-
حين تحلّ الفاجعةبرج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (مايو)
-
-
حين تحلّ الفاجعة
كان أووِن، طفل في الثانية والنصف من عمره، يلعب في حمام منزله. فاستطاع ان يتسلق ويصل الى خزانة الادوية رغم اعتقاد والدَيه انه غير قادر على ذلك. ثم جذبت انتباهه قنينة ففتحها وشرب السائل الذي فيها. وهنا حلّت الفاجعة.
فقد احتوت القنينة حمضا مميتا قضى على حياة أووِن، فانفطر قلب والدَيه حزنا. ولنيل التعزية، لجأ والده پرسي الى الكنيسة. وطرح على رجل الدين السؤال التالي: «لماذا حصل ذلك؟». فأجاب: «لأن اللّٰه اراد ملاكا صغيرا آخر في السماء». فانسحق الوالد من الحزن، وشعر ان ذلك ظلم بكل معنى الكلمة. ولكن هل اراد اللّٰه حقا ان تحدث هذه المأساة؟ لقد خاب امل پرسي، وقرَّر ان يقطع علاقته بالكنيسة.
عندما فكّر پرسي مليا في ما حصل راح يتساءل: ‹هل ما زال ولدي الصغير يتألم؟ وهل سأراه ثانية يوما ما؟›.
ربما تساءلت انت ايضا عما يحدث عند الموت وما اذا كان يمكن الاتحاد ثانية مع الاحباء الموتى في المستقبل. ان كلمة اللّٰه، الكتاب المقدس، تلقي الضوء على هذين السؤالين. فصفحات هذا الكتاب تتضمن اجوبة واضحة ومعزية لجميع الذين اختبروا مآسي مماثلة. والاهم من ذلك هو انها تكشف عن رجاء مجيد وعدنا اللّٰه بتحقيقه، ألا وهو قيامة الاموات.
اقرأ من فضلك المقالة التالية لمعرفة المزيد عن هذا الرجاء الرائع.
-
-
القيامة — رجاء مجيدبرج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (مايو)
-
-
القيامة — رجاء مجيد
القيامة معتقد شائع جدا. فالقرآن، كتاب المسلمين المقدس، يتضمن سورة كاملة تتناول القيامة. ومن جملة ما تقوله هذه السورة: «لا [زائدة] أُقسم بيوم القيامة . . . أيحسب الانسان ألَّن نجمع عظامه . . . يَسأل أَيَّان يوم القيامة . . . أليس ذلك بقادر على ان يُحيي الموتى». — سورة القيامة:١-٦، ٤٠.
وتعلِّم الزرادشتية انه سيكون هنالك «غلبة نهائية للشر، قيامة شاملة، دينونة اخيرة، وردّ للارض المطهرة الى الابرار»، نقلا عن دائرة المعارف البريطانية الجديدة.
وبحسب دائرة المعارف اليهودية، القيامة هي «الاعتقاد ان الموتى سيُعادون اخيرا الى الحياة في اجسادهم المادية، ويعيشون ثانية على الارض». ويذكر المرجع عينه ايضا ان الديانة اليهودية تبنَّت الاعتقاد ان للانسان نفسا خالدة، الامر الذي يخلق معضلة. يعترف هذا المرجع قائلا: «ان عقيدتَي القيامة وخلود النفس متناقضتان من حيث الاساس».
وتعلِّم الهندوسية ان الانسان يخضع لسلسلة من الولادات المتكررة، او التقمُّصات. ولكن اذا كان ذلك صحيحا، يجب ان يكون للانسان نفس تبقى حية بعد الموت. يذكر الباڠڤاد ڠيتا، كتاب الهندوس المقدس: «ان ما يتخلل كامل الجسم غير قابل للتلف. ولا احد يستطيع ان يهلك النفس غير القابلة للفناء».
اما البوذية فتختلف عن الهندوسية في انها تنكر وجود النفس الخالدة. ومع ذلك، يؤمن كثيرون من البوذيين في الشرق الاقصى اليوم بتقمص النفس الخالدة.a
التشويش في تعليم القيامة
غالبا ما تشير مراسم الدفن التي تُجرى في العالم المسيحي الى بقاء النفس حية بعد الموت وإلى القيامة كليهما. على سبيل المثال، يتلو عادة رجال الدين الانڠليكانيون الكلمات التالية: «بما ان اللّٰه الكلّي القدرة والعظيم الرحمة سُرّ بأن يأخذ نفس اخينا العزيز الراحل، نودِع جسده في الارض؛ فهو من التراب وإلى التراب يعود . . .؛ على رجاء ثابت وأكيد هو رجاء القيامة الى الحياة الابدية بواسطة ربنا يسوع المسيح». — كتاب الصلاة العامة (بالانكليزية).
قد تجعل هذه العبارات المرء يتساءل هل يعلِّم الكتاب المقدس ان الموتى يقومون ام ان النفس خالدة؟ ولكن، لاحِظ ما ذكره البروفسور البروتستانتي الفرنسي اوسكار كولمان في كتابه خلود النفس ام قيامة الاموات؟ (بالفرنسية): «هنالك اختلاف جذري بين التوقع المسيحي لقيامة الاموات والمعتقد اليوناني لخلود النفس. . . . ومع ان المسيحية اوجدت في ما بعد صلة بين هذين المعتقدين اللذين يخلط بينهما تماما المسيحي العادي اليوم، فإني لا ارى سببا لأخفي ما أعتبر انا وأغلبية العلماء انه الحق. . . . ان الحياة والفكر في العهد الجديد يسودهما تماما الايمان بالقيامة. . . . والانسان كله، الذي هو ميت حقا، يُعاد كاملا الى الحياة بواسطة عمل خلقي جديد يقوم به اللّٰه».
فلا عجب ان يشعر الناس عموما بالتشويش حيال الموت والقيامة. لذلك، من الضروري ان نلجأ الى الكتاب المقدس الذي يتضمن حقائق كشفها يهوه اللّٰه، خالق الانسان. وهذا الكتاب يسجل عددا من القيامات. فلنفحص اربعا منها بغية معرفة ما تكشفه.
«استعادت نساء امواتهن بقيامة»
في الرسالة التي كتبها الرسول بولس الى اليهود المهتدين الى المسيحية، قال ان بعض نساء الايمان ‹استعدن امواتهن بقيامة›. (عبرانيين ١١:٣٥) وإحدى هؤلاء النساء هي ارملة عاشت في صَرفة، مدينة فينيقية قريبة من صيدون على ساحل البحر الابيض المتوسط. لقد استقبلت هذه الارملة نبي اللّٰه ايليا بحسن ضيافة وزوّدته بالطعام اثناء المجاعة الشديدة. وكان بعد ذلك ان ابنها مرض ومات. فأخذه ايليا فورا وصعد به الى العلية حيث كان مقيما، وتوسّل الى يهوه ان يعيد اليه حياته. وللوقت حدثت عجيبة، فالصبي «عاد الى الحياة». فأنزله ايليا من العلية وأعطاه لأمه قائلا: «انظري، ابنك حي». وماذا كان ردّ فعلها؟ قالت مبتهجة: «الآن حقا عرفت انك رجل اللّٰه وأن كلمة يهوه في فمك حق». — ١ ملوك ١٧:٢٢-٢٤.
وعلى مسافة ١٠٠ كيلومتر جنوبي صَرفة، عاش زوجان سخيّان كانا يعتنيان بأليشع، النبي الذي خلف ايليا. كانت الزوجة امرأة معروفة في موطنها شونم. وقد اتفقت مع زوجها ان يصنعا علية في بيتهما ليمكث فيها أليشع. كان هذان الزوجان يشعران بالأسى بسبب عدم انجابهما الاولاد. لكنّ حزنهما تحوّل الى فرح عندما ولدت المرأة ابنا. وحين كبر الصبي اعتاد ان يخرج الى الحقل برفقة ابيه والحصادين. وذات يوم، حلّت الفاجعة. فقد أُصيب الصبي بصداع. فحمله احد غلمان ابيه فورا الى البيت حيث وضعته امه في حضنها، لكنه ما لبث ان مات. قررت الام التي خبلها الحزن ان تستعين بأليشع. فسافرت برفقة احد الغلمان في الاتجاه الشمالي الغربي نحو جبل الكرمل، حيث كان أليشع مقيما.
استجاب النبي بإرسال غلامه جيحزي امامه، فوجد ان الصبي مات حقا. وتبعه أليشع والمرأة الى شونم. ولكن ماذا حدث عندما وصلا؟ تذكر الرواية في ٢ ملوك ٤:٣٢-٣٧: «دخل أليشع البيت، فإذا بالصبي ميت، مضطجع على فراشه. فدخل وأغلق الباب عليهما كليهما وصلى الى يهوه. ثم صعد الى السرير واضطجع على الولد، ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه وراحتيه على راحتيه وتمدد عليه، فسخن جسد الولد. ثم عاد ومشى في البيت، تارة الى هنا وتارة الى هناك، وصعد الى السرير وتمدد عليه. فعطس الصبي سبع مرات، ثم فتح الصبي عينيه. فدعا جيحزي وقال: ‹ادعُ هذه الشونمية›. فدعاها فدخلت اليه. فقال: ‹ارفعي ابنك›. فأقبلت وسقطت على قدميه وسجدت له الى الارض، ورفعت ابنها وخرجت».
كأرملة صَرفة، ادركت المرأة الشونمية ان إقامة ابنها حدثت بقوة اللّٰه. وقد اختبرت كلتا المرأتين فرحا عظيما عندما اعاد اللّٰه ابنيهما الحبيبين الى الحياة.
القيامة اثناء خدمة يسوع
بعد حوالي ٩٠٠ سنة، حدثت قيامة على مسافة قصيرة شمالي شونم، خارج مدينة نايين. فعندما سافر يسوع المسيح وتلاميذه من كفرناحوم واقتربوا من باب مدينة نايين صادفوا موكب دفن. ولاحظ يسوع ان الميت ابن وحيد لأمه وهي ارملة، فطلب منها ان تكف عن البكاء. لقد وصف الطبيب لوقا ما حدث بعد ذلك قائلا: «اقترب [يسوع] ولمس النعش، فوقف الحاملون، فقال: ‹ايها الشاب، لك اقول: قم!›. فجلس الميت وابتدأ يتكلم، فدفعه الى امه». (لوقا ٧:١٤، ١٥) فشرع الذين شهدوا العجيبة يمجدون اللّٰه. وذاع الخبر عن تلك القيامة جنوبا، في اليهودية والمنطقة المحيطة. ومن المثير للاهتمام ان تلاميذ يوحنا المعمِّد سمعوا عنها وأخبروا يوحنا. فأرسل اثنين منهما ليجدا يسوع ويسألاه هل هو المسيّا المنتظَر. فأجابهما يسوع: «اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما: العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يُطهَّرون، والصم يسمعون، والاموات يقومون، والفقراء يُبشَّرون». — لوقا ٧:٢٢.
وأشهر عجائب القيامة التي صنعها يسوع هي إقامة صديقه الحميم لعازر. عندما مات لعازر، لم يذهب يسوع الى بيت عائلة الميت إلا بعد مرور فترة من الوقت. وحين وصل اخيرا الى بيت عنيا، كان لعازر ميتا منذ اربعة ايام. فأمر يسوع بأن يُرفَع الحجر الذي يسد الممر المؤدي الى الحجرة حيث دُفِن. لكنّ مرثا اخت الميت اعترضت قائلة: «يا رب، لقد أنتن، فإن له اربعة ايام». (يوحنا ١١:٣٩) غير ان انحلال جسد لعازر لم يعق القيامة. وبأمر من يسوع، «خرج الميت ورجلاه ويداه مربوطات بلفائف، ووجهه ملفوف بمنديل». وما قام به اعداء يسوع لاحقا يثبت ان الذي عاد الى الحياة هو حقا لعازر. — يوحنا ١١:٤٣، ٤٤؛ ١٢:١، ٩-١١.
فماذا نستنتج من هذه الروايات عن القيامات الاربع؟ في كل مرة كان الشخص نفسه يعود الى الحياة. وكان الناس، حتى الاقرباء الاقربون، يتعرفون اليه. بالاضافة الى ذلك، لم يتحدث ايٌّ من المقامين عما حدث اثناء الفترة القصيرة التي كانوا فيها امواتا، او عن الانتقال الى عالم آخر. وكما يبدو، عادوا جميعا الى الحياة بصحة جيدة. وبالنسبة اليهم بدا وكأنهم ناموا فترة من الوقت ثم استيقظوا، تماما كما اشار يسوع. (يوحنا ١١:١١) ومع ذلك، مات كلٌّ منهم ثانية بعد مدة.
الاتحاد ثانية مع الاحباء — رجاء مجيد
بُعَيد الموت المأساوي لأووِن المذكور في المقالة السابقة، زار والده احد جيرانه. فوجد على طاولة ورقة دعوة تعلن عن خطاب عام رتَّب له شهود يهوه. وقد اعجبه عنوانه: «اين هم الموتى؟». فهو بالتحديد السؤال الذي راوده. فحضر المحاضرة ونال التعزية الحقيقية من الكتاب المقدس. وعرف ان الموتى بمن فيهم أووِن لا يتألمون. فهم لا يتعذبون في نار الهاوية ولا يأخذهم اللّٰه ليكونوا ملائكة في السماء، بل ينتظرون في القبر ريثما يحين وقت ايقاظهم في القيامة. — جامعة ٩:٥، ١٠؛ حزقيال ١٨:٤.
اذا حدث ان حلّت فاجعة بعائلتك وتساءلت، كوالد أووِن، اين هم الآن احباؤك الموتى وهل يمكن ان تراهم ثانية، ندعوك الى التأمل في امور اخرى يعلِّمها الكتاب المقدس عن القيامة. وربما تتساءل: ‹متى ستحدث القيامة؟ ومن سيستفيدون منها بالتحديد؟›. من فضلك اقرإ المقالات التالية من اجل مناقشة هذين السؤالين وأسئلة اخرى ايضا.
[الحاشية]
a انظر كتاب بحث الجنس البشري عن اللّٰه، الصفحات ١٥٠-١٥٤، اصدار شهود يهوه.
-
-
القيامة — رجاء يمسُّك شخصيابرج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (مايو)
-
-
القيامة — رجاء يمسُّك شخصيا
«لي رجاء باللّٰه . . . انه سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة». — اعمال ٢٤:١٥.
١ كيف أُثيرت قضية القيامة امام السنهدريم؟
سنة ٥٦ بم، كانت اورشليم نهاية المطاف في رحلة الرسول بولس الارسالية الثالثة. فهناك، ألقى الرومان القبض عليه وأُخذ ليمثُل امام السنهدريم، محكمة اليهود العليا. (اعمال ٢٢:٢٩، ٣٠) وبينما هو ينظر، لاحظ ان اعضاء المحكمة ينتمون الى فريقَين: الفريسيون والصدوقيون. وكان هنالك اختلاف كبير في الرأي بين هذين الفريقَين. فالفريسيون آمنوا بالقيامة، في حين ان الصدوقيين لم يؤمنوا بها. وللدفاع عن هذا المعتقد، قال بولس: «ايّها الرجال الاخوة، انا فريسي ابن فريسيين. وعلى رجاء قيامة الاموات انا أُحاكَم». وقد اثارت عبارته هذه بلبلة بين صفوفهم. — اعمال ٢٣:٦-٩.
٢ لماذا كان بولس مستعدا للدفاع عن ايمانه بالقيامة؟
٢ قبل سنوات، كان بولس ذاهبا الى دمشق. وفي الطريق، شاهد رؤيا سمع فيها صوت يسوع، حتى انه سأله: «ماذا افعل يا رب؟». فأجابه يسوع: «قم واذهب الى دمشق، وهناك يُقال لك عن كل ما يتعيّن عليك ان تفعل». وعندما وصل بولس الى دمشق، وجده تلميذ مسيحي اسمه حنانيا وقال له: «اله آبائنا قد اختارك لتعرف مشيئته وتبصر البارّ [يسوع المُقام] وتسمع صوت فمه». (اعمال ٢٢:٦-١٦) لذلك، لا عجب ان يكون بولس مستعدا للدفاع عن ايمانه بالقيامة. — ١ بطرس ٣:١٥.
إعلان رجاء القيامة جهرا
٣، ٤ كيف برهن بولس انه مدافع غيور عن رجاء القيامة، وماذا نتعلم من مثاله؟
٣ لاحقا، مَثَل بولس امام الحاكم فيلكس. وهناك، عرض ‹خطيب› يُدعى ترتلّس دعوى اليهود ضد بولس، فاتّهمه بأنه زعيم بدعة ومثير فتَن. وفي الاجابة عن هذه التهمة، قال بولس صراحة: «اعترف لك بهذا، اني بحسب الطريق الذي يدعونه ‹بدعة›، هكذا اؤدي خدمة مقدسة لإله آبائي». ثم دخل في صلب الموضوع قائلا: «لي رجاء باللّٰه، الرجاء الذي لديهم هم ايضا، انه سوف تكون قيامة للابرار والاثمة». — اعمال ٢٣:٢٣، ٢٤؛ ٢٤:١-٨، ١٤، ١٥.
٤ وبعد نحو سنتين، دعا بوركيوس فستوس (الذي خلف فيلكس) الملكَ هيرودس أغريباس لينضم اليه في استجواب بولس السجين. وقد اوضح له ان متّهمي بولس تجادلوا معه بشأن «واحد اسمه يسوع قد مات وما زال بولس يؤكد انه حي». وعندما أُتيح لبولس ان يدافع عن نفسه، سأل: «لماذا يُحكَم بينكم انه امر لا يُصدَّق ان اللّٰه يقيم الاموات؟». ثم اعلن قائلا: «لأنني نلتُ عونا من اللّٰه، لا ازال حتى هذا اليوم اشهد للصغير والكبير، دون ان اقول شيئا سوى ما ذكر الانبياء وموسى انه سيكون: ان المسيح سيتألم وأنه، وهو اول المقامين من الاموات، سينادي بالنور لهذا الشعب وللامم». (اعمال ٢٤:٢٧؛ ٢٥:١٣-٢٢؛ ٢٦:٨، ٢٢، ٢٣) فكم كان بولس مدافعا غيورا عن رجاء القيامة! على غرار بولس، نحن ايضا ينبغي ان نعلن رجاء القيامة بثقة. ولكن ايّ ردّ فعل يجب ان نتوقعه؟ على الارجح، ردّ الفعل نفسه الذي لقيه بولس.
٥، ٦ (أ) اي تجاوب لقيه الرسل عندما اعلنوا رجاء القيامة؟ (ب) ايّ امر من الضروري ان نفعله نحن الذين نتحدث عن رجاء القيامة؟
٥ في وقت سابق، زار بولس اثينا في رحلته الارسالية الثانية (نحو ٤٩-٥٢ بم). وهناك، تباحث مع اشخاص يؤمنون بآلهة متعددة ولفت انتباههم الى قصد اللّٰه ان يدين المسكونة بالبرّ برجل سبق فعيّنه، اي يسوع. ثم اوضح ان اللّٰه زوَّد ضمانة لذلك اذ اقام يسوع من الاموات. وأيّ تجاوب لقيه؟ نقرأ: «لما سمعوا بقيامة الاموات، ابتدأ البعض يسخرون، وقال آخرون: ‹سنسمع منك عن هذا مرة اخرى›». — اعمال ١٧:٢٩-٣٢.
٦ كان ردّ الفعل هذا مماثلا لما واجهه بطرس ويوحنا بُعيد يوم الخمسين سنة ٣٣ بم. وفي هذه الحادثة ايضا، لعب الصدوقيون دورا بارزا في المناقشة. تروي لنا الاعمال ٤:١-٤ ما حدث: «فيما هما يكلِّمان الشعب، أقبَل عليهما كبار الكهنة وقائد حرس الهيكل والصدوقيون، متضايقين لأنهما كانا يعلِّمان الشعب ويعلنان قيامة الاموات كما قام يسوع». إلا ان كثيرين آخرين «من الذين سمعوا الكلام آمنوا، فصار عدد الرجال نحو خمسة آلاف». كما يتّضح، يجب ان نتوقع ردود فعل مختلفة عندما نتحدث عن رجاء القيامة. لذلك من الضروري ان نقوّي ايماننا بهذا التعليم.
علاقة الايمان المسيحي بالقيامة
٧، ٨ (أ) في ايّ حالة يكون الايمان المسيحي عبثا، كما تُظهِر الرسالة الاولى الى جماعة كورنثوس في القرن الاول؟ (ب) كيف يميِّز الفهم الصحيح لرجاء القيامة المسيحيين الحقيقيين من الزائفين؟
٧ لم يكن من السهل على كل الذين صاروا مسيحيين في القرن الاول الميلادي ان يتقبّلوا رجاء القيامة. وكان بعض افراد جماعة كورنثوس بين الذين استصعبوا تقبّله. كتب اليهم بولس قائلا: «سلَّمت اليكم قبل كل شيء ما تسلمته انا ايضا، ان المسيح مات من اجل خطايانا بحسب الاسفار المقدسة، وأنه دُفن، وأنه أُقيم في اليوم الثالث بحسب الاسفار المقدسة». ثم شهد لصحة هذا الامر بالقول ان المسيح المُقام «تراءى لأكثر من خمس مئة اخ» معظمهم كانوا لا يزالون احياء. (١ كورنثوس ١٥:٣-٨) بعدئذ، اعطى بولس هذه الحجة: «اذا كان المسيح يُكرَز به انه أُقيم من الاموات، فكيف يقول قوم بينكم انه ليس قيامة اموات؟ فإنه إنْ لم تكن قيامة اموات، فالمسيح ايضا لم يُقَم. وإنْ كان المسيح لم يُقَم، فعبثا تكون كرازتنا، وعبثا ايماننا». — ١ كورنثوس ١٥:١٢-١٤.
٨ نعم، ان تعليم القيامة جوهري جدا بحيث يكون الايمان المسيحي عبثا اذا لم يؤمن المرء ان القيامة هي حقيقة. والفهم الصحيح لموضوع القيامة يميِّز المسيحيين الحقيقيين من المسيحيين الزائفين. (تكوين ٣:٤؛ حزقيال ١٨:٤) لهذا السبب، يعدِّد بولس القيامة بين الامور التي تشكِّل «التعليم الاولي» للمسيحية. فلنصمِّم ان «نجدّ في التقدم الى النضج». «وهذا ما سنفعله، إنْ سمح اللّٰه»، كما يقول بولس. — عبرانيين ٦:١-٣.
رجاء القيامة
٩، ١٠ ماذا يعني الكتاب المقدس عندما يتحدث عن القيامة؟
٩ لتقوية ايماننا بالقيامة، لنناقش الآن السؤالَين التاليين: ماذا يقصد الكتاب المقدس عندما يتحدث عن القيامة؟ وكيف تتجلى محبة يهوه في القيامة؟ ان الاجابة عن هذين السؤالَين ستقرِّبنا الى اللّٰه وتساعدنا ايضا على تعليم الآخرين عن القيامة. — ٢ تيموثاوس ٢:٢؛ يعقوب ٤:٨.
١٠ ان كلمة «قيامة» هي ترجمة لكلمة يونانية تعني حرفيا «النهوض ثانية». فماذا يعني ذلك؟ بحسب الكتاب المقدس، يعني رجاء القيامة الاقتناع بأن شخصا ميتا يمكن ان يحيا ثانية. ويُظهِر الكتاب المقدس ايضا ان الشخص قد يُعاد الى الحياة بجسم بشري اذا كان رجاؤه ارضيا او بجسم روحي اذا كان رجاؤه سماويا. فما اعظم محبة يهوه وحكمته وقدرته التي تتجلى في رجاء القيامة الرائع هذا!
١١ اية امور هي بانتظار خدام اللّٰه الممسوحين بعد قيامتهم؟
١١ ان يسوع وإخوته الممسوحين يُقامون بأجسام روحية تمكّنهم من العيش في السماء. (١ كورنثوس ١٥:٣٥-٣٨، ٤٢-٥٣) فهم سيكونون حكاما في الملكوت المسيّاني الذي سيجعل الارض فردوسا. وبرئاسة رئيس الكهنة يسوع، سيؤلف الممسوحون كهنوتا ملكيا. وسيطبِّقون فوائد ذبيحة المسيح الفدائية على الجنس البشري في العالم الجديد البارّ. (عبرانيين ٧:٢٥، ٢٦؛ ٩:٢٤؛ ١ بطرس ٢:٩؛ رؤيا ٢٢:١، ٢) وفي هذه الاثناء، يرغب الممسوحون الذين لا يزالون على الارض في البقاء مقبولين لدى اللّٰه. وعند موتهم، سينالون ‹اجرهم›: القيامة الى حياة خالدة في السماء. (٢ كورنثوس ٥:١-٣، ٦-٨، ١٠؛ ١ كورنثوس ١٥:٥١، ٥٢؛ رؤيا ١٤:١٣) كتب بولس: «اذا كنا قد صرنا متَّحدين به في شبه موته، فسنتَّحد به ايضا في شبه قيامته». (روما ٦:٥) ولكن ماذا عن الذين سيقومون بجسم بشري ليعيشوا على الارض؟ كيف يقرِّبهم رجاء القيامة الى اللّٰه؟ يمكننا تعلّم الكثير من مثال ابراهيم.
علاقة القيامة بالصداقة مع يهوه
١٢، ١٣ ما هو الاساس الراسخ الذي جعل ابراهيم يؤمن بالقيامة؟
١٢ كان ابراهيم، «صديق يهوه»، رجلا اعرب عن ايمان بارز. (يعقوب ٢:٢٣) وقد اتى بولس على ذكر ايمان ابراهيم ثلاث مرات فيما كان يعدِّد الرجال والنساء الامناء، كما هو مسجّل في الاصحاح ١١ من العبرانيين. (عبرانيين ١١:٨، ٩، ١٧) وفي المرة الثالثة، لفت الانتباه الى الايمان الذي اعرب عنه ابراهيم عندما اطاع امر يهوه واستعد لتقديم ابنه اسحاق ذبيحة. فقد وثق ابراهيم بأن يهوه هو الذي يضمن تحقيق الوعد بمجيء نسل من ذرية ابنه اسحاق. وكان واثقا انه حتى لو قدّم اسحاق ذبيحة، ‹فاللّٰه قادر ان يقيمه حتى من بين الاموات›.
١٣ عندما رأى يهوه عمق ايمان ابراهيم، هيّأ كبشا ليُقدَّم ذبيحة بدلا من اسحاق. ورغم ان اسحاق لم يقدَّم ذبيحة، فهذه الحادثة هي رمز الى القيامة، مثال يؤكد انها ستحدث لا محالة. فكما اوضح بولس، ‹من هناك استعاد ابراهيم اسحاق، وفي هذا رمز›. (عبرانيين ١١:١٩) وابراهيم كان لديه اساس راسخ للايمان بالقيامة. فيهوه كان قد اعاد إحياء قواه وقوى سارة التناسلية ومكّنهما من إنجاب ابنهما اسحاق في شيخوختهما. — تكوين ١٨:١٠-١٤؛ ٢١:١-٣؛ روما ٤:١٩-٢١.
١٤ (أ) ماذا كان ابراهيم ينتظر كما توضح العبرانيين ١١:٩، ١٠؟ (ب) كيف يمكن ان ينال ابراهيم بركات الملكوت في العالم الجديد؟ (ج) كيف يمكن ان نحظى ببركات الملكوت؟
١٤ في معرض حديث بولس عن ابراهيم، وصفه بأنه متغرِّب وساكن في خيام «ينتظر المدينة التي لها اساسات حقيقية، التي اللّٰه بانيها وصانعها». (عبرانيين ١١:٩، ١٠) وهذه المدينة ليست مدينة حرفية كأورشليم التي كانت مقرّ هيكل اللّٰه، بل هي مدينة مجازية. انها ملكوت اللّٰه السماوي المؤلف من يسوع المسيح والحكام الـ ٠٠٠,١٤٤ المعاونين له. وهؤلاء الحكام يوصفون في مجدهم السماوي بأنهم «عروس» المسيح و «المدينة المقدسة، اورشليم الجديدة». (رؤيا ٢١:٢) ففي سنة ١٩١٤، توَّج يهوه ابنه يسوع ملكا مسيّانيا للملكوت السماوي وأمره ان يملك في وسط اعدائه. (مزمور ١١٠:١، ٢؛ رؤيا ١١:١٥) ولكي ينال «صديق يهوه» ابراهيم بركات حكم الملكوت، ينبغي ان يعود الى الحياة. نحن ايضا، لكي نحظى ببركات الملكوت، ينبغي ان نكون احياء في عالم اللّٰه الجديد، إما كأفراد من الجمع الكثير الناجين من هرمجدون او كأشخاص مقامين من الاموات. (رؤيا ٧:٩، ١٤) ولكن ما هو اساس رجاء القيامة؟
محبة اللّٰه اساس رجاء القيامة
١٥، ١٦ (أ) كيف تضع اول نبوة في الكتاب المقدس الاساس لرجائنا بالقيامة؟ (ب) كيف يقرِّبنا الايمان بالقيامة الى يهوه؟
١٥ ان علاقتنا اللصيقة بأبينا السماوي المحب، ايماننا الراسخ كإيمان ابراهيم، وطاعتنا لوصايا اللّٰه هي امور تدفع يهوه الى تبريرنا واعتبارنا اصدقاء له. وهذا ما يتيح لنا نيل بركات حكم الملكوت. وأول نبوة مسجلة في كلمة اللّٰه في التكوين ٣:١٥ تضع الاساس لرجاء القيامة والصداقة مع اللّٰه. فهي لم تنبئ بسحق رأس الشيطان فحسب، بل ايضا بسحق عقب نسل امرأة اللّٰه. وهذا السحق للعقب تمّ حين مات يسوع على الخشبة. لكنَّ قيامته كانت بمثابة شفاء لهذا الجرح وقد مهَّدت السبيل لاتِّخاذ اجراء ضد «مَن في وسعه ان يسبِّب الموت، اي ابليس». — عبرانيين ٢:١٤.
١٦ يذكِّرنا بولس ان اللّٰه «بيَّن لنا فضل محبته بأنه اذ كنا بعد خطاة مات المسيح عنا». (روما ٥:٨) والتقدير لهذه النعمة يقرِّبنا الى يسوع وإلى ابينا السماوي المحب. — ٢ كورنثوس ٥:١٤، ١٥.
١٧ (أ) ايّ رجاء اعرب عنه ايوب؟ (ب) ماذا تكشف ايوب ١٤:١٥ عن يهوه، وكيف نشعر حيال ذلك؟
١٧ كان ايوب، رجل امين عاش في ازمنة ما قبل المسيحية، يتطلع هو ايضا الى القيامة. فرغم انه عانى كثيرا على يدَي الشيطان، فقد استمد التعزية من رجاء القيامة، بعكس اصدقائه الزائفين الذين لم يذكروا القيامة قط. سأل ايوب: «اذا مات رجل أفيحيا؟». ثم اجاب هو بنفسه عن سؤاله: «سأنتظر كل ايام سخرتي، الى ان يأتيني الفرج». بعدئذ، خاطب يهوه إلهه قائلا: «تدعو فأنا اجيبك». كما انه وصف مشاعر خالقنا المحب حين ذكر: «تشتاق الى عمل يديك». (ايوب ١٤:١٤، ١٥) نعم، ينتظر يهوه بفارغ الصبر الوقت حين يعود الامناء الى الحياة في القيامة. فكم ننجذب الى يهوه عندما نتأمل في المحبة والنعمة اللتين اظهرهما لنا رغم اننا بشر ناقصون! — روما ٥:٢١؛ يعقوب ٤:٨.
١٨، ١٩ (أ) ايّ مستقبل ينتظر دانيال؟ (ب) ماذا سنناقش في المقالة التالية؟
١٨ كان للنبي دانيال، الذي وصفه ملاك اللّٰه انه ‹رجل محبوب جدا›، سجل طويل من الخدمة الامينة. (دانيال ١٠:١١، ١٩) فقد حافظ على استقامته من وقت سبيه سنة ٦١٧ قم حتى مماته في وقت ما بعد مشاهدته رؤيا سنة ٥٣٦ قم، السنة الثالثة من حكم كورش ملك فارس. (دانيال ١:١؛ ١٠:١) وفي السنة عينها، شاهد دانيال رؤيا عن تتابع الدول العالمية الذي يصل الى نهايته بمجيء الضيق العظيم. (دانيال ١١:١–١٢:١٣) وبما انه لم يفهم الرؤيا كاملا، فقد سأل الرسول الملائكي: «يا سيدي، ما آخر هذه؟». وفي الاجابة، لفت الملاك الانتباه الى «وقت النهاية» حين ‹سيَفهم ذوو البصيرة› هذه الامور. ولكن ماذا عن دانيال نفسه؟ ايّ مستقبل ينتظره؟ قال الملاك: «تستريح وتقوم لقرعتك في نهاية الايام». (دانيال ١٢:٨-١٠، ١٣) فدانيال سيعود في «قيامة الابرار» خلال حكم المسيح الالفي. — لوقا ١٤:١٤.
١٩ لقد قطعنا شوطا كبيرا في مجرى وقت النهاية، وصارت بداية حكم المسيح الالفي اقرب مما كانت حين آمنّا. لذلك يجب ان نسأل انفسنا: ‹هل اكون موجودا في العالم الجديد برفقة ابراهيم، ايوب، دانيال، والرجال والنساء الامناء الآخرين؟›. لا شك اننا سنكون هناك شرط ان نبقى قريبين من يهوه ونطيع وصاياه. وفي مقالتنا التالية، سنتوسع في مناقشة موضوع القيامة لكي نعرف مَن هم الذين سيُقامون.
-
-
مَن هم الذين سيُقامون؟برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (مايو)
-
-
مَن هم الذين سيُقامون؟
«لا تتعجبوا من هذا، لأنها تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوته فيخرجون». — يوحنا ٥:٢٨، ٢٩.
١ ماذا سمع موسى حين كان قرب العلّيقة المتّقدة، ومَن استشهد لاحقا بهذه الكلمات؟
منذ اكثر من ٥٠٠,٣ سنة، حدث امر غريب جدا. ففيما كان موسى يرعى غنم يثرون حميه قرب جبل حوريب، تراءى له ملاك يهوه في لَهَبِ نار وسط علّيقة. يروي سفر الخروج: «فنظر وإذا العلّيقة تتّقد بالنار، والعلّيقة لا تحترق». ثم ناداه صوت من وسط العلّيقة وقال له: «انا اله ابيك، اله ابراهيم وإله اسحاق وإله يعقوب». (خروج ٣:١-٦) وقد استشهد يسوع، ابن اللّٰه، بهذه الكلمات في القرن الاول الميلادي.
٢، ٣ (أ) اية مكافأة تنتظر ابراهيم واسحاق ويعقوب؟ (ب) ايّ سؤالَين ينشآن؟
٢ في تلك الحادثة، كان يسوع يتناقش مع بعض الصدوقيين الذين لم يؤمنوا بالقيامة. لذلك قال لهم: «أما ان الاموات يقومون، فحتى موسى اخبر بذلك، في الرواية عن العلّيقة، اذ يدعو يهوه ‹اله ابراهيم وإله اسحاق وإله يعقوب›. فهو ليس اله اموات، بل احياء، لأنهم جميعا احياء في نظره». (لوقا ٢٠:٢٧، ٣٧، ٣٨) بهذه الكلمات، اكّد يسوع ان اللّٰه يعتبر ان ابراهيم واسحاق ويعقوب الذين ماتوا منذ زمن طويل لا يزالون احياء في ذاكرته. فهم، كأيوب، ينتظرون نهاية ‹ايام سخرتهم›، او رقادهم. (ايوب ١٤:١٤) وذلك لأنهم سيُقامون الى عالم اللّٰه الجديد.
٣ ولكن ماذا سيحدث لبلايين الاشخاص الآخرين الذين ماتوا على مرّ التاريخ؟ هل يقومون هم ايضا؟ قبل ان نجيب عن هذا السؤال، لنرَ اين يذهب الناس عندما يموتون كما تعلِّم كلمة اللّٰه.
اين هم الموتى؟
٤ (أ) اين يذهب الناس عندما يموتون؟ (ب) ما هي شيول؟
٤ يقول الكتاب المقدس ان الاموات «لا يعلمون شيئا». فهم لا يتعذبون في نار الهاوية ولا ينتظرون انتظارا مضنيا في المطهر، بل يعودون الى التراب. لذلك تنصح كلمة اللّٰه الاحياء: «كل ما تجده يدك لتفعله، فافعله بما لك من قوة؛ لأنه لا عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في شيول التي انت ذاهب اليها». (جامعة ٩:٥، ١٠؛ تكوين ٣:١٩) ان كلمة «شيول» غير مألوفة لدى معظم الناس، فهي كلمة عبرانية منشأها غير معروف. صحيح ان اديانا كثيرة تعلِّم ان الموتى لا يزالون احياء، فإن كلمة اللّٰه الموحى بها تُظهِر ان الذين في شيول هم اموات في حالة عدم وعي. لذلك فإن شيول هي المدفن العام للجنس البشري.
٥، ٦ اين ذهب يعقوب عند موته، وإلى مَن انضم؟
٥ يرِد اول ذكر لشيول في الكتاب المقدس في التكوين ٣٧:٣٥. فعندما ظن الاب الجليل يعقوب ان الموت سلبه ابنه الحبيب يوسف، ابى ان يتعزى وقال: «أنزل الى ابني نائحا الى شيول!». فكان يرغب ان يموت ويذهب الى شيول. وفي وقت لاحق، اراد تسعة من ابناء يعقوب ان يأخذوا ابنه الاصغر بنيامين الى مصر لكي يفلتوا من براثن الجوع. لكنَّ يعقوب رفض قائلا: «لا ينزل ابني معكم، لأن اخاه قد مات وهو وحده بقي. فإنْ حصل له حادث مميت في الطريق الذي تذهبون فيه، تُنزِلون شيبتي بحزن الى شيول». (تكوين ٤٢:٣٦، ٣٨) في هذين العددين، يجري ربط شيول بالموت، وليس بحياة اخرى بعد الموت.
٦ تكشف رواية التكوين ان يوسف صار المسؤول عن الاغذية في مصر. فنزل يعقوب الى مصر والتقى ابنه ثانية، وقد سكن هناك حتى موته عن عمر ١٤٧ سنة. وتنفيذا لآخر وصية له وهو على فراش الموت، اخذ ابناؤه جثمانه ودفنوه في مغارة المكفيلة في ارض كنعان. (تكوين ٤٧:٢٨؛ ٤٩:٢٩-٣١؛ ٥٠:١٢، ١٣) وهكذا، انضم يعقوب الى ابيه اسحاق وجدّه ابراهيم.
‹انضموا الى آبائهم›
٧، ٨ (أ) اين ذهب ابراهيم عند موته، وكيف نعرف ذلك؟ (ب) ماذا يُظهِر ان اشخاصا آخرين ذهبوا الى شيول عند موتهم؟
٧ في وقت سابق، عندما ثبّت يهوه عهده مع ابراهيم ووعده بتكثير نسله، تحدّث عمّا سيحدث لإبراهيم. قال يهوه: «أما انت فتمضي الى آبائك بسلام، وتُدفَن بشيخوخة صالحة». (تكوين ١٥:١٥) وهذا تماما ما حدث. تقول التكوين ٢٥:٨: «ثم لفظ ابراهيم نفَسه الاخير ومات بشيخوخة صالحة، شيخا وشبعان، وانضم الى قومه». فمَن هم هؤلاء القوم؟ ان التكوين ١١:١٠-٢٦ تعدِّد اسلافه رجوعا الى سام بن نوح. وهذا يعني ان ابراهيم انضم عند موته الى هؤلاء الراقدين في شيول.
٨ في الاسفار العبرانية، ترِد تكرارا عبارة «انضم الى قومه». لذلك من المنطقي الاستنتاج ان اسماعيل بن ابراهيم وهارون اخا موسى ذهبا كليهما الى شيول عند موتهما، وهما ينتظران القيامة. (تكوين ٢٥:١٧؛ عدد ٢٠:٢٣-٢٩) كما ان موسى ايضا ذهب الى شيول، رغم ان لا احد يعرف اين هو قبره. (عدد ٢٧:١٣؛ تثنية ٣٤:٥، ٦) على نحو مماثل، فإن يشوع، قائد امة اسرائيل الذي خلف موسى، ذهب هو وجيل كامل الى شيول عند موتهم. — قضاة ٢:٨-١٠.
٩ (أ) كيف يُظهِر الكتاب المقدس ان الكلمة العبرانية «شيول» والكلمة اليونانية «هادس» تشيران الى المكان المجازي نفسه؟ (ب) ماذا ينتظر الذين في شيول، او هادس؟
٩ بعد قرون، صار داود ملكا على اسباط اسرائيل الـ ١٢. وعند موته، ‹اضطجع مع آبائه›. (١ ملوك ٢:١٠) فهل ذهب هو ايضا الى شيول؟ من المثير للاهتمام ان الرسول بطرس تحدّث في يوم الخمسين سنة ٣٣ بم عن موت داود ثم اقتبس المزمور ١٦:١٠ التي تقول: «لن تترك نفسي في شيول». وبعدما ذكر ان داود لا يزال في قبره، طبّق هذه الكلمات على يسوع وقال ان داود «سبق فرأى وتكلّم عن قيامة المسيح، انه لن يُتخلى عنه في هادس ولن يرى جسده فسادا. فيسوع هذا أقامه اللّٰه، ونحن كلنا شهود لذلك». (اعمال ٢:٢٩-٣٢) هنا، استعمل بطرس كلمة «هادس»، وهي كلمة يونانية مرادفة للكلمة العبرانية «شيول». لذلك فإن الذين يُقال انهم في هادس حالتهم كحالة الذين يُقال انهم في شيول: راقدون بانتظار القيامة.
هل هنالك اثمة في شيول؟
١٠، ١١ لماذا يمكننا القول ان بعض الاثمة يذهبون الى شيول، او هادس، عند موتهم؟
١٠ بعدما اخرج موسى امة اسرائيل من مصر، حدث تمرد في البرية تزعّمه قورح وداثان وأبيرام. فقال موسى للشعب ان يفرزوا انفسهم عن هؤلاء الزعماء لأنهم سيموتون ميتة عنيفة. ثم اوضح: «إنْ مات هؤلاء كموت كل انسان وعوقبوا كعقاب كل انسان، فليس يهوه هو الذي ارسلني. ولكن إن ابتدع يهوه شيئا جديدا، وفتحت الارض فمها وابتلعتهم وكل ما لهم ونزلوا احياء الى شيول، فحينئذ تعرفون ان هؤلاء الناس قد استهانوا بيهوه». (عدد ١٦:٢٩، ٣٠) فالمتمردون جميعا — سواء كانوا الاشخاص الذين فتحت الارض فمها وابتلعتهم او الذين اكلتهم النار، كما حصل مع قورح والـ ٢٥٠ لاويا الذين ايّدوه — ذهبوا الى شيول، او هادس. — عدد ٢٦:١٠.
١١ بعد قرون، كان رجل اسمه شمعي يصبّ اللعنات على الملك داود. لذلك اوصى داود ابنه سليمان الذي خلَفه: «لا تتركه دون عقاب، لأنك رجل حكيم وتعرف ما ينبغي ان تفعل به، فأنزِل شيبته الى شيول بالدم». ففعل سليمان حسب كلام ابيه، اذ امر بنايا ان ينفّذ حكم الاعدام في شمعي. (١ ملوك ٢:٨، ٩، ٤٤-٤٦) ونفّذ بنايا ايضا حكم الاعدام في يوآب، قائد جيش اسرائيل الاسبق. فلم ‹تنزل شيبة يوآب بسلام الى شيول›. (١ ملوك ٢:٥، ٦، ٢٨-٣٤) ان هذين المثالين يشهدان لصحة الكلمات الواردة في ترنيمة داود الموحى بها: «الاشرار يرجعون الى شيول، وكل الامم الناسين اللّٰه». — مزمور ٩:١٧.
١٢ مَن هو اخيتوفل، وأين ذهب عند موته؟
١٢ كان اخيتوفل مشير داود الخاص. وقد اعتُبرَت مشورته كما لو انها صادرة من يهوه نفسه. (٢ صموئيل ١٦:٢٣) ولكن من المؤسف ان هذا الخادم الموثوق به صار خائنا وشارك في انقلاب ترأسه ابشالوم بن داود. ومن الواضح ان داود كان يشير الى هذه الخيانة عندما كتب: «لأنه ليس عدوًّا مَن عيّرني، فأتحمل. ليس مبغضي مَن تعاظم عليّ، فأختبئ منه». وتابع قائلا: «ليحلّ بهم الخراب! لينزلوا الى شيول احياء، لأنه في غربتهم وُجدَت فيهم شرور». (مزمور ٥٥:١٢-١٥) وهكذا نرى ان اخيتوفل والذين معه ذهبوا هم ايضا الى شيول.
مَن هم الذين في وادي هنوم؟
١٣ لماذا يُدعى يهوذا «ابن الهلاك»؟
١٣ لنقارن الآن حالة داود بحالة داود الاعظم، يسوع. فيهوذا الاسخريوطي، احد رسل المسيح الـ ١٢، صار خائنا مثل اخيتوفل. لكنَّ خيانة يهوذا اخطر بكثير من خيانة اخيتوفل لأنه خان ابن اللّٰه الوحيد. قال ابن اللّٰه عن أتباعه وهو يصلّي في اواخر خدمته الارضية: «حين كنتُ معهم كنتُ احرسهم من اجل اسمك الذي اعطيتني. وقد حفظتهم، ولم يهلك منهم احد إلا ابن الهلاك لكي تتم الآية». (يوحنا ١٧:١٢) فبوصف يهوذا انه «ابن الهلاك»، كان يسوع يقصد انه عندما يموت يهوذا، لن يكون له امل في القيامة لأنه ليس في ذاكرة اللّٰه. فهو لم يذهب الى شيول، بل الى وادي هنوم. فما هو وادي هنوم؟
١٤ إلامَ يرمز وادي هنوم؟
١٤ دان يسوع القادة الدينيين في ايامه لأنهم جعلوا كل تلميذ من تلاميذهم «يستحق الهلاك في وادي هنوم». (متى ٢٣:١٥) في تلك الايام، كان الناس يعرفون جيدا وادي هنوم، مكبّ للنفايات كانت تُرمى فيه جثث المجرمين الذين اعتُبروا غير مستحقين ان يُدفَنوا دفنا لائقا. وفي وقت سابق، اتى يسوع على ذكر وادي هنوم في موعظته على الجبل. (متى ٥:٢٩، ٣٠) وكان معناه المجازي واضحا لمستمعيه. فوادي هنوم هو رمز الى الهلاك التام دون امل بالقيامة. ولكن هل ذهب آخرون غير يهوذا الاسخريوطي الى وادي هنوم عند موتهم، بدلا من ان يذهبوا الى شيول، او هادس؟
١٥، ١٦ مَن هم بعض الذين ذهبوا الى وادي هنوم، ولماذا ذهبوا الى هناك؟
١٥ كان آدم وحواء، الشخصان البشريان الاولان، كاملَين عندما خلقهما اللّٰه. وقد وضع امامهما خيارَين: إما الحياة الابدية او الموت. لكنهما أخطآ عمدا حين عصيا اللّٰه واصطفّا مع الشيطان. وعندما ماتا ذهبا الى وادي هنوم، دون امل بالاستفادة من ذبيحة المسيح الفدائية.
١٦ قتل قايين، ابن آدم البكر، اخاه هابيل. فحُكم عليه بالعيش كمتشرد. ولاحقا، قال الرسول يوحنا عن قايين انه «كان من الشرير». (١ يوحنا ٣:١٢) لذلك من المنطقي الاستنتاج ان قايين ذهب الى وادي هنوم عند موته، تماما كما حدث لوالدَيه. (متى ٢٣:٣٣، ٣٥) وما اشدّ التباين بين حالته وحالة اخيه البارّ هابيل! اوضح بولس: «بالايمان قرّب هابيل للّٰه ذبيحة اعظم قيمة من قايين، وبه شُهِد له بأنه بارّ، اذ شهد اللّٰه لقرابينه، وبه يتكلّم بعد، مع انه مات». (عبرانيين ١١:٤) نعم، ان هابيل هو الآن في شيول ينتظر القيامة.
قيامة «اولى» وقيامة «افضل»
١٧ (أ) خلال «وقت النهاية» هذا، مَن يذهبون الى شيول؟ (ب) ماذا يكمن امام الذين في شيول والذين في وادي هنوم؟
١٧ قد يتساءل كثيرون ممَّن يقرأون هذه المعلومات عن حالة الذين يموتون خلال «وقت النهاية» هذا. (دانيال ٨:١٩) ان الاصحاح السادس من سفر الرؤيا يصف ركوب اربعة فرسان في ذلك الوقت. ومن المثير للاهتمام ان آخِر هؤلاء الفرسان يُدعى الموت وتتبعه هادس. لذلك، فإن الاشخاص الكثيرين الذين ماتوا ميتة مبكرة بسبب ركوب هذا الفارس يذهبون الى هادس، بانتظار القيامة الى عالم اللّٰه الجديد. (رؤيا ٦:٨) اذًا، ماذا يكمن امام الذين في شيول (هادس) والذين في وادي هنوم؟ القيامة للفريق الاول والهلاك الابدي، ايّ عدم الوجود، للفريق الثاني.
١٨ ايّ رجاء موضوع امام الذين ينالون «القيامة الاولى»؟
١٨ كتب الرسول يوحنا: «سعيد وقدوس مَن له نصيب في القيامة الاولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطة عليهم، بل سيكونون كهنة للّٰه وللمسيح، وسيملكون معه الالف سنة». فالحكام المعاونون للمسيح ينالون «القيامة الاولى». ولكن ايّ رجاء يكمن امام باقي الجنس البشري؟ — رؤيا ٢٠:٦.
١٩ كيف سينال البعض «قيامة افضل»؟
١٩ في ايام خادمَي اللّٰه ايليا وأليشع، ابتدأت تحدث عجائب القيامة. قال بولس: «استعادت نساء امواتهن بقيامة. وآخرون عُذِّبوا لأنهم لم يقبلوا فداء، لكي يحصلوا على قيامة افضل». نعم، كان هؤلاء المحافظون على الاستقامة الامناء يرجون القيامة الى حياة ابدية، لا حياة قصيرة سرعان ما ينهيها الموت. لذلك فإن هذه القيامة هي بالفعل «قيامة افضل». — عبرانيين ١١:٣٥.
٢٠ ماذا سنناقش في المقالة التالية؟
٢٠ نحن ايضا، اذا متنا امناء قبل ان ينهي يهوه هذا النظام الشرير، يكمن امامنا رجاء اكيد بـ «قيامة افضل»، قيامة تؤدي الى حياة ابدية. فقد وعد يسوع: «لا تتعجبوا من هذا، لأنها تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوته فيخرجون». (يوحنا ٥:٢٨، ٢٩) والمقالة التالية ستناقش الهدف من القيامة، وستُظهِر كيف يقوّينا هذا الرجاء لنحافظ على استقامتنا ويساعدنا على تنمية روح التضحية بالذات.
-
-
ماذا يعني لك رجاء القيامة؟برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايار (مايو)
-
-
ماذا يعني لك رجاء القيامة؟
«تفتح يدك فتشبع رغبة كل حي». — مزمور ١٤٥:١٦.
١-٣ ايّ اختبارَين يُظهِران ما هو الرجاء الذي يملكه البعض؟
كان كريستوفر، البالغ من العمر تسع سنوات، قد قضى الوقت في الصباح مع أخيه وخاله وزوجة خاله وابنَيهما. فقد ذهبوا في الخدمة المسيحية من بيت الى بيت قرب مانتشيستر في انكلترا. وبعد الظهر، خرجوا جميعا في رحلة الى بلاكپول، منتجع ساحلي قريب. والـ ٦ جميعا كانوا بين ١٢ شخصا قُتلوا على الفور في اصطدام سيارات وصفته الشرطة بأنه ‹كارثة مروِّعة›.
٢ في الليلة التي سبقت المأساة كان الموت الموضوع الذي جرت مناقشته في درس الكتاب الجماعي الذي حضرته العائلة. قال والد كريستوفر: ‹لطالما كان كريستوفر صبيا عميق التفكير. وفي تلك الليلة تحدث بوضوح عن عالم جديد ورجائه للمستقبل. وبعدئذ، اذ استمرت مناقشتنا، قال كريستوفر: «احدى حسنات كوننا من شهود يهوه هي انه رغم كل الاسى الذي يسببه الموت، فنحن نثق بأننا سنرى بعضنا بعضا ثانية على الارض ذات يوم». ولم يدرك ايٌّ منا نحن الموجودين ان هذه الكلمات ستبقى محفورة في ذاكرتنا›.a
٣ سنة ١٩٤٠، واجه شاهد من النمسا اسمه فرانز حكم الاعدام بالمقصلة بسبب رفضه ان ينقض ولاءه ليهوه. كتب فرانز الى امه من سجن برلين: «لو اقسمت اليمين [العسكرية] لارتكبت خطية تستحق الموت ولَكان ذلك بمثابة خيانة. فلا انال قيامة. . . . والآن، يا امي العزيزة ويا جميع اخوتي وأخواتي، أُخبرت اليوم بالحكم عليَّ، فلا ترتاعوا، انه الموت، وسأُعدم غدا صباحا. انني استمد قوّتي من اللّٰه، كما كانت الحال دائما مع كل المسيحيين الحقيقيين في الماضي. . . . اذا بقيتم ثابتين حتى الموت، فسنلتقي ثانية في القيامة. . . . حتى نلتقي ثانية».b
٤ كيف اثّر هذان الاختباران فيكم، وماذا سنناقش في ما يلي؟
٤ عنى رجاء القيامة الكثير لكريستوفر وفرانز لأنه كان حقيقيا بالنسبة اليهما. ولا شك ان هاتَين الروايتَين تمسّان القلب. ولكي نقوّي نحن ايضا رجاءنا بالقيامة ونزيد تقديرنا ليهوه، لنناقش في ما يلي لماذا سيُعاد الاموات الى الحياة وكيف ينبغي ان تؤثر هذه المعلومات فينا شخصيا.
رؤيا عن القيامة الارضية
٥، ٦ ماذا تكشف الرؤيا التي سجّلها الرسول يوحنا في الرؤيا ٢٠:١٢، ١٣؟
٥ في رؤيا عن الحوادث التي ستحصل خلال حكم المسيح يسوع الالفي، شاهد الرسول يوحنا القيامة الارضية. وقد قال: «رأيت الاموات، الكبار والصغار . . . وسلَّم البحر الاموات الذين فيه، وسلَّم الموت وهادس الاموات الذين فيهما». (رؤيا ٢٠:١٢، ١٣) فسيتحرّر كل اسرى هادس (شيول)، المدفن العام للجنس البشري، سواء كانوا ‹كبارا› او ‹صغارا› من حيث المركز. كما ان الذين غرقوا في البحر سيُعادون ايضا الى الحياة. فهذا الحدث الرائع هو جزء من قصد يهوه.
٦ وعندما يبتدئ المسيح حكمه الذي يدوم الف سنة، سيقيِّد الشيطان ويطرحه في المهواة. فخلال هذا الحكم سيكون الشيطان في حالة خمول ولن يضلّ ايًّا من المقامين او الناجين من الضيق العظيم. (رؤيا ٢٠:١-٣) صحيح ان الالف سنة قد تبدو لك طويلة جدا، ولكنها في نظر يهوه «كيوم واحد». — ٢ بطرس ٣:٨.
٧ ما هو اساس الدينونة خلال حكم المسيح الالفي؟
٧ بحسب هذه الرؤيا، سيكون حكم المسيح الالفي وقتا للدينونة. كتب الرسول يوحنا: «رأيت الاموات، الكبار والصغار، واقفين امام العرش، وفُتحت ادراج. وفُتح درج آخر، هو درج الحياة. ودين الاموات مما هو مكتوب في الادراج بحسب اعمالهم. . . . ودينوا كل واحد بحسب اعماله». (رؤيا ٢٠:١٢، ١٣) لاحِظ ان اساس هذه الدينونة ليس ما فعله او لم يفعله الشخص قبل موته. (روما ٦:٧) فستُجرى الدينونة بحسب «الادراج» التي ستُفتح. فالاعمال التي يقوم بها الشخص بعد ان يتعلّم ما في الادراج هي الاساس الذي يحدِّد هل اسمه مكتوب في «درج الحياة» ام لا.
«قيامة للحياة» و «قيامة للدينونة»
٨ ايّ مصيرَين ينتظران الذين سيُقامون؟
٨ في بداية رؤيا يوحنا، يوصف يسوع انه يحمل «مفاتيح الموت وهادس». (رؤيا ١:١٨) فهو «الوكيل الرئيسي للحياة» الذي عيَّنه يهوه وفوّض اليه ان يدين «الاحياء والاموات». (اعمال ٣:١٥؛ ٢ تيموثاوس ٤:١) وكيف سيفعل ذلك؟ بإعادة الراقدين رقادَ الموت الى الحياة. قال يسوع للجموع الذين كان يكرز لهم: «لا تتعجبوا من هذا، لأنها تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوته فيخرجون». ثم اضاف: «الذين فعلوا الصالحات الى قيامة للحياة، والذين مارسوا الرذائل الى قيامة للدينونة». (يوحنا ٥:٢٨-٣٠) فأيّ مستقبل هو بانتظار رجال ونساء الايمان الذين عاشوا في الماضي؟
٩ (أ) اية امور سيفرح بمعرفتها كثيرون من المقامين؟ (ب) ايّ عمل تعليمي واسع النطاق سيجري القيام به؟
٩ عندما يعود هؤلاء الامناء في القيامة، سرعان ما يكتشفون ان الوعود التي آمنوا بها قد تحققت. وكم سيسرّهم ان يعرفوا مَن هو نسل امرأة اللّٰه الذي تحدثت عنه اول نبوة في الكتاب المقدس في التكوين ٣:١٥! وكم سيفرحون حين يعرفون ان المسيَّا الموعود به، يسوع، بقي امينا حتى الموت وبذل نفسه ذبيحة فدائية! (متى ٢٠:٢٨) كما ان الذين سيرحّبون بهؤلاء المقامين سيسرّهم ان يساعدوهم لكي يدركوا ان تدبير الفدية هذا هو تعبير عن رحمة يهوه ونعمته. ولا شك ان المقامين سيفيضون بتعابير التسبيح ليهوه عندما يلاحظون ما ينجزه ملكوته ليتمِّم قصده للارض. وستُتاح لهم الفرصة ليبرهنوا محبتهم لأبيهم السماوي المحب ولابنه. وسيفرح جميع الاحياء آنذاك بامتياز المشاركة في العمل التعليمي الواسع النطاق لتعليم بلايين المقامين من الاموات، الذين يجب ان يمارسوا الايمان بتدبير الفدية الذي هيّأه اللّٰه.
١٠، ١١ (أ) اية فرص سيتيحها الحكم الالفي لكل الاحياء على الارض؟ (ب) كيف ينبغي ان يؤثر ذلك فينا؟
١٠ فكِّر ايضا كم سيتعزى ابراهيم المُقام حين يتحقق رجاؤه بالعيش في ظل حكم «المدينة» التي كان يصبو اليها! (عبرانيين ١١:١٠) وكم سيبتهج ايوب الامين عندما يعلم ان مسلك حياته قوّى غيره من خدام يهوه الذين واجهوا ظروفا تمتحن استقامتهم! وكم سيتشوّق دانيال الى معرفة كيفية إتمام النبوات التي أُوحي اليه ان يكتبها!
١١ حقا، ان كل الذين سينالون الحياة في العالم الجديد البارّ، سواء عن طريق القيامة او النجاة من الضيق العظيم، سيكون امامهم الكثير ليتعلّموه عن قصد يهوه للارض وسكّانها. ولا شك ان رجاء العيش الى الابد وتسبيح يهوه طوال الابدية سيجعل البرنامج التعليمي خلال الالف سنة امرا ممتعا جدا. لكنَّ الامر الاهم سيكون ما نفعله افراديا فيما نتعلم محتويات الادراج. فهل نطبِّق آنذاك ما نتعلّمه؟ وهل نتأمل ونطبِّق في ذلك الحين المعلومات الحيوية التي تقوّينا وتمكّننا من إحباط محاولة الشيطان الاخيرة لإبعادنا عن الحق؟
١٢ ماذا سيساعد كلًّا منا على الاشتراك كاملا في العمل التعليمي وتحويل الارض الى فردوس؟
١٢ لا ننسَ ايضا البركات الرائعة الناجمة عن تطبيق فوائد ذبيحة المسيح الفدائية. فلن يُصاب المُقامون بالعجز او الضعفات الجسدية التي كانت لديهم قبل موتهم. (اشعيا ٣٣:٢٤) والجسم السليم والصحة الجيدة سيتيحان لكل سكان العالم الجديد ان يشتركوا كاملا في العمل التعليمي الذي يشمل بلايين المقامين الذين يمكن ان ينالوا في النهاية الحياة الابدية. كما انهما سيتيحان لهم الاشتراك في اضخم مهمة جرى القيام بها على الاطلاق: تحويل الارض بأسرها الى فردوس يمجد يهوه.
١٣، ١٤ ماذا سيكون هدف الشيطان في الامتحان الاخير، وماذا ستكون النتيجة؟
١٣ عندما يُحَلّ الشيطان من المهواة، سيحاول ان يضلّ البشر مرة اخرى في الامتحان الاخير. وتقول الرؤيا ٢٠:٧-٩ ان كل «الامم»، اي الاشخاص الذين ضلّوا ووقعوا تحت تأثير الشيطان الشرير، سيُحكَم عليهم بالهلاك. ‹فستنزل نار من السماء وتلتهمهم›. وبين هؤلاء سيكون هنالك اشخاص أُقيموا خلال الحكم الالفي. وهلاكهم هذا سيُظهِر ان قيامتهم كانت «قيامة للدينونة». أما المُقامون الذين حافظوا على استقامتهم فسينالون هبة الحياة الابدية. وهكذا تكون قيامتهم «قيامة للحياة». — يوحنا ٥:٢٩.
١٤ ولكن كيف يعزينا رجاء القيامة الآن؟ وماذا ينبغي ان نفعل لنضمن اننا سنستفيد من هذا الوعد في المستقبل؟
ماذا نتعلم نحن اليوم؟
١٥ كيف يساعد الايمان بالقيامة الشخص الآن؟
١٥ لربما خطف الموت مؤخرا احد احبائك، وأنت تحاول الآن ان تتأقلم مع الظروف المتغيّرة الناجمة عن هذه الخسارة الفادحة. ان رجاء القيامة يمنحك سلاما داخليا وقوة لا يمكن ان يشعر بهما الذين لا يعرفون الحق. عزّى بولس اهل تسالونيكي قائلا: «لا نريد . . . ان تجهلوا ما يختص بالراقدين، لئلا يصيبكم الاسى كما يصيب الباقين ايضا الذين لا رجاء لهم». (١ تسالونيكي ٤:١٣) فهل تتخيّل نفسك تشهد عجيبة القيامة في العالم الجديد؟ لا شك انك ستتعزى عندما تتأمل في هذا الرجاء الرائع: ان تلتقي احباءك من جديد.
١٦ كيف قد يشعر الشخص عندما تحدث القيامة؟
١٦ او لربما انت تحصد الآن عواقب تمرد آدم، اذ تعاني من مرض مميت. فلا تدع الاسى ينسيك رجاء القيامة المبهج والتمتع بحياة ملؤها الصحة والنشاط في العالم الجديد. فعندما تفتح عينَيك سترى الوجوه المشعّة فرحا التي تنتظر بفارغ الصبر مشاركتك فرحة القيامة من الاموات. عندئذ، لا شك انك ستطفح بالشكر للّٰه على لطفه الحبي الذي اظهره نحوك.
١٧، ١٨ ايّ درسَين مهمّين ينبغي ألّا يغيبا عن بالنا؟
١٧ حتى يحين ذلك الوقت، هنالك درسان ينبغي ألّا يغيبا عن بالنا. فما هما؟ الدرس الاول هو اهمية خدمة يهوه الآن من كل النفس. فعندما نعيش حياة التضحية بالذات اقتداء بسيّدنا المسيح يسوع، نبرهن على محبتنا ليهوه وقريبنا الانسان. فإذا سلبتنا المقاومة او الاضطهاد لقمة عيشنا او حريتنا، فنحن مصمِّمون على البقاء راسخين في الايمان مهما واجهنا من محن. وإذا هدَّدَنا المقاومون بالموت، فرجاء القيامة يعزّينا ويقوّينا على البقاء اولياء ليهوه وملكوته. نعم، ان غيرتنا في الكرازة بالملكوت وعمل التلمذة تتيح لنا ان نرجو نيل البركات الابدية التي اعدّها يهوه للابرار.
١٨ والدرس الثاني هو كيف نواجه اغراءات جسدنا الناقص. ان معرفتنا رجاء القيامة وتقديرنا للنعمة التي اظهرها يهوه لنا يوطّدان عزمنا على البقاء راسخين في الايمان. حذّر الرسول يوحنا: «لا تحبوا العالم ولا ما في العالم. إنْ احب احد العالم، فليست فيه محبة الآب، لأن كل ما في العالم — شهوة الجسد وشهوة العيون والتباهي بالمعيشة — ليس من الآب، بل من العالم. والعالم يزول وكذلك شهوته، وأما الذي يصنع مشيئة اللّٰه فيبقى الى الابد». (١ يوحنا ٢:١٥-١٧) فالاغراءات المادية في هذا العالم لن تجذبنا اذا قارنّاها ‹بالحياة الحقيقية›. (١ تيموثاوس ٦:١٧-١٩) وإذا أُغرينا بارتكاب الفساد الادبي، فسوف نقاوم بصلابة وعزم. فنحن ندرك اننا اذا اتّبعنا مسلكا لا يرضي يهوه ومتنا قبل هرمجدون، فسنكون في عِداد الذين لا امل لهم بالقيامة.
١٩ ايّ شرف رفيع لا ينبغي ان ننساه؟
١٩ والاهم هو انه لا ينبغي ان ننسى الشرف الرفيع الذي نحظى به: تفريح قلب يهوه الآن وإلى الابد. (امثال ٢٧:١١) فأمانتنا حتى الموت او محافظتنا على الاستقامة حتى نهاية هذا النظام الشرير تُظهِران ليهوه الى جانب مَن نقف في قضية السلطان الكوني. وما اعظم الفرح الذي سيغمرنا حين نُقام او حين ننجو من الضيق العظيم لنعيش على ارض فردوسية!
إشباع رغباتنا
٢٠، ٢١ ماذا يساعدنا على البقاء امناء حتى لو لم نجد اجوبة للاسئلة التي تخطر ببالنا عن القيامة؟
٢٠ لا تزال هنالك اسئلة لم نُجِب عنها في مناقشتنا عن القيامة. فأيّ ترتيب سيعدّه يهوه للذين كانوا متزوجين حين ماتوا؟ (لوقا ٢٠:٣٤، ٣٥) هل سيقوم الشخص حيث مات؟ وهل سيُقام الاموات في المكان الذي تعيش فيه عائلاتهم؟ ان هذه الاسئلة وأسئلة كثيرة اخرى عن ترتيبات القيامة تبقى دون جواب. ولكن يجب ان نبقي في بالنا كلمات ارميا: «صالح هو يهوه لمَن يرجوه، للنفس التي تداوم على طلبه. جيد ان ينتظر المرء بسكوت خلاص يهوه». (المراثي ٣:٢٥، ٢٦) ففي وقت يهوه المعيّن، سيُجاب عن كل اسئلتنا بحيث نشعر بالاكتفاء التام. ولماذا يمكننا التيقن من ذلك؟
٢١ لنتأمل في كلمات صاحب المزمور الموحى بها حين رنّم ليهوه: «تفتح يدك فتشبع رغبة كل حي». (مزمور ١٤٥:١٦) فيما نكبر، تتغير رغباتنا. فما كنا نتوق اليه في صغرنا لم نعد نرغب فيه الآن. ونظرتنا الى الحياة تصوغها الاختبارات التي نمرّ بها والطموحات التي نتطلع اليها. ولكن يمكننا التيقن انه في العالم الجديد سيُشبِع يهوه رغباتنا اللائقة، مهما كانت.
٢٢ لماذا لدينا سبب وجيه لتسبيح يهوه؟
٢٢ ان الامر المهم لكلٍّ منا هو البقاء امينا. يقول الكتاب المقدس: «المطلوب في الوكلاء هو ان يوجد المرء امينا». (١ كورنثوس ٤:٢) فنحن وكلاء بشارة ملكوت اللّٰه المجيدة. واجتهادنا في إعلان هذه البشارة لجميع الذين نلتقيهم يساعدنا على البقاء سائرين في الطريق الذي يؤدي الى نيل الحياة الابدية. فلنتذكر دائما ان «الوقت والحوادث غير المتوقَّعة» تصيبنا جميعا. (جامعة ٩:١١) ولكي نتجنب القلق غير الضروري إزاء تقلّبات الحياة، لنتمسك برجاء القيامة المجيد. ولنكن واثقين انه اذا بدا اننا سنموت قبل بداية حكم المسيح الالفي، يمكننا ان نتعزى بواقع ان الراحة ستأتي لا محالة. ففي وقت يهوه المعيّن سنتمكن من ترديد كلمات ايوب التي وجّهها الى الخالق: «تدعو فأنا اجيبك». فلنسبّح يهوه الذي يشتاق ان يعيد الى الحياة كل الذين في ذاكرته. — ايوب ١٤:١٥.
[الحاشيتان]
a انظر استيقظ!، عدد ٨ شباط (فبراير) ١٩٨٩، الصفحة ١٠، إصدار شهود يهوه.
b شهود يهوه — منادون بملكوت اللّٰه، الصفحة ٦٦٢، إصدار شهود يهوه.
-