مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • عقبات السلام بين الانسان والحيوان
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • عقبات السلام بين الانسان والحيوان

      ان صورا مشابهة لتلك التي على غلاف هذه المجلة هي شيء مبهج للاولاد.‏ والراشدون ايضا ينجذبون في الغالب الى مشهد كهذا.‏

      لماذا يتجاوب البشر بهذه الطريقة؟‏ هل السلام الحقيقي بين الانسان وحتى الحيوان الاكثر شراسة هو مجرد حلم صبياني؟‏ ام هل سيصير حقيقة؟‏

      الانسان عقبة

      ان العقبة الكبيرة لسلام كهذا هي الانسان نفسه.‏ يقول مثل قديم:‏ «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه.‏» (‏جامعة ٨:‏٩‏)‏ فتاريخ الانسان في إحداث الضرر لجنسه ينعكس في معاملته للحيوانات.‏

      مثلا،‏ جرى إمساك حيوانات برِّية كثيرة واعدادها للقتال في ميادين المصارعات في روما القديمة.‏ وفي سنة ١٠٦ ب‌م،‏ يُقال ان الامبراطور الروماني تراجان قدَّم على المسرح مباريات جرى فيها قتل ٠٠٠‏,١٠ مصارع و ٠٠٠‏,١١ حيوان لاشباع محبة المشاهدين الساديين لسفك الدم.‏

      صحيح ان هذا النوع الخاص من التسلية ليس عصريا اليوم.‏ لكنّ القائمة المتزايدة للانواع المنقرضة والمهدَّدة بالانقراض تشهد بأنه يوجد شيء ما خاطئ في معاملة الانسان للمخلوقات البرية.‏ وفيما ينفجر عدد سكان البشرية،‏ يتقلص مسكن الحيوانات البرية.‏ وبسبب جشع البشر،‏ هنالك طلب لجلود،‏ قرون،‏ وانياب الحيوانات الاجنبية.‏ ويخاف بعض الخبراء ان تنحصر اخيرا النماذج الوحيدة للانواع الاكثر ضخامة في حدائق الحيوانات.‏

      آكلة لحوم البشر

      قد يظهر ان بعض الحيوانات البرية نفسها هي عقبة اخرى للسلام.‏ ففي افريقيا وآسيا،‏ ليس غريبا ان نقرأ تقارير عن حيوانات برية هاجمت وقتلت بشرا.‏ ويذكر كتاب ڠينيس لحقائق واعمال الحيوان ان اعضاء فصيلة السنوريات «تتسبَّب على الارجح بما يناهز ١٠٠٠ وفاة سنويا.‏» وفي الهند وحدها،‏ تقتل البُبور اكثر من ٥٠ شخصا كل سنة.‏ وصارت ايضا بعض النمور في هذا البلد آكلة لحوم البشر.‏

      في كتابه خطِر للانسان،‏ يشرح روجر كَراس ان النمور تتحول احيانا الى آكلة لحوم البشر بعد ان تقتات بأجساد بشرية ميتة نتيجة اوبئة مَرَضية.‏ واوبئة كهذه،‏ يشرح،‏ غالبا ما «تليها اشهر من الرعب اذ تتلذَّذ النمور بمذاقها الجديد للحم البشري وتبدأ بالقتل.‏»‏

      لكنّ كَراس يلاحظ ان الاوبئة المَرَضية لا تسبِّب جميع هجمات النمور.‏ فالسبب الآخر هو سرعة اثارة الحيوان،‏ وخصوصا عندما يكون بالقرب من الاولاد.‏

      خلال السنوات ١٩١٨-‏١٩٢٦،‏ قتل نمر واحد في الهند ١٢٥ انسانا،‏ كما اخبر الكولونيل ج.‏ كوربت في كتابه نمر رودراپرايڠ آكل لحوم البشر.‏ وبعد عقود،‏ قتلت النمور آكلة لحوم البشر ٨٢ شخصا على الاقل في مقاطعة باڠَلْپُر.‏

      روى حارس طرائد في تنغانيقا (‏الآن جزء من تنزانيا)‏ كيف قضى خمسة اشهر في سنة ١٩٥٠ يحاول دون نجاح ان يصطاد نمرا آكل لحوم البشر أرعب الناس حول قرية روپوندا.‏ واخيرا،‏ بعد قتل ١٨ ولدا،‏ اوقعه قروي افريقي في الشرك.‏ وقتل نمر آخر ٢٦ امرأة وولدا في قرية مازاڠورو.‏

      وهنالك ايضا الاسد الافريقي.‏ عندما يتحول الى أكل البشر،‏ غالبا ما تكون الضحايا رجالا راشدين.‏ «خلال سنواتي الثلاث والعشرين في قسم الصيد،‏» يكتب سي.‏ ايُنيديز في كتابه حيّات الممبة وآكلة لحوم البشر،‏ «اصطدتُ اكثر من اربعين اسدا،‏ اكثريتها كانت آكلة لحوم البشر،‏ فيما كانت الباقية إما في طريقها لتصير آكلة لحوم البشر او مُغيرة تماما.‏» ووفقا لايُنيديز،‏ تصير الاسود تهديدا للبشر عندما يخفض الانسان على نحو متطرف فريستَها المعتادة.‏

      سلام عالمي منبأ به

      على الرغم من عقبات كهذه للسلام بين الانسان والحيوان،‏ يذكر الكتاب المقدس:‏ «كل طبع للوحوش .‏ .‏ .‏ يُذلَّل وقد تَذلَّل للطبع البشري.‏» —‏ يعقوب ٣:‏٧‏.‏

      وينبئ الكتاب المقدس في حزقيال ٣٤:‏٢٥‏:‏ «واقطع [اللّٰه] معهم عهد سلام وأنزع الوحوش الرديئة من الارض فيسكنون في البرية مطمئنين وينامون في الوعور.‏»‏

      هل نبوات كهذه للكتاب المقدس هي مجرد حلم غير واقعي؟‏ قبل رفض مشهد السلام العالمي بين الانسان والحيوان،‏ تأملوا في بعض الدلائل التي تشير الى صدق ما يقوله الكتاب المقدس.‏ فبعض الامثلة المذهلة للانسجام بين البشر المتصفين بالاهتمام والحيوانات التي بالامكان ان تكون خطِرة جرى دعمها بالوثائق.‏

  • هل يمكن ان يعيش الانسان والحيوان بسلام؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • هل يمكن ان يعيش الانسان والحيوان بسلام؟‏

      ‏«شعرت وكأنني على عتبة الفردوس؛‏ الانسان والحيوان في انسجام يتسم بالثقة.‏» هكذا وصفت جوي أدَمسُن مشهدا بجانب نهر اورا في كينيا فيما كانت تراقب تنوّعا من طيور وحيوانات تأتي لتشرب.‏ والجزء الفاتن من المشهد كان الحيوان الجالس بسلام الى جانبها —‏ لبؤة كاملة النمو!‏

      هل كان هنالك شيء استثنائي بشأن هذه اللبؤة الخاصة،‏ إلسا،‏ التي اتى الملايين الى معرفتها من خلال الكتاب وُلدتْ حرّة،‏ بواسطة جوي أدَمسُن؟‏ لا،‏ لقد كانت لبؤة عادية.‏ وكان الفرق انها تعلَّمت ان تعيش بسلام مع البشر.‏

      وفي ما بعد،‏ عندما جرى اعداد الفيلم وُلدتْ حرّة،‏ استُخدم عدد من اللبؤات الاليفة لتمثيل دور إلسا.‏ واحدة تدعى مارا.‏ كانت مرتابة في بادئ الامر،‏ وبعد ذلك تملكية جدا،‏ غير سامحة لاصدقائها البشر الجدد بأن يكونوا بعيدين عن نظرها.‏ ولتهدئتها،‏ نقل زوج جوي،‏ جورج أدَمسُن،‏ خيمته مقابل فناء مارا المسيَّج.‏ وفي آخر الامر،‏ نقل خيمته الى داخل الفناء المسيَّج!‏ «طوال الاشهر الثلاثة التالية،‏» كتب في كتابه صيد بْوانا،‏ «نامت على نحو قانوني في الداخل (‏خيمتي)‏،‏ متمدِّدة عادة على الارض بجانب سريري واحيانا عليه.‏ .‏ .‏ .‏ لم تبدِ لي قط سببا للقلق في ما يتعلق بأمني الشخصي.‏»‏

      ‏«احدى لعبنا المفضَّلة،‏» كتب السيد أدَمسُن،‏ «كانت أن اضطجع ممدَّدا على الارض مختبئا وراء بقعة صغيرة من العشب.‏ فتطاردني مارا خلسة بتسلُّل شديد،‏ البطن منخفض الى الارض بطريقة الاسد المميزة وبعد ذلك يكون الاندفاع السريع الاخير وتهبط فوقي.‏ كانت دائما تضبط مخالبها المرعبة ولم تؤذني قط.‏»‏

      وثمة لبؤة اخرى قامت بدور إلسا سُمِّيت ڠيرل.‏ عندما أُكمِل الفيلم،‏ أُعيدت ڠيرل الى البرية،‏ حيث تزاوجت وانتجت جروَيْن.‏ فاكتشف اثنان من اصدقاء أدَمسُن العرين.‏ كتب أدَمسُن:‏ «بثقة وسماحة نفس لافتتين للنظر للغاية سمحت ڠيرل للرجلين،‏ اللذين كانا يخاطران مخاطرة كبيرة،‏ بالاقتراب ضمن نطاق اقدام قليلة (‏متر او نحو ذلك)‏ من مكان الولادة .‏ .‏ .‏ وتصرُّف ڠيرل كان لافتا للنظر اكثر اذ ان [احد الرجلَين] كان غريبا نسبيا عنها.‏» اما بالنسبة الى أدَمسُن،‏ فقد سمحت له ڠيرل حتى بلمس جروَيْها،‏ في حين جرى ابعاد اسود اخرى.‏

      جعل اسد ضار أليفا

      تختلف الميزات من اسد الى اسد.‏ ففيما كانت جوي أدَمسُن تربي إلسا،‏ ابعد الى الجنوب في شمال روديسيا (‏الآن زامبيا)‏،‏ كان مشرف على الطرائد،‏ نورمن كار يفعل الشيء عينه مع جروَيْن.‏ واحد الجروَيْن،‏ بيڠ بوي،‏ كان وديا جدا.‏ والآخر،‏ لِتل بوي،‏ كان ميالا الى ان يكون غضبانا.‏ وفي ما يتعلق بهذا الاخير،‏ كتب كار ما يلي في كتابه الرجوع الى البرية:‏

      ‏«عندما يكون لِتل بوي في حالة من حالات مزاجه المضطرب،‏ اجلس القُرْفُصاء بجانبه فيما يزمجر عليّ،‏ مباشرة خارج نطاق كفَّيه اللتين من المحتمل جدا ان يستعملهما في ضربة ضارية بمخالب قاطعة ممتدة طولها انشان.‏ وبصبر احاول التودد اليه بالتحدث اليه بطريقة مهدِّئة فيما اقترب ببط‍ء اكثر فأكثر؛‏ واخيرا عندما اصل اليه يكون مستمرا في الزمجرة ولكن بطريقة اقل تصميما.‏ واذ اضع ذراعي حول كتفيه الهلباوين واربِّت على صدره،‏ يسترخي على نحو منظور كما لو ان كل عضلاته المشدودة قد لانت.‏ .‏ .‏ .‏ فيضع رأسه في حضني،‏ داعيا اياي لاداعبه.‏»‏

      وفي مقدمة كتاب كار،‏ يروي إيرل دالهَوْزي،‏ الذي كان حاكما عاما للبلد،‏ حادثة شهدها عندما كان الاسدان بعمر يتجاوز السنتين وكانا يجولان غير مصحوبين في سهل قرب مخيم كار.‏ صفّر كار،‏ وهكذا وصف الإيرل الاستجابة:‏ «اتيا قافزَين اطاعة لصفير سيدهما وحكَّا رأسيهما الكبيرين به،‏ هادرَين في الوقت نفسه بتحيتهما السعيدة ولكن المروِّعة.‏ فشعورهما نحوه لم ينقص بالتأكيد.‏»‏

      لدى الاسود خوف طبيعي من الانسان وعادة تسعى الى تجنبه.‏ وردّة الفعل الغريزية هذه الموجودة في الاسود والحيوانات الاخرى موصوفة على نحو دقيق في الكتاب المقدس.‏ (‏تكوين ٩:‏٢‏)‏ وبدونها يكون الانسان فريسة سهلة جدا.‏ ومع ذلك تصير بعض الحيوانات آكلة لحوم البشر.‏

      ‏«استثناءات للقاعدة»‏

      ان خبيرا بهذا الموضوع،‏ روجر كَراس،‏ يشرح:‏ «بين كل انواع السنوريات الكبيرة تقريبا،‏ يبدو انه يظهر عدد من الافراد الشاذة التي تطلب الانسان كطعام.‏ انها استثناءات للقاعدة .‏ .‏ .‏ وعموما يمكن للانسان ان يعيش تقريبا بسلام مع [السنوريات الكبيرة].‏»‏

      ثمة حيوانات كثيرة لا يبدو انها تميِّز الانسان عندما يجلس محجوبا في مركبة.‏ وبهذه الطريقة يتمكن البشر من اخذ صور فوتوڠرافية قريبة للاسود.‏ «ولكن،‏» يحذِّر كتاب ثدييات افريقيا الجنوبية لمَبرلي،‏ «يجري جلب خطر كبير اذا فتحتم بابكم،‏ او حاولتم الخروج على مقربة من الاسود،‏ لانها تميِّز الحضور البشري،‏ ومباغتةُ الظهور تزيد صدمة الخوف التي يمكن بسهولة كبيرة ان تحث على هجوم يُفترض انه دفاع عن النفس.‏ .‏ .‏ .‏ وهنالك في الكينونة فعليا وجها لوجه مع اسد في الدغل خطر اقل مما في الظهور فجأة خارج عربة آلية أمامه!‏»‏

      ما القول في النمور؟‏

      ان النمور التي تصير آكلة لحوم البشر هي ايضا استثناءات للقاعدة.‏ يشرح جوناثان سكوتّ في كتابه حكاية النمر:‏ «اذ لا يتعرَّض له احد ويكون في صحة جيدة،‏ فإن النمر مخلوق جبان ومنعزل يُظهر خوفا ملحوظا من الانسان.‏ واذا جرت مجابهته يفرّ عادة الى اقرب مخبإ متاح.‏»‏

      لقد قضى سكوتّ اشهرا في محمية مازاي مارا للحيوانات البرية في كينيا يدرس تحركات انثى نمر سمّاها تشوي.‏ اعتادت تشوي تدريجيا على حضور مركبة سكوتّ الآلية،‏ وذات مرة اتى جرواها،‏ المدعوَّان دارك ولايت،‏ مباشرة وتفحَّصا عربته.‏ يعتقد سكوتّ ان وراء المظهر الخارجي البارد للنمر توجد طبيعة دافئة كامنة.‏

      وقد اختبر آخرون الجانب الدافئ من طبيعة النمر.‏ مثلا،‏ ربَّت جوي أدَمسُن جروة نمر يتيمة دعتها پني.‏ بعدما جرى اطلاقها في البرية،‏ تزاوجت پني وانتجت مجموعة من الجراء.‏ وعندما كان اصدقاؤها البشر في الجوار،‏ اظهرت پني نفسَها وحثتهم ان يأتوا ويروا جراءها المولودة حديثا.‏ في الوجار،‏ اذ جلست قرب الوالدة الفخورة،‏ وصفت أدَمسُن المشهد المبهج:‏ «لقد لحست ايدينا فيما تضامت الجراء بين قائمتيها الاماميتين،‏ الجميع في غاية السعادة.‏ والاعتقاد العام هو ان النمور هي اكثر جميع الحيوانات الافريقية خطورة،‏ واناث النمر مع الصغار هي على نحو خصوصي شرسة.‏» لكنّ أدَمسُن ذكرت ان اختبارها مع پني قد يبرهن ان «معظم الاعتقادات المقبولة هي مغالطة.‏»‏

      وثمة نمرة «ودية» اخرى،‏ تدعى هارييت،‏ زوَّدت ارجان سينهَة من الهند الشمالية باختبار لافت للنظر اكثر ايضا.‏ لقد ربّى سينهَة هارييت منذ كانت جروة ودرَّبها لكي تقدر ان تدافع عن نفسها في الدغل المجاور لمزرعته.‏ وكجزء من التدريب،‏ كان سينهَة يشجع النمرة احيانا على المهاجمة.‏ «عندما جثمتُ وحرضتها على الهجوم،‏» يشرح في كتابه امير السنوريات،‏ «اتت نحوي مباشرة .‏ .‏ .‏،‏ ولكن حين قفزتْ عليّ تأكدتْ جيدا انها تجتاز من فوق،‏ اذ عَلَت رأسي وانزلقت على ظهري،‏ دون ترك حتى خدش في كتفيّ العاريتين.‏»‏

      وطريقة لعب النمرة مع إلي كلبة سينهَة كانت ايضا لافتة للنظر.‏ يعلِّق سينهَة ان «فيلما يظهر [النمرة] جالسة على أليتيها وتُلاكم فيما تهجم الكلبة عليها —‏ لكنها لا تقوم بأية محاولة للتغلب على المهاجِمة.‏ وكفَّاها الكبيرتان تمتدان الى جانب رقبة إلي،‏ فوق رأسها ونزولا الى الجانب الآخر بنعومة كمنفضتي غبار.‏»‏

      هذه العلاقة الودية بين الانسان،‏ الكلبة والنمرة استمرت بعد ان تركت هارييت المنزل لتواصل الحياة في الدغل القريب.‏ «اذا قال احد ان النمور لا يوثق بها،‏» يختتم سينهَة،‏ «أحتاج فقط الى التفكير في المرات الكثيرة التي كانت فيها هارييت تأتي الى [مزرعتي] في منتصف الليل وتوقظني بلطف لنتبادل التحيات فيما اضطجع نائما في الهواء الطلق.‏»‏

      وفي آخر الامر،‏ تزاوجت هارييت وانتجت جروَيْن.‏ عندما هدّد فيضان وجارها،‏ حملت النمرة الجروَيْن بفمها وجلبتهما كل واحد على حدة الى امن منزل سينهَة.‏ وعندما انخفض الفيضان،‏ صعدت هارييت الى زورق سينهَة،‏ داعية اياه لينقلها بالزورق ذهابا وايابا عبر النهر فيما كانت تأخذ جروَيْها،‏ كل واحد على حدة،‏ الى وجار جديد في الدغل.‏

      الفيل الافريقي

      لقد قيل ان الفيل الافريقي برِّي اكثر من ان يُروَّض.‏ ومع ذلك،‏ برهن اناس كثيرون على ان الوقائع مختلفة.‏ واحد الامثلة هو العلاقة المؤثرة بين ثلاثة فِيَلَة افريقية ورجل اميركي يدعى راندال مور.‏ لقد كانت الفِيَلَة جزءا من فريق من صغار الفِيَلَة أُمسك في متنزَّه كروجر القومي في جنوب افريقيا وشُحن الى الولايات المتحدة.‏ وبعد مدة جرى تدريبه من اجل دور في السيرك فأجاد الاداء.‏ وعندما مات صاحبه،‏ أُعطي مور مجموعة من ثلاثة فِيَلَة فأعادها الى افريقيا.‏

      أُدخلت الفيلَتان،‏ المدعوَّتان أُوالا ودورڠا،‏ الى محمية پيلاينزبرڠ في بوپوتاتسوانا في ١٩٨٢.‏ وفي ذلك الوقت كان لدى المتنزَّه عدد من صغار الفِيَلَة اليتيمة التي كانت في حالة سيئة وتحتاج الى اشراف اناث تامة النمو.‏ فهل تكون أُوالا ودورڠا المدرَّبتان في السيرك قادرتين على القيام بهذا الدور؟‏

      بعد سنة،‏ تلقى مور تقارير ان فيلَتَيْه قد تبنَّتا اليتامى الـ‍ ١٤ كلهم وانه سيجري ادخال ايتام اكثر الى المتنزَّه.‏ وبعد غياب اربع سنوات،‏ عاد مور ليرى هو بنفسه.‏ واذ توقع بحثا طويلا في جبال پيلاينزبرڠ،‏ فوجئ،‏ بعد وصوله بقليل،‏ بمعرفة أُوالا ودورڠا من بين قطيع كبير.‏ «كان دافعي الاول غير المحترف،‏» كتب في العودة الى افريقيا،‏ «ان اركض إليهما،‏ اعانقهما واجود عليهما بالثناء.‏ فاستبدلت هذا الحافز باقتراب منطقي اكثر.‏»‏

      اولا،‏ كان على أُوالا ودورڠا ان تكونا أكيدتين من حضور صديقهما القديم.‏ ففحصتا يده الممدودة بخرطوميهما.‏ «أُوالا،‏» يكتب مور،‏ «علت فوق رأسي كأنها تترقب الامر التالي.‏ وتجمَّع باقي القطيع حولنا في وضع متجمد.‏ فأمرتُ.‏ ‹أُوالا .‏ .‏ .‏ الخرطوم الى اعلى والقائمة!‏› فورا دفعت أُوالا قائمتها الامامية عاليا في الهواء ولَوَتْ خرطومها نحو السماء في وضع الترحيب التقليدي الذي لأيام السيرك البعيدة تلك.‏ من ذا الذي قال اولا ان الفيل لا ينسى ابدا؟‏»‏

      بعد ثلاث سنوات،‏ في تشرين الاول سنة ١٩٨٩،‏ أُخضعت ذاكرة أُوالا لامتحان آخر.‏ وهذه المرة قرَّر مور ان يجرِّب شيئا لم يفعله منذ ادخال الفيلَتَيْن الى المتنزَّه قبل سبع سنوات.‏ فأطاعت أُوالا امره بالتمدد على الارض وسمحت له بالصعود على ظهرها.‏ وقد أُثير مشاهدو التلفزيون في جنوب افريقيا لرؤيته يمتطيها وسط اكثر من ٣٠ فيلا بريا.‏ «فعلتُ هذا،‏» اوضح مور في مقابلة مع استيقظ!‏،‏ «ليس كعمل اعلاني بل لأنني كنت فضوليا لاعرف مقدار الرابطة والذكاء الممكنين لدى الفيل.‏» وترعرع يتامى پيلاينزبرڠ تحت العناية الذكية لأُوالا ودورڠا.‏

      صحيح ان حالات الصداقة اليوم بين الانسان والحيوان البري ليست القاعدة؛‏ انها تتطلب رعاية متسمة بالحذر.‏ ويكون تهوّرا بالفعل ان يغامر الشخص العادي في البرية ويحاول الاقتراب من الاسود،‏ النمور والفِيَلَة.‏ ولكن فيما تكون علاقة كهذه بين الحيوانات البرية والبشر نادرة نسبيا اليوم،‏ ما القول في المستقبل؟‏ هل ستكون القاعدة؟‏

      ‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحة ٨]‏

      يمكن جعل الاسود أليفة!‏

      ‏«تعال وخذ لي بعض الصور الفوتوڠرافية مع اسودي،‏» قال جاك سيل،‏ مدير متنزَّه Hartebeespoortdam للثعابين والحيوانات في جنوب افريقيا.‏ باضطراب،‏ تبعتُه الى فناء الاسود المسيَّج آملا ان يسمح لي بأخذ الصور من خارج السياج الواقي.‏

      كان الفناء المسيَّج نظيفا،‏ بظل وافر من الاشجار المحيطة.‏ وبسرعة عرفت الاسود التسعة الصحيحة الجسم مدربها فيما دخل الفناء المسيَّج مع احد المساعدين.‏ فأحدثت الاسود هماهم ودية وكانت تمشي باهتياج ذهابا وايابا.‏

      «تعال الى الداخل،‏» قال جاك.‏ فتظاهرتُ بعدم السماع.‏ «تعال الى الداخل،‏» قال ثانية بصوت اعلى.‏ ولحماية انفسهم من الاسود،‏ كل ما كان لديهم هو عُصي!‏ نبض قلبي بسرعة فيما كنت احارب الجُبْن،‏ واخيرا صعدت الى الداخل.‏ وبعجلة بدأت اطقطق بآ‌لة التصوير التي لي فيما كان جاك يلاطف بعضا من ودائعه الرائعة.‏ ويا للارتياح الذي شعرت به عندما كنا جميعا آمنين في الخارج!‏ ولكن لم يكن من الضروري ان اخاف.‏

      «ان سبب دخولنا مع العصي،‏» شرح جاك بعدئذ،‏ «هو ان الاسود ودودة وتعضّ عضات حبية.‏ فنمدّ العصي لكي تستطيع مضغها عوضا عن ايدينا.‏» وكان جاك وجماعة اسوده قد رجعوا منذ قليل من متنزَّه إتوشا القومي في ناميبيا.‏ ولماذا اخذها بعيدا جدا في البرية؟‏ شرح:‏

      «لقد استُخدمتْ لتصوير فيلم وثائقي حول ما يفعله العلماء الباحثون لضبط ازدياد عدد الاسود في البرية في ناميبيا.‏ لكنّ اسودي تفضل الحياة التي اعتادت عليها هنا.‏ وفي ناميبيا،‏ حالما كانت ترى شاحنتي،‏ كانت تأتي اليها.‏ لم تكن هنالك اية صعوبة في ارجاعها الى مأواها.‏» —‏ مقدمة للنشر.‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Courtesy Hartebeespoortdam Snake and Animal Park

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      راندال مور مع ودائعه في الدغل الافريقي

  • ما القول في المستقبل؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • ما القول في المستقبل؟‏

      لماذا السلام بين الانسان والحيوان مبهج الى هذا الحد؟‏ لان البشر خُلقوا في الاصل ليكونوا في سلام مع الحيوانات،‏ حتى تلك المصنَّفة برّية.‏

      عندما صنع اللّٰه الرجل والمرأة الاولين،‏ وضعهما في منطقة فردوسية من الارض ليستمتعا بالحياة.‏ كان قصده لهما ان ينجبا اولادا ويوسِّعا تخوم هذا الفردوس الاصلي حتى يشمل الارض كلها.‏ وفي ذلك الحيز الكامل،‏ كان يجب على الجنس البشري ان يتسلط بسلام على الحيوانات.‏

      تذكر رواية التكوين:‏ «يتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض .‏ .‏ .‏ ورأى اللّٰه كل ما عمله فإذا هو حسن جدا.‏» —‏ تكوين ١:‏٢٦-‏٣١؛‏ ٢:‏٩‏.‏

      لم يكن هذا التسلط على الحيوانات ليكون بوحشية.‏ لقد كان القصد ان يعيش البشر والحيوانات معا بسلام.‏ ويمكن ان يُرى ذلك من الواقع انه عندما مرّت الحيوانات امام الانسان لكي تُسمّى،‏ لم يكن مسلَّحا.‏ وليس هنالك اي ذكر لخوف اظهره اي من الانسان او الحيوان.‏ —‏ تكوين ٢:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      القصد الاصلي سيتم

      والمفرح ان قصد اللّٰه الاصلي سيُنجز قريبا،‏ عندما يحل ملكوت اللّٰه،‏ الذي يحكم من السماء،‏ محل كل الحكومات البشرية الصنع.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤؛‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وبحكم اللّٰه المعاد تأسيسه كليا على كامل الارض،‏ فان قصد اللّٰه الاصلي المتعلق بالارض والساكنين فيها من بشر وحيوانات سيبدأ بالاتمام.‏

      والتأثيرات المُغيِّرة لحكم اللّٰه البار موصوفة في نبوات كثيرة للكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ لاحظوا ما كتبه اشعياء بالوحي:‏ «يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمَّن معا وصبي صغير يسوقها.‏ والبقرة والدبة ترعيان.‏ تربض اولادهما معا والاسد كالبقر يأكل تبنا.‏ لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر.‏» —‏ اشعياء ١١:‏٦،‏ ٧،‏ ٩‏.‏

      تظهر نبوات اخرى ايضا السلام التام الذي سيكون موجودا في عالم اللّٰه الجديد.‏ وفي هذا الخصوص انبأ ميخا:‏ «يطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل.‏ لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.‏ بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون من يُرعب.‏» —‏ ميخا ٤:‏٣،‏ ٤‏.‏

      لن يخلّ حينئذ اي من الحيوانات البرية بسلام الجنس البشري،‏ لان كلمة اللّٰه النبوية تقول:‏ «اقطع معهم عهد سلام وانزع الوحوش الرديئة من الارض فيسكنون في البرية مطمئنين وينامون في الوعور.‏ .‏ .‏ .‏ ويكونون آمنين في ارضهم.‏» —‏ حزقيال ٣٤:‏٢٥،‏ ٢٧‏.‏

      وهكذا سيبلغ السلام والانسجام حد الكمال في كل مكان من هذا الفردوس المسترد.‏ لهذا السبب كان ممكنا وصف الاحوال هناك في السفر الاخير من الكتاب المقدس بهذه الطريقة:‏ «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لان الامور الاولى قد مضت.‏ وقال الجالس على العرش ها انا اصنع كل شيء جديدا.‏ وقال لي اكتب فإن هذه الاقوال صادقة وامينة.‏» —‏ رؤيا ٢١:‏٤،‏ ٥‏.‏

      نعم،‏ صادقة وامينة.‏ هذا يعني انه يمكننا الاعتماد على وعود اللّٰه،‏ لانه بخلاف البشر غير الكاملين لديه القدرة،‏ الحكمة،‏ والتصميم على انجاز مقاصده.‏ وكما قال احد خدام اللّٰه الامناء في الازمنة القديمة:‏ «لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم.‏ الكل صار لكم.‏ لم تسقط منه كلمة واحدة.‏» —‏ يشوع ٢٣:‏١٤‏؛‏ انظروا ايضا اشعياء ٥٥:‏١١‏.‏

      يمكننا ان نملك الثقة نفسها انه قريبا،‏ في عالم اللّٰه الجديد،‏ سيجري اتمام قصده الاصلي لهذه الارض،‏ للبشر،‏ وللحيوانات.‏ وسيصير السلام المعطى من اللّٰه حقيقة في كل الارض.‏ ولن يسود سلام كهذا بين البشر فقط بل سينعكس في حيِّز الحيوان ايضا.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة