مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • حين تحلّ الفاجعة
    برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (‏مايو)‏
    • حين تحلّ الفاجعة

      كان أووِن،‏ طفل في الثانية والنصف من عمره،‏ يلعب في حمام منزله.‏ فاستطاع ان يتسلق ويصل الى خزانة الادوية رغم اعتقاد والدَيه انه غير قادر على ذلك.‏ ثم جذبت انتباهه قنينة ففتحها وشرب السائل الذي فيها.‏ وهنا حلّت الفاجعة.‏

      فقد احتوت القنينة حمضا مميتا قضى على حياة أووِن،‏ فانفطر قلب والدَيه حزنا.‏ ولنيل التعزية،‏ لجأ والده پرسي الى الكنيسة.‏ وطرح على رجل الدين السؤال التالي:‏ «لماذا حصل ذلك؟‏».‏ فأجاب:‏ «لأن اللّٰه اراد ملاكا صغيرا آخر في السماء».‏ فانسحق الوالد من الحزن،‏ وشعر ان ذلك ظلم بكل معنى الكلمة.‏ ولكن هل اراد اللّٰه حقا ان تحدث هذه المأساة؟‏ لقد خاب امل پرسي،‏ وقرَّر ان يقطع علاقته بالكنيسة.‏

      عندما فكّر پرسي مليا في ما حصل راح يتساءل:‏ ‹هل ما زال ولدي الصغير يتألم؟‏ وهل سأراه ثانية يوما ما؟‏›.‏

      ربما تساءلت انت ايضا عما يحدث عند الموت وما اذا كان يمكن الاتحاد ثانية مع الاحباء الموتى في المستقبل.‏ ان كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس،‏ تلقي الضوء على هذين السؤالين.‏ فصفحات هذا الكتاب تتضمن اجوبة واضحة ومعزية لجميع الذين اختبروا مآ‌سي مماثلة.‏ والاهم من ذلك هو انها تكشف عن رجاء مجيد وعدنا اللّٰه بتحقيقه،‏ ألا وهو قيامة الاموات.‏

      اقرأ من فضلك المقالة التالية لمعرفة المزيد عن هذا الرجاء الرائع.‏

  • القيامة —‏ رجاء مجيد
    برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (‏مايو)‏
    • القيامة —‏ رجاء مجيد

      القيامة معتقد شائع جدا.‏ فالقرآن،‏ كتاب المسلمين المقدس،‏ يتضمن سورة كاملة تتناول القيامة.‏ ومن جملة ما تقوله هذه السورة:‏ «لا [زائدة] أُقسم بيوم القيامة .‏ .‏ .‏ أيحسب الانسان ألَّن نجمع عظامه .‏ .‏ .‏ يَسأل أَيَّان يوم القيامة .‏ .‏ .‏ أليس ذلك بقادر على ان يُحيي الموتى».‏ —‏ سورة القيامة:‏١-‏٦،‏ ٤٠.‏

      وتعلِّم الزرادشتية انه سيكون هنالك «غلبة نهائية للشر،‏ قيامة شاملة،‏ دينونة اخيرة،‏ وردّ للارض المطهرة الى الابرار»،‏ نقلا عن دائرة المعارف البريطانية الجديدة.‏

      وبحسب دائرة المعارف اليهودية،‏ القيامة هي «الاعتقاد ان الموتى سيُعادون اخيرا الى الحياة في اجسادهم المادية،‏ ويعيشون ثانية على الارض».‏ ويذكر المرجع عينه ايضا ان الديانة اليهودية تبنَّت الاعتقاد ان للانسان نفسا خالدة،‏ الامر الذي يخلق معضلة.‏ يعترف هذا المرجع قائلا:‏ «ان عقيدتَي القيامة وخلود النفس متناقضتان من حيث الاساس».‏

      وتعلِّم الهندوسية ان الانسان يخضع لسلسلة من الولادات المتكررة،‏ او التقمُّصات.‏ ولكن اذا كان ذلك صحيحا،‏ يجب ان يكون للانسان نفس تبقى حية بعد الموت.‏ يذكر الباڠڤاد ڠيتا،‏ كتاب الهندوس المقدس:‏ «ان ما يتخلل كامل الجسم غير قابل للتلف.‏ ولا احد يستطيع ان يهلك النفس غير القابلة للفناء».‏

      اما البوذية فتختلف عن الهندوسية في انها تنكر وجود النفس الخالدة.‏ ومع ذلك،‏ يؤمن كثيرون من البوذيين في الشرق الاقصى اليوم بتقمص النفس الخالدة.‏a

      التشويش في تعليم القيامة

      غالبا ما تشير مراسم الدفن التي تُجرى في العالم المسيحي الى بقاء النفس حية بعد الموت وإلى القيامة كليهما.‏ على سبيل المثال،‏ يتلو عادة رجال الدين الانڠليكانيون الكلمات التالية:‏ «بما ان اللّٰه الكلّي القدرة والعظيم الرحمة سُرّ بأن يأخذ نفس اخينا العزيز الراحل،‏ نودِع جسده في الارض؛‏ فهو من التراب وإلى التراب يعود .‏ .‏ .‏؛‏ على رجاء ثابت وأكيد هو رجاء القيامة الى الحياة الابدية بواسطة ربنا يسوع المسيح».‏ —‏ كتاب الصلاة العامة (‏بالانكليزية)‏.‏

      قد تجعل هذه العبارات المرء يتساءل هل يعلِّم الكتاب المقدس ان الموتى يقومون ام ان النفس خالدة؟‏ ولكن،‏ لاحِظ ما ذكره البروفسور البروتستانتي الفرنسي اوسكار كولمان في كتابه خلود النفس ام قيامة الاموات؟‏ (‏بالفرنسية)‏:‏ «هنالك اختلاف جذري بين التوقع المسيحي لقيامة الاموات والمعتقد اليوناني لخلود النفس.‏ .‏ .‏ .‏ ومع ان المسيحية اوجدت في ما بعد صلة بين هذين المعتقدين اللذين يخلط بينهما تماما المسيحي العادي اليوم،‏ فإني لا ارى سببا لأخفي ما أعتبر انا وأغلبية العلماء انه الحق.‏ .‏ .‏ .‏ ان الحياة والفكر في العهد الجديد يسودهما تماما الايمان بالقيامة.‏ .‏ .‏ .‏ والانسان كله،‏ الذي هو ميت حقا،‏ يُعاد كاملا الى الحياة بواسطة عمل خلقي جديد يقوم به اللّٰه».‏

      فلا عجب ان يشعر الناس عموما بالتشويش حيال الموت والقيامة.‏ لذلك،‏ من الضروري ان نلجأ الى الكتاب المقدس الذي يتضمن حقائق كشفها يهوه اللّٰه،‏ خالق الانسان.‏ وهذا الكتاب يسجل عددا من القيامات.‏ فلنفحص اربعا منها بغية معرفة ما تكشفه.‏

      ‏«استعادت نساء امواتهن بقيامة»‏

      في الرسالة التي كتبها الرسول بولس الى اليهود المهتدين الى المسيحية،‏ قال ان بعض نساء الايمان ‹استعدن امواتهن بقيامة›.‏ (‏عبرانيين ١١:‏٣٥‏)‏ وإحدى هؤلاء النساء هي ارملة عاشت في صَرفة،‏ مدينة فينيقية قريبة من صيدون على ساحل البحر الابيض المتوسط.‏ لقد استقبلت هذه الارملة نبي اللّٰه ايليا بحسن ضيافة وزوّدته بالطعام اثناء المجاعة الشديدة.‏ وكان بعد ذلك ان ابنها مرض ومات.‏ فأخذه ايليا فورا وصعد به الى العلية حيث كان مقيما،‏ وتوسّل الى يهوه ان يعيد اليه حياته.‏ وللوقت حدثت عجيبة،‏ فالصبي «عاد الى الحياة».‏ فأنزله ايليا من العلية وأعطاه لأمه قائلا:‏ «انظري،‏ ابنك حي».‏ وماذا كان ردّ فعلها؟‏ قالت مبتهجة:‏ «الآن حقا عرفت انك رجل اللّٰه وأن كلمة يهوه في فمك حق».‏ —‏ ١ ملوك ١٧:‏٢٢-‏٢٤‏.‏

      وعلى مسافة ١٠٠ كيلومتر جنوبي صَرفة،‏ عاش زوجان سخيّان كانا يعتنيان بأليشع،‏ النبي الذي خلف ايليا.‏ كانت الزوجة امرأة معروفة في موطنها شونم.‏ وقد اتفقت مع زوجها ان يصنعا علية في بيتهما ليمكث فيها أليشع.‏ كان هذان الزوجان يشعران بالأسى بسبب عدم انجابهما الاولاد.‏ لكنّ حزنهما تحوّل الى فرح عندما ولدت المرأة ابنا.‏ وحين كبر الصبي اعتاد ان يخرج الى الحقل برفقة ابيه والحصادين.‏ وذات يوم،‏ حلّت الفاجعة.‏ فقد أُصيب الصبي بصداع.‏ فحمله احد غلمان ابيه فورا الى البيت حيث وضعته امه في حضنها،‏ لكنه ما لبث ان مات.‏ قررت الام التي خبلها الحزن ان تستعين بأليشع.‏ فسافرت برفقة احد الغلمان في الاتجاه الشمالي الغربي نحو جبل الكرمل،‏ حيث كان أليشع مقيما.‏

      استجاب النبي بإرسال غلامه جيحزي امامه،‏ فوجد ان الصبي مات حقا.‏ وتبعه أليشع والمرأة الى شونم.‏ ولكن ماذا حدث عندما وصلا؟‏ تذكر الرواية في ٢ ملوك ٤:‏٣٢-‏٣٧‏:‏ «دخل أليشع البيت،‏ فإذا بالصبي ميت،‏ مضطجع على فراشه.‏ فدخل وأغلق الباب عليهما كليهما وصلى الى يهوه.‏ ثم صعد الى السرير واضطجع على الولد،‏ ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه وراحتيه على راحتيه وتمدد عليه،‏ فسخن جسد الولد.‏ ثم عاد ومشى في البيت،‏ تارة الى هنا وتارة الى هناك،‏ وصعد الى السرير وتمدد عليه.‏ فعطس الصبي سبع مرات،‏ ثم فتح الصبي عينيه.‏ فدعا جيحزي وقال:‏ ‹ادعُ هذه الشونمية›.‏ فدعاها فدخلت اليه.‏ فقال:‏ ‹ارفعي ابنك›.‏ فأقبلت وسقطت على قدميه وسجدت له الى الارض،‏ ورفعت ابنها وخرجت».‏

      كأرملة صَرفة،‏ ادركت المرأة الشونمية ان إقامة ابنها حدثت بقوة اللّٰه.‏ وقد اختبرت كلتا المرأتين فرحا عظيما عندما اعاد اللّٰه ابنيهما الحبيبين الى الحياة.‏

      القيامة اثناء خدمة يسوع

      بعد حوالي ٩٠٠ سنة،‏ حدثت قيامة على مسافة قصيرة شمالي شونم،‏ خارج مدينة نايين.‏ فعندما سافر يسوع المسيح وتلاميذه من كفرناحوم واقتربوا من باب مدينة نايين صادفوا موكب دفن.‏ ولاحظ يسوع ان الميت ابن وحيد لأمه وهي ارملة،‏ فطلب منها ان تكف عن البكاء.‏ لقد وصف الطبيب لوقا ما حدث بعد ذلك قائلا:‏ «اقترب [يسوع] ولمس النعش،‏ فوقف الحاملون،‏ فقال:‏ ‹ايها الشاب،‏ لك اقول:‏ قم!‏›.‏ فجلس الميت وابتدأ يتكلم،‏ فدفعه الى امه».‏ (‏لوقا ٧:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ فشرع الذين شهدوا العجيبة يمجدون اللّٰه.‏ وذاع الخبر عن تلك القيامة جنوبا،‏ في اليهودية والمنطقة المحيطة.‏ ومن المثير للاهتمام ان تلاميذ يوحنا المعمِّد سمعوا عنها وأخبروا يوحنا.‏ فأرسل اثنين منهما ليجدا يسوع ويسألاه هل هو المسيّا المنتظَر.‏ فأجابهما يسوع:‏ «اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما:‏ العمي يبصرون،‏ والعرج يمشون،‏ والبرص يُطهَّرون،‏ والصم يسمعون،‏ والاموات يقومون،‏ والفقراء يُبشَّرون».‏ —‏ لوقا ٧:‏٢٢‏.‏

      وأشهر عجائب القيامة التي صنعها يسوع هي إقامة صديقه الحميم لعازر.‏ عندما مات لعازر،‏ لم يذهب يسوع الى بيت عائلة الميت إلا بعد مرور فترة من الوقت.‏ وحين وصل اخيرا الى بيت عنيا،‏ كان لعازر ميتا منذ اربعة ايام.‏ فأمر يسوع بأن يُرفَع الحجر الذي يسد الممر المؤدي الى الحجرة حيث دُفِن.‏ لكنّ مرثا اخت الميت اعترضت قائلة:‏ «يا رب،‏ لقد أنتن،‏ فإن له اربعة ايام».‏ (‏يوحنا ١١:‏٣٩‏)‏ غير ان انحلال جسد لعازر لم يعق القيامة.‏ وبأمر من يسوع،‏ «خرج الميت ورجلاه ويداه مربوطات بلفائف،‏ ووجهه ملفوف بمنديل».‏ وما قام به اعداء يسوع لاحقا يثبت ان الذي عاد الى الحياة هو حقا لعازر.‏ —‏ يوحنا ١١:‏٤٣،‏ ٤٤؛‏ ١٢:‏١،‏ ٩-‏١١‏.‏

      فماذا نستنتج من هذه الروايات عن القيامات الاربع؟‏ في كل مرة كان الشخص نفسه يعود الى الحياة.‏ وكان الناس،‏ حتى الاقرباء الاقربون،‏ يتعرفون اليه.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ لم يتحدث ايٌّ من المقامين عما حدث اثناء الفترة القصيرة التي كانوا فيها امواتا،‏ او عن الانتقال الى عالم آخر.‏ وكما يبدو،‏ عادوا جميعا الى الحياة بصحة جيدة.‏ وبالنسبة اليهم بدا وكأنهم ناموا فترة من الوقت ثم استيقظوا،‏ تماما كما اشار يسوع.‏ (‏يوحنا ١١:‏١١‏)‏ ومع ذلك،‏ مات كلٌّ منهم ثانية بعد مدة.‏

      الاتحاد ثانية مع الاحباء —‏ رجاء مجيد

      بُعَيد الموت المأساوي لأووِن المذكور في المقالة السابقة،‏ زار والده احد جيرانه.‏ فوجد على طاولة ورقة دعوة تعلن عن خطاب عام رتَّب له شهود يهوه.‏ وقد اعجبه عنوانه:‏ «اين هم الموتى؟‏».‏ فهو بالتحديد السؤال الذي راوده.‏ فحضر المحاضرة ونال التعزية الحقيقية من الكتاب المقدس.‏ وعرف ان الموتى بمن فيهم أووِن لا يتألمون.‏ فهم لا يتعذبون في نار الهاوية ولا يأخذهم اللّٰه ليكونوا ملائكة في السماء،‏ بل ينتظرون في القبر ريثما يحين وقت ايقاظهم في القيامة.‏ —‏ جامعة ٩:‏٥،‏ ١٠؛‏ حزقيال ١٨:‏٤‏.‏

      اذا حدث ان حلّت فاجعة بعائلتك وتساءلت،‏ كوالد أووِن،‏ اين هم الآن احباؤك الموتى وهل يمكن ان تراهم ثانية،‏ ندعوك الى التأمل في امور اخرى يعلِّمها الكتاب المقدس عن القيامة.‏ وربما تتساءل:‏ ‹متى ستحدث القيامة؟‏ ومن سيستفيدون منها بالتحديد؟‏›.‏ من فضلك اقرإ المقالات التالية من اجل مناقشة هذين السؤالين وأسئلة اخرى ايضا.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظر كتاب بحث الجنس البشري عن اللّٰه،‏ الصفحات ١٥٠-‏١٥٤‏،‏ اصدار شهود يهوه.‏

  • القيامة —‏ رجاء يمسُّك شخصيا
    برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (‏مايو)‏
    • القيامة —‏ رجاء يمسُّك شخصيا

      ‏«لي رجاء باللّٰه .‏ .‏ .‏ انه سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة».‏ —‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏.‏

      ١ كيف أُثيرت قضية القيامة امام السنهدريم؟‏

      سنة ٥٦ ب‌م،‏ كانت اورشليم نهاية المطاف في رحلة الرسول بولس الارسالية الثالثة.‏ فهناك،‏ ألقى الرومان القبض عليه وأُخذ ليمثُل امام السنهدريم،‏ محكمة اليهود العليا.‏ (‏اعمال ٢٢:‏٢٩،‏ ٣٠‏)‏ وبينما هو ينظر،‏ لاحظ ان اعضاء المحكمة ينتمون الى فريقَين:‏ الفريسيون والصدوقيون.‏ وكان هنالك اختلاف كبير في الرأي بين هذين الفريقَين.‏ فالفريسيون آمنوا بالقيامة،‏ في حين ان الصدوقيين لم يؤمنوا بها.‏ وللدفاع عن هذا المعتقد،‏ قال بولس:‏ «ايّها الرجال الاخوة،‏ انا فريسي ابن فريسيين.‏ وعلى رجاء قيامة الاموات انا أُحاكَم».‏ وقد اثارت عبارته هذه بلبلة بين صفوفهم.‏ —‏ اعمال ٢٣:‏٦-‏٩‏.‏

      ٢ لماذا كان بولس مستعدا للدفاع عن ايمانه بالقيامة؟‏

      ٢ قبل سنوات،‏ كان بولس ذاهبا الى دمشق.‏ وفي الطريق،‏ شاهد رؤيا سمع فيها صوت يسوع،‏ حتى انه سأله:‏ «ماذا افعل يا رب؟‏».‏ فأجابه يسوع:‏ «قم واذهب الى دمشق،‏ وهناك يُقال لك عن كل ما يتعيّن عليك ان تفعل».‏ وعندما وصل بولس الى دمشق،‏ وجده تلميذ مسيحي اسمه حنانيا وقال له:‏ «اله آبائنا قد اختارك لتعرف مشيئته وتبصر البارّ [يسوع المُقام] وتسمع صوت فمه».‏ (‏اعمال ٢٢:‏٦-‏١٦‏)‏ لذلك،‏ لا عجب ان يكون بولس مستعدا للدفاع عن ايمانه بالقيامة.‏ —‏ ١ بطرس ٣:‏١٥‏.‏

      إعلان رجاء القيامة جهرا

      ٣،‏ ٤ كيف برهن بولس انه مدافع غيور عن رجاء القيامة،‏ وماذا نتعلم من مثاله؟‏

      ٣ لاحقا،‏ مَثَل بولس امام الحاكم فيلكس.‏ وهناك،‏ عرض ‹خطيب› يُدعى ترتلّس دعوى اليهود ضد بولس،‏ فاتّهمه بأنه زعيم بدعة ومثير فتَن.‏ وفي الاجابة عن هذه التهمة،‏ قال بولس صراحة:‏ «اعترف لك بهذا،‏ اني بحسب الطريق الذي يدعونه ‹بدعة›،‏ هكذا اؤدي خدمة مقدسة لإله آبائي».‏ ثم دخل في صلب الموضوع قائلا:‏ «لي رجاء باللّٰه،‏ الرجاء الذي لديهم هم ايضا،‏ انه سوف تكون قيامة للابرار والاثمة».‏ —‏ اعمال ٢٣:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ ٢٤:‏١-‏٨،‏ ١٤،‏ ١٥‏.‏

      ٤ وبعد نحو سنتين،‏ دعا بوركيوس فستوس (‏الذي خلف فيلكس)‏ الملكَ هيرودس أغريباس لينضم اليه في استجواب بولس السجين.‏ وقد اوضح له ان متّهمي بولس تجادلوا معه بشأن «واحد اسمه يسوع قد مات وما زال بولس يؤكد انه حي».‏ وعندما أُتيح لبولس ان يدافع عن نفسه،‏ سأل:‏ «لماذا يُحكَم بينكم انه امر لا يُصدَّق ان اللّٰه يقيم الاموات؟‏».‏ ثم اعلن قائلا:‏ «لأنني نلتُ عونا من اللّٰه،‏ لا ازال حتى هذا اليوم اشهد للصغير والكبير،‏ دون ان اقول شيئا سوى ما ذكر الانبياء وموسى انه سيكون:‏ ان المسيح سيتألم وأنه،‏ وهو اول المقامين من الاموات،‏ سينادي بالنور لهذا الشعب وللامم».‏ (‏اعمال ٢٤:‏٢٧؛‏ ٢٥:‏١٣-‏٢٢؛‏ ٢٦:‏٨،‏ ٢٢،‏ ٢٣‏)‏ فكم كان بولس مدافعا غيورا عن رجاء القيامة!‏ على غرار بولس،‏ نحن ايضا ينبغي ان نعلن رجاء القيامة بثقة.‏ ولكن ايّ ردّ فعل يجب ان نتوقعه؟‏ على الارجح،‏ ردّ الفعل نفسه الذي لقيه بولس.‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ اي تجاوب لقيه الرسل عندما اعلنوا رجاء القيامة؟‏ (‏ب)‏ ايّ امر من الضروري ان نفعله نحن الذين نتحدث عن رجاء القيامة؟‏

      ٥ في وقت سابق،‏ زار بولس اثينا في رحلته الارسالية الثانية (‏نحو ٤٩-‏٥٢ ب‌م)‏.‏ وهناك،‏ تباحث مع اشخاص يؤمنون بآ‌لهة متعددة ولفت انتباههم الى قصد اللّٰه ان يدين المسكونة بالبرّ برجل سبق فعيّنه،‏ اي يسوع.‏ ثم اوضح ان اللّٰه زوَّد ضمانة لذلك اذ اقام يسوع من الاموات.‏ وأيّ تجاوب لقيه؟‏ نقرأ:‏ «لما سمعوا بقيامة الاموات،‏ ابتدأ البعض يسخرون،‏ وقال آخرون:‏ ‹سنسمع منك عن هذا مرة اخرى›».‏ —‏ اعمال ١٧:‏٢٩-‏٣٢‏.‏

      ٦ كان ردّ الفعل هذا مماثلا لما واجهه بطرس ويوحنا بُعيد يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م.‏ وفي هذه الحادثة ايضا،‏ لعب الصدوقيون دورا بارزا في المناقشة.‏ تروي لنا الاعمال ٤:‏١-‏٤ ما حدث:‏ «فيما هما يكلِّمان الشعب،‏ أقبَل عليهما كبار الكهنة وقائد حرس الهيكل والصدوقيون،‏ متضايقين لأنهما كانا يعلِّمان الشعب ويعلنان قيامة الاموات كما قام يسوع».‏ إلا ان كثيرين آخرين «من الذين سمعوا الكلام آمنوا،‏ فصار عدد الرجال نحو خمسة آلاف».‏ كما يتّضح،‏ يجب ان نتوقع ردود فعل مختلفة عندما نتحدث عن رجاء القيامة.‏ لذلك من الضروري ان نقوّي ايماننا بهذا التعليم.‏

      علاقة الايمان المسيحي بالقيامة

      ٧،‏ ٨ (‏أ)‏ في ايّ حالة يكون الايمان المسيحي عبثا،‏ كما تُظهِر الرسالة الاولى الى جماعة كورنثوس في القرن الاول؟‏ (‏ب)‏ كيف يميِّز الفهم الصحيح لرجاء القيامة المسيحيين الحقيقيين من الزائفين؟‏

      ٧ لم يكن من السهل على كل الذين صاروا مسيحيين في القرن الاول الميلادي ان يتقبّلوا رجاء القيامة.‏ وكان بعض افراد جماعة كورنثوس بين الذين استصعبوا تقبّله.‏ كتب اليهم بولس قائلا:‏ «سلَّمت اليكم قبل كل شيء ما تسلمته انا ايضا،‏ ان المسيح مات من اجل خطايانا بحسب الاسفار المقدسة،‏ وأنه دُفن،‏ وأنه أُقيم في اليوم الثالث بحسب الاسفار المقدسة».‏ ثم شهد لصحة هذا الامر بالقول ان المسيح المُقام «تراءى لأكثر من خمس مئة اخ» معظمهم كانوا لا يزالون احياء.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٣-‏٨‏)‏ بعدئذ،‏ اعطى بولس هذه الحجة:‏ «اذا كان المسيح يُكرَز به انه أُقيم من الاموات،‏ فكيف يقول قوم بينكم انه ليس قيامة اموات؟‏ فإنه إنْ لم تكن قيامة اموات،‏ فالمسيح ايضا لم يُقَم.‏ وإنْ كان المسيح لم يُقَم،‏ فعبثا تكون كرازتنا،‏ وعبثا ايماننا».‏ —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏١٢-‏١٤‏.‏

      ٨ نعم،‏ ان تعليم القيامة جوهري جدا بحيث يكون الايمان المسيحي عبثا اذا لم يؤمن المرء ان القيامة هي حقيقة.‏ والفهم الصحيح لموضوع القيامة يميِّز المسيحيين الحقيقيين من المسيحيين الزائفين.‏ (‏تكوين ٣:‏٤؛‏ حزقيال ١٨:‏٤‏)‏ لهذا السبب،‏ يعدِّد بولس القيامة بين الامور التي تشكِّل «التعليم الاولي» للمسيحية.‏ فلنصمِّم ان «نجدّ في التقدم الى النضج».‏ «وهذا ما سنفعله،‏ إنْ سمح اللّٰه»،‏ كما يقول بولس.‏ —‏ عبرانيين ٦:‏١-‏٣‏.‏

      رجاء القيامة

      ٩،‏ ١٠ ماذا يعني الكتاب المقدس عندما يتحدث عن القيامة؟‏

      ٩ لتقوية ايماننا بالقيامة،‏ لنناقش الآن السؤالَين التاليين:‏ ماذا يقصد الكتاب المقدس عندما يتحدث عن القيامة؟‏ وكيف تتجلى محبة يهوه في القيامة؟‏ ان الاجابة عن هذين السؤالَين ستقرِّبنا الى اللّٰه وتساعدنا ايضا على تعليم الآخرين عن القيامة.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٢:‏٢؛‏ يعقوب ٤:‏٨‏.‏

      ١٠ ان كلمة «قيامة» هي ترجمة لكلمة يونانية تعني حرفيا «النهوض ثانية».‏ فماذا يعني ذلك؟‏ بحسب الكتاب المقدس،‏ يعني رجاء القيامة الاقتناع بأن شخصا ميتا يمكن ان يحيا ثانية.‏ ويُظهِر الكتاب المقدس ايضا ان الشخص قد يُعاد الى الحياة بجسم بشري اذا كان رجاؤه ارضيا او بجسم روحي اذا كان رجاؤه سماويا.‏ فما اعظم محبة يهوه وحكمته وقدرته التي تتجلى في رجاء القيامة الرائع هذا!‏

      ١١ اية امور هي بانتظار خدام اللّٰه الممسوحين بعد قيامتهم؟‏

      ١١ ان يسوع وإخوته الممسوحين يُقامون بأجسام روحية تمكّنهم من العيش في السماء.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٣٥-‏٣٨،‏ ٤٢-‏٥٣‏)‏ فهم سيكونون حكاما في الملكوت المسيّاني الذي سيجعل الارض فردوسا.‏ وبرئاسة رئيس الكهنة يسوع،‏ سيؤلف الممسوحون كهنوتا ملكيا.‏ وسيطبِّقون فوائد ذبيحة المسيح الفدائية على الجنس البشري في العالم الجديد البارّ.‏ (‏عبرانيين ٧:‏٢٥،‏ ٢٦؛‏ ٩:‏٢٤؛‏ ١ بطرس ٢:‏٩؛‏ رؤيا ٢٢:‏١،‏ ٢‏)‏ وفي هذه الاثناء،‏ يرغب الممسوحون الذين لا يزالون على الارض في البقاء مقبولين لدى اللّٰه.‏ وعند موتهم،‏ سينالون ‹اجرهم›:‏ القيامة الى حياة خالدة في السماء.‏ (‏٢ كورنثوس ٥:‏١-‏٣،‏ ٦-‏٨،‏ ١٠؛‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٥١،‏ ٥٢؛‏ رؤيا ١٤:‏١٣‏)‏ كتب بولس:‏ «اذا كنا قد صرنا متَّحدين به في شبه موته،‏ فسنتَّحد به ايضا في شبه قيامته».‏ (‏روما ٦:‏٥‏)‏ ولكن ماذا عن الذين سيقومون بجسم بشري ليعيشوا على الارض؟‏ كيف يقرِّبهم رجاء القيامة الى اللّٰه؟‏ يمكننا تعلّم الكثير من مثال ابراهيم.‏

      علاقة القيامة بالصداقة مع يهوه

      ١٢،‏ ١٣ ما هو الاساس الراسخ الذي جعل ابراهيم يؤمن بالقيامة؟‏

      ١٢ كان ابراهيم،‏ «صديق يهوه»،‏ رجلا اعرب عن ايمان بارز.‏ (‏يعقوب ٢:‏٢٣‏)‏ وقد اتى بولس على ذكر ايمان ابراهيم ثلاث مرات فيما كان يعدِّد الرجال والنساء الامناء،‏ كما هو مسجّل في الاصحاح ١١ من العبرانيين‏.‏ (‏عبرانيين ١١:‏٨،‏ ٩،‏ ١٧‏)‏ وفي المرة الثالثة،‏ لفت الانتباه الى الايمان الذي اعرب عنه ابراهيم عندما اطاع امر يهوه واستعد لتقديم ابنه اسحاق ذبيحة.‏ فقد وثق ابراهيم بأن يهوه هو الذي يضمن تحقيق الوعد بمجيء نسل من ذرية ابنه اسحاق.‏ وكان واثقا انه حتى لو قدّم اسحاق ذبيحة،‏ ‹فاللّٰه قادر ان يقيمه حتى من بين الاموات›.‏

      ١٣ عندما رأى يهوه عمق ايمان ابراهيم،‏ هيّأ كبشا ليُقدَّم ذبيحة بدلا من اسحاق.‏ ورغم ان اسحاق لم يقدَّم ذبيحة،‏ فهذه الحادثة هي رمز الى القيامة،‏ مثال يؤكد انها ستحدث لا محالة.‏ فكما اوضح بولس،‏ ‹من هناك استعاد ابراهيم اسحاق،‏ وفي هذا رمز›.‏ (‏عبرانيين ١١:‏١٩‏)‏ وابراهيم كان لديه اساس راسخ للايمان بالقيامة.‏ فيهوه كان قد اعاد إحياء قواه وقوى سارة التناسلية ومكّنهما من إنجاب ابنهما اسحاق في شيخوختهما.‏ —‏ تكوين ١٨:‏١٠-‏١٤؛‏ ٢١:‏١-‏٣؛‏ روما ٤:‏١٩-‏٢١‏.‏

      ١٤ (‏أ)‏ ماذا كان ابراهيم ينتظر كما توضح العبرانيين ١١:‏٩،‏ ١٠‏؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن ان ينال ابراهيم بركات الملكوت في العالم الجديد؟‏ (‏ج)‏ كيف يمكن ان نحظى ببركات الملكوت؟‏

      ١٤ في معرض حديث بولس عن ابراهيم،‏ وصفه بأنه متغرِّب وساكن في خيام «ينتظر المدينة التي لها اساسات حقيقية،‏ التي اللّٰه بانيها وصانعها».‏ (‏عبرانيين ١١:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وهذه المدينة ليست مدينة حرفية كأورشليم التي كانت مقرّ هيكل اللّٰه،‏ بل هي مدينة مجازية.‏ انها ملكوت اللّٰه السماوي المؤلف من يسوع المسيح والحكام الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ المعاونين له.‏ وهؤلاء الحكام يوصفون في مجدهم السماوي بأنهم «عروس» المسيح و «المدينة المقدسة،‏ اورشليم الجديدة».‏ (‏رؤيا ٢١:‏٢‏)‏ ففي سنة ١٩١٤،‏ توَّج يهوه ابنه يسوع ملكا مسيّانيا للملكوت السماوي وأمره ان يملك في وسط اعدائه.‏ (‏مزمور ١١٠:‏١،‏ ٢؛‏ رؤيا ١١:‏١٥‏)‏ ولكي ينال «صديق يهوه» ابراهيم بركات حكم الملكوت،‏ ينبغي ان يعود الى الحياة.‏ نحن ايضا،‏ لكي نحظى ببركات الملكوت،‏ ينبغي ان نكون احياء في عالم اللّٰه الجديد،‏ إما كأفراد من الجمع الكثير الناجين من هرمجدون او كأشخاص مقامين من الاموات.‏ (‏رؤيا ٧:‏٩،‏ ١٤‏)‏ ولكن ما هو اساس رجاء القيامة؟‏

      محبة اللّٰه اساس رجاء القيامة

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ كيف تضع اول نبوة في الكتاب المقدس الاساس لرجائنا بالقيامة؟‏ (‏ب)‏ كيف يقرِّبنا الايمان بالقيامة الى يهوه؟‏

      ١٥ ان علاقتنا اللصيقة بأبينا السماوي المحب،‏ ايماننا الراسخ كإيمان ابراهيم،‏ وطاعتنا لوصايا اللّٰه هي امور تدفع يهوه الى تبريرنا واعتبارنا اصدقاء له.‏ وهذا ما يتيح لنا نيل بركات حكم الملكوت.‏ وأول نبوة مسجلة في كلمة اللّٰه في التكوين ٣:‏١٥ تضع الاساس لرجاء القيامة والصداقة مع اللّٰه.‏ فهي لم تنبئ بسحق رأس الشيطان فحسب،‏ بل ايضا بسحق عقب نسل امرأة اللّٰه.‏ وهذا السحق للعقب تمّ حين مات يسوع على الخشبة.‏ لكنَّ قيامته كانت بمثابة شفاء لهذا الجرح وقد مهَّدت السبيل لاتِّخاذ اجراء ضد «مَن في وسعه ان يسبِّب الموت،‏ اي ابليس».‏ —‏ عبرانيين ٢:‏١٤‏.‏

      ١٦ يذكِّرنا بولس ان اللّٰه «بيَّن لنا فضل محبته بأنه اذ كنا بعد خطاة مات المسيح عنا».‏ (‏روما ٥:‏٨‏)‏ والتقدير لهذه النعمة يقرِّبنا الى يسوع وإلى ابينا السماوي المحب.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٥:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

      ١٧ (‏أ)‏ ايّ رجاء اعرب عنه ايوب؟‏ (‏ب)‏ ماذا تكشف ايوب ١٤:‏١٥ عن يهوه،‏ وكيف نشعر حيال ذلك؟‏

      ١٧ كان ايوب،‏ رجل امين عاش في ازمنة ما قبل المسيحية،‏ يتطلع هو ايضا الى القيامة.‏ فرغم انه عانى كثيرا على يدَي الشيطان،‏ فقد استمد التعزية من رجاء القيامة،‏ بعكس اصدقائه الزائفين الذين لم يذكروا القيامة قط.‏ سأل ايوب:‏ «اذا مات رجل أفيحيا؟‏».‏ ثم اجاب هو بنفسه عن سؤاله:‏ «سأنتظر كل ايام سخرتي،‏ الى ان يأتيني الفرج».‏ بعدئذ،‏ خاطب يهوه إلهه قائلا:‏ «تدعو فأنا اجيبك».‏ كما انه وصف مشاعر خالقنا المحب حين ذكر:‏ «تشتاق الى عمل يديك».‏ (‏ايوب ١٤:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ نعم،‏ ينتظر يهوه بفارغ الصبر الوقت حين يعود الامناء الى الحياة في القيامة.‏ فكم ننجذب الى يهوه عندما نتأمل في المحبة والنعمة اللتين اظهرهما لنا رغم اننا بشر ناقصون!‏ —‏ روما ٥:‏٢١؛‏ يعقوب ٤:‏٨‏.‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ ايّ مستقبل ينتظر دانيال؟‏ (‏ب)‏ ماذا سنناقش في المقالة التالية؟‏

      ١٨ كان للنبي دانيال،‏ الذي وصفه ملاك اللّٰه انه ‹رجل محبوب جدا›،‏ سجل طويل من الخدمة الامينة.‏ (‏دانيال ١٠:‏١١،‏ ١٩‏)‏ فقد حافظ على استقامته من وقت سبيه سنة ٦١٧ ق‌م حتى مماته في وقت ما بعد مشاهدته رؤيا سنة ٥٣٦ ق‌م،‏ السنة الثالثة من حكم كورش ملك فارس.‏ (‏دانيال ١:‏١؛‏ ١٠:‏١‏)‏ وفي السنة عينها،‏ شاهد دانيال رؤيا عن تتابع الدول العالمية الذي يصل الى نهايته بمجيء الضيق العظيم.‏ (‏دانيال ١١:‏١–‏١٢:‏١٣‏)‏ وبما انه لم يفهم الرؤيا كاملا،‏ فقد سأل الرسول الملائكي:‏ «يا سيدي،‏ ما آخر هذه؟‏».‏ وفي الاجابة،‏ لفت الملاك الانتباه الى «وقت النهاية» حين ‹سيَفهم ذوو البصيرة› هذه الامور.‏ ولكن ماذا عن دانيال نفسه؟‏ ايّ مستقبل ينتظره؟‏ قال الملاك:‏ «تستريح وتقوم لقرعتك في نهاية الايام».‏ ‏(‏دانيال ١٢:‏٨-‏١٠،‏ ١٣‏)‏ فدانيال سيعود في «قيامة الابرار» خلال حكم المسيح الالفي.‏ —‏ لوقا ١٤:‏١٤‏.‏

      ١٩ لقد قطعنا شوطا كبيرا في مجرى وقت النهاية،‏ وصارت بداية حكم المسيح الالفي اقرب مما كانت حين آمنّا.‏ لذلك يجب ان نسأل انفسنا:‏ ‹هل اكون موجودا في العالم الجديد برفقة ابراهيم،‏ ايوب،‏ دانيال،‏ والرجال والنساء الامناء الآخرين؟‏›.‏ لا شك اننا سنكون هناك شرط ان نبقى قريبين من يهوه ونطيع وصاياه.‏ وفي مقالتنا التالية،‏ سنتوسع في مناقشة موضوع القيامة لكي نعرف مَن هم الذين سيُقامون.‏

  • مَن هم الذين سيُقامون؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (‏مايو)‏
    • مَن هم الذين سيُقامون؟‏

      ‏«لا تتعجبوا من هذا،‏ لأنها تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوته فيخرجون».‏ —‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      ١ ماذا سمع موسى حين كان قرب العلّيقة المتّقدة،‏ ومَن استشهد لاحقا بهذه الكلمات؟‏

      منذ اكثر من ٥٠٠‏,٣ سنة،‏ حدث امر غريب جدا.‏ ففيما كان موسى يرعى غنم يثرون حميه قرب جبل حوريب،‏ تراءى له ملاك يهوه في لَهَبِ نار وسط علّيقة.‏ يروي سفر الخروج:‏ «فنظر وإذا العلّيقة تتّقد بالنار،‏ والعلّيقة لا تحترق».‏ ثم ناداه صوت من وسط العلّيقة وقال له:‏ «انا اله ابيك،‏ اله ابراهيم وإله اسحاق وإله يعقوب».‏ (‏خروج ٣:‏١-‏٦‏)‏ وقد استشهد يسوع،‏ ابن اللّٰه،‏ بهذه الكلمات في القرن الاول الميلادي.‏

      ٢،‏ ٣ (‏أ)‏ اية مكافأة تنتظر ابراهيم واسحاق ويعقوب؟‏ (‏ب)‏ ايّ سؤالَين ينشآ‌ن؟‏

      ٢ في تلك الحادثة،‏ كان يسوع يتناقش مع بعض الصدوقيين الذين لم يؤمنوا بالقيامة.‏ لذلك قال لهم:‏ «أما ان الاموات يقومون،‏ فحتى موسى اخبر بذلك،‏ في الرواية عن العلّيقة،‏ اذ يدعو يهوه ‹اله ابراهيم وإله اسحاق وإله يعقوب›.‏ فهو ليس اله اموات،‏ بل احياء،‏ لأنهم جميعا احياء في نظره».‏ (‏لوقا ٢٠:‏٢٧،‏ ٣٧،‏ ٣٨‏)‏ بهذه الكلمات،‏ اكّد يسوع ان اللّٰه يعتبر ان ابراهيم واسحاق ويعقوب الذين ماتوا منذ زمن طويل لا يزالون احياء في ذاكرته.‏ فهم،‏ كأيوب،‏ ينتظرون نهاية ‹ايام سخرتهم›،‏ او رقادهم.‏ (‏ايوب ١٤:‏١٤‏)‏ وذلك لأنهم سيُقامون الى عالم اللّٰه الجديد.‏

      ٣ ولكن ماذا سيحدث لبلايين الاشخاص الآخرين الذين ماتوا على مرّ التاريخ؟‏ هل يقومون هم ايضا؟‏ قبل ان نجيب عن هذا السؤال،‏ لنرَ اين يذهب الناس عندما يموتون كما تعلِّم كلمة اللّٰه.‏

      اين هم الموتى؟‏

      ٤ (‏أ)‏ اين يذهب الناس عندما يموتون؟‏ (‏ب)‏ ما هي شيول؟‏

      ٤ يقول الكتاب المقدس ان الاموات «لا يعلمون شيئا».‏ فهم لا يتعذبون في نار الهاوية ولا ينتظرون انتظارا مضنيا في المطهر،‏ بل يعودون الى التراب.‏ لذلك تنصح كلمة اللّٰه الاحياء:‏ «كل ما تجده يدك لتفعله،‏ فافعله بما لك من قوة؛‏ لأنه لا عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في شيول التي انت ذاهب اليها».‏ (‏جامعة ٩:‏٥،‏ ١٠؛‏ تكوين ٣:‏١٩‏)‏ ان كلمة «شيول» غير مألوفة لدى معظم الناس،‏ فهي كلمة عبرانية منشأها غير معروف.‏ صحيح ان اديانا كثيرة تعلِّم ان الموتى لا يزالون احياء،‏ فإن كلمة اللّٰه الموحى بها تُظهِر ان الذين في شيول هم اموات في حالة عدم وعي.‏ لذلك فإن شيول هي المدفن العام للجنس البشري.‏

      ٥،‏ ٦ اين ذهب يعقوب عند موته،‏ وإلى مَن انضم؟‏

      ٥ يرِد اول ذكر لشيول في الكتاب المقدس في التكوين ٣٧:‏٣٥‏.‏ فعندما ظن الاب الجليل يعقوب ان الموت سلبه ابنه الحبيب يوسف،‏ ابى ان يتعزى وقال:‏ «أنزل الى ابني نائحا الى شيول!‏».‏ فكان يرغب ان يموت ويذهب الى شيول.‏ وفي وقت لاحق،‏ اراد تسعة من ابناء يعقوب ان يأخذوا ابنه الاصغر بنيامين الى مصر لكي يفلتوا من براثن الجوع.‏ لكنَّ يعقوب رفض قائلا:‏ «لا ينزل ابني معكم،‏ لأن اخاه قد مات وهو وحده بقي.‏ فإنْ حصل له حادث مميت في الطريق الذي تذهبون فيه،‏ تُنزِلون شيبتي بحزن الى شيول».‏ (‏تكوين ٤٢:‏٣٦،‏ ٣٨‏)‏ في هذين العددين،‏ يجري ربط شيول بالموت،‏ وليس بحياة اخرى بعد الموت.‏

      ٦ تكشف رواية التكوين ان يوسف صار المسؤول عن الاغذية في مصر.‏ فنزل يعقوب الى مصر والتقى ابنه ثانية،‏ وقد سكن هناك حتى موته عن عمر ١٤٧ سنة.‏ وتنفيذا لآخر وصية له وهو على فراش الموت،‏ اخذ ابناؤه جثمانه ودفنوه في مغارة المكفيلة في ارض كنعان.‏ (‏تكوين ٤٧:‏٢٨؛‏ ٤٩:‏٢٩-‏٣١؛‏ ٥٠:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ وهكذا،‏ انضم يعقوب الى ابيه اسحاق وجدّه ابراهيم.‏

      ‏‹‏انضموا الى آبائهم›‏

      ٧،‏ ٨ (‏أ)‏ اين ذهب ابراهيم عند موته،‏ وكيف نعرف ذلك؟‏ (‏ب)‏ ماذا يُظهِر ان اشخاصا آخرين ذهبوا الى شيول عند موتهم؟‏

      ٧ في وقت سابق،‏ عندما ثبّت يهوه عهده مع ابراهيم ووعده بتكثير نسله،‏ تحدّث عمّا سيحدث لإبراهيم.‏ قال يهوه:‏ «أما انت فتمضي الى آبائك بسلام،‏ وتُدفَن بشيخوخة صالحة».‏ (‏تكوين ١٥:‏١٥‏)‏ وهذا تماما ما حدث.‏ تقول التكوين ٢٥:‏٨‏:‏ «ثم لفظ ابراهيم نفَسه الاخير ومات بشيخوخة صالحة،‏ شيخا وشبعان،‏ وانضم الى قومه».‏ فمَن هم هؤلاء القوم؟‏ ان التكوين ١١:‏١٠-‏٢٦ تعدِّد اسلافه رجوعا الى سام بن نوح.‏ وهذا يعني ان ابراهيم انضم عند موته الى هؤلاء الراقدين في شيول.‏

      ٨ في الاسفار العبرانية،‏ ترِد تكرارا عبارة «انضم الى قومه».‏ لذلك من المنطقي الاستنتاج ان اسماعيل بن ابراهيم وهارون اخا موسى ذهبا كليهما الى شيول عند موتهما،‏ وهما ينتظران القيامة.‏ (‏تكوين ٢٥:‏١٧؛‏ عدد ٢٠:‏٢٣-‏٢٩‏)‏ كما ان موسى ايضا ذهب الى شيول،‏ رغم ان لا احد يعرف اين هو قبره.‏ (‏عدد ٢٧:‏١٣؛‏ تثنية ٣٤:‏٥،‏ ٦‏)‏ على نحو مماثل،‏ فإن يشوع،‏ قائد امة اسرائيل الذي خلف موسى،‏ ذهب هو وجيل كامل الى شيول عند موتهم.‏ —‏ قضاة ٢:‏٨-‏١٠‏.‏

      ٩ (‏أ)‏ كيف يُظهِر الكتاب المقدس ان الكلمة العبرانية «شيول» والكلمة اليونانية «هادس» تشيران الى المكان المجازي نفسه؟‏ (‏ب)‏ ماذا ينتظر الذين في شيول،‏ او هادس؟‏

      ٩ بعد قرون،‏ صار داود ملكا على اسباط اسرائيل الـ‍ ١٢.‏ وعند موته،‏ ‹اضطجع مع آبائه›.‏ (‏١ ملوك ٢:‏١٠‏)‏ فهل ذهب هو ايضا الى شيول؟‏ من المثير للاهتمام ان الرسول بطرس تحدّث في يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م عن موت داود ثم اقتبس المزمور ١٦:‏١٠ التي تقول:‏ «لن تترك نفسي في شيول».‏ وبعدما ذكر ان داود لا يزال في قبره،‏ طبّق هذه الكلمات على يسوع وقال ان داود «سبق فرأى وتكلّم عن قيامة المسيح،‏ انه لن يُتخلى عنه في هادس ولن يرى جسده فسادا.‏ فيسوع هذا أقامه اللّٰه،‏ ونحن كلنا شهود لذلك».‏ (‏اعمال ٢:‏٢٩-‏٣٢‏)‏ هنا،‏ استعمل بطرس كلمة «هادس»،‏ وهي كلمة يونانية مرادفة للكلمة العبرانية «شيول».‏ لذلك فإن الذين يُقال انهم في هادس حالتهم كحالة الذين يُقال انهم في شيول:‏ راقدون بانتظار القيامة.‏

      هل هنالك اثمة في شيول؟‏

      ١٠،‏ ١١ لماذا يمكننا القول ان بعض الاثمة يذهبون الى شيول،‏ او هادس،‏ عند موتهم؟‏

      ١٠ بعدما اخرج موسى امة اسرائيل من مصر،‏ حدث تمرد في البرية تزعّمه قورح وداثان وأبيرام.‏ فقال موسى للشعب ان يفرزوا انفسهم عن هؤلاء الزعماء لأنهم سيموتون ميتة عنيفة.‏ ثم اوضح:‏ «إنْ مات هؤلاء كموت كل انسان وعوقبوا كعقاب كل انسان،‏ فليس يهوه هو الذي ارسلني.‏ ولكن إن ابتدع يهوه شيئا جديدا،‏ وفتحت الارض فمها وابتلعتهم وكل ما لهم ونزلوا احياء الى شيول،‏ فحينئذ تعرفون ان هؤلاء الناس قد استهانوا بيهوه».‏ (‏عدد ١٦:‏٢٩،‏ ٣٠‏)‏ فالمتمردون جميعا —‏ سواء كانوا الاشخاص الذين فتحت الارض فمها وابتلعتهم او الذين اكلتهم النار،‏ كما حصل مع قورح والـ‍ ٢٥٠ لاويا الذين ايّدوه —‏ ذهبوا الى شيول،‏ او هادس.‏ —‏ عدد ٢٦:‏١٠‏.‏

      ١١ بعد قرون،‏ كان رجل اسمه شمعي يصبّ اللعنات على الملك داود.‏ لذلك اوصى داود ابنه سليمان الذي خلَفه:‏ «لا تتركه دون عقاب،‏ لأنك رجل حكيم وتعرف ما ينبغي ان تفعل به،‏ فأنزِل شيبته الى شيول بالدم».‏ ففعل سليمان حسب كلام ابيه،‏ اذ امر بنايا ان ينفّذ حكم الاعدام في شمعي.‏ (‏١ ملوك ٢:‏٨،‏ ٩،‏ ٤٤-‏٤٦‏)‏ ونفّذ بنايا ايضا حكم الاعدام في يوآب،‏ قائد جيش اسرائيل الاسبق.‏ فلم ‹تنزل شيبة يوآب بسلام الى شيول›.‏ (‏١ ملوك ٢:‏٥،‏ ٦،‏ ٢٨-‏٣٤‏)‏ ان هذين المثالين يشهدان لصحة الكلمات الواردة في ترنيمة داود الموحى بها:‏ «الاشرار يرجعون الى شيول،‏ وكل الامم الناسين اللّٰه».‏ —‏ مزمور ٩:‏١٧‏.‏

      ١٢ مَن هو اخيتوفل،‏ وأين ذهب عند موته؟‏

      ١٢ كان اخيتوفل مشير داود الخاص.‏ وقد اعتُبرَت مشورته كما لو انها صادرة من يهوه نفسه.‏ (‏٢ صموئيل ١٦:‏٢٣‏)‏ ولكن من المؤسف ان هذا الخادم الموثوق به صار خائنا وشارك في انقلاب ترأسه ابشالوم بن داود.‏ ومن الواضح ان داود كان يشير الى هذه الخيانة عندما كتب:‏ «لأنه ليس عدوًّا مَن عيّرني،‏ فأتحمل.‏ ليس مبغضي مَن تعاظم عليّ،‏ فأختبئ منه».‏ وتابع قائلا:‏ «ليحلّ بهم الخراب!‏ لينزلوا الى شيول احياء،‏ لأنه في غربتهم وُجدَت فيهم شرور».‏ (‏مزمور ٥٥:‏١٢-‏١٥‏)‏ وهكذا نرى ان اخيتوفل والذين معه ذهبوا هم ايضا الى شيول.‏

      مَن هم الذين في وادي هنوم؟‏

      ١٣ لماذا يُدعى يهوذا «ابن الهلاك»؟‏

      ١٣ لنقارن الآن حالة داود بحالة داود الاعظم،‏ يسوع.‏ فيهوذا الاسخريوطي،‏ احد رسل المسيح الـ‍ ١٢،‏ صار خائنا مثل اخيتوفل.‏ لكنَّ خيانة يهوذا اخطر بكثير من خيانة اخيتوفل لأنه خان ابن اللّٰه الوحيد.‏ قال ابن اللّٰه عن أتباعه وهو يصلّي في اواخر خدمته الارضية:‏ «حين كنتُ معهم كنتُ احرسهم من اجل اسمك الذي اعطيتني.‏ وقد حفظتهم،‏ ولم يهلك منهم احد إلا ابن الهلاك لكي تتم الآية».‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٢‏)‏ فبوصف يهوذا انه «ابن الهلاك»،‏ كان يسوع يقصد انه عندما يموت يهوذا،‏ لن يكون له امل في القيامة لأنه ليس في ذاكرة اللّٰه.‏ فهو لم يذهب الى شيول،‏ بل الى وادي هنوم.‏ فما هو وادي هنوم؟‏

      ١٤ إلامَ يرمز وادي هنوم؟‏

      ١٤ دان يسوع القادة الدينيين في ايامه لأنهم جعلوا كل تلميذ من تلاميذهم «يستحق الهلاك في وادي هنوم».‏ (‏متى ٢٣:‏١٥‏)‏ في تلك الايام،‏ كان الناس يعرفون جيدا وادي هنوم،‏ مكبّ للنفايات كانت تُرمى فيه جثث المجرمين الذين اعتُبروا غير مستحقين ان يُدفَنوا دفنا لائقا.‏ وفي وقت سابق،‏ اتى يسوع على ذكر وادي هنوم في موعظته على الجبل.‏ (‏متى ٥:‏٢٩،‏ ٣٠‏)‏ وكان معناه المجازي واضحا لمستمعيه.‏ فوادي هنوم هو رمز الى الهلاك التام دون امل بالقيامة.‏ ولكن هل ذهب آخرون غير يهوذا الاسخريوطي الى وادي هنوم عند موتهم،‏ بدلا من ان يذهبوا الى شيول،‏ او هادس؟‏

      ١٥،‏ ١٦ مَن هم بعض الذين ذهبوا الى وادي هنوم،‏ ولماذا ذهبوا الى هناك؟‏

      ١٥ كان آدم وحواء،‏ الشخصان البشريان الاولان،‏ كاملَين عندما خلقهما اللّٰه.‏ وقد وضع امامهما خيارَين:‏ إما الحياة الابدية او الموت.‏ لكنهما أخطآ عمدا حين عصيا اللّٰه واصطفّا مع الشيطان.‏ وعندما ماتا ذهبا الى وادي هنوم،‏ دون امل بالاستفادة من ذبيحة المسيح الفدائية.‏

      ١٦ قتل قايين،‏ ابن آدم البكر،‏ اخاه هابيل.‏ فحُكم عليه بالعيش كمتشرد.‏ ولاحقا،‏ قال الرسول يوحنا عن قايين انه «كان من الشرير».‏ (‏١ يوحنا ٣:‏١٢‏)‏ لذلك من المنطقي الاستنتاج ان قايين ذهب الى وادي هنوم عند موته،‏ تماما كما حدث لوالدَيه.‏ (‏متى ٢٣:‏٣٣،‏ ٣٥‏)‏ وما اشدّ التباين بين حالته وحالة اخيه البارّ هابيل!‏ اوضح بولس:‏ «بالايمان قرّب هابيل للّٰه ذبيحة اعظم قيمة من قايين،‏ وبه شُهِد له بأنه بارّ،‏ اذ شهد اللّٰه لقرابينه،‏ وبه يتكلّم بعد،‏ مع انه مات».‏ (‏عبرانيين ١١:‏٤‏)‏ نعم،‏ ان هابيل هو الآن في شيول ينتظر القيامة.‏

      قيامة «اولى» وقيامة «افضل»‏

      ١٧ (‏أ)‏ خلال «وقت النهاية» هذا،‏ مَن يذهبون الى شيول؟‏ (‏ب)‏ ماذا يكمن امام الذين في شيول والذين في وادي هنوم؟‏

      ١٧ قد يتساءل كثيرون ممَّن يقرأون هذه المعلومات عن حالة الذين يموتون خلال «وقت النهاية» هذا.‏ (‏دانيال ٨:‏١٩‏)‏ ان الاصحاح السادس من سفر الرؤيا يصف ركوب اربعة فرسان في ذلك الوقت.‏ ومن المثير للاهتمام ان آخِر هؤلاء الفرسان يُدعى الموت وتتبعه هادس.‏ لذلك،‏ فإن الاشخاص الكثيرين الذين ماتوا ميتة مبكرة بسبب ركوب هذا الفارس يذهبون الى هادس،‏ بانتظار القيامة الى عالم اللّٰه الجديد.‏ (‏رؤيا ٦:‏٨‏)‏ اذًا،‏ ماذا يكمن امام الذين في شيول (‏هادس)‏ والذين في وادي هنوم؟‏ القيامة للفريق الاول والهلاك الابدي،‏ ايّ عدم الوجود،‏ للفريق الثاني.‏

      ١٨ ايّ رجاء موضوع امام الذين ينالون «القيامة الاولى»؟‏

      ١٨ كتب الرسول يوحنا:‏ «سعيد وقدوس مَن له نصيب في القيامة الاولى.‏ هؤلاء ليس للموت الثاني سلطة عليهم،‏ بل سيكونون كهنة للّٰه وللمسيح،‏ وسيملكون معه الالف سنة».‏ فالحكام المعاونون للمسيح ينالون «القيامة الاولى».‏ ولكن ايّ رجاء يكمن امام باقي الجنس البشري؟‏ —‏ رؤيا ٢٠:‏٦‏.‏

      ١٩ كيف سينال البعض «قيامة افضل»؟‏

      ١٩ في ايام خادمَي اللّٰه ايليا وأليشع،‏ ابتدأت تحدث عجائب القيامة.‏ قال بولس:‏ «استعادت نساء امواتهن بقيامة.‏ وآخرون عُذِّبوا لأنهم لم يقبلوا فداء،‏ لكي يحصلوا على قيامة افضل».‏ نعم،‏ كان هؤلاء المحافظون على الاستقامة الامناء يرجون القيامة الى حياة ابدية،‏ لا حياة قصيرة سرعان ما ينهيها الموت.‏ لذلك فإن هذه القيامة هي بالفعل «قيامة افضل».‏ —‏ عبرانيين ١١:‏٣٥‏.‏

      ٢٠ ماذا سنناقش في المقالة التالية؟‏

      ٢٠ نحن ايضا،‏ اذا متنا امناء قبل ان ينهي يهوه هذا النظام الشرير،‏ يكمن امامنا رجاء اكيد بـ‍ «قيامة افضل»،‏ قيامة تؤدي الى حياة ابدية.‏ فقد وعد يسوع:‏ «لا تتعجبوا من هذا،‏ لأنها تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوته فيخرجون».‏ (‏يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ والمقالة التالية ستناقش الهدف من القيامة،‏ وستُظهِر كيف يقوّينا هذا الرجاء لنحافظ على استقامتنا ويساعدنا على تنمية روح التضحية بالذات.‏

  • ماذا يعني لك رجاء القيامة؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (‏مايو)‏
    • ماذا يعني لك رجاء القيامة؟‏

      ‏«تفتح يدك فتشبع رغبة كل حي».‏ —‏ مزمور ١٤٥:‏١٦‏.‏

      ١-‏٣ ايّ اختبارَين يُظهِران ما هو الرجاء الذي يملكه البعض؟‏

      كان كريستوفر،‏ البالغ من العمر تسع سنوات،‏ قد قضى الوقت في الصباح مع أخيه وخاله وزوجة خاله وابنَيهما.‏ فقد ذهبوا في الخدمة المسيحية من بيت الى بيت قرب مانتشيستر في انكلترا.‏ وبعد الظهر،‏ خرجوا جميعا في رحلة الى بلاكپول،‏ منتجع ساحلي قريب.‏ والـ‍ ٦ جميعا كانوا بين ١٢ شخصا قُتلوا على الفور في اصطدام سيارات وصفته الشرطة بأنه ‹كارثة مروِّعة›.‏

      ٢ في الليلة التي سبقت المأساة كان الموت الموضوع الذي جرت مناقشته في درس الكتاب الجماعي الذي حضرته العائلة.‏ قال والد كريستوفر:‏ ‹لطالما كان كريستوفر صبيا عميق التفكير.‏ وفي تلك الليلة تحدث بوضوح عن عالم جديد ورجائه للمستقبل.‏ وبعدئذ،‏ اذ استمرت مناقشتنا،‏ قال كريستوفر:‏ «احدى حسنات كوننا من شهود يهوه هي انه رغم كل الاسى الذي يسببه الموت،‏ فنحن نثق بأننا سنرى بعضنا بعضا ثانية على الارض ذات يوم».‏ ولم يدرك ايٌّ منا نحن الموجودين ان هذه الكلمات ستبقى محفورة في ذاكرتنا›.‏a

      ٣ سنة ١٩٤٠،‏ واجه شاهد من النمسا اسمه فرانز حكم الاعدام بالمقصلة بسبب رفضه ان ينقض ولاءه ليهوه.‏ كتب فرانز الى امه من سجن برلين:‏ «لو اقسمت اليمين [العسكرية] لارتكبت خطية تستحق الموت ولَكان ذلك بمثابة خيانة.‏ فلا انال قيامة.‏ .‏ .‏ .‏ والآن،‏ يا امي العزيزة ويا جميع اخوتي وأخواتي،‏ أُخبرت اليوم بالحكم عليَّ،‏ فلا ترتاعوا،‏ انه الموت،‏ وسأُعدم غدا صباحا.‏ انني استمد قوّتي من اللّٰه،‏ كما كانت الحال دائما مع كل المسيحيين الحقيقيين في الماضي.‏ .‏ .‏ .‏ اذا بقيتم ثابتين حتى الموت،‏ فسنلتقي ثانية في القيامة.‏ .‏ .‏ .‏ حتى نلتقي ثانية».‏b

      ٤ كيف اثّر هذان الاختباران فيكم،‏ وماذا سنناقش في ما يلي؟‏

      ٤ عنى رجاء القيامة الكثير لكريستوفر وفرانز لأنه كان حقيقيا بالنسبة اليهما.‏ ولا شك ان هاتَين الروايتَين تمسّان القلب.‏ ولكي نقوّي نحن ايضا رجاءنا بالقيامة ونزيد تقديرنا ليهوه،‏ لنناقش في ما يلي لماذا سيُعاد الاموات الى الحياة وكيف ينبغي ان تؤثر هذه المعلومات فينا شخصيا.‏

      رؤيا عن القيامة الارضية

      ٥،‏ ٦ ماذا تكشف الرؤيا التي سجّلها الرسول يوحنا في الرؤيا ٢٠:‏١٢،‏ ١٣‏؟‏

      ٥ في رؤيا عن الحوادث التي ستحصل خلال حكم المسيح يسوع الالفي،‏ شاهد الرسول يوحنا القيامة الارضية.‏ وقد قال:‏ «رأيت الاموات،‏ الكبار والصغار .‏ .‏ .‏ وسلَّم البحر الاموات الذين فيه،‏ وسلَّم الموت وهادس الاموات الذين فيهما».‏ (‏رؤيا ٢٠:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ فسيتحرّر كل اسرى هادس (‏شيول)‏،‏ المدفن العام للجنس البشري،‏ سواء كانوا ‹كبارا› او ‹صغارا› من حيث المركز.‏ كما ان الذين غرقوا في البحر سيُعادون ايضا الى الحياة.‏ فهذا الحدث الرائع هو جزء من قصد يهوه.‏

      ٦ وعندما يبتدئ المسيح حكمه الذي يدوم الف سنة،‏ سيقيِّد الشيطان ويطرحه في المهواة.‏ فخلال هذا الحكم سيكون الشيطان في حالة خمول ولن يضلّ ايًّا من المقامين او الناجين من الضيق العظيم.‏ (‏رؤيا ٢٠:‏١-‏٣‏)‏ صحيح ان الالف سنة قد تبدو لك طويلة جدا،‏ ولكنها في نظر يهوه «كيوم واحد».‏ —‏ ٢ بطرس ٣:‏٨‏.‏

      ٧ ما هو اساس الدينونة خلال حكم المسيح الالفي؟‏

      ٧ بحسب هذه الرؤيا،‏ سيكون حكم المسيح الالفي وقتا للدينونة.‏ كتب الرسول يوحنا:‏ «رأيت الاموات،‏ الكبار والصغار،‏ واقفين امام العرش،‏ وفُتحت ادراج.‏ وفُتح درج آخر،‏ هو درج الحياة.‏ ودين الاموات مما هو مكتوب في الادراج بحسب اعمالهم.‏ .‏ .‏ .‏ ودينوا كل واحد بحسب اعماله».‏ (‏رؤيا ٢٠:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ لاحِظ ان اساس هذه الدينونة ليس ما فعله او لم يفعله الشخص قبل موته.‏ (‏روما ٦:‏٧‏)‏ فستُجرى الدينونة بحسب «الادراج» التي ستُفتح.‏ فالاعمال التي يقوم بها الشخص بعد ان يتعلّم ما في الادراج هي الاساس الذي يحدِّد هل اسمه مكتوب في «درج الحياة» ام لا.‏

      ‏«قيامة للحياة» و «قيامة للدينونة»‏

      ٨ ايّ مصيرَين ينتظران الذين سيُقامون؟‏

      ٨ في بداية رؤيا يوحنا،‏ يوصف يسوع انه يحمل «مفاتيح الموت وهادس».‏ (‏رؤيا ١:‏١٨‏)‏ فهو «الوكيل الرئيسي للحياة» الذي عيَّنه يهوه وفوّض اليه ان يدين «الاحياء والاموات».‏ (‏اعمال ٣:‏١٥؛‏ ٢ تيموثاوس ٤:‏١‏)‏ وكيف سيفعل ذلك؟‏ بإعادة الراقدين رقادَ الموت الى الحياة.‏ قال يسوع للجموع الذين كان يكرز لهم:‏ «لا تتعجبوا من هذا،‏ لأنها تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوته فيخرجون».‏ ثم اضاف:‏ «الذين فعلوا الصالحات الى قيامة للحياة،‏ والذين مارسوا الرذائل الى قيامة للدينونة».‏ (‏يوحنا ٥:‏٢٨-‏٣٠‏)‏ فأيّ مستقبل هو بانتظار رجال ونساء الايمان الذين عاشوا في الماضي؟‏

      ٩ (‏أ)‏ اية امور سيفرح بمعرفتها كثيرون من المقامين؟‏ (‏ب)‏ ايّ عمل تعليمي واسع النطاق سيجري القيام به؟‏

      ٩ عندما يعود هؤلاء الامناء في القيامة،‏ سرعان ما يكتشفون ان الوعود التي آمنوا بها قد تحققت.‏ وكم سيسرّهم ان يعرفوا مَن هو نسل امرأة اللّٰه الذي تحدثت عنه اول نبوة في الكتاب المقدس في التكوين ٣:‏١٥‏!‏ وكم سيفرحون حين يعرفون ان المسيَّا الموعود به،‏ يسوع،‏ بقي امينا حتى الموت وبذل نفسه ذبيحة فدائية!‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨‏)‏ كما ان الذين سيرحّبون بهؤلاء المقامين سيسرّهم ان يساعدوهم لكي يدركوا ان تدبير الفدية هذا هو تعبير عن رحمة يهوه ونعمته.‏ ولا شك ان المقامين سيفيضون بتعابير التسبيح ليهوه عندما يلاحظون ما ينجزه ملكوته ليتمِّم قصده للارض.‏ وستُتاح لهم الفرصة ليبرهنوا محبتهم لأبيهم السماوي المحب ولابنه.‏ وسيفرح جميع الاحياء آنذاك بامتياز المشاركة في العمل التعليمي الواسع النطاق لتعليم بلايين المقامين من الاموات،‏ الذين يجب ان يمارسوا الايمان بتدبير الفدية الذي هيّأه اللّٰه.‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ اية فرص سيتيحها الحكم الالفي لكل الاحياء على الارض؟‏ (‏ب)‏ كيف ينبغي ان يؤثر ذلك فينا؟‏

      ١٠ فكِّر ايضا كم سيتعزى ابراهيم المُقام حين يتحقق رجاؤه بالعيش في ظل حكم «المدينة» التي كان يصبو اليها!‏ (‏عبرانيين ١١:‏١٠‏)‏ وكم سيبتهج ايوب الامين عندما يعلم ان مسلك حياته قوّى غيره من خدام يهوه الذين واجهوا ظروفا تمتحن استقامتهم!‏ وكم سيتشوّق دانيال الى معرفة كيفية إتمام النبوات التي أُوحي اليه ان يكتبها!‏

      ١١ حقا،‏ ان كل الذين سينالون الحياة في العالم الجديد البارّ،‏ سواء عن طريق القيامة او النجاة من الضيق العظيم،‏ سيكون امامهم الكثير ليتعلّموه عن قصد يهوه للارض وسكّانها.‏ ولا شك ان رجاء العيش الى الابد وتسبيح يهوه طوال الابدية سيجعل البرنامج التعليمي خلال الالف سنة امرا ممتعا جدا.‏ لكنَّ الامر الاهم سيكون ما نفعله افراديا فيما نتعلم محتويات الادراج.‏ فهل نطبِّق آنذاك ما نتعلّمه؟‏ وهل نتأمل ونطبِّق في ذلك الحين المعلومات الحيوية التي تقوّينا وتمكّننا من إحباط محاولة الشيطان الاخيرة لإبعادنا عن الحق؟‏

      ١٢ ماذا سيساعد كلًّا منا على الاشتراك كاملا في العمل التعليمي وتحويل الارض الى فردوس؟‏

      ١٢ لا ننسَ ايضا البركات الرائعة الناجمة عن تطبيق فوائد ذبيحة المسيح الفدائية.‏ فلن يُصاب المُقامون بالعجز او الضعفات الجسدية التي كانت لديهم قبل موتهم.‏ (‏اشعيا ٣٣:‏٢٤‏)‏ والجسم السليم والصحة الجيدة سيتيحان لكل سكان العالم الجديد ان يشتركوا كاملا في العمل التعليمي الذي يشمل بلايين المقامين الذين يمكن ان ينالوا في النهاية الحياة الابدية.‏ كما انهما سيتيحان لهم الاشتراك في اضخم مهمة جرى القيام بها على الاطلاق:‏ تحويل الارض بأسرها الى فردوس يمجد يهوه.‏

      ١٣،‏ ١٤ ماذا سيكون هدف الشيطان في الامتحان الاخير،‏ وماذا ستكون النتيجة؟‏

      ١٣ عندما يُحَلّ الشيطان من المهواة،‏ سيحاول ان يضلّ البشر مرة اخرى في الامتحان الاخير.‏ وتقول الرؤيا ٢٠:‏٧-‏٩ ان كل «الامم»،‏ اي الاشخاص الذين ضلّوا ووقعوا تحت تأثير الشيطان الشرير،‏ سيُحكَم عليهم بالهلاك.‏ ‹فستنزل نار من السماء وتلتهمهم›.‏ وبين هؤلاء سيكون هنالك اشخاص أُقيموا خلال الحكم الالفي.‏ وهلاكهم هذا سيُظهِر ان قيامتهم كانت «قيامة للدينونة».‏ أما المُقامون الذين حافظوا على استقامتهم فسينالون هبة الحياة الابدية.‏ وهكذا تكون قيامتهم «قيامة للحياة».‏ —‏ يوحنا ٥:‏٢٩‏.‏

      ١٤ ولكن كيف يعزينا رجاء القيامة الآن؟‏ وماذا ينبغي ان نفعل لنضمن اننا سنستفيد من هذا الوعد في المستقبل؟‏

      ماذا نتعلم نحن اليوم؟‏

      ١٥ كيف يساعد الايمان بالقيامة الشخص الآن؟‏

      ١٥ لربما خطف الموت مؤخرا احد احبائك،‏ وأنت تحاول الآن ان تتأقلم مع الظروف المتغيّرة الناجمة عن هذه الخسارة الفادحة.‏ ان رجاء القيامة يمنحك سلاما داخليا وقوة لا يمكن ان يشعر بهما الذين لا يعرفون الحق.‏ عزّى بولس اهل تسالونيكي قائلا:‏ «لا نريد .‏ .‏ .‏ ان تجهلوا ما يختص بالراقدين،‏ لئلا يصيبكم الاسى كما يصيب الباقين ايضا الذين لا رجاء لهم».‏ (‏١ تسالونيكي ٤:‏١٣‏)‏ فهل تتخيّل نفسك تشهد عجيبة القيامة في العالم الجديد؟‏ لا شك انك ستتعزى عندما تتأمل في هذا الرجاء الرائع:‏ ان تلتقي احباءك من جديد.‏

      ١٦ كيف قد يشعر الشخص عندما تحدث القيامة؟‏

      ١٦ او لربما انت تحصد الآن عواقب تمرد آدم،‏ اذ تعاني من مرض مميت.‏ فلا تدع الاسى ينسيك رجاء القيامة المبهج والتمتع بحياة ملؤها الصحة والنشاط في العالم الجديد.‏ فعندما تفتح عينَيك سترى الوجوه المشعّة فرحا التي تنتظر بفارغ الصبر مشاركتك فرحة القيامة من الاموات.‏ عندئذ،‏ لا شك انك ستطفح بالشكر للّٰه على لطفه الحبي الذي اظهره نحوك.‏

      ١٧،‏ ١٨ ايّ درسَين مهمّين ينبغي ألّا يغيبا عن بالنا؟‏

      ١٧ حتى يحين ذلك الوقت،‏ هنالك درسان ينبغي ألّا يغيبا عن بالنا.‏ فما هما؟‏ الدرس الاول هو اهمية خدمة يهوه الآن من كل النفس.‏ فعندما نعيش حياة التضحية بالذات اقتداء بسيّدنا المسيح يسوع،‏ نبرهن على محبتنا ليهوه وقريبنا الانسان.‏ فإذا سلبتنا المقاومة او الاضطهاد لقمة عيشنا او حريتنا،‏ فنحن مصمِّمون على البقاء راسخين في الايمان مهما واجهنا من محن.‏ وإذا هدَّدَنا المقاومون بالموت،‏ فرجاء القيامة يعزّينا ويقوّينا على البقاء اولياء ليهوه وملكوته.‏ نعم،‏ ان غيرتنا في الكرازة بالملكوت وعمل التلمذة تتيح لنا ان نرجو نيل البركات الابدية التي اعدّها يهوه للابرار.‏

      ١٨ والدرس الثاني هو كيف نواجه اغراءات جسدنا الناقص.‏ ان معرفتنا رجاء القيامة وتقديرنا للنعمة التي اظهرها يهوه لنا يوطّدان عزمنا على البقاء راسخين في الايمان.‏ حذّر الرسول يوحنا:‏ «لا تحبوا العالم ولا ما في العالم.‏ إنْ احب احد العالم،‏ فليست فيه محبة الآب،‏ لأن كل ما في العالم —‏ شهوة الجسد وشهوة العيون والتباهي بالمعيشة —‏ ليس من الآب،‏ بل من العالم.‏ والعالم يزول وكذلك شهوته،‏ وأما الذي يصنع مشيئة اللّٰه فيبقى الى الابد».‏ (‏١ يوحنا ٢:‏١٥-‏١٧‏)‏ فالاغراءات المادية في هذا العالم لن تجذبنا اذا قارنّاها ‹بالحياة الحقيقية›.‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٧-‏١٩‏)‏ وإذا أُغرينا بارتكاب الفساد الادبي،‏ فسوف نقاوم بصلابة وعزم.‏ فنحن ندرك اننا اذا اتّبعنا مسلكا لا يرضي يهوه ومتنا قبل هرمجدون،‏ فسنكون في عِداد الذين لا امل لهم بالقيامة.‏

      ١٩ ايّ شرف رفيع لا ينبغي ان ننساه؟‏

      ١٩ والاهم هو انه لا ينبغي ان ننسى الشرف الرفيع الذي نحظى به:‏ تفريح قلب يهوه الآن وإلى الابد.‏ (‏امثال ٢٧:‏١١‏)‏ فأمانتنا حتى الموت او محافظتنا على الاستقامة حتى نهاية هذا النظام الشرير تُظهِران ليهوه الى جانب مَن نقف في قضية السلطان الكوني.‏ وما اعظم الفرح الذي سيغمرنا حين نُقام او حين ننجو من الضيق العظيم لنعيش على ارض فردوسية!‏

      إشباع رغباتنا

      ٢٠،‏ ٢١ ماذا يساعدنا على البقاء امناء حتى لو لم نجد اجوبة للاسئلة التي تخطر ببالنا عن القيامة؟‏

      ٢٠ لا تزال هنالك اسئلة لم نُجِب عنها في مناقشتنا عن القيامة.‏ فأيّ ترتيب سيعدّه يهوه للذين كانوا متزوجين حين ماتوا؟‏ (‏لوقا ٢٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏)‏ هل سيقوم الشخص حيث مات؟‏ وهل سيُقام الاموات في المكان الذي تعيش فيه عائلاتهم؟‏ ان هذه الاسئلة وأسئلة كثيرة اخرى عن ترتيبات القيامة تبقى دون جواب.‏ ولكن يجب ان نبقي في بالنا كلمات ارميا:‏ «صالح هو يهوه لمَن يرجوه،‏ للنفس التي تداوم على طلبه.‏ جيد ان ينتظر المرء بسكوت خلاص يهوه».‏ (‏المراثي ٣:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ ففي وقت يهوه المعيّن،‏ سيُجاب عن كل اسئلتنا بحيث نشعر بالاكتفاء التام.‏ ولماذا يمكننا التيقن من ذلك؟‏

      ٢١ لنتأمل في كلمات صاحب المزمور الموحى بها حين رنّم ليهوه:‏ «تفتح يدك فتشبع رغبة كل حي».‏ (‏مزمور ١٤٥:‏١٦‏)‏ فيما نكبر،‏ تتغير رغباتنا.‏ فما كنا نتوق اليه في صغرنا لم نعد نرغب فيه الآن.‏ ونظرتنا الى الحياة تصوغها الاختبارات التي نمرّ بها والطموحات التي نتطلع اليها.‏ ولكن يمكننا التيقن انه في العالم الجديد سيُشبِع يهوه رغباتنا اللائقة،‏ مهما كانت.‏

      ٢٢ لماذا لدينا سبب وجيه لتسبيح يهوه؟‏

      ٢٢ ان الامر المهم لكلٍّ منا هو البقاء امينا.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «المطلوب في الوكلاء هو ان يوجد المرء امينا».‏ (‏١ كورنثوس ٤:‏٢‏)‏ فنحن وكلاء بشارة ملكوت اللّٰه المجيدة.‏ واجتهادنا في إعلان هذه البشارة لجميع الذين نلتقيهم يساعدنا على البقاء سائرين في الطريق الذي يؤدي الى نيل الحياة الابدية.‏ فلنتذكر دائما ان «الوقت والحوادث غير المتوقَّعة» تصيبنا جميعا.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ ولكي نتجنب القلق غير الضروري إزاء تقلّبات الحياة،‏ لنتمسك برجاء القيامة المجيد.‏ ولنكن واثقين انه اذا بدا اننا سنموت قبل بداية حكم المسيح الالفي،‏ يمكننا ان نتعزى بواقع ان الراحة ستأتي لا محالة.‏ ففي وقت يهوه المعيّن سنتمكن من ترديد كلمات ايوب التي وجّهها الى الخالق:‏ «تدعو فأنا اجيبك».‏ فلنسبّح يهوه الذي يشتاق ان يعيد الى الحياة كل الذين في ذاكرته.‏ —‏ ايوب ١٤:‏١٥‏.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a انظر استيقظ!‏،‏ عدد ٨ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٨٩،‏ الصفحة ١٠‏،‏ إصدار شهود يهوه.‏

      b شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه،‏ الصفحة ٦٦٢‏،‏ إصدار شهود يهوه.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة