-
الصفحة ٢استيقظ! ١٩٩٠ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
لطالما فتنت البشرَ فكرةُ وجود حياة خارج نطاق الارض. فمن الجهاز الكهربائي البدائي للسنة ١٨٩٩ (اعلى اليسار) الى المقاريب (التلسكوبات) الراديوية العملاقة (في الاسفل) التي استُعملت اول مرة في السنة ١٩٥٧ الى مستكشِفات الفضاء مثل ڤايكنڠ لسنة ١٩٧٦ (اعلى اليمين)، هنالك محاولة مستمرة للاتِّصال بالحياة في الفضاء الخارجي.
[مصدر الصورة في الصفحة ٢]
Drawing based on NASA photo
-
-
هل ثمة احد في الخارج؟استيقظ! ١٩٩٠ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
هل ثمة احد في الخارج؟
هنالك رجل في ماساتشوستس، الولايات المتحدة الاميركية، يقوم كجزء من عمله اليومي بتفحُّص ليكتشف ما اذا كانت اية رسائل قد وردت. ويوما بعد يوم لا تصل ولا واحدة. ولسنوات الآن لم تصل ولا واحدة. ولكنه لا يزال يقوم بالتفحُّص قانونيا، ويخيب امله قانونيا. هل هو غير محبوب من الناس؟ وهل آلة الاجابة التي له معطَّلة؟
لا هذا ولا ذاك. فهو يتفحَّص آلة ولكنها غير متَّصلة بخط هاتفي. انها كمپيوتر متَّصل بأذن الكترونية ضخمة موجَّهة، بعيدا عن عالمنا، الى اعماق الفضاء الخارجي: مِقراب راديوي radio telescope. وهذا الرجل يساعد فريقا من العلماء على مسح النجوم لأجل رسالة من كائنات من خارج الارض extraterrestrials ذكية، كائنات من خارج نطاق عالمنا.
والآخرون مثله صار لهم الآن ٣٠ سنة يتنصَّتون. ففي السنة ١٩٦٠ صار الفلكي فرانك درايك اول رجل يتنصَّت بمِقراب راديوي لعلامات ذكاء من خارج الارض. ومنذ ذلك الحين وضع الانسان في الواقع اذنيه في الفضاء. وقد أُجري حتى الآن نحو ٥٠ استكشافا موسَّعا مختلفا للسماء.
والمقاريب الراديوية في كل انحاء العالم اشتركت في التفتيش — في فرنسا، جمهورية المانيا الاتحادية، النَّذَرلند، اوستراليا، الاتحاد السوڤياتي، الارجنتين، الولايات المتحدة، وكندا. وكما عبَّر عن ذلك احد الاشخاص: «ان SETI [مختصَر باللغة الانكليزية يقابل ‹البحث عن ذكاء من خارج الارض› من قِبل الجنس البشري] يصير عالميا كالفضاء عينه.» وقد استقطبت ندوة حول الموضوع نحو ١٥٠ عالِما من ١٨ بلدا على امتداد القارات الخمس.
ولكنّ مشروع SETI الاكثر طموحا بعدُ من المنتظر اطلاقه في سنة ١٩٩٢. وتخطِّط ناسا NASA، الادارة القومية للطيران والفضاء في الولايات المتحدة، لاستعمال جهاز جديد قوي سوف يجعل من الممكن مسح ملايين التردُّدات الراديوية في الوقت عينه. ويُخطَّط ان يدوم البحث عشر سنوات بكلفة ٩٠ مليون دولار. وسوف يكون اكثر شمولا بنحو عشرة آلاف مليون مرة من كل الابحاث السابقة مجتمعة.
ولكن عندما يسأل الانسان عن الكون الشاسع، «هل ثمة احد في الخارج؟» فإنه يحتاج الى اكثر من عتاد التكنولوجيا العالية لإيجاد الجواب. وبطرائق كثيرة انه سؤال روحي. وفي تلمُّس الجواب يكشف الانسان عن بعض آماله العزيزة جدا: نهاية الحرب، نهاية المرض، وربَّما احراز الخلود عينه ايضا. ولذلك فإن الرهان كبير. ولكن بعد قرون من التساؤل وعقود من البحث، الى اي حدّ صار الانسان قريبا من الجواب؟
-
-
كائنات من خارج الارض — الحلم القديماستيقظ! ١٩٩٠ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
كائنات من خارج الارض — الحلم القديم
لم يخترع كتّاب قصص الخيال العلمي العصريون الفكرة عن كائنات من خارج الارض. فقبل نحو ٢٣ قرنا علَّم فيلسوف يوناني اسمه مترودوروس ان كونا يحتوي على مجرد عالَم مسكون واحد هو غير مرجَّح كحقل كبير يُنبت سنبلة حبوب واحدة. وكتب لوكريشيوس، شاعر روماني من القرن الاول، انه «في انحاء اخرى من الفضاء هنالك كواكب ارضية اخرى وعروق شتَّى من البشر.»
وهذا التعليم، المسمّى تعدُّد العوالم، كان مستنكَرا في العالم المسيحي طوال قرون كثيرة. ولكن منذ نحو السنة ١٧٠٠ الى الجزء الباكر من قرننا، فإن معظم الناس المثقَّفين، بمن فيهم بعض اعظم العلماء في التاريخ، آمنوا على نحو جازم بوجود حياة في عوالم اخرى. وفي الواقع، هوجم على نطاق واسع احد المربِّين في اواسط القرن الـ ١٩ عندما اجترأ على كتابة مقالة تنكر العقيدة.
وظهر ان الناس متشوِّقون الى الايمان بوجود كائنات من خارج الارض، حتى بناءً على اضعف الادلة. ففي سنة ١٨٣٥ كتب مراسل صحفي ان الفلكيين اكتشفوا حياة على القمر. وكتب ان حيوانات غريبة، نباتات غير مألوفة، وحتى اناسا صغارا ذوي اجنحة، يرفرفون ويومئون بأيديهم على نحو ظاهر، كلهم شوهدوا بواسطة مِقراب! فحلَّق توزيع صحيفته عاليا. وظلَّ كثيرون يؤمنون بالحكاية حتى بعدما افتضحتْ كخداع.
وكان العلماء متفائلين ايضا. ففي اواخر القرن الـ ١٩ كان الفلكي پرسيڤال لوويل مقتنعا بأنه استطاع ان يرى نظاما معقَّدا من القنوات على سطح كوكب المريخ. فرسم خرائط لها بالتفصيل وألَّف كتبا عن الحضارة التي شيَّدتها. وفي فرنسا كانت اكاديمية العلوم متأكِّدة جدا ان هنالك حياة على المريخ بحيث انها عرضت اعطاء جائزة لأول شخص يتَّصل بأحد من خارج الارض ما عدا المريخيين.
واقترح البعض خططا بالغة الغرابة للاتِّصال بالكائنات في العوالم القريبة، تتراوح بين اشعال حرائق هائلة في الصحراء الكبرى وزرع غابات ذات اشكال هندسية عبر سيبيريا. وفي سنة ١٨٩٩ اقام مخترع اميركي سارية تعلوها طابة نحاسية وبعث بنبضات كهربائية قوية بواسطتها لإعطاء اشارة للمريخيين. فوقف شعر رؤوس الناس، وتوهَّجت الانوار في محيط ٣٠ ميلا، ولكن لم يكن من جواب من المريخ.
كلهم امل
في حين ان التكنولوجيا وراء البحث الحاضر عن الحياة في عوالم اخرى قد تكون جديدة يبقى امر واحد دون تغيير: لا يزال العلماء واثقين ان الجنس البشري ليس وحده في الكون. وكما كتب الفلكي اوتو ڤوهرباخ في الصحيفة الالمانية نورنبرڠر نخريختن: «لا يكاد يوجد عالِم طبيعي لا يقول نعم اذا سُئل إنْ كانت هنالك حياة خارج الارض.» وجين بيلنسكي، مؤلِّف الحياة في كون داروين، عبَّر عن ذلك هكذا: «في اي يوم الآن، اذا كنا سنصدِّق علماء الفلك الراديوي، ستلمع اشارة من النجوم عبر فجوة الفضاء التي لا يمكن تصوُّرها لتنهي وحدتنا الكونية.»
ولماذا العلماء متأكِّدون جدا ان الحياة موجودة في عوالم اخرى؟ ان تفاؤلهم يبدأ بالنجوم. فهنالك الكثير جدا منها — آلاف الملايين في مجرتنا. ثم تبدأ الافتراضات. فبالتأكيد لا بدّ ان تكون لكثير من هذه النجوم كواكب ايضا تدور حولها، ولا بدّ ان تكون الحياة قد تطورت في بعض تلك العوالم. وباتِّباع هذا النهج من التفكير خمَّن الفلكيون ان هنالك نحوا من ألوف الى ملايين الحضارات هنا في مجرتنا نحن!
هل يهمّ؟
اي فرق يصنعه ما اذا كانت هنالك حياة خارج نطاق الارض ام لا؟ حسنا، يشعر العلماء ان ايّ الجوابين سيكون له وقع هائل في العائلة البشرية. فهم يقولون ان المعرفة اننا وحدنا في الكون ستعلِّم الجنس البشري ان يقيِّم الحياة هنا بالنظر الى كونها فريدة. ومن ناحية اخرى، يحلِّل عالم محترم ان الحضارات الغريبة ستكون على الارجح اكثر تقدُّما من حضارتنا بعدة ملايين من السنين وقد تشاركنا في حكمتها الواسعة. وقد تُعلِّمنا شفاء امراضنا، وإنهاء التلوث والحروب والجوع. وقد تظهر لنا ايضا كيفية التغلُّب على الموت نفسه!
فلا مزيد من المرض، الحرب، الموت — هذا النوع من الرجاء يعني الكثير للناس في ازمنتنا المضطربة. ولا شك انه يعني كذلك لكم انتم ايضا. ولكنكم ستوافقون على الارجح ان عدم وجود رجاء على الاطلاق هو افضل من الاتكال على رجاء كاذب. اذًا، من المهم بالنسبة الينا ان نكتشف ما اذا كان لدى العلماء اساس متين عندما يؤكِّدون ان الكون يعجّ بالعوالم المسكونة.
-
-
كائنات من خارج الارض — اين هي؟استيقظ! ١٩٩٠ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
كائنات من خارج الارض — اين هي؟
استنادا الى الكاتب العلمي اسحق عظيموف، ان ذلك «سؤال يفسد، نوعا ما، كل شيء» لأولئك الذين يؤمنون بوجود حياة في كواكب اخرى. وإذ طرحه اصلا الفيزيائي النووي انريكو فيرمي في سنة ١٩٥٠، توَّج السؤالُ جدلا جرى على نحو كهذا: اذا كانت قد نشأت حياة ذكية في كواكب اخرى في مجرتنا ينبغي ان توجد الآن حضارات كثيرة تسبق حضارتنا بملايين السنين. وينبغي ان تكون قد طورت رحلات بين النجوم منذ زمن بعيد وانتشرت في مجرتنا، مستعمرة ومستكشفة حسبما تشاء. فأين هي؟
وفي حين ان بعض علماء SETI تصعقهم على نحو لا يمكن انكاره «حجة فيرمي المُحَيِّرة» هذه فإنهم في اغلب الاحيان يردّون عليها بالاشارة الى مدى صعوبة السفر بين النجوم. فحتى بسرعة الضوء، مع انها هائلة، تحتاج السفينة الفضائية الى مئة ألف سنة لتقطع مجرتنا نحن فقط. وتجاوز هذه السرعة يُعتبر مستحيلا.
والخيال العلمي الذي يصوِّر سفنا تقوم برحلات سريعة من نجم الى آخر في ايام او ساعات فقط إنَّما هو وهم لا علم. فالمسافات بين النجوم شاسعة تتجاوز فهمنا تقريبا. وفي الواقع، اذا تمكنّا من بناء نموذج لمجرتنا بالغ الصغر بحيث تتقلَّص شمسنا (التي هي من الضخامة بحيث يمكنها استيعاب مليون كرة ارضية) الى حجم برتقالة، يظلّ معدّل المسافة بين النجوم في هذا النموذج ألف ميل!
من اجل ذلك يعتمد علماء SETI بقوة شديدة على المقاريب الراديوية؛ وهم يتصوَّرون انه بما ان الحضارات المتقدِّمة ربَّما لا تسافر بين النجوم فإنها مع ذلك ستبحث عن اشكال الحياة الاخرى بواسطة وسائل الموجات الراديوية الرخيصة والسهلة نسبيا. لكنّ حجة فيرمي المُحَيِّرة لا تزال تلازمهم.
وقد استنتج الفيزيائي الاميركي فريمان ج. دايسون انه اذا كانت الحضارات المتقدِّمة موجودة في مجرتنا ينبغي ان يكون ايجاد الدليل عليها بسهولةِ ايجاد علامات حضارة تكنولوجية في جزيرة مانهاتن في مدينة نيويورك. وينبغي ان تضجّ المجرة بإشارات الغرباء ومشاريعهم الهندسية الهائلة. ولكن لم يوجد شيء. وفي الواقع، لاحظت مقالة عن الموضوع أنّ «فُتِّشَت، لم يوجد شيء» قد صارت اشبه بترنيمة دينية لفلكيّي SETI.
الشكوك تبدأ
بدأ عدد من العلماء يدركون ان زملاءهم افترضوا فرضيات متفائلة تتجاوز الحد كثيرا في معالجة هذا السؤال. ومثل هؤلاء العلماء يخلُصون الى عدد اقلّ بكثير من الحضارات المتقدِّمة في مجرتنا. فيقول البعض انه ليس هنالك سوى واحدة — نحن. ويقول آخرون انه رياضيا، يجب ان يكون هنالك اقلّ من واحدة — فحتى نحن يجب ألاّ نكون هنا!
ليست صعبة رؤية الاساس لتشكُّكهم. ويمكن إجماله بسؤالين: لو كانت مثل هذه الكائنات من خارج الارض موجودة، فأين تعيش؟ وكيف وصلت الى هناك؟
‹تعيش في الكواكب،› قد يجيب البعض عن السؤال الاول. ولكنْ هنالك كوكب واحد فقط في نظامنا الشمسي غير عدائي للحياة تماما، الكوكب الذي نشغله نحن. ولكن ماذا عن الكواكب التي تدور حول ألوف ملايين النجوم الاخرى في مجرتنا؟ ألا يمكن لبعضها ان يأوي الحياة؟ الواقع هو انه حتى الآن لم يبرهن العلماء بصورة قاطعة على وجود كوكب واحد خارج نظامنا الشمسي. ولمَ لا؟
لأن اكتشاف واحد صعب للغاية. فبما ان النجوم بعيدة جدا والكواكب لا تبثّ اي ضوء من تلقاء نفسها، يكون اكتشاف حتى كوكب عملاق كالمشتري كمحاولة تحديد موقع ذرة غبار عائمة حول مصباح ضوئي قوي على بعد اميال.
وحتى لو كانت مثل هذه الكواكب موجودة — وقد تراكمت بعض الادلة غير المباشرة لتدلّ على وجودها — فذلك لا يعني بعدُ انها تدور بالضبط حول نوع النجم المناسب في المحيط المجرِّي المناسب، على البعد المناسب بالضبط من النجم، وأنها هي نفسها بالضبط ذات الحجم والتركيب المناسبين لدعم الحياة.
اساس متصدِّع
وحتى اذا وُجدت كواكب كثيرة تفي بالشروط الصارمة الضرورية لدعم الحياة كما نعرفها يبقى السؤال، كيف تنشأ الحياة في هذه العوالم؟ ويأتي بنا ذلك الى الاساس عينه للاعتقاد بوجود كائنات في العوالم الاخرى — التطور.
بالنسبة الى علماء كثيرين يبدو منطقيا الاعتقاد بأنه اذا امكن ان تتطور الحياة من مادة غير حية في هذا الكوكب، فذلك يمكن ان يصحّ في كواكب اخرى ايضا. وكما عبَّر عن ذلك احد الكتبة: «التفكير العام بين علماء الاحياء هو ان الحياة تبدأ كلما أُعطيت بيئة يمكنها ان تبدأ فيها.» ولكن هنا يواجه التطور اعتراضا مستعصيا. فعلماء التطور لا يستطيعون حتى ان يشرحوا كيف بدأت الحياة في هذا الكوكب.
والعالمان فرِد هويل وتشاندرا ويكْرَماسينڠ يقدِّران ان احتمال تشكُّل الانزيمات الحيوية للحياة بالصدفة هو واحد من ١٠٠٠٠,٤٠ (١ مع ٠٠٠,٤٠ صفر بعده). والعالمان فينبرڠ وشاپيرو يذهبان الى ابعد ايضا. ففي كتابهما الحياة خارج نطاق الارض يحدِّدان احتمال اتخاذ المادة في حساء عضوي الخطوات الابتدائيةَ الاولى نحو الحياة بواحد من ١٠٠٠٠,٠٠٠,١. وإذا كنا سنكتب هذا العدد يكون سُمك هذه المجلة التي في يدكم اكثر بكثير من ٣٠٠ صفحة!
هل تجدون من الصعب الإحاطة بهذين الرقمين المربكين؟ ان كلمة «مستحيل» هي سهلة التذكُّر اكثر، وهي بمثل دقتهما.a
ومع ذلك، يفترض فلكيّو SETI بابتهاج ان الحياة لا بدّ ان تكون قد نشأت بالصدفة في كل انحاء الكون. وجين بيلنسكي، في كتابه الحياة في كون داروين، يخمِّن شتّى الطرق التي قد يكون التطور سلكها في العوالم الغريبة. وهو يقترح ان الاخطبوطات الذكية، الناس الجِرابيِّين ذوي الاكياس على بطونهم، والاشخاص الخفافيش الذين يصنعون الآلات الموسيقية ليسوا بعيدي الاحتمال على الاطلاق. وقد أثنى علماء مشهورون على كتابه. ومن ناحية اخرى، يرى علماء آخرون، مثل فينبرڠ وشاپيرو، الصدع الواسع في تفكير كهذا. فهما ينتقدان بقسوة «الضعف في الأُسس الاختبارية الجوهرية» لنظريات العلماء في كيفية ابتداء الحياة على الارض. ولكنهما يلاحظان ان العلماء مع ذلك «استعملوا هذه الأُسس ليقيموا ابراجا تمتدّ الى آخر الكون.»
الدين الخاطئ
قد تتساءلون، ‹لماذا يُسلِّم علماء كثيرون بالمستحيل؟› والجواب بسيط ومحزن نوعا ما. فالناس يميلون الى الايمان بما يريدون ان يؤمنوا به. والعلماء، على الرغم من كل ادِّعاءاتهم بالموضوعية، ليسوا مستثنَين من هذا الضعف البشري.
ويلاحظ هويل وويكْرَماسينڠ ان «النظرية ان الحياة ركَّبها عقل ذكي» هي «الى حدّ بعيد» اكثر احتمالا من التولُّد التلقائي. وهما يضيفان: «فعلا، ان مثل هذه النظرية هي من الوضوح بحيث يتساءل المرء لماذا ليست مقبولة على نحو واسع بصفتها بديهية. والاسباب نفسية اكثر منها علمية.» نعم، ينفر علماء كثيرون من فكرة خالق مع ان الدليل يشير الى هذا الاتجاه. وفي هذه الاثناء ابتكروا دينا خاصا بهم. وكما يرى الامرَ المؤلِّفان المذكوران آنفا فإن الداروينية ببساطة تستبدل كلمة «اللّٰه» بكلمة «الطبيعة.»
ولذلك جوابا للسؤال، «هل ثمة احد في الخارج؟» من الواضح ان العلم لا يقدِّم اي اساس للاعتقاد بوجود حياة في كواكب اخرى. وفي الواقع، اذ تمرّ السنون ويستمر الصمت من النجوم يصير SETI إحراجا متزايدا للعلماء الذين يؤمنون بالتطور. فإذا كانت شتّى انواع الحياة تتطور بسهولة من اللاحياة فلِمَ لا نتلقَّى منها شيئا في هذا الكون الشاسع؟ اين هي؟
ومن ناحية اخرى، اذا كان السؤال ينتمي الى حيز الدين فكيف نجد جوابا؟ هل خلق اللّٰه الحياة في عوالم اخرى؟
[الحاشية]
a ان باقي نظرية التطور حافل بالمتاعب الى حدّ معادل. من فضلكم اقرأوا الكتاب الحياة — كيف وصلت الى هنا؟ بالتطور ام بالخلق؟ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
[الاطار في الصفحة ٨]
زوَّار من الخارج؟
يعتقد اناس كثيرون ان كائنات من خارج الارض تزور الانسان او سبق ان زارته في الماضي. وينبذ العلماء عموما هذه الادِّعاءات؛ ويوردون النقص في الادلة الممكن اثباتها في كل الحالات ويجزمون ان معظم مشاهدات الـ UFO (اجسام طائرة غير محدَّدة) يمكن تفسيرها بالظواهر الطبيعية. ويميلون الى نسب ادِّعاءات الخطف الى المناطق غير المستكشَفة من النفس البشرية المضطربة او الى الحاجات النفسية والدينية.
ولاحظ احد كتّاب قصص الخيال العلمي: «ان الحافز الى استقصاء هذه السخافات والايمان بها هو ديني تقريبا. لقد اعتدنا ان تكون لنا آلهة. والآن نريد ان نشعر بأننا لسنا وحدنا، أن قوى واقية تراقبنا.» وإضافة الى ذلك، ان بعض اختبارات الـ UFO تفوح منها رائحة علوم الغيب اكثر من العلم.
لكنّ علماء كثيرين يؤمنون بوجود «زوَّار» على طريقتهم الخاصة. فهم يرون استحالة نشوء الحياة بالصدفة على الارض، ولذلك يدَّعون انها لا بدّ ان تكون قد جُرِفت الى هنا من الفضاء. ويقول البعض ان الغرباء زرعوا كوكبنا بالحياة بإرسال صواريخ محمَّلة جراثيم (بكتيريا) بدائية. حتى ان عالِما اقترح ان الغرباء قد زاروا كوكبنا قبل عصور وأن الحياة قد نشأت بالصدفة من النفايات التي تركوها وراءهم! وبعض العلماء يستخلصون الاستنتاجات من الدليل ان الجزيئات العضوية البسيطة شائعة الى حدّ ما في الفضاء. ولكن هل ذلك حقا دليل على تشكُّل الحياة بالصدفة؟ هل يكون مخزن الخُردَوات دليلا على ان السيارة لا بدّ انها تبني نفسها عَرَضا هناك؟
[الصورة في الصفحة ٧]
حتى لو وُجدت كواكب اخرى صالحة للسكن، فهل هنالك اي دليل على امكان نشوء الحياة فيها بالصدفة؟
-
-
كائنات من خارج الارض — إيجاد الجواباستيقظ! ١٩٩٠ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
كائنات من خارج الارض — إيجاد الجواب
في ١٧ شباط ١٦٠٠ أُحرق حيًّا رجل اسمه جيوردانو برونو في ساحة عامة في روما، ايطاليا. ولماذا؟ لقد اساءت كتاباته الى الكنيسة. وبين امور اخرى علَّم بأن هنالك عوالم مسكونة كثيرة في الكون. وقديما في القرن الـ ١١ كانت الكنيسة قد اعلنت ان هذه العقيدة، تعدُّد العوالم، هرطقة. وتعليمها كان يعني الموت. وقد مات برونو.
وحتى القرن الـ ١٩ فإن النقاش حول ما اذا كانت الحياة موجودة في عوالم اخرى جرت متابعته في ميدان الدين. وطوال قرون أصرّ القادة الدينيون والعلماء الذين تحت نفوذهم على ان الارض هي مركز الكون؛ ان الكون خُلق في السنة ٤٠٠٤ قم؛ وهلمَّ جرًّا.
لا عجب اذًا ان يُكِنَّ كثيرون من العلماء وغيرهم احتراما قليلا للدين. ولكن في هذه الاثناء خسر كثيرون احترامهم للكتاب المقدس ايضا، متصوِّرين انه مصدر كل تلك المفاهيم الخاطئة. وما من شيء يمكن ان يكون بعيدا عن الحقيقة اكثر من ذلك.
لا يدَّعي الكتاب المقدس انه كتاب علوم دراسي. ومع ذلك فهو ليس غير دقيق ابدا عندما يتطرَّق الى موضوع الكون او اية مسألة علمية. مثلا، لا يقول الكتاب المقدس ابدا ان الارض والانسان هما مركز الكون. وعلى الضد من ذلك، اظهر كتبته الموحى اليهم إحساسا واضحا بمبلغ تفاهة الانسان بالمقارنة مع الكون الشاسع. — مزمور ٨:٣، ٤.a
اذًا، بحسب الكتاب المقدس، هل ثمة احد في الخارج؟
الكتاب المقدس يجيب
بحسب الكتاب المقدس ليست الحياة خارج الارض موجودة وحسب بل هي موجودة بوفرة. وهي أعقد، اكثر اثارة للاهتمام، وقابلة للتصديق اكثر ممّا حلم به علماء التطور وكتّاب قصص الخيال العلمي وصانعو الافلام. فأوَّلا وآخرا، ان الكائن الذي من خارج الارض إنّما هو كائن ناشئ خارج هذه الارض وجوّها.
ويتساءل العلماء عمّا اذا كان ممكنا وجود اشكال حياة تتجاوز قدرتنا على اكتشافها. ويؤكِّد لنا الكتاب المقدس ان كائنات كهذه موجودة فعلا. ولكنها ليست منتوجات التطور. وكسائر الحياة في الكون، في ايّما شكل كانت، فقد اتت من مصدر الحياة، يهوه اللّٰه. فهو كائن روحاني، وقد خلق ربوات الكائنات الروحانية الاخرى ذات الانواع المختلفة: الملائكة، الكروبيم، والسرافيم. وهم ينجزون اعمالا ووظائف مختلفة في هيئته السماوية المعقَّدة. — مزمور ١٠٤:٤؛ عبرانيين ١٢:٢٢؛ رؤيا ١٩:١٤.
ماذا عن الحياة في كواكب اخرى؟
تصرّ بعض الشخصيات الدينية ذات النفوذ ان اللّٰه لا يخلق اي عالَم بدون قصد وأن كل العوالم الصالحة للسكن لا بدّ بالتالي ان تكون مسكونة. فهل ذلك ما يقوله الكتاب المقدس؟ لا. فالكتاب المقدس يشير الى انه من المستبعَد جدا ان يكون اللّٰه في هذه المرحلة قد خلق مخلوقات مادية ذكية على اية كواكب غير كوكبنا نحن. وكيف ذلك؟
اذا كان اللّٰه قد خلق كائنات كهذه يكون قد فعل ذلك قبلما خلق آدم وحواء. وكائنات كهذه إمّا بقيت امينة لخالقها او اخطأت كآدم وحواء وسقطت في النقص.
ولكنها اذا صارت ناقصة تكون قد احتاجت الى فادٍ. وكما عبَّر عن ذلك احد كتبة المقالات: «لدى المرء هذه الفكرة المريعة انه يوم الجمعة [يوم أُعدم يسوع المسيح]، وكل جمعة، في مكان ما في الكون يُعلَّق يسوع عاليا لأجل خطايا شخص ما.» ولكنّ ذلك ليس مؤسَّسا على الاسفار المقدسة. فالكتاب المقدس يخبرنا ان يسوع «قد مات . . . للخطية مرة واحدة.» — رومية ٦:١٠.
وماذا اذا كانت هذه الكائنات قد بقيت كاملة؟ حسنا، عندما اخطأ آدم وحواء كانا في الواقع يشكّان في حق اللّٰه ان يحكم على عالَم الكائنات المادية الذكية. فإذا كان كوكب آخر موجودا في ذلك الوقت، عالَم ملآن كائنات مادية ذكية تحيا بانسجام وولاء تحت حكم اللّٰه، أمَا كانت استُدعيَت كشهود لتشهد ان حكم اللّٰه ينجح فعلا؟ يبدو ان لا مفرّ من هذا الاستنتاج، لأنه سبق واستعمل حتى البشر الناقصين كشهود لمصلحته في هذه القضية عينها. — اشعياء ٤٣:١٠.
اذًا، هل يعني ذلك ان اللّٰه خلق كل تلك الملايين التي لا تُحصى من الشموس (والكواكب اذا ما وُجدت) لغير قصد؟ كلا على الاطلاق. فبينما نعرف، اذ نتأمَّل في كون يسوع المسيح فريدا، ان الارض هي الكوكب المسكون الوحيد في الكون الآن، وبينما نعرف ايضا انها ستبقى الى الابد فريدة بصفتها الكوكب حيث برَّأ الخالق صواب حكمه، فإننا لا نعرف ما يخبِّئه المستقبل.
لسنا وحدنا
يوما بعد يوم وسنة تلو سنة يواصل فلكيّو SETI تمشيط السموات بحثا عن اشارات من حياة ذكية. وهم يشعرون ان بحثهم قد يستغرق عقدا آخر، او قد يستغرق قرنا. فيا للسخرية! انهم ينفقون حياتهم، آمالهم، ومبالغ ضخمة من المال بحثا عن اشارة تلقّاها الجنس البشري قبل قرون. لأن الكتاب القدس نفسه هو رسالة من ذكاء من خارج الارض، وهو اسمى في كل النواحي من الاشارات التي يتصوَّرها حتى اكثر العلماء تفاؤلا. — انظروا الاطار في الصفحة ١٠.
فكيف يستجيب الجنس البشري للرسالة الاصيلة الوحيدة التي من خارج الارض؟ وكيف يستجيب البشر عموما للكتاب المقدس؟ انهم يتجاهلونه. وهم يسيئون تطبيقه عمدا من اجل غاياتهم. ويهينون مرسِله بمجموعة هائلة من التعاليم الخرافية التي لا اساس لها. حتى انهم يدْعونه خداعا وينكرون الوجود عينه لمرسِله. ولا حاجة الى القول ان خالقنا كان ابعد من ان يُسر باستجابة البشر. ومع ذلك، فهو يستمر في الاتِّصال. وبواسطة كلمته يثقِّف ملايين الناس اليوم في طرق السلام. وهؤلاء الناس يمثِّلون يهوه ويحملون اتِّصالاته الى العالم. ولكنّ اقلِّيّة صغيرة فقط من الجنس البشري تصغي اليهم. والعالم عموما يحوِّل اذنا صمّاء. — اشعياء ٢:٢-٤؛ متى ٢٤:١٤.
ولكنْ، من المفرح ان كل واحد منا يمكنه الاتِّصال بأعظم كائن في الكون، وذلك بدون التكنولوجيا الغالية، بدون الانتظار عصورا من اجل رسائل تقطع فراغ الفضاء. ويمكنكم ان تتنصَّتوا الآن بدرس كتابكم المقدس والبرهان لنفسكم ما اذا كان آتيا فعلا من مصدر فوق الطبيعة البشرية. ويمكنكم ان تستجيبوا بالصلاة وبالطريقة التي بها تحيون حياتكم. فنحن لسنا وحدنا. وخالقنا يعِد بأنه «عن كل واحد منا ليس بعيدا.» — اعمال ١٧:٢٧؛ انظروا ايضا ١ أخبار الايام ٢٨:٩.
وهو لم يُنهِ اتِّصاله بالبشرية. لقد وَعَد ان يغيِّر على نحو جذري مجرى تاريخ العالم، ان ينهي اندفاع الجنس البشري الجامح الى تدمير الذات بهدم نظام الاشياء غير الصالح للعمل هذا هدما كاملا واستبداله بحكومة من صنعه، حكومة تعمل حقا لخير الجميع. (دانيال ٢:٤٤؛ اشعياء ٩:٦، ٧) نعم، ان الاتِّصال التالي من اعظم ذكاء من خارج الارض يعِد ان يأتي في شكل عمل، لا كلام. — ٢ تسالونيكي ١:٦-٩.
[الحاشية]
a من اجل الدليل على ان الكتاب منسجم مع العلم المبرهَن، انظروا من فضلكم الكتاب الكتاب المقدس — كلمة اللّٰه أم الانسان؟ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
[الاطار في الصفحة ١٠]
الرسائل التي يرجوها العلماء الرسالة التي يتجاهلونها
في بحثهم عن ذكاء من خارج الارض: — كلمة اللّٰه، الكتاب المقدس:
٭قد تكون انذارات كاذبة، اذ ليست ٭تأتي يقينا من ذكاء من خارج
هذه غير شائعة؛ الخُدَع ممكنة. الارض فوق الطبيعة البشرية.
٭قد تُقدِّم الثقافة وفوائد ٭تزوِّد الثقافة يقينا للملايين
ملايين السنين من الخبرة. حاليا، مع فوائد حكمةٍ اقدم من
الكون. — ايوب ٣٦:٢٦؛ مزمور ١٠٣:١٤؛
٭قد تُعلِّمنا تجنُّب محرقة ٭تعلِّم السلام يقينا للملايين الآن؛
نووية وكل الحروب. ويعِد مؤلِّفها بحفظ الارض الى الابد
وإهلاك الذين يهلكونها. — مزمور
١٠٤:٥؛ اشعياء ٢:٢-٤؛ رؤيا ١١:١٨.
٭قد تُقدِّم الشفاء من الامراض ٭قد اظهر مؤلِّفها قدرته على شفاء
وحتى الموت؛ فيبقى الموت كل الامراض؛ وهو يعِد بإنهاء الموت
بالحوادث فقط. وإبطال تأثيراته على السواء، جالبا
الحياة الابدية. — لوقا ٧:٢٢؛ يوحنا
٢٠:٣٠، ٣١؛ رؤيا ٢١:٤.
٭قد تنهي ‹الوحدة الكونية› ٭مؤلِّف الكتاب المقدس هو الآن
للجنس البشري. «عن كل واحد منا ليس بعيدا.»
— اعمال ١٧:٢٧.
٭قد تستحيل ترجمتها؛ تتطلَّب ٭هي بسهولة في متناول العائلة
ألوف — وربَّما ملايين — السنين البشرية. فيمكننا ان نقرأها الآن
للاستجابة والتحادث. ونستجيب. ورسائلنا يجري تسلُّمها
فورا. — يوحنا ١٧:٣؛ ١ تسالونيكي
٥:١٧؛ ١ بطرس ٣:١٢.
٭كل الامور الآنفة الذكر ٭ايماننا بالامور الآنفة الذكر
مؤسَّسة على التخمين والافتراض. مؤسَّس على الدليل والمنطق.
— عبرانيين ١١:١.
[الصورة في الصفحة ١١]
يمكننا الاتِّصال بأعظم كائن في الكون
-