مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«مبغَضين من جميع الامم»‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • انتهاز حمى الحرب لتحقيق اهدافهم

      اذ اكتسحت الحمى القومية العالم خلال الحرب العالمية الاولى،‏ وُجد سلاح جديد للاستعمال ضد تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فعداوة القادة الدينيين الپروتستانت والروم الكاثوليك امكن التعبير عنها وراء واجهة من الوطنية.‏ فقد انتهزوا هستيريا زمن الحرب ليَسِموا تلاميذ الكتاب المقدس كمحرضين على الفتنة —‏ التهمة نفسها التي وجَّهها قادة اورشليم الدينيون في القرن الاول ضد يسوع المسيح والرسول بولس.‏ (‏لوقا ٢٣:‏​٢،‏ ٤؛‏ اعمال ٢٤:‏​١،‏ ٥‏)‏ طبعا،‏ لكي يوجِّه رجال الدين تهمة كهذه،‏ يجب ان يكونوا هم انفسهم مؤيدين فعَّالين للمجهود الحربي،‏ لكنَّ ذلك لم يبدُ مربكا لمعظمهم،‏ رغم انه عنى ارسال الشبان ليقتلوا اعضاء من دينهم الخاص في بلد آخر.‏

      وكان في تموز ١٩١٧،‏ بعد موت رصل،‏ ان جمعية برج المراقبة اصدرت كتاب السر المنتهي،‏ تعليق على الرؤيا وحزقيال وكذلك نشيد الانشاد.‏ وهذا الكتاب شهَّر بصراحة رياء رجال دين العالم المسيحي!‏ ووُزِّع بشكل واسع في وقت قصير نسبيا.‏ وفي اواخر كانون الاول ١٩١٧ وأوائل ١٩١٨،‏ تولَّى تلاميذ الكتاب المقدس ايضا في الولايات المتحدة وكندا توزيع ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠ نسخة من رسالة نارية في نشرة شهرية تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وهذه النشرة الصغيرة المصوَّرة بأربع صفحات كانت بعنوان «سقوط بابل،‏» وحملت العنوان الفرعي «لماذا يجب ان يتألم الآن العالم المسيحي —‏ النتيجة النهائية.‏» وقد حدَّدت هوية الهيئتين الدينيتين الكاثوليكية والپروتستانتية معا بأنهما بابل العصرية التي يجب ان تسقط سريعا.‏ ودعما لما قيل،‏ قدَّمت من السر المنتهي تعليقا على النبوات التي تعبِّر عن الدينونة الالهية على «بابل السرية.‏» وفي الصفحة الاخيرة اظهر رسم كاريكاتوري جدارا ينهار.‏ والحجارة الضخمة من الجدار حملت عبارات مثل «عقيدة الثالوث (‏‹٣×١=١›)‏،‏» «خلود النفس،‏» «نظرية العذاب الابدي،‏» «الپروتستانتية —‏ العقائد،‏ رجال الدين،‏ الخ،‏» «الرومانية —‏ البابوات،‏ الكرادلة،‏ الخ،‏ الخ» —‏ وكلها كانت تسقط.‏

      غضب رجال الدين بسبب تشهير كهذا،‏ تماما كما غضب رجال الدين اليهود عندما شهَّر يسوع رياءهم.‏ (‏متى ٢٣:‏​١-‏٣٩؛‏ ٢٦:‏​٣،‏ ٤‏)‏ وفي كندا تجاوب رجال الدين بسرعة.‏ ففي كانون الثاني ١٩١٨ وقَّع اكثر من ٦٠٠ رجل دين كندي عريضة تطالب الحكومة بحظر مطبوعات جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ وكما ورد في وينِّيپيڠ ايڤننڠ تريبيون،‏ بعد ان ندَّد تشارلز جي.‏ پاترسون،‏ قس كنيسة القديس استفانوس في وينِّيپيڠ،‏ من منبره بـ‍ شهرية تلاميذ الكتاب المقدس،‏ التي احتوت على المقالة «سقوط بابل،‏» اتصل به النائب العام جونسون ليحصل على نسخة.‏ وبعد ذلك بقليل،‏ في ١٢ شباط ١٩١٨،‏ اصدرت الحكومة الكندية مرسوما يعتبره جريمة تستحق العقاب بالغرامة والسجن ان يمتلك الشخص كتاب السر المنتهي او النشرة المُشار اليها اعلاه.‏

      في ذلك الشهر نفسه،‏ في ٢٤ شباط،‏ ألقى الاخ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة المنتخب حديثا،‏ خطابا في الولايات المتحدة في قاعة تمْپِلْ في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا.‏ وكان موضوعه مذهلا:‏ «العالم قد انتهى —‏ ملايين من الاحياء الآن يمكن ان لا يموتوا ابدا.‏» وفي عرض الدليل ان العالم كما كان معروفا حتى ذلك الوقت قد انتهى حقا في السنة ١٩١٤،‏ اشار الى الحرب الجارية آنذاك،‏ مع المجاعة المرافقة،‏ وبيَّن ذلك كجزء من العلامة التي انبأ بها يسوع.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣-‏٨‏)‏ ثم ركَّز الانتباه على رجال الدين،‏ قائلا:‏

      ‏«بحسب الاسفار المقدسة،‏ رجال الدين كصف هم الرجال الاكثر ملامة على الارض على الحرب الكبرى التي تؤلم الجنس البشري الآن.‏ فطوال ٥٠٠‏,١ سنة علَّموا الناس العقيدة الشيطانية لحق الملوك الالهي في الحكم.‏ وخلطوا السياسة بالدين،‏ الكنيسة بالدولة؛‏ برهنوا على عدم الولاء لامتيازهم المعطى من اللّٰه ان ينادوا برسالة الملكوت المسيَّاني،‏ ووقفوا انفسهم لتشجيع الحكام على الاعتقاد ان الملك يحكم بحق الهي،‏ ولذلك مهما فعل يكون صائبا.‏» واذ اظهر نتيجة ذلك،‏ قال:‏ «تسلَّح ملوك اوروپا الطموحون من اجل الحرب،‏ لانهم رغبوا في انتزاع مقاطعة الشعوب الاخرى؛‏ فهنَّأهم رجال الدين وقالوا:‏ ‹افعلوا كما تريدون،‏ لستم تفعلون خطأ؛‏ ومهما فعلتم يكون صائبا.‏›» ولكن لم يكن رجال الدين الاوروپيون الوحيدين الذين كانوا يفعلون ذلك،‏ والمبشرون في اميركا عرفوا انهم كانوا يفعلون ذلك ايضا.‏

      نُشر تقرير شامل عن هذه المحاضرة في اليوم التالي في مورنينڠ تريبيون في لوس انجلوس.‏ فغضب رجال الدين حتى ان جمعية الخدام الدينيين عقدت اجتماعا في ذلك اليوم نفسه وأرسلت رئيسها الى مديري الجريدة لاعلامهم باستيائها الشديد.‏ وعقب ذلك كانت هنالك فترة من المضايقة المستمرة لمكاتب جمعية برج المراقبة من قبل اعضاء مكتب استخبارات الحكومة.‏

      وفي اثناء فترة الحماسة القومية هذه عُقد مؤتمر لرجال الدين في فيلادلفيا،‏ في الولايات المتحدة،‏ اتُّخذ فيه قرار يطالب بتعديل قانون التجسس بحيث يمكن للمجلس العسكري ان يحاكم المخالفين المتَّهَمين ويعاقبهم بالموت.‏ واختير جون لورد اوبريان،‏ المساعد الخاص للنائب العام من اجل المسائل المتعلقة بالحرب،‏ لعرض الموضوع على مجلس الشيوخ.‏ فلم يسمح رئيس الولايات المتحدة لمشروع القانون هذا بأن يصير قانونا.‏ ولكنَّ اللواء جيمس فرانكلين بِل،‏ في الجيش الاميركي،‏ افشى عند حمو غضبه لـ‍ ج.‏ ف.‏ رذرفورد و و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ ما كان قد حدث في المؤتمر ونية استعمال مشروع القانون هذا ضد رسميي جمعية برج المراقبة.‏

      والملفات الرسمية لحكومة الولايات المتحدة تظهر انه على الاقل من ٢١ شباط ١٩١٨ فصاعدا اشترك جون لورد اوبريان شخصيا في محاولات لاقامة دعوى على تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ويحتوي سجل الكونڠرس لـ‍ ٢٤ نيسان و ٤ ايار على مذكرات من جون لورد اوبريان يؤكِّد فيها بقوة انه اذا سمح القانون بقول «ما هو صحيح،‏ بدوافع صائبة،‏ ولغايات مبرَّرة،‏» كما هو مذكور في ما يدعى التعديل الفرنسي لقانون التجسس وكما وافق عليه مجلس الشيوخ الاميركي،‏ فلن يتمكن من ان يحاكم بنجاح تلاميذ الكتاب المقدس.‏

      وفي ووسْتَر،‏ ماساتشوستس،‏ استغل ايضا ب.‏ ف.‏ وايلند «الموقَّر» حمى الحرب بالزعم ان تلاميذ الكتاب المقدس كانوا يروِّجون دعاية للعدو.‏ ونشر مقالة في دايلي تلڠرام اعلن فيها:‏ «ان احد واجباتكم الوطنية التي تواجهكم كمواطنين هو قمع جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ التي مركزها الرئيسي في بروكلين.‏ انهم يروِّجون،‏ تحت ستار الدين،‏ دعاية المانية في ووسْتَر ببيع كتابهم،‏ ‏‹السر المنتهي.‏›» وقال للسلطات بوقاحة انه من واجبهم ان يقبضوا على تلاميذ الكتاب المقدس ويمنعوهم من عقد اجتماعات اضافية.‏

      شهد ربيع وصيف السنة ١٩١٨ اضطهادا واسعا لتلاميذ الكتاب المقدس في اميركا الشمالية وفي اوروپا على السواء.‏ وكان بين المحرضين رجال دين المعمدانيين،‏ الميثوديين،‏ الاسقفيين،‏ اللوثريين،‏ الروم الكاثوليك،‏ والكنائس الاخرى.‏ فصادر الضباط مطبوعات الكتاب المقدس دون امر رسمي بالتفتيش،‏ وأُلقي كثيرون من تلاميذ الكتاب المقدس في السجن.‏ وآخرون طوردوا من الرعاع،‏ ضُربوا،‏ جُلدوا،‏ طُلوا بالقار وغُطّوا بالريش،‏ او كُسرت اضلاعهم او جُرِّحت رؤوسهم.‏ والبعض أُلحق بهم عجز دائم.‏ واحتُجز رجال ونساء مسيحيون في السجن دون تهمة او محاكمة.‏ وأكثر من مئة حالة خصوصية لمعاملة وحشية كهذه أُخبر عنها في العصر الذهبي عدد ٢٩ ايلول ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏.‏

      الاتهام بالتجسس

      اتت الذروة في ٧ ايار ١٩١٨ عندما صدرت مذكرات فيديرالية في الولايات المتحدة لالقاء القبض على ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس،‏ وعشرائه الاحماء.‏

      وفي اليوم السابق في بروكلين،‏ نيويورك،‏ قُدِّمت لائحتا اتهام ضد الاخ رذرفورد وعشرائه.‏ فاذا لم يجرِ الوصول الى النتائج المرجوة من الدعوى الاولى،‏ يمكن اتِّباع لائحة الاتهام الاخرى.‏ ولائحة الاتهام الاولى،‏ التي وجَّهت اتهامات ضد العدد الاكبر من الافراد،‏ شملت اربع مواد اتهام:‏ مادتان اتهمتاهم بالتآ‌مر لانتهاك قانون التجسس المؤرَّخ في ١٥ حزيران ١٩١٧؛‏ ومادتان اتهمتاهم بمحاولة تنفيذ خططهم غير الشرعية او القيام بذلك فعلا.‏ وجرى الادِّعاء بأنهم يتآ‌مرون لتسبيب التمرد ورفض الخدمة العسكرية في القوات المسلَّحة الاميركية وأنهم يتآ‌مرون لمنع الناس من التجنُّد والتطوُّع لخدمة كهذه فيما الامة في حالة حرب،‏ وأنهم ايضا حاولوا ان يفعلوا او في الواقع فعلوا هذين الامرين كليهما.‏ وذكرت لائحة الاتهام خصوصا طبع وتوزيع كتاب السر المنتهي.‏ ولائحة الاتهام الثانية فسَّرت ارسال شِكّ الى اوروپا (‏كان سيُستخدم في عمل تعليم الكتاب المقدس في المانيا)‏ بأنه ضارّ بمصالح الولايات المتحدة.‏ وعندما أُخذ المدَّعى عليهم الى المحكمة،‏ كانت لائحة الاتهام الاولى،‏ التي شملت اربع مواد اتهام،‏ هي التي جرى اتِّباعها.‏

      ولكنَّ لائحة اتهام اخرى ضد ك.‏ ج.‏ وودوَرث و ج.‏ ف.‏ رذرفورد تحت قانون التجسس كانت في ذلك الوقت معلَّقة في سْكرانتون،‏ پنسلڤانيا.‏ ولكن بحسب رسالة من جون لورد اوبريان مؤرَّخة في ٢٠ ايار ١٩١٨،‏ كان اعضاء في وزارة العدل يخافون ألا يوافق القاضي الاتحادي المحلي في الولايات المتحدة وِتمر،‏ الذي كان سيُنظَر امامه في القضية،‏ على استعمالهم قانون التجسس لقمع نشاط اناس،‏ بسبب قناعات دينية مخلصة،‏ قالوا اشياء يمكن ان يفسِّرها الآخرون كدعاية ضد الحرب.‏ ولذلك علَّقت وزارة العدل قضية سْكرانتون مؤقتا في انتظار نتيجة القضية في بروكلين.‏ ودبَّرت الحكومة ايضا الوضع بحيث يكون القاضي هارلَند ب.‏ هاو،‏ من ڤيرمونت،‏ الذي كان جون لورد اوبريان يعرف انه يوافق على وجهة نظره في امور كهذه،‏ هو مَن يقضي في المسألة في المحكمة الاتحادية المحلية في الولايات المتحدة في المنطقة الشرقية من نيويورك.‏ وأُحيلت القضية الى المحاكمة في ٥ حزيران،‏ والمدَّعيان العامَّان فيها هما أيزَك ر.‏ أُولاند وتشارلز ج.‏ بوكنر من الروم الكاثوليك.‏ وخلال المحاكمة،‏ كما لاحظ الاخ رذرفورد،‏ تشاور الكهنة الكاثوليك تكرارا مع بوكنر وأُولاند.‏

      واذ بوشرت القضية ظهر ان رسميي الجمعية وجامعَي الكتاب لم تكن في نيتهم اعاقة المجهود الحربي للبلد.‏ والدليل المقدَّم في اثناء المحاكمة اظهر ان الخطط لكتابة الكتاب —‏ وفي الواقع،‏ كتابة معظم المخطوطة —‏ جرت قبل ان تعلن الولايات المتحدة الحرب (‏في ٦ نيسان ١٩١٧)‏ وأن العقد الاصلي للطبع وُقِّع قبل ان تصدر الولايات المتحدة القانون (‏في ١٥ حزيران)‏ الذي يقال انهم انتهكوه.‏

      ابرزت المحاكمة اضافات الى الكتاب جرت خلال نيسان وحزيران ١٩١٧ في اثناء إعداد النسخة وقراءة المسوَّدات.‏ وهذه شملت اقتباسا من جون هاينس هولمز،‏ رجل دين كان قد اعلن بقوة ان الحرب هي انتهاك للمسيحية.‏ وكما اشار احد محامي الدفاع،‏ كانت تعليقات رجل الدين هذه،‏ المنشورة تحت عنوان بيان الى شعبي عشية الحرب،‏ لا تزال تُباع في الولايات المتحدة في وقت المحاكمة.‏ ولم يُحاكَم رجل الدين ولا الناشر على ذلك.‏ لكنَّ تلاميذ الكتاب المقدس الذين اشاروا الى موعظته هم الذين اعتُبروا مسؤولين قانونيا عن الآراء المعبَّر عنها فيها.‏

      لم يقل الكتاب للناس في العالم انه لا حق لهم في الاشتراك في الحرب.‏ لكنه،‏ في توضيح للنبوة،‏ اقتبس مقتطفات من اعداد برج المراقبة للسنة ١٩١٥ تظهر التناقض الذاتي لرجال الدين الذين يدَّعون بأنهم خدام للمسيح لكنهم يتصرفون كعملاء تجنيد للامم في الحرب.‏

      عندما عُلم ان الحكومة اعترضت على الكتاب،‏ ارسل الاخ رذرفورد فورا برقية الى صاحب المطبعة لايقاف انتاجه،‏ وفي الوقت نفسه أُرسل ممثل للجمعية الى قسم الاستخبارات في الجيش الاميركي لمعرفة سبب اعتراضهم.‏ وعندما عُلم انه بسبب الحرب الجارية آنذاك اعتُبرت الصفحات ٢٤٧-‏٢٥٣ من الكتاب معترضا عليها،‏ امرت الجمعية بحذف هذه الصفحات من جميع نسخ الكتاب قبل تقديمها الى العامة.‏ وعندما اشعرت الحكومة المدَّعين العامِّين للمنطقة القضائية بأن التوزيع الاضافي سيكون انتهاكا لقانون التجسس (‏رغم ان الحكومة رفضت ان تعبِّر للجمعية عن رأيها في الكتاب في صيغته المعدَّلة)‏،‏ امرت الجمعية بأن يُعلَّق مؤقتا كل التوزيع العام للكتاب.‏

      لماذا مثل هذه العقوبة القاسية؟‏

      بصرف النظر عن كل ذلك،‏ في ٢٠ حزيران ١٩١٨،‏ اصدرت هيئة المحلَّفين قرارا يجد كلًّا من المدَّعى عليهم مذنبا بكل مادة من مواد لائحة الاتهام.‏ وفي اليوم التالي،‏ حُكم على سبعةb منهم بأربع فترات سجن كلٌّ منها ٢٠ سنة يجري قضاؤها بشكل متزامن.‏ وفي ١٠ تموز حُكم على الثامنc بأربع فترات سجن متزامنة من ١٠ سنوات.‏ فالى ايّ حد كانت هذه الاحكام قاسية؟‏ في مذكرة الى النائب العام في ١٢ آذار ١٩١٩ اعترف رئيس الولايات المتحدة وودرو ولسون بأن «فترات السجن هي بشكل واضح اطول مما ينبغي.‏» وفي الواقع،‏ ان الرجل الذي اطلق النار في ساراييڤو وقتل ولي عهد الامبراطورية النمساوية المجرية —‏ الامر الذي اثار الحوادث التي اقحمت الامم في الحرب العالمية الاولى —‏ لم يصدر ضده حكم اقسى.‏ فقد حُكم عليه بـ‍ ٢٠ سنة في السجن —‏ لا اربع فترات سجن من ٢٠ سنة،‏ كما في قضية تلاميذ الكتاب المقدس!‏

      فماذا كان الدافع وراء فرض فترات السجن القاسية هذه على تلاميذ الكتاب المقدس؟‏ صرَّح القاضي هارلَند ب.‏ هاو:‏ «في رأي المحكمة،‏ ان الدعاية الدينية التي ايَّدها ونشرها بقوة المدَّعى عليهم هؤلاء في كل انحاء الامة وكذلك بين حلفائنا هي خطر اعظم من فرقة عسكرية للجيش الالماني.‏ .‏ .‏ .‏ ان الشخص الذي يكرز بالدين يكون له عادةً تأثير كبير،‏ واذا كان مخلصا يكون له تأثير اكبر ايضا.‏ وهذا يزيد بدلا من ان يخفف من خطورة الخطإ الذي ارتكبوه.‏ ولذلك،‏ كشيء حكيم وحيد لفعله بأشخاص كهؤلاء،‏ قرَّرت المحكمة ان تكون العقوبة قاسية.‏» ولكن من الجدير بالذكر ايضا انه قبل اصدار الحكم قال القاضي هاو ان البيانات التي قدَّمها المحامون دفاعا عن المدَّعى عليهم عبَّرت عن الشك وأساءت بشدة ليس فقط الى الموظفين القضائيين في الحكومة بل الى ‏«جميع الخدام الدينيين في كل انحاء البلد.‏»‏

      استُؤنف الحكم فورا الى محكمة الاستئناف الدورية للولايات المتحدة.‏ لكنَّ القاضي هاو رفض بشكل استبدادي اطلاق السراح بكفالة بانتظار سماع هذا الاستئناف،‏d وفي ٤ تموز،‏ قبل ان يُسمع الاستئناف الثالث والاخير من اجل اطلاق السراح بكفالة،‏ نُقل الاخوة السبعة الاولون بسرعة الى الاصلاحية الفيديرالية في اتلانتا،‏ جورجيا.‏ وتبيَّن بعد ذلك ان هنالك ١٣٠ خطأ اجرائيا في تلك المحاكمة المتحيِّزة جدا.‏ واستغرق اشهرا من العمل تحضير الاوراق المطلوبة لسماع الاستئناف.‏ وفي هذه الاثناء انتهت الحرب.‏ وفي ١٩ شباط ١٩١٩ ارسل الاخوة الثمانية في السجن مناشدة من اجل عفو تنفيذي الى وودرو ولسون،‏ رئيس الولايات المتحدة.‏ وأرسل مواطنون كثيرون رسائل اخرى الى النائب العام المعيَّن حديثا تحثّ على اطلاق سراح الاخوة.‏ ثم في ١ آذار ١٩١٩،‏ ردا على استفسار من النائب العام،‏ اوصى القاضي هاو بـ‍ «تخفيف فوري» للاحكام.‏ وفيما كان ذلك سيخفِّف الاحكام،‏ كان سيؤكِّد ايضا ذنب المدَّعى عليهم.‏ وقبل التمكن من فعل ذلك،‏ حصل محامو الاخوة على امر من المحكمة أُرسل الى محامي الولايات المتحدة الذي عرض القضية امام محكمة الاستئناف.‏

      بعد تسعة اشهر من الحكم على رذرفورد وعشرائه —‏ وبانتهاء الحرب —‏ في ٢١ آذار ١٩١٩،‏ امرت محكمة الاستئناف باطلاق سراح جميع المدَّعى عليهم الثمانية بكفالة،‏ وفي ٢٦ آذار أُطلق سراحهم في بروكلين بكفالة ٠٠٠‏,١٠ دولار عن كل واحد.‏ وفي ١٤ ايار ١٩١٩ حكمت محكمة الاستئناف الدورية للولايات المتحدة في نيويورك:‏ «لم ينَل المدَّعى عليهم في هذه القضية المحاكمة العادلة والمنصفة التي يستحقونها،‏ ولهذا السبب يُنقَض الحكم.‏» وأُعيدت القضية الى المحكمة من اجل محاكمة جديدة.‏ ولكن في ٥ ايار ١٩٢٠،‏ بعد ان مثل المدَّعى عليهم امام المحكمة،‏ عند الطلب،‏ خمس مرات،‏ اعلن محامي الحكومة في جلسة علنية في بروكلين سحب الدعوى.‏e ولماذا؟‏ كما ظهر في مراسلة محفوظة في الارشيفات القومية للولايات المتحدة،‏ كانت وزارة العدل تخاف من انه اذا عُرضت القضايا على هيئة محلَّفين غير متحيِّزة،‏ مع توقف هستيريا الحرب،‏ فستجري خسارة القضية.‏ وذكر محامي الولايات المتحدة ل.‏ و.‏ روس في رسالة الى النائب العام:‏ «اعتقد انه يكون افضل،‏ لعلاقاتنا العامة،‏ اذا اخذنا مبادرتنا الخاصة» وذكرنا ان القضية لن تجري متابعتها اكثر.‏

      وفي اليوم نفسه،‏ ٥ ايار ١٩٢٠،‏ رُفضت ايضا لائحة الاتهام البديلة التي كانت قد قُدِّمت في ايار ١٩١٨ ضد ج.‏ ف.‏ رذرفورد وأربعة من عشرائه.‏

      من حرَّض على ذلك حقا؟‏

      هل حرَّض رجال الدين على كل هذا حقا؟‏ انكر جون لورد اوبريان ذلك.‏ لكنَّ الذين عاشوا في ذلك الوقت عرفوا الوقائع جيدا.‏ ففي ٢٢ آذار ١٩١٩ احتجَّت اللجوء الى العقل،‏ صحيفة صادرة في جِرارد،‏ كانساس:‏ «اذ لاحقهم حقد رجال الدين ‹الارثوذكس،‏› أُدين وسُجن أتباع الراعي رصل دون اطلاق سراح بكفالة،‏ مع انهم بذلوا كل جهد ممكن لمراعاة احكام قانون التجسس.‏ .‏ .‏ .‏ ونعلن ان أتباع الراعي رصل هؤلاء،‏ بصرف النظر عما اذا كان قانون التجسس دستوريا من الناحية التقنية او مبرَّرا من الناحية الاخلاقية او لا،‏ أُدينوا ظلما تحت احكامه.‏ ودرس الدليل بعقل منفتح سيقنع بسرعة ايّ شخص بأن هؤلاء الرجال ليس فقط لم يكن قصدهم انتهاك القانون،‏ ولكنهم لم ينتهكوه.‏»‏

      بعد سنوات علَّق الدكتور راي ابرامز في كتاب كارزون يقدِّمون اسلحة:‏ «انه ذو مغزى ان يشترك كثيرون من رجال الدين بشكل عدواني في محاولة التخلص من الرصليين [كما كان يسمَّى تلاميذ الكتاب المقدس بازدراء].‏ والنزاعات والاحقاد الدينية الطويلة العهد،‏ التي لم تنل ايّ اعتبار في المحاكم في زمن السلم،‏ وجدت الآن طريقها الى قاعة المحكمة تحت تأثير هستيريا زمن الحرب.‏» وذكر ايضا:‏ «ان تحليلا لكامل القضية يقود الى الاستنتاج ان الكنائس ورجال الدين كانوا من حيث الاصل وراء الحركة لقمع الرصليين.‏» —‏ ص ١٨٣-‏١٨٥.‏

  • ‏«مبغَضين من جميع الامم»‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • ‏[الاطار في الصفحة ٦٥٥]‏

      رجال الدين يظهرون مشاعرهم

      ان ردود فعل النشرات الدورية الدينية تجاه الحكم على ج.‏ ف.‏ رذرفورد وعشرائه في السنة ١٩١٨ جديرة بالملاحظة:‏

      ◆ «السجل المسيحي»:‏ «ان ما تهاجمه الحكومة هنا بصراحة تامة هو الادِّعاء انه يمكن نشر الافكار الدينية بحصانة مهما كانت جنونية ومؤذية.‏ انه اعتقاد قديم باطل،‏ وحتى الآن كنا عديمي الاكتراث بذلك كاملا.‏ .‏ .‏ .‏ ويَظهر ان الحكم هو نهاية الرصلية.‏»‏

      ◆ «المدوِّن الغربي،‏» مطبوعة معمدانية،‏ قالت:‏ «ليس مدهشا ان يُسجَن قائد هذه الفرقة الدينية المحبة للخصام في احدى المؤسسات للمتمردين.‏ .‏ .‏ .‏ ان المشكلة المحيِّرة حقا في هذا الخصوص هي ما اذا كان يجب ارسال المدَّعى عليهم الى مستشفى للمجانين او الى سجن.‏»‏

      ◆ «المجلة النقدية نصف الشهرية» لفتت الانتباه الى التعليق في «ايڤننڠ پوست» النيويوركية التي قالت:‏ «نحن واثقون بأن معلِّمي الدين في كل مكان سينتبهون لرأي القاضي هذا ان تعليم ايّ دين غير الدين الذي يتفق تماما مع القوانين التشريعية هو جريمة خطيرة وتكون اكثر خطورة على خادم الانجيل اذا كان مخلصا.‏»‏

      ◆ «القارة» لقَّبت باستخفاف المدَّعى عليهم بـ‍ «أتباع ‹الراعي› الراحل رصل» وحرَّفت معتقداتهم بالقول انهم ادَّعوا «ان الجميع ما عدا الخطاة يجب اعفاؤهم من محاربة قيصر المانيا.‏» وادَّعت انه وفقا للنائب العام في واشنطن،‏ «اشتكت الحكومة الايطالية منذ مدة الى الولايات المتحدة ان رذرفورد وعشراءه .‏ .‏ .‏ نشروا بين الجنود الايطاليين مقدارا من مطبوعات الدعاية ضد الحرب.‏»‏

      ◆ بعد اسبوع نشرت «القرن المسيحي» اغلبية مواد المقالة اعلاه حرفيا،‏ مظهرة انهما على انسجام تام.‏

      ◆ اخبرت المجلة الكاثوليكية «الحق» بإيجاز عن الحكم الذي فُرض ثم عبَّرت عن مشاعر محرريها،‏ قائلة:‏ «ان مطبوعات هذه الجمعية ملآنة بوضوح هجومات خبيثة على الكنيسة الكاثوليكية وكهنوتها.‏» واذ حاولت ان تلصق تهمة «التحريض على الفتنة» بكل مَن يخالف علانية الكنيسة الكاثوليكية،‏ اضافت:‏ «يصير واضحا اكثر فأكثر ان روح التعصب مرتبطة بشكل وثيق بروح التحريض على الفتنة.‏»‏

      ◆ علَّق الدكتور راي ابرامز في كتابه «كارزون يقدِّمون اسلحة»:‏ «عندما وصلت أخبار الحكم بعشرين سنة الى محرري الصحافة الدينية،‏ فإن كل واحدة تقريبا من هذه المطبوعات،‏ كبيرة وصغيرة،‏ تهلَّلت فعلا بالحادث.‏ وكنت عاجزا عن اكتشاف اية كلمات عطف في ايّ من الصحف الدينية التقليدية.‏»‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة