-
«أُرسل هذان من الروح القدس»اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
-
-
القسم ٤
اعمال ١٣:١–١٤:٢٨
«أُرْسِلَ هٰذَانِ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ»
فِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ، نُرَافِقُ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ فِي رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلْأُولَى. فَنَشْهَدُ كَيْفَ يُوَاصِلُ عَمَلَ ٱلشَّهَادَةِ بِتَوْجِيهٍ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَيُؤَسِّسُ جَمَاعَاتٍ جَدِيدَةً رَغْمَ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلَّذِي يَلْقَاهُ فِي مَدِينَةٍ بَعْدَ أُخْرَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذَا ٱلْجُزْءَ ٱلْمُثِيرَ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ يَحْفِزُنَا عَلَى إِيقَادِ غَيْرَتِنَا فِي ٱلْخِدْمَةِ.
-
-
«التلاميذ يمتلئون فرحا وروحا قدسا»اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
-
-
الفصل ١١
«اَلتَّلَامِيذُ يَمْتَلِئُونَ فَرَحًا وَرُوحًا قُدُسًا»
مِثَالُ بُولُسَ فِي مُوَاجَهَةِ أَشْخَاصٍ عِدَائِيِّينَ يَرْفُضُونَ ٱلْبِشَارَةَ
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٣:١-٥٢
١، ٢ مَاذَا يُمَيِّزُ رِحْلَةَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلْأُولَى، وَكَيْفَ يُسَاهِمُ عَمَلُهُمَا فِي إِتْمَامِ ٱلْأَعْمَال ١:٨؟
تَشْهَدُ جَمَاعَةُ أَنْطَاكِيَةَ حَدَثًا مُمَيَّزًا. فَمِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَٱلْمُعَلِّمِينَ فِيهَا، يَقَعُ ٱخْتِيَارُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِيَحْمِلَا ٱلْبِشَارَةَ إِلَى أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ.a (اع ١٣:١، ٢) صَحِيحٌ أَنْ ثَمَّةَ رِجَالٌ أَكْفَاءٌ سَبَقُوهُمَا إِلَى ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ، لٰكِنَّهُمْ سَافَرُوا إِلَى مَنَاطِقَ سَبَقَ أَنْ تَجَذَّرَتْ فِيهَا ٱلْمَسِيحِيَّةُ. (اع ٨:١٤؛ ١١:٢٢) أَمَّا بَرْنَابَا وَشَاوُلُ، إِضَافَةً إِلَى يُوحَنَّا مَرْقُسَ ٱلَّذِي يُرَافِقُهُمَا خَادِمًا، فَسَيُسَافِرُونَ إِلَى مَنَاطِقَ لَمْ يَسْمَعْ مُعْظَمُ سُكَّانِهَا رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ بَعْدُ.
٢ قَبْلَ نَحْوِ ١٤ سَنَةً قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ: «تَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ». (اع ١:٨) وَتَعْيِينُ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ يُسَاهِمُ فِي إِتْمَامِ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلنَّبَوِيَّةِ.b
أُفْرِزَا «لِلْعَمَلِ» (اعمال ١٣:١-١٢)
٣ مَاذَا صَعَّبَ ٱلرِّحْلَاتِ ٱلطَّوِيلَةَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟
٣ فِي عَصْرِنَا ٱلْحَاضِرِ، نَقْطَعُ مَسَافَاتٍ طَوِيلَةً بِوَقْتٍ قَصِيرٍ جِدًّا بِفَضْلِ ٱلِٱخْتِرَاعَاتِ ٱلْحَدِيثَةِ كَٱلسَّيَّارَةِ وَٱلطَّائِرَةِ. وَلٰكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَ أَيَّامِنَا وَأَيَّامِ ٱلرُّسُلِ! فَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ، ٱعْتَادَ ٱلنَّاسُ ٱلسَّيْرَ عَلَى ٱلْأَقْدَامِ عِنْدَ ٱلتَّنَقُّلِ بَرًّا، وَغَالِبًا مَا ٱجْتَازُوا طُرُقَاتٍ وَعِرَةً. فَكَانَتْ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَاحِدٍ، أَيْ نَحْوَ ٣٠ كلم فَقَطْ، تَهُدُّ قِوَى ٱلْمُسَافِرِينَ.c لِذَا رَغْمَ أَنَّ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ تَطَلَّعَا إِلَى تَعْيِينِهِمَا ٱلْجَدِيدِ، أَدْرَكَا دُونَ رَيْبٍ أَنَّ إِتْمَامَهُ يَسْتَلْزِمُ جُهْدًا حَثِيثًا وَتَضْحِيَةً بِٱلذَّاتِ. — مت ١٦:٢٤.
٤ (أ) مَاذَا وَجَّهَ ٱخْتِيَارَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ، وَكَيْفَ تَجَاوَبَ ٱلرُّفَقَاءُ ٱلْمُؤْمِنُونَ مَعَ ٱلتَّعْيِينِ؟ (ب) كَيْفَ نَدْعَمُ مَنْ يَنَالُونَ تَعْيِينَاتٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةً؟
٤ وَلٰكِنْ لِمَ أَمَرَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَنْ يُفْرَزَ «لِلْعَمَلِ» بَرْنَابَا وَشَاوُلُ تَحْدِيدًا؟ (اع ١٣:٢) لَا يُجِيبُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ هٰذَا ٱلسُّؤَالِ، لٰكِنَّنَا نَعْرِفُ يَقِينًا أَنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ كَانَ وَرَاءَ ٱخْتِيَارِهِمَا. وَكَيْفَ تَفَاعَلَ ٱلْأَنْبِيَاءُ وَٱلْمُعَلِّمُونَ فِي أَنْطَاكِيَةَ مَعَ هٰذَا ٱلْقَرَارَ؟ لَا يُشِيرُ ٱلسِّجِلُّ بَتَاتًا أَنَّهُمُ ٱعْتَرَضُوا عَلَيْهِ، بَلْ نَرَاهُمْ يَدْعَمُونَهُ كَامِلًا. فَهَلْ تَتَخَيَّلُ مَشَاعِرَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ حِينَ تَرَفَّعَ إِخْوَتُهُمَا ٱلرُّوحِيُّونَ عَنِ ٱلْغَيْرَةِ وَ «صَامُوا وَصَلَّوْا وَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِمَا وَأَطْلَقُوهُمَا»؟ (اع ١٣:٣) فَلْنَتَمَثَّلْ بِهِمْ إِذًا وَلْنَدْعَمْ مَنْ يَنَالُونَ مَسْؤُولِيَّاتٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةً، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلنُّظَّارُ ٱلْمُعَيَّنُونَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. لَا نَغَرْ مِنْهُمْ، بَلْ لِنَعْتَبِرْهُمْ «غَايَةَ ٱلِٱعْتِبَارِ فِي ٱلْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ». — ١ تس ٥:١٣.
٥ أَيُّ جُهْدٍ لَزِمَ أَنْ يَبْذُلَهُ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ لِلْكِرَازَةِ فِي جَزِيرَةِ قُبْرُصَ؟
٥ سَارَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ أَوَّلًا إِلَى مِينَاءِ سَلُوقِيَةَ قُرْبَ أَنْطَاكِيَةَ، ثُمَّ أَبْحَرَا إِلَى جَزِيرَةِ قُبْرُصَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ نَحْوَ ٢٠٠ كلم.d وَبِمَا أَنَّ بَرْنَابَا هُوَ قُبْرُصِيُّ ٱلْأَصْلِ، فَكَانَ مُتَشَوِّقًا دُونَ شَكٍّ إِلَى نَشْرِ ٱلْبِشَارَةِ فِي بَلَدِهِ ٱلْأُمِّ. وَبِٱلْفِعْلِ، لَمْ يُضَيِّعْ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ لَحْظَةً وَاحِدَةً. فَفَوْرَ وُصُولِهِمَا إِلَى مَدِينَةِ سَلَامِيسَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْجَزِيرَةِ ٱلشَّرْقِيِّ، «أَخَذَا يُنَادِيَانِ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ».e (اع ١٣:٥) بَعْدَئِذٍ ٱجْتَازَا قُبْرُصَ مِنَ ٱلْجَانِبِ إِلَى ٱلْجَانِبِ سَيْرًا عَلَى ٱلْأَقْدَامِ وَكَرَزَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي ٱلْمُدُنِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ خِلَالَ رِحْلَتِهِمَا. وَلَرُبَّمَا وَصَلَتِ ٱلْمَسَافَةُ ٱلَّتِي قَطَعَاهَا إِلَى ٢٢٠ كلم وَفْقًا لِلْمَسَارِ ٱلَّذِي ٱتَّخَذَاهُ.
٦، ٧ (أ) مَنْ كَانَ سِرْجِيُوسُ بُولُسُ، وَلِمَ حَاوَلَ بَارْيَشُوعُ إِقْنَاعَهُ أَلَّا يُصْغِيَ إِلَى ٱلْبِشَارَةِ؟ (ب) كَيْفَ أَحْبَطَ شَاوُلُ مُقَاوَمَةَ بَارْيَشُوعَ؟
٦ كَانَتْ قُبْرُصُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ مُنْغَمِسَةً فِي ٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ. وَبَرَزَتْ هٰذِهِ ٱلنَّاحِيَةُ خُصُوصًا حِينَ بَلَغَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ بَافُوسَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْجَزِيرَةِ ٱلْغَرْبِيِّ. فَفِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ، ٱلْتَقَيَا «رَجُلًا سَاحِرًا، نَبِيًّا دَجَّالًا، يَهُودِيًّا ٱسْمُهُ بَارْيَشُوعُ، كَانَ مَعَ ٱلْوَالِي سِرْجِيُوسَ بُولُسَ، ٱلَّذِي كَانَ رَجُلًا ذَكِيًّا».f وَقَدْ عُرِفَ بَارْيَشُوعُ هٰذَا بِلَقَبٍ يَدُلُّ عَلَى مِهْنَتِهِ هُوَ «عَلِيمٌ» ٱلَّذِي يَعْنِي «ٱلسَّاحِرَ». آنَذَاكَ شَاعَ بَيْنَ ٱلرُّومَانِ ٱلْمُثَقَّفِينَ ٱللُّجُوءُ إِلَى سَاحِرٍ أَوْ مُنَجِّمٍ قَبْلَ ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ مُهِمَّةٍ وَلَوْ كَانُوا ‹أَذْكِيَاءَ› كَسِرْجِيُوسَ بُولُسَ. مَعَ ذٰلِكَ، ٱهْتَمَّ هٰذَا ٱلْوَالِي بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ «وَطَلَبَ بِجِدٍّ أَنْ يَسْمَعَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ». أَمَّا بَارْيَشُوعُ فَلَمْ يَرُقْ لَهُ ٱلْأَمْرُ. — اع ١٣:٦-٨.
٧ لِذٰلِكَ قَاوَمَ هٰذَا ٱلسَّاحِرُ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ. فَلَا سَبِيلَ إِلَى حِمَايَةِ مَرْكَزِهِ كَمُسْتَشَارٍ لِسِرْجِيُوسَ بُولُسَ إِلَّا ‹بِإِبْعَادِ ٱلْوَالِي عَنِ ٱلْإِيمَانِ›. (اع ١٣:٨) لٰكِنَّ شَاوُلَ مَا كَانَ لِيَقِفَ مَكْتُوفَ ٱلْيَدَيْنِ فِيمَا يُخْمِدُ سَاحِرٌ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱهْتِمَامَ ٱلْوَالِي. فَمَاذَا فَعَلَ؟ نَقْرَأُ: «أَمَّا شَاوُلُ ٱلَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا، فَإِذْ صَارَ مُمْتَلِئًا رُوحًا قُدُسًا، حَدَّقَ إِلَيْهِ وَقَالَ: ‹أَيُّهَا ٱلْمُمْتَلِئُ مِنْ كُلِّ خِدَاعٍ وَرَذَالَةٍ، يَا ٱبْنَ إِبْلِيسَ، يَا عَدُوَّ كُلِّ بِرٍّ، أَلَا تَكُفُّ عَنْ تَعْوِيجِ طُرُقِ يَهْوَهَ ٱلْقَوِيمَةِ؟ فَٱلْآنَ هَا إِنَّ يَدَ يَهْوَهَ عَلَيْكَ، فَتُصْبِحُ أَعْمَى لَا تُبْصِرُ نُورَ ٱلشَّمْسِ إِلَى حِينٍ›. فَفِي ٱلْحَالِ سَقَطَتْ عَلَيْهِ غَشَاوَةٌ كَثِيفَةٌ وَظُلْمَةٌ، وَرَاحَ يَدُورُ طَالِبًا مَنْ يَقُودُهُ بِيَدِهِ. حِينَئِذٍ، لَمَّا رَأَى ٱلْوَالِي مَا حَدَثَ، آمَنَ مَذْهُولًا مِنْ تَعْلِيمِ يَهْوَهَ».g — اع ١٣:٩-١٢.
تمثلا ببولس ندافع عن الحق بجرأة عند مواجهة المقاومة
٨ كَيْفَ نَقْتَدِي بِجُرْأَةِ بُولُسَ ٱلْيَوْمَ؟
٨ لَمْ يَخْشَ بُولُسُ بَارْيَشُوعَ. وَتَمَثُّلًا بِهِ لَا يَسْتَحْوِذُ عَلَيْنَا ٱلْخَوْفُ حِينَ يُحَاوِلُ ٱلْمُقَاوِمُونَ تَقْوِيضَ إِيمَانِ ٱلْمُهْتَمِّينَ بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. فَمِنْ جِهَةٍ، نَحْرِصُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُنَا «كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُطَيَّبًا بِمِلْحٍ». (كو ٤:٦) إِلَّا أَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ لَا نُجَازِفُ بِخَيْرِ ٱلْمُهْتَمِّينَ ٱلرُّوحِيِّ لِمُجَرَّدِ أَنْ نَتَجَنَّبَ ٱلتَّصَادُمَ مَعَ أَحَدٍ. وَلَا يَرْدَعُنَا ٱلْخَوْفُ عَنْ فَضْحِ ٱلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ ٱلَّذِي يُمْعِنُ فِي «تَعْوِيجِ طُرُقِ يَهْوَهَ ٱلْقَوِيمَةِ» كَمَا فَعَلَ بَارْيَشُوُعُ. (اع ١٣:١٠) فَلْنُعْلِنِ ٱلْحَقَّ بِكُلِّ جُرْأَةٍ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَلْنَجْذِبِ ٱنْتِبَاهَ أَصْحَابِ ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ. صَحِيحٌ أَنَّ دَعْمَ يَهْوَهَ قَدْ لَا يَظْهَرُ جَلِيًّا كَمَا فِي حَالَةِ بُولُسَ، لٰكِنَّنَا مُتَأَكِّدُونَ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ لِجَذْبِ ٱلْمُهْتَمِّينَ إِلَى ٱلْحَقِّ. — يو ٦:٤٤.
«كَلِمَةُ تَشْجِيعٍ» (اعمال ١٣:١٣-٤٣)
٩ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِثَالًا رَائِعًا لِمَنْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْيَوْمَ؟
٩ يَبْدُو أَنَّ تَغْيِيرًا طَرَأَ حِينَ تَرَكَ ٱلرِّجَالُ بَافُوسَ وَأَبْحَرُوا نَحْوَ مَدِينَةِ بَرْجَةَ ٱلسَّاحِلِيَّةِ فِي آسِيَا ٱلصُّغْرَى عَلَى بُعْدِ ٢٥٠ كلم تَقْرِيبًا. فَفِي ٱلْأَعْمَال ١٣:١٣ يُشَارُ إِلَى ٱلْمُسَافِرِينَ بِعِبَارَةِ «بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ». وَتُوحِي طَرِيقَةُ ٱلتَّعْبِيرِ هٰذِهِ أَنَّ بُولُسَ تَوَلَّى تَوْجِيهَ نَشَاطَاتِهِمْ. مَعَ ذٰلِكَ، مَا مِنْ دَلِيلٍ أَنَّ بَرْنَابَا غَارَ مِنْهُ. بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ، وَاصَلَ هٰذَانِ ٱلرَّجُلَانِ ٱلْعَمَلَ كَتِفًا إِلَى كَتِفٍ لِإِتْمَامِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ، رَاسِمَيْنِ مِثَالًا رَائِعًا لِلنُّظَّارِ ٱلْعَصْرِيِّينَ. فَعِوَضَ ٱلتَّنَافُسِ طَمَعًا بِٱلْبُرُوزِ، يُبْقِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي بَالِهِمْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ: «أَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ». وَيَتَذَكَّرُونَ نَصِيحَتَهُ: «مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ». — مت ٢٣:٨، ١٢.
١٠ صِفُوا ٱلرِّحْلَةَ مِنْ بَرْجَةَ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ.
١٠ لَمَّا وَصَلَ ٱلْمُسَافِرُونَ إِلَى بَرْجَةَ، فَارَقَ يُوحَنَّا مَرْقُسُ فَجْأَةً بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَعَادَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِسَبَبٍ لَا نَعْرِفُهُ. فَأَكْمَلَ ٱلْمُرْسَلَانِ ٱلرِّحْلَةَ وَٱنْتَقَلَا مِنْ بَرْجَةَ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ، إِحْدَى مُدُنِ وِلَايَةِ غَلَاطِيَةَ. أَمَّا مَسَارُهُمَا فَلَمْ يَكُنْ سَهْلًا أَلْبَتَّةَ، إِذْ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ ٱرْتَفَعَتْ ١٠٠,١ م تَقْرِيبًا عَنْ سَطْحِ ٱلْبَحْرِ. وَفِي ٱلدُّرُوبِ ٱلْجَبَلِيَّةِ ٱلْوَعْرَةِ ٱلْمُؤَدِّيَةِ إِلَيْهَا كَثُرَ قُطَّاعُ ٱلطُّرُقِ. وَمَا زَادَ ٱلطِّينَ بِلَّةً هُوَ أَنَّ بُولُسَ عَانَى عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَشَاكِلَ صِحِّيَّةً فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ.h
١١، ١٢ كَيْفَ ٱسْتَقْطَبَ بُولُسُ ٱهْتِمَامَ سَامِعِيهِ عِنْدَمَا قَدَّمَ خِطَابًا فِي ٱلْمَجْمَعِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟
١١ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ دَخَلَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمَجْمَعَ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ. يُخْبِرُ ٱلسِّجِلُّ: «بَعْدَ ٱلْقِرَاءَةِ ٱلْعَلَنِيَّةِ لِلشَّرِيعَةِ وَٱلْأَنْبِيَاءِ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا رُؤَسَاءُ ٱلْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: ‹أَيُّهَا ٱلرَّجُلَانِ ٱلْأَخَوَانِ، إِنْ كَانَتْ عِنْدَكُمَا كَلِمَةُ تَشْجِيعٍ لِلشَّعْبِ، فَقُولَا›». (اع ١٣:١٥) فَلَبَّى بُولُسُ طَلَبَهُمْ هٰذَا وَوَقَفَ لِيَتَكَلَّمَ.
١٢ خَاطَبَهُمْ قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ، وَيَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱللّٰهَ». (اع ١٣:١٦) لَقَدْ تَأَلَّفَ حُضُورُ بُولُسَ مِنْ يَهُودٍ وَمُتَهَوِّدِينَ. فَكَيْفَ ٱسْتَقْطَبَ ٱهْتِمَامَهُمْ، هُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِدَوْرِ يَسُوعَ فِي قَصْدِ ٱللّٰهِ؟ أَوَّلًا، ٱسْتَعْرَضَ ٱلرَّسُولُ تَارِيخَ ٱلْأُمَّةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ. فَأَوْضَحَ أَنَّ يَهْوَهَ «رَفَعَ ٱلشَّعْبَ فِي تَغَرُّبِهِمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ». ثُمَّ بَعْدَ تَحْرِيرِهِمْ، «تَحَمَّلَ طَرِيقَةَ تَصَرُّفِهِمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ» أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأَخْبَرَ أَيْضًا كَيْفَ ٱمْتَلَكَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَرْضَ ٱلْمَوْعِدِ، مُضِيفًا أَنَّ يَهْوَهَ «وَزَّعَ أَرْضَهَا بِٱلْقُرْعَةِ». (اع ١٣:١٧-١٩) وَيَقْتَرِحُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ بُولُسَ لَمَّحَ إِلَى مَقَاطِعَ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ قُرِئَتْ لِلتَّوِّ كَجُزْءٍ مِنْ عَادَاتِ يَوْمِ ٱلسَّبْتِ. وَإِذَا صَحَّتْ تَقْدِيرَاتُهُمْ، فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ تُقَدِّمُ دَلِيلًا إِضَافِيًّا يُظْهِرُ أَنَّ بُولُسَ عَرَفَ كَيْفَ يَصِيرُ «لِشَتَّى ٱلنَّاسِ كُلَّ شَيْءٍ». — ١ كو ٩:٢٢.
١٣ كَيْفَ نَبْلُغُ قُلُوبَ سَامِعِينَا؟
١٣ يَدْعُونَا ٱلْوَاجِبُ نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَجْذِبَ ٱنْتِبَاهَ ٱلنَّاسِ أَثْنَاءَ ٱلْكِرَازَةِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، تُسَاعِدُنَا مَعْرِفَةُ خَلْفِيَّةِ ٱلشَّخْصِ ٱلدِّينِيَّةِ عَلَى ٱخْتِيَارِ مَوَاضِيعَ تَهُمُّهُ خُصُوصًا. وَيُمْكِنُنَا كَذٰلِكَ أَنْ نَقْتَبِسَ أَجْزَاءً مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَأْلُوفَةً لَهُ. كَمَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ نَطْلُبَ مِنْهُ قِرَاءَةَ ٱلْآيَاتِ مِنْ نُسْخَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ. بِبَسِيطِ ٱلْعِبَارَةِ، لِنَبْحَثْ دَوْمًا عَنْ طَرَائِقَ لِبُلُوغِ قُلُوبِ سَامِعِينَا.
١٤ (أ) كَيْفَ ٱنْتَقَلَ بُولُسُ إِلَى ٱلْحَدِيثِ عَنِ ٱلْمَسِيحِ، وَأَيَّ تَحْذِيرٍ وَجَّهَ؟ (ب) أَيُّ تَجَاوُبٍ لَقِيَهُ خِطَابُ بُولُسَ؟
١٤ ثَانِيًا، نَاقَشَ بُولُسُ كَيْفَ أَقَامَ ٱللّٰهُ مِنْ نَسْلِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ «مُخَلِّصًا . . . هُوَ يَسُوعُ» كَانَ قَدْ هَيَّأَ لَهُ ٱلطَّرِيقَ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدُ. وَوَصَفَ ٱلرَّسُولُ مَوْتَ يَسُوعَ وَقِيَامَتَهُ. (اع ١٣:٢٠-٣٧) ثُمَّ قَالَ: «فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ، أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ، أَنَّهُ بِهِ يُنَادَى لَكُمْ بِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا، وَأَنَّهُ بِهِ يَتَبَرَّأُ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ». بَعْدَئِذٍ وَجَّهَ إِلَى سَامِعِيهِ ٱلتَّحْذِيرَ ٱلتَّالِيَ: «اُنْظُرُوا لِئَلَّا يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ مَا قِيلَ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ: ‹اُنْظُرُوا أَيُّهَا ٱلْمُزْدَرُونَ، وَتَعَجَّبُوا وَٱضْمَحِلُّوا، لِأَنَّنِي أَعْمَلُ عَمَلًا فِي أَيَّامِكُمْ، عَمَلًا لَا تُصَدِّقُونَ أَبَدًا إِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِ أَحَدٌ›». فَلَقِيَ خِطَابُ بُولُسَ تَجَاوُبًا رَائِعًا. يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «اِلْتَمَسُوا مِنْهُمَا أَنْ يُكَلِّمَاهُمْ بِهٰذِهِ ٱلْأُمُورِ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي». وَبَعْدَ أَنِ ٱنْحَلَّ ٱلْمَجْمَعُ، «تَبِعَ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْيَهُودِ وَمِنَ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ ٱلَّذِينَ يَعْبُدُونَ ٱللّٰهَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا». — اع ١٣:٣٨-٤٣.
«هَا نَحْنُ نَتَحَوَّلُ إِلَى ٱلْأُمَمِ» (اعمال ١٣:٤٤-٥٢)
١٥ مَاذَا حَصَلَ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي؟
١٥ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي ٱجْتَمَعَتِ «ٱلْمَدِينَةُ كُلُّهَا تَقْرِيبًا» لِتَسْمَعَ كَلَامَ بُولُسَ. غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ ٱلْيَهُودِ ٱسْتَاءُوا «وَشَرَعُوا يُنَاقِضُونَ أَقْوَالَ بُولُسَ مُجَدِّفِينَ». فَقَالَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ وَرَفِيقُهُ بِجُرْأَةٍ: «كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تُقَالَ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ لَكُمْ أَوَّلًا. وَلٰكِنْ بِمَا أَنَّكُمْ تَدْفَعُونَهَا عَنْكُمْ وَتَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَكُمْ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ، فَهَا نَحْنُ نَتَحَوَّلُ إِلَى ٱلْأُمَمِ. فَبِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَوْصَانَا يَهْوَهُ: ‹قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلْأُمَمِ، لِتَكُونَ خَلَاصًا إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ›». — اع ١٣:٤٤-٤٧؛ اش ٤٩:٦.
«حرضوا على اضطهاد بولس وبرنابا ... واستمر التلاميذ يمتلئون فرحا وروحا قدسا». — اعمال ١٣:٥٠-٥٢
١٦ مَاذَا فَعَلَ ٱلْيَهُودُ إِثْرَ سَمَاعِ أَقْوَالِ ٱلْمُرْسَلَيْنِ ٱلْقَوِيَّةِ؟
١٦ مِنْ نَاحِيَةٍ، سُرَّ ٱلْأُمَمِيُّونَ بِمَا سَمِعُوا «وَآمَنَ كُلُّ ٱلَّذِينَ قُلُوبُهُمْ مُهَيَّأَةٌ لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ». (اع ١٣:٤٨) فَٱنْتَشَرَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ سَرِيعًا فِي كُلِّ ٱلْكُورَةِ. أَمَّا ٱلْيَهُودُ فَأَتَتْ رَدَّةُ فِعْلِهِمْ مُخْتَلِفَةً تَمَامًا. فَقَدْ قَالَ لَهُمُ ٱلْمُرْسَلَانِ مَا فَحْوَاهُ: ‹إِنَّ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تُقَالَ لَكُمْ أَوَّلًا، غَيْرَ أَنَّكُمُ ٱخْتَرْتُمْ رَفْضَ ٱلْمَسِيَّا وَٱسْتَحْقَقْتُمْ بِٱلتَّالِي دَيْنُونَةَ ٱللّٰهِ›. فَأَثَارَ ٱلْيَهُودُ ٱلنِّسَاءَ ٱلشَّرِيفَاتِ وَأَعْيَانَ ٱلْمَدِينَةِ «وَحَرَّضُوا عَلَى ٱضْطِهَادِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَطَرَدُوهُمَا خَارِجَ تُخُومِهِمْ». فَمَاذَا فَعَلَا حِينَئِذٍ؟ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا عَلَيْهِمْ وَذَهَبَا إِلَى إِيقُونِيَةَ». فَهَلْ أُسْدِلَ ٱلسِّتَارُ عَلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟ إِطْلَاقًا! نَقْرَأُ: «اِسْتَمَرَّ ٱلتَّلَامِيذُ يَمْتَلِئُونَ فَرَحًا وَرُوحًا قُدُسًا». — اع ١٣:٥٠-٥٢.
١٧-١٩ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلرَّائِعِ، وَكَيْفَ يُسَاهِمُ ذٰلِكَ فِي سَعَادَتِنَا؟
١٧ حَقًّا لَقَدْ تَرَكَ لَنَا أَخَوَانَا ٱلْأَمِينَانِ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِثَالًا رَائِعًا فِي مُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ! فَنَحْنُ لَا نَكُفُّ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ وَلَوْ حَاوَلَ أَصْحَابُ ٱلنُّفُوذِ إِسْكَاتَنَا. لَاحِظْ أَيْضًا مَا فَعَلَاهُ عِنْدَمَا رَفَضَ سُكَّانُ أَنْطَاكِيَةَ رِسَالَتَهُمَا. يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ: «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا». وَهُمَا لَمْ يَقْصِدَا بِهٰذِهِ ٱلْحَرَكَةِ ٱلتَّعْبِيرَ عَنِ ٱلْغَضَبِ، بَلْ رَفْعَ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا. فَقَدْ أَدْرَكَا أَنَّهُمَا لَا يَتَحَكَّمَانِ فِي تَجَاوُبِ ٱلْآخَرِينَ، غَيْرَ أَنَّهُمَا قَادِرَانِ أَنْ يُقَرِّرَا هَلْ يُوَاصِلَانِ ٱلْكِرَازَةَ. وَهٰذَا مَا فَعَلَاهُ بِٱلضَّبْطِ بِٱنْتِقَالِهِمَا إِلَى إِيقُونِيَةَ.
١٨ وَمَاذَا عَنِ ٱلتَّلَامِيذِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلنَّاسَ فِي مُقَاطَعَتِهِمْ كَانُوا عِدَائِيِّينَ، إِلَّا أَنَّ سَعَادَتَهُمْ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى تَجَاوُبِ سَامِعِيهِمْ. فَقَدْ عَزَمُوا أَنْ يُطَبِّقُوا كَلِمَاتِ يَسُوعَ: «يَا لَسَعَادَةِ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَيَحْفَظُونَهَا!». — لو ١١:٢٨.
١٩ وَتَمَثُّلًا بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا، لِنُبْقِ فِي بَالِنَا أَنَّ مَسْؤُولِيَّتَنَا تَقْتَصِرُ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ. فَوَحْدَهُمْ سَامِعُونَا يُقَرِّرُونَ هَلْ يَقْبَلُونَ رِسَالَتَنَا أَمْ يَرْفُضُونَهَا. وَفِي حَالِ بَدَا أَنَّ ٱلنَّاسَ فِي مُقَاطَعَتِنَا غَيْرُ مُتَجَاوِبِينَ، فَلْنَتَذَكَّرِ ٱلتَّلَامِيذَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ. فَإِذَا كُنَّا نُقَدِّرُ ٱلْحَقَّ وَنَنْقَادُ بِٱلرُّوحِ، يُمْكِنُنَا عَلَى غِرَارِهِمْ أَنْ نَفْرَحَ حَتَّى فِي وَجْهِ ٱلْمُقَاوَمَةِ. — غل ٥:١٨، ٢٢.
a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «بَرْنَابَا: ‹اِبْنُ ٱلْعَزَاءِ›».
b بِحُلُولِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ، كَانَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ قَدِ ٱنْتَشَرَتِ ٱنْتِشَارًا لَا يُسْتَهَانُ بِهِ. وَٱلدَّلِيلُ وُجُودُ جَمَاعَةٍ فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ ٥٥٠ كلم تَقْرِيبًا شَمَالَ أُورُشَلِيمَ.
c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «اَلسَّفَرُ بَرًّا».
d قَطَعَتِ ٱلسُّفُنُ أَيَّامَ ٱلرُّسُلِ مَسَافَةَ ١٥٠ كلم تَقْرِيبًا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْوَاحِدِ إِذَا كَانَتِ ٱلرِّيَاحُ مُؤَاتِيَةً. أَمَّا فِي ٱلظُّرُوفِ ٱلْمُعَاكِسَةِ فَٱسْتَغْرَقَتِ ٱلرِّحْلَاتُ وَقْتًا أَطْوَلَ بِكَثِيرٍ.
e اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ».
f خَضَعَتْ قُبْرُصُ لِسُلْطَةِ مَجْلِسِ ٱلشُّيُوخِ ٱلرُّومَانِيِّ، فَكَانَ حَاكِمُهَا بِرُتْبَةِ وَالٍ رُومَانِيٍّ (بْرُوكَنْسُل).
g اِبْتِدَاءً مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ يُشَارُ إِلَى شَاوُلَ بِٱلِٱسْمِ بُولُسَ. وَيَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّهُ تَبَنَّى هٰذَا ٱلِٱسْمَ ٱلرُّومَانِيَّ إِكْرَامًا لِسِرْجِيُوسَ بُولُسَ. لٰكِنَّ ٱسْتِعْمَالَهُ ٱلِٱسْمَ بَعْدَ مُغَادَرَتِهِ قُبْرُصَ يُرَجِّحُ كَفَّةَ تَفْسِيرٍ آخَرَ. فَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنَّ بُولُسَ بِٱعْتِبَارِهِ ‹رَسُولًا لِلْأُمَمِ› قَرَّرَ مِنَ ٱلْآنَ فَصَاعِدًا ٱسْتِخْدَامَ ٱسْمِهِ ٱلرُّومَانِيِّ. وَلَرُبَّمَا أَيْضًا ٱسْتَعْمَلَ هٰذَا ٱلِٱسْمَ لِأَنَّ تَلَفُّظَ ٱلْيُونَانِيِّينَ بِٱسْمِهِ ٱلْعِبْرَانِيِّ شَاوُلَ شَبِيهٌ جِدًّا بِلَفْظِ كَلِمَةٍ يُونَانِيَّةٍ لَهَا مَعْنًى مُبْتَذَلٌ. — رو ١١:١٣.
-
-
«يتكلمان بجرأة بسلطة يهوه»اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
-
-
الفصل ١٢
«يَتَكَلَّمَانِ بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ»
بُولُسُ وَبَرْنَابَا يُعْرِبَانِ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْجُرْأَةِ وَيُثَابِرَانِ فِي خِدْمَتِهِمَا
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٤:١-٢٨
١، ٢ مَاذَا يَحْدُثُ أَثْنَاءَ وُجُودِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا فِي لِسْتَرَةَ؟
حَدَثٌ أَقَامَ ٱلدُّنْيَا وَأَقْعَدَهَا فِي لِسْتَرَةَ: رَجُلَانِ غَرِيبَانِ يَشْفِيَانِ مُقْعَدًا مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ! هَا هُوَ ٱلْمُقْعَدُ يَثِبُ فَرَحًا فِيمَا ٱلنَّاسُ يَشْهَقُونَ وَيَصِيحُونَ: «قَدْ تَشَبَّهَ ٱلْآلِهَةُ بِٱلنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا!». (اع ١٤:١١) يَأْتِي كَاهِنُ زَفْسٍ بِأَكَالِيلَ وَثِيرَانٍ لِتَقْدِيمِهَا ذَبِيحَةً. لٰكِنَّ بُولُسَ وَبَرْنَابَا يَصْرُخَانِ! يَسْتَنْكِرَانِ! يُمَزِّقَانِ أَرْدِيَتَهُمَا! وَيَنْدَفِعَانِ نَحْوَ ٱلْحَشْدِ رَاجِيَيْنِهِمْ أَلَّا يَعْبُدُوهُمَا. وَبَعْدَ جُهْدٍ جَهِيدٍ تَرْتَدِعُ ٱلْجُمُوعُ.
٢ بَعْدَئِذٍ يَصِلُ يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَيَنْشُرُونَ ٱفْتِرَاءَاتٍ بَغِيضَةً فَيُسَمِّمُونَ عُقُولَ أَهْلِ لِسْتَرَةَ. وَإِذَا بِٱلْحَشْدِ ٱلْمُتَعَبِّدِ يَنْقَلِبُ مِئَةً وَثَمَانِينَ دَرَجَةً! فَيُطْبِقُونَ عَلَى بُولُسَ وَيَرْجُمُونَهُ بِٱلْحِجَارَةِ حَتَّى يَفْقِدَ ٱلْوَعْيَ. وَبَعْدَ أَنْ يُبَرِّدُوا غَلِيلَهُمْ، يَجُرُّونَ جَسَدَهُ ٱلْهَامِدَ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ ظَانِّينَ أَنَّهُ فَارَقَ ٱلْحَيَاةَ.
٣ أَيُّ أَسْئِلَةٍ يُجِيبُ عَنْهَا هٰذَا ٱلْفَصْلُ؟
٣ فَكَيْفَ آلَتِ ٱلْأُمُورُ إِلَى مَا آلَتْ إِلَيْهِ؟ مَاذَا يَتَعَلَّمُ ٱلْمُنَادُونَ بِٱلْبِشَارَةِ ٱلْيَوْمَ مِمَّا حَصَلَ مَعَ بَرْنَابَا وَبُولُسَ وَأَهْلِ لِسْتَرَةَ ٱلْمُتَقَلِّبِينَ؟ وَكَيْفَ يَقْتَدِي ٱلشُّيُوخُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِمِثَالِ هٰذَيْنِ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱلْأَمِينَيْنِ ٱللَّذَيْنِ ثَابَرَا فِي خِدْمَتِهِمَا وَتَكَلَّمَا «بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ»؟ — اع ١٤:٣.
«صَارَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ . . . مُؤْمِنِينَ» (اعمال ١٤:١-٧)
٤، ٥ لِمَ سَافَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى إِيقُونِيَةَ وَمَاذَا حَصَلَ هُنَاكَ؟
٤ مُنْذُ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، طُرِدَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِنْ مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ فِي بِيسِيدِيَةَ بَعْدَ أَنْ أَلَّبَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ ٱلنَّاسَ عَلَيْهِمْ. غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَسْلِمَا، بَلْ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا» عَلَى سُكَّانِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلرَّافِضِينَ ٱلْبِشَارَةَ. (اع ١٣:٥٠-٥٢؛ مت ١٠:١٤) فَغَادَرَا بِهُدُوءٍ وَسَلَّمَا ٱلْأَمْرَ لِلّٰهِ. (اع ١٨:٥، ٦؛ ٢٠:٢٦) ثُمَّ وَاصَلَا رِحْلَتَهُمَا ٱلتَّبْشِيرِيَّةَ بِٱلْفَرَحِ عَيْنِهِ. فَقَطَعَا مَسَافَةَ ١٥٠ كلم تَقْرِيبًا صَوْبَ ٱلْجَنُوبِ ٱلشَّرْقِيِّ، حَتَّى بَلَغَا هَضْبَةً خِصْبَةً بَيْنَ سِلْسِلَتَيْ جِبَالِ طُورُوس وَسُلْطَان.
٥ بِدَايَةً تَوَقَّفَ ٱلْمُرْسَلَانِ فِي إِيقُونِيَةَ، إِحْدَى ٱلْمُدُنِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ فِي إِقْلِيمِ غَلَاطِيَةَ ٱلرُّومَانِيِّ.a وَقَدْ ضَمَّتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ ٱلطَّابِعِ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً نَافِذَةً وَعَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ. وَكَعَادَتِهِمَا دَخَلَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمَجْمَعَ وَكَرَزَا فِيهِ. (اع ١٣:٥، ١٤) «وَتَكَلَّمَا بِحَيْثُ صَارَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْيَهُودِ وَٱلْيُونَانِيِّينَ مُؤْمِنِينَ». — اع ١٤:١.
٦ مَا ٱلسِّرُّ فِي تَعْلِيمِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا، وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهِمَا؟
٦ فَلِمَ لَاقَى تَعْلِيمُ بُولُسَ وَبَرْنَابَا هٰذَا ٱلنَّجَاحَ؟ كَانَ بُولُسُ مُتَبَحِّرًا فِي حِكْمَةِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. فَٱقْتَبَسَ مِنَ ٱلتَّارِيخِ وَٱلنُّبُوَّةِ وَٱلشَّرِيعَةِ وَرَبَطَ بِبَرَاعَةٍ فِي مَا بَيْنَهَا لِيُبَرْهِنَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيَّا ٱلْمَوْعُودُ. (اع ١٣:١٥-٣١؛ ٢٦:٢٢، ٢٣) أَمَّا بَرْنَابَا فَبَدَا عَلَيْهِ جَلِيًّا ٱهْتِمَامُهُ بِٱلنَّاسِ. (اع ٤:٣٦، ٣٧؛ ٩:٢٧؛ ١١:٢٣، ٢٤) إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، لَمْ يَتَّكِلْ أَيٌّ مِنْهُمَا عَلَى فَهْمِهِ ٱلْخَاصِّ، بَلْ تَكَلَّمَا «بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ». فَكَيْفَ تَسِيرُ أَنْتَ عَلَى خُطَاهُمَا؟ بِتَطْبِيقِ مَا يَلِي: اُدْرُسْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِتَمَعُّنٍ؛ اِخْتَرِ ٱقْتِبَاسَاتٍ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ تَرُوقُ سَامِعِيكَ خُصُوصًا؛ فَكِّرْ فِي طَرَائِقَ عَمَلِيَّةٍ لِتَعْزِيَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِكَ؛ اِسْتَنِدْ دَائِمًا إِلَى سُلْطَةِ كَلِمَةِ يَهْوَهَ فِي ٱلتَّعْلِيمِ؛ وَلَا تَتَّكِلْ أَبَدًا عَلَى حِكْمَتِكَ ٱلْخَاصَّةِ.
٧ (أ) كَيْفَ يَنْظُرُ ٱلنَّاسُ إِلَى بِشَارَتِنَا؟ (ب) أَيُّ حَقِيقَةٍ يَحْسُنُ بِكَ تَذَكُّرُهَا فِي حَالِ كَانَتْ عَائِلَتُكَ مُنْقَسِمَةً نَتِيجَةَ إِطَاعَتِكَ ٱلْبِشَارَةَ؟
٧ وَلٰكِنْ هَلْ سُرَّ جَمِيعُ سُكَّانِ إِيقُونِيَةَ بِرِسَالَةِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا؟ يَرْوِي لُوقَا: «اَلْيَهُودُ ٱلَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا أَثَارُوا وَحَرَّضُوا نُفُوسَ أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ عَلَى ٱلْإِخْوَةِ». عِنْدَئِذٍ أَدْرَكَ ٱلْمُرْسَلَانِ ٱلْحَاجَةَ إِلَى ٱلْبَقَاءِ وَٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ. «فَقَضَيَا وَقْتًا طَوِيلًا يَتَكَلَّمَانِ بِجُرْأَةٍ». وَكَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ أَنَّ «جُمْهُورَ ٱلْمَدِينَةِ ٱنْقَسَمَ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ مَعَ ٱلْيَهُودِ، وَبَعْضُهُمْ مَعَ ٱلرَّسُولَيْنِ». (اع ١٤:٢-٤) وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا تَتَبَايَنُ ٱلْآرَاءُ فِي بِشَارَتِنَا. فَتَكُونُ لِلْبَعْضِ رِبَاطًا مُوَحِّدًا وَلِلْبَعْضِ ٱلْآخَرِ مَوْضُوعَ شِقَاقٍ. (مت ١٠:٣٤-٣٦) فَفِي حَالِ ٱنْقَسَمَتْ عَائِلَتُكَ نَتِيجَةَ إِطَاعَتِكَ ٱلْبِشَارَةَ، تَذَكَّرْ أَنَّ ٱلْمُقَاوَمَةَ فِي ٱلْغَالِبِ نَاتِجَةٌ عَنْ شَائِعَاتٍ كَاذِبَةٍ أَوِ ٱفْتِرَاءَاتٍ سَافِرَةٍ. وَعَلَيْهِ، يَكُونُ سُلُوكُكَ ٱلْحَسَنُ تِرْيَاقًا لِهٰذِهِ ٱلسُّمُومِ، وَرُبَّمَا يُلَيِّنُ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ قُلُوبَ مُقَاوِمِيكَ. — ١ بط ٢:١٢؛ ٣:١، ٢.
٨ لِمَ غَادَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِيقُونِيَةَ، وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُمَا؟
٨ بَعْدَ فَتْرَةٍ حَاكَ ٱلْمُقَاوِمُونَ فِي إِيقُونِيَةَ مُؤَامَرَةً لِرَجْمِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا. وَلَمَّا بَلَغَ ٱلْخَبَرُ مَسَامِعَ ٱلْمُرْسَلَيْنِ، فَضَّلَا ٱلِٱنْتِقَالَ إِلَى مُقَاطَعَةٍ أُخْرَى. (اع ١٤:٥-٧) بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، يَتَّصِفُ ٱلْمُنَادُونَ بِٱلْمَلَكُوتِ ٱلْعَصْرِيُّونَ بِٱلْفِطْنَةِ. فَحِينَ يُوَجَّهُ إِلَيْنَا كَلَامٌ قَبِيحٌ مُهِينٌ، نُثَابِرُ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِكُلِّ جُرْأَةٍ. (في ١:٧؛ ١ بط ٣:١٣-١٥) أَمَّا عِنْدَمَا تَظْهَرُ بَوَادِرُ أَعْمَالِ عُنْفٍ فَلَا نَتَهَوَّرُ بِلَا لُزُومٍ مُجَازِفِينَ بِحَيَاتِنَا أَوْ بِحَيَاةِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ. — ام ٢٢:٣.
اِرْجِعُوا «إِلَى ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ» (اعمال ١٤:٨-١٩)
٩، ١٠ أَيْنَ كَانَتْ تَقَعُ لِسْتَرَةُ، وَمَاذَا نَعْرِفُ عَنْ أَهْلِهَا؟
٩ كَانَتْ لِسْتَرَةُ مَحَطَّةَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلتَّالِيَةَ. وَهٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ مُسْتَعْمَرَةٌ رُومَانِيَّةٌ تَبْعُدُ ٣٠ كلم جَنُوبَ غَرْبِ إِيقُونِيَةَ. كَانَتْ تَرْبُطُهَا عَلَاقَاتٌ قَوِيَّةٌ بِأَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ، لٰكِنَّهَا بِخِلَافِ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ لَمْ تَضُمَّ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً قَوِيَّةً. وَفِي حِينِ تَكَلَّمَ سُكَّانُهَا ٱلْيُونَانِيَّةَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، كَانَتْ لُغَتُهُمُ ٱلْأُمُّ ٱللِّيكَأُونِيَّةَ. وَفِي لِسْتَرَةَ، رَاحَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا يُبَشِّرَانِ فِي أَحَدِ ٱلْأَمَاكِنِ ٱلْعَامَّةِ، رُبَّمَا لِعَدَمِ وُجُودِ مَجْمَعٍ. بَعْدَئِذٍ شَفَى بُولُسُ رَجُلًا وُلِدَ مُقْعَدًا. (اع ١٤:٨-١٠) قَدْ تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةُ بِبُطْرُسَ حِينَ شَفَى فِي أُورُشَلِيمَ رَجُلًا كَسِيحًا مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ. آنَذَاكَ آمَنَ جَمْعٌ كَبِيرٌ بِٱلرَّبِّ. (اع ٣:١-١٠) غَيْرَ أَنَّ ٱلنَّتِيجَةَ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَتَتْ مُغَايِرَةً تَمَامًا.
١٠ فَكَمَا قَرَأْنَا فِي ٱلْفِقْرَةِ ٱلْأُولَى، تَوَصَّلَ أَهْلُ لِسْتَرَةَ ٱلْوَثَنِيُّونَ إِلَى ٱسْتِنْتَاجٍ خَاطِئٍ حَالَمَا رَأَوُا ٱلرَّجُلَ يَثِبُ وَاقِفًا. فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيْهِمْ أَنَّ بَرْنَابَا هُوَ زَفْسٌ، سَيِّدُ ٱلْآلِهَةِ عِنْدَ ٱلْيُونَانِيِّينَ، وَبُولُسَ هُوَ هِرْمِسُ، ٱبْنُ زَفْسٍ وَرَسُولُ ٱلْآلِهَةِ. (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «عِبَادَةُ زَفْسٍ وَهِرْمِسَ فِي لِسْتَرَةَ».) إِلَّا أَنَّ بَرْنَابَا وَبُولُسَ صَمَّمَا أَنْ يُصَحِّحَا ٱللُّبْسَ وَيُفْهِمَا ٱلْجُمُوعَ أَنَّهُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَصَرَّفَانِ لَا بِسُلْطَةِ ٱلْآلِهَةِ ٱلْوَثَنِيَّةِ، بَلْ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ ٱلْوَحِيدِ. — اع ١٤:١١-١٤.
«نبشركم لكي ترجعوا عن هذه الاباطيل الى اللّٰه الحي، الذي صنع السماء والارض». — اعمال ١٤:١٥
١١-١٣ (أ) مَاذَا قَالَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا لِسُكَّانِ لِسْتَرَةَ؟ (ب) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ كَلَامِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا؟
١١ رَغْمَ ٱلْمُسْتَجِدَّاتِ ٱلْمُتَسَارِعَةِ، أَبَى ٱلْمُرْسَلَانِ أَنْ يَتَحَوَّلَا عَنْ مَسْعَاهُمَا ٱلْأَسَاسِيِّ وَحَاوَلَا بُلُوغَ قُلُوبِ سَامِعِيهِمَا بِأَفْضَلِ طَرِيقَةٍ مُمْكِنَةٍ. وَفِي هٰذَا ٱلسِّيَاقِ، يُخْبِرُنَا لُوقَا عَنِ ٱلْأُسْلُوبِ ٱلْفَعَّالِ ٱلَّذِي ٱعْتَمَدَهُ بُولُسُ وَبَرْنَابَا فِي ٱلْكِرَازَةِ لِلْوَثَنِيِّينَ. لَاحِظْ كَيْفَ خَاطَبَا حُضُورَهُمَا: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ، لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هٰذَا؟ نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ ضُعَفَاءُ مِثْلُكُمْ، وَنُبَشِّرُكُمْ لِكَيْ تَرْجِعُوا عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَبَاطِيلِ إِلَى ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ، ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلْأَرْضَ وَٱلْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا. لَقَدْ سَمَحَ لِلْأُمَمِ جَمِيعًا فِي ٱلْأَجْيَالِ ٱلْمَاضِيَةِ بِأَنْ تَذْهَبَ فِي طُرُقِهَا، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلَا شَهَادَةٍ بِمَا فَعَلَ مِنْ صَلَاحٍ، مُعْطِيًا إِيَّاكُمْ أَمْطَارًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَمَوَاسِمَ مُثْمِرَةً، مُفْعِمًا قُلُوبَكُمْ طَعَامًا وَسُرُورًا». — اع ١٤:١٥-١٧.
١٢ أَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَمِيقَةِ؟ أَوَّلًا، لَمْ يَنْظُرْ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى حُضُورِهِمَا نَظْرَةً دُونِيَّةً. فَهُمَا لَمْ يَتَظَاهَرَا بِمَا لَيْسَ فِيهِمَا، بَلْ أَقَرَّا بِتَوَاضُعٍ أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ بِمِثْلِ ضَعَفَاتِ سَامِعِيهِمَا ٱلْوَثَنِيِّينَ. صَحِيحٌ أَنَّهُمَا مُسِحَا بِٱلرُّوحِ وَنَالَا رَجَاءَ ٱلْحُكْمِ مَعَ ٱلْمَسِيحِ وَتَحَرَّرَا مِنَ ٱلتَّعَالِيمِ ٱلْبَاطِلَةِ، لٰكِنَّهُمَا أَدْرَكَا أَنَّ هٰذِهِ ٱلْمَوَاهِبَ عَيْنَهَا مُتَاحَةٌ لِسُكَّانِ لِسْتَرَةَ أَيْضًا شَرْطَ أَنْ يُطِيعُوا يَسُوعَ.
١٣ فَمَا ٱلْقَوْلُ فِينَا؟ كَيْفَ نَنْظُرُ إِلَى ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا؟ هَلْ نُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ ٱلنِّدِّ لِلنِّدِّ؟ وَحِينَ نُعَلِّمُهُمْ حَقَائِقَ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ، هَلْ نَتَجَنَّبُ طَلَبَ ٱلْمَجْدِ وَٱلْإِطْرَاءِ تَمَثُّلًا بَبُولُسَ وَبَرْنَابَا؟ إِلَيْكَ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ مِثَالًا رَائِعًا تَرَكَهُ تْشَارْلْز تَاز رَصِل، مُعَلِّمٌ بَارِعٌ تَوَلَّى ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ أَوَاخِرَ ٱلْقَرْنِ ٱلتَّاسِعَ عَشَرَ وَأَوَائِلَ ٱلْقَرْنِ ٱلْعِشْرِينَ. كَتَبَ قَائِلًا: «لَا نَطْلُبُ ٱلْإِجْلَالَ وَٱلتَّوْقِيرَ؛ لَا لِأَنْفُسِنَا وَلَا لِكِتَابَاتِنَا. وَلَا نَرْغَبُ أَنْ يُدْعَى أَيٌّ مِنَّا أَبًا أَوْ سَيِّدًا». حَقًّا لَقَدْ عَكَسَ ٱلْأَخُ رَصِل مَوْقِفَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلْمُتَوَاضِعَ. وَعَلَى غِرَارِهِمْ، لَا نَهْدِفُ مِنْ بِشَارَتِنَا إِلَى نَيْلِ ٱلْمَجْدِ مِنَ ٱلنَّاسِ، بَلْ مُسَاعَدَتِهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى «ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ».
١٤-١٦ أَيُّ دَرْسَيْنِ إِضَافِيَّيْنِ نَتَعَلَّمُهُمَا مِنْ كَلَامِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا إِلَى أَهْلِ لِسْتَرَةَ؟
١٤ تَأَمَّلْ أَيْضًا فِي دَرْسٍ ثَانٍ نَسْتَخْلِصُهُ مِنْ هٰذَا ٱلْخِطَابِ. فَقَدْ تَحَلَّى بُولُسُ وَبَرْنَابَا بِٱلْمُرُونَةِ فِي ٱلتَّعَامُلِ مَعَ سَامِعِيهِمَا. فَعَلَى خِلَافِ ٱلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ فِي إِيقُونِيَةَ، لَمْ يَعْرِفْ سُكَّانُ لِسْتَرَةَ إِلَّا ٱلْقَلِيلَ عَنِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَتَعَامُلَاتِ ٱللّٰهِ مَعَ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ، هٰذَا إِذَا عَرَفُوا عَنْهَا شَيْئًا مِنَ ٱلْأَسَاسِ. فَأَيَّ أُسْلُوبٍ ٱعْتَمَدَ ٱلْمُبَشِّرَانِ؟ لَقَدِ ٱسْتَغَلَّا نُقْطَةً مُشْتَرَكَةً لِإِثَارَةِ تَفْكِيرِ حُضُورِهِمَا. فَقَدِ ٱنْتَمَى هٰؤُلَاءِ إِلَى مُجْتَمَعٍ زِرَاعِيٍّ، إِذِ ٱمْتَازَتْ لِسْتَرَةُ بِطَقْسٍ مُعْتَدِلٍ وَأَرْضٍ خِصْبَةٍ. فَتَوَفَّرَتْ لَهُمْ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى صِفَاتِ ٱلْخَالِقِ، كَتِلْكَ ٱلظَّاهِرَةِ فِي ٱلْمَوَاسِمِ ٱلْمُثْمِرَةِ مَثَلًا. — رو ١:١٩، ٢٠.
١٥ فَهَلْ نَتَحَلَّى بِٱلْمُرُونَةِ نَفْسِهَا؟ لِتَقْرِيبِ ٱلْمَعْنَى لِنَتَأَمَّلْ فِي ٱلْمُزَارِعِ. فَقَدْ يَخْتَارُ أَحْيَانًا نَوْعًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْبِذَارِ لِعَدَدٍ مِنَ ٱلْحُقُولِ. مَعَ ذٰلِكَ، عَلَيْهِ أَنْ يُنَوِّعَ ٱلْأَسَالِيبَ ٱلْمُسْتَخْدَمَةَ فِي تَجْهِيزِ ٱلتُّرْبَةِ. فَفِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ تَكُونُ ٱلتُّرْبَةُ لَيِّنَةً وَجَاهِزَةً لِلزِّرَاعَةِ، أَمَّا فِي حَالَاتٍ أُخْرَى فَتَحْتَاجُ إِلَى عِنَايَةٍ مُسْبَقَةٍ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، نَزْرَعُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ نَوْعًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْبِذَارِ: رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمَوْجُودَةَ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ. لٰكِنَّنَا نُحَاوِلُ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا أَنْ نَسْتَشِفَّ ظُرُوفَ سَامِعِينَا وَخَلْفِيَّتَهُمُ ٱلدِّينِيَّةَ. وَمِنْ ثَمَّ نُكَيِّفُ طَرِيقَةَ عَرْضِنَا ٱلْبِشَارَةَ وَفْقًا لِهٰذِهِ ٱلْمُعْطَيَاتِ. — لو ٨:١١، ١٥.
١٦ تَحْمِلُ لَنَا ٱلرِّوَايَةُ عَنْ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَأَهْلِ لِسْتَرَةَ دَرْسًا ثَالِثًا. فَرَغْمَ أَقْصَى جُهُودِنَا، يُخْطَفُ أَحْيَانًا ٱلْبِذَارُ ٱلَّذِي نَزْرَعُهُ أَوْ يَقَعُ عَلَى تُرْبَةٍ صَخْرِيَّةٍ. (مت ١٣:١٨-٢١) فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ لَا نَيْأَسْ! فَقَدْ ذَكَّرَ بُولُسُ لَاحِقًا ٱلتَّلَامِيذَ فِي رُومَا أَنَّ «كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا [بِمَنْ فِيهِمْ مَنْ نُنَاقِشُ مَعَهُمْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ] سَيُؤَدِّي حِسَابًا عَنْ نَفْسِهِ لِلّٰهِ». — رو ١٤:١٢.
«اِسْتَوْدَعَاهُمْ يَهْوَهَ» (اعمال ١٤:٢٠-٢٨)
١٧ أَيْنَ تَوَجَّهَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا بَعْدَ مُغَادَرَتِهِمَا دِرْبَةَ، وَلِمَاذَا؟
١٧ يَجُرُّ ٱلْمُقَاوِمُونَ بُولُسَ خَارِجَ لِسْتَرَةَ ظَانِّينَ أَنَّهُ مَاتَ. وَبَعْدَمَا يُحِيطُ بِهِ ٱلتَّلَامِيذُ، يَقُومُ ثُمَّ يَبِيتُ لَيْلَتَهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ. وَفِي ٱلْغَدِ، يَنْطَلِقُ مَعَ بَرْنَابَا فِي رِحْلَةٍ طُولُهَا ١٠٠ كلم إِلَى دِرْبَةَ. لَا بُدَّ أَنَّ بُولُسَ عَانَى ٱلْأَمَرَّيْنِ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلشَّاقَّةِ. فَلَمْ يَكُنْ قَدْ مَضَى عَلَى رَجْمِهِ سِوَى سَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ. مَعَ ذٰلِكَ، ثَابَرَ ٱلْمُرْسَلَانِ «وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ» عِنْدَ وُصُولِهِمَا إِلَى دِرْبَةَ. بَعْدَئِذٍ، لَمْ يَسْلُكَا طَرِيقًا مُخْتَصَرًا لِلْعَوْدَةِ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ ٱلَّتِي ٱنْطَلَقَا مِنْهَا، بَلْ «عَادَا إِلَى لِسْتَرَةَ فَإِيقُونِيَةَ فَأَنْطَاكِيَةِ [بِيسِيدِيَةَ]». لِمَاذَا؟ لَقَدْ أَرَادَا أَنْ يُقَوِّيَا ‹نُفُوسَ ٱلتَّلَامِيذِ، وَيُشَجِّعَاهُمْ أَنْ يَبْقَوْا فِي ٱلْإِيمَانِ›. (اع ١٤:٢٠-٢٢) فَرَسَمَا بِٱلتَّالِي مِثَالًا رَائِعًا لَنَا إِذْ آثَرَا خَيْرَ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى رَاحَتِهِمَا ٱلشَّخْصِيَّةِ. أَوَلَا يَقْتَدِي بِهِمَا ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ وَٱلْمُرْسَلُونَ فِي أَيَّامِنَا؟!
١٨ عَلَامَ يَشْتَمِلُ تَعْيِينُ ٱلشُّيُوخِ؟
١٨ فِي طَرِيقِ ٱلْعَوْدَةِ، قَوَّى بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلتَّلَامِيذَ بِأَقْوَالِهِمَا وَمِثَالِهِمَا وَعَيَّنَا لَهُمْ «شُيُوخًا فِي كُلِّ جَمَاعَةٍ». وَرَغْمَ أَنَّهُمَا مُرْسَلَانِ أَسَاسًا «مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلتَّبْشِيرِيَّةِ، صَلَّيَا وَصَامَا ثُمَّ «ٱسْتَوْدَعَا [ٱلشُّيُوخَ] يَهْوَهَ». (اع ١٣:١-٤؛ ١٤:٢٣) وَفِي أَيَّامِنَا يُتَّبَعُ نَهْجٌ مُمَاثِلٌ. فَقَبْلَ ٱلتَّوْصِيَةِ بِأَحَدِ ٱلْإِخْوَةِ لِنَيْلِ تَعْيِينٍ مَا، تُرَاجِعُ هَيْئَةُ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَحَلِّيَّةُ بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ مُؤَهِّلَاتِهِ عَلَى ضَوْءِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. (١ تي ٣:١-١٠، ١٢، ١٣؛ تي ١:٥-٩) وَلَيْسَ ٱلْعَامِلُ ٱلْحَاسِمُ هُوَ عَدَدَ ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي قَضَاهَا فِي ٱلْحَقِّ. فَثَمَّةَ أُمُورٌ أُخْرَى تُظْهِرُ إِلَى أَيِّ مَدًى يَعْمَلُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ فِي حَيَاتِهِ، كَكَلَامِهِ وَسُلُوكِهِ وَصِيتِهِ. وَبُلُوغُهُ مُتَطَلَّبَاتِ ٱلنُّظَّارِ كَمَا يُحَدِّدُهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ هُوَ مَا يُؤَهِّلُهُ لِعَمَلِ ٱلرِّعَايَةِ. — غل ٥:٢٢، ٢٣.
١٩ مَاذَا يُدْرِكُ ٱلشُّيُوخُ، وَكَيْفَ يَقْتَدُونَ بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا؟
١٩ يُدْرِكُ ٱلشُّيُوخُ ٱلْمُعَيَّنُونَ أَنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ ٱللّٰهِ عَنْ طَرِيقَةِ مُعَامَلَتِهِمِ ٱلْجَمَاعَةَ. (عب ١٣:١٧؛ ١ بط ٥:١-٣) وَتَشَبُّهًا بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا، يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَيُشَجِّعُونَ رُفَقَاءَهُمُ ٱلتَّلَامِيذَ بِكَلَامِهِمْ. وَهُمْ يُؤْثِرُونَ خَيْرَ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى رَاحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ. — في ٢:٣، ٤.
٢٠ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ قِرَاءَةِ ٱلتَّقَارِيرِ عَنْ خِدْمَةِ إِخْوَتِنَا ٱلْأَمِينَةِ؟
٢٠ حِينَ عَادَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا أَخِيرًا إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ، أَخَذَا يَرْوِيَانِ «ٱلْأُمُورَ ٱلْكَثِيرَةَ ٱلَّتِي صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِوَاسِطَتِهِمَا، وَأَنَّهُ فَتَحَ لِلْأُمَمِ بَابًا لِلْإِيمَانِ». (اع ١٤:٢٧) وَمِنْ جِهَتِنَا، عِنْدَمَا نَقْرَأُ عَنْ خِدْمَةِ إِخْوَتِنَا ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَمِينَةِ وَنَرَى كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ جُهُودَهُمْ نَتَشَجَّعُ عَلَى مُوَاصَلَةِ ‹ٱلتَّكَلُّمِ بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ›.
a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «إِيقُونِيَةُ: مَدِينَةُ ٱلْفَرِيجِيِّينَ».
-