-
«لا تضطرب قلوبكم»برج المراقبة ١٩٨٨ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
«لا تضطرب قلوبكم»
«لا تضطرب قلوبكم. انتم تؤمنون باللّٰه فآمنوا بي.» — يوحنا ١٤:١.
١ لماذا كانت كلمات يسوع في يوحنا ١٤:١ في حينها تماما؟
كان ذلك في ١٤ نيسان قمري سنة ٣٣ بم. وكان فريق صغير من الرجال مجتمعين في علّيّة في اورشليم بعد غروب الشمس. وكان قائدهم يعطيهم المشورة والتشجيع الأخيرين. فقال جزئيا: «لا تضطرب قلوبكم.» (يوحنا ١٤:١) وكانت كلماته في حينها تماما اذ ان حوادث محطِّمة كانت على وشك الحدوث. ففي تلك الليلة أُلقي القبض عليه وجُرَّ للمحاكمة فحُكم عليه بالإعدام.
٢ لماذا كان ذلك اليوم حاسما جدا، وماذا ساعد التلاميذ؟
٢ لديكم سبب وجيه لاعتبار ذلك اليوم الاكثر حسما في التاريخ اذ يؤثر في كامل مستقبل الجنس البشري. فالموت الفدائي للقائد، يسوع، تمَّم الكثير من النبوات القديمة وزوَّد الاساس لحياة ابدية للذين يؤمنون به. (اشعياء ٥٣:٥-٧، يوحنا ٣:١٦) لكنّ الرسل، اذ اذهلتهم وحيَّرتهم الحوادث المروّعة لتلك الليلة، صاروا مرتبكين وخائفين لفترة من الوقت. حتى ان بطرس انكر يسوع. (متى ٢٦:٦٩-٧٥) غير انه بعد ان نال الرسل الامناء المعين الموعود به، الروح القدس، اتصفوا بالجرأة وعدم الاضطراب. (يوحنا ١٤:١٦، ١٧، عج) وهكذا عندما اختبر بطرس ويوحنا مقاومة عنيفة ووضعا في الحبس، صلَّيا الى اللّٰه من اجل المساعدة على التكلم بكلمته «بكل مجاهرة.» وقد استجيبت صلاتهما. — اعمال ٤:١-٣، ٢٩-٣١.
٣ لماذا يضطرب بشدة كثيرون من الناس اليوم؟
٣ نعيش اليوم في عالم شديد الاضطراب. ونهاية نظام الاشياء القديم هذا تقترب بسرعة. (٢ تيموثاوس ٣:١-٥) والملايين يتأثرون شخصيا او قلقون بشدة من جراء الانهيار الخطير في الحياة العائلية والمقاييس الادبية والازدياد المرعب في الامراض الغريبة وعدم الاستقرار السياسي والبطالة والنقص في الاغذية والارهاب والتهديد بحرب نووية. وتضطرب قلوب كثيرة من خوف التفكير في المستقبل. وكما انبأ يسوع، يوجد «كرب امم . . . والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة.» — لوقا ٢١:٢٥، ٢٦.
٤ اية عوامل يمكن ان تجعل المسيحيين يعانون الضغط؟
٤ وحتى المسيحيون يمكن ان يتأثروا بشكل خطير من عوامل مثبطة كهذه. وقد يواجهون ايضا الضغط الناتج من التعصب الديني او المقاومة من الاقرباء والجيران وزملاء العمل ورفقاء المدرسة والسلطات الحكومية. (متى ٢٤:٩) فكيف يمكننا ان نبقى هادئين، غير مضطربين، في هذه الاوقات العصيبة؟ وكيف يمكننا ان نحافظ على سلام العقل عندما تسوء الحال؟ كيف يمكننا ان نواجه المستقبل بثقة؟ وماذا يساعدنا للتغلب على القلق الشديد الذي يصير شيئا مألوفا؟ نحن في الفترة التي فيها قدَّم يسوع المشورة في يوحنا ١٤:١، فلننظر اليها بدقة.
كيف يمكننا التغلب على القلق؟
٥ اية نصائح مشجعة تمنحنا اياها الاسفار المقدسة؟
٥ بعد اعطائه التشجيع الحبي ان ‹لا تضطرب قلوبهم› قال يسوع لرسله: «انتم تؤمنون باللّٰه فآمنوا بي.» (يوحنا ١٤:١) والاسفار المقدسة الموحى بها تعطينا نصائح عديدة مماثلة: «ألقِ على الرب همك فهو يعولك.» «سلّم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجري.» (مزمور ٥٥:٢٢؛ ٣٧:٥) وقد اعطى بولس الفيلبيين هذه النصيحة الحاسمة: «لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى اللّٰه. وسلام اللّٰه الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم (وقواكم العقلية).» — فيلبي ٤:٦، ٧.
٦ و ٧ (أ) ما هي احدى الطرائق لتخفيف الضغط؟ (ب) كيف يمكننا ان ننمي رباطا وثيقا بيهوه؟
٦ ان القلق او الهمّ الذي تسببه المشاكل والمسؤولية الثقيلة يمكن احيانا ان يؤثر في صحتنا كما في روحنا. لكنّ خبيرا في الطب، في كتاب «لا ترتاعوا،» يعلِّق: «اذا تمكن الناس من التحدث عن مشاكلهم مع شخص يحترمونه . . . غالبا ما ينخفض مستوى الضغط الى حد كبير.» فاذا كان الامر كذلك في ما يتعلق بتبادل الكلام مع انسان آخر فكم تكون عظيمة اكثر المساعدة التي تنتج من التكلم الى اللّٰه. لانه مَن يمكن ان يكون لدينا احترام عظيم له اكثر من يهوه؟
٧ ولهذا السبب فان علاقة شخصية وثيقة به هي حيوية جدا للمسيحيين اليوم. وخدام يهوه الناضجون يعرفون هذا الامر جيدا، ولذلك يحرصون على تجنب معاشرة الناس العالميين او التسلية التي يمكن ان تضعف هذه العلاقة. (١ كورنثوس ١٥:٣٣) وهم يقدِّرون ايضا اهمية مخاطبة يهوه في الصلاة، ليس فقط مرة او مرتين في اليوم، بل مراراً وتكرارا. والمسيحيون الاحداث او الجدد خصوصا يحتاجون الى تنمية هذا الرباط الوثيق بيهوه بالدرس والتأمل القانونيين في كلمته وبالمعاشرة والخدمة المسيحيتين. يجري حثنا: «اقتربوا الى اللّٰه فيقترب اليكم.» — يعقوب ٤:٨.
المشورة التي اعطاها يسوع
٨ و ٩ اية مشورة ايجابية يمكننا تطبيقها في ما يتعلق بالمشاكل الاقتصادية؟
٨ في بلدان عديدة تشكِّل البطالة والكساد الاقتصادي سببين خطيرين للقلق. وقد اعطى يسوع مشورة ايجابية جدا بشأن هذين الهمَّين: «لا تهتموا (لنفسكم) بما تأكلون وبما تشربون. ولا لاجسادكم بما تلبسون. أليست (النفس) افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس.» (متى ٦:٢٥) اجل، ان النفس والجسد، او الشخص بكامله، اهم بكثير من الطعام واللباس. وبامكان خدام اللّٰه ان يكونوا على يقين من انه سيساعدهم في الحصول على حاجاتهم الاساسية. وقد اعطى يسوع هذا المثال: «انظروا الى طيور السماء. انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن. وابوكم السماوي يقوتها. ألستم انتم بالحري افضل منها.» (متى ٦:٢٦) فمن غير المعقول ان يعيل اللّٰه المخلوقات المكسوة ريشا ومن ناحية اخرى ان يهمل خدامه البشر، الاعزاء جدا عليه والذين لاجلهم بذل المسيح حياته.
٩ ثم دعم يسوع ذلك بالاشارة الى زنابق الحقل التي لا تتعب ولا تغزل، ومع ذلك «ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.» وحكم الملك سليمان كان شهيراً بعظمته. وبعد ذلك يسأل يسوع معزيا: «أفليس بالحري جدا يلبسكم [اللّٰه] انتم.» — متى ٦:٢٨-٣٢، نشيد الانشاد ٣:٩، ١٠.
١٠ (أ) الى من يجري توجيه كلمات يسوع المعزية؟ (ب) اية نصيحة اعطاها بشأن المستقبل؟
١٠ لكنّ يسوع يمضي مبينا ان هذا فقط للذين يطلبون «اولا ملكوت اللّٰه وبره.» وحول العالم يقدِّر مثل هؤلاء المسيحيين الحقيقيين ما هو حقا ملكوت اللّٰه ويضعونه اولا في حياتهم. وعليهم ينطبق نصح يسوع: «فلا تهتموا للغد. لان الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شرّه.» (متى ٦:٣٣، ٣٤) وبكلمات اخرى، عالجوا كل مشكلة وقتما تنشأ، ولا تقلقوا على نحو غير ملائم بشأن المستقبل.
١١، ١٢ كيف شعر بعض المسيحيين بأن يهوه ساعدهم استجابة لصلواتهم؟
١١ ومع ذلك يميل معظم الناس الى القلق بشأن المستقبل، وخصوصا عندما تسير الامور على نحو خاطئ. لكنّ المسيحيين يستطيعون ويجب عليهم ان يلتفتوا الى يهوه بايمان. تأملوا في قضية اليانور. فقد كان زوجها مريضا جدا، وكان طوال سنة عاجزاً عن العمل. وكان لها ولدان صغيران ووالد مسنّ تعتني بهم، لذلك لم تستطع فوق ذلك الانهماك في عمل دنيوي كامل الوقت. فطلبوا من يهوه المساعدة. وذات صباح، بعد ذلك بوقت قصير، وجدوا ظرفا تحت الباب. وقد حوى مبلغا كبيرا من المال — كافياً لاعالتهم الى ان يتمكن الزوج من العمل مجدداً. فشعروا بالشكر العميق على هذه المساعدة في حينها. ولا يوجد ايّ اساس من الاسفار المقدسة للتوقع أن امراً مشابهاً سيحدث لكل مسيحي في احتياج، ولكن يمكننا ان نكون على يقين من ان يهوه سيسمع صراخنا وأن لديه المقدرة على مساعدتنا بطرائق متنوعة.
١٢ كان على ارملة مسيحية في افريقيا الجنوبية ان تبحث عن عمل لاعالة ولديها الصغيرين. لكنها رغبت بشدة في ان تعمل نصف نهار لكي تقضي وقتا معهما. وبعد ان وجدت عملا أُجبرت على الاستقالة منه عندما قرّر المدير انه في حاجة الى سكرتيرة كامل الوقت. وفيما هي عاطلة عن العمل من جديد صلَّت هذه الاخت بحرارة الى يهوه طلبا للمساعدة. وبعد ثلاثة اسابيع طلب منها مديرها السابق ان تعود على اساس العمل نصف نهار. فكم كانت سعيدة! لقد شعرت بأن يهوه استجاب صلواتها.
تضرعوا الى يهوه
١٣ (أ) ماذا يعني «(التضرع)»؟ (ب) اية امثلة لدينا من الاسفار المقدسة عن التضرع؟
١٣ لاحظوا من فضلكم انه بعد النصح، «لا تهتموا بشيء،» يضيف بولس، «بل في كل شيء بالصلاة و (التضرع) مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى اللّٰه.» (فيلبي ٤:٦) فلماذا ذكر «(التضرع)»؟ تعني الكلمة «استعطافا حارا،» او ‹صلاة توسلية.› وهي تتضمن الالتماس من اللّٰه بحرارة شديدة، كما في وقت الضغط او الخطر الشديدين. وعندما كان بولس سجينا طلب من الرفقاء المسيحيين ان يتضرعوا لاجله لكي يتمكن من الكرازة دون خوف بـ «الانجيل . . . كسفير في سلاسل.» (افسس ٦:١٨-٢٠) والقائد الروماني كرنيليوس ايضا كان «(يتضرع) الى اللّٰه في كل حين.» فيا للدهشة التي لا بدّ ان تكون قد اعترته عندما قال له الملاك: «صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا امام اللّٰه»! ويا للامتياز الذي ناله اذ كان بين اوائل الامميين الذين مسحوا بالروح القدس! — اعمال ١٠:١-٤، ٢٤، ٤٤-٤٨.
١٤ كيف يمكننا ان نعرف ما اذا كان يجب القيام بالتوسل الحار الى يهوه مرة واحدة فقط؟
١٤ والجدير بالذكر ان مثل هذا التوسل الحار الى يهوه لا يجري القيام به عادة مرة واحدة فقط. فقد علَّم يسوع في موعظته الشهيرة على الجبل: «(داوموا على السؤال) تعطوا. (داوموا على الطلب) تجدوا. (داوموا على القرع) يفتح لكم.» (متى ٧:٧) والعديد من ترجمات الكتاب المقدس ينقل ذلك الى: «اسألوا . . . اطلبوا . . . اقرعوا.» لكنّ اللغة اليونانية الاصلية تنقل فكرة العمل المستمر.a
١٥ (أ) لماذا كان نحميا مكمدّا حينما كان يقدم الخمر للملك ارتحشستا؟ (ب) كيف فعل نحميا اكثر من تقديمه صلاة مختصرة؟
١٥ عندما كان نحميا يخدم الملك الفارسي ارتحشستا كمقدِّم للخمر سأله الملك لماذا كان مكمدّا جدا. فقال نحميا ان ذلك كان لأنه علم بأن اورشليم كانت في حالة خراب. ثم سأله الملك: «ماذا طالب انت.» وعلى الفور طلب نحميا المساعدة من يهوه، ودون شك باختصار وبصمت. ثم طلب ان يُأذن له في العودة الى اورشليم لاعادة بناء مدينته المحبوبة. فجرت الموافقة على طلبه. (نحميا ٢:١-٦) ولكن، قبل تلك المقابلة الحاسمة، قضى نحميا اياما يتوسل ويتضرع الى يهوه طلبا للعون. (نحميا ١:٤-١١) فهل ترون الدرس في ذلك لكم؟
يهوه يستجيب
١٦ (أ) اي امتياز خصوصي تمتع به ابرهيم؟ (ب) اية ادوات مساعدة فعالة نملكها يمكن ان تشملها الاستجابات لصلواتنا؟
١٦ في بعض المناسبات تمتع ابرهيم بامتياز الاتصال بيهوه بواسطة ملائكة. (تكوين ٢٢:١١-١٨؛ ١٨:١-٣٣) ومع ان ذلك لا يحدث اليوم فاننا مباركون بأدوات مساعِدة فعالة كانت تنقص ابرهيم. واحداها هي الكتاب المقدس الكامل — مصدر لا ينضب للارشاد والتعزية. (مزمور ١١٩:١٠٥، رومية ١٥:٤) وفي كثير من الاحيان يمكن للكتاب المقدس ان يمنحنا الارشاد او التشجيع الذي نحتاج اليه اذ يساعدنا يهوه على تذكر العبارات التي نريدها. وتكرارا فان فهرس الآيات او احدى مطبوعات الكتاب المقدس العديدة التي زوَّدها يهوه بواسطة هيئته يمكن ان تعطينا الجواب. كما ان فهرسا مفصلا وفعالا لهذه المطبوعات هو ايضا مساعد آخر في ايجاد المعلومات اللازمة لا يقدَّر بثمن.
١٧ بأية طرائق اخرى قد يستجيب يهوه صلواتنا، وكيف يمكن للمسيحيين اللطفاء والوديين ان يساعدوا؟
١٧ اذا ازعجتنا مشكلة ما او شعرنا بالحزن او التثبط فان الاستجابات لصلواتنا يمكن ان تأتي بطرائق اخرى ايضا. مثلا، قد يحتوي خطاب من الكتاب المقدس في الجماعة او في محفل لشهود يهوه على «الدواء» الذي نحتاج اليه تماماً. وفي اوقات اخرى فان المحادثة مع مسيحي آخر تزوِّد ما نطلبه. وفي كثير من الاحيان يستطيع شيوخ الجماعة ان يقدموا التشجيع او النصيحة. حتى ان مجرد الافضاء بهموم قلبنا الى مسيحي ناضج، لطيف، وودّي يُحسِن الاصغاء غالبا ما يمكن ان يجعلنا افضل حالا بكثير. ويصحّ ذلك خصوصا اذا ساعدَنا هذا الصديق على التأمل في افكار الكتاب المقدس. وتبادل كلام كهذا يمكن ان يرفع عبءا ثقيلا عن ذهننا وقلبنا. — امثال ١٢:٢٥؛ ١ تسالونيكي ٥:١٤.
١٨ اي نشاط خصوصي يمكن ان يساعد المسيحيين للتغلب على فترات الكآبة، وكيف ساعد ذلك فاتحة شابة؟
١٨ ان اشكالاً مختلفة من الحالات النفسية الكئيبة شائعة في هذه ‹الازمنة الصعبة.› (٢ تيموثاوس ٣:١) فالناس يتثبطون ويغتمّون لاسباب متنوعة. وقد يحدث ذلك للمسيحيين ايضا، ويمكن ان يكون اختبارا مكدِّرا جدا. ومع ذلك وجد الكثيرون ان الكرازة بالبشارة ساعدتهم على التخلص من نوبة وقتية للكآبة.b فهل جرَّبتم ذلك؟ فعندما تشعرون نوعا ما بالتكدّر حاولوا الاشتراك في احد اشكال خدمة الملكوت. فالتحدث الى الآخرين عن ملكوت اللّٰه غالبا ما يساعدكم على تغيير حالة ذهنكم من السلبية الى الايجابية. ويمكن للتكلم عن يهوه واستعمال كلمته ان يمنحكم الفرح — احد ثمار روحه — ويجعلكم تشعرون على نحو مختلف. (غلاطية ٥:٢٢) وقد وجدت فاتحة شابة ايضا ان الانهماك في عمل الملكوت جعلها تدرك انه «بالمقارنة مع مشاكل الآخرين بدت [مشاكلها] صغيرة جدا ووقتية.»
١٩ كيف تغلب مسيحي يعاني من صحة ضعيفة على الافكار السلبية؟
١٩ وأحيانا يمكن للحالة الجسدية السيئة، المختلطة ربما بالهموم او المشاكل، ان تؤدي الى مزاج كئيب. وقد يجعل هذا الأمر المرء يستيقظ ليلا مضطربا، كما كان يحدث احيانا لمسيحي في منتصف العمر يعاني من صحة ضعيفة. لكنه وجد ان الصلاة القلبية كانت عونا حقيقيا. وكلما استيقظ شاعرا بالكآبة كان يصلّي الى يهوه بهدوء. وسرعان ما جعله ذلك يشعر بالتحسن. كما انه وجد مهدِّئا ايضا ان يعيد بذاكرته عبارات معزية من الكتاب المقدس، كالمزمور ٢٣ . وعلى نحو ثابت فان روح يهوه، العامل استجابة للصلاة او بواسطة كلمته، يساعد ان تُستبدل بحالة الفكر الكئيبة حالة أسعد. وقد استطاع الرجل في ما بعد ان يفكر في مشاكله باتزان وهدوء، ناظرا كيف يتمكن من التغلب عليها او شاعرا بالقوة لتحمّلها.
٢٠ لماذا قد تبدو الاستجابة للصلاة متأخرة احيانا؟
٢٠ هذا مثل يُظهر كيف يمكن للصلاة ان تأتي بالاستجابة. ولكن قد يظهر احيانا ان هنالك تأخرا في ايجاد الحل. ولماذا؟ ربما يلزم الاستجابة ان تنتظر وقت اللّٰه المعيَّن. ويظهر انه في بعض الحالات يسمح اللّٰه للمتوسلين اليه بأن يعربوا عن عمق اهتمامهم وشدة رغبتهم وأصالة تعبدهم. وأحد المرنمين الملهمين حصل على هذا الاختبار! — مزمور ٨٨:١٣، ١٤، قارنوا ٢ كورنثوس ١٢:٧-١٠.
٢١ لماذا هو امتياز عظيم ان نكون من شهود يهوه اليوم، وكيف يمكننا الاعراب عن التقدير؟
٢١ وعلى اية حال فان الاتصال باللّٰه القادر على كل شيء في الصلاة انما هو اختبار مقوٍّ للايمان يمكن ان يرفعنا من اليأس الى الثقة. وكم معزٍّ هو ان نعرف انه يسمع ويستجيب! وكما كتب بولس الى الجماعة في فيلبي يجب ان نقدِّم صلواتنا وتضرعاتنا «مع الشكر.» (فيلبي ٤:٦) اجل، يجب علينا يوميا ان نفتح قلوبنا اعترافا بالجميل ليهوه ونشكره «في كل شيء.» (١ تسالونيكي ٥:١٨) وسيساهم ذلك في رباط وثيق وقوي ويجلب لنا السلام. وتبيِّن المقالة التالية كم مهم ذلك لخدام يهوه في هذه الازمنة المضطربة والخطيرة.
[الحاشيتان]
a انسجاما مع دقة «ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة» يترجم تشارلز ب. ويليامز الآية: «داوموا على السؤال . . . داوموا على الطلب . . . داوموا على القرع يفتح لكم الباب.» — «العهد الجديد: ترجمة بلغة الشعب.»
b يختلف المزاج الحزين الوقتي عن الكآبة الشديدة المطوَّلة، التي هي حالة عاطفية او عقلية اكثر خطورة وتعقيدا بكثير. انظر «استيقظ!» عدد ٢٢ تشرين الاول ١٩٨٧ الصفحات ٣-١٦ بالانكليزية.
-
-
«سلام لكم»برج المراقبة ١٩٨٨ | ١٥ شباط (فبراير)
-
-
«سلام لكم»
«جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم.» — يوحنا ٢٠:١٩.
١ لماذا جهود الانسان لجلب السلام العالمي محكوم عليها بالفشل؟
«العالم كله قد وضع في الشرير.» (١ يوحنا ٥:١٩) لقد صحّ ذلك في ايام يوحنا، ويتَّضح اكثر اليوم ايضا بالازدياد المروّع في العنف الشخصي، الارهاب، الحروب، والفساد. كما ان عبارة يوحنا الموحى بها تستبعد ايّ امل ببلوغ السلام العالمي بواسطة مسعى بشري على الرغم من جهود البابا والقادة الامميين والامم المتحدة. ولماذا؟ «ليس سلام قال الهي للاشرار.» — اشعياء ٥٧:٢١.
٢ ماذا تتضمنه كلمة «سلام،» وخصوصا في العبرانية واليونانية؟
٢ لكنّ كلمة «سلام» يمكن ان تعني شيئا غير مجرد غياب الحرب. فالسلام يمكن ان يكون ايضا «حالة عقلية او روحية موسومة بالتحرر من الافكار او العواطف المقلقة او المضايقة: هدوء العقل والقلب.» غير ان الكلمة العبرانية المنقولة الى «سلام» (شالوم) والكلمة اليونانية (ايرين) لهما معنى اوسع ايضا. فهما تشيران كذلك الى الخير، كما في كلمات الوداع، «اذهبي بسلام.» (١ صموئيل ١:١٧؛ ٢٩:٧، لوقا ٧:٥٠؛ ٨:٤٨) ويساعدنا ذلك على تقدير اهتمام يسوع الحبي بتلاميذه خلال الفترة العصيبة التي احاطت بموته.
٣ كيف اظهر يسوع اهتماما عميقا بتلاميذه بعد قيامته، وبأية نتيجة؟
٣ مات يسوع يوم الجمعة في ١٤ نيسان قمري سنة ٣٣ بم. وأُقيم يوم الاحد في ١٦ نيسان قمري. ولكونه، كما هو على الدوام، مهتما بعمق بخير تلاميذه بحث عنهم آنذاك. فأين وجدهم؟ لقد كانوا وراء ابواب مغلقة «لسبب الخوف من اليهود.» ومن المفهوم انهم كانوا قلقين وخائفين. لكنّ يسوع قال: «سلام لكم.» (يوحنا ٢٠:١٩-٢١، ٢٦) وفي ما بعد، اذ تقووا بالروح القدس، تحسّنت حالهم. وعالجوا تعيين كرازتهم بجرأة، مساعدين الكثيرين على بلوغ السلام الالهي.
السلام الالهي اليوم
٤ كيف يستطيع شعب يهوه ان يحافظوا على سلام العقل والقلب في هذه الازمنة الصعبة؟
٤ نحن نعيش في وقت النهاية، في «ازمنة صعبة.» (٢ تيموثاوس ٣:١) والفرسان المنبأ بهم في سفر الرؤيا ينطلقون في الارض — كما يمكنكم ان تروا من الحروب، والنقص في الاغذية، والموت من المرض. (رؤيا ٦:٣-٨) ويتأثر شعب يهوه ايضا بالاحوال المحيطة بهم. فكيف تستطيعون ان تحافظوا على السلام الالهي للعقل والقلب؟ بالبقاء ملتصقين بالمصدر العظيم للتعزية والسلام. وكما اظهرت المقالة السابقة، يتطلب ذلك الصلاة والتضرع الدائمين. وبهذه الطريقة فان «سلام اللّٰه الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم (وقواكم العقلية) في المسيح يسوع.» — فيلبي ٤:٦، ٧.
٥ لماذا كان بولس متيقنا ان «سلام اللّٰه» يمكن ان يحفظ قلوبنا؟
٥ والرسول بولس، الذي كتب هذه الكلمات، تحمَّل هو نفسه المخاطر والمشقات. فقد سجن وضرب من اليهود والرومان. ورجم وترك كميت. والسفر في تلك الايام كان محفوفا بالمخاطر؛ فانكسرت ببولس السفينة ثلاث مرات، وكثيرا ما تعرض للخطر من قطّاع الطرق. وقضى الليالي ساهرا وتألم تكرارا من البرد والجوع والعطش. وعدا ذلك كله شعر يوميا بـ «الاهتمام بجميع (الجماعات).» (٢ كورنثوس ١١:٢٤-٢٨) لذلك عرف بولس من الاختبار الشخصي الواسع كم مهم هو «سلام اللّٰه» الذي يمكن ان يحفظ قلوبنا.
٦ لماذا هو حيوي ان نؤسس ونحافظ على رباط حميم ووثيق بخالقنا؟
٦ ويمكن ايضاح «سلام اللّٰه» بأنه شعور بالهدوء والسكون، عاكساً علاقة جيدة باللّٰه. وهذا مهم جدا للمسيحيين خصوصا عندما يواجهون الاضطهاد او الضيق. ولماذا؟ حسنا، جميعنا ناقصون؛ اذاً، عندما تضايقنا المشاكل، الضغط، المقاومة، او مختلف انواع العوائق يمكن بسهولة ان نصير خائفين. وقد يؤدي ذلك الى فشلنا في المحافظة على استقامتنا. ويجلب مثل هذا الامر التعيير على اسم اللّٰه، ويخسرنا رضى يهوه، ويمكن ان يؤدي بنا الى خسارة الحياة الابدية. فكم هو حيوي ان نجتهد لنربح «سلام اللّٰه» الذي يساعدنا على مواجهة مثل هذه التحديات بنجاح. وهذا السلام هو بالتأكيد من ‹العطايا الصالحة والمواهب التامة› التي جعلها ابونا السماوي متوافرة. — يعقوب ١:١٧.
٧ و ٨ (أ) على ماذا يتأسس «سلام اللّٰه،» وكيف «يفوق كل عقل»؟ (ب) كيف جرى تمثيل سلام كهذا في قضية احد الاخوة الافريقيين؟
٧ ربما رأيتم ان بعض الناس يمضون في الحياة هادئين وواثقين. وغالبا ما يكون ذلك ناتجاً من المقدرة الطبيعية، النفوذ العائلي، الغنى، الثقافة، او عوامل اخرى كهذه. لكنّ «سلام اللّٰه» مختلف جدا. فهو غير مؤسس على الظروف المؤاتية، ولا ينتج من المقدرة او التفكير البشريين. وهو ينبثق من اللّٰه و «يفوق كل عقل.» وترجمة ج. ب. فيلبس لفيلبي ٤:٧ تقول ان «سلام اللّٰه . . . يفوق الفهم البشري.» والناس العالميون غالباً ما تذهلهم الطريقة التي بها يواجه المسيحيون المشاكل الخطيرة او الاذى الجسدي او حتى الموت.
٨ والمثال العصري لذلك هو احد شهود يهوه الذي كان يدير اجتماعا مسيحيا في بلد افريقي حيث اتُّهم الشهود، وبتحريض من الكاثوليك المحليين خصوصا، بأنهم ارهابيون. وفجأة ظهر رجال الشرطة العسكرية بحراب مركَّزة. فصرفوا النساء والاولاد الى بيوتهم لكنهم بدأوا بضرب الرجال. ويذكر الشاهد: «لا اجد الكلمات لأصف الطريقة التي عوملنا بها. فقد اعلن العريف المسؤول جهارا اننا سنضرب حتى الموت. فتلقّيت ضربات كهذه بهراوة خشبية حتى انني تقيأت دما بعد ذلك لمدة ٩٠ يوما. إلا انني كنت قلقا على حياة رفقائي. وفي الصلاة سألت يهوه ان يعتني بحياة هؤلاء، خرافه،» الذين نجوا جميعا. فيا له من مثال للمحافظة على الهدوء في المحنة الشديدة ولاعتبار الآخرين بشكل حبي! اجل، يستجيب ابونا السماوي المحب لطلبات خدامه الامناء، مانحا اياهم سلامه. وقد علَّق احد الجنود المتحيرين في تلك القضية ان اله الشهود «لا بدّ ان يكون الاله الحقيقي.»
٩ اي تأثير يمكن ان يكون لقراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه؟
٩ في هذه الازمنة الصعبة يعاني مسيحيون كثيرون من مشاكل تجعلهم يشعرون بالخيبة والتثبط. والطريقة البديعة للمحافظة على سلام العقل هي بقراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه. فذلك يمكن ان يمنح المرء القوة والتصميم على التقدم والثبات. «كلمة اللّٰه حية وفعالة.» — عبرانيين ٤:١٢.
١٠ كيف يمكن ان تكون المقدرة على تذكر الآيات بركة؟
١٠ ولكن ماذا اذا ادركتنا المحنة عندما يكون الكتاب المقدس غير متوافر؟ مثلا، قد يُقبض على مسيحي فجأة ويوضع في السجن دون كتاب مقدس. في هذه الحال يصير بركة حقيقية ان يكون قادرا على تذكر آيات مثل فيلبي ٤:٦، ٧، امثال ٣:٥، ٦؛ ١ بطرس ٥:٦، ٧، والمزمور ٢٣. ألا تقدِّرون عميقا كونكم قادرين على تذكر مثل هذه العبارات والتأمل فيها؟ ففي وضع السجن المروِّع تكون الحال كما لو ان يهوه نفسه يتحدث اليكم. وكلمة اللّٰه يمكن ان تشفي العقول المتأذية وتقوّي القلوب الضعيفة وتُحلّ السلام محل الكرب العقلي. (انظروا مزمور ١١٩:١٦٥.) اجل، من المهم جدا ان نغرس آيات في عقولنا الآن فيما لا نزال نملك الفرصة لذلك.
١١ كيف اظهر اخ في هولندا الحاجة الى الطعام الروحي؟
١١ كان آرثر وينكلر احد الاشخاص الذين قدَّروا عميقا الكتاب المقدس وخصوصا خلال الاحتلال النازي لهولندا حين لزم الشهود ان يواصلوا نشاطهم المسيحي سرّا. وكان الغستابو يطاردون الاخ وينكلر. وعندما قبضوا عليه اخيرا حاولوا حمله على المسايرة لكنهم فشلوا. ثم انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه. واذ انقلعت اسنانه وانخلع فكّه الاسفل وضُرب جسده بقساوة وُضِع في زنزانة مظلمة. لكنّ حارسه كان عطوفا وودودا. فالتمس الاخ وينكلر توجيه يهوه في الصلاة. وشعر بعمق ايضا بالحاجة الى الطعام الروحي، وطلب من الحارس المساعدة. وفي ما بعد فُتح باب الزنزانة وأُلقي كتاب مقدس في داخلها. «كم كان مفرحا،» يتذكر الاخ وينكلر، «ان اتمتع يوميا بكلمات الحق المسرّة . . . شعرت بأنني كنت اتقوّى روحيا اكثر.»a
السلام الالهي يحفظكم
١٢ لماذا هنالك حاجة خصوصية الى حفظ قلوبنا وقوانا العقلية؟
١٢ يعد يهوه بأن سلامه سوف «يحفظ قلوبكم (وقواكم العقلية).» (فيلبي ٤:٧) وهذا الامر حيوي جدا! فالقلب هو مقر الدوافع والعواطف. وفي هذه الايام الاخيرة يمكن لقلوبنا ان تضعف بسهولة بسبب الخوف او القلق، او ان تغوينا لارتكاب الخطإ. والنمط العام للحياة يفسد بسرعة. فيجب ان نكون متيقظين باستمرار. وبالاضافة الى حاجتنا الى قلوب قوية يجب ان نسمح للّٰه بأن يقوّي ويوجه ‹قوانا العقلية› بواسطة كلمته وجماعته.
١٣ اية فوائد يمكن ان تأتي من حفظ قوانا العقلية؟
١٣ وبحسب و. أ. فاين فان الكلمة اليونانية «نويما» (المترجمة الى «قوى عقلية») تحمل فكرة «القصد» او «الرغبة.» («القاموس التفسيري لكلمات العهد الجديد») وهكذا يمكن لسلام اللّٰه ان يقوي قصدنا المسيحي ويحفظنا من ايّ ميل الى اضعاف عقولنا او تغييرها دون سبب وجيه. وهكذا لن يعيقنا التثبط او المشاكل بسهولة. مثلا، اذا قصدنا ان نخدم يهوه بصفة خصوصية، كما بالصيرورة خادما فاتحا كامل الوقت او الانتقال للخدمة حيث الحاجة ماسة الى خدام، سيكون «سلام اللّٰه» عونا كبيرا لنا في المثابرة نحو هذا الهدف. (قارنوا لوقا ١:٣، اعمال ١٥:٣٦؛ ١٩:٢١، رومية ١٥:٢٢-٢٤، ٢٨؛ ١ تسالونيكي ٢:١، ١٨.) ولتقوية قواكم العقلية اكثر خصصوا وقتا وافرا لدرس كلمة اللّٰه والمعاشرة المسيحية. وبذلك تغذّون عقلكم وقلبكم بأفكار طاهرة وبناءة. فهل يمكنكم ان تخصصوا وقتا كافيا لتفهموا «اقوال» اللّٰه الموحى بها؟ وهل تمنحونها المزيد من الانتباه؟
١٤ الى اية مشورة موحى بها يجب ان نصغي بانتباه، ولماذا؟
١٤ يمكنكم ان تروا ان القلب والعقل، او القوى العقلية، كليهما لهما علاقة في اقتناء «سلام اللّٰه» والاستفادة منه. وهذا ما تؤيده النصيحة الالهية: «يا ابني أصغِ الى كلامي. أمل اذنك الى اقوالي. لا تبرح عن عينيك. احفظها في وسط قلبك. لانها هي حياة للذين يجدونها ودواء لكل الجسد. فوق كل تحفظ احفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة.» — امثال ٤:٢٠-٢٣.
١٥ اي دور يقوم به يسوع في امتلاكنا «سلام اللّٰه»؟
١٥ و «سلام اللّٰه» الناجم عن رباط دافئ حميم ووثيق بيهوه يحفظ قلوبنا وقوانا العقلية «في المسيح يسوع.» (فيلبي ٤:٧) فأيّ دور يقوم به يسوع في هذا الأمر؟ يوضح بولس: «نعمة لكم وسلام من اللّٰه الآب ومن ربنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه لاجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب ارادة اللّٰه وأبينا.» (غلاطية ١:٣، ٤) اجل، بذل يسوع حياته بمحبة لكي نُفتدى. (متى ٢٠:٢٨) لذلك فانه «في المسيح يسوع» يمكننا ان نكون مقبولين لدى يهوه كخدام منتذرين له ونكون في وضعٍ يؤهلنا للتمتع بهذا السلام الالهي الذي يمكن ان يكون وقاية لنا.
الاخطار التي تهدد السلام الالهي
١٦ اية مشورة اعطاها بولس يمكن ان تساعدنا للمحافظة على «سلام اللّٰه»؟
١٦ وحالما ننال السلام من اللّٰه ونتمتع به ينبغي لنا ان نمارس الحرص للمحافظة عليه. وهنالك عوامل كثيرة يمكن ان تسلب المسيحيين السلام. ومن بين العوامل الاكثر شيوعا، والاشد خطرا بالتأكيد، الشهوات الشبابية. وفي رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس، الذي ربما كان آنذاك في اوائل الثلاثينات من العمر، شمل هذه المشورة: «أما الشهوات الشبابية فاهرب منها واتبع البر والايمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.» — ٢ تيموثاوس ٢:٢٢.
١٧ ماذا حدث في احيان كثيرة في ما يتعلق بتدبير يهوه للجنس؟
١٧ تشمل هذه الشهوات الدافع الجنسي، الذي له مكان مكرَّم ضمن الزواج. ولكن، على مرّ التاريخ، جرت اساءة التعبير عن هذا الدافع في العلائق الجنسية قبل الزواج او خارج نطاقه، وكلاهما لا يرضى عنهما خالقنا الحكيم. (عبرانيين ١٣:٤، تكوين ٣٤:١-٣) وخطر الاستسلام للفساد الادبي الجنسي يهدِّد المسيحيين اليوم، الصغار والكبار على حدّ سواء. وفي هذه الايام الاخيرة لعالم الخلاعة صار الجنس يعني للكثيرين مجرد الشهوة الجسدية، المصحوبة في اغلب الاحيان بالممارسات الشائعة بين مضاجعي النظير، الذكور والاناث. — رومية ١:٢٤-٢٧.
١٨ لماذا قلوب البعض ليست ثابتة بعد، والى ماذا قد يؤدي ذلك؟
١٨ وواقع عيشنا في جوّ كهذا يؤكد كم هو حيوي ان نمتلك قلوبا قوية وثابتة متعبدة ليهوه. وبعض الذين قبلوا رسالة الملكوت، ويؤمنون بحقائق الكتاب المقدس الاساسية، ويعاشرون قانونيا شعب يهوه لا يطوِّرون تقديرا عميقا ليهوه وكلمته وجماعته العالمية النطاق. فقلوبهم ليست ثابتة بعد. ويمكن ان ينحرفوا بسهولة بسبب «الشهوات الشبابية.» وقد يقاوم بعضهم التجارب لارتكاب العهارة او الزنا لكنهم يصيرون، كما حذّر بولس، «محبين للّذّات دون محبة للّٰه.» (٢ تيموثاوس ٣:٤) فهم يصرفون في مشاهدة التلفزيون، قراءة الروايات، او الاستماع الى الموسيقى الصاخبة وقتا اكثر بكثير مما يصرفون في الدرس الشخصي والاجتماعات المسيحية او خدمة الملكوت. وهذا يؤدّي بسهولة الى الضعف الروحي، وأخيرا الى الوقوع في خطية خطيرة.
١٩ ماذا يجب ان نفعل لنتجنب الانجراف بعيدا؟
١٩ وينجرف مثل هؤلاء الاشخاص، كمركب دون مرساة، في تيار يجري نحو الكارثة. فماذا ينبغي ان يفعلوا؟ ينصح بولس: «لذلك من الضروري ان نتنبَّه اكثر من المعتاد الى الامور التي سمعناها لئلا نُجرف بعيدا.» (عبرانيين ٢:١، عج) ولذلك فان الذين هم في خطر يجب ان ‹يتنبَّهوا اكثر من المعتاد› الى درس كلمة اللّٰه والاستعداد للاجتماعات المسيحية ومشاركة الآخرين في حقائق الملكوت. طبعا، من السهل ان نفكر، ‹هذه نصيحة جيدة، لكنني لست في هذه الحالة، ولذلك لا تنطبق عليّ.› فكم يكون حكيما اكثر ان يتأمل كل واحد منا جديا في كيفية التمكن من تطهير قلوبنا وأفكارنا العميقة وشهواتنا الى حدّ أبعد واتِّباع «البر والايمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.» (٢ تيموثاوس ٢:٢٢) وقبل كل شيء، يجب ان نسأل اللّٰه الارشاد ومساعدة روحه المقوية.
٢٠ ماذا يجب ان يفعل اي شخص يقترف خطأ جسيما؟
٢٠ أما اذا صار البعض مذنبين بخطإ جسيم وأخفوه فمن الواضح انهم سيخسرون رضى يهوه و «سلام اللّٰه» الذي يملكونه. وسيخسرون ايضا سلام عقلهم. (قارنوا ٢ صموئيل ٢٤:١٠، متى ٦:٢٢، ٢٣.) اذاً، يمكنكم ان تروا لماذا هو ضروري لايّ مسيحي وقع في خطية خطيرة ان يعترف بها ليهوه وللشيوخ المحبين، الذين يمكنهم ان يقدِّموا الشفاء الروحي. (اشعياء ١:١٨، ١٩؛ ٣٢:١، ٢، يعقوب ٥:١٤، ١٥) وعندما يطلب شخص خسر الاتزان الروحي في طريق الخطية الزلق المساعدة من اخوة ناضجين لن يستمر في امتلاك ضمير مضطرب او ان يكون دون سلام الهي.
٢١ اي سبب للشكر العميق ليهوه لدينا اليوم، وماذا يجب ان يكون تصميمنا؟
٢١ يا له من امتياز ان نكون من شهود يهوه المنتذرين اليوم! فحولنا يتحطم هذا العالم الشيطاني ويصير خِربا. وعما قريب سيمضي. وكثيرون من الناس «يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة.» أما نحن فيمكننا ان نرفع رؤوسنا لاننا نعرف ان ‹نجاتنا تقترب.› (لوقا ٢١:٢٥-٢٨) ولكي نُظهر كم نحن شاكرون ليهوه سلامه «الذي يفوق كل عقل» فلنبذل اقصى جهدنا لنخدم بأمانة «اله السلام.» — رومية ١٥:٣٣؛ ١ كورنثوس ١٥:٥٨.
[الحاشية]
a انظر «الكتاب السنوي ١٩٨٦ لشهود يهوه،» الصفحات ١٥٤-١٥٧.
-