مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • حين يكون الفقر مدقعا
    برج المراقبة ٢٠١١ | ١ حزيران (‏يونيو)‏
    • حين يكون الفقر مدقعا

      حين يكون الفقر مدقعا،‏ تدخل الحياة دائرة الخطر.‏ فالفقير المعدم يعوزه الطعام والماء والوقود،‏ وكذلك السكن الملائم والرعاية الصحية والتعليم.‏ وهذا الوضع المزري يعيشه بليون شخص،‏ اي قرابة عدد سكان قارة افريقيا.‏ الا ان اغلبية الناس في اماكن مثل اوروبا الغربية وأميركا الشمالية لم يلتقوا قط شخصا يسحقه الفقر والحرمان.‏ فلنتعرف معا ببعض هؤلاء المساكين.‏

      إمباروشيما رجل يعيش في رواندا بإفريقيا مع زوجته وأولاده الخمسة بعدما حرمته الملاريا من ابنه السادس.‏ يقول:‏ «قسّم ابي ارضه الى ست حصص.‏ وحصتي كانت جدّ صغيرة بحيث اضطررت ان انزح مع عائلتي الى احدى المدن حيث اعمل انا وزوجتي في نقل اكياس الحجارة والرمل.‏ ونحن نسكن في بيت خالٍ من النوافذ ونستقي الماء من بئر عند مركز الشرطة.‏ وفي الغالب،‏ نسدّ رمقنا بوجبة واحدة.‏ ولكن حين نتعطّل عن العمل،‏ تبقى معدتنا خاوية طيلة اليوم.‏ وعندما نمرّ بحالات كهذه،‏ اغادر البيت لأني لا اتحمل سماع اولادي يبكون من الجوع».‏

      بيكتور وكارمن إسكافيان يقطنان قرية منعزلة في بوليفيا مع اولادهما الخمسة.‏ وبيتهما كناية عن غرفة واحدة مستأجرة في مبنى خرب مصنوع من اللِّبن.‏ وهي مسقوفة بصفائح التنك التي ترشح ماء،‏ هذا عدا عن افتقارها الى الكهرباء.‏ ومدرسة القرية تغص بالتلاميذ،‏ ما اضطر بيكتور الى صنع مقعد لابنته كي تتمكن من الحضور.‏ علاوة على ذلك،‏ يمشي هذان الزوجان عشرة كيلومترات ليقطّعوا الحطب اللازم لطهو الطعام وغلي ماء الشرب.‏ تذكر كارمن:‏ «ليس لدينا مرحاض،‏ لذا نقضي حاجتنا قرب النهر الذي نستخدمه ايضا للاستحمام والتخلص من الفضلات.‏ جراء ذلك،‏ غالبا ما يقع اولادنا فريسة المرض».‏

      فرنسيسكو وإيليديا يعيشان في احد ارياف موزمبيق.‏ وقد خسرا ولدا من اولادهما الخمسة الصغار بمرض الملاريا بعدما رفض احد المستشفيات ان يقدم له العلاج.‏ ويزرع الزوجان الارزّ والبطاطا الحلوة في ارضهما الصغيرة لتأمين لقمة العيش مدة ثلاثة اشهر.‏ يخبر فرنسيسكو:‏ «احيانا ينحبس المطر او يسطو اللصوص على المحصول،‏ لذا اروح اقطّع وأبيع الخيزران المستخدم في البناء مقابل حفنة من المال.‏ كما نمشي انا وزوجتي ساعتين كي نجمع الحطب من الغابة.‏ فيجلب كل منا حِملا،‏ واحدا نبيعه وآخر نستعمله للطهو على مدار الاسبوع».‏

      يشعر كثيرون ان لمن الاجحاف والظلم ان يعيش ١ من كل ٧ اشخاص في العالم اسيرا للفقر،‏ مثل إمباروشيما وبيكتور وفرنسيسكو،‏ في حين يتنعم البلايين برخاء منقطع النظير.‏ لذا سعى البعض وما زالوا يسعون الى حل المشكلة بطريقة ما.‏ والمقالة التالية تتحدث عن جهودهم وآمالهم هذه.‏

      ‏[الصورة في الصفحتين ٢ و ٣]‏

      كارمن مع اثنين من اولادها فيما تستقي الماء من النهر

  • في سبيل القضاء على الفقر
    برج المراقبة ٢٠١١ | ١ حزيران (‏يونيو)‏
    • في سبيل القضاء على الفقر

      نجح الاغنياء في حذف الفقر من قاموسهم هم.‏ إلا ان الجهود الرامية لإراحة كل البشرية من هذه البلوى تبوء دوما بالفشل.‏ ومرد ذلك ان الاغنياء عموما لا يريدون ان يفسد اي شخص او شيء رغد عيشهم.‏ فقد كتب سليمان احد ملوك اسرائيل القديمة:‏ «[هوذا] دموع المظلومين ولا معزي لهم،‏ والقوة في يد ظالميهم».‏ —‏ جامعة ٤:‏١‏.‏

      فهل في وسع اصحاب السلطة والنفوذ ان يغيّروا المجتمع كي ينقذوا العالم بأسره من براثن الفقر؟‏ كتب سليمان بالوحي:‏ «كل شيء باطل وسعي وراء الريح.‏ المعوَّج لا يمكن ان يقوَّم».‏ (‏جامعة ١:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ وإلقاء نظرة على الجهود العصرية المبذولة من هذا القبيل يبيّن صحة كلماته.‏

      نظريات تعد بازدهار الجميع

      في القرن التاسع عشر،‏ جنت بعض الدول ثروات غير مسبوقة من خلال التجارة والصناعة،‏ ما حدا بعدد من ذوي النفوذ الى منح مسألة الفقر اهتماما جديا.‏ فكان السؤال:‏ هل يمكن توزيع موارد الارض بشيء من المساواة؟‏

      رأى البعض ان الاشتراكية او الشيوعية قادرة على خلق مجتمع دولي لاطبقي،‏ حيث توزَّع الثروات بعدل بين الناس.‏ وبالطبع،‏ امتعض الاثرياء من هذه الافكار.‏ غير ان الشعار القائل «من كل فرد حسب امكاناته الى كل فرد حسب حاجاته» لاقى قبولا واسعا.‏ وأمل كثيرون ان تنتهج الدول كافة مبدأ الاشتراكية حتى يغدو العالم مجتمعا مثاليا.‏ فتبنت بعض الدول الغنية أوجها من الاشتراكية وأصبحت «دول رفاهية» تتكفل بالاعتناء بجميع مواطنيها «من المهد الى اللحد».‏ وهي تدّعي انها قضت على الفقر المدقع بين رعاياها.‏

      بيد ان الاشتراكية لم تُفلح قط في خلق مجتمع غير اناني.‏ فسعيها الى جعل المواطنين يعملون لصالح مجتمعهم لا لصالحهم تبيّن انه سراب ليس إلا.‏ فقد استاء البعض من اعالة الفقراء،‏ اذ لاحظوا ان الاعانات السخية كانت احيانا مدعاة الى الكسل.‏ وهكذا تبرهنت صحة كلمات الكتاب المقدس:‏ «ليس في الارض انسان بار يفعل الصلاح دائما ولا يخطئ.‏ .‏ .‏ .‏ اللّٰه صنع البشر مستقيمين،‏ أما هم فسعوا وراء خطط كثيرة».‏ —‏ جامعة ٧:‏٢٠،‏ ٢٩‏.‏

      وثمة امل آخر عوّل عليه البعض هو الحلم الاميركي،‏ اي الحلم بمكان حيث الازدهار متاح لكل من هو مستعد ان يعمل بجد ودأب.‏ وقد اعتمدت دول عديدة حول العالم الديموقراطية،‏ الاقتصاد الحر،‏ والتجارة الحرة،‏ وهي الانظمة التي بدا انها اغنت الولايات المتحدة.‏ ولكن لم تنجح كل الدول في محاكاة الحلم الاميركي لأن ثراء اميركا الشمالية لم يكن حصيلة نظامها السياسي فحسب.‏ فمواردها الطبيعية الضخمة وسهولة وصولها الى الطرق التجارية العالمية لعبت دورا فاعلا في هذا الصدد.‏ علاوة على ذلك،‏ ان نظام العالم الاقتصادي التنافسي لا يخلّف رابحين ميسورين فقط،‏ بل خاسرين اشقياء ايضا.‏ فهل يمكن حثّ الدول الثرية على مساعدة تلك الواقعة في قبضة الفقر؟‏

      هل نجح «مشروع مارشال» في إنهاء الفقر؟‏

      عقب الحرب العالمية الثانية،‏ عمّ الدمار اوروبا وشعر كثيرون من شعوبها ان الجوع يهدد حياتهم.‏ وكانت حكومة الولايات المتحدة متخوفة من اكتساب الاشتراكية في اوروبا شعبية متزايدة.‏ لذا على مدى اربع سنوات،‏ ضخّت هذه الحكومة مبالغ ضخمة في الدول التي انتهجت سياساتها بهدف إنعاش الاقتصاد والزراعة فيها.‏ واعتُبر «برنامج الانعاش الاوروبي» هذا،‏ المعروف باسم «مشروع مارشال»،‏ خطوة ناجحة.‏ ففي اوروبا الغربية،‏ قوي نفوذ الولايات المتحدة وندر وجود الفقراء المعدمين.‏ فهل كان هذا المشروع هو السبيل الى محو الفقر عالميا؟‏

      حفز نجاح «مشروع مارشال» حكومة الولايات المتحدة الى تقديم المساعدات للدول الفقيرة حول العالم،‏ بغية دعمها في تطوير قطاعات الزراعة والرعاية الصحية والتعليم والنقل.‏ وكان الدافع،‏ كما اعترفت هي نفسها بصراحة،‏ ترويج مصالحها الخاصة.‏ وقد حاولت دول اخرى ايضا ان توسّع دائرة نفوذها بتقديم مساعدات اجنبية.‏ وبعد مرور ٦٠ سنة أُنفقت خلالها مبالغ ضخمة تفوق بأضعاف ما أُنفق في «مشروع مارشال»،‏ اتت النتائج مخيبة.‏ فمع ان عددا من الدول الفقيرة سابقا حققت غنى وفيرا،‏ لا سيما تلك التي في شرق آسيا،‏ لم تتحرر دول كثيرة من اغلال الفقر الشديد رغم اسهام المساعدات في خفض عدد الوفيات بين الاولاد وزيادة المتعلمين منهم.‏

      لمَ لا تحقق المساعدات الاجنبية الهدف المنشود؟‏

      اتضح ان انتشال الدول المحتاجة من دوامة الفقر اصعب من مساعدة الدول الغنية على الشفاء من جراح الحرب.‏ فقد توفرت في اوروبا مقومات مثل الصناعة والتجارة وشبكات النقل،‏ ولم ينقصها سوى ترميم اقتصادها.‏ اما في البلدان الفقيرة فظل الناس يعيشون في عسر وشدة رغم استخدام المساعدات الاجنبية لشقّ الطرقات وبناء المدارس والعيادات الصحية.‏ فتلك البلدان افتقرت الى المشاريع التجارية والصناعية والموارد الطبيعية والمنافذ الى الطرق التجارية.‏

      أضف الى ذلك ان اسباب الفقر وتداعياته تشكل حلقة مفرغة يصعب الخروج منها.‏ مثلا،‏ المرض يسبب الفقر،‏ والفقر يسبب المرض.‏ الاولاد الذين يعانون من سوء التغذية وبالتالي من الضعف الجسدي والفكري يعجزون حين يكبرون عن الاهتمام بأولادهم.‏ ايضا،‏ حين تتخلص البلدان الغنية من المواد الغذائية الفائضة عن حاجتها واهبة اياها للدول الفقيرة على شكل «مساعدات»،‏ يمسي المزارعون وتجار التجزئة المحليون عاطلين عن العمل،‏ ما يزيد الطين بلة.‏ كما ان ارسال المال الى حكومات الدول الفقيرة قد يبدئ حلقة مفرغة اخرى.‏ فالمساعدات غنيمة سهلة،‏ ما يؤدي الى الفساد،‏ والفساد بدوره يسبب المزيد من الفقر والشقاء.‏ اذًا،‏ بشكل رئيسي،‏ لا تحقق المساعدات الاجنبية الهدف المنشود لأنها عاجزة عن استئصال السبب الاساسي للفقر.‏

      سبب الفقر

      تقاسي الشعوب الفقر المدقع حين يعمل الافراد والحكومات والدول من اجل ترويج وحماية مصالحهم الخاصة غير آبهين بشيء.‏ على سبيل المثال،‏ لا تعير حكومات البلدان الغنية اهتماما كبيرا لمسألة انهاء الفقر عالميا لأنها منتخَبة ديموقراطيا وعليها رعاية مصالح ناخبيها.‏ لذا تمنع المزارعين في البلدان الفقيرة من بيع محاصيلهم في الدول الغنية كي تجنّب المزارعين في هذه الدول تكبد الخسائر.‏ اضف الى ذلك ان رؤساء الدول الغنية يمدّون مزارعيهم بدعم مالي كبير كي يتفوقوا في البيع على المزارعين في البلدان الفقيرة.‏

      من الواضح اذًا ان سبب الفقر،‏ اي ميل الناس والحكومات الى حماية مصالحهم الخاصة،‏ اوجدته يد الانسان.‏ وهذا ما عبّر عنه سليمان،‏ احد كتبة الكتاب المقدس،‏ بالكلمات التالية:‏ «يتسلّط انسان على انسان لأذيته».‏ —‏ جامعة ٨:‏٩‏.‏

      ولكن هل من امل يبشر بإزالة الفقر؟‏ هل من حكومة قادرة على تغيير الطبيعة البشرية؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      شرائع حاربت الفقر

      زوّد يهوه اللّٰه شعب اسرائيل قديما بمجموعة شرائع لو اطاعوها لتجنبوا معظم حالات الفقر.‏ فبحسب احداها،‏ حصلت كل عائلة باستثناء سبط لاوي الكهنوتي على ميراث من الارض.‏ وكان هذا الميراث العائلي في مأمن،‏ لأن اللّٰه حظر بيع الارض بيعا دائما.‏ فكل ٥٠ سنة،‏ كانت الارض تُرد الى صاحبها الاصلي او عائلته.‏ (‏لاويين ٢٥:‏١٠،‏ ٢٣‏)‏ فإذا كان قد اضطر الى بيعها بسبب مرض او كارثة او تراخٍ عن العمل،‏ تُعاد اليه دون مقابل في سنة اليوبيل.‏ وهكذا لا تغرق اية عائلة في الفقر طوال اجيال.‏

      وثمة تدبير رحيم آخر في شريعة اللّٰه اتاح لمن ألمّت به بلية ان يبيع نفسه عبدا.‏ وكان يتسلّم ثمن البيع مقدَّما ليفي ديونه.‏ وإذا لم يفكّ نفسه بحلول السنة السابعة،‏ يُطلق حرا آنذاك ويعطى بذارا ومواشي ليباشر العمل من جديد.‏ علاوة على ذلك،‏ اذا اضطر فقير الى اقتراض المال،‏ فلم يكن من حق رفقائه الاسرائيليين بحسب الشريعة ان يتقاضوا منه الفوائد.‏ كما امرت الشريعة الشعب ألا يحصدوا اطراف حقولهم كي يلتقط فيها الفقراء.‏ وهكذا لا يلجأ اي اسرائيلي الى التسول.‏ —‏ تثنية ١٥:‏١-‏١٤؛‏ لاويين ٢٣:‏٢٢‏.‏

      بيد ان التاريخ يظهر ان عددا من الاسرائيليين ابتُلوا بالفقر.‏ والسبب ان الشعب لم يُطع شريعة يهوه.‏ فأصبح البعض،‏ كما كان الحال في معظم الاماكن،‏ مُلّاك ارض اغنياء وصار آخرون فقراء لا ارض لهم.‏ اذًا،‏ وُجد الفقر بين الاسرائيليين لأن افرادا منهم تجاهلوا شريعة اللّٰه ووضعوا مصالحهم الخاصة قبل مصالح الآخرين.‏ —‏ متى ٢٢:‏٣٧-‏٤٠‏.‏

  • بشرى سارة للفقراء
    برج المراقبة ٢٠١١ | ١ حزيران (‏يونيو)‏
    • بشرى سارة للفقراء

      تؤكد لنا كلمة اللّٰه:‏ «الفقير لا يُنسى على الدوام».‏ (‏مزمور ٩:‏١٨‏)‏ ويقول الكتاب المقدس ايضا عن خالقنا:‏ «تفتح يدك فتُشبع رغبة كل حي».‏ (‏مزمور ١٤٥:‏١٦‏)‏ ان هذا الرجاء المسطر في كلمة اللّٰه ليس مجرد حلم.‏ فبإمكان اللّٰه القادر على كل شيء ان يزود كل ما تقتضيه الحاجة لإنهاء الفقر.‏ فإلامَ يحتاج الفقراء؟‏

      ذكرت عالمة اقتصاد من افريقيا ان الدول الفقيرة تحتاج مثاليا الى «دكتاتور عطوف».‏ ومفاد هذا القول ان محو الفقر يتطلب شخصا قادرا من جهة على احداث التغييرات،‏ ولطيفا وراغبا في المساعدة من جهة اخرى.‏ ويضاف الى ذلك ان الحاكم الذي يمكن ان يخلّص كل البشر من الفقر ينبغي ان يبسط سلطته عالميا لأن الفقر المدقع غالبا ما ينجم عن عدم المساواة على صعيد عالمي.‏ وعلى هذا الحاكم ايضا ان يكون قادرا على معالجة سبب الفقر،‏ اي طبيعتنا البشرية الانانية.‏ فأين هو هذا الحاكم المثالي؟‏

      ارسل اللّٰه يسوع الى الارض حاملا بشرى الى الفقراء.‏ فعند قراءة التفويض الذي ناله من اللّٰه،‏ ذكر يسوع:‏ «روح يهوه عليّ،‏ لأنه مسحني لأبشّر الفقراء».‏ —‏ لوقا ٤:‏١٦-‏١٨‏.‏

      ما هي هذه البشرى السارة؟‏

      عيّن اللّٰه يسوع ملكا،‏ وهذه الحقيقة هي فعلا بشرى سارة.‏ فهو الحاكم المثالي للقضاء على الفقر لأنه (‏١)‏ سيملك على البشر اجمعين ولديه القدرة على اتخاذ الاجراءات الملائمة،‏ (‏٢)‏ يتعاطف مع الفقراء ويعلّم اتباعه ان يحنوا عليهم،‏ و (‏٣)‏ يستطيع استئصال سبب الفقر،‏ اي ميلنا الموروث الى التصرف بأنانية.‏ فلنستعرض معا هذه الاوجه الثلاثة للبشرى السارة.‏

      ١-‏ سلطة يسوع على جميع الامم:‏ تقول كلمة اللّٰه ان يسوع «أُعطي سلطانا .‏ .‏ .‏ لتخدمه جميع الشعوب والامم والالسنة».‏ (‏دانيال ٧:‏١٤‏)‏ هل تتخيّل فوائد وجود حكومة واحدة فقط تبسط سلطتها على كل البشر؟‏ فلن تحدث في ما بعد حروب ونزاعات على موارد الارض.‏ فالكل سيستفيدون منها سواء بسواء.‏ ويسوع نفسه اكّد انه سيكون حاكما عالميا قادرا على اتخاذ الاجراءات حين اوضح:‏ «دُفعت اليّ كل سلطة في السماء وعلى الارض».‏ —‏ متى ٢٨:‏١٨‏.‏

      ٢-‏ تعاطُف يسوع مع الفقراء:‏ اعرب يسوع خلال خدمته على الارض عن التعاطف مع الفقراء.‏ مثلا،‏ ثمة امرأة انفقت كل ما عندها لتبرأ من سيل دم لازمها ١٢ سنة وسبّب لها دون شك فقر دم حادّا.‏ لذا اقدمت على لمس ثوب يسوع علّها تشفى من مرضها.‏ وبحسب الشريعة،‏ كان كل من تمسه يصبح نجسا.‏ لكنّ يسوع تصرف معها بلطف قائلا:‏ «يا ابنة،‏ ايمانك قد شفاك.‏ اذهبي بسلام،‏ وكوني صحيحة من مرضك المضني».‏ —‏ مرقس ٥:‏٢٥-‏٣٤‏.‏

      من جهة اخرى،‏ ان تعاليم يسوع قادرة ان تحرّك قلوب الناس ليعربوا هم ايضا عن التعاطف.‏ مثلا،‏ تأمل في جواب يسوع لرجل اراد ان يعرف كيف يرضي اللّٰه.‏ فهذا الرجل عرف ان اللّٰه يريد من المرء ان يحب قريبه.‏ لكنه سأل:‏ «من هو قريبي؟‏».‏

      ردّا على سؤاله،‏ قدّم يسوع مثله المشهور عن رجل مسافر من اورشليم الى اريحا تعرّض للسرقة وتُرك «بين حي وميت».‏ واتفق ان كاهنا نزل في تلك الطريق،‏ لكنه اجتاز في الجانب المقابل،‏ وكذلك فعل احد اللاويين.‏ «الا ان سامريا مارّا في الطريق اتى اليه،‏ ولما رآه،‏ اشفق عليه».‏ فضمد جراحه وأخذه الى فندق ودفع لصاحبه كي يعتني به.‏ وفي ختام المثل،‏ سأل يسوع:‏ «اي هؤلاء .‏ .‏ .‏ كان قريبا للذي وقع بين اللصوص؟‏».‏ اجابه الرجل:‏ «الذي عامله برحمة».‏ فقال له يسوع:‏ «افعل انت هكذا».‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢٥-‏٣٧‏.‏

      ان الذين يصبحون شهودا ليهوه يدرسون تعاليم يسوع هذه ويغيرون مواقفهم حيال مساعدة المحتاجين.‏ مثلا،‏ ذكرت مؤلفة من لاتفيا في كتابها نساء في السجون السوفياتية (‏بالانكليزية)‏ ان مرضا شديدا اصابها حين كانت تعمل في معسكر پُتْما الجزائي في اواسط ستينات القرن الماضي.‏ ثم قالت:‏ «طوال فترة مرضي،‏ كانت [الشاهدات] ممرضات مجتهدات.‏ لم اكن اشعر بأني بحاجة الى عناية افضل».‏ وأضافت:‏ «يعتبر شهود يهوه ان واجبهم هو مساعدة الغير،‏ بصرف النظر عن الدين او الجنسية».‏

      وحين تركت ازمة مالية بعضا من شهود يهوه في بلدة أنكون بالإكوادور دون عمل او دخل،‏ قرر رفقاؤهم الشهود ان يجمعوا لهم المال من خلال اعداد الطعام وبيعه للصيادين الذين يمضون الليل في العمل (‏كما يظهر في الصورة الى اليسار)‏.‏ فتعاون جميع افراد الجماعة بمن فيهم الاولاد.‏ فكانوا يبدأون العمل كل يوم عند الواحدة فجرا كي يكون الطعام جاهزا مع رجوع القوارب الساعة الرابعة.‏ والمال الذي كسبه الشهود قُسّم على الاخوة المعوزين كل حسب حاجته.‏

      يظهر هذان الاختباران ان مثال يسوع وتعاليمه قادرة حقا على تغيير مواقف الناس وحفزهم على اعانة المحتاجين.‏

      ٣-‏ قدرة يسوع على تغيير الطبيعة البشرية:‏ ان ميل البشر الى التصرف بأنانية حقيقة مسلَّم بها.‏ والكتاب المقدس يدعو هذا الميل خطية.‏ حتى الرسول بولس كتب:‏ «اجد هذه الشريعة في حالتي:‏ انني حينما اريد ان افعل ما هو صواب،‏ يكون ما هو رديء حاضرا عندي».‏ ثم اردف:‏ «من ينجّيني من الجسد الذي يكابد هذا الموت؟‏ الشكر للّٰه بيسوع المسيح ربنا».‏ (‏روما ٧:‏٢١-‏٢٥‏)‏ لقد اشار بولس هنا ان اللّٰه سيخلّص بواسطة يسوع العباد الحقيقيين من ميولهم الخاطئة الموروثة،‏ مثل الانانية،‏ التي هي اصل مشكلة الفقر.‏ ولكن كيف؟‏

      بعيد معمودية يسوع،‏ عرّف به يوحنا المعمِّد قائلا:‏ «هوذا حمل اللّٰه الذي يرفع خطية العالم!‏».‏ (‏يوحنا ١:‏٢٩‏)‏ فعما قريب،‏ ستعجّ الارض بأشخاص تحرروا من الخطية الموروثة،‏ بما فيها ميلهم الى السعي وراء مآ‌ربهم الخاصة.‏ (‏اشعيا ١١:‏٩‏)‏ حينئذ،‏ يكون يسوع قد اقتلع الفقر من جذوره.‏

      كم هو مفرح ان نتأمل في الوقت حين تُسدّ حاجات الجميع!‏ تخبر كلمة اللّٰه:‏ «يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته،‏ ولا يكون من يرعد».‏ (‏ميخا ٤:‏٤‏)‏ ان هذه الكلمات تصف بأسلوب معبّر الوقت حين يحظى كافة الناس بعمل مثمر،‏ يتلذذون بالامن والسلام،‏ ويتمتعون بالحياة الى الابد في عالم خالٍ من الفقر،‏ تسبيحا ليهوه اللّٰه.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة