مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«التلاميذ يمتلئون فرحا وروحا قدسا»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١١

      ‏«اَلتَّلَامِيذُ يَمْتَلِئُونَ فَرَحًا وَرُوحًا قُدُسًا»‏

      مِثَالُ بُولُسَ فِي مُوَاجَهَةِ أَشْخَاصٍ عِدَائِيِّينَ يَرْفُضُونَ ٱلْبِشَارَةَ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٣:‏١-‏٥٢

      ١،‏ ٢ مَاذَا يُمَيِّزُ رِحْلَةَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلْأُولَى،‏ وَكَيْفَ يُسَاهِمُ عَمَلُهُمَا فِي إِتْمَامِ ٱلْأَعْمَال ١:‏٨‏؟‏

      تَشْهَدُ جَمَاعَةُ أَنْطَاكِيَةَ حَدَثًا مُمَيَّزًا.‏ فَمِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَٱلْمُعَلِّمِينَ فِيهَا،‏ يَقَعُ ٱخْتِيَارُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِيَحْمِلَا ٱلْبِشَارَةَ إِلَى أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ.‏a (‏اع ١٣:‏١،‏ ٢‏)‏ صَحِيحٌ أَنْ ثَمَّةَ رِجَالٌ أَكْفَاءٌ سَبَقُوهُمَا إِلَى ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ،‏ لٰكِنَّهُمْ سَافَرُوا إِلَى مَنَاطِقَ سَبَقَ أَنْ تَجَذَّرَتْ فِيهَا ٱلْمَسِيحِيَّةُ.‏ (‏اع ٨:‏١٤؛‏ ١١:‏٢٢‏)‏ أَمَّا بَرْنَابَا وَشَاوُلُ،‏ إِضَافَةً إِلَى يُوحَنَّا مَرْقُسَ ٱلَّذِي يُرَافِقُهُمَا خَادِمًا،‏ فَسَيُسَافِرُونَ إِلَى مَنَاطِقَ لَمْ يَسْمَعْ مُعْظَمُ سُكَّانِهَا رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ بَعْدُ.‏

      ٢ قَبْلَ نَحْوِ ١٤ سَنَةً قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ:‏ «تَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ».‏ (‏اع ١:‏٨‏)‏ وَتَعْيِينُ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ يُسَاهِمُ فِي إِتْمَامِ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلنَّبَوِيَّةِ.‏b

      أُفْرِزَا «لِلْعَمَلِ» (‏اعمال ١٣:‏١-‏١٢‏)‏

      ٣ مَاذَا صَعَّبَ ٱلرِّحْلَاتِ ٱلطَّوِيلَةَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟‏

      ٣ فِي عَصْرِنَا ٱلْحَاضِرِ،‏ نَقْطَعُ مَسَافَاتٍ طَوِيلَةً بِوَقْتٍ قَصِيرٍ جِدًّا بِفَضْلِ ٱلِٱخْتِرَاعَاتِ ٱلْحَدِيثَةِ كَٱلسَّيَّارَةِ وَٱلطَّائِرَةِ.‏ وَلٰكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَ أَيَّامِنَا وَأَيَّامِ ٱلرُّسُلِ!‏ فَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ ٱعْتَادَ ٱلنَّاسُ ٱلسَّيْرَ عَلَى ٱلْأَقْدَامِ عِنْدَ ٱلتَّنَقُّلِ بَرًّا،‏ وَغَالِبًا مَا ٱجْتَازُوا طُرُقَاتٍ وَعِرَةً.‏ فَكَانَتْ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَاحِدٍ،‏ أَيْ نَحْوَ ٣٠ كلم فَقَطْ،‏ تَهُدُّ قِوَى ٱلْمُسَافِرِينَ.‏c لِذَا رَغْمَ أَنَّ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ تَطَلَّعَا إِلَى تَعْيِينِهِمَا ٱلْجَدِيدِ،‏ أَدْرَكَا دُونَ رَيْبٍ أَنَّ إِتْمَامَهُ يَسْتَلْزِمُ جُهْدًا حَثِيثًا وَتَضْحِيَةً بِٱلذَّاتِ.‏ —‏ مت ١٦:‏٢٤‏.‏

      اَلسَّفَرُ بَرًّا

      مُقَارَنَةً مَعَ ٱلسَّفَرِ بَحْرًا،‏ ٱسْتَلْزَمَ ٱلسَّفَرُ بَرًّا فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْقَدِيمِ وَقْتًا أَطْوَلَ وَجُهْدًا أَكْبَرَ،‏ وَكَانَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَكْثَرَ كُلْفَةً.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَثِيرًا مَا ٱضْطُرَّ ٱلْمُسَافِرُونَ أَنْ يَسِيرُوا لِيَبْلُغُوا وُجْهَتَهُمْ.‏

      سَارَ ٱلنَّاسُ قَدِيمًا أَثْنَاءَ تَنَقُّلِهِمْ ٣٠ كلم تَقْرِيبًا فِي ٱلْيَوْمِ.‏ وَكَانُوا عُرْضَةً لِعَوَامِلِ ٱلطَّقْسِ،‏ مِنْ شَمْسٍ حَادَّةٍ وَمَطَرٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ،‏ فَضْلًا عَنْ خَطَرِ ٱلسَّلْبِ.‏ ذَكَرَ بُولُسُ:‏ «سَافَرْتُ أَسْفَارا عَدِيدَةً؛‏ وَوَاجَهَتْنِي أَخْطَارُ السُّيُولِ الْجَارِفَةِ،‏ وَأَخْطَارُ قُطَّاعِ الطُّرُقِ».‏ —‏ ٢ كو ١١:‏٢٦‏،‏ كتاب الحياة —‏ ترجمة تفسيرية.‏

      رَبَطَتْ شَبَكَةُ طُرُقَاتٍ مَرْصُوفَةٍ مُخْتَلِفَ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ.‏ وَعَلَى طُولِ ٱلطُّرُقِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ بُنِيَتِ ٱلْفَنَادِقُ بِحَيْثُ يَبْعُدُ ٱلْوَاحِدُ عَنِ ٱلْآخَرِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ تَقْرِيبًا.‏ وَبَيْنَ ٱلْفُنْدُقِ وَٱلْفُنْدُقِ تَوَفَّرَتْ لِلْمُسَافِرِينَ خَانَاتٌ تَبِيعُ ٱلْحَاجِيَّاتِ ٱلْأَسَاسِيَّةَ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمُؤَسَّسَاتُ؟‏ يَصِفُهَا كُتَّابُ ذٰلِكَ ٱلْعَصْرِ بِأَنَّهَا قَذِرَةٌ،‏ مُكْتَظَّةٌ،‏ شَدِيدَةُ ٱلرُّطُوبَةِ،‏ وَمَلِيئَةٌ بِٱلْبَرَاغِيثِ.‏ وَٱعْتُبِرَتْ هٰذِهِ ٱلْأَمَاكِنُ حَقِيرَةً إِذِ ٱرْتَادَتْهَا حُثَالَةُ ٱلْمُجْتَمَعِ.‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْفَنَادِقِ غَالِبًا مَا سَرَقُوا ٱلْمُسَافِرِينَ وَرَوَّجُوا ٱلدَّعَارَةَ.‏

      لَا بُدَّ إِذًا أَنَّ ٱلْمُسَافِرِينَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ تَفَادَوْا أَمَاكِنَ كَهٰذِهِ قَدْرَ ٱلْمُسْتَطَاعِ.‏ أَمَّا فِي ٱلْمَنَاطِقِ حَيْثُ لَا يَقْطُنُ أَيٌّ مِنْ أَقَارِبِهِمْ أَوْ أَصْدِقَائِهِمْ فَقَدْ أُرْغِمُوا عَلَى ٱلْمَبِيتِ فِيهَا.‏

      ٤ (‏أ)‏ مَاذَا وَجَّهَ ٱخْتِيَارَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ،‏ وَكَيْفَ تَجَاوَبَ ٱلرُّفَقَاءُ ٱلْمُؤْمِنُونَ مَعَ ٱلتَّعْيِينِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَدْعَمُ مَنْ يَنَالُونَ تَعْيِينَاتٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةً؟‏

      ٤ وَلٰكِنْ لِمَ أَمَرَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَنْ يُفْرَزَ «لِلْعَمَلِ» بَرْنَابَا وَشَاوُلُ تَحْدِيدًا؟‏ (‏اع ١٣:‏٢‏)‏ لَا يُجِيبُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ هٰذَا ٱلسُّؤَالِ،‏ لٰكِنَّنَا نَعْرِفُ يَقِينًا أَنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ كَانَ وَرَاءَ ٱخْتِيَارِهِمَا.‏ وَكَيْفَ تَفَاعَلَ ٱلْأَنْبِيَاءُ وَٱلْمُعَلِّمُونَ فِي أَنْطَاكِيَةَ مَعَ هٰذَا ٱلْقَرَارَ؟‏ لَا يُشِيرُ ٱلسِّجِلُّ بَتَاتًا أَنَّهُمُ ٱعْتَرَضُوا عَلَيْهِ،‏ بَلْ نَرَاهُمْ يَدْعَمُونَهُ كَامِلًا.‏ فَهَلْ تَتَخَيَّلُ مَشَاعِرَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ حِينَ تَرَفَّعَ إِخْوَتُهُمَا ٱلرُّوحِيُّونَ عَنِ ٱلْغَيْرَةِ وَ «صَامُوا وَصَلَّوْا وَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِمَا وَأَطْلَقُوهُمَا»؟‏ (‏اع ١٣:‏٣‏)‏ فَلْنَتَمَثَّلْ بِهِمْ إِذًا وَلْنَدْعَمْ مَنْ يَنَالُونَ مَسْؤُولِيَّاتٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةً،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلنُّظَّارُ ٱلْمُعَيَّنُونَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ لَا نَغَرْ مِنْهُمْ،‏ بَلْ لِنَعْتَبِرْهُمْ «غَايَةَ ٱلِٱعْتِبَارِ فِي ٱلْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ».‏ —‏ ١ تس ٥:‏١٣‏.‏

      ٥ أَيُّ جُهْدٍ لَزِمَ أَنْ يَبْذُلَهُ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ لِلْكِرَازَةِ فِي جَزِيرَةِ قُبْرُصَ؟‏

      ٥ سَارَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ أَوَّلًا إِلَى مِينَاءِ سَلُوقِيَةَ قُرْبَ أَنْطَاكِيَةَ،‏ ثُمَّ أَبْحَرَا إِلَى جَزِيرَةِ قُبْرُصَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ نَحْوَ ٢٠٠ كلم.‏d وَبِمَا أَنَّ بَرْنَابَا هُوَ قُبْرُصِيُّ ٱلْأَصْلِ،‏ فَكَانَ مُتَشَوِّقًا دُونَ شَكٍّ إِلَى نَشْرِ ٱلْبِشَارَةِ فِي بَلَدِهِ ٱلْأُمِّ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ لَمْ يُضَيِّعْ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ لَحْظَةً وَاحِدَةً.‏ فَفَوْرَ وُصُولِهِمَا إِلَى مَدِينَةِ سَلَامِيسَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْجَزِيرَةِ ٱلشَّرْقِيِّ،‏ «أَخَذَا يُنَادِيَانِ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ».‏e (‏اع ١٣:‏٥‏)‏ بَعْدَئِذٍ ٱجْتَازَا قُبْرُصَ مِنَ ٱلْجَانِبِ إِلَى ٱلْجَانِبِ سَيْرًا عَلَى ٱلْأَقْدَامِ وَكَرَزَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي ٱلْمُدُنِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ خِلَالَ رِحْلَتِهِمَا.‏ وَلَرُبَّمَا وَصَلَتِ ٱلْمَسَافَةُ ٱلَّتِي قَطَعَاهَا إِلَى ٢٢٠ كلم وَفْقًا لِلْمَسَارِ ٱلَّذِي ٱتَّخَذَاهُ.‏

      فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ

      إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ مُقَابِلَ «مَجْمَعٍ» تَعْنِي حَرْفِيًّا «تَجَمُّعًا».‏ وَكَانَتْ تُشِيرُ فِي ٱلْأَصْلِ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ ٱلْيَهُودِ،‏ لٰكِنَّهَا مَعَ ٱلْوَقْتِ بَاتَتْ تَحْمِلُ مَعْنَى ٱلْمَكَانِ أَوِ ٱلْمَبْنَى ٱلْمُخَصَّصِ لِٱجْتِمَاعِهِمْ.‏

      نَشَأَتِ ٱلْمَجَامِعُ عَلَى مَا يُظَنُّ خِلَالَ ٱلسَّبْيِ ٱلْيَهُودِيِّ ٱلَّذِي دَامَ ٧٠ سَنَةً فِي بَابِلَ أَوْ بَعْدَهُ مُبَاشَرَةً.‏ وَخُصِّصَتْ هٰذِهِ ٱلْأَمَاكِنُ لِلْإِرْشَادِ وَٱلْعِبَادَةِ وَقِرَاءَةِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَٱلْوَعْظِ.‏ وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ ضَمَّتْ كُلُّ بَلْدَةٍ فِي فِلَسْطِينَ مَجْمَعًا.‏ أَمَّا ٱلْمُدُنُ ٱلْكُبْرَى فَلَمْ تَكْتَفِ بِمَجْمَعٍ وَاحِدٍ،‏ حَتَّى إِنَّ أُورُشَلِيمَ وَحْدَهَا ٱشْتَمَلَتْ عَلَى مَجَامِعَ كَثِيرَةٍ.‏

      وَلٰكِنْ عَقِبَ ٱلسَّبْيِ ٱلْبَابِلِيِّ لَمْ يَعُدْ كُلُّ ٱلْيَهُودِ إِلَى فِلَسْطِينَ،‏ بَلِ ٱنْتَقَلَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ إِلَى مَنَاطِقَ أُخْرَى لِدَوَاعٍ ٱقْتِصَادِيَّةٍ.‏ وَبِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْخَامِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ،‏ كَانَتِ ٱلْجَالِيَاتُ ٱلْيَهُودِيَّةُ قَدِ ٱنْتَشَرَتْ فِي كُلِّ أَقَالِيمِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ ٱلْبَالِغِ عَدَدُهَا ١٢٧.‏ (‏اس ١:‏١؛‏ ٣:‏٨‏)‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ ظَهَرَتْ أَحْيَاءٌ يَهُودِيَّةٌ فِي مُخْتَلِفِ مُدُنِ حَوْضِ ٱلْمُتَوَسِّطِ.‏ وَعُرِفَ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودُ بِٱلدِّيَاسْبُورَا،‏ أَيِ ٱلشَّتَاتِ،‏ وَأَسَّسُوا هُمْ أَيْضًا ٱلْمَجَامِعَ حَيْثُمَا ٱسْتَقَرُّوا.‏

      وَفِي ٱلْمَجَامِعِ،‏ قُرِئَتِ ٱلشَّرِيعَةُ وَفُسِّرَتْ أَيَّامَ ٱلسَّبْتِ.‏ فَكَانَ ٱلْقَارِئُ يَرْتَقِي ٱلْمِنْبَرَ فِيمَا ٱلنَّاسُ يَجْلِسُونَ حَوْلَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ جَوَانِبَ.‏ وَقَدْ أُتِيحَ لِكُلِّ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ مُتَعَبِّدٍ أَنْ يُشَارِكَ فِي ٱلْقِرَاءَةِ وَٱلْوَعْظِ.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ مَنْ كَانَ سِرْجِيُوسُ بُولُسُ،‏ وَلِمَ حَاوَلَ بَارْيَشُوعُ إِقْنَاعَهُ أَلَّا يُصْغِيَ إِلَى ٱلْبِشَارَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَحْبَطَ شَاوُلُ مُقَاوَمَةَ بَارْيَشُوعَ؟‏

      ٦ كَانَتْ قُبْرُصُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ مُنْغَمِسَةً فِي ٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ وَبَرَزَتْ هٰذِهِ ٱلنَّاحِيَةُ خُصُوصًا حِينَ بَلَغَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ بَافُوسَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْجَزِيرَةِ ٱلْغَرْبِيِّ.‏ فَفِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ،‏ ٱلْتَقَيَا «رَجُلًا سَاحِرًا،‏ نَبِيًّا دَجَّالًا،‏ يَهُودِيًّا ٱسْمُهُ بَارْيَشُوعُ،‏ كَانَ مَعَ ٱلْوَالِي سِرْجِيُوسَ بُولُسَ،‏ ٱلَّذِي كَانَ رَجُلًا ذَكِيًّا».‏f وَقَدْ عُرِفَ بَارْيَشُوعُ هٰذَا بِلَقَبٍ يَدُلُّ عَلَى مِهْنَتِهِ هُوَ «عَلِيمٌ» ٱلَّذِي يَعْنِي «ٱلسَّاحِرَ».‏ آنَذَاكَ شَاعَ بَيْنَ ٱلرُّومَانِ ٱلْمُثَقَّفِينَ ٱللُّجُوءُ إِلَى سَاحِرٍ أَوْ مُنَجِّمٍ قَبْلَ ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ مُهِمَّةٍ وَلَوْ كَانُوا ‹أَذْكِيَاءَ› كَسِرْجِيُوسَ بُولُسَ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱهْتَمَّ هٰذَا ٱلْوَالِي بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ «وَطَلَبَ بِجِدٍّ أَنْ يَسْمَعَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ».‏ أَمَّا بَارْيَشُوعُ فَلَمْ يَرُقْ لَهُ ٱلْأَمْرُ.‏ —‏ اع ١٣:‏٦-‏٨‏.‏

      ٧ لِذٰلِكَ قَاوَمَ هٰذَا ٱلسَّاحِرُ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَلَا سَبِيلَ إِلَى حِمَايَةِ مَرْكَزِهِ كَمُسْتَشَارٍ لِسِرْجِيُوسَ بُولُسَ إِلَّا ‹بِإِبْعَادِ ٱلْوَالِي عَنِ ٱلْإِيمَانِ›.‏ (‏اع ١٣:‏٨‏)‏ لٰكِنَّ شَاوُلَ مَا كَانَ لِيَقِفَ مَكْتُوفَ ٱلْيَدَيْنِ فِيمَا يُخْمِدُ سَاحِرٌ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱهْتِمَامَ ٱلْوَالِي.‏ فَمَاذَا فَعَلَ؟‏ نَقْرَأُ:‏ «أَمَّا شَاوُلُ ٱلَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا،‏ فَإِذْ صَارَ مُمْتَلِئًا رُوحًا قُدُسًا،‏ حَدَّقَ إِلَيْهِ وَقَالَ:‏ ‹أَيُّهَا ٱلْمُمْتَلِئُ مِنْ كُلِّ خِدَاعٍ وَرَذَالَةٍ،‏ يَا ٱبْنَ إِبْلِيسَ،‏ يَا عَدُوَّ كُلِّ بِرٍّ،‏ أَلَا تَكُفُّ عَنْ تَعْوِيجِ طُرُقِ يَهْوَهَ ٱلْقَوِيمَةِ؟‏ فَٱلْآنَ هَا إِنَّ يَدَ يَهْوَهَ عَلَيْكَ،‏ فَتُصْبِحُ أَعْمَى لَا تُبْصِرُ نُورَ ٱلشَّمْسِ إِلَى حِينٍ›.‏ فَفِي ٱلْحَالِ سَقَطَتْ عَلَيْهِ غَشَاوَةٌ كَثِيفَةٌ وَظُلْمَةٌ،‏ وَرَاحَ يَدُورُ طَالِبًا مَنْ يَقُودُهُ بِيَدِهِ.‏ حِينَئِذٍ،‏ لَمَّا رَأَى ٱلْوَالِي مَا حَدَثَ،‏ آمَنَ مَذْهُولًا مِنْ تَعْلِيمِ يَهْوَهَ».‏g —‏ اع ١٣:‏٩-‏١٢‏.‏

      اخ يستخدم الكتاب المقدس ليدافع عن الحق في المحكمة

      تمثلا ببولس ندافع عن الحق بجرأة عند مواجهة المقاومة

      ٨ كَيْفَ نَقْتَدِي بِجُرْأَةِ بُولُسَ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٨ لَمْ يَخْشَ بُولُسُ بَارْيَشُوعَ.‏ وَتَمَثُّلًا بِهِ لَا يَسْتَحْوِذُ عَلَيْنَا ٱلْخَوْفُ حِينَ يُحَاوِلُ ٱلْمُقَاوِمُونَ تَقْوِيضَ إِيمَانِ ٱلْمُهْتَمِّينَ بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَمِنْ جِهَةٍ،‏ نَحْرِصُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُنَا «كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ،‏ مُطَيَّبًا بِمِلْحٍ».‏ (‏كو ٤:‏٦‏)‏ إِلَّا أَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ لَا نُجَازِفُ بِخَيْرِ ٱلْمُهْتَمِّينَ ٱلرُّوحِيِّ لِمُجَرَّدِ أَنْ نَتَجَنَّبَ ٱلتَّصَادُمَ مَعَ أَحَدٍ.‏ وَلَا يَرْدَعُنَا ٱلْخَوْفُ عَنْ فَضْحِ ٱلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ ٱلَّذِي يُمْعِنُ فِي «تَعْوِيجِ طُرُقِ يَهْوَهَ ٱلْقَوِيمَةِ» كَمَا فَعَلَ بَارْيَشُوُعُ.‏ (‏اع ١٣:‏١٠‏)‏ فَلْنُعْلِنِ ٱلْحَقَّ بِكُلِّ جُرْأَةٍ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَلْنَجْذِبِ ٱنْتِبَاهَ أَصْحَابِ ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ دَعْمَ يَهْوَهَ قَدْ لَا يَظْهَرُ جَلِيًّا كَمَا فِي حَالَةِ بُولُسَ،‏ لٰكِنَّنَا مُتَأَكِّدُونَ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ لِجَذْبِ ٱلْمُهْتَمِّينَ إِلَى ٱلْحَقِّ.‏ —‏ يو ٦:‏٤٤‏.‏

      ‏«كَلِمَةُ تَشْجِيعٍ» (‏اعمال ١٣:‏١٣-‏٤٣‏)‏

      ٩ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِثَالًا رَائِعًا لِمَنْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٩ يَبْدُو أَنَّ تَغْيِيرًا طَرَأَ حِينَ تَرَكَ ٱلرِّجَالُ بَافُوسَ وَأَبْحَرُوا نَحْوَ مَدِينَةِ بَرْجَةَ ٱلسَّاحِلِيَّةِ فِي آسِيَا ٱلصُّغْرَى عَلَى بُعْدِ ٢٥٠ كلم تَقْرِيبًا.‏ فَفِي ٱلْأَعْمَال ١٣:‏١٣ يُشَارُ إِلَى ٱلْمُسَافِرِينَ بِعِبَارَةِ «بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ».‏ وَتُوحِي طَرِيقَةُ ٱلتَّعْبِيرِ هٰذِهِ أَنَّ بُولُسَ تَوَلَّى تَوْجِيهَ نَشَاطَاتِهِمْ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ مَا مِنْ دَلِيلٍ أَنَّ بَرْنَابَا غَارَ مِنْهُ.‏ بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ،‏ وَاصَلَ هٰذَانِ ٱلرَّجُلَانِ ٱلْعَمَلَ كَتِفًا إِلَى كَتِفٍ لِإِتْمَامِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ،‏ رَاسِمَيْنِ مِثَالًا رَائِعًا لِلنُّظَّارِ ٱلْعَصْرِيِّينَ.‏ فَعِوَضَ ٱلتَّنَافُسِ طَمَعًا بِٱلْبُرُوزِ،‏ يُبْقِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي بَالِهِمْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ:‏ «أَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ».‏ وَيَتَذَكَّرُونَ نَصِيحَتَهُ:‏ «مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ».‏ —‏ مت ٢٣:‏٨،‏ ١٢‏.‏

      ١٠ صِفُوا ٱلرِّحْلَةَ مِنْ بَرْجَةَ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ.‏

      ١٠ لَمَّا وَصَلَ ٱلْمُسَافِرُونَ إِلَى بَرْجَةَ،‏ فَارَقَ يُوحَنَّا مَرْقُسُ فَجْأَةً بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَعَادَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِسَبَبٍ لَا نَعْرِفُهُ.‏ فَأَكْمَلَ ٱلْمُرْسَلَانِ ٱلرِّحْلَةَ وَٱنْتَقَلَا مِنْ بَرْجَةَ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ،‏ إِحْدَى مُدُنِ وِلَايَةِ غَلَاطِيَةَ.‏ أَمَّا مَسَارُهُمَا فَلَمْ يَكُنْ سَهْلًا أَلْبَتَّةَ،‏ إِذْ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ ٱرْتَفَعَتْ ١٠٠‏,١ م تَقْرِيبًا عَنْ سَطْحِ ٱلْبَحْرِ.‏ وَفِي ٱلدُّرُوبِ ٱلْجَبَلِيَّةِ ٱلْوَعْرَةِ ٱلْمُؤَدِّيَةِ إِلَيْهَا كَثُرَ قُطَّاعُ ٱلطُّرُقِ.‏ وَمَا زَادَ ٱلطِّينَ بِلَّةً هُوَ أَنَّ بُولُسَ عَانَى عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَشَاكِلَ صِحِّيَّةً فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ.‏h

      ١١،‏ ١٢ كَيْفَ ٱسْتَقْطَبَ بُولُسُ ٱهْتِمَامَ سَامِعِيهِ عِنْدَمَا قَدَّمَ خِطَابًا فِي ٱلْمَجْمَعِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟‏

      ١١ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ دَخَلَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمَجْمَعَ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ.‏ يُخْبِرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «بَعْدَ ٱلْقِرَاءَةِ ٱلْعَلَنِيَّةِ لِلشَّرِيعَةِ وَٱلْأَنْبِيَاءِ،‏ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا رُؤَسَاءُ ٱلْمَجْمَعِ قَائِلِينَ:‏ ‹أَيُّهَا ٱلرَّجُلَانِ ٱلْأَخَوَانِ،‏ إِنْ كَانَتْ عِنْدَكُمَا كَلِمَةُ تَشْجِيعٍ لِلشَّعْبِ،‏ فَقُولَا›».‏ (‏اع ١٣:‏١٥‏)‏ فَلَبَّى بُولُسُ طَلَبَهُمْ هٰذَا وَوَقَفَ لِيَتَكَلَّمَ.‏

      ١٢ خَاطَبَهُمْ قَائِلًا:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ،‏ وَيَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱللّٰهَ».‏ (‏اع ١٣:‏١٦‏)‏ لَقَدْ تَأَلَّفَ حُضُورُ بُولُسَ مِنْ يَهُودٍ وَمُتَهَوِّدِينَ.‏ فَكَيْفَ ٱسْتَقْطَبَ ٱهْتِمَامَهُمْ،‏ هُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِدَوْرِ يَسُوعَ فِي قَصْدِ ٱللّٰهِ؟‏ أَوَّلًا،‏ ٱسْتَعْرَضَ ٱلرَّسُولُ تَارِيخَ ٱلْأُمَّةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ فَأَوْضَحَ أَنَّ يَهْوَهَ «رَفَعَ ٱلشَّعْبَ فِي تَغَرُّبِهِمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ».‏ ثُمَّ بَعْدَ تَحْرِيرِهِمْ،‏ «تَحَمَّلَ طَرِيقَةَ تَصَرُّفِهِمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ» أَرْبَعِينَ سَنَةً.‏ وَأَخْبَرَ أَيْضًا كَيْفَ ٱمْتَلَكَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَرْضَ ٱلْمَوْعِدِ،‏ مُضِيفًا أَنَّ يَهْوَهَ «وَزَّعَ أَرْضَهَا بِٱلْقُرْعَةِ».‏ (‏اع ١٣:‏١٧-‏١٩‏)‏ وَيَقْتَرِحُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ بُولُسَ لَمَّحَ إِلَى مَقَاطِعَ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ قُرِئَتْ لِلتَّوِّ كَجُزْءٍ مِنْ عَادَاتِ يَوْمِ ٱلسَّبْتِ.‏ وَإِذَا صَحَّتْ تَقْدِيرَاتُهُمْ،‏ فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ تُقَدِّمُ دَلِيلًا إِضَافِيًّا يُظْهِرُ أَنَّ بُولُسَ عَرَفَ كَيْفَ يَصِيرُ «لِشَتَّى ٱلنَّاسِ كُلَّ شَيْءٍ».‏ —‏ ١ كو ٩:‏٢٢‏.‏

      ١٣ كَيْفَ نَبْلُغُ قُلُوبَ سَامِعِينَا؟‏

      ١٣ يَدْعُونَا ٱلْوَاجِبُ نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَجْذِبَ ٱنْتِبَاهَ ٱلنَّاسِ أَثْنَاءَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ تُسَاعِدُنَا مَعْرِفَةُ خَلْفِيَّةِ ٱلشَّخْصِ ٱلدِّينِيَّةِ عَلَى ٱخْتِيَارِ مَوَاضِيعَ تَهُمُّهُ خُصُوصًا.‏ وَيُمْكِنُنَا كَذٰلِكَ أَنْ نَقْتَبِسَ أَجْزَاءً مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَأْلُوفَةً لَهُ.‏ كَمَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ نَطْلُبَ مِنْهُ قِرَاءَةَ ٱلْآيَاتِ مِنْ نُسْخَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ.‏ بِبَسِيطِ ٱلْعِبَارَةِ،‏ لِنَبْحَثْ دَوْمًا عَنْ طَرَائِقَ لِبُلُوغِ قُلُوبِ سَامِعِينَا.‏

      ١٤ (‏أ)‏ كَيْفَ ٱنْتَقَلَ بُولُسُ إِلَى ٱلْحَدِيثِ عَنِ ٱلْمَسِيحِ،‏ وَأَيَّ تَحْذِيرٍ وَجَّهَ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ تَجَاوُبٍ لَقِيَهُ خِطَابُ بُولُسَ؟‏

      ١٤ ثَانِيًا،‏ نَاقَشَ بُولُسُ كَيْفَ أَقَامَ ٱللّٰهُ مِنْ نَسْلِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ «مُخَلِّصًا .‏ .‏ .‏ هُوَ يَسُوعُ» كَانَ قَدْ هَيَّأَ لَهُ ٱلطَّرِيقَ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدُ.‏ وَوَصَفَ ٱلرَّسُولُ مَوْتَ يَسُوعَ وَقِيَامَتَهُ.‏ (‏اع ١٣:‏٢٠-‏٣٧‏)‏ ثُمَّ قَالَ:‏ «فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ،‏ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ،‏ أَنَّهُ بِهِ يُنَادَى لَكُمْ بِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا،‏ وَأَنَّهُ بِهِ يَتَبَرَّأُ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ».‏ بَعْدَئِذٍ وَجَّهَ إِلَى سَامِعِيهِ ٱلتَّحْذِيرَ ٱلتَّالِيَ:‏ «اُنْظُرُوا لِئَلَّا يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ مَا قِيلَ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ:‏ ‹اُنْظُرُوا أَيُّهَا ٱلْمُزْدَرُونَ،‏ وَتَعَجَّبُوا وَٱضْمَحِلُّوا،‏ لِأَنَّنِي أَعْمَلُ عَمَلًا فِي أَيَّامِكُمْ،‏ عَمَلًا لَا تُصَدِّقُونَ أَبَدًا إِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِ أَحَدٌ›».‏ فَلَقِيَ خِطَابُ بُولُسَ تَجَاوُبًا رَائِعًا.‏ يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ:‏ «اِلْتَمَسُوا مِنْهُمَا أَنْ يُكَلِّمَاهُمْ بِهٰذِهِ ٱلْأُمُورِ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي».‏ وَبَعْدَ أَنِ ٱنْحَلَّ ٱلْمَجْمَعُ،‏ «تَبِعَ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْيَهُودِ وَمِنَ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ ٱلَّذِينَ يَعْبُدُونَ ٱللّٰهَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا».‏ —‏ اع ١٣:‏٣٨-‏٤٣‏.‏

      ‏«هَا نَحْنُ نَتَحَوَّلُ إِلَى ٱلْأُمَمِ» (‏اعمال ١٣:‏٤٤-‏٥٢‏)‏

      ١٥ مَاذَا حَصَلَ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي؟‏

      ١٥ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي ٱجْتَمَعَتِ «ٱلْمَدِينَةُ كُلُّهَا تَقْرِيبًا» لِتَسْمَعَ كَلَامَ بُولُسَ.‏ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ ٱلْيَهُودِ ٱسْتَاءُوا «وَشَرَعُوا يُنَاقِضُونَ أَقْوَالَ بُولُسَ مُجَدِّفِينَ».‏ فَقَالَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ وَرَفِيقُهُ بِجُرْأَةٍ:‏ «كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تُقَالَ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ لَكُمْ أَوَّلًا.‏ وَلٰكِنْ بِمَا أَنَّكُمْ تَدْفَعُونَهَا عَنْكُمْ وَتَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَكُمْ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ،‏ فَهَا نَحْنُ نَتَحَوَّلُ إِلَى ٱلْأُمَمِ.‏ فَبِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَوْصَانَا يَهْوَهُ:‏ ‹قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلْأُمَمِ،‏ لِتَكُونَ خَلَاصًا إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ›».‏ —‏ اع ١٣:‏٤٤-‏٤٧؛‏ اش ٤٩:‏٦‏.‏

      بولس وبرنابا يُطردان من انطاكية بيسيدية

      ‏«حرضوا على اضطهاد بولس وبرنابا .‏.‏.‏ واستمر التلاميذ يمتلئون فرحا وروحا قدسا».‏ —‏ اعمال ١٣:‏٥٠-‏٥٢

      ١٦ مَاذَا فَعَلَ ٱلْيَهُودُ إِثْرَ سَمَاعِ أَقْوَالِ ٱلْمُرْسَلَيْنِ ٱلْقَوِيَّةِ؟‏

      ١٦ مِنْ نَاحِيَةٍ،‏ سُرَّ ٱلْأُمَمِيُّونَ بِمَا سَمِعُوا «وَآمَنَ كُلُّ ٱلَّذِينَ قُلُوبُهُمْ مُهَيَّأَةٌ لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ».‏ (‏اع ١٣:‏٤٨‏)‏ فَٱنْتَشَرَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ سَرِيعًا فِي كُلِّ ٱلْكُورَةِ.‏ أَمَّا ٱلْيَهُودُ فَأَتَتْ رَدَّةُ فِعْلِهِمْ مُخْتَلِفَةً تَمَامًا.‏ فَقَدْ قَالَ لَهُمُ ٱلْمُرْسَلَانِ مَا فَحْوَاهُ:‏ ‹إِنَّ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تُقَالَ لَكُمْ أَوَّلًا،‏ غَيْرَ أَنَّكُمُ ٱخْتَرْتُمْ رَفْضَ ٱلْمَسِيَّا وَٱسْتَحْقَقْتُمْ بِٱلتَّالِي دَيْنُونَةَ ٱللّٰهِ›.‏ فَأَثَارَ ٱلْيَهُودُ ٱلنِّسَاءَ ٱلشَّرِيفَاتِ وَأَعْيَانَ ٱلْمَدِينَةِ «وَحَرَّضُوا عَلَى ٱضْطِهَادِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَطَرَدُوهُمَا خَارِجَ تُخُومِهِمْ».‏ فَمَاذَا فَعَلَا حِينَئِذٍ؟‏ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا عَلَيْهِمْ وَذَهَبَا إِلَى إِيقُونِيَةَ».‏ فَهَلْ أُسْدِلَ ٱلسِّتَارُ عَلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟‏ إِطْلَاقًا!‏ نَقْرَأُ:‏ «اِسْتَمَرَّ ٱلتَّلَامِيذُ يَمْتَلِئُونَ فَرَحًا وَرُوحًا قُدُسًا».‏ —‏ اع ١٣:‏٥٠-‏٥٢‏.‏

      ١٧-‏١٩ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلرَّائِعِ،‏ وَكَيْفَ يُسَاهِمُ ذٰلِكَ فِي سَعَادَتِنَا؟‏

      ١٧ حَقًّا لَقَدْ تَرَكَ لَنَا أَخَوَانَا ٱلْأَمِينَانِ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِثَالًا رَائِعًا فِي مُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ!‏ فَنَحْنُ لَا نَكُفُّ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ وَلَوْ حَاوَلَ أَصْحَابُ ٱلنُّفُوذِ إِسْكَاتَنَا.‏ لَاحِظْ أَيْضًا مَا فَعَلَاهُ عِنْدَمَا رَفَضَ سُكَّانُ أَنْطَاكِيَةَ رِسَالَتَهُمَا.‏ يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا».‏ وَهُمَا لَمْ يَقْصِدَا بِهٰذِهِ ٱلْحَرَكَةِ ٱلتَّعْبِيرَ عَنِ ٱلْغَضَبِ،‏ بَلْ رَفْعَ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا.‏ فَقَدْ أَدْرَكَا أَنَّهُمَا لَا يَتَحَكَّمَانِ فِي تَجَاوُبِ ٱلْآخَرِينَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُمَا قَادِرَانِ أَنْ يُقَرِّرَا هَلْ يُوَاصِلَانِ ٱلْكِرَازَةَ.‏ وَهٰذَا مَا فَعَلَاهُ بِٱلضَّبْطِ بِٱنْتِقَالِهِمَا إِلَى إِيقُونِيَةَ.‏

      ١٨ وَمَاذَا عَنِ ٱلتَّلَامِيذِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلنَّاسَ فِي مُقَاطَعَتِهِمْ كَانُوا عِدَائِيِّينَ،‏ إِلَّا أَنَّ سَعَادَتَهُمْ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى تَجَاوُبِ سَامِعِيهِمْ.‏ فَقَدْ عَزَمُوا أَنْ يُطَبِّقُوا كَلِمَاتِ يَسُوعَ:‏ «يَا لَسَعَادَةِ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَيَحْفَظُونَهَا!‏».‏ —‏ لو ١١:‏٢٨‏.‏

      ١٩ وَتَمَثُّلًا بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ لِنُبْقِ فِي بَالِنَا أَنَّ مَسْؤُولِيَّتَنَا تَقْتَصِرُ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ.‏ فَوَحْدَهُمْ سَامِعُونَا يُقَرِّرُونَ هَلْ يَقْبَلُونَ رِسَالَتَنَا أَمْ يَرْفُضُونَهَا.‏ وَفِي حَالِ بَدَا أَنَّ ٱلنَّاسَ فِي مُقَاطَعَتِنَا غَيْرُ مُتَجَاوِبِينَ،‏ فَلْنَتَذَكَّرِ ٱلتَّلَامِيذَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ فَإِذَا كُنَّا نُقَدِّرُ ٱلْحَقَّ وَنَنْقَادُ بِٱلرُّوحِ،‏ يُمْكِنُنَا عَلَى غِرَارِهِمْ أَنْ نَفْرَحَ حَتَّى فِي وَجْهِ ٱلْمُقَاوَمَةِ.‏ —‏ غل ٥:‏١٨،‏ ٢٢‏.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏بَرْنَابَا:‏ ‹اِبْنُ ٱلْعَزَاءِ›‏‏».‏

      b بِحُلُولِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ،‏ كَانَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ قَدِ ٱنْتَشَرَتِ ٱنْتِشَارًا لَا يُسْتَهَانُ بِهِ.‏ وَٱلدَّلِيلُ وُجُودُ جَمَاعَةٍ فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ ٥٥٠ كلم تَقْرِيبًا شَمَالَ أُورُشَلِيمَ.‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلسَّفَرُ بَرًّا‏».‏

      d قَطَعَتِ ٱلسُّفُنُ أَيَّامَ ٱلرُّسُلِ مَسَافَةَ ١٥٠ كلم تَقْرِيبًا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْوَاحِدِ إِذَا كَانَتِ ٱلرِّيَاحُ مُؤَاتِيَةً.‏ أَمَّا فِي ٱلظُّرُوفِ ٱلْمُعَاكِسَةِ فَٱسْتَغْرَقَتِ ٱلرِّحْلَاتُ وَقْتًا أَطْوَلَ بِكَثِيرٍ.‏

      e اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ‏».‏

      f خَضَعَتْ قُبْرُصُ لِسُلْطَةِ مَجْلِسِ ٱلشُّيُوخِ ٱلرُّومَانِيِّ،‏ فَكَانَ حَاكِمُهَا بِرُتْبَةِ وَالٍ رُومَانِيٍّ (‏بْرُوكَنْسُل)‏.‏

      g اِبْتِدَاءً مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ يُشَارُ إِلَى شَاوُلَ بِٱلِٱسْمِ بُولُسَ.‏ وَيَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّهُ تَبَنَّى هٰذَا ٱلِٱسْمَ ٱلرُّومَانِيَّ إِكْرَامًا لِسِرْجِيُوسَ بُولُسَ.‏ لٰكِنَّ ٱسْتِعْمَالَهُ ٱلِٱسْمَ بَعْدَ مُغَادَرَتِهِ قُبْرُصَ يُرَجِّحُ كَفَّةَ تَفْسِيرٍ آخَرَ.‏ فَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنَّ بُولُسَ بِٱعْتِبَارِهِ ‹رَسُولًا لِلْأُمَمِ› قَرَّرَ مِنَ ٱلْآنَ فَصَاعِدًا ٱسْتِخْدَامَ ٱسْمِهِ ٱلرُّومَانِيِّ.‏ وَلَرُبَّمَا أَيْضًا ٱسْتَعْمَلَ هٰذَا ٱلِٱسْمَ لِأَنَّ تَلَفُّظَ ٱلْيُونَانِيِّينَ بِٱسْمِهِ ٱلْعِبْرَانِيِّ شَاوُلَ شَبِيهٌ جِدًّا بِلَفْظِ كَلِمَةٍ يُونَانِيَّةٍ لَهَا مَعْنًى مُبْتَذَلٌ.‏ —‏ رو ١١:‏١٣‏.‏

      h بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ،‏ كَتَبَ بُولُسُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ غَلَاطِيَةَ:‏ «بِسَبَبِ مَرَضٍ فِي جَسَدِي سَنَحَتْ لِي ٱلْفُرْصَةُ أَنْ أُبَشِّرَكُمْ فِي ٱلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى».‏ —‏ غل ٤:‏١٣‏.‏

  • ‏«التلاميذ يمتلئون فرحا وروحا قدسا»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
  • ‏«يتكلمان بجرأة بسلطة يهوه»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٢

      ‏«يَتَكَلَّمَانِ بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ»‏

      بُولُسُ وَبَرْنَابَا يُعْرِبَانِ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْجُرْأَةِ وَيُثَابِرَانِ فِي خِدْمَتِهِمَا

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٤:‏١-‏٢٨

      ١،‏ ٢ مَاذَا يَحْدُثُ أَثْنَاءَ وُجُودِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا فِي لِسْتَرَةَ؟‏

      حَدَثٌ أَقَامَ ٱلدُّنْيَا وَأَقْعَدَهَا فِي لِسْتَرَةَ:‏ رَجُلَانِ غَرِيبَانِ يَشْفِيَانِ مُقْعَدًا مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ!‏ هَا هُوَ ٱلْمُقْعَدُ يَثِبُ فَرَحًا فِيمَا ٱلنَّاسُ يَشْهَقُونَ وَيَصِيحُونَ:‏ «قَدْ تَشَبَّهَ ٱلْآلِهَةُ بِٱلنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا!‏».‏ (‏اع ١٤:‏١١‏)‏ يَأْتِي كَاهِنُ زَفْسٍ بِأَكَالِيلَ وَثِيرَانٍ لِتَقْدِيمِهَا ذَبِيحَةً.‏ لٰكِنَّ بُولُسَ وَبَرْنَابَا يَصْرُخَانِ!‏ يَسْتَنْكِرَانِ!‏ يُمَزِّقَانِ أَرْدِيَتَهُمَا!‏ وَيَنْدَفِعَانِ نَحْوَ ٱلْحَشْدِ رَاجِيَيْنِهِمْ أَلَّا يَعْبُدُوهُمَا.‏ وَبَعْدَ جُهْدٍ جَهِيدٍ تَرْتَدِعُ ٱلْجُمُوعُ.‏

      ٢ بَعْدَئِذٍ يَصِلُ يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَيَنْشُرُونَ ٱفْتِرَاءَاتٍ بَغِيضَةً فَيُسَمِّمُونَ عُقُولَ أَهْلِ لِسْتَرَةَ.‏ وَإِذَا بِٱلْحَشْدِ ٱلْمُتَعَبِّدِ يَنْقَلِبُ مِئَةً وَثَمَانِينَ دَرَجَةً!‏ فَيُطْبِقُونَ عَلَى بُولُسَ وَيَرْجُمُونَهُ بِٱلْحِجَارَةِ حَتَّى يَفْقِدَ ٱلْوَعْيَ.‏ وَبَعْدَ أَنْ يُبَرِّدُوا غَلِيلَهُمْ،‏ يَجُرُّونَ جَسَدَهُ ٱلْهَامِدَ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ ظَانِّينَ أَنَّهُ فَارَقَ ٱلْحَيَاةَ.‏

      ٣ أَيُّ أَسْئِلَةٍ يُجِيبُ عَنْهَا هٰذَا ٱلْفَصْلُ؟‏

      ٣ فَكَيْفَ آلَتِ ٱلْأُمُورُ إِلَى مَا آلَتْ إِلَيْهِ؟‏ مَاذَا يَتَعَلَّمُ ٱلْمُنَادُونَ بِٱلْبِشَارَةِ ٱلْيَوْمَ مِمَّا حَصَلَ مَعَ بَرْنَابَا وَبُولُسَ وَأَهْلِ لِسْتَرَةَ ٱلْمُتَقَلِّبِينَ؟‏ وَكَيْفَ يَقْتَدِي ٱلشُّيُوخُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِمِثَالِ هٰذَيْنِ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱلْأَمِينَيْنِ ٱللَّذَيْنِ ثَابَرَا فِي خِدْمَتِهِمَا وَتَكَلَّمَا «بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ»؟‏ —‏ اع ١٤:‏٣‏.‏

      ‏«صَارَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ .‏ .‏ .‏ مُؤْمِنِينَ» (‏اعمال ١٤:‏١-‏٧‏)‏

      ٤،‏ ٥ لِمَ سَافَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى إِيقُونِيَةَ وَمَاذَا حَصَلَ هُنَاكَ؟‏

      ٤ مُنْذُ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ،‏ طُرِدَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِنْ مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ فِي بِيسِيدِيَةَ بَعْدَ أَنْ أَلَّبَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ ٱلنَّاسَ عَلَيْهِمْ.‏ غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَسْلِمَا،‏ بَلْ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا» عَلَى سُكَّانِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلرَّافِضِينَ ٱلْبِشَارَةَ.‏ (‏اع ١٣:‏٥٠-‏٥٢؛‏ مت ١٠:‏١٤‏)‏ فَغَادَرَا بِهُدُوءٍ وَسَلَّمَا ٱلْأَمْرَ لِلّٰهِ.‏ (‏اع ١٨:‏٥،‏ ٦؛‏ ٢٠:‏٢٦‏)‏ ثُمَّ وَاصَلَا رِحْلَتَهُمَا ٱلتَّبْشِيرِيَّةَ بِٱلْفَرَحِ عَيْنِهِ.‏ فَقَطَعَا مَسَافَةَ ١٥٠ كلم تَقْرِيبًا صَوْبَ ٱلْجَنُوبِ ٱلشَّرْقِيِّ،‏ حَتَّى بَلَغَا هَضْبَةً خِصْبَةً بَيْنَ سِلْسِلَتَيْ جِبَالِ طُورُوس وَسُلْطَان.‏

      ٥ بِدَايَةً تَوَقَّفَ ٱلْمُرْسَلَانِ فِي إِيقُونِيَةَ،‏ إِحْدَى ٱلْمُدُنِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ فِي إِقْلِيمِ غَلَاطِيَةَ ٱلرُّومَانِيِّ.‏a وَقَدْ ضَمَّتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ ٱلطَّابِعِ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً نَافِذَةً وَعَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ.‏ وَكَعَادَتِهِمَا دَخَلَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمَجْمَعَ وَكَرَزَا فِيهِ.‏ (‏اع ١٣:‏٥،‏ ١٤‏)‏ «وَتَكَلَّمَا بِحَيْثُ صَارَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْيَهُودِ وَٱلْيُونَانِيِّينَ مُؤْمِنِينَ».‏ —‏ اع ١٤:‏١‏.‏

      إِيقُونِيَةُ:‏ مَدِينَةُ ٱلْفَرِيجِيِّينَ

      بُنِيَتْ إِيقُونِيَةُ عَلَى هَضْبَةٍ عَالِيَةٍ،‏ أَرْضُهَا خِصْبَةٌ كَثِيرَةُ ٱلْمِيَاهِ.‏ وَقَدِ ٱحْتَلَّتْ مَوْقِعًا رَئِيسِيًّا عِنْدَ تَقَاطُعِ طُرُقٍ تِجَارِيَّةٍ رَبَطَتْ سُورِيَّةَ بِرُومَا وَٱلْيُونَانِ وَإِقْلِيمِ آسِيَا ٱلرُّومَانِيِّ.‏

      عَبَدَ أَهْلُ إِيقُونِيَةَ سِيبِيل إِلٰهَةَ ٱلْخِصْبِ عِنْدَ ٱلْفَرِيجِيِّينَ.‏ وَٱشْتَمَلَتْ دِيَانَتُهُمْ عَلَى أَوْجُهٍ مُتَبَنَّاةٍ مِنَ ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ خِلَالَ ٱلْحِقْبَةِ ٱلْهِلِّينِسْتِيَّةِ.‏ عَامَ ٦٥ ق‌م،‏ أَخْضَعَ ٱلرُّومَانُ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ.‏ وَبِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ كَانَتْ مَرْكَزًا زِرَاعِيًّا وَتِجَارِيًّا مُهِمًّا وَمُزْدَهِرًا.‏ وَمَعَ أَنَّهَا ضَمَّتْ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً لَهَا ثِقَلُهَا،‏ ٱحْتَفَظَتْ إِيقُونِيَةُ بِطَابِعٍ هِلِّينِسْتِيٍّ.‏ وَٱنْسِجَامًا مَعَ ذٰلِكَ،‏ يَتَحَدَّثُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ عَنْ سُكَّانِهَا مِنْ يَهُودٍ وَ «يُونَانِيِّينَ».‏ —‏ اع ١٤:‏١‏.‏

      بِسَبَبِ مَوْقِعِ إِيقُونِيَةَ عَلَى ٱلْحُدُودِ بَيْنَ مِنْطَقَتَيْ لِيكَأُونِيَةَ وَفَرِيجِيَةَ فِي غَلَاطِيَةَ،‏ نَسَبَهَا بَعْضُ ٱلْكُتَّابِ ٱلْقُدَمَاءِ أَمْثَالُ شَيْشَرُون وَسْتْرَابُو إِلَى لِيكَأُونِيَةَ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ ٱنْتَمَتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ جُغْرَافِيًّا إِلَى تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ.‏ لٰكِنَّ سِفْرَ ٱلْأَعْمَالِ مَيَّزَهَا مِنْ لِيكَأُونِيَةَ حَيْثُ يُنْطَقُ «بِٱللُّغَةِ ٱللِّيكَأُونِيَّةِ».‏ (‏اع ١٤:‏١-‏٦،‏ ١١‏)‏ بِنَاءً عَلَيْهِ،‏ شَكَّكَ ٱلنُّقَّادُ فِي دِقَّةِ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏ وَلٰكِنْ عَامَ ١٩١٠،‏ وَجَدَ عُلَمَاءُ ٱلْآثَارِ نَقْشَيْنِ فِيهَا يَدُلَّانِ أَنَّ ٱللُّغَةَ ٱلْفَرِيجِيَّةَ كَانَ يُنْطَقُ بِهَا هُنَاكَ عَلَى مَدَى قَرْنَيْنِ عَقِبَ زِيَارَةِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا.‏ وَهٰكَذَا أَصَابَ كَاتِبُ ٱلْأَعْمَالِ حِينَ مَيَّزَ بَيْنَ إِيقُونِيَةَ وَمُدُنِ لِيكَأُونِيَةَ.‏

      ٦ مَا ٱلسِّرُّ فِي تَعْلِيمِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهِمَا؟‏

      ٦ فَلِمَ لَاقَى تَعْلِيمُ بُولُسَ وَبَرْنَابَا هٰذَا ٱلنَّجَاحَ؟‏ كَانَ بُولُسُ مُتَبَحِّرًا فِي حِكْمَةِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ فَٱقْتَبَسَ مِنَ ٱلتَّارِيخِ وَٱلنُّبُوَّةِ وَٱلشَّرِيعَةِ وَرَبَطَ بِبَرَاعَةٍ فِي مَا بَيْنَهَا لِيُبَرْهِنَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيَّا ٱلْمَوْعُودُ.‏ (‏اع ١٣:‏١٥-‏٣١؛‏ ٢٦:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ أَمَّا بَرْنَابَا فَبَدَا عَلَيْهِ جَلِيًّا ٱهْتِمَامُهُ بِٱلنَّاسِ.‏ (‏اع ٤:‏٣٦،‏ ٣٧؛‏ ٩:‏٢٧؛‏ ١١:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ لَمْ يَتَّكِلْ أَيٌّ مِنْهُمَا عَلَى فَهْمِهِ ٱلْخَاصِّ،‏ بَلْ تَكَلَّمَا «بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ».‏ فَكَيْفَ تَسِيرُ أَنْتَ عَلَى خُطَاهُمَا؟‏ بِتَطْبِيقِ مَا يَلِي:‏ اُدْرُسْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِتَمَعُّنٍ؛‏ اِخْتَرِ ٱقْتِبَاسَاتٍ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ تَرُوقُ سَامِعِيكَ خُصُوصًا؛‏ فَكِّرْ فِي طَرَائِقَ عَمَلِيَّةٍ لِتَعْزِيَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِكَ؛‏ اِسْتَنِدْ دَائِمًا إِلَى سُلْطَةِ كَلِمَةِ يَهْوَهَ فِي ٱلتَّعْلِيمِ؛‏ وَلَا تَتَّكِلْ أَبَدًا عَلَى حِكْمَتِكَ ٱلْخَاصَّةِ.‏

      ٧ (‏أ)‏ كَيْفَ يَنْظُرُ ٱلنَّاسُ إِلَى بِشَارَتِنَا؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ حَقِيقَةٍ يَحْسُنُ بِكَ تَذَكُّرُهَا فِي حَالِ كَانَتْ عَائِلَتُكَ مُنْقَسِمَةً نَتِيجَةَ إِطَاعَتِكَ ٱلْبِشَارَةَ؟‏

      ٧ وَلٰكِنْ هَلْ سُرَّ جَمِيعُ سُكَّانِ إِيقُونِيَةَ بِرِسَالَةِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏ يَرْوِي لُوقَا:‏ «اَلْيَهُودُ ٱلَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا أَثَارُوا وَحَرَّضُوا نُفُوسَ أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ عَلَى ٱلْإِخْوَةِ».‏ عِنْدَئِذٍ أَدْرَكَ ٱلْمُرْسَلَانِ ٱلْحَاجَةَ إِلَى ٱلْبَقَاءِ وَٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ «فَقَضَيَا وَقْتًا طَوِيلًا يَتَكَلَّمَانِ بِجُرْأَةٍ».‏ وَكَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ أَنَّ «جُمْهُورَ ٱلْمَدِينَةِ ٱنْقَسَمَ،‏ فَكَانَ بَعْضُهُمْ مَعَ ٱلْيَهُودِ،‏ وَبَعْضُهُمْ مَعَ ٱلرَّسُولَيْنِ».‏ (‏اع ١٤:‏٢-‏٤‏)‏ وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا تَتَبَايَنُ ٱلْآرَاءُ فِي بِشَارَتِنَا.‏ فَتَكُونُ لِلْبَعْضِ رِبَاطًا مُوَحِّدًا وَلِلْبَعْضِ ٱلْآخَرِ مَوْضُوعَ شِقَاقٍ.‏ (‏مت ١٠:‏٣٤-‏٣٦‏)‏ فَفِي حَالِ ٱنْقَسَمَتْ عَائِلَتُكَ نَتِيجَةَ إِطَاعَتِكَ ٱلْبِشَارَةَ،‏ تَذَكَّرْ أَنَّ ٱلْمُقَاوَمَةَ فِي ٱلْغَالِبِ نَاتِجَةٌ عَنْ شَائِعَاتٍ كَاذِبَةٍ أَوِ ٱفْتِرَاءَاتٍ سَافِرَةٍ.‏ وَعَلَيْهِ،‏ يَكُونُ سُلُوكُكَ ٱلْحَسَنُ تِرْيَاقًا لِهٰذِهِ ٱلسُّمُومِ،‏ وَرُبَّمَا يُلَيِّنُ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ قُلُوبَ مُقَاوِمِيكَ.‏ —‏ ١ بط ٢:‏١٢؛‏ ٣:‏١،‏ ٢‏.‏

      ٨ لِمَ غَادَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِيقُونِيَةَ،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُمَا؟‏

      ٨ بَعْدَ فَتْرَةٍ حَاكَ ٱلْمُقَاوِمُونَ فِي إِيقُونِيَةَ مُؤَامَرَةً لِرَجْمِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا.‏ وَلَمَّا بَلَغَ ٱلْخَبَرُ مَسَامِعَ ٱلْمُرْسَلَيْنِ،‏ فَضَّلَا ٱلِٱنْتِقَالَ إِلَى مُقَاطَعَةٍ أُخْرَى.‏ (‏اع ١٤:‏٥-‏٧‏)‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ يَتَّصِفُ ٱلْمُنَادُونَ بِٱلْمَلَكُوتِ ٱلْعَصْرِيُّونَ بِٱلْفِطْنَةِ.‏ فَحِينَ يُوَجَّهُ إِلَيْنَا كَلَامٌ قَبِيحٌ مُهِينٌ،‏ نُثَابِرُ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِكُلِّ جُرْأَةٍ.‏ (‏في ١:‏٧؛‏ ١ بط ٣:‏١٣-‏١٥‏)‏ أَمَّا عِنْدَمَا تَظْهَرُ بَوَادِرُ أَعْمَالِ عُنْفٍ فَلَا نَتَهَوَّرُ بِلَا لُزُومٍ مُجَازِفِينَ بِحَيَاتِنَا أَوْ بِحَيَاةِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏ —‏ ام ٢٢:‏٣‏.‏

      اِرْجِعُوا «إِلَى ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ» (‏اعمال ١٤:‏٨-‏١٩‏)‏

      ٩،‏ ١٠ أَيْنَ كَانَتْ تَقَعُ لِسْتَرَةُ،‏ وَمَاذَا نَعْرِفُ عَنْ أَهْلِهَا؟‏

      ٩ كَانَتْ لِسْتَرَةُ مَحَطَّةَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلتَّالِيَةَ.‏ وَهٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ مُسْتَعْمَرَةٌ رُومَانِيَّةٌ تَبْعُدُ ٣٠ كلم جَنُوبَ غَرْبِ إِيقُونِيَةَ.‏ كَانَتْ تَرْبُطُهَا عَلَاقَاتٌ قَوِيَّةٌ بِأَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ،‏ لٰكِنَّهَا بِخِلَافِ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ لَمْ تَضُمَّ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً قَوِيَّةً.‏ وَفِي حِينِ تَكَلَّمَ سُكَّانُهَا ٱلْيُونَانِيَّةَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ كَانَتْ لُغَتُهُمُ ٱلْأُمُّ ٱللِّيكَأُونِيَّةَ.‏ وَفِي لِسْتَرَةَ،‏ رَاحَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا يُبَشِّرَانِ فِي أَحَدِ ٱلْأَمَاكِنِ ٱلْعَامَّةِ،‏ رُبَّمَا لِعَدَمِ وُجُودِ مَجْمَعٍ.‏ بَعْدَئِذٍ شَفَى بُولُسُ رَجُلًا وُلِدَ مُقْعَدًا.‏ (‏اع ١٤:‏٨-‏١٠‏)‏ قَدْ تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةُ بِبُطْرُسَ حِينَ شَفَى فِي أُورُشَلِيمَ رَجُلًا كَسِيحًا مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ.‏ آنَذَاكَ آمَنَ جَمْعٌ كَبِيرٌ بِٱلرَّبِّ.‏ (‏اع ٣:‏١-‏١٠‏)‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلنَّتِيجَةَ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَتَتْ مُغَايِرَةً تَمَامًا.‏

      ١٠ فَكَمَا قَرَأْنَا فِي ٱلْفِقْرَةِ ٱلْأُولَى،‏ تَوَصَّلَ أَهْلُ لِسْتَرَةَ ٱلْوَثَنِيُّونَ إِلَى ٱسْتِنْتَاجٍ خَاطِئٍ حَالَمَا رَأَوُا ٱلرَّجُلَ يَثِبُ وَاقِفًا.‏ فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيْهِمْ أَنَّ بَرْنَابَا هُوَ زَفْسٌ،‏ سَيِّدُ ٱلْآلِهَةِ عِنْدَ ٱلْيُونَانِيِّينَ،‏ وَبُولُسَ هُوَ هِرْمِسُ،‏ ٱبْنُ زَفْسٍ وَرَسُولُ ٱلْآلِهَةِ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏عِبَادَةُ زَفْسٍ وَهِرْمِسَ فِي لِسْتَرَةَ‏».‏)‏ إِلَّا أَنَّ بَرْنَابَا وَبُولُسَ صَمَّمَا أَنْ يُصَحِّحَا ٱللُّبْسَ وَيُفْهِمَا ٱلْجُمُوعَ أَنَّهُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَصَرَّفَانِ لَا بِسُلْطَةِ ٱلْآلِهَةِ ٱلْوَثَنِيَّةِ،‏ بَلْ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ ٱلْوَحِيدِ.‏ —‏ اع ١٤:‏١١-‏١٤‏.‏

      عِبَادَةُ زَفْسٍ وَهِرْمِسَ فِي لِسْتَرَةَ

      كَانَتْ لِسْتَرَةُ تَقَعُ فِي وَادٍ مُنْعَزِلٍ بَعِيدًا عَنِ ٱلطُّرُقَاتِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ.‏ وَقَدْ جَعَلَهَا أُوغُسْطُسُ قَيْصَرُ مُسْتَعْمَرَةً رُومَانِيَّةً وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا ٱلِٱسْمَ يُولِيَا فِلِيكْس جِمِينَا لُوسْتْرا.‏ وَكَانَتِ ٱلْحَامِيَةُ ٱلْمَوْجُودَةُ فِيهَا مُوَكَّلَةً بِٱلدِّفَاعِ عَنْ وِلَايَةِ غَلَاطِيَةَ فِي وَجْهِ ٱلْقَبَائِلِ ٱلْجَبَلِيَّةِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ.‏ لِذَا أُدِيرَتْ شُؤُونُهَا وَفْقَ ٱلتَّنْظِيمِ ٱلْمَدَنِيِّ ٱلرُّومَانِيِّ ٱلتَّقْلِيدِيِّ وَحَمَلَ ٱلْمَسْؤُولُونَ فِيهَا أَلْقَابًا لَاتِينِيَّةً.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمَدِينَةَ حَافَظَتْ إِجْمَالًا عَلَى مُمَيِّزَاتِهَا ٱلتَّقْلِيدِيَّةِ فَغَلَبَ عَلَيْهَا ٱلطَّابِعُ ٱللِّيكَأُونِيُّ لَا ٱلرُّومَانِيُّ.‏ وَٱنْسِجَامًا مَعَ ذٰلِكَ،‏ تَذْكُرُ رِوَايَةُ ٱلْأَعْمَالِ أَنَّ ٱلْجُمُوعَ فِي لِسْتَرَةَ تَكَلَّمُوا بِٱللُّغَةِ ٱللِّيكَأُونِيَّةِ.‏

      وَفِي مِنْطَقَةِ لِسْتَرَةَ ٱلْقَدِيمَةِ،‏ ٱكْتَشَفَ عُلَمَاءُ ٱلْآثَارِ تِمْثَالًا لِلْإِلٰهِ هِرْمِسَ وَنُقُوشًا تَأْتِي عَلَى ذِكْرِ «كَهَنَةِ زَفْسٍ».‏ وَعُثِرَ أَيْضًا عَلَى مَذْبَحٍ مُكَرَّسٍ لِزَفْسٍ وَهِرْمِسَ.‏

      وَثَمَّةَ أُسْطُورَةٌ سَجَّلَهَا ٱلشَّاعِرُ ٱلرُّومَانِيُّ أُوفِيد (‏٤٣ ق‌م إِلَى ١٧ ب‌م)‏ تُلْقِي ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلضَّوْءِ عَلَى ٱلْحَادِثَةِ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏ فَوَفْقًا لِهٰذَا ٱلشَّاعِرِ،‏ زَارَ ٱلْإِلٰهَانِ ٱلرُّومَانِيَّانِ جُوبِيتِر وَمُرْكْيُورِي (‏يُقَابِلَانِ زَفْسًا وَهِرْمِسَ ٱلْيُونَانِيَّيْنِ)‏ فَرِيجِيَةَ مُتَنَكِّرَيْنِ فِي جِسْمَيْنِ بَشَرِيَّيْنِ.‏ وَفِي هٰذِهِ ٱلْمِنْطَقَةِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلتِّلَالِ،‏ قَرَعَا أَبْوَابَ أَلْفِ بَيْتٍ طَلَبًا لِلضِّيَافَةِ.‏ لٰكِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْبَلْهُمَا سِوَى زَوْجَيْنِ مُسِنَّيْنِ يُدْعَيَانِ فِلِيمُون وَبُوسِيس.‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ حَوَّلَ ٱلْإِلٰهَانِ كُوخَهُمَا ٱلْمُتَوَاضِعَ إِلَى هَيكَلٍ مِنْ رُخَامٍ وَذَهَبٍ وَجَعَلَاهُمَا كَاهِنَيْنِ فِيهِ.‏ ثُمَّ دَمَّرَا بُيُوتَ مَنْ رَفَضُوا ٱسْتِقْبَالَهُمَا.‏ يَقُولُ كِتَابُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ فِي إِطَارِهِ ٱلْإِغْرِيقِيِّ ٱلرُّومَانِيِّ (‏بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)‏:‏ «فِي حَالِ ٱسْتَذْكَرَ أَهْلُ لِسْتَرَةَ هٰذِهِ ٱلْأُسْطُورَةَ عِنْدَمَا شَفَى بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمُقْعَدَ،‏ لَا عَجَبَ أَنْ يَنْدَفِعُوا إِلَى تَقْرِيبِ ٱلذَّبَائِحَ تَرْحِيبًا بِهِمَا».‏

      بولس وبرنابا لم يقبلا ان يمجدهما اهل لسترة

      ‏«نبشركم لكي ترجعوا عن هذه الاباطيل الى اللّٰه الحي،‏ الذي صنع السماء والارض».‏ —‏ اعمال ١٤:‏١٥

      ١١-‏١٣ (‏أ)‏ مَاذَا قَالَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا لِسُكَّانِ لِسْتَرَةَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ كَلَامِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏

      ١١ رَغْمَ ٱلْمُسْتَجِدَّاتِ ٱلْمُتَسَارِعَةِ،‏ أَبَى ٱلْمُرْسَلَانِ أَنْ يَتَحَوَّلَا عَنْ مَسْعَاهُمَا ٱلْأَسَاسِيِّ وَحَاوَلَا بُلُوغَ قُلُوبِ سَامِعِيهِمَا بِأَفْضَلِ طَرِيقَةٍ مُمْكِنَةٍ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلسِّيَاقِ،‏ يُخْبِرُنَا لُوقَا عَنِ ٱلْأُسْلُوبِ ٱلْفَعَّالِ ٱلَّذِي ٱعْتَمَدَهُ بُولُسُ وَبَرْنَابَا فِي ٱلْكِرَازَةِ لِلْوَثَنِيِّينَ.‏ لَاحِظْ كَيْفَ خَاطَبَا حُضُورَهُمَا:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ،‏ لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هٰذَا؟‏ نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ ضُعَفَاءُ مِثْلُكُمْ،‏ وَنُبَشِّرُكُمْ لِكَيْ تَرْجِعُوا عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَبَاطِيلِ إِلَى ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ،‏ ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلْأَرْضَ وَٱلْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا.‏ لَقَدْ سَمَحَ لِلْأُمَمِ جَمِيعًا فِي ٱلْأَجْيَالِ ٱلْمَاضِيَةِ بِأَنْ تَذْهَبَ فِي طُرُقِهَا،‏ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلَا شَهَادَةٍ بِمَا فَعَلَ مِنْ صَلَاحٍ،‏ مُعْطِيًا إِيَّاكُمْ أَمْطَارًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَمَوَاسِمَ مُثْمِرَةً،‏ مُفْعِمًا قُلُوبَكُمْ طَعَامًا وَسُرُورًا».‏ —‏ اع ١٤:‏١٥-‏١٧‏.‏

      ١٢ أَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَمِيقَةِ؟‏ أَوَّلًا،‏ لَمْ يَنْظُرْ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى حُضُورِهِمَا نَظْرَةً دُونِيَّةً.‏ فَهُمَا لَمْ يَتَظَاهَرَا بِمَا لَيْسَ فِيهِمَا،‏ بَلْ أَقَرَّا بِتَوَاضُعٍ أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ بِمِثْلِ ضَعَفَاتِ سَامِعِيهِمَا ٱلْوَثَنِيِّينَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمَا مُسِحَا بِٱلرُّوحِ وَنَالَا رَجَاءَ ٱلْحُكْمِ مَعَ ٱلْمَسِيحِ وَتَحَرَّرَا مِنَ ٱلتَّعَالِيمِ ٱلْبَاطِلَةِ،‏ لٰكِنَّهُمَا أَدْرَكَا أَنَّ هٰذِهِ ٱلْمَوَاهِبَ عَيْنَهَا مُتَاحَةٌ لِسُكَّانِ لِسْتَرَةَ أَيْضًا شَرْطَ أَنْ يُطِيعُوا يَسُوعَ.‏

      ١٣ فَمَا ٱلْقَوْلُ فِينَا؟‏ كَيْفَ نَنْظُرُ إِلَى ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا؟‏ هَلْ نُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ ٱلنِّدِّ لِلنِّدِّ؟‏ وَحِينَ نُعَلِّمُهُمْ حَقَائِقَ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ،‏ هَلْ نَتَجَنَّبُ طَلَبَ ٱلْمَجْدِ وَٱلْإِطْرَاءِ تَمَثُّلًا بَبُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏ إِلَيْكَ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ مِثَالًا رَائِعًا تَرَكَهُ تْشَارْلْز تَاز رَصِل،‏ مُعَلِّمٌ بَارِعٌ تَوَلَّى ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ أَوَاخِرَ ٱلْقَرْنِ ٱلتَّاسِعَ عَشَرَ وَأَوَائِلَ ٱلْقَرْنِ ٱلْعِشْرِينَ.‏ كَتَبَ قَائِلًا:‏ «لَا نَطْلُبُ ٱلْإِجْلَالَ وَٱلتَّوْقِيرَ؛‏ لَا لِأَنْفُسِنَا وَلَا لِكِتَابَاتِنَا.‏ وَلَا نَرْغَبُ أَنْ يُدْعَى أَيٌّ مِنَّا أَبًا أَوْ سَيِّدًا».‏ حَقًّا لَقَدْ عَكَسَ ٱلْأَخُ رَصِل مَوْقِفَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلْمُتَوَاضِعَ.‏ وَعَلَى غِرَارِهِمْ،‏ لَا نَهْدِفُ مِنْ بِشَارَتِنَا إِلَى نَيْلِ ٱلْمَجْدِ مِنَ ٱلنَّاسِ،‏ بَلْ مُسَاعَدَتِهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى «ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ».‏

      ١٤-‏١٦ أَيُّ دَرْسَيْنِ إِضَافِيَّيْنِ نَتَعَلَّمُهُمَا مِنْ كَلَامِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا إِلَى أَهْلِ لِسْتَرَةَ؟‏

      ١٤ تَأَمَّلْ أَيْضًا فِي دَرْسٍ ثَانٍ نَسْتَخْلِصُهُ مِنْ هٰذَا ٱلْخِطَابِ.‏ فَقَدْ تَحَلَّى بُولُسُ وَبَرْنَابَا بِٱلْمُرُونَةِ فِي ٱلتَّعَامُلِ مَعَ سَامِعِيهِمَا.‏ فَعَلَى خِلَافِ ٱلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ فِي إِيقُونِيَةَ،‏ لَمْ يَعْرِفْ سُكَّانُ لِسْتَرَةَ إِلَّا ٱلْقَلِيلَ عَنِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَتَعَامُلَاتِ ٱللّٰهِ مَعَ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ،‏ هٰذَا إِذَا عَرَفُوا عَنْهَا شَيْئًا مِنَ ٱلْأَسَاسِ.‏ فَأَيَّ أُسْلُوبٍ ٱعْتَمَدَ ٱلْمُبَشِّرَانِ؟‏ لَقَدِ ٱسْتَغَلَّا نُقْطَةً مُشْتَرَكَةً لِإِثَارَةِ تَفْكِيرِ حُضُورِهِمَا.‏ فَقَدِ ٱنْتَمَى هٰؤُلَاءِ إِلَى مُجْتَمَعٍ زِرَاعِيٍّ،‏ إِذِ ٱمْتَازَتْ لِسْتَرَةُ بِطَقْسٍ مُعْتَدِلٍ وَأَرْضٍ خِصْبَةٍ.‏ فَتَوَفَّرَتْ لَهُمْ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى صِفَاتِ ٱلْخَالِقِ،‏ كَتِلْكَ ٱلظَّاهِرَةِ فِي ٱلْمَوَاسِمِ ٱلْمُثْمِرَةِ مَثَلًا.‏ —‏ رو ١:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ١٥ فَهَلْ نَتَحَلَّى بِٱلْمُرُونَةِ نَفْسِهَا؟‏ لِتَقْرِيبِ ٱلْمَعْنَى لِنَتَأَمَّلْ فِي ٱلْمُزَارِعِ.‏ فَقَدْ يَخْتَارُ أَحْيَانًا نَوْعًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْبِذَارِ لِعَدَدٍ مِنَ ٱلْحُقُولِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ عَلَيْهِ أَنْ يُنَوِّعَ ٱلْأَسَالِيبَ ٱلْمُسْتَخْدَمَةَ فِي تَجْهِيزِ ٱلتُّرْبَةِ.‏ فَفِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ تَكُونُ ٱلتُّرْبَةُ لَيِّنَةً وَجَاهِزَةً لِلزِّرَاعَةِ،‏ أَمَّا فِي حَالَاتٍ أُخْرَى فَتَحْتَاجُ إِلَى عِنَايَةٍ مُسْبَقَةٍ.‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ نَزْرَعُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ نَوْعًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْبِذَارِ:‏ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمَوْجُودَةَ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ.‏ لٰكِنَّنَا نُحَاوِلُ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا أَنْ نَسْتَشِفَّ ظُرُوفَ سَامِعِينَا وَخَلْفِيَّتَهُمُ ٱلدِّينِيَّةَ.‏ وَمِنْ ثَمَّ نُكَيِّفُ طَرِيقَةَ عَرْضِنَا ٱلْبِشَارَةَ وَفْقًا لِهٰذِهِ ٱلْمُعْطَيَاتِ.‏ —‏ لو ٨:‏١١،‏ ١٥‏.‏

      ١٦ تَحْمِلُ لَنَا ٱلرِّوَايَةُ عَنْ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَأَهْلِ لِسْتَرَةَ دَرْسًا ثَالِثًا.‏ فَرَغْمَ أَقْصَى جُهُودِنَا،‏ يُخْطَفُ أَحْيَانًا ٱلْبِذَارُ ٱلَّذِي نَزْرَعُهُ أَوْ يَقَعُ عَلَى تُرْبَةٍ صَخْرِيَّةٍ.‏ (‏مت ١٣:‏١٨-‏٢١‏)‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ لَا نَيْأَسْ!‏ فَقَدْ ذَكَّرَ بُولُسُ لَاحِقًا ٱلتَّلَامِيذَ فِي رُومَا أَنَّ «كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا [بِمَنْ فِيهِمْ مَنْ نُنَاقِشُ مَعَهُمْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ] سَيُؤَدِّي حِسَابًا عَنْ نَفْسِهِ لِلّٰهِ».‏ —‏ رو ١٤:‏١٢‏.‏

      ‏«اِسْتَوْدَعَاهُمْ يَهْوَهَ» (‏اعمال ١٤:‏٢٠-‏٢٨‏)‏

      ١٧ أَيْنَ تَوَجَّهَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا بَعْدَ مُغَادَرَتِهِمَا دِرْبَةَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

      ١٧ يَجُرُّ ٱلْمُقَاوِمُونَ بُولُسَ خَارِجَ لِسْتَرَةَ ظَانِّينَ أَنَّهُ مَاتَ.‏ وَبَعْدَمَا يُحِيطُ بِهِ ٱلتَّلَامِيذُ،‏ يَقُومُ ثُمَّ يَبِيتُ لَيْلَتَهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ وَفِي ٱلْغَدِ،‏ يَنْطَلِقُ مَعَ بَرْنَابَا فِي رِحْلَةٍ طُولُهَا ١٠٠ كلم إِلَى دِرْبَةَ.‏ لَا بُدَّ أَنَّ بُولُسَ عَانَى ٱلْأَمَرَّيْنِ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلشَّاقَّةِ.‏ فَلَمْ يَكُنْ قَدْ مَضَى عَلَى رَجْمِهِ سِوَى سَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ثَابَرَ ٱلْمُرْسَلَانِ «وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ» عِنْدَ وُصُولِهِمَا إِلَى دِرْبَةَ.‏ بَعْدَئِذٍ،‏ لَمْ يَسْلُكَا طَرِيقًا مُخْتَصَرًا لِلْعَوْدَةِ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ ٱلَّتِي ٱنْطَلَقَا مِنْهَا،‏ بَلْ «عَادَا إِلَى لِسْتَرَةَ فَإِيقُونِيَةَ فَأَنْطَاكِيَةِ [بِيسِيدِيَةَ]».‏ لِمَاذَا؟‏ لَقَدْ أَرَادَا أَنْ يُقَوِّيَا ‹نُفُوسَ ٱلتَّلَامِيذِ،‏ وَيُشَجِّعَاهُمْ أَنْ يَبْقَوْا فِي ٱلْإِيمَانِ›.‏ (‏اع ١٤:‏٢٠-‏٢٢‏)‏ فَرَسَمَا بِٱلتَّالِي مِثَالًا رَائِعًا لَنَا إِذْ آثَرَا خَيْرَ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى رَاحَتِهِمَا ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ أَوَلَا يَقْتَدِي بِهِمَا ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ وَٱلْمُرْسَلُونَ فِي أَيَّامِنَا؟‏!‏

      ١٨ عَلَامَ يَشْتَمِلُ تَعْيِينُ ٱلشُّيُوخِ؟‏

      ١٨ فِي طَرِيقِ ٱلْعَوْدَةِ،‏ قَوَّى بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلتَّلَامِيذَ بِأَقْوَالِهِمَا وَمِثَالِهِمَا وَعَيَّنَا لَهُمْ «شُيُوخًا فِي كُلِّ جَمَاعَةٍ».‏ وَرَغْمَ أَنَّهُمَا مُرْسَلَانِ أَسَاسًا «مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلتَّبْشِيرِيَّةِ،‏ صَلَّيَا وَصَامَا ثُمَّ «ٱسْتَوْدَعَا [ٱلشُّيُوخَ] يَهْوَهَ».‏ (‏اع ١٣:‏١-‏٤؛‏ ١٤:‏٢٣‏)‏ وَفِي أَيَّامِنَا يُتَّبَعُ نَهْجٌ مُمَاثِلٌ.‏ فَقَبْلَ ٱلتَّوْصِيَةِ بِأَحَدِ ٱلْإِخْوَةِ لِنَيْلِ تَعْيِينٍ مَا،‏ تُرَاجِعُ هَيْئَةُ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَحَلِّيَّةُ بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ مُؤَهِّلَاتِهِ عَلَى ضَوْءِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ (‏١ تي ٣:‏١-‏١٠،‏ ١٢،‏ ١٣؛‏ تي ١:‏٥-‏٩‏)‏ وَلَيْسَ ٱلْعَامِلُ ٱلْحَاسِمُ هُوَ عَدَدَ ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي قَضَاهَا فِي ٱلْحَقِّ.‏ فَثَمَّةَ أُمُورٌ أُخْرَى تُظْهِرُ إِلَى أَيِّ مَدًى يَعْمَلُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ فِي حَيَاتِهِ،‏ كَكَلَامِهِ وَسُلُوكِهِ وَصِيتِهِ.‏ وَبُلُوغُهُ مُتَطَلَّبَاتِ ٱلنُّظَّارِ كَمَا يُحَدِّدُهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ هُوَ مَا يُؤَهِّلُهُ لِعَمَلِ ٱلرِّعَايَةِ.‏ —‏ غل ٥:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏

      ١٩ مَاذَا يُدْرِكُ ٱلشُّيُوخُ،‏ وَكَيْفَ يَقْتَدُونَ بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏

      ١٩ يُدْرِكُ ٱلشُّيُوخُ ٱلْمُعَيَّنُونَ أَنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ ٱللّٰهِ عَنْ طَرِيقَةِ مُعَامَلَتِهِمِ ٱلْجَمَاعَةَ.‏ (‏عب ١٣:‏١٧؛‏ ١ بط ٥:‏١-‏٣‏)‏ وَتَشَبُّهًا بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَيُشَجِّعُونَ رُفَقَاءَهُمُ ٱلتَّلَامِيذَ بِكَلَامِهِمْ.‏ وَهُمْ يُؤْثِرُونَ خَيْرَ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى رَاحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ —‏ في ٢:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ٢٠ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ قِرَاءَةِ ٱلتَّقَارِيرِ عَنْ خِدْمَةِ إِخْوَتِنَا ٱلْأَمِينَةِ؟‏

      ٢٠ حِينَ عَادَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا أَخِيرًا إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ،‏ أَخَذَا يَرْوِيَانِ «ٱلْأُمُورَ ٱلْكَثِيرَةَ ٱلَّتِي صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِوَاسِطَتِهِمَا،‏ وَأَنَّهُ فَتَحَ لِلْأُمَمِ بَابًا لِلْإِيمَانِ».‏ (‏اع ١٤:‏٢٧‏)‏ وَمِنْ جِهَتِنَا،‏ عِنْدَمَا نَقْرَأُ عَنْ خِدْمَةِ إِخْوَتِنَا ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَمِينَةِ وَنَرَى كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ جُهُودَهُمْ نَتَشَجَّعُ عَلَى مُوَاصَلَةِ ‹ٱلتَّكَلُّمِ بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ›.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏إِيقُونِيَةُ:‏ مَدِينَةُ ٱلْفَرِيجِيِّينَ‏».‏

  • ‏«يتكلمان بجرأة بسلطة يهوه»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة