مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ملاوي
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٩
    • في تلك المرحلة وجد شهود يهوه في ملاوي لأول مرة انفسهم متورطين في ما وصفته لاحقا سان فرانسيسكو اكزامينر (‏الصادرة في الولايات المتحدة الاميركية)‏،‏ بأنه «حرب دينية .‏ .‏ .‏ حرب من جانب واحد،‏ تتواجه فيها القوة مع الايمان».‏ لم يكن شهود يهوه مَن اعلن الحرب.‏ فهم،‏ انسجاما مع تعاليم الكتاب المقدس،‏ يظهرون الاحترام للقادة الدنيويين ويدفعون بضمير حي ضرائبهم.‏ (‏لوقا ٢٠:‏١٩-‏٢٥؛‏ روما ١٣:‏١-‏٧‏)‏ ولكن لأن يسوع المسيح قال ان اتباعه لن يكونوا «جزءا من العالم»،‏ يحافظ شهود يهوه ايضا على موقف الحياد التام في ما يتعلق بحروب الامم وشؤونهم السياسية.‏ —‏ يوحنا ١٧:‏١٦؛‏ اعمال ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      وفيما سرت حمى تسجيل الناخبين في البلد،‏ مارس الشهود حقهم في ألا يتسجَّلوا.‏ ولكن عندما لاحظ رسميون حزبيون موقفهم الحيادي انفجر اضطهاد عنيف.‏ وبُذلت الجهود لاجبار الشهود على تغيير رأيهم وشراء بطاقات عضوية في الحزب.‏ وخلال هذه الفترة كانت التقارير الواردة الى مكتب الفرع تظهر ان اكثر من ١٠٠ قاعة ملكوت وأكثر من ٠٠٠‏,١ بيت لاخوتنا أُحرقت او دُمِّرت.‏ وأُشعلت النار في مئات الحقول ومخازن الحبوب.‏ ومن المؤسف ان عائلات كثيرة من شهود يهوه وجدوا انفسهم نتيجة لذلك دون طعام او مأوى.‏ وفرّ البعض انقاذا لحياتهم الى موزمبيق المجاورة.‏ وتعرَّض كثيرون لضرب مبرِّح.‏ ومنهم كِنيث تشيمبازا،‏ ناظر جائل.‏ وقد مات بعد سنوات قليلة من معاناته سوء معاملة كهذه،‏ ومن الواضح ان ذلك كان بسبب الاذى الذي تحمّله.‏

  • ملاوي
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٩
    • جهود لتوضيح موقفنا

      بازدياد حدة الحوادث الخطيرة،‏ عملت الجمعية جاهدة على جعل السلطات توقف الاضطهاد.‏ فجرى الاتصال بمكتب رئيس الوزراء،‏ وسُمح بمقابلة مع الدكتور باندا في ٣٠ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٦٤.‏ وفي هذه المناسبة،‏ تمكَّن جاك يوهانسن من توضيح موقف شهود يهوه الحيادي،‏ مؤسسا مناقشته على روما الاصحاح ١٣‏.‏ فبدا رئيس الوزراء مسرورا بما قيل،‏ وعندما غادر الاخ يوهانسن،‏ شكره الدكتور باندا كثيرا.‏

      ولكن بعد اربعة ايام فقط،‏ شُنَّ هجوم على فريق من الشهود في منطقة مولانجي.‏ فمات ألَتون مواتْشانْدي ميتة شنيعة.‏ وأُطلق سهم نحو عنق مونى مويواولا،‏ شاهدة مسنة،‏ وتُركت لتموت.‏ والجدير بالملاحظة ان هذه الاخت نجت من الموت واستُخدمت شهادتها في وقت لاحق لمحاكمة المشاغبين.‏ وعندما وصلت اخبار هذا الحادث المريع الى مكتب الفرع،‏ أُرسلت برقية مستعجلة الى مكتب رئيس الوزراء.‏

      عُقد اجتماع آخر نتيجة لذلك مع الدكتور باندا واثنين من وزرائه في ١١ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٦٤.‏ وقد رافق هارولد ڠاي وألكسندر مافَمبانا جاك يوهانسن.‏ لكن هذه المرة كان الجو مختلفا.‏ قال الدكتور باندا ملوِّحا بالبرقية:‏ «سيد يوهانسن،‏ ما معنى ارسالك برقية كهذه؟‏» حاول الاخوة بهدوء ان يؤكدوا لرئيس الوزراء موقفنا الحيادي وإطاعتنا قوانين البلد.‏ لكنَّ رئيس الوزراء ووزيريه حاجوا ان شهود يهوه كانوا يستفزون عمدا مهاجميهم.‏ فانتهى الاجتماع بشكل سلبي،‏ بلوم شهود يهوه على الوضع المتأزم في البلد.‏ حتى ان الاخ يوهانسن هُدِّد بترحيله فورا.‏ ولكن يبدو ان غضب الدكتور باندا كان منصبّا اكثر على عدم كفاءة وزيريه اللذين عجزا عن تقديم برهان قوي على الاستفزاز الذي قام به شهود يهوه.‏

      ومن المثير للاهتمام انه في المحاكمة التي تلت مقتل الاخ مواتْشانْدي،‏ لم يجد القاضي بالنيابة السيد ل.‏ م.‏ إ إميجولو ايّ دليل على ان شهود يهوه استفزوا بطريقة ما مهاجميهم،‏ كما ادَّعت الحكومة.‏ ذكر القاضي:‏ «لا اجد دليلا على الاستفزاز.‏ صحيح ان شهود يهوه نشروا بتصميم ايمانهم وسعوا الى كسب مهتدين،‏ لكنهم كانوا يعون واجباتهم المدنية ويقومون بكل ما يُطلب منهم .‏ .‏ .‏ لقد رفضوا فقط الانضمام الى ايّ حزب سياسي».‏

      اذ خمدت حماسة تسجيل الناخبين،‏ دعا رئيس الوزراء الى السلام والهدوء في البلد.‏ قال:‏ «لا مشاكل مع الاوروپيين،‏ الشرطة،‏ الهنود،‏ وحتى مع شهود يهوه.‏ سامحوهم».‏ وفي تموز (‏يوليو)‏ ١٩٦٤،‏ في غمرة الحماس الشديد،‏ اصبحت مستعمرة نياسالَند جمهورية مستقلة وتغيَّر اسمها الى ملاوي.‏ وانتهى الاضطهاد اخيرا لكنه كان قد أودى بحياة ثمانية من خدام يهوه الذين ماتوا ميتة عنيفة.‏

  • ملاوي
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٩
    • الحالة تتأزم مجددا

      بعد مقرَّر لغوي قصير،‏ عيِّن كيث إيتُن وزوجته آن في العمل الجائل.‏ في البداية،‏ حظيا بمساعدة حبية من كِنيث تشيمبازا وعائلته.‏ وإذ كان مايِمبا الحدث مستعدا دائما للمساعدة كان يفرح خصوصا بحمل حقيبة الاخ إيتُن المخصصة للشهادة حينما كانا يشتركان معا في خدمة الحقل.‏

      وفي نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٦٧ عندما كان الاخ إيتُن يخدم في محفل دائري في قرية تامبو في منطقة پالومبي،‏ سمع برنامجا اذاعيا اقلقه.‏ كان الدكتور باندا يتّهم شهود يهوه باستفزازهم عمدا مسؤولين في الحزب وأعضاء من حركات الشباب المعروفة بـ‍ «روّاد ملاوي الشباب» و «رابطة شباب ملاوي».‏ وادَّعى ايضا ان الشهود لم يرفضوا ان يشتروا بطاقات عضوية في الحزب فحسب بل حثّوا الآخرين ايضا ألّا يشتروا.‏

      وكما حدث في سنة ١٩٦٤،‏ دُفعت مسألة البطاقات الحزبية الى الواجهة.‏ ومع ان شراء هذه البطاقات كان اختياريا،‏ كان المسؤولون الحزبيون يعتبرون انه من المحقِّر رفض شرائها.‏ وقيل لاحقا ان شراء بطاقة كان «طريقة يمكننا بها ان نظهر نحن،‏ شعب هذا البلد،‏ التقدير لـ‍ [الدكتور باندا] لإنمائه هذا البلد،‏ ملاوي».‏ وإذ اغتاظ المسؤولون الحزبيون من موقف شهود يهوه الثابت من المسألة،‏ استأنفوا جهودهم لاجبار الاخوة على الخضوع.‏ وبدأت من جديد ترِد الى الفرع تقارير عن مضايقات وضرب.‏

      وفي احدى المناسبات،‏ طلب بعض المسؤولين الحزبيين من مالكوم ڤيڠو ان يزور اخا من جماعة جومبي كان قد اعتُقل لرفضه شراء بطاقة حزبية.‏ وقبل ان يدخل الاخ ڤيڠو الى الغرفة صلى بصمت.‏ فقد كان واضحا من البداية ان هؤلاء المسؤولين كانوا يأملون ان يقول لهم الاخ ڤيڠو ان جمعية برج المراقبة اوضحت لاتباعها انه من الخطإ شراء بطاقات حزبية.‏ وبدلا من ذلك،‏ شدَّد ان الجمعية لا تقول لأحد ما يجب فعله وأن كل شخص يجب ان يتَّخذ قراره الشخصي في المسألة.‏ لم يُسعد هذا التوضيح المسؤولين الحزبيين.‏ وكانت الاسئلة تنهمر من كل الاتجاهات.‏ وبسبب توقهم الى الايقاع به،‏ كانوا يطرحون سؤالا آخر حتى قبل ان يجيب الاخ ڤيڠو عن السؤال السابق.‏ وبعد ساعتين من الاستجواب،‏ أُطلق سراح الاخ اخيرا.‏ ولم تُشترَ اية بطاقة حزبية.‏

      الحظر!‏

      بلغت الحالة ذروتها في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٦٧ اثناء المؤتمر السنوي الذي عقده الحزب الحاكم،‏ حزب الكونڠرس في ملاوي.‏ وأحد القرارات التي أُقرّت هناك ذكر:‏ «[نحن] نوصي بشدة باعتبار طائفة شهود يهوه غير شرعية في هذا البلد».‏ والسبب؟‏ ذكر القرار:‏ «انها تعرِّض للخطر استقرار السلام والهدوء الذي هو اساسي لسلاسة تقدُّم دولتنا».‏ ثم اعلن الرئيس في خطابه الختامي امام المؤتمر:‏ «شهود يهوه يسببون المشاكل في كل مكان.‏ لذلك أَقرّ المؤتمر امس قرارا يقضي بضرورة حظر شهود يهوه.‏ ويمكنني ان اؤكد لكم ان الحكومة ستنظر حتما في المسألة بسرعة فائقة».‏

      هل كان شهود يهوه حقا ‹خطرا على استقرار ملاوي›؟‏ كلا!‏ فقد وصف احد المعلقين لاحقا الشهود في ملاوي بأنهم «مواطنون نموذجيون،‏ يواظبون على دفع ضرائبهم،‏ يعتنون بالمرضى،‏ ويكافحون الأميّة».‏ لكنَّ الحكومة ‹نظرت [فعلا] في المسألة بسرعة فائقة›.‏ وسرعان ما وُقِّع امر اداري يفرض حظرا،‏ وصار ساري المفعول في ٢٠ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٦٧.‏ وأُشعرت الامة بكاملها بواسطة عنوان رئيسي في صحيفة مطبوع بحرف اسود ثخين:‏ «ملاوي تحظر بدعة ‹خطرة›».‏ ومع انه ذُكر ان الاجراء اتُّخذ لأن شهود يهوه «يشكِّلون خطرا على حكومة ملاوي الصالحة»،‏ كان واضحا ان السبب الحقيقي هو رفضهم شراء بطاقات عضوية في الحزب.‏ وانسجاما مع قناعاتهم الراسخة المؤسسة على الكتاب المقدس،‏ اختار شهود يهوه ان ‹يطيعوا اللّٰه اكثر من الناس›.‏ —‏ اعمال ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      الاستعداد المسبق له فوائده

      قبل ان يُفرض الحظر،‏ ادرك الاخوة في مكتب الفرع ان ثمة اجراء رسميا كان سيُتَّخذ بحق شهود يهوه.‏ ومع انهم لم يتوقعوا حظرا تاما،‏ بدأوا باتخاذ تدابير وقائية.‏ فعُقدت اجتماعات خصوصية في انحاء مختلفة من البلد لمنح التوجيه والتشجيع لنظار الدوائر والكور.‏ وأُعطيت خطوط ارشادية عملية تتعلق باجتماعات الجماعة،‏ خدمة الحقل،‏ مخزون المطبوعات،‏ وإرسال الرسائل.‏ وبازدياد الحالة سوءا تبرهن ان هذه المعلومات لا تقدَّر بثمن.‏

      اتَّبعت الجماعات باجتهاد الاقتراحات فيما كانت تتوارد اليها تدريجيا.‏ ولم تعد اية نماذج للجمعية تستعمل.‏ وبدلا من ذلك،‏ كانت تقارير خدمة الجماعة تكتب على ورقة عادية وترسل الى مكتب الفرع بواسطة سعاة.‏ وتغيَّرت اوقات الاجتماع وفق حاجات كل جماعة.‏ فقررت احدى الجماعات ان تدير اجتماعاتها عند الساعة الخامسة والنصف صباح الاحد،‏ قبل ان يستفيق سكان القرية.‏ أما بالنسبة الى العمل الكرازي،‏ فلا يمنع ايّ حظر شهود يهوه من نشر بشارة الملكوت.‏ وتماما كما كانت الحالة ايام الرسل،‏ اتَّخذ اخوتنا واخواتنا الامناء هذا الموقف:‏ «لا نقدر ان نكفَّ عن التكلم بما رأينا وسمعنا».‏ —‏ اعمال ٤:‏٢٠‏.‏

      وقبيل الحظر،‏ تلقى مكتب الفرع معلومات من مصدر موثوق به تفيد ان الجريدة الرسمية كانت تستعد لاعلان حظر على شهود يهوه.‏ لذلك،‏ نقل الاخوة بسرعة كل الملفات والوثائق المهمة،‏ حتى بعض التجهيزات،‏ الى بيوت اخوة عديدين.‏ وشُحنت ايضا كميات كبيرة من مخزون المطبوعات من الفرع الى الجماعات في كل انحاء البلد.‏ ووضعت احدى الجماعات الكتب داخل صفيحتَي زيت كبيرتَين لتحمي هذا الطعام الروحي القيِّم،‏ وطمرتها كي تستعملها في وقت لاحق.‏ وعندما وصلت الشرطة اخيرا الى الفرع في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ لتصادر الاملاك،‏ بدا انها فوجئت بالكمية القليلة جدا من المطبوعات،‏ والملفات والتجهيزات.‏

      ترحيل المرسلين

      كما كان متوقَّعا،‏ أُمر المرسلون الاجانب بمغادرة البلد.‏ ولكن قبل رحيلهم فعلوا كل ما في وسعهم لتقوية الاخوة والاخوات الاعزاء جدا عليهم.‏ فزار مالكوم ڤيڠو الاخوة الذين دمَّر المشاغبون بيوتهم ومنحهم التشجيع.‏ وكان احدهم فينلي موينْييري،‏ وهو ناظر دائرة.‏ قال الاخ ڤيڠو:‏ «عندما وصلنا رأينا الاخ موينْييري واقفا ينظر الى بيته المحروق.‏ كانت الروح التي اظهرها مشجعة.‏ فقد كانت رغبته ان يعود فورا ويقوي الآخرين في دائرته الذين عانوا المشاكل.‏ فلم يكن مهتما اكثر من اللازم بخسارته الشخصية».‏

      وسافر الاخ جاك يوهانسن الى شمال ليلونڠواي ليزور نحو ٠٠٠‏,٣ اخ وأخت كانوا محتجَزين.‏ وتمكن من التحدث الى كثيرين منهم وتشجيعهم.‏ وكانوا لا يزالون بحالة نفسية جيدة.‏ وفي الواقع،‏ رحل وهو يشعر بالانتعاش ووصف الامر بأنه اختبار مقوٍّ للايمان.‏ وأَخبر ضابط مسؤول في وقت لاحق الاخ يوهانسن ان الوضع حرج.‏ وذكر الضابط،‏ متحدثا عن مجرد نتيجة واحدة للحظر،‏ انه عندما تتعطل الامدادات الكهربائية في ليلونڠواي،‏ فعلى الارجح لن يجري اصلاحها ابدا،‏ لأن افضل العمال والاكثر اعتمادا عليهم كانوا في السجن!‏

      لم يترك المرسلون الاجانب الثمانية ملاوي طوعا.‏ فبالنسبة اليهم لم يقوموا بأيّ عمل خاطئ.‏ وقد أُخذت عائلة شارپ وعائلة يوهانسن مباشرة الى المطار بمواكبة الشرطة ووُضعوا في طائرة تغادر البلد.‏ أما العائلتان الاخريان فقد أُخذتا الى سجن تشيتشيري في بلانتاير،‏ حيث قضوا بضع ليالٍ —‏ مالكوم وكيث في زنزانة وليندا لويز وآن في زنزانة اخرى.‏ ثم بمواكبة الشرطة أُخذوا الى المطار ورُحِّلوا الى موريشيوس.‏ اخيرا أُعيد تعيين عائلة ڤيڠو وعائلة يوهانسن في كينيا وعائلة إيتُن في روديسيا.‏

      بقلوب حزينة ترك المرسلون وراءهم اخوتهم وأخواتهم الاعزاء.‏ لكنَّ الشهود الملاويين لم يُتركوا دون مساعدة.‏ فقد كان هنالك رعاة روحيون،‏ نظار محبون في ٤٠٥ جماعات في كل انحاء البلد.‏ (‏اشعياء ٣٢:‏٢‏)‏ وقد اشرف ألكس مافَمبانا على العمل محليا،‏ ونُقل الاشراف على الحقل في ملاوي الى فرع زمبابوي (‏التي كانت تدعى آنذاك روديسيا)‏.‏ وفي السنوات التالية،‏ رتَّب الفرع في هاراري،‏ زمبابوي،‏ ان يسافر نظار الدوائر الملاويون وآخرون ممَّن يأخذون القيادة الى زمبابوي لحضور محافل كورية ومقررات منعشة.‏ وبواسطة هؤلاء الاخوة الامناء،‏ كانت برامج المحافل الدائرية والكورية تُنقل الى الجماعات.‏

      موجة جديدة من الاعمال الوحشية

      لكن ما ان شاع الحظر حتى قاد مسؤولون وأعضاء حزبيون في «روّاد ملاوي الشباب» و «رابطة الشباب» موجة جديدة من الاضطهاد المريع.‏ وكانت الشرطة والمحاكم،‏ التي اظهرت احيانا تعاطفا،‏ عاجزة عن ايقاف العنف بعدما صُنِّف شهود يهوه بأنهم غير شرعيين في البلد.‏

      وإذ اشتد الاضطهاد،‏ دُمِّرت في كل انحاء البلد قاعات ملكوت،‏ بيوت،‏ مخازن حبوب،‏ ومحلات شهود يهوه.‏ حتى انه في بعض الاماكن وصل المهاجمون بالشاحنات لأخذ ممتلكات الشهود.‏ وفي حين ان قيمة هذه الخسارة ربما كانت من الناحية المادية زهيدة،‏ فقد كانت بالنسبة الى اخوتنا واخواتنا الملاويين كل ما يملكونه.‏

      ووردت ايضا تقارير عن اعمال ضرب من كل انحاء ملاوي.‏ وقد ألحق الاضطهاد ببعض اخواتنا العزيزات اذى شديدا.‏ فقد وردت تقارير كثيرة عن اغتصاب،‏ تشويه وضرب نساء مسيحيات.‏ ولم يكن المهاجمون الساديون يرحمون احدا.‏ فالمسنّون والصغار وحتى بعض الاخوات الحوامل عانين هذا التعذيب الوحشي.‏ وأجهضت بعضهن تلقائيا نتيجة لذلك.‏ ومجددا،‏ أُجبر الآلاف على الهرب من قراهم.‏ ووجد كثيرون ملجأ في الدغل.‏ وذهب آخرون وقتيا الى موزمبيق المجاورة.‏ وبحلول نهاية تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٦٧ حصدت موجة الهجوم الوحشية على شهود يهوه حياة خمسة آخرين على الاقل.‏

      ردّ الفعل على الحظر

      حتى الضربات الوحشية لم تردع شهود يهوه.‏ ولم يساير الا قليلون.‏ سامسُن كُمبانييوا،‏ هو احد الذين دُمرت بيوتهم وأثاثهم،‏ ومُزقت كل ثيابه لكنَّ ايمانه لم يفنَ.‏ وباقتناع قال:‏ «‏اعلم اني لست وحدي ابدا،‏ وأن يهوه حماني».‏ ان استقامة رجال ونساء الايمان هؤلاء هي مفخرة ليهوه —‏ جواب عن سخرية الشيطان:‏ «كل ما للانسان يعطيه لأجل نفسه».‏ —‏ ايوب ٢:‏٤‏.‏

      ايقظ الاضطهاد ايضا بعض المستقيمي القلوب في ملاوي.‏ وذلك انسجاما مع ما تنبأ به يسوع المسيح نفسه.‏ فبعد ان حذَّر اتباعه انهم سيُضطهدون ويُساقون ايضا امام الحكام،‏ ختم بهذه الكلمات المشجعة:‏ «فيؤول بكم ذلك الى تأدية شهادة».‏ —‏ لوقا ٢١:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

      ثمة زوج،‏ كان لبعض الوقت يقاوم نشاط زوجته كشاهدة،‏ جرت مساعدته على رؤية المسائل بوضوح اكثر بسبب الاضطهاد.‏ فذات صباح،‏ بعد اقل من اسبوعين من فرض الحظر،‏ نزل رعاع الى منزله.‏ وكانوا يعرفون ان الرجل لم يكن شاهدا،‏ فصاحوا انهم اتوا من اجل زوجته فقط.‏ في البداية لم يفتح الباب.‏ ولكن بعد ان هدَّدوا بحرق البيت بكل مَن فيه،‏ ادخلهم مكرها.‏ وسرعان ما وجد نفسه مكبَّلا بالسلاسل وأُمر ان يشتري بطاقة حزبية.‏ ادرك عندئذ ان زوجته كانت فعلا تنتمي الى الدين الحقيقي.‏ فرفض ان يشتري بطاقة ذلك اليوم،‏ مما ادى الى ضربه وزوجته.‏ ولكن مباشرة بعد ذلك،‏ بدأ يدرس الكتاب المقدس.‏ وفي السنة التالية نذر هذا الرجل حياته ليهوه،‏ منضما الى زوجته كخادم ليهوه.‏

      ومن داخل ملاوي وخارجها على السواء،‏ عبَّر الناس عن قلقهم حيال ما كان يحدث للمسيحيين الابرياء.‏ وسُمع البعض يقولون:‏ «الآن،‏ وبعد ان حُظر شعب اللّٰه في بلدنا،‏ عرفنا انه لا بد اننا نقترب من نهاية العالم»!‏ وأثارت المقالات التي ظهرت في اعداد شباط (‏فبراير)‏ ١٩٦٨ من برج المراقبة و استيقظ!‏ صرخة عامة من حول العالم.‏ وانهمرت آلاف الرسائل التي تعبِّر عن الغضب والتي تحث الحكومة على اتِّخاذ اجراء لايقاف الاعمال الوحشية.‏ وفي بعض مكاتب البريد،‏ لزمت مساعدة اضافية للاهتمام بهذا الدفق البريدي المفاجئ.‏ فقد كان ردّ الفعل العالمي حيال هذا الوضع شديدا واستمر فترة طويلة حتى ان الرئيس اصدر اخيرا مرسوما يقضي بضرورة ايقاف الاضطهاد.‏ وفي وقت لاحق قال الدكتور باندا ايضا انه لا ينبغي اجبار احد على شراء بطاقة عضوية في الحزب.‏ قال:‏ «اريد ان يكون الناس احرارا في تجديد البطاقات،‏ ان يفعلوا ذلك من كل قلبهم،‏ لا ان يُجبروا على ذلك».‏ عندئذ بدأت موجة اخرى من الاضطهاد تخمد تدريجيا.‏ فسمح ذلك بعودة بعض اخوتنا الى بيوتهم ومتابعة العمل المهم للكرازة بالبشارة —‏ انما باستخدام وسائل اقل لفتًا للنظر،‏ لأن الحظر لم يكن قد رُفع.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة