عَاشَ يَعْقُوب وَعَائِلَتُهُ فِي مِصْر.‏ وَصَارَ ٱسْمُهُمُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ.‏ وَلٰكِنْ،‏ بَعْدَمَا مَاتَ يَعْقُوب وَيُوسُف،‏ بَدَأَ فِرْعَوْنٌ جَدِيدٌ يَحْكُمُ عَلَى مِصْر.‏ وَكَانَ يَخَافُ أَنْ يَصِيرَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَقْوَى مِنَ ٱلْمِصْرِيِّينَ.‏ فَجَعَلَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ عَبِيدًا.‏ وَأَجْبَرَهُمْ أَنْ يَصْنَعُوا أَحْجَارَ بِنَاءٍ،‏ وَيَشْتَغِلُوا كَثِيرًا فِي ٱلْحُقُولِ.‏ وَلٰكِنْ كُلَّمَا عَامَلَ ٱلْمِصْرِيُّونَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِقَسْوَةٍ،‏ كَانَ عَدَدُهُمْ يَزِيدُ.‏ فَغَضِبَ فِرْعَوْن كَثِيرًا،‏ وَأَمَرَ أَنْ يُقْتَلَ كُلُّ صَبِيٍّ إِسْرَائِيلِيٍّ يُولَدُ.‏ تَخَيَّلْ كَمْ خَافَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ لَمَّا سَمِعُوا ذٰلِكَ!‏

وَكَانَ هُنَاكَ ٱمْرَأَةٌ إِسْرَائِيلِيَّةٌ ٱسْمُهَا يُوكَابِد عِنْدَهَا طِفْلٌ صَغِيرٌ جَمِيلٌ.‏ وَلِكَيْ تَحْمِيَهُ مِنَ ٱلْمَوْتِ،‏ وَضَعَتْهُ فِي سَلَّةٍ.‏ ثُمَّ خَبَّأَتِ ٱلسَّلَّةَ بَيْنَ ٱلْقَصَبِ عَلَى نَهْرِ ٱلنِّيل.‏ وَبَقِيَتْ أُخْتُ ٱلصَّبِيِّ مَرْيَم وَاقِفَةً فِي مَكَانٍ قَرِيبٍ لِتَرَى مَاذَا سَيَحْدُثُ.‏

وَفِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ،‏ جَاءَتِ ٱبْنَةُ فِرْعَوْن لِتَسْتَحِمَّ فِي ٱلنَّهْرِ.‏ فَرَأَتِ ٱلسَّلَّةَ.‏ وَوَجَدَتْ فِيهَا طِفْلًا صَغِيرًا يَبْكِي،‏ فَحَنَّتْ عَلَيْهِ.‏ ثُمَّ ٱقْتَرَبَتْ مَرْيَم وَسَأَلَتْهَا:‏ ‹هَلْ أَذْهَبُ وَأُفَتِّشُ لَكِ عَنِ ٱمْرَأَةٍ تُ‍رْضِعُ ٱلْوَلَدَ؟‏›.‏ جَاوَبَتْهَا:‏ ‹نَعَمْ.‏ اِذْهَبِي›.‏ فَذَهَبَتْ مَرْيَم وَجَلَبَتْ أُمَّهَا يُوكَابِد.‏ فَقَالَتِ ٱبْنَةُ فِرْعَوْن لِيُوكَابِد:‏ ‹خُذِي هٰذَا ٱلطِّفْلَ وَأَرْضِعِيهِ لِي.‏ وَأَنَا أَدْفَعُ لَكِ أُجْرَتَكِ›.‏

وَلَمَّا كَبِرَ ٱلوَلَدُ،‏ جَلَبَتْهُ يُوكَابِد إِلَى ٱبْنَةِ فِرْعَوْن.‏ فَسَمَّتْهُ ٱبْنَةُ فِرْعَوْن مُوسَى،‏ وَرَبَّتْهُ كَأَنَّهُ ٱبْنُهَا.‏ فَعَاشَ مُوسَى مِثْلَ ٱلْأَمِيرِ.‏ وَكَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى كُلِّ مَا يُرِيدُهُ.‏ لٰكِنَّهُ لَمْ يَنْسَ يَهْوَه أَبَدًا.‏ فَهُوَ عَرَفَ أَنَّهُ إِسْرَائِيلِيٌّ وَلَيْسَ مِصْرِيًّا،‏ وَأَرَادَ أَنْ يَخْدُمَ يَهْوَه.‏

وَلَمَّا صَارَ عُمْرُ مُوسَى ٤٠ سَنَةً،‏ أَرَادَ أَنْ يُسَاعِدَ شَعْبَهُ.‏ وَفِي يَوْمٍ مِنَ ٱلْأَيَّامِ،‏ رَأَى رَجُلًا مِصْرِيًّا يَضْرِبُ رَجُلًا إِسْرَائِيلِيًّا.‏ فَضَرَبَ مُوسَى ٱلرَّجُلَ ٱلْمِصْرِيَّ بِقُوَّةٍ حَتَّى مَاتَ.‏ ثُمَّ طَمَرَهُ فِي ٱلرَّمْلِ.‏ وَلَمَّا عَرَفَ فِرْعَوْن،‏ حَاوَلَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى.‏ لٰكِنَّ مُوسَى هَرَبَ إِلَى أَرْضِ مِدْيَان.‏ وَهُنَاكَ ٱهْتَمَّ يَهْوَه بِهِ.‏

بَقِيَ مُوسَى فِي أَرْضِ مِدْيَان ٤٠ سَنَةً.‏ وَتَ‍زَوَّجَ وَصَارَ عِنْدَهُ وَلَدَانِ.‏ وَفِي يَوْمٍ مِنَ ٱلْأَيَّامِ،‏ لَمَّا كَانَ يَرْعَى خِرَافَهُ قُرْبَ جَبَلِ سِينَاء،‏ رَأَى شَيْئًا غَرِيبًا جِدًّا.‏ كَانَ هُنَاكَ شُجَيْرَةُ عُلَّيْقٍ تَشْتَعِلُ بِٱلنَّارِ لٰكِنَّهَا لَا تَحْتَرِقُ!‏ اِقْتَرَبَ مُوسَى لِيَرَى مَاذَا يَحْصُلُ.‏ فَسَمِعَ صَوْتًا مِنَ ٱلشُّجَيْرَةِ يَقُولُ:‏ ‹مُوسَى!‏ لَا تَقْتَرِبْ أَكْثَرَ!‏ اِخْلَعْ حِذَاءَكَ لِأَنَّكَ وَاقِفٌ عَلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ›.‏ كَانَ يَهْوَه يَتَكَلَّمُ مَعَ مُوسَى بِوَاسِطَةِ مَلَاكٍ.‏

خَافَ مُوسَى وَغَطَّى وَجْهَهُ.‏ فَقَالَ لَهُ يَهْوَه:‏ ‹رَأَيْتُ أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ يَتَعَذَّبُونَ كَثِيرًا،‏ وَسَأُخَلِّصُهُمْ مِنَ ٱلْمِصْرِيِّينَ وَآخُذُهُمْ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ.‏ وَأَنْتَ سَتَقُودُهُمْ لِيَخْرُجُوا مِنْ مِصْر إِلَى هٰذِهِ ٱلْأَرْضِ›.‏ فَتَفَاجَأَ مُوسَى كَثِيرًا بِهٰذَا ٱلْكَلَامِ.‏

وَسَأَلَ مُوسَى يَهْوَه:‏ ‹مَاذَا أَقُولُ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ إِذَا سَأَلُونِي مَنْ أَرْسَلَكَ؟‏›.‏ جَاوَبَ ٱللّٰهُ:‏ ‹قُلْ لَهُمْ إِنَّ يَهْوَه،‏ إِلٰهَ إِبْرَاهِيم،‏ وَإِلٰهَ إِسْحَاق،‏ وَإِلٰهَ يَعْقُوب أَرْسَلَكَ إِلَيْهِمْ›.‏ فَقَالَ مُوسَى:‏ ‹وَمَاذَا أَفْعَلُ إِذَا لَمْ يَسْمَعُوا لِي؟‏›.‏ فَأَعْطَاهُ يَهْوَه دَلِيلًا أَنَّهُ سَيَكُونُ مَعَهُ.‏ وَمَا هُوَ؟‏ طَلَبَ يَهْوَه مِنْ مُوسَى أَنْ يَرْمِيَ عَصَاهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ.‏ فَصَارَتِ ٱلْعَصَا حَيَّةً!‏ وَلَمَّا أَمْسَكَ مُوسَى ٱلْحَيَّةَ بِذَنَبِهَا،‏ رَجَعَتْ عَصًا مِنْ جَدِيدٍ.‏ وَقَالَ لَهُ يَهْوَه:‏ ‹هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةُ سَتُبَرْهِنُ لَهُمْ أَنِّي أَنَا أَرْسَلْتُكَ›.‏

لٰكِنَّ مُوسَى قَالَ لِيَهْوَه:‏ ‹أَنَا لَا أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ جَيِّدًا›.‏ فَوَعَدَهُ يَهْوَه:‏ ‹أَنَا أُعَلِّمُكَ مَاذَا تَقُولُ،‏ وَأُرْسِلُ مَعَكَ هَارُون أَخَاكَ لِيُسَاعِدَكَ›.‏ فَتَأَكَّدَ مُوسَى أَنَّ يَهْوَه لَنْ يَتْرُكَهُ،‏ وَرَجَعَ إِلَى مِصْر هُوَ وَزَوْجَتُهُ وَٱبْنَاهُ.‏

أَجْبَرَ ٱلْمِصْرِيُّونَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا عِنْدَهُمْ وَيَشْتَغِلُوا كَثِيرًا.‏ فَأَرْسَلَ يَهْوَه مُوسَى وَهَارُون إِلَى فِرْعَوْن لِيَقُولَا لَهُ:‏ ‹اِسْمَحْ لِشَعْبِي أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ مِصْر لِيَعْبُدُونِي فِي ٱلصَّحْرَاءِ›.‏ لٰكِنَّ فِرْعَوْن جَاوَبَ بِتَكَبُّرٍ:‏ ‹لَا يَهُمُّنِي مَا يَقُولُهُ يَهْوَه.‏ وَلَنْ أَسْمَحَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ مِصْر›.‏ وَأَجْبَرَ فِرْعَوْن ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَشْتَغِلُوا أَكْثَرَ.‏ فَقَرَّرَ يَهْوَه أَنْ يُعَلِّمَ فِرْعَوْن دَرْسًا.‏ هَلْ تَعْرِفُ كَيْفَ؟‏ جَلَبَ ١٠ ضَرْبَاتٍ عَلَى مِصْر.‏ فَقَالَ لِمُوسَى:‏ ‹فِرْعَوْن لَا يَسْمَعُ لِي.‏ اِذْهَبْ فِي ٱلصَّبَاحِ إِلَى نَهْرِ ٱلنِّيل وَسَتَجِدُهُ هُنَاكَ.‏ قُلْ لَهُ إِنَّ كُلَّ مِيَاهِ ٱلنَّهْرِ سَتَصِيرُ دَمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَحْ لِشَعْبِي أَنْ يَتْرُكَ مِصْر›.‏ فَأَطَاعَ مُوسَى يَهْوَه وَذَهَبَ إِلَى فِرْعَوْن.‏ وَهُنَاكَ،‏ ضَرَبَ هَارُون نَهْرَ ٱلنِّيل بِعَصَاهُ أَمَامَ عُيُونِ فِرْعَوْن.‏ فَتَحَوَّلَتِ ٱلْمِيَاهُ إِلَى دَمٍ.‏ وَصَارَتْ رَائِحَةُ ٱلنَّهْرِ كَرِيهَةً،‏ وَمَاتَ كُلُّ ٱلسَّمَكِ.‏ وَلَمْ يَعُدِ ٱلْمِصْرِيُّونَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ نَهْرِ ٱلنِّيل.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ رَفَضَ فِرْعَوْن أَنْ يَدَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ يَخْرُجُونَ مِنْ مِصْر.‏

وَبَعْدَ ٧ أَيَّامٍ،‏ أَرْسَلَ يَهْوَه مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن.‏ وَهٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ،‏ قَالَ لَهُ:‏ ‹إِذَا لَمْ تَسْمَحْ لِشَعْبِي أَنْ يَذْهَبُوا،‏ تَمْتَلِئُ مِصْر ضَفَادِعَ›.‏ لٰكِنَّ فِرْعَوْن لَمْ يَسْمَحْ لَهُمْ أَنْ يَذْهَبُوا.‏ فَرَفَعَ هَارُون عَصَاهُ،‏ فَبَدَأَتِ ٱلضَّفَادِعُ تَمْلَأُ أَرْضَ مِصْرَ.‏ وَصَارَ ٱلنَّاسُ يَجِدُونَهَا فِي بُيُوتِهِمْ،‏ عَلَى فِرَاشِهِمْ،‏ فِي صُحُونِهِمْ،‏ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ!‏ فَطَلَبَ فِرْعَوْن مِنْ مُوسَى أَنْ يَتَرَجَّى يَهْوَه لِيُوقِفَ ٱلضَّرْبَةَ.‏ وَوَعَدَ أَنْ يَتْرُكَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ يَذْهَبُونَ.‏ فَأَوْقَفَ يَهْوَه ٱلضَّرْبَةَ.‏ وَجَمَعَ ٱلْمِصْرِيُّونَ ٱلضَّفَادِعَ ٱلْمَيِّتَةَ كَوْمَةً بَعْدَ كَوْمَةٍ.‏ وَصَارَتْ رَائِحَةُ ٱلْأَرْضِ كَرِيهَةً.‏ وَلٰكِنْ،‏ مَرَّةً أُخْرَى،‏ رَفَضَ فِرْعَوْن أَنْ يَخْرُجَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ.‏

ثُمَّ قَالَ يَهْوَه لِمُوسَى:‏ ‹قُلْ لِهَارُون أَنْ يَضْرِبَ ٱلْأَرْضَ بِعَصَاهُ،‏ فَيَصِيرُ ٱلتُّرَابُ بَرْغَشًا›.‏ وَلَمَّا فَعَلَ هَارُون ذٰلِكَ،‏ مَلَأَ ٱلْبَرْغَشُ كُلَّ مِصْر.‏ فَقَالَ بَعْضُ ٱلْمِصْرِيِّينَ لِفِرْعَوْن:‏ ‹هٰذِهِ ٱلضَّرْبَةُ هِيَ مِنَ ٱللّٰهِ›.‏ لٰكِنَّ فِرْعَوْن لَمْ يَسْمَعْ لِكَلَامِهِمْ وَلَمْ يَسْمَحْ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَذْهَبُوا.‏

أَرْسَلَ يَهْوَه هَارُون وَمُوسَى إِلَى فِرْعَوْن لِيَقُولَا لَهُ:‏ ‹إِذَا لَمْ تَسْمَحْ لِشَعْبِي أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ مِصْر،‏ أَجْلُبُ ٱلذُّبَابَ عَلَى أَرْضِكَ›.‏ فَهَجَمَتْ أَعْدَادٌ كَبِيرَةٌ مِنَ ٱلذُّبَابِ عَلَى بُيُوتِ كُلِّ ٱلْمِصْرِيِّينَ،‏ ٱلْفُقَرَاءِ وَٱلْأَغْنِيَاءِ.‏ وَمَلَأَ ٱلذُّبَابُ كُلَّ مِصْر،‏ مَا عَدَا أَرْضَ جَاسَان ٱلَّتِي عَاشَ فِيهَا ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ.‏ فَهُمْ لَمْ يَتَأَذَّوْا مِنْ هٰذِهِ ٱلضَّرْبَةِ ٱلرَّابِعَةِ وَلَا مِنَ ٱلضَّرْبَاتِ ٱلْبَاقِيَةِ،‏ لِأَنَّ يَهْوَه جَلَبَ هٰذِهِ ٱلضَّرْبَاتِ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ فَقَطْ.‏ فَتَرَجَّى فِرْعَوْن مُوسَى وَهَارُون وَقَالَ لَهُمَا:‏ ‹اُطْلُبَا مِنْ يَهْوَه أَنْ يُبْعِدَ هٰذَا ٱلذُّبَابَ عَنَّا.‏ ثُمَّ ٱخْرُجَا مَعَ شَعْبِكُمَا مِنْ أَرْضِ مِصْر›.‏ وَلٰكِنْ عِنْدَمَا أَبْعَدَ يَهْوَه ٱلذُّبَابَ،‏ غَيَّرَ فِرْعَوْن رَأْيَهُ.‏ فَفِرْعَوْن لَمْ يَتَعَلَّمْ بَعْدُ أَنْ يُطِيعَ يَهْوَه.‏

فَقَالَ يَهْوَه:‏ ‹إِذَا لَمْ يَسْمَحْ فِرْعَوْن لِشَعْبِي أَنْ يَذْهَبَ،‏ حَيَوَانَاتُ ٱلْمِصْرِيِّينَ سَتَمْرَضُ وَتَمُوتُ›.‏ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي،‏ بَدَأَتْ حَيَوَانَاتُ ٱلْمِصْرِيِّينَ تَمُوتُ.‏ لٰكِنَّ حَيَوَانَاتِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ لَمْ تَمُتْ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ يَسْتَسْلِمْ فِرْعَوْن لِأَنَّهُ كَانَ عَنِيدًا جِدًّا.‏

ثُمَّ قَالَ يَهْوَه لِمُوسَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى فِرْعَوْن وَيَرْمِيَ رَمَادًا فِي ٱلْهَوَاءِ.‏ فَصَارَ ٱلرَّمَادُ غُبَارًا وَمَلَأَ ٱلْهَوَاءَ.‏ وَلَمَّا أَتَى مِنْ هٰذَا ٱلْغُبَارِ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ وَحَيَوَانَاتِهِمْ،‏ سَبَّبَ لَهُمْ حُبُوبًا مُلْتَهِبَةً أَوْجَعَتْهُمْ كَثِيرًا.‏ لٰكِنَّ فِرْعَوْن لَمْ يَسْمَحْ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَذْهَبُوا.‏

لِذٰلِكَ أَرْسَلَ يَهْوَه مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن مَرَّةً أُخْرَى.‏ فَقَالَ لَهُ مُوسَى:‏ ‹هَلْ تَتَكَبَّرُ بَعْدُ وَلَا تَسْمَحُ لِشَعْبِي أَنْ يَذْهَبُوا؟‏ غَدًا سَأُمْطِرُ بَرَدًا عَلَى ٱلْأَرْضِ›.‏ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي،‏ جَلَبَ يَهْوَه بَرَدًا وَرَعْدًا وَنَارًا.‏ فَكَانَتْ هٰذِهِ أَقْوَى عَاصِفَةٍ أَتَتْ عَلَى مِصْر.‏ وَمَاتَ كُلُّ ٱلشَّجَرِ وَٱلْمَزْرُوعَاتِ،‏ إِلَّا ٱلَّتِي فِي أَرْضِ جَاسَان.‏ فَقَالَ فِرْعَوْن لِمُوسَى وَهَارُون:‏ ‹تَ‍رَجَّيَا يَهْوَه كَيْ يُوقِفَ ٱلضَّرْبَةَ!‏ وَبَعْدَهَا تَذْهَبُونَ›.‏ وَلٰكِنْ عِنْدَمَا تَوَقَّفَتِ ٱلضَّرْبَةُ،‏ غَيَّرَ فِرْعَوْن رَأْيَهُ.‏

ثُمَّ قَالَ مُوسَى:‏ ‹سَيَأْكُلُ ٱلْجَرَادُ كُلَّ ٱلنَّبَاتِ ٱلَّذِي لَمْ يَمُتْ فِي عَاصِفَةِ ٱلْبَرَدِ›.‏ فَجَاءَ ٱلْمَلَايِينُ مِنَ ٱلْجَرَادِ وَأَكَلَ كُلَّ مَا بَقِيَ فِي ٱلْحُقُولِ وَعَلَى ٱلشَّجَرِ.‏ فَقَالَ فِرْعَوْن لِمُوسَى وَهَارُون:‏ ‹تَ‍رَجَّيَا يَهْوَه أَنْ يُبْعِدَ هٰذَا ٱلْجَرَادَ›.‏ فَأَبْعَدَ يَهْوَه ٱلْجَرَادَ،‏ لٰكِنَّ فِرْعَوْن بَقِيَ عَنِيدًا.‏

بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ قَالَ يَهْوَه لِمُوسَى:‏ ‹مُدَّ يَدَكَ صَوْبَ ٱلسَّمَاءِ›.‏ وَعَلَى ٱلْفَوْرِ،‏ صَارَتِ ٱلسَّمَاءُ كُلُّهَا سَوْدَاءَ.‏ وَبَقِيَتِ ٱلْعَتْمَةُ ٣ أَيَّامٍ.‏ وَلَمْ يَقْدِرِ ٱلْمِصْرِيُّونَ أَنْ يَرَوْا شَيْئًا.‏ لٰكِنَّ بُيُوتَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ كَانَ فِيهَا ضَوْءٌ.‏

فَقَالَ فِرْعَوْن لِمُوسَى:‏ ‹أَسْمَحُ لَكَ وَلِشَعْبِكَ أَنْ تَذْهَبُوا.‏ لٰكِنْ لَا تَأْخُذُوا حَيَوَانَاتِكُمْ›.‏ فَجَاوَبَهُ مُوسَى:‏ ‹لَا نَقْدِرُ أَنْ نَتْرُكَ حَيَوَانَاتِنَا هُنَا.‏ يَجِبُ أَنْ نَأْخُذَهَا لِنُقَدِّمَ مِنْهَا هَدِيَّةً لِيَهْوَه›.‏ فَغَضِبَ فِرْعَوْن كَثِيرًا وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَالٍ:‏ ‹اُخْرُجْ مِنْ هُنَا!‏ إِذَا رَأَيْتُكَ مَرَّةً ثَانِيَةً،‏ فَسَأَقْتُلُكَ›.‏

وَعَدَ مُوسَى فِرْعَوْن أَنَّهُ لَنْ يَرَاهُ مَرَّةً ثَانِيَةً.‏ وَلٰكِنْ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ،‏ قَالَ لَهُ:‏ ‹فِي نِصْفِ ٱللَّيْلِ،‏ سَيَمُوتُ ٱلِٱبْنُ ٱلْبِكْرُ فِي كُلِّ بُيُوتِ مِصْر،‏ مِنِ ٱبْنِ فِرْعَوْن إِلَى ٱبْنِ ٱلْخَادِمَةِ›.‏

وَأَوْصَى يَهْوَه ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ:‏ ‹اِذْبَحُوا خَرُوفًا أَوْ تَيْسًا عُمْرُهُ سَنَةٌ.‏ وَضَعُوا مِنْ دَمِهِ عَلَى ٱلْإِطَارِ ٱلَّذِي حَوْلَ أَبْوَابِ بُيُوتِكُمْ.‏ ثُمَّ ٱشْوُوا ٱللَّحْمَ،‏ وَكُلُوهُ مَعَ خُبْزٍ بِلَا خَمِيرَةٍ.‏ وَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلذَّهَابِ،‏ لَابِسِينَ ثِيَابَكُمْ وَأَحْذِيَتَكُمْ.‏ فَفِي هٰذِهِ ٱللَّيْلَةِ،‏ أُحَرِّرُكُمْ مِنْ مِصْر›.‏ تَخَيَّلْ كَمْ كَانَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ فَرْحَانِينَ وَهُمْ يَسْتَعِدُّونَ لِلذَّهَابِ!‏

وَفِي نِصْفِ ٱللَّيْلِ،‏ مَرَّ مَلَاكُ يَهْوَه أَمَامَ كُلِّ بَيْتٍ فِي مِصْر.‏ فَقَتَلَ ٱلِٱبْنَ ٱلْبِكْرَ فِي كُلِّ بَيْتٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى إِطَارِ بَابِهِ دَمٌ.‏ لٰكِنَّهُ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ عَلَى ٱلِٱبْنِ ٱلْبِكْرِ فِي ٱلْبُيُوتِ ٱلَّتِي رَأَى دَمًا حَوْلَ أَبْوَابِهَا.‏ فَمَاتَ ٱلِٱبْنُ ٱلْبِكْرُ فِي كُلِّ عَائِلَةٍ مِصْرِيَّةٍ،‏ غَنِيَّةٍ وَفَقِيرَةٍ.‏ وَلٰكِنْ لَمْ يَمُتْ وَلَا وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ.‏

وَهَلْ مَاتَ ٱبْنُ فِرْعَوْن؟‏ نَعَمْ مَاتَ هُوَ أَيْضًا.‏ فَلَمْ يَعُدْ فِرْعَوْن يَقْدِرُ أَنْ يَتَحَمَّلَ.‏ وَقَالَ لِهَارُون وَمُوسَى:‏ ‹هَيَّا!‏ اُخْرُجَا ٱلْآنَ مِنْ مِصْر أَنْتُمَا وَشَعْبُكُمَا!‏ اِذْهَبُوا وَٱعْبُدُوا إِلٰهَكُمْ.‏ خُذُوا حَيَوَانَاتِكُمْ وَٱرْحَلُوا!‏›.‏

وَلَمَّا خَرَجَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ مِنْ مِصْر،‏ كَانَ ٱلْقَمَرُ بَدْرًا أَيْ كَامِلًا.‏ وَخَرَجُوا بِتَرْتِيبٍ،‏ كُلُّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَائِلَتِهِ وَسِبْطِهِ.‏ وَكَانُوا ٠٠٠‏,٦٠٠ رَجُلٍ إِسْرَائِيلِيٍّ،‏ مَا عَدَا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْأَوْلَادِ.‏ وَذَهَبَ مَعَهُمْ أَيْضًا كَثِيرُونَ لَيْسُوا مِنَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ،‏ لٰكِنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَعْبُدُوا يَهْوَه.‏ وَأَخِيرًا،‏ لَمْ يَعُدِ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ عَبِيدًا!‏

وَكُلَّ سَنَةٍ فِي مِثْلِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ،‏ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَأْكُلَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱلطَّعَامَ نَفْسَهُ لِيَتَذَكَّرُوا كَيْفَ خَلَّصَهُمْ يَهْوَه.‏ وَصَارَ ذٰلِكَ عِيدًا عِنْدَهُمْ يُدْعَى عِيدَ ٱلْفِصْحِ.‏

أَخْبَرَ ٱلْمِصْرِيُّونَ فِرْعَوْن أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ رَحَلُوا مِنْ مِصْرَ.‏ فَقَالَ لِجُنُودِهِ:‏ ‹مَا كَانَ يَجِبُ أَنْ نَدَعَهُمْ يَذْهَبُونَ!‏ حَضِّرُوا كُلَّ ٱلْمَرْكَبَاتِ ٱلْحَرْبِيَّةِ لِنَلْحَقَهُمْ!‏›.‏ فَذَهَبَ فِرْعَوْن وَرِجَالُهُ وَرَاءَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ.‏

وَكَانَ يَهْوَه يَقُودُ شَعْبَهُ.‏ فَجَعَلَ عَمُودَ غَيْمٍ وَنَارٍ يَدُلُّهُمْ عَلَى ٱلطَّرِيقِ فِي ٱلنَّهَارِ وَفِي ٱللَّيْلِ.‏ فَأَوْصَلَهُمْ يَهْوَه إِلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَر،‏ وَقَالَ لَهُمْ أَنْ يُخَيِّمُوا هُنَاكَ.‏

بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ رَأَى ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ فِرْعَوْن وَجَيْشَهُ يَلْحَقُونَهُمْ.‏ وَصَارُوا عَالِقِينَ بَيْنَ ٱلْبَحْرِ وَجَيْشِ فِرْعَوْن.‏ فَصَرَخُوا إِلَى مُوسَى:‏ ‹مَاذَا فَعَلْتَ بِنَا؟‏!‏ لِمَاذَا أَخْرَجْتَنَا مِنْ مِصْر؟‏ سَنَمُوتُ هُنَا!‏›.‏ لٰكِنَّ مُوسَى قَالَ لَهُمْ:‏ ‹لَا تَخَافُوا.‏ اُنْظُرُوا كَيْفَ سَيُخَلِّصُنَا يَهْوَه›.‏ فَمُوسَى كَانَ يَثِقُ بِيَهْوَه كَثِيرًا!‏

ثُمَّ قَالَ يَهْوَه لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَفُكُّوا خِيَامَهُمْ وَيَسْتَعِدُّوا.‏ وَفِي ٱللَّيْلِ،‏ نَقَلَ يَهْوَه عَمُودَ ٱلْغَيْمِ ٱلَّذِي كَانَ أَمَامَهُمْ،‏ وَوَضَعَهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْمِصْرِيِّينَ.‏ فَصَارَ عِنْدَ ٱلْمِصْرِيِّينَ عَتْمَةٌ،‏ وَعِنْدَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ضَوْءٌ.‏

وَطَلَبَ يَهْوَه مِنْ مُوسَى أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ صَوْبَ ٱلْبَحْرِ.‏ ثُمَّ جَعَلَ رِيحًا قَوِيَّةً جِدًّا تَهُبُّ عَلَى ٱلْبَحْرِ كُلَّ ٱللَّيْلِ.‏ فَٱنْشَقَّتْ مِيَاهُ ٱلْبَحْرِ إِلَى قِسْمَيْنِ،‏ وَصَارَ هُنَاكَ طَرِيقٌ بَيْنَهُمَا.‏ فَمَشَى مَلَايِينُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ عَلَى أَرْضِ ٱلْبَحْرِ ٱلْجَافَّةِ،‏ وَكَانَتِ ٱلْمِيَاهُ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ شِمَالِهِمْ مِثْلَ حِيطَانٍ عَالِيَةٍ،‏ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى ٱلْجِهَةِ ٱلثَّانِيَةِ مِنَ ٱلْبَحْرِ.‏

وَلَحِقَ جَيْشُ فِرْعَوْن بِٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ عَلَى أَرْضِ ٱلْبَحْرِ.‏ فَسَبَّبَ يَهْوَه فَوْضَى بَيْنَ جَيْشِ فِرْعَوْن،‏ وَخَلَعَ عَجَلَاتِ مَرْكَبَاتِهِمْ.‏ فَصَرَخُوا:‏ ‹هَيَّا نَهْرُبُ!‏ يَهْوَه يُحَارِبُ عَنْهُمْ!‏›.‏

فَقَالَ يَهْوَه لِمُوسَى:‏ ‹مُدَّ يَدَكَ صَوْبَ ٱلْبَحْرِ›.‏ وَلَمَّا مَدَّ مُوسَى يَدَهُ،‏ رَجَعَ ٱلْبَحْرُ مِثْلَمَا كَانَ مِنْ قَبْلُ وَغَطَّتْ مِيَاهُهُ ٱلْمِصْرِيِّينَ.‏ فَمَاتَ فِرْعَوْن وَكُلُّ رِجَالِهِ.‏ لَمْ يَبْقَ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ.‏

وَعَلَى ٱلضِّفَّةِ ٱلْأُخْرَى لِلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ،‏ بَدَأَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ يَشْكُرُونَ ٱللّٰهَ وَيُغَنُّونَ:‏ ‹رَنِّمُوا لِيَهْوَه لِأَنَّهُ ٱنْتَصَرَ ٱنْتِصَارًا عَظِيمًا.‏ رَمَى فِي ٱلْبَحْرِ ٱلْحِصَانَ وَٱلرَّاكِبَ عَلَيْهِ›.‏ وَفِيمَا كَانَ ٱلشَّعْبُ يُرَنِّمُونَ،‏ عَزَفَتِ ٱلنِّسَاءُ عَلَى ٱلدُّفُوفَ وَبَدَأْنَ يَرْقُصْنَ.‏ فَٱلْكُلُّ كَانُوا فَرْحَانِينَ جِدًّا لِأَنَّهُ‍مْ تَحَرَّرُوا أَخِيرًا.‏