مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الجزء ٣ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الكرازة في اوروپا في وجه اضطهاد زمن الحرب

      لأنهم لم يكونوا ليهجروا ايمانهم ويكفّوا عن الكرازة،‏ سُجن آلاف من شهود يهوه في المانيا،‏ بلجيكا،‏ فرنسا،‏ النَّذَرلند،‏ والنمسا او أُرسلوا الى معسكرات الاعتقال النازية.‏ وهناك كانت المعاملة الوحشية امرا يوميا.‏ وأولئك الذين لم يكونوا في السجن بعدُ كانوا يواصلون خدمتهم بحذر.‏ وغالبا ما كانوا يعملون ومعهم مجرد الكتاب المقدس ويعرضون المطبوعات الاخرى فقط عندما يقومون بالزيارات المكررة للاشخاص المهتمين.‏ ولتفادي الاعتقال،‏ كان الشهود يزورون بيتا واحدا في مبنى سكني ثم ينتقلون ربما الى مبنى آخر،‏ او بعد زيارة بيت واحد فقط كانوا يذهبون الى شارع آخر قبل الاقتراب من بيت آخر.‏ ولكنهم لم يكونوا جبناء قط حيال تقديم شهادة.‏

      في ١٢ كانون الاول ١٩٣٦،‏ بعد اشهر قليلة فقط من اعتقال الڠستاپو آلافا من الشهود والاشخاص المهتمين الآخرين في جهد قومي النطاق لايقاف عملهم،‏ شنَّ الشهود انفسهم حملة.‏ فبسرعة البرق وضعوا عشرات الآلاف من النسخ من قرار مطبوع في العلب البريدية وتحت ابواب الناس في كل انحاء المانيا.‏ وهذه كانت تعترض على المعاملة القاسية التي كان يعانيها اخوتهم وأخواتهم المسيحيون.‏ وفي غضون ساعة واحدة بعد الابتداء بالتوزيع،‏ كانت الشرطة تعمل بسرعة محاولة القبض على الموزِّعين،‏ ولكنها لم تلقِ القبض إلا على نحو اثني عشر في البلد بكامله.‏

      صُعق الرسميون من امكانية القيام بحملة كهذه بعد كل ما فعلته الحكومة النازية لقمع العمل.‏ وعلاوة على ذلك،‏ صاروا خائفين من عامة الشعب.‏ ولماذا؟‏ لأنه عندما ذهبت الشرطة ورسميون آخرون يرتدون بِزَّات رسمية الى البيوت وسألوا عما اذا تسلَّم السكان منشورة كهذه،‏ نفى ذلك معظم الناس.‏ وفي الواقع،‏ لم تتسلَّم غالبيتهم اية منشورة.‏ فكانت قد سُلِّمت نسخ الى بيتين او ثلاثة فقط في كل مبنى.‏ لكنَّ الشرطة لم تكن تعرف ذلك.‏ فاعتقدت ان نسخة تُركت عند كل باب.‏

      خلال الاشهر التي تلت،‏ نفى الرسميون النازيون بكثير من الضجة التهم الموجَّهة في ذلك القرار المطبوع.‏ ولذلك،‏ في ٢٠ حزيران ١٩٣٧،‏ وزَّع الشهود الذين كانوا لا يزالون احرارا رسالة اخرى،‏ رسالة مفتوحة وافرة في تفصيلها عن الاضطهاد،‏ وثيقة سمَّت الرسميين وذكرت التواريخ والاماكن.‏ فكان الخوف عظيما بين الڠستاپو بسبب هذا التشهير وبسبب قدرة الشهود على تحقيق توزيع كهذا.‏

      والاختبارات العديدة لعائلة كوسِرو،‏ من باد ليپْشْپرينڠ،‏ المانيا،‏ اظهرت هذا التصميم عينه على تقديم شهادة.‏ وثمة مثال يشمل ما حدث بعد ان اعدم الحكم النازي ڤيلْهَلْم كوسِرو علنا في مونْسْتر بسبب رفضه المسايرة على ايمانه.‏ فقد ذهبت فورا والدة ڤيلْهَلْم،‏ هيلدا،‏ الى السجن وطلبت بالحاح الجثة من اجل الدفن.‏ قالت لعائلتها:‏ «سنقدِّم شهادة عظيمة للناس الذين يعرفونه.‏» وفي المأتم قدَّم والد ڤيلْهَلْم،‏ فرانز،‏ صلاة تعبِّر عن الايمان بتدابير يهوه الحبية.‏ وعند المدفن تكلم اخو ڤيلْهَلْم،‏ كارلْهاينْز،‏ بكلمات تعزية من الكتاب المقدس.‏ ولم يذهب ذلك دون عقاب،‏ ولكن بالنسبة اليهم كان الشيء المهم اكرام يهوه بتقديم شهادة عن اسمه وملكوته.‏

      واذ تفاقمت ضغوط زمن الحرب في النَّذَرلند،‏ عدَّل الشهود هناك بحكمة ترتيبات اجتماعاتهم.‏ فكانت هذه تُعقَد الآن في مجرد فرق من عشرة او اقل في بيوت خاصة.‏ وكانت اماكن الاجتماعات تتغير تكرارا.‏ وكل شاهد كان يحضر فقط مع فريقه الخاص،‏ وما من احد كان يبوح بعنوان مكان الدرس،‏ حتى ولا الى صديق موثوق به.‏ وفي ذلك الوقت من التاريخ،‏ حين كانت مجموعات بكاملها من السكان يُجبَرون على ترك بيوتهم نتيجة للحرب،‏ عرف شهود يهوه ان الناس يحتاجون بالحاح الى رسالة التعزية الموجودة فقط في كلمة اللّٰه،‏ وكانوا يخبرون بها بلا خوف.‏ ولكنَّ رسالة من مكتب الفرع ذكَّرت الاخوة بالحذر الذي اعرب عنه يسوع في مناسبات مختلفة عندما واجهه المقاومون.‏ (‏متى ١٠:‏١٦؛‏ ٢٢:‏​١٥-‏٢٢‏)‏ ونتيجة لذلك،‏ عندما يلتقون شخصا يُظهر العداء،‏ كانوا يسجِّلون العنوان بدقة لكي تُتَّخَذ احتياطات خصوصية عند العمل في تلك المقاطعة في المستقبل.‏

      في اليونان اختبر عامة الشعب خلال الاحتلال الالماني شدَّة واسعة النطاق.‏ لكنَّ المعاملة الاقسى التي عاناها شهود يهوه اتت نتيجة لتشويه الحقائق الاثيم من قبل رجال دين الكنيسة الارثوذكسية اليونانية،‏ الذين اصرُّوا ان تَتَّخذ الشرطة والمحاكم اجراء ضدهم.‏ فكان كثيرون من الشهود يُسجَنون او يُطرَدون من بلداتهم ويُرسَلون الى قرى نائية او يُحجَزون في ظروف قاسية في جزر قاحلة.‏ ومع ذلك استمروا في الشهادة.‏ (‏قارنوا اعمال ٨:‏​١،‏ ٤‏.‏)‏ وغالبا ما كان ذلك يُنجَز بالتحدث الى الناس في المنتزهات والحدائق العامة،‏ بالجلوس على المقاعد معهم واخبارهم عن ملكوت اللّٰه.‏ وعندما يوجد اهتمام اصيل،‏ كانت تجري اعارة الشخص مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وهذه المطبوعة كانت تُسترجَع لاحقا وتُستعمَل مرة بعد اخرى.‏ وكثيرون من محبي الحق كانوا يقبلون بشكر المساعدة التي يقدِّمها الشهود وينضمون اليهم ايضا في اخبار الآخرين بالبشارة،‏ مع ان ذلك جلب عليهم اضطهادا مرّا.‏

      وأحد العوامل المهمة في شجاعة ومثابرة الشهود كان بناءهم بالطعام الروحي.‏ ومع ان مخزونات المطبوعات للتوزيع على الآخرين صارت اخيرا مستنفدة تماما في بعض انحاء اوروپا خلال الحرب،‏ رتَّبوا ان يوزِّعوا في ما بينهم مواد مقوية للايمان كانت قد اعدتها الجمعية ليدرسها شهود يهوه في كل العالم.‏ ورغم المخاطرة بحياتهم،‏ اشترك أُوڠست كرافت،‏ پيتر ڠولز،‏ لوتڤيخ سايْرَنِك،‏ تيريز شْرايبِر،‏ وآخرون كثيرون في اعادة انتاج وتوزيع مواد الدرس التي كانت تُهرَّب الى النمسا من ايطاليا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ وسويسرا.‏ وفي النَّذَرلند،‏ ساعد حارس سجن لطيف بجلب كتاب مقدس لآرثر وينكْلِر.‏ وعلى الرغم من كل الاحتياطات التي اتخذها العدو،‏ وصلت مياه حق الكتاب المقدس المنعشة من برج المراقبة حتى الى معسكرات الاعتقال الالمانية ووُزِّعت بين الشهود هناك.‏

      لم يوقف الحجز في السجون ومعسكرات الاعتقال شهود يهوه عن الكينونة شهودا.‏ وعندما كان الرسول بولس في السجن في روما كتب:‏ «أَحتمل المشقات حتى القيود .‏ .‏ .‏ لكنَّ كلمة اللّٰه لا تقيَّد.‏» (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٩‏)‏ وصح الامر نفسه في حالة شهود يهوه في اوروپا خلال الحرب العالمية الثانية.‏ فالحراس كانوا يلاحظون سلوكهم؛‏ البعض كانوا يطرحون الاسئلة،‏ وقليلون صاروا رفقاء مؤمنين،‏ مع ان ذلك عنى خسارة حريتهم.‏ وسجناء كثيرون ممَّن كانوا محتجَزين مع الشهود اتوا من بلدان مثل روسيا،‏ حيث كان قد أُنجز القليل جدا من الكرازة بالبشارة.‏ وبعد الحرب عاد بعض هؤلاء الى موطنهم كشهود ليهوه،‏ تواقين الى نشر رسالة الملكوت هناك.‏

      ان الاضطهاد الوحشي وآثار الحرب الشاملة لم تقدر ان تحول دون التجميع المنبإ به للناس الى بيت يهوه الروحي العظيم للعبادة.‏ (‏اشعياء ٢:‏​٢-‏٤‏)‏ ومن السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤٥،‏ اظهرت معظم بلدان اوروپا زيادات كبيرة في عدد المشتركين علنا في عبادة كهذه بالمناداة بملكوت اللّٰه.‏ ففي بريطانيا،‏ سويسرا،‏ فرنسا،‏ وفنلندا،‏ اختبر الشهود زيادات تبلغ ١٠٠ في المئة تقريبا.‏ وفي اليونان،‏ كانت هنالك زيادة سبعة اضعاف تقريبا.‏ وفي النَّذَرلند،‏ اثني عشر ضعفا.‏ ولكن بحلول نهاية السنة ١٩٤٥،‏ لم تكن قد اتت تفاصيل بعدُ من المانيا او رومانيا،‏ ولم تصل إلا تقارير ناقصة من عدد من البلدان الاخرى.‏

      خارج اوروپا خلال سنوات الحرب هذه

      وفي المشرق ايضا احدثت الحرب العالمية مشقة قاسية لشهود يهوه.‏ ففي اليابان وكوريا اعتُقلوا وأُخضعوا للضرب والتعذيب لأنهم يؤيدون ملكوت اللّٰه ولا يعبدون الامبراطور الياباني.‏ وأخيرا انقطع كل اتصال لهم بالشهود في البلدان الاخرى.‏ وبالنسبة الى كثيرين منهم،‏ كانت الفرصتان الوحيدتان لتقديم شهادة عندما كانوا يُستنطَقون او عند المثول امام محكمة.‏ وبحلول نهاية الحرب،‏ كانت الخدمة العامة لشهود يهوه في هذه البلدان قد توقفت فعلا.‏

      وعندما بلغت الحرب الفيليپين،‏ أُسيئت معاملة الشهود من كلا الطرفين لأنهم لم يدعموا لا اليابانيين ولا قوات المقاومة.‏ ولتجنب احتجازهم ترك كثيرون من الشهود بيوتهم.‏ ولكنهم اذ كانوا يتنقلون من مكان الى مكان،‏ كانوا يكرزون —‏ معيرين المطبوعات عندما يكون بعضها متوافرا،‏ ومستعملين لاحقا الكتاب المقدس فقط.‏ حتى انهم،‏ عندما تراجعت جبهة القتال،‏ حصلوا على عدة مراكب لنقل فرق كبيرة من الشهود الى الجزر حيث كان القليل او لا شيء من الشهادة قد قُدِّم.‏

      ان ما ادَّى الى حظر مطبوعات شهود يهوه في ايار ١٩٤١ في بورما (‏الآن ميانمار)‏ لم يكن الغزو الياباني وانما الضغط الذي مارسه رجال الدين الانڠليكانيون،‏ المنهجيون،‏ الروم الكاثوليك،‏ والمعمدانيون الاميركيون على الرسميين في المستعمرة.‏ ورأى شاهدان يعملان في مكتب للاتصالات السلكية برقية نبَّهتهم لما سيأتي،‏ فأخرج الاخوة بسرعة المطبوعات من مستودع الجمعية لتفادي مصادرتها.‏ وبُذلت الجهود بعد ذلك لارسال كثير من المطبوعات برّا الى الصين.‏

      في ذلك الوقت كانت الحكومة الاميركية تنقل بالشاحنات كميات كبيرة من المعدات الحربية على طريق بورما لدعم الحكومة الوطنية الصينية.‏ فحاول الاخوة ان يحصلوا على مكان في احدى هذه الشاحنات ولكن جرى صدّهم.‏ وفشلت ايضا الجهود للحصول على مركبة من سنڠافورة.‏ ولكن عندما اقترب مِيك انْڠل،‏ الذي كان مسؤولا عن مستودع الجمعية في رانڠون (‏الآن يانڠُن)‏،‏ من رسمي اميركي برتبة عالية،‏ مُنح الاذن في نقل المطبوعات في شاحنات الجيش.‏

      ولكن بعد ذلك عندما اقترب فْرِد پايتن وهكْتُر اوتْس من الضابط الذي يراقب القافلة الذاهبة الى الصين وطلبا مكانا،‏ كاد يغضب!‏ «ماذا؟‏» صرخ.‏ «كيف يمكنني ان اعطيكما مكانا ثمينا في شاحناتي من اجل كراريسكم التافهة في حين انني لا املك اطلاقا مكانا للمؤن العسكرية والطبية اللازمة بالحاح التي تبلى هنا في العراء؟‏» فتوقف فْرِد،‏ مدَّ يده الى محفظته،‏ اراه رسالة الترخيص،‏ وأشار الى انه ستكون مسألة خطيرة جدا اذا تجاهل الامر الذي اعطاه الرسميون في رانڠون.‏ فلم يرتِّب مراقب القافلة لنقل طنَّين من الكتب فقط بل وضع تحت تصرف الاخوين شاحنة صغيرة مع سائق ومؤن.‏ فتوجَّها الى الشمال الشرقي على الطريق الجبلي الخطر الى الصين بحمولتهما الثمينة.‏ وبعد الشهادة في باوشان،‏ واصَلا السفر الى تشونڠ كنڠ (‏باشين)‏.‏ فوُزِّعت خلال السنة التي قضياها في الصين آلاف المطبوعات التي تخبر عن ملكوت يهوه.‏ وكان بين الآخرين الذين شهدا لهم شخصيا شيانڠ كاي شيك،‏ رئيس الحكومة الوطنية الصينية.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ اذ اشتد القصف في بورما،‏ غادر جميع الشهود هناك البلد ما عدا ثلاثة،‏ ومعظمهم الى الهند.‏ وبحكم الضرورة كان نشاط الثلاثة الذين بقوا محدودا.‏ ولكنهم استمروا يشهدون بطريقة غير رسمية،‏ فأثمرت جهودهم بعد الحرب.‏

      وفي اميركا الشمالية ايضا واجهت شهود يهوه عقبات صعبة خلال الحرب.‏ فعنف الرعاع الواسع الانتشار وتطبيق القوانين المحلية المخالف للدستور جلبا ضغطا كبيرا على عمل الكرازة.‏ وسُجن الآلاف بسبب اتخاذ موقفهم كمسيحيين محايدين.‏ إلا ان ذلك لم يُبطئ بخدمة الشهود من بيت الى بيت.‏ وعلاوة على ذلك،‏ ابتداء من شباط ١٩٤٠،‏ صارت مألوفة رؤيتهم في الشوارع في المناطق التجارية يقدِّمون برج المراقبة و التعزية (‏الآن استيقظ!‏‏)‏.‏ وصارت غيرتهم اقوى ايضا.‏ ورغم اختبارهم بعض الاضطهادات الاكثر شدة في تلك الناحية من العالم،‏ صار عدد الشهود في الولايات المتحدة وكندا كلتيهما من السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤٥ اكثر من الضعف،‏ وازداد الوقت الذي خصَّصوه لخدمتهم العامة ثلاثة اضعاف.‏

      وفي بلدان كثيرة معروفة بالكومُنْولث البريطاني (‏في اميركا الشمالية،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ وجزر الكاريبي والپاسيفيك)‏ وُضع إما شهود يهوه او مطبوعاتهم تحت حظر حكومي.‏ وأحد هذه البلدان كان اوستراليا.‏ فالاشعار الرسمي الذي نُشر هناك في ١٧ كانون الثاني ١٩٤١،‏ بأمر من الجنرال الحاكم،‏ جعل اجتماع شهود يهوه للعبادة،‏ توزيع ايٍّ من مطبوعاتهم،‏ او حتى امتلاكها،‏ غير شرعية.‏ وتحت القانون كان ممكنا الاعتراض على الحظر في المحكمة،‏ وهذا ما جرى فعله على الفور.‏ ولكن مرّ اكثر من سنتين قبل ان يعلن حضرة قاضي المحكمة العليا ستارك ان الانظمة التي تأسس عليها الحظر هي «استبدادية،‏ اعتباطية وظالمة.‏» فرفعت كامل هيئة المحكمة العليا الحظر.‏ وماذا فعل شهود يهوه في هذه الاثناء؟‏

      اقتداء برسل يسوع المسيح،‏ ‹اطاعوا اللّٰه كحاكم اكثر من الناس.‏› (‏اعمال ٤:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ ٥:‏٢٩‏)‏ واستمروا في الكرازة.‏ حتى انهم،‏ على الرغم من العقبات العديدة،‏ رتَّبوا لمحفل في منتزه هارْڠْرايڤ،‏ قرب سيدني،‏ في ٢٥-‏٢٩ كانون الاول ١٩٤١.‏ وعندما رفضت الحكومة تأمين المواصلات بالقطار لبعض المندوبين،‏ جهَّز فريق من اوستراليا الغربية سياراتهم بوحدات منتجة للغاز تعمل بالفحم وبدأوا رحلة عبر البلد استغرقت ١٤ يوما،‏ الامر الذي شمل قضاء اسبوع في عبور سهل نولاربور الصحراوي.‏ فوصلوا بأمان وتمتعوا بالبرنامج مع الستة آلاف مندوب الآخرين.‏ وفي السنة التالية عُقد محفل آخر،‏ ولكن هذه المرة قُسِّم الى ١٥٠ فريقا اصغر في سبع مدن رئيسية عبر البلد،‏ بخطباء يقومون برحلات مكوكية من موقع الى آخر.‏

      واذ كانت الاحوال في اوروپا تتدهور سنة ١٩٣٩،‏ تطوَّع بعض الخدام الفاتحين من شهود يهوه للخدمة في حقول اخرى.‏ (‏قارنوا متى ١٠:‏٢٣؛‏ اعمال ٨:‏٤‏.‏)‏ فأُرسل ثلاثة فاتحين المان من سويسرا الى شَنڠهاي،‏ الصين.‏ وذهب عدد الى اميركا الجنوبية.‏ وبين الذين نُقلوا الى البرازيل كان اوتو اسْتِلْمان،‏ الذي كان يزور ويساعد الجماعات في تشيكوسلوڤاكيا،‏ وأيريخ كاتْنِر،‏ الذي كان يخدم في مكتب جمعية برج المراقبة في پراڠ.‏ وتعيينهما الجديد لم يكن تعيينا سهلا.‏ فقد وجدا في بعض مناطق المزارع ان الشهود ينهضون باكرا ويكرزون حتى الساعة ٠٠:‏٧ صباحا ثم يقومون بخدمة حقل اضافية حتى وقت متأخر من المساء.‏ ويتذكَّر الاخ كاتْنِر انه اذ كان يتنقل من مكان الى مكان،‏ غالبا ما كان ينام في العراء،‏ مستخدما حقيبة مطبوعاته كوسادة.‏ —‏ قارنوا متى ٨:‏٢٠‏.‏

      كان الأخَوان اسْتِلْمان وكاتْنِر كلاهما قد تعرَّضا لملاحقة البوليس السري النازي في اوروپا.‏ فهل حرَّرهما انتقالهما الى البرازيل من الاضطهاد؟‏ على العكس،‏ فبعد سنة فقط وجدا انفسهما تحت الاقامة الجبرية والحبس المطوَّل بتحريض من رسميين متعاطفين كما يبدو مع النازيين!‏ والمقاومة من رجال الدين الكاثوليك كانت ايضا شائعة،‏ لكنَّ الشهود ثابروا على عملهم المعطى من اللّٰه.‏ فبلغوا بثبات المدن والبلدات في البرازيل حيث لم يكن قد كُرز بعدُ برسالة الملكوت.‏

      ان مراجعة الوضع العالمي تُظهر ان شهود يهوه في غالبية البلدان التي كانوا فيها خلال الحرب العالمية الثانية واجهوا حظرا حكوميا إما على هيئتهم او على مطبوعاتهم.‏ فمع انهم كانوا يكرزون في ١١٧ بلدا في السنة ١٩٣٨،‏ شهدت سنوات الحرب (‏١٩٣٩-‏١٩٤٥)‏ حظرا على هيئتهم او مطبوعاتهم،‏ او ترحيلا لخدامهم،‏ في اكثر من ٦٠ من هذه البلدان.‏ وحتى حيث لم يكن هنالك حظر،‏ كانوا يواجهون عنف الرعاع وكانوا يُعتقَلون تكرارا.‏ وعلى الرغم من هذا كله،‏ لم تتوقف الكرازة بالبشارة.‏

  • الجزء ٣ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • ‏[الاطار/‏الصور في الصفحات ٤٥١-‏٤٥٣]‏

      رفضوا التوقف عن الشهادة على الرغم من السجن

      يظهر هنا مجرد قليلين من الآلاف الذين تألموا بسبب ايمانهم في السجون ومعسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية

      ١-‏ أدريان تومپسون،‏ نيوزيلندا.‏ سُجن سنة ١٩٤١ في اوستراليا؛‏ رُفض طلبه الاعفاء من الخدمة الالزامية عندما حظرت اوستراليا شهود يهوه.‏ وبعد اطلاق سراحه،‏ كناظر جائل،‏ قوَّى الجماعات في خدمتها العامة.‏ خدم كمرسل وأول ناظر جائل في اليابان بعد الحرب؛‏ استمر يكرز بغيرة حتى موته في السنة ١٩٧٦.‏

      ٢-‏ أَلُويْس موزِر،‏ النمسا.‏ في سبعة سجون ومعسكرات اعتقال.‏ ولا يزال شاهدا نشيطا في السنة ١٩٩٢ بعمر ٩٢ سنة.‏

      ٣-‏ فرانز ڤولْفارْت،‏ النمسا.‏ اعدام ابيه وأخيه لم يثنِ عزم فرانز.‏ وُضع في معسكر رولْڤالْت في المانيا خمس سنوات.‏ ولا يزال يشهد في السنة ١٩٩٢ بعمر ٧٠ سنة.‏

      ٤-‏ توماس جونز،‏ كندا.‏ سُجن سنة ١٩٤٤،‏ ثم وُضع في معسكرَي عمل الزامي.‏ بعد ٣٤ سنة من الخدمة كامل الوقت،‏ عُيِّن سنة ١٩٧٧ عضوا في لجنة الفرع التي تشرف على عمل الكرازة في كل كندا.‏

      ٥-‏ مارِيا هومباخ،‏ المانيا.‏ اعتُقلت تكرارا؛‏ في حبس انفرادي طوال ثلاث سنوات ونصف.‏ وكساعية بريد،‏ خاطرت بحياتها لاخذ مطبوعات الكتاب المقدس الى الرفقاء الشهود.‏ وهي،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ عضو امين في عائلة البتل بعمر ٩٠ سنة.‏

      ٦-‏ ماكس وكونْرات فرانكي،‏ المانيا.‏ أب وابن،‏ سُجنا كلاهما تكرارا،‏ ولسنوات عديدة.‏ (‏زوجة كونْرات،‏ ڠيرتْرُوت،‏ كانت ايضا في السجن.‏)‏ جميعهم بقوا اولياء،‏ خداما غيورين ليهوه،‏ وكونْرات كان في المقدمة لاعادة بناء عمل كرازة الشهود في المانيا ما بعد الحرب.‏

      ٧-‏ پرايس هيوز،‏ انكلترا.‏ حُكم عليه بمدتَي سجن في وورمْوود سْكرَبْس،‏ لندن؛‏ وكان قد سُجن ايضا بسبب ايمانه خلال الحرب العالمية الاولى.‏ وكان في مقدمة عمل الكرازة بالملكوت في بريطانيا حتى موته في السنة ١٩٧٨.‏

      ٨-‏ ادولف وإيما أرنولد مع الابنة سيمون،‏ فرنسا.‏ بعدما سُجن ادولف،‏ واصلت إيما وسيمون الشهادة،‏ وأيضا توزيع المطبوعات على الشهود الآخرين.‏ عندما كانت إيما في السجن،‏ احتُجزت في سجن انفرادي بسبب الشهادة باستمرار للسجينات الاخريات.‏ وأُرسلت سيمون الى مدرسة اصلاحية.‏ الجميع بقوا شهودا غيورين.‏

      ٩-‏ أرنست وهيلدْڠارت زايْليڠِر،‏ المانيا.‏ قضيا ما مجموعه اكثر من ٤٠ سنة في السجون ومعسكرات الاعتقال بسبب ايمانهما.‏ وحتى في السجن استمرا في اخبار الآخرين بحقائق الكتاب المقدس.‏ وعندما صارا حرَّين خصَّصا وقتهما الكامل للكرازة بالبشارة.‏ مات الاخ زايْليڠِر خادما وليا للّٰه في السنة ١٩٨٥؛‏ والاخت زايْليڠِر في السنة ١٩٩٢.‏

      ١٠-‏ كارل جونسون،‏ الولايات المتحدة.‏ بعد سنتين من المعمودية،‏ سُجن مع مئات الشهود الآخرين في آشلند،‏ كنتاكي.‏ خدم كفاتح وكناظر دائرة؛‏ لا يزال في السنة ١٩٩٢ يأخذ القيادة في خدمة الحقل كشيخ.‏

      ١١-‏ أُوڠست پيترز،‏ المانيا.‏ اذ أُبعد عن زوجته وأولاده الاربعة،‏ سُجن في ١٩٣٦-‏١٩٣٧،‏ وأيضا في ١٩٣٧-‏١٩٤٥.‏ وبعد اطلاق سراحه،‏ بدلا من القيام بمقدار اقل من الكرازة،‏ قام بالمزيد،‏ في الخدمة كامل الوقت.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ بعمر ٩٩ سنة،‏ كان لا يزال يخدم كعضو في عائلة البتل وكان قد رأى عدد شهود يهوه في المانيا ينمو الى ٠٩٥‏,١٦٣.‏

      ١٢-‏ ڠيرتْرُوت أُتْ،‏ المانيا.‏ سُجنت في لودز،‏ پولندا،‏ ثم في معسكر اعتقال أَوشڤيتس؛‏ وبعد ذلك في ڠروس-‏روزِن وبرڠِن-‏بِلزِن في المانيا.‏ بعد الحرب خدمت بغيرة كمرسلة في إندونيسيا،‏ ايران،‏ ولوكسمبورڠ.‏

      ١٣-‏ كاتْسْوو مِيُورا،‏ اليابان.‏ بعد سبع سنوات من اعتقاله وسجنه في هيروشيما،‏ دمَّرت القنبلة الذرية التي خرَّبت المدينة قسما كبيرا من السجن الذي كان محبوسا فيه.‏ لكنَّ الاطباء لم يجدوا دليلا على تضرره من الاشعاع.‏ وقد استخدم السنوات الاخيرة من حياته كفاتح.‏

      ١٤-‏ مارتن وڠيرتْرُوت پويتسنڠر،‏ المانيا.‏ بعد شهور قليلة من الزواج،‏ اعتُقلا وفُصل احدهما عن الآخر بالقوة طوال تسع سنوات.‏ فأُرسل مارتن الى داخاو وماوتهاوزن؛‏ وڠيرتْرُوت الى رَڤنْسْبروك.‏ وعلى الرغم من المعاملة الوحشية،‏ لم يتزعزع ايمانهما.‏ وبعد ان أُطلق سراحهما وقفا كل جهودهما لخدمة يهوه.‏ وطوال ٢٩ سنة خدم كناظر جائل في كل انحاء المانيا؛‏ ثم كعضو في الهيئة الحاكمة حتى موته في السنة ١٩٨٨.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كانت ڠيرتْرُوت لا تزال مبشرة غيورة.‏

      ١٥-‏ جيزو وماتسو إيشي،‏ اليابان.‏ بعد توزيع مطبوعات الكتاب المقدس في كل انحاء اليابان طوال عقد،‏ سُجنا.‏ ومع ان عمل شهود يهوه في اليابان كان مسحوقا خلال الحرب،‏ شهد الاخ والاخت إيشي ثانية بغيرة بعد الحرب.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كانت ماتسو إيشي قد شهدت ازدياد عدد الشهود النشاطى في اليابان الى اكثر من ٠٠٠‏,١٧١.‏

      ١٦-‏ ڤيكتور بروك،‏ لوكسمبورڠ.‏ سُجن في بوكنْوُلد،‏ لوبلين،‏ أَوشڤيتس،‏ ورَڤنْسْبروك.‏ وبعمر ٩٠ سنة،‏ لا يزال نشيطا كشيخ من شهود يهوه.‏

      ١٧-‏ كارل شورسْتاين،‏ المانيا.‏ ناظر جائل قبل تولي هتلر السلطة.‏ حُبس ثماني سنوات،‏ ثم قتلته وحدات الحماية SS في داخاو سنة ١٩٤٤.‏ وحتى داخل المعسكر،‏ كان يواصل بناء الآخرين روحيا.‏

      ١٨-‏ كيم پونڠ نيو،‏ كوريا.‏ حُبست ست سنوات.‏ ولا تزال بعمر ٧٢ سنة تخبر الآخرين عن ملكوت اللّٰه.‏

      ١٩-‏ پامفيل ألبو،‏ رومانيا.‏ بعد اساءة معاملته بوحشية،‏ أُرسل الى معسكر عمل الزامي في يوڠوسلاڤيا لسنتين ونصف.‏ وبعد الحرب سُجن مرتين اضافيتين طوال ١٢ سنة اخرى.‏ ولم يتوقف عن التحدث عن قصد اللّٰه.‏ وقبل موته ساعد الآلاف في رومانيا على الخدمة مع هيئة شهود يهوه العالمية.‏

      ٢٠-‏ ڤيلْهَلْم شنايدر،‏ پولندا.‏ في معسكرات الاعتقال النازية ١٩٣٩-‏١٩٤٥.‏ في السجون الشيوعية ١٩٥٠-‏١٩٥٦،‏ وأيضا ١٩٦٠-‏١٩٦٤.‏ حتى موته في السنة ١٩٧١،‏ وقف طاقاته دون تزعزع للمناداة بملكوت اللّٰه.‏

      ٢١-‏ هارالت وإلزا آبْت،‏ پولندا.‏ خلال الحرب وبعدها،‏ قضى هارالت ١٤ سنة في السجن ومعسكرات الاعتقال بسبب ايمانه لكنه هناك ايضا استمر يكرز.‏ وأُبعدت إلزا عن ابنتها الطفلة ثم احتُجزت في ستة معسكرات في پولندا،‏ المانيا،‏ والنمسا.‏ وعلى الرغم من الحظر ٤٠ سنة على شهود يهوه في پولندا حتى بعد الحرب،‏ بقوا جميعهم خداما غيورين ليهوه.‏

      ٢٢-‏ آدم سينڠر،‏ هنڠاريا.‏ خلال ست محاكمات،‏ حُكم عليه بـ‍ ٢٣ سنة،‏ خدم منها ٢/‏١ ٨ سنوات في السجن ومعسكرات العمل الالزامي.‏ وعندما صار حرًّا،‏ خدم كناظر جائل طوال ما مجموعه ٣٠ سنة.‏ ولا يزال بعمر ٦٩ سنة شيخا وليا في الجماعة.‏

      ٢٣-‏ جوزيف دوس سانتوس،‏ الفيليپين.‏ خصَّص ١٢ سنة كمنادٍ كامل الوقت برسالة الملكوت قبل سجنه في السنة ١٩٤٢.‏ اعاد احياء نشاط شهود يهوه في الفيليپين بعد الحرب واستمر شخصيا في خدمة الفتح حتى موته في السنة ١٩٨٣.‏

      ٢٤-‏ رودولف سونَل،‏ الولايات المتحدة.‏ سُجن في مِل پوينت،‏ ڤرجينيا الغربية.‏ بعد اطلاق سراحه خصَّص كامل الوقت لنشر معرفة ملكوت اللّٰه —‏ كفاتح،‏ عضو في عائلة البتل،‏ وناظر دائرة.‏ ولا يزال في السنة ١٩٩٢،‏ بعمر ٧٨ سنة،‏ يخدم كفاتح.‏

      ٢٥-‏ مارتن ماڠْياروزي،‏ رومانيا.‏ من السجن،‏ ١٩٤٢-‏١٩٤٤،‏ استمر يعطي التوجيه في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة في ترانسيلڤانيا.‏ وعندما أُطلق سراحه سافر بشكل واسع ليشجع الرفقاء الشهود في كرازتهم وكان هو نفسه شاهدا شجاعا.‏ سُجن ثانية في السنة ١٩٥٠،‏ ومات خادما وليا ليهوه في معسكر للعمل الالزامي في السنة ١٩٥٣.‏

      ٢٦-‏ ر.‏ آرثر ڤنكْلِر،‏ المانيا والنَّذَرلند.‏ أُرسل اولا الى معسكر اعتقال استِرْوَڠِن؛‏ داوم على الكرازة في المعسكر.‏ ولاحقا،‏ في النَّذَرلند،‏ ضربه الڠستاپو حتى لم تعد معرفته ممكنة.‏ وأخيرا أُرسل الى زاكسنهاوزن.‏ بقي شاهدا وليا غيورا حتى موته في السنة ١٩٧٢.‏

      ٢٧-‏ پاك اوكْخي،‏ كوريا.‏ ثلاث سنوات في سجن سوتايمُن،‏ سييول؛‏ أُخضعت لتعذيب لا يوصَف.‏ وكانت لا تزال بعمر ٩١ سنة،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ تشهد بغيرة كفاتحة خصوصية.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة