مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • سنوات التكوُّن —‏ عندما تكون الحاجة ماسة الى بذل قصارى جهدكم
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • سنوات التكوُّن —‏ عندما تكون الحاجة ماسة الى بذل قصارى جهدكم

      يُقال ان الاولاد هم «ميراث من عند الرب.‏» ويُقال انهم «مثل غروس الزيتون حول مائدتك.‏» (‏مزمور ١٢٧:‏٣؛‏ ١٢٨:‏٣‏)‏ ويجري ارشاد الوالدين ان ‹يربُّوهم بتأديب الرب وانذاره.‏› —‏ افسس ٦:‏٤‏.‏

      اذا كنتم ستقلِّمون شجر الزيتون ليحمل ثمرا جيدا،‏ فإن الوقت لفعل ذلك هو فيما يكون ‹مثل الغروس حول مائدتكم.‏› فالغصون اذا قوَّمْتَها اعتدلَت.‏ وإذا كنتم ستدرِّبون اولادكم ليعملوا بموجب طرق اللّٰه،‏ فإن افضل وقت لفعل ذلك هو منذ طفوليتهم.‏ «ربّ الولد في طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه.‏» (‏امثال ٢٢:‏٦؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٥‏)‏ ففي الطفولية يمتص الدماغ المعلومات بسرعة عالية،‏ اسرع مما سيفعل ثانية على الاطلاق.‏ فإنه وقتكم المناسب لتبذلوا قصارى جهدكم من اجل اولادكم.‏

      كتب ماسارو إيبوكا،‏ مؤسس شركة سوني،‏ كتابا عنوانه روضة الاطفال متأخرة جدا!‏ وظهرت على غلافه هذه الكلمات:‏ «ان المقدرة الكامنة لولدكم على التعلُّم هي اعظم خلال السنتين او الثلاث الاولى من الحياة.‏ لذلك،‏ لا تنتظروا .‏ .‏ .‏ فإن روضة الاطفال متأخرة جدا!‏»‏

      وفي مقدمة الكتاب،‏ يقول ڠلين دومان،‏ مدير مؤسسات تحقيق المقدرة البشرية الكامنة،‏ ما يلي:‏ «كتاب السيد إيبوكا الرائع واللطيف،‏ لا يقدم آراء بالغة الاهمية من ايّ نوع كان.‏ انه يقترح ببساطة ان الاولاد الصغار يملكون في داخلهم القدرة على تعلُّم ايّ شيء تقريبا عندما يكونون صغارا.‏ انه يقترح ان ما يتعلمونه دون ايّ جهد واعٍ في السنة الثانية،‏ الثالثة او الرابعة من العمر لا يمكن تعلُّمه إلا بجهد كبير،‏ او ربما لا يجري تعلُّمه على الاطلاق،‏ في وقت لاحق من الحياة.‏ انه يقترح ان ما يتعلمه الراشدون بعناء يتعلمه الاولاد بفرح.‏ انه يقترح ان ما يتعلمه الراشدون ببطء،‏ يتعلمه الاولاد الصغار بسرعة تقريبا.‏ انه يقترح ان الراشدين يتجنبون التعلُّم احيانا،‏ في حين ان الاولاد الصغار يفضِّلون ان يتعلموا على ان يأكلوا.‏»‏

      ان السبب الذي من اجله قال إيبوكا ان روضة الاطفال متأخرة جدا هو انه في ذلك الوقت تكون افضل سنوات الولد للتعلُّم قد مرّت.‏ ولكن هنالك سبب آخر.‏ ففي هذه الايام بلغ الانحلال الخلقي روضة الاطفال،‏ فقبل ان يصل الولد الى هناك،‏ يلزم الوالدين ان يغرسوا في الولد مجموعة قوانين ادبية قوية لحمايته من التلوُّث.‏

      وهذه الحاجة يظهرها تقرير من والدَي صبي بعمر ست سنوات كان قد دخل منذ وقت قصير الى روضة الاطفال.‏ «خلال الاسبوع الاول في روضة الاطفال،‏ تعرَّض ولد لابننا جنسيا خلال الدقائق الـ‍ ١٥ من ركوبه باص المدرسة.‏ واستمر ذلك طوال عدة ايام.‏ ولم يكن ذلك مجرد لعب اولاد او تمثيل دور الطبيب بل كان تصرفا شاذا وغير متحفظ.‏

      ‏«يحضر اولاد كثيرون في صف ابننا افلاما سينمائية من الفئة R [غير المتحفظة او العنيفة جنسيا] مع والديهم.‏ فقد يعتبر الوالدون ان اخذهم معهم هو آمن اكثر من تركهم تحت الرعاية المشكوك فيها للحاضنة.‏ وبعض الاولاد يشاهدون افلاما من الفئة R و X [التي يُحظَر على مَن هم دون سن معيَّنة ان يشاهدوها] إما بواسطة التلفزيون الكبلي او الافلام التي يتركها والدوهم في البيت.‏

      ‏«ان قيمة غرس المبادئ الادبية في ابننا خلال سنوات تكوُّنه،‏ من الطفولية فصاعدا،‏ انطبعت في ذهننا بسبب حادثة مخجلة في بيتنا.‏ فمع بعض الضيوف الراشدين كانت هنالك بنت بعمر اربع سنوات.‏ وكانت هي وابننا،‏ الذي جرى ارشاده باعتناء ان الجنس هو للراشدين المتزوجين فقط،‏ في غرفة ألعابه.‏ فأرادت ان تلعب وكأنهما متواعدان وأوضحت انه يجب ان يستلقي.‏ وعندما فعل ذلك ببراءة،‏ استلقت هي فوقه.‏ فخاف وصرخ:‏ ‹هذا للناس المتزوجين فقط!‏› واذ افلت وركض الى خارج الغرفة،‏ صرختْ بصوت عال:‏ ‹لا تخبر احدا!‏›» —‏ قارنوا تكوين ٣٩:‏١٢‏.‏

      وما يلي هو بعض الامور التي تحدث في القسم المركزي من المدن وفي الضواحي على السواء —‏ الامور التي يجب حماية اولادكم الصغار منها من الطفولية فصاعدا.‏

      جرى اتهام صبيَّين بعمر سبع سنوات باغتصاب بنت بعمر ست سنوات في مرحاض المدرسة العام.‏ ثلاثة صبيان بعمر ست،‏ سبع،‏ وتسع سنوات،‏ اعتدوا جنسيا على بنت بعمر ست سنوات.‏ صبي بعمر ثماني سنوات مارس السدومية مع ولد في روضة الاطفال.‏ صبي بعمر ١١ سنة اتُّهم باغتصاب بنت بعمر سنتين.‏ ويؤكد بعض المعالِجين ان مسيئين كهؤلاء غالبا ما كانوا ضحايا الاساءة الجنسية عندما كانوا صغارا جدا.‏

      جرى اثبات ذلك في حالة احد الصبيان الصغار.‏ فعندما كان طفلا،‏ استخدمته خالته البالغة ٢٠ سنة من العمر لممارسة الجنس الفموي معه.‏ ومن عمر ١٨ شهرا حتى ٣٠ شهرا،‏ كان يخضع لهذه الاساءة الجنسية.‏ وبعد سنتين او ثلاث سنوات كان هو يتحرش ببنات صغيرات.‏ وعندما بدأ يذهب الى المدرسة،‏ استمر في هذا النشاط وطُرد من المدرسة في السنة الابتدائية الاولى ومرة اخرى في السنة الابتدائية الثانية.‏

      الحاجة الى التدريب الباكر

      ان الفشل الابوي في منح التدريب الملائم خلال سنوات التكوُّن يمهِّد السبيل للجُناح،‏ الذي يمكن ان يفتح الطريق لجرائم اخطر بكثير:‏ التخريب المتعمِّد،‏ السطو،‏ والقتل.‏ وما يلي هو بعض النماذج القليلة لمثل هذه الامور.‏

      ثلاثة بعمر ست سنوات نهبوا بيت احد رفاقهم في اللعب،‏ موقعين الخراب فعليا في كل غرفة فيه.‏ مخرِّب بعمر تسع سنوات اتُّهم باحداث ضرر جنائي،‏ بالاضافة الى عمليات سطو،‏ تهديد ولد آخر بسكين،‏ واضرام النار في شعر احدى البنات.‏ صبيّان بعمر ١١ سنة ادخلا بالقوة مسدسا من عيار تسعة ملِّيمترات في فم ولد بعمر ١٠ سنوات وسرقا ساعته.‏ صبي بعمر عشر سنوات اطلق النار فقتل بنتا بعمر سبع سنوات بسبب جدال حول لعبة ڤيديو.‏ ولد آخر بعمر عشر سنوات اطلق النار على رفيقه في اللعب وأخفى الجثة تحت البيت.‏ ولد بعمر خمس سنوات دفع طفلا في اول مشيه لموته من مهوى درج الطابق الخامس.‏ ولد بعمر ١٣ سنة اشترك مع حدثين في خطف ولد بعمر ٧ سنوات للحصول على المال من عائلته،‏ ولكن حتى قبل ان يتصلوا هاتفيا بالعائلة للمطالبة بالفدية،‏ دفنوا الصبي حيا.‏

      ثم في ختام الامر،‏ هنالك رعب عصابات المراهقين،‏ المسلحين ببنادق،‏ الذين يجولون في الشوارع،‏ يشنّون معارك مسلَّحة،‏ والرصاص يتطاير،‏ فلا يقتلون واحدهم الآخر فحسب بل الاولاد الابرياء والراشدين الذين يصابون بالنيران المتقاطعة.‏ انهم يوقعون الرعب في الكثير من المناطق في المدن الكبيرة —‏ في مقاطعة لوس انجلوس وحدها،‏ «هنالك ما يزيد على ٠٠٠‏,١٠٠ عضو في اكثر من ٨٠٠ عصابة معروفة.‏» (‏السابعة عشرة،‏ آب ١٩٩١)‏ وكثيرون هم من بيوت محطَّمة.‏ فتصير العصابة عائلتهم.‏ كثيرون ينتهي بهم الامر الى السجن.‏ وكثيرون ينتهي بهم الامر الى الموت.‏ وهذه المقتطفات من ثلاث رسائل كُتبت من السجن هي نموذجية.‏

      الاول:‏ ‹انا في معتقل بسبب محاولة سلب.‏ كنا اربعة.‏ ثم اتت الشرطة.‏ فركض اثنان من رفاقي في العصابة في طريق،‏ وركضت انا ورفيقي الآخر في طريق آخر،‏ لكن ليس اسرع من الكلاب البوليسية التي قبضت علينا.‏ وعندما اخرج من السجن،‏ ارجو ان اكون يوما ما شخصا مختلفا.‏ فالذهاب الى المدرسة والحصول على علامات جيدة كان دائما امرا صعبا جدا عليّ.‏ ولكن يا صديقي،‏ لا شيء اصعب من قضاء الوقت في السجن!‏›‏

      الثاني:‏ ‹عندما اتيت لأول مرة من المكسيك،‏ كنت بعمر ثماني سنوات فقط.‏ عندما صرت بعمر ١٢ سنة،‏ كنت في عصابة.‏ وعندما صرت بعمر ١٥ سنة،‏ كنت متورطا جدا فيها.‏ وكنت اقوم باطلاق النار على الناس من السيارة.‏ فقد كان مسدسي في حوزتي دائما.‏ وعندما كنت بعمر ١٦ سنة،‏ اصبت بطلقات نارية فكدت اموت.‏ وشكرت الرب لانه لم يردني بعد لانني لم اكن على استعداد لمرافقته.‏ وحتى الآن لديَّ آثار ثقوب الرصاص في رجليّ.‏ لذلك،‏ نصيحتي هي ان لا تنضموا الى عصابة!‏!‏!‏ وإلا فستكونون منفردين ومقعدين في السجن مثلي!‏›‏

      الثالث:‏ ‹كنت معروفا بأنني عضو في عصابة منذ كنت بعمر ١١ سنة.‏ طُعنت اربع مرات،‏ اصبت بطلقات نارية ثلاث مرات،‏ وأُخذت مكبَّلا الى السجن وضُربت مرارا كثيرة بحيث يصعب عدّها.‏ والامر الوحيد الباقي لي هو الموت،‏ إلا انني كنت مستعدا لذلك كل يوم منذ صرت بعمر ١٣ سنة،‏ وأنا بعمر ١٦ سنة الآن.‏ وفي الوقت الحاضر اقضي مدة العقوبة البالغة ثمانية اشهر وفي غضون سنوات قليلة سأكون ميتا،‏ ولكن يمكنكم ان تتجنبوا الامر كله بعدم الانضمام الى عصابة.‏›‏

      انتهزوا الوقت المناسب

      والآن،‏ ليس هدف كل ذلك ان نقول ان الفشل في تدريب الاولاد خلال سنوات التكوُّن سيؤدي حتما الى هذه الجرائم الرهيبة.‏ ولكنَّ الفشل في فعل ذلك يمكن ان يقود الى سلوك هدَّام،‏ قد يتطور الى جُناح،‏ واذا استمر دون ضبط،‏ فقد يتحوَّل الجُناح فجأة الى سلوك اجرامي،‏ سجن،‏ وموت.‏

      وضبط اية ميول كهذه في اولادكم يتم في سنوات ما قبل المراهقة بسهولة اكثر بكثير من الانتظار الى ان يبلغوا سنوات مراهقتهم.‏ وفي الواقع،‏ تكون سنوات ما قبل روضة الاطفال هي الوقت للابتداء بذلك،‏ حيث يُصرف معظم وقتهم معكم في اثناء سنوات التكوُّن،‏ قبل ان تنافس التأثيرات الخارجية في الحصول على انتباههم.‏ وان لم تكونوا قريبين منهم في طفوليتهم،‏ فربما لن يدعوكم تقتربون منهم في سنوات مراهقتهم.‏ وقد تكتشفون ان نظراءهم حلّوا محلكم.‏ ولذلك فإن المشورة للوالدين هي،‏ لا تهملوا اولادكم خلال سنوات التكوُّن هذه عندما يُنتِج بذل قصارى جهدكم من اجلهم احسن الثمار،‏ لبركتكم وبركتهم.‏ —‏ قارنوا متى ٧:‏١٦-‏٢٠‏.‏

  • سنوات التكوُّن —‏ ما تزرعونه الآن تحصدونه لاحقا
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • سنوات التكوُّن —‏ ما تزرعونه الآن تحصدونه لاحقا

      ان ادمغة الاطفال هي اسفنج يمتص ما يحيط به.‏ ففي سنتين يتعلم اصحابها لغة معقَّدة بمجرَّد سماعها.‏ واذا سمع الولد لغتين،‏ يتعلمهما كلتيهما.‏ وليس اللغة فحسب انما ايضا المهارات الموسيقية والفنية،‏ تناسق عمل العضلات،‏ القيم الادبية والضمير،‏ الايمان والمحبة والحافز الى العبادة —‏ كلها تنشأ من القدرات العقلية والمقدرات الكامنة المبرمجة مسبقا في ادمغة الاطفال.‏ فهي فقط تنتظر المعلومات المستقاة من البيئة من اجل تطورها.‏ وهنالك ايضا جدول زمني مناسب لادخال هذه المعلومات لكي تأتي بأفضل النتائج،‏ وهذا الوقت المؤاتي هو خلال سنوات التكوُّن.‏

      تبدأ العملية عند الولادة.‏ وتُدعى الارتباط.‏ ترنو الام الى عيني الطفل بمحبة،‏ تتكلم اليه على نحو مهدِّئ،‏ تعانقه وتحضنه.‏ فتتحرك غرائز الامومة فيما ينظر الطفل بإمعان اليها ويشعر بالأمان.‏ واذا جرى الارضاع في تلك المرحلة الاولى،‏ يكون ذلك افضل بكثير لكليهما.‏ فامتصاص الطفل يثير انتاج الحليب.‏ ولمس جلده يسبب اطلاق هرمونات تقلِّل من نزف الأم بعد الولادة.‏ ويحتوي حليب الام على اجسام مضادة تحمي الطفل من الاخماج.‏ ويتم الارتباط.‏ انه بداية علاقة محبة.‏ ولكن البداية فقط.‏

      والاثنان سرعان ما يصيران ثلاثة عندما يظهر الاب على المسرح،‏ كما لا بد ان يحصل بالتأكيد.‏ «كل ولد يحتاج الى .‏ .‏ .‏ اب،‏» يقول الدكتور ت.‏ بِري برايْزلتن،‏ «وكل اب يمكن ان يصنع فرقا.‏ .‏ .‏ .‏ فالامهات ملن الى ان يكن رقيقات وهادئات مع اطفالهن.‏ والآباء،‏ من ناحية اخرى،‏ كانوا اكثر مرحا،‏ اذ كانوا يدغدغون وينغزون اطفالهم اكثر مما تفعل الامهات.‏» يتجاوب الاطفال مع هذه المعاملة الخشنة بصيحات وصرخات ابتهاج مثارة،‏ اذ يسترسلون في المرح ويلحّون في طلب المزيد.‏ ويكون ذلك استمرارا للارتباط الذي ابتدأ عند الولادة،‏ ‹علاقة محبة بين الوالدَين والولد تُبنى او تُفقَد بشكل طبيعي اكثر في الاشهر الثمانية عشر الاولى من حياة الطفل،‏› يقول الدكتور مڠيد،‏ المؤلف المشارك لكتاب الخطر الكبير:‏ الاولاد العديمو الضمير.‏ واذا فُقد ذلك،‏ يقول،‏ فقد يكبر اولاد كهؤلاء ليصيروا غير قادرين على تطوير اية علاقة شخصية وربما لا يملكون اية قدرة على المحبة.‏

      الام والاب يساهمان في الارتباط

      اذًا،‏ كم يكون مهما بالنسبة الى الام والاب كليهما ان يتعاونا على تقوية علاقة المحبة هذه،‏ هذا الارتباط والاتصال بين الوالدَين والولد خلال سنوات التكوُّن التي تسبق روضة الاطفال!‏ فلتكن هنالك وفرة من المعانقات والقبلات من الوالدَين كليهما.‏ نعم،‏ الآباء ايضا!‏ تقول صحة الانسان،‏ عدد حزيران ١٩٩٢:‏ «المعانقات والمودة الطبيعية مع الوالدَين تنبئ بشدة بصداقات،‏ زيجات ومِهن ناجحة في مستقبل الولد،‏ تقول دراسة استغرقت ٣٦ سنة نُشرت في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي.‏ فسبعون في المئة من الاولاد الذين لهم والدون ودودون تحسنوا اجتماعيا،‏ بالمقارنة مع ٣٠ في المئة فقط من الاولاد الذين لهم والدون لا يعربون عن العطف؛‏ وقد وُجد ان معانقات الاب مهمة كمعانقات الام.‏»‏

      ايضا،‏ احملوه فيما تتأرجحون على الكرسي الهزَّاز.‏ اقرأوا عليه فيما يشعر بالأمان في حضنكم.‏ تكلموا معه وأَصغوا اليه،‏ أَرشدوه في ما يتعلق بما هو صواب وخطأ،‏ وكونوا على يقين من انكم امثلة جيدة،‏ اذ تطبِّقون هذه المبادئ انتم انفسكم.‏ وتذكروا دائما عمر الولد.‏ بسِّطوا الامر،‏ أَبقوه مثيرا،‏ واجعلوه ممتعا.‏

      لدى ولدكم فضول طبيعي،‏ رغبة في ان يستكشف،‏ ان يتعلم كل شيء عن محيطه.‏ ولكي يُشبع هذا الجوع للمعرفة،‏ يمطركم بسيل متتابع من الاسئلة.‏ ماذا يُسبب الريح؟‏ لماذا السماء زرقاء؟‏ لماذا تصير حمراء عندما تغيب الشمس؟‏ أَجيبوا عنها.‏ ليس ذلك سهلا دائما.‏ فهذه الاسئلة هي دعوة لكم للتأثير في فكر الولد،‏ ليحصل على معلومات،‏ وربما لغرس التقدير للّٰه وخليقته.‏ فهل الدُّعسوقة التي تدِبُّ على ورقة نبات هي التي تفتنه؟‏ او تصميم الزهرة الصغيرة؟‏ او مشاهدة العنكبوت تنسج عُشَّها؟‏ او مجرد الحفر في التراب؟‏ ولا تغفلوا عن التعليم بقصص صغيرة،‏ كما فعل يسوع بأمثاله.‏ فذلك يجعل التعلُّم ممتعا.‏

      وفي حالات كثيرة يحتاج الوالدان كلاهما الى العمل الدنيوي لكسب معيشتهما.‏ فهل يمكنهما ان يبذلا جهدا خصوصيا لقضاء ساعات الامسيات ونهايات الاسابيع مع اولادهما؟‏ هل من الممكن ان تعمل الام نصف دوام ليكون لديها متسع من الوقت لصرفه مع اولادها؟‏ هنالك اليوم كثيرون من الوالدين المتوحِّدين،‏ ويجب ان يعملوا ليعولوا انفسهم وأولادهم.‏ فهل يمكن ان يكونوا مجتهدين لمنح اكثر ما يمكن من ساعات الامسيات ونهايات الاسابيع لاولادهم؟‏ في حالات كثيرة من الضروري ان تكون الامهات بعيدات عن اولادهن.‏ وحتى عندما تكون اسباب بعدهن وجيهة،‏ لا يفهم الولد الصغير ذلك وقد يشعر بأنه مهجور.‏ لذلك لا بد من بذل جهد خصوصي لافتداء الوقت من اجل اولادكم.‏

      والآن،‏ ما هو «الوقت النوعي» هذا الذي نسمع عنه؟‏ الوالدون المشغولون قد يصرفون من ١٥ الى ٢٠ دقيقة كل يومين مع اولادهم،‏ ربما ساعة في نهاية الاسبوع،‏ ويدعون ذلك الوقت النوعي.‏ فهل هذا كاف لحاجة الولد؟‏ ام هل هدفه اراحة ضمير الوالدين؟‏ او طمأنة الام التي تعمل من اجل الاكتفاء الذاتي فيما تترك ولدها غير مكتف؟‏ ولكنكم تقولون،‏ ‹في الحقيقة انا مشغول جدا بحيث لا املك هذا النوع من الوقت.‏› هذا سيئ جدا ومحزن جدا لكم ولولدكم على السواء لانه ليست هنالك طريق مختصرة.‏ جِدوا الوقت في اثناء سنوات التكوُّن،‏ او استعدوا لحصد فجوة جيل في سنوات المراهقة.‏

      لا يكون ذلك فقط ضررا محتملا يلحق بالولد المتروك في مراكز العناية اليومية بل ايضا خسارة للوالدَين عندما يغفلان عن ان يُسَرَّا بالولد فيما يكبر.‏ والولد لا يفهم دائما اسباب تركه وحده؛‏ وقد يشعر بأنه مهمَل،‏ مرفوض،‏ مهجور،‏ وغير محبوب.‏ وبحلول سنوات مراهقته،‏ قد يقيم روابط بالنظراء ليحلّوا محل الوالدَين المشغولَين جدا عنه.‏ وقد يبتدئ الولد ايضا بالعيش حياة مزدوجة،‏ واحدة ليسترضي والدَيه وأخرى ليسرّ نفسه.‏ والكلمات،‏ المناقشات،‏ الاعتذارات —‏ ولا واحدة من هذه تسد الفجوة.‏ فتكلُّم الوالدَين عن المحبة الآن لا يبدو حقيقيا للولد الذي أُهمل خلال السنوات التي فيها كان في حاجة ماسة الى والدَيه.‏ والتكلُّم عن المحبة الآن يبدو باطلا؛‏ الكلمات تبدو جوفاء.‏ وكالايمان،‏ فإن المحبة المزعومة دون اعمال ميتة.‏ —‏ يعقوب ٢:‏٢٦‏.‏

      حاصدون الآن ايضا ما نزرعه

      في جيل الأنا اولا هذا،‏ تزداد الانانية،‏ وتظهر بشكل خصوصي في هجر اولادنا.‏ فنلدهم،‏ وبعد ذلك نضعهم في مراكز العناية اليومية.‏ وقد يكون بعض مراكز العناية اليومية جيدا للاولاد،‏ ولكنَّ الكثير منها ليس كذلك،‏ وخصوصا للاولاد الصغار.‏ والبعض ايضا يخضع للتحقيق بسبب الاساءة الجنسية الى الاولاد.‏ قال احد الباحثين:‏ «في المستقبل،‏ دون ايّ شك،‏ سنعاني مشاكل تجعل مشاكل اليوم تبدو كحفلة شاي.‏» و «حفلة الشاي» التي ليومنا مريعة حتى الآن،‏ كما تظهر الاحصاءات التي قدَّمها الدكتور دايڤيد إلكيند في سنة ١٩٩٢:‏

      ‏«لقد كانت هنالك زيادة ٥٠ في المئة في البدانة في الاولاد والاحداث طوال العقدين الماضيين.‏ ونحن نخسر نحو عشرة آلاف مراهق في السنة في حوادث تتعلق بمواد الادمان،‏ هذا ان لم نشمل الجرحى والمشوَّهين.‏ وواحد من كل اربعة مراهقين يشرب الكحول بافراط كل اسبوعين،‏ ولدينا مليونَا مراهق كحولي.‏

      ‏«المراهقات في اميركا يحبلن بنسبة مليون في السنة،‏ ضعف نسبة البلد الغربي التالي،‏ انكلترا.‏ الانتحار تضاعف ثلاث مرات بين المراهقين في السنوات الـ‍ ٢٠ الماضية،‏ وينتحر ما بين خمسة وستة آلاف مراهق كل سنة.‏ ويُقدَّر ان واحدة من اربع مراهقات تُظهر عَرَضا واحدا على الاقل لاضطراب الاكل،‏ وبشكل شائع اكثر الحمية القاسية.‏ والفئة التي يتراوح عمرها بين ١٤ و ١٩ سنة لديها ثاني اعلى نسبة قتل من اية فئة عمر اخرى.‏»‏

      أَضيفوا الى هذه الاحصاءات المروِّعة قتل اكثر من ٥٠ مليون طفل فيما لا يزالون في الرحم،‏ و «حفلة الشاي» التي ليومنا تفوق الوصف.‏ قال الدكتور إلكيند وهو يفكر في انهيار العائلات:‏ «التغيير الاجتماعي السريع هو كارثة للاولاد والاحداث الذين يحتاجون الى الاستقرار والأمان من اجل النمو والتطور الصحيين.‏» وأحد الكتّاب الذين كتبوا عن انانية الأنا اولا تشكَّى معترضا:‏ «لكن لا احد مستعد ان يقول للازواج،‏ يجب ان تبقوا متزوجين.‏ اذا انجبتم اولادا،‏ فابقوا متزوجين!‏»‏

      يلزم الوقت لنحب الولد.‏ ومنذ سنوات حذَّر روبرت كيشان،‏ مذيع للاطفال بصفته «كاپتن كانڠَرو،‏» من عواقب حرمان اولادكم من وقتكم.‏ قال:‏

      ‏«تنتظر الطفلة الصغيرة،‏ وابهام يدها في فمها،‏ اللعبة في يدها،‏ بشيء من الصبر،‏ وصولَ احد الوالدَين الى البيت.‏ وترغب ان تسرد اختبارا صغيرا من اختبارات صندوق الرمل.‏ ويثيرها ان تشارك احدا في الاثارة التي اختبرتها في ذلك اليوم.‏ يحين الوقت،‏ ويصل الوالد.‏ واذ تسحقه ضغوط مكان العمل كثيرا ما يقول الوالد للطفلة،‏ ‹ليس الآن يا حبيبتي.‏ فأنا مشغول.‏ اذهبي وشاهدي التلفزيون.‏› الكلمات التي غالبا ما يجري التفوه بها في الكثير من البيوت الاميركية،‏ ‹انا مشغول،‏ اذهب وشاهد التلفزيون.‏› فإنْ لم يكن الآن،‏ فمتى؟‏ ‹في وقت لاحق.‏› ولكن نادرا ما يأتي الوقت اللاحق .‏ .‏ .‏

      ‏«تمر السنون وتكبر الطفلة.‏ فنعطيها لعبا وملابس.‏ نعطيها ملابس تحمل اسم مصمِّم شهير ومجسِّما للصوت ولكن لا نعطيها ما تريده اكثر،‏ وقتنا.‏ انها بعمر اربع عشرة سنة،‏ وعيناها عديمتا الحيوية،‏ وهي متورطة في امر ما.‏ ‹حبيبتي،‏ ماذا يحدث؟‏ تكلمي اليَّ،‏ تكلمي اليَّ.‏› متأخر جدا.‏ متأخر جدا.‏ لقد فاتتنا المحبة.‏ .‏ .‏ .‏

      ‏«عندما نقول لولد،‏ ‹ليس الآن،‏ في وقت لاحق.‏› عندما نقول،‏ ‹اذهب وشاهد التلفزيون.‏› عندما نقول،‏ ‹لا تطرح الكثير جدا من الاسئلة.‏› عندما نفشل في منح احداثنا الامر الواحد الذي يطلبونه منا،‏ وقتنا.‏ عندما نفشل في ان نحب الولد.‏ لا نكون مهملين.‏ نكون ببساطة مشغولين اكثر من ان نحب الولد.‏»‏

      يلزم الوقت الكمِّي

      ليس الهدف مجرّد تقتير «الوقت النوعي» بأقساط مَقيسة؛‏ فيجب ان يشمل ذلك ايضا «الوقت الكمِّي.‏» والكتاب المقدس،‏ الذي يحتوي حكمة اكثر بكثير من كل الكتب التي كتبت على الاطلاق عن علم النفس،‏ يذكر في التثنية ٦:‏٦،‏ ٧‏:‏ «لتكن هذه الكلمات التي انا اوصيك بها اليوم على قلبك وقصَّها على اولادك وتكلَّم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم.‏» فيجب ان تغرسوا في قلوب اولادكم القيم الصحيحة من كلمة اللّٰه التي في قلبكم.‏ واذا عشتم بموجبها،‏ فسيقتدي بكم ولدكم.‏

      هل تتذكرون المثل المقتبس في الفقرة الثانية من المقالة السابقة؟‏ ها هو من جديد:‏ «ربّ الولد في طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه.‏» (‏امثال ٢٢:‏٦‏)‏ ويصحّ ذلك فقط اذا جُعل التدريب على القيم داخليا،‏ اي وُضع في داخله،‏ جُعل جزءا من تفكيره،‏ مشاعره الاعمق،‏ ما هو عليه عميقا في الداخل.‏ ويحدث ذلك ليس فقط اذا علَّمه والداه هذه القيم بل ايضا اذا مارسها والداه.‏

      لقد تشرَّبها كطريقة حياة.‏ وصارت مقياسه الشخصي اي جزءا من نفسه.‏ ومخالفتها الآن لا تكون مخالفة لما علَّمه اياه والداه بل لما صار عليه هو نفسه.‏ فيكون غير صادق مع نفسه.‏ وينكر نفسه.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏١٣‏)‏ وهنالك رفض شديد لفعل ذلك لنفسه.‏ وهكذا من المحتمل بدرجة اقل بكثير ان ‹يحيد عن الطريق› التي غُرست فيه.‏ اذًا،‏ دعوا ولدكم يتشرَّب السلوك الجيد منكم.‏ علِّموه اللطف باظهار اللطف،‏ العادات الحسنة بممارستها،‏ الرقة باتصافكم بالرقة،‏ الاستقامة والصدق بالكينونة مثالا فيهما.‏

      ترتيب يهوه

      كانت الوحدة العائلية ترتيب يهوه للانسان من البداية.‏ (‏تكوين ١:‏٢٦-‏٢٨؛‏ ٢:‏١٨-‏٢٤‏)‏ وبعد ستة آلاف سنة من التاريخ البشري،‏ لا تزال تُعتبَر الافضل للراشدين والاولاد على السواء،‏ كما اكّد كتاب اسرار العائلات المتماسكة بهذه الكلمات:‏

      ‏«ربما هنالك عميقا في داخلنا امر يدرك ان العائلة هي اساس المدنية.‏ وربما نعرف بالفطرة انه عندما نصل الى النقطة الجوهرية في الحياة لا يكون المال،‏ المهنة،‏ الشهرة،‏ البيت الرائع،‏ الارض،‏ او الممتلكات المادية الامر المهم —‏ انه الاشخاص في حياتنا الذين يحبوننا ويهتمون بنا.‏ فالاشخاص في حياتنا الملزمون بنا والذين يمكن ان نعتمد عليهم من اجل الدعم والمساعدة هم ما يهم حقا.‏ ولا يوجد مكان تكون فيه امكانية المحبة،‏ الدعم،‏ الاهتمام،‏ والارتباط التي نتوق جميعنا اليها اعظم مما في العائلة.‏»‏

      اذًا،‏ من المهم ان تكونوا مجتهدين وتزرعوا التدريب الجيد الآن خلال سنوات التكوُّن لكي يكون ما تحصدونه في المستقبل لكم ولاولادكم على السواء،‏ حياة عائلية سعيدة.‏ —‏ قارنوا امثال ٣:‏١-‏٧‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٠]‏

      ايّ والد سأكون؟‏

      ‏«لقد حصلت على علامتين ممتازتين،‏» صرخ الصبي الصغير،‏ والغبطة تملأ صوته.‏ فسأل ابوه بجفاء،‏ «لماذا لم تحصل على المزيد؟‏» «لقد انتهيت يا امي من غسل الاطباق،‏» قالت الفتاة من باب المطبخ.‏ فقالت امها بهدوء،‏ «هل اخرجت النفاية؟‏» «لقد جززت العشب،‏» قال الصبي الطويل القامة،‏ «ووضعت جزَّازة العشب في مكانها.‏» فسأله ابوه باستخفاف،‏ «هل قلَّمت شجيرات السياج ايضا؟‏»‏

      الاولاد في البيت المجاور يبدون سعداء ومكتفين.‏ الامر نفسه حدث هناك،‏ وهكذا جرت الامور:‏

      ‏«لقد حصلت على علامتين ممتازتين،‏» صرخ الصبي الصغير،‏ والغبطة تملأ صوته.‏ فقال والده بفخر،‏ «هذا رائع؛‏ يفرحني انك احسنت عملا.‏» «لقد انتهيت يا امي من غسل الاطباق،‏» قالت الفتاة من باب المطبخ.‏ فابتسمت امها وقالت برقة،‏ «احبك اكثر كل يوم.‏» «لقد جززت العشب،‏» قال الصبي الطويل القامة،‏ «ووضعت جزَّازة العشب في مكانها.‏» فأجابه ابوه بسعادة،‏ «جعلتني فخورا بك.‏»‏

      يستحق الاولاد بعض المدح على المهمات التي يقومون بها كل يوم.‏ واذا كانوا سيعيشون حياة سعيدة،‏ يعتمد الكثير عليكم.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٧]‏

      الاب يشارك الام في عملية الارتباط

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      اذ ينمو الخيال،‏ يكون الولد الذي يركض بذراعين مفتوحتين طائرة محلِّقة،‏ يصير الصندوق الكرتوني الكبير بيتا للعب،‏ تصير عصا المكنسة جوادا ثائرا،‏ ويكون الكرسي مقعدَ السائق في سيارة سباق

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة