-
الى ايّ حدّ قوي هو ايمانكم بالقيامة؟برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ تموز (يوليو)
-
-
الى ايّ حدّ قوي هو ايمانكم بالقيامة؟
«انا هو القيامة والحياة. مَن آمن بي ولو مات فسيحيا». — يوحنا ١١:٢٥.
١، ٢ لماذا يلزم ان يثق عابد يهوه برجاء القيامة؟
الى ايّ حدّ قوي هو رجاؤكم بالقيامة؟ هل يقويكم لتتغلبوا على الخوف من الموت ويعزيكم عندما تفقدون شخصا تحبونه؟ (متى ١٠:٢٨؛ ١ تسالونيكي ٤:١٣) هل يقويكم الايمان بالقيامة كما قوى كثيرين من خدام اللّٰه القدماء الذين احتملوا الجَلد والاستهزاء والتعذيب وقيود الحبس؟ — عبرانيين ١١:٣٥-٣٨.
٢ نعم، لا ينبغي ابدا ان تساور عابد يهوه المخلص اية شكوك بشأن القيامة، وثقته ينبغي ان تؤثر في مسلك حياته. فمن الرائع ان نتأمل في واقع انه في وقت اللّٰه المعيَّن، سيسلِّم البحر والموت والهاوية الاموات الذين فيها، وهؤلاء المقامون سيحظون بأمل العيش الى الابد على ارض فردوسية. — رؤيا ٢٠:١٣؛ ٢١:٤، ٥.
الشكوك بشأن حياة مقبلة
٣، ٤ بماذا لا يزال كثيرون يؤمنون بشأن الحياة بعد الموت؟
٣ لطالما علَّم العالم المسيحي ان هنالك حياة بعد الموت. قالت مقالة في مجلة كاثوليكي الولايات المتحدة (بالانكليزية): «عبر العصور، حاول المسيحيون ان يتقبلوا خيبات الامل والمعاناة في هذه الحياة بأن يرجوا حياة اخرى، حياة سلام وطمأنينة، حياة اكتفاء وسعادة». ورغم انه في عدد من بلدان العالم المسيحي، يهتم الناس بالعلمنة ويشكّون نوعا ما في الدين، إلا ان كثيرين لا يزالون يشعرون بأنه لا بدّ ان يكون هنالك شيء ما بعد الموت. ولكنهم ليسوا متأكدين من امور كثيرة.
٤ قالت مقالة في مجلة تايم (بالانكليزية): «لا يزال الناس يؤمنون بـ [حياة بعد الموت]؛ ولكنَّ مفهومهم لما تعنيه بالضبط صار اكثر غموضا، ولم يعد قسوسهم يكلمونهم عنها كما من قبل». فلماذا لم يعد الخدام الدينيون يتكلمون عن الحياة بعد الموت كالسابق؟ يقول العالم الديني جيفري بورتون رصل: «اعتقد ان [رجال الدين] يريدون تجنب الموضوع لأنهم يشعرون بأن عليهم تخطي عائق الشكوك عند العامة».
٥ كيف هي نظرة كثيرين اليوم الى عقيدة نار الهاوية؟
٥ في معظم الكنائس، يشمل مفهوم الحياة بعد الموت سماء وهاوية نارية. وإذا كان رجال الدين يمتعضون من التكلم عن السماء، فهم يمتعضون اكثر من التكلم عن الهاوية. قالت مقالة في احدى الصحف: «في هذه الايام، حتى الكنائس التي تؤمن بالعقاب الابدي في هاوية نارية حرفية . . . لم تعد تشدِّد كثيرا على هذا المفهوم». بالفعل، لم يعد معظم اللاهوتيين العصريين يؤمنون بأن الهاوية هي مكان حرفي للعذاب، كما كان يُعلَّم في القرون الوسطى. ولكنهم يؤثِرون مفهوما اكثر «انسانية» للهاوية. ويقول كثيرون من اصحاب مذهب العصرية ان الخطاة في الهاوية لا يُعذَّبون حرفيا، ولكنهم يتألمون من جراء «الانفصال الروحي عن اللّٰه».
٦ كيف يجد البعض ان ايمانهم غير نافع عندما تحلّ بهم المأساة؟
٦ ان تلطيف عقيدة الكنيسة لئلا تُجرح مشاعر الناس اليوم قد يساعد البعض على تجنب عدم الشعبية، ولكنه يترك ملايين من مرتادي الكنائس المخلصين محتارين بماذا يؤمنون. لذلك عندما يتواجهون مع الموت، غالبا ما يكتشفون ثغرة في ايمانهم. وهم كالمرأة التي خسرت عدة اعضاء من عائلتها في حادث مأساوي. فعندما سُئلت هل عزّاها ايمانها، اجابت بتردد: «اظن ذلك». ولكن حتى لو اجابت بثقة ان ايمانها ساعدها، فما المنفعة على المدى الطويل اذا لم تكن معتقداتها راسخة؟ وهذا الامر جدير بالتفكير لأن ما تعلِّمه معظم الكنائس عن حياة مقبلة مختلف كثيرا عما يعلِّمه الكتاب المقدس.
نظرة العالم المسيحي الى الحياة بعد الموت
٧ (أ) ايّ معتقد مشترَك هنالك بين معظم الكنائس؟ (ب) كيف وصف احد اللاهوتيين عقيدة خلود النفس؟
٧ توافق معظم طوائف العالم المسيحي، على الرغم من اختلافاتها، ان للبشر نفسا خالدة تبقى حية بعد موت الجسد. وتؤمن الاغلبية انه عندما يموت الشخص، يمكن ان تذهب نفسه الى السماء. ويخشى البعض ان تذهب نفسهم الى هاوية نارية او الى المطهر. ولكنَّ مفهومهم للحياة المقبلة يرتكز على الفكرة ان هنالك نفسا خالدة. هذا ما علَّق عليه اللاهوتي اوسكار كُلْمان في مقالة نُشرت في كتاب خلود النفس والقيامة (بالانكليزية). كتب: «لو سألنا مسيحيا عاديا اليوم . . . عمّا يتصور انه تعليم العهد الجديد في ما يتعلق بمصير الانسان بعد الموت، لحصلنا باستثناءات قليلة على الجواب: ‹خلود النفس›». ولكنَّ كُلْمان اضاف: «ان الفكرة السائدة هي احدى اكثر الافكار التي تسبِّب اللغط في المسيحية». وذكر كُلْمان انه عندما قال ذلك، احدث ضجة في الاوساط العامة. ولكنه كان محقًّا.
٨ ايّ رجاء وضعه يهوه امام الرجل والمرأة الاولَين؟
٨ لم يخلق يهوه اللّٰه البشر ليذهبوا الى السماء بعد موتهم. ولم يكن يقصد البتة في الاصل ان يموتوا. فقد خُلق آدم وحواء كاملَين ومُنحا فرصة ملء الارض من ذرية بارة. (تكوين ١:٢٨؛ تثنية ٣٢:٤) وقيل لأبوينا الاولين انهما سيموتان فقط في حال العصيان على اللّٰه. (تكوين ٢:١٧) فلو بقيا طائعَين لأبيهما السماوي لاستمرَّا في العيش على الارض الى الابد.
٩ (أ) ما هي حقيقة النفس البشرية؟ (ب) ماذا يحدث للنفس عندما تموت؟
٩ ولكن من المؤسف ان آدم وحواء لم يطيعا اللّٰه. (تكوين ٣:٦، ٧) يصف الرسول بولس العواقب الوخيمة: «بإنسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطأ الجميع». (رومية ٥:١٢) فلم يعش آدم وحواء الى الابد على الارض بل ماتا. وماذا حدث بعدئذ؟ هل كانت لهما نفس خالدة ستذهب الى هاوية نارية بسبب خطيتهما؟ على العكس، يقول الكتاب المقدس انه عندما خُلق آدم، «صار . . . نفسا حية». (تكوين ٢:٧) فالانسان لم يُمنح نفسا، بل صار هو نفسا، انسانا حيًّا. (١ كورنثوس ١٥:٤٥) ولم يكن آدم وحده «نفسا حية»، ولكن كما يظهر في اللغة العبرانية التي كُتب بها التكوين، كانت الحيوانات الدنيا ايضا ‹انفسا حية›. (تكوين ١:٢٤) وعندما مات آدم وحواء، صارا نفسا ميتة. وفي النهاية، حدث لهما تماما ما قاله يهوه لآدم: «بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود الى الارض التي أُخذتَ منها. لأنك تراب وإلى تراب تعود». — تكوين ٣:١٩.
١٠، ١١ بماذا تعترف دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة بشأن تعليم الكتاب المقدس عن النفس، وكيف يشابه ذلك ما يقوله الكتاب المقدس؟
١٠ وهذا ما توافق عليه من حيث الاساس دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة (بالانكليزية). تقول في مقالتها «النفس (في الكتاب المقدس)»: «ليس هنالك تقسيم الى جسد ونفس في العهد القديم [او الاسفار العبرانية]». وتضيف ان الكلمة «نفس» في الكتاب المقدس «لا تعني ابدا نفسا كشيء متميز عن الجسد او الشخص الفرد». فغالبا ما «تعني [النفس] الكائن نفسه سواء كان حيوانا او انسانا». صحيح اننا نقدِّر هذه الصراحة، ولكن لا يسعنا إلا ان نتساءل لماذا لم يُخبَر مرتادو الكنائس بهذه الحقائق.
١١ فكم من القلق والخوف كان مرتادو الكنائس سيتجنبونهما لو عرفوا الحقيقة البسيطة من الكتاب المقدس: «النفس التي تخطئ هي تموت»، ولا تتعذب في نار الهاوية! (حزقيال ١٨:٤) وفي حين ان هذا مختلف تماما عما يعلِّمه العالم المسيحي، فهو منسجم جدا مع ما قاله بالوحي سليمان الحكيم: «الاحياء يعلمون انهم سيموتون. اما الموتى فلا يعلمون شيئا وليس لهم اجر بعد [في هذه الحياة] لأن ذكرهم نُسي. كل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك لأنه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في الهاوية [المدفن العام للجنس البشري] التي انت ذاهب اليها». — جامعة ٩:٥، ١٠.
١٢ من اين جلب العالم المسيحي تعليمه عن النفس الخالدة؟
١٢ ولماذا يعلِّم العالم المسيحي شيئا مختلفا جدا عما يقوله الكتاب المقدس؟ تقول دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة، في مقالتها «النفس البشرية، خلودها»، ان آباء الكنيسة الاولين وجدوا دعما لإيمانهم بالنفس الخالدة، لا في الكتاب المقدس، بل عند «الشعراء والفلاسفة والتقليد في الفكر اليوناني . . . ولاحقا، فضَّل أتباع المذهب السكولاستي ان يستعملوا افكار أفلاطون او مبادئ أرسطو». وتذكر ان «تأثير الفكر الافلاطوني والافلاطوني المُحدَث» — بما فيه الايمان بخلود النفس — أُقحم اخيرا «في صميم اللاهوت المسيحي».
١٣، ١٤ لماذا من غير المنطقي الالتفات الى الفلاسفة اليونانيين الوثنيين طلبا للتنوير؟
١٣ فهل من المنطقي ان يلتفت المدَّعون المسيحية الى الفلاسفة اليونانيين الوثنيين ليتعلموا عن شيء اساسي: رجاء الحياة بعد الموت؟ قطعا لا. عندما كتب بولس الى المسيحيين في كورنثوس، اليونان، قال: «حكمة هذا العالم هي جهالة عند اللّٰه لأنه مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم. وأيضا الرب يعلم افكار الحكماء انها باطلة». (١ كورنثوس ٣:١٩، ٢٠) كان اليونانيون القدماء عبدة اصنام. فكيف يمكن ان يكونوا مصدرا للحق؟ سأل بولس الكورنثيين: «اية موافقة لهيكل اللّٰه مع الاوثان. فإنكم انتم هيكل اللّٰه الحي كما قال اللّٰه اني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم الها وهم يكونون لي شعبا». — ٢ كورنثوس ٦:١٦.
١٤ أُعلنت الحقائق المقدسة في الاصل بواسطة امة اسرائيل. (رومية ٣:١، ٢) وبعد سنة ٣٣ بم، أُعلنت بواسطة الجماعة المسيحية الممسوحة في القرن الاول. قال بولس عن المسيحيين في القرن الاول: ‹اعلن اللّٰه لنا نحن [ما اعده للذين يحبونه] بروحه›. (١ كورنثوس ٢:١٠؛ انظروا ايضا رؤيا ١:١، ٢.) لقد استمدَّ العالم المسيحي عقيدة خلود النفس من الفلسفة اليونانية. فلم تُعلَن عن طريق اعلانات اللّٰه لإسرائيل ولا بواسطة جماعة المسيحيين الممسوحين في القرن الاول.
الرجاء الحقيقي للاموات
١٥ ما هو الرجاء الحقيقي للاموات وفقا لما قاله يسوع؟
١٥ فما هو الرجاء الحقيقي للاموات اذا لم تكن هنالك نفس خالدة؟ انه القيامة طبعا، وهذه هي عقيدة مركزية في الكتاب المقدس ووعد رائع جدا من اللّٰه. لقد قدَّم يسوع رجاء القيامة عندما قال لمرثا: «انا هو القيامة والحياة. مَن آمن بي ولو مات فسيحيا». (يوحنا ١١:٢٥) فالايمان بيسوع مرادف للايمان بالقيامة، وليس بخلود النفس.
١٦ لماذا الايمان بالقيامة منطقي؟
١٦ سبق ان تكلم يسوع عن القيامة عندما قال لبعض اليهود: ‹لا تتعجبوا من هذا. فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرجون›. (يوحنا ٥:٢٨، ٢٩) ان ما يصفه يسوع هنا بعيد كل البعد عن النفس الخالدة التي تبقى حية بعد موت الجسد وتذهب فورا الى السماء. انه حدث مستقبلي حين «يخرج» اشخاص كانوا في القبر، وكثيرون منهم بقوا هناك قرونا او حتى آلاف السنوات. انه إعادة الانفس الميتة الى الحياة. فهل هذا مستحيل؟ ليس عند اللّٰه «الذي يحيي الموتى ويدعو الاشياء غير الموجودة كأنها موجودة». (رومية ٤:١٧) قد يسخر المتشككون من فكرة عودة الناس من الموت، ولكنها تنسجم تماما مع واقع ان «اللّٰه محبة» وأنه «يجازي الذين يطلبونه». — ١ يوحنا ٤:١٦؛ عبرانيين ١١:٦.
١٧ ماذا سينجز اللّٰه بواسطة القيامة؟
١٧ كيف يمكن ان يجازي اللّٰه الذين برهنوا انهم ‹امناء الى الموت› اذا لم يُعدْهم الى الحياة؟ (رؤيا ٢:١٠) والقيامة تتيح ايضا ليهوه انجاز ما كتب عنه الرسول يوحنا: «لأجل هذا أُظهر ابن اللّٰه لكي ينقض اعمال ابليس». (١ يوحنا ٣:٨) فقديما في جنة عدن، صار الشيطان قاتل العرق البشري بأجمعه عندما أوقع ابوينا الاولين في الخطية والموت. (تكوين ٣:١-٦؛ يوحنا ٨:٤٤) وقد ابتدأ يسوع ينقض اعمال الشيطان عندما بذل حياته الكاملة فدية معادلة فاتحا الطريق لإعتاق الجنس البشري من عبودية الخطية الموروثة الناتجة عن عصيان آدم العمدي. (رومية ٥:١٨) وإقامة الذين يموتون بسبب الخطية الآدمية هذه ستكون عملا آخر ينقض به اعمال ابليس.
الجسد والنفس
١٨ ماذا كان ردّ فعل بعض الفلاسفة اليونانيين لعبارة بولس القائلة ان يسوع قد أُقيم، ولماذا؟
١٨ عندما كان الرسول بولس في اثينا، كرز بالبشارة لجمع كان يضمّ بعض الفلاسفة اليونانيين. وكانوا يصغون الى مناقشته عن الاله الحقيقي الوحيد ودعوته الى التوبة. ولكن ماذا حدث بعدئذ؟ اختتم بولس حديثه، قائلا: «اقام [اللّٰه] يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة بالعدل برجل قد عيَّنه مقدِّما للجميع ايمانا اذ اقامه من الاموات». وقد احدثت هذه الكلمات اضطرابا. «لما سمعوا بالقيامة من الاموات كان البعض يستهزئون». (اعمال ١٧:٢٢-٣٢) ابدى اللاهوتي اوسكار كُلْمان هذه الملاحظة: «ربما كان اليونانيون الذين آمنوا بخلود النفس يلقون اكثر من غيرهم صعوبة في قبول الكرازة المسيحية بالقيامة. . . . فلا يمكن البتة التوفيق بين تعليم الفيلسوفين العظيمين سقراط وأفلاطون وتعليم العهد الجديد».
١٩ كيف حاول لاهوتيو العالم المسيحي ان يوفِّقوا بين تعليم القيامة وعقيدة خلود النفس؟
١٩ ورغم ذلك، عقب الارتداد العظيم بعد موت الرسل، حاول اللاهوتيون جاهدين إدماج التعليم المسيحي عن القيامة في معتقد أفلاطون بخلود النفس. وبمرور الوقت، اتَّفق البعض على حلّ مُستحدَث: عند الموت، تنفصل النفس («تتحرر»، كما يعبِّر البعض عن ذلك) عن الجسد. ثم، وفقا لما ورد في كتاب مجمل عقيدة القيامة (بالانكليزية)، بقلم ر. ج. كوك، في يوم الدينونة «كل جسد سيتَّحد ثانية بالنفس التي كانت له، وكل نفس بالجسد الذي كان لها». ويُزعم ان هذا الاتحاد المقبل للجسد بالنفس الخالدة التي له هو القيامة.
٢٠، ٢١ من هم الذين يعلِّمون باستمرار الحق عن القيامة، وكيف أفادهم ذلك؟
٢٠ لا تزال هذه النظرية العقيدة الرسمية في الكنائس الرئيسية. وفي حين ان هذا المفهوم قد يبدو منطقيا في نظر اللاهوتي، فإن معظم مرتادي الكنائس لا يعرفونه. فهم بكل بساطة يؤمنون انهم سيذهبون فورا الى السماء عندما يموتون. لذلك وجَّه الكاتب جون ڠارڤي في مجلة كومونْوِيل (بالانكليزية)، عدد ٥ ايار ١٩٩٥، هذه التهمة: «يبدو ان ايمان معظم المسيحيين [بشأن الحياة بعد الموت] اقرب كثيرا الى الافلاطونية المُحدَثة منه الى ايّ شيء مسيحي حقا، وهو ليس مؤسسا على الكتاب المقدس». لقد قضى رجال دين العالم المسيحي على رجاء القيامة المؤسس على الكتاب المقدس لدى رعيتهم باستبدال الكتاب المقدس بأفكار أفلاطون.
٢١ أما شهود يهوه فيرفضون الفلسفة الوثنية ويلتصقون بتعليم الكتاب المقدس عن القيامة. ويجدون ان هذا التعليم بنّاء ومعزٍّ ويجلب الاكتفاء. وفي المقالتين التاليتين، سنرى الى ايّ حدّ يكون تعليم الكتاب المقدس عن القيامة راسخا ومنطقيا، سواء كان ذلك لذوي الرجاء الارضي او لذوي الرجاء بالقيامة الى حياة سماوية. وتمهيدا لدرس هاتين المقالتين، يحسن بكم ان تقرأوا باعتناء الاصحاح ١٥ من الرسالة الاولى الى اهل كورنثوس.
-
-
‹سيُقام الاموات›برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ تموز (يوليو)
-
-
‹سيُقام الاموات›
«فإنه سيبوَّق فيُقام الاموات عديمي فساد ونحن نتغير». — ١ كورنثوس ١٥:٥٢.
١، ٢ (أ) ايّ وعد معزٍّ أُعطي بواسطة النبي هوشع؟ (ب) كيف نعرف ان اللّٰه يرغب في إعادة الاموات الى الحياة؟
هل غيَّب الموت شخصا عزيزا على قلبكم؟ اذًا، فأنتم تدركون مدى الاسى الذي يجرّه الموت. ولكنَّ عزاء المسيحيين هو في الوعد الذي اعطاه اللّٰه بواسطة النبي هوشع: «من يد الهاوية افديهم من الموت اخلصهم. اين اوباؤك يا موت اين شوكتك يا هاوية». — هوشع ١٣:١٤.
٢ تبدو فكرة عودة الاموات الى الحياة سخيفة في نظر المتشكِّكين. ولكنَّ اللّٰه القادر على كل شيء في مقدوره ان يصنع هذه العجيبة! ولذلك فالمسألة في الحقيقة هي هل يهوه يرغب في إعادة الاموات الى الحياة. سأل الرجل البار ايوب: «إن مات رجل أفيحيا». ثم أعطى هذا الجواب المطمئن: «تدعو فأنا اجيبك. تشتاق الى عمل يدك». (ايوب ١٤:١٤، ١٥) تشير كلمة «تشتاق» الى توق او رغبة صادقين. (قارنوا مزمور ٨٤:٢.) نعم، يتطلع يهوه بشوق الى القيامة — فهو يتوق ان يرى من جديد الامناء الاموات، الذين هم احياء في ذاكرته. — متى ٢٢:٣١، ٣٢.
يسوع ينير رجاء القيامة
٣، ٤ (أ) كيف انار يسوع رجاء القيامة؟ (ب) لماذا أُقيم يسوع كروح وليس في الجسد؟
٣ لم يكن رجال الايمان القدماء امثال ايوب يفهمون القيامة إلا جزئيا. ثم اتى يسوع المسيح وأنار هذا الرجاء الرائع. فقد اظهر الدور الرئيسي الذي يلعبه هو عندما قال: «الذي يؤمن بالابن له حياة ابدية». (يوحنا ٣:٣٦) وأين ستكون هذه الحياة؟ ان الاغلبية الساحقة من الذين يمارسون الايمان سيعيشون على الارض. (مزمور ٣٧:١١) لكنَّ يسوع قال لتلاميذه: «لا تخف ايها القطيع الصغير لأن اباكم قد سُرَّ ان يعطيكم الملكوت». (لوقا ١٢:٣٢) ان ملكوت اللّٰه هو سماوي. لذلك يعني هذا الوعد ان ‹قطيعا صغيرا› يجب ان يكونوا مع يسوع في السماء كمخلوقات روحانية. (يوحنا ١٤:٢، ٣؛ ١ بطرس ١:٣، ٤) فما امجد هذا الرجاء! وكشف يسوع ايضا للرسول يوحنا ان عدد هذا «القطيع الصغير» سيكون ٠٠٠,١٤٤ فقط. — رؤيا ١٤:١.
٤ ولكن كيف يدخل الـ ٠٠٠,١٤٤ المجد السماوي؟ لقد «انار يسوع الحياة وعدم الفساد بواسطة البشارة». فبواسطة دمه، كرَّس ‹طريقا حيًّا حديثا› الى السماء. (٢ تيموثاوس ١:١٠، عج؛ عبرانيين ١٠:١٩، ٢٠) فقد مات كما انبأ الكتاب المقدس. (اشعياء ٥٣:١٢) ثم كما اعلن الرسول بطرس لاحقا، «يسوع هذا اقامه اللّٰه». (اعمال ٢:٣٢) ولكنَّ يسوع لم يُقم شخصا بشريا. فسبق ان قال: «الخبز الذي انا اعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم». (يوحنا ٦:٥١) واستعادة جسده ستكون بمثابة إلغاء للذبيحة. لذلك ‹مات يسوع في الجسد ولكن أُحيي في الروح›. (١ بطرس ٣:١٨) وبذلك ‹كسب يسوع الخلاص الابدي لنا›، اي ‹للقطيع الصغير›. (عبرانيين ٩:١٢، الترجمة العربية الجديدة) وقدَّم للّٰه قيمة حياته البشرية الكاملة فدية عن الجنس البشري الخاطئ، وكان الـ ٠٠٠,١٤٤ اول المستفيدين.
٥ ايّ رجاء أُعطي لأتباع يسوع في القرن الاول؟
٥ لم يكن يسوع الوحيد الذي كان سيُقام الى الحياة السماوية. فقد قال بولس للرفقاء المسيحيين في رومية انهم مُسحوا بالروح القدس ليكونوا ابناء اللّٰه وورثة معاونين مع المسيح اذا ثبَّتوا مسحهم بالاحتمال حتى المنتهى. (رومية ٨:١٦، ١٧، عج) وأوضح بولس ايضا: «إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير ايضا بقيامته». — رومية ٦:٥.
الدفاع عن رجاء القيامة
٦ لماذا هوجم الايمان بالقيامة في كورنثوس، وماذا كان ردّ فعل الرسول بولس؟
٦ ان القيامة جزء من «العقيدة الابتدائية» للمسيحية. (عبرانيين ٦:١، عج، ٢) ومع ذلك، هوجمت هذه العقيدة في كورنثوس. فلأن البعض في الجماعة تأثروا كما يبدو بالفلسفة اليونانية، كانوا يقولون: «ليس قيامة اموات». (١ كورنثوس ١٥:١٢) وعندما بلغت هذه التقارير مسامع الرسول بولس، دافع عن رجاء القيامة، وخصوصا رجاء المسيحيين الممسوحين. فلنعالج كلمات بولس المسجلة في ١ كورنثوس الاصحاح ١٥. وسيكون من المساعد لكم ان تقرأوا الاصحاح بكامله، كما اوصت المقالة السابقة.
٧ (أ) اية قضية رئيسية ركَّز عليها بولس؟ (ب) مَن رأوا يسوع المُقام؟
٧ في اول عددين من ١ كورنثوس الاصحاح ١٥، يضع بولس محور مناقشته: «أعرِّفكم ايها الاخوة بالانجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه ايضا تخلُصون . . . إلا اذا كنتم قد آمنتم عبثا». فإذا لم يستطع الكورنثيون الثبات في الانجيل، يكونون قد قبلوا الحق عبثا. تابع بولس: «سلّمت اليكم في الاول ما قبلته انا ايضا ان المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دُفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة اخ اكثرهم باقٍ الى الآن ولكنَّ بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل اجمعين. وآخِر الكل كأنه للسِّقط ظهر لي انا [«ظهر لي انا ايضا كأنه لمولود قبل اوانه»، عج]». — ١ كورنثوس ١٥:٣-٨.
٨، ٩ (أ) الى ايّ حد هو مهم الايمان بالقيامة؟ (ب) في اية مناسبة على الارجح ظهر يسوع «لأكثر من خمسمئة اخ»؟
٨ لم يكن الايمان بالقيامة اختياريا بالنسبة الى الذين قبلوا البشارة. فقد كان هنالك شهود عيان ليؤكدوا ان «المسيح مات من اجل خطايانا» وأنه أُقيم. وأحدهم كان صفا، او بطرس، الاسم الذي كان معروفا به اكثر. فبعد ان انكر بطرس يسوع ليلة خيانته واعتقاله، لا بد ان ظهور يسوع له عزاه كثيرا. وقد زار يسوع المُقام ايضا ‹الاثني عشر›، الرسل ككل، مما ساعدهم دون شك على التغلب على خوفهم وجعلهم شهودا يتصفون بالجرأة لقيامة يسوع. — يوحنا ٢٠:١٩-٢٣؛ اعمال ٢:٣٢.
٩ وظهر يسوع ايضا لفريق اكبر، «لأكثر من خمسمئة اخ». وربما تكون هذه هي المناسبة الموصوفة في متى ٢٨:١٦-٢٠، حين اوصى يسوع بالتلمذة، لأنه لم يكن له أتباع بهذا العدد الكبير إلا في الجليل. فما اعظم الشهادة التي كان بإمكان هؤلاء التلاميذ ان يقدموها! وكان البعض لا يزالون احياء في سنة ٥٥ بم، عندما كتب بولس رسالته الاولى هذه الى اهل كورنثوس. ولكن لاحظوا ان الذين ماتوا يُقال عنهم انهم «رقدوا». فلم يكونوا قد أُقيموا بعد لنيل مكافأتهم السماوية.
١٠ (أ) ايّ اثر كان لاجتماع يسوع الاخير مع تلاميذه؟ (ب) كيف ظهر يسوع لبولس «كأنه لمولود قبل اوانه»؟
١٠ والشاهد البارز الآخر لقيامة يسوع كان يعقوب، ابن يوسف ومريم ام يسوع. وكما يبدو، لم يكن يعقوب مؤمنا قبل القيامة. (يوحنا ٧:٥) ولكن بعد ان ظهر له يسوع، صار مؤمنا وربما لعب دورا في هداية اخوته الآخرين. (اعمال ١:١٣، ١٤) وفي اجتماع يسوع الاخير مع تلاميذه، عندما صعد الى السماء، فوَّض اليهم ان ‹يكونوا شهودا الى اقصى الارض›. (اعمال ١:٦-١١) وظهر لاحقا لشاول الطرسوسي، الذي كان مضطهدا للمسيحيين. (اعمال ٢٢:٦-٨) وقد ظهر يسوع لشاول «كأنه لمولود قبل اوانه». فكان كما لو ان شاول أُقيم الى الحياة الروحانية وكان بإمكانه رؤية الرب الممجَّد قبل قرون من قيامة الممسوحين. وقد اوقف ذلك شاول عن مقاومة الجماعة المسيحية وقتلهم وغيَّر حياته تغييرا جذريا. (اعمال ٩:٣-٩، ١٧-١٩) وصار شاول الرسول بولس، احد ابرز المدافعين عن الايمان المسيحي. — ١ كورنثوس ١٥:٩، ١٠.
الايمان بالقيامة ضروري
١١ كيف فضح بولس بطلان القول: «ليس قيامة اموات»؟
١١ بناء على ما تقدَّم، نرى ان قيامة يسوع كانت واقعا مشهودا لصحته. يقدِّم بولس هذه الحجة: «ولكن إن كان المسيح يُكرَز به انه قام من الاموات فكيف يقول قوم بينكم ان ليس قيامة اموات». (١ كورنثوس ١٥:١٢) ان هؤلاء الاشخاص لم تكن لديهم شكوك او تساؤلات عن القيامة فحسب بل كانوا ايضا يعبِّرون علنا عن عدم ايمانهم بها. لذلك يفضح بولس بطلان تفكيرهم. فيقول انه اذا لم يكن المسيح قد قام، تكون الرسالة المسيحية كذبة، ويكون الذين يشهدون لقيامة المسيح «شهود زور للّٰه». وإن لم يكن المسيح قد قام، فلم تُدفع اية فدية للّٰه؛ ويكون المسيحيون ‹بعد في خطاياهم›. (١ كورنثوس ١٥: ١٣-١٩؛ رومية ٣:٢٣، ٢٤؛ عبرانيين ٩:١١-١٤) والمسيحيون الذين «رقدوا»، الذين استشهد البعض منهم، يكونون قد ماتوا دون رجاء حقيقي. وإذا كانت هذه الحياة هي كل ما كان يمكن ان يتوقعه المسيحيون، فسيكونون في حالة يرثى لها. وكل معاناتهم ستكون بلا جدوى.
١٢ (أ) إلامَ تشير دعوة المسيح «باكورة الراقدين»؟ (ب) كيف جعل المسيح القيامة ممكنة؟
١٢ ولكن لم تكن هذه هي الحال. يتابع بولس: «قد قام المسيح من الاموات». وهو ايضا «باكورة الراقدين». (١ كورنثوس ١٥:٢٠) عندما كان الاسرائيليون يقدِّمون ليهوه بطاعة باكورة غلتهم، كان يباركهم بحصاد وافر. (خروج ٢٢:٢٩، ٣٠؛ ٢٣:١٩؛ امثال ٣:٩، ١٠) وبدعوة المسيح «باكورة»، يشير بولس ان حصادا آخر من الاشخاص سيُقامون من الاموات الى الحياة السماوية. يقول: «اذ الموت بإنسان بإنسان ايضا قيامة الاموات. لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع». (١ كورنثوس ١٥:٢١، ٢٢) فقد جعل يسوع القيامة ممكنة ببذل حياته البشرية الكاملة فدية، مما فتح الطريق لإعتاق الجنس البشري من عبودية الخطية والموت. — غلاطية ١:٤؛ ١ بطرس ١:١٨، ١٩.a
١٣ (أ) متى تحدث القيامة السماوية؟ (ب) كيف يكون ان بعض الممسوحين لا ‹يرقدون›؟
١٣ يتابع بولس: «ولكنَّ كل واحد في رتبته. المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه [«حضوره»، عج]». (١ كورنثوس ١٥:٢٣) لقد أُقيم المسيح في سنة ٣٣ بم. ولكنَّ أتباعه الممسوحين — «الذين للمسيح» — كان عليهم ان ينتظروا الى ما بعد ابتداء يسوع حضوره الملكي الذي تظهر نبوة الكتاب المقدس انه حدث سنة ١٩١٤. (١ تسالونيكي ٤:١٤-١٦؛ رؤيا ١١:١٨) وماذا عن الذين يكونون احياء في اثناء حضوره؟ يقول بولس: «هوذا سر اقوله لكم. لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الاخير. فإنه سيبوَّق فيُقام الاموات عديمي فساد ونحن نتغير». (١ كورنثوس ١٥:٥١، ٥٢) من الواضح ان الممسوحين لا يرقدون كلهم في القبر منتظرين القيامة. فالذين يموتون في اثناء حضور المسيح يتغيرون فورا. — رؤيا ١٤:١٣.
١٤ كيف ‹يعتمد الممسوحون بهدف الصيرورة امواتا›؟
١٤ يسأل بولس: «وإلا فالذين يعتمدون بهدف الصيرورة امواتا ماذا سيصنعون؟ إن كان الاموات لا يقامون ابدا، فلماذا يعتمدون ايضا بهدف الصيرورة هكذا؟ ولماذا نخاطر نحن ايضا كل ساعة؟». (١ كورنثوس ١٥:٢٩، ٣٠، عج) لم يقصد بولس ان الاحياء كانوا يعتمدون من اجل الاموات، كما تقول بعض ترجمات الكتاب المقدس. فالمعمودية تتعلق بالتلمذة، والانفس الميتة لا يمكن ان تكون تلاميذ. (يوحنا ٤:١) ولكنَّ بولس كان يتكلم عن كثيرين من المسيحيين الاحياء الذين، مثل بولس، كانوا ‹يخاطرون كل ساعة›. والمسيحيون الممسوحون ‹اعتمدوا في موت المسيح›. (رومية ٦:٣، عج) فمنذ مسحهم، يكون كما لو انهم ‹اعتمدوا› في مسلك يؤدي الى موت كموت المسيح. (مرقس ١٠:٣٥-٤٠، عج) وهم سيموتون على رجاء القيامة السماوية المجيدة. — ١ كورنثوس ٦:١٤؛ فيلبي ٣:١٠، ١١، عج.
١٥ اية اخطار ربما تعرض لها بولس، وكيف لعب الايمان بالقيامة دورا في احتمالها؟
١٥ يوضح بولس الآن انه هو ايضا واجه خطرا حتى تمكن من القول: «اواجه الموت كل يوم». ولئلا يتَّهمه البعض بالمبالغة يضيف: «أُؤكد هذا بما لي من ابتهاج بكم، ايها الاخوة، في المسيح يسوع ربنا». وتنقل الترجمة اليسوعية هذا العدد: «ايها الاخوة اقسم بالفخر الذي لي بكم في المسيح يسوع ربنا اني اموت كل يوم». وكمثال للمخاطر التي واجهها، يتحدث بولس في العدد ٣٢ عن ‹محاربة وحوش في افسس›. فغالبا ما كان الرومان يعدمون المجرمين برميهم للوحوش في ميادين المصارعات. وإذا كان بولس قد حارب وحوشا حرفية، فلم يكن لينجو لولا مساعدة يهوه. ولولا رجاء القيامة، يكون من التهور اختيار مسلك حياة يعرضه لهذا الخطر. ولولا رجاء الحياة المقبلة، لا يكون هنالك ايّ معنى لاحتمال المشقات والتضحيات التي ترافق خدمة اللّٰه. يقول بولس: «إن كان الاموات لا يقومون فلنأكل ونشرب لأننا غدا نموت». — ١ كورنثوس ١٥:٣١، عج، ٣٢؛ انظروا ٢ كورنثوس ١:٨، عج، ٩؛ ١١:٢٣-٢٧ .
١٦ (أ) من اين ربما نشأت عبارة «لنأكل ونشرب لأننا غدا نموت»؟ (ب) ماذا كانت مخاطر تبني هذا الموقف؟
١٦ ربما اقتبس بولس من اشعياء ٢٢:١٣، التي تصف موقف سكان اورشليم العصاة المؤسس على مذهب الجبرية. او ربما كان يفكر في عقائد الابيكوريين، الذين كانوا يزدرون بأيّ رجاء بحياة بعد الموت ويؤمنون بأن المتعة الجسدية هي افضل ما في الحياة. وفي الحالتين كلتيهما، لم تكن فلسفة «لنأكل ونشرب» تقوية. لذلك يحذر بولس: «لا تضلوا. فإن المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة». (١ كورنثوس ١٥:٣٣) فمعاشرة الذين يرفضون القيامة كان يمكن ان تكون مؤذية. وربما تكون هذه المعاشرة قد لعبت دورا في المشاكل التي اضطر بولس ان يعالجها في جماعة كورنثوس، مثل الفساد الادبي الجنسي، الانقسامات، الدعاوى، وعدم الاحترام لعشاء الرب. — ١ كورنثوس ١:١١؛ ٥:١؛ ٦:١؛ ١١:٢٠-٢٢.
١٧ (أ) ايّ حضّ قدَّمه بولس للكورنثيين؟ (ب) اية اسئلة تبقى للاجابة عنها؟
١٧ لذلك يقدِّم بولس للكورنثيين هذا الحض الايجابي: «اصحوا للبر ولا تخطئوا لأن قوما ليست لهم معرفة باللّٰه. اقول ذلك لتخجيلكم». (١ كورنثوس ١٥:٣٤) ان النظرة السلبية الى القيامة قادت البعض الى الخدر الروحي، كما لو كانوا سكارى. فكان يلزم ان يصحوا. والمسيحيون الممسوحون اليوم يلزم ايضا ان يكونوا صاحين روحيا، غير متأثرين بآراء العالم التي تعبِّر عن الشك. فيجب ان يلتصقوا برجائهم بالقيامة السماوية. ولكن كانت لا تزال هنالك اسئلة ينبغي للكورنثيين ان يعرفوا الاجابة عنها كما ينبغي لنا ايضا. مثلا، بأيّ شكل يُقام الـ ٠٠٠، ١٤٤ الى السماء؟ وماذا عن الملايين الآخرين الذين لا يزالون في القبر والذين لا يملكون رجاء سماويا؟ وماذا ستعني القيامة لهم؟ سنعالج في مقالتنا التالية ما تبقى من مناقشة بولس عن القيامة.
-
-
‹الموت سيُبطل›برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ تموز (يوليو)
-
-
‹الموت سيُبطل›
«آخِر عدو يُبطل هو الموت». — ١ كورنثوس ١٥:٢٦.
١، ٢ (أ) ايّ رجاء قدَّمه بولس للاموات؟ (ب) ايّ سؤال عن القيامة عالجه بولس؟
«نؤمن بـ . . . قيامة الموتى. والحياة في الدهر الآتي». هذا ما يقوله دستور الايمان المنسوب الى الرسل. فالكاثوليك والپروتستانت الطائعون يتلونه، غير مدركين ان معتقداتهم اقرب الى الفلسفة اليونانية منها الى معتقدات الرسل. ولكنَّ الرسول بولس رفض الفلسفة اليونانية ولم يؤمن بخلود النفس. ومع ذلك، كان يؤمن ايمانا راسخا بحياة مقبلة وكتب بالوحي: «آخِر عدو يُبطل هو الموت». (١ كورنثوس ١٥:٢٦) فماذا يعني ذلك للجنس البشري المائت؟
٢ للاجابة عن هذا السؤال، لنعد الى مناقشة بولس عن القيامة المسجلة في ١ كورنثوس الاصحاح ١٥. لا شك انكم تتذكرون انه في الاعداد الافتتاحية، بيَّن بولس ان القيامة جزء حيوي من العقيدة المسيحية. والآن يعالج سؤالا محددا: «لكن يقول قائل كيف يُقام الاموات وبأيّ جسم يأتون». — ١ كورنثوس ١٥:٣٥.
بأي جسم؟
٣ لماذا رفض البعض القيامة؟
٣ عندما طرح بولس هذا السؤال، كان في نيته ان يُبطل تأثير فلسفة افلاطون. فقد علَّم افلاطون ان للانسان نفسا خالدة تبقى حية بعد موت الجسد. ولا شك انه في نظر الذين نشأوا على هذه الفكرة كان تعليم المسيحيين بلا لزوم. فما الهدف من القيامة اذا كانت النفس تبقى حية بعد الموت؟ هذا بالاضافة الى ان القيامة كانت تبدو لهم على الارجح غير منطقية. فكيف تكون هنالك قيامة بعد انحلال الجسد الى تراب؟ يقول المعلِّق على الكتاب المقدس هاينريخ ماير ان عداوة بعض الكورنثيين ربما كانت مرتكزة «على الفلسفة القائلة انه من المستحيل إعادة المادة التي تؤلف الجسد».
٤، ٥ (أ) لماذا لم تكن اعتراضات غير الامناء منطقية؟ (ب) اوضحوا مثل بولس عن ‹الحبة المجرَّدة›. (ج) بأية اجسام يقيم اللّٰه الممسوحين؟
٤ يشهِّر بولس حماقة منطقهم: «يا غبي. الذي تزرعه لا يُحيا إن لم يمت. والذي تزرعه لستَ تزرع الجسم الذي سوف يصير بل حبة مجردة ربما من حنطة او احد البواقي. ولكنَّ اللّٰه يعطيها جسما كما اراد ولكل واحد من البزور جسمه». (١ كورنثوس ١٥:٣٦-٣٨) فاللّٰه لن يقيم الاجساد التي كانت للاشخاص وهم على الارض بل سيكون هنالك تحول.
٥ يشبِّه بولس القيامة ببزرة تنبت. فبزرة الحنطة الصغيرة لا تشبه البتة النبتة التي تتحول اليها. تقول دائرة معارف الكتاب العالمي (بالانكليزية): «عندما تبدأ البزرة تنبت، تمتص كميات كبيرة من الماء. وينتج الماء تغييرات كيميائية عديدة داخل البزرة. ويجعل ايضا انسجة البزرة الداخلية تنتفخ وتمزق قشرة البزرة». فالبزرة تموت كبزرة وتصير نبتة ظاهرة للعيان. و«اللّٰه يعطيها جسما» لأنه هو الذي وضع القوانين العلمية التي تضبط نموها، وكل بزرة تنال جسما حسب جنسها. (تكوين ١:١١) وهذا ما يحدث ايضا للمسيحيين الممسوحين. فهم يموتون كبشر، ثم في وقت اللّٰه المعيَّن، يعيدهم الى الحياة بأجسام جديدة كليًّا. فكما قال بولس لأهل فيلبي: «يسوع المسيح . . . سيحوِّل جسدنا الوضيع الى صورة مطابقة لجسده المجيد». (فيلبي ٣: ٢٠، ٢١، ترجمة تفسيرية؛ ٢ كورنثوس ٥:١، ٢) فسيُقامون بأجسام روحانية ويعيشون في الحيز الروحي. — ١ يوحنا ٣:٢.
٦ لماذا من المنطقي الاعتقاد انه يمكن للّٰه تزويد اجسام روحانية ملائمة للمقامين؟
٦ هل هذا اصعب من ان يصدَّق؟ كلا. يعطي بولس الحجة ان للحيوانات اجساما مختلفة عديدة. ويقارن ايضا بين الملائكة السماويين والبشر المصنوعين من لحم ودم، قائلا ان هنالك ‹اجساما سماوية وأجساما ارضية›. وهنالك ايضا تنوع كبير في الخليقة الجامدة. قال بولس قبل وقت طويل من اكتشاف العلم للاجسام السماوية مثل النجوم الزرقاء، العمالقة الحمر، والاقزام البيض: «لأن نجما يمتاز عن نجم في المجد». نظرا الى ذلك، أليس من المنطقي انه يمكن للّٰه تزويد اجسام روحانية ملائمة للممسوحين المقامين؟ — ١ كورنثوس ١٥:٣٩-٤١.
٧ ما معنى عدم الفساد؟ الخلود؟
٧ ثم يقول بولس: «هكذا ايضا قيامة الاموات. يُزرع في فساد ويُقام في عدم فساد». (١ كورنثوس ١٥:٤٢) ان الجسم البشري قابل للفساد، حتى ولو كان في حالة الكمال. فيمكن ان يُقتل. مثلا، قال بولس ان يسوع المُقام «غير عتيد ان يعود ايضا الى فساد». (اعمال ١٣:٣٤) فهو لن يعود الى الحياة في جسم بشري قابل للفساد، رغم انه في حالة الكمال. والاجسام التي يعطيها اللّٰه للممسوحين المقامين عديمة الفساد — اي انها غير قابلة للموت او الانحلال. يتابع بولس: «يُزرع في هوان ويقام في مجد. يُزرع في ضعف ويقام في قوة. يُزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا». (١ كورنثوس ١٥:٤٣، ٤٤) ويقول بولس ايضا: «هذا المائت يلبس عدم موت [«الخلود»، عج]». والخلود يعني حياة بلا نهاية وغير قابلة للزوال. (١ كورنثوس ١٥:٥٣؛ عبرانيين ٧:١٦) بهذه الطريقة، سيلبس المقامون «صورة السماوي»، يسوع، الذي جعل قيامتهم ممكنة. — ١ كورنثوس ١٥:٤٥-٤٩.
٨ (أ) كيف نعرف ان المقامين هم الاشخاص نفسهم الذين كانوا احياء على الارض؟ (ب) اية نبوات تتم عندما تحدث القيامة؟
٨ ورغم هذا التحول، يظل المقامون الاشخاص نفسهم الذين ماتوا. فسيملكون الذكريات نفسها والصفات المسيحية الرفيعة نفسها. (ملاخي ٣:٣؛ رؤيا ٢١:١٠، ١٨) ومن هذه الناحية، يشبهون يسوع المسيح. فقد تغير من شخص روحاني الى شخص بشري. ثم مات وأُقيم كشخص روحاني. ومع ذلك، «يسوع المسيح هو هو امسا واليوم وإلى الابد». (عبرانيين ١٣:٨) فما امجد الامتياز الرائع الذي يملكه الممسوحون! يقول بولس: «ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتُلع الموت الى غلبة. اين شوكتك يا موت. اين غلبَتكِ يا هاوية». — ١ كورنثوس ١٥:٥٤، ٥٥؛ اشعياء ٢٥:٨؛ هوشع ١٣:١٤.
قيامة ارضية؟
٩، ١٠ (أ) ما هي «النهاية» التي تتكلم عنها ١ كورنثوس ١٥:٢٤، وأية حوادث ذات علاقة ستجري؟ (ب) ماذا يجب ان يحدث لكي يُبطل الموت؟
٩ هل هنالك ايّ مستقبل للملايين الذين لا يملكون رجاء الحياة الروحانية الخالدة في السماء؟ نعم، بكل تأكيد! فبعد ان اوضح بولس ان القيامة السماوية تحدث خلال حضور المسيح، يوجز الحوادث اللاحقة، قائلا: «وبعد ذلك النهاية متى سلّم المُلك للّٰه الآب متى ابطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة». — ١ كورنثوس ١٥:٢٣، عج، ٢٤ .
١٠ ان «النهاية» هي نهاية حكم المسيح لألف سنة، عندما يسلِّم يسوع باتِّضاع وولاء المُلك للّٰه الآب. (رؤيا ٢٠:٤) فسيكون قصد اللّٰه ان «يجمع كل شيء في المسيح» قد تمّ. (افسس ١:٩، ١٠) ولكن اولا سيكون المسيح قد اهلك «كل رياسة وكل سلطان وكل قوة» مقاومة لمشيئة اللّٰه المتسلط. وهذا يشمل اكثر من الهلاك في هرمجدون. (رؤيا ١٦:١٦؛ ١٩:١١-٢١) يقول بولس: «[المسيح] يجب ان يملك حتى يضع جميع الاعداء تحت قدميه. آخِر عدو يُبطل هو الموت». (١ كورنثوس ١٥:٢٥، ٢٦) نعم، ستكون كل آثار الخطية والموت الآدميين قد مُحيت. وسيكون اللّٰه حتما قد افرغ «القبور» بإعادة الاموات الى الحياة. — يوحنا ٥:٢٨.
١١ (أ) كيف نعرف ان اللّٰه في مقدوره ان يعيد خلق الانفس الميتة؟ (ب) اية اجسام ستكون للمقامين على الارض؟
١١ هذا يعني اعادة خلق الانفس البشرية. وهل هذا مستحيل؟ كلا، لأن المزمور ١٠٤:٢٩، ٣٠ يؤكد لنا ان اللّٰه في مقدوره ان يفعل ذلك: «تنزع ارواحها فتموت وإلى ترابها تعود. ترسل روحك فتُخلق». وفي حين ان المقامين سيظلون الاشخاص نفسهم الذين ماتوا، فليس بالضرورة ان تكون لهم الاجسام نفسها. فكالمقامين الى السماء، سيعطيهم اللّٰه جسما كما يشاء. ولا شك ان اجسامهم الجديدة ستكون سليمة ومن المنطقي ان تكون مشابهة لجسمهم الاصلي بحيث يعرفهم احباؤهم.
١٢ متى تحدث القيامة الارضية؟
١٢ ومتى ستحدث القيامة الارضية؟ قالت مرثا عن اخيها الميت لعازر: «انا اعلم انه سيقوم في القيامة في اليوم الاخير». (يوحنا ١١:٢٤) وكيف عرفت ذلك؟ كانت القيامة موضع خلاف في ايامها، لأن الفريسيين آمنوا بها اما الصدوقيون فلم يؤمنوا. (اعمال ٢٣:٨) ولكن لا بد ان مرثا كانت تعرف عن الشهود لما قبل المسيحية الذين كان يرجون القيامة. (عبرانيين ١١:٣٥) وكان بإمكانها ايضا ان تعرف من دانيال ١٢:١٣ ان القيامة ستكون في اليوم الاخير. حتى انها ربما تعلمت ذلك من يسوع نفسه. (يوحنا ٦:٣٩) ويتزامن «اليوم الاخير» هذا مع حكم المسيح لألف سنة. (رؤيا ٢٠:٦) تخيَّلوا البهجة في ذلك «اليوم» حين يبدأ هذا الحدث العظيم! — قارنوا لوقا ٢٤:٤١.
مَن هم الذين يعودون؟
١٣ اية رؤيا عن القيامة مسجَّلة في الرؤيا ٢٠:١٢-١٤؟
١٣ تُسجَّل في الرؤيا ٢٠:١٢-١٤ رؤيا يوحنا عن القيامة الارضية: «رأيت الاموات صغارا وكبارا واقفين امام اللّٰه وانفتحت اسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الاموات مما هو مكتوب في الاسفار بحسب اعمالهم. وسلّم البحر الاموات الذين فيه وسلّم الموت والهاوية الاموات الذين فيهما ودينوا كل واحد بحسب اعماله. وطُرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني».
١٤ مَن سيكونون بين المقامين؟
١٤ ستشمل القيامة ‹الكبار والصغار›، الاشخاص البارزين وغير البارزين على السواء الذين كانوا احياء. وحتى الاطفال سيكونون في عداد المقامين! (ارميا ٣١:١٥، ١٦) ويُكشف في الاعمال ٢٤:١٥ تفصيل مهم آخر: «سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة». والبارزون بين «الابرار» هم رجال ونساء الايمان القدماء مثل هابيل وأخنوخ ونوح وإبراهيم وسارة وراحاب. (عبرانيين ١١:١-٤٠) تخيَّلوا انه بإمكانكم التحدث الى هؤلاء والحصول على تفاصيل من شهود عيان لحوادث الكتاب المقدس التي جرت منذ زمن بعيد! وسيشمل «الابرار» ايضا آلافا من الخائفين اللّٰه الذين ماتوا في الماضي القريب ولم يكن لديهم رجاء سماوي. فهل هنالك احد من اعضاء عائلتكم او من الذين تحبونهم قد يكون بين هؤلاء؟ فكم تعزينا المعرفة انه بإمكاننا رؤيتهم من جديد! ولكن مَن هم «الاثمة» الذين سيعودون ايضا؟ انهم يشملون الملايين، وربما البلايين، الذين ماتوا دون ان تُتاح لهم فرصة تعلم حق الكتاب المقدس وتطبيقه.
١٥ ماذا يعني ان العائدين ‹سيُدانون مما هو مكتوب في الاسفار›؟
١٥ وكيف ‹سيُدان› العائدون «مما هو مكتوب في الاسفار بحسب اعمالهم»؟ ليست هذه الاسفار سجلا بأعمالهم الماضية؛ فعندما ماتوا تبرأوا من الخطايا التي ارتكبوها في حياتهم. (رومية ٦:٧، ٢٣) ولكنهم سيكونون بعد تحت تأثير خطية آدم. اذًا، لا بد ان تحتوي هذه الاسفار على ارشادات الهية يجب ان يتبعها الجميع بغية الاستفادة كاملا من ذبيحة يسوع المسيح. وإذ يُمحى آخر اثر لخطية آدم، ‹يُبطل الموت› بكل معنى الكلمة. وبحلول نهاية الالف سنة، سيكون اللّٰه «الكل في الكل». (١ كورنثوس ١٥:٢٨) ولن يحتاج البشر في ما بعد الى وساطة رئيس كهنة او فادٍ. وسيُرَدّ الجنس البشري الى حالة الكمال التي كان آدم يتمتع بها في الاصل.
قيامة منظمة
١٦ (أ) لماذا من المنطقي الاعتقاد ان عملية القيامة ستكون منظمة؟ (ب) مَن سيكونون على الارجح بين اوائل العائدين من الموت؟
١٦ بما ان القيامة السماوية منظمة، «كل واحد في رتبته»، فمن الواضح ان القيامة الارضية لن تخلق انفجارا سكانيا فوضويا. (١ كورنثوس ١٥:٢٣) ومن المنطقي ان يكون المقامون حديثا بحاجة الى العناية. (قارنوا لوقا ٨:٥٥.) فسيحتاجون الى غذاء جسدي — والاهم — الى مساعدة روحية على نيل معرفة يهوه اللّٰه ويسوع المسيح المانحة الحياة. (يوحنا ١٧:٣) فإذا كان الجميع سيعودون الى الحياة في الوقت نفسه، يستحيل الاعتناء بهم جيدا. ومن المنطقي الافتراض ان القيامة ستحدث تدريجيا. فالمسيحيون الامناء الذي ماتوا قبيل نهاية نظام الشيطان سيكونون على الارجح من اوائل المقامين. ويمكن ايضا ان نتوقع قيامة باكرة للرجال الامناء القدماء الذين سيكونون «امراء». — مزمور ٤٥:١٦، عج.
١٧ في اية قضايا متعلقة بالقيامة يلزم الكتاب المقدس الصمت، ولماذا لا ينبغي ان يقلق المسيحيون بلا لزوم بشأن هذه المسائل؟
١٧ ولكن لا ينبغي ان نجزم بمثل هذه المسائل. ففي قضايا عديدة يلزم الكتاب المقدس الصمت. فهو لا يعطي تفاصيل عن كيف ومتى وأين ستحدث قيامة كل فرد. ولا يخبرنا كيف سيجري ايواء هؤلاء العائدين وإطعامهم وإلباسهم. ولا يمكننا ان نتيقن كيف سيحلّ يهوه بعض القضايا مثل تربية الاولاد المقامين والاعتناء بهم او كيف سيعالج بعض الحالات التي قد تشمل اصدقاءنا واحباءنا. صحيح انه من الطبيعي ان نتساءل بشأن هذه الامور، ولكن ليس من الحكمة ان نضيع الوقت في محاولة ايجاد اجوبة عن اسئلة لا جواب لها في الوقت الحاضر. فيجب ان نركز انتباهنا على خدمة يهوه بأمانة ونيل الحياة الابدية. ان المسيحيين الممسوحين يلقون رجاءهم على القيامة السماوية المجيدة. (٢ بطرس ١:١٠، ١١) و‹الخراف الاخر› يرجون ميراثا ابديا في الحيز الارضي لملكوت اللّٰه. (يوحنا ١٠:١٦؛ متى ٢٥:٣٣، ٣٤) اما في ما يتعلق بالتفاصيل العديدة التي لا نعرفها عن القيامة فنحن نثق بيهوه. فسعادتنا المقبلة هي بين يدي الذي ‹يُشبع رغبة كل مخلوق حي›. — مزمور ١٤٥:١٦، ترجمة تفسيرية؛ ارميا ١٧:٧، عج.
١٨ (أ) اية غلبة يبرزها بولس؟ (ب) لماذا نثق ثقة مطلقة برجاء القيامة؟
١٨ يختتم بولس مناقشته بالقول: «شكرا للّٰه الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح». (١ كورنثوس ١٥:٥٧) نعم، يجري نيل الغلبة على الموت الآدمي بواسطة ذبيحة يسوع المسيح الفدائية، ويشارك الممسوحون و‹الخراف الاخر› على السواء في هذه الغلبة. طبعا، ان ‹الخراف الاخر› الاحياء الآن لديهم رجاء مميَّز في هذا الجيل. فكجزء من «جمع كثير» يزداد باستمرار، قد ينجون من «الضيقة العظيمة» القادمة دون ان يذوقوا الموت الجسدي! (رؤيا ٧:٩، ١٤) ولكن حتى الذين يموتون من جراء «الوقت والعرض» او على يدَي عملاء الشيطان يمكن ان يضعوا ثقتهم في رجاء القيامة. — جامعة ٩:١١.
١٩ ايّ حض يجب ان يصغي اليه جميع المسيحيين اليوم؟
١٩ اننا ننتظر بتوق ذلك اليوم المجيد حين يُبطل الموت. وثقتنا التي لا تتزعزع بوعد يهوه بالقيامة تجعلنا ننظر بواقعية الى الامور. فمهما يحدث لنا في هذه الحياة — حتى ولو متنا — لا شيء يمكن ان يسلبنا المكافأة التي وعد بها يهوه. وحض بولس الختامي لأهل كورنثوس هو ملائم اليوم تماما كما كان قبل ألفَي عام: «اذًا يا اخوتي الاحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب». — ١ كورنثوس ١٥:٥٨.
-