-
عالم جديد — هل سيأتي يوما ما؟استيقظ! ١٩٩٣ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
عالم جديد — هل سيأتي يوما ما؟
في ١٣ نيسان ١٩٩١، القى جورج بوش، رئيس الولايات المتحدة آنذاك، خطابا في مونتْڠمري، آلاباما، حمل العنوان: «امكانية وجود نظام عالمي جديد.» وفي الختام، ذكر: «العالم الجديد الذي يواجهنا . . .، انه لَعالم رائع من الاكتشاف.»
وبعد شهرين قالت نشرة العلماء الذَّرِّيين انه مع سقوط الأنظمة الشيوعية في اوروپا الشرقية، «يبدو ان نظاما عالميا جديدا مؤسسا على السلام، العدل، والديموقراطية قريب.»
واستمر كلام كهذا عن عالم جديد في السنة ١٩٩٣. فأخبرت ذا نيويورك تايمز في كانون الثاني بإبرام معاهدة تضمن اجراء تخفيضات في الأسلحة النووية. وقالت الصحيفة: «ان ذلك يضع اميركا وروسيا ‹على عتبة عالم جديد من الأمل،› بكلمات الرئيس بوش الحسنة الاختيار.»
وبعد اسبوعين اعلن الرئيس الأميركي الجديد بيل كلينتون في خطاب تولِّيه الرئاسة: «اليوم، فيما يمضي نظام قديم، يصير العالم الجديد اكثر حرية ولكن اقل استقرارا.» حتى انه ادعى: «لقد اغنى هذا العالم الجديد حياة الملايين من الأميركيين حتى الآن.»
وهكذا، جرى التحدُّث كثيرا عن عالم جديد — عالم مختلف وأفضل. واستنادا الى احد الإحصاءات، تكلَّم جورج بوش، خلال فترة قصيرة نسبيا، ٤٢ مرة في التصريحات العامة عن «نظام عالمي جديد.»
ولكن هل هذا الكلام فريد في نوعه؟ وهل سُمع قبلا؟
ليس امرا جديدا حقا
في ايار ١٩١٩، بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة، عقد المجمع الفدرالي لكنائس المسيح في اميركا اجتماعا في كليڤلند، اوهايو، وفيه أُعلنت ‹امكانية عالم جديد وأفضل.› وأكَّد احد الخطباء: «سيكون عالما جديدا فيه يفسح مبدأ المنافسة المجال لمبدإ المشاركة والزمالة. سيكون عالما جديدا فيه سيحل مبدأ الوحدة محل مبدإ الانقسام . . . سيكون عالما جديدا فيه ستحل الروح الأخوية والصداقة محل كل المنازعات إلا الحرب على الشر.»
وبأية طريقة اعتقدت الكنائس ان هذا العالم الجديد سيأتي؟ أبواسطة حكومة ملكوت اللّٰه الموعود بها في الكتاب المقدس؟ كلا. فقد تطلَّعت الى هيئة سياسية من اجل جلب عالم جديد كهذا. «ان ما نتكلَّم عنه اليوم بصفته عصبة الأمم،» كما قال احد قادة الكنائس، «هو نتيجةٌ لا غنى عنها ولا يمكن تجنُّبها لكل ايماننا وسعينا المسيحيين في العالم.» حتى ان قادة الكنائس في تلك الفترة رفَّعوا عصبة الأمم بصفتها «التعبير السياسي لملكوت اللّٰه على الأرض.»
ومن ناحية اخرى، عارض قائد قوي في المانيا، ادولف هتلر، عصبةَ الأمم وأسَّس في ثلاثينيات الـ ١٩٠٠ الرايخ الألماني الثالث. وادَّعى ان هذا الرايخ سيدوم ألف سنة وسينجز ما يقول الكتاب المقدس ان ملكوت اللّٰه وحده قادر على انجازه. «سأبدأ من الشباب،» قال هتلر. «فبهم يمكنني ان اصنع عالما جديدا.»
وبنى هتلر مدرَّجا هائلا في نورمبورڠ لعرض القوة النازية. وبشكل ذي مغزى، نُصب ١٤٤ عمودا ضخما على منصة طولها ٠٠٠,١ قدم (٣٠٠ م) تقريبا. فلماذا ١٤٤ عمودا؟ يتكلَّم الكتاب المقدس عن ٠٠٠,١٤٤ سيحكمون مع ‹الخروف› يسوع المسيح، وأن حكمهم سيدوم ألف سنة. (رؤيا ١٤:١؛ ٢٠:٤، ٦) ومن الواضح ان نصب ١٤٤ عمودا في مدرَّج نورمبورڠ لم يكن مصادفة عددية، لأن استعمال الرسميين النازيين للغة الكتاب المقدس ورمزيَّته مدعوم بالوثائق.
وماذا كانت نتيجة جهود البشر لإتمام ما يقول الكتاب المقدس ان ملكوت اللّٰه وحده سينجزه؟
فشل جهود الإنسان
يشهد التاريخ بشكل بليغ ان عصبة الأمم فشلت في جلب عالم جديد من السلام. فقد انهارت تلك الهيئة عندما خاضت الأمم غمار الحرب العالمية الثانية. وفضلا عن ذلك، بعد ١٢ سنة فقط، سقط الرايخ الثالث. وكان ذلك فشلا ذريعا، عارا على العائلة البشرية.
طوال التاريخ كانت الجهود البشرية لخلق عالم جديد غير ناجحة بدون استثناء. «كل مدنيَّة وُجدت قد انهارت اخيرا،» كما لاحظ وزير الخارجية السابق للولايات المتحدة هنري كيسنجر. «فالتاريخ هو حكاية جهود فشلت، طموحات لم تتحقَّق.»
وماذا، اذًا، عن النظام العالمي الجديد الذي وصفه قادة العالم مؤخرا؟ لقد جعلت انفجارات العنف العرقي من فكرة عالم جديد كهذا سخرية. مثلا، في ٦ آذار الماضي، كتب وليَم پْفاف، محرِّر عمود في صحيفة، ساخرا: «لقد حلَّ النظام العالمي الجديد. انه يعمل جيدا وهو جديد بحق، اذ يكرِّس الغزو، العدوان والتطهير العرقي بصفتها مسلكا دوليا مقبولا.»
ان النزاع الرهيب والفظائع التي حدثت منذ سقوط الشيوعية هي امور مروِّعة. وحتى جورج بوش، قبيل تركه السلطة في كانون الثاني، اعترف: «يمكن ان يكون العالم الجديد، على مر الوقت، منذِرا بالخطر كالقديم.»
سبب للأمل؟
فهل يعني ذلك ان الوضع ميؤوس منه؟ وهل العالم الجديد مجرد حلم مرغوب فيه؟ من الواضح ان البشر لم يتمكَّنوا من خلق عالم جديد. ولكن ماذا عن وعد الخالق بفعل ذلك؟ يقول الكتاب المقدس: «بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة.» — ٢ بطرس ٣:١٣.
ان السموات الجديدة التي يعد بها اللّٰه هي حكم جديد على الأرض. وهذا الحكم الجديد هو ملكوت اللّٰه، حكومته السماوية التي علَّم يسوع الناس ان يصلُّوا من اجلها. (متى ٦:٩، ١٠) ستتألف هذه الحكومة السماوية آنذاك من يسوع المسيح و ٠٠٠,١٤٤ حاكم معاون، وستكون الأرض الجديدة مجتمعا جديدا من الناس. نعم، سيعيشون في عالم جديد مجيد وهم يدعمون بولاء حكم اللّٰه.
ستحكم حكومة ملكوت اللّٰه على العالم الجديد الموعود به. ولذلك لن يكون هذا العالم الجديد من صنع الإنسان. «لا يعني ملكوت اللّٰه ابدا اجراء يتخذه الناس او حيِّزا يقيمونه،» توضح احدى دوائر معارف الكتاب المقدس. «فالملكوت هو عمل الهي، لا انجاز بشري ولا حتى انجاز المسيحيين المنتذرين.» — دائرة معارف زوندرڤان المصوَّرة للكتاب المقدس.
ان العالم الجديد تحت سلطة ملكوت اللّٰه سيأتي حتما. ويمكنكم ان تعتمدوا على الوعد بمجيئه لأن هذا الوعد قطعه اللّٰه «المنزَّه عن الكذب.» (تيطس ١:٢) فتأملوا من فضلكم في نوع العالم الذي سيكونه عالم اللّٰه الجديد.
[مصدر الصورة في الصفحة ٣]
NASA photo
-
-
ما نوع العالم الذي تريدونه؟استيقظ! ١٩٩٣ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
ما نوع العالم الذي تريدونه؟
لو كنتم تملكون القدرة، أما كنتم تخلقون عالما جديدا، عالما خاليا من كل المشاكل التي تصيب البشر اليوم؟ اذا كنتم تفعلون ذلك، أفلا يكون منطقيا التوقُّع ان يخلق خالقنا المحب، يهوه اللّٰه، الذي يملك القدرة، عالما جديدا من البر؟
يقول الكتاب المقدس: «الرب يغمر الجميع بصلاحه، ومراحمه تعمُّ كل اعماله. تبسط يدك فتشبع رغبة كل مخلوق حي.» (مزمور ١٤٥:٩، ١٦، ترجمة تفسيرية) فما هو بعض رغباتكم؟ وما نوع العالم الذي تتوقون اليه؟
في كتابهما حياة سليمة وسعيدة: دليل العائلة، كتب ابراهام وروز فرانزبلاو: «اذا كنا سنستفتي سكان العالم ونستشير البشرية في نوع العالم الذي نرغب جميعا ان نعيش فيه، يمكن على الأرجح ان نوافق جميعا على بعض المطالب الدنيا.»
فلنفحص المطالب التي عدَّدها هذان الدكتوران ونَرَ ما اذا كانت هذه الأمور هي نفسها التي تريدونها. واذ نفعل ذلك، سنرى ايضا ما اذا كان خالقنا المحب قد وعد بتزويد هذه الأمور عينها.
المطلب الأول
ادرج الدكتوران اولا «عالما بلا حرب.» فبعد معاناة عدد من الحروب المريعة، يتوق كثيرون الى عالم لا يتحارب فيه الناس ولا يقتل بعضهم بعضا. ورجاؤهم معبَّر عنه في نقش على جدار باحة الأمم المتحدة في مدينة نيويورك يقول: يطبعون سيوفهم سككا. ورماحهم مناجل: لا ترفع امة على امة سيفا. ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.
هل تعلمون ان تلك الكلمات هي جزء من وعد قطعه يهوه اللّٰه؟ ان الكلمات مسجَّلة في الكتاب المقدس في اشعياء الأصحاح ٢، العدد ٤، في ترجمة الملك جيمس. وبقراءة المزمور ٤٦:٨، ٩ ايضا، سترون ان قصد اللّٰه هو تدمير كل الأسلحة وتسكين «الحروب الى اقصى الأرض.» وفي العالم السلمي الخالي من الحروب الذي هو من صنع اللّٰه، ستتم هذه النبوة المبهجة في الكتاب المقدس: «يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون مَن يرعب.» — ميخا ٤:٤.
أفلا تدرجون «عالما بلا حرب» كمطلب اساسي لنوع العالم الذي تريدونه؟ وفكِّروا في هذا: ان خالقنا العظيم وعد بذلك!
عالم من الوفرة
وماذا يكون مطلبكم الثاني؟ هل يكون المطلب نفسه المقدَّم بعد ذلك، «عالما بلا جوع، تزول منه المجاعة والفاقة الى الأبد؟» أليس رائعا ألّا يكون هنالك بعدُ ولد يموت جوعا؟ طبعا ترغبون في العيش في عالم من الوفرة. ولكن مَن يضمن ذلك؟
تأملوا في ما يعد به اللّٰه: «الأرض (تعطي) غلتها.» «تكون (وفرة) بُر في الأرض.» (مزمور ٦٧:٦؛ ٧٢:١٦) نعم، في عالم اللّٰه الجديد، سيكون الطعام الجيد وافرا. ويؤكد لنا الكتاب المقدس ان يهوه سيصنع «لجميع الشعوب . . . وليمة سمائن وليمة خمر على دردي سمائن ممخَّة.» — اشعياء ٢٥:٦.
وفي حين ان عالما بلا جوع هو فوق قدرة الناس على تزويده، فذلك لا يفوق قدرة اللّٰه على جلبه. وقد اظهر ابنه، يسوع المسيح، ان تزويد الطعام للجميع لن يكون مشكلة تحت سلطة ملكوت اللّٰه. فعندما كان على الأرض، اطعم يسوع الآلاف بتكثير ارغفة قليلة من الخبز وقليل من السمك بشكل عجائبي. — متى ١٤:١٤-٢١؛ ١٥:٣٢-٣٨.
عالم بلا مرض
لن تجدوا شخصا مريضا في ايّ مكان في نوع العالم الذي نريده جميعا. لذلك ليس المطلب الثالث مفاجئا. «يكون عالما بلا مرض،» كتب الدكتوران، «عالما يملك فيه الجميع فرصة النمو في صحة والعيش باقي ايام حياتهم بعيدا عن الأمراض التي يمكن الوقاية منها ومعالجتها.»
فكِّروا في الراحة اذا لم يُصَب احد قط بالزكام او ايّ مرض آخر! والبشر لا يمكنهم ازالة المرض، أما يهوه اللّٰه فيمكنه ذلك. وهو يعد بأنه في عالمه الجديد «لا يقول ساكن انا مرضت.» وعوضا عن ذلك، «حينئذ تتفقَّح عيون العمي وآذان الصم تتفتَّح. حينئذ يقفز الأعرج كالأُيَّل ويترنَّم لسان الأخرس.» (اشعياء ٣٣:٢٤؛ ٣٥:٥، ٦) نعم، «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.» — رؤيا ٢١:٤.
عندما كان يسوع المسيح على الأرض، اظهر ما يمكن ان نتوقعه على نطاق كبير في عالم اللّٰه الجديد. فقد ردَّ بصر العمي، فتح آذان الصم، حلَّ رباط ألسنة الخرس، مكَّن العُرج من المشي، حتى انه اعاد الموتى الى الحياة. — متى ١٥:٣٠، ٣١؛ لوقا ٧:٢١، ٢٢.
العمل المُرضي والعدل للجميع
لا شك ان العمل المُرضي والعدل للجميع موجودان في العالم الذي تريدونه انتم وكل شخص تقريبا. لذلك كتب الدكتوران: «رابعا، يكون عالما فيه عمل للأشخاص الذين يرغبون في كسب الرزق لإعالة انفسهم وعائلاتهم.» وأضافا: «خامسا، يكون عالما يتمتع فيه كل انسان بالحرية في ظل القانون، مع العدل للجميع.»
لم يكن الحكم البشري قط قادرا على اتمام مطلبَي العيش السعيد هذين. لكنَّ عالم اللّٰه الجديد سيفعل ذلك. فالكتاب المقدس يعد بشأن العمل المفيد الذي سينجزه الناس حينئذ: «يبنون بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها. . . . يستعمل مختاريَّ عمل ايديهم. لا يتعبون باطلا.» — اشعياء ٦٥:٢١-٢٣.
وماذا عن الحرية والعدل للجميع؟ رغم كل محاولات الحكام البشر الجدية، فشلوا في تزويد هذين الامرين للجميع. ويستمر الظلم والتعسُّف يسودان في كل العالم. لذلك لا يمكن للبشر ابدا سدُّ هذه الحاجة. أما اللّٰه القادر على كل شيء فيمكنه ذلك. وحاكمه المعيَّن هو يسوع المسيح المقام، وعنه يقول يهوه: «مختاري الذي سُرَّت به نفسي . . . يُخرج (العدل) للأمم.» — اشعياء ٤٢:١؛ متى ١٢:١٨.
نعم، يعد الكتاب المقدس بأنه تحت سلطة ملكوت اللّٰه «الخليقة نفسها ايضا ستُعتق من عبودية الفساد الى حرية مجد اولاد اللّٰه.» (رومية ٨:٢١) فيا للعالم الجديد السعيد الذي سيوجد عندما تكون هنالك حرية وعدل للجميع!
الفرص ووقت الفراغ
طبعا، في نوع العالم الذي تريدونه، يتمتع جميع المواطنين بفرص متساوية بصرف النظر عن العرق او الجنسية. لذلك ليس مدهشا ان يكون المطلب السادس الأدنى الذي ادرجه الدكتوران: «يكون عالما يملك فيه كل كائن بشري فرصة تطوير قدراته ومواهبه كاملا، ويُكافأ على مساعيه، دون تحامل.»
لم يتمكن البشر قط من تأسيس عالم يتمتع فيه جميع الناس بمعاملة منصفة. فالتحامل وحتى اضطهاد الأقليات المكروهة يستمر بلا هوادة. لكنَّ ملك عالم اللّٰه الجديد، يسوع المسيح، سيحتذي مثال يهوه ابيه الذي «لا يأخذ بالوجوه ولا يقبل رشوة.» (تثنية ١٠:١٧؛ رومية ٢:١١) وما سيجعل العالم الجديد القادم رائعا جدا هو ان الناس لن يتعلَّموا فقط التمثُّل بعدم محاباة يهوه اللّٰه بل سيمارسونه ايضا. — اشعياء ٥٤:١٣.
غالبا ما تكون حياة الناس مكرَّسة للعمل بكد مع القليل او لا شيء من الراحة. لذلك توافقون طبعا على المطلب الأدنى التالي، اي: «سابعا، يكون عالما يملك فيه جميع الناس متَّسعا من وقت الفراغ للتمتع بالأمور التي يعتبرونها جيدة في الحياة.»
اذ كان عالِما بحاجة الإنسان الى فترات من الراحة والاسترخاء، زوَّد يهوه اللّٰه في ناموسه القديم يوم راحة اسبوعيا. (خروج ٢٠:٨-١١) لذلك يمكننا ان نتيقن انّ اللّٰه في عالمه الجديد سيحرص على إشباع حاجتنا الى الاسترخاء والى اشكال مفيدة من الاستجمام.
نوع السكان
والنقطة الرئيسية الأخيرة التي قدَّمها الدكتوران ترسم الصفات التي يملكها اولئك الذين سيسكنون «نوع العالم الذي نرغب جميعا ان نعيش فيه.» تحققوا ما اذا كنتم تعتبرون الصفات التي يعدِّدانها اساسية ايضا. «ثامنا، يكون عالما تُعلَّق فيه الأهمية القصوى على تلك الصفات التي تميِّز الإنسان من رُتَب الحياة الدنيا، كالذكاء والإبداع، الشرف والاستقامة، المحبة والولاء، احترام الذات وعدم الأنانية، والاهتمام برفقائه البشر.»
أفلا تتمتعون بالعيش في عالم يُظهر فيه الجميع صفات ادبية كالاستقامة، المحبة، الولاء، عدم الأنانية، والاهتمام بالرفقاء البشر؟ هذا هو نوع العالم الذي تريدونه طبعا! ولا يمكن لأيّ حاكم بشري ان يزوِّده. فيهوه اللّٰه فقط يمكنه ذلك. وسيفعل ذلك لأن عالمه الجديد ليس حلما غير واقعي يتعذَّر تحقيقه. — مزمور ٨٥:١٠، ١١.
متى سيأتي؟
كما ذُكر في المقالة السابقة، كتب رفيق لصيق ليسوع المسيح: «بحسب وعد [اللّٰه] ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر.» (٢ بطرس ٣:١٣) ووقت اتمام هذا الوعد سيكون، كما ذكر يسوع، «في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده.» — متى ١٩:٢٨.
في الأصل امر اللّٰه آدم وحواء، الزوجين البشريين الأولين، ان يوسِّعا الجنة الفردوسية التي وضعهما فيها. وأراد منهما ان ينجبا الأولاد ويحوِّلا معهم كل الأرض الى جنة عدن جميلة. (تكوين ١:٢٦-٢٨؛ ٢:٧-٩، ١٥) وعلى الرغم من ان آدم وحواء فشلا في تنفيذ قصده، سيجري ردّ الفردوس الأرضي في التجديد، فيما يحكم المسيح في الملكوت. وفي النهاية ستمتد الأحوال العدنية الى كل الأرض. وهكذا يتمم خالقنا المحب قصده الأصلي المتعلق بحيازة عالم سلمي وبار. ولكن متى سيأتي؟
هل تعتقدون كما يعتقد الكثيرون الذين يقولون: ‹سيأتي في وقت ما انما ليس في مدى حياتنا.› ولكن كيف تعرفون ذلك؟ هل يمكن ان يكون زمننا، زمن الشدة العالمية التي لم يسبق لها مثيل، علامة ان عالم اللّٰه الجديد قريب؟ كيف يمكننا ان نعرف ذلك؟
[الصورة في الصفحة ٧]
في العالم الجديد، سيجري التمتع بالسلام، الصحة الكاملة، والازدهار
[مصدر الصورة]
Cubs: Courtesy of Hartebeespoortdam Snake and Animal Park
[الصورة في الصفحة ٨]
في العالم الجديد، سيتمتع الناس بالعمل المنتج
[الصورة في الصفحة ٩]
في العالم الجديد، سيكون هنالك وقت لنشاطات وقت الفراغ
-
-
حين يأتي العالم الجديداستيقظ! ١٩٩٣ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
حين يأتي العالم الجديد
يأتي عالم اللّٰه الجديد حين يمضي هذا العالم الحاضر. ولكن قد تسألون: ‹هل يمكننا حقا ان نصدِّق ان هذا العالم سينتهي؟› حسنا، تأملوا: هل انتهى عالم من قبل؟
نعم، استنادا الى الدليل القاطع، انتهى عالم ذات مرة. «العالم الكائن حينئذ [في ايام نوح] فاض عليه الماء فهلك،» كما يقول الكتاب المقدس. واللّٰه «لم يشفق على العالم القديم بل انما حفظ نوحا ثامنا كارزا للبر اذ جلب طوفانا على عالم الفجار.» — ٢ بطرس ٢:٥؛ ٣:٦.
لاحظوا ان «عالم الفجار،» او نظام الأشياء الشرير، هو الذي فني. فليس كوكب الأرض، السموات المنجمة، او العائلة البشرية هي التي انتهت. وفيما ازداد الناجون من الطوفان عددا، اتى عالم آخر (عالمنا الحاضر) الى الوجود. فماذا سيحل به؟
بعد القول ان عالم نوح هلك، يتابع الكتاب المقدس: «أما السموات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار.» (٢ بطرس ٣:٧) وتعني النار الهلاك للعالم. «والعالم [الموجود اليوم] يمضي» فعلا. (١ يوحنا ٢:١٧) ولكن متى؟
اراد رسل يسوع ان يعرفوا، فسألوا: «قل لنا متى تكون هذه الأمور وما علامة مجيئك ونهاية العالم؟» (متى ٢٤:٣، الترجمة اليسوعية الجديدة) وفي الإجابة اعطى يسوع علامة تمكِّن الناس العائشين في زمن اتمامها من ان يعرفوا أن عالما سينتهي قريبا، وأن عالما جديدا سيحل محله. فماذا كانت العلامة؟
العلامة
شملت العلامة اجزاء كثيرة، نعم، حوادث كثيرة جرى التنبؤ بها. ولكي تتم العلامة، يجب ان تقع جميعها بطريقة بارزة في الوقت نفسه بشكل اساسي، خلال جيل واحد. (متى ٢٤:٣٤) فما هي هذه الحوادث؟
كان بعض ما ذكره يسوع: «تقوم امة على امة ومملكة على مملكة. وتكون زلازل عظيمة في اماكن ومجاعات وأوبئة.» «حينئذ يسلِّمونكم الى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الأمم لأجل اسمي. . . . ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين.» — لوقا ٢١:١٠، ١١؛ متى ٢٤:٧-٩، ١٢.
وأخبر الرسول بولس بأحوال اخرى تسم «الأيام الأخيرة» لهذا العالم. كتب: «في الأيام الأخيرة ستأتي ازمنة صعبة. لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم محبين للمال . . . غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين بلا حنو . . . مقتحمين متصلفين محبين للَّذَّات دون محبة للّٰه لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها.» — ٢ تيموثاوس ٣:١-٥.
لا بد انكم رأيتم او سمعتم عن كل هذه الأمور — نزاعات عالمية تفوق الحروب السابقة، زلازل عظيمة، مجاعات وأوبئة واسعة الانتشار، بغض واضطهاد أتباع المسيح، كثرة الإثم، ازمنة صعبة لا تعرف خطورتها نظيرا. وعلاوة على هذه الأمور، ينبئ الكتاب المقدس مسبقا ان اللّٰه ‹سيهلك الذين يهلكون الأرض.› (رؤيا ١١:١٨) والبشر يهلكون الأرض الآن!
ففي تشرين الثاني الماضي، حملت الصحف عناوين رئيسية كهذا: «العلماء البارزون يحذرون من دمار الأرض.» وقال الدكتور هنري كندال، حائز جائزة نوبل ورئيس اتحاد العلماء القلقين: «ليس هذا التحذير مبالغة، وليس مهوِّلا.» وأخبرت مقالة في صحيفة: «ان القائمة بالـ ٥٧٥,١ عالما الذين صاغوا التحذير هي لعلماء معروفين في المجتمع العلمي الدولي.» وتحذيرهم من الإهلاك التام للأرض لا يجب تجاهله!
لا يمكن ان يكون هنالك شك في ذلك. فالعلامة بكل اجزائها تتم، بما فيها نبوة يسوع الرئيسية: «يكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم. ثم يأتي المنتهى،» نعم، منتهى هذا العالم. (متى ٢٤:١٤) فسيأتي، كما قال يسوع، عندما تكون بشارة ملكوت اللّٰه قد كُرز بها في كل العالم. وهذه الكرازة يقوم بها الآن شهود يهوه على النطاق المنبإ به مسبقا!
ما يلزمكم فعله
لذلك يشير الدليل بكامله الى الواقع ان عالم اللّٰه الجديد قريب جدا. ومع ذلك، اذا كنتم ستنجون من نهاية هذا العالم وتتمتعون بالحياة في العالم الجديد، يلزمكم فعل شيء. فبعد القول ان «العالم يمضي،» يظهر الكتاب المقدس ما هو مطلوب منكم، اذ يوضح: «أما الذي يصنع مشيئة اللّٰه فيثبت الى الأبد.» — ١ يوحنا ٢:١٧.
لذلك يلزمكم ان تتعلموا مشيئة اللّٰه وتصنعوها. ويسرُّ شهود يهوه ان يساعدوكم على ذلك. عندئذ يمكنكم ان تنجوا من نهاية هذا العالم لتتمتعوا الى الأبد ببركات عالم اللّٰه الجديد.
[مصدر الصورة في الصفحة ١٠]
NASA photo
[الصورة في الصفحة ١٠]
وقت اضطراب عظيم يسبق العالم الجديد مباشرة
-