مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • كيف هي الآداب اليوم؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • كيف هي الآداب اليوم؟‏

      ذات صباح في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٩،‏ تحطَّم السكون الذي كان يكتنف بلدة ليتلتون،‏ قرب دَنْڤر،‏ كولورادو،‏ في الولايات المتحدة الاميركية.‏ فقد اقتحم المدرسة الثانوية المحلية حدثان يرتديان معطفين اسودين وبدأا يطلقان النار على التلامذة والمعلمين.‏ وفجّرا ايضا بعض القنابل.‏ فقُتل استاذ واثنا عشر تلميذا وجُرح اكثر من ٢٠ شخصا.‏ وفي نهاية المجزرة،‏ انتحر المجرمان.‏ ورغم انهما لم يكونا قد تخطيا الـ‍ ١٧ و الـ‍ ١٨ من العمر،‏ كان الحقد على بعض الفِرَق يملأ قلبهما.‏

      المؤسف ان هذا المثل المذكور آنفا ليس فريدا من نوعه.‏ فالصحف،‏ الراديو،‏ والتلفزيون تنقل تقارير عن حوادث مماثلة حول العالم.‏ ووفقا للمركز الوطني للاحصاءات التربوية،‏ أُخبر عن وقوع حوالي ٠٠٠‏,١١ حادث عنيف شمل استعمال الاسلحة في المدارس الاميركية خلال سنة ١٩٩٧.‏ وفي هامبورڠ،‏ المانيا،‏ ازدادت التقارير عن اعمال العنف ١٠ في المئة خلال سنة ١٩٩٧،‏ وكان ٤٤ في المئة من المشتبه فيهم احداثا لم يتخطوا الـ‍ ٢١ من العمر.‏

      ويتفشى الفساد بين السياسيين والرسميين الحكوميين.‏ فقد اظهر تقرير اعدته سنة ١٩٩٨ أنيتا ڠرادين،‏ وهي مفوَّضة في لجنة الاتحاد الاوروپي،‏ ان قيمة الرُّشى في الاتحاد الاوروپي خلال سنة ١٩٩٧ بلغت ما يقدَّر بـ‍ ٤‏,١ بليون دولار اميركي.‏ وقد شملت هذه الرُّشى كل شيء،‏ بدءا من الغاء مخالفات ايقاف السيارات في مكان ممنوع،‏ الى الحصول بالاحتيال على اعانات زراعية او غيرها من الاعانات التي يقدمها الاتحاد الاوروپي.‏ وسُمح بالقيام بعمليات تبييض الاموال على صعيد واسع،‏ وبتهريب الاسلحة والمخدِّرات.‏ ورشت المنظمات الاجرامية موظفين في الاتحاد الاوروپي ليلزموا الصمت.‏ وفي سنة ١٩٩٩،‏ استقالت لجنة الاتحاد الاوروپي بكاملها.‏

      لكنَّ الغش لا يقتصر على اصحاب المراكز الاجتماعية الرفيعة.‏ فقد اظهر تقرير من الاتحاد الاوروپي تناول العمال غير الشرعيين ان الدخل الناتج عن اعمال تجارية غير مسجلة ولا تدفع الضرائب وصل الى ١٦ في المئة من اجمالي الناتج القومي للاتحاد الاوروپي.‏ وفي روسيا،‏ يقول التقرير ان الدخل غير المشروع بلغ ٥٠ في المئة من المجموع.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ اخبرت جمعية المحققين المجازين في عمليات الاحتيال في الولايات المتحدة ان الشركات الاميركية تخسر اكثر بكثير من ٤٠٠ بليون دولار اميركي سنويا بسبب سرقة الموظفين لأموالها او ممتلكاتها.‏

      ومن خلال الإنترنت،‏ يسعى مضاجعو اولاد كثيرون الى اغراء الاولاد والقاصرين بالقيام بممارسات جنسية غير مشروعة.‏ ونقلا عن ناطق بلسان اتحاد غوث الاولاد في السويد،‏ يتزايد القلق بشأن الفن الاباحي المتعلق بالاولاد الموجود على الإنترنت.‏ ففي النروج،‏ حصلت هذه المنظمة سنة ١٩٩٧ على ٨٨٣‏,١ معلومة سرية عن مواقع وبْ على الإنترنت تظهر الفن الاباحي الذي يتناول الاولاد.‏ وفي السنة التالية قفز العدد الى حوالي ٠٠٠‏,٥.‏ ويُنتَج معظم هذه المواد في البلدان حيث لا تستطيع السلطات المحلية او الحكومات التحكم في هذا العمل الخسيس.‏

      هل كان الوضع افضل في الماضي؟‏

      قد يتوق كثيرون ممن يريعهم وضع الآداب السيئ في العالم اليوم الى ايام والديهم وأجدادهم حين كانت تسود روح الوئام.‏ فربما سمعوا ان الناس كانوا ينعمون بحياة اهدأ بكثير في تلك الايام وأن النزاهة وأوجها اخرى من الآداب كانت تُقدَّر كثيرا على كل الاصعدة الاجتماعية.‏ وربما روى الاكبر سنا عن تلك الايام حين كان الناس الكادحون يساعدون واحدهم الآخر،‏ ايام كانت اواصر العلاقات العائلية قوية،‏ وكان الاحداث يشعرون بالامان ويساعدون والديهم في اعمال المزرعة والمشغل.‏

      فيؤدي ذلك الى السؤالين:‏ هل كانت الآداب حقا افضل في الماضي؟‏ أم ان كل ما هنالك مجرد حنين يشوِّه ذاكرتنا بشأن الايام التي ولَّت؟‏ فلنرَ كيف يجيب المؤرخون ومحلِّلون اجتماعيون آخرون.‏

  • هل الآداب اليوم اسوأ منها في الماضي؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • هل الآداب اليوم اسوأ منها في الماضي؟‏

      اذا فكرتم ان تسألوا المؤرخين:‏ «هل آداب الناس اليوم افضل او اسوأ مما كانت عليه في الماضي؟‏»،‏ فقد يجيبكم بعضهم ان من الصعب مقارنة آداب فترات مختلفة من التاريخ.‏ وربما يعتقدون انه ينبغي ان يُحكم على كل عصر من خلال بيئته الخاصة.‏

      تأملوا مثلا كيف تطورت الجريمة العنيفة في اوروپا منذ القرن الـ‍ ١٦.‏ فالجرائم لم تكن غير مألوفة منذ ٤٠٠ سنة.‏ وغالبا ما كان الناس يأخذون حقهم بأيديهم،‏ كما ان العداء بين العائلات كان شائعا.‏

      لكنَّ المؤرخَين آرني ياريك ويوهان سودربيري يذكران في كتابهما السلطة والكرامة البشريتان (‏بالسويدية)‏ ان الفترة الواقعة بين سنة ١٦٠٠ و ١٨٥٠ كانت «تتسم بحياة اجتماعية متحضرة حقا» في بعض الاماكن.‏ فقد تقدَّم الناس من حيث اخذ حاجات الآخرين بعين الاعتبار —‏ اصبحوا اكثر تعاطفا.‏ على سبيل المثال،‏ يشير مؤرِّخون آخرون ان السرقة والجرائم المتعلقة بالممتلكات كانت اقل شيوعا في القرن الـ‍ ١٦ مما هي عليه اليوم.‏ وندرت عصابات السارقين المنظمة وخصوصا بين سكان الريف.‏

      ولكن لا شك ان تجارة الرقيق كانت موجودة وأدت الى بعض الجرائم الاخطر في التاريخ:‏ خطف التجار الاوروپيين للبشر في افريقيا واسترقاق هؤلاء الملايين بوحشية في البلدان التي أُخذوا اليها.‏

      وهكذا اذا تمعنّا في القرون السابقة،‏ فسنجد على الارجح ان بعض الاحوال من الناحية التاريخية كانت افضل،‏ في حين كان بعضها الآخر اسوأ.‏ ولكن حدث امر مختلف جدا وخطير جدا —‏ بل لم يسبق له مثيل —‏ خلال القرن الـ‍ ٢٠ ولا يزال يحدث.‏

      القرن العشرون —‏ نقطة تحول

      يذكر المؤرخان ياريك وسودربيري:‏ «في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ارتفع مؤشر الجريمة والقتل مرة ثانية،‏ وللاسف،‏ تستمر هذه النزعة منذ ذلك الوقت لأكثر من نصف قرن».‏

      وبحسب معلِّقين كثيرين،‏ تدهورت الآداب على نطاق واسع خلال القرن العشرين.‏ تقول مقالة عن الفلسفة الادبية:‏ «يمكن ان يرى المرء بوضوح ان نظرة المجتمع الى الجنس والى ما هو مقبول ادبيا تغيرت كثيرا خلال السنوات الـ‍ ٣٠ الى الـ‍ ٤٠ الماضية —‏ من مجتمع يحدِّد هو بوضوح ما هو صائب ادبيا،‏ بواسطة القواعد الصارمة،‏ الى نظرة متحررة وفردية اكثر».‏

      يعني ذلك ان معظم الافراد اليوم يشعرون ان من حقهم اتخاذ القرارات التي تلائمهم بشأن السلوك الجنسي وغيره من الاوجه الادبية.‏ ولتوضيح ذلك،‏ تورد تلك المقالة احصائيات تُظهر انه في سنة ١٩٦٠،‏ وُلد خارج رباط الزواج ٣‏,٥ في المئة فقط من الاولاد في الولايات المتحدة.‏ اما في سنة ١٩٩٠،‏ فقد صارت النسبة ٢٨ في المئة.‏

      وفي محاضرة في جامعة نوتردام،‏ وصف عضو مجلس الشيوخ الاميركي جو ليبرمان الآداب في وقتنا الحاضر بأنها «حالة من انعدام القيم .‏ .‏ .‏ تؤول فيها الافكار التقليدية بشأن الصواب والخطإ الى الزوال».‏ ووفقا لليبرمان،‏ كانت هذه الظاهرة «تتخمر لنحو جيلين».‏

      العلمنة

      وما هو السبب،‏ في رأي المؤرخين والمحلِّلين الآخرين،‏ الذي ادّى الى التطور الملحوظ الذي حدث خلال القرن العشرين؟‏ يذكر كتاب السلطة والكرامة البشريتان:‏ «احد اهم التغييرات في المجتمع خلال القرنين المنصرمين هو العلمنة».‏ وعنت العلمنة ان «تُتاح للناس فرصة اتخاذ موقف شخصي من مختلف المسائل.‏ وهذه الفكرة .‏ .‏ .‏ منبعها فلاسفة التنوير في القرن الـ‍ ١٨،‏ الذين كانوا اول مَن .‏ .‏ .‏ رفض الكتاب المقدس مصدرا وحيدا للحق».‏ لذلك لم يعد الناس يلتفتون الى الاديان،‏ وخصوصا اديان العالم المسيحي،‏ من اجل الارشاد الادبي.‏

      ولكن لماذا استغرقت فلسفة نشأت في القرن الـ‍ ١٨ اكثر من ٢٠٠ سنة حتى اصبحت شعبية؟‏ يقول الكتاب المذكور آنفا:‏ «لم تكن هذه الافكار لتُنشر بسهولة بين الشعب.‏ لذلك كان التقدم نحو العلمنة بطيئا».‏

      لكن رغم ان المضيّ في هجر المقاييس الادبية التقليدية والقيم المسيحية كان بطيئا في معظم السنوات الـ‍ ٢٠٠ الماضية،‏ فقد كان سريعا خلال القرن العشرين،‏ وخصوصا في العقود القليلة المنصرمة.‏ فلمَ حدث ذلك؟‏

      الانانية والطمع

      ان التطور التكنولوجي والاقتصادي السريع في المجتمع خلال القرن العشرين هو عامل مساهم مهم.‏ ذكرت مقالة في المجلة الاخبارية الالمانية دي تسايت اننا نعيش في «عصر ديناميكي،‏ لا في عالم يتسم بالجمود كما في القرون السابقة».‏ وقد ادَّى ذلك،‏ كما أوضحت المقالة،‏ الى نظام الاقتصاد الحر المؤسس على المنافسة والذي تدفعه الانانية.‏

      وتابعت المقالة:‏ «لا يمكن ان يقف شيء في وجه هذه الانانية.‏ ونتيجة ذلك،‏ تستفحل الوحشية التي تسم حياتنا اليومية،‏ وكذلك الفساد الذي صار يشمل في بلدان كثيرة السلطات الحكومية ايضا.‏ والناس لا يفكرون سوى في انفسهم وفي إشباع رغباتهم الى اقصى درجة».‏

      ووجد عالم الاجتماع روبرت وُثناو من جامعة پرنستون في استطلاع شامل ان الاميركيين اليوم يصبّون اهتمامهم على المال اكثر مما كانوا يفعلون قبل جيل.‏ وبحسب الدراسة،‏ «يخشى اميركيون كثيرون ان يكون التوق الى المال قد فاق القيم الاخرى مثل احترام الناس بعضهم لبعض،‏ نزاهتهم في العمل،‏ ومشاركتهم الفعالة في المجتمع».‏

      وازداد الطمع في المجتمع لأن العديد من المديرين التنفيذيين في الاعمال التجارية منحوا انفسهم زيادات هائلة في الرواتب ومنافع تقاعد مربحة في حين حثوا موظفيهم ان يكونوا معتدلين في مطالبهم المتعلقة بالرواتب.‏ يقول تشيل اوڤي نلسون،‏ استاذ مشارك في علم الاخلاق ومدير لاهوتي في المجلس المسيحي للسويد:‏ «المشكلة في سعي زعماء الاعمال وراء المكسب هي ان مواقفهم مفسِدة وأنهم يخفضون مقاييس الآداب بين الناس عموما».‏ ويضيف قائلا:‏ «طبعا،‏ ان لذلك تأثيرا مدمِّرا على الآداب —‏ في المجتمع وكذلك على الصعيد الفردي».‏

      الثقافة التي تبثها وسائل الاعلام

      والثقافة التي تبثها وسائل الاعلام هي عامل مهم آخر ساهم في التدهور السريع للآداب خلال النصف الثاني من القرن العشرين.‏ يقول عضو مجلس الشيوخ الاميركي ليبرمان:‏ «ان مَن ينقل القيم الآن هم المنتجون التلفزيونيون،‏ اقطاب الافلام السينمائية،‏ مروِّجو الموضة،‏ ومغنّو [احد انواع الراپ المعروف باسم] الڠانڠستا راپ،‏ ومجموعة كبيرة من الأعلام الآخرين في الشبكة الثقافية الإعلامية الالكترونية».‏ ويضيف:‏ «يتحكم واضعو القيم هؤلاء في ثقافتنا وفي أولادنا خصوصا،‏ وغالبا ما يكون لديهم القليل او لا شيء من الاحساس بالمسؤولية تجاه ما يزوِّدونه من قيم مؤذية».‏

      ويذكر ليبرمان على سبيل المثال تسجيلا اصدرته فرقة هڤي مِتَل تدعى كانيبال كورپس (‏الجثة الآكلة لحوم البشر)‏.‏ وفيه يصف المغنون بالتفصيل اغتصاب امرأة وهي تُهدَّد بالسكين.‏ ويخبر ليبرمان انه قدَّم هو وأحد زملائه التماسا الى شركة التسجيل لسحبه من الاسواق،‏ لكن دون جدوى.‏

      لذلك يقع الوالدون المسؤولون اليوم في دوامة المنافسة الحامية مع الثقافة التي تبثها وسائل الاعلام بشأن مَن سيؤثر في اولادهم ومَن سيربيهم.‏ لكن ماذا عن العائلات التي لا يتحمَّل فيها الوالدون مسؤولياتهم بضمير حي؟‏ يقول ليبرمان انه «في هذه الحالات،‏ تسنّ تلك الثقافة المقاييس دون منازع،‏ ومفهوم الولد للصواب والخطإ وأولوياته في الحياة يصوغها بشكل رئيسي ما يتعلمه من التلفزيون،‏ شاشات السينما ومشغِّل الاسطوانات المتراصة».‏ ومؤخرا،‏ يمكن اضافة الإنترنت الى هذه اللائحة.‏

      التقهقر في «الآداب الى العصر الحجري»‏

      وكيف تتجلى آثار هذه العوامل السلبية بين الاحداث؟‏ في السنوات الاخيرة مثلا،‏ تزايد عدد الاولاد والمراهقين الذين ارتكبوا اعمال عنف وحشية ضد اولاد آخرين وراشدين ايضا.‏

      وقعت حادثة مروِّعة في السويد سنة ١٩٩٨.‏ فقد اقدم ولدان في الخامسة والسابعة من العمر على قتل رفيقهما البالغ من العمر اربع سنوات خنقا!‏ فتساءل كثيرون:‏ الا يملك الاولاد رادعا داخليا يمنعهم من ان يتخطوا حدودهم؟‏ ادلت طبيبة نفسانية للاولاد بهذا التصريح المعبر:‏ «ان الرادع الذي يمنع تخطي الحدود هو امر ينبغي تعلمه».‏ وأضافت:‏ «يمكن ان يتعلق الامر .‏ .‏ .‏ بمَن يتخذهم الاولاد قدوة وما يتعلمونه من الراشدين المحيطين بهم».‏

      ويمكن ملاحظة ظاهرة مماثلة بين المجرمين العنفاء.‏ يقول ستاين لاڤاندر،‏ پروفسور في الطب النفسي في السويد،‏ ان ١٥ الى ٢٠ في المئة من كل نزلاء السجون اليوم هم مضطربو العقل —‏ اناس لا يفكرون سوى في أنفسهم،‏ يفتقرون الى التقمص العاطفي،‏ ويعجزون عن فهم مبدإ الصواب والخطإ او لا يريدون ذلك.‏ ولاحظ المراقبون اختفاء الحس الادبي حتى بين الاولاد والأحداث الذين يبدون طبيعيين.‏ تقول كريستينا هوف سومرز،‏ پروفسورة في الفلسفة:‏ «لقد تقهقرنا في الآداب الى العصر الحجري».‏ وقد لاحظت انه عندما يواجه تلاميذها الاحداث مسألة التمييز بين الصواب والخطإ،‏ يعرب معظمهم عن عدم يقين واضح.‏ ثم يجيبون انه لا يوجد شيء يدعى صوابا او خطأ.‏ ويرون ان كل شخص ينبغي ان يفكر في ما هو الافضل له.‏

      ومؤخرا،‏ اعترض كثيرون من تلاميذها على المبدإ القائل ان للحياة البشرية كرامة وقيمة فريدتين.‏ مثالا لذلك،‏ عندما سئلوا ماذا يفعلون اذا كان عليهم الاختيار بين انقاذ حياة حيوانهم المدلَّل او حياة انسان لا يعرفونه،‏ اختار كثيرون الحيوان.‏

      تقول الپروفسورة سومرز:‏ «ليست المشكلة ان الاحداث جهلة،‏ عديمو الثقة،‏ قساة،‏ او خونة».‏ وتضيف:‏ «بصريح العبارة،‏ انهم لا يملكون اي ادراك لمفهوم الصواب والخطإ».‏ وتقول ان احداثا كثيرين اليوم يشككون في وجود صواب او خطإ وتشعر أن هذا الموقف يشكل احد اكبر التهديدات للمجتمع.‏

      اذًا،‏ ان انهيار الآداب في زمننا امر واقع.‏ ويخشى كثيرون من النتائج المروعة التي قد تنجم عن ذلك.‏ تقول المقالة في صحيفة دي تسايت المشار اليها آنفا ان الاقتصاد الحر القائم اليوم يمكن تدريجيا ان «ينحل وربما ينهار يوما ما كما انهار النظام الاشتراكي مؤخرا».‏

      فماذا يعني ذلك كله؟‏ وأي مستقبل ينبغي ان ننتظر؟‏

      ‏[الصور في الصفحتين ٦،‏ ٧]‏

      ‏«ان مَن ينقل القيم الآن هم المنتجون التلفزيونيون،‏ اقطاب الافلام السينمائية،‏ مروِّجو الموضة،‏ ومغنّو الڠانڠستا راپ .‏ .‏ .‏»‏

  • ماذا يعني هذا كله؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • ماذا يعني هذا كله؟‏

      اذا حلَّلتم المقاييس الادبية في السنوات الاخيرة،‏ ترَون منحى واضحا.‏ ان المقاييس الادبية دون شك تتعرض وبشكل متزايد للانهيار بين عدد متزايد من الناس.‏ فماذا يعني ذلك حقا؟‏

      هل يعني،‏ كما يدعي البعض،‏ ان حضارتنا كلها محكوم عليها بالفناء مع الجنس البشري بأسره؟‏ أم ان هذه التغييرات ليست سوى جزء من التقلبات التي اتسم بها التاريخ؟‏

      هذا ما يظنه كثيرون.‏ فهم ينظرون الى الانحطاط الادبي في ايامنا كمجرد منحى من المناحي الكثيرة التي شهدها التاريخ.‏ ويتوقعون بثقة ان تعود المياه الى مجاريها وترجع المقاييس الادبية الاسمى.‏ فهل هم على صواب؟‏

      ‏«الايام الاخيرة»‏

      فلنتأمل في الوقائع على ضوء كتاب اعتُبر لقرون وعلى نطاق واسع مرجعا في المسائل الادبية —‏ كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس.‏ فمن المنوِّر جدا ان نقارن عالم اليوم بالوصف النبوي الذي يقدِّمه الكتاب المقدس عن العصر الاكثر حرجا في تاريخ الجنس البشري.‏ وهي الفترة التي يدعوها «الايام الاخيرة» او «اختتام نظام الاشياء».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١؛‏ متى ٢٤:‏٣‏)‏ وكما تشير هاتان العبارتان،‏ تسم هذه الفترة نهاية اكيدة لعهد وبداية لعهد جديد.‏

      تنبأت كلمة اللّٰه ان «ازمنة حرجة» ستسم الايام الاخيرة.‏ ولمساعدة الاشخاص المتيقظين على تمييز الايام الاخيرة،‏ يزوِّد الكتاب المقدس عدة تفاصيل تعطي مجتمعة وصفا واضحا،‏ او علامة مركبة،‏ لهذه الفترة الفريدة من نوعها.‏

      صفات الناس السيئة

      لاحظوا احدى الميزات البارزة اليوم لهذه العلامة:‏ ‹يكون للناس شكل التعبد للّٰه ولكنهم منكرون قوته›.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢،‏ ٥‏)‏ لم تشهد اية فترة في التاريخ مثل هذه العلمنة القوية والشاملة.‏ فاللّٰه يُرفض على نطاق واسع كمصدر وحيد للسلطة،‏ ومعظم الناس يرفضون اعتبار الكتاب المقدس المصدر الوحيد للحق.‏ طبعا،‏ لا تزال الاديان موجودة لكنَّ معظمها تضاءل تأثيره.‏ فهي ليست سوى مظهر خادع.‏

      يذكر الكتاب المقدس ميزة اخرى للعلامة:‏ «الناس يكونون .‏ .‏ .‏ بلا ضبط نفس،‏ شرسين» و «بسبب ازدياد التعدي على الشريعة،‏ تبرد محبة الأكثرين».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢،‏ ٣؛‏ متى ٢٤:‏١٢‏)‏ وأحد معاني الكلمة اليونانية المنقولة الى «شرس» هو:‏ «عديم التعاطف والشعور الانساني».‏ واليوم،‏ حتى الاحداث يبدون «شرسين» ويقترفون بشكل متزايد الجرائم العنيفة.‏

      بالاضافة الى ذلك،‏ ادت التطورات الاقتصادية والتقنية السريعة والطمع الذي ولّدته الى ان يهجر الناس اكثر فأكثر القيم العتيقة.‏ فهم يستعملون اية وسائل متوفرة،‏ حتى الخدَّاعة منها،‏ لكسب ما في وسعهم سعيا وراء إشباع رغباتهم الانانية دونما اعتبار للآخرين.‏ والزيادة الهائلة في مجال المقامرة هي برهان آخر على الانانية،‏ وإحصاءات الجرائم للعقود القليلة الماضية تعبِّر بشكل صارخ وبوضوح عن الامر.‏

      وإحدى الميزات البارزة التي تسم ايامنا بشكل خصوصي هي ان «الناس يكونون .‏ .‏ .‏ محبين للملذات دون محبة للّٰه».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏ ٢،‏ ٤‏)‏ مثالا لذلك:‏ يسعى الناس وراء لذّة الجسد لكنهم لا يرغبون في تحمل مسؤولية العيش مع رفيق زواج واحد مدى الحياة.‏ والنتيجة؟‏ موجة عارمة من العلاقات العائلية المحطمة،‏ اولاد تعساء يفتقرون الى الشعور بالانتماء الى عائلاتهم،‏ والدون متوحدون،‏ وامراض منتقلة جنسيا.‏

      وتتميز العلامة بوجه آخر وهو ان «الناس يكونون محبين لأنفسهم،‏ محبين للمال».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢‏)‏ ووفقا للمجلة الالمانية دي تسايت،‏ «ان محرك النظام [الاقتصادي اليوم] هو الانانية».‏ وأكثر من اي وقت مضى،‏ يحتل السعي وراء المال الاولوية في حياة اناس كثيرين.‏ وفي هذا السعي الاناني،‏ تُداس القيم الاخرى.‏

      الاحداث العالمية

      بالاضافة الى وصف انهيار القيم البشرية،‏ تنبأ الكتاب المقدس ايضا بأن الايام الاخيرة ستكون موسومة باضطرابات عظيمة ستؤثر في العائلة البشرية.‏ يقول مثلا:‏ «تقوم أمة على أمة،‏ ومملكة على مملكة؛‏ وتكون زلازل عظيمة،‏ وفي مكان بعد آخر أوبئة ومجاعات».‏ —‏ لوقا ٢١:‏١٠،‏ ١١‏.‏

      باستثناء القرن العشرين،‏ لم تشهد اية حقبة في التاريخ تعرُّض الناس لعدد كبير من الكوارث الضخمة خلال فترة زمنية قصيرة.‏ مثلا،‏ أكثر من ١٠٠ مليون نسمة قُتلوا في الحروب خلال هذه الفترة،‏ وهو رقم يفوق بأشواط عدد ضحايا كافة الحروب التي حدثت في قرون عديدة ماضية.‏ فقد شهد القرن العشرون حربين لا تضاهيهما البتة اية من الحروب الاخرى حتى انهما دعيتا الحربين العالميتين.‏ ولم يحدث قط مثل هذه النزاعات العالمية.‏

      قوة دافعة شريرة

      يكشف الكتاب المقدس ايضا عن وجود مخلوق روحاني شرير وقوي،‏ «المدعو إبليس والشيطان»،‏ يهدف الى اغواء الناس لكي يبعدهم عن القيم الحقيقية ويوقعهم في الفساد الادبي.‏ ويقول انه نزل في الايام الاخيرة الى الارض،‏ «وبه غضب عظيم،‏ عالما أن له زمانا قصيرا!‏».‏ —‏ كشف ١٢:‏ ٩،‏ ١٢‏.‏

      ويصف الكتاب المقدس ابليس بأنه «حاكم سلطة الهواء،‏ الروح الذي يعمل الآن في أبناء العصيان».‏ (‏افسس ٢:‏٢‏)‏ ويعني ذلك ان ابليس يمارس تأثيرا قويا على اناس كثيرين،‏ عادة دون ان يلاحظوا ذلك،‏ تماما كما اننا قد لا ننتبه احيانا لوجود ملوّث غير منظور في الهواء.‏

      مثلا،‏ يظهر تأثير الشيطان من خلال وسائل اتصالات عصرية كثيرة:‏ الڤيديو،‏ الافلام،‏ التلفزيون،‏ الإنترنت،‏ الاعلانات،‏ الكتب،‏ المجلات،‏ والصحف.‏ فمواد كثيرة،‏ وخصوصا الجزء الذي يركز على الاحداث الذين لا يرتابون بشيء،‏ تملأها النزعات البغيضة والمتطرفة،‏ مثل التمييز العنصري،‏ علوم الغيب،‏ الفساد الادبي،‏ والعنف السادي.‏

      وقد تأثر اشخاص صادقون كثيرون بالتشابه بين الوصف الذي يقدِّمه الكتاب المقدس عن الايام الاخيرة والظروف الفعلية السائدة في عالمنا اليوم.‏ صحيح ان ثمة حوادث في التاريخ حدثت قبل القرن العشرين بدت وكأنها تلائم وصف الكتاب المقدس بدرجة اقل.‏ لكنَّ القرن الـ‍ ٢٠ اضافة الى القرن الـ‍ ٢١ الآن هما فقط اللذان يشهدان كل اوجه العلامة.‏

      الحقبة الجديدة القادمة

      ان الذين يعتقدون ان الجنس البشري سيُباد والذين يدَّعون ان كل شيء سيبقى على ما هو عليه مخطئون على السواء.‏ وعوض ذلك،‏ يُظهر الكتاب المقدس بوضوح ان شيئا جديدا كليا سيحل محل مجتمع العالم الحاضر الذي يسيطر على الارض.‏

      بعد ان اتى يسوع على ذكر عدد من ميزات علامة الايام الاخيرة،‏ قال:‏ «هكذا أنتم أيضا،‏ متى رأيتم هذه الأمور صائرة،‏ فاعلموا أن ملكوت اللّٰه قريب».‏ (‏لوقا ٢١:‏٣١‏)‏ وملكوت اللّٰه السماوي كان المحور الرئيسي لكرازة يسوع.‏ (‏متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وقد عيَّنه اللّٰه ليكون ملك هذا الملكوت،‏ الحكومة التي ستحكم عما قريب كل الارض.‏ —‏ لوقا ٨:‏١؛‏ كشف ١١:‏١٥؛‏ ٢٠:‏١-‏٦‏.‏

      وفي نهاية الايام الاخيرة،‏ سيزيل ملكوت اللّٰه السماوي برئاسة المسيح كل اعدائه —‏ الشيطان والذين يدعمونه —‏ ويستبدل المجتمع الحالي الذي يفتقر الى الآداب بعالم جديد بار.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ وفي هذا العالم الجديد،‏ سيتمتع المستقيمو القلوب بالحياة الابدية على ارض تحوَّلت الى فردوس.‏ —‏ لوقا ٢٣:‏٤٣؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣؛‏ كشف ٢١:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ان الذين يكرهون الانحطاط الادبي الموجود اليوم ويميزون اتمام علامة الايام الاخيرة المركبة من خلال الحوادث الجارية يمكن ان يتوقعوا مستقبلا رائعا.‏ من اجل ذلك نشكر اللّٰه القادر على كل شيء،‏ الذي يهتم بنا،‏ نحن البشر،‏ والذي يملك قصدا مجيدا لخليقته،‏ الارض.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١،‏ ٢٩؛‏ ١ بطرس ٥:‏٦،‏ ٧‏.‏

      ان شهود يهوه يدعونكم الى تعلُّم المزيد عن خالقنا المحب وعن رجاء العيش في عالم نظيف ادبيا يقدمه لكل من يبحث عنه.‏ وكما يقول الكتاب المقدس:‏ «هذا يعني الحياة الأبدية:‏ أن يستمروا في نيل المعرفة عنك،‏ أنت الإله الحق الوحيد،‏ وعن الذي أرسلته،‏ يسوع المسيح».‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة