مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بحث الناس عن الامن
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • بحث الناس عن الامن

      ‏«لم تجلب نهاية القرن العشرين نهاية لسفك الدم والاضطهاد اللذين يجبران الناس على الهروب للنجاة بحياتهم.‏ فقد دخل عشرات الملايين الالفية الجديدة وهم في مخيَّمات اللاجئين وغيرها من الملاجئ المؤقتة،‏ خائفين من ان يُقتلوا اذا ما عادوا الى موطنهم».‏ —‏بيل فراليك،‏ من اللجنة الاميركية لشؤون اللاجئين.‏

      كانت لدى جايكوب امنية.‏ لقد كان يتوق الى ايجاد مكان يعيش الناس فيه بسلام،‏ حيث لا قنابل تقتل مَعز العائلة،‏ وحيث يمكنه الذهاب الى المدرسة.‏

      اخبره الناس في بلدته ان مثل هذا المكان موجود حقا لكنه بعيد جدا.‏ وقال له ابوه ان الرحلة في غاية الخطورة،‏ فالبعض ماتوا عطشا وجوعا في الطريق.‏ لكن عندما باشرت احدى جاراتهم التي قُتل زوجها رحلتها مع ولديها،‏ قرر جايكوب ان يقوم بالرحلة منفردا.‏

      لم يحمل جايكوب معه طعاما او لباسا،‏ وكل ما فعله في اليوم الاول هو الركض.‏ فالطريق التي كانت ستوصله الى بر الامان كانت مليئة بالجثث.‏ وفي اليوم التالي،‏ التقى امرأة من بلدته دعته الى مرافقتها هي ورفقائها.‏ فساروا طوال ايام،‏ قاطعين قرى مهجورة.‏ وفي احدى المرات،‏ اضطروا الى اجتياز حقل ألغام،‏ فقُتل احد رفقائهم.‏ اما طعامهم فاقتصر على اوراق الشجر.‏

      بعد عشرة ايام،‏ صار الناس يموتون من الجوع والارهاق.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى اغارت عليهم الطائرات وبدأت تقصفهم.‏ وأخيرا،‏ عبر جايكوب الحدود ووصل الى مخيَّم للاجئين.‏ وهو اليوم يذهب الى المدرسة،‏ ولم يعد صوت الطائرة يرعبه.‏ فكل الطائرات التي يراها الآن تحمل الطعام بدل القنابل.‏ لكنه مشتاق الى عائلته،‏ ويود لو يعود الى بلده.‏

      هنالك ملايين مثل جايكوب حول العالم.‏ العديد منهم يتأذون من الحرب ويعانون الجوع والعطش.‏ وقليلون فقط يعيشون حياة عائلية طبيعية،‏ لكنّ كثيرين لن يعودوا الى ديارهم.‏ وهؤلاء هم افقر فقراء العالم.‏

      تقسم مفوَّضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين هؤلاء المرتحلين الفقراء الى فريقين.‏ اللاجئون الذين يهربون من بلدهم بسبب خوف مبرَّر من الاضطهاد والعنف.‏ والمهجَّرون الذين أُجبروا بشكل مماثل على ترك منزلهم بسبب الحرب او ما شابهها من مخاطر شديدة،‏ لكنهم يبقون في بلدهم.‏a

      لا احد يمكن ان يحدِّد تماما عدد اللاجئين والمهجَّرين الذين يتدبرون معيشتهم في مخيَّمات اللاجئين،‏ او عدد الذين يتنقلون من مكان الى آخر بحثا عن الامن ولا معين لهم.‏ لكن بحسب بعض المصادر،‏ يمكن ان يكون العدد الاجمالي حوالي ٤٠ مليون شخص،‏ نصفهم اولاد.‏ فمن اين يأتي كل هؤلاء؟‏

      مشكلة عصرية

      لقد اتخذت مشكلة اللاجئين بُعدا جديدا في نهاية الحرب العالمية الاولى.‏ فمباشرة بعد الحرب،‏ تفككت الامبراطوريات واضطُهدت الاقليات العرقية.‏ فحاول ملايين الاوروپيين اثر ذلك ايجاد ملجإ في بلد غير بلدهم.‏ ثم اتت الحرب العالمية الثانية،‏ وكانت اكثر تدميرا من سابقتها فأدت الى هرب ملايين اضافية من موطنهم.‏ ومنذ سنة ١٩٤٥،‏ صارت اغلبية الحروب تحدث على صعيد محلي،‏ لكنها تضاهي الحروب الدولية من حيث تأثيرها على المدنيين الواقعين وسط تبادل النيران.‏

      اوضح ڠيل لاشِر في كتابه الصادر سنة ١٩٩٣ بعنوان ابعد من الاحسان —‏ التعاون الدولي وأزمة اللاجئين العالمية (‏بالانكليزية)‏:‏ «رغم ان الحرب تخلف دائما وراءها بعض اللاجئين،‏ لم يحدث قبل القرن العشرين ان تأثرت شعوب بكاملها بالصراع الدولي».‏ وأضاف:‏ «ان عدم التمييز بين المقاتلين والمدنيين نجم عنه عدد كبير من اللاجئين الذين كانوا يتوقون الى الهروب من التأثيرات المدمرة لأعمال العنف العشوائية».‏

      بالاضافة الى ذلك،‏ فإن الكثير من النزاعات اليوم هو حروب اهلية يدفع ثمنها باهظا ليس فقط الرجال الذين هم في سن حمل السلاح،‏ بل ايضا النساء والاولاد.‏ ويبدو ان لا نهاية لبعض هذه النزاعات الذي تعززه الانقسامات الدينية والعرقية المتأصلة.‏ ففي احد البلدان الافريقية،‏ حيث استمرت المرحلة الحالية للحرب الاهلية ١٨ سنة،‏ هنالك اربعة ملايين مهجَّر في البلد،‏ فيما هرب مئات الآلاف الى الخارج.‏

      كما هي الحال على الدوام،‏ لا يجد المدنيون الذين ارهقت كاهلهم الحرب سبيلا للهروب من العنف إلّا بمغادرة موطنهم.‏ يوضح كتاب وضع اللاجئين في العالم ١٩٩٧-‏١٩٩٨ (‏بالانكليزية)‏:‏ «يترك اللاجئون وطنهم الام ويسعون ان يُسمَح لهم بدخول بلد آخر ليس لأنهم يريدون ذلك او لأن ذلك يلائمهم شخصيا،‏ بل بسبب الضرورة الملحة».‏ اما اليوم،‏ فقد لا يكون من السهل السماح للمرء بدخول بلد آخر.‏

      خلال تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ هبط العدد الاجمالي للاجئين حول العالم من حوالي ١٧ مليون لاجئ الى ١٤ مليونا.‏ لكنَّ هذا التحسن الظاهري مضلل.‏ فخلال العقد نفسه،‏ يُقدَّر ان عدد المهجَّرين داخل بلدهم بلغ ما يتراوح بين ٢٥ و ٣٠ مليون شخص.‏ فما الذي يحدث؟‏

      تزداد صعوبة حصول المرء على اعتراف رسمي كلاجئ لأسباب عديدة.‏ فالبلدان تتردد في قبول اللاجئين،‏ إما بسبب عجزها عن مواجهة تدفق اعدادهم الكبيرة او بسبب خوفها الكبير من ان تُحدث اعداد كبيرة منهم عدم استقرار اقتصادي وسياسي.‏ لكن في بعض الاحيان،‏ قد لا يملك المدنيون المرعوبون الطاقة،‏ الطعام،‏ او المال ليقوموا برحلة طويلة الى الحدود.‏ فلا يبقى امامهم من خيار سوى الانتقال الى منطقة آمنة اكثر داخل بلدهم.‏

      موجة اللاجئين الاقتصاديين المتزايدة

      يشمل اللاجئون ايضا ملايين الناس الفقراء الذين يسعون الى تحسين نصيبهم في الحياة بأفضل طريقة يعرفونها —‏ الانتقال الى بلد تكون ظروف الحياة فيه افضل.‏

      في ١٧ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠١،‏ جنحت سفينة على الشاطئ الفرنسي.‏ كانت حمولتها عبارة عن الف رجل وامرأة وولد تقريبا قضوا حوالي اسبوع في البحر دون طعام.‏ وكان كل واحد منهم قد دفع ٠٠٠‏,٢ دولار اميركي مقابل القيام بهذه الرحلة الخطرة،‏ ولم يعرفوا حتى الى اي بلد كانوا متجهين.‏ وسرعان ما اختفى الربّان والطاقم بعدما جنحوا بالسفينة.‏ لكن لحسن التوفيق،‏ أُنقذ الركاب الخائفون،‏ ووعدت الحكومة الفرنسية بالنظر في طلبهم للجوء.‏ وكل سنة يُقدِم ملايين مثلهم على مثل هذه الرحلات الخطرة.‏

      ان معظم هؤلاء اللاجئين الاقتصاديين يواجهون بملء ارادتهم المصاعب الجمة والمجهول.‏ وهم يتوصلون بطريقة او بأخرى الى تجميع المال للقيام بالرحلة لأنهم يعانون في بلدهم الفقر،‏ العنف،‏ عدم المساواة،‏ او ظلم الحكومات القمعية —‏ وفي بعض الاحيان العوامل الاربعة مجتمعة —‏ فتصبح حياتهم بلا امل.‏

      والذين يهلكون اثناء محاولتهم ايجاد حياة افضل ليسوا بقليلين.‏ فخلال العقد المنصرم،‏ غرق او اختفى ٥٠٠‏,٣ مهاجر وهم يحاولون عبور مضيق جبل طارق من افريقيا الى اسپانيا.‏ وفي سنة ٢٠٠٠،‏ اختنق ثمانية وخمسون مهاجرا صينيا وهم مختبئون في شاحنة تقلهم من بلجيكا الى انكلترا.‏ كذلك ايضا يموت عدد لا يحصى من المهاجرين في الصحراء الكبرى عندما تنقطع بهم الشاحنة المتداعية والمحملة بإفراط.‏

      رغم المخاطر،‏ تتزايد صفوف اللاجئين الاقتصاديين حول العالم بشكل لا يمكن ايقافه.‏ فحوالي نصف مليون شخص يهربون الى اوروپا كل سنة و ٠٠٠‏,٣٠٠ آخرون الى الولايات المتحدة.‏ وفي سنة ١٩٩٣،‏ قدَّر صندوق الامم المتحدة للسكان ان عدد المهاجرين حول العالم يبلغ ١٠٠ مليون،‏ استقر اكثر من ثلثهم في اوروپا والولايات المتحدة.‏ ولا شك ان العدد ازداد كثيرا منذ ذلك الحين.‏

      ان كثيرين من هؤلاء المهاجرين لا يجدون مطلقا الامن الذي يسعون وراءه.‏ فلاجئون قليلون يجدون ملجأ آمنا ودائما.‏ اما في اغلب الاحيان،‏ فيتخلص هؤلاء المرتحلون على غير هدى من مشاكل ليقعوا في غيرها.‏ والمقالة التالية ستلقي نظرة عن كثب على بعض هذه المشاكل وأسبابها الضمنية.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a في سلسلة المقالات هذه،‏ عندما نشير الى المهجَّرين،‏ لا نشمل الـ‍ ٩٠ الى ١٠٠ مليون شخص الذين تهجَّروا قسرا بسبب مشاريع التنمية،‏ مثل بناء السدود،‏ استخراج المعادن،‏ التحريج،‏ او المشاريع الزراعية.‏

  • ايجاد مكان يعتبرونه موطنهم
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • ايجاد مكان يعتبرونه موطنهم

      ‏«لا مكان كالبيت مهما كان متواضعا».‏ —‏جون هاوارد پَين.‏

      اولا،‏ اتت الحرب،‏ حرب لم تنته قط.‏ ثم اتى القحط،‏ قحط لا يرحم.‏ وسرعان ما كانت المجاعة ثالثتهما.‏ فلم يكن امام الناس الا امر واحد ليقوموا به —‏ هجر موطنهم بحثا عن الماء،‏ الطعام،‏ والعمل.‏

      فوصلوا ألوفا الى الحدود.‏ لكن في السنوات الاخيرة سُمح بدخول مليون لاجئ،‏ ولم يكن البلد المجاور ليستقبل عددا اكبر.‏ فعملت شرطة الحدود المزودة بالهراوي جاهدةً كي لا تدع احدا يتسلل عبر الحدود.‏

      ووصف احد المسؤولين عن دائرة الهجرة في البلد بفظاظة الاسباب التي من اجلها يجري ايقاف موجة اللاجئين العارمة.‏ «انهم لا يدفعون الضرائب.‏ وهم يخربون الطرقات،‏ يقطعون الاشجار،‏ ويستنفدون الماء.‏ كفى،‏ نحن لا نريد المزيد منهم».‏a

      مثل هذه المشاهد المأساوية تصبح شائعة جدا.‏ فالذين تهجروا من موطنهم يصعب عليهم اكثر فأكثر ايجاد مكان يعتبرونه موطنهم.‏ اوضح تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية:‏ «فيما يتزايد عدد الناس الذين يسعون وراء ايجاد الامن،‏ يزداد ايضا تردد الدول في تزويد هذه الحماية».‏

      ومَن يحالفهم التوفيق وينجحون في الوصول الى مخيَّم للاجئين قد يجدون نوعا من الامان،‏ لكنه نادرا ما يجعلهم يشعرون انهم في وطنهم.‏ والظروف في المخيَّم قد لا تكون مثالية على الاطلاق.‏

      الحياة في مخيَّمات اللاجئين

      تشكى احد اللاجئين الافريقيين:‏ «قد تقتلكم رصاصة [في وطنكم]،‏ لكن هنا [في مخيَّم اللاجئين] الجوع هو الذي يقتل اولادكم».‏ فكما اكتشف هذا الاب اليائس،‏ تعاني مخيَّمات كثيرة من نقص في الطعام والمياه،‏ وكذلك تفتقر الى التدابير الصحية والسكن الملائم.‏ والاسباب بسيطة.‏ فالبلدان النامية التي تجد نفسها فجأة مغمورة بآ‌لاف اللاجئين قد تكون هي ايضا في حالة كفاح لإعالة مواطنيها.‏ وهي لا تستطيع ان تزود مساعدة كبيرة للجموع الغفيرة التي تظهر فجأة على عتبة بابها.‏ والبلدان الاغنى،‏ التي تواجه مشاكلها الخاصة،‏ قد تتردد في تقديم الدعم للاجئين الكثيرين الموجودين في البلدان الاخرى.‏

      عندما هرب اكثر من مليونَي شخص من احد البلدان الافريقية سنة ١٩٩٤،‏ كان من المحال الّا تفتقر مخيَّمات اللاجئين المبنية بسرعة الى المياه والتدابير الصحية الملائمة.‏ نتيجة ذلك،‏ ادى تفشي الكوليرا الى وفاة آلاف الاشخاص قبل ان ضُبطت اخيرا.‏ وما يزيد الطين بلة هو ان المقاتلين المسلحين اختلطوا باللاجئين المدنيين وسرعان ما وضعوا ايديهم على مؤن الاغاثة وتولَّوا توزيعها.‏ ولم تكن هذه المشكلة فريدة من نوعها.‏ يقول تقرير للامم المتحدة:‏ «ان وجود عناصر مسلحة بين اللاجئين يعرّض المدنيين لمخاطر متزايدة.‏ فصاروا عرضة للتخويف،‏ المضايقة المستمرة،‏ والتجنيد الاجباري».‏

      وقد يعاني الناس المحليون ايضا من التدفق الهائل للاجئين الجياع.‏ تذمر بعض الرسميين في منطقة البحيرات العظمى في افريقيا:‏ «لقد قضى [اللاجئون] على مخزون الطعام،‏ قضوا على حقولنا،‏ مواشينا،‏ ومحمياتنا،‏ كما سببوا المجاعة وانتشار الاوبئة .‏ .‏ .‏ وهم يستفيدون من المساعدة الغذائية في حين اننا لا نحصل على شيء».‏

      لكن المشكلة الشائكة اكثر هي ان الكثير من مخيَّمات اللاجئين المؤقتة قد ينتهي بها المطاف كمستوطنات دائمة.‏ مثلا،‏ في احد بلدان الشرق الاوسط،‏ حُشر حوالي ٠٠٠‏,٢٠٠ لاجئ في مخيَّم يتسع لربع هذا العدد.‏ اوضح احدهم بمرارة:‏ «ليس لدينا مكان نذهب اليه».‏ وهؤلاء اللاجئون الذين يُقاسون كثيرا يواجهون قيودا صارمة في ما يتعلق بتوظيفهم في البلد المضيف،‏ كما يُقدَّر ان عدد العاطلين عن العمل او الذين يفتقرون الى عمل ثابت يبلغ ٩٥ في المئة.‏ اعترف مسؤول عن اللاجئين:‏ «في الحقيقة لا اعرف كيف يتدبرون لقمة عيشهم».‏

      لكن اذا بدت الاحوال سيئة في مخيَّمات اللاجئين،‏ فقد تكون اسوأ بالنسبة الى المهجَّرين الذين لا يستطيعون ترك بلدهم.‏

      بؤس المهجَّرين

      تقول مفوَّضة الامم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين انه «بسبب حجم هذه المشكلة ومداها،‏ والمعاناة الانسانية التي تشملها،‏ بالاضافة الى تأثيرها على السلام والامن الدوليين،‏ استحقت قضية المهجَّرين ان تكون قضية دولية ذات شأن خطير».‏ فلأسباب عديدة،‏ وضع هؤلاء المشردين هو عادة اسوأ من وضع اللاجئين.‏

      فلا منظمة دولية تهتم بخير المهجَّرين،‏ ولا يثير وضعهم الميؤوس منه غالبا سوى اهتمام ضئيل من قبل وسائل الاعلام.‏ حتى حكوماتهم،‏ المنغمسة في حرب من نوع او من آخر،‏ قد لا تكون راغبة في حمايتهم او قادرة على ذلك.‏ وغالبا ما يتشتت شمل العائلات خلال هربهم من المناطق الخطرة.‏ حتى ان بعض المهجَّرين المجبرين على الارتحال سيرا على الاقدام يموتون قبل ان يكملوا مسيرتهم سعيا وراء المزيد من الامن.‏

      يلجأ كثيرون من هؤلاء المهجَّرين الى المدن،‏ حيث يعيشون حياة بائسة في مدن الاكواخ او في ابنية مهجورة.‏ ويتجمع آخرون في مخيَّمات مؤقتة تتعرض احيانا لهجمات مسلحة.‏ وتكون عادة نسبة الوفيات بينهم الاعلى في البلد.‏

      حتى مجهود الاغاثة ذو المساعي النبيلة الذي يهدف الى تخفيف معاناة هؤلاء المهجَّرين يمكن ان تنعكس نتائجه سلبا.‏ يوضح كتاب وضع اللاجئين في العالم ٢٠٠٠ (‏بالانكليزية)‏:‏ «خلال العقد الاخير من القرن العشرين،‏ انقذت المنظمات الانسانية العاملة في البلدان التي تمزقها الحرب آلاف الاشخاص وقامت بالكثير لتخفف المعاناة البشرية.‏ لكن من اهم الدروس التي تعلمناها في هذا العقد هو ان اعمال المنظمات الانسانية خلال النزاعات قد تتحكم فيها الاحزاب المتقاتلة،‏ وقد تؤدي عن غير عمد الى تقوية مواقف السلطات المسؤولة عن انتهاك حقوق الانسان.‏ كما ان مؤن الاغاثة التي تزودها المنظمات الانسانية يمكن ان تدعم اقتصاد الحرب،‏ فتساهم في تعزيز وإطالة الحرب».‏

      البحث عن نمط حياة افضل

      الى جانب اللاجئين والمهجَّرين،‏ هنالك موجة عارمة من اللاجئين الاقتصاديين.‏ والأسباب عديدة.‏ فالفجوة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة في العالم يزيد اتساعها،‏ ويشاهد يوميا بعض الناس الافقر في العالم البرامج التلفزيونية التي تعرض انماط الحياة المترفة في بعض البلدان.‏ وصار السفر حول العالم اسهل وكذلك عبور الحدود.‏ كما ان الحروب الاهلية،‏ بالاضافة الى التمييز الديني والعنصري،‏ تعطي الناس ايضا حافزا قويا للانتقال الى بلدان اكثر ازدهارا.‏

      لكن في حين ان بعض المهاجرين —‏ وخصوصا مَن لديهم اقرباء في البلدان الصناعية —‏ ينجحون في انتقالهم،‏ ينتهي الامر بآ‌خرين الى تدمير حياتهم.‏ والذين يقعون في ايدي التجار المجرمين يواجهون خطرا غير اعتيادي.‏ (‏انظروا الاطر المرافقة.‏)‏ لذلك يحسن بالعائلة ان تتأمل بدقة في هذه المخاطر قبل ان تهاجر لأسباب اقتصادية.‏

      في سنة ١٩٩٦،‏ انقلبت سفينة قديمة في البحر المتوسط،‏ وغرق ٢٨٠ شخصا.‏ كان الضحايا مهاجرين من پاكستان،‏ سري لانكا،‏ والهند،‏ دفعوا ما بين ٠٠٠‏,٦ و ٠٠٠‏,٨ دولار اميركي لينتقلوا الى اوروپا.‏ وكانوا قد احتملوا قبل غرق السفينة اسابيع من الجوع،‏ العطش،‏ والاساءة الجسدية.‏ فتحولت «رحلتهم نحو الازدهار» الى كابوس انتهى بمأساة.‏

      تقريبا كل لاجئ،‏ مهجَّر،‏ او مهاجر غير شرعي لديه كابوس يرويه.‏ ومهما كان سبب تهجُّر هؤلاء من بيوتهم —‏ سواء أكان حربًا،‏ ام اضطهادًا،‏ ام فقرًا —‏ فإن معاناتهم تثير سؤالين:‏ هل ستُحل هذه المشكلة يوما؟‏ ام هل سيستمر تدفق اللاجئين بالازدياد؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ان الحالة الموصوفة آنفا حدثت في آذار (‏مارس)‏ ٢٠٠١ في بلد آسيوي.‏ لكن مشاكل مماثلة نشأت ايضا في بعض البلدان الافريقية.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٩]‏

      مأزق المهاجرين غير الشرعيين

      بالاضافة الى اللاجئين والمهجَّرين،‏ هنالك حوالي ١٥ الى ٣٠ مليون «مهاجر غير شرعي» حول العالم.‏ ومعظم هؤلاء الناس يأملون ان يهربوا من الفقر —‏ وربما من التحامل والاضطهاد ايضا —‏ باللجوء الى بلدان اغنى.‏

      وبما ان امكانيات الهجرة القانونية خفت في السنوات الاخيرة،‏ فقد ظهر الاتّجار غير الشرعي بالمهاجرين.‏ وصار الاتّجار بالمهاجرين اليوم تجارة مربحة بالنسبة الى العصابات الاجرامية الدولية.‏ فمكاسبها تساوي،‏ بحسب بعض المحققين،‏ ١٢ بليون دولار اميركي في السنة،‏ دون ان يتعرض التجار الى خطر يُذكَر.‏ وقد دعا پينو ارلاكي،‏ وكيل الامين العام للامم المتحدة،‏ هذه التجارة «السوق الاجرامية الاسرع نموا في العالم».‏

      ان المهاجرين غير الشرعيين لا يحظون بحماية قانونية،‏ كما يصادر التجار جوازات سفرهم.‏ وقد يعمل مثل هؤلاء المهاجرين في المنازل،‏ في الصيد،‏ في الزراعة،‏ او في مؤسسات تشغّل عمالها في ظروف سيئة.‏ وينتهي المطاف ببعض النساء الى ممارسة البغاء.‏ وإذا وقع هؤلاء المهاجرين في يد السلطات،‏ فمن المرجح ان يعادوا الى وطنهم مفلسين.‏ وإذا اعترضوا على ظروف عملهم القاسية،‏ فقد يُضرَبون او يُساء اليهم جنسيا او تُهدَّد عائلاتهم في الموطن بأعمال عنف.‏

      غالبا ما تغري العصابات الاجرامية مَن يرونهم مستعدين للهجرة،‏ فيعدونهم بتأمين اعمال عالية الاجور.‏ لذلك،‏ قد ترهن عائلة فقيرة كل ممتلكاتها لمجرد ارسال احد افرادها الى اوروپا او الى الولايات المتحدة.‏ وإذا عجز المهاجر عن دفع نفقات سفره يُتوقع منه ان يعمل ليسدد ديونه التي قد تصل قيمتها احيانا الى ٠٠٠‏,٤٠ دولار اميركي.‏ فيتبيَّن له ان ‹الحياة الجديدة› التي وُعد بها ليست سوى عمل سخرة.‏

      ‏[الصورة]‏

      لاجئون غير شرعيين في اسپانيا

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨]‏

      البراءة المحطَّمة

      عاشت عائلة سيري في تلال جنوب شرق آسيا حيث كان والداها يعتنيان بحقول الارزّ التي يملكانها.‏ وفي احد الايام اخبرت امرأة والدَي سيري انها تستطيع ان تؤمن لها عملا بأجر عالٍ في المدينة.‏ وعرضت عليهما مبلغ ٠٠٠‏,٢ دولار اميركي —‏ ثروة بالنسبة الى المزارعين —‏ فكان من الصعب رفضه.‏ لكن سرعان ما وجدت سيري نفسها مستعبدة في بيت للدعارة.‏ وأخبرها المالكون ان عليها ان تعيد مبلغ ٠٠٠‏,٨ دولار اميركي لتكسب حريتها.‏ كانت سيري آنذاك في الـ‍ ١٥ من عمرها.‏

      استحال على سيري ان تدفع هذا الدين.‏ وقد أُكرهت على التعاون بالضرب والاساءة الجنسية.‏ ولم يكن ليُطلق سراحها ما دامت تعود عليهم بالنفع.‏ والواقع المرير هو ان العديد من مثل اولئك البغايا يُطلق سراحهن في نهاية المطاف —‏ انما ليرجعن الى ضيعهن ويمتن من الأيدز.‏

      وتزدهر تجارة مماثلة في انحاء اخرى من العالم.‏ فقد قدَّر تقرير في سنة ١٩٩٩ بعنوان الاتّجار العالمي غير المشروع بالنساء الى الولايات المتحدة (‏بالانكليزية)‏ انه يُتّجر كل سنة بـ‍ ٠٠٠‏,٧٠٠ الى ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢ امرأة وولد،‏ والعديد منهم لأهداف جنسية.‏ فبعضهم قد يُخدَعون،‏ وقد يُخطَف آخرون،‏ لكن كلهم تقريبا يُرغَمون على العمل ضد ارادتهم.‏ قالت مراهقة من اوروپا الشرقية أُنقذَت من عصابة للبغاء متحدثة عن معتقليها:‏ «لم اعتقد قط ان ذلك ممكن.‏ فهؤلاء الناس هم وحوش».‏

      ان بعض الضحايا المساكين أُخذوا من مخيَّمات اللاجئين،‏ حيث تكون الوعود بوظائف وأجور عالية في اوروپا او في الولايات المتحدة مغرية جدا.‏ وبالنسبة الى عدد لا يحصى من النساء،‏ ادى بهن بحثهن عن حياة افضل الى العبودية الجنسية.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ١٠]‏

      احسبوا النفقة قبل ان تهاجروا لأسباب اقتصادية

      نظرا الى وجود العديد من العصابات الاجرامية المتورطة في الاتّجار بالمهاجرين وصعوبة الهجرة شرعيا الى بلدان العالم المتقدم،‏ ينبغي للازواج والآباء ان يتأملوا بانتباه في الاسئلة التالية قبل اتخاذ اي قرار.‏

      ١-‏ هل حالتنا الاقتصادية حقا ميؤوس منها الى حد انه لا مفر من انتقال فرد من العائلة او العائلة بأسرها الى بلد حيث الاجور اعلى؟‏

      ٢-‏ ما هو الدَّين الذي قد ينتج لتمويل الرحلة،‏ وكيف سيُسدَّد هذا الدَّين؟‏

      ٣-‏ هل يستحق الامر تفريق شمل العائلة لفوائد اقتصادية قد يتبرهن انها غير واقعية؟‏ فالعديد من المهاجرين غير الشرعيين يجدون ان الحصول على وظيفة ثابتة في البلدان المتقدمة مستحيل تقريبا.‏

      ٤-‏ هل من الحكمة ان اصدّق الروايات عن الاجور العالية والاعانات الاجتماعية؟‏ يقول الكتاب المقدس «الغبي يصدِّق كل كلمة والذكي ينتبه الى خطواته».‏ —‏ امثال ١٤:‏١٥‏.‏

      ٥-‏ اية ضمانة لديّ اننا لن نكون ضحية عصابة اجرامية؟‏

      ٦-‏ اذا نظمت مثل هذه المجموعة الاجرامية الرحلة،‏ فهل ادرك ان زوجتي —‏ او ابنتي —‏ قد تجد نفسها مجبرة على العمل كبغي؟‏

      ٧-‏ هل ادرك انني اذا دخلتُ بلدا ما كمهاجر غير شرعي،‏ فقد لا اكون قادرا على الحصول على وظيفة ثابتة وقد أُعاد الى الوطن،‏ وأخسر كل المال الذي استثمرته في الرحلة؟‏

      ٨-‏ هل انوي ان اصير مهاجرا غير شرعي،‏ او ان ألجأ الى اجراءات خادعة في سبيل الحصول على اذن بدخول بلد اكثر ثراء؟‏ —‏ متى ٢٢:‏٢١؛‏ عبرانيين ١٣:‏١٨‏.‏

      ‏[‏الرسم/‏الخريطة في الصفحتين ٨ و ٩]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      تحرّك اللاجئين والعمال المهاجرين

      مناطق وجود اكبر عدد من اللاجئين والمهجَّرين

      التحرّكات الرئيسية للعمال المهاجرين

      ‏[مصدر الصور]‏

      المصادر:‏ وضع اللاجئين في العالم؛‏ ازمة الهجرة العالمية؛‏ واستطلاع وضع اللاجئين في العالم لسنة ١٩٩٩.‏

      Mountain High Maps® Copyright © 1997 Digital Wisdom,‎ Inc.‎

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      لاجئة تنتظر الاستقرار ثانية

      ‏[مصدر الصورة]‏

      UN PHOTO 186226/M.‎ Grafman

  • عالم يرحِّب بالجميع
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • عالم يرحِّب بالجميع

      ‏«بما ان قضية اللاجئين هي مشكلة عالمية،‏ ينبغي ان يُبحَث عن الحل على صعيد عالمي».‏ —‏ڠيل لاشِر،‏ پروفسور في العلاقات الدولية.‏

      غادر الزوجان الشابان تحت جنح الليل.‏ كان الزوج قلقا على سلامة العائلة،‏ فلم يتوانَ في الرحيل رغم وجود طفل صغير.‏ فقد سمع ان حاكم البلد العديم الرحمة يخطط ان يهاجم المدينة بهدف سفك الدماء.‏ وبعد رحلة شاقة تعدّت مئة وخمسين كيلومترا،‏ عبرت العائلة اخيرا الحدود الى بر الامان.‏

      صارت هذه العائلة المتواضعة معروفة في كل اقطار العالم.‏ فاسم الطفل يسوع،‏ واسم ابويه مريم ويوسف.‏ وهؤلاء اللاجئين لم يتركوا ارضهم سعيا وراء الغنى المادي،‏ بل كانت القضية قضية حياة او موت.‏ نعم،‏ فقد كان طفلهما هدف الهجوم!‏

      مثل العديد من اللاجئين الآخرين،‏ عاد يوسف وعائلته في النهاية الى موطنهم عندما تحسن الوضع السياسي.‏ لكنَّ هربهم في الوقت المناسب ساعد دون شك على انقاذ حياة طفلهما.‏ (‏متى ٢:‏١٣-‏١٦‏)‏ وكانت مصر،‏ بلدهم المضيف،‏ معتادة ان تستقبل اللاجئين السياسيين والاقتصاديين.‏ فقبل ذلك بعدة قرون،‏ لجأ اجداد يسوع الى مصر عندما اكتسحت مجاعة ارض كنعان.‏ —‏ تكوين ٤٥:‏٩-‏١١‏.‏

      آمنون لكن غير مكتفين

      ان الامثلة الموجودة في الكتاب المقدس وكذلك الامثلة العصرية تشهد ان الهروب الى بلد آخر يمكن ان يعني الخلاص.‏ لكن ترك العائلة بيتها لَهو اختبار محزن.‏ فمهما كان البيت متواضعا فهو على الارجح ثمرة سنوات من استثمار الوقت والمال.‏ وقد يكون ايضا ارثا عائليا يربطهم بحضارتهم وأرضهم.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ لا يمكن ان يأخذ اللاجئون معهم سوى القليل من المتاع،‏ هذا اذا استطاعوا اخذ شيء.‏ وهكذا،‏ يغرق اللاجئون في دوامة من الفقر،‏ بصرف النظر عن ظروفهم السابقة.‏

      كما ان الشعور بالارتياح الذي يخالج المرء عندما يصل الى بر الامان يمكن ان يختفي بسرعة اذا كانت الحياة في مخيَّم اللاجئين هي كل ما يقدمه المستقبل.‏ وكلما طالت حالة اللاجئ ازدادت وطأتها ثقلا عليه،‏ وخصوصا اذا لم يندمج مع السكان المحليين.‏ فاللاجئون،‏ كسائر الناس،‏ يريدون ان يشعروا بالانتماء الى مكان ما.‏ ومخيَّم اللاجئين ليس المكان المثالي لتنشئة عائلة.‏ فهل يأتي الوقت حين يكون لدى كل فرد مكان يعتبره موطنه؟‏

      هل العودة الى الوطن هي الحل؟‏

      خلال تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عاد حوالي تسعة ملايين لاجئ اخيرا الى موطنهم.‏ كانت مناسبة سعيدة للبعض،‏ فباشروا بحماس شديد بناء حياتهم.‏ اما البعض الآخر فقد طغى عليهم شعور الاستسلام للواقع.‏ فهم لم يعودوا إلّا لأن حالتهم صارت لا تطاق في بلد الملجإ.‏ وكانت المشاكل التي اختبروها بعيدا عن بلادهم خطيرة جدا بحيث قرروا انهم سيكونون افضل حالا في موطنهم،‏ رغم عدم الامان الذي سيواجهونه دون شك.‏

      حتى في افضل الظروف،‏ تتخلل العودة الى الوطن الصعوبات لأنها تعني تخلي المرء مرة ثانية عن كل ما اسّسه.‏ فكما يوضح وضع اللاجئين في العالم ١٩٩٧-‏١٩٩٨ (‏بالانكليزية)‏،‏ ان «كل انتقال الى مكان آخر ترافقه خسارة وسائل المعيشة مثل الاراضي،‏ الوظائف،‏ البيوت،‏ والمواشي.‏ ويرافق كل انتقال صعوبة التأسيس من جديد».‏ اخبرت احدى الدراسات عن اللاجئين العائدين الى موطنهم في وسط افريقيا انه «بالنسبة الى اللاجئين الذين حصلوا على مساعدة وهم متغربون عن وطنهم،‏ يمكن ان تكون العودة اصعب من معاناة الاغتراب».‏

      لكن المحزن اكثر هو حالة ملايين اللاجئين الذين أُرغِموا على العودة الى وطنهم الام.‏ فما هي الظروف التي تنتظرهم؟‏ يذكر تقرير من الامم المتحدة:‏ «قد يكون على العائدين ان يُجاهدوا للبقاء على قيد الحياة في مكان تكاد تختفي فيه سلطة القانون،‏ حيث تنتشر اللصوصية والجرائم العنيفة،‏ حيث يسطو الجنود المسرَّحون من الخدمة على المدنيين،‏ وحيث تتوفر الاسلحة الخفيفة لمعظم الناس».‏ فمن الواضح ان مثل هذه البيئات العدائية لا تفي حتى بالحاجات الامنية الاساسية لهؤلاء اللاجئين.‏

      بناء عالم يعيش الجميع فيه بأمان

      ان عودة اللاجئين الى وطنهم،‏ بالقوة او على مضض،‏ لن تحل ابدا مشكلتهم اذا لم تُعالَج الاسباب الاساسية.‏ سنة ١٩٩٩،‏ ذكرت السيدة ساداكو اوڠاتا،‏ مفوَّضة الامم المتحدة السامية السابقة لشؤون اللاجئين:‏ «ان احداث هذا العقد —‏ وفي الواقع احداث السنة الماضية —‏ تشير بوضوح كبير ان قضايا اللاجئين لا يمكن ان تُناقَش دون التطرق الى موضوع الامن».‏

      فالافتقار الخطير الى الامن يؤثر في ملايين الناس حول العالم.‏ يوضح كوفي انان،‏ الامين العام للامم المتحدة:‏ «في بعض اقطار العالم،‏ انهارت البلدان نتيجة النزاعات الداخلية والطائفية،‏ حارمة المدنيين من اية حماية فعالة.‏ وفي بلدان اخرى،‏ يتعرض امن الناس للخطر بسبب رفض الحكومات العمل من اجل المصلحة العامة،‏ اضطهادها معارضيها،‏ ومعاقبتها افراد الاقليات الابرياء».‏

      ان الحروب،‏ الاضطهاد،‏ والعنف العرقي —‏ الاسباب الاساسية لغياب الامن الذي تكلم عنه كوفي انان —‏ تتأصل عادة في الحقد،‏ التحامل،‏ والظلم.‏ وهذه الشرور لا يمكن استئصالها بسهولة.‏ فهل يعني ذلك ان مشكلة اللاجئين ستسوء لا محالة؟‏

      لو تُرك الامر بيد البشر لكان الوضع كذلك بلا شك.‏ لكنّ اللّٰه يعد في الكتاب المقدس انه ‹سيسكِّن الحروب الى اقصى الارض›.‏ (‏مزمور ٤٦:‏٩‏)‏ كما يصف،‏ بواسطة نبيِّه اشعيا،‏ الوقت الذي فيه يبني الناس «بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها.‏ .‏ .‏ .‏ لا يتعبون باطلا ولا يلدون للرعب لأنهم نسل مباركي الرب وذريتهم معهم».‏ (‏اشعياء ٦٥:‏٢١-‏٢٣‏)‏ عندئذ ستُحلّ مشكلة اللاجئين.‏ فهل يمكن ان تتحقق هذه الاحوال؟‏

      تقول ديباجة منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (‏اليونسكو)‏:‏ «بما ان الحرب تبتدئ في عقول البشر،‏ ففي عقول البشر يجب ان نشيِّد حصون السلام».‏ يعرف خالقنا تماما ان المطلوب هو تغيير في التفكير.‏ ويوضح النبي نفسه لماذا سيسكن كل شخص على الارض يوما ما بأمان:‏ «لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر».‏ —‏ اشعياء ١١:‏٩‏.‏

      لقد اكتشف شهود يهوه ان معرفة يهوه يمكن ان تغلب التحامل والبغض.‏ وفي عملهم الكرازي العالمي،‏ يسعون الى تعزيز القيم المؤسسة على الاسفار المقدسة التي تزرع المحبة عوض البغض،‏ حتى في البلدان التي تمزقها الحرب.‏ وهم يقدّمون للاجئين اية مساعدة ممكنة ضمن حدود قدرتهم.‏

      من جهة اخرى،‏ يدركون ان الحل النهائي لمشكلة اللاجئين هو في يدَي ملك اللّٰه الممسوح،‏ يسوع المسيح.‏ فهو يفهم بالتأكيد مدى سهولة تدمير البغض والعنف حياة الناس.‏ يؤكد لنا الكتاب المقدس انه سيقضي بالبر للمساكين.‏ (‏اشعياء ١١:‏١-‏٥‏)‏ وفي ظل حكمه السماوي،‏ ستتحقق مشيئة اللّٰه على الارض،‏ كما في السماء.‏ (‏متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وعندما يأتي ذلك اليوم،‏ لن يضطر اي انسان ان يصير لاجئا.‏ وسيكون لدى كل شخص مكان آمن يسكن فيه.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٢]‏

      ما يلزم لحل مشكلة اللاجئين؟‏

      «ان سدّ حاجات الناس المهجَّرين في العالم —‏ سواء كانوا لاجئين او مهجَّرين داخل بلدهم —‏ هو امر معقد اكثر بكثير من مجرد توفير الامن والمساعدة المؤقتين.‏ فهو يشمل الاهتمام بقضية الاضطهاد،‏ العنف،‏ والنزاع التي هي اساس التهجير.‏ كما يعني الاعتراف بحقوق الانسان للرجال،‏ النساء،‏ والاولاد كافة لكي يتمتعوا بالسلام والامن والكرامة دون ان يضطروا الى الهروب من موطنهم».‏ —‏ وضع اللاجئين في العالم ٢٠٠٠.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ١٣]‏

      اي حل يعرضه ملكوت اللّٰه؟‏

      «يُمارس البر والعدل في كل الارض.‏ ويحل السلام والامن الى الابد لأن الجميع يفعلون ما هو صائب.‏ يتحرر شعب اللّٰه من القلق،‏ ويعم مساكنهم السلام والامان».‏ —‏ اشعياء ٣٢:‏ ١٦-‏١٨‏،‏ الترجمة الانكليزية الحديثة‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة