-
الجزء ٣ — شهود الی اقصی الارضشهود يهوه — منادون بملكوت اللّٰه
-
-
الكرازة في اوروپا في وجه اضطهاد زمن الحرب
لأنهم لم يكونوا ليهجروا ايمانهم ويكفّوا عن الكرازة، سُجن آلاف من شهود يهوه في المانيا، بلجيكا، فرنسا، النَّذَرلند، والنمسا او أُرسلوا الى معسكرات الاعتقال النازية. وهناك كانت المعاملة الوحشية امرا يوميا. وأولئك الذين لم يكونوا في السجن بعدُ كانوا يواصلون خدمتهم بحذر. وغالبا ما كانوا يعملون ومعهم مجرد الكتاب المقدس ويعرضون المطبوعات الاخرى فقط عندما يقومون بالزيارات المكررة للاشخاص المهتمين. ولتفادي الاعتقال، كان الشهود يزورون بيتا واحدا في مبنى سكني ثم ينتقلون ربما الى مبنى آخر، او بعد زيارة بيت واحد فقط كانوا يذهبون الى شارع آخر قبل الاقتراب من بيت آخر. ولكنهم لم يكونوا جبناء قط حيال تقديم شهادة.
في ١٢ كانون الاول ١٩٣٦، بعد اشهر قليلة فقط من اعتقال الڠستاپو آلافا من الشهود والاشخاص المهتمين الآخرين في جهد قومي النطاق لايقاف عملهم، شنَّ الشهود انفسهم حملة. فبسرعة البرق وضعوا عشرات الآلاف من النسخ من قرار مطبوع في العلب البريدية وتحت ابواب الناس في كل انحاء المانيا. وهذه كانت تعترض على المعاملة القاسية التي كان يعانيها اخوتهم وأخواتهم المسيحيون. وفي غضون ساعة واحدة بعد الابتداء بالتوزيع، كانت الشرطة تعمل بسرعة محاولة القبض على الموزِّعين، ولكنها لم تلقِ القبض إلا على نحو اثني عشر في البلد بكامله.
صُعق الرسميون من امكانية القيام بحملة كهذه بعد كل ما فعلته الحكومة النازية لقمع العمل. وعلاوة على ذلك، صاروا خائفين من عامة الشعب. ولماذا؟ لأنه عندما ذهبت الشرطة ورسميون آخرون يرتدون بِزَّات رسمية الى البيوت وسألوا عما اذا تسلَّم السكان منشورة كهذه، نفى ذلك معظم الناس. وفي الواقع، لم تتسلَّم غالبيتهم اية منشورة. فكانت قد سُلِّمت نسخ الى بيتين او ثلاثة فقط في كل مبنى. لكنَّ الشرطة لم تكن تعرف ذلك. فاعتقدت ان نسخة تُركت عند كل باب.
خلال الاشهر التي تلت، نفى الرسميون النازيون بكثير من الضجة التهم الموجَّهة في ذلك القرار المطبوع. ولذلك، في ٢٠ حزيران ١٩٣٧، وزَّع الشهود الذين كانوا لا يزالون احرارا رسالة اخرى، رسالة مفتوحة وافرة في تفصيلها عن الاضطهاد، وثيقة سمَّت الرسميين وذكرت التواريخ والاماكن. فكان الخوف عظيما بين الڠستاپو بسبب هذا التشهير وبسبب قدرة الشهود على تحقيق توزيع كهذا.
والاختبارات العديدة لعائلة كوسِرو، من باد ليپْشْپرينڠ، المانيا، اظهرت هذا التصميم عينه على تقديم شهادة. وثمة مثال يشمل ما حدث بعد ان اعدم الحكم النازي ڤيلْهَلْم كوسِرو علنا في مونْسْتر بسبب رفضه المسايرة على ايمانه. فقد ذهبت فورا والدة ڤيلْهَلْم، هيلدا، الى السجن وطلبت بالحاح الجثة من اجل الدفن. قالت لعائلتها: «سنقدِّم شهادة عظيمة للناس الذين يعرفونه.» وفي المأتم قدَّم والد ڤيلْهَلْم، فرانز، صلاة تعبِّر عن الايمان بتدابير يهوه الحبية. وعند المدفن تكلم اخو ڤيلْهَلْم، كارلْهاينْز، بكلمات تعزية من الكتاب المقدس. ولم يذهب ذلك دون عقاب، ولكن بالنسبة اليهم كان الشيء المهم اكرام يهوه بتقديم شهادة عن اسمه وملكوته.
واذ تفاقمت ضغوط زمن الحرب في النَّذَرلند، عدَّل الشهود هناك بحكمة ترتيبات اجتماعاتهم. فكانت هذه تُعقَد الآن في مجرد فرق من عشرة او اقل في بيوت خاصة. وكانت اماكن الاجتماعات تتغير تكرارا. وكل شاهد كان يحضر فقط مع فريقه الخاص، وما من احد كان يبوح بعنوان مكان الدرس، حتى ولا الى صديق موثوق به. وفي ذلك الوقت من التاريخ، حين كانت مجموعات بكاملها من السكان يُجبَرون على ترك بيوتهم نتيجة للحرب، عرف شهود يهوه ان الناس يحتاجون بالحاح الى رسالة التعزية الموجودة فقط في كلمة اللّٰه، وكانوا يخبرون بها بلا خوف. ولكنَّ رسالة من مكتب الفرع ذكَّرت الاخوة بالحذر الذي اعرب عنه يسوع في مناسبات مختلفة عندما واجهه المقاومون. (متى ١٠:١٦؛ ٢٢:١٥-٢٢) ونتيجة لذلك، عندما يلتقون شخصا يُظهر العداء، كانوا يسجِّلون العنوان بدقة لكي تُتَّخَذ احتياطات خصوصية عند العمل في تلك المقاطعة في المستقبل.
في اليونان اختبر عامة الشعب خلال الاحتلال الالماني شدَّة واسعة النطاق. لكنَّ المعاملة الاقسى التي عاناها شهود يهوه اتت نتيجة لتشويه الحقائق الاثيم من قبل رجال دين الكنيسة الارثوذكسية اليونانية، الذين اصرُّوا ان تَتَّخذ الشرطة والمحاكم اجراء ضدهم. فكان كثيرون من الشهود يُسجَنون او يُطرَدون من بلداتهم ويُرسَلون الى قرى نائية او يُحجَزون في ظروف قاسية في جزر قاحلة. ومع ذلك استمروا في الشهادة. (قارنوا اعمال ٨:١، ٤.) وغالبا ما كان ذلك يُنجَز بالتحدث الى الناس في المنتزهات والحدائق العامة، بالجلوس على المقاعد معهم واخبارهم عن ملكوت اللّٰه. وعندما يوجد اهتمام اصيل، كانت تجري اعارة الشخص مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس. وهذه المطبوعة كانت تُسترجَع لاحقا وتُستعمَل مرة بعد اخرى. وكثيرون من محبي الحق كانوا يقبلون بشكر المساعدة التي يقدِّمها الشهود وينضمون اليهم ايضا في اخبار الآخرين بالبشارة، مع ان ذلك جلب عليهم اضطهادا مرّا.
وأحد العوامل المهمة في شجاعة ومثابرة الشهود كان بناءهم بالطعام الروحي. ومع ان مخزونات المطبوعات للتوزيع على الآخرين صارت اخيرا مستنفدة تماما في بعض انحاء اوروپا خلال الحرب، رتَّبوا ان يوزِّعوا في ما بينهم مواد مقوية للايمان كانت قد اعدتها الجمعية ليدرسها شهود يهوه في كل العالم. ورغم المخاطرة بحياتهم، اشترك أُوڠست كرافت، پيتر ڠولز، لوتڤيخ سايْرَنِك، تيريز شْرايبِر، وآخرون كثيرون في اعادة انتاج وتوزيع مواد الدرس التي كانت تُهرَّب الى النمسا من ايطاليا، تشيكوسلوڤاكيا، وسويسرا. وفي النَّذَرلند، ساعد حارس سجن لطيف بجلب كتاب مقدس لآرثر وينكْلِر. وعلى الرغم من كل الاحتياطات التي اتخذها العدو، وصلت مياه حق الكتاب المقدس المنعشة من برج المراقبة حتى الى معسكرات الاعتقال الالمانية ووُزِّعت بين الشهود هناك.
لم يوقف الحجز في السجون ومعسكرات الاعتقال شهود يهوه عن الكينونة شهودا. وعندما كان الرسول بولس في السجن في روما كتب: «أَحتمل المشقات حتى القيود . . . لكنَّ كلمة اللّٰه لا تقيَّد.» (٢ تيموثاوس ٢:٩) وصح الامر نفسه في حالة شهود يهوه في اوروپا خلال الحرب العالمية الثانية. فالحراس كانوا يلاحظون سلوكهم؛ البعض كانوا يطرحون الاسئلة، وقليلون صاروا رفقاء مؤمنين، مع ان ذلك عنى خسارة حريتهم. وسجناء كثيرون ممَّن كانوا محتجَزين مع الشهود اتوا من بلدان مثل روسيا، حيث كان قد أُنجز القليل جدا من الكرازة بالبشارة. وبعد الحرب عاد بعض هؤلاء الى موطنهم كشهود ليهوه، تواقين الى نشر رسالة الملكوت هناك.
ان الاضطهاد الوحشي وآثار الحرب الشاملة لم تقدر ان تحول دون التجميع المنبإ به للناس الى بيت يهوه الروحي العظيم للعبادة. (اشعياء ٢:٢-٤) ومن السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤٥، اظهرت معظم بلدان اوروپا زيادات كبيرة في عدد المشتركين علنا في عبادة كهذه بالمناداة بملكوت اللّٰه. ففي بريطانيا، سويسرا، فرنسا، وفنلندا، اختبر الشهود زيادات تبلغ ١٠٠ في المئة تقريبا. وفي اليونان، كانت هنالك زيادة سبعة اضعاف تقريبا. وفي النَّذَرلند، اثني عشر ضعفا. ولكن بحلول نهاية السنة ١٩٤٥، لم تكن قد اتت تفاصيل بعدُ من المانيا او رومانيا، ولم تصل إلا تقارير ناقصة من عدد من البلدان الاخرى.
خارج اوروپا خلال سنوات الحرب هذه
وفي المشرق ايضا احدثت الحرب العالمية مشقة قاسية لشهود يهوه. ففي اليابان وكوريا اعتُقلوا وأُخضعوا للضرب والتعذيب لأنهم يؤيدون ملكوت اللّٰه ولا يعبدون الامبراطور الياباني. وأخيرا انقطع كل اتصال لهم بالشهود في البلدان الاخرى. وبالنسبة الى كثيرين منهم، كانت الفرصتان الوحيدتان لتقديم شهادة عندما كانوا يُستنطَقون او عند المثول امام محكمة. وبحلول نهاية الحرب، كانت الخدمة العامة لشهود يهوه في هذه البلدان قد توقفت فعلا.
وعندما بلغت الحرب الفيليپين، أُسيئت معاملة الشهود من كلا الطرفين لأنهم لم يدعموا لا اليابانيين ولا قوات المقاومة. ولتجنب احتجازهم ترك كثيرون من الشهود بيوتهم. ولكنهم اذ كانوا يتنقلون من مكان الى مكان، كانوا يكرزون — معيرين المطبوعات عندما يكون بعضها متوافرا، ومستعملين لاحقا الكتاب المقدس فقط. حتى انهم، عندما تراجعت جبهة القتال، حصلوا على عدة مراكب لنقل فرق كبيرة من الشهود الى الجزر حيث كان القليل او لا شيء من الشهادة قد قُدِّم.
ان ما ادَّى الى حظر مطبوعات شهود يهوه في ايار ١٩٤١ في بورما (الآن ميانمار) لم يكن الغزو الياباني وانما الضغط الذي مارسه رجال الدين الانڠليكانيون، المنهجيون، الروم الكاثوليك، والمعمدانيون الاميركيون على الرسميين في المستعمرة. ورأى شاهدان يعملان في مكتب للاتصالات السلكية برقية نبَّهتهم لما سيأتي، فأخرج الاخوة بسرعة المطبوعات من مستودع الجمعية لتفادي مصادرتها. وبُذلت الجهود بعد ذلك لارسال كثير من المطبوعات برّا الى الصين.
في ذلك الوقت كانت الحكومة الاميركية تنقل بالشاحنات كميات كبيرة من المعدات الحربية على طريق بورما لدعم الحكومة الوطنية الصينية. فحاول الاخوة ان يحصلوا على مكان في احدى هذه الشاحنات ولكن جرى صدّهم. وفشلت ايضا الجهود للحصول على مركبة من سنڠافورة. ولكن عندما اقترب مِيك انْڠل، الذي كان مسؤولا عن مستودع الجمعية في رانڠون (الآن يانڠُن)، من رسمي اميركي برتبة عالية، مُنح الاذن في نقل المطبوعات في شاحنات الجيش.
ولكن بعد ذلك عندما اقترب فْرِد پايتن وهكْتُر اوتْس من الضابط الذي يراقب القافلة الذاهبة الى الصين وطلبا مكانا، كاد يغضب! «ماذا؟» صرخ. «كيف يمكنني ان اعطيكما مكانا ثمينا في شاحناتي من اجل كراريسكم التافهة في حين انني لا املك اطلاقا مكانا للمؤن العسكرية والطبية اللازمة بالحاح التي تبلى هنا في العراء؟» فتوقف فْرِد، مدَّ يده الى محفظته، اراه رسالة الترخيص، وأشار الى انه ستكون مسألة خطيرة جدا اذا تجاهل الامر الذي اعطاه الرسميون في رانڠون. فلم يرتِّب مراقب القافلة لنقل طنَّين من الكتب فقط بل وضع تحت تصرف الاخوين شاحنة صغيرة مع سائق ومؤن. فتوجَّها الى الشمال الشرقي على الطريق الجبلي الخطر الى الصين بحمولتهما الثمينة. وبعد الشهادة في باوشان، واصَلا السفر الى تشونڠ كنڠ (باشين). فوُزِّعت خلال السنة التي قضياها في الصين آلاف المطبوعات التي تخبر عن ملكوت يهوه. وكان بين الآخرين الذين شهدا لهم شخصيا شيانڠ كاي شيك، رئيس الحكومة الوطنية الصينية.
وفي هذه الاثناء، اذ اشتد القصف في بورما، غادر جميع الشهود هناك البلد ما عدا ثلاثة، ومعظمهم الى الهند. وبحكم الضرورة كان نشاط الثلاثة الذين بقوا محدودا. ولكنهم استمروا يشهدون بطريقة غير رسمية، فأثمرت جهودهم بعد الحرب.
وفي اميركا الشمالية ايضا واجهت شهود يهوه عقبات صعبة خلال الحرب. فعنف الرعاع الواسع الانتشار وتطبيق القوانين المحلية المخالف للدستور جلبا ضغطا كبيرا على عمل الكرازة. وسُجن الآلاف بسبب اتخاذ موقفهم كمسيحيين محايدين. إلا ان ذلك لم يُبطئ بخدمة الشهود من بيت الى بيت. وعلاوة على ذلك، ابتداء من شباط ١٩٤٠، صارت مألوفة رؤيتهم في الشوارع في المناطق التجارية يقدِّمون برج المراقبة و التعزية (الآن استيقظ!). وصارت غيرتهم اقوى ايضا. ورغم اختبارهم بعض الاضطهادات الاكثر شدة في تلك الناحية من العالم، صار عدد الشهود في الولايات المتحدة وكندا كلتيهما من السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤٥ اكثر من الضعف، وازداد الوقت الذي خصَّصوه لخدمتهم العامة ثلاثة اضعاف.
وفي بلدان كثيرة معروفة بالكومُنْولث البريطاني (في اميركا الشمالية، افريقيا، آسيا، وجزر الكاريبي والپاسيفيك) وُضع إما شهود يهوه او مطبوعاتهم تحت حظر حكومي. وأحد هذه البلدان كان اوستراليا. فالاشعار الرسمي الذي نُشر هناك في ١٧ كانون الثاني ١٩٤١، بأمر من الجنرال الحاكم، جعل اجتماع شهود يهوه للعبادة، توزيع ايٍّ من مطبوعاتهم، او حتى امتلاكها، غير شرعية. وتحت القانون كان ممكنا الاعتراض على الحظر في المحكمة، وهذا ما جرى فعله على الفور. ولكن مرّ اكثر من سنتين قبل ان يعلن حضرة قاضي المحكمة العليا ستارك ان الانظمة التي تأسس عليها الحظر هي «استبدادية، اعتباطية وظالمة.» فرفعت كامل هيئة المحكمة العليا الحظر. وماذا فعل شهود يهوه في هذه الاثناء؟
اقتداء برسل يسوع المسيح، ‹اطاعوا اللّٰه كحاكم اكثر من الناس.› (اعمال ٤:١٩، ٢٠؛ ٥:٢٩) واستمروا في الكرازة. حتى انهم، على الرغم من العقبات العديدة، رتَّبوا لمحفل في منتزه هارْڠْرايڤ، قرب سيدني، في ٢٥-٢٩ كانون الاول ١٩٤١. وعندما رفضت الحكومة تأمين المواصلات بالقطار لبعض المندوبين، جهَّز فريق من اوستراليا الغربية سياراتهم بوحدات منتجة للغاز تعمل بالفحم وبدأوا رحلة عبر البلد استغرقت ١٤ يوما، الامر الذي شمل قضاء اسبوع في عبور سهل نولاربور الصحراوي. فوصلوا بأمان وتمتعوا بالبرنامج مع الستة آلاف مندوب الآخرين. وفي السنة التالية عُقد محفل آخر، ولكن هذه المرة قُسِّم الى ١٥٠ فريقا اصغر في سبع مدن رئيسية عبر البلد، بخطباء يقومون برحلات مكوكية من موقع الى آخر.
واذ كانت الاحوال في اوروپا تتدهور سنة ١٩٣٩، تطوَّع بعض الخدام الفاتحين من شهود يهوه للخدمة في حقول اخرى. (قارنوا متى ١٠:٢٣؛ اعمال ٨:٤.) فأُرسل ثلاثة فاتحين المان من سويسرا الى شَنڠهاي، الصين. وذهب عدد الى اميركا الجنوبية. وبين الذين نُقلوا الى البرازيل كان اوتو اسْتِلْمان، الذي كان يزور ويساعد الجماعات في تشيكوسلوڤاكيا، وأيريخ كاتْنِر، الذي كان يخدم في مكتب جمعية برج المراقبة في پراڠ. وتعيينهما الجديد لم يكن تعيينا سهلا. فقد وجدا في بعض مناطق المزارع ان الشهود ينهضون باكرا ويكرزون حتى الساعة ٠٠:٧ صباحا ثم يقومون بخدمة حقل اضافية حتى وقت متأخر من المساء. ويتذكَّر الاخ كاتْنِر انه اذ كان يتنقل من مكان الى مكان، غالبا ما كان ينام في العراء، مستخدما حقيبة مطبوعاته كوسادة. — قارنوا متى ٨:٢٠.
كان الأخَوان اسْتِلْمان وكاتْنِر كلاهما قد تعرَّضا لملاحقة البوليس السري النازي في اوروپا. فهل حرَّرهما انتقالهما الى البرازيل من الاضطهاد؟ على العكس، فبعد سنة فقط وجدا انفسهما تحت الاقامة الجبرية والحبس المطوَّل بتحريض من رسميين متعاطفين كما يبدو مع النازيين! والمقاومة من رجال الدين الكاثوليك كانت ايضا شائعة، لكنَّ الشهود ثابروا على عملهم المعطى من اللّٰه. فبلغوا بثبات المدن والبلدات في البرازيل حيث لم يكن قد كُرز بعدُ برسالة الملكوت.
ان مراجعة الوضع العالمي تُظهر ان شهود يهوه في غالبية البلدان التي كانوا فيها خلال الحرب العالمية الثانية واجهوا حظرا حكوميا إما على هيئتهم او على مطبوعاتهم. فمع انهم كانوا يكرزون في ١١٧ بلدا في السنة ١٩٣٨، شهدت سنوات الحرب (١٩٣٩-١٩٤٥) حظرا على هيئتهم او مطبوعاتهم، او ترحيلا لخدامهم، في اكثر من ٦٠ من هذه البلدان. وحتى حيث لم يكن هنالك حظر، كانوا يواجهون عنف الرعاع وكانوا يُعتقَلون تكرارا. وعلى الرغم من هذا كله، لم تتوقف الكرازة بالبشارة.
-
-
الجزء ٣ — شهود الی اقصی الارضشهود يهوه — منادون بملكوت اللّٰه
-
-
[الاطار/الصور في الصفحات ٤٥١-٤٥٣]
رفضوا التوقف عن الشهادة على الرغم من السجن
يظهر هنا مجرد قليلين من الآلاف الذين تألموا بسبب ايمانهم في السجون ومعسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية
١- أدريان تومپسون، نيوزيلندا. سُجن سنة ١٩٤١ في اوستراليا؛ رُفض طلبه الاعفاء من الخدمة الالزامية عندما حظرت اوستراليا شهود يهوه. وبعد اطلاق سراحه، كناظر جائل، قوَّى الجماعات في خدمتها العامة. خدم كمرسل وأول ناظر جائل في اليابان بعد الحرب؛ استمر يكرز بغيرة حتى موته في السنة ١٩٧٦.
٢- أَلُويْس موزِر، النمسا. في سبعة سجون ومعسكرات اعتقال. ولا يزال شاهدا نشيطا في السنة ١٩٩٢ بعمر ٩٢ سنة.
٣- فرانز ڤولْفارْت، النمسا. اعدام ابيه وأخيه لم يثنِ عزم فرانز. وُضع في معسكر رولْڤالْت في المانيا خمس سنوات. ولا يزال يشهد في السنة ١٩٩٢ بعمر ٧٠ سنة.
٤- توماس جونز، كندا. سُجن سنة ١٩٤٤، ثم وُضع في معسكرَي عمل الزامي. بعد ٣٤ سنة من الخدمة كامل الوقت، عُيِّن سنة ١٩٧٧ عضوا في لجنة الفرع التي تشرف على عمل الكرازة في كل كندا.
٥- مارِيا هومباخ، المانيا. اعتُقلت تكرارا؛ في حبس انفرادي طوال ثلاث سنوات ونصف. وكساعية بريد، خاطرت بحياتها لاخذ مطبوعات الكتاب المقدس الى الرفقاء الشهود. وهي، في السنة ١٩٩٢، عضو امين في عائلة البتل بعمر ٩٠ سنة.
٦- ماكس وكونْرات فرانكي، المانيا. أب وابن، سُجنا كلاهما تكرارا، ولسنوات عديدة. (زوجة كونْرات، ڠيرتْرُوت، كانت ايضا في السجن.) جميعهم بقوا اولياء، خداما غيورين ليهوه، وكونْرات كان في المقدمة لاعادة بناء عمل كرازة الشهود في المانيا ما بعد الحرب.
٧- پرايس هيوز، انكلترا. حُكم عليه بمدتَي سجن في وورمْوود سْكرَبْس، لندن؛ وكان قد سُجن ايضا بسبب ايمانه خلال الحرب العالمية الاولى. وكان في مقدمة عمل الكرازة بالملكوت في بريطانيا حتى موته في السنة ١٩٧٨.
٨- ادولف وإيما أرنولد مع الابنة سيمون، فرنسا. بعدما سُجن ادولف، واصلت إيما وسيمون الشهادة، وأيضا توزيع المطبوعات على الشهود الآخرين. عندما كانت إيما في السجن، احتُجزت في سجن انفرادي بسبب الشهادة باستمرار للسجينات الاخريات. وأُرسلت سيمون الى مدرسة اصلاحية. الجميع بقوا شهودا غيورين.
٩- أرنست وهيلدْڠارت زايْليڠِر، المانيا. قضيا ما مجموعه اكثر من ٤٠ سنة في السجون ومعسكرات الاعتقال بسبب ايمانهما. وحتى في السجن استمرا في اخبار الآخرين بحقائق الكتاب المقدس. وعندما صارا حرَّين خصَّصا وقتهما الكامل للكرازة بالبشارة. مات الاخ زايْليڠِر خادما وليا للّٰه في السنة ١٩٨٥؛ والاخت زايْليڠِر في السنة ١٩٩٢.
١٠- كارل جونسون، الولايات المتحدة. بعد سنتين من المعمودية، سُجن مع مئات الشهود الآخرين في آشلند، كنتاكي. خدم كفاتح وكناظر دائرة؛ لا يزال في السنة ١٩٩٢ يأخذ القيادة في خدمة الحقل كشيخ.
١١- أُوڠست پيترز، المانيا. اذ أُبعد عن زوجته وأولاده الاربعة، سُجن في ١٩٣٦-١٩٣٧، وأيضا في ١٩٣٧-١٩٤٥. وبعد اطلاق سراحه، بدلا من القيام بمقدار اقل من الكرازة، قام بالمزيد، في الخدمة كامل الوقت. وفي السنة ١٩٩٢، بعمر ٩٩ سنة، كان لا يزال يخدم كعضو في عائلة البتل وكان قد رأى عدد شهود يهوه في المانيا ينمو الى ٠٩٥,١٦٣.
١٢- ڠيرتْرُوت أُتْ، المانيا. سُجنت في لودز، پولندا، ثم في معسكر اعتقال أَوشڤيتس؛ وبعد ذلك في ڠروس-روزِن وبرڠِن-بِلزِن في المانيا. بعد الحرب خدمت بغيرة كمرسلة في إندونيسيا، ايران، ولوكسمبورڠ.
١٣- كاتْسْوو مِيُورا، اليابان. بعد سبع سنوات من اعتقاله وسجنه في هيروشيما، دمَّرت القنبلة الذرية التي خرَّبت المدينة قسما كبيرا من السجن الذي كان محبوسا فيه. لكنَّ الاطباء لم يجدوا دليلا على تضرره من الاشعاع. وقد استخدم السنوات الاخيرة من حياته كفاتح.
١٤- مارتن وڠيرتْرُوت پويتسنڠر، المانيا. بعد شهور قليلة من الزواج، اعتُقلا وفُصل احدهما عن الآخر بالقوة طوال تسع سنوات. فأُرسل مارتن الى داخاو وماوتهاوزن؛ وڠيرتْرُوت الى رَڤنْسْبروك. وعلى الرغم من المعاملة الوحشية، لم يتزعزع ايمانهما. وبعد ان أُطلق سراحهما وقفا كل جهودهما لخدمة يهوه. وطوال ٢٩ سنة خدم كناظر جائل في كل انحاء المانيا؛ ثم كعضو في الهيئة الحاكمة حتى موته في السنة ١٩٨٨. وفي السنة ١٩٩٢، كانت ڠيرتْرُوت لا تزال مبشرة غيورة.
١٥- جيزو وماتسو إيشي، اليابان. بعد توزيع مطبوعات الكتاب المقدس في كل انحاء اليابان طوال عقد، سُجنا. ومع ان عمل شهود يهوه في اليابان كان مسحوقا خلال الحرب، شهد الاخ والاخت إيشي ثانية بغيرة بعد الحرب. وبحلول السنة ١٩٩٢، كانت ماتسو إيشي قد شهدت ازدياد عدد الشهود النشاطى في اليابان الى اكثر من ٠٠٠,١٧١.
١٦- ڤيكتور بروك، لوكسمبورڠ. سُجن في بوكنْوُلد، لوبلين، أَوشڤيتس، ورَڤنْسْبروك. وبعمر ٩٠ سنة، لا يزال نشيطا كشيخ من شهود يهوه.
١٧- كارل شورسْتاين، المانيا. ناظر جائل قبل تولي هتلر السلطة. حُبس ثماني سنوات، ثم قتلته وحدات الحماية SS في داخاو سنة ١٩٤٤. وحتى داخل المعسكر، كان يواصل بناء الآخرين روحيا.
١٨- كيم پونڠ نيو، كوريا. حُبست ست سنوات. ولا تزال بعمر ٧٢ سنة تخبر الآخرين عن ملكوت اللّٰه.
١٩- پامفيل ألبو، رومانيا. بعد اساءة معاملته بوحشية، أُرسل الى معسكر عمل الزامي في يوڠوسلاڤيا لسنتين ونصف. وبعد الحرب سُجن مرتين اضافيتين طوال ١٢ سنة اخرى. ولم يتوقف عن التحدث عن قصد اللّٰه. وقبل موته ساعد الآلاف في رومانيا على الخدمة مع هيئة شهود يهوه العالمية.
٢٠- ڤيلْهَلْم شنايدر، پولندا. في معسكرات الاعتقال النازية ١٩٣٩-١٩٤٥. في السجون الشيوعية ١٩٥٠-١٩٥٦، وأيضا ١٩٦٠-١٩٦٤. حتى موته في السنة ١٩٧١، وقف طاقاته دون تزعزع للمناداة بملكوت اللّٰه.
٢١- هارالت وإلزا آبْت، پولندا. خلال الحرب وبعدها، قضى هارالت ١٤ سنة في السجن ومعسكرات الاعتقال بسبب ايمانه لكنه هناك ايضا استمر يكرز. وأُبعدت إلزا عن ابنتها الطفلة ثم احتُجزت في ستة معسكرات في پولندا، المانيا، والنمسا. وعلى الرغم من الحظر ٤٠ سنة على شهود يهوه في پولندا حتى بعد الحرب، بقوا جميعهم خداما غيورين ليهوه.
٢٢- آدم سينڠر، هنڠاريا. خلال ست محاكمات، حُكم عليه بـ ٢٣ سنة، خدم منها ٢/١ ٨ سنوات في السجن ومعسكرات العمل الالزامي. وعندما صار حرًّا، خدم كناظر جائل طوال ما مجموعه ٣٠ سنة. ولا يزال بعمر ٦٩ سنة شيخا وليا في الجماعة.
٢٣- جوزيف دوس سانتوس، الفيليپين. خصَّص ١٢ سنة كمنادٍ كامل الوقت برسالة الملكوت قبل سجنه في السنة ١٩٤٢. اعاد احياء نشاط شهود يهوه في الفيليپين بعد الحرب واستمر شخصيا في خدمة الفتح حتى موته في السنة ١٩٨٣.
٢٤- رودولف سونَل، الولايات المتحدة. سُجن في مِل پوينت، ڤرجينيا الغربية. بعد اطلاق سراحه خصَّص كامل الوقت لنشر معرفة ملكوت اللّٰه — كفاتح، عضو في عائلة البتل، وناظر دائرة. ولا يزال في السنة ١٩٩٢، بعمر ٧٨ سنة، يخدم كفاتح.
٢٥- مارتن ماڠْياروزي، رومانيا. من السجن، ١٩٤٢-١٩٤٤، استمر يعطي التوجيه في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة في ترانسيلڤانيا. وعندما أُطلق سراحه سافر بشكل واسع ليشجع الرفقاء الشهود في كرازتهم وكان هو نفسه شاهدا شجاعا. سُجن ثانية في السنة ١٩٥٠، ومات خادما وليا ليهوه في معسكر للعمل الالزامي في السنة ١٩٥٣.
٢٦- ر. آرثر ڤنكْلِر، المانيا والنَّذَرلند. أُرسل اولا الى معسكر اعتقال استِرْوَڠِن؛ داوم على الكرازة في المعسكر. ولاحقا، في النَّذَرلند، ضربه الڠستاپو حتى لم تعد معرفته ممكنة. وأخيرا أُرسل الى زاكسنهاوزن. بقي شاهدا وليا غيورا حتى موته في السنة ١٩٧٢.
٢٧- پاك اوكْخي، كوريا. ثلاث سنوات في سجن سوتايمُن، سييول؛ أُخضعت لتعذيب لا يوصَف. وكانت لا تزال بعمر ٩١ سنة، في السنة ١٩٩٢، تشهد بغيرة كفاتحة خصوصية.
-