-
الجزء ٢: ٢٣٦٩-١٩٤٣ قم — صياد، برج، وأنتم!استيقظ! ١٩٨٩ | تموز (يوليو) ٨
-
-
عواقب تمتد لتؤثر فيكم
وضع نمرود، اول شخص يمزج الدين بالسياسة، النموذج لكل الاتحادات اللاحقة المشابهة. فهل كان ذلك سينال الرضى الالهي؟ ان المبدأ المعلن في ما بعد في الكتاب المقدس انه «لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة» كان على وشك ان يُطبَّق. — متى ٧:١٨.
في الاصل، كان جميع سكان الارض يتكلمون اللغة نفسها.a ولكن عندما شرع نمرود ومؤيدوه في بناء هذا البرج في بابل اظهر اللّٰه استياءه. نقرأ: «فبددهم الرب من هناك على وجه كل الارض. فكفوا عن بنيان المدينة. لذلك دعي اسمها بابل [من با-لال، التي تعني «يبلبل»]. لان الرب هناك بلبل لسان كل الارض.» (تكوين ١١:١، ٥، ٧-٩) وكم كان البناؤون دون شك متثبطين عندما صاروا فجأة غير قادرين على مناقشة ما قد حدث وأيضا على التوصل الى اتفاق في ما يتعلق بسبب حدوثه! ولا شك انه جرى تقديم الكثير من النظريات، وازداد تنوعها بسبب عجز الفِرق اللغوية عن الاتصال.
وعندما تشتتت هذه الفِرق في انحاء مختلفة من الارض اخذت معها على نحو طبيعي نظرياتها الدينية. واذ مر الوقت صارت هذه الافكار، رغم انها من حيث الاساس الشيء نفسه، مصطبغة بالتقليد والحوادث المحلية. فمن «دين واحد فقط» سرعان ما نشأ هناك «مئة شكل له.» ومن الواضح ان الاختبار الاول هذا في النشاط الديني-السياسي ثبت في النهاية انه رديء.
وعواقبه استغرقت قرونا لتؤثر فيكم، واقع يمكنكم ادراكه اذا حاولتم يوما ما مناقشة الدين مع شخص من دين آخر. وحتى الكلمات الدينية المشتركة مثل «اللّٰه،» «الخطية،» «النفس،» و «الموت» تعني امورا مختلفة لأناس مختلفين. وملائمة هي كلمات العالِم الانكليزي جون سلدن، الذي قال منذ ٣٠٠ سنة: «اذا فُحصت المسألة جيدا فنادرا ما تجدون في ايّ مكان ثلاثة [اشخاص] من الدين نفسه في كل النقاط.» هذا هو ميراث الجنس البشري، وكل ذلك بسبب هذا الصياد الجبار القديم الذي، اذ كان دون مباركة الخالق، لم يقدر ان يكمل برجه.
بقايا عصرية من بابل
«لا دين من الاديان التي نعرفها يمكن ان يقدِّم آلهة كثيرة جدا كالسومري-الاشوري-البابلي،» تدَّعي المؤلفة پترا آيسِلي. وهي تتكلم عن ٥٠٠ اله، قائلة ان بعض الجداول الاكثر شمولا تحتوي حتى ٥٠٠,٢ اسم. وأخيرا، مع مرور الوقت، «ثبَّت اللاهوتيون الرسميون لبابل التسلسل الهرمي للآلهة على نحو محدَّد تقريبا، مقسِّمين اياها الى ثواليث،» تقول دائرة معارف لاروس الجديدة لعلم الاساطير. وأحد ثواليث الآلهة البارزة كان يتألف من آنو، إنليل، وإيا. وتشكَّل آخَر من الآلهة النجمية سِن وشَمَش وعشتار، المعروفة ايضا بعشتروت، الإلاهة-الام، زوجة تموز.
ومردوك، الاله البابلي الاكثر بروزا الذي دعي في ما بعد إنليل او بل، كان اله حرب. ويقول دروب الايمان ان ذلك «شكَّل اعترافا دينيا بالواقع التاريخي ان الحرب صارت انهماكا متزايدا لخدام الآلهة البابليين.» ان صيادا جبارا كنمرود، الذي فتك بالانسان والحيوان، كان منطقيا سيعبد اله الحرب، لا «اله المحبة والسلام» الذي يتكلم عنه الكتاب المقدس. — ٢ كورنثوس ١٣:١١.
والآلهة البابلية والأشورية كانت على نحو مدهش «بشرية،» اذ لديها الحاجات والعواطف نفسها كالبشر. وقد ادَّى ذلك الى تطور الشعائر والممارسات الدينية، كفجور الهياكل، الذي لا يمكن حتما ان يُعتبر من مصدر الهي.
والسحر، الرقية، وعلم التنجيم كانت ايضا اجزاء اساسية للدين البابلي. وتدَّعي پترا آيسِلي انه «من المحتمل جدا ان يكون هاجس السحرة الغربي . . . من اصل كلداني.» والبابليون احرزوا تقدما مدهشا في دراسة علم الفلك في اثناء محاولتهم معرفة المستقبل في النجوم.
وسكان ما بين النهرين آمنوا ايضا بخلود النفس البشرية. وأشاروا الى ذلك بدفن اشياء مع الميت من اجل استعمالها في الحياة الاخرى.
والآن، تأملوا لحظة في بعض الاديان الرئيسية للوقت الحاضر. هل تعرفون ايَّا منها يعلِّم ان النفس البشرية خالدة، يعلِّم ان اللّٰه ثالوث من ثلاثة آلهة في اله واحد، يسمح للفساد الادبي بين اعضائه بأن يجري دون الاعتراض له، يتدخل في السياسة، او لديه اعضاء يرغبون في ان يضحوا بحياتهم من اجل اله الحرب اكثر من اله السلام؟ اذا كان الامر كذلك، فقد عرفتم هيئات عصرية مشبَّهة ببنت بابل لا تزال تنشر بقايا دينية من ايام برج نمرود. وعلى نحو ملائم، يُستعمل الاسم «بابل» في الكتاب المقدس ليشير الى كامل الامبراطورية العالمية للدين الباطل. — انظروا الرؤيا، الاصحاحين ١٧، ١٨.
-
-
الجزء ٢: ٢٣٦٩-١٩٤٣ قم — صياد، برج، وأنتم!استيقظ! ١٩٨٩ | تموز (يوليو) ٨
-
-
[الاطار في الصفحة ٢٢]
هل اتى الصليب من بابل؟
«بابل،» «كلدانيا،» و «ما بين النهرين» كلها تشير الى المنطقة العامة نفسها لما هو اليوم العراق. يكتب جوليان ريي من جامعة لوڤان-لا-نوڤ الكاثوليكية في بلجيكا: ‹الصليب موجود في الحضارات القديمة لآسيا، اوروبا، افريقيا الشمالية، واميركا [ومن جملتها] في منطقة ما بين النهرين [حيث] ان الصليب ذا الروافد الاربع المتساوية اشارة الى السماء والاله آنو.› و «القاموس التفسيري لكلمات العهد الجديد» هو اكثر تحديدا، اذ يقول ان الصليب «يرجع اصله الى ارض الكلدانيين القديمة وكان يُستعمل رمزا الى الاله تموز (لكونه بشكل حرف التاء T السرّي، اول حروف اسمه).» وهكذا فان الصليب هو بوضوح من اصل ما قبل المسيحية. وقد اقترح البعض ان تموز، الذي يُدعى ايضا دوموزي، كان في الاصل ملكا وجرى تأليهه بعد موته. مثلا، يكتب أ. ر. ڠيرني في «مجلة الدراسات الساميّة»: «كان دوموزي في الاصل رجلا، ملك أرك.» فهل يمكن ان يكون ذلك اشارة محتملة الى نمرود، الذي عنه يقول الكتاب المقدس، «كان ابتداء مملكته بابل وأرك»؟ (تكوين ١٠:١٠) في الوقت الحاضر، لا سبيل هنالك الى المعرفة الاكيدة.
-