-
التصميم العجيب للاشياء الحيةالحياة — كيف وصلت الى هنا؟ بالتطوّر ام بالخلق؟
-
-
المشارَكات
١٢ ما هو التعايش، وما هي بعض الأمثلة؟
١٢ توجد حالات عديدة حيث يبدو ان عضويتين صُمِّمتا للعيش معًا. ومِثل هذه المشارَكات امثلة للتعايش symbiosis. فثمة انواع معيَّنة من التين والزنابير يحتاج احدها الى الآخر لكي يتكاثر. والأرَض يأكل الخشب ولكنه يحتاج الى الحيوانات الأوالي protozoa التي في اجسامه لكي يهضمه. وبطريقة مماثلة، لا يمكن للمواشي والماعز والجِمال ان تهضم السلِّيلوز في العشب دون مساعدة الجراثيم والحيوانات الأوالي التي تعيش داخلها. يقول احد التقارير: «ان الجزء من معدة البقرة الذي يتمّ فيه هذا الهضم يسَع حوالي ١٠٠ كوارت — ويحتوي على ١٠ بلايين عضوية مجهرية في كل قَطْرة.»١١ وتَقترن الطحالب بالفُطْريَّات فتصبح أشنات lichens. وحينئذ فقط تتمكن من النموّ على الصخور الجرداء لتبدأ بتحويل الصخور الى تُربة.
١٣ اية اسئلة تثيرها المشارَكة بين النمل اللادغ وشجر السَّنْط؟
١٣ يعيش النمل اللادغ في الشوك المجوَّف لشجر السَّنْط. فيُبقِي الحشرات آكلة الأوراق بعيدًا عن الشجرة ويقطع ويقتل النبات المُعتَرِش الذي يحاول تسلُّق الشجرة. والشجرة بدورها تفرز سائلا سُكَّريًّا يتلذذ به النمل، وتُنتِج ايضًا ثمارا كاذبة صغيرة تخدم كطعام للنمل. فهل قامت النملة اوَّلا بحماية الشجرة ثم كافأتها الشجرة بالثمار؟ ام ان الشجرة صنعت الثمار من اجل النملة فشكرتها النملة بعدئذ بتقديم الحماية؟ ام ان كل ذلك حدث بالصدفة في آن واحد؟
١٤ اية تدابير وآليات خصوصية تستخدمها الزهور لجذب الحشرات من اجل التلقيح؟
١٤ وتوجد حالات عديدة لمثل هذا التعاون بين الحشرات والزهور. فالحشرات تلقِّح الزهور، والزهور بدورها تُطعِم الحشرات لَقاحًا ورحيقًا. وتُنتِج بعض الزهور نوعين من اللَّقاح. واحد يُخصِب البذور، والآخر عقيم ولكنه يُطعم الحشرات الزائرة. ولدى زهور كثيرة علامات وروائح خصوصية لتُرشد الحشرات الى الرحيق. وفي طريقها تلقِّح الحشراتُ الزهرة. ولبعض الزهور آليات زناد. وعندما تلمس الحشرات الزناد تضربها المآبِر المحتوية على اللَّقاح.
١٥ كيف تضمن زهرة غليون الهولندي التلقيح، وأي سؤالين يثيرهما ذلك؟
١٥ مثلا، ان زهرة غليون الهولندي لا يمكنها تلقيح نفسها بل تحتاج الى ان تَحمل لها الحشرات اللَّقاح من زهرة اخرى. وللنبتة ورقة اسطوانية تحيط بزهرتها، وهذه الورقة مطليَّة بالشمع. والحشرات، اذ تجذبها رائحة الزهرة، تهبط على الورقة فتسقط عبر المَزْلق الى تجويف في القعر. وهناك تتلقَّى المياسم الناضجة اللَّقاح الذي حملته الحشرات، فيتمّ التلقيح. غير ان الشُّعيرات والجوانب المشمَّعة تحبس الحشرات هناك لمدة ثلاثة ايام اخرى. ولَقاح الزَّهرة الخاص بعد ذلك ينضج ويُغبِّر الحشرات. وحينئذ فقط تذبل الشُّعيرات وينحنِي المَزْلق المشمَّع الى ان يستوي. فتخرج الحشرات ومعها مخزونها الجديد من اللَّقاح وتطير الى زهرة اخرى لغليون الهولندي لتلقِّحها. والحشرات لا تعترض على زيارتها لثلاثة ايام، لانها تتمتع بوليمة من الرحيق المخزون لها هناك. فهل حدث كل ذلك بالصدفة؟ ام ان ذلك حدث بتصميم ذكي؟
١٦ كيف تتلقَّح بعض سَحلبيَّات الـ أُفْرِيس وسحلب السطل؟
١٦ وبعض اصناف سَحلبيَّات الـ أُفْرِيس Ophrys لها على بَتَلاتها صورة لأُنثى الزنبور، كاملة بعينين، زُبانَيَين وأجنحة. حتى انها تطلق رائحة أُنثى في حالة تزاوج! فيأتي الذَّكَر للتزاوج، ولكنه يلقِّح الزهرة فقط. وثمة سحلب آخر، سحلب السطل، له رحيق مختمر يجعل النحلة تترنح على اقدامها؛ فتنزلق الى سطل من السائل والوسيلة الوحيدة للخروج هي ان تشق طريقها متلوِّية تحت عود يغبِّر النحلة باللَّقاح.
«مصانع» الطبيعة
١٧ كيف تعمل الاوراق والجذور معا في تغذية النباتات؟
١٧ ان الاوراق الخضراء للنباتات تُطعم العالَم، بطريقة مباشرة او غير مباشرة. ولكنها لا تستطيع القيام بعملها دون مساعدة الجذور البالغة الصغر. فملايين الجُذَيرات — كل رأس جذر مزوَّدٌ بغطاء واق، وكل غطاء مزلَّقٌ بزيت — تشقّ طريقها عبر التُّربة. وشُعَيرات الجذور وراء الغطاء المُزيَّت تمتص الماء والمواد المعدنية، التي تصعد الى الاوراق في قنوات صغيرة جدًّا في خَشب النُّسْغ. وفي الاوراق تُصنَع مواد سُكَّرية وحموض أمينية، وهذه المواد المغذِّية تُرسَل الى كل الشجرة والى الجذور.
١٨ (أ) كيف يصِل الماء من الجذور الى الاوراق، وماذا يُظهر ان هذا النظام اكثر من كافٍ؟ (ب) ما هو النَّتْح، وكيف يساهم في دورة الماء؟
١٨ ان بعض اوجه النظام الدَّوَراني للاشجار والنباتات مذهل جدًّا حتى ان كثيرين من العلماء يعتبرونه أُعجوبة تقريبا. اولا، كيف يُضَخّ الماء الى ارتفاع مئتي قدم او ثلاثمئة قدم فوق الارض؟ يُبدئ ضغط الجذور دفع الماء، ولكنَّ المهمة تتولَّاها آليَّة اخرى في الساق. ان جُزَيئات الماء تتحد بالتماسُك cohesion. وبسبب هذا التماسُك، اذ يتبخَّر الماء من الاوراق ترتفع اعمدة الماء الدقيقة كحبال — حبال تمتد من الجذور الى الاوراق، وتصعد بسرعة تصل الى ٢٠٠ قدم في الساعة. ويقال ان هذا النظام يمكن ان يرفع الماء في شجرة ارتفاعها حوالي ميلين! واذ يتبخَّر الماء الزائد من الاوراق (ويُدعى ذلك عملية النَّتْح transpiration) تعود الى الهواء بلايين الأطنان من الماء في دورة، لتسقط مرةً اخرى كمطر — نظام كامل التصميم!
١٩ اية خدمة حيوية تؤدِّيها المشارَكة بين بعض الجذور وجراثيم معيَّنة؟
١٩ وهنالك المزيد. فالاوراق تحتاج الى النِّتْرات او النِّتْريت من الارض لصنع الحموض الأمينية الاساسية. وبعض الكَمِّيات يوضع في التُّربة بواسطة البرق وبعض الجراثيم الطليقة العيش. ومركَّبات النِّتروجين تتشكل ايضا بكَمِّيات وافية بواسطة البقول — نباتات مِثل البازِلّا، البِرسيم، الفاصولياء، والفِصفِصة. فبعض الجراثيم يدخل في جذورها، فتزوِّد الجذورُ الجراثيمَ بالكربوهيدرات، والجراثيم تغيِّر، او تثبِّت، النِّتروجين من التُّربة الى نِتْرات ونِتْريت صالحَين للاستعمال، منتجةً حوالي ٢٠٠ پاوند للأكر كل سنة.
٢٠ (أ) ماذا يفعل التخليق الضوئي، اين يحدث، ومَن يفهم العملية؟ (ب) كيف ينظر اليه احد علماء الاحياء؟ (ج) ماذا يمكن ان تدعى النباتات الخضراء، كيف تمتاز، وأي سؤالين هما ملائمان؟
٢٠ وهنالك المزيد ايضًا. فالاوراق الخضراء تأخذ الطاقة من الشمس، ثاني أُكسيد الكربون من الهواء، والماء من جذور النباتات لتَصنع السكَّر وتطلق الاكسجين. والعملية تسمَّى التخليق الضوئي، وهي تَحدث في اجسام خلوية تدعى جُبَيلات الكلوروفيل chloroplasts — صغيرة جدًّا حتى ان ٠٠٠,٤٠٠ يمكن ان تسَعها النقطة في نهاية هذه الجملة. والعلماء لا يفهمون العملية كاملا. «يشتمل التخليق الضوئي على حوالي سبعين تفاعلا كيميائيًّا منفصلا،» قال احد علماء الاحياء. «انه حقًّا حدث أُعجوبي.»١٢ لقد دُعِيَت النباتات الخضراء «مصانع» الطبيعة — جميلة، هادئة، غير ملوِّثة، تُنتج الاكسجين، تعيد الماء في دورة وتُطعم العالَم. فهل حدثت بمجرد الصدفة؟ وهل يمكن تصديق ذلك حقًّا؟
-
-
التصميم العجيب للاشياء الحيةالحياة — كيف وصلت الى هنا؟ بالتطوّر ام بالخلق؟
-
-
[الاطار/الصور في الصفحتين ١٤٨ و ١٤٩]
التصاميم العجيبة للبزور
بزور ناضجة وجاهزة للانطلاق
ان تنوُّعا من التصاميم البارعة يرسل البزور في طريقها! فبزور السَّحلبيَّة orchid خفيفة جدًّا بحيث تُحمَل كالغبار. أما بزور الهِندِباء البَرِّية dandelion فمجهَّزة بمظلَّات هبوط. ولدى بزور القَيقَب maple اجنحة وهي تُرفرِف كالفَراش. وبعض النباتات المائية تزوِّد بزورها بعوَّامات مليئة بالهواء تمكِّنها من الإبحار.
لبعض النباتات قرون تتفتَّح بحركة خاطفة فتقذف البزور خارجًا. أما البزور الزلقة لنبتة المشترِكة witch hazel فيُضغَط عليها اولا، ثم تُطلَق من الثمرة، كبزور البطيخ الاحمر التي يَدسُرها الاولاد من بين الإبهام والسَّبَّابة. وقِثَّاء الحِمار squirting cucumber يستخدم هندسة السوائل. فاذ ينمو تغدو القشرة غليظة من الداخل، ويصير وسط السائل تحت ضغط متزايد، وما ان تنضج البزور حتى يكون الضغط كبيرا جدًّا بحيث يُطلق الساقَ فجأةً كالفلِّينة من زجاجة، فتُقذف البزور.
[الصور]
الهِندِباء البَرِّية
القَيقَب
قِثَّاء الحِمار
بزور تَقيس مقدار سقوط الامطار
لدى بعض النبات الحَوليّ في الصحراء بزور ترفض ان تنمو حتى يسقط نصف إنش من المطر او اكثر. ويبدو ايضًا انه يعرف الاتِّجاه الذي يأتي منه الماء — ينمو اذا سقط المطر من اعلى، ولكنه لا ينمو اذا تبلَّل من اسفل. ففي التُّربة توجد املاح تمنع البزور من النمو. وإزالة هذه الأملاح تحتاج الى المطر من اعلى. ولا يستطيع الماء المبلِّل من اسفل ان يفعل ذلك.
اذا اخذ هذا النبات الحَوليّ في النمو في الصحراء بعد مجرد طلّ خفيف فانه يموت. فيلزم وابل شديد ليُغدق الرطوبة الكافية على التُّربة لإنقاذ النبات من فترات الجفاف اللاحقة. ولذلك فهو ينتظره. صدفة — ام تصميم؟
عملاق في صُرَّة بالغة الصغر
احدى البزور الأصغر حجمًا تجمَع في داخلها اكبر شيء حيّ على الارض — شجرة السَّكويَة العملاقة. فهي تكبر الى ارتفاع يزيد على ٣٠٠ قدم. وقطرها فوق الارض بأربع اقدام يمكن ان يكون ٣٦ قدما. والخشب في شجرة واحدة يمكن ان يكفي لبناء ٥٠ بيتًا من ست حجرات. ولِحاؤها الذي سُمكه قدمان مطيَّب بالتَّنين tannin الذي يطرد الحشرات، وتركيبه الإسفنجي الليفي يُكسبه مناعةً ضد الحريق تقارب مناعة الأسبَستوس. وتغطي جذورها ثلاثة او اربعة أكرات. وهي تعيش اكثر من ٠٠٠,٣ سنة.
ومع ذلك، فالبزور التي تمطرها شجرة السَّكويَة بالملايين ليست اكبر بكثير من رأس دبّوس محاط بأجنحة بالغة الصغر. والانسان الصغير الواقف عند اسفل السَّكويَة، لا يَسَعه إلا ان يُحَدِّق الى فوق الى عظمتها الجبَّارة متعجِّبًا صامتًا. فهل يُعقل الاعتقاد بأن تشكيل هذا العملاق المَهيب والبزرة البالغة الصغر التي تحويه لم يكن بتصميم؟
-