَبِيلِهِمْ›،‏ إِذْ إِنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يُخْبِرُ بِقَصْدِ ٱللّٰهِ لِلْمُسْتَقْبَلِ،‏ مِمَّا يَمْنَحُهُمْ رَجَاءً سَاطِعًا.‏ (‏مزمور ١١٩:‏١٠٥‏)‏ فَمَا أَعْظَمَ ٱلِٱمْتِيَازَ أَنْ نَنْقُلَ رِسَالَةَ ٱلْحَقِّ ٱلرَّائِعَةَ إِلَى ٱلَّذِينَ هُمْ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَيْهَا!‏ وَنَظَرًا إِلَى دُنُوِّ مَجِيءِ ‹ٱلضِّيقِ ٱلعَظِيمِ›،‏ ٱلْآنَ هُوَ ٱلْوَقْتُ لِلِٱشْتِرَاكِ بِغَيْرَةٍ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْمَلَكُوتِ وَٱلتَّلْمَذَةِ.‏ (‏متى ٢٤:‏٣-‏٨،‏ ٢١،‏ ٢٢،‏ ٣٦-‏٤١؛‏ ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ فَمَا مِنْ عَمَلِ رَحْمَةٍ يُضَاهِي هذَا ٱلْعَمَلَ فِي ٱلْأَهَمِّيَّةِ.‏

      ‏«أَعْطُوا مَا فِي ٱلدَّاخِلِ»‏

      ١٨،‏ ١٩ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى إِلَى ٱلتَّحَلِّي أَكْثَرَ بِٱلرَّحْمَةِ فِي حَيَاتِنَا؟‏

      ١٨ قَالَ يَسُوعُ:‏ «أَعْطُوا مَا فِي ٱلدَّاخِلِ صَدَقَةً».‏ (‏لوقا ١١:‏٤١‏)‏ فَلِكَيْ تَكُونَ ٱلْأَعْمَالُ ٱلصَّالِحَةُ وَٱلصَّدَقَاتُ إِعْرَابًا عَنِ ٱلرَّحْمَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ،‏ يَجِبُ أَنْ تَنْبُعَ مِنَ ٱلدَّاخِلِ،‏ أَيْ مِنْ قَلْبٍ مُحِبٍّ وَسَمُوحٍ.‏ (‏٢ كورنثوس ٩:‏٧‏)‏ وَكَمْ تَكُونُ هذِهِ ٱلرَّحْمَةُ مُنْعِشَةً فِي عَالَمٍ تَسُودُهُ ٱلْقَسْوَةُ،‏ ٱلْأَنَانِيَّةُ،‏ وَقِلَّةُ ٱلِٱهْتِمَامِ بِمُعَانَاةِ ٱلْآخَرِينَ وَمَشَاكِلِهِمْ!‏

      ١٩ لِذلِكَ لِنَسْعَ إِلَى ٱلتَّحَلِّي أَكْثَرَ بِٱلرَّحْمَةِ فِي حَيَاتِنَا.‏ فَكُلَّمَا كُنَّا رُحَمَاءَ،‏ تَشَبَّهْنَا بِٱللّٰهِ أَكْثَرَ.‏ وَهذَا مَا يُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلْعَيْشِ حَيَاةً ذَاتَ مَعْنًى تَجْلُبُ لَنَا ٱكْتِفَاءً حَقِيقِيًّا.‏ —‏ متى ٥:‏٧‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة