مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏‹يهوه اله رحيم ورؤوف›‏
    برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • ‏‹يهوه اله رحيم ورؤوف›‏

      ‏«الرب الرب اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء».‏ —‏ خروج ٣٤:‏٦‏.‏

      ١ (‏أ)‏ ايّ عزاء يزوِّده الكتاب المقدس للذين يرون شخصا يحبونه يشرد عن العبادة النقية؟‏ (‏ب)‏ ما هي نظرة يهوه الى الذين زلّوا؟‏

      ‏«قالت لي ابنتي انها لم تعد تريد ان تكون جزءا من الجماعة المسيحية»،‏ هذا ما قاله اب مسيحي.‏ وتابع ايضا ليقول:‏ «فشعرت طوال ايام،‏ لا بل اسابيع،‏ وحتى اشهر بألم مبرِّح في جسدي.‏ وكان احساسي هذا اسوأ من الموت».‏ من المحزن حقا ان نرى شخصا نحبه يشرد عن طريق العبادة النقية.‏ فهل مررتم بهذا الوضع؟‏ في هذه الحال،‏ ستجدون عزاء بأن تعرفوا ان يهوه يتعاطف معكم.‏ (‏خروج ٣:‏٧؛‏ اشعياء ٦٣:‏٩‏)‏ ولكن ما هي نظرته الى الذين زلّوا؟‏ يُظهِر الكتاب المقدس ان يهوه يدعوهم برحمة ان يستردوا رضاه.‏ فقد ناشد اليهود المتمردين ايام ملاخي:‏ «ارجعوا اليَّ أرجع اليكم».‏ —‏ ملاخي ٣:‏٧‏.‏

      ٢ كيف يُظهِر الكتاب المقدس ان الرحمة جزء لا يتجزأ من شخصية يهوه؟‏

      ٢ جرى إبراز رحمة اللّٰه لموسى على جبل سيناء.‏ فهناك،‏ كشف يهوه انه «اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء».‏ (‏خروج ٣٤:‏٦‏)‏ يشدِّد هذا الاعلان ان الرحمة هي جزء لا يتجزأ من شخصية يهوه.‏ فهو،‏ كما كتب الرسول المسيحي بطرس،‏ يشاء «ان يُقبِل الجميع الى التوبة».‏ (‏٢ بطرس ٣:‏٩‏)‏ ولكن طبعا،‏ ليست رحمة اللّٰه بلا حدود.‏ قيل لموسى:‏ ‹لا يعفي المذنب من العقاب›.‏ (‏خروج ٣٤:‏٧‏،‏ ترجمة تفسيرية؛‏ ٢ بطرس ٢:‏٩‏)‏ ولكنَّ «اللّٰه محبة»،‏ والرحمة هي وجه بارز لهذه الصفة.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٨؛‏ يعقوب ٣:‏١٧‏)‏ فيهوه «لا يحفظ الى الابد غضبه»،‏ وهو «يُسَرّ بالرأفة».‏ —‏ ميخا ٧:‏١٨،‏ ١٩‏.‏

      ٣ كيف تباينت نظرة يسوع الى الرحمة مع نظرة الكتبة والفريسيين؟‏

      ٣ كان يسوع انعكاسا تاما لشخصية ابيه السماوي.‏ (‏يوحنا ٥:‏١٩‏)‏ وتعامله الرحيم مع الاثمة لم يكن تغاضيا عن اخطائهم بل تعبيرا عن المشاعر الرقيقة نفسها التي اظهرها للمرضى جسديا.‏ (‏قارنوا مرقس ١:‏٤٠،‏ ٤١‏.‏)‏ وقد صنَّف الرحمة مع «اثقل» ما في ناموس اللّٰه.‏ (‏متى ٢٣:‏٢٣‏)‏ وبالتباين،‏ فكِّروا في الكتبة والفريسيين الذين غالبا ما كان مفهومهم المتمسك بالحرف للعدل لا يترك ايّ مجال للرحمة.‏ فعندما رأوا يسوع يتعامل مع الخطاة،‏ تذمروا قائلين:‏ «هذا يقبَل خطاة ويأكل معهم».‏ (‏لوقا ١٥:‏١،‏ ٢‏)‏ فأجاب يسوع متَّهميه بتقديم ثلاثة ايضاحات،‏ يشدِّد كلٌّ منها على رحمة اللّٰه.‏

      ٤ ايّ ايضاحَين يرويهما يسوع،‏ وماذا كان الهدف من كلٍّ منهما؟‏

      ٤ اولا،‏ اخبر يسوع عن رجل ترك ٩٩ خروفا ليبحث عن واحد ضائع.‏ وإلامَ كان يرمي؟‏ «يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة».‏ ثم اخبر عن امرأة فتَّشت عن درهم ضائع وفرحت عندما وجدته.‏ وماذا كان التطبيق؟‏ «يكون فرح قدام ملائكة اللّٰه بخاطئ واحد يتوب».‏ وإيضاح يسوع الثالث كان على شكل مثل.‏a وقد اعتبره كثيرون اروع قصة قصيرة رُويت على الاطلاق.‏ وسيساعدنا التأمل في هذا المثل على تقدير رحمة اللّٰه والاقتداء بها.‏ —‏ لوقا ١٥:‏٣-‏١٠‏.‏

      ابن متمرد يترك البيت

      ٥،‏ ٦ كيف اعرب الابن الاصغر في ايضاح يسوع الثالث عن قلة تقدير فادحة؟‏

      ٥ ‏«انسان كان له ابنان.‏ فقال اصغرهما لأبيه يا ابي أعطني القسم الذي يصيبني من المال.‏ فقسم لهما معيشته.‏ وبعد ايام ليست بكثيرة جمع الابن الاصغر كل شيء وسافر الى كورة بعيدة وهناك بذَّر ماله بعيش مُسرِف».‏ —‏ لوقا ١٥:‏١١-‏١٣‏.‏b

      ٦ هنا اعرب الابن الاصغر عن قلة تقدير فادحة.‏ اولا،‏ طلب ميراثه،‏ ثم بذَّره «بعيش مُسرِف».‏ وتُترجم هذه العبارة عن كلمة يونانية تعني «عيشة خليعة».‏ يقول احد العلماء ان الكلمة «تدل على اقصى درجات الانحلال الخلقي».‏ فلا عجب ان يكون الشاب في مثل يسوع معروفا عامة بالابن الضال.‏

      ٧ مَن اليوم يشبهون الابن الضال،‏ ولماذا يسعى كثيرون وراء الاستقلال في «كورة بعيدة»؟‏

      ٧ وهل هنالك اشخاص اليوم كالابن الضال؟‏ نعم.‏ من المؤسف ان عددا قليلا نسبيا تركوا ‹البيت› الآمن الذي لأبينا السماوي يهوه.‏ (‏١ تيموثاوس ٣:‏١٥‏)‏ والبعض منهم يشعر بأن محيط بيت اللّٰه يقيِّد حريته،‏ ان عين يهوه الساهرة هي عائق اكثر مما هي حماية.‏ (‏قارنوا مزمور ٣٢:‏٨‏.‏)‏ خذوا على سبيل المثال امرأة مسيحية تربت بحسب مبادئ الكتاب المقدس ولكنها انغمست لاحقا في اساءة استعمال الكحول والمخدِّرات.‏ تقول وهي تسترجع ما حدث في تلك الفترة المظلمة من حياتها:‏ «اردت ان اثبت انه بإمكاني ان اعيش حياة افضل.‏ اردت ان افعل ما اشاء ولم ارد ان يقول لي احد خلاف ذلك».‏ فسعت هذه الشابة كالابن الضال وراء الاستقلال.‏ ومن المؤسف ان عاداتها غير المنسجمة مع الاسفار المقدسة تسببت بطردها من الجماعة المسيحية.‏ —‏ ١ كورنثوس ٥:‏١١-‏١٣‏.‏

      ٨ (‏أ)‏ اية مساعدة يمكن تقديمها للذين يرغبون في العيش حياة تخالف مقاييس اللّٰه؟‏ (‏ب)‏ لماذا ينبغي ان يفكر الشخص مليًّا في اختياره في مسألة العبادة؟‏

      ٨ انه لَيحزّ في القلب حقا ان يُظهِر احد الرفقاء المؤمنين رغبة في العيش حياة تخالف مقاييس اللّٰه.‏ (‏فيلبي ٣:‏١٨‏)‏ عندئذ،‏ يجاهد الشيوخ وذوو المؤهلات الروحية الآخرون ليصلحوا الخاطئ.‏ (‏غلاطية ٦:‏١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولكن لا يُجبَر احد على قبول النير الناتج عن كونه تلميذا مسيحيا.‏ (‏متى ١١:‏٢٨-‏٣٠؛‏ ١٦:‏٢٤‏)‏ وحتى الاحداث يجب ان يقوموا باختيار شخصي في مسألة العبادة عندما يصبحون راشدين.‏ فنحن جميعا احرار ادبيا وسنعطي عن انفسنا حسابا للّٰه.‏ (‏رومية ١٤:‏١٢‏)‏ وطبعا،‏ ‹سنحصد ما نزرعه›.‏ وهذا هو الدرس الذي سرعان ما كان سيتعلمه الابن الضال في مثل يسوع.‏ —‏ غلاطية ٦:‏٧،‏ ٨‏.‏

      اليأس في كورة بعيدة

      ٩،‏ ١٠ (‏أ)‏ ايّ تغيير في الظروف مرَّ به الابن الضال،‏ وماذا كان ردّ فعله؟‏ (‏ب)‏ أوضحوا كيف يقع الذين يهجرون اليوم العبادة الحقة في مأزق مماثل لمأزق الابن الضال.‏

      ٩ ‏«فلما انفق كل شيء حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدأ يحتاج.‏ فمضى والتصق بواحد من اهل تلك الكورة فأرسله الى حقوله ليرعى خنازير.‏ وكان يشتهي ان يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله.‏ فلم يعطه احد».‏ —‏ لوقا ١٥:‏١٤-‏١٦ .‏

      ١٠ رغم ان الابن الضال كان معدِما،‏ لم يفكر في العودة الى البيت.‏ ولكنه التقى احد المواطنين الذي جعله يعمل راعيا للخنازير.‏ وبما ان الناموس الموسوي ينص على ان الخنازير حيوانات نجسة،‏ لم يكن اليهود على الارجح ليقبلوا هذا الاستخدام.‏ (‏لاويين ١١:‏٧،‏ ٨‏)‏ ولكن اذا أحس الابن الضال بتأنيب الضمير،‏ كان عليه ان يسكته.‏ فلا يُعقل ان يتوقع من مستخدِمه،‏ وهو مواطن محلي،‏ ان يُعنى بمشاعر اجنبي بائس.‏ ومأزق الابن الضال هو كمأزق كثيرين اليوم ممن يهجرون طريق العبادة النقية المستقيم.‏ وغالبا ما يتورط امثال هؤلاء في نشاطات كانوا يعتبرونها سابقا مخزية.‏ مثلا،‏ هجر شاب،‏ عندما كان عمره ١٧ سنة،‏ المبادئ المسيحية التي تربى عليها.‏ يعترف:‏ «لقد محا الفساد الادبي واساءة استعمال المخدِّرات سنوات من تعاليم الكتاب المقدس».‏ وسرعان ما زُجَّ به في السجن بتهمة السرقة المسلَّحة والقتل.‏ ورغم انه لاحقا تعافى روحيا،‏ كان الثمن الذي اضطر ان يدفعه لقاء «تمتع وقتي بالخطية» باهظا.‏ —‏ قارنوا عبرانيين ١١:‏٢٤-‏٢٦‏.‏

      ١١ ماذا زاد الطين بلّة في مأزق الابن الضال،‏ وكيف وجد البعض اليوم ان اغراءات العالم هي ‹خداع باطل›؟‏

      ١١ وما زاد الطين بلّة في مأزق الابن الضال هو انه «لم يعطه احد» شيئا.‏ فأين هم اصدقاؤه الجدد؟‏ الآن وقد اصبح بلا مال،‏ كان كما لو انه ‹مُبغَض› منهم.‏ (‏امثال ١٤:‏٢٠‏)‏ وبشكل مماثل،‏ يكتشف كثيرون اليوم ممَّن يشردون عن الايمان ان اغراءات وأفكار هذا العالم هي بمثابة ‹خداع باطل›.‏ (‏كولوسي ٢:‏٨‏،‏ الترجمة اليسوعية الجديدة‏)‏ تقول شابة تركت هيئة اللّٰه فترة من الوقت:‏ «عانيت الكثير من الالم والحزن دون ارشاد يهوه».‏ وتابعت:‏ «حاولت ان اتكيف مع العالم،‏ ولكنهم رفضوني لأنني لم اكن حقا كالباقين.‏ فشعرت وكأنني ولد تائه بحاجة الى اب يرشده.‏ عندئذ ادركت انني بحاجة الى يهوه.‏ ولم اعد اريد ان احيا باستقلال عنه».‏ وهذا ايضا ما ادركه الابن الضال في ايضاح يسوع.‏

      الابن الضال يرجع الى نفسه

      ١٢،‏ ١٣ اية عوامل تساعد البعض اليوم على الرجوع الى نفسهم؟‏ (‏انظروا الاطار.‏)‏

      ١٢ ‏«فرجع الى نفسه وقال كم من اجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا اهلك جوعا.‏ اقوم وأذهب الى ابي وأقول له يا ابي اخطأت الى السماء وقدامك.‏ ولست مستحقا بعد ان أُدعى لك ابنا.‏ اجعلني كأحد أجراك.‏ فقام وجاء الى ابيه».‏ —‏ لوقا ١٥:‏١٧-‏٢٠‏.‏

      ١٣ لقد «رجع» الابن الضال «الى نفسه».‏ فقد كان لفترة من الوقت منغمسا في السعي وراء الملذات،‏ كما لو انه في دنيا الاحلام.‏ ولكنه صار الآن يدرك حالته الروحية الحقيقية.‏ فرغم انه سقط،‏ كان لا يزال هنالك امل له.‏ فكان يمكن ان توجد فيه امور صالحة.‏ (‏امثال ٢٤:‏١٦‏؛‏ قارنوا ٢ أخبار الايام ١٩:‏٢،‏ ٣‏.‏)‏ وماذا عن الذين يتركون رعية اللّٰه اليوم؟‏ أمن المنطقي الاستنتاج انهم كلهم بلا امل،‏ وأن مسلك تمردهم يُظهِر في جميع الحالات انهم اخطأوا الى روح اللّٰه القدس؟‏ (‏متى ١٢:‏٣١،‏ ٣٢‏)‏ ليس بالضرورة.‏ فبعضهم يتعذبون من جراء مسلك عصيانهم،‏ وبعد فترة يرجع كثيرون منهم الى نفسهم.‏ تقول اخت وهي تتذكر حين ابتعدت عن هيئة اللّٰه:‏ «لم انسَ يهوه اطلاقا،‏ حتى ولو ليوم واحد».‏ وتتابع قائلة:‏ «كنت اصلي دائما ان يقبل رجوعي الى الحق بطريقة ما ويوما ما».‏ —‏ مزمور ١١٩:‏١٧٦‏.‏

      ١٤ علامَ صمم الابن الضال،‏ وكيف اظهر الاتضاع بذلك؟‏

      ١٤ ولكن ماذا يمكن ان يفعل الذين شردوا بشأن حالتهم؟‏ في مثل يسوع،‏ قرر الابن الضال ان يعود الى البيت ويلتمس غفران ابيه.‏ وصمم ان يقول:‏ «اجعلني كأحد أجراك».‏ كان الاجير عاملا يتقاضى اجره كل يوم بيومه.‏ لذلك كان يمكن ان يُصرَف بناء على إشعار يُعطى له قبل يوم واحد.‏ فكانت مكانته ادنى من مكانة العبد الذي كان نوعا ما كفرد من العائلة.‏ لذلك لم يكن في نية الابن الضال ان يطلب اعادته الى مكانته السابقة كابن.‏ وكان مستعدا لقبول ادنى مركز ليثبت ولاءه من جديد لأبيه يوما بعد يوم.‏ ولكن كانت هنالك مفاجأة بانتظاره.‏

      استقبال مؤثِّر

      ١٥-‏١٧ (‏أ)‏ ماذا كان ردّ فعل الاب عندما رأى ابنه؟‏ (‏ب)‏ ماذا تمثل الحُلة والخاتم والحذاء التي اعطاها الاب لابنه؟‏ (‏ج)‏ ماذا يُظهِر إعداد الاب وليمة؟‏

      ١٥ ‏«وإذ كان لم يزل بعيدا رآه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبَّله.‏ فقال له الابن يا ابي اخطأتُ الى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد ان أُدعى لك ابنا.‏ فقال الاب لعبيده أخرجوا الحُلة الاولى [‏‏«افخر حُلة»،‏ ي‌ج‏] وألبسوه واجعلوا خاتما في يده وحذاء في رِجليه.‏ وقدِّموا العجل المسمَّن واذبحوه فنأكل ونفرح.‏ لأن ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوُجد.‏ فابتدأوا يفرحون».‏ —‏ لوقا ١٥:‏٢٠-‏٢٤‏.‏

      ١٦ ان كلّ والد محبّ يتوق ان يتعافى ولده روحيا.‏ لذلك يمكننا ان نتخيل ابا الابن الضال وهو يحدِّق الى طريق بيته،‏ راجيا من كل قلبه عودة ابنه.‏ وها هو الآن يرى ابنه قادما في الطريق!‏ ورغم ان مظهر الشاب قد تغير دون شك،‏ يعرفه الاب فيما «لم يزل بعيدا».‏ فهو يرى ابعد من الثياب الرَّثة والروح المنسحقة؛‏ انه يرى ابنه،‏ فيركض للقائه!‏

      ١٧ عندما وصل الاب الى ابنه،‏ وقع على عنقه وقبَّله بحنان.‏ ثم امر عبيده ان يعطوا ابنه حُلة وخاتما وحذاء.‏ لم تكن هذه الحُلة مجرد قطعة ثياب عادية،‏ بل كانت «افخر حُلة» —‏ ربما رداء غنيا بالتطريز من النوع الذي يُقدَّم لتكريم الضيف.‏ وبما ان العبيد لم يلبسوا عادة الخواتم والاحذية،‏ كان الاب يُظهِر ان عودة ابنه كعضو فعلي في العائلة مرحَّب بها.‏ وقد فعل اكثر من ذلك ايضا.‏ فقد امر بإعداد وليمة للاحتفال بعودة ابنه.‏ فمن الواضح ان هذا الرجل لم يغفر لابنه على مضض او لمجرد ان عودة ابنه ألزمته بذلك؛‏ فقد اراد ان يمنح الغفران لأنه فرح بذلك.‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ ماذا يعلِّمكم مثل الابن الضال عن يهوه؟‏ (‏ب)‏ كيف «ينتظر» يهوه عودة الخاطئ،‏ كما تُظهِر تعاملاته مع يهوذا وأورشليم؟‏

      ١٨ ماذا تعلَّمنا حتى الآن من مثل الابن الضال عن اللّٰه الذي لنا امتياز عبادته؟‏ اولا،‏ ان يهوه «رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء».‏ (‏خروج ٣٤:‏٦‏)‏ حقا،‏ ان الرحمة صفة بارزة عند اللّٰه.‏ انها ردّ فعله الطبيعي تجاه المحتاجين.‏ ويعلِّمنا مثل يسوع ان يهوه «غفور».‏ (‏مزمور ٨٦:‏٥‏)‏ فهو متيقظ ليرى ايّ تغيير في القلب من جهة البشر الخطاة يمكن ان يزوِّده بأساس لإظهار الرحمة.‏ —‏ ٢ أخبار الايام ١٢:‏١٢؛‏ ١٦:‏٩‏.‏

      ١٩ خذوا على سبيل المثال تعاملات اللّٰه مع اسرائيل.‏ اوحى يهوه الى النبي اشعياء بأن يصف يهوذا وأورشليم بأنهما ‹مريضتان من الرأس الى اسفل القدم›.‏ ولكنه قال ايضا:‏ «‏ينتظر الرب ليترأف عليكم ولذلك يقوم ليرحمكم».‏ (‏اشعياء ١:‏٥،‏ ٦؛‏ ٣٠:‏١٨؛‏ ٥٥:‏٧؛‏ حزقيال ٣٣:‏١١‏)‏ فتماما كالاب في مثل يسوع،‏ وكأن يهوه ‹يراقب الطريق›.‏ فهو يتوق بشدة الى عودة كلّ مَن ترك بيته.‏ أوليس هذا ما نتوقعه من اب محب؟‏ —‏ مزمور ١٠٣:‏١٣‏.‏

      ٢٠،‏ ٢١ (‏أ)‏ كيف تجتذب رحمة اللّٰه كثيرين اليوم؟‏ (‏ب)‏ ما هو موضوع المناقشة في المقالة التالية؟‏

      ٢٠ ان رحمة يهوه تجتذب سنويا كثيرين ليرجعوا الى نفسهم ويعودوا الى العبادة الحقة.‏ وكم يجلب ذلك الفرح لأحبائهم!‏ خذوا مثلا الاب المسيحي المذكور في المستهل.‏ من المفرح ان ابنته تعافت روحيا وهي تخدم الآن كامل الوقت.‏ يقول:‏ «انا اسعد ما يمكن في نظام الاشياء القديم هذا».‏ ويتابع:‏ «لقد تحولت دموع الحزن الى دموع الفرح».‏ ولا شك ان يهوه يفرح ايضا.‏ —‏ امثال ٢٧:‏١١‏.‏

      ٢١ ولكن هنالك المزيد حول مثل الابن الضال.‏ لقد تابع يسوع قصته ليتمكن من مقارنة رحمة يهوه بالموقف الصارم والانتقادي الشائع بين الكتبة والفريسيين.‏ فكيف صنع هذه المقارنة،‏ وماذا يعنيه ذلك لنا،‏ هما موضوع المناقشة في المقالة التالية.‏

  • تمثَّلوا برحمة يهوه
    برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • تمثَّلوا برحمة يهوه

      ‏«كونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم».‏ —‏ لوقا ٦:‏٣٦‏.‏

      ١ كيف اظهر الفريسيون انهم عديمو الرحمة؟‏

      رغم ان البشر مخلوقون على صورة اللّٰه،‏ غالبا ما يفشلون في التمثل برحمته.‏ (‏تكوين ١:‏٢٧‏)‏ خذوا على سبيل المثال الفريسيين.‏ فقد رفضوا كفريق ان يفرحوا عندما شفى يسوع برحمة انسانا يده يابسة يوم السبت.‏ وبدلا من ذلك،‏ تشاوروا على يسوع «لكي يهلكوه».‏ (‏متى ١٢:‏٩-‏١٤‏)‏ ومرة اخرى،‏ شفى يسوع انسانا اعمى من ولادته.‏ وهذه المرة ايضا،‏ لم يجد «قوم من الفريسيين» ايّ سبب ليفرحوا برأفة يسوع،‏ بل تذمروا قائلين:‏ «هذا الانسان ليس من اللّٰه لأنه لا يحفظ السبت».‏ —‏ يوحنا ٩:‏١-‏٧،‏ ١٦‏.‏

      ٢،‏ ٣ ماذا عنى يسوع بالعبارة:‏ «تحرَّزوا من خمير الفريسيين»؟‏

      ٢ وكان موقف الفريسيين العديم الشفقة جريمة في حق البشرية وخطية الى اللّٰه.‏ (‏يوحنا ٩:‏٣٩-‏٤١‏)‏ فلسبب وجيه حذَّر يسوع تلاميذه:‏ «تحرَّزوا من خمير» هذا الفريق الذي يعتبر انه نخبة المجتمع ومن خمير الدينيين الآخرين مثل الصدوقيين.‏ (‏متى ١٦:‏٦‏)‏ يُستخدم الخمير في الكتاب المقدس ليمثِّل الخطية او الفساد.‏ لذلك كان يسوع يقول ان تعليم ‹الكتبة والفريسيين› يمكن ان يفسد العبادة النقية.‏ وكيف ذلك؟‏ بجعل الناس ينظرون الى ناموس اللّٰه فقط من خلال قواعدهم وشعائرهم الاعتباطية،‏ ويتجاهلون في الوقت نفسه «اثقل» الامور،‏ بما في ذلك الرحمة.‏ (‏متى ٢٣:‏٢٣‏)‏ وهذا الدين الشعائري جعل عبادة اللّٰه عبئا يثقل الكاهل.‏

      ٣ في الجزء الثاني من مثل الابن الضال،‏ شهَّر يسوع التفكير الفاسد للقادة الدينيين اليهود.‏ ففي المثل،‏ كان الاب،‏ الذي يمثِّل يهوه،‏ يتوق الى الغفران لابنه التائب.‏ لكنَّ شعور الاخ الاكبر،‏ الذي رمز الى ‹الفريسيين والكتبة›،‏ كان مختلفا كليًّا.‏ —‏ لوقا ١٥:‏٢‏.‏

      غضب الاخ

      ٤،‏ ٥ بأيّ معنى كان اخو الابن الضال هو ايضا ‹ضالا›؟‏

      ٤ ‏«كان ابنه الاكبر في الحقل.‏ فلما جاء وقرُب من البيت سمع صوت آلات طرب ورقصا.‏ فدعا واحدا من الغلمان وسأله ما عسى ان يكون هذا.‏ فقال له.‏ اخوك جاء فذبح ابوك العجل المسمَّن لأنه قبِله سالما.‏ فغضب ولم يُرد ان يدخل».‏ —‏ لوقا ١٥:‏٢٥-‏٢٨‏.‏

      ٥ من الواضح ان الابن الضال لم يكن الوحيد في مثل يسوع الذي يعاني مشكلة.‏ فكما يقول احد المراجع:‏ «كان الابنان المذكوران هنا كلاهما ضالَّين،‏ واحد بسبب الاثم الذي يذلّه،‏ والآخر بسبب البر الذاتي الذي يعميه».‏ لاحظوا ان اخا الابن الضال لم يرفض ان يفرح فحسب بل «غضب» ايضا.‏ والجذر اليوناني لكلمة «غضب» لا ينقل معنى انفجار للغضب بقدر ما يعني حالة عقلية مستمرة.‏ فكما يبدو،‏ كان الاخ يضمر استياء متأصلا فيه،‏ لذلك شعر بأنه من غير الملائم الاحتفال برجوع شخص ما كان ينبغي اساسا ان يترك البيت.‏

      ٦ مَن يمثِّل اخو الابن الضال،‏ ولماذا؟‏

      ٦ ان اخا الابن الضال يمثِّل بالصواب الذين استاءوا من الرأفة والاهتمام اللذين منحهما يسوع للخطاة.‏ فذوو البر الذاتي هؤلاء لم تؤثر فيهم رحمة يسوع؛‏ ولم يعكسوا ايضا الفرح في السماء الناتج عن الغفران لشخص خاطئ.‏ وبدلا من ذلك،‏ اثارت رحمة يسوع غضبهم،‏ وابتدأوا ‹يفكرون بالشر› في قلوبهم.‏ (‏متى ٩:‏٢-‏٤‏)‏ وذات مرة،‏ كان غضب بعض الفريسيين شديدا حتى انهم استدعوا رجلا شفاه يسوع و«طردوه» من المجمع —‏ او فصلوه كما يبدو.‏ (‏يوحنا ٩:‏٢٢،‏ ٣٤‏،‏ الترجمة اليسوعية الجديدة‏)‏ وتماما كأخي الابن الضال،‏ الذي «لم يُرد ان يدخل»،‏ امتنع القادة الدينيون اليهود عن ‹الفرح مع الفرحين› عندما كانت الفرصة سانحة لهم.‏ (‏رومية ١٢:‏١٥‏)‏ وإذ تابع يسوع مثله شهَّر اكثر ايضا تفكيرهم الشرير.‏

      تفكير خاطئ

      ٧،‏ ٨ (‏أ)‏ ماذا يُظهِر ان اخا الابن الضال لم يفهم معنى البنوّة؟‏ (‏ب)‏ كيف كان الابن الاكبر مختلفا عن ابيه؟‏

      ٧ ‏«فخرج ابوه يطلب اليه.‏ فأجاب وقال لأبيه ها انا اخدمك سنين هذا عددها وقط لم اتجاوز وصيتك وجَدْيا لم تعطني قط لأفرح مع اصدقائي.‏ ولكن لما جاء ابنك هذا الذي اكل معيشتك مع الزواني ذبحت له العجل المسمَّن».‏ —‏ لوقا ١٥:‏٢٨-‏٣٠‏.‏

      ٨ بهذه الكلمات،‏ اظهر اخو الابن الضال انه لم يفهم المعنى الحقيقي للبنوّة.‏ فقد كان يخدم اباه كما لو انه مُستخدَم عنده.‏ قال له:‏ «انا اخدمك».‏ صحيح ان الابن الاكبر هذا لم يترك البيت او يتجاوز وصية ابيه،‏ ولكن هل كانت المحبة هي ما دفعه الى طاعته؟‏ هل احسّ بفرح اصيل في خدمة ابيه،‏ ام انه انجرف الى حالة من الرضا الذاتي،‏ معتقدا انه ابن صالح لمجرد انه يقوم بواجباته «في الحقل»؟‏ ولو كان حقا ابنا مخلصا،‏ فلماذا لم يعكس تفكيره تفكير ابيه؟‏ ولماذا لم يفسح المجال للرأفة في قلبه عندما سنحت له الفرصة ان يرحم اخاه؟‏ —‏ قارنوا مزمور ٥٠:‏٢٠-‏٢٢‏.‏

      ٩ أوضحوا كيف كان القادة الدينيون اليهود كالابن الاكبر.‏

      ٩ كان القادة الدينيون اليهود كالابن الاكبر.‏ فقد اعتقدوا انهم اولياء للّٰه لأنهم التصقوا بشدة بمجموعة شرائع.‏ صحيح ان الطاعة مهمة.‏ (‏١ صموئيل ١٥:‏٢٢‏)‏ إلا ان تشديدهم اكثر من اللازم على الاعمال الصالحة جعل عبادة اللّٰه روتينا آليًّا،‏ مجرد مظهر للتعبد دون اية قِيَم روحية فعلية.‏ فكانت افكارهم تستحوذ عليها التقاليد،‏ وقلوبهم خالية من المحبة.‏ وكانوا يحتقرون عامة الشعب،‏ حتى انهم كانوا يدعونهم بازدراء ‹شعبا ملعونا›.‏ (‏يوحنا ٧:‏٤٩‏)‏ فكيف كان يمكن ان يهتم اللّٰه بأعمال هؤلاء القادة في حين ان قلوبهم كانت مبتعدة عنه بعيدا؟‏ —‏ متى ١٥:‏٧،‏ ٨‏.‏

      ١٠ (‏أ)‏ لماذا كانت الكلمات:‏ «اريد رحمة لا ذبيحة» مشورة ملائمة؟‏ (‏ب)‏ ما مدى خطورة عدم الرحمة؟‏

      ١٠ قال يسوع للفريسيين ان ‹يذهبوا ويتعلموا ما يعنيه انه يريد رحمة لا ذبيحة›.‏ (‏متى ٩:‏١٣؛‏ هوشع ٦:‏٦‏)‏ فهم لم يعرفوا اية امور لها الاولوية،‏ لأن كل ذبائحهم كانت ستصير بلا جدوى دون الرحمة.‏ وهذه فعلا مسألة خطيرة،‏ لأن الكتاب المقدس يذكر ان مَن «لا رحمة» لديهم يكونون بين الذين يعتبر اللّٰه انهم «يستوجبون الموت».‏ (‏رومية ١:‏٣١،‏ ٣٢‏)‏ فلا عجب ان يسوع قال ان القادة الدينيين كصف محكوم عليهم بالهلاك الابدي.‏ ومن الواضح ان عدم رحمتهم ساهم كثيرا في استحقاقهم هذه الدينونة.‏ (‏متى ٢٣:‏٣٣‏)‏ ولكن قد تكون مساعدة افراد من هذا الصف ممكنة.‏ لذلك حاول يسوع في ختام مثله ان يقوِّم تفكير يهود كهؤلاء من خلال كلمات الاب الى ابنه الاكبر.‏ فلنرَ كيف كان ذلك.‏

      رحمة الاب

      ١١،‏ ١٢ كيف يحاول الاب في مثل يسوع ان يقنع ابنه الاكبر،‏ وإلامَ قد يشير استعمال الاب كلمة «اخاك»؟‏

      ١١ ‏«فقال له يا بنيَّ انت معي في كل حين وكل ما لي فهو لك.‏ ولكن كان ينبغي ان نفرح ونُسَر لأن اخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوُجد».‏ —‏ لوقا ١٥:‏٣١،‏ ٣٢‏.‏

      ١٢ لاحظوا ان الاب استعمل كلمة «اخاك».‏ ولماذا؟‏ تذكروا ان الابن الاكبر دعا في مجرى حديثه قبلا الابن الضال «ابنك»،‏ وليس «اخي».‏ فلم يكن يعترف كما يبدو بالصلة العائلية بينه وبين شقيقه.‏ لذلك فإن الاب الآن يقول لابنه الاكبر:‏ ‹انه ليس ابني فقط.‏ انه اخوك،‏ اخوك من لحمك ودمك.‏ فلديك سبب وجيه لتفرح برجوعه›.‏ وكان ينبغي ان يكون قصد يسوع واضحا للقادة اليهود.‏ فالخطاة الذين احتقروهم كانوا في الحقيقة ‹اخوتهم›.‏ وفي الواقع،‏ «لا انسان صدِّيق في الارض يعمل صلاحا ولا يخطئ».‏ (‏جامعة ٧:‏٢٠‏)‏ لذلك كان لدى اليهود البارزين سبب وجيه ليفرحوا عندما يتوب الخطاة.‏

      ١٣ ايّ سؤال مثير للتفكير ينشأ نتيجة الخاتمة المفاجئة في مثل يسوع؟‏

      ١٣ بعد جواب الاب،‏ ينتهي المثل فجأة.‏ فكما لو ان يسوع اراد ان يترك لسامعيه استنتاج الخاتمة.‏ فمهما كان تجاوب الابن الاكبر،‏ كان كلٌّ من سامعيه سيواجه هذا السؤال:‏ ‹هل ستشارك في الفرح في السماء عندما يتوب شخص خاطئ؟‏›.‏ والفرصة اليوم مفتوحة ايضا امام المسيحيين ليجيبوا عن هذا السؤال.‏ وكيف ذلك؟‏

      التمثل برحمة اللّٰه اليوم

      ١٤ (‏أ)‏ كيف يمكن ان نطبِّق مشورة بولس الموجودة في افسس ٥:‏١ في ما يتعلق بالرحمة؟‏ (‏ب)‏ اية اساءة فهم لرحمة اللّٰه يلزم ان نحترز منها؟‏

      ١٤ حضَّ بولس اهل افسس:‏ «كونوا متمثلين باللّٰه كأولاد احباء».‏ (‏افسس ٥:‏١‏)‏ فينبغي ان نقدِّر نحن المسيحيين رحمة اللّٰه،‏ نغرسها في قلوبنا،‏ ثم نُظهِر هذه الصفة في تعاملاتنا مع الآخرين.‏ ولكن من المناسب توخي الحذر.‏ فلا ينبغي ان يُساء فهم رحمة اللّٰه على انها تقليل من اهمية الخطية.‏ مثلا،‏ قد يفكر البعض بلا مبالاة:‏ ‹اذا ارتكبت خطية،‏ يمكنني دائما ان اصلي الى اللّٰه من اجل الغفران فيرحمني›.‏ ولكنَّ هذا الموقف هو بمثابة ما دعاه يهوذا،‏ احد كتبة الكتاب المقدس،‏ ‹تحويلا للطف الهنا غير المستحق الى عذر للانحلال الخلقي›.‏ (‏يهوذا ٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ ورغم ان يهوه رحيم،‏ فهو ‹لا يعفي المذنب من العقاب› عندما يتعامل مع خطاة غير تائبين.‏ —‏ خروج ٣٤:‏٧‏،‏ ترجمة تفسيرية؛‏ قارنوا يشوع ٢٤:‏١٩؛‏ ١ يوحنا ٥:‏١٦‏.‏

      ١٥ (‏أ)‏ لماذا يلزم ان يحافظ الشيوخ خصوصا على نظرة متزنة الى الرحمة؟‏ (‏ب)‏ في حين ان الشيوخ لا يتساهلون في حال الخطية العمدية،‏ إلامَ ينبغي ان يسعوا،‏ ولماذا؟‏

      ١٥ ومن ناحية اخرى،‏ يلزم ان نحترز ايضا لئلا نأخذ الجانب المتطرف الآخر:‏ الميل الى ان نكون صارمين وانتقاديين مع الذين يتوبون توبة اصيلة ويحزنون بحسب مشيئة اللّٰه على خطاياهم.‏ (‏٢ كورنثوس ٧:‏١١‏)‏ وبما انه أُوكل الى الشيوخ الاعتناء بخراف يهوه،‏ فمن الضروري ان يحافظوا على نظرة متزنة في هذا المجال،‏ وخصوصا عند معالجة المسائل القضائية.‏ فالجماعة المسيحية يجب ان تبقى نظيفة،‏ ومن الملائم بحسب الاسفار المقدسة ‹عزل الخبيث› بواسطة اجراء الفصل.‏ (‏١ كورنثوس ٥:‏١١-‏١٣‏)‏ وفي الوقت نفسه،‏ من الجيد إظهار الرحمة عندما يكون هنالك اساس لذلك.‏ ففي حين ان الشيوخ لا يتساهلون في حال الخطية العمدية،‏ فهم يسعون الى اتِّخاذ مسلك رحيم،‏ حسبما يسمح العدل بذلك.‏ وهم يضعون نصب اعينهم مبدأ الكتاب المقدس:‏ «الحكم هو بلا رحمة لمَن لم يعمل رحمة.‏ والرحمة تفتخر على الحكم».‏ —‏ يعقوب ٢:‏١٣؛‏ امثال ١٩:‏١٧؛‏ متى ٥:‏٧‏.‏

      ١٦ (‏أ)‏ أظهروا من الكتاب المقدس ان يهوه يشاء حقا ان يرجع اليه الخطاة.‏ (‏ب)‏ كيف يمكن ان نبرهن اننا نحن ايضا نرحب برجوع الخطاة التائبين؟‏

      ١٦ يوضح مثل الابن الضال ان يهوه يشاء ان يرجع اليه الخطاة.‏ ويظل يوجِّه الدعوة اليهم حتى يُثبِتوا انهم لا يريدون التوبة اطلاقا.‏ (‏حزقيال ٣٣:‏١١؛‏ ملاخي ٣:‏٧؛‏ رومية ٢:‏٤،‏ ٥؛‏ ٢ بطرس ٣:‏٩‏)‏ وتماما كأبي الابن الضال،‏ يُكرِم يهوه الذين يرجعون،‏ اذ يقبلهم كأعضاء فعليين في العائلة.‏ فهل تتمثلون بيهوه في هذا المجال؟‏ كيف تتجاوبون عندما يُعاد الى الجماعة رفيق مؤمن كان قد فُصل لفترة من الوقت؟‏ نحن نعرف انه «يكون فرح في السماء».‏ (‏لوقا ١٥:‏٧‏)‏ ولكن هل يكون فرح على الارض،‏ في جماعتكم،‏ او حتى في قلبكم؟‏ أم انكم تستاؤون كالابن الاكبر في المثل،‏ كما لو ان الشخص الذي ما كان ينبغي اساسا ان يترك رعية اللّٰه لا يستحق الترحيب به؟‏

      ١٧ (‏أ)‏ اية حالة كانت موجودة في كورنثوس في القرن الاول،‏ وأية نصيحة اعطاها بولس للذين في الجماعة حول معالجة المسألة؟‏ (‏ب)‏ لماذا كان حض بولس عمليا،‏ وكيف يمكن ان نطبِّقه اليوم؟‏ (‏انظروا ايضا الاطار في اليسار.‏)‏

      ١٧ لمساعدتنا على فحص انفسنا في هذا المجال،‏ تأملوا في ما حدث نحو السنة ٥٥ ب‌م في كورنثوس.‏ فهناك،‏ عاد شخص كان قد طُرد من الجماعة ليعيش حياة نظيفة ادبيا.‏ فماذا كان الاخوة سيفعلون؟‏ هل كان ينبغي ان يشكّوا في توبته ويستمروا في اجتنابه؟‏ على العكس،‏ حثّ بولس اهل كورنثوس:‏ «حتى تكونوا .‏ .‏ .‏ تسامحونه بالحري وتعزُّونه لئلا يُبتلع مثل هذا من الحزن المفرط.‏ لذلك اطلب ان تمكّنوا له المحبة».‏ (‏٢ كورنثوس ٢:‏٧،‏ ٨‏)‏ غالبا ما يكون الخطاة التائبون عرضة لمشاعر الخزي واليأس.‏ لذلك يلزم طمأنة هؤلاء ان رفقاءهم المؤمنين ويهوه يحبونهم.‏ (‏ارميا ٣١:‏٣؛‏ رومية ١:‏١٢‏)‏ ولماذا هذا مهم؟‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ كيف سبق ان اظهر الكورنثيون انهم متساهلون جدا؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن للموقف العديم الرحمة ان يكون قد تسبب للكورنثيين بأن ‹يطمع فيهم الشيطان›؟‏

      ١٨ من جملة الاسباب التي ذكرها بولس في حضه الكورنثيين ان يغفروا كان «لئلا يطمع فينا الشيطان لأننا لا نجهل افكاره».‏ (‏٢ كورنثوس ٢:‏١١‏)‏ وماذا كان يعني؟‏ اضطر بولس سابقا ان يوبِّخ جماعة كورنثوس على تساهلها الشديد.‏ فكانوا قد سمحوا لهذا الرجل بالاستمرار في خطيته دون عقاب.‏ وبذلك كانت الجماعة،‏ وخصوصا الشيوخ،‏ تنفِّذ مشيئة الشيطان،‏ الذي يودّ لو يسلب الجماعة صيتها الحسن.‏ —‏ ١ كورنثوس ٥:‏١-‏٥‏.‏

      ١٩ ولكنهم اذا اخذوا الآن الجانب المتطرف الآخر ورفضوا مسامحة التائب،‏ يطمع فيهم الشيطان.‏ وكيف ذلك؟‏ باستغلاله قساوتهم وعدم رحمتهم.‏ فإذا ‹ابتُلع› الخاطئ التائب «من الحزن المفرط» —‏ او كما تنقلها الترجمة الانكليزية الحديثة:‏ «حزن كثيرا حتى استسلم كليًّا» —‏ تكون مسؤولية الشيوخ عظيمة امام يهوه.‏ (‏قارنوا حزقيال ٣٤:‏٦؛‏ يعقوب ٣:‏١‏)‏ فلسبب وجيه قال يسوع بعد تحذير أتباعه من إعثار «احد هؤلاء الصغار»:‏ «احترزوا لأنفسكم.‏ وإن اخطأ اليك اخوك فوبِّخه.‏ وإن تاب فاغفر له».‏a —‏ لوقا ١٧:‏١-‏٤‏.‏

      ٢٠ كيف يكون هنالك فرح في السماء وعلى الارض عندما يتوب شخص خاطئ؟‏

      ٢٠ ان آلاف العائدين الى العبادة النقية كل سنة هم شاكرون على الرحمة التي اظهرها يهوه لهم.‏ تقول اخت مسيحية عن إعادتها الى الجماعة:‏ «لا اذكر مرة فرحت لأمر ما الى هذا الحد».‏ وطبعا،‏ انعكس فرحها هذا بين الملائكة.‏ فلننضمَّ نحن ايضا الى ‹الفرح في السماء› عندما يتوب شخص خاطئ.‏ (‏لوقا ١٥:‏٧‏)‏ وبذلك نكون متمثلين برحمة يهوه.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة