مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الحيوانات —‏ هبة من اللّٰه
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | شباط (‏فبراير)‏ ٢٢
    • الحيوانات —‏ هبة من اللّٰه

      هل قمت يوما بزيارة حديقة حيوانات او سيرك؟‏ هل احسست بأنك تريد ان تعانق او تداعب احد الحيوانات الجميلة،‏ كالاسد المهيب او النمر الضخم؟‏ ربما استولت عليك الدهشة حين رأيت مدرِّب الحيوانات او الشخص الذي يعتني بها يعانقها ويداعبها.‏ وينسجم ذلك مع ما قاله احد كتبة الكتاب المقدس قبل نحو ٠٠٠‏,٢ سنة:‏ «كل نوع من الوحوش والطيور والزحافات والمخلوقات البحرية يُروَّض،‏ وقد روَّضه الجنس البشري».‏ —‏ يعقوب ٣:‏٧‏.‏

      تتجاوب كل الحيوانات مع الرعاية والاهتمام.‏ ويفرح المرء حين يراها تلاعب البشر المحبّين الذين روَّضوها وتتجاوب معهم.‏ وقد تحدَّث الكاتب الروماني پلينيوس،‏ في نفس الفترة تقريبا التي كتب فيها يعقوب سفره،‏ عن ترويض الفيَلة والاسود والنمور والعقبان والتماسيح والافاعي،‏ حتى السمك ايضا.‏

      لكنَّ ترويض الحيوانات وتدجينها يرجع الى ازمنة اقدم بكثير.‏ فقبل يعقوب وپلينيوس بزمن طويل،‏ روَّض المصريون الحيوانات البرية واقتنوها في بيوتهم.‏ واليوم ايضا،‏ فإن الكثير من الحيوانات التي توجد في حدائق الحيوانات يُقتنى في البيوت في بعض البلدان.‏

      اولى العلاقات مع البشر

      يذكر الكتاب المقدس،‏ الذي هو اقدم سجل للتاريخ البشري،‏ ان الانسان الاول آدم دعا الحيوانات بأسماء.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «كل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها.‏ فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيورَ السماء وجميع حيوانات البرية».‏ (‏تكوين ٢:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ ويَظهر ان آدم تمعَّن جيدا في خصائص الحيوانات كي يطلق عليها اسما ملائما.‏ لكنه لم يكن بحاجة الى الحماية،‏ حتى من الحيوانات البرية.‏ فقد كانت في سلام معه،‏ وكم تمتع برفقتها دون شك!‏

      امر اللّٰه آدم وزوجته حواء ان يهتمَّا بالحيوانات.‏ فبحسب قصد اللّٰه المعلَن في الكتاب المقدس،‏ كان على البشر ان ‹يتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض›.‏ —‏ تكوين ١:‏٢٦‏.‏

      العلاقة الوثيقة تتواصل

      عندما يُحسن البشر التسلط على الحيوانات،‏ يمكن ان تنشأ عن ذلك علاقة طيبة.‏ فقد تُعتبر رفقة الحيوان المحبوب عزيزة على القلب،‏ حتى انه قد يُعتبر فردا من افراد العائلة.‏ وبالعودة الى احدى روايات الكتاب المقدس،‏ نجد ان الحال كانت كذلك قبل آلاف السنين.‏ فهذه الرواية تحكي قصة فقير كانت له «نعجة واحدة صغيرة».‏ قال النبي ناثان للملك داود عن النعجة:‏ «تأكل من لقمته [الفقير] وتشرب من كأسه وتنام في حضنه وكانت له كابنة».‏ —‏ ٢ صموئيل ١٢:‏١-‏٣‏،‏ إمالة الحروف لنا.‏

      لا يستغرب كثيرون اليوم فكرة إعزاز الحيوان بشدة الى حد اعتباره فردا من العائلة.‏ وإليك على سبيل المثال عائلة تعيش قرب مدينة هاراري عاصمة زمبابوي.‏ جلب الوالدان لكل واحد من اولادهما كلبا يبقى معه.‏ وعندما كان احد الابناء (‏بعمر ثماني سنوات تقريبا آنذاك)‏ سائرا في الطريق مع كلبه،‏ سقطت فجأة افعى سامة كبيرة تدعى «ممبة» من شجرة امامه وهجمت عليه.‏ لكنَّ الكلب تدخَّل بسرعة البرق وأنقذ حياة الصبي.‏ هل تتخيل كم صار الكلب عزيزا على قلب العائلة؟‏

      ويكنّ الصُّمّ معزّة خصوصية للكلاب التي تُدرَّب على مساعدتهم.‏ ذكرت احدى النساء:‏ «تسمع توينكي الجرس فتأتي وتُربِّت على رجلي ثم تقودني الى الباب.‏ وبشكل مماثل،‏ عندما تسمع توينكي جرس مؤقِّت الفرن،‏ تركض الي فأتبعها.‏ وتوينكي مدرَّبة ان تلفت انتباهي وتستلقي عند سماعها جرسا ينذر بدخان او حريق إشارةً منها الى خطر محتمَل».‏

      ولا ننسَ العلاقة القوية التي تنشأ بين الاشخاص العمي والكلاب المرشِدة.‏ فمدرِّب الكلاب المرشِدة مايكل توكر،‏ مؤلف كتاب العيون التي تقود (‏بالانكليزية)‏،‏ يرى ان الحياة مع كلب مرشِد تفتح عالما جديدا كاملا للعمي،‏ مانحة اياهم «الحرية،‏ الاستقلال،‏ إمكانية التنقل،‏ والرفقة».‏ وكم يبتهج الناظر حين يرى كلبا من هذه الكلاب يساعد صاحبه!‏

      والامر مماثل في حالة الذين يعانون إعاقة اخرى ولديهم كلب يلازمهم.‏ فثمة كلب تملكه امرأة تستخدم كرسيا متحركا جرى تعليمه ان يرفع سمّاعة الهاتف ويلحس الطوابع البريدية!‏ ويستجيب كلب آخر لـ‍ ١٢٠ امرا،‏ حتى انه يجلب علب وأكياس الطعام من الرفوف في السوپرماركت.‏ ويستخدم مالكه المعوَّق اداة تطلق ضوء ليزَر ليشير الى السلع التي يريدها،‏ فيجلبها كلبه له.‏

      وتفيد الحيوانات المدللة المسنين ايضا.‏ فقد ذكر طبيب بيطري ان الحيوانات المدللة،‏ بما فيها الكلاب،‏ «تمنح هدفا ومعنى في وقت غالبا ما يكون فيه المتقدمون في السن غرباء عن المجتمع».‏ وذكرت صحيفة ذا تورونتو ستار:‏ «الحيوانات التي تعيش مع الانسان لها علاقة بخفض الاجهاد والتقليل من زيارة الاطباء،‏ حتى ان لها علاقة بتحسين معدلات بقاء المصابين بنوبات قلبية على قيد الحياة».‏

      وأبدت دائرة المعارف البريطانية الجديدة هذه الملاحظة المثيرة للاهتمام:‏ «يقدِّم امتلاك الحيوانات المدللة فرصة لتعليم الاولاد ان مَن يحظى بشيء يريده عليه تحمل مسؤوليته،‏ ولتعليمهم ايضا شيئا عن الجنس.‏ فسرعان ما تلاحَظ عملية التزاوج،‏ التي تتبعها امور مثل فترات الحمل والمشاكل المتنوعة التي تشملها الولادة والاعتناء بالجراء».‏

      التعلق بالحيوانات المدللة

      تتميز الحيوانات بإخلاص شديد يجعل البعض يكنّون لحيواناتهم المدللة محبة اكبر من محبتهم لأفراد عائلتهم.‏ وفي قضايا الطلاق،‏ تدخل احيانا الوصاية على الحيوان المدلل ضمن تقاسُم الاملاك.‏ وقد ادرج البعض اسم حيوانهم المدلل في وصيتهم وجعلوه المستفيد من ثروة طائلة.‏

      ولا عجب ان تزدهر اليوم النشاطات التجارية المتعلقة بالحيوانات المدللة.‏ فهنالك كتب ومجلات متخصصة في تقديم النصائح حول كل ما له علاقة بها.‏ وتدرك المؤسسات التجارية ان بعض الاشخاص لا يترددون في شراء اشياء فاخرة وغالية لحيواناتهم المدللة،‏ لذلك يحرصون على توفير كل ما يرغب فيه هؤلاء الاشخاص.‏

      مثلا،‏ بإمكان المرء ان يستشير اطباء ذوي اختصاصات عالية يعالجون كل انواع الامراض التي تصيب الحيوانات المدللة.‏ وهنالك اطباء نفسانيون للحيوانات المدللة يصفون لها مضادات الاكتئاب.‏ كما يوجد محامون يعالجون القضايا المتعلقة بهذه الحيوانات،‏ بالاضافة الى وكلاء للتأمين على الحيوانات المدللة وخدمات للعناية بشكلها ومدارس لتدريبها.‏ وتقام لها المآ‌تم ايضا.‏ وهنالك مَن يعرض على الناس استنساخ حيواناتهم المدللة،‏ وذلك مقابل مبالغ طائلة بالطبع.‏

      من الواضح ان كثيرين يحبون الحيوانات المدللة.‏ ففي كتاب الافتتان بالحيوانات (‏بالانكليزية)‏،‏ ذكرت الدكتورة جونيكا نيوبي:‏ «حين يركض الكلب الينا ويهزّ ذنبه ويلعقنا كما لو ان عودتنا الى البيت هي اروع شيء خلال النهار،‏ من المنطقي ان يسمى ذلك ‹محبة›».‏ ولا يُستغرب ابدا ان يندفع بعض اصحاب الحيوانات المدللة الى مبادلتها هذه «المحبة».‏

      لكنَّ معاملة الحيوان المدلل كإنسان قد يكون لها تأثير سلبي.‏ فالحيوان المدلل لا يستطيع ان يلبي حاجات المرء كما يلبيها الرفقاء البشر.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يؤدي تكييف الحيوانات المدللة مع حياة المدن الى مشاكل لبعض الحيوانات ولأصحابها.‏ وهذا ما ستتناوله المقالة التالية.‏

  • الحيوانات المدللة —‏ المحافظة على نظرة متزنة اليها
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | شباط (‏فبراير)‏ ٢٢
    • الحيوانات المدللة —‏ المحافظة على نظرة متزنة اليها

      ذُكر سابقا ان الانسان أُمر بالاعتناء بالارض وكل الحيوانات عليها.‏ ورد في الكتاب المقدس:‏ «جعلتَ [يا اللّٰه] كل شيء تحت قدميه.‏ الغنم والبقر جميعا وبهائم البَر ايضا.‏ وطيور السماء وسمك البحر».‏ —‏ مزمور ٨:‏٦-‏٨؛‏ ١١٥:‏١٦‏.‏

      وتُعلَّق اهمية كبيرة على طريقة إتمام البشر لمسؤوليتهم حيال الحيوانات.‏ قالت كلمة اللّٰه:‏ «الصدِّيق يراعي نفس بهيمته».‏ (‏امثال ١٢:‏١٠‏)‏ وقد شددت الشرائع الالهية مرارا على ضرورة الرفق بالحيوان.‏ (‏تثنية ٢٢:‏٤،‏ ١٠؛‏ ٢٥:‏٤‏)‏ وفيما كان الانسان يتمم مسؤوليته هذه،‏ غالبا ما اتخذ من البهائم الاليفة حيوانات مدللة،‏ حتى انه روَّض حيوانات برية وأدخلها الى بيته.‏ —‏ تكوين ١:‏٢٤‏.‏

      ولكن يحسن التذكر ان الكتاب المقدس يشدّد على الفرق بين البشر والحيوانات.‏ فالبشر،‏ لا الحيوانات،‏ صُنعوا ‹على صورة اللّٰه كشبهه›.‏ (‏تكوين ١:‏٢٦‏)‏ وفي حين خُلقت الحيوانات لتعيش مدة محدودة،‏ كان يمكن ان يعيش البشر على الارض الى الابد.‏ (‏تكوين ٣:‏٢٢،‏ ٢٣؛‏ مزمور ٣٧:‏٢٩‏)‏ وقال يسوع المسيح ان نيل «الحياة الابدية» يستلزم ممارسة الايمان به ونيل المعرفة عن اللّٰه،‏ امران تعجز الحيوانات عن فعلهما.‏ (‏يوحنا ٣:‏٣٦؛‏ ١٧:‏٣‏)‏ كما ان الكتاب المقدس يشبِّه الاشخاص الذين لا يستحقون القيامة بـ‍ «الحيوانات غير العاقلة،‏ المولودة طبيعيا لتُمسَك وتُهلَك».‏ —‏ ٢ بطرس ٢:‏٩-‏١٢‏.‏

      وُجدت لخير الانسان

      خلق اللّٰه الحيوانات من اجل البشر.‏ فبإمكان الحيوانات ان تساعدهم في عملهم وترافقهم.‏ كما انها تعظّم محبة اللّٰه وحكمته.‏ فمن الممتع ان يتأمل المرء في جمال الحيوانات ويزيد معرفته عن الخالق عن طريق درس حكمتها الغريزية المذهلة.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏٢٤؛‏ امثال ٣٠:‏٢٤-‏٢٨؛‏ روما ١:‏٢٠‏)‏ وليس عالَم الحشرات إلا مثالا واحدا بين الكثير من الامثلة لامتلاك الحيوانات هذه الحكمة.‏ أفلا تلفت نظرك طريقة تواصل النحل بعضه مع بعض واتّباعه التوجيهات حتى يصل الى اماكن توفُّر الطعام،‏ بالاضافة الى براعته في صنع اقراص الشهد المعقدة؟‏

      تفيد الحيوانات البشر اذ تكون طعاما لهم.‏ صحيح ان اللّٰه قصد في البداية ألا يأكل الانسان سوى النبات،‏ ولكن بعد مرور اكثر من ٦٠٠‏,١ سنة (‏بعد الطوفان في ايام نوح)‏،‏ قال اللّٰه:‏ «كل دابة حية تكون لكم طعاما.‏ كالعشب الاخضر دفعتُ اليكم الجميع».‏ (‏تكوين ١:‏٢٩؛‏ ٩:‏٣‏،‏ إمالة الحروف لنا)‏ وهكذا سمح اللّٰه للبشر ان يأكلوا الحيوانات.‏ ومن الواضح ان سماحه بذلك هو لخير الانسان،‏ مع ان اللّٰه لم يُدرج اللحم في البداية ضمن نظام الانسان الغذائي.‏

      مشاكل الحيوانات المدللة اليوم

      يبدو ان الحيوانات المدللة نادرا ما أُبقيت داخل المنازل على مر التاريخ،‏ ولا يزال الوضع كذلك في معظم انحاء العالم.‏ ولكن مع انتقال الناس الى المدن واكتسابهم المال الكثير،‏ شاع اقتناء الحيوانات المدللة داخل البيوت.‏ وقد تسبَّب الامر ببعض المشاكل في البلدان المتقدمة.‏

      يقدَّر ان عدد الحيوانات المدللة في العالم هو ٥٠٠ مليون،‏ ويوجد في الولايات المتحدة ما يناهز الـ‍ ٤٠ في المئة منها.‏ ففي ذلك البلد يُقتنى نحو ٥٩ مليون كلب و ٧٥ مليون هرّ كحيوانات مدللة.‏ أما نسبة عدد الحيوانات المدللة الى عدد الأُسر في لندن وپاريس فهي اعلى مما هي عليه في مدينة نيويورك.‏

      قبل سنوات قليلة،‏ استُخدم في پاريس نحو ٧٠ دراجة نارية (‏أُطلق عليها اسم caninettes)‏ لشفط فضلات الكلاب من ارصفة المشاة.‏ وقُدِّر ان الكلاب الـ‍ ٠٠٠‏,٢٥٠ تقريبا في پاريس تُنتج ٢٥ طنا من الفضلات يوميا،‏ وأقل من نصف هذه الكمية تلتقطه الدراجات النارية.‏ وذُكر ان مئات الاشخاص كل سنة كانوا يصابون بجروح ويُدخَلون الى المستشفيات بسبب انزلاقهم على فضلات الكلاب.‏

      وهنالك ايضا مشكلة الضجيج.‏ فبعض اصحاب الكلاب يحتملون الضجيج اذا صدر من حيواناتهم المدللة،‏ مع انهم لا يحتملونه ابدا اذا صدر من اناس.‏ وبحسب «منتدى العناية بالحيوانات المدللة»،‏ «يبدو ان اصحاب الكلاب الكثيرة النباح يطوّرون قدرة على تجاهل الضجيج».‏ وفي بعض الحالات،‏ لا يفعل هؤلاء شيئا لإيقاف نباح الكلب،‏ حتى لو كان الصوت يغطي على محادثة مهمة.‏

      من ناحية اخرى،‏ قد يكون الكلب هادئا وسعيدا ما دام صاحبه معه.‏ ولكن عندما يغيب الصاحب،‏ قد يصير الكلب اكبر مصدر لإزعاج الجيران.‏ صحيح ان اصحاب هذه الحيوانات يحبّونها رغم كل عيوبها،‏ ولكن قد لا يكون ذلك شعور الجار الذي يعمل في الليل وينام في النهار،‏ او الامّ التي تحاول جعل طفلها ينام.‏ كما ان سلوك هذه الحيوانات قد يصبح مخرِّبا عندما يصيبها الملل،‏ فتصير سريعة الاغتياظ وعدائية ايضا.‏

      والمشكلة الاخرى التي تعانيها المدن خصوصا هي سرعة تكاثر الحيوانات المدللة.‏ فالتقديرات تشير الى ان ١٧ مليون كلب و ٣٠ مليون هرّ يولدون في الولايات المتحدة كل سنة.‏ وينتهي الامر بملايين منها الى مآ‌وي الحيوانات،‏ حيث يقدَّر ان اربعة ملايين الى ستة ملايين حيوان يُقتل كل سنة في ذلك البلد وحده.‏

      ولماذا تُرسل كل هذه الحيوانات الى المآ‌وي؟‏ السبب في اغلب الاحيان هو ان محبة المرء للحيوان المدلل لا تدوم طويلا.‏ فالجرو المحبوب والهرّة الصغيرة الجميلة يكبران ويصيران حيوانا كبيرا يحتاج الى الرعاية.‏ ولكن قد لا يملك احد في العائلة الوقت او الصبر ليلعب مع الحيوان المدلل او يدرِّبه.‏ ذكرت الدكتورة جونيكا نيوبي،‏ وهي كاتبة وخبيرة بالحيوانات:‏ «بخلاف الاعتقاد الشائع،‏ تؤكد الدراسات التي أُجريت حول العالم ان نصف الكلاب التي تُجلب الى مآ‌وي الحيوانات ليست كلابا متروكة في الشارع.‏ فأصحاب هذه الكلاب انفسهم يأتون بها لأنهم ما عادوا يتحملون نباحها او تخريبها او نشاطها المفرط».‏

      هذا الوضع يلخصه احد المراجع حول كثرة اعداد الحيوانات المدللة بالقول:‏ «لقد اصبحت المخلوقات الحية اشياء يمكن التخلص منها بسهولة.‏ فهي تُعانَق عندما تكون ظريفة وتُهجَر عندما تصير عبئا.‏ وهذا الاستخفاف بحياة الحيوان يتغلغل في حضارتنا ويقوِّضها».‏

      عوامل هامة تستلزم اخذها في الاعتبار

      هنالك عوامل هامة يجب ان يأخذها المرء في الاعتبار اذا اراد اقتناء حيوان مدلل في المدينة.‏ فالحيوانات المدللة المفعمة بالنشاط تحتاج الى تمارين بدنية يومية لتبقى بصحة جيدة.‏ ذكر «الاستطلاع الوطني حول الناس والحيوانات المدللة» في اوستراليا:‏ «السير وممارسة التمارين ضروريان لصحة الكلب البدنية ولإثارة الحوافز الذهنية.‏ والكلاب التي لا تحظى بتمارين كافية قد يصعب ضبطها».‏ ولكن بعد يوم عمل شاق ومتعب،‏ لا يأخذ كثيرون حيواناتهم المدللة في نزهة لتُطلِق كل الطاقة المكبوتة فيها.‏

      لذلك يحسن بمَن يفكرون في اقتناء حيوان مدلل ان يطرحوا على انفسهم هذه الاسئلة:‏ ‹هل سأتمكن من منح هذا الحيوان الرعاية الملائمة؟‏ هل سأضطر بسبب نمط حياتي الى ترك الحيوان وحده بدون رعاية معظم اليوم؟‏ هل سيسنح لي الوقت لأخذه في نزهات او اللعب معه؟‏ اذا كان كلبي بحاجة الى تدريب،‏ فهل انا مستعد لتدريبه او لأخذه الى مدرسة خصوصية؟‏ وهل سيأخذ اقتنائي حيوانا مدللا من الوقت المخصص للنشاطات الاهمّ؟‏›.‏

      وثمة عامل آخر ايضا يجب اخذه في الاعتبار هو كلفة اقتناء حيوان مدلل.‏ فقد وجد استطلاع شمل اصحاب حيوانات مدللة ان معدل الكلفة السنوية للعناية الصحية بكلب في الولايات المتحدة بلغ ١٩٦ دولارا اميركيا،‏ و ١٠٤ دولارات في حالة الهررة.‏ وطبعا لا يشمل ذلك الطعام والحاجات اليومية الضرورية الاخرى.‏ كما انه في بعض الاماكن يُلزَم اصحاب الحيوانات بدفع رسوم تسجيل.‏

      امتلاك نظرة متزنة ليس سهلا

      لا بد ان خالقنا يسرّ حين نبتهج بمخلوقاته الحيوانية ونُظهر لها الاهتمام الحبي.‏ أفلا توافق انه لا تجوز معاملة الحيوانات بطريقة وحشية؟‏ لكنَّ البشر لا يمتنعون عن الاساءة بوحشية الى الحيوانات،‏ كالثيران والكلاب والديوك،‏ والتسبب بموتها في المصارعات لمجرد التسلية.‏ والمؤسف ان الناس لا يُظهرون دائما الرفق بالحيوانات كما قصد اللّٰه في البداية.‏

      في المقابل،‏ يُولي بعض الناس الحيوانات المدللة اهتماما اكبر مقارنةً بأمور اخرى اكثر اهمية.‏ وفي الواقع،‏ عندما يتعدى التعلق بالحيوانات حدود المعقول،‏ تصير حياة الحيوانات عند البعض اهمّ حتى من حياة البشر.‏ مثلا،‏ عندما اندلع حريق في مستشفى للحيوانات وتجمَّع اصحابها خارجا،‏ حاول البعض «ان يخرقوا الطوق الذي شكّله رجال الاطفاء وصرخوا قائلين انهم يريدون ان يموتوا مع احبائهم».‏

      لا ننكر طبعا الحزن البالغ وهول الفاجعة اللذين يشعر بهما مَن يرى حيوانا عزيزا يموت.‏ ولكن حتى في هذه الحالة،‏ لا بد من إظهار الاتزان.‏ فكما ذُكر سابقا،‏ لم تُخلق الحيوانات على صورة اللّٰه،‏ ولم تُصنع لتعيش الى الابد مثلما صُنع الانسان.‏ فالكتاب المقدس يقول عن طريقة صنع اللّٰه للبشر:‏ «جعل الابدية في قلبهم»،‏ ولا يقال شيء كهذا عن الحيوانات.‏ —‏ جامعة ٣:‏١١‏.‏

      كذلك لا يقول الكتاب المقدس ان قتل الحيوانات امر خاطئ،‏ فهي اليوم مصدر قُوت لملايين الاشخاص.‏ ولكن ماذا عن قتل حيوان مدلل لأنه مثلا مريض ويتألم؟‏ انه لَقرار صعب ومؤلم دون شك!‏ لكنَّ مَن يحب حيوانه المدلل قد يستنتج ان قتله بطريقة سريعة وغير مؤلمة افضل من إخضاع هذا الرفيق المخلص لعلاج مكلف لن يساهم إلا في إطالة عذابه،‏ وبالأخص اذا كان العلاج يستنزف موارد العائلة المالية.‏

      بما ان اللّٰه يحب خليقته البشرية،‏ أفلا ينبغي ان نحب ونراعي الحيوانات التي ائتمنَنا على رعايتها والاشراف عليها؟‏ والذين يملكون هذه المحبة تجذبهم في اغلب الاحيان الوعود الرائعة بالعيش مع الحيوانات كما قصد خالقنا من البداية.‏ وستعالج المقالة الختامية من هذه السلسلة هذا الجانب من موضوع الحيوانات المدللة.‏

  • الحيوانات —‏ رفقة ممتعة الى الابد
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | شباط (‏فبراير)‏ ٢٢
    • الحيوانات —‏ رفقة ممتعة الى الابد

      ما اكثر انواع الحيوانات،‏ وكل نوع ينفرد بخصائص مختلفة!‏ وإذا كان المرء يحبها ويرفق بها،‏ فقد يقرِّبه ذلك الى خالقها.‏ وهذا ما حدث مع ماريا.‏

      قبل ثلاث سنوات تقريبا،‏ عندما كانت ماريا تعيش في مدينة لشبونة الپرتغالية،‏ ضاع كلبها الذي تعزّه كثيرا،‏ فأذاعت عبر احدى محطات الراديو مواصفات الكلب المفقود.‏ فتلقت ماريا اتصالا من امرأة من شهود يهوه كانت متيقنة انها رأت كلبا يطابق المواصفات المذكورة.‏ وبعدما التقتَا ووجدتَا الكلب،‏ ذكرت الشاهدة انه نظرا الى محبة ماريا للحيوانات،‏ لا بد انها ستتمتع بالعيش في العالم الجديد الذي وعد به اللّٰه.‏ وأوضحت الشاهدة ان البشر سيكونون آنذاك في سلام مع كل الحيوانات.‏

      قبلت ماريا الدعوة الى حضور احد اجتماعات شهود يهوه.‏ وما رأته وسمعته هناك اثار اهتمامها جدا حتى انها طلبت ان تدرس الكتاب المقدس.‏ وخلال الدرس،‏ تأثرت ماريا كثيرا بما تعلمته عن يهوه اللّٰه ووعده بحياة ابدية على الارض في عالم جديد بار.‏ (‏مزمور ٣٧:‏٢٩؛‏ يوحنا ١٧:‏٣‏)‏ وفي النهاية،‏ رمزت الى انتذارها ليهوه بمعمودية الماء في ١٦ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠٢.‏

      قصد اللّٰه الاصلي

      مثل ماريا،‏ يفرح كثيرون عندما يقرأون في الكتاب المقدس ان قصد اللّٰه الاصلي،‏ اي عيش البشر الى الابد على ارض فردوسية والاعتناء بكل الحيوانات فيها،‏ سيتمّ لا محالة.‏ (‏تكوين ١:‏٢٨‏)‏ والكتاب المقدس يقول ان اللّٰه «لم يخلق [الارض] باطلا»،‏ بل «للسكن صوَّرها».‏ ولا شك ان البشر خُلقوا ليتمتعوا بالعيش على الارض،‏ بما فيها من حيوانات،‏ الى الابد.‏ —‏ اشعياء ٤٥:‏١٨‏.‏

      ويُظهر الكتاب المقدس ايضا ان اللّٰه عازم على اتمام قصده الاصلي بشأن تحويل الارض الى فردوس.‏ فهو يقول:‏ «قد تكلمتُ فأجريه».‏ ويذكر ايضا:‏ «هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي.‏ لا ترجع اليَّ فارغة بل تعمل ما سررتُ به وتنجح في ما ارسلتُها له».‏ —‏ اشعياء ٤٦:‏١١؛‏ ٥٥:‏١١‏.‏

      كان قصد اللّٰه الاصلي ان يتمتع البشر بالعيش في فردوس ارضي الى الابد.‏ ونحن متيقنون ان هذا القصد سيتحقق في النهاية.‏ فلنراجع بعض ما يحتويه الكتاب المقدس من لمحات الى الحياة في عالم اللّٰه الجديد.‏ وسنرى ان جميع الحيوانات،‏ الاليفة والبرية على السواء،‏ ستعيش في سلام بعضها مع بعض ومع البشر ايضا.‏ —‏ اشعياء ٦٥:‏١٧،‏ ٢١-‏٢٥؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

      الحيوانات المدللة في عالم اللّٰه الجديد

      في عالم يهوه الجديد،‏ سيتمكن البشر من لمس لُبدة الاسد الكثيفة ومداعبة وبر النمر والنوم في الغابة دون الخوف من ايّ حيوان.‏ لاحظ هذا الوعد الالهي:‏ «أنزع الوحوش الرديئة من الارض فيسكنون [البشر] في البرية مطمئنين وينامون في الوعور».‏ —‏ حزقيال ٣٤:‏٢٥؛‏ هوشع ٢:‏١٨‏.‏

      نعم،‏ ستخضع الحيوانات البرية آنذاك للبشر،‏ حتى للاولاد الصغار.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمَّن معا وصبي صغير يسوقها».‏

      ولكن ليس هذا كل شيء.‏ فالسجل يمضي قائلا:‏ «البقرة والدبّة ترعيان.‏ تربض اولادهما معا والاسد كالبقر يأكل تبنا.‏ ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على جحر الافعوان.‏ لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر».‏ —‏ اشعياء ١١:‏٦-‏٩‏.‏

      وفي عالم يهوه الجديد،‏ لن تنشأ ثانيةً مشكلة اكتظاظ المدن الكبيرة بحيث يصعب على الناس وحيواناتهم المدللة العيش فيها.‏ صحيح انه حتى في ايامنا يتمتع كثيرون برفقة حيواناتهم ويتصفون بالاتزان في موقفهم ورعايتهم لها،‏ ولكن تخيَّل روعة التمتع برفقة الحيوانات الى الابد في عالم جديد بار!‏ والاهتمام الحبي الذي يُمنح لها سيجلب الاكرام لخالق كل الكائنات الحية!‏

      اذا كنتَ لا تعرف مقاصد اللّٰه الرائعة —‏ مثلما كانت ماريا المُحِبّة للحيوانات —‏ ندعوك الى الاتصال بناشري هذه المجلة او بأحد شهود يهوه.‏ وسيسرّهم ان يساعدوك على تعلم هذه المقاصد.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة