مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • قوة الصحافة ونفوذها
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • قوة الصحافة ونفوذها

      بعدما اطاحت الحرب العالمية الاولى بالحكم الملكي في المانيا،‏ تسلَّمت حكومة اشتراكية ديموقراطية زمام السلطة في برلين.‏ بعد ذلك،‏ حاول الشيوعيون اسقاط هذه الحكومة الجديدة.‏ وشعر الشيوعيون والحكومة كلاهما ان التحكم في الصحافة لا يعني التحكم في الرأي العام فقط،‏ بل ايضا في الناس انفسهم.‏ وهكذا بدأ صراع حامٍ لوضع اليد على الصحافة.‏

      على مر القرون القليلة الماضية،‏ صاغت الصحف الثقافات وأثرت في سياسات الدول،‏ كما لعبت دورا مهما في الحركة التجارية والحياة اليومية لملايين الاشخاص.‏ فأي دور تلعبه في حياتك؟‏

      عام ١٦٠٥،‏ شهدت المانيا ولادة اول صحيفة في اوروبا.‏ واليوم،‏ في بعض الاماكن،‏ تبلغ نسبة الذين يقرأون الصحف يوميا ٧٥ في المئة تقريبا ممّن يتعدى عمرهم الـ‍ ١٤ سنة.‏ ففي النروج مثلا،‏ يُطبع اكثر من ٦٠٠ نسخة من الصحف اليومية لكل ١٠٠٠ نسمة،‏ في حين لا يتعدى هذا المعدل في بعض البلدان النامية الـ‍ ٢٠ نسخة لكل ١٠٠٠ شخص.‏ وحول العالم،‏ يصدر ما مجموعه ٠٠٠‏,٣٨ صحيفة تقريبا لإشباع نهم القراء.‏

      حيثما نذهب في العالم نجد صحفا تعلمنا بالمستجدات الهامة على الساحة العالمية.‏ لكنّ دورها لا يتوقف عند هذا الحد.‏ فهي تزوّد القراء بمعلومات تساهم في صوغ آراء العديد منهم.‏ يقول ديتر اوفِنهُويْزِر من اللجنة الالمانية التابعة لليونسكو:‏ «ان قراءتنا اليومية للصحف،‏ .‏ .‏ .‏ تؤثر .‏ .‏ .‏ في مواقفنا،‏ سلوكنا،‏ حتى في قيمنا الاخلاقية الاساسية».‏

      ويقول المؤرخون ان الصحف أثارت الحروب ودعمتها وبرّرتها.‏ ويذكرون مثالا لذلك الحرب الفرنسية البروسية (‏١٨٧٠-‏١٨٧١)‏،‏ الحرب الاسبانية الاميركية (‏١٨٩٨)‏،‏ وحرب فيتنام (‏١٩٥٥-‏١٩٧٥)‏.‏ وكم من رجل اعمال وعالم وفنان وسياسي حلت بهم الكارثة جراء فضيحة تداولتها الصحف على صفحاتها!‏ ففي فضيحة ووترڠيت المشهورة التي شهدتها اواسط سبعينات القرن العشرين،‏ اثارت الصحافة المتخصصة في تقصي الحقائق سلسلة من الاحداث اجبرت الرئيس الاميركي ريتشارد م.‏ نكسون على الاستقالة.‏ نعم،‏ سواء كان للصحافة تأثير ايجابي ام سلبي،‏ يمكن ان تشكل قوة نافذة يُحسب لها حساب.‏

      ولكن كيف اصبح للصحف هذا التأثير؟‏ الى اي مدى يمكن الوثوق بما تقدمه لنا؟‏ وأية محاذير يلزم اخذها بعين الاعتبار لنستفيد من قراءتها؟‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      حرب برلين للسيطرة على الصحافة عقب الحرب العالمية الاولى

  • تلبية الطلب على الانباء
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • تلبية الطلب على الانباء

      منذ نحو ٢٠٠٠ سنة،‏ ذكر المؤرخ لوقا:‏ «كان الاثينيون كلهم،‏ والاجنبيون المقيمون وقتيا هناك،‏ لا يقضون اوقات فراغهم إلّا في قول وسماع ما هو جديد».‏ (‏اعمال ١٧:‏٢١‏)‏ وقبل ذلك بقرن كانت الحكومة الرومانية،‏ شعورا منها بنهم الناس لتلقُّف الاخبار،‏ قد بدأت تعرض في اماكن بارزة نشرات يومية سُمِّيت أكتا دِيورنا.‏

      بحلول القرن السابع،‏ كانت الصين تُصدر اول صحيفة مطبوعة في العالم،‏ ودُعيت ديباو (‏پاو‏)‏‏.‏ اما في اوروبا،‏ حيث كان معظم الناس اميِّين،‏ فقد انتشرت الروايات عن الحروب،‏ المآ‌سي،‏ الجرائم،‏ ومسائل اخرى نقلا عن لسان رواة القصص الجائلين.‏ ولاحقا،‏ صارت تُباع في الاسواق والمعارض نسخ يدوية ونسخ مطبوعة بقوالب خشبية مصوَّرة من الاوراق الإخبارية التي تتناول مواضيع كهذه.‏

      مع مرور الوقت،‏ صارت المؤسسات التجارية تغني رسائلها بنبذات إخبارية مهمة.‏ وفي النهاية،‏ صارت هذه النبذات تُدرج في ورقة اضافية يمكن تداولها.‏

      ولادة الصحف

      في مطلع القرن السابع عشر،‏ بدأت صحيفتان المانيتان تصدران بانتظام.‏ ففي عام ١٦٠٥،‏ صدرت صحيفة سرد الاخبار (‏Relation‏)‏ في ستراسبورغ،‏ وفي عام ١٦٠٩،‏ صدرت صحيفة التقرير الإخباري (‏Avisa Relation oder Zeitung‏)‏ في ڤولفِنبوتِل.‏ وفي عام ١٦٥٠،‏ صدرت في لَيْپتزيڠ بألمانيا اول صحيفة يومية في اوروبا ودُعيت الاخبار الواردة (‏Einkommende Zeitungen‏)‏.‏

      كانت هذه الصحيفة اليومية الصادرة في لَيْپتزيڠ مؤلفة من اربع صفحات بحجم الجيب.‏ وقد احتوت على نبذات اخبارية منشورة بشكل عشوائي.‏ وفي حين كانت النسخ الافرادية منها تُباع بسعر مقبول نسبيا،‏ كان الاشتراك السنوي يكلّف عاملا ذا اجر محترم معاش شهر بكامله.‏ رغم ذلك،‏ تزايد الطلب على الصحف بسرعة.‏ فبحلول عام ١٧٠٠،‏ تراوح عدد الصحف الصادرة بانتظام في المانيا وحدها بين ٥٠ و ٦٠ صحيفة،‏ وأصبحت في متناول مئات آلاف القراء.‏

      في البداية،‏ شملت المصادر التي تزود الصحف بالاخبار الرسائل،‏ الصحف الاخرى،‏ مدراء مكاتب البريد الذين كانوا يتلقون الاخبار بالبريد وينسخونها،‏ او الشائعات والاقاويل التي كان يسمعها الصحفيون في الاماكن العامة.‏ ولكن مع اشتداد المنافسة،‏ بذل الناشرون جهدهم لتحسين نوعية الاخبار وكميتها.‏ فبدأوا يوظفون محرِّرين محترفين.‏ لكن معظم الناشرين ما كانوا يتحملون كلفة توسيع شبكة مصادرهم وتوظيف عدد اكبر من الصحفيين.‏ فأدّى التعطش الى الاخبار الى انشاء وكالات انباء تجمع الاخبار وتوزعها على الناشرين المشتركين.‏

      اختراعات مهمة تخدم الصحافة

      لم تكن صناعة الصحف لتزدهر لولا بعض الاختراعات المهمة،‏ وخصوصا طريقة جوهان ڠوتنبرڠ للطباعة بالحروف المتحركة.‏ وثمة اختراعات اخرى جعلت من انتاج الصحف امرا عمليا وغير مكلف.‏ مثلا،‏ في ستينات القرن التاسع عشر،‏ اتاحت المطبعة الدوّارة الطبعَ على شريط متواصل مسحوب من لفات ورق عوض الطبع على قطع ورق مستطيلة.‏ وبُعيد ذلك،‏ استُعملت آلة اللينوتيپ لتنضيد الحروف المطبعية المعدنية.‏ ثم في النصف الثاني من القرن العشرين،‏ حلّ تنضيد الحروف المطبعية بواسطة الكمبيوتر محل العمل اليدوي المكلف.‏

      وفي غضون ذلك الوقت،‏ صارت الاخبار نفسها تنتشر بسرعة فيما شاع استعمال التلغراف في اربعينات القرن التاسع عشر،‏ الآلات الكاتبة في سبعينات القرن التاسع عشر،‏ والهاتف في الفترة نفسها تقريبا.‏ ومؤخرا،‏ شهد ملايين الناس العائشين اليوم الاستخدام الواسع للكمبيوتر،‏ البريد الالكتروني،‏ وآلات الفاكس في مضمار الصحافة.‏ حتى ان المراسلين الصحفيين صاروا يصلون الى مسرح الاحداث اسرع من ذي قبل بفضل وسائل نقل مثل القطار،‏ السيارة،‏ والطائرة.‏ واليوم،‏ توزَّع الصحف بأعداد لم يسبق لها مثيل بفضل وسائل النقل السريعة.‏

      ما الذي تنشره الصحف؟‏

      في بلدان عديدة،‏ لا يشكِّل ايجاد ما يكفي من الاخبار مهمة صعبة في عالمنا الذي يصغر شيئا فشيئا.‏ يقول محرِّرو احدى الصحف الالمانية (‏Frankfurter Allgemeine Zeitung‏)‏:‏ «تكمن الصعوبة في الاختيار من سيل المعلومات الغزير الذي لا ينضب».‏ فوكالات الانباء تمطر الصحف الالمانية بنحو ٢٠٠٠ خبر كل يوم.‏ وينهال على المحرِّرين ايضا وابل من الانباء عن طريق المراسلين والمندوبين الصحفيين ونشرات الاخبار وغير ذلك من المصادر.‏

      يتألف ثلثا الاخبار من الاعلانات التي تشمل بيانات صحفية وتقارير عن احداث مقرَّر عقدها،‏ كالحفلات الموسيقية والاحداث الرياضية والمؤتمرات.‏ ويتعيَّن على المحرِّرين ان يكونوا ملمِّين بأحوال السوق التي توزَّع فيها صحفهم لتلبية الطلب على ما يهم القراء من اخبار محلية.‏ وقد تشمل هذه الاخبار موسم الحصاد،‏ والاحتفالات السنوية وغيرها من الاحتفالات.‏

      وتُعتبر الاخبار الرياضية،‏ الكاريكاتور السياسي،‏ القصص المصورة،‏ والافتتاحيات من اكثر الابواب شعبية لدى القراء.‏ كما يستطيع القارئ ان يتثقف ويتسلى في الوقت نفسه بالاطلاع على التحقيقات الصحفية،‏ التقارير من بلدان اجنبية،‏ والمقابلات مع وجوه بارزة وخبراء في مواضيع ومجالات معينة.‏

      الصحف في ازمة

      ذكرت صحيفة دي تسايت (‏بالالمانية)‏ عام ٢٠٠٢ ان «صناعة الصحافة في المانيا تواجه ازمة مالية شديدة لم تشهد مثلها من قبل».‏ وأخبرت جمعية الصحافة السويسرية بأنها عانت عام ٢٠٠٤ انخفاضا في توزيع الصحف لم تعانِه منذ عشر سنوات.‏ فما سبب هذه الازمة؟‏

      احد الاسباب هو تدهور الاقتصاد العالمي.‏ وقد ادّى ذلك الى تخفيض الاعلانات،‏ مصدر ثلثي الايرادات للعديد من الصحف.‏ فبين عامي ٢٠٠٠ و ٢٠٠٤،‏ خسرت صحيفة ذا وول ستريت جورنال الصادرة في الولايات المتحدة ٤٣ في المئة من الايرادات التي تجنيها من الاعلانات.‏ فهل تعود الاعلانات الى سابق عهدها اذا ما شهد الوضع الاقتصادي تحسّنا ملحوظا؟‏ من الجدير بالذكر ان العديد من الاعلانات المبوبة مثل تلك المتعلقة بالعقارات،‏ الوظائف،‏ والسيارات صارت تُنشر عبر الانترنت بدل الصحف.‏ فاليوم هنالك منافسة بين الصحف ووسائل الاعلام الالكترونية مثل الراديو،‏ التلفزيون،‏ والانترنت.‏

      من جهة اخرى،‏ لا يزال الطلب على الاخبار يتزايد.‏ قال البروفسور في الاقتصاد الاعلامي أكسل تسيردِك لإحدى الصحف التي تصدر في فرانكفورت،‏ المانيا:‏ «ان الازمة ليست سيئة بالقدر الذي يعتقده معظم الصحفيين».‏ وتثنّي رئيسة تحرير الطبعة المحلية لصحيفة المانية على هذه النظرة بقولها:‏ «لا تزال [الصحف] المحلية تلاقي رواجا واسعا».‏

      حتى لو سلّمنا بأنه ما من شيء يضاهي الصحف من حيث التغطية الشاملة للاخبار وقدرتها على تحريك عجلة النقاش بين الناس،‏ يبقى السؤالان:‏ هل يمكن ان تثق بموقفها من الاحداث الجارية؟‏ وكيف يمكنك ان تستفيد الى اقصى حد من الصحف التي تقرأها؟‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦]‏

      الصحافة —‏ مهنة صعبة

      قد يحسد المرء الصحفيين على مهنتهم.‏ يعترف صحفي فرنسي متمرس:‏ «ان ظهور اسم الصحفي في الصحف يمكن ان يكون مفخرة له».‏ لكنّ الصحفي يواجه ايضا في عمله العديد من خيبات الامل.‏ وقد يشمل ذلك خبرا صحفيا يسبقه اليه منافس له في المهنة،‏ رفض طلب لمقابلة احدى الشخصيات،‏ قضاء ساعات في انتظار حدث لا يتحقق.‏

      وذكرت صحفية من بولندا تحديا آخر:‏ «لا نعلم متى نحصل على اجازة او متى نُستدعى الى العمل.‏ فتتأثر احيانا حياتنا الخاصة،‏ ويؤدي نمط عملنا المحموم الى اعاقة المسار الطبيعي لحياتنا العائلية».‏ وأشار صحفي سابق مما كان آنذاك الاتحاد السوفياتي الى ما يمكن ان يُعتبر اكبر خيبة امل:‏ «عملت جاهدا وبكد على تغطية تحقيق صحفي لكنه لم يُنشر في النهاية».‏

      وذكرت محرِّرة للاخبار الرياضية في اكبر صحيفة في هولندا:‏ «غالبا ما يُقال لي انني جاهلة.‏ فبعض القراء ينتابهم الغضب او التثبط،‏ حتى ان بعض الناس يهددون بقتلي حين تبلغ الانفعالات اوجها احيانا اثناء الاحداث الرياضية».‏ فما الذي يدفع الصحفيين الى الاستمرار؟‏

      قد يندفع البعض الى العمل في الصحافة بسبب الاجر المحترم الذي يحصلون عليه.‏ ولكن ليس هذا دافع الجميع.‏ فقد عبّر صحفي يعمل في صحيفة فرنسية عن حبه للكتابة.‏ وقالت صحفية مكسيكية:‏ «يكفيك انك تقدِّم لقرائك شيئا يستحق ان يطَّلعوا عليه».‏ وفي اليابان،‏ علّق محرر رفيع المستوى يعمل في ثاني اكبر صحيفة في العالم بقوله:‏ «افرح بعملي حين اشعر انني اساعد الناس وحين يأخذ العدل مجراه».‏

      لكن العمل في الصحف ليس حكرا على المراسلين الصحفيين فقط.‏ فوفقا لحجم وبنية دار النشر،‏ يساهم في العمل ايضا محررون،‏ مصححو لغة،‏ مدققو وقائع،‏ مسؤولون عن الارشيفات،‏ وأشخاص عديدون يعملون بكدّ وراء الكواليس كي تحصل على صحيفتك.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤]‏

      صحيفة المانية قديمة ورفوف حديثة لعرض الصحف

      ‏[مصدر الصورة]‏

      1922 Flugblatt und Zeitung,‎ Vol.‎ 21,‎ Bibliothek für Kunst - und Antiquitäten-Sammler,‎ :Early German newspaper

  • كيف تقرأ الصحيفة وتستفيد منها
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • كيف تقرأ الصحيفة وتستفيد منها

      ‏«كل من لا يقرأ الصحف اطلاقا فهو احمق،‏ وأشد منه حماقة من يصدِّق ما يقرأه لمجرد وروده في الصحيفة».‏ —‏ اوغست فون شلوتسه،‏ مؤرخ وصحفي ألماني من اواخر القرن الثامن عشر.‏

      في احد الاستطلاعات،‏ سئل عدة آلاف في بريطانيا وفرنسا عن مدى الثقة التي يضعونها في ١٣ مؤسسة.‏ فحلّت الصحافة في المرتبة الاخيرة،‏ حتى بعد السياسة والمؤسسات التجارية الكبيرة.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ لا يزال معظم القراء يقولون انهم يصدقون ما تقوله الصحف.‏ لكنّ الاستطلاعات التي اجراها مركز پيو للابحاث تظهر ان نسبة هؤلاء قد انخفضت.‏

      في اغلب الاحيان تكون الشكوك مبررة،‏ وخصوصا حين يتعلق ما يُنشر في الصحف بمصالح البلد الذي تُطبع فيه الصحيفة.‏ فماذا يحدث عندئذ؟‏ غالبا ما يُضحى بالحقيقة.‏ وكما ذكر مرة آرثر پونسونبي،‏ رجل سياسي انكليزي من القرن العشرين:‏ «عند اعلان الحرب،‏ تكون الحقيقة الضحية الاولى».‏

      حتى لو لم تُعلَن الحرب،‏ من الحكمة تفحص الاخبار بشيء من الشك.‏ يقول مثل في الكتاب المقدس:‏ «قليل الخبرة يصدق كل كلمة،‏ والنبيه يتأمل في خطواته».‏ (‏امثال ١٤:‏١٥‏)‏ وإذا كنت حذرا،‏ يمكن ان تروي الصحف تعطشك الى الاخبار.‏

      اهمية الاخبار

      تُعتبر وسائل الاعلام مهمة اليوم لأنها تبقينا مطلعين على آخر التطورات العالمية.‏ وهذا امر حيوي.‏ لماذا؟‏ لأن معظم الحوادث الجارية في ايامنا تنبأ بها اكبر نبي عاش على الاطلاق،‏ يسوع المسيح.‏ فحين سئل عن نهاية نظام الاشياء هذا،‏ قال ان وقت النهاية سيكون موسوما بالحروب،‏ ازدياد التعدي على الشريعة او القانون،‏ المجاعات،‏ الاوبئة،‏ الزلازل،‏ وغيرها.‏ —‏ متى ٢٤:‏٣-‏١٤؛‏ لوقا ٢١:‏٧-‏١١‏.‏

      يقول الكتاب المقدس ايضا:‏ ‏«في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة حرجة».‏ وتضيف النبوة انه في هذه «الايام الاخيرة»،‏ سيكون الناس «محبين لأنفسهم،‏ محبين للمال .‏ .‏ .‏ غير طائعين لوالديهم .‏ .‏ .‏ بلا حنو .‏ .‏ .‏ بلا ضبط نفس،‏ شرسين،‏ غير محبين للصلاح،‏ خائنين،‏ جامحين،‏ منتفخين بالكبرياء،‏ محبين للملذات دون محبة للّٰه».‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      لا شك انك تلاحظ اتمام نبوة الكتاب المقدس هذه في مجتمعك.‏ وما يجري حول العالم —‏ كما تخبر الصحف —‏ انما يؤكد دقة نبوات الكتاب المقدس.‏ فهل يعني ذلك انه يمكننا تصديق كل ما نقرأه في الصحف؟‏ كلا.‏ فحتى اشد المدافعين عن الصحافة يعبرون عن الحاجة الى توخي الحذر.‏

      تفهَّم التحديات

      ما من احد معصوم من الخطإ،‏ حتى اكثر المحترفين نزاهة وخبرة.‏ كتبت آرييل هارت في مجلة كولومبيا للصحافة (‏بالانكليزية)‏:‏ «في سنوات عملي الثلاث التي كنت اعمل فيها لحسابي الخاص كمدققة للوقائع،‏ لم ارَ قصة خالية من الاخطاء،‏ سواء كانت مؤلفة من خمس صفحات او من فقرتين».‏ ومن هذه الاخطاء مثلا «تاريخ غير دقيق؛‏ بيانات قديمة؛‏ اخطاء في التهجئة؛‏ معلومات منتشرة جدا انما خاطئة لعدم اعتمادها على مصادر اصلية».‏

      من جهة اخرى،‏ يواجه الصحفيون تحدي تمييز المصادر غير الموثوق بها.‏ ففي بعض الاحيان،‏ تُسرَّب الى الصحافة معلومات كاذبة.‏ فعام ١٩٩٩ ركّب رجل يهوى المزاح قصة مزيفة عن «مدينة ملاهٍ مصمَّمة على شكل مقبرة»،‏ ودعم قصته بموقع على الانترنت لافت للنظر تابع لشركة وهمية مسؤولة عن تشييد المشروع،‏ وبخط هاتفي لإجراء المقابلات استخدمه المحتال لتمثيل دور الناطق باسم الشركة.‏ وقد انطلت الحيلة على وكالة انباء الأسّوشيايتد پرِس،‏ ما ادّى الى انتشار القصة في عدة صحف يومية في الولايات المتحدة.‏ ويُقال ان سرّ الخدع الناجحة هو «قصة مثيرة مرفقة بالمؤثرات البصرية المتقنة،‏ تكون خارجة عن المألوف،‏ لكنها ليست بالمستحيلة».‏

      وقد يقع حتى الصحفيون النزهاء في شرك عدم نقل الحقائق بدقة.‏ يوضح كاتب في بولندا:‏ «ان نمط العمل في الصحافة هو نمط محموم.‏ فالمنافسة شديدة بين الصحف.‏ وكل صحيفة تريد ان تكون السباقة الى نشر الاخبار.‏ فيحرر كثيرون منا،‏ دون تعمُّد،‏ مقالات دون القيام بأبحاث وافية».‏

      الضغوط للمسايرة

      وجد تقرير حرية الصحافة لسنة ٢٠٠٣ —‏ استطلاع عالمي حول استقلالية وسائل الاعلام (‏بالانكليزية)‏ ان ١١٥ بلدا من اصل ١٩٣ تفتقر الى حرية الصحافة اما كليا او جزئيا.‏ لكن التلاعب الماهر بالاخبار قد يحدث حتى في البلدان التي تتمتع بحرية الصحافة.‏

      ففي بعض الاحيان،‏ قد يُمنع بعض الصحفيين من الحصول على معلومات مهمة،‏ في حين يتمكن آخرون ممن يماشون التيار السائد من اجراء مقابلات حصرية مع شخصيات مهمة او نيل دعوة ليرافقوا السياسيين في جولاتهم.‏ ويتأثر نقل الخبر ايضا بالاموال التي يدفعها اصحاب الاعلانات.‏ يقول صحفي بولندي:‏ «قد يهدد صاحب الاعلان ان يسحب اعلانا مربحا اذا ما نشر المحرر اي اخبار سلبية عن صاحب الاعلانات».‏ وأعطى موظف في صحيفة يابانية يعمل كمصحِّح للطبعة التحذير التالي:‏ «لا تنسَ انه من الصعب جدا تحرير تقرير اخباري بشكل موضوعي».‏

      بناء على ذلك،‏ قد تتساءل:‏ ‹بما ان الصحفيين المحترفين يواجهون مثل هذه المشاكل في نشر الاخبار بدقة،‏ فكيف يستطيع القارئ ان يعرف اي خبر يصدق؟‏›.‏

      النظرة المتزنة ضرورية

      من الواضح ان التمييز ضروري.‏ سأل الاب الجليل ايوب:‏ «أليست الأذن تمتحن الكلام كما يذوق الحنك الطعام؟‏».‏ (‏ايوب ١٢:‏١١‏)‏ فمن الضروري ان يتفحص القارئ بعناية ما هو مكتوب بحثا عن رنّة الحق فيه.‏ فيزن الامور بحكمة ويختار ما هو صحيح.‏ وقد اثنى احد تلاميذ يسوع المسيح في القرن الاول على الذين أصغوا الى الرسول بولس ثم تفحصوا المصادر التي استند اليها ليتأكدوا من حقيقة ما علّمه.‏ —‏ اعمال ١٧:‏١١؛‏ ١ تسالونيكي ٥:‏٢١‏.‏

      بشكل مماثل،‏ يمكن ان يطرح قارئ الصحيفة على نفسه اسئلة مثل:‏ «ما هي خلفية الكاتب؟‏ ما هي ميوله؟‏ هل تروي القصة وقائع ملموسة يمكن التحقق منها؟‏ ومن له مصلحة في تشويه الحقيقة؟‏».‏ ومن الحكمة ان يراجع القارئ مصادر اخرى ليتحقق من المعلومات.‏ وبإمكانه ايضا ان يناقش ما يقرأه مع الآخرين.‏ يقول مثل في الكتاب المقدس:‏ «السائر مع الحكماء يصير حكيما،‏ ومعاشر الاغبياء يضر».‏ —‏ امثال ١٣:‏٢٠‏.‏

      وفي الوقت نفسه،‏ لا تتوقع الكمال.‏ فكما رأينا،‏ هنالك عوامل كثيرة تمنع الصحف من عرض القضايا بموضوعية تامة.‏ لكن الصحف تساهم رغم ذلك في ابقائك مطلعا على ما يجري في العالم.‏ ومن المهم ان نواكب مجرى الاحداث،‏ لأن يسوع قال وهو يتحدث عن الايام نفسها التي نعيش فيها:‏ «ابقوا .‏ .‏ .‏ مستيقظين».‏ (‏مرقس ١٣:‏٣٣‏)‏ والصحف يمكن ان تساعدك على تحقيق ذلك،‏ وإن كان عليك ان تتغاضى عن نواحي النقص والتقصير فيها.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٠]‏

      حين تكون الصحف متحاملة

      غالبا ما يكون تشويه الحقائق في الاخبار مردّه الى المعلومات الخاطئة او التسرُّع في نقل الاخبار.‏ رغم ذلك يمكن ان تكون مثل هذه القصص،‏ ولو انها مكتوبة بنية صافية،‏ مصدرا لانتشار الاكاذيب المؤذية.‏ من جهة اخرى،‏ يكون هنالك احيانا سعي متعمد الى نقل المعلومات الخاطئة،‏ كما حدث في المانيا النازية حيث نُشرت الشائعات المغرضة عن شعوب من عرق معين او دين معين.‏

      تأمل مثلا في ما آلت اليه حملة مفضوحة لتلطيخ سمعة شهود يهوه شُنَّت خلال دعوى قضائية تتعلق بحقوق الانسان في موسكو،‏ روسيا.‏ ذكرت الصحيفة الكندية ذا ڠلوب آند ميل الصادرة في تورنتو:‏ «حين انتحرت ثلاث فتيات في موسكو،‏ نشرت وسائل الاعلام الروسية على الفور انهن شاهدات ليهوه متعصِّبات دينيا».‏

      وظهرت مثل هذه القصص الإخبارية في ٩ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٩٩،‏ في اليوم الذي استأنفت فيه محكمة مدنية المحاكمة الهادفة الى حظر شهود يهوه في مدينة موسكو.‏ اخبر جِفري يورك من مكتب صحيفة ذا ڠلوب آند ميل في موسكو:‏ «اعترفت الشرطة لاحقا ان الفتيات لم تكن لهن اية صلة بالطائفة.‏ ولكن بحلول ذلك الوقت،‏ كانت قناة تلفزيونية في موسكو قد شنّت حملة جديدة ضد الطائفة،‏ مخبرة المشاهدين ان شهود يهوه تعاونوا مع أدولف هتلر في المانيا النازية،‏ وذلك رغم الادلة التاريخية التي تثبت ان آلاف الشهود خسروا حياتهم في المعتقلات النازية».‏

      اثر ذلك،‏ انطبع في ذهن كثيرين ممن وصلتهم معلومات خاطئة او ممن تملكهم الخوف ان شهود يهوه هم اما بدعة انتحارية او مناصرون للنازية.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      تنبأ يسوع المسيح بالكثير مما نقرأه اليوم في الصحف

      ‏[الصور في الصفحة ٩]‏

      تؤكد تقارير الصحف نبوات الكتاب المقدس

      ‏[مصدر الصورة]‏

      FAO photo/B.‎ Imevbore

      ‏[الصورة في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

      مُدح الذين تفحصوا المصادر التي استند اليها الرسول بولس في تعليمه،‏ وهذه عادة حكيمة ايضا يحسن اتِّباعها عند قراءة تقارير إخبارية خارجة عن المألوف

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة