-
يسوع المسيح — اعظم مرسَلبرج المراقبة ٢٠٠٨ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ — أَعْظَمُ مُرْسَلٍ
«إِنَّنِي مُمَثِّلٌ عَنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي». — يو ٧:٢٩.
١، ٢ مَا مَعْنَى كَلِمَةِ مُرْسَلٌ، وَعَمَّنْ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّهُ أَعْظَمُ مُرْسَلٍ؟
مَاذَا يَتَبَادَرُ إِلَى ذِهْنِكَ عِنْدَمَا تَسْمَعُ كَلِمَةَ «مُرْسَلٌ»؟ يُفَكِّرُ ٱلْبَعْضُ فِي مُرْسَلِي ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلَّذِينَ يَتَدَخَّلُ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ فِي ٱلشُّؤُونِ ٱلسِّيَاسِيَّةِ وَٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ لِلْبُلْدَانِ ٱلَّتِي أُرْسِلُوا إِلَيْهَا. أَمَّا نَحْنُ شُهُودَ يَهْوَه فَنُفَكِّرُ فِي ٱلْمُرْسَلِينَ ٱلَّذِينَ تَبْعَثُهُمُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ لِيَكْرِزُوا بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ فِي مُخْتَلِفِ ٱلْبُلْدَانِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ. (مت ٢٤:١٤) وَهؤُلَاءِ ٱلْمُرْسَلُونَ لَا يُفَكِّرُونَ فِي مَصْلَحَتِهِمِ ٱلْخَاصَّةِ بَلْ يُضَحُّونَ بِوَقْتِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ فِي سَبِيلِ قَضِيَّةٍ نَبِيلَةٍ: مُسَاعَدَةِ ٱلنَّاسِ عَلَى ٱلِٱقْتِرَابِ إِلَى يَهْوَه ٱللّٰهِ وَنَيْلِ عَلَاقَةٍ مُمَيَّزَةٍ بِهِ. — يع ٤:٨.
٢ إِنَّ كَلِمَةَ «مُرْسَلٌ» لَا تَرِدُ فِي مَتْنِ نَصِّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ — تَرْجَمَةِ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ بِهذَا ٱلْمَعْنَى ٱلَّذِي نَسْتَعْمِلُهُ ٱلْيَوْمَ. لكِنَّ تَرْجَمَةَ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ، بِشَوَاهِدَ (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ) تَضَعُ فِي حَاشِيَةِ أَفَسُسَ ٤:١١ كَلِمَةَ «مُرْسَلِينَ» كَتَرْجَمَةٍ بَدِيلَةٍ لِلْكَلِمَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَنْقُولَةِ إِلَى «مُبَشِّرِينَ». وَكَمَا نَعْلَمُ، يَهْوَه هُوَ أَعْظَمُ مُبَشِّرٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. وَلكِنْ لَا يُمْكِنُنَا ٱلْقَوْلُ إِنَّهُ أَعْظَمُ مُرْسَلٍ إِذْ إِنَّ أَحَدًا لَمْ يُرْسِلْهُ، بَلْ هُوَ مَنْ يَبْعَثُ مُرْسَلِينَ. فَقَدْ قَالَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ عَنْ أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ: «إِنَّنِي مُمَثِّلٌ عَنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي». (يو ٧:٢٩) فَيَهْوَه أَرْسَلَ ٱلِٱبْنَ، مَوْلُودَهُ ٱلْوَحِيدَ، إِلَى ٱلْأَرْضِ تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّتِهِ ٱلْفَائِقَةِ لِلْبَشَرِ. (يو ٣:١٦) وَأَحَدُ أَسْبَابِ إِرْسَالِهِ هُوَ ‹لِيَشْهَدَ لِلْحَقِّ›. لِذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّهُ أَعْظَمُ وَأَسْمَى مُرْسَلٍ. (يو ١٨:٣٧) وَقَدْ أَحْرَزَ يَسُوعُ نَجَاحًا بَاهِرًا فِي إِعْلَانِ بِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ، حَتَّى إِنَّهُ لَا يَزَالُ بِإِمْكَانِنَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ ٱلِٱسْتِفَادَةُ مِنْ خِدْمَتِهِ. وَإِحْدَى ٱلْفَوَائِدِ هِيَ أَنَّ بِٱسْتِطَاعَتِنَا ٱلِٱقْتِدَاءَ بِأَسَالِيبِهِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ فِي خِدْمَتِنَا، سَوَاءٌ أَكُنَّا مُرْسَلِينَ أَمْ لَا.
٣ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ سَنَتَنَاوَلُهَا فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٣ عِنْدَمَا نَتَحَدَّثُ عَنْ دَوْرِ يَسُوعَ كَمُنَادٍ بِٱلْمَلَكُوتِ، قَدْ تَخْطُرُ عَلَى بَالِنَا أَسْئِلَةٌ مِثْلُ: أَيَّةُ ٱخْتِبَارَاتٍ مَرَّ بِهَا يَسُوعُ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟ لِمَاذَا كَانَ تَعْلِيمُهُ فَعَّالًا؟ وَلِمَاذَا كَانَتْ خِدْمَتُهُ نَاجِحَةً؟
تَحَلَّى بِرُوحٍ طَوْعِيَّةٍ فِي مُحِيطِهِ ٱلْجَدِيدِ
٤-٦ مَا هِيَ بَعْضُ ٱلتَّغْيِيرَاتِ ٱلَّتِي وَاجَهَهَا يَسُوعُ عِنْدَ إِرْسَالِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ؟
٤ فِي أَيَّامِنَا، قَدْ يُضْطَرُّ ٱلْمُرْسَلُونَ أَوِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلَّذِينَ يَنْتَقِلُونَ لِيَخْدُمُوا حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَعْظَمُ إِلَى مُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ أَنْ يَتَكَيَّفُوا مَعَ مُسْتَوَى مَعِيشَةٍ أَدْنَى. فَأَيَّةُ تَغْيِيرَاتٍ وَاجَهَهَا يَسُوعُ عِنْدَ مَجِيئِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ؟ فِي ٱلسَّمَاءِ، كَانَ يَسُوعُ يَعِيشُ مَعَ أَبِيهِ بَيْنَ ٱلْمَخْلُوقَاتِ ٱلْمَلَائِكِيَّةِ ٱلَّتِي تَخْدُمُ يَهْوَه بِدَافِعٍ نَقِيٍّ. (اي ٣٨:٧) أَمَّا هُنَا عَلَى ٱلْأَرْضِ فَكَانَتِ ٱلْحَالَةُ مُخْتَلِفَةً تَمَامًا. فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعِيشَ فِي عَالَمٍ فَاسِدٍ بَيْنَ بَشَرٍ خُطَاةٍ. (مر ٧:٢٠-٢٣) حَتَّى إِنَّهُ ٱضْطُرَّ إِلَى ٱحْتِمَالِ ٱلتَّنَافُسِ بَيْنَ تَلَامِيذِهِ ٱلْمُقَرَّبِينَ إِلَيْهِ. (لو ٢٠:٤٦؛ ٢٢:٢٤) وَلكِنْ دُونَ شَكٍّ، عَرَفَ يَسُوعُ كَيْفَ يَتَصَرَّفُ فِي شَتَّى ٱلظُّرُوفِ ٱلَّتِي وَاجَهَهَا.
٥ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذلِكَ، عِنْدَ وِلَادَةِ يَسُوعَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، لَمْ يَبْدَأْ بِٱلتَّكَلُّمِ بِشَكْلٍ عَجَائِبِيٍّ بَلْ تَعَلَّمَ وَهُوَ طِفْلٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ لُغَةً بَشَرِيَّةً. فَيَا لَلْفَرْقِ ٱلشَّاسِعِ بَيْنَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَضْعُهُ فِي ٱلسَّمَاءِ حِينَ كَانَ يَتَرَأَّسُ ٱلْمَلَائِكَةَ وَبَيْنَ وَضْعِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ! فَهُنَا عَلَى ٱلْأَرْضِ، ٱسْتَخْدَمَ عَلَى ٱلْأَقَلِّ أَحَدَ «أَلْسِنَةِ ٱلنَّاسِ» ٱلْبَعِيدَةِ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنْ ‹أَلْسِنَةِ ٱلْمَلَائِكَةِ›. (١ كو ١٣:١) رَغْمَ ذلِكَ، تَمَكَّنَ يَسُوعُ مِنَ ٱلتَّفَوُّهِ بِكَلِمَاتٍ مُسِرَّةٍ كَمَا لَمْ يَفْعَلْ أَيُّ إِنْسَانٍ قَطُّ. — لو ٤:٢٢.
٦ وَاجَهَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ أَيْضًا تَغْيِيرَاتٍ جَذْرِيَّةً أُخْرَى. فَقَدْ صَارَ إِنْسَانًا كَٱلَّذِينَ كَانُوا سَيَصِيرُونَ «إِخْوَتَهُ»، أَيْ أَتْبَاعَهُ ٱلْمَمْسُوحِينَ، وَلكِنْ طَبْعًا دُونَ أَنْ يَرِثَ ٱلْخَطِيَّةَ مِنْ آدَمَ. (اِقْرَأْ عبرانيين ٢:١٧، ١٨.) وَفِي ٱللَّيْلَةِ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ، ٱمْتَنَعَ عَنِ ٱلطَّلَبِ مِنْ أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ أَنْ يُرْسِلَ «أَكْثَرَ مِنِ ٱثْنَيْ عَشَرَ فَيْلَقًا مِنَ ٱلْمَلَائِكَةِ»، رَغْمَ ٱلسُّلْطَةِ ٱلَّتِي سَبَقَ أَنْ كَانَتْ لَدَيْهِ عَلَى ٱلْمَخْلُوقَاتِ ٱلرُّوحَانِيَّةِ ٱلْمَوْضُوعَةِ تَحْتَ إِمْرَتِهِ بِصِفَتِهِ مِيخَائِيلَ رَئِيسَ ٱلْمَلَائِكَةِ. (مت ٢٦:٥٣؛ يه ٩) وَصَحِيحٌ أَنَّهُ صَنَعَ ٱلْعَجَائِبَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، لكِنَّ مَا فَعَلَهُ كَانَ مَحْدُودًا بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ مَا كَانَ بِمَقْدُورِهِ فِعْلُهُ فِي ٱلسَّمَاءِ.
٧ كَيْفَ تَصَرَّفَ ٱلْيَهُودُ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلشَّرِيعَةِ؟
٧ بِمَا أَنَّ يَسُوعَ كَانَ «ٱلْكَلِمَةَ» خِلَالَ وُجُودِهِ ٱلسَّابِقِ لِبَشَرِيَّتِهِ، فَلَرُبَّمَا كَانَ ٱلنَّاطِقَ بِلِسَانِ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي سَارَ أَمَامَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. (يو ١:١؛ خر ٢٣:٢٠-٢٣) وَهؤُلَاءِ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ كَانُوا قَدْ ‹أَخَذُوا ٱلشَّرِيعَةَ كَمَا نَقَلَهَا مَلَائِكَةٌ، وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَحْفَظُوهَا›. (اع ٧:٥٣؛ عب ٢:٢، ٣) وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ أَيْضًا، لَمْ يَتَمَكَّنِ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ٱلْيَهُودُ مِنْ فَهْمِ مَغْزَى ٱلشَّرِيعَةِ. لِنَتَأَمَّلْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ فِي شَرِيعَةِ ٱلسَّبْتِ. (اِقْرَأْ مرقس ٣:٤-٦.) فَٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ‹تَجَاهَلُوا أَثْقَلَ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ، أَيِ ٱلْعَدْلَ وَٱلرَّحْمَةَ وَٱلْأَمَانَةَ›. (مت ٢٣:٢٣) رَغْمَ ذلِكَ، لَمْ يَقْطَعْ يَسُوعُ ٱلْأَمَلَ وَيَتَوَقَّفْ عَنْ إِعْلَانِ ٱلْحَقِّ.
٨ لِمَاذَا يَقْدِرُ يَسُوعُ أَنْ يَأْتِيَ لِمُسَاعَدَتِنَا؟
٨ كَانَ يَسُوعُ يَتَحَلَّى بِرُوحٍ طَوْعِيَّةٍ. فَقَدِ ٱمْتَلَكَ مَحَبَّةً لِلنَّاسِ وَرَغْبَةً شَدِيدَةً فِي مُسَاعَدَتِهِمْ. لِذلِكَ لَمْ تَفْتُرْ رُوحُ ٱلتَّبْشِيرِ لَدَيْهِ. وَبِسَبَبِ أَمَانَتِهِ لِيَهْوَه ٱلَّتِي أَعْرَبَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، «عُهِدَ إِلَيْهِ بِٱلْخَلَاصِ ٱلْأَبَدِيِّ لِجَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ». عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، ‹بِمَا أَنَّهُ تَأَلَّمَ عِنْدَمَا ٱمْتُحِنَ، فَهُوَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ لِمُسَاعَدَةِ ٱلْمُمْتَحَنِينَ› أَمْثَالِنَا. — عب ٢:١٨؛ ٥:٨، ٩.
نَالَ تَدْرِيبًا جَيِّدًا لِيَصِيرَ مُعَلِّمًا
٩، ١٠ أَيُّ تَدْرِيبٍ نَالَهُ يَسُوعُ قَبْلَ إِرْسَالِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ؟
٩ تُعِدُّ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ فِي أَيَّامِنَا ٱلتَّرْتِيبَاتِ لِتَدْرِيبِ ٱلْمُرْسَلِينَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى تَعْيِينَاتِهِمْ. فَهَلْ نَالَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلتَّدْرِيبَ أَيْضًا؟ نَعَمْ. لكِنَّهُ لَمْ يَتَدَرَّبْ فِي مَدَارِسِ ٱلرَّبَّانِيِّينَ قَبْلَ مَسْحِهِ كَمَسِيَّا، وَلَمْ يَتَعَلَّمْ عِنْدَ قَدَمَيِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ ٱلْبَارِزِينَ. (يو ٧:١٥؛ قَارِنْ اعمال ٢٢:٣.) إِذًا، مَاذَا جَعَلَهُ مُؤَهَّلًا لِيَصِيرَ مُعَلِّمًا؟
١٠ مَهْمَا كَانَ مَا تَعَلَّمَهُ يَسُوعُ مِنْ أُمِّهِ مَرْيَمَ وَأَبِيهِ بِٱلتَّبَنِّي يُوسُفَ، فَقَدْ نَالَ تَدْرِيبَهُ ٱلْأَسَاسِيَّ لِلْخِدْمَةِ مِنْ مَصْدَرٍ أَسْمَى بِكَثِيرٍ. قَالَ هُوَ نَفْسُهُ فِي هذَا ٱلْخُصُوصِ: «لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِي، لٰكِنَّ ٱلْآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ». (يو ١٢:٤٩) لَاحِظْ أَنَّ ٱلِٱبْنَ أُعْطِيَ إِرْشَادَاتٍ مُحَدَّدَةً حَوْلَ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي كَانَ سَيُعَلِّمُهَا لِلْآخَرِينَ. فَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَضَى قَبْلَ مَجِيئِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ وَقْتًا كَبِيرًا فِي ٱلْإِصْغَاءِ إِلَى إِرْشَادِ أَبِيهِ. وَهَلْ مِنْ تَدْرِيبٍ أَفْضَلُ مِنْ هذَا؟!
١١ إِلَى أَيِّ حَدٍّ عَكَسَ يَسُوعُ مَشَاعِرَ أَبِيهِ نَحْوَ ٱلْبَشَرِ؟
١١ يَتَمَتَّعُ ٱلِٱبْنُ مُنْذُ خَلْقِهِ بِعَلَاقَةٍ لَصِيقَةٍ بِأَبِيهِ. لِذلِكَ تَمَكَّنَ خِلَالَ وُجُودِهِ ٱلسَّابِقِ لِبَشَرِيَّتِهِ مِنْ مُرَاقَبَةِ تَعَامُلَاتِ يَهْوَه مَعَ ٱلْبَشَرِ وَمَعْرِفَةِ مَشَاعِرِهِ نَحْوَهُمْ. وَقَدْ عَكَسَ هذَا ٱلِٱبْنُ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ لِلْبَشَرِ بِحَيْثُ تَمَكَّنَ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِصِفَتِهِ ٱلْحِكْمَةَ ٱلْمُجَسَّمَةَ: «لَذَّاتِي مَعَ بَنِي ٱلْبَشَرِ». — ام ٨:٢٢، ٣١.
١٢، ١٣ (أ) مَاذَا تَعَلَّمَ يَسُوعُ بِمُرَاقَبَةِ تَعَامُلَاتِ أَبِيهِ مَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟ (ب) كَيْفَ وَضَعَ يَسُوعُ ٱلتَّدْرِيبَ ٱلَّذِي نَالَهُ مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ؟
١٢ شَمَلَ ٱلتَّدْرِيبُ ٱلَّذِي نَالَهُ ٱلِٱبْنُ أَيْضًا مُرَاقَبَةَ رَدِّ فِعْلِ أَبِيهِ فِي ٱلظُّرُوفِ غَيْرِ ٱلْمُؤَاتِيَةِ. مَثَلًا، رَأَى يَسُوعُ تَعَامُلَاتِ يَهْوَه مَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْعُصَاةِ. تَقُولُ نَحَمْيَا ٩:٢٨: «مَا إِنِ ٱسْتَرَاحُوا حَتَّى عَادُوا إِلَى فِعْلِ ٱلشَّرِّ أَمَامَكَ [يَهْوَه]، فَأَسْلَمْتَهُمْ إِلَى يَدِ أَعْدَائِهِمْ فَتَسَلَّطُوا عَلَيْهِمْ. ثُمَّ عَادُوا وَٱسْتَغَاثُوا بِكَ، وَأَنْتَ سَمِعْتَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَأَنْقَذْتَهُمْ بِحَسَبِ وَافِرِ رَحْمَتِكَ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً». وَٱلْعَمَلُ مَعَ يَهْوَه وَمُرَاقَبَتُهُ سَاعَدَا يَسُوعَ عَلَى إِظْهَارِ رَأْفَةٍ مُمَاثِلَةٍ لِلنَّاسِ ٱلَّذِينَ أَوْصَلَ إِلَيْهِمِ ٱلْبِشَارَةَ. — يو ٥:١٩.
١٣ وَقَدْ وَضَعَ هذَا ٱلتَّدْرِيبَ مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ حِينَ تَعَامَلَ بِكُلِّ رَأْفَةٍ مَعَ تَلَامِيذِهِ. مَثَلًا، فِي ٱللَّيْلَةِ ٱلَّتِي سَبَقَتْ مَوْتَهُ، «تَرَكَهُ» كُلُّ ٱلرُّسُلِ ٱلَّذِينَ أَحَبَّهُمْ كَثِيرًا «وَهَرَبُوا». (مت ٢٦:٥٦؛ يو ١٣:١) حَتَّى إِنَّ ٱلرَّسُولَ بُطْرُسَ أَنْكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ فَسَحَ ٱلْمَجَالَ لِرُسُلِهِ أَنْ يَعُودُوا إِلَيْهِ. فَقَدْ قَالَ لِبُطْرُسَ: «تَضَرَّعْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْلَا يَتَلَاشَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى عُدْتَ، قَوِّ إِخْوَتَكَ». (لو ٢٢:٣٢) نَتِيجَةً لِذلِكَ، تَأَسَّسَتْ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ ٱلرُّوحِيِّ عَلَى «ٱلرُّسُلِ وَٱلْأَنْبِيَاءِ»، وَتَحْمِلُ أَحْجَارُ أَسَاسِ سُورِ مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ ٱلْجَدِيدَةِ أَسْمَاءَ رُسُلِ ٱلْحَمَلِ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ. وَحَتَّى هذَا ٱلْيَوْمِ، يَزْدَهِرُ عَمَلُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ وَعُشَرَائِهِمِ ٱلْمُنْتَذِرِينَ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ› كَمُبَشِّرِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ تَحْتَ يَدِ ٱللّٰهِ ٱلْقَدِيرَةِ وَبِقِيَادَةِ ٱبْنِهِ ٱلْحَبِيبِ. — اف ٢:٢٠؛ يو ١٠:١٦؛ رؤ ٢١:١٤.
بِمَاذَا تَمَيَّزَ تَعْلِيمُهُ؟
١٤، ١٥ مَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَ تَعْلِيمِ يَسُوعَ وَتَعْلِيمِ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ؟
١٤ وَكَيْفَ وَضَعَ يَسُوعُ تَدْرِيبَهُ مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ عِنْدَ تَعْلِيمِ أَتْبَاعِهِ؟ عِنْدَمَا نُقَارِنُ طَرِيقَةَ تَعْلِيمِهِ مَعَ طَرِيقَةِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ ٱلْيَهُودِ، نَرَى بِوُضُوحٍ كَمْ هُوَ مُتَفَوِّقٌ فِي هذَا ٱلْمَجَالِ. فَٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ‹أَبْطَلُوا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِهِمْ›. بِٱلتَّبَايُنِ، لَمْ يَتَكَلَّمْ يَسُوعُ مِنْ عِنْدِهِ، بَلِ ٱلْتَصَقَ بِكَلَامِ ٱللّٰهِ. (مت ١٥:٦؛ يو ١٤:١٠) وَهذَا مَا يَلْزَمُ أَنْ نَفْعَلَهُ نَحْنُ أَيْضًا.
١٥ وَهُنَالِكَ عَامِلٌ آخَرُ جَعَلَ يَسُوعَ مُخْتَلِفًا تَمَامًا عَنِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ. فَعَنِ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ قَالَ يَسُوعُ: «اِفْعَلُوا كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ لَكُمْ وَٱحْفَظُوهُ، وَلٰكِنْ لَا تَفْعَلُوا حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلَا يَفْعَلُونَ». (مت ٢٣:٣) أَمَّا هُوَ فَقَدْ طَبَّقَ مَا عَلَّمَهُ. فَلْنَتَأَمَّلْ فِي مِثَالٍ يُثْبِتُ صِحَّةَ ذلِكَ.
١٦ لِمَاذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ يَسُوعَ عَمِلَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ كَلِمَاتِهِ ٱلْمُسَجَّلَةِ فِي مَتَّى ٦:١٩-٢١؟
١٦ حَثَّ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ أَنْ ‹يَدَّخِرُوا كُنُوزًا فِي ٱلسَّمَاءِ›. (اِقْرَأْ متى ٦:١٩-٢١.) فَهَلْ عَمِلَ هُوَ نَفْسُهُ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ هذَا ٱلْحَضِّ؟ نَعَمْ. فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنَ ٱلْقَوْلِ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ أَوْكَارٌ، أَمَّا ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يَضَعُ رَأْسَهُ». (لو ٩:٥٨) فَيَسُوعُ عَاشَ حَيَاةً بَسِيطَةً، إِذْ إِنَّهُ ٱنْكَبَّ عَلَى إِعْلَانِ بِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ وَأَظْهَرَ عَمَلِيًّا مَاذَا يَعْنِي أَنْ تَكُونَ حَيَاةُ ٱلْمَرْءِ خَالِيَةً مِنَ ٱلْهُمُومِ ٱلنَّاتِجَةِ عَنِ ٱدِّخَارِ كُنُوزٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَقَدْ أَشَارَ أَيْضًا كَمْ هُوَ أَفْضَلُ أَنْ نَدَّخِرَ كُنُوزًا فِي ٱلسَّمَاءِ «حَيْثُ لَا يُفْسِدُ عُثٌّ وَلَا صَدَأٌ، وَحَيْثُ لَا يَقْتَحِمُ سَارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ». فَهَلْ تَتْبَعُ حَضَّ يَسُوعَ أَنْ تَدَّخِرَ كُنُوزًا فِي ٱلسَّمَاءِ؟
صِفَاتٌ جَعَلَتْهُ مُحَبَّبًا إِلَى ٱلنَّاسِ
١٧ أَيَّةُ صِفَاتٍ جَعَلَتْ يَسُوعَ مُبَشِّرًا مُمَيَّزًا؟
١٧ أَيَّةُ صِفَاتٍ جَعَلَتْ يَسُوعَ مُبَشِّرًا مُمَيَّزًا؟ إِنَّ أَحَدَ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي تَمَيَّزَ بِهَا يَسُوعُ هُوَ مَوْقِفُهُ حِيَالَ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ سَاعَدَهُمْ. فَقَدْ عَكَسَ صِفَاتِ يَهْوَه ٱلرَّائِعَةَ مِثْلَ ٱلتَّوَاضُعِ، ٱلْمَحَبَّةِ، وَٱلرَّأْفَةِ. لَاحِظْ كَيْفَ جَذَبَتْ هذِهِ ٱلصِّفَاتُ كَثِيرِينَ إِلَيْهِ.
١٨ لِمَاذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ يَسُوعَ كَانَ مُتَوَاضِعًا؟
١٨ بَعْدَ أَنْ قَبِلَ يَسُوعُ ٱلتَّعْيِينَ ٱلْمُوكَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى ٱلْأَرْضِ، «أَخْلَى نَفْسَهُ آخِذًا هَيْئَةَ عَبْدٍ صَائِرًا فِي شَبَهِ ٱلنَّاسِ». (في ٢:٧) وَكَانَ هذَا عَمَلًا يَنِمُّ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ. وَأَعْرَبَ يَسُوعُ أَيْضًا عَنْ هذِهِ ٱلصِّفَةِ بِعَدَمِ مُعَامَلَةِ ٱلنَّاسِ بِٱزْدِرَاءٍ أَوِ ٱلْإِيحَاءِ لَهُمْ بِأَنَّهُ تَكَلَّفَ عَنَاءَ ٱلْمَجِيءِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى ٱلْأَرْضِ، لِذلِكَ يَجِبُ أَنْ يُصْغُوا لَهُ. وَبِعَكْسِ ٱلْمُسَحَاءِ ٱلْكَذَبَةِ، لَمْ يَكُنْ يَسُوعُ يَنْشُرُ ٱلْخَبَرَ عَلَى ٱلْمَلَإِ أَنَّهُ ٱلْمَسِيَّا ٱلْحَقِيقِيُّ. بَلْ كَانَ يُوصِي ٱلنَّاسَ أَحْيَانًا أَلَّا يُخْبِرُوا ٱلْآخَرِينَ مَنْ هُوَ أَوْ مَاذَا فَعَلَ. (مت ١٢:١٥-٢١) فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ ٱلشَّخْصُ قَرَارَهُ بِٱتِّبَاعِهِ عَلَى أَسَاسِ مَا رَآهُ هُوَ بِنَفْسِهِ. كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّعْ مِنْ تَلَامِيذِهِ أَنْ يَكُونُوا كَٱلْمَلَائِكَةِ ٱلْكَامِلِينَ ٱلَّذِينَ كَانَ يَعِيشُ وَسْطَهُمْ فِي ٱلسَّمَاءِ. وَكَمْ كَانَ ذلِكَ مُشَجِّعًا لَهُمْ!
١٩، ٢٠ كَيْفَ دَفَعَتِ ٱلْمَحَبَّةُ وَٱلرَّأْفَةُ يَسُوعَ إِلَى مُسَاعَدَةِ ٱلنَّاسِ؟
١٩ أَظْهَرَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ أَيْضًا ٱلْمَحَبَّةَ، إِحْدَى صِفَاتِ أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ ٱلرَّئِيسِيَّةِ. (١ يو ٤:٨) فَكَانَ يُعَلِّمُ ٱلْجُمُوعَ بِدَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ. مَثَلًا، تَأَمَّلْ فِي ٱلْمَشَاعِرِ ٱلَّتِي أَكَنَّهَا لِحَاكِمٍ شَابٍّ. (اِقْرَأْ مرقس ١٠:١٧-٢٢.) فَقَدْ «شَعَرَ بِمَحَبَّةٍ نَحْوَهُ» وَأَرَادَ مُسَاعَدَتَهُ. لكِنَّ هذَا ٱلْحَاكِمَ لَمْ يَتَخَلَّ عَنْ مُمْتَلَكَاتِهِ ٱلْكَثِيرَةِ لِيَصِيرَ مِنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ.
٢٠ كَانَتِ ٱلرَّأْفَةُ أَيْضًا بَيْنَ ٱلصِّفَاتِ ٱلَّتِي جَعَلَتْ يَسُوعَ مُحَبَّبًا إِلَى ٱلنَّاسِ. فَٱلْمَشَاكِلُ كَانَتْ تُثْقِلُ كَاهِلَ ٱلَّذِينَ تَجَاوَبُوا مَعَ تَعْلِيمِهِ، مَثَلُهُمْ مَثَلُ كُلِّ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ. وَبِمَا أَنَّهُ أَدْرَكَ هذَا ٱلْأَمْرَ، عَلَّمَهُمْ بِرَأْفَةٍ وَأَشْفَقَ عَلَيْهِمْ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، كَانَ يَسُوعُ وَرُسُلُهُ ذَاتَ مَرَّةٍ مَشْغُولِينَ جِدًّا حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَتَسَنَّ لَهُمُ ٱلْوَقْتُ لِتَنَاوُلِ ٱلطَّعَامِ. وَلكِنْ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ يَسُوعَ عِنْدَمَا رَأَى ٱلْجُمُوعَ يَأْتُونَ إِلَيْهِ؟ يَقُولُ ٱلسِّجِلُّ: «أَشْفَقَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا كَخِرَافٍ لَا رَاعِيَ لَهَا. فَٱبْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً». (مر ٦:٣٤) فَيَسُوعُ لَاحَظَ حَالَةَ ٱلنَّاسِ وَبَذَلَ طَاقَتَهُ فِي تَعْلِيمِهِمْ وَصَنَعَ ٱلْعَجَائِبَ لِمُسَاعَدَتِهِمْ. وَقَدْ جَذَبَتْ صِفَاتُهُ ٱلرَّائِعَةُ ٱلْبَعْضَ مِنْهُمْ وَأَثَّرَتْ فِيهِمْ كَلِمَاتُهُ، فَصَارُوا تَلَامِيذَ لَهُ.
٢١ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
٢١ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَزَالُ هُنَالِكَ ٱلْكَثِيرُ لِتَعَلُّمِهِ عَنْ خِدْمَةِ يَسُوعَ ٱلْأَرْضِيَّةِ. وَٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ سَتُظْهِرُ كَيْفَ يُمْكِنُنَا ٱلِٱقْتِدَاءُ بِطَرَائِقَ أُخْرَى بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَعْظَمِ مُرْسَلٍ.
-
-
اقتدِ بأعظم مرسَلبرج المراقبة ٢٠٠٨ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
اِقْتَدِ بِأَعْظَمِ مُرْسَلٍ
«كُونُوا مُقْتَدِينَ بِي، كَمَا أَنَا بِٱلْمَسِيحِ». — ١ كو ١١:١.
١ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَقْتَدِيَ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ؟
اِقْتَدَى ٱلرَّسُولُ بُولُسُ بِأَعْظَمِ مُرْسَلٍ، يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. وَقَدْ حَثَّ رُفَقَاءَهُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ: «كُونُوا مُقْتَدِينَ بِي، كَمَا أَنَا بِٱلْمَسِيحِ». (١ كو ١١:١) فَبَعْدَمَا عَلَّمَ يَسُوعُ رُسُلَهُ دَرْسًا عَمَلِيًّا فِي ٱلتَّوَاضُعِ بِغَسْلِ أَقْدَامِهِمْ، قَالَ لَهُمْ: «وَضَعْتُ لَكُمْ نَمُوذَجًا، حَتَّى كَمَا فَعَلْتُ لَكُمْ تَفْعَلُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا». (يو ١٣:١٢-١٥) اَلْيَوْمَ أَيْضًا، تَقَعُ عَلَى عَاتِقِنَا نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مَسْؤُولِيَّةُ ٱلِٱقْتِدَاءِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِي أَقْوَالِنَا وَأَعْمَالِنَا وَصِفَاتِنَا. — ١ بط ٢:٢١.
٢ أَيُّ مَوْقِفٍ يُمْكِنُكَ حِيَازَتُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ تُعَيِّنْكَ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ مُرْسَلًا؟
٢ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلسَّابِقَةِ، تَعَلَّمْنَا أَنَّ ٱلْمُرْسَلَ هُوَ شَخْصٌ يَجْرِي إِرْسَالُهُ كَمُبَشِّرٍ. وَفِي هذَا ٱلصَّدَدِ، طَرَحَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ بَعْضَ ٱلْأَسْئِلَةِ ٱلْمُثِيرَةِ لِلِٱهْتِمَامِ. (اِقْرَأْ روما ١٠:١١-١٥.) لَاحِظْ أَحَدَ هذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ: «كَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلَا كَارِزٍ؟». بَعْدَئِذٍ، ٱقْتَبَسَ مِنْ نُبُوَّةِ إِشَعْيَا ٱلْكَلِمَاتِ ٱلتَّالِيَةَ: «مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ ٱلْمُبَشِّرِينَ بِٱلْخَيْرَاتِ!». (اش ٥٢:٧) فَحَتَّى لَوْ لَمْ تُعَيِّنْكَ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ مُرْسَلًا فِي بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ، يُمْكِنُكَ ٱمْتِلَاكُ رُوحِ ٱلتَّبْشِيرِ بِكَوْنِكَ مُنَادِيًا غَيُورًا بِٱلْبِشَارَةِ ٱقْتِدَاءً بِيَسُوعَ. وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلْمَاضِيَةِ، عَمِلَ ٨٥٢,٩٥٧,٦ نَاشِرًا لِلْمَلَكُوتِ ‹عَمَلَ ٱلْمُبَشِّرِينَ› فِي ٢٣٦ بَلَدًا. — ٢ تي ٤:٥.
«تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ»
٣، ٤ عَمَّ تَخَلَّى يَسُوعُ عِنْدَمَا تَرَكَ ٱلسَّمَاءَ، وَمَاذَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَ لِنَكُونَ أَتْبَاعًا لَهُ؟
٣ لِكَيْ يُتَمِّمَ يَسُوعُ ٱلدَّوْرَ ٱلْمُعَيَّنَ لَهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ، «أَخْلَى نَفْسَهُ آخِذًا هَيْئَةَ عَبْدٍ»، مُتَخَلِّيًا عَنْ حَيَاتِهِ فِي ٱلسَّمَاءِ وَٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لَدَيْهِ. (في ٢:٧) لِذلِكَ مَهْمَا فَعَلْنَا ٱقْتِدَاءً بِٱلْمَسِيحِ، فَلَنْ يُضَاهِيَ أَبَدًا مَا فَعَلَهُ هُوَ بِمَجِيئِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ. وَلكِنْ يُمْكِنُنَا ٱلْبَقَاءُ ثَابِتِينَ كَأَتْبَاعٍ لَهُ، غَيْرَ نَاظِرِينَ خَلْفَنَا إِلَى مَا تَرَكْنَاهُ فِي عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ. — ١ يو ٥:١٩.
٤ ذَاتَ مَرَّةٍ، قَالَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ لِيَسُوعَ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». (مت ١٩:٢٧) فَبُطْرُسُ وَأَنْدَرَاوُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا تَرَكُوا شِبَاكَهُمْ فَوْرًا حِينَ دَعَاهُمْ يَسُوعُ أَنْ يَتْبَعُوهُ. وَقَدْ تَخَلَّوْا عَنْ صَيْدِ ٱلسَّمَكِ وَٱتَّخَذُوا ٱلْخِدْمَةَ مِهْنَةً لَهُمْ. وَبِحَسَبِ رِوَايَةِ إِنْجِيلِ لُوقَا، قَالَ بُطْرُسُ لِيَسُوعَ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا مَا لَنَا وَتَبِعْنَاكَ». (لو ١٨:٢٨) صَحِيحٌ أَنَّ مُعْظَمَنَا لَمْ يُضْطَرَّ إِلَى تَرْكِ كُلِّ ‹مَا لَهُ› لِيَتْبَعَ يَسُوعَ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَيْنَا ‹إِنْكَارُ أَنْفُسِنَا› لِنَصِيرَ أَتْبَاعًا لِلْمَسِيحِ وَخُدَّامًا مُخْلِصِينَ لِيَهْوَه. (مت ١٦:٢٤) وَهذَا ٱلْمَسْلَكُ يُنْتِجُ بَرَكَاتٍ سَخِيَّةً. (اِقْرَأْ متى ١٩:٢٩.) فَٱمْتِلَاكُ رُوحِ ٱلتَّبْشِيرِ ٱقْتِدَاءً بِٱلْمَسِيحِ يُدْخِلُ ٱلْفَرَحَ إِلَى قَلْبِنَا، وَخُصُوصًا إِذَا سَاهَمْنَا وَلَوْ مُسَاهَمَةً بَسِيطَةً فِي مُسَاعَدَةِ شَخْصٍ مَا أَنْ يَقْتَرِبَ إِلَى ٱللّٰهِ وَٱبْنِهِ ٱلْحَبِيبِ.
٥ أَيُّ ٱخْتِبَارٍ يُظْهِرُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَرِّرَ ٱلْمُهَاجِرُ فِعْلَهُ عِنْدَمَا يَتَعَلَّمُ حَقَّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟
٥ كَانَ ڤَالْمِيرُ رَجُلًا بَرَازِيلِيًّا يَعِيشُ فِي ٱلدَّاخِلِ ٱلسُّورِينَامِيِّ وَيَعْمَلُ فِي تَعْدِينِ ٱلذَّهَبِ. وَكَانَ كُحُولِيًّا يَحْيَا حَيَاةً فَاسِدَةً أَدَبِيًّا. وَلكِنَّهُ ٱلْتَقَى ذَاتَ مَرَّةٍ شُهُودَ يَهْوَه فِي إِحْدَى ٱلْمُدُنِ، فَٱبْتَدَأُوا يَدْرُسُونَ مَعَهُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يَوْمِيًّا. وَقَدْ صَنَعَ تَغْيِيرَاتٍ كَثِيرَةً فِي حَيَاتِهِ، وَسُرْعَانَ مَا ٱعْتَمَدَ. وَعِنْدَمَا شَعَرَ أَنَّ عَمَلَهُ يُصَعِّبُ عَلَيْهِ ٱلْعَيْشَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ تَعَالِيمِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، تَخَلَّى عَنْ مِهْنَتِهِ ٱلْمُرْبِحَةِ وَعَادَ إِلَى ٱلْبَرَازِيلِ لِمُسَاعَدَةِ عَائِلَتِهِ عَلَى إِيجَادِ ٱلْكُنُوزِ ٱلرُّوحِيَّةِ. مِثْلُ ڤَالْمِيرَ، يَتَخَلَّى مُهَاجِرُونَ كَثِيرُونَ طَوْعًا عَنْ وَظَائِفِهِمْ فِي ٱلْبُلْدَانِ ٱلْغَنِيَّةِ عِنْدَمَا يَتَعَلَّمُونَ حَقَّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَيَعُودُونَ إِلَى بَلَدِهِمْ بِهَدَفِ تَقْدِيمِ ٱلْمُسَاعَدَةِ ٱلرُّوحِيَّةِ لِأَقْرِبَائِهِمْ وَٱلْأَشْخَاصِ ٱلْآخَرِينَ. وَبِذلِكَ يُعْرِبُ نَاشِرُو ٱلْمَلَكُوتِ هؤُلَاءِ عَنْ رُوحِ ٱلتَّبْشِيرِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ.
٦ مَاذَا يُمْكِنُنَا فِعْلُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ نَسْتَطِعِ ٱلِٱنْتِقَالَ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَعْظَمُ إِلَى مُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ؟
٦ يَنْتَقِلُ عَدَدٌ مِنَ ٱلشُّهُودِ إِلَى مَنَاطِقَ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَعْظَمُ إِلَى مُبَشِّرِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ. حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ يَخْتَارُونَ ٱلِٱنْتِقَالَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ بِهَدَفِ ٱلْخِدْمَةِ. وَلكِنْ حَتَّى لَوْ لَمْ نَسْتَطِعِ ٱلِٱنْتِقَالَ، يُمْكِنُنَا ٱلِٱقْتِدَاءُ بِيَسُوعَ إِذْ نَبْذُلُ عَلَى ٱلدَّوَامِ قُصَارَى جُهْدِنَا فِي ٱلْخِدْمَةِ.
يَهْوَه يُزَوِّدُ ٱلتَّدْرِيبَ ٱللَّازِمَ
٧ أَيَّةُ مَدَارِسَ مُعَدَّةٌ لِتَدْرِيبِ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ تَحْسِينَ قُدُرَاتِهِمْ كَمُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ؟
٧ تَمَامًا كَمَا نَالَ يَسُوعُ ٱلتَّدْرِيبَ مِنْ أَبِيهِ، يُمْكِنُنَا ٱلِٱسْتِفَادَةُ مِنَ ٱلتَّعْلِيمِ ٱلَّذِي يُزَوِّدُهُ يَهْوَه ٱلْآنَ. فَقَدْ قَالَ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ: ‹وَيَكُونُونَ كُلُّهُمْ مُتَعَلِّمِينَ مِنْ يَهْوَهَ›». (يو ٦:٤٥؛ اش ٥٤:١٣) وَٱلْيَوْمَ، هُنَالِكَ مَدَارِسُ مُصَمَّمَةٌ خُصُوصًا لِتَجْهِيزِنَا لِلْخِدْمَةِ كَمُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ. فَجَمِيعُنَا نَسْتَفِيدُ دُونَ شَكٍّ مِنْ مَدْرَسَةِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ فِي جَمَاعَتِنَا. وَيَحْظَى ٱلْفَاتِحُونَ بِٱمْتِيَازِ حُضُورِ مَدْرَسَةِ خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ. وَقَدْ سُرَّ عَدَدٌ مِنَ ٱلْفَاتِحِينَ ذَوِي ٱلْخِبْرَةِ بِحُضُورِ هذِهِ ٱلْمَدْرَسَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً. وَيَحْضُرُ ٱلشُّيُوخُ وَٱلْخُدَّامُ ٱلْمُسَاعِدُونَ مَدْرَسَةَ خِدْمَةِ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلَّتِي تَهْدِفُ إِلَى تَحْسِينِ قُدُرَاتِهِمِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ وَٱلْخِدْمَةِ ٱلَّتِي يُؤَدُّونَهَا لِرُفَقَائِهِمِ ٱلْمُؤْمِنِينَ. وَعَدَدٌ مِنَ ٱلشُّيُوخِ وَٱلْخُدَّامِ ٱلْمُسَاعِدِينَ ٱلْعُزَّابِ يَحْضُرُونَ مَدْرَسَةَ تَدْرِيبِ ٱلْخُدَّامِ ٱلَّتِي تُجَهِّزُهُمْ لِمُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْكِرَازِيِّ. كَمَا أَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَخَوَاتِ يَتَدَرَّبُونَ فِي مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَيَنَالُونَ تَعْيِينَاتٍ كَمُرْسَلِينَ فِي بُلْدَانٍ أَجْنَبِيَّةٍ.
٨ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يُضَحِّي بَعْضُ ٱلْإِخْوَةِ بُغْيَةَ نَيْلِ ٱلتَّدْرِيبِ ٱلَّذِي يُزَوِّدُهُ يَهْوَه؟
٨ يُجْرِي كَثِيرُونَ مِنْ شُهُودِ يَهْوَه ٱلتَّعْدِيلَاتِ لِحُضُورِ مَدَارِسَ كَهذِهِ. مَثَلًا، لِكَيْ يَتَمَكَّنَ يُوڠُو مِنْ حُضُورِ مَدْرَسَةِ تَدْرِيبِ ٱلْخُدَّامِ فِي كَنَدَا، ٱسْتَقَالَ مِنْ عَمَلِهِ ٱلدُّنْيَوِيِّ لِأَنَّ رَبَّ عَمَلِهِ لَمْ يُوَافِقْ عَلَى طَلَبِهِ إِذْنًا بِٱلتَّغَيُّبِ. قَالَ يُوڠُو: «أَنَا لَسْتُ نَادِمًا أَبَدًا. فَلَوْ مَنَحُونِي هذِهِ ٱلْإِجَازَةَ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةَ لَتَوَقَّعُوا مِنِّي رُبَّمَا أَنْ أَبْقَى بِشَكْلٍ دَائِمٍ فِي ٱلشَّرِكَةِ بِدَافِعِ ٱلْوَلَاءِ لَهَا. أَمَّا ٱلْآنَ فَأَنَا جَاهِزٌ لِأَيِّ تَعْيِينٍ قَدْ أَنَالُهُ مِنْ يَهْوَه». عَلَى غِرَارِ يُوڠُو، يُضَحِّي كَثِيرُونَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ بِمَا كَانُوا يَعْتَبِرُونَهُ ذَا قِيمَةٍ بُغْيَةَ ٱلِٱسْتِفَادَةِ مِنَ ٱلتَّدْرِيبِ ٱلَّذِي يُزَوِّدُهُ ٱللّٰهُ. — لو ٥:٢٨.
٩ أَيُّ مِثَالٍ يُظْهِرُ مَدَى فَعَّالِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِ ٱلْمُؤَسَّسِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَٱلْجُهْدِ ٱلدَّؤُوبِ؟
٩ إِنَّ ٱلتَّعْلِيمَ ٱلْمُؤَسَّسَ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَٱلْجُهْدَ ٱلدَّؤُوبَ فَعَّالَانِ فِي مُسَاعَدَةِ ٱلنَّاسِ عَلَى إِحْرَازِ ٱلتَّقَدُّمِ. (٢ تي ٣:١٦، ١٧) لَاحِظْ مَا حَدَثَ مَعَ سُولُو فِي غْوَاتِيمَالَا. فَمُنْذُ وِلَادَتِهِ، يُعَانِي سُولُو مِنْ إِعَاقَةٍ عَقْلِيَّةٍ جُزْئِيَّةٍ. لِذلِكَ قَالَتْ إِحْدَى مُعَلِّمَاتِهِ لِأُمِّهِ إِنَّهَا لَا يَجِبُ أَنْ تُجْبِرَهُ عَلَى تَعَلُّمِ ٱلْقِرَاءَةِ لِئَلَّا يُصَابَ بِٱلْإِحْبَاطِ. وَهكَذَا، تَرَكَ سُولُو ٱلْمَدْرَسَةَ دُونَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ٱلْقِرَاءَةَ. إِلَّا أَنَّ أَحَدَ ٱلشُّهُودِ تَمَكَّنَ مِنْ تَعْلِيمِهِ ٱلْقِرَاءَةَ بِٱسْتِخْدَامِ كُرَّاسَةِ وَاظِبُوا عَلَى ٱلْقِرَاءَةِ وَٱلْكِتَابَةِ. وَقَدْ أَحْرَزَ سُولُو تَقَدُّمًا رَائِعًا، حَتَّى إِنَّهُ ٱبْتَدَأَ يُلْقِي ٱلْمَوَاضِيعَ فِي مَدْرَسَةِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ. وَلَاحِقًا، ٱلْتَقَتْ أُمُّهُ مُعَلِّمَتَهُ فِي ٱلْخِدْمَةِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ. وَعِنْدَمَا عَرَفَتِ ٱلْمُعَلِّمَةُ أَنَّ سُولُو تَعَلَّمَ ٱلْقِرَاءَةَ، طَلَبَتْ مِنْ أُمِّهِ أَنْ تَجْلُبَهُ مَعَهَا فِي ٱلْأُسْبُوعِ ٱلتَّالِي. وَعِنْدَمَا أَتَى إِلَى بَيْتِهَا، سَأَلَتْهُ: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ تُعَلِّمَنِي؟». فَٱبْتَدَأَ سُولُو يَقْرَأُ عَلَيْهَا فِقْرَةً مِنْ كِتَابِ مَاذَا يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ حَقًّا؟. فَقَالَتْ لَهُ: «لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَدِّقَ أَنَّكَ أَنْتَ مَنْ يُعَلِّمُنِي ٱلْآنَ». ثُمَّ عَانَقَتْهُ وَدُمُوعُ ٱلْفَرَحِ تَسِيلُ مِنْ عَيْنَيْهَا.
تَعْلِيمٌ يَمَسُّ ٱلْقَلْبَ
١٠ أَيَّةُ أَدَاةٍ رَائِعَةٍ هِيَ فِي مُتَنَاوَلِنَا كَيْ نَسْتَخْدِمَهَا لِتَعْلِيمِ حَقِّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟
١٠ كَانَ تَعْلِيمُ يَسُوعَ مُؤَسَّسًا عَلَى مَا عَلَّمَهُ إِيَّاهُ يَهْوَه مُبَاشَرَةً وَعَلَى ٱلْإِرْشَادِ ٱلْمَوْجُودِ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَكْتُوبَةِ. (لو ٤:١٦-٢١؛ يو ٨:٢٨) وَنَحْنُ نَقْتَدِي بِيَسُوعَ بِتَطْبِيقِ مَشُورَتِهِ وَٱلِٱلْتِصَاقِ بِٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ عِنْدَمَا نُعَلِّمُ ٱلْآخَرِينَ. وَبِذلِكَ نَتَكَلَّمُ وَنُفَكِّرُ جَمِيعُنَا بِٱتِّفَاقٍ، مِمَّا يُسَاهِمُ فِي تَرْوِيجِ ٱلْوَحْدَةِ بَيْنَنَا. (١ كو ١:١٠) وَكَمْ نَحْنُ شَاكِرُونَ ‹لِلْعَبْدِ ٱلْأَمِينِ ٱلْفَطِينِ› لِأَنَّهُ يُزَوِّدُنَا بِٱلْمَطْبُوعَاتِ ٱلْمُؤَسَّسَةِ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِمُسَاعَدَتِنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى ٱلْوَحْدَةِ فِي تَعْلِيمِنَا وَنُنْجِزَ عَمَلَنَا كَمُبَشِّرِينَ! (مت ٢٤:٤٥؛ ٢٨:١٩، ٢٠) وَإِحْدَى هذِهِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ هِيَ كِتَابُ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ ٱلْمُتَوَفِّرُ ٱلْآنَ بِـ ١٧٩ لُغَةً.
١١ كَيْفَ تَغَلَّبَتْ أُخْتٌ فِي إِثْيُوبْيَا عَلَى ٱلْمُقَاوَمَةِ بِٱسْتِخْدَامِ كِتَابِ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ؟
١١ يُمْكِنُ لِدَرْسِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ بِٱسْتِخْدَامِ كِتَابِ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنْ يُغَيِّرَ قُلُوبَ ٱلْمُقَاوِمِينَ. لِنَأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ ٱلِٱخْتِبَارَ ٱلتَّالِيَ. حِينَ كَانَتْ أُخْتٌ فَاتِحَةٌ فِي إِثْيُوبْيَا ٱسْمُهَا لُولَا تَعْقِدُ ذَاتَ مَرَّةٍ دَرْسًا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، دَخَلَتْ إِحْدَى قَرِيبَاتِ ٱلتِّلْمِيذَةِ ٱلْغُرْفَةَ فَجْأَةً وَقَالَتْ لِلْأُخْتِ بِفَظَاظَةٍ إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِحَاجَةٍ إِلَى دَرْسٍ كَهذَا. فَنَاقَشَتْهَا لُولَا بِهُدُوءٍ مُسْتَخْدِمَةً ٱلْمَثَلَ عَنِ ٱلْعُمْلَةِ ٱلْمُزَوَّرَةِ فِي ٱلْفَصْلِ ١٥ مِنْ كِتَابِ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ. فَهَدَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ وَسَمَحَتْ لَهُمَا بِإِكْمَالِ ٱلدَّرْسِ. وَقَدْ حَضَرَتِ ٱلدَّرْسَ مَعَهُمَا فِي ٱلْمَرَّةِ ٱلتَّالِيَةِ وَطَلَبَتْ أَنْ يُعْقَدَ مَعَهَا دَرْسٌ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، حَتَّى إِنَّهَا عَرَضَتِ ٱلْمَالَ عَلَى ٱلْأُخْتِ لِقَاءَ تَعْلِيمِهَا. وَسُرْعَانَ مَا صَارَتْ تَدْرُسُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ٱلْأُسْبُوعِ وَأَحْرَزَتْ تَقَدُّمًا رُوحِيًّا مَلْحُوظًا.
١٢ أَيُّ مِثَالٍ يُظْهِرُ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْأَحْدَاثِ تَعْلِيمُ حَقَائِقِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِفَعَّالِيَّةٍ؟
١٢ بِإِمْكَانِ ٱلْأَحْدَاثِ أَيْضًا مُسَاعَدَةُ ٱلْآخَرِينَ بِٱسْتِخْدَامِ كِتَابِ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ. وَهذَا مَا يُظْهِرُهُ ٱخْتِبَارُ صَبِيٍّ عُمْرُهُ ١١ سَنَةً يَعِيشُ فِي هَاوَايَ ٱسْمُهُ كْيَانُو. فَعِنْدَمَا كَانَ يَقْرَأُ هذَا ٱلْكِتَابَ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ، سَأَلَهُ أَحَدُ رُفَقَاءِ صَفِّهِ: «لِمَاذَا لَا تَحْتَفِلُ بِٱلْأَعْيَادِ؟». فَقَرَأَ كْيَانُو ٱلْجَوَابَ مُبَاشَرَةً مِنْ مَوْضُوعٍ فِي ٱلْمُلْحَقِ بِعُنْوَانِ: «هَلْ مِنَ ٱللَّائِقِ أَنْ نَحْتَفِلَ بِٱلْأَعْيَادِ؟». ثُمَّ فَتَحَ قَائِمَةَ ٱلْمُحْتَوَيَاتِ فِي ٱلْكِتَابِ وَسَأَلَ رَفِيقَهُ أَيُّ مَوْضُوعٍ يُثِيرُ ٱهْتِمَامَهُ. وَهكَذَا، ٱبْتَدَأَ بِدَرْسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَعَهُ. حَوْلَ ٱلْعَالَمِ أَيْضًا، عَقَدَ شُهُودُ يَهْوَه فِي سَنَةِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمَاضِيَةِ ٤٢٦,٥٦١,٦ دَرْسًا، وَكَثِيرُونَ مِنْهُمُ ٱسْتَخْدَمُوا كِتَابَ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ. فَهَلْ تَسْتَخْدِمُ هذِهِ ٱلْأَدَاةَ فِي دُرُوسِكَ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟
١٣ كَيْفَ يُمْكِنُ لِدَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَنْ يُؤَثِّرَ تَأْثِيرًا بَالِغًا فِي ٱلنَّاسِ؟
١٣ يُمْكِنُ لِدَرْسِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ بِٱسْتِخْدَامِ كِتَابِ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنْ يُؤَثِّرَ تَأْثِيرًا بَالِغًا فِي ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ. لَاحِظْ مَا حَدَثَ مَعَ زَوْجَيْنِ فِي ٱلنَّرُوجِ يَخْدُمَانِ كَفَاتِحَيْنِ خُصُوصِيَّيْنِ. فَقَدِ ٱبْتَدَآ بِدَرْسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَعَ عَائِلَةٍ مِنْ زَامْبْيَا مُؤَلَّفَةٍ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ وَثَلَاثِ بَنَاتٍ. وَبِمَا أَنَّ ٱلْوَالِدَيْنِ فِي هذِهِ ٱلْعَائِلَةِ لَمْ يُرِيدَا إِنْجَابَ طِفْلٍ آخَرَ، فَعِنْدَمَا صَارَتِ ٱلْأُمُّ حَامِلًا، قَرَّرَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا أَنْ تُجْرِيَ عَمَلِيَّةَ إِجْهَاضٍ. وَلكِنْ حَدَثَ أَنَّهُمَا دَرَسَا ٱلْفَصْلَ بِعُنْوَانِ «نَظْرَةُ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ» قَبْلَ ذَهَابِهِمَا إِلَى ٱلطَّبِيبِ. فَمَسَّتْهُمَا فِي ٱلصَّمِيمِ صُورَةُ ٱلْجَنِينِ فِي هذَا ٱلْفَصْلِ، لِذلِكَ قَرَّرَا أَلَّا تُجْرِيَ ٱلزَّوْجَةُ عَمَلِيَّةَ ٱلْإِجْهَاضِ وَٱسْتَمَرَّا يُحْرِزَانِ تَقَدُّمًا رُوحِيًّا رَائِعًا. وَعِنْدَمَا وُلِدَ طِفْلُهُمَا، سَمَّيَاهُ بِٱسْمِ ٱلْفَاتِحِ ٱلَّذِي يَعْقِدُ ٱلدَّرْسَ مَعَهُمَا.
١٤ أَيُّ ٱخْتِبَارٍ يُظْهِرُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَجْلُبَ ٱلْعَيْشُ بِمُوجِبِ مَا نُعَلِّمُهُ نَتَائِجَ جَيِّدَةً؟
١٤ إِنَّ أَحَدَ ٱلْأَوْجُهِ ٱلْمُهِمَّةِ لِتَعْلِيمِ يَسُوعَ هُوَ عَيْشُهُ بِمُوجِبِ مَا عَلَّمَهُ. وَشُهُودُ يَهْوَه ٱلْيَوْمَ يَقْتَدُونَ بِهِ فِي هذَا ٱلْمَجَالِ، مِمَّا يَجْعَلُ كَثِيرِينَ يُقَدِّرُونَ سُلُوكَهُمُ ٱلْحَسَنَ. مَثَلًا فِي نْيُوزِيلَنْدَا، سَطَا لُصُوصٌ عَلَى سَيَّارَةِ أَحَدِ رِجَالِ ٱلْأَعْمَالِ وَسَرَقُوا حَقِيبَتَهُ. وَعِنْدَمَا أَبْلَغَ هذَا ٱلرَّجُلُ ٱلشُّرْطِيَّ بِٱلسَّرِقَةِ، قَالَ لَهُ: «إِنَّ فُرْصَتَكَ ٱلْوَحِيدَةَ لِٱسْتِرْدَادِ حَقِيبَتِكَ وَمُحْتَوَيَاتِهَا هِيَ أَنْ يَجِدَهَا أَحَدُ شُهُودِ يَهْوَه». وَفِعْلًا، وَجَدَتْ شَاهِدَةٌ هذِهِ ٱلْحَقِيبَةَ وَهِيَ تُوَزِّعُ ٱلصُّحُفَ. وَعِنْدَمَا عَلِمَ رَجُلُ ٱلْأَعْمَالِ بِذلِكَ، ذَهَبَ إِلَى بَيْتِ ٱلْأُخْتِ. وَكَمْ شَعَرَ بِٱلرَّاحَةِ حِينَ رَأَى أَنَّ ٱلْوَثَائِقَ ٱلْبَالِغَةَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ لَا تَزَالُ مَوْجُودَةً فِيهَا! فَقَالَتْ لَهُ ٱلْأُخْتُ: «كَانَ مِنْ وَاجِبِي إِعَادَةُ ٱلْحَقِيبَةِ وَمَا فِيهَا، خُصُوصًا لِأَنَّنِي مِنْ شُهُودِ يَهْوَه». فَذَهِلَ ٱلرَّجُلُ لِأَنَّهُ تَذَكَّرَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي قَالَهَا لَهُ ٱلشُّرْطِيُّ فِي ذلِكَ ٱلصَّبَاحِ. مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ يَقْتَدُونَ بِيَسُوعَ إِذْ يَعِيشُونَ بِمُوجِبِ ٱلتَّعَالِيمِ ٱلْمَوْجُودَةِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. — عب ١٣:١٨.
اِقْتَدِ بِمَوْقِفِ يَسُوعَ حِيَالَ ٱلنَّاسِ
١٥، ١٦ كَيْفَ يُمْكِنُنَا جَذْبُ ٱلنَّاسِ إِلَى ٱلرِّسَالَةِ ٱلَّتِي نَكْرِزُ بِهَا؟
١٥ إِنَّ مَوْقِفَ يَسُوعَ حِيَالَ ٱلنَّاسِ جَذَبَهُمْ إِلَى رِسَالَتِهِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، ٱنْجَذَبَ ٱلْمَسَاكِينُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِ وَتَوَاضُعِهِ. كَمَا أَنَّهُ أَعْرَبَ عَنِ ٱلرَّأْفَةِ لِلَّذِينَ تَوَافَدُوا إِلَيْهِ وَعَزَّاهُمْ بِكَلِمَاتٍ لَطِيفَةٍ وَشَفَى كَثِيرِينَ مِنْهُمْ. (اِقْرَأْ مرقس ٢:١-٥.) صَحِيحٌ أَنَّنَا ٱلْيَوْمَ لَا نَسْتَطِيعُ صُنْعَ ٱلْعَجَائِبِ مِثْلَ يَسُوعَ، لكِنْ بِإِمْكَانِنَا إِظْهَارُ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلتَّوَاضُعِ وَٱلرَّأْفَةِ، صِفَاتٌ تُسَاهِمُ فِي ٱجْتِذَابِ ٱلنَّاسِ إِلَى ٱلْحَقِّ.
١٦ تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي ٱلِٱخْتِبَارِ ٱلتَّالِي ٱلَّذِي يُظْهِرُ كَيْفَ سَاهَمَتِ ٱلرَّأْفَةُ فِي ٱجْتِذَابِ شَخْصٍ إِلَى ٱلْحَقِّ. ذَاتَ مَرَّةٍ، قَرَعَتْ فَاتِحَةٌ خُصُوصِيَّةٌ تُدْعَى تَارِيوَا بَابَ رَجُلٍ مُسِنٍّ ٱسْمُهُ بِيرُ يَعِيشُ فِي إِحْدَى جُزُرِ كِيرِيبَاتِي ٱلنَّائِيَةِ فِي ٱلْمُحِيطِ ٱلْهَادِئِ ٱلْجَنُوبِيِّ. وَرَغْمَ أَنَّ هذَا ٱلرَّجُلَ لَمْ يُبْدِ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ، لَاحَظَتْ تَارِيوَا أَنَّهُ مُصَابٌ بِشَلَلٍ جُزْئِيٍّ. فَشَعَرَتْ بِٱلرَّأْفَةِ تِجَاهَهُ وَسَأَلَتْهُ: «هَلْ تَعْرِفُ مَا يَعِدُ بِهِ ٱللّٰهُ ٱلْمَرْضَى وَٱلْمُسِنِّينَ؟». ثُمَّ قَرَأَتْ عَلَيْهِ جُزْءًا مِنْ نُبُوَّةِ إِشَعْيَا. (اِقْرَأْ اشعيا ٣٥:٥، ٦.) وَهذَا مَا أَثَارَ ٱهْتِمَامَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى ٱلْقَوْلِ: «مُنْذُ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ وَأَنَا أَقْرَأُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ وَيَزُورُنِي أَحَدُ ٱلْمُرْسَلِينَ مِنْ دِينِي، وَلكِنَّنِي لَمْ أَقْرَأْ هذَا قَطُّ». فَجَرَى ٱلِٱبْتِدَاءُ بِدَرْسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَعَهُ، وَأَحْرَزَ تَقَدُّمًا رُوحِيًّا رَائِعًا. وَرَغْمَ أَنَّهُ كَانَ عَاجِزًا، فَهُوَ ٱلْآنَ نَاشِرٌ مُعْتَمِدٌ وَيَأْخُذُ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلِٱعْتِنَاءِ بِفَرِيقٍ مُنْعَزِلٍ وَيَجُولُ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْجَزِيرَةِ كَارِزًا بِٱلْبِشَارَةِ.
اِسْتَمِرَّ فِي ٱلِٱقْتِدَاءِ بِٱلْمَسِيحِ
١٧، ١٨ (أ) كَيْفَ نَصِيرُ مُبَشِّرِينَ نَاجِحِينَ؟ (ب) أَيَّةُ فَوَائِدَ يَنَالُهَا ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ خِدْمَتَهُمْ مَحْمَلَ ٱلْجِدِّ؟
١٧ كَمَا تُظْهِرُ تَكْرَارًا ٱخْتِبَارَاتُ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمُفْرِحَةُ، بِإِمْكَانِنَا أَنْ نَكُونَ مُبَشِّرِينَ نَاجِحِينَ إِذَا نَمَّيْنَا وَأَظْهَرْنَا ٱلصِّفَاتِ ٱلَّتِي تَحَلَّى بِهَا يَسُوعُ. فَكَمْ هُوَ مُلَائِمٌ إِذًا أَنْ نَكُونَ مُبَشِّرِينَ غَيُورِينَ ٱقْتِدَاءً بِٱلْمَسِيحِ!
١٨ عِنْدَمَا صَارَ بُطْرُسُ وَآخَرُونَ غَيْرُهُ تَلَامِيذَ لِيَسُوعَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، طَرَحَ بُطْرُسُ ٱلسُّؤَالَ: «مَاذَا يَكُونُ لَنَا؟». فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «كُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوْ أَوْلَادًا أَوْ أَرَاضِيَ لِأَجْلِ ٱسْمِي، يَنَالُ أَضْعَافًا وَيَرِثُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً». (مت ١٩:٢٧-٢٩) وَمِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّنَا سَنَلْمُسُ صِحَّةَ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ إِذَا ٱسْتَمْرَرْنَا فِي ٱلِٱقْتِدَاءِ بِأَعْظَمِ مُرْسَلٍ، يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.
-