-
دافعَ عن العبادة النقيةاقتد بإيمانهم
-
-
اَلْفَصْلُ ٱلْعَاشِرُ
دَافَعَ عَنِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلنَّقِيَّةِ
١، ٢ (أ) مِمَّ كَانَ شَعْبُ ٱللّٰهِ يُعَانُونَ؟ (ب) مَنْ كَانَ إِيلِيَّا سَيُوَاجِهُ عَلَى جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ؟
رَاقَبَ إِيلِيَّا ٱلْجُمُوعَ يَصْعَدُونَ جَبَلَ ٱلْكَرْمَلِ كَجَيْشٍ مُنْكَسِرٍ. كَانَتْ أَمَارَاتُ ٱلْفَقْرِ وَٱلْعَوَزِ بَادِيَةً عَلَيْهِمْ رَغْمَ ضَوْءِ ٱلْفَجْرِ ٱلْخَافِتِ. وَلَا عَجَبَ فِي ذٰلِكَ. فَٱلْقَحْطُ ٱلَّذِي ٱبْتَلَى أَرْضَهُمْ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ وَنِصْفًا تَرَكَ بَصَمَاتِهِ عَلَيْهِمْ.
٢ ضَمَّتِ ٱلْجُمُوعُ ٤٥٠ نَبِيًّا لِلْبَعْلِ رَاحُوا يَخْتَالُونَ فِي مِشْيَتِهِمْ تَكَبُّرًا، وَقَدِ ٱمْتَلَأَتْ قُلُوبُهُمْ حِقْدًا عَلَى إِيلِيَّا نَبِيِّ يَهْوَهَ. فَمَعَ أَنَّ ٱلْمَلِكَةَ إِيزَابِلَ أَعْدَمَتْ كَثِيرِينَ مِنْ خُدَّامِ ٱللّٰهِ، بَقِيَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ثَابِتًا فِي وَجْهِ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ. وَلٰكِنْ إِلَى مَتَى؟ لَرُبَّمَا خُيِّلَ إِلَى هٰؤُلَاءِ ٱلْكَهَنَةِ أَنَّ رَجُلًا بِمُفْرَدِهِ لَنْ يَسْتَطِيعَ أَبَدًا ٱلصُّمُودَ فِي وَجْهِهِمْ جَمِيعًا. (١ مل ١٨:٤، ١٩، ٢٠) وَقَدْ أَتَى إِلَى ٱلْمَوْقِعِ أَيْضًا ٱلْمَلِكُ أَخْآبُ فِي مَرْكَبَتِهِ ٱلْمَلَكِيَّةِ، وَهُوَ ٱلْآخَرُ مَا كَانَ يُحِبُّ إِيلِيَّا.
٣، ٤ (أ) لِمَ يُحْتَمَلُ أَنَّ إِيلِيَّا شَعَرَ بِٱلْخَوْفِ فِيمَا بَزَغَ فَجْرُ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلْحَاسِمِ؟ (ب) أَيُّ سُؤَالَيْنِ سَنُجِيبُ عَنْهُمَا؟
٣ كَانَ هٰذَا ٱلنَّبِيُّ ٱلْوَحِيدُ قَادِمًا عَلَى يَوْمٍ حَاسِمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهُ فِي حَيَاتِهِ. فَجَبَلُ ٱلْكَرْمَلِ كَانَ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَشْهَدَ أَعْظَمَ مُوَاجَهَةٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ بَيْنَ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ. وَكَيْفَ شَعَرَ إِيلِيَّا فِيمَا بَزَغَ فَجْرُ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ؟ يُحْتَمَلُ جِدًّا أَنَّ ٱلْخَوْفَ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ كَانَ «إِنْسَانًا بِمِثْلِ مَشَاعِرِنَا». (اقرأ يعقوب ٥:١٧.) لٰكِنَّ ٱلْأَمْرَ ٱلْيَقِينَ أَنَّهُ أَحَسَّ بِٱلْوَحْدَةِ وَهُوَ مُحَاطٌ بِأُنَاسٍ يَفْتَقِرُونَ إِلَى ٱلْإِيمَانِ، بِمَلِكٍ مُرْتَدٍّ، وَبِكَهَنَةٍ يَطْلُبُونَ قَتْلَهُ. — ١ مل ١٨:٢٢.
٤ وَلٰكِنْ لِمَ نَشَأَتْ هٰذِهِ ٱلْأَزْمَةُ فِي إِسْرَائِيلَ؟ وَمَا عَلَاقَتُكَ أَنْتَ بِهٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟ لِنَتَأَمَّلْ مَعًا كَيْفَ رَسَمَ إِيلِيَّا مِثَالًا فِي ٱلْإِيمَانِ، وَمَاذَا عَسَانَا نَسْتَفِيدُ مِنْهُ ٱلْيَوْمَ.
صِرَاعٌ طَوِيلٌ يَبْلُغُ ذُرْوَتَهُ
٥، ٦ (أ) أَيُّ صِرَاعٍ خَاضَتْهُ إِسْرَائِيلُ؟ (ب) كَيْفَ أَغَاظَ ٱلْمَلِكُ أَخْآبُ يَهْوَهَ؟
٥ رَأَى إِيلِيَّا مُعْظَمَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ كَيْفَ كَانَتِ ٱلْعِبَادَةُ ٱلْحَقَّةُ، ٱلسِّمَةُ ٱلَّتِي مَيَّزَتْ أَرْضَهُ وَشَعْبَهُ، تُرْفَضُ وَتُدَاسُ فِيمَا هُوَ عَاجِزٌ عَنْ تَصْوِيبِ ٱلْأُمُورِ. فَلَطَالَمَا خَاضَتْ إِسْرَائِيلُ صِرَاعًا طَوِيلًا بَيْنَ ٱلدِّينِ ٱلْحَقِّ وَٱلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ، بَيْنَ عِبَادَةِ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ وَعِبَادَةِ ٱلْأَصْنَامِ ٱلَّتِي مَارَسَتْهَا ٱلْأُمَمُ ٱلْمُجَاوِرَةُ. وَفِي زَمَنِ إِيلِيَّا، بَلَغَ هٰذَا ٱلصِّرَاعُ أَسْوَأَ مَرَاحِلِهِ.
٦ فَٱلْمَلِكُ أَخْآبُ أَغَاظَ يَهْوَهَ كَثِيرًا حِينَ تَزَوَّجَ إِيزَابِلَ ٱبْنَةَ مَلِكِ صَيْدُونَ. فَقَدْ صَمَّمَتْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ عَلَى تَرْوِيجِ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ وَٱسْتِئْصَالِ عِبَادَةِ يَهْوَهَ. وَسُرْعَانَ مَا ٱسْتَسْلَمَ أَخْآبُ لِتَأْثِيرِهَا ٱلْمُفْسِدِ. فَبَنَى هَيْكَلًا وَمَذْبَحًا لِلْبَعْلِ وَقَادَ ٱلشَّعْبَ فِي ٱلسُّجُودِ لِهٰذَا ٱلْإِلٰهِ ٱلْوَثَنِيِّ. — ١ مل ١٦:٣٠-٣٣.
٧ (أ) لِمَاذَا كَانَتْ عِبَادَةُ ٱلْبَعْلِ بَغِيضَةً جِدًّا؟ (ب) لِمَ نَحْنُ وَاثِقُونَ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ لَا يُنَاقِضُ نَفْسَهُ بِشَأْنِ طُولِ فَتْرَةِ ٱلْقَحْطِ فِي زَمَنِ إِيلِيَّا؟ (اُشْمُلِ ٱلْإِطَارَ.)
٧ وَلِمَاذَا ٱعْتُبِرَتْ عِبَادَةُ ٱلْبَعْلِ بَغِيضَةً إِلَى هٰذَا ٱلْحَدِّ؟ لِأَنَّهَا ٱجْتَذَبَتْ قُلُوبَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَأَبْعَدَتِ ٱلْكَثِيرِينَ عَنِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِيقِيِّ. هٰذَا وَإِنَّهَا كَانَتْ عَنِيفَةً وَمُثِيرَةً لِلِٱشْمِئْزَازِ. فَأَثْنَاءَ تَأْدِيَتِهَا، مَارَسَ بَغَايَا وَمَأْبُونُو ٱلْهَيْكَلِ ٱلدَّعَارَةَ، أَدَّى عُبَّادُهَا طُقُوسَ ٱلْعَرْبَدَةِ ٱلْجِنْسِيَّةِ، وَقَدَّمُوا أَيْضًا ٱلْأَوْلَادَ ذَبَائِحَ. لِذٰلِكَ أَرْسَلَ يَهْوَهُ إِيلِيَّا إِلَى أَخْآبَ لِيُعْلِنَ أَنَّ قَحْطًا سَيَضْرِبُ إِسْرَائِيلَ فَتْرَةً لَنْ تَنْتَهِيَ إِلَّا بِإِعْلَانٍ آخَرَ مِنَ ٱلنَّبِيِّ. (١ مل ١٧:١) وَقَدْ مَرَّتْ بِضْعُ سَنَوَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ إِيلِيَّا مُجَدَّدًا إِلَى أَخْآبَ وَيَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَجْمَعَ ٱلشَّعْبَ وَأَنْبِيَاءَ ٱلْبَعْلِ فِي جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ.a
يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱلْأَوْجُهَ ٱلْأَهَمَّ ٱلَّتِي مَيَّزَتْ عِبَادَةَ ٱلْبَعْلِ لَا تَزَالُ ظَاهِرَةً ٱلْيَوْمَ بِكُلِّ وُضُوحٍ
٨ مَا عَلَاقَتُنَا ٱلْيَوْمَ بِٱلرِّوَايَةِ عَنْ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ؟
٨ وَلٰكِنْ مَا عَلَاقَتُنَا نَحْنُ بِهٰذَا ٱلصِّرَاعِ؟ يَفْتَرِضُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةَ عَنْ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ لَا تَعْنِينَا لِأَنَّنَا لَا نَرَى هَيَاكِلَ وَمَذَابِحَ لَهُ ٱلْيَوْمَ. غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْقِصَّةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ تَارِيخٍ قَدِيمٍ. (رو ١٥:٤) فَكَلِمَةُ «بَعْلٍ» تَعْنِي «مَالِكًا» أَوْ «سَيِّدًا». وَيَهْوَهُ أَوْصَى أُمَّتَهُ أَنْ تَخْتَارَهُ هُوَ ‹بَعْلًا› لَهَا، أَيْ مَالِكًا لَهَا بِصِفَتِهِ زَوْجَهَا. (اش ٥٤:٥) وَلٰكِنْ أَلَا تُوَافِقُ أَنَّ ٱلنَّاسَ حَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا يَخْدُمُونَ أَسْيَادًا كَثِيرِينَ غَيْرَ ٱللّٰهِ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؟ فَهُمْ يَفْعَلُونَ ذٰلِكَ حِينَ يُكَرِّسُونَ حَيَاتَهُمْ لِجَنْيِ ٱلْمَالِ أَوِ ٱلتَّسْلِيَةِ أَوِ ٱلْمَلَذَّاتِ ٱلْجِنْسِيَّةِ أَوِ ٱلنَّجَاحِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلْمِهَنِيَّةِ أَوْ لِأَيٍّ مِنَ ٱلْآلِهَةِ ٱلْعَدِيدَةِ ٱلَّتِي تُعْبَدُ عِوَضَ يَهْوَهَ. (مت ٦:٢٤؛ اقرأ روما ٦:١٦.) لِذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱلْأَوْجُهَ ٱلْأَهَمَّ ٱلَّتِي مَيَّزَتْ عِبَادَةَ ٱلْبَعْلِ لَا تَزَالُ ظَاهِرَةً ٱلْيَوْمَ بِكُلِّ وُضُوحٍ. وَعَلَيْهِ، إِنَّ ٱلتَّأَمُّلَ فِي ٱلصِّرَاعِ ٱلَّذِي حَدَثَ قَدِيمًا بَيْنَ يَهْوَهَ وَٱلْبَعْلِ يُسَاعِدُنَا أَنْ نَخْتَارَ بِحِكْمَةٍ مَنْ نَخْدُمُ.
كَيْفَ كَانُوا ‹يَعْرُجُونَ بَيْنَ رَأْيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ›؟
٩ (أ) لِمَ كَانَ جَبَلُ ٱلْكَرْمَلِ مَكَانًا مِثَالِيًّا لِتَشْهِيرِ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.) (ب) مَاذَا قَالَ إِيلِيَّا لِلشَّعْبِ؟
٩ مِنْ عَلَى قِمَّةِ جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ يَرَى ٱلنَّاظِرُ مَشْهَدًا رَائِعًا: مِنْ وَادِي قِيشُونَ فِي ٱلْأَسْفَلِ إِلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْكَبِيرِ (ٱلْبَحْرِ ٱلْأبْيَضِ ٱلْمُتَوَسِّطِ) ٱلْمُجَاوِرِ وُصُولًا حَتَّى جِبَالِ لُبْنَانَ فِي ٱلْأُفُقِ ٱلْبَعِيدِ شَمَالًا.b وَلٰكِنْ فِيمَا أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلتَّارِيخِيِّ، بَدَا ٱلْمَشْهَدُ كَئِيبًا لِلْغَايَةِ. فَقَدْ خَيَّمَ ٱلْمَوْتُ عَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي تَمَيَّزَتْ يَوْمًا بِتُرْبَتِهَا ٱلْخِصْبَةِ، تِلْكَ ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا يَهْوَهُ لِنَسْلِ إِبْرَاهِيمَ. فَهِيَ ٱلْآنَ جَرْدَاءُ مَاحِلَةٌ بِفِعْلِ ٱلشَّمْسِ ٱلْحَارِقَةِ، خَرِبَةٌ بِسَبَبِ حَمَاقَةِ شَعْبِ ٱللّٰهِ. وَبَعْدَمَا ٱحْتَشَدَتِ ٱلْجُمُوعُ عَلَى ٱلْجَبَلِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ إِيلِيَّا وَخَاطَبَهُمْ قَائِلًا: «إِلَى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ رَأْيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؟ إِنْ كَانَ يَهْوَهُ هُوَ ٱللّٰهَ فَٱتْبَعُوهُ، وَإِنْ كَانَ ٱلْبَعْلُ فَٱتْبَعُوهُ». — ١ مل ١٨:٢١.
١٠ كَيْفَ كَانَ ٱلشَّعْبُ فِي زَمَنِ إِيلِيَّا ‹يَعْرُجُونَ بَيْنَ رَأْيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ›، وَأَيُّ حَقِيقَةٍ جَوْهَرِيَّةٍ غَابَتْ عَنْ بَالِهِمْ؟
١٠ مَاذَا عَنَى إِيلِيَّا بِعِبَارَةِ «تَعْرُجُونَ بَيْنَ رَأْيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ»؟ لَمْ يُدْرِكِ ٱلشَّعْبُ أَنَّ عَلَيْهِمِ ٱلِٱخْتِيَارَ بَيْنَ عِبَادَةِ يَهْوَهَ وَعِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ. فَقَدِ ٱعْتَقَدُوا أَنَّ فِي وُسْعِهِمِ ٱلتَّوْفِيقَ بَيْنَ ٱلِٱثْنَيْنِ، أَيِ ٱسْتِرْضَاءِ ٱلْبَعْلِ بِطُقُوسِهِمِ ٱلْمُثِيرَةِ لِلِٱشْمِئْزَازِ وَفِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ تَقْدِيمِ طِلْبَاتِهِمْ إِلَى يَهْوَهَ ٱللّٰهِ. فَلَعَلَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ ٱلْبَعْلَ يُبَارِكُ مَحَاصِيلَهُمْ وَمَوَاشِيَهُمْ، فِيمَا «يَهْوَهُ ٱلْجُنُودِ» يَحْمِيهِمْ فِي حُرُوبِهِمْ. (١ صم ١٧:٤٥) لٰكِنَّهُمْ نَسُوا حَقِيقَةً جَوْهَرِيَّةً يَغْفُلُ عَنْهَا كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ: يَهْوَهُ لَا يَقْبَلُ أَنْ يُشَارِكَهُ أَحَدٌ ٱلْعِبَادَةَ؛ إِنَّهُ إِلٰهٌ يَتَطَلَّبُ وَيَسْتَحِقُّ ٱلتَّعَبُّدَ ٱلْمُطْلَقَ. وَهُوَ يَرْفُضُ مَنْ يَخْلِطُ عِبَادَتَهُ بِأَيِّ عِبَادَةٍ أُخْرَى، لَا بَلْ يَغْتَاظُ مِنْهُ. — اقرإ الخروج ٢٠:٥.
١١ كَيْفَ تُسَاعِدُنَا كَلِمَاتُ إِيلِيَّا عَلَى جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ أَنْ نُعِيدَ ٱلنَّظَرَ فِي أَوْلَوِيَّاتِنَا وَطَرِيقَةِ عِبَادَتِنَا؟
١١ إِذًا، كَانَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ ‹يَعْرُجُونَ بَيْنَ رَأْيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ› مِثْلَ شَخْصٍ يُحَاوِلُ ٱلسَّيْرَ عَلَى دَرْبَيْنِ فِي آنٍ مَعًا. وَفِي أَيَّامِنَا، يَرْتَكِبُ كَثِيرُونَ ٱلْخَطَأَ نَفْسَهُ سَامِحِينَ لآِلِهَةٍ أُخْرَى أَنْ تَتَسَلَّلَ إِلَى حَيَاتِهِمْ وَتَحِلَّ مَحَلَّ عِبَادَتِهِمْ لِلّٰهِ. فَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَةَ إِيلِيَّا ٱلْوَاضِحَةَ وَٱلْمُلِحَّةَ كَيْ يَكُفَّ ٱلشَّعْبُ عَنِ ‹ٱلْعَرَجِ بَيْنَ رَأْيَيْنِ› تُسَاعِدُنَا أَنْ نُعِيدَ ٱلنَّظَرَ فِي أَوْلَوِيَّاتِنَا وَطَرِيقَةِ عِبَادَتِنَا.
اِمْتِحَانٌ حَاسِمٌ
١٢، ١٣ (أ) أَيُّ ٱمْتِحَانٍ ٱقْتَرَحَ إِيلِيَّا إِجْرَاءَهُ؟ (ب) كَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا نَثِقُ بِيَهْوَهَ مِثْلَ إِيلِيَّا؟
١٢ بَعْدَ ذٰلِكَ، ٱقْتَرَحَ إِيلِيَّا إِجْرَاءَ ٱمْتِحَانٍ بِمُنْتَهَى ٱلْبَسَاطَةِ. فَطَلَبَ مِنْ كَهَنَةِ ٱلْبَعْلِ أَنْ يُقِيمُوا مَذْبَحًا وَيَضَعُوا عَلَيْهِ ذَبِيحَةً، ثُمَّ يُصَلُّوا إِلَى إِلٰهِهِمْ كَيْ يُشْعِلَ ٱلنَّارَ. وَكَانَ هُوَ سَيَفْعَلُ مِثْلَهُمْ. قَالَ لَهُمْ: ‹اَلْإِلٰهُ ٱلَّذِي يُجِيبُ بِنَارٍ هُوَ ٱللّٰهُ›. لَقَدْ عَرَفَ إِيلِيَّا حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ مَنْ هُوَ ٱلْإِلٰهُ ٱلْحَقِيقِيُّ. وَكَانَ إِيمَانُهُ مِنَ ٱلْقُوَّةِ بِحَيْثُ سَهَّلَ ٱلْأُمُورَ عَلَى أَنْبِيَاءِ ٱلْبَعْلِ، سَامِحًا لَهُمْ بِأَنْ يَبْدَأُوا قَبْلَهُ. فَٱخْتَارُوا ٱلْعِجْلَ ٱلَّذِي أَرَادُوا تَقْدِيمَهُ وَشَرَعُوا يَتَوَسَّلُونَ إِلَى بَعْلٍ.c — ١ مل ١٨:٢٤، ٢٥.
١٣ صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَعِيشُ ٱلْيَوْمَ فِي زَمَنِ ٱلْعَجَائِبِ، لٰكِنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَتَغَيَّرْ. لِذَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَثِقَ بِهِ ثِقَةً مُطْلَقَةً مِثْلَ إِيلِيَّا. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، حِينَ يُعَارِضُ ٱلْآخَرُونَ تَعَالِيمَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، لِنَسْمَحْ لَهُمْ دُونَ خَوْفٍ أَنْ يَطْرَحُوا أَفْكَارَهُمْ هُمْ أَوَّلًا. وَعَلَى غِرَارِ إِيلِيَّا، لِنَلْتَفِتْ إِلَى ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِيقِيِّ طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ مُتَّكِلِينَ لَا عَلَى أَنْفُسِنَا، بَلْ عَلَى كَلِمَتِهِ ٱلْمُوحَى بِهَا ٱلنَّافِعَةِ ‹لِتَقْوِيمِ› ٱلْأُمُورِ. — ٢ تي ٣:١٦.
عَرَفَ إِيلِيَّا أَنَّ عِبَادَةَ ٱلْبَعْلِ لَيْسَتْ سِوَى خُدْعَةٍ سَخِيفَةٍ، وَأَرَادَ أَنْ يُدْرِكَ شَعْبُ ٱللّٰهِ أَيْضًا هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ
١٤ كَيْفَ سَخِرَ إِيلِيَّا مِنْ أَنْبِيَاءِ ٱلْبَعْلِ، وَلِمَاذَا؟
١٤ بَعْدَمَا أَعَدَّ أَنْبِيَاءُ ٱلْبَعْلِ ذَبِيحَتَهُمْ، رَاحُوا يَدْعُونَ بِٱسْمِ إِلٰهِهِمْ وَيَصْرُخُونَ مِرَارًا وَتَكْرَارًا: «يَا بَعْلُ أَجِبْنَا!». فَمَرَّتِ ٱلدَّقَائِقُ وَٱلسَّاعَاتُ وَهُمْ عَلَى هٰذِهِ ٱلْحَالِ، إِنَّمَا «لَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلَا مُجِيبٌ»، حَسْبَمَا يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ. وَعِنْدَ ٱلظَّهِيرَةِ، بَدَأَ إِيلِيَّا يَسْخَرُ مِنْهُمْ مُؤَكِّدًا بِتَهَكُّمٍ أَنَّ بَعْلًا مَشْغُولٌ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُجِيبَهُمْ، أَوْ أَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ ٱلْخَلَاءِ، أَوْ رُبَّمَا يَأْخُذُ قَيْلُولَةً وَيَجِبُ إِيقَاظُهُ. وَصَارَ يَحُثُّ أُولٰئِكَ ٱلْمُخَادِعِينَ: «اُدْعُوا بِأَعْلَى صَوْتِكُمْ». لَقَدْ عَرَفَ أَنَّ عِبَادَةَ ٱلْبَعْلِ لَيْسَتْ سِوَى خُدْعَةٍ سَخِيفَةٍ، وَأَرَادَ أَنْ يُدْرِكَ شَعْبُ ٱللّٰهِ أَيْضًا هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ. — ١ مل ١٨:٢٦، ٢٧.
١٥ كَيْفَ يُظْهِرُ مَا حَدَثَ مَعَ كَهَنَةِ ٱلْبَعْلِ أَنَّ مِنَ ٱلْحَمَاقَةِ ٱخْتِيَارَ سَيِّدٍ غَيْرِ يَهْوَهَ؟
١٥ وَمَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ كَهَنَةِ ٱلْبَعْلِ؟ اِشْتَدَّ ٱهْتِيَاجُهُمْ وَأَخَذُوا «يَدْعُونَ بِأَعْلَى صَوْتِهِمْ وَيُقَطِّعُونَ أَنْفُسَهُمْ حَسَبَ عَادَتِهِمْ بِٱلْخَنَاجِرِ وَٱلرِّمَاحِ، حَتَّى سَالَ مِنْهُمُ ٱلدَّمُ»، وَلٰكِنْ دُونَ جَدْوَى. «فَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلَا مُجِيبٌ وَلَا إِصْغَاءٌ». (١ مل ١٨:٢٨، ٢٩) فَفِي ٱلْوَاقِعِ، لَا وُجُودَ لِلْبَعْلِ؛ إِنَّهُ ٱخْتِرَاعٌ ٱبْتَكَرَهُ ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْعِدَ ٱلنَّاسَ عَنْ يَهْوَهَ. وَٱخْتِيَارُ سَيِّدٍ غَيْرِ يَهْوَهَ لَا يُؤَدِّي إِلَّا إِلَى ٱلْخَيْبَةِ وَٱلْخِزْيِ وَٱلْعَارِ. — اقرإ المزمور ٢٥:٣؛ ١١٥:٤-٨.
اَلنَّتِيجَةُ لِصَالِحِ مَنْ؟
١٦ (أ) بِمَاذَا رُبَّمَا ذَكَّرَ إِيلِيَّا ٱلشَّعْبَ حِينَ رَمَّمَ مَذْبَحَ يَهْوَهَ عَلَى جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ؟ (ب) كَيْفَ بَرْهَنَ إِيلِيَّا مُجَدَّدًا عَنْ ثِقَتِهِ بِإِلٰهِهِ؟
١٦ فِي وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنْ بَعْدِ ٱلظُّهْرِ، جَاءَ دَوْرُ إِيلِيَّا لِيُقَدِّمَ ذَبِيحَةً. فَرَمَّمَ مَذْبَحًا لِيَهْوَهَ كَانَ قَدْ هَدَمَهُ دُونَ شَكٍّ أَعْدَاءُ ٱلْعِبَادَةِ ٱلنَّقِيَّةِ. وَٱسْتَعْمَلَ ٱثْنَيْ عَشَرَ حَجَرًا، رُبَّمَا لِيُذَكِّرَ كَثِيرِينَ فِي أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ ذَاتِ ٱلْعَشَرَةِ أَسْبَاطٍ أَنَّهُمْ مُلْزَمُونَ بِٱتِّبَاعِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي أُعْطِيَتْ لِكُلِّ ٱلْأَسْبَاطِ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ. ثُمَّ وَضَعَ ٱلْمُحْرَقَةَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَأَمَرَ أَنْ تُسْكَبَ عَلَيْهِمَا كَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ ٱلْمَاءِ جُلِبَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مِنَ ٱلْبَحْرِ ٱلْمُتَوَسِّطِ ٱلْمُجَاوِرِ. حَتَّى إِنَّهُ حَفَرَ قَنَاةً حَوْلَ ٱلْمَذْبَحِ وَمَلَأَهَا بِٱلْمَاءِ. لَقَدْ سَهَّلَ إِيلِيَّا ٱلْأُمُورَ كَثِيرًا عَلَى أَنْبِيَاءِ ٱلْبَعْلِ، فِي حِينِ صَعَّبَهَا كُلِّيًّا عَلَى يَهْوَهَ مُظْهِرًا بِذٰلِكَ مَدَى ثِقَتِهِ بِإِلٰهِهِ. — ١ مل ١٨:٣٠-٣٥.
أَظْهَرَتْ صَلَاةُ إِيلِيَّا أَنَّهُ مَا زَالَ مُهْتَمًّا بِشَعْبِهِ، إِذْ تَاقَ أَنْ يَرَى يَهْوَهَ ‹يُحَوِّلُ قُلُوبَهُمْ رُجُوعًا›
١٧ كَيْفَ كَشَفَتْ صَلَاةُ إِيلِيَّا عَنْ أَوْلَوِيَّاتِهِ، وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهِ حِينَ نُصَلِّي؟
١٧ حِينَ ٱكْتَمَلَتِ ٱلِٱسْتِعْدَادَاتُ، قَدَّمَ إِيلِيَّا لِيَهْوَهَ صَلَاةً بَسِيطَةً وَلٰكِنْ مُعَبِّرَةً جِدًّا. فَقَدْ كَشَفَتْ بِوُضُوحٍ عَنْ أَوْلَوِيَّاتِهِ. فَكَانَ هَمُّهُ ٱلْأَوَّلُ أَنْ يَعْرِفَ ٱلْجَمِيعُ أَنَّ يَهْوَهَ لَا ٱلْبَعْلَ هُوَ «ٱللّٰهُ فِي إِسْرَائِيلَ». ثَانِيًا، أَرَادَ أَنْ يُؤَكِّدَ لِلسَّامِعِينَ أَنَّهُ لَيْسَ سِوَى خَادِمٍ لِيَهْوَهَ؛ اَللّٰهُ هُوَ مَنْ يَسْتَحِقُّ كُلَّ ٱلْمَجْدِ وَٱلْفَضْلِ. ثَالِثًا وَأَخِيرًا، أَظْهَرَ أَنَّهُ مَا زَالَ مُهْتَمًّا بِشَعْبِهِ، إِذْ تَاقَ أَنْ يَرَى يَهْوَهَ ‹يُحَوِّلُ قُلُوبَهُمْ رُجُوعًا›. (١ مل ١٨:٣٦، ٣٧) فَهُوَ بَقِيَ عَلَى مَحَبَّتِهِ لَهُمْ رَغْمَ كُلِّ ٱلْمَآسِي ٱلَّتِي سَبَّبَهَا ٱفْتِقَارُهُمْ إِلَى ٱلْإِيمَانِ. فَهَلْ نَقْتَدِي بِمِثَالِهِ؟ هَلْ تُظْهِرُ صَلَوَاتُنَا أَنَّنَا مُتَوَاضِعُونَ، غَيُورُونَ لِٱسْمِ ٱللّٰهِ، وَمُتَعَاطِفُونَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَحْتَاجُونَ إِلَى ٱلْمُسَاعَدَةِ؟
١٨، ١٩ (أ) كَيْفَ ٱسْتَجَابَ يَهْوَهُ صَلَاةَ إِيلِيَّا؟ (ب) مَاذَا أَمَرَ إِيلِيَّا ٱلشَّعْبَ أَنْ يَفْعَلُوا، وَلِمَ لَمْ يَسْتَحِقَّ كَهَنَةُ ٱلْبَعْلِ ٱلرَّحْمَةَ؟
١٨ قَبْلَ أَنْ يُقَدِّمَ إِيلِيَّا صَلَاتَهُ، لَا بُدَّ أَنَّ ٱلْجُمُوعَ تَسَاءَلُوا هَلْ يَهْوَهُ كِذْبَةٌ بَاطِلَةٌ كَٱلْبَعْلِ أَمْ لَا. وَلٰكِنْ بَعْدَ ٱلصَّلَاةِ، أَتَاهُمُ ٱلرَّدُّ عَلَى ٱلْفَوْرِ. تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ: «سَقَطَتْ نَارُ يَهْوَهَ وَأَكَلَتِ ٱلْمُحْرَقَةَ وَعِيدَانَ ٱلْحَطَبِ وَٱلْحِجَارَةَ وَٱلتُّرَابَ، وَلَحِسَتِ ٱلْمِيَاهَ ٱلَّتِي فِي ٱلْقَنَاةِ». (١ مل ١٨:٣٨) فَيَا لَهُ مِنْ جَوَابٍ مُذْهِلٍ! وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلشَّعْبِ؟
«سَقَطَتْ نَارُ يَهْوَهَ»
١٩ صَرَخُوا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ: «يَهْوَهُ هُوَ ٱللّٰهُ! يَهْوَهُ هُوَ ٱللّٰهُ!». (١ مل ١٨:٣٩) فَقَدْ أَدْرَكُوا ٱلْحَقِيقَةَ أَخِيرًا. لٰكِنَّهُمْ حَتَّى تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ لَمْ يُعْرِبُوا عَنِ ٱلْإِيمَانِ. فَٱعْتِرَافُهُمْ بِأَنَّ يَهْوَهَ هُوَ ٱلْإِلٰهُ ٱلْحَقِيقِيُّ بَعْدَمَا رَأَوُا ٱلنَّارَ تَنْزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ ٱسْتِجَابَةً لِصَلَاةِ إِيلِيَّا لَيْسَ بُرْهَانًا كَافِيًا عَنِ ٱلْإِيمَانِ. لِذٰلِكَ طَلَبَ مِنْهُمُ ٱلنَّبِيُّ أَنْ يَفْعَلُوا مَا لَزِمَ أَنْ يَفْعَلُوهُ مُنْذُ سَنَوَاتٍ عَدِيدَةٍ: إِطَاعَةَ شَرِيعَةِ يَهْوَهَ. وَهٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةُ نَصَّتْ عَلَى قَتْلِ ٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلدَّجَّالِينَ وَعَبَدَةِ ٱلْأَصْنَامِ. (تث ١٣:٥-٩) فَكَهَنَةُ ٱلْبَعْلِ هٰؤُلَاءِ كَانُوا أَعْدَاءً أَلِدَّةً لِيَهْوَهَ ٱللّٰهِ حَاوَلُوا عَمْدًا إِبْطَالَ مَقَاصِدِهِ. فَهَلِ ٱسْتَحَقُّوا ٱلرَّحْمَةَ؟ وَهَلْ يُرْحَمُ مَنْ لَمْ يَرْأَفْ بِكُلِّ ٱلْأَوْلَادِ ٱلْأَبْرِيَاءِ ٱلَّذِينَ أُحْرِقُوا أَحْيَاءً ذَبَائِحَ لِلْبَعْلِ؟ (اقرإ الامثال ٢١:١٣؛ ار ١٩:٥) طَبْعًا لَا! لِذٰلِكَ أَمَرَ إِيلِيَّا أَنْ يُنَفَّذَ فِيهِمْ حُكْمُ ٱلْإِعْدَامِ، وَهٰكَذَا حَصَلَ. — ١ مل ١٨:٤٠.
٢٠ لِمَ مَخَاوِفُ ٱلنُّقَّادِ ٱلْعَصْرِيِّينَ بِشَأْنِ قَتْلِ كَهَنَةِ ٱلْبَعْلِ لَا أَسَاسَ لَهَا؟
٢٠ قَدْ يَسْتَنْكِرُ ٱلنُّقَّادُ ٱلْعَصْرِيُّونَ بِشِدَّةٍ نِهَايَةَ هٰذَا ٱلِٱمْتِحَانِ عَلَى جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ. فَٱلْبَعْضُ يَخْشَوْنَ أَنْ يَتَذَرَّعَ بِهَا ٱلْمُتَطَرِّفُونَ ٱلدِّينِيُّونَ لِيُبَرِّرُوا أَعْمَالَهُمُ ٱلْعَنِيفَةَ ٱلنَّابِعَةَ مِنْ تَعَصُّبِهِمِ ٱلدِّينِيِّ. وَمَا أَكْثَرَ ٱلْمُتَطَرِّفِينَ ٱلْعُنَفَاءَ فِي أَيَّامِنَا! لٰكِنَّ إِيلِيَّا لَمْ يَكُنْ مِنَ ٱلْمُتَعَصِّبِينَ دِينِيًّا، بَلْ كَانَ يُنَفِّذُ دَيْنُونَةَ يَهْوَهَ ٱلْبَارَّةَ. بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذٰلِكَ، يَعْرِفُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتْبَعُوا مَسْلَكَ إِيلِيَّا وَيَقْتُلُوا ٱلْأَشْرَارَ. فَكُلُّ تَلَامِيذِ يَسُوعَ يَلْتَزِمُونَ بِٱلْمِقْيَاسِ ٱلَّذِي وَضَعَهُ هُوَ حِينَ قَالَ لِبُطْرُسَ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ، لِأَنَّ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَأْخُذُونَ ٱلسَّيْفَ بِٱلسَّيْفِ يَهْلِكُونَ». (مت ٢٦:٥٢) فَيَهْوَهُ سَيَسْتَخْدِمُ ٱبْنَهُ لِيُحَقِّقَ ٱلْعَدْلَ ٱلْإِلٰهِيَّ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
٢١ لِمَ إِيلِيَّا مِثَالٌ جَيِّدٌ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلْيَوْمَ؟
٢١ يُدْرِكُ ٱلْمَسِيحِيُّ ٱلْحَقِيقِيُّ كَمْ مُهِمٌّ أَنْ يَعِيشَ حَيَاةً مَبْنِيَّةً عَلَى ٱلْإِيمَانِ. (يو ٣:١٦) وَإِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ لِفِعْلِ ذٰلِكَ هِيَ ٱلِٱقْتِدَاءُ بِٱلرِّجَالِ ٱلْأُمَنَاءِ أَمْثَالِ إِيلِيَّا. فَقَدْ قَدَّمَ لِيَهْوَهَ عِبَادَةً مُطْلَقَةً وَحَثَّ ٱلْآخَرِينَ أَنْ يَحْذُوا حَذْوَهُ. وَشَهَّرَ بِجُرْأَةٍ دِيَانَةً بَاطِلَةً ٱسْتَخْدَمَهَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْعِدَ ٱلنَّاسَ عَنْ يَهْوَهَ. كَمَا وَثِقَ بِقُدْرَةِ يَهْوَهَ عَلَى تَسْوِيَةِ ٱلْأُمُورِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى قُدُرَاتِهِ ٱلْخَاصَّةِ أَوْ يَتْبَعْ رَغْبَتَهُ. نَعَمْ، دَافَعَ إِيلِيَّا عَنِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلنَّقِيَّةِ. فَلْيَقْتَدِ كُلٌّ مِنَّا بِإِيمَانِهِ!
a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «كَمْ طَالَتْ فَتْرَةُ ٱلْقَحْطِ فِي زَمَنِ إِيلِيَّا؟».
b بِشَكْلٍ عَامٍّ، يَمْتَازُ جَبَلُ ٱلْكَرْمَلِ بِطَبِيعَةٍ خَضْرَاءَ خِصْبَةٍ لِأَنَّ ٱلرِّيَاحَ ٱلْآتِيَةَ مِنَ ٱلْبَحْرِ ٱلْمُشْبَعَةَ بِٱلرُّطُوبَةِ غَالِبًا مَا تُغْدِقُ عَلَى سُفُوحِهِ ٱلْأَمْطَارَ وَٱلنَّدَى. وَبِمَا أَنَّ ٱلْفَضْلَ فِي هُطُولِ ٱلْأَمْطَارِ نُسِبَ إِلَى ٱلْبَعْلِ، شَكَّلَ ٱلْجَبَلُ عَلَى مَا يَتَّضِحُ مَوْقِعًا مُهِمًّا لِعِبَادَةِ هٰذَا ٱلْإِلٰهِ ٱلْوَثَنِيِّ. وَبَعْدَ أَنْ أَصْبَحَ أَجْرَدَ قَاحِلًا، بَاتَ مَكَانًا مِثَالِيًّا لِتَشْهِيرِ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ ٱلْخَادِعَةِ.
c مِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلْمُلَاحَظَةِ أَنَّ إِيلِيَّا قَالَ لَهُمْ: «لَا تَضَعُوا نَارًا» عَلَى ٱلذَّبِيحَةِ. وَتَعْلِيقًا عَلَى هٰذَا ٱلْأَمْرِ، يَقُولُ بَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ إِنَّ عَبَدَةَ ٱلْأَصْنَامِ ٱسْتَخْدَمُوا أَحْيَانًا مَذَابِحَ فِيهَا تَجْوِيفٌ سِرِّيٌّ بِحَيْثُ يَبْدُو أَنَّ ٱلنَّارَ ٱشْتَعَلَتْ بِقُدْرَةٍ تَفُوقُ ٱلطَّبِيعَةَ.
-
-
سهر وانتظر يهوهاقتد بإيمانهم
-
-
اَلْفَصْلُ ٱلْحَادِي عَشَرَ
سَهِرَ وَٱنْتَظَرَ يَهْوَهَ
١، ٢ أَيُّ مُهِمَّةٍ مُزْعِجَةٍ لَزِمَ أَنْ يُتَمِّمَهَا إِيلِيَّا، وَمَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْآبَ؟
تَاقَ إِيلِيَّا أَنْ يَخْتَلِيَ بِنَفْسِهِ لِيُصَلِّيَ إِلَى أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ. وَلٰكِنْ كَيْفَ عَسَاهُ يُحَقِّقُ مُرَادَهُ وحُشُودُ ٱلنَّاسِ مُلْتَفَّةٌ حَوْلَهُ؟ فَهُمْ رَأَوْا لِتَوِّهِمْ هٰذَا ٱلنَّبِيَّ ٱلْحَقِيقِيَّ يَطْلُبُ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، وَلَا بُدَّ أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ تَلَهَّفُوا لِنَيْلِ رِضَاهُ وَبَرَكَتِهِ. هٰذَا وَإِنَّ مُهِمَّةً مُزْعِجَةً كَانَتْ بِٱنْتِظَارِهِ قَبْلَ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى قِمَّةِ جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ وَيُنَاجِيَ يَهْوَهَ فِي ٱلصَّلَاةِ. فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ إِلَى ٱلْمَلِكِ أَخْآبَ.
٢ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ هٰذَيْنِ ٱلرَّجُلَيْنِ! فَأَخْآبُ ٱلْمُتَسَرْبِلُ بِحُلَّتِهِ ٱلْمَلَكِيَّةِ ٱلْفَاخِرَةِ كَانَ شَخْصًا مُرْتَدًّا جَشِعًا وَضَعِيفَ ٱلْإِرَادَةِ. أَمَّا إِيلِيَّا، بِلِبَاسِهِ ٱلرِّيفِيِّ ٱلْبَسِيطِ ٱلَّذِي يُمَيِّزُ ٱلْأَنْبِيَاءَ وَٱلْمَصْنُوعِ رُبَّمَا مِنْ جِلْدِ ٱلْحَيَوَانِ أَوِ ٱلْمَنْسُوجِ مِنْ وَبَرِ ٱلْجَمَلِ أَوْ شَعْرِ ٱلْمَاعِزِ، فَكَانَ رَجُلًا شُجَاعًا جِدًّا يَتَحَلَّى بِإِيمَانٍ رَاسِخٍ وَٱسْتِقَامَةٍ لَا تَنْثَلِمُ. وَخِلَالَ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي شَارَفَ نِهَايَتَهُ، ٱنْكَشَفَ ٱلْكَثِيرُ عَنْ شَخْصِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
٣، ٤ (أ) لِمَ كَانَ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ مُخْزِيًا لِأَخْآبَ وَعَبَدَةِ ٱلْبَعْلِ ٱلْآخَرِينَ؟ (ب) أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ سَنُنَاقِشُهَا فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟
٣ لَقَدْ كَابَدَ أَخْآبُ وَعَبَدَةُ ٱلْبَعْلِ ٱلْآخَرُونَ ٱلْخِزْيَ وَٱلْعَارَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. فَٱلدِّيَانَةُ ٱلْوَثَنِيَّةُ ٱلَّتِي رَوَّجَهَا أَخْآبُ وَزَوْجَتُهُ ٱلْمَلِكَةُ إِيزَابِلُ فِي مَمْلَكَةِ إِسْرَائِيلَ ذَاتِ ٱلْعَشَرَةِ أَسْبَاطٍ تَلَقَّتْ صَفْعَةً قَوِيَّةً بَعْدَمَا شُهِّرَ ٱلْبَعْلُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُجَرَّدُ خُدْعَةٍ. فَهٰذَا ٱلْإِلٰهُ ٱلْعَدِيمُ ٱلْحَيَاةِ عَجِزَ عَنْ إِضْرَامِ وَلَوْ لَهَبٍ صَغِيرٍ ٱسْتِجَابَةً لِصَلَوَاتِ أَنْبِيَائِهِ ٱلْـ ٤٥٠، مَعَ أَنَّهُمُ ٱهْتَاجُوا وَرَاحُوا يَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ وَيَرْقُصُونَ وَيُقَطِّعُونَ أَنْفُسَهُمْ بِٱلْخَنَاجِرِ كَعَادَتِهِمْ حَتَّى سَالَ ٱلدَّمُ مِنْهُمْ. وَعَجِزَ أَيْضًا عَنْ حِمَايَتِهِمْ مِنْ عُقُوبَةِ ٱلْإِعْدَامِ ٱلَّتِي ٱسْتَحَقُّوهَا بِٱلْفِعْلِ. غَيْرَ أَنَّ بَعْلًا سَبَقَ وَأَخْفَقَ فِي مَجَالٍ آخَرَ أَيْضًا، وَكَانَ هٰذَا ٱلْإِخْفَاقُ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَبْلُغَ ذُرْوَتَهُ. فَطَوَالَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ، نَاشَدَهُ أَنْبِيَاؤُهُ كَيْ يُنْهِيَ ٱلْقَحْطَ ٱلَّذِي ٱكْتَسَحَ ٱلْأَرْضَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّكْ سَاكِنًا. بِٱلْمُقَابِلِ، كَانَ يَهْوَهُ سَيُثْبِتُ قَرِيبًا تَفَوُّقَهُ عَلَى هٰذَا ٱلْإِلٰهِ ٱلْبَاطِلِ بِإِنْهَاءِ فَتْرَةِ ٱلْقَحْطِ. — ١ مل ١٦:٣٠–١٧:١؛ ١٨:١-٤٠.
٤ وَلٰكِنْ مَتَى تَدَخَّلَ يَهْوَهُ؟ كَيْفَ تَصَرَّفَ إِيلِيَّا حَتَّى حَانَ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتُ؟ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَجُلِ ٱلْإِيمَانِ هٰذَا؟ لِنَأْخُذِ ٱلْأَجْوِبَةَ فِيمَا نَتَفَحَّصُ ٱلرِّوَايَةَ ٱلْمُدَوَّنَةَ فِي ٱلسِّجِلِّ. — اقرأ ١ ملوك ١٨:٤١-٤٦.
وَاظَبَ عَلَى ٱلصَّلَاةِ
٥ مَاذَا قَالَ إِيلِيَّا لِأَخْآبَ، وَهَلِ ٱتَّعَظَ هٰذَا ٱلْمَلِكُ ٱلشِّرِّيرُ بِمَا حَدَثَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ؟
٥ قَالَ إِيلِيَّا لِأَخْآبَ: «اِصْعَدْ كُلْ وَٱشْرَبْ، لِأَنَّهُ صَوْتُ دَوِيِّ وَابِلٍ مِنَ ٱلْمَطَرِ». وَلٰكِنْ هَلْ كَانَ هٰذَا ٱلْمَلِكُ ٱلشِّرِّيرُ قَدِ ٱتَّعَظَ بِمَا حَدَثَ؟ لَا تَأْتِي ٱلرِّوَايَةُ عَلَى ذِكْرِ ذٰلِكَ تَحْدِيدًا. لٰكِنَّهَا فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ لَا تَتَضَمَّنُ بِلِسَانِهِ تَعَابِيرَ تَدُلُّ عَلَى ٱلتَّوْبَةِ، وَلَا تَذْكُرُ أَنَّهُ ٱلْتَمَسَ ٱلْمُسَاعَدَةَ مِنَ ٱلنَّبِيِّ عَلَى طَلَبِ ٱلْغُفْرَانِ مِنْ يَهْوَهَ. فَهُوَ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ «صَعِدَ . . . لِيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ». (١ مل ١٨:٤١، ٤٢) وَلٰكِنْ مَاذَا عَنْ إِيلِيَّا؟
٦، ٧ أَيُّ أَمْرٍ صَلَّى إِيلِيَّا بِشَأْنِهِ، وَلِمَاذَا؟
٦ تَقُولُ ٱلْحَادِثَةُ: «أَمَّا إِيلِيَّا فَصَعِدَ إِلَى رَأْسِ ٱلْكَرْمَلِ وَٱنْحَنَى إِلَى ٱلْأَرْضِ وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ». لَقَدْ سَارَعَ أَخْآبُ إِلَى مَلْءِ بَطْنِهِ، أَمَّا إِيلِيَّا فَٱسْتَغَلَّ ٱلْفُرْصَةَ لِيُصَلِّيَ إِلَى أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ. لَاحِظْ وَضْعِيَّتَهُ ٱلْمَوْصُوفَةَ فِي ٱلصُّورَةِ ٱلَّتِي تَنِمُّ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْخُشُوعِ. فَقَدْ حَنَى رَأْسَهُ كَثِيرًا حَتَّى كَادَ وَجْهُهُ يُلَامِسُ رُكْبَتَيْهِ. وَبِشَأْنِ مَاذَا كَانَ يُصَلِّي؟ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى ٱلتَّخْمِينِ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُخْبِرُنَا فِي يَعْقُوب ٥:١٨ أَنَّهُ طَلَبَ مِنَ ٱللّٰهِ إِنْهَاءَ ٱلْقَحْطِ. وَيُرَجَّحُ أَنَّهُ قَدَّمَ هٰذِهِ ٱلصَّلَاةَ عَلَى قِمَّةِ جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ.
عَكَسَتْ صَلَوَاتُ إِيلِيَّا رَغْبَتَهُ ٱلشَّدِيدَةَ فِي رُؤْيَةِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ تَتِمُّ
٧ كَانَ يَهْوَهُ قَدْ قَالَ لَهُ: «إِنَّنِي عَازِمٌ أَنْ أُعْطِيَ مَطَرًا عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ». (١ مل ١٨:١) لِذَا صَلَّى إِيلِيَّا أَنْ تَتِمَّ مَشِيئَةُ يَهْوَهَ، تَمَامًا مِثْلَمَا عَلَّمَ يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ تَقْرِيبًا! — مت ٦:٩، ١٠.
٨ مَاذَا يُعَلِّمُنَا مِثَالُ إِيلِيَّا عَنِ ٱلصَّلَاةِ؟
٨ فِي مِثَالِ إِيلِيَّا دُرُوسٌ كَثِيرَةٌ عَنِ ٱلصَّلَاةِ. فَهَمُّهُ ٱلرَّئِيسِيُّ كَانَ إِتْمَامَ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ. لِذَا يَحْسُنُ بِنَا عِنْدَمَا نُصَلِّي أَنْ نَتَذَكَّرَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلتَّالِيَةَ: «مَهْمَا طَلَبْنَا بِحَسَبِ مَشِيئَةِ [ٱللّٰهِ]، فَهُوَ يَسْمَعُنَا». (١ يو ٥:١٤) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ عَلَيْنَا مَعْرِفَةَ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ كَيْ تَكُونَ صَلَاتُنَا مَقْبُولَةً فِي نَظَرِهِ، وَهٰذَا سَبَبٌ وَجِيهٌ يَدْفَعُنَا إِلَى إِبْقَاءِ دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ حَيَاتِنَا ٱلْيَوْمِيَّةِ. بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذٰلِكَ، أَرَادَ إِيلِيَّا دُونَ شَكٍّ أَنْ يَنْتَهِيَ ٱلْقَحْطُ وَيُنْهِيَ مَعَهُ ٱلْمُعَانَاةَ ٱلشَّدِيدَةَ ٱلَّتِي قَاسَاهَا شَعْبُهُ. وَلَعَلَّ قَلْبَهُ فَاضَ شُكْرًا لِيَهْوَهَ عَلَى ٱلْعَجِيبَةِ ٱلَّتِي صَنَعَهَا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. نَحْنُ أَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ تَعْكِسَ صَلَوَاتُنَا شُكْرَنَا ٱلنَّابِعَ مِنَ ٱلْقَلْبِ وَٱهْتِمَامَنَا بِخَيْرِ ٱلْآخَرِينَ. — اقرأ ٢ كورنثوس ١:١١؛ فيلبي ٤:٦.
وَثِقَ بِيَهْوَهَ وَدَاوَمَ عَلَى ٱلسَّهَرِ
٩ مَاذَا طَلَبَ إِيلِيَّا مِنْ غُلَامِهِ، وَأَيُّ دَرْسَيْنِ نَتَعَلَّمُهُمَا مِنْهُ سَنَتَأَمَّلُ فِيهِمَا ٱلْآنَ؟
٩ كَانَ إِيلِيَّا مُتَأَكِّدًا أَنَّ يَهْوَهَ سَيَضَعُ حَدًّا لِلْقَحْطِ، لٰكِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَتَى سَيُحَقِّقُ ذٰلِكَ. فَمَاذَا فَعَلَ فِي هٰذِهِ ٱلْأَثْنَاءِ؟ لَاحِظْ مَا تَذْكُرُهُ ٱلرِّوَايَةُ: «قَالَ لِغُلَامِهِ: ‹اِصْعَدْ وَٱنْظُرْ جِهَةَ ٱلْبَحْرِ›. فَصَعِدَ وَنَظَرَ وَقَالَ: ‹مَا مِنْ شَيْءٍ›. فَقَالَ: ‹اِرْجِعْ›، سَبْعَ مَرَّاتٍ». (١ مل ١٨:٤٣) نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ إِيلِيَّا دَرْسَيْنِ عَلَى ٱلْأَقَلِّ: اَلثِّقَةَ بِيَهْوَهَ، وَٱلْمُدَاوَمَةَ عَلَى ٱلسَّهَرِ.
تَرَقَّبَ إِيلِيَّا بِيَقَظَةٍ وَٱنْتِبَاهٍ أَيَّ عَلَامَةٍ تَدُلُّ أَنَّ إِلٰهَهُ يُوشِكُ أَنْ يَتَدَخَّلَ
١٠، ١١ (أ) كَيْفَ أَظْهَرَ إِيلِيَّا ثِقَتَهُ بِوَعْدِ يَهْوَهَ؟ (ب) لِمَ فِي وُسْعِنَا أَنْ نَمْتَلِكَ ثِقَةً مُمَاثِلَةً؟
١٠ بِمَا أَنَّ إِيلِيَّا كَانَ وَاثِقًا بِوَعْدِ يَهْوَهَ، تَرَقَّبَ بِيَقَظَةٍ وَٱنْتِبَاهٍ أَيَّ عَلَامَةٍ تَدُلُّ أَنَّ إِلٰهَهُ يُوشِكُ أَنْ يَتَدَخَّلَ. فَبَعَثَ غُلَامَهُ إِلَى مَكَانٍ عَالٍ مُطِلٍّ لِكَيْ يُعَايِنَ ٱلْأُفُقَ عَلَّهُ يَرَى وَلَوْ إِشَارَةً وَاحِدَةً تُنْبِئُ بِهُطُولِ ٱلْمَطَرِ. لٰكِنَّ ٱلْغُلَامَ عَادَ بِجَوَابٍ لَا يُبَشِّرُ بِٱلْخَيْرِ، قَائِلًا: «مَا مِنْ شَيْءٍ». فَكَمَا يَتَّضِحُ، لَا غُيُومَ تَلُوحُ فِي ٱلْأُفُقِ وَٱلسَّمَاءُ صَافِيَةٌ. وَلٰكِنْ أَمَا تُلَاحِظُ أَمْرًا غَرِيبًا؟ لَقَدْ أَخْبَرَ إِيلِيَّا لِتَوِّهِ ٱلْمَلِكَ أَخْآبَ أَنَّهُ يَسْمَعُ «صَوْتَ دَوِيِّ وَابِلٍ مِنَ ٱلْمَطَرِ». فَكَيْفَ لَهُ أَنْ يَقُولَ هٰذَا ٱلْكَلَامَ وَلَمْ تَظْهَرْ بَعْدُ أَيُّ غَيْمَةٍ؟
١١ لَقَدْ عَلِمَ إِيلِيَّا بِوَعْدِ يَهْوَهَ. وَبِصِفَتِهِ نَبِيَّهُ وَمُمَثِّلَهُ، كَانَ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ سَيُتَمِّمُ كَلِمَتَهُ. وَثِقَتُهُ هٰذِهِ كَانَتْ رَاسِخَةً جِدًّا بِحَيْثُ بَدَا وَكَأَنَّهُ يَسْمَعُ فِعْلِيًّا وَابِلَ ٱلْمَطَرِ. وَيُذَكِّرُنَا مَوْقِفُهُ هٰذَا بِمُوسَى ٱلَّذِي يَقُولُ عَنْهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «بَقِيَ رَاسِخًا كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لَا يُرَى». فَهَلِ ٱللّٰهُ حَقِيقِيٌّ فِي نَظَرِكَ إِلَى هٰذَا ٱلْحَدِّ؟ إِنَّهُ يُزَوِّدُنَا بِأَسْبَابٍ وَفِيرَةٍ تَحْفِزُنَا عَلَى تَنْمِيَةِ مِثْلِ هٰذَا ٱلْإِيمَانِ بِهِ وَبِوُعُودِهِ. — عب ١١:١، ٢٧.
١٢ كَيْفَ بَيَّنَ إِيلِيَّا أَنَّهُ سَاهِرٌ وَمُتَرَقِّبٌ، وَمَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِهِ لَمَّا عَلِمَ بِظُهُورِ غَيْمَةٍ صَغِيرَةٍ؟
١٢ لَاحِظْ أَيْضًا كَمْ كَانَ إِيلِيَّا سَاهِرًا وَمُتَرَقِّبًا. فَهُوَ لَمْ يُرْجِعْ غُلَامَهُ لِيَسْتَطْلِعَ ٱلْأُفُقَ مَرَّةً أَوِ ٱثْنَتَيْنِ، بَلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ! وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلْغُلَامَ شَعَرَ بِٱلتَّعَبِ مِنْ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً، لٰكِنَّ إِيلِيَّا ظَلَّ يَتَرَصَّدُ عَلَامَةً وَلَمْ يَسْتَسْلِمْ. أَخِيرًا، قَالَ ٱلْغُلَامُ بَعْدَ رِحْلَتِهِ ٱلسَّابِعَةِ: «هَا سَحَابَةٌ صَغِيرَةٌ قَدْرُ رَاحَةِ يَدِ إِنْسَانٍ صَاعِدَةٌ مِنَ ٱلْبَحْرِ». تَخَيَّلْهُ يَمُدُّ ذِرَاعَهُ لِيَقِيسَ بِرَاحَةِ يَدِهِ حَجْمَ غَيْمَةٍ صَغِيرَةٍ قَادِمَةٍ مِنَ ٱلْأُفُقِ فَوْقَ ٱلْبَحْرِ ٱلْكَبِيرِ. لَعَلَّهُ لَمْ يَحْمِلْهَا عَلَى مَحْمَلِ ٱلْجِدِّ، لٰكِنَّ إِيلِيَّا رَأَى فِيهَا عَلَامَةً مُهِمَّةً. لِذَا أَعْطَاهُ تَوْجِيهَاتٍ مُلِحَّةً قَائِلًا: «اِصْعَدْ قُلْ لِأَخْآبَ: ‹شُدَّ وَٱنْزِلْ لِئَلَّا يُعِيقَكَ وَابِلُ ٱلْمَطَرِ!›». — ١ مل ١٨:٤٤.
١٣، ١٤ (أ) كَيْفَ نَقْتَدِي بِتَيَقُّظِ إِيلِيَّا؟ (ب) مَاذَا يَدْفَعُنَا إِلَى ٱلْعَمَلِ بِإِلْحَاحٍ؟
١٣ مَرَّةً أُخْرَى، يَرْسُمُ لَنَا إِيلِيَّا مِثَالًا جَدِيرًا بِٱلِٱقْتِدَاءِ. فَنَحْنُ أَيْضًا نَعِيشُ فِي وَقْتٍ سَيَتَّخِذُ فِيهِ ٱللّٰهُ عَمَّا قَرِيبٍ إِجْرَاءً لِإِتْمَامِ قَصْدِهِ. فَمِثْلَمَا ٱنْتَظَرَ إِيلِيَّا نِهَايَةَ ٱلْقَحْطِ، يَنْتَظِرُ خُدَّامُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ نِهَايَةَ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْفَاسِدِ هٰذَا. (١ يو ٢:١٧) وَإِلَى أَنْ يَتَدَخَّلَ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ، يَلْزَمُ أَنْ نُدَاوِمَ عَلَى ٱلسَّهَرِ كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا. فَيَسُوعُ، ٱبْنُ ٱللّٰهِ نَفْسُهُ، حَثَّ أَتْبَاعَهُ قَائِلًا: «دَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ، لِأَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ فِي أَيِّ يَوْمٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ». (مت ٢٤:٤٢) فَهَلْ عَنَى أَنَّ أَتْبَاعَهُ لَنْ يُدْرِكُوا أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي وَقْتِ ٱلنِّهَايَةِ؟ كَلَّا، فَقَدْ أَخْبَرَنَا بِإِسْهَابٍ عَنْ أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ خِلَالَ ٱلْأَيَّامِ ٱلَّتِي تَسْبِقُ ٱلنِّهَايَةَ. وَيُمْكِنُ لَنَا جَمِيعًا أَنْ نُلَاحِظَ إِتْمَامَ هٰذِهِ ٱلْعَلَامَةِ ٱلْمُفَصَّلَةِ ٱلَّتِي تَسِمُ «ٱخْتِتَامَ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ». — اقرأ متى ٢٤:٣-٧.
إِذَا كَانَتْ غَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ كَفِيلَةً بِإِقْنَاعِ إِيلِيَّا أَنَّ يَهْوَهَ أَوْشَكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ، فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى عَلَامَةُ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ تُزَوِّدُنَا بِأَسْبَابٍ أَقْوَى لِلتَّصَرُّفِ بِإِلْحَاحٍ!
١٤ إِنَّ كُلَّ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِ ٱلْعَلَامَةِ لَهُوَ دَلِيلٌ قَوِيٌّ وَمُقْنِعٌ. فَهَلْ هٰذِهِ ٱلْأَدِلَّةُ كَافِيَةٌ لِتَدْفَعَنَا إِلَى ٱلْعَمَلِ بِإِلْحَاحٍ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ؟ إِنَّ مُجَرَّدَ غَيْمَةٍ صَغِيرَةٍ فِي ٱلْأُفُقِ كَانَتْ كَفِيلَةً بِإِقْنَاعِ إِيلِيَّا أَنَّ يَهْوَهَ أَوْشَكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ. فَهَلْ خَابَ أَمَلُ هٰذَا ٱلنَّبِيِّ ٱلْأَمِينِ؟
يَهْوَهُ يَجْلُبُ ٱلرَّاحَةَ وَٱلْبَرَكَاتِ
١٥، ١٦ أَيَّةُ أَحْدَاثٍ تَبَلْوَرَتْ بِسُرْعَةٍ، وَمَاذَا رُبَّمَا تَسَاءَلَ إِيلِيَّا بِشَأْنِ أَخْآبَ؟
١٥ تُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ: «فِي أَثْنَاءِ ذٰلِكَ أَظْلَمَتِ ٱلسَّمٰوَاتُ بِٱلسُّحُبِ وَٱلرِّيحِ، وَكَانَ وَابِلٌ عَظِيمٌ مِنَ ٱلْمَطَرِ. فَرَكِبَ أَخْآبُ وَذَهَبَ إِلَى يِزْرَعِيلَ». (١ مل ١٨:٤٥) لَقَدْ رَاحَتِ ٱلْأَحْدَاثُ تَتَبَلْوَرُ بِسُرْعَةٍ هَائِلَةٍ. فَفِيمَا كَانَ غُلَامُ إِيلِيَّا يَنْقُلُ رِسَالَةَ ٱلنَّبِيِّ إِلَى أَخْآبَ، تَكَاثَرَتِ ٱلْغُيُومُ فِي ٱلْأُفُقِ فَأَظْلَمَتِ ٱلسَّمَاءُ وَهَبَّتْ رِيحٌ قَوِيَّةٌ. وَأَخِيرًا، سَقَطَتِ ٱلْأَمْطَارُ عَلَى إِسْرَائِيلَ بَعْدَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَنِصْفٍ، فَتَشَرَّبَتْهَا ٱلْأَرْضُ ٱلظَّمْأَى. وَفِيمَا تَحَوَّلَتِ ٱلْأَمْطَارُ إِلَى وَابِلٍ عَظِيمٍ، فَاضَ نَهْرُ قِيشُونَ فَنَظَّفَ فِي طَرِيقِهِ ٱلْأَرْضَ مِنْ دَمِ أَنْبِيَاءِ ٱلْبَعْلِ ٱلَّذِينَ أُعْدِمُوا. وَهٰذِهِ ٱلْمُنَاسَبَةُ أَعْطَتِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ ٱلْفُرْصَةَ أَنْ يُنَظِّفُوا هُمْ أَيْضًا ٱلْأَرْضَ مِنْ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ وَيَتَخَلَّصُوا مِنْ هٰذِهِ ٱلْوَصْمَةِ ٱلَّتِي لَطَّخَتْهُمْ.
«كَانَ وَابِلٌ عَظِيمٌ مِنَ ٱلْمَطَرِ»
١٦ لَقَدْ أَمَلَ إِيلِيَّا دُونَ شَكٍّ أَنْ يَنْتَهِزُوا هٰذِهِ ٱلْفُرْصَةَ. وَلَعَلَّهُ تَسَاءَلَ مَا هِيَ رَدَّةُ فِعْلِ أَخْآبَ حِيَالَ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمُهِمَّةِ. تُرَى هَلْ يَتُوبُ وَيَتَخَلَّى عَنْ عِبَادَةِ ٱلْبَعْلِ ٱلنَّجِسَةِ؟ فَبَعْدَ مَا جَرَى فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، صَارَتْ لَدَيْهِ أَسْبَابٌ قَوِيَّةٌ لِصُنْعِ هٰذِهِ ٱلتَّغْيِيرَاتِ. طَبْعًا، لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَعْرِفَ مَا كَانَ يَدُورُ فِي خَلَدِ أَخْآبَ آنَذَاكَ. فَجُلُّ مَا تَقُولُهُ ٱلرِّوَايَةُ أَنَّهُ «رَكِبَ . . . وَذَهَبَ إِلَى يِزْرَعِيلَ». فَهَلْ أَخَذَ عِبْرَةً مِمَّا حَدَثَ؟ هَلْ صَمَّمَ أَنْ يُغَيِّرَ طُرُقَهُ؟ تُوحِي ٱلْوَقَائِعُ ٱللَّاحِقَةُ أَنْ لَا شَيْءَ حَصَلَ مِنْ هٰذَا ٱلْقَبِيلِ. لٰكِنَّ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ قَدِ ٱنْتَهَى بَعْدُ. فَهُوَ حَمَلَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْأَحْدَاثِ لِأَخْآبَ وَإِيلِيَّا.
١٧، ١٨ (أ) مَاذَا حَصَلَ مَعَ إِيلِيَّا وَهُوَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى يِزْرَعِيلَ؟ (ب) لِمَ هُوَ أَمْرٌ لَافِتٌ أَنْ يَرْكُضَ إِيلِيَّا كُلَّ ٱلْمَسَافَةِ مِنَ ٱلْكَرْمَلِ إِلَى يِزْرَعِيلَ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.)
١٧ سَارَ نَبِيُّ يَهْوَهَ عَبْرَ ٱلدَّرْبِ نَفْسِهِ ٱلَّذِي سَلَكَهُ أَخْآبُ، دَرْبٍ طَوِيلٍ مُظْلِمٍ غَمَرَتْهُ مِيَاهُ ٱلْأَمْطَارِ. وَإِذَا بِأَمْرٍ عَجِيبٍ يَحْدُثُ.
١٨ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ: «كَانَتْ يَدُ يَهْوَهَ عَلَى إِيلِيَّا، فَمَنْطَقَ حَقْوَيْهِ وَرَكَضَ أَمَامَ أَخْآبَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى يِزْرَعِيلَ». (١ مل ١٨:٤٦) مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ «يَدَ يَهْوَهَ» كَانَتْ عَلَى إِيلِيَّا بِطَرِيقَةٍ عَجَائِبِيَّةٍ. فَيِزْرَعِيلُ تَبْعُدُ حَوَالَيْ ثَلَاثِينَ كِيلُومِتْرًا، وَهِيَ مَسَافَةٌ طَوِيلَةٌ جِدًّا بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى إِيلِيَّا ٱلَّذِي مَا عَادَ شَابًّا.a تَخَيَّلْهُ يُشَمِّرُ ثِيَابَهُ ٱلطَّوِيلَةَ عَنْ سَاقَيْهِ وَيَشُدُّهَا حَوْلَ وِرْكَيْهِ كَيْ يَتَحَرَّكَ بِسُهُولَةٍ أَكْبَرَ، ثُمَّ يَرْكُضُ بِسُرْعَةٍ فَائِقَةٍ عَلَى طُولِ ٱلطَّرِيقِ ٱلْغَارِقَةِ فِي ٱلْأَمْطَارِ حَتَّى أَدْرَكَ ٱلْمَرْكَبَةَ ٱلْمَلَكِيَّةَ، تَخَطَّاهَا، وَسَبَقَهَا!
١٩ (أ) بِمَ تُذَكِّرُنَا ٱلْقُوَّةُ وَٱلطَّاقَةُ ٱللَّتَانِ أَعْطَاهُمَا ٱللّٰهُ لِإِيلِيَّا؟ (ب) مِمَّ كَانَ إِيلِيَّا مُتَيَقِّنًا وَهُوَ يَرْكُضُ إِلَى يِزْرَعِيلَ؟
١٩ يَا لَلْبَرَكَةِ ٱلَّتِي حَظِيَ بِهَا إِيلِيَّا! فَقَدْ عَاشَ حَتْمًا تَجْرِبَةً رَائِعَةً حِينَ شَعَرَ بِقُوَّةٍ وَحَيَوِيَّةٍ وَقُدْرَةٍ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ رُبَّمَا لَمْ يَخْتَبِرْهَا مِنْ قَبْلُ حَتَّى فِي أَيَّامِ شَبَابِهِ. وَتُعِيدُ هٰذِهِ ٱلْوَاقِعَةُ إِلَى ذِهْنِنَا ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلَّتِي تُؤَكِّدُ أَنَّ ٱلْأَشْخَاصَ ٱلْأُمَنَاءَ سَيَتَمَتَّعُونَ بِٱلصِّحَّةِ ٱلْكَامِلَةِ وَيَنْبِضُونَ بِٱلْقُوَّةِ وَٱلْحَيَوِيَّةِ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْأَرْضِيِّ ٱلْقَادِمِ. (اقرأ اشعيا ٣٥:٦؛ لو ٢٣:٤٣) وَلَا شَكَّ أَنَّ إِيلِيَّا أَدْرَكَ وَهُوَ يَرْكُضُ عَلَى ذٰلِكَ ٱلدَّرْبِ ٱلشَّاقِّ أَنَّهُ يَنْعَمُ بِرِضَى أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ، ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ ٱلْوَحِيدِ يَهْوَهَ.
٢٠ كَيْفَ نَسْعَى إِلَى ٱلْحُصُولِ عَلَى بَرَكَاتِ يَهْوَهَ؟
٢٠ يَتُوقُ يَهْوَهُ إِلَى إِغْدَاقِ بَرَكَاتِهِ عَلَى مُحِبِّيهِ. فَلْنَسْعَ جَاهِدِينَ إِلَى ٱلْحُصُولِ عَلَيْهَا؛ إِنَّهَا تَسْتَحِقُّ كُلَّ جُهْدٍ وَعَنَاءٍ. وَعَلَى غِرَارِ إِيلِيَّا، يَلْزَمُ أَنْ نُدَاوِمَ عَلَى ٱلسَّهَرِ مُتَفَحِّصِينَ بِعِنَايَةٍ ٱلْأَدِلَّةَ ٱلدَّامِغَةَ ٱلَّتِي تُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَهَ سَيَضَعُ حَدًّا عَمَّا قَرِيبٍ لِأَزْمِنَتِنَا ٱلْخَطِرَةِ وَٱلْمُلِحَّةِ. نَعَمْ، لَدَيْنَا مِثْلَ إِيلِيَّا أَسْبَابٌ وَجِيهَةٌ لِنَضَعَ ثِقَتَنَا ٱلْكَامِلَةَ بِوُعُودِ يَهْوَهَ، «إِلٰهِ ٱلْحَقِّ». — مز ٣١:٥.
a بَعْدَ مُضِيِّ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، طَلَبَ يَهْوَهُ مِنْ إِيلِيَّا أَنْ يُدَرِّبَ أَلِيشَعَ ٱلَّذِي عُرِفَ لَاحِقًا بِأَنَّهُ «كَانَ يَسْكُبُ مَاءً عَلَى يَدَيْ إِيلِيَّا». (٢ مل ٣:١١) فَهُوَ عَمِلَ غُلَامًا عِنْدَ ٱلنَّبِيِّ ٱلْمُسِنِّ، مُقَدِّمًا لَهُ كَمَا يَتَّضِحُ أَيَّ مُسَاعَدَةٍ يَحْتَاجُهَا.
-