-
الحيوانات — هبة من اللّٰهاستيقظ! ٢٠٠٤ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
الحيوانات — هبة من اللّٰه
هل قمت يوما بزيارة حديقة حيوانات او سيرك؟ هل احسست بأنك تريد ان تعانق او تداعب احد الحيوانات الجميلة، كالاسد المهيب او النمر الضخم؟ ربما استولت عليك الدهشة حين رأيت مدرِّب الحيوانات او الشخص الذي يعتني بها يعانقها ويداعبها. وينسجم ذلك مع ما قاله احد كتبة الكتاب المقدس قبل نحو ٠٠٠,٢ سنة: «كل نوع من الوحوش والطيور والزحافات والمخلوقات البحرية يُروَّض، وقد روَّضه الجنس البشري». — يعقوب ٣:٧.
تتجاوب كل الحيوانات مع الرعاية والاهتمام. ويفرح المرء حين يراها تلاعب البشر المحبّين الذين روَّضوها وتتجاوب معهم. وقد تحدَّث الكاتب الروماني پلينيوس، في نفس الفترة تقريبا التي كتب فيها يعقوب سفره، عن ترويض الفيَلة والاسود والنمور والعقبان والتماسيح والافاعي، حتى السمك ايضا.
لكنَّ ترويض الحيوانات وتدجينها يرجع الى ازمنة اقدم بكثير. فقبل يعقوب وپلينيوس بزمن طويل، روَّض المصريون الحيوانات البرية واقتنوها في بيوتهم. واليوم ايضا، فإن الكثير من الحيوانات التي توجد في حدائق الحيوانات يُقتنى في البيوت في بعض البلدان.
اولى العلاقات مع البشر
يذكر الكتاب المقدس، الذي هو اقدم سجل للتاريخ البشري، ان الانسان الاول آدم دعا الحيوانات بأسماء. يقول الكتاب المقدس: «كل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها. فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيورَ السماء وجميع حيوانات البرية». (تكوين ٢:١٩، ٢٠) ويَظهر ان آدم تمعَّن جيدا في خصائص الحيوانات كي يطلق عليها اسما ملائما. لكنه لم يكن بحاجة الى الحماية، حتى من الحيوانات البرية. فقد كانت في سلام معه، وكم تمتع برفقتها دون شك!
امر اللّٰه آدم وزوجته حواء ان يهتمَّا بالحيوانات. فبحسب قصد اللّٰه المعلَن في الكتاب المقدس، كان على البشر ان ‹يتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض›. — تكوين ١:٢٦.
العلاقة الوثيقة تتواصل
عندما يُحسن البشر التسلط على الحيوانات، يمكن ان تنشأ عن ذلك علاقة طيبة. فقد تُعتبر رفقة الحيوان المحبوب عزيزة على القلب، حتى انه قد يُعتبر فردا من افراد العائلة. وبالعودة الى احدى روايات الكتاب المقدس، نجد ان الحال كانت كذلك قبل آلاف السنين. فهذه الرواية تحكي قصة فقير كانت له «نعجة واحدة صغيرة». قال النبي ناثان للملك داود عن النعجة: «تأكل من لقمته [الفقير] وتشرب من كأسه وتنام في حضنه وكانت له كابنة». — ٢ صموئيل ١٢:١-٣، إمالة الحروف لنا.
لا يستغرب كثيرون اليوم فكرة إعزاز الحيوان بشدة الى حد اعتباره فردا من العائلة. وإليك على سبيل المثال عائلة تعيش قرب مدينة هاراري عاصمة زمبابوي. جلب الوالدان لكل واحد من اولادهما كلبا يبقى معه. وعندما كان احد الابناء (بعمر ثماني سنوات تقريبا آنذاك) سائرا في الطريق مع كلبه، سقطت فجأة افعى سامة كبيرة تدعى «ممبة» من شجرة امامه وهجمت عليه. لكنَّ الكلب تدخَّل بسرعة البرق وأنقذ حياة الصبي. هل تتخيل كم صار الكلب عزيزا على قلب العائلة؟
ويكنّ الصُّمّ معزّة خصوصية للكلاب التي تُدرَّب على مساعدتهم. ذكرت احدى النساء: «تسمع توينكي الجرس فتأتي وتُربِّت على رجلي ثم تقودني الى الباب. وبشكل مماثل، عندما تسمع توينكي جرس مؤقِّت الفرن، تركض الي فأتبعها. وتوينكي مدرَّبة ان تلفت انتباهي وتستلقي عند سماعها جرسا ينذر بدخان او حريق إشارةً منها الى خطر محتمَل».
ولا ننسَ العلاقة القوية التي تنشأ بين الاشخاص العمي والكلاب المرشِدة. فمدرِّب الكلاب المرشِدة مايكل توكر، مؤلف كتاب العيون التي تقود (بالانكليزية)، يرى ان الحياة مع كلب مرشِد تفتح عالما جديدا كاملا للعمي، مانحة اياهم «الحرية، الاستقلال، إمكانية التنقل، والرفقة». وكم يبتهج الناظر حين يرى كلبا من هذه الكلاب يساعد صاحبه!
والامر مماثل في حالة الذين يعانون إعاقة اخرى ولديهم كلب يلازمهم. فثمة كلب تملكه امرأة تستخدم كرسيا متحركا جرى تعليمه ان يرفع سمّاعة الهاتف ويلحس الطوابع البريدية! ويستجيب كلب آخر لـ ١٢٠ امرا، حتى انه يجلب علب وأكياس الطعام من الرفوف في السوپرماركت. ويستخدم مالكه المعوَّق اداة تطلق ضوء ليزَر ليشير الى السلع التي يريدها، فيجلبها كلبه له.
وتفيد الحيوانات المدللة المسنين ايضا. فقد ذكر طبيب بيطري ان الحيوانات المدللة، بما فيها الكلاب، «تمنح هدفا ومعنى في وقت غالبا ما يكون فيه المتقدمون في السن غرباء عن المجتمع». وذكرت صحيفة ذا تورونتو ستار: «الحيوانات التي تعيش مع الانسان لها علاقة بخفض الاجهاد والتقليل من زيارة الاطباء، حتى ان لها علاقة بتحسين معدلات بقاء المصابين بنوبات قلبية على قيد الحياة».
وأبدت دائرة المعارف البريطانية الجديدة هذه الملاحظة المثيرة للاهتمام: «يقدِّم امتلاك الحيوانات المدللة فرصة لتعليم الاولاد ان مَن يحظى بشيء يريده عليه تحمل مسؤوليته، ولتعليمهم ايضا شيئا عن الجنس. فسرعان ما تلاحَظ عملية التزاوج، التي تتبعها امور مثل فترات الحمل والمشاكل المتنوعة التي تشملها الولادة والاعتناء بالجراء».
التعلق بالحيوانات المدللة
تتميز الحيوانات بإخلاص شديد يجعل البعض يكنّون لحيواناتهم المدللة محبة اكبر من محبتهم لأفراد عائلتهم. وفي قضايا الطلاق، تدخل احيانا الوصاية على الحيوان المدلل ضمن تقاسُم الاملاك. وقد ادرج البعض اسم حيوانهم المدلل في وصيتهم وجعلوه المستفيد من ثروة طائلة.
ولا عجب ان تزدهر اليوم النشاطات التجارية المتعلقة بالحيوانات المدللة. فهنالك كتب ومجلات متخصصة في تقديم النصائح حول كل ما له علاقة بها. وتدرك المؤسسات التجارية ان بعض الاشخاص لا يترددون في شراء اشياء فاخرة وغالية لحيواناتهم المدللة، لذلك يحرصون على توفير كل ما يرغب فيه هؤلاء الاشخاص.
مثلا، بإمكان المرء ان يستشير اطباء ذوي اختصاصات عالية يعالجون كل انواع الامراض التي تصيب الحيوانات المدللة. وهنالك اطباء نفسانيون للحيوانات المدللة يصفون لها مضادات الاكتئاب. كما يوجد محامون يعالجون القضايا المتعلقة بهذه الحيوانات، بالاضافة الى وكلاء للتأمين على الحيوانات المدللة وخدمات للعناية بشكلها ومدارس لتدريبها. وتقام لها المآتم ايضا. وهنالك مَن يعرض على الناس استنساخ حيواناتهم المدللة، وذلك مقابل مبالغ طائلة بالطبع.
من الواضح ان كثيرين يحبون الحيوانات المدللة. ففي كتاب الافتتان بالحيوانات (بالانكليزية)، ذكرت الدكتورة جونيكا نيوبي: «حين يركض الكلب الينا ويهزّ ذنبه ويلعقنا كما لو ان عودتنا الى البيت هي اروع شيء خلال النهار، من المنطقي ان يسمى ذلك ‹محبة›». ولا يُستغرب ابدا ان يندفع بعض اصحاب الحيوانات المدللة الى مبادلتها هذه «المحبة».
لكنَّ معاملة الحيوان المدلل كإنسان قد يكون لها تأثير سلبي. فالحيوان المدلل لا يستطيع ان يلبي حاجات المرء كما يلبيها الرفقاء البشر. وبالاضافة الى ذلك، يؤدي تكييف الحيوانات المدللة مع حياة المدن الى مشاكل لبعض الحيوانات ولأصحابها. وهذا ما ستتناوله المقالة التالية.
-
-
الحيوانات المدللة — المحافظة على نظرة متزنة اليهااستيقظ! ٢٠٠٤ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
الحيوانات المدللة — المحافظة على نظرة متزنة اليها
ذُكر سابقا ان الانسان أُمر بالاعتناء بالارض وكل الحيوانات عليها. ورد في الكتاب المقدس: «جعلتَ [يا اللّٰه] كل شيء تحت قدميه. الغنم والبقر جميعا وبهائم البَر ايضا. وطيور السماء وسمك البحر». — مزمور ٨:٦-٨؛ ١١٥:١٦.
وتُعلَّق اهمية كبيرة على طريقة إتمام البشر لمسؤوليتهم حيال الحيوانات. قالت كلمة اللّٰه: «الصدِّيق يراعي نفس بهيمته». (امثال ١٢:١٠) وقد شددت الشرائع الالهية مرارا على ضرورة الرفق بالحيوان. (تثنية ٢٢:٤، ١٠؛ ٢٥:٤) وفيما كان الانسان يتمم مسؤوليته هذه، غالبا ما اتخذ من البهائم الاليفة حيوانات مدللة، حتى انه روَّض حيوانات برية وأدخلها الى بيته. — تكوين ١:٢٤.
ولكن يحسن التذكر ان الكتاب المقدس يشدّد على الفرق بين البشر والحيوانات. فالبشر، لا الحيوانات، صُنعوا ‹على صورة اللّٰه كشبهه›. (تكوين ١:٢٦) وفي حين خُلقت الحيوانات لتعيش مدة محدودة، كان يمكن ان يعيش البشر على الارض الى الابد. (تكوين ٣:٢٢، ٢٣؛ مزمور ٣٧:٢٩) وقال يسوع المسيح ان نيل «الحياة الابدية» يستلزم ممارسة الايمان به ونيل المعرفة عن اللّٰه، امران تعجز الحيوانات عن فعلهما. (يوحنا ٣:٣٦؛ ١٧:٣) كما ان الكتاب المقدس يشبِّه الاشخاص الذين لا يستحقون القيامة بـ «الحيوانات غير العاقلة، المولودة طبيعيا لتُمسَك وتُهلَك». — ٢ بطرس ٢:٩-١٢.
وُجدت لخير الانسان
خلق اللّٰه الحيوانات من اجل البشر. فبإمكان الحيوانات ان تساعدهم في عملهم وترافقهم. كما انها تعظّم محبة اللّٰه وحكمته. فمن الممتع ان يتأمل المرء في جمال الحيوانات ويزيد معرفته عن الخالق عن طريق درس حكمتها الغريزية المذهلة. (مزمور ١٠٤:٢٤؛ امثال ٣٠:٢٤-٢٨؛ روما ١:٢٠) وليس عالَم الحشرات إلا مثالا واحدا بين الكثير من الامثلة لامتلاك الحيوانات هذه الحكمة. أفلا تلفت نظرك طريقة تواصل النحل بعضه مع بعض واتّباعه التوجيهات حتى يصل الى اماكن توفُّر الطعام، بالاضافة الى براعته في صنع اقراص الشهد المعقدة؟
تفيد الحيوانات البشر اذ تكون طعاما لهم. صحيح ان اللّٰه قصد في البداية ألا يأكل الانسان سوى النبات، ولكن بعد مرور اكثر من ٦٠٠,١ سنة (بعد الطوفان في ايام نوح)، قال اللّٰه: «كل دابة حية تكون لكم طعاما. كالعشب الاخضر دفعتُ اليكم الجميع». (تكوين ١:٢٩؛ ٩:٣، إمالة الحروف لنا) وهكذا سمح اللّٰه للبشر ان يأكلوا الحيوانات. ومن الواضح ان سماحه بذلك هو لخير الانسان، مع ان اللّٰه لم يُدرج اللحم في البداية ضمن نظام الانسان الغذائي.
مشاكل الحيوانات المدللة اليوم
يبدو ان الحيوانات المدللة نادرا ما أُبقيت داخل المنازل على مر التاريخ، ولا يزال الوضع كذلك في معظم انحاء العالم. ولكن مع انتقال الناس الى المدن واكتسابهم المال الكثير، شاع اقتناء الحيوانات المدللة داخل البيوت. وقد تسبَّب الامر ببعض المشاكل في البلدان المتقدمة.
يقدَّر ان عدد الحيوانات المدللة في العالم هو ٥٠٠ مليون، ويوجد في الولايات المتحدة ما يناهز الـ ٤٠ في المئة منها. ففي ذلك البلد يُقتنى نحو ٥٩ مليون كلب و ٧٥ مليون هرّ كحيوانات مدللة. أما نسبة عدد الحيوانات المدللة الى عدد الأُسر في لندن وپاريس فهي اعلى مما هي عليه في مدينة نيويورك.
قبل سنوات قليلة، استُخدم في پاريس نحو ٧٠ دراجة نارية (أُطلق عليها اسم caninettes) لشفط فضلات الكلاب من ارصفة المشاة. وقُدِّر ان الكلاب الـ ٠٠٠,٢٥٠ تقريبا في پاريس تُنتج ٢٥ طنا من الفضلات يوميا، وأقل من نصف هذه الكمية تلتقطه الدراجات النارية. وذُكر ان مئات الاشخاص كل سنة كانوا يصابون بجروح ويُدخَلون الى المستشفيات بسبب انزلاقهم على فضلات الكلاب.
وهنالك ايضا مشكلة الضجيج. فبعض اصحاب الكلاب يحتملون الضجيج اذا صدر من حيواناتهم المدللة، مع انهم لا يحتملونه ابدا اذا صدر من اناس. وبحسب «منتدى العناية بالحيوانات المدللة»، «يبدو ان اصحاب الكلاب الكثيرة النباح يطوّرون قدرة على تجاهل الضجيج». وفي بعض الحالات، لا يفعل هؤلاء شيئا لإيقاف نباح الكلب، حتى لو كان الصوت يغطي على محادثة مهمة.
من ناحية اخرى، قد يكون الكلب هادئا وسعيدا ما دام صاحبه معه. ولكن عندما يغيب الصاحب، قد يصير الكلب اكبر مصدر لإزعاج الجيران. صحيح ان اصحاب هذه الحيوانات يحبّونها رغم كل عيوبها، ولكن قد لا يكون ذلك شعور الجار الذي يعمل في الليل وينام في النهار، او الامّ التي تحاول جعل طفلها ينام. كما ان سلوك هذه الحيوانات قد يصبح مخرِّبا عندما يصيبها الملل، فتصير سريعة الاغتياظ وعدائية ايضا.
والمشكلة الاخرى التي تعانيها المدن خصوصا هي سرعة تكاثر الحيوانات المدللة. فالتقديرات تشير الى ان ١٧ مليون كلب و ٣٠ مليون هرّ يولدون في الولايات المتحدة كل سنة. وينتهي الامر بملايين منها الى مآوي الحيوانات، حيث يقدَّر ان اربعة ملايين الى ستة ملايين حيوان يُقتل كل سنة في ذلك البلد وحده.
ولماذا تُرسل كل هذه الحيوانات الى المآوي؟ السبب في اغلب الاحيان هو ان محبة المرء للحيوان المدلل لا تدوم طويلا. فالجرو المحبوب والهرّة الصغيرة الجميلة يكبران ويصيران حيوانا كبيرا يحتاج الى الرعاية. ولكن قد لا يملك احد في العائلة الوقت او الصبر ليلعب مع الحيوان المدلل او يدرِّبه. ذكرت الدكتورة جونيكا نيوبي، وهي كاتبة وخبيرة بالحيوانات: «بخلاف الاعتقاد الشائع، تؤكد الدراسات التي أُجريت حول العالم ان نصف الكلاب التي تُجلب الى مآوي الحيوانات ليست كلابا متروكة في الشارع. فأصحاب هذه الكلاب انفسهم يأتون بها لأنهم ما عادوا يتحملون نباحها او تخريبها او نشاطها المفرط».
هذا الوضع يلخصه احد المراجع حول كثرة اعداد الحيوانات المدللة بالقول: «لقد اصبحت المخلوقات الحية اشياء يمكن التخلص منها بسهولة. فهي تُعانَق عندما تكون ظريفة وتُهجَر عندما تصير عبئا. وهذا الاستخفاف بحياة الحيوان يتغلغل في حضارتنا ويقوِّضها».
عوامل هامة تستلزم اخذها في الاعتبار
هنالك عوامل هامة يجب ان يأخذها المرء في الاعتبار اذا اراد اقتناء حيوان مدلل في المدينة. فالحيوانات المدللة المفعمة بالنشاط تحتاج الى تمارين بدنية يومية لتبقى بصحة جيدة. ذكر «الاستطلاع الوطني حول الناس والحيوانات المدللة» في اوستراليا: «السير وممارسة التمارين ضروريان لصحة الكلب البدنية ولإثارة الحوافز الذهنية. والكلاب التي لا تحظى بتمارين كافية قد يصعب ضبطها». ولكن بعد يوم عمل شاق ومتعب، لا يأخذ كثيرون حيواناتهم المدللة في نزهة لتُطلِق كل الطاقة المكبوتة فيها.
لذلك يحسن بمَن يفكرون في اقتناء حيوان مدلل ان يطرحوا على انفسهم هذه الاسئلة: ‹هل سأتمكن من منح هذا الحيوان الرعاية الملائمة؟ هل سأضطر بسبب نمط حياتي الى ترك الحيوان وحده بدون رعاية معظم اليوم؟ هل سيسنح لي الوقت لأخذه في نزهات او اللعب معه؟ اذا كان كلبي بحاجة الى تدريب، فهل انا مستعد لتدريبه او لأخذه الى مدرسة خصوصية؟ وهل سيأخذ اقتنائي حيوانا مدللا من الوقت المخصص للنشاطات الاهمّ؟›.
وثمة عامل آخر ايضا يجب اخذه في الاعتبار هو كلفة اقتناء حيوان مدلل. فقد وجد استطلاع شمل اصحاب حيوانات مدللة ان معدل الكلفة السنوية للعناية الصحية بكلب في الولايات المتحدة بلغ ١٩٦ دولارا اميركيا، و ١٠٤ دولارات في حالة الهررة. وطبعا لا يشمل ذلك الطعام والحاجات اليومية الضرورية الاخرى. كما انه في بعض الاماكن يُلزَم اصحاب الحيوانات بدفع رسوم تسجيل.
امتلاك نظرة متزنة ليس سهلا
لا بد ان خالقنا يسرّ حين نبتهج بمخلوقاته الحيوانية ونُظهر لها الاهتمام الحبي. أفلا توافق انه لا تجوز معاملة الحيوانات بطريقة وحشية؟ لكنَّ البشر لا يمتنعون عن الاساءة بوحشية الى الحيوانات، كالثيران والكلاب والديوك، والتسبب بموتها في المصارعات لمجرد التسلية. والمؤسف ان الناس لا يُظهرون دائما الرفق بالحيوانات كما قصد اللّٰه في البداية.
في المقابل، يُولي بعض الناس الحيوانات المدللة اهتماما اكبر مقارنةً بأمور اخرى اكثر اهمية. وفي الواقع، عندما يتعدى التعلق بالحيوانات حدود المعقول، تصير حياة الحيوانات عند البعض اهمّ حتى من حياة البشر. مثلا، عندما اندلع حريق في مستشفى للحيوانات وتجمَّع اصحابها خارجا، حاول البعض «ان يخرقوا الطوق الذي شكّله رجال الاطفاء وصرخوا قائلين انهم يريدون ان يموتوا مع احبائهم».
لا ننكر طبعا الحزن البالغ وهول الفاجعة اللذين يشعر بهما مَن يرى حيوانا عزيزا يموت. ولكن حتى في هذه الحالة، لا بد من إظهار الاتزان. فكما ذُكر سابقا، لم تُخلق الحيوانات على صورة اللّٰه، ولم تُصنع لتعيش الى الابد مثلما صُنع الانسان. فالكتاب المقدس يقول عن طريقة صنع اللّٰه للبشر: «جعل الابدية في قلبهم»، ولا يقال شيء كهذا عن الحيوانات. — جامعة ٣:١١.
كذلك لا يقول الكتاب المقدس ان قتل الحيوانات امر خاطئ، فهي اليوم مصدر قُوت لملايين الاشخاص. ولكن ماذا عن قتل حيوان مدلل لأنه مثلا مريض ويتألم؟ انه لَقرار صعب ومؤلم دون شك! لكنَّ مَن يحب حيوانه المدلل قد يستنتج ان قتله بطريقة سريعة وغير مؤلمة افضل من إخضاع هذا الرفيق المخلص لعلاج مكلف لن يساهم إلا في إطالة عذابه، وبالأخص اذا كان العلاج يستنزف موارد العائلة المالية.
بما ان اللّٰه يحب خليقته البشرية، أفلا ينبغي ان نحب ونراعي الحيوانات التي ائتمنَنا على رعايتها والاشراف عليها؟ والذين يملكون هذه المحبة تجذبهم في اغلب الاحيان الوعود الرائعة بالعيش مع الحيوانات كما قصد خالقنا من البداية. وستعالج المقالة الختامية من هذه السلسلة هذا الجانب من موضوع الحيوانات المدللة.
-
-
الحيوانات — رفقة ممتعة الى الابداستيقظ! ٢٠٠٤ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
الحيوانات — رفقة ممتعة الى الابد
ما اكثر انواع الحيوانات، وكل نوع ينفرد بخصائص مختلفة! وإذا كان المرء يحبها ويرفق بها، فقد يقرِّبه ذلك الى خالقها. وهذا ما حدث مع ماريا.
قبل ثلاث سنوات تقريبا، عندما كانت ماريا تعيش في مدينة لشبونة الپرتغالية، ضاع كلبها الذي تعزّه كثيرا، فأذاعت عبر احدى محطات الراديو مواصفات الكلب المفقود. فتلقت ماريا اتصالا من امرأة من شهود يهوه كانت متيقنة انها رأت كلبا يطابق المواصفات المذكورة. وبعدما التقتَا ووجدتَا الكلب، ذكرت الشاهدة انه نظرا الى محبة ماريا للحيوانات، لا بد انها ستتمتع بالعيش في العالم الجديد الذي وعد به اللّٰه. وأوضحت الشاهدة ان البشر سيكونون آنذاك في سلام مع كل الحيوانات.
قبلت ماريا الدعوة الى حضور احد اجتماعات شهود يهوه. وما رأته وسمعته هناك اثار اهتمامها جدا حتى انها طلبت ان تدرس الكتاب المقدس. وخلال الدرس، تأثرت ماريا كثيرا بما تعلمته عن يهوه اللّٰه ووعده بحياة ابدية على الارض في عالم جديد بار. (مزمور ٣٧:٢٩؛ يوحنا ١٧:٣) وفي النهاية، رمزت الى انتذارها ليهوه بمعمودية الماء في ١٦ شباط (فبراير) ٢٠٠٢.
قصد اللّٰه الاصلي
مثل ماريا، يفرح كثيرون عندما يقرأون في الكتاب المقدس ان قصد اللّٰه الاصلي، اي عيش البشر الى الابد على ارض فردوسية والاعتناء بكل الحيوانات فيها، سيتمّ لا محالة. (تكوين ١:٢٨) والكتاب المقدس يقول ان اللّٰه «لم يخلق [الارض] باطلا»، بل «للسكن صوَّرها». ولا شك ان البشر خُلقوا ليتمتعوا بالعيش على الارض، بما فيها من حيوانات، الى الابد. — اشعياء ٤٥:١٨.
ويُظهر الكتاب المقدس ايضا ان اللّٰه عازم على اتمام قصده الاصلي بشأن تحويل الارض الى فردوس. فهو يقول: «قد تكلمتُ فأجريه». ويذكر ايضا: «هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع اليَّ فارغة بل تعمل ما سررتُ به وتنجح في ما ارسلتُها له». — اشعياء ٤٦:١١؛ ٥٥:١١.
كان قصد اللّٰه الاصلي ان يتمتع البشر بالعيش في فردوس ارضي الى الابد. ونحن متيقنون ان هذا القصد سيتحقق في النهاية. فلنراجع بعض ما يحتويه الكتاب المقدس من لمحات الى الحياة في عالم اللّٰه الجديد. وسنرى ان جميع الحيوانات، الاليفة والبرية على السواء، ستعيش في سلام بعضها مع بعض ومع البشر ايضا. — اشعياء ٦٥:١٧، ٢١-٢٥؛ ٢ بطرس ٣:١٣.
الحيوانات المدللة في عالم اللّٰه الجديد
في عالم يهوه الجديد، سيتمكن البشر من لمس لُبدة الاسد الكثيفة ومداعبة وبر النمر والنوم في الغابة دون الخوف من ايّ حيوان. لاحظ هذا الوعد الالهي: «أنزع الوحوش الرديئة من الارض فيسكنون [البشر] في البرية مطمئنين وينامون في الوعور». — حزقيال ٣٤:٢٥؛ هوشع ٢:١٨.
نعم، ستخضع الحيوانات البرية آنذاك للبشر، حتى للاولاد الصغار. يقول الكتاب المقدس: «يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمَّن معا وصبي صغير يسوقها».
ولكن ليس هذا كل شيء. فالسجل يمضي قائلا: «البقرة والدبّة ترعيان. تربض اولادهما معا والاسد كالبقر يأكل تبنا. ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على جحر الافعوان. لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر». — اشعياء ١١:٦-٩.
وفي عالم يهوه الجديد، لن تنشأ ثانيةً مشكلة اكتظاظ المدن الكبيرة بحيث يصعب على الناس وحيواناتهم المدللة العيش فيها. صحيح انه حتى في ايامنا يتمتع كثيرون برفقة حيواناتهم ويتصفون بالاتزان في موقفهم ورعايتهم لها، ولكن تخيَّل روعة التمتع برفقة الحيوانات الى الابد في عالم جديد بار! والاهتمام الحبي الذي يُمنح لها سيجلب الاكرام لخالق كل الكائنات الحية!
اذا كنتَ لا تعرف مقاصد اللّٰه الرائعة — مثلما كانت ماريا المُحِبّة للحيوانات — ندعوك الى الاتصال بناشري هذه المجلة او بأحد شهود يهوه. وسيسرّهم ان يساعدوك على تعلم هذه المقاصد.
-