مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • انهيار الآداب في العالم اجمع
    استيقظ!‏ ٢٠٠٧ | نيسان (‏ابريل)‏
    • انهيار الآداب في العالم اجمع

      ‏«الغش في كل مكان»،‏ يقول دايڤيد كالاهان في كتاب له صدر مؤخرا بعنوان حضارة قائمة على الغش (‏بالانكليزية)‏.‏ ويشير في مؤلفه هذا الى «الغش السائد بين طلاب المدارس الثانوية والكليات»،‏ «قرصنة» الافلام والموسيقى،‏ «السرقة في مكان العمل»،‏ «عمليات الاحتيال الضخمة في قطاع الرعاية الصحية»،‏ واستخدام الإستروئيدات المنشِّطة في الالعاب الرياضية،‏ فضلا عن غيرها من ضروب الغش المنتشرة في الولايات المتحدة.‏ واستنتج قائلا:‏ «ان كل اشكال انتهاكات القيم والقانون مجتمعة تؤكد اننا نواجه ازمة اخلاقية ذات ابعاد خطرة».‏

      وقالت صحيفة ذا نيويورك تايمز ان اعصار كاترينا الذي ضرب الولايات المتحدة عام ٢٠٠٥ «ادّى الى عمليات نصب واحتيال غير مسبوقة وكشف عن سوء ادارة وتدبير مروِّع من قبل الحكومة لم يشهد مثله التاريخ المعاصر».‏ وأخبر عضو في مجلس الشيوخ الاميركي:‏ «ان الخداع الفاضح،‏ الوقاحة في عمليات النصب،‏ وضخامة الهدر انما هي مذهلة».‏

      طبعا،‏ لا يخلو العالم من اناس طيبين يظهرون اللطف الانساني دون مآ‌رب انانية.‏ (‏اعمال ٢٧:‏٣؛‏ ٢٨:‏٢‏)‏ ولكن غالبا ما تتردَّد على مسامعنا عبارات مثل:‏ «ما مصلحتي في ذلك؟‏ ماذا استفيد شخصيا؟‏».‏ ويبدو ان موقف «انا اولا» و «من بعدي الطوفان» هو الموقف السائد.‏

      في الماضي،‏ ساهم الانحلال الخلقي الفاضح والانانية في انهيار حضارات عديدة،‏ مثل الامبراطورية الرومانية.‏ فهل يُعقل ان يكون ما يجري اليوم مقدمة لتطورات اهم؟‏ وهل يتأثر العالم اجمع اليوم ‹بازدياد التعدي على الشريعة› او القانون،‏ الذي يدل بحسب نبوة الكتاب المقدس اننا على شفير نهاية كامل نظام الاشياء هذا؟‏ —‏ متى ٢٤:‏٣-‏٨،‏ ١٢-‏١٤؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      الانحطاط في العالم اجمع

      تعليقا على احدى «الحلقات الدراسية التي تناولت الاساءة الجنسية والفن الاباحي» في الاحياء الفقيرة بإحدى مناطق اوغندا،‏ ذكر عدد ٢٢ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠٦ من صحيفة أفريكا نيوز (‏بالانكليزية)‏ ان «اهمال الوالدين لمسؤوليتهم الابوية هو ما يؤدي الى تفشي البغاء وتعاطي المخدِّرات في المنطقة».‏ وذكرت الصحيفة:‏ «صرّح السيد دابانجي سالونڠو،‏ المسؤول عن وحدة حماية الاولاد والعائلة في مركز شرطة كاوِمپِه،‏ بأن نسبة الاساءة الى الاولاد والعنف المنزلي ازدادت بشكل مخيف».‏

      وفي الهند،‏ ذكر احد الاطباء ان «التراث الحضاري الذي يشكل ركائز المجتمع يتزعزع».‏ وقالت مخرجة افلام في ذلك البلد ان «ازدياد ممارسة الاختلاط الجنسي وتعاطي المخدِّرات في آن واحد انما هو دليل آخر ان الهند تغرق في ‹خلاعة المجتمع الغربي›».‏

      وقال هو پايتشنڠ،‏ امين عام الجمعية الصينية لعلم الجنس في بكين:‏ «في السابق كان لدينا في مجتمعنا احساس بالصواب والخطإ.‏ اما اليوم،‏ فنحن نفعل ما يحلو لنا».‏ ويصف مقال في مجلة الصين اليوم (‏بالانكليزية)‏ الوضع كالتالي:‏ «يُبدي المجتمع بشكل مطّرد تسامحا في العلاقات الغرامية خارج نطاق الزواج».‏

      اما صحيفة يوركشير پوست الصادرة في انكلترا،‏ فقد اوردت مؤخرا:‏ «يبدو ان الجميع يخلعون ثيابهم ويتخذون الجنس اداة للدعاية».‏ وأضافت الصحيفة:‏ «لو ارتُكبت هذه الاعمال الشائنة في الجيل الماضي لأثارت موجة عارمة من الاستنكار.‏ اما اليوم فتنهال علينا الصور الجنسية من كل حدب وصوب،‏ .‏ .‏ .‏ وبات [الفن الاباحي] يلاقي قبولا واسعا في المجتمع عامة».‏ وذكرت ايضا:‏ «ان المواد التي لم يكن يُسمح بمشاهدتها إلّا لمن تعدوا سن الـ‍ ١٨ اصبحت اليوم من الامور الطبيعية التي تشاهدها العائلة،‏ وهي غالبا ما تكون موجهة بشكل مفضوح الى الاولاد،‏ حسبما يدّعي مناوئو الفن الاباحي».‏

      وقالت ذا نيويورك تايمز ماڠازين:‏ «يتحدث [بعض المراهقين] عن [مغامراتهم الجنسية] مثلما يتحدثون عما تحتويه لائحة الطعام في الكفيتيريا».‏ وفي مجلة اخبار سنوات ما قبل المراهقة،‏ «دليل الوالدين الى تربية الاولاد بين الـ‍ ٨ والـ‍ ١٢» (‏بالانكليزية)‏ جاء ما يلي:‏ «بخط يشبه خربشة الولد الصغير،‏ كتبت فتاة رسالة تفتت القلوب تقول فيها:‏ ‹ان امي تضغط عليّ لأواعد الفتيان وأمارس معهم الجنس.‏ عمري ١٢ سنة فقط .‏ .‏ .‏ ساعدوني!‏›».‏

      لكم تغيرت الايام!‏ فحسبما تذكر الصحيفة الكندية ذا تورونتو ستار (‏بالانكليزية)‏،‏ منذ زمن ليس ببعيد «كانت فكرة المساكنة علنا بين اللواطيين او السحاقيات تثير استنكارا عارما».‏ لكنّ «الناس اليوم يقولون:‏ ‹حياتنا الخاصة ملك لنا.‏ ولا نريد ان يتدخل احد في شؤوننا›»،‏ على حدّ قول باربارا فريمن،‏ استاذة في التاريخ الاجتماعي في جامعة كارلْتون بأوتاوا.‏

      من الواضح اذًا انه خلال العقود القليلة الماضية،‏ انحطت الآداب انحطاطا سريعا في بلدان كثيرة من العالم.‏ فما الذي ادّى الى هذه التغييرات الجذرية؟‏ كيف تشعر شخصيا بشأنها؟‏ وعلامَ تدل هذه التغييرات بالنسبة الى المستقبل؟‏

  • زمن الانحطاط المفاجئ
    استيقظ!‏ ٢٠٠٧ | نيسان (‏ابريل)‏
    • زمن الانحطاط المفاجئ

      متى برأيك ابتدأت الآداب تنحط انحطاطا مفاجئا وسريعا؟‏ أفي ايامك ام ربما في ايام اقربائك او معارفك الاكبر سنا؟‏ يقول البعض ان الحرب العالمية الاولى التي اندلعت عام ١٩١٤ كانت بداية عصر انحطاط ادبي لم يسبق له مثيل.‏ كتب البروفسور في التاريخ روبرت ڤول في كتابه جيل سنة ١٩١٤ (‏بالانكليزية)‏:‏ «اولئك الذين نجوا من الحرب لا يمكنهم ان ينسوا انه في آب ١٩١٤ مضى عالم وابتدأ آخر».‏

      ويقول المؤرخ نورمان كانتور:‏ «في كل مكان،‏ نُسفت مقاييس السلوك الاجتماعي التي كانت اصلا آخذة في الانحطاط.‏ فإذا كان السياسيون والجنرالات قد عاملوا ملايين الناس الذين في عهدتهم كحيوانات مرسلة الى الذبح،‏ فأية قواعد دينية او اخلاقية تستطيع بعدئذ ان تردع الناس عن معاملة بعضهم بعضا بشراسة حيوانات الغاب؟‏!‏ .‏ .‏ .‏ ان المجازر التي وقعت في الحرب العالمية الاولى [١٩١٤-‏١٩١٨] حطت قيمة الحياة البشرية الى اقصى الحدود».‏

      وذكر المؤرخ الانكليزي ه‍.‏ ج.‏ ولْز في مؤلفه الشامل موجز التاريخ (‏بالانكليزية)‏ انه بعد قبول نظرية التطور،‏ «نتج فساد حقيقي للاخلاق».‏ ولماذا؟‏ لقد رأى البعض في الانسان مجرد شكل اسمى من اشكال الحياة الحيوانية.‏ وفي عام ١٩٢٠،‏ كتب ولْز الذي كان من مؤيدي التطور:‏ «توصَّلوا الى الاستنتاج ان الانسان هو حيوان اجتماعي،‏ يتصرف تماما كالكلاب المفترسة .‏ .‏ .‏ فقد بدا لهم صائبا ان تتهجم الكلاب البشرية القوية على الاضعف وتُخضِعه».‏

      وفي الواقع،‏ كما ذكر كانتور،‏ نسفت الحرب العالمية الاولى المقاييس الادبية عند الناس من اساساتها.‏ وفي نظرهم،‏ «خسر الجيل القديم مصداقيته في كل شيء:‏ في سياسته،‏ أزيائه،‏ وضوابطه الادبية في المسائل الجنسية».‏ كما ان الكنائس،‏ التي افسدت التعاليم المسيحية بتأييدها نظرية التطور وتحريض الاطراف المتحاربة،‏ ساهمت كثيرا في الانحطاط الادبي.‏ ذكر فرانك كروجر،‏ قائد لواء بريطاني:‏ «ان الكنائس المسيحية هي افضل ما لدينا من دُعاة الى اراقة الدماء،‏ وقد استغللناها الى اقصى حد».‏

      نبذ قواعد الآداب

      في العقد الذي تلا الحرب العالمية الاولى —‏ ما يُدعى «العشرينات المزدهرة» —‏ رُفضت القيم والروادع الادبية القديمة واستُبدلت بموقف ‹كل شيء مباح›.‏ علَّق المؤرخ فريدريك لويس آلِن على هذه الفترة قائلا:‏ «ربما يأتي يوم تُدعى فيه السنون العشر التي تلت الحرب بالاسم الذي يليق بها:‏ ‹عقد آداب السلوك الرديئة›.‏ .‏ .‏ .‏ مع زوال النظام القديم زالت مجموعة من القِيَم التي اعطت الحياة غنى ومعنى،‏ ولم يكن من السهل ايجاد قِيَم بديلة».‏

      وفي ثلاثينات القرن العشرين،‏ صحا العالم من سكرته اثر الازمة الاقتصادية الكبرى التي اوقعت كثيرين في فقر مدقع.‏ ولكن في نهاية ذلك العقد،‏ وجد العالم نفسه غارقا في الحرب العالمية الثانية التي فاقت سابقتها خرابا وتدميرا.‏ فسارعت الامم الى انتاج اسلحة دمار مخيفة،‏ ما ادّى الى انتشال العالم من الركود الاقتصادي انما ليغرق في مآ‌سٍ وأهوال لا يتصورها عقل بشري.‏ وحين انتهت الحرب كانت مئات المدن قد تدمّرت،‏ وامّحت مدينتان يابانيتان عن بكرة ابيهما بقنبلتين ذريتين فقط!‏ ولاقى ملايين الناس حتفهم في معسكرات الاعتقال الرهيبة.‏ وبلغ مجموع القتلى في هذه الحرب نحو ٥٠ مليون رجل وامرأة وولد.‏

      في الظروف المريعة التي طغت على الحرب العالمية الثانية،‏ تبنى الناس قواعد السلوك التي تحلو لهم عوض الالتصاق بالآداب التقليدية الرفيعة التي سادت طوال سنين.‏ علَّق كتاب الحب،‏ الجنس،‏ والحرب —‏ قيَم متغيِّرة،‏ ١٩٣٩-‏١٩٤٥ (‏بالانكليزية)‏:‏ «بدا ان الضوابط الجنسية حُلَّت اثناء الحرب،‏ فيما اكتسح حياةَ المدنيين عدمُ الانضباط الذي يسم ساحات المعارك.‏ .‏ .‏ .‏ وسرعان ما قوَّضت حمى الحرب وضروراتها الروادع الادبية،‏ فأمست حياة الكثير من المدنيين رخيصة وقصيرة كحياة المقاتلين على الجبهات».‏

      كان الناس مهدَّدين بالموت كل لحظة،‏ فاشتد توقهم الى اقامة علاقات عاطفية،‏ ولو عابرة.‏ قالت احدى ربات البيوت البريطانيات مبرِّرة التساهل الجنسي الذي وسم تلك السنوات المأساوية:‏ «لم نكن حقيقةً فاسدين،‏ فقد كنا نعيش في زمن حرب».‏ واعترف احد الجنود الاميركيين:‏ «كنا في عُرْف معظم الناس فاسدين ادبيا،‏ لكننا كنا في مقتبل العمر ومهدَّدين بالموت في اية لحظة».‏

      لقد عانى ناجون كثيرون بسبب الفظائع التي رأوها في تلك الحرب.‏ وحتى هذا اليوم،‏ تعاود البعض —‏ ومنهم من كانوا اولادا في تلك الحقبة —‏ الذكريات المؤلمة جراء ما تعرضوا له.‏ كما خسر كثيرون ايمانهم وبالتالي حسّهم الادبي.‏ وإذ فقد الناس احترامهم لأية سلطة من شأنها ان تحدد مقاييس الصواب والخطإ،‏ بدأوا ينظرون الى كل شيء نظرة نسبية.‏

      معايير اجتماعية جديدة

      بعد الحرب العالمية الثانية،‏ نُشرت دراسات حول السلوك الجنسي البشري.‏ ومن الدراسات التي صدرت في الولايات المتحدة في اربعينات القرن العشرين تقرير كينزي الذي يقع في اكثر من ٨٠٠ صفحة.‏ نتيجة لذلك،‏ بدأ كثيرون يتحدثون عن المسائل الجنسية بصراحة لم يعتدها المجتمع من قبل.‏ ورغم انه تبين ان احصاءات هذا التقرير حول مضاجعي النظير وغيرهم من الشاذين جنسيا مضخَّمة،‏ كشفت الدراسة الانحطاط الادبي السريع الذي تلا الحرب.‏

      لفترة من الزمن،‏ بُذلت الجهود للمحافظة على مظاهر الحشمة والادب.‏ ففُرضت مثلا الرقابة على البرامج الاذاعية،‏ الافلام،‏ والبرامج التلفزيونية.‏ لكنّ ذلك لم يدم طويلا.‏ اوضح وليم بينيت،‏ وزير تربية سابق في الولايات المتحدة الاميركية:‏ «بحلول ستينات القرن العشرين،‏ بدأت اميركا تنزلق انزلاقا سريعا ومتواصلا نحو ما يمكن ان يُسمَّى تقهقر الحضارة».‏ وقد تأثرت بلدان كثيرة اخرى بهذا الانحطاط.‏ فلماذا انحطت الآداب بسرعة في ستينات القرن العشرين؟‏

      يعود السبب الى ان ذلك العقد شهد في آن واحد تقريبا حركة تحرير المرأة والثورة الجنسية وما رافقها من اخلاقية جديدة.‏ كما طوِّرت حبوب فعالة لمنع الحمل،‏ وصار من الممكن التمتع بالعلاقات الجنسية دون خوف من الحبَل.‏ فشاعت بين الرجال والنساء «ممارسة العلاقات الجنسية دون اي التزام من كلا الطرفين».‏

      في الوقت نفسه،‏ خففت الصحافة والافلام والتلفزيون من تشددها في المقاييس الادبية.‏ وفي وقت لاحق قال زبغنيو بريجنسكي،‏ رئيس سابق لمجلس الامن القومي الاميركي عن القيَم في البرامج التلفزيونية:‏ «من الواضح انها تمجِّد اشباع الرغبات وتصوِّر العنف الشديد والاعمال الوحشية على انها امور طبيعية،‏ وتشجع على الاختلاط الجنسي».‏

      وبحلول سبعينات القرن العشرين كانت اجهزة الفيديو قد انتشرت بين الناس.‏ فبات بإمكانهم مشاهدة مواد فاسدة فاضحة جنسيا في خلوة منازلهم،‏ مواد لم يكونوا ليشاهدوها سابقا في دور السينما خشية ان يراهم احد.‏ وفي الآونة الاخيرة،‏ اصبحت احط اشكال المواد الاباحية متوفرة في كل اقطار العالم من خلال الانترنت لكل من يملك جهاز كمبيوتر.‏

      وأتت العواقب مريعة بطرائق شتى.‏ فقد قال حارس في احد سجون الولايات المتحدة مؤخرا:‏ «منذ عشر سنوات،‏ حين كان يزج بالاحداث في السجن كان باستطاعتي مناقشتهم في ما هو صواب وما هو خطأ.‏ اما الاحداث الذين يؤتى بهم اليوم فليست لديهم اية فكرة عمَّ اتحدث».‏

      الارشاد —‏ من اين؟‏

      لا نستطيع ان نلجأ الى كنائس العالم من اجل الارشاد الادبي.‏ فعوض ان تؤيد الكنائس المبادئ البارة كما فعل يسوع وأتباعه في القرن الاول،‏ جعلت نفسها جزءا من هذا العالم وشروره.‏ سأل احد الكتّاب:‏ «اية حرب شُنَّت في ما مضى لم يجرِ فيها الادعاء ان اللّٰه يؤيد كلًّا من الجانبين؟‏».‏ وعن تأييد المقاييس الادبية الالهية،‏ قال احد رجال الدين في مدينة نيويورك منذ سنوات:‏ «الكنيسة هي الهيئة الوحيدة في العالم التي يسهل الانتساب اليها اكثر من ركوب الباص».‏

      من الواضح اذًا ان انحطاط الآداب السريع في العالم يستدعي اجراء عاجلا.‏ ولكن ما هو هذا الاجراء؟‏ ما هو التغيير الضروري لإصلاح الوضع؟‏ مَن يمكن ان يحقق ذلك،‏ وكيف؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥]‏

      ‏«ان المجازر التي وقعت في الحرب العالمية الاولى [١٩١٤-‏١٩١٨] حطت قيمة الحياة البشرية الى اقصى الحدود»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      الفضائل بالتباين مع القيَم

      في ما مضى لم يكن هنالك اي التباس في معنى الفضيلة.‏ فإما ان يكون المرء صادقا،‏ وليا،‏ طاهرا،‏ وجديرا بالاحترام او لا يكون.‏ اما اليوم فقد استُبدلت كلمة «فضائل» بكلمة «قيَم».‏ لكنّ ذلك ادى الى مشكلة بحسب المؤرخة ڠرترود هيمِلفارب التي تقول في مؤلفها فساد الآداب في المجتمع (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان ما يُقال عن القيَم لا يمكن ان يُقال عن الفضائل،‏ .‏ .‏ .‏ فلا يُقال ان لكل فرد الحق في اختيار فضائله الخاصة».‏

      وتقول ان القيَم «يمكن ان تشمل المعتقدات،‏ الآراء،‏ المواقف،‏ المشاعر،‏ العادات،‏ الاعراف،‏ التفضيلات،‏ الاحكام المسبقة،‏ حتى الطباع الشاذة —‏ كل ما يُعتبر قيِّما في نظر الفرد،‏ الجماعة،‏ او المجتمع في زمن ما لأي سبب كان».‏ وفي المجتمع العصري المتحرِّر اليوم،‏ يشعر الناس انه يحق لهم اختيار قيَمهم الخاصة،‏ تماما كما يختارون مشترياتهم من السوبرماركت.‏ ولكن في هذه الحال،‏ ماذا يحلّ بالآداب والفضائل الحقيقية؟‏

      ‏[الصورة في الصفحتين ٦ و ٧]‏

      التسلية المنحطة تتوفر بسهولة اكثر فأكثر

  • الى اين يتّجه هذا العالم؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٧ | نيسان (‏ابريل)‏
    • الى اين يتّجه هذا العالم؟‏

      منذ زمن بعيد،‏ تنبأ الكتاب المقدس بانهيار الآداب في ايامنا وأعطى الوصف التالي:‏ ‏«في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة حرجة.‏ فإن الناس يكونون محبين لأنفسهم،‏ محبين للمال،‏ .‏ .‏ .‏ غير طائعين لوالديهم،‏ غير شاكرين،‏ غير اولياء،‏ بلا حنو،‏ .‏ .‏ .‏ شرسين،‏ غير محبين للصلاح،‏ خائنين،‏ جامحين،‏ منتفخين بالكبرياء،‏ محبين للملذات دون محبة للّٰه،‏ لهم شكل التعبد للّٰه ولكنهم منكرون قوته».‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      قد توافق ان نبوة الكتاب المقدس هذه تصف عالم اليوم وصفا دقيقا.‏ ولكن هل تعلم انها دوِّنت منذ ٠٠٠‏,٢ سنة تقريبا؟‏ لاحظ ايضا ان النبوة تُستهل بعبارة ‏«في الايام الاخيرة».‏ فماذا تعني هذه العبارة؟‏

      ما الذي بلغ ‹ايامه الاخيرة›؟‏

      صارت عبارة «الايام الاخيرة»،‏ او آخر الايام،‏ عبارة شائعة جدا.‏ وأمست جزءا من عناوين مئات الكتب الصادرة حول العالم.‏ خذ على سبيل المثال كتابا صدر حديثا بالانكليزية بعنوان آخر ايام البراءة —‏ اميركا تخوض غمار الحرب،‏ ١٩١٧-‏١٩١٨.‏ توضح مقدمة الكتاب ان عبارة «آخر ايام» في المؤلف تشير الى فترة محددة،‏ فترة اتسمت بانحطاط مروِّع للآداب.‏

      تقول المقدمة:‏ «عام ١٩١٤،‏ كان البلد يشهد تغييرا سريعا لم يسبق له مثيل».‏ وفي الواقع،‏ غرق العالم اجمع عام ١٩١٤ في حرب شاملة كانت الاولى من نوعها.‏ يقول الكتاب:‏ «كانت حربا شاملة،‏ لا نزاعا بين جيش وجيش بل بين امة وأمة».‏ وقد وقعت هذه الحرب كما سنرى في بداية ما يدعوه الكتاب المقدس «الايام الاخيرة».‏

      ان الفكرة ان العالم سيشهد قبل نهايته الفعلية فترة محددة تُدعى «الايام الاخيرة» انما هي فكرة يذكرها الكتاب المقدس.‏ فهو يتحدث عن عالم قديم زال عن الوجود وانتهى،‏ اذ يقول:‏ «هلك عالم ذلك الزمان حين غُمر بطوفان من الماء».‏ فأي زمان يعني وأي عالم انتهى؟‏ لقد كان «عالم .‏ .‏ .‏ الكافرين» الذين عاشوا في ايام نوح.‏ وبشكل مماثل،‏ سينتهي عالم اليوم.‏ لكنّ الذين يخدمون اللّٰه سينجون،‏ مثلما نجا نوح وعائلته.‏ —‏ ٢ بطرس ٢:‏٥؛‏ ٣:‏٦؛‏ تكوين ٧:‏٢١-‏٢٤؛‏ ١ يوحنا ٢:‏١٧‏.‏

      ما قاله يسوع عن النهاية

      تحدث يسوع المسيح ايضا عن «ايام نوح» حين «جاء الطوفان وجرفهم جميعا».‏ وقارن الاحوال التي سادت قبل الطوفان —‏ قُبيل انتهاء ذلك العالم —‏ بالاحوال التي ستسود خلال الوقت الذي دعاه «اختتام نظام الاشياء».‏ (‏متى ٢٤:‏٣،‏ ٣٧-‏٣٩‏)‏ وتنقل ترجمات اخرى للكتاب المقدس هذه العبارة الى «نهاية العالم» او «انقضاء الدهر».‏ —‏ ترجمة الكسليك،‏ الترجمة اليسوعية الجديدة،‏ و الترجمة البروتستانتية.‏

      لقد انبأ يسوع بما ستكون عليه الحياة على الارض قبيل نهاية هذا العالم.‏ فقال عن الحروب:‏ «تقوم امة على امة ومملكة على مملكة».‏ ويرى المؤرخون ان ذلك ابتدأ منذ عام ١٩١٤.‏ لذلك ذكرت مقدمة الكتاب المقتبس منه آنفا ان عام ١٩١٤ وسم بداية ‹الحرب الشاملة،‏ لا بين جيش وجيش بل بين امة وأمة›.‏

      وأضاف يسوع في نبوته:‏ «تكون مجاعات وزلازل في مكان بعد آخر.‏ وهذه كلها بداية المخاض».‏ وتابع قائلا انه ستحدث امور اخرى منها ‏«ازدياد التعدي على الشريعة».‏ (‏متى ٢٤:‏٧-‏١٤‏)‏ ولا شك اننا نرى هذه النبوة تتم في ايامنا.‏ فانهيار الآداب اليوم هو من الفداحة بمكان بحيث تنطبق عليه نبوة الكتاب المقدس بحذافيرها.‏

      فكيف ينبغي ان نعيش خلال هذا العصر المنحط؟‏ كتب الرسول بولس الى المسيحيين في روما بشأن الانحلال الخلقي مشيرا الى «شهوات [الناس] الجنسية المخزية».‏ قال:‏ «لأن اناثهم غيَّرن الاستعمال الطبيعي لأنفسهن بالذي على خلاف الطبيعة،‏ وكذلك الذكور ايضا تركوا استعمال الانثى الطبيعي والتهبوا بشهوتهم الجامحة بعضهم لبعض ذكورا بذكور،‏ فاعلين الفحشاء».‏ —‏ روما ١:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏

      وبحسب المؤرخين،‏ فيما غرق المجتمع البشري آنذاك في الانحلال الخلقي اكثر فأكثر،‏ «كانت الطائفة المسيحية القليلة العدد تقضّ بتقواها ورقّة حاشيتها مضاجع العالم الوثني المنهمك في ملذاته وشهواته».‏ وهذا الامر ينبغي ان يدفع كلًّا منا ان يفكر ويسأل نفسه:‏ ‹ماذا عني وعن عشرائي؟‏ هل نحن مميزون بأخلاقنا الحميدة بعكس الذين يواصلون السلوك في الفساد الادبي؟‏›.‏ —‏ ١ بطرس ٤:‏٣،‏ ٤‏.‏

      الصراع الذي نخوضه

      رغم الانحطاط الذي يحيط بنا،‏ يحضنا الكتاب المقدس ان نكون «بلا لوم وأبرياء،‏ اولادا للّٰه بلا شائبة في وسط جيل ملتوٍ ومعوَّج».‏ ولفعل ذلك،‏ يلزم ان ‹نتمسك بإحكام بكلمة الحياة›.‏ (‏فيلبي ٢:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ وهذه العبارة في الكتاب المقدس هي المفتاح الذي يُظهر كيف يمكن ان يبقى المسيحيون بمنأى عن التلوث بالفساد الادبي.‏ فيلزم ان يلتصقوا بتعاليم كلمة اللّٰه ويدركوا ان اتّباع مقاييسه الادبية هو السبيل الافضل في الحياة.‏

      ان «إله نظام الاشياء هذا»،‏ الشيطان ابليس،‏ يحاول ان يستميل قلوب البشر.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏٤‏)‏ ويخبرنا الكتاب المقدس انه «يغير شكله الى ملاك نور».‏ وخدامه الذين يسيرون على خطاه يفعلون الامر نفسه.‏ (‏٢ كورنثوس ١١:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ فهم يعدون الناس بالحرية والمتعة،‏ ولكنهم «هم انفسهم عبيد للفساد»،‏ كما يقول الكتاب المقدس.‏ —‏ ٢ بطرس ٢:‏١٩‏.‏

      فلا يغرَّنا احد.‏ ان كل من يتجاهل مقاييس اللّٰه الادبية سيعاني عواقب وخيمة.‏ كتب المرنم الملهم في الاسفار المقدسة:‏ «الخلاص بعيد عن الاشرار،‏ لأنهم لم يطلبوا فرائض [اللّٰه]».‏ (‏مزمور ١١٩:‏١٥٥؛‏ امثال ٥:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ فهل نحن مقتنعون بذلك؟‏ في هذه الحال،‏ لنحمِ عقولنا وقلوبنا من الدعاية التي تروِّج التراخي الاخلاقي.‏

      لكنّ كثيرين من الذين يفتقرون الى الحكمة يحاجّون قائلين:‏ ‹ما دمتُ لا اخالف القانون،‏ فلا بأس في ما افعله›.‏ إلّا ان هذه الفكرة ليست صحيحة.‏ فأبونا السماوي يزودك بالارشاد الادبي لأنه يحبك ويريد حمايتك لا تقييدك وجعل حياتك مملة.‏ فهو يعلمك «لتنتفع»،‏ ويريد ان تتجنب البلية وتعيش حياة سعيدة.‏ فخدمة اللّٰه كما يذكر الكتاب المقدس فيها «وعد الحياة الحاضرة والآتية».‏ و «الحياة الحقيقية» هي الحياة الابدية في عالمه الجديد الموعود به.‏ —‏ اشعيا ٤٨:‏١٧،‏ ١٨؛‏ ١ تيموثاوس ٤:‏٨؛‏ ٦:‏١٩‏.‏

      لذلك قارن فوائد اتّباع تعاليم الكتاب المقدس بالغمّ الذي يصيب في نهاية المطاف من لا يطيعون كلمة اللّٰه.‏ فلا شك ان الاصغاء الى اللّٰه ونيل رضاه هو السبيل الافضل في الحياة.‏ واللّٰه يعد:‏ «اما السامع لي فيسكن في امن،‏ ويطمئن من رعب البلية».‏ —‏ امثال ١:‏٣٣‏.‏

      مجتمع شيمته الاستقامة الادبية

      يعد الكتاب المقدس ان ‹الشرير لن يكون› بعد ان يمضي هذا العالم.‏ ويقول ايضا ان «المستقيمين هم يسكنون الارض،‏ والمنزهين عن اللوم يبقون فيها».‏ (‏مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١؛‏ امثال ٢:‏٢٠-‏٢٢‏)‏ فستُنظَّف الارض من كل مخلَّفات الفساد الادبي،‏ فضلا عن كل الذين يرفضون الالتصاق بتعاليم خالقنا المفيدة.‏ وبعد ذلك سيعتني محبو اللّٰه بكل الارض لتعود تدريجيا فردوسا مشابها لذاك الذي وضع فيه اللّٰه الزوجين البشريين الاولين.‏ —‏ تكوين ٢:‏٧-‏٩‏.‏

      فتخيل متعة العيش في ارض فردوسية مطهَّرة رائعة الجمال!‏ فكر في بلايين المقامين من الاموات الذين سيحظون هم ايضا بفرصة مشاهدة هذا التغيير الجذري.‏ وافرح بوعود اللّٰه الذي يقول:‏ «الابرار يرثون الارض،‏ ويسكنونها الى الابد».‏ و «سيمسح [اللّٰه] كل دمعة من عيونهم،‏ والموت لا يكون في ما بعد،‏ ولا يكون نوح ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.‏ فالامور السابقة قد زالت».‏ —‏ مزمور ٣٧:‏٢٩؛‏ رؤيا ٢١:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٩]‏

      حين انتهى العالم القديم،‏ نجا الذين يخافون اللّٰه

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      بعد ان ينتهي هذا العالم،‏ ستصبح الارض فردوسا

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة