-
مولدوڤاالكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠٠٤
-
-
العبادة الحقة تزدهر
فشل النظام الشيوعي السوڤياتي في إخماد العبادة الحقة بالرغم من انه كان في اوج جبروته السياسي والعسكري آنذاك. وفي الواقع، ساهم برنامج الترحيل الذي اتّبعه النظام الشيوعي في نشر البشارة عن غير قصد «الى اقصى الارض». (اعمال ١:٨) فقد وعد يهوه من خلال اشعيا: «كل آلة صُوِّرت ضدك لا تنجح . . . هذا هو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندي». (إشعياء ٥٤:١٧) وكم تبرهنت صحة هذه الكلمات!
-
-
مولدوڤاالكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠٠٤
-
-
[الاطار/الصورة في الصفحات ١١٣-١١٥]
وُلدتُ في المنفى
ليديا سڤاستيان
تاريخ الولادة: ١٩٥٤
تاريخ المعمودية: ١٩٩٥
لمحة عن حياتها: بعد ان تربّت في كنف أمّها الشاهدة وأبيها غير المؤمن، فقدت الاتصال بشهود يهوه عدة سنوات.
اصبحت أمي وجدتي من شهود يهوه في بداية اربعينات الـ ١٩٠٠. أما ابي، فلم يقبل حق الكتاب المقدس آنذاك رغم انه كان رجلا فاضلا. بحلول سنة ١٩٥١، كان لأمي ولدان وفي الوقت نفسه حبلى بتوأمين. حاولت السلطات في نيسان (ابريل) تلك السنة عينها ان تفرّق عائلتنا. فبينما كان ابي في عمله، أخذوا امي، التي كانت على وشك الانجاب، مع شقيقيّ الاكبر سنا ليستقلوا قطارا متجها الى سيبيريا. ولكن قبل الرحيل، تمكنت امي من ايصال الخبر الى ابي الذي أسرع في العودة الى البيت. وبالرغم من انه لم يكن شاهدا، ركب القطار وذهب الى المنفى مع عائلته.
خلال الرحلة الى سيبيريا، سُمِح لأمي بالمكوث قليلا ببلدة اسينو لتنجب التوأمين. وذهبت بقية العائلة الى منطقة تومْسْك حيث أمّن لها ابي مكانا للسكن. أُعطيَ ابي تعيينا للعمل جنبا الى جنب مع الاخوة. وبعد بضعة اسابيع، انضمت امي والتوأمان المولودان حديثا الى العائلة. من المؤسف ان التوأمين ماتا بسبب الظروف المعيشية القاسية التي مررنا بها.
مع ذلك، انجبت امي في المنفى اربعة اولاد آخرين بمن فيهم انا وأخي التوأم. لقد اعتنى ابي بنا جميعا بإخلاص. وأخيرا في سنة ١٩٥٧، سُمِح لنا بالعودة الى قريتنا الأم. كما استمرت امي في غرس مبادئ الكتاب المقدس في قلوبنا رغم ان البوليس السري كان يتعقبها خلسة.
من ناحية ثانية، كان ابي مهتما بشكل رئيسي بحصول اولاده على تعليم دنيوي جيد. لذلك ذهبتُ الى كيشيناو بعمر ١٦ سنة لأدرس في الجامعة. ثم تزوجت وانتقلت الى قازاخستان حيث اصبحت معزولة ليس فقط عن والديّ بل عن هيئة يهوه ايضا. عدت الى كيشيناو سنة ١٩٨٢ وبدأت فورا بالبحث عن جماعة لشعب يهوه ولكن دون فائدة. وشعرت طوال ثماني سنوات انني الوحيدة في المدينة الراغبة في عبادة يهوه.
في يوم من الايام وفيما كنت انتظر في موقف للباص، سمعت امرأتَين تتحدثان عن يهوه. فاقتربت منهما اكثر لأسمع بوضوح. فغيّرَتا الموضوع ظنا منهما انني عميلة للـ KGB. وعندما ابتدأتا بالابتعاد، لحقت بهما، الامر الذي كان واضحا انه أرعبهما. فاقتربت منهما بسرعة وأقنعتهما بصدقي بعد مناقشة قصيرة. وأخيرا رأيت حلمي بالانضمام الى هيئة يهوه يتحقق! لكن من المؤسف ان زوجي عارض موقفي.
كان لنا ولدان في ذلك الوقت. وفي سنة ١٩٩٢، خضعت لجراحة في عمودي الفقري. وكان عليّ ان ابقى مستلقية دون حراك ستة اشهر في المستشفى. خلال تلك المرحلة البائسة من حياتي، حدث امر رائع. فقد اتخذ ابني، پاڤْيِل، موقفا الى جانب يهوه واعتمد سنة ١٩٩٣ في المحفل الاممي في كييڤ. بمرور الوقت، استعدت عافيتي وتمكنت من المشي ثانية. وهكذا رمزت انا ايضا الى انتذاري ليهوه سنة ١٩٩٥.
ان اعضاء كثيرين من عائلتي هم اليوم شهود. والفضل في ذلك هو ليهوه وأمي التي بقي مثالها الراسخ يلازمني دائما. امّا بالنسبة الى والدي المخلص جدا، فأنا سعيدة انه اصبح هو ايضا واحدا من خدام يهوه قبل موته.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ١١٧، ١١٨]
تضحياتنا تبدو زهيدة مقارنة بتضحيات يهوه
ميهاي أورسوي
تاريخ الولادة: ١٩٢٧
تاريخ المعمودية: ١٩٤٥
لمحة عن حياته: تعرّض للاضطهاد من الفاشيين والشيوعيين.
أصبحتُ ناشرا للبشارة سنة ١٩٤١. وفي سنة ١٩٤٢، عندما كنت في الـ ١٥ من عمري، وجب عليّ ان اتلقى تدريبا عسكريا في المدرسة المحلية. كانت صور الملك الروماني مايكل، القائد انتونيسكو، والعذراء مريم معلقة في الصف. وكان علينا الانحناء امام تلك الصور ورسم اشارة الصليب في كل مرة ندخل فيها الغرفة. فرفض ثلاثة منا فعل ذلك.
لهذا السبب، ضربنا البوليس المحلي بوحشية. وقضينا الليلة في المدرسة. وفي الصباح، أُرسلنا الى كورجوتس حيث ضُربنا ثانية. نُقِلنا من كورجوتس الى عدة اماكن اخرى قبل ارسالنا مشيا على الاقدام مسافة ١٠٠ كيلومتر تقريبا لتتم محاكمتنا محاكمة عسكرية. لقد نزفت قدماي إثرَ السير كل تلك المسافة. لكن أخيرا، ونظرا الى صغر سني، أُرسِلت الى بيتي دون الحكم عليّ.
عندما كنت في الـ ١٨ من عمري، جنّدتني السلطات السوڤياتية الزاميا. فرفضت مرة ثانية المسايرة في قضية الحياد، وضُرِبنا بوحشية انا وصديقي ڠيورڠي نيمنكو. في الواقع، مات صديقي بعد ستة اسابيع متأثرا بإصاباته. أما انا فعدت الى بيتي مرة اخرى بسبب سنّي. اعتقلني السوڤيات سنة ١٩٤٧ وهدّدوني هذه المرة بإطلاق النار اذا رفضت الخدمة العسكرية. لكنهم بدلا من ذلك، وضعوني في سجن انفرادي مدة شهرين ثم أرسلوني الى العمل الالزامي في مشروع قناة الڤولڠا-دون. كان عملا محفوفا بالمخاطر وقُتل الكثيرون بسببه. لقد نجوت بشق النفس من الاصابة في حادث مات فيه كثيرون وأُرسِلت الى بيتي في مولدوڤا.
تزوجت في مولدوڤا. وفي سنة ١٩٥١، نُفينا انا وزوجتي، ڤيرا، التي كانت حبلى آنذاك. سافرنا في البداية بالقطار ثم بالقارب الى احراج الصنوبر السيبيرية، منطقة غابات ضخمة مجاورة للقطب الشمالي، حيث كان عليّ ان اقطع الاشجار. كما اضطررنا الى السكن مع ١٦ عائلة اخرى في كوخ. ومن المفرح انه في سنة ١٩٥٩، سُمِح لنا بالعودة الى مولدوڤا.
لقد شجّعتني امور كثيرة خلال تلك السنوات الصعبة وما زلت اتشجّع بها حتى الآن. أحدها المثال الذي رسمه اخي يون للايمان. (انظر الصفحة ٨٩.) فقد حُكِم عليه بالموت، وبالرغم من انه لم يعلم بتخفيض حكمه، رفض ان يساير. كما يقوِّيني التأمل في طريقة اعتناء يهوه بي ولاحقا بزوجتي خلال المحن التي تحملناها من اجل اسمه. مع ذلك، تبدو تضحياتنا زهيدة مقارنة بتضحيات يهوه. فقد أرسل ابنه ليموت فدية عنا. ويساعدني التأمل في هذا التدبير الرائع على مواجهة كل يوم بفرح.
[الاطار/الصورة في الصفحات ١٢١-١٢٣]
شعرتُ بعناية يهوه الرقيقة
ميهايلينا ڠِيورڠيتسا
تاريخ الولادة: ١٩٣٠
تاريخ المعمودية: ١٩٤٧
لمحة عن حياتها: عملتْ ساعيةً للبريد ومترجمة خلال سنوات الحظر.
تعلمت الحق سنة ١٩٤٥ وكنت فرحة بنقل البشارة الى جيراني في قريتي الأم، ڠلوديني، والقرية المجاورة، پترونيا. ولأنني كنت اشهد في المدرسة، رفضت السلطات المدرسية اعطائي الدبلوم. مع هذا، تمتعت باستعمال ثقافتي للمساعدة في ترجمة المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس من الرومانية والاوكرانية الى الروسية.
بُعيد معموديتي، أُمسك بي وأنا اترجم. وحُكِم عليّ بـ ٢٥ سنة من العمل الالزامي في ڤوركوتا، شمال الدائرة القطبية الشمالية حيث سبق ان سُجنت اخوات كثيرات. استمررنا في الكرازة بالرغم من الظروف الشاقة. كما تدبرنا أمر الحصول على مطبوعات. وفي الواقع، تمكنّا من نسخ بعض المطبوعات داخل المعسكر نفسه.
التقيت ذات يوم امرأة شابة اعتُقلت لأن السلطات ظنت خطأ انها شاهدة. فاقترحت عليها ان تفحص كلمة اللّٰه موضحةً لها ان يهوه لديه القدرة على تحرير شعبه اذا قصد ذلك. قبلتْ في النهاية درسا في الكتاب المقدس وأصبحت اختا لنا. ولم يمضِ وقت طويل حتى أُطلِق سراحها باكرا من المعسكر.
نُقلتُ بعد ذلك الى كاراڠاندا في قازاخستان. ثم أُطلِق سراحي اخيرا في ٥ تموز (يوليو) ١٩٥٦. فذهبت الى تومْسْك حيث التقيت بألكسندرو ڠِيورڠيتسا وتزوجنا. كان قد قضى ست سنوات في السجن بسبب ايمانه. استمر كلانا في الكرازة في مقاطعة سيبيريا الشاسعة رغم معرفتنا ان البوليس السري كان ما يزال يراقبنا. انتقلنا بعد ذلك الى إركوتْسْك الواقعة الى الغرب قليلا من بحيرة بيكال. واستمررنا هناك في انتاج المطبوعات سرّا. خدمنا لاحقا في بيشكَك في قيرغيزستان. وبالرغم من توخّينا الحذر اثناء الشهادة، قُبض على ألكسندرو وحُكِم عليه مدة ١٠ سنوات.
سمح لي محامي الادّعاء بزيارة ألكسندرو وهو في السجن بانتظار المحاكمة. وبما ان هذا لم يكن مسموحا في العادة، سألته عن سبب لطفه. فقال: «انتما زوجان شابان، ولديكما ولد. وقد تعيدان النظر في قراركما». فأخبرته اننا انا وألكسندرو اتخذنا قرارنا في خدمة يهوه منذ زمن بعيد وأننا مصممان على البقاء امينين. فأجابني: «لكنّ كتابكم المقدس يقول ان الكلب الحي خير من الاسد الميت». (جامعة ٩:٤) فقلت له: «هذا صحيح، لكن هذا الكلب الحي الذي تتكلم عنه لن يرث عالم اللّٰه الجديد».
قضى ألكسندرو مدة ١٠ سنوات كاملة في السجن وسنة اضافية في الاقامة الجبرية. انتقلنا بعد اطلاق سراحه الى قازاخستان ثم الى اوزبكستان للمساعدة في العمل. وفي النهاية، عدنا الى مولدوڤا سنة ١٩٨٣. كنا فرحين بامتيازنا الذي لا يُضاهى ان نساعد ذوي القلوب المستقيمة في اماكن كثيرة مختلفة على التعلم عن يهوه.
عندما اتأمل في الماضي، اعترف ان حياتي لم تكن سهلة دائما. لكن الامر نفسه ينطبق على جيراني الذين ليسوا شهودا. فعليهم هم ايضا ان يتغلبوا على مشاكل كثيرة. لكن الفرق هو اننا نتألم من اجل البشارة. لهذا السبب، شعرنا بعناية يهوه الرقيقة وحمايته. وعلاوة على ذلك، نحن نتطلع الى ما وراء تلك المحن: مستقبل ابدي رائع.
-