مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • اوجه التحامل
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • اوجه التحامل

      ‏«اطرد التحامل من الباب،‏ فيأتيك من الشباك».‏ —‏ فريدريك الكبير،‏ ملك پروسيا.‏

      يعيش راجيش في قرية پاليياد بالهند.‏ ومثل غيره من طبقة المنبوذين،‏ عليه ان يمشي ١٥ دقيقة ليجلب الماء لعائلته.‏ يوضح السبب:‏ «لا يُسمح لنا ان نستعمل حنفيات الماء في القرية التي تستعملها الطبقة العليا».‏ وعندما كان راجيش في المدرسة لم يُسمح له ولرفقائه بلمس الطابة التي كان يلعب بها الاولاد الآخرون.‏ يقول:‏ «لقد لعبنا عوض ذلك بالحجارة».‏

      وتذكر كريستينا،‏ مراهقة من آسيا تعيش في اوروپا:‏ «اشعر ان الناس يكرهونني ولكنني لا اعلم السبب.‏ وهذا الوضع يثبطني جدا،‏ فألجأ الى الانعزال عن الآخرين لأرتاح ولكن دون جدوى».‏

      ويقول ستانلي من افريقيا الغربية:‏ «كنت في الـ‍ ١٦ من العمر عندما عرفت للمرة الاولى معنى التحامل.‏ فقد اجبرني غرباء لم اكن اعرفهم سابقا ان اترك البلدة.‏ كما حُرقت بيوت بعض اعضاء قبيلتي.‏ وجُمِّد ايضا حساب ابي المصرفي.‏ فصرت اكره القبيلة التي تحاملت علينا».‏

      راجيش،‏ كريستينا،‏ وستانلي هم ضحايا التحامل ولكنهم ليسوا الوحيدين.‏ يذكر كويشيرو ماتسورا،‏ مدير عام منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (‏اليونسكو)‏:‏ «لا يزال مئات ملايين الاشخاص يعانون اليوم من التمييز العنصري،‏ عدم المساواة،‏ رهاب الاجانب،‏ والنبذ .‏ .‏ .‏ وهذه الاعمال التي تجرّد البشر من الصفات الانسانية والتي يغذيها الجهل والتحامل تشعل شرارة النزاعات الداخلية في بلدان كثيرة وتسبّب للناس معاناة هائلة».‏

      اذا لم تتعرض قط للتحامل فقد تجد صعوبة في فهم مدى الالم الذي يسببه.‏ يقول كتاب مواجهة التحامل (‏بالانكليزية)‏:‏ «يتحمل البعض الوضع بصمت.‏ ويقابل البعض الآخر التحامل بتحامل اقوى منه».‏ فكيف يؤذي التحامل الناس؟‏

      اذا كنت تنتمي الى احدى الاقليات،‏ فقد تلاحظ ان الناس يتجنبونك،‏ يرمقونك بنظرات عدائية،‏ او ينعتون حضارتك بكلمات محقرة.‏ كما انك لن تجد وظيفة بسهولة إلّا اذا قبلت بعمل وضيع لا يريده احد.‏ وربما ستواجه صعوبة في ايجاد مسكن ملائم.‏ وقد يشعر اولادك ايضا بأنهم منبوذون من رفقاء صفهم ومنعزلون عنهم.‏

      والاسوأ هو ان التحامل يمكن ان يدفع الناس الى ارتكاب اعمال العنف وإلى القتل ايضا.‏ وصفحات التاريخ تزخر بالامثلة المروعة عن اعمال العنف الناجمة عن التحامل،‏ منها المجازر والابادات الجماعية وما يدعى التطهير العرقي.‏

      التحامل عبر القرون

      كان المسيحيون في وقت من الاوقات هدفا رئيسيا للتحامل.‏ فبُعيد موت يسوع مثلا،‏ شُنت موجة من الاضطهاد الوحشي ضدهم.‏ (‏اعمال ٨:‏٣؛‏ ٩:‏١،‏ ٢؛‏ ٢٦:‏١٠،‏ ١١‏)‏ وبعد قرنين،‏ عومل الذين يدّعون المسيحية بطريقة قاسية جدا.‏ ذكر الكاتب ترتليانوس من القرن الثالث:‏ «اذا حدث وباء،‏ كان الناس يطالبون على الفور صارخين:‏ ‹اطرحوا المسيحيين للاسود!‏›».‏

      ومع ابتداء الحروب الصليبية في القرن الـ‍ ١١،‏ صارت احدى الاقليات العرقية الموجودة في اوروپا مكروهة.‏ وحين اكتسح الطاعون الدبلي القارة قاتلا ربع السكان تقريبا في سنوات قليلة فقط،‏ كان هذا الفريق هدفا سهلا للّوم على انتشار الوباء اذ كان كثيرون يكرهونه.‏ تذكر جانيت فاريل في كتابها اعداء غير منظورين (‏بالانكليزية)‏ ان الوباء اعطى البغض مبررا،‏ والحقد جعل الناس الخائفين من الوباء يلومون هذه الاقلية على انتشاره.‏

      في النهاية،‏ اضطر احد افراد هذه الاقلية في جنوب فرنسا الى «الاعتراف» تحت التعذيب ان شعبه هو الذي سبَّب الوباء بتسميم الآبار.‏ طبعا،‏ لم يكن الاعتراف صحيحا ولكن المعلومات نُشرت على انها صحيحة.‏ وبعد فترة قصيرة أُبيدت في اسپانيا،‏ فرنسا،‏ وألمانيا مجتمعات بكاملها تنتمي الى هذه الاقلية.‏ ويبدو ان لا احد انتبه الى المجرمين الحقيقيين:‏ الجرذان.‏ ولم يلاحظ سوى قليلين ان افرادا من هذه الاقلية ماتوا من الوباء مثل غيرهم!‏

      عندما تندلع نيران التحامل يمكن ان تخف حدتها انما لتتقد ثانية ولو بعد مدة طويلة.‏ فبعدما اضطُهد اليهود طوال قرون في اوروپا،‏ أجج أدولف هتلر في منتصف القرن العشرين نيران اللاسامية بلوم اليهود على انهزام المانيا في الحرب العالمية الاولى.‏ وفي نهاية الحرب العالمية الثانية،‏ اعترف رودولف هوس المسؤول النازي عن معسكر الاعتقال اوشڤيتس:‏ «شمل تدريبنا العسكري والايديولوجي الفكرة انه من الضروري حماية المانيا من اليهود».‏

      ومن المؤسف انه بعد مرور عقود لم تنتهِ الاعمال الوحشية.‏ ففي سنة ١٩٩٤،‏ مثلا،‏ تفجّر البغض القبلي في شرق افريقيا بين التوتسي والهوتو،‏ حاصدا نصف مليون قتيل على الاقل.‏ قالت مجلة تايم:‏ «لم تكن هنالك امكنة يذهب اليها الناس طلبا للحماية.‏ فقد سالت الدماء حتى في الكنائس التي لجأ اليها كثيرون .‏ .‏ .‏ والتحم المتقاتلون في نزاعات مروعة ذات طابع شخصي،‏ نزاعات متسمة بالتوق الى اراقة الدماء تركت الذين تمكنوا من الفرار مصعوقين وعاجزين عن الكلام».‏ حتى الاولاد لم ينجوا من اعمال العنف المروِّعة.‏ علّق احد المواطنين:‏ «رواندا بلد صغير،‏ لكنها تنطوي على حقد العالم بأسره».‏

      وأدّت النزاعات الناجمة عن انقسام يوغوسلاڤيا السابقة الى موت اكثر من ٠٠٠‏,٢٠٠ شخص.‏ فالجيران الذين عاشوا معا بسلام طوال سنوات قتلوا بعضهم البعض.‏ كما اغتُصبت آلاف النساء،‏ وهُجِّر ملايين الاشخاص من بيوتهم بسبب سياسة التطهير العرقي الوحشية.‏

      في حين ان معظم حالات التحامل لا تؤدي الى القتل،‏ فهي تزرع دائما بذور الشقاق بين الناس وتؤجج الاستياء في القلوب.‏ ورغم انتشار العولمة،‏ يبدو ان التمييز العنصري «يتزايد في معظم انحاء العالم»،‏ كما يذكر تقرير حديث صادر عن اليونسكو.‏

      فهل يمكن فعل شيء لإزالة التحامل؟‏ للاجابة عن هذا السؤال،‏ ينبغي ان نحدِّد كيف ينغرس التحامل في العقل والقلب.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      علامات التحامل

      يذكر ڠوردن و.‏ اولپورت في كتابه طبيعة التحامل (‏بالانكليزية)‏ خمسة امور يقوم بها الناس الذين يضمرون مشاعر التحامل.‏ فالشخص المتحامل يظهر عادة واحدا او اكثر من الامور التالية:‏

      ١-‏ التعليقات السلبية.‏ يتكلم المتحامل بأسلوب يحط من قدر فريق الناس الذي يكرهه.‏

      ٢-‏ التجنب.‏ يتجنب اي شخص ينتمي الى هذا الفريق.‏

      ٣-‏ عدم مساواة في المعاملة.‏ يحرم المتحامل اعضاء هذا الفريق المُفترى عليه من بعض انواع الوظائف،‏ الاماكن السكنية،‏ او الحقوق الاجتماعية.‏

      ٤-‏ التهجّم الجسدي.‏ يشارك في اعمال العنف التي تهدف الى اخافة الناس الذين يكرههم.‏

      ٥-‏ الابادة.‏ يشارك في خطط الابادات الجماعية،‏ المجازر،‏ والاعدام دون محاكمات قانونية.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      مخيّم بيناكو للاجئين في تنزانيا،‏ ١١ ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٤

      امرأة ترتاح قرب اوعية الماء.‏ اكثر من ٠٠٠‏,٣٠٠ لاجئ،‏ معظمهم من الهوتو الروانديين،‏ عبروا الى تنزانيا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Photo by Paula Bronstein/Liaison

  • جذور التحامل
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • جذور التحامل

      قد تكون هنالك اسباب عديدة للتحامل.‏ لكنَّ ثمة عاملَين مدعومَين بالوثائق هما (‏١)‏ الرغبة في البحث عن كبش محرقة و (‏٢)‏ الاستياء الناجم عن تاريخ من عدم المساواة.‏

      كما تذكر المقالة السابقة،‏ حين تحل الكارثة يبحث الناس عادة على مَن يلقون اللوم عليه.‏ وعندما يلفِّق اشخاص بارزون التهم تكرارا على احدى الاقليات وينشرونها،‏ يقبلها المجتمع فيولد التحامل.‏ لنأخذ مثلا شائعا.‏ خلال التراجع الاقتصادي في البلدان الغربية،‏ غالبا ما يُلام العمال المهاجرون على البطالة الموجودة رغم انهم يقومون غالبا بالاعمال التي يرفض معظم السكان المحليين القيام بها.‏

      ولكن لا ينبع التحامل من البحث عن كبش محرقة فقط.‏ فقد تكون جذوره متأصلة في التاريخ.‏ يذكر التقرير اليونسكو ضد التمييز العنصري (‏بالانكليزية)‏:‏ «لا نبالغ اذ نقول ان تجارة الرقيق هي التي وضعت الاساس للافكار المتعلقة بالتمييز العنصري وباحتقار معتقدات وتقاليد الشعب الاسود».‏ فقد حاول تجّار الرقيق تبرير تجارتهم المخزية بالادعاء ان الافريقيين هم ادنى من غيرهم.‏ وهذا التحامل،‏ الذي لا اساس له من الصحة والذي اتسع ليشمل شعوبا مستعمَرة اخرى،‏ لا يزال مستمرا.‏

      وفي كل انحاء العالم،‏ لا تزال احداث تاريخية مماثلة متسمة بالظلم وعدم المساواة تؤجج نار التحامل.‏ فالعداوة الموجودة اليوم بين الكاثوليك والپروتستانت في ايرلندا يعود تاريخها الى القرن الـ‍ ١٦،‏ حين اضطهد حكام انكلترا الاشخاص الكاثوليك ونفوهم.‏ والاعمال الوحشية التي ارتكبها المدّعون المسيحية خلال الحروب الصليبية لا تزال تثير مشاعر الاستياء في قلوب المسلمين في الشرق الاوسط.‏ اما العداوة بين الصرب والكرواتيين في دول البلقان فقد تأججت نيرانها بسبب المجازر التي اطاحت بالكثير من المدنيين في الحرب العالمية الثانية.‏ وهذه الوقائع دليل ان العداوة المتأصلة في التاريخ بين فريقين يمكن ان تعزز التحامل.‏

      تنمية الجهل

      ان قلب الطفل لا يضمر التحامل.‏ على العكس،‏ يذكر الباحثون ان الطفل يسرّ باللعب في معظم الاحيان مع طفل من عرق آخر.‏ لكن عندما يصبح في الـ‍ ١٠ او الـ‍ ١١ من العمر،‏ قد ينبذ مَن ينتمون الى قبيلة،‏ عرق،‏ او دين مختلف.‏ فخلال سنواته الباكرة،‏ يكتسب مجموعة من الآراء قد تدوم مدى الحياة.‏

      وكيف تُكتسب هذه الافكار؟‏ يكتسب الولد المواقف السلبية —‏ المحكية وغير المحكية —‏ من والدَيه اولا،‏ ثم من اصدقائه او أساتذته.‏ وقد يتأثر لاحقا ايضا بالجيران،‏ الصحف،‏ الراديو،‏ او التلفزيون.‏ ورغم انه لا يعرف على الارجح سوى القليل او لا شيء عن الفئات التي لا تعجبه،‏ فبحلول الوقت الذي يصبح فيه راشدا يكون قد استنتج انهم ادنى وغير جديرين بالثقة.‏ حتى انه قد يكرههم.‏

      لكن الاتصال بين مختلف الحضارات والمجموعات العرقية يزداد في بلدان كثيرة لأن الناس صاروا يسافرون اكثر ويتاجرون اكثر.‏ رغم ذلك،‏ فإن الشخص الذي نمّى مشاعر تحامل قوية يتمسك عادة بأفكاره المكوّنة مسبقا.‏ وقد يصرّ على تكوين انطباع معين عن آلاف او حتى ملايين الناس،‏ مفترضا ان جميعهم لديهم الصفات السيئة نفسها.‏ وأي اختبار سلبي يواجهه،‏ حتى اذا شمل شخصا واحدا من هذه المجموعة،‏ يذكّي عنده مشاعر التحامل.‏ من جهة اخرى،‏ يعتبر الاختبارات الايجابية شذوذا عن القاعدة ليس إلّا.‏

      التحرر من الدوامة

      رغم ان معظم الناس يدينون التحامل من حيث الاساس،‏ قليلون منهم يفلتون من تأثيره.‏ فقد يصرّ كثيرون ممن هم متحاملون جدا انهم ليسوا كذلك.‏ ويقول البعض ان الامر غير مهم،‏ خصوصا اذا احتفظ الناس بأفكارهم لأنفسهم.‏ لكن لا يمكن الاستخفاف بالافكار التي تعكس التحامل لأنها تؤذي الناس وتزرع الشقاق بينهم.‏ فإذا كان التحامل وليد الجهل،‏ فغالبا ما يكون البغض وليد التحامل.‏ قال الكاتب تشارلز كالب كولتون (‏١٧٨٠؟‏-‏١٨٣٢)‏:‏ «نحن نبغض بعض الاشخاص لأننا لا نعرفهم؛‏ ولن نتعرّف بهم لأننا نبغضهم».‏ لكن،‏ اذا كان بالامكان اكتساب افكار تحاملية،‏ فبالامكان ايضا التخلص منها.‏ كيف؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      هل يذكّي الدين التسامح ام التحامل؟‏

      يقول ڠوردن و.‏ اولپورت في كتابه طبيعة التحامل:‏ «عموما،‏ يبدو ان اعضاء الكنيسة هم اكثر تحاملا ممن لا ينتمون الى الكنيسة».‏ ولا يفاجئنا هذا الامر لأن الدين غالبا ما يكون سبب التحامل بدلا من ان يكون علاجا له.‏ مثلا،‏ اجّج رجال الدين اللاسامية طوال قرون.‏ ووفقا لكتاب تاريخ للمسيحية (‏بالانكليزية)‏،‏ قال هتلر مرة:‏ «في ما يختص باليهود،‏ انني فقط اتابع السياسة عينها التي تبنّتها الكنيسة الكاثوليكية طوال ٥٠٠‏,١ سنة».‏

      وخلال الاعمال الوحشية التي حصلت في دول البلقان،‏ عجزت على ما يبدو تعاليم الكنيستين الارثوذكسية والكاثوليكية على السواء عن نشر التسامح والاحترام وإظهارهما للجيران المنتمين الى دين آخر.‏

      بشكل مماثل،‏ ذبح اعضاء الكنيسة في رواندا رفقاءهم المؤمنين.‏ وأشارت صحيفة المخبِر الكاثوليكي القومي (‏بالانكليزية)‏ ان القتال هناك شمل «ابادة فعلية وحقيقية وحتى الكاثوليك،‏ للأسف،‏ هم مسؤولون عنها».‏

      وقد اعترفت الكنيسة الكاثوليكية نفسها بسجلها المتسم بعدم التسامح.‏ ففي قداس عام أُقيم في روما سنة ٢٠٠٠،‏ طلب البابا يوحنا بولس الثاني المسامحة على «الأخطاء التي ارتُكبت في الماضي».‏ وقد ذُكر خصوصا في هذه المناسبة «عدم التسامح الديني،‏ والتحامل على اليهود،‏ النساء،‏ السكان الاصليين،‏ المهاجرين،‏ الفقراء،‏ وغير المولودين».‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦]‏

      في الاعلى:‏ مخيّم للاجئين في البوسنة والهرسك،‏ ٢٠ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٥

      اثنان من لاجئي صرب البوسنة ينتظران نهاية الحرب الاهلية

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Photo by Scott Peterson/Liaison

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      تعلُّم البغض

      يمكن ان يكتسب الولد مواقف سلبية من والديه،‏ التلفزيون،‏ وأمور اخرى

  • نهاية التحامل
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • نهاية التحامل

      هل يمكن ان نميّز اذا كانت لدينا ميول الى التحامل؟‏ مثلا،‏ هل نحكم على احد ما رغم اننا لا نعرفه معتمدين على لون بشرته،‏ جنسيته،‏ المجموعة الإثنية او القبيلة التي ينتمي اليها؟‏ ام اننا نقيّم كل شخص بحسب الصفات التي يتميز بها؟‏

      في ايام يسوع،‏ لم يكن الساكنون في اليهوديَّة والجليل عموما «يتعاملون مع السامريين».‏ (‏يوحنا ٤:‏٩‏)‏ وثمة عبارة في التلمود تعكس دون شك مشاعر كثيرين من اليهود اذ تقول:‏ «اتمنى ألّا يقع نظري يوما على سامري».‏

      ولربما اضمر رسل يسوع ايضا شيئا من التحامل على السامريين.‏ ففي احدى المناسبات،‏ لم يلقوا ترحيبا في قرية سامرية.‏ فما كان من يعقوب ويوحنا إلّا ان سألا يسوع اذا كان بإمكانهما ان يطلبا ان تنزل نار من السماء وتفني الناس غير المتجاوبين.‏ لكنه انتهرهما وأظهر لهما خطأ موقفهما.‏ —‏ لوقا ٩:‏٥٢-‏٥٦‏.‏

      لاحقا،‏ اعطى يسوع مثلا عن رجل هاجمه اللصوص اثناء رحلته من اورشليم الى اريحا.‏ فاتفق ان مرّ من هناك كاهن ولاوي يهوديان لكنهما لم يساعداه.‏ إلّا ان سامريا توقف وضمد جروح الرجل،‏ ثم أمّن له العناية حتى يشفى.‏ فتبيّن ان هذا السامري هو القريب الحقيقي.‏ (‏لوقا ١٠:‏٢٩-‏٣٧‏)‏ ربما ساعد مثل يسوع مستمعيه ان يدركوا ان تحاملهم اعماهم عن رؤية الصفات الجيدة التي يملكها الآخرون.‏ فبعد عدة سنوات،‏ رجع الرسول يوحنا الى السامرة وبشّر في الكثير من قراها،‏ شاملا ربما القرية التي رغب في تدميرها يوما.‏ —‏ اعمال ٨:‏١٤-‏١٧،‏ ٢٥‏.‏

      كان على الرسول بطرس ايضا ان يتصرف بعدم تحيّز عندما وجّهه ملاك ليتحدث عن يسوع الى قائد المئة الروماني كرنيليوس.‏ لم يكن بطرس معتادا على التعامل مع غير اليهود،‏ وكان معظم اليهود لا يحبون الجنود الرومان.‏ (‏اعمال ١٠:‏٢٨‏)‏ ولكن حين رأى بطرس توجيه اللّٰه في المسألة قال:‏ «انا اجد بالتأكيد ان اللّٰه ليس محابيا،‏ بل في كل امة،‏ من يخافه ويعمل البر يكون مقبولا عنده».‏ —‏ اعمال ١٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏.‏

      الدافع وراء محاربة التحامل

      ينتهك التحامل مبدأ اساسيا علّمه يسوع:‏ «كل ما تريدون ان يفعل الناس بكم،‏ افعلوا هكذا انتم ايضا بهم».‏ (‏متى ٧:‏١٢‏)‏ فمن يريد ان يُحتقر بسبب مكان ولادته،‏ لون بشرته،‏ او خلفيته؟‏ ينتهك التحامل ايضا مبادئ اللّٰه المتعلقة بعدم التحيّز.‏ فالكتاب المقدس يعلمنا ان يهوه «صنع من انسان واحد كل امة من الناس،‏ ليسكنوا على كل سطح الأرض».‏ (‏اعمال ١٧:‏٢٦‏)‏ لذلك فإن كل الناس هم اخوة.‏

      بالاضافة الى ذلك،‏ يدين اللّٰه كل انسان على حدة.‏ وهو لا يدين انسانا على ما فعله والداه او اجداده.‏ (‏حزقيال ١٨:‏٢٠؛‏ روما ٢:‏٦‏)‏ حتى اذا ظلمتنا امة اخرى فذلك ليس سببا وجيها لكره الافراد الذين ينتمون الى تلك الامة،‏ الذين لا تقع عليهم اية مسؤولية على الارجح لأعمال الظلم التي تُرتَكب.‏ فقد علّم يسوع اتباعه ان ‹يحبوا أعداءهم ويصلوا لأجل الذين يضطهدونهم›.‏ —‏ متى ٥:‏٤٤،‏ ٤٥‏.‏

      بفضل هذه التعاليم،‏ استطاع مسيحيو القرن الاول ان يتغلبوا على مشاعر التحامل ويصبحوا معشر اخوة عالميا مميزا.‏ وقد دعوا بعضهم البعض اخوة وأخوات واعتبروا انفسهم كذلك،‏ رغم انتمائهم الى حضارات مختلفة كثيرة.‏ (‏كولوسي ٣:‏٩-‏١١؛‏ يعقوب ٢:‏٥؛‏ ٤:‏١١‏)‏ والمبادئ التي عززت هذا التغيير يمكن ان تنتج الفوائد نفسها اليوم.‏

      محاربة التحامل اليوم

      كلنا تقريبا لدينا افكار مكوّنة مسبقا،‏ لكنها لا تؤدي بالضرورة الى التحامل.‏ يقول كتاب طبيعة التحامل:‏ «لا تصبح الاحكام المسبقة افكارا تحاملية إلّا عندما يرفض المرء تصحيح افكاره حتى بعدما يحصل على معلومات اضافية».‏ غالبا ما يولّي التحامل عندما يتعرف الناس بعضهم ببعض.‏ لكن كما يعلِّق المرجع نفسه،‏ «ان العلاقة التي تجعل الناس يعملون معا هي التي تؤدي على الارجح الى التغيير في المواقف».‏

      بهذه الطريقة استطاع جون المنتمي الى قبيلة ايبو في نيجيريا ان يتغلب على مشاعر التحامل تجاه شعب الهَوْسا.‏ يقول:‏ «في الجامعة،‏ التقيت بعض التلامذة المنتمين الى شعب الهَوْسا وصرنا اصدقاء،‏ واكتشفت ان لديهم مبادئ جيدة.‏ عملت مع تلميذ من الهَوْسا في مشروع مشترك،‏ وانسجمنا كثيرا؛‏ في حين ان زميلي السابق الذي ينتمي الى قبيلة ايبو لم يتمم الجزء المطلوب منه من العمل».‏

      اداة لمحاربة التحامل

      وفق التقرير اليونسكو ضد التمييز العنصري،‏ «يمكن ان يكون التعليم اداة قيّمة لمكافحة التمييز العنصري،‏ عدم المساواة،‏ والنبذ بأشكالها الجديدة».‏ ويعتقد شهود يهوه ان تعليم الكتاب المقدس هو فعلا المساعد الافضل في هذا المجال.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ فعندما يطبق الناس تعليمه،‏ يحل الاحترام محل الارتياب،‏ وتُخمد المحبة نار البغض.‏

      لقد وجد شهود يهوه ان الكتاب المقدس يساعدهم ليتغلبوا على افكارهم التحاملية.‏ فالكتاب المقدس يعطيهم الدافع والفرصة ليشتركوا في نشاطات مع اناس من شتى الخلفيات الثقافية والإثنية.‏ تقول كريستينا،‏ المذكورة في المقالة الاولى من سلسلة المقالات هذه،‏ وهي واحدة من شهود يهوه:‏ «اجتماعاتنا في قاعة الملكوت تبني ثقتي بنفسي.‏ فأنا اشعر بالامان هناك لأن لا احد يظهر لي مشاعر التحامل».‏

      اما جاسمين،‏ وهي ايضا شاهدة ليهوه،‏ فتذكر انها واجهت التمييز العنصري للمرة الاولى حين كانت في التاسعة من عمرها.‏ تقول:‏ «ايام الخميس هي دائما اسهل ايام الاسبوع بالنسبة الي لأني اذهب فيها الى قاعة الملكوت.‏ فهناك يعرب الناس عن محبتهم لي،‏ ويجعلونني اشعر بأني مميزة لا محتقرة».‏

      والمشاريع التي ينفذها متطوعون من شهود يهوه تجمع ايضا أناسا من مختلف الخلفيات.‏ وُلد سايمون في بريطانيا من عائلة اصلها من الجزر الكاريبية.‏ وواجه الكثير من التحامل عندما كان عامل آجرّ في شركات للبناء.‏ ولكن ذلك لم يحدث اثناء عمله طوال سنوات كمتطوع في المشاريع التي ينفذها اخوته في الايمان.‏ يخبر سايمون:‏ «لقد عملت مع شهود من بلدان عديدة،‏ لكننا تعلمنا ان نعمل بوفاق واحدنا مع الآخر.‏ وقد اقمت علاقات حميمة مع اناس من بلدان اخرى وخلفيات تختلف عن خلفيتي».‏

      طبعا،‏ ان شهود يهوه هم اشخاص ناقصون.‏ لذلك قد يلزمهم ان يستمروا في محاربة ميلهم الى التحامل.‏ لكن معرفتهم ان اللّٰه غير محابٍ تعطيهم دافعا قويا لفعل ذلك.‏ —‏ افسس ٥:‏١،‏ ٢‏.‏

      ان المكافآ‌ت الناجمة عن محاربة التحامل عديدة.‏ فاختلاطنا بأناس من خلفيات اخرى يغني حياتنا.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ سيقيم اللّٰه قريبا بواسطة ملكوته مجتمعا بشريا يسود فيه البر.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏ وفي ذلك الوقت سيولي التحامل الى الابد.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١١]‏

      هل انا متحامل؟‏

      اطرح على نفسك الاسئلة التالية لتحلِّل ما اذا كنت تضمر دون ان تدري بعض افكار التحامل:‏

      ١-‏ هل افترض ان اشخاصا من خلفية إثنية معينة،‏ او من بلد او دين معين،‏ يملكون صفات غير مرغوب فيها مثل الغباء،‏ الكسل،‏ او البخل؟‏ (‏تعزز نكات كثيرة هذا النوع من التحامل)‏.‏

      ٢-‏ هل اميل الى لوم المهاجرين او مجموعة إثنية اخرى على مشاكلي الاقتصادية او الاجتماعية؟‏

      ٣-‏ هل اسمح للعداوة المتأصلة تاريخيا بين بلدي وبلد آخر بأن تزرع فيّ مشاعر العداء تجاه اشخاص من ذلك البلد؟‏

      ٤-‏ هل انا قادر ان احترم كل شخص،‏ بغض النظر عن لون بشرته،‏ حضارته،‏ او خلفيته الإثنية؟‏

      ٥-‏ هل ارحب بفرصة التعرف على اشخاص من خلفية حضارية تختلف عن خلفيتي؟‏ وهل اسعى وراء ذلك؟‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      في المثل الذي اعطاه يسوع عن السامري الصالح،‏ علّمنا كيف نتغلب على التحامل

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      في بيت كرنيليوس،‏ قال بطرس:‏ «انا اجد بالتأكيد ان اللّٰه ليس محابيا»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      تعاليم الكتاب المقدس توحّد الناس من شتى الخلفيات

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      يمارس شهود يهوه ما يتعلمونه

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      كريستينا:‏ «الاجتماعات في قاعة الملكوت تبني ثقتي بنفسي»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      جاسمين:‏ «يعرب الناس عن محبتهم لي،‏ ويجعلونني اشعر بأني مميزة لا محتقرة»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      سايمون،‏ متطوع في مشاريع البناء:‏ «تعلّمنا ان نعمل بوفاق واحدنا مع الآخر»‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة